|
| الدرس (4) من مدرسة الحياة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الدرس (4) من مدرسة الحياة الأحد 15 مايو 2011, 11:26 pm | |
| المحاضرة الرابعة فاليوم الثلاثاء السابع من شهر رمضان سنة ألف وأربعمائة وواحد وثلاثين من هجرة خير من وطء الحصى نبينا محمد ﷺ ، والذي يوافق السابع عشر من شهر أغسطس سنة ألفين وعشرة، ونتابع فيه شرح هذه الخاطرة من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي والذي اصطلحت علي تسمية شرحي عليه بمدرسة الحياة ، وكان عنوان الحلقة : ( نَفْثَةِ مَصْدُوْر) وهذه هي الحلقة الرابعة أو الدرس الرابع من شرح هذه الخاطرة . قال ابن الجوزي رحمه الله: (قلت يوماً في مجلسي: لَو أَن الْجِبَال حَمَلَت مَا حُملت ُلَعَجَزْت فَلَمَّا عُدْتُ إِلَى مَنْزِلِي قَالَت لِي الْنَّفْس كَيْف قُلْت هَذَا ؟ وَرُبَّمَا أَوْهَم الْنَّاس أَن بِك بَلاءً وَأَنْت فِي عَافِيَة فِي نَفْسِك وَأَهْلِك ، وَهَل الَّذِي حُمِلتَ إِلَا الْتَّكْلِيْف الَّذِي يَحْمِلُه الْخُلُق كُلُّهُم ؟ فَمَا وَجْه هَذِه الشَّكْوَى ؟ فَأَجَبْتُهَا: إِنِّي لِمَا عَجَزَتُ عَمَّا حُمِلتُ قُلْت هَذِه الْكَلِمَة لَا عَلَى سَبِيِل الشَّكْوَى وَلَكِن للاسترواح ، وَقَد قَال كَثِيْر مِن الْصَّحَابَة وَالْتَّابِعِيْن قَبْلِي لَيْتَنَا لَم نُخْلَق وَمَا ذَاك إِلَّا لِأَثْقَال عَجَزُوُا عَنْهَا، ثُم مِن ظَن أَن التَّكَالِيف سَهْلَة فَمَا عَرَفَهَا ، أَتُرَى يَظُن الْظَّان أَن الْتَّكَالِيَف غُسْل الْأَعْضَاء بَرْطَل مِن الْمَاء أَو الْوُقُوْف فِي مِحْرَابٍ لأداء رَكْعَتَيْن ؟ هَيْهَات هَذَا أَسْهَل الْتَّكْلِيْف ، وَإِن الْتَّكْلِيْف هُو الَّذِي عَجَزَت عَنْه الجبال وَمَن جُمْلَتِه أَنَّنِي إِذَا رَأَيْت الْقَدْر يَجْرِي بِمَا لَا يَفْهَمُه الْعَقْل أَلْزَمَت الْعَقْل الْإِذْعَان لِلْمُقَدِّّر ، فَكَان مِن أَصْعَب الْتَّكْلِيْف وَخُصُوصاً فِيْمَا لَا يَعْلَم الْعَقْل مَعْنَاه كَإِيُلام الْأَطْفَال وَذَبَح الْحَيَوَان مَع الاعتقاد بِأَن الْمُقَدِّر لِذَلِك وَالْآمِر بِه أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن ، فَهَذَا مِمَّا يَتَحَيَّر الْعَقَل فِيْه فَيَكُوْن تَكْلِيْفِه التَّسْلِيْم وَتَرْك الاعتراض ، فَكَم بَيْن تَكْلِيْف الْبَدَن وَّتَكْلِيْف الْعَقْل ؟وَلَو شَرَحْت هَذَا لَطَال غَيْر أَنِّي أَعْتَذِر عَمَّا قُلْت فَأَقُوْل عَن نَّفْسِي وَمَا يَلْزَمُنِي حَال غَيْرِي إِنِّي رَجُل حُبِّب إِلَي الْعِلْم مِن زَمَن الَّطُفُوْلَة فَتَشَاغَلْت بِه ، ثُم لَم يُحبَبَ إِلَي فَن وَاحِد مِنْه بَل فُنُوْنُه كُلَّهَا ، ثُم لَا تَقْتَصِر هِمَّتِي فِي فَن عَلَى بَعْضِه بَل أَرُوْم اسْتِقْصَاؤه وَالْزَّمَان لَا يَسْعَى وَالْعُمْر أَضْيَق وَالْشَّوْق يَقْوَى ، وَالْعَجْز يُظْهِر فَيَبْقَى وُقُوْف بَعْض الْمَطْلُوْبَات حَسَرَات, ثُم إِن الْعِلْم دُلَّنِي عَلَى مَعْرِفَة الْمَعْبُوْد وَحَثَّنِي عَلَى خِدْمَتِه ، ثُم صَاحَت بِي الْأَدِلَّة عَلَيْه إِلَيْه فَوَقَفْت بَيْن يَدَيْه فَرَأَيْتُه فِي نَعْتِه وَعَرَفْتُه بِصِفَاتِه وَعَايَنْت بَصِيْرَتِي مِن أَلْطَافِه مَا دَعَانِي إِلَى الْهَيْمَان فِي مَحَبَّتِه ، وَحَرَّكَنِي إِلَى الْتَّخَلِّي لِخِدْمَتِه وَصَار يَمْلِكُنِي أَمَر كَالوَجد كُلَّمَا ذَكَرْتُه ، فَعَادَت خَلْوَتِي فِي خِدْمَتِي لَه أَحْلَى عِنْدِي مِن كُل حَلَاوَة)كنا وصلنا أمس إلى رحلة حياته وذكر شيء من جده واجتهاده ، ومن شغفه بطلب العلم ، وهو الآن يقول : (غَيْر أَنِّي أَعْتَذِر عَمَّا قُلْته) عن أي شيء قاله ؟ لما قال كلمته الاسترواح : ( لَو أَن الْجِبَال حُمِلَّتَُ مَا حُملت ُلَعَجَزْت) يقول : إني أعتذر عن هذا ، لا يعتذر بالمعنى المتبادر إلى الذهن ، ولكن يبسط لماذا اشتكى ؟ ليس ضروري أن يخطئ حتى يعتذر ، فالاعتذار هنا ليس هو الذي يكون ضد الخطأ ، ولكنا العذر هنا بمعنى الإعذار ، ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾ ماذا تعني: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾؟ حتى إذا سألهم الله عز وجل يوم القيامة ، لم رأيتم المنكر ولم تغيروه؟ قالوا: يا ربي قلنا ، لكن لم يسمعوا ، وفي هذا درس للذين يقدمون اليأس في الموعظة على الأمل . مثلاً: يمكن أن يكون هناك إنسان منهمك في معصية ما ، وأنت وعظته حتى مللت وأنت تعلم سلفاً أنه لن يمتثل لوعظك ، لأنك كررت الوعظ مراراً وتكرارا ً، فتمل وتيأس من وعظه . لا، هنا الآية متعلقة ببني إسرائيل ومسألة السمك والحيتان وهذا الكلام ، كانوا يصطادون السمك يوم السبت وأكلوه يوم الأحد. فهؤلاء الجماعة اليهود قالوا ، نحفر بئر كبير ونعمل طريق ما بين النهر والبئر ، فيدخل السمك من النهر على البئر الذي فعلوه وهذا يوم السبت ، ومن ثم يغلقون عليه الطريق حتى لا يعود مرة أخرى في النهر ، وكان من فتنة الله عز وجل التي قدرها على هؤلاء ، أنهم يوم السبت يرون السمك يقفذ على وجه الماء ،﴿ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا﴾ أي السمك يعوم على وجه الماء وهم ممنوع يصطادوا يوم السبت ويوم الأحد لا يجدوا سمكة واحدة ،﴿ وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ ﴾ لَا يَسْبِتُونَ :أي لا يكون يوم سبت ، أحد اثنين ثلاثاء أربعاء. فاخترعوا هذه القصة ، وقالوا أن السمك هو الذي دخل بمحض إرادته في هذا الطريق الذي فعلوه وهو الذي ذهب إلى البئر الذي فعلوه، أنا لم أصطد شيئاً ! ولكن كل ما سأفعله يوم السبت أسد الطريق حتى لا يرجع مرة أخرى ، ويصطادوه من الماء يوم الأحد ، فتصوروا أن القصة بذلك صحيحة ولم يخالفوا الله بذلك. فضرب قلوب بعضهم ببعض ، كما هو معروف بالقصة ، في هذه القصة جماعة كانوا يأكلون السمك ، وجماعة لا يأكلون ، الجماعة الذين يشوون السمك ، رائحة السمك تخرج ، فالجماعة الذين لا يأكلون نفسهم يأكلوا من هذا السمك ، قرموا أكل السمك أي سوف يجنون لأكل السمك ، فيجد جاره رائحة شواء السمك تخرج من عنده فقال له : ماذا تفعل ؟ يقول له : نحن لم نصطاد يوم السبت ، ولكن وجدنا السمك في الأبيار يوم الأحد فاصطدناه ، فقالوا لهم : لا ، أنتم بذلك مخطئون ، فالجماعة الذين قالوا ﴿ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾ نحن هكذا سوف نؤخذ بذنبكم ، فقسموا القرية نصفين بجدار الجماعة الذين يأكلون السمك في ناحية ، والجماعة الذين تبرئوا ذهبوا الناحية الأخرى. وقاموا بعمل بوابتين لكل فرقة منهما، كان كل يوم يفتحوا البوابة ويقابلوا بعضهم وفي يوم من الأيام جماعة البوابة الذين يأكلون السمك لم تفتح ، والآخرين فتحوا بوابتهم فتساءلوا لماذا لم يفتح هؤلاء بوابتهم ماذا حدث، كسروا البوابة ، وإذا هم جميعاً قردة مسخهم الله عز وجل قردة ,هنا في سياق هذه القصة ذكرت الآية ، انقسموا ثلاث فرق، فرقة تأكل السمك ، وفرقة غسلت يدها من كثرة الوعظ ، وفرقة لا زالت تعظ فالفرقة التي ملت قالت للذين لم يملوا من الوعظ ﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ فهم في رأيهم أن يريحوا أنفسهم، ألم تمل من كثرة قولكم حرام حرام ؟فرد عليهم هؤلاء المفلحون وقالوا: ﴿ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾ حتى إذا سألهم الله عز وجل لم رأيتم المنكر ولم تنكروه نقول يارب وعظنا ولكن فتح القلوب ليس بأيدينا, إذن أنت هكذا فعلت ما عليك ,والشيء الثاني من الاستمرار في الموعظة من باب الإعذار ، أنك لا تدري متى يُفتح القلب؟ لأن مالكه هو رب العالمين ، هو الذي يفتح قلوب الناس ومعه مفاتيح القلوب ، فأنت يمكن الولد تداوم وعظه تكراراً ومراراً أو الناس عموماً ولا يستجيب لك ، وفجأة ينفتح القلب لا تعرف كيف انفتح ولماذا يمكن أن يفتح بكلمة لا تلقي لها بالاً . أنا أعرف واحد التزم وحمل دعوة كاملة في البلد ، حمل الدعوة السلفية على أكتافه سنين طويلة ولا زال حتى الآن ، أنت تعرف بم انفتح قلبه ؟ ذهب مرة ليزور بعض المشايخ في أول التزامه فهذا الشيخ وضع يديه على كتفه ، فقط وهو خارج من المسجد ، قال له : أنا أتيت لك من المكان الفلاني ، فأخذه في حضنه وأخذ يتسامر معه إلى أن خرجوا من المسجد ، وضع يده على كتفه هي التي فتحت قلبه ولازال حتى الآن يحمل ما يحمل أسأل الله أن يثبته ويفتح عليه ، فهل أحد يمكن يخطر عليه أن هذه يمكن أن تفتح قلب إنسان ؟ أبداً ، انفتح قلبه للموعظة. وأقول الحكاية التالية وكنت قلتها أكثر من مرة ، ولكن بتجربتي في الوعظ ، أجد أوجه لا تغادر المجلس يجب أجدها أمامي في كل درس على مدار خمسة عشر سنة مثلا ً، وأنا من عادتي أن أأتي بالدليل الواحد وأستخدمه في أكثر من مرة من استخدامه في أكثر من معنى ، الذي لا ينتبه يهيأ له أني أكرر الموضوع ، لا أنا لا أكرره ، ولكن الدليل يسع عشرين معنى ، فأخذت منه في هذه المرة المعنى الفلاني ، وغداً آخذ منه معنى آخر وهكذا ، لكنه دليل واحد . فيكون هناك وجوه معينة أنا أراها دوماً ،أجد واحد من الجماعة الذين يجلسون أمامي دوماً ، معنى معين أنا أكرره كثير وأنا أراه جيد وأعرف أنه سمعه ، فيقول له : أنت اليوم قلت كلمة جميلة جداً ، قلت كذا وكذا ، فأقول له : أن هذه الكلمة استخدمتها كثيراً ، أنت لسه فاكر هذه الكلمة ، نعم ، قلبه انفتح اليوم فقط ، في المرات السابقة كان يأتي وعنده مشاكل وما إلى ذلك ، فأنا أتكلم وهو سرحان ، وفي هذه المرة ركز معي فهم المعنى الذي أريده رغم أنه سمعه مراراً وتكراراً، لأجل ذلك مسائل الوعظ غير المسائل العلمية ، المسائل العلمية يمكن ألا أكررها ، ولكن مسائل الوعظ أكررها وذلك للعلة التي ذكرتها . وثانياً : لجدة الجماهير، فأنا لا أعرف المسجد اليوم هناك أناس أتوا لأول مرة ، وهناك مرة واحد يسمع الصيت والسمعة فيأتي للفرجة فحسب ، هناك أناس كذلك ، وواحد مرة وأنا أعطي درس في مصطلح الحديث جاء من البحيرة كان جالساً في نصف المسجد . أنا كنت عادتي يوم الاثنين أقول مرة مصطلح و مرة صيد الخاطر ، ففي كل مرة أنبه أن الاثنين القادم سأقول كذا ، لأجل من ليس له في المصطلح لا يأتي ، أقول: يا جماعة الاثنين القادم أنا سوف أشرح مصطلح الحديث لأجل من جاء للفرجة لا يأتي حتى لا يعكر على طلبة العلم ، فأجد أناس من العوام لا يفهمون ولا كلمة فألف وأدور وأأتي بتراجم الرجال ، وبذلك يفسد المعنى العلمي على الطلبة ويقولون : نحن نعلم هذا ، فطلبة العلم المفترض أنني أقوم بعمل درس وأغلق باب المسجد لكي لا يدخل أحد ، لأنه لو دخل واحد من العوام ، يريد أن يفهم أيضاً ، فلا يفهم ولا كلمة ، فيخرج سيء الظن أو يقول هؤلاء لا أفهم كيف يتكلمون وهكذا . فواحد من هؤلاء العوام ، ونفسه يأتي يصلي ، فجاء حظه أني كنت أشرح مصطلح أخذت النصف الساعة الأولى والرجل يشعر بالملل ، وكنت أتكلم في الشذوذ وأعطي أمثلة على الشذوذ وأتكلم في معمر وسفيان ابن عيينة وخولف وخالف وتوبع وتابع فهذا الرجل لم يتحمل ، ووقف ، فقال لي: يا عم الشيخ أنت بقي لك نصف ساعة ,أنا لم أفهم ولا كلمة ، فأنا لا أفهم ما تقول ! فقلت له : أعطني مهلة خمس دقائق وسوف تفهم ما أقول ، ومن ثم قلبت على سفيان ابن عيينة ، كنت أيامها أتحدث في سفيان وكنت واخذ سفيان ومعمر كنموذجين في الشذوذ وأحاديث الزهد,وقلبتها دردشة ، لماذا ؟ أول مرة يحضر ! فلكي لا يسوء ظنه خلاص يجب أتوقف,هذا الرجل بعد ذلك لم يفوت ولا درس مصطلح ، كلما أعطي درس مصطلح أجده يأتي ويسلم علي ، حفظت شكله وإن كنت لا أعرف اسمه، لماذا ؟ لأنه وجد بذلك المصطح جميل واستثاغه ، وأنت مضطر تفعل ذلك لأجل الناس فالمهم جدة الجماهير تجعل الكلام مرة واثنين وثلاثة وتكرر الحكاية,فالحكاية التي سوف أحكيها الآن ، أنا قصصتها قبل ذلك ، ولكن جاء موعدها فأقولها مرة ثانية لاحتمال أن يفتح قلبك لأول مرة وتسمعها أو واحد جديد لم يسمعها من قبل: كنا زمان في أول التسعينيات نقوم بعمل أسابيع نسميها الأسابيع العلمية أو مشهورة باسم الأسابيع الثقافية ، والصحيح يكون اسمها الأسبوع العلمي ، وكل واحد منا كان يأخذ يوم ، وكانت إدارة المسجد تحدد موضوعاً معيناً ، نتكلم عن الخشوع مثلاً فالكل يتكلم عن الخشوع لأجل تثبيت الفكرة ، نتكلم عن المرأة ، نتكلم عن الرياء الإخلاص ... فكان هذا الأسبوع يتعلق بالمرأة المسلمة ، كل ما يخص المرأة المسلمة من أحكام ومن آداب ومن طاعة للزوج ومن اختيار الزوج إلى آخر هذا الكلام. فكان فيه بعض المشايخ يعطي المحاضرة ومن ثم أحد الشيوخ الكبار الوزن ، كان حاضراً للمحاضرة وتطوع وكان يتلقى الأسئلة من الحضور ، ويعطيها للشيخ المحاضر، وكان ينتقي ما يخص موضوع المحاضرة ، وهو يفرز الورق فوجد من ضمن الورق رقعة تقول : أنا راقصة وأريد أن أتوب . المسجد هذا كان في شارع الهرم ، فشيء طبيعي تكون ا لراقصة موجودة ، والآن شارع الهرم تغير وأصبح مليء بالمساجد ، ولكن شارع الهرم علم من زمان للغواني والغوازي فالشيخ ظن المسألة فيها تهريج ، وقالت له : أنا على باب المسجد ، فترك المكان وخرج على باب المسجد ، فوجد بنت سنها حوالي ثمانية عشر أو عشرين سنة وتقف أمام المسجد ، فقال لها : أنت من ؟أرسلت الورقة الفلانية ؟ قالت له : نعم,قال لها : هذا هاتفي كلميني الساعة العاشرة ليلاً وقصي لي حكايتك,وأكملنا الدرس وهذا الكلام وهو قص علي بعد ذلك ، عندما قال عنها أنها طرفة غريبة, المهم قصة هذه البنت عشرين سنة ، أن أباها طلق أمها ، الأم تزوجت والأب تزوج زوج الأم قال : لا أربي أولاد غيري ، والأب : زوجته قالت له : أولادك لا يأتوا ، وهم كانوا ثلاثة بنات ، هذه الكبرى التي أرسلت هذه الورقة وهناك بنت أصغر منها بسنتين وأصغر منها بسنتين ، أي أن أصغر واحدة خمسة عشر ستة عشر سنة,ما الذي أتي بها إلى المسجد ؟ قالت له : أنا كنت في طريقي للمرقص، وكنت على الضفة الأخرى للشارع ، وأمام مسجد الرحمة الذي كان فيه المحاضرة فندق أوروبا ، فهي تعبر ، وتشعر بالعطش الشديد ، فوجدت القلل معلقة أمام المسجد ، فعبرت الشارع وكانت تشرب الماء ، فسمعت كلمة من المحاضر ، وهي تشرب الماء ، فكتبت الورقة في الحال وعزمت أن تتوب في الحال. هذه واحد ذاهبة للرقص ، كيف فتح قلبها ؟! وهي تشرب ماء وسوف تواصل للذهاب للمرقص ، كيف فتح قلبها ، وما هي الكلمة التي سمعتها حتى انفتح القلب لها؟ لا تعلم القصة وعند سؤالها لماذا ترقص؟ قالت : من أين أأكل ؟؟ أنا ذهبت للعمل في البيوت أصبح الذين في البيوت يعاكسوني ويروني لقمة سائغة طالما شغالة ، عرضها سهل وهذا الكلام ، تترك بيت وتدخل على بيت وملت من ذلك ، ففي لحظة ضعف شديد جداً ولا يوجد مال ويريدون أن يأكلوا ، فقالت لها واحدة : أنا سوف أدلك على مكان الفلوس سوف تكون كثيرة ، تعالي ارقصي وكل من يسمعون شاربو للخمر ، فيمكن واحد يخرج من المحفظة ويضع لك المال ، أنت وحظك ، والمال سيأتي لك من كل مكان، وفعلاً ذهبت المرقص وأخذت مال وأخذت شقة تمليك وجاءت بملابس وألبست أخواتها ، فقالت : نحن نريد فقط من يتزوجنا كلنا ، لكن تأتي بثلاث مسلمين يتزوجزهم ونرتدي حجابنا ونجلس في البيت وهذا الكلام . أنا لما أنتقل من هذا المشهد إلى مشهد مسجد النساء في هذا المسجد ، نجد مكان النساء مزدحم ، وهذه أتت بالتسجيل ، وما إلى ذلك ، فهل هذه استفادت شيء من المحاضرة ؟ يمكن ألا تكون استفادت ولا كلمة ، وهي جاءت من قبل المحاضرة بساعتين وجلست في الصف الأول بجوار الميكرفون لكي تسجل الخطبة . هذه الإنسانة التي لم تعقد المحاضرة لها وكانت في ذهابها للمرقص ، استفادت من المحاضرة ، أما هذه التي أتت قبل المحاضرة بساعتين لم تستفد ولا كلمة ، ما الفرق بين الاثنين ؟ أن الله سبحانه وتعالى فتح قلب هذه المرأة لمقتضى كلمة واحدة ، ثم أُغلق القلب على هذه الكلمة فأثرت فيها وغيرت مجرى حياتها ، أما الأخرى جاءت لتسمع ومن ثم يمكن أن تكون رأسها في كل واد وتقول الشريط معي وسأسمعه عندما أعود للبيت ، وعندما تعود للبيت تجد هذا الولد يصرخ ، وهذا يريد يشرب وهذا يريد يأكل وتشغل التسجيل في المطبخ ولا تنتبه للكلام ، وبالتالي لم تستفد من المحاضرة ,فأنا أريد أن أقول أن القلب هذا له أسرار عجيبة ، ولا يملكه إلا الله ، صاحبه لا يملكه بالرغم أن قوام حياتك به لكنك لا تملكه ، وأحياناً يبهدلك ، ويذلك ، ويضحك الناس عليك فهذا القلب الذي يعتبره مضخة ، يذلك ويبهدلك لماذا؟ يمكن أن تبغض إنساناً بغضاً شديداً لدرجة أنك تريد أن تقتله ، فإذا سئلت ما ذنب هذا الرجل ؟ يقول له آذاني بالموقف الفلاني ولو كان بسيطاً ، فيسأل ، هذا شيء بسيط فهل هذا يجعل قلبك يتغير نحوه ؟ تقول : أنا كرهته. طيب، كراهيتك به تؤذيك ، لأنه أقوى منك ومعه سلطان عنك ، تجد نفسك إذا واجهته سوف يغلبك ويبهدلك ، ومع ذلك لا تستطيع أن تمسك قلبك وتواجهه رغم ضعفك أمامه . أو يمكن تدخل على الصورة الثانية : واحد ابتلي بعشق امرأة ، تجده يمشي ورائها لا شخصية له ، وإذا قيل له احترم نفسك أنت من أسرة محترمة وما إلى ذلك بدلاً من أن تضربك وأنت تسير في الطريق وما إلى ذلك ، فيقول لك : ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب ، أنا لو ضربتني هذا يكون شرفاً لي وعلى رأسي والتراب الذي تمشي عليه أكحل به عيني وما إلى ذلك ، فما هذا الذي يحدث ولماذا تبهدل كرامتك وكرامة الأسرة ؟! فيقول لك : قلبي ، فماذا أفعل ؟؟ويقولون الحب أعمي وما إلى ذلك . فهذا القلب الذي لا تملكه ، فتكره إنساناً حتى تهلك في كراهيته أو تحبه حتى تهلك في حبه ، ولا تستطيع أن تقوم بعمل أي شيء للقلب. ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان يشير إلى هذه الآية الباهرة وهي مسألة القلب وكان يقول: " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك ." وكان من جملة حلفه عليه الصلاة والسلام الذي كان يكثر منه ، كان يقول :" لا ومقلب القلوب ". فأنا أريد أن أقول أن مسألة انفتاح القلب وانغلاقه هذه مسألة لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى. فعندما تأتي لتعظ إنساناً لا تمل إطلاقاً من وعظه ومن تكرار الكلام ، لأنه في الوقت الذي مللت أنت فيه انفتح قلبه وأنت لا تدري ، فلماذا تمل؟ فهؤلاء المفلحون عندما لامهم إخوانهم الذين يئسوا سريعا﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾﴿ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾ نقول : يارب أنكرنا عليهم ولكنهم استمروا في العصيان . فابن الجوزي عندما يقول: (غير أني أعتذر عما قلته ،) ليس أنه أخطأ فاعتذر بالطريقة أو المعنى الدارج عندنا ، ولكن اعذاراً ، أي أبين لماذا أنا قلت هذا . فيقول: ( أقول عن نفسي وما يلزمني حال غيري )، أنا أتكلم عن نفسي فقط ، أما غيري قد يكون له منظومة مختلفة ، يمكن يكون من النوع الذي يكتم ، ولكن أنا لم أستطع أن أكتم ، هناك واحد صبور ، أو يحول مظاهر ما يراه الناس إلى معنى آخر حتى لا يكشف نفسه ، ومن يفعل ذلك أهل الورع . وممن كانوا يخافون على ورعهم فكانوا يحولون الوجهة: أيوب السختياني: كان إذا ذُكر النبي ﷺ يبكي حتى يشفق الجمع عليه ، فكان في مرة من المرات ذُكر النبي ﷺ وهو لا يريد أن يبين لأن هذه مسألة متعلقة بالمحبة وما إلى ذلك ويريد أن يخبئها ، فكان يقول : ( سبحان الله ما أشد الزكام) ! لأنه لا يريد أن يبين أنه يبكي. الأوزاعي :كان عندما يصلي كان كثير البكاء، وهو ساجد يبكي ، تدخل عليه أمه وتحسس مكان سجوده فتجده رطبا ً، أي دموع عينيه تملأ المكان ، فكان عندما يخرج كان يكتحل ، لأن كثرة البكاء تسبب ذبولاً في الجفون فلكي لا يسأله أحد ، فهذا الاكتحال يبين العين ببهاء,فهناك من كانوا يخافون على ورعهم فكانوا يحولون الوجهة. فابن الجوزي يقول: هناك أناس يمكن ألا يقولوا هذه الكلمة التي قلتها ، ولكن أنا اضطررت أن أقولها ، قلبي مفعم بالأسى فقلتها ، فأنا أقول ما يلزمني أنا ولكن لا يلزمني حال غيري ممن حالهم كحالي ولكن قد يكون أشد قدرة على كتمان ما بهم. ثم بدأ يشرح حالته المرضية ، التي تعذبه هذه ، وهذا مرض من نوع خاص ، مرض اسمه الهمة العالية ، وهذا مرض إذا أصاب صاحبه عذبه العذاب الأليم فعلاً ، لماذا ؟ الهمة العالية ، مرض إذا أصاب صاحبه عذبه العذاب الأليم : كلما ينام ، النفس اللوامة تقول له : أنت نائم؟ إلى متى ؟ غداً ستنام ، قم واعمل ، إذا كان من العباد يتجافى جنبه عن مضجعه فيقوم ، إذا كان طالب علم ، يقوم ليحصل ، إذا كان رجلاً خيراً يحل مشاكل الناس يتذكر أن هناك مشاكل لم يكن يستطيع أن يذهب إليها فيقوم فعالي الهمة مبتلى بالنفس اللوامة التي تلومه على كل شيء يفعله ، الإنسان أمام النفس اللوامة – وهذه مسألة مهمة أريد أن أوضحها – أصناف الناس أمام النفس اللوامة:هناك صنف إذا لامته النفس يرتقي,وهناك واحد إذا لامته النفس يُخسف به الأرض,فيجب تعرف أنت من أي جنس ، لماذا ؟ لأن النفس اللوامة إذا اشتد لومها على صاحبها المذنب أرجعته إلى الوراء ، وأدخلته في مرحلة اليأس . مثال: أذنب كثيراً ، ويريد أن يتوب ، فتقول له ، تتوب ، والذي فعلته؟ أنت فعلت وفعلت وفعلت ، وهذه فيها حد ، وهذه فيها رجم ، وهذه فيها .... ستتوب من ماذا ؟؟ فيقول : أنا خلاص لا فائدة مني ، أنا ذاهب للنار ، فيأخذ حقه في الدنيا ، ويزيد المنكرات ، على أساس لا يوجد فائدة. ولذلك العلماء قالوا : من علل التوبة الالتفات إلى الذنب ، هذا علة من علل التوبة أن تلتفت إلى الخلف وتقول : فعلت كذا وكذا ، لا ، الذي يلتفت إلى الذنب ولا يكون علة عنده صاحب الهمة القوية والإيمان العالي ، كلما يلتفت إلى الذنب، يقول: أنا هذا الذنب لابد أن أحدث له طاعات، فيعمل في الطاعات إلى أن يصل إلى سقف القدرة آخر طاقته، فالرجاء يدخل له ، ويقوم بعمل تبريد لحرارة الخوف ، فالخوف سوط مزعج، والرجاء يبرده، لولا الرجاء لكفر الناس, كنا كلنا كفرنا لولا الرجاء في رحمة الله سبحانه وتعالى. يتبع إن شاء الله... |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الدرس (4) من مدرسة الحياة الأحد 15 مايو 2011, 11:30 pm | |
| مثال: في حديث أبي هريرة في القوم الذين جلسوا يذكرون الله عز وجل ، والله عز وجل يسأل الملائكة وهو أعلم بعباده :" ما الذي يرجون؟ قالوا: يرجون الجنة ، فهل رأوها؟ والله ما رأوها، قال: كيف لو رأوها؟ "فأنت تعمل وأنت تتصور الجنة فقط وتعملها في خيالك، فماذا لو رأيتها بعينيك، لا يمكن أبدا ًلو رأيت الجنة بعينيك أن تنحرف قدمك أبدا ًعن الصراط. فقالوا: "لو رأوها لكانوا أشد لها طلباً، مم يتعوذون؟ يتعوذون من النار، هل رأوها؟ لا والله ما رأوها، قال: كيف لو رأوها؟ قالوا: لو رأوها لكانوا أشد منها فراراً وأعظم هربا ً " فالإنسان الجيد الذي الالتفات إلى الذنب ليس علة بالنسبة له ، هذا يعمل حتى يصل إلى سقف القدرة في العمل ، ويظن بذلك أن استراح وأنه عمل أعمال عظيمة ، فيدخل له الخوف ، ويقول له أنت راض عن عملك يعني ؟ وهل تتصور أن هذا العمل يمكن أن يقبل؟ يمكن أن يرد كل هذا العمل عليك عدلاً من الله ، فيخاف مرة أخرى فيعود للعمل مرة أخرى ، حتى يغفر الله له ، فيجد في العمل مرة أخرى ، أول ما يصل إلى سقف القدرة ، يدخل له الخوف ، ويقول : أنت فاكر نفسك عملت شيء ؟ ألا تذكر النبي ﷺ الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كيف كان تتورم قدماه من الوقوف ، أنت هل شكرت هذه النعمة وهذه وهذه ، غيرك مصاب وغيرك مريض وغيرك فقير وغيرك في المستشفى ,فالخوف هنا يجعله يرتقي ، ولا يزال هذا يتقلب بين الخوف والرجاء حتى يصل إلى الله عز وجل في قمة عمله . هذا لا يُخاف عليه ، وهذا ليس هو المعنى بكلامي ، الالتفات إلى الذنب علة من علل التوبة ، ولكن هو علة عند من ؟ الالتفات إلى الذنب علة من علل التوبة عند من إذا حاسب نفسه يأس : ولذلك وأنت تتعرض لوعظ الناس ، يجب أن توازن بين الكفتين ، لا تعطي الرجاء وتفتحه على مصرعيه . مثلما تأمر الوزارة الخطباء ، يقولون لهم : الناس حياتها كرب ولا تجد الطعام ، فعندما تأتي تقول له الشجاع الأقرع ، فتزيد بذلك الطين بلة ، فهذا لا يجد يأكل ، فتقول له عندما تموت ستجد الشجاع الأقرع ، يعني لا دنيا ولا آخرة !افتحوها للناس ، إن الله غفور رحيم ، فيريدون أن يبثوا مذهب الإرجاء للناس ، الإرجاء الوعظي ، ويتحدث عن جهة واحدة فقط وهي : إن الله غفور رحيم,هل تجد الناس يتركون الدنيا وزهدوا فيها ، لكي تحاول أن ترجعهم إلى الدنيا ؟ بل يغوصون فيها ، فأنا أريد أن أخرجه ، فبم أخرجه .؟ لا أستطيع أن أخرجه إلا بسوط التخويف ، أقول له : لو بقيت على هذا الحال سوف تذهب إلى النار ، وبذلك تعرض نفسك لعذاب الله ، فينتبه ويستفيق قليلا ً. لكن واحد مغمور في الدنيا ، أزيده فيها ؟!!وليس كذلك فقط ، بل أعطيه أيضاً تأشيرة مرور ، طالما أنت صابر على العمل ، ويأتي لك بالحديث الباطل :"أن من الذنوب التي لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولكن يكفرها السعي على المعاش !"هذا حديث موجود ، وأكيد سمعتموه من الخطباء ، وهذا الحديث باطل ، لا ، نحن نوازن لابد أن أعتقد في هذا المسجد الذي أتكلم فيه الآن ، أناس الالتفات إلى الذنب علة عندهم ، والالتفات إلى الذنب عند بعضهم يجعله من المجدين في العمل, إذن أنا أوازن بين هذه وهذه ، لا أعتقد أن كل من في المسجد ، صنف واحد وأنا أكلمهم ترغيباً باستمرار أو ترهيبا ً باستمرار. فابن الجوزي عنده هذا المرض ، وأنا أقول مرض استعارة ، لماذا ؟ لأنه يمرضه فعلاً عندما يكون لا يفهم مسألة يمرض ، هناك أناس هكذا من أهل العلم في تراجمهم وشيخ الإسلام ابن تيمية كان يصيبه الكرب إذا عرضت له مسألة ولم يصل فيها لحل فكان يقول كما يذكر عنه ابن القيم رحمه الله : ( كان يذهب إلى الخلوات أي _الخرابات_ ، ويمرغ خديه في التراب ، ويقول : يا معلم إبراهيم علمني ) عنده استغاثة بالله سبحانه وتعالى . وكان شيخ الإسلام يقول : ( ربما عرضت لي المسألة فأستغفر الله ألف مرة حتى يفتح لي) لأنه كان غواصاً على المعاني,ابن القيم أخذ شيء بسيط من ابن تيمية ، لكن جملها بأسلوبه العذب الجميل ، لكن ما من موضوع في الغالب ، يجب أن يكون ابن القيم انفرد بفتوحات لا سيما فيما يتعلق بالنفس والآثار وأسماء الله الحسنى وهذا الكلام كان مفتوحاً عليه فيها فتحاً عظيماً. لكن ما من بحث قرأته لشيخ الإسلام ابن القيم إلا وجدت شيخ الإسلام ابن تيمية سبقه إليه ، ولكن ابن تيمية يضع الأصول ، وابن القيم يكملها ويزينها ، فتدخل تجد الشيء على أبهى منظر بأسلوبه ,فشيخ الإسلام كان كثيراً ما يقول هذا : كان يقول ومما يكثر أن يقول : أَنَا الْمُكَدِّي وَابْن الْمُكَدِّي *** وَكَذَاك كَان أَبِي وَجَدِّي أَنَا الْمُكَدِّي وَابْن الْمُكَدِّي : أي أنا أعمل أجير عند الله عز وجل ، ر وأبي كان كذلك وجدي : كأنما قال: أنا عريق النسب في العبودية ، أنا عبد وكذلك أبي كان عبداً وكذلك جدي ,أي أنني ورثت العبودية . وابن الجوزي هنا يستخدم كلمة الخدمة ، أكثر من مرة ، في خدمة الله عز وجل ، وهذه اللفظة الصواب أن نقول العبادة وليس الخدمة : لأن الخدمة خادم ومخدوم وهذا الكلام ولكنه كان يستطيب كلمة الخدمة أي أنه كان يعمل أجيراً والأجير ينتظر أجره . فشيخ الإسلام وغيره من أهل العلم رضي الله عنهم جميعا وأسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم ، كانوا على هذا النحو ، إذا لم يصل إلى الفائدة ، يحصل له كرب نفسي ، لا يجب أن يكون المرض عضوي ، ولكن المرض النفسي يأتي بمرض عضوي ، لأن ابن القيم يقول من جملة ما يقول : ( إن الفرح يوجب زيادة قوة الأعضاء ، والحزن يوجب ضد ذلك )ونحن جميعنا نعرف هذه القصة وجربناها ، فلا يوجد أي إنسان إلا وهو كذلك ، عندما يأتي لك إحباط ، ماذا يحدث لك ؟ تجرجر في قدميك ، وتقوم وتشعر أنك تحمل جبل على كتفيك وتجد حركتك ثقيلة ولا تستطيع أن تنام وتتقلب ويمكن أن يأتي لك ألم في بطنك ، ولكن عندما تفرح ويأتي لك شيئاً يفرحك وتشعر أنك تطير في السماء بجناحين . قوة الأعضاء تابعة لعطاء القلب،: القلب اليوم مكسور لا يعطي قوة للجارحة ولكن القلب سعيد يعطي قوة للجارحة حتى لوكان مريض عضوياً حقيقة ، قدمه مقطوعة ويديه مقطوعة ويجلس على السرير . مثال: قصة أبي قلابة عبد الله بن زيد ألجرمي ، هذا كان يديه وقدميه مقطوعة ، وكان سمعه ثقيل ، ولا يوجد فيه إلا اللسان ، ولمن يريد قراءتها على الحقيقة يذهب إلى الجزء الخامس من كتاب الثقات لابن حبان ، افتتح ابن حبان هذا الكتاب من كتابه بترجمة أبي قلابة ألجرمي ، صاحب أنس بن مالك ، هذا كان يديه وقدميه مقطوعة ، وله ابنه يساعده على الوضوء ، وفجأة ولده اختفى ، فمر واحد ذاهباً إلى الرباط ، فوجد واحد بهذه الهيئة ، فقال له : أنت من ؟ قال له : أنا عبد الله بن زيد ، وأريدك أن تخدمني خدمة أنا كان لي ابن يساعدني على الوضوء ويأكلني ، وفقدته منذ ثلاثة أيام ، فممكن تبحث لي عنه ؟ فقال له : والله لا أجد أحداً أخدمه مثلك ، فذهب ليبحث عن الولد ، وإذا به وجد هيكل عظمي على بعد مسافة ، فعرف أن هذا الهيكل هيكل إنسان وجاء الأسد أو الذئب وأكل هذا الولد وبقى الهيكل العظمي. فقال: وقفت في حيرة ماذا أقول له ؟ أقول له ابنك افترسه السبع ، فبأي وجه سأرجع إلى هذا الرجل ، وأخذ يفكر طوال الطريق ، فخطر على بالي أيوب عليه السلام ، فقال: سوف أفتتح المسألة بأيوب عليه السلام ، فذهب إليه وقال له : السلام عليكم ، قال له : ألست صاحبي؟ قال : بلى ، قبل ما يجيب عليه ، قال له : ما تقول في نبي الله أيوب وما تقول في صبره ؟ ألم يبتله الله سبحانه وتعالى حتى افتقر ؟ قال له : نعم ، قال له : وانفض عنه الناس؟ قال له : نعم ، قال له : ابتلاه إلى أن بلى بدنه وكان فيه الدود ؟ قال له : نعم ، فماذا تريد أن تقول ؟ قال له : ولدك أكله السبع ,فأول ما قاله له ،فجع ومات فالشاهد الذي كنت أريد أن أقوله : أنه وهو يمر على هذا الرجل ورأى هذه الهيئة فسمعه يقول : " الحمد لله الذي فضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً." فسأل في نفسه : هذا لا يوجد يدين ولا قدين ولا هذا الكلام ، وأنا قوي وذاهباً إلى الرباط ، أنا أفضل منك على ذلك,فقال والله لأسألنه على هذه الكلمة كيف قالها فقال له : يا عبد الله : أنت ما معك أصلاً لكي تحمد عليه لا يوجد يدين ولا قدمين وتقول فضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً؟!فقال له : (والله لو أمر الله الجبال فدمرتني والبحار فأغرقتني ، ما ساوى هذا اللسان الذاكر) إذن الفضل الذي يشعر أن الله فضله على كثير من عباده هذا اللسان الذي يتحرك بذكر الله ، سبحانه وتعالى ,وهذا هو الشاهد الذي الذي جعلني أأتي بهذه القصة.فأنا أريد أن أقول أن القلب هو الذي يعطي العطاء للجارحة ، أنت مبتلى أو أنا مبتلى أو فلان ، إذا كان القلب راضياً لا يضرك ما فاتك من الجوارح ، يد مقطوعة أو قدم أو عين مفقودة ، هذا لا يفرق طالما القلب سليم لأنه هو الذي يعطي العطاء وهو صندوق الأسرار ومستودع الإخلاص في البدن وفيه العقل ، العقل في القلب وليس في الرأس ، خلافاً لبعض أهل العلم ، العقل في القلب ، ولذلك النبي ﷺ قال : " يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية"لا يجاوز حناجرهم ، فالقلب في الصدر وليس في الرأس ، فاللسان يتحرك ولكن في الحناجر سدة واقفة ، لا توصل للقلب ، وقال الله عز وجل ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾وليس في العقل .فهذا لأن العقل في القلب وليس في الصدر ،فأنا أريد أن أقول أن القلب طالما أنه سليم لا يضرك ما فاتك منه ، فأهل العلم أصحاب الهمة العالية يتعذبون . فابن الجوزي كان عذابه عذاباً خاصاً ، عذاب طمع ، لماذا ؟ يقول : (إني رجل حُبب إلي العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به .)من زمن الطفولة لأن عمته ذهبت به إلى ابن ناصر ، وبدأ يطوف على الفقهاء من ذلك الزمان ، فلم يعرف ما يعرفه الأطفال من اللعب بالذات ونحن أولادنا اليوم ، الأب يكون رجل جيد جداً ، ويقول : أنا أريد أن يكون ولدي عالم ، ويأتي له بالكمبيوتر ويأتي له بالألعاب ويلعب على الجهاز ، فمتى يصل هذا ؟ ماذا يتعلم هذا ؟!هذا الجهاز الذي خطف قلوب الكبار قبل الصغار أنت تريد ولدك يطلع عالم ، احجز عنه كل هذه الملهيات لأنها تشتت عزم القلب لا سيما بعد الإنترنت ، عندما تدخل تنسى نفسك ، فالأذان يؤذن والميكرفون بجوارك وأنت لا تنتبه ، لماذا ؟ تدخل على آلاف المواقع وتجد مواد مثيرة وهذا الكلام ، وتبقى سرحان هذا بشره كما قال الأعمش : مَن لَم يَطْلُب الْعِلْم مِن زَمَن الَّطُفُوْلَة ** فَاخْتِم عَلَى قَفَاه لَن يُفْلِح. لكن لو تريده طالب علم ، فطالب العلم له عدة مختلفة ، حتى الذي يذاكر عن طريق الكمبيوتر ، هذا لن يفلح ، فيقول: أنا بدلاً من أن أأتي بالكتب ، أنا عندي الاسطوانة الألفية ، وفيها ثلاثة آلاف أو عشرة آلاف كتاب,لا يوجد من يذاكر على الكمبيوتر أبداً ، فالعلم له طرق لا تتغير ، يمكن أن تستخدم الكمبيوتر كفهم فقط ، لكن في مطلع حياتك العلمية هذا لا يصح,بعدما تطيب وتكون وصلت وجربت العلم واستطعمته ، كل هذا يمكن أن تستخدم الكمبيوتر ، ولكن في بداية الطلب لا يوجد إلا الكتاب ، وتلخص كل ملحوظة تكتبها على حاشية الكتاب ، سوف تجمع هذه القصة بعد عشرين أو خمساً وعشرين سنة ، تجد الكتب مليانة بالتعليقات لا يمكن أن يأتي إنسان بها أبداً في مدة زمنية قصيرة حتى لو كان الكمبيوتر معه . فابن الجوزي من زمن الطفولة لا يعرف لعب الأطفال ولا لعب الكرة ، وحصل عنده الطمع ، قال: (لم يُحبب إلي فن واحد بل فنونه كلها ،) عالم موسوعي,وطبعاً علماؤنا الموسوعيون كانوا كثيرون في الزمان الأول , إذا تكلم في الفقه , قلت لا يحسن إلا الفقه وإذا تكلم في العربية قلت لا يحسن إلا العربية ، ,إذا تكلم في الحديث قلت لا يحسن إلا لحديث ، تكلم في العروض ، قلت لا يحسن إلا العروض ، تكلم في الطب قلت لا يحسن إلا الطب ، كان هذا كثيراً في الزمان الماضي ، وبعدما حصل التقليد والأمة جمدت وقلت فيها المواهب بسبب التقليد ، بدأ العقل يقف لا يبدع ، وأصبح في القرن كله يوجد الواحد بعد الواحد ، ولكن في القرن الثالث والرابع قبل ما ندخل القرن الخامس ، كان العلماء الموسوعيون كثيرون جداً ، كان لهم في كل فن . فابن الجوزي يريد أن يكون الأول في كل شيء ، يتكلم في الفقه لا يكون أحد مثله وفي اللغة وفي الحديث ، فطمع في هذا ، وليس كذلك فحسب، لا يريد أن يكون مشارك فقط,مثال: أنا رجل من أهل الحديث ولكن أنا مشارك في الفقه ، ولست الفقيه الذي وقفت للعالم كله يجدوني الأول ، أو الأول في العربية ، ولكن مشارك عندي مشاركة عندما يتكلم الفقهاء أعرف ماذا يقولون وأناقش ، وأناظر ولكن لست الأول فيهم لكن لو جاءوا عند الحديث عندي سأكون متميز ، فهؤلاء الذين كثروا في الأزمنة المـتأخرة يكون مبرزاً في علم ومشاركاً في علوم أخرى . ابن الحوزي لم يكن يريد ذلك , كان يريد أن يكون مجتهد مطلق في كل فن ، وهذا مستحيل يستطيع يأتي به , بالذات لواعظ كل الناس تذهب إليه ، من عنده مشكلة وما إلى ذلك ، فيقول : _( تاب على يدي أكثر من مائتي ألف ، وأسلم أكثر من عشرين ألفاً)فتخيل عندما يتوب ، يأتي له ويقص عليه قصته وتاريخه ويتحدث بالساعات الطوال ,ولا يكون ذلك في جلسة واحدة ، فالمريض يذهب إلى الطبيب ويقول له : خذ هذا الدواء شهر أو ثلاثة أشهر وتعال مرة أخرى ، يكون ذهاباً وإياباً على الطبيب والمذنب كذلك العاصي ، يذهب للعالم، ذهاباً وإياباً ، في كل مرة يأخذ منه وقت فعندما يكون واحد مثل هذا تصدر في الوعظ ويتكلم فيه بأسلوب راق جداً، وفي نفس الوقت ينشغل بالكتب ويكتب في اليوم أربعة كراريس ، فهو من طمعه قال : ( ثم لا تقتصر همتي في فن واحد على بعضه ، بل أروم استقصاءه) ، وهو يعرف العلل أنه لن يصل إلى الاستقصاء أبداً حتى لو عُمر عمر نوح ، وهو نفسه يقول : ( والزمان لا يسع ، والعمر يقصى ، والشوق يقوى ، والعجز يظهر فيبقى وقوف بعض المطلوبات حسرات ،) هذه الحسرة نترجمها إلى مرض,واحد محسور لا يضحك ولا يستطعم شيء ولا نفسه في شيء ، وكلما تراه تجد ذابلاً وينعي الهم ، لماذا ؟ لأنه لم يصل إلى الدرجة الفلانية في الحديث أو الفقه,فيكون عنده كما قلت مرض علو الهمة ,وغداً إن شاء الله الأربعاء نتمم ، وأنا معكم إن شاء الله إلى يوم الخميس ومن ثم سأسافر إلى قطر لمدة ثلاثة أيام فقط، ونعاود بإذن الله الكريم إن أحيانا الله، شرح صيد الخاطر يوم الاثنين القادم بإذن الله تعالى أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. انتهي الدرس الرابع بفضل الله ومنته (أختكم أم محمد الظن) |
| | | | الدرس (4) من مدرسة الحياة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |