يقول المتنبي:
إن أنت أكرمت الكريم ملكته | وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد |
مع أن المتنبي لئيم ، لماذا ؟ لأنه لما غضب عليه كافور الإخشيدي هجاه هجاءًا مقزعًا ، مع أن كافور هذا كان ممن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا ، هو بالنسبة بالقياس إلى حكام عصره كان ممتاز وكان عنده بقية من دين ، وهو الذي جاء بالمتنبي وجعل يطعمه ويسقيه ويعطيه المال ويغدق عليه ، أول ما المتنبي أحس إن فيه إهمال من كافور له سبه سبًا فظيعًا وسطر فيه الأشعار بأشياء الإنسان يستحي أن يقولها ,الإنسان إذا ثبت أنه كريم سيحفظ لك الجميل ، وهناك واحد تعمل له خدمة واحدة فقط فيظل يخدم فيك طوال عمره ويراعي هذا الجميل الذي أنت فعلته فيه ، وكل ما يقابلك يقول لك: أنا لا أعرف كيف أوفيك حقك أو كيف أرد لك جميلك ، وآخر أنت تكيل له بالخدمات فيقول لك ، هل أنت أتيت بشيء .
لذلك يقول سفيان الثوري: (نظرنا إلى أصل كل عداوة في العالم فوجدناها اصطناع المعروف إلى اللئام ) أصل كل عداوة في العالم أنك تفعل المعروف في إنسان لئيم ,الدنيا لا ينبغي أن ننظر إليها هذه النظرة ، خذ كل النصوص ووجه كل نص إلى مكانه ، لأن الدنيا أطياف شتى ، لا ينفعها نص واحد لأن كل إنسان ممكن يكون دنيا بمفرده ، فأنت تحتاج أن تعامل هذا وتعامل هذا لكن المسألة تحتاج إلى بصر .
فعلي بن أبي طالب يقول: هذه الدنيا هي مهبط الوحي ، وهي فيها المساجد مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وبقية المساجد ، ومتجر الأولياء ، هي مزرعة الآخرة والحسنات التي تأتي بها إنما هي من بقائك في الدنيا ,فيكون المذموم أن تجعل الدنيا في قلبك ، هذا هو المذموم ، خلاصة الكلام ، إنما أن تجعلها في يدك فهذا لا حرج عليك فيه ، كانت الدنيا في يد الأولياء أيضًا ، إبراهيم عليه السلام كان غنيًا ، وأنت تعرفون داود- عليه السلام- ، وسليمان- عليه السلام- كيف كان غناهم ، وحتى إن إبراهيم عليه السلام كما ورد في بعض الآثار ضاقت البلد عن ماشيته ، واليوم عندنا أغنياء وعندنا من سماهم بن الجوزي مثل طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف والذي سنأتي على أخبارهم خبرًا خبرًا لما نأتي على هذه الفقرة .
يقول ابن الجوزي رحمه الله: ( فإذا بحثنَا عن الدُّنيا رأينَا هذه الأرض البَسيطة التي جُعِلَت قرارًا للخلقِ تَخرج منهَا أقوَاتَهُم ويُدفنُ فيها أموَاتهُم ،ومِثلُ هذا لا يُذَمُ لموضع المصلحة فيه)إذا كانت الأرض خرج لك النبات بإذن الله فهل هذه تذم ، إذا كانت الأرض تكون قبورًا فهل هذه تذم ؟ هذه مصلحة ،﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ﴾(المرسلات:26،25)كِفَاتًا: أي جمعناهم على ظهرها ونجمعهم في بطنها ، أنت تعرف الكفتة وهي عبارة عن ماذا ؟ خليط من اللحم والأرز وخضار تقوم بطحنهم مع بعض يصيرون عجينة كفتة ، ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا ﴾ ، أي جمعناهم على ظهرها وهم أخلاط تجد الأسود والأبيض والعربي والأعجمي والمسلم والكافر أخلاط مثل الكفتة بالضبط ، فهذا لا يذم لأن المصلحة تقتضي ذلك .
يقول ابن الجوزي رحمه الله: (ورأينا ما عليها من ماء وزرع وحيوان كله لمصَالح الآدمي ، وفيه حفظ لسبب بقائه) .لأنه لابد أن يأكل ويشرب وغير ذلك ، وهذا كله موجود على الأرض.
يقول ابن الجوزي رحمه الله ( ورأينا بقاء الآدمي سببًا لمعرفة ربهِ وطاعتهِ إيِاهُ وعبادته ، وما كان سببًا لبقاء العارف العابد يُمدحُ ولا يُذَم )أنت إذا لم تجد أكل ستموت وأنت إذا مت من الذي سيعبد الله ومن الذي يسبحه ومن الذي سيقوم بعبادته ، فأنت لا بد أنك تتقوى وبن الجوزي ذكر أن بعض الصوفية لا يأكل ولا يشرب ويصلي قاعد لأنه لا يستطيع أن يقف هو قال هذا الكلام ، إذًا جوع نفسه وضيع ركنًا ، لأن الوقوف في الصلاة ركن ، لو أن رجلاً صلى الفرض قاعدًا وهو قادر على القيام بطلت صلاته إذًا لما يأتي يضيع ، يضيع ما فرضه الله عليه لشيءٍ لن نقول استحبه الله له ، لأن الاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل ، فهذا جوع نفسه لدرجة أنه ضيع الفرض ، فكيف ذلك ؟ .الإنسان إذا لم يطعم وإذا لم يشرب خارت قواه ولا يستطيع أن يعبد ربه ، بل لا يستطيع وسوق الجهاد لن يقوم إلا بسواعد قوية ، الدنيا كلها ستنتهي إذا سلك الإنسان هذا المسلك ، إذاً ما أوجده الله- تبارك وتعالى- على الأرض من ماء وزرع وحيوان كله لخدمة الإنسان حتى يقتات به ويقوم بعبادة الله- تبارك وتعالي-. قال: ( فبان لنا أن الذم إنما هو لأفعال الجاهل أو العاصي في الدنيا فإنه إذا اقتنى المالَ المُباحَ و أدَى زكَاتهُ لم يُلَم) .ونحن نريد أن نبين هذه المسألة لأن الناس طرفان ووسط في هذه المسألة ، أنا سمعت بعض المشايخ المعاصرين- رحمة الله عليهم- يرفض أحاديث الزهد وقال بالنص ، ليس من الممكن أن المسلم يطلق الدنيا وغير المسلم يتزوجها ، لذلك كل الأحاديث التي وردت في الزهد إنما هي جرعات خاصة وليست أحاديث عامة ، لا يكون هكذا والمسألة تحتاج إلي تفصيل والناس طرفان في هذه المسألة كما قلت بين الجافي والغالي .المال إذا اكتسبه الإنسان من وجه مباح يُمدح به إذا لم يجحد حق الله فيه والرسول لما أرسل إلى عمر بن العاص فقال له البس سلاحك وأتني ، لبس السلاح وأنت تعرف السلاح عبارة عن لئمة الحرب والخوذة ، الخوذة ليحمي رأسه ، واللئمة لكي يحمي ذراعه ، لأن الواحد إذا ذهب إلى المعركة حاسرًا لا يلبس الخوذة الحديد ولا اللئمة ، هي ضربة واحدة على الرأس فتشج رأسه نصفين ، أو واحد يضربه علي يديه يقطعها فماذا يفعل بعد ذلك ، فيلبس اللئمة لكي يحمي ذراعه ويلبس اللئمة ليحمي رأسه ,عمر بن العاص لبس آلة الحرب وجاء فقال له النبي – صلي الله عليه وسلم- " إني أريد أن أرسلك إلي مكان كذا " وكان سيخرج إلى غزوة ذات السلاسل" لتغنم وأزعب لك من المال زعبةً صالحة " ، أي تأخذ فلوس ، تهب فتغنم وتأخذوا غنائم ويكون لك مبلغ من المال ، فقال يا رسول الله ما على هذا تبعتك ، أنا لست من أهل الدنيا ولا أريد مال ولا غير ذلك ، لأن عمر بن العاص كان من الأغنياء ، فقال له:" يا عمر: نعم المال لصالح للرجل الصالح " ونحن في هذه الأزمنة ما ضاع فقرائنا إلا بعد ما ذهب المال إلى سفهائنا ، على استعداد أن يذهب لتناول الغذاء في لندن أو باريس أو غير ذلك ، ولا يفكر أبدًا أن يطعم واحد إلا بعدما جاءت المسابقات التي تحمل رائحة الجاهلية ورائحة التفاخر ، التي تسمى بموائد الرحمن ، التي تعملها الراقصات والممثلات ويتسابقون فيها ، من الذي يطعم اللحم أكثر ومن الذي يصنف في اللحوم اللحم البارد والساخن وغير ذلك ، وأصبح الآن يقول هذه مائدة خمس نجوم وهذه أربع نجوم وهذه ثلاث نجوم وغير ذلك .والناس يتسابقوا وينفقوا عشرات الألوف على هذه الموائد ، وهذا عمل وأنا لا أدخل في نية أحد ، لكن مسألة إكرام الفقير ، لما تجعله يأكل جيد يكون في ذلك إكرام للفقير ، لا فيه ناس فقراء لا يسألون الناس إلحافًا في أمس الحاجة إلى هذا المال ، فضلاً عن أننا لا نتكلم عن أصل المال من أين جيء به ، واحدة تهز وسطها طوال السنة مثلاً ، لما هزت جيبها نزل كم ألف ، وفي رمضان يذهبوا إلى العمرة لكي يكفر عن سيئاته ، وفيه ناس توقف مسرحه في رمضان فقط احترامًا للشهر الكريم ، ويوقف المسرح كله ، وممكن يأخذ الفريق كله ويذهب ويعمل عمرة ثم يرجع ، لن نتكلم عن أصل المال لأن المسألة واضحة .دعك من هؤلاء وانظر إلى الناس الذين ينساقون مع أهوائهم ، يذهب أربع أو خمس مرات في السنة إلى بلاد أجنبية وما اعتمر قط ، وما حج قط ، وحتى لما يريد أن يأتي بالملابس ، لا يأتي به من هنا ، وأنا حدث لي موقف قديمًا لم كنت في الإمارات في رمضان ، كنت أقضي العشرة أيام الوسطى وأرجع على عشرين رمضان فإخواننا أرادوا أن يكرمونا فحجزوا لي في الدرجة الأولى الممتازة التي هي لرجال الأعمال الكبار ، القطط السمان وغيرهم ، والطائرة ممتلئة .أنا جلست وكان أمامي الجرائد أقرأ فيها وإذا بي أجد جماعة من الممثلين عندنا كان قادمين كما أنا فهمت من الحوار بعد ذلك ، كانوا قد أتوا إلى دبي ليشتروا ملابس العيد من دبي ، وكانت رحلة أسأل الله أن لا يري أحدًا منكم رحلة مثلها ، أنظر طبعًا كلهم يلبسون ملابس عارية وممثلات وممثلين ، والمضيفات والمضيفون أول ما عرفوا أن هؤلاء ، حضروا لالتقاط الصور التذكارية ويسلموا على بعض ، فقلت أركب في الدرجة المنخفضة أفضل من هذه ، تركت هذا المكان ورجعت إلى الخلف وجدت ولا مكان في الطائرة خالي ، لكي أقعد فيه وأبعد عن هذا البلاء الأزرق ، لم أستطيع أن أعمل حاجة ، كل الذي استطعت أن أفعله أني أرخيت الكرسي ووضعت الجرائد على وجهي ، وظللت طوال الرحلة والجرائد على وجهي ، ولم استمتع بالجلوس أو أي حاجة حتى نزلت من الطائرة .اليوم لما يكون ذاهب ليأتي بملابس العيد من دبي ولا يأتي بها من هنا ، فما الذي يحدث أن أتيت بملابس العيد من هنا وما بقي عنك تكسوا به فقير عاريًا لا ، هو يلبس أفخم الملابس والعريان يظل عاريًا ، إنما أهل الديانة إذا استحوذوا علي الأموال يبذلونها ديانة أيضًا لأن النص هو الذي يحركه ويعلمون أن ما عند الله خير وأبقى .والإشكال أن يذهب المال إلى غير تقي ، هذا هو الإشكال ، لكن كما قال النبي- صلي الله عليه وسلم- :" نعم المال الصالح للرجل الصالح " فمدح النبي - صلي الله عليه وسلم- المال ، حتى أن الله- عز وجل- قال:﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة:271) لكم أم لهم ؟ خير لهم متى ؟ ، إن أبديتها والآية شطران ، إبداء وإخفاء ، ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ أي نعم ما فعلتم أن تظهروا الصدقة ، لماذا ؟ لأن فيه واحد ممكن أن يغار عندما تخرج الصدقة ، فأنت تُغري الآخر أن يفعل عنده نية خير لكن ساكن كامن .حديث جرير بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم الذي قال فيه " جاء جماعة من مضر بل كلهم من مضر عليهم سمة الفقر وغير ذلك النبي- صلي الله عليه وسلم - أول ما رآهم النبي تغير وجهه وقال: فليتصدق أحدهم من ديناره ، من درهمه ، من صاع بره ، من صاع تمره ، قال: فقام رجل من الأنصار فأتي بصُرَةٍ كادت يده أن تعجز عن حملها ، بل عجزت عن حملها ووضع الصرة أمام الرسول عليه الصلاة والسلام فتتابع الناس "_ كل واحد جري علي بيته لكي يأتي بشيء "_ فاجتمع كومان من ثياب وطعام ، قال: فتهلل وجه النبي صلي الله عليه وسلم كأنه مُذهَبَة . وقال: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة " . الصحابة الذين كانوا موجودين هؤلاء الخير كامن في النفوس ، لكن يريد واحد يستثيره ، أي واحد يفعل شيء مثل هذا ممكن كثير من أهل الخير يفعل مثله﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ نعم ما فعلتم أن تظهر الصدقة ، لماذا ؟ لأن الفقراء هم المستفيدون من هذه القصة .﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ لمن ؟ للفقراء ، لأن كل الدنيا ، لكن إذا أنت خشيت علي نفسك أن سيدركك رياء وسمعة ، وكل امرؤ أدري بنفسه وحجيج نفسه ﴿ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ لكم أنتم وليس هم ، الخير للفقراء الشطر الأول من الآية .فمعروف أن الإنسان قد يهيج غيره ، وأنت عندما تري واحد يبكي في الصلاة أنت تبكى ، حتى وأن لم يكن لديك نية بكاء ، فقلت له: إن الشَّجَي يبعث الشجي ، وهذا كلام متمم بن نويرة في أبيات جميلة عندما قتل أخوه مالك بن نويرة ورثاه بالأبيات الجميلة:
لقد لامني عند القبور علي البكا | رفيقي لإذراف الدموع السوافكـي |
وقال أتبكي كل قبر رأيته لقبـر | ثوي بين اللوي فالدكادكـــي |
فقلت له: أن الشجي يبعـث | الشجي فدعني فهذا كله قبر مالك |
فقلت له: أن الشجي يبعـث الشجي ، هذا هو الشاهد ، كأنه لم يمت في الدنيا إلا مالك فما من قبر يراه إلا وهو قبر أخيه ، الشجي يبعث الشجي ، الطبع سرَّاق مثلما نقول .فنحن نريد أن نقول: المال الصالح للرجل الصالح ، فيكون هذا تزكية من النبي-
لقد لامني عند القبور علي البكا | رفيقي لإذراف الدموع السوافكـي |
وقال أتبكي كل قبر رأيته لقبـر | ثوي بين اللوي فالدكادكـــي |
فقلت له: أن الشجي يبعـث | الشجي فدعني فهذا كله قبر مالك |
عندما أراد عمر أن يرد هذا ، والنبي- عليه الصلاة والسلام - عندما قال كما في حديث أبي ذر عندما قال: " هلك المُكثرون الذي جمع مالاً فعدده " يجلس ويعد في الفلوس ، وعنده مزاج كل فترة هو يعرف الخزنة فيها كم ، لكنه هو يخرجها لكي ينظر إلي المئات والمائتان الجديدة وغير ذلك ، ويعد وعارف أن كل لفة عشر آلاف من طراز المائة آلف لكن عنده مزاج أنه يعد .النبي- عليه الصلاة والسلام - قال علي هذا الجنس هذا " هلك المكثرون إلا من نفح بيده هكذا وهكذا وهكذا " وهو يستحق الغِبطَة ويستحق الحسد كما في حديث بن مسعود وغيره وهو " لا حسد إلا في اثنتين " من ضمن الاثنين "ورجلٍ أتاه الله مالًا فسلطه علي هلكته في الحق " ، أنظر إلى كلمة هلكته ، هل رأيت واحد مغلول من ماله لدرجة أنه ينفق بغل ، كيف يهلك المال ، هو ممدوح لهذا القيد الأخير ، قال في الحق .
إنما فيه واحد يتباري مع الآخرين ، يتبارى مثلاً سيارة الفئة السابعة ثمانمائة وخمسين ألف وأنا لا أعرف ذلك ، الأولاد الصغيرين هم الذين يقولون يقولون أنت تعرف ألبي أم الفئة السابعة ، ولد لم يخرج من البيضة يقول لنا تعرف ألبي أم الفئة السابعة ثمنها ثمانمائة وخمسين ألف ، وموجود في كفرالشيخ سيارة كانت دخلت زيارة وطلعت أظن ، مرت كالخيال ، وطبعًا في سيارات بمليون أو مليون وزيادة ، وفي الآخر ، صفيح لو دخلت في شجرة .وأنا كنت أول أمس كنت في القاهرة ورأيت سيارة عند واحد صاحبنا في ورشة ، أنا رأيت السيارة تشبه سيارة تحت الطلب وهي التي تحمل الموتى عبارة عن صندوق هكذا ، لا لها شكل ولا لها طعم ، فقال لي تعرف كم ثمن هذه السيارة ، قلت له لا ، قال ثمنها ثلاثة مليون ونصف ، قلت له تحت الطلب هذه ، ثلاثة مليون ونصف ، أنا سيارتي أجمل منها ومنظرها أحلي فقال لي: لا ، القصة ليست هكذا ، القصة أنه لو حدث حادثة اصطدمت بشيء ، تجد نفسك في وسط بالونات ، وليس مثل السيارات الحديثة البالونة تكون في المقدمة ، حتى إذا حدثت حادثة والإكصدام اصطدم في حاجة يقوم البالونة التي في التابلوه تطلع على وجهك مباشرة بت أن تصطدم بالزجاج أو غير ذلك ، فقال لك: لا ، هذا يكون ملفوف بالونات من الوجه ومن الظهر ومن الجانبين ، وذلك لكي يتلقى أي صدمة وهذا حاجة من التقنيات الحديثة وغير ذلك .صح هذا الكلام قد يكون سبب من الأسباب في هذا الكلام ، لكن الذي عمل هذه القصة أناس لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، هو متصور أن نجاته في هذا .مثل الرجل المتبرع الذي تبرع بكل ماله ، وكان مريض مرض معين وقال لهم أنا لومت بهذا المرض كل مالي أوقفوه على اكتشاف دواء لهذا المرض ، لكن ضعوني في الثلاجة ، حتى في أول ما تجدوا الدواء تطلعوني ، وتتركوني بدل ما يكون مجمد يلين ، يعتقد أنه كرغيف العيش تضعه لين يخرج لين ، لا هو اعتقد أنه إذا وضع في الثلاجة سيظل محتفظ بهذا الكلام حتى يجدوا الدواء ، ثم يعطوه بعض الحقن وغير ذلك فتعود إليه الروح .كثير من مخترعاتهم مخترعات للحفاظ على الدنيا ، للحفاظ على الحياة ، صح تنفع أهل الإيمان أنهم يتخذونها سبب من الأسباب ، لكن واضح أن في هذه المخترعات يدخل فيها مسألة عقدة عدم الإيمان باليوم الآخر .نريد أن نقول الناس الذين يتسابقوا ، كل واحد يشتري سيارة ، الأخر يشتري أفخم منها ، وأنا رأيت العجب في هذه المسائل من الناس الذين يسمون أنفسهم رجال الأعمال وغير ذلك ، وعقولهم ليست للعمل ، إنما يذهب ويأخذ له مائة وخمسون مليون ، مائتان مليون ، ثلاثمائة مليون ، على أساس أنه من رجال الأعمال ، ويشتري مكتب في أفخم العمارات ويركب أفخم السيارات ، ويعمل طقم عمال وغير ذلك ، ويأخذ له في الصحراء مائتين أو ثلاثمائة أو أربعمائة فدان ، الفدان بثلاثة قروش ويبدأ لكي يعمل شغل ، وهو لا يعمل شغل ، وفي الآخر إذا تداين للبنوك ولا يستطيع أن يرجع المال ، تكون الأرض سعرها عالي ، فيبيع للحكومة الأرض مرة ثانية ، فيكون هو تمتع بالفلوس ، وكان قد أخذ المتر بثلاثة جنيه فصار المتر بمائتين جنيه أو ثلاثمائة جنيه .أبيع الأرض للناس وأرجع الفلوس للبنوك ولم نعمل شيء ، وأنت تعرف سوق العقار كل ما يزداد في بلد يدل على أن الاقتصاد فاشل ، لأن تجميد الأموال في العقارات هذا تضييع للأموال السائلة .اليوم لما أنا أشتري الأرض في بلدنا المتر وصل ثلاثة عشر ألف جنيه لأنه لا توجد أراضي ، والناس تريد أن تبني ومعها فلوس ، فأنا اليوم لما أجمد أرض مائة وعشرين متر أبيعها بمليون ومائتان ألف مثلاً ، أو مليون وربع ، هذا لو مال سائل ويستثمر على الأرض كان حل لنا مشاكل كثيرة ، لكن أجمد الفلوس في عقار هذه مشكلة أيضًا .-فأنا أريد أن أقول المال عندما يصل إلى هذه الرؤوس ، الدنيا كلها تضيع فيزداد الفقير فقرًا والغني غنى ، فالنبي- عليه الصلاة والسلام- قال له عمر: ما على هذا تبعتك ، قال له: يا عمر: " نعم المال الصالح للرجل الصالح "
انتهي الدرس الثاني عشر.