أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الدرس (8) من مدرسة الحياة السبت 14 مايو 2011, 6:23 pm | |
| قال ابن الجوزي رحمه الله تعالي:وهو يذكر أمنياته أو ما يصبو إلي الوصول إليه بسبب الهمة العالية التي أُبتلي بها أي (أُمتحن وأُختبر):[ وإنِي أُعطِيتُ من عُلُو الهمة طَرَفاً فَأنَا به في عذاب ولا أقول لَيتَهُ لم يكن فإنه إنما يَحلُو العيش بِقَدرِ عَدَم العقل والعاقل لا يختار زيادة اللذَةِ بِنُقصَانِ العقل ] وهذا كلام نفيس ينسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله أنه كان يقول:ومن الدليل على القضاء وحكمه | بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق | أهل الدنيا إنما يأخذونها بقلة العقل، لأن النبي_صلي الله عليه وآله وسلم قال( نِعْمَتَانِ مَغْبُوْنٌ فِيْهِمَا كَثِيْرٌ مِنْ الْنَّاسِ الْصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) ،فرأس المال الحقيقي للإنسان الصحة والفراغ (الوقت) فالإنسان إذا أراد أن يحصِّل الدنيا تنازل عن كثير من مروءته وعن كثير من مبادئه لأن كلما كبُرَ رأس مالك تُحاول تدخل في وسط هذا الجنس، وكلما كَبُرَ رأس مالك تجد أن أصحاب الملايين وأصحاب المليارات لا عقل عندهم.والمراد بالعقل: ( العقل الذي يؤدى إلى السعادة في الآخرة ،) لأن مقتضى العقل أن يحافظ المرء على رأس ماله، (العمر)، فلننظر إلى هذا الذي يجمع الملايين، كيف تعامل مع عمره ؟ هل استفاد من دراسة الجدوى التي يعملها بالحسابات مع عمره أم لا الإنسان يحاسب في نهاية حياته لو مات عمره ستين سنه، يحاسب عن أقل من نصفها، لا يحاسب إلا بعد البلوغ فهذه، اثني عشر ثلاثة عشر سنه، وينام عشرين سنه هذا لو مات عمره ستين سنه، ينام عشرين سنه يبقى اثنين وثلاثين سنه ثلاثة وثلاثين، يتبقي له من الستين سنه ( ثمانية وعشرين)، ويمكن أن الثمانية وعشرين سنه لا تصفوا له مريض عدة سنوات، قد يسجن مثلاً فتقل المدة،.فهل هناك إنسان عاقل يعلم أنه سُيحاسب عن ثماني وعشرين سنة فقط من عمره، يستعد لاستقبال الأهوال بعدما يموت، يرمى في قعر قبر مظلم وينساه من كان يجمع المال له عندما أترك المال للورثة ،لنري كم عدد الورثة وقسم رأس المال عليهم بالميراث الشرعي ،لنري كم أعطيت كل واحد منهم من عمري ممكن تفاجأ إن أنا أخذت ثلاثة أربع سنين ، فيأخذ كل من الورثة حقه وأنا من تعب وبذل كل الجهد ليأخذ كل واحد منهم نصيبه الشرعي فمعني ذلك أنني كنت أعمل لهم وهذا هو الواقع بكل أسف، ثم يُنسي صاحب المال، حتى لو أرادوا عمل صدقة جارية له يرفض بعض الورثة بحجة أنه حقه فنحن ،نبدد رأس المال الحقيقي (العمر)، الذي قال فيه النبي_ﷺ_ كما في حديث ابن عباس الذي رواه البخاري في مفتتح كتاب الرقاق (نِعْمَتَانِ مَغْبُوْنٌ) أصل الغبن(الخسارة) تشتري بالغالي وتبيع بالرخيص ستكون خسرت مرتين، مرة وأنت تشتري ومرة وأنت تبيع، (مَغْبُوْنٌ فِيْهِمَا كَثِيْرٌ مِنْ الْنَّاسِ)وجه الدلالة: أن أقل الناس هم الذين يستثمرون أعمارهم ،.أبو الوفاء بن عقيل : وهو يبين حرصه على وقته، وهذا فيه عبرة لطلبة العلم الذين يضيعون أوقاتهم وأعمارهم فيما لا يفيد .يقول أبو الوفاء بن عقيل ( إنه لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا كل لساني عن مناظرة وبصري عن مطالعة استطرحت، فأعمل فكري حال استطراحتي، فلا أقوم إلا وقد خطر لي ما أسطره)، وهذا، كان ديدن بعض الأئمة الكبارالإمام الشافعي : كان يستيقظ من الليل عدة مرات يضيء القنديل ويكتب ثم ينام)فهذا دليل على إن الإمام كان منشغل البال بمسائل الفقه ومسائل الدين والحديث ،.الإمام البخاري: يقول محمد بن أبي حاتم الوراء أنه كان يستيقظ في الليل سبع عشرة مرة ليكتب شيئًا ثم ينام،.الإمام مسلم يقول: ( أنا استطرحت فلا أقوم إلا وقد خطر لي إلا ما أسطره، وأنني ؟أُقصِّر بجهدي أوقات أكلى، حتى أنني أختار دق الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من التفاوت في المضغ)، فكان يراقب الوقت ويعرف الفرق ما بين أن يسف الكعك ويشرب ماء فيبلع سريعاً وبين يجلس يمضغه فيحسب الفرق بين الحالين فيستفيد به ولذلك صنف أكبر كتاب في الإسلام، في ثمانمائة مجلد . اسمه (كتاب الفنون ،) وسُمِيَ بهذا الاسم لأنه متنوع المادة، مثل كتاب( بدائع الفوائد لابن القيم)، يأتي علي البديع التي تحتاج إلى أن تقدح زناد فكرك، ويكون فيها نوع من الأخذ والرد بين أكابر العلماء، ليس بين طلبة العلم ولا ثم يبتدئ في تحرير المسألة وقد يجري هذه المسألة على هيئة مناظرة، كما فعل في مسألة طهارة المني، هل هو طاهر أم لا ؟ فجعلها كأنها مناظرة بين فقيهين، أحدهما يقول بالطهارة والآخر يقول بالنجاسة، فهو يأتي بالمسائل المعضلة ثم يحررها.نصيحة للشيخ حفظه الله:يقول :الإنسان العاقل الذي يحسن دراسة الجدوى بصورة صحيحة فالمال يترك للورثة، و حديث النبي ﷺ قال(إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءُ، خَلِيْلِ لَا يَتْبَعَهُ وَلَا يَخْرُجُ مَنْ الْدَّارْ وَهُوَ مَالُهُ وَخَلِيْلُ يَصِلُ إِلَىَ قَبْرِهِ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ أَهْلُهُ وَخَلِيْلُ هُوَ الَّذِيْ يَدْخُلُ مَعَهُ وَهُوَ عَمَلُهُ)، فهذا المال لمن تتركه ثم ضرب الشيخ مثلاً لمن يجمعون الأموال فلمن يجمعونها ولمن يتركونها قال ﷺ(مَالِيْ مَالِيْ وَهَلْ لَكَ يَابْنَ آَدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَبْقَيْتَ)فهذه وظيفة المال و ما سوي ذلك فهو فضل .عندما ينظر الإنسان إلي العمر الذي أنفقه في مقابل جمع المال لا شك أن فاعل ذلك مغبون .يقول ابن الجوزي: (إنما يحلو العيش بقدر عدم العقل) لأنه لو كان يعقل ما فرَّط في رأس ماله الحقيقي الذي سيلقى الله به يوم يقف المرء على شفير جهنم فيقول﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ ( الفجر:24) (حياتي)تدل على أن الآخرة هي الحياة .وكان الفضيل بن عياض يقول: (لو كانت الآخرة خزفًا يبقي والدنيا ذهبًا يفنى، لكان على العاقل أن يأخذ الخزف الذي يبقى، كيف والآخرة ذهبٌ يبقى) كقول النبي ﷺ في حديث سهل بن سعد ألساعدي (لَمَوْضِعُ سَوْطٍ أَحَدُهُمْ فِيْ الْحِنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الْدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا) موضع سوط في الجنة، 0أي لو تضع رجلك عليه رجلك أعرض فلا تستطيع أن تقف عليه ومع ذلك هذا المكان خير من الدنيا ومافيها آخر رجل يدخل الجنة ثم تغلق أبواب النار ويذبح الموت بين الجنة والنار، فيقال يا أهل الجنة خلود لا موت بعد اليوم، يا أهل النار خلود لا موت بعد اليوم، آخر واحد يدخل النار ويغلق وراءه باب جهنم ،له مثل الدنيا عشر مرات، لدرجة أنه كما في بعض طرق الحديث عندما قال له ربنا سبحانه وتعالى( أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَلَكَ مِثْلُ الْدُّنْيَا، دَخَلَ قَالَ رَبِّيَ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، قَالَ أَدْخُلُ الْجَنَّةِ وَلَكَ مِثْلُ الْدُّنْيَا، قَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِيَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ، قَالَ أَمَا إِنِّيَ لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنِّيْ عَلَىَ مَا أَشَاءُ قَادِرٌ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَلَكَ مِثْلُ الْدُّنْيَا وَعَشْرٌ أَمْثَالِهَا).فالذي يدمن تسبيح الله عز وجل بسبحان الله وبحمده كما في حديث جابر( مَنْ قَالَ سُبْحَانَ الْلَّهِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِيْ الْجَنَّةِ) ،فتكثر من قول سبحان الله وبحمده علي كل حال وقد ثبت عن النبي ﷺ قال: (مَا فِيْ الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ)فهذا هو استثمار العمرفالعاقل لا يرضى باللذة في مقابل نقصان العقل، لا سيما إن كانت هذه اللذة تفنى، ولا يحلو العيش إلا بنقص العقل، لأنه لا يفكر في الغد لا يفكر في العواقب ،كل مايهمه تحصيل مايريده من اللذة ولايهمه مايحدث بعد ذلك لذلك قال لا يحلوا العيش إلا بنقصان .عبد الرحمن بن عوف: مثلاً كما في صحيح البخاري( قُرِّبَ له طعام وهو صائم فجعل يذكر إخوانه السابقين، إن مصعب بن عمير مات ولم يأكل من أجره شيئًا، وفلان مات ولم يأكل من أحره شيئًا ثم بسطت لنا الدنيا فجعل يبكي حتى ترك الطعام ،)ذهبت لذة الطعام بتمام عقله وتدبره . مصعب بن عُمير قُتل في أحد ،فلم يستمتع بالدنيا و ولا يأخذ من الفيء . فختم له علي عمله كله، يأخذ أجره كاملاً و أي إنسان يفكر في هذا بهذه الطريقة لا تصفو له الحياة أبدًا .من أجل ذلك النبي _ﷺ _كما في حديث حنظله الذي رواه مسلم في صحيحه يقول: يا رسول الله لما حنظله لقي أبا بكر قال: نافق حنظله قال: ما ذاك ؟ قال نكون عند النبي ﷺ فيحدثنا عن النار وعن الجنة كأن رأي عين فإذا عافسنا الأزواج والنساء والضيعات نسينا كثيرًا مما سمعنا، قال أبو بكر وأنا أجد ذلك أيضًا فذهبا إلى النبي ﷺ فأول ما دخل حنظله قال: نافق حنظله، فقال النبي ﷺ مه فقال له: نكون عندك فتحدثنا عن الجنة والنار كأن رأي عين فإذا عافسنا الأزواج والنساء والضيعات نسينا كثيرًا مما سمعنا، قال (يَا حَنْظَلَهْ لَوْ تَكُوْنُوْنَ عَلَىَ مَا تَكُوْنُوْنَ عِنْدِيْ وَفِيْ الْذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ فِيْ طُرُقِكُمْ وَعَلَىَ فُرُشِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَهْ سَاعَةً وَسَاعَةً سَاعَةً وَسَاعَةً سَاعَةً وَسَاعَةً) اجعلها ساعة وساعة يعني استجموا ببعض الباطل المأذون فيه ،1- ملاعبة الرجل ابنه 2-وفرسه 3-وامرأته لأن الحياة لا تطيب إلا بهذاالرسول عليه الصلاة والسلام لما قال: (حَتَّىَ الْلُّقْمَةَ يَرْفَعُهَا الْرَّجُلُ إِلَىَ فِيْ امْرَأَتِهِ لَهُ بِهَا أَجْرٌ) ،هذا من المواطن القليلة التي يؤجر المرء بغير احتساب، لو لم يكن عندك نية احتساب، وفي الحديث قال وَفِيْ بُضْعِ أَحَدُنَا صَدَقَةٌ قَالَ نَعَمْ أَيَأْتِيَ الْرَّجُلُ شَهْوَتَهُ وَلَهُ بِهِ أُجِرَ أَوْ صَدَقَةٍ قَالَ: نَعَمْ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَضْعُهُ فِيْ حَرَامْ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ، كَذَلِكَ إِنْ وَضْعُهُ فِيْ حَلَالٍ) وهذا أيضاً من المواضع القليلة التي يؤجر فيها الإنسان بغير احتساب .الاستجمام ببعض الباطل المأذون فيه هذا يعيد الناقة على أن تقطع المراحل، مثل كلام ابن الجوزي لأنه بعد الخاطرة هذه سيقول خاطرة أخري أنا بعدما سطرت الخاطرة التي مضت بدا لي أن أقول كذا وكذا، وقال كلام جميل جدًا سنأتي عليه إن شاء الله تعالى .ابن الجوزي رحمه الله نفسه تغالبه، و أعظم ما يبتلى به المرء الهمة العالية ولا يفهم أحد أن البلاء هنا شر ،لا، هو ابن الجوزي يقول ولا أقول ليته لم يكن لكن هو بهذه الهمة في عذاب .يقول ابن الجوزي: (ثُم إِنِي أَرُومُ الاستِمتَاع بِالمُستَحسَنَاتِ وفي ذلك امتِنَاع مِن جِهَة قِلَةِ المَال، ثُمَ لَو حَصَلَ فَرَقََ جَمعَ الهِمَة) ،.الأشياء التي تعرض للإنسان في حياته، ثلاثة أشياء:1-، الضرورات 2- والحاجيات، 3-والتحسينات .الضرورة : رسمها في كتاب الله عز وجل في مطلع سورة المائدة بعد ما ذكر الله عز وجل قوله﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ) في آخر الآية قال: (فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ( المائدة:3) الضرورة التي تلجئك إلى الحرام، إن لم تفعل تموت أو تصاب بأذىً بليغ قد يأتي على كثير من حياتك والضرورات تبيح المحظورات .الحاجيات : لا يجوز لأحد أن يرتكب المحرم لأجل حاجه، الضرورة فقط التي تجعلك ترتكب المحرم، الحاجة يمكن الإنسان يرتكب المكروه في سبيلها، .مثال ذلك:إنسان ضعيف البنية ومحتاج إلى سيارة مثلاً، اشتغل في بيع المختلف فيه هل هو حلال ولا حرام أو أي مبايعات مختلف فيها، من أجل شراء السيارة فهذا ممكن ،فالحاجة تبيح المكروه والمكروه لا ينافي الجواز، فالكراهة تجامع الجواز .أما التحسينات : فلا يجوز فيها لا الحرام ولا المكروه ،.ابن الجوزي يقول(إِنِي أَرُومُ الاستِمتَاع بِالمُستَحسَنَاتِ)، لكن المستحسنات لاتتحق إلا بالمال وليس عنده مال فيظل في عذاب ،يتمني أن يأتي بما يريد ولكنه لايعرف ثم لو حصل أنه توفر لديه المال واستمتع بالمستحسنات فرق جمع الهمة، لأن الاستكثار من المباح إذا خالف المكروه وقد يدخلك في الحرام مع إن أصله مباح.يتبع إن شاء الله.. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الدرس (8) من مدرسة الحياة السبت 14 مايو 2011, 6:26 pm | |
| مثلا:، الأكل حتى الشبع (جائز) ولكنه لما أراد أن يصلي لم يتمكن من الصلاة قائما لأن بطنه صارت مملوءة ، فصلى وهو جالس ،فانظر إلي أين أدخله المباح فليس معني أنه مباح أنك إنك تستكثر منه، مباح تأخذ منه بلاغك، ولا ترجع بعض العلماء يعظ ولده : يا بني إن المعدة إذا امتلأت نامت الفكرة وكفت الأعضاء عن العبادة ،. الشافعي :يقول ما أفلح ثمين قط إلا محمد بن الحسن الشيباني، لأن التخن يشي بكثرة الأكل والانهماك على الدنيا فيقلل الفكرة وتكف الأعضاء به عن العبادة. يقول ابن الجوزي (وَكَذَلِك أَطلُبُ لِبَدَنِي مَا يُصلِحُهُ من المَطَاعِم وَالمَشَارِب فَإِنِي مُتَعُودٌ لِلتَرَفُهُ) ابن الجوزي كان مرفهًا وكان مخدومًا . يقول: (وَفِي قِلَةِ المَالِ مَانِع)، يريد أن يأكل الأكل اللين ويشرب، الشراب البارد وكل هذا يحتاج لمال وهو ليس عنده . قال: (كُلُ ذَلِك جَمعٌ بَينَ أَضدَاد، فَأَينَ أنا ومَا وَصَفتُهُ من حَالِ من كَانت غَايَةُ هِمَتِهِ الدُنيَا وأَنا لا أُحِبُ أَن يَخدِشَ حُصُولُ شَيءٍ من الدُنيَا وَجهَ دِينِي بِسَبب، وَلَا أَن يُؤَثِرَ في عِلمِي وَلَا عَمَلِي) من أجل ذلك هو معذب، بهمتي العالية . ( فَوَا قَلَقِي من طَلَبِ قِيَامِ الليل وتَحقِيق الوَرَعِ مَعَ إِعَادَة العِلمِ وَشَُغلِ القَلب بالتصَانِيف) الإنسان الذي يكثر من التصنيف عادةً لا يستطيع أن يقوم الليل كما ينبغي بل ربما لا يقوم بتاتًا لأنه طول الليل يحرر في مسائل العلم فلا يجد وقتاً للصلاة الإمام أحمد: لما كان مع بعض أصحابه أظن المروزي أو غيره فنام ولم يقم الليل، (فقال طالب علم وليس له ورد بالليل)،لأن أصل العلم كله نحصله بالليل للعمل . سفيان الثوري رحمه الله :لما أتي له رفيقه بالماء ليتوضأ وضعه أمامه، فقال له انصرف، وظل يجلس هذه الجِلسة إلي آذان الفجر،فقام رفيقه ليوقظه وجده كما هو فسأله هل صليت، قال: لا، لا زلت أتفكر في أمر الآخرة حتى الآن العلماء القدامى: عادتهم أنهم كانوا يقومون الليل ويبارك لهم في القليل من العلم . بخلاف المتأخرين :لا سيما من المحدِّثين الذين كانت لهم رحلات، كان ممكن يسافر بالشهرين والثلاثة والأربعة من أجل الإتيان بثلاثة أربع أحاديث كلها غرائب ومناكير وهو يعرف ذلك أنها غرائب ومناكير، ومع ذلك يأت بها من أجل أن يصنف كتابًا في الغرائب والمناكير ،. العلماء القدامى :كانوا ينعون على هذا الجنس، عن هذا الذي سافر الشهر والشهرين من أجل أن يأتي بثلاثة أربع أحاديث من المناكير رغم أن ذلك ينفع المشتغلين بعلم الحديث يعرف أن هذا منكر فهذا يمكن يحل له معضلة كبيرة لكن أنت إذا نظرت إلى ما أنفقه من الوقت في مقابل هذا الذي جمعه تراه قليلاً في مقابله . فابن الجوزي يقول أريد الدنيا وأريد أن أتمتع بشرط ألا يخدش ديني وألا يقل عملي وأقوم الليل وأصنف التصانيف، كل هذا متعذر للغاية لكن همته توقظه دائمًا هو في عذاب بسبب هذه المسألة.
يقول ابن الجوزي وَوَأَسَفَا عَلَى مَا يَفُوتُنِي مِنَ المُنَاجَاةِ فِي الخلوة مَعَ مُلَاقَاةِ النَِاسَ وَتَعلِيمِهِم) فتعليم الناس مع المناجاة والخلوة هذه مسألة صعبة جدًا . يقول ابن الجوزي (غَيرَ أَنِي قَد استَسلَمتُ لِتَعذِيِبِي)هو يتعذب ولا يستطيع عمل شيء . يقول ابن الجوزي( َلَعَلَ تَهذِيبِي فِي تَعذِيبِي لِأَن عُلُو الهِمَة تُطلَُبُ المَعَالِي المُقَرِبَةَ إِلى الحَقِ عَزَ وَجلَ، ورُبَمَا كَانت الحَيرَةُ فِي الطَلَبِ دَلِيلاً إِلى المَقصُود) هذا الكلام مأخوذ من مثل عند العرب يقول( رب خطأ يهدي إلى صواب) بمعني يمكن للإنسان يخطئ في مسألة ما يكون هذا الخطأ هو عين باب الصواب الذي اهتدى إليه ولو لا أنه وقع في هذا الخطأ ما فطن إلى الصواب . مثلا: مسالة لقاح سم الأفعى يأخذه من أجل أن يعمله مصل ضد سم الأفعى يقول ابن الجوزي (وهَا أَنَا أَحفَظُ أَنفَاسِي مَن أن يَضِيعَ مَنهَا نَفَسٌ في غَيرِ فَائِدَة وكان من شأن ابن الجوزي رحمه الله، كان يقول إن كثير من الناس يلقاني ويقول أنا مشتاق، ولابد من ملاقاة الناس واستقبالهم، فأعددت لذلك حزم الدفاتر وتقطيع الكاغد يستقبل الناس حتى لا يحصل بينه وبينهم جفوة وفي نفس الوقت يستثمر عمره لذلك يقول( هَا أَنَا أَحفَظُ أَنفَاسِي)، ابن الجوزي في كتاب صيد الخاطر يتكلم كثيرًا عن مسائل علو الهمة وحفظ الأنفاس . يقول ابن الجوزي وَإِن بَلَغَ هَمِي مُرَادَهُ وَإِلَا فَنِيَةُ المُؤمِنِ أَبلَغُ مِن عَمَلِه) هذا ورد حديثًا لكنه لا يصح (نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ) حديث ضعيف القصد بالنية عمل القلب، والعمل إنما يشرف على قدر العامل، فالقلب أشرف أعضاء البدن فعمل القلب النية، من أجل ذلك (نية المُؤمِنِ أَبلَغُ مِن عَمَلِه)، قد يصل المرء بالنية على ما لا يصله بعمل الجوارح، لأن القلب ملك البدن، انظر إلي قول عمر بن الخطاب ط، رجم رسول الله_ ﷺ_ورجم أبو بكر ورجمت هل النبي ﷺ باشر الرجم لا، ولا أبو بكر، ولا عمر، مامعني رجم رسول الله أي أمر بالرجم فينسب إليه، ولا نكير في هذا . فقوله: (نِيَةُ المُؤمِنِ أَبلَغُ مِن عَمَلِه) لأن عقد النية لا يكون إلا في القلب وعمل القلب هو أشرف الأعمال كلها .
وجه الشيخ حفظه الله في نهاية الدرس عدة نصائح للمعتكفين: 1- لابد أن يعلم المعتكف أن الاعتكاف له نظام فلابد من الالتزام به وإن لم يعجبك، لابد أن تتربى أن تتعود سمعنا وأطعنا، طالما لا يأمرك بمعصية . 2- تحدث الشيخ حفظه الله عن حجز الأماكن ونصح كل إنسان يصلي مكان ولا يخترق الصفوف. 3- نصح فضيلته الأخوة المعتكفين بعدم الخروج من المسجد لأن البعض لا يجد مكان يصلي يخرج ويصلي في الشارع مجرد أن خرج من المسجد للشارع انفك اعتكافه المعتكفين لأن الشارع ليس محل اعتكاف، إنما المسجد كبناية فهذا يرخص لك أن تنزل وتدخل الحمام لأن هذا كله جزء من المسجد ،. 4- ثم وجه فضيلته نصيحة للمعتكفين الذي يشكون قلة الطعام كان الصحابة ن يأكلون ورق الشجر، . 5_ثم نصح فضيلته الإخوة القائمين علي التدريس وعلى التعليم وهذه الأشياء أرجوا أن تكونوا طيعين . 6-وفي نفس الوقت أوصي فضيلته العاملين في الإدارة أن يوسعوا من صدورهم وأن يعطوا ويبذلوا من وجوههم، تبسمك في وجه أخيك صدقة،
أسئلة أجاب عنها فضيلة الشيخ حفظه الله: 1- يقول هل أنا أشترط للطالب عندي أن يكون حافظًا لكتاب الله عز وجل، وما هي الشروط التي تطلبها في طالب العلم ؟ لا يشترط الشيخ _حفظه الله_ الحفظ وإنما يكون عنده نية صادقة وهمة عالية 2- حديث لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد هل هو موقوف أو مرفوع الصحيح في هذا الحديث الوقف ورواية الرفع أقل في القوة من رواية الوقف . 3- كيف نخرج الناس من الخوف من غدٍ وكيف نؤصل فيهم الإيمان بالغيب ؟ قال الله عز وجل﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾ كل نفثةٍ تأتي في صدر العبد خشية فقر أو خشية مرض إنما هذا من تسويل الشيطان، يرد هذا جميعًا الإيمان بالقدر ( مَا شَاءَ الْلَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ)، فلا تفوت عليك الاستمتاع باللحظة الحاضرة لوهم غدٍ، لأن هذا الوهم الذي تخاف منه يمكن ألا يأتي بالمرة فأفسدت على نفسك اللحظة الحاضرة، و الخوف يؤثر تأثيرًا سلبيًا على عبادته فأما الإيمان بالله عز وجل الإيمان بالقدر حلوه ومره وخيره وشره، هذا من أركان الإيمان الستة الذي ينبغي أن يتلبس العبد بها، فهو تحت قوله ﷺ ( مَا شَاءَ الْلَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ)، ينبغي أن يتحرك العبد . الإنسان مثلاً إذا كان يدعو إلى الله عز وجل وقدَّر في نفسه أنه سيسجن إذا تكلم بكلمة الحق فإنه لن يتكلم بكلمة الحق، وقد يتكلم ولا يسجن مثلاً فيكون ضيع على نفسه، عمل اللحظة الحاضرة، وإنما المرء ابن اللحظة مامضي مات، فلا ينبغي أن يضيعها على نفسه .
4- ما حكم قص بعض شعرات الحاجب المتهدلة ؟ يجوز للإنسان إذا كان يعني الحاجب أشعث أن يأخذ الشعرات الزائدة 5- الإخوة يتحدثوا عن طلب العلم وبدايته ؟ ابن الجوزي له هنا خاطرة تتعلق بطلب العلم، كيف أن المبتدئ يطلب العلم، سنقرأها إن شاء الله ومن خلالها نعرف كيف نطلب العلم ونذكر الكتب التي يبدأ بها الطالب في كل فنٍ من الفنون 6- ماحكم الخروج من المعتكف والذهاب إلى العمل ؟ يجوز للمعتكف أن يعتكف ليلاً كما في حديث عمر بن الخطاب ط انه وهو أيام الجاهلية نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له النبي ﷺ (أُوْفِ بِنَذْرِكَ). إنتهى الدرس الثامن. |
|