أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الحلقة الثالثة عشرة من مدرسة الحياة الجمعة 13 مايو 2011, 12:09 am | |
| المحاضرة الثالثة عشر فلا زال حديثنا موصولاً عن كلام بن الجوزي-رحمه الله تعالي- في هؤلاء الذين يعبدون الله- عز وجل- بالجهل أو بالرأي ، كالذين ذموا الدنيا لما نظروا إلى الآيات القرآنية التي ذم الله عز وجلَّ فيها الدنيا ، أو في الأحاديث التي ذكرت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أيضًا في ذمها ,وبينا أن هؤلاء اختطفوا هذا الحكم من أحاديث أو من آيات وتركوا ما يقابلها من أحاديث أو من آيات أخرى ، ووصلنا إلى كلام بن الجوزي أن الدنيا ليست مذمومة بإطلاق وليست ممدوحة بإطلاق ,أما الدنيا من حيث هي هي فلا ذم فيها لأنها أرض ، وزرع ، وحيوان وماء وهذا كله من أفضال الله- عز وجل- وإنعامه علي الخلق . قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: ( فبَانَ لَنا أن الذَّمَ إنما هو لأفعَالِ الجَاهلِ أو العَاصِي في الدُّنيا ، فَإِنَّه إذا اقتَنَى المالَ المُباحَ و أدَى زكَاتهُ لم يُلَم وقد عُلمَ ما خَلَّفَ الزبير وبن عوف و غيرهما)والزبير بن العوام- رضي الله عنه- لم يتولى جبايةً ولا خراجاً ولا ولايةً قط ولكن بارك الله- عز وجل- فيما لديه من المال وكان قليلاً ، وخبره العجيب في ذلك رواه الإمام البخاري– رحمه الله- في كتاب فرض الخمس من صحيحه من حديث ولده عبد الله بن الزبير- رضي الله عنه- وهو من صغار الصحابة قال:لما وقف أبي يوم الجمل دعاني فوقفت إلى جنبه ، ويوم الجمل هو المعركة المعروفة التي دارت رحاها بين أتباع علي بن أبي طالب وأتباع معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنهما- . لِمَاذَا سُمِّيَتْ مَوْقِعَةِ الْجَمَلِ بِهَذَا الْاسْمِ ؟ونسبت هذه الموقعة إلى جمل عائشة وكان يعلى بن أمية اشترى جملاً فارهاً وهذا الجمل ركبت عليه عائشة وظل الذين مع عائشة – رضي الله عنها- يقاتلون عنها قتالاً مستميتاً لما دارت رحى الحرب الذبون، حتى عُقر جملها قتل هذا الجمل ونسبت هذه الموقعة إلى جمل عائشة – رضي الله عنها- ، لما كان يوم الجمل دعاني أبي فوقفت إلى جنبه ، فقال يا بني: أنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإن من أكبر همي لديني ، ترى هل يبقي ديننا من أموالنا شيئًا .يا بني بع ما لنا واقض ديني ، والدين الذي كان على الزبير بن العوام ، كان ألفي ألف ومائتي ألف ، أي اثنين مليون ومائتين ألف ، كيف اجتمع هذا الدين كله على الزبير بن العوام . أَسْبَابِ الْدِّيْنِ الَّذِيْ كَانَ عَلِيٌّ الْزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ :يقول عبد الله: كان الرجل يأتي أبي بأمانة يقول له خذ هذا المال أمانة عندك حتى أطلبه ، فيقول له الزبير لا :إنني أخشى عليه الضيعة اجعله دينًا عليَّ وإنما فعل الزبير ذلك حتى لا تذهب مروءته ، لأن إذا الرجل أعطى له كعبد الله بن جعفر مثلاً أعطى الزبير بن العوام أربعمائة ألف لكي يحملهم عنده ، لو افترضنا لصًا سرق هذا المال ، فجاء الطالب يطلب ماله فقال له الزبير سرقه اللص ، ماذا سيقول الناس ؟ سيتهمون الزبير في أمانته ، فهو يخشى على المال الضيعة ، فيقول اجعله دينًا علي ، وطالما صار دينًا عليه صار فهو حرًا فيه ينفقه ، يصرفه يتصدق به فصار دينًا عليه ,إذًا لم يستدن الزبير بن العوام ليأكل أو ليشرب أو ليجمِّل حياته ، المسألة كلها أنها كانت أمانات عنده فخشي عليها الضيعة فحولها إلى دين . أَمْلَاكِ الْزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ يَوْمَ مَاتَ:أملاك الزبير بن العوام يوم مات قُوِمت بإحدى عشر داراً في المدينة ودارين في البصرة ودارين في الكوفة ودارًا في مصر وقطعة أرض في منطقة تسمى الغابة وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ، إلا أن يكون مع النبي- صلي الله عليه وسلم أو أبو بكر أو عمر , فبدأ عبد الله بن الزبير ينظر في دين أبيه ، لأن الزبير بن العوام قُتل في يوم الجمل ، فلقيه حكيم بن حزام- رضي الله عنه- فقال: كم على أخي من الدين ، وانظر إلى الصحابة عندما يتصرفوا مع بعض والأخوة التي كانت بينهم .فقال عبد الله: فكتمته دين أبي ، لم يقل له الرقم الحقيقي ، قال: دينه مائة ألف فقال حكيم: هذا كثير ما أظن أن أموالكم تفي هذا الدين ، مائة ألف من أين تسدون هذا الدين ، فقال عبد الله: أرأيتك إن كان ألفي ألف ومائتي ألف قال: لا تستطيعون قضاء هذا الدين ، ثم قال له: إن أردت أن تستعين على قضاء دين الزبير فاستعن بي ، على أساس أنه يقضي عنه ، فشكره عبد الله بن الزبير وأبى أن يأخذ من أحد شيء .بدأ عبد الله يبيع أملاك لزبير لكي يسد الدين ، فجاء على أرض الغابة وعبد الله بن جعفر وكان يضرب به المثل في الجود ، كان جوادًا كريمًا ، وكان له أربعمائة ألف ، فقال لعبد الله بن الزبير أنا أسقطها عن الزبير ، فأبى عبد الله وقال له: لابد أن تأخذ دينك ، حاول معه عبد الله بن جعفر فأبي ، قال له عبد الله: تأخذ هذه القطعة وقاس له من أرض الغابة شيئًا بأربعمائة ألف وبقي أربعة أسهم ونصف ، فجلس عبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عثمان وبن زمعة ورجل آخر لا يحضرني ذكر اسمه مذكور في الرواية ، فمعاوية بن أبي سفيان يسأل عبد الله بن الزبير عن دين الزبير فقال له بقي أربعة أسهم ونصف ، فسأله كم ثمن السهم ؟ قال له: السهم بمائة ألف فكل واحد من الثلاثة أخذ سهم بمائة ألف وبقي سهم ونصف أخذه معاوية بمائة وخمسين ألفًا ,أرض الغابة هذه كان الزبير قد اشتراها بمائة وسبعين ألفًا باعها عبد الله بن الزبير بستمائة ألف ، المهم أن عبد الله بن الزبير بن العوام قضى دين أبيه وكان الزبير له أربعة نسوة ، وكان أوصى بشيء من المال لأولاد عبد الله بن الزبير فعبد الله بن الزبير لا يمكن أن يأخذ المال له ولأولاده وأبوه عليه دين فبعد ما قضى الديون كلها ، قال له الورثة نأخذ حظنا ممن الميراث ، زوجات عبد الله بن الزبير ، وأولاده , قال: لا والله ، لا أعطي أحد منكم شيئًا حتى أنادي بالموسم أربع سنين الموسم أي موسم الحج ، قال: سوف أظل أنادي أربع سنين في موسم الحج من كان له علي الزبير دين فليأتني لأن هذا حق الميت ، لماذا ؟ لأن الإنسان حتى ولو كان فاضلًا وعليه دين يحبس لا يدخل الجنة حتى يقضي دينه .وفي الحديث الصحيح " أن النبي - صلي الله عليه وسلم - كان إذا جاءته جنازة .يسأل: أعليه دين ؟ فإن كان عليه دين ، قال: صلوا علي صاحبكم و إن لم يكن يصلي عليه ، فجاءت جنازة يومًا فسأل: أعليه دين ؟ قالوا: نعم . عليه درهمان ، قال: صلوا علي صاحبكم _، فواحد من الصحابة أستصعب هذه المسألة ، لأن صلاة النبي- عليه الصلاة والسلام- تنفع الميت _، فقال يا رسول الله عليَّ هذا الدين وصليِ عليه فصلي عليه - رسول الله صلي الله عليه وسلم - .وبعد ذلك لقيه النبي- صلي الله عليه وسلم - في بعض الطريق قال: قضيت الدين ؟ قال: بعد_ نحن لم نزل ندفنه ،_ بعد يوم أو يومين جاء النبي - صلي الله عليه وسلم - وقال: أنني قضيت دينه ، فقال- عليه الصلاة والسلام -: الآن برد جلده " . قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْلَىٍ قَبْلَ تَوْزِيعِ الْمِيْرَاثِ :فالإنسان الذي عليه ديناً هذا لابد أن يسعي وهو حي في قضاء الدين أو استسماح أصحاب الأموال ، حتى يسقط هذه التبعة لأننا أصبحنا الآن في زمان يقولون فيه: الحي أولي بالمال من الميت ، طالما الميت تواري جثمانه الله يغفر له ، الأولاد ، والحالة غلاء ، وغير ذلك وربنا يغفر له ، ويأخذون ماله ويتمتعون بالمال ، ويتركونه يحاسب ، لا ، هو أولي بماله أن يقضي دينه ، ولذلك لابد أن يقضي دين الميت قبل توزيع الميراث حتى ولو أتي الدين علي الميراث كله ، لا يأخذوا فلس واحد حتى يقضي دين الميت . فعبد الله بن الزبير أبي قال: لا أربع سنوات أنا أنادي في الموسم من كان له علي الزبير دين فليأتني ، بعد أربع سنوات وزع الميراث علي أولاد الزبير انظر كل امرأة أخذت ألف ألف ، لذلك البخاري بوب علي هذا الحديث باب بركة الغازي في سبيل الله- عز وجل- . الْزُّبَيْرِ أُوْقِفَ حَيَاتِهِ وَفِرْسِهِ عَلَيَّ رَسُوْلُ الْلَّهِ: الزبير وقف حياته علي النبي عليه الصلاة والسلام ونال هذا الشرف الباذخ قال - صلي الله عليه وسلم-:" لكل نبي حواري وحواريي الزبير " وكان وقف حياته وفرسه علي النبي- عليه الصلاة والسلام - أَسْمَاءُ وَعَمِلَهَا فِيْ خِدْمَةِ زَوْجِهَا الْزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ:حتى أن امرأته أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنهما- كانت هي التي تقوم بخدمة الفرس ، وتقوم بشئون الدار نظرًا لعدم تفرغ الزبير ، وحديثها في صحيح البخاري أيضًا " أن النبي- صلي الله عليه وسلم- أقطع الزبير أرضًا علي بعد ثلثي فرسخ من المدينة ، فكانت أسماء تمشي هذه المسافة لتأتي بالنوى لفرس الزبير ، وكانت تأتي بالنوى وتدقه . حَالٍ نِسَاءْ الْعَصْرِ:النساء اليوم يقولوا: أصل زمان لم يكن لديهم عمل ، لكن نحن الآن لدينا عمل وغير ذلك ، تجد المرأة مشغلة الغسالة الأوتوماتك وبعد ذلك تؤخر الطبخ ، وزوجها يسألها:أين الطبخ ؟ تقول له: أنا طول النهار أغسل وعادي وتطلع أيضًا ظهرها يؤلمها وركبتها تنشر والغسالة شغالة . الْجَهْدَ الَّذِيْ كَانَتْ تَبْذُلُهُ أَسْمَاءَ مَنْ الْعَمَلِ كُلُّ يَوْمٍ :لا ، أسماء تسير ثلثي فرسخ والفرسخ حوالي ستة كيلو ، أي تذهب وتأتي حوالي ثمانية كيلو علي رجلها ، لكي تأتي بالنوى وبعد ما تأتي النوى تدقه لفرس الزبير ، وأنت تعرف الفرس بسم الله ما شاء الله فمه كبير ، لو وضعت له خمس كيلو نوى يأكلهم في مرتين ، يكون دقها للنوى طيلة النهار في أكل الفرس لا يأخذ شيء عندما يأكل هذا النوى ، لدرجه أنها قالت: فأتاني أبي بكر بخادم للفرس فكأنما أعتقني ، أنظر إلي الحمل الذي كان عليها ، فكانت أسماء - رضي الله عنها - تذهب إلي أرض الزبير علي رجلها وترجع أيضًا علي رجلها حاملة النوى . حَرَصَ أَسْمَاءُ عَلَىَ مُرَاعَاةِ غَيْرَةِ زَوْجِهَا :فلقيها النبي- صلي الله عليه وسلم- يومًا وهي عائدة من الأرض ، فأناخ البعير وقال لها: أركبي ورائي ، قالت: ودعاني للركوب خلفه ، وكان معه الصحابة كل واحد راكب ناقته ، أو البعير ، أو الحمار أو الفرس ، قالت: "فذكرت الزبير وغيرته ، فخفضت رأسها واستحيت ، فلما علم النبي- صلي الله عليه وسلم- أنها لا تريد الركوب أنطلق ",فلما رجعت قصت على الزبير ما حدث ، النبي- صلى الله عليه وسلم- دعاني للركوب خلفه فذكرت غيرتك ، فقال لها ": لمشيك أشد عليَّ من ركوبك خلفه ،" ماذا هي تفعل ؟ غيور وهي تمشي ، ولو بيده لا تخرج من البيت ولا تمشي ، وكما قلت رجل وقف حياته على النبي- عليه الصلاة والسلام- ، لكن أنظر أسماء كيف تراعي زوجها ، الصفة التي يكرهها زوجها لا تفعلها ، المرأة الصالحة تراقب عين زوجها وأنفه ، فلا يقع بصر زوجها على قبيح ولا يشم منها إلا أطيب ريح . الْبِرْكَةِ فِيْ الْمَالِ مِنَ الْلَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-:القصد أن الزبير بن العوام لم يكن له هم إلا أن ينصر الله ورسوله ، لذلك بورك له في المال ، أنت لما تأتي وتحسب أحد عشر دارًا بالمدينة وداران بالبصرة ، ودارًا بالكوفة ، ودارَا بمصر ، وقطعة أرض ، يقضي دين اثنين مليون ومائتي ألف ، وكل امرأة تأخذ مليون ومائتين ألف من الأربعة ، هذا بخلاف بقية الورثة ، هذه هي البركة . قطرة من فيض جودك تملأ الأرض ريا | ونظرة بعين رضاك تجعل الكافر وليا |
يتبع إن شاء الله. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الحلقة الثالثة عشرة من مدرسة الحياة الجمعة 13 مايو 2011, 12:10 am | |
| إذا بارك الله- عز وجل- كما ورد في بعض الأخبار والإسرائيليات " أنا الله إذا باركت فليس لبركتي منتهي وإذا لعنت بلغت لعنتي السابع من الولد " أما عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: فكان أحد الأغنياء المعدودين وهذا كله بالبركة أن الله بارك له هجرة عبد الرحمن بن عوف: هاجر عبد الرحمن من مكة إلى المدينة ، وما هاجر رجل فأخذ معه مال ، كان يخرج متخفف حتى ولو له مال ماذا يفعل به ؟ لو له أرض لا يعرف أن يبيعها لأن لمن سيبيعها للمشركين ؟ المشركون أول ما يعرف أنه أسلم كانوا يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب ، وإذا قدر وواحد معه مال سائل أو شيء كانوا يأخذونه منه . تَرَكَ صُهَيْبٍ الْرُّوْمِيِّ الْمَالِ مِنْ أَجْلِ هِجْرَتُهُ:كما حدث لصهيب الرومي - رضي الله عنه - أراد أن يهاجر قال أهاجر بالليل ، واحد نمَّ عليه ، قال للجماعة القرشيين هذا هربان ومعه فلوس فانطلقوا ورائه بالخيل حتى لحقوه في مرحلة من الطريق ، واستوقفوه قالوا: أتيتنا صعلوكًا لا مال لك وتريد أن ترحل بالمال ؟ لا ، قال لهم: أن تركت لكم المال تخلون بيني وبين وجهي ؟ أنا أريد أن أذهب إلي المدينة أعطيكم الفلوس وتتركوني ؟ قالوا : نعم ، قال لهم: المال في مكان كذا وكذا أذهبوا وخذوه ،، فعندما ذهب إلي النبي- صلي الله عليه وسلم- وقص عليه ما جري ، قال له:" ربح البيع يا أبا يحي " ولم يكن له ولد آنذاك ربح البيع يا أبا يحي ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ﴾(التوبة:111) فلم يكونوا يجعلوا أحدًا يخرج بالفلوس ، وتركوا ديارهم وأموالهم . مُكَافَأَةٍ الْلَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ- لَلْمُهَاجِرِيْنَ: لأجل هذا كافئهم الله- عز وجل- بأن أحل لهم الغنائم في بدر وما حَلَت لأحد قبلهم قط في الدنيا كلها قال النبي- صلي الله عليه وسلم-: " لن تحل الغنائم لسود الرؤوس غيركم " وقال- عليه الصلاة والسلام- في سبب إحلال الغنائم قال: " لما رأي الله عجزنا وضعفنا أباحها لنا " ، كافئهم عن الأموال التي تركوها في ديارهم بأن أباح لهم الغنائم ، والحمد لله زادت الغنائم حتى الآن مباحة للمسلمين إذا قاتلوا عدوهم فغنموا . كَرَمِ الْأَنْصَارِ لَلْمُهَاجِرِيْنَ :عبد الرحمن دخل المدينة فقيرًا فأخا النبي- صلي الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار ، فوقعت المؤاخاة بين عبد الرحمن وسعد بن الربيع كما في صحيح البخاري ، وقد روي البخاري هذا الحديث في أكثر من عشرة مواضع من صحيحه ، فسعد بن الربيع أول ما آخي الرسول- صلي الله عليه وسلم- بين عبد الرحمن وبين سعد ، قال له سعد: أنا أكثر الأنصار مالًا خذ شطر مالي ، وعندي زوجتان أنظر أعجبها إليك أطلقها ثم تتزوجها ، وهذه مسألة غريبة جدًا عند العرب ، العرب قوم غيورين كافر وغيور . الْأَجَانِبِ بِخِلَافِ الْعَرَبِ لَا يَغَارُوْنَ عَلَىَ أَعْرَاضِهِمْ:بخلاف الدياييس وهم الأجانب ، ديوس يتبادل المرأة يعطي زوجته عن طيب خاطر لواحد آخر ويأخذ زوجة الرجل الثاني وغير ذلك ، حتى أن فيه واحد أديب مشهور عندنا سنة حوالي ثلاثة وثمانين وكان عمره ثلاثة وثمانين سنة عندما ذهب إلي فرنسا في رحلة ورجع فقالوا له: ما أكثر شيء عجبك في فرنسا ؟ قال لهم الزواج الجماعي . أَمْثِلَةِ لْغَيْرَةِ الْعُرْبِ عَلَىَ أَعْرَاضِهِمْ:فالعرب كانوا قومًا غيورين علي العرض ، ولعل مر بنا كلام سعد بن عباده ، عندما جاء هلال بن أمية الواقفي وقال: يا رسول الله وجدت رجلاً مع امرأتي ولم تكن نزلت آيات الملاعنة بين الرجل وامرأته فقال النبي- صلي الله عليه وسلم-:" يا هلال أربعة شهداء أو حد في ظهرك " ، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله . أدع لكاعًا معها ولا أهيجه ؟ أول ما أجده معها وأذهب للطريق أقول لهم تعالوا أربعة لكي نلحق به وتشهدوا عليه ." أدع لكاعًا معها وألتمس له أربعة شهداء والله ما أعطيه إلا السيف ، فقال النبي- صلي الله عليه وسلم-:" فانظروا ماذا يقول سيدكم ؟ "_ كيف ؟ لأنه يخالف الآية _فقالوا يا رسول الله: إنه غيور والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرًا وما طلق امرأة فجرأ أحدنا أن يتزوجها بعده ،" الذي يطلقها سعد بن عبادة تظل طول عمرها بلا زوج لأنه غيور ، لا يتحمل أن هذه كانت في يوم من الأيام امرأته وبعد ذلك أصبحت امرأة شخص آخر ، فقال النبي- صلي الله عليه وسلم-:" إن سعدًا يغار ، وأنا أغير من سعد ، والله أغير مني ، ولذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ". مسألة الغيرة عند العرب هذه كانت مسألة كبيرة ، فكيف السماحة وصلت إلي درجة أن يقول: أنظر أعجبهما إليك ،قال عبد الرحمن المُملِق الذي ليس عنده فلس:" بارك الله لك في اهلك ومالك ولكن دلني علي السوق.أنظر إلي الناس الذي لديهم عزة نفس ، أنا أستغرب علي الشباب الذي بعد أن تخرج يجلس من غير عمل ويقول: أصل لا يوجد عمل يناسبني ، ويرضي أن يمد يده ويأخذ المال سواء من أبيه ، أو من أخيه ، أو من عمه ، أو من خاله أو يتلقي زكاة من الزكوات وهو قادر علي أن يعمل وأن يحفظ ماء وجهه ,لكن هذه هي إشكال تربية المجتمع الزراعي ، المجتمع الصناعي يقلب علي الفور لا يوجد شيء غالي عند واحد في المجتمع الصناعي ، إنما المجتمع الزراعي مختلف .وأنا مرة كنت في سفر معين فنزلت انتظار في سويسرا ، وجالس انتظر أن الرحلة التي ستذهب إلي البلد كنت ذاهب إليها وهي أسبانيا وقتها ، فكنت منتظر الطائرة حتى نأخذ أربع أو خمس ساعات في المطار ، فجلست أراقب الناس التي تمشي ، فوجدت رجل وزوجته طبعًا كل واحد يحمل متاعه في مخلة مثل مخلة الجيش علي كتفيه، وولد ابنهم الصغير مثلهم بالضبط يحمل مخلة مثلهم وكانوا يتجولون في المطار يذهبون ويعودون كأن المخلة كانت ثقيلة علي الولد قليلاً ، صار الولد يصرخ وأنا فهمت من الحركات أنه يقول أنها ثقيلة عليه خذوها مني ، لا الأب نظر إليه ولا الأم نظرت إليه ، فخلع الولد هذه المخلة ورماها وأخذ يتمرغ في الأرض ، تركوه هم سيعودن إليه ، والولد بعد أن تمرغ علي الأرض قعد ووضع يده على خده ثم قام يجرى وحمل المخلة وانطلق ورائهم ,نحن إذا حدث هذا عندنا نقول له ما بك يا حبيبي ، ثقيلة عليك هات هذه نحملها عنك أن أحمل المخلتين وأنت امشي فارغ ، ليس في هذا مشكلة ن لا ، هذا أثر التربية في المجتمع الزراعي . مَا الْمُرَادُ بِتَرْبِيَةِ الْمُجْتَمَعِ الْزِّرَاعِيِّ هَذِهِ ؟ المزارع أو الفلاح يرمي البذرة في الأرض وينتظر البذرة لما تطلع ، طلعت بورقتين يبدأ يتخلص من الحشائش والنجيل وغير ذلك ، ثم بعد أن تكبر قليلاً يرويها في مواعيد معلومة وينتظر ، ثم يبدأ يضع لها كيماويات ومبيدات ، أي فيه شيء من التواكل ، وتجد الواحد حتى منا يقول له والده أنت أثناء الدراسة لا علاقة لك بالعمل ، أنت عليك أن تذاكر وتتفوق وأنا أصرف عليك ، يطلع الولد في الدراسة يذاكر وفي الأجازة يقول أتركه أصله متعب طوال العام ,وطبعاً لم يتعب ولا يحزنون ، كلهم يلعبون ، ولا أحد يذاكر ولا حاجة ، فيكون الولد في المدرسة يذاكر أو في الجامعة وفي الأجازة يجلس في البيت لا يعمل ، وبعد أن ينتهي من الجامعة لا يحسن شيئًا ، أبوه كل مدة يقول له: اذهب وابحث عن عمل ، وهو لا يعرف حاجة ، لم يتعلم شيئًا ، لما بسبب أنه منتظر ، كما ترمي البذرة في الأرض وتنتظر لما تخرج الورقتين ، هو منتظر لما تأتي له الوظيفة ، ولابد أن تأتي له وظيفة معقولة تناسب الطموح الذي عنده والدراسة الذي عنده والليسانس أو البكالوريوس ، ومتواكل على هذه المسألة ,فهذه لها تأثير ، تربية المجتمع عمومًا هي تربية خاطئة ، جعلت الشباب كله متواكل لا يريد أن يعمل ، أنا فاكر قديمًا وأنا في الصف الأول الثانوي كان عندنا في بيتنا بيتان وباب وسط ، البيت الذي نعيش فيه ، وباب الوسط يذهب بك على بيت الدجاج والبهائم أي الحظيرة ، وكانوا وهم يعملون الباب الظاهر لم يجدوا حاجة معينة ، فبدل من أن يضعوا ترباس لغلق الباب أحضروا خشبة لغلق الباب .أنا في يوم من الأيام الباب انفتح ودخل علينا الدجاج فأنا قمت لأجمعهم وأدخلتهم إلى الداخل وبحثت عن الخشية لأغلق الباب فلم أجدها بماذا أغلق الباب ، وصعدت على السطح ولم يكن فيه أسطح خراسانية أو غير ذلك ، لا البيت بالطوب اللبني وفوقها القش الذي كان يعتبر وقود للفرن وغير ذلك ، وتجد ثلاثة أمتار من القش فوق السطح وهذا القش يكون فيه الخشب وفوارغ الذرة بعد أن نزعنا منه الحب وأظل أبحث داخل القش وذلك لكي أجد ما أغلق به الباب ، فربما أظل أبحث ثلاث ساعات حتى أجد الخشبة أو غير ذلك .مع أنه كان بإمكاني أن أحضر مسمار واثنيه وأعمله ترباس ، لا ، لم تخطر على عقلي ، أنا أريد خشبة أي خشبة ، وهذا نوع من تربية المجتمع الزراعي لم أتعود أن أعمل رأسي ، طلعت ووجدتها هكذا ، فهي هكذا ، وأنا أقول للشباب أنت عندك أكبر استثمار وهي صحتك ، أخرج واعمل أي عمل ليس عيب أنك تعمل أي عمل ، لابد أن تعف نفسك لتكون ذا مروءة لأن مد اليد سيء ، يجعلك سميك الوجه ، وليس عندك مروءة مع طول الزمان .عبد الرحمن بن عوف يقول له: يعرض عليه نصف المال أكثر أهل المدينة مالاً كان سعد بن الربيع ويزوجه بدون مال ، فقال له: بارك الله لك في أهلك ومالك دلني على السوق ، انطلق عبد الرحمن- رضي اله عنه- يتاجر في السوق بقدر ما أعجبني بذل سعد وسماحة نفسه أعجبني نبل عبد الرحمن وأنه لم يأخذ شيئًا من مال أخيه .بعد عدة أيام الرسول- عليه الصلاة والسلام- وجد عليه صفرة ، وهذه الصفرة تكون على العروس ، فلما لقيه في بعض الطرق قال:" مهيم يا عبد الرحمن " _، ما هي الحكاية ؟ قال: تزوجت ، بعد أيام قليلة تزوج _ قال: بكم أصدقتها ؟ قال بنواة من ذهب ، قال له: بارك الله لك أولم ولو بشاة " وكان عبد الرحمن لو تاجر في التراب لربح ، حمل حفنة تراب من على الأرض وتاجر فيها لربح ، وغنى عبد الرحمن معروف ، ولما مات كان له زوجات كل زوجة أخذت الثمن ، ثمن المرأة مائة ألف ، يوم مات خلف ألف بعير وثلاثة ألاف شاة ومائة فرس وعشرين ناضحاً كان يزرع بها أرضًا في الجرف ، مكان اسمه الجرف على بعد أميال من المدينة . عَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمْ الْحُسْنَىَ:سبقت له الحسنى حديث صحيح رواه يعقوب بن سفيان الفسوى في تاريخه والحاكم في المستدرك ، أن عبد الرحمن بن عوف غشيَّ عليه حتى ظنوا أنه مات ، وانطلقت زوجته أم كلثوم بنت عقبة إلى المسجد لكي تجد أحد يسمعها كلمتين في الصبر على فقد الزوج ، وبعد مدة أفاق عبد الرحمن . أول كلمة نطقها بعد ما أفاق كبر ، فلما كبر ، كبر بتكبيره أهل البيت ، لم كانوا يعتقدون أنه مات ، فقال لهم غُشيَّ عليَّ ؟ قالوا نعم ، قال: رأيت أن رجلين أخذاني وفي احدهما غلظة وفظاظة ، فقالا لي: تعالي نحاكمك إلى العزيز العليم فاعترضهما رجل ، فال لهما إن هذا ممن كتب الله له السعادة وهو في بطن أمه وسيمتع به بنوه إلى ما شاء الله ، فعاش بعد هذا شهرًا .مات عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه- سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان عن خمس وسبعين سنة . حَدِيْثٍ عَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَبْوا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ:أما الحديث الذي له طرق أن عبد الرحمن - رضي الله عنه- يدخل الجنة حبوًا بسبب غناه فكل الطرق لهذا الحديث لا تصح وهو حديث منكر ، وفي بعض طرق الحديث أن النبي- صلى الله عليه وسلم- ظل ينتظر عبد الرحمن وهذا الكلام في الآخرة بعد ما يدخل الجنة ، حتى يأس أن يراه ، فلما جاء عبد الرحمن قال له النبي- صلي الله عليه وسلم- ما ظننت أني أراك ، قال يا رسول الله من شدة الحساب ,ولكن كما قلت لكم هذا الحديث حديث منكر لا يصح . انتهي الدرس الثالث عشر. |
|