منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers (إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..) |
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)
(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
|
|
| سورة آل عمران الآيات من 046-050 | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة آل عمران الآيات من 046-050 الأحد 21 أبريل 2019, 8:33 am | |
| وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ [٤٦] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
الكلام: معناه اللفظ الذي ينقل فكر الناطق إلى السامع، وقول الحق: {وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ} [آل عمران: 46]، معناه أن المواجه لعيسى عليه السلام في المهد هم الناس و"المهد" هو ما أعد كفراش للوليد.
ولقد أورد الحق "المهد وكهلاً" رمزية لشيء، وهي أن عيسى ابن مريم من الأغيار، يطرأ عليه مرة أن يكون في المهد، ويطرأ عليه مرة أخرى أن يكون كهلاً، وما دام في عالم الأغيار فلا يصح أن يفتتن به أحد ليقول إنه "إله" أو "ابن إله”.
ونفهم أيضاً من {وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ} [آل عمران: 46] سر وجود آية المعجزة التي وهبها له الله وهو طفل في المهد.
لأن المسألة تعلقت بعِرض أمه وكرامتها وعفتها، فكان من الواجب أن تأتي آية لتمحو عجباً من الناس حين يرونها تلد بدون أب لهذا الوليد أو زواج لها.
وهذه المسألة لم نجد لها وجوداً.
مع أنها مسألة كان يجب أن تقال لأنهم يمجدون نبيهم، وكان من الواجب ألا يغفلوا عن هذه العجيبة، إن كلام طفل في المهد لما كان أمراً عجيبا كان لابد أنّه سيكون محل حفظ وتداول بين الناس، ولن يكتفي الناس برواية واقعة كلامه في المهد فقط، بل سيحفظون ما قاله، ويرددون قوله.
والكلمة التي قالها عيسى عليه السلام في المهد لا تسعف من يصف عيسى عليه السلام بوصف يناقض بشريته؛ لأن الكلمة التي نطق بها أول ما نطق: إني عبد الله، فأخفوا هم هذه المسألة كلها لأن هذه الكلمة تنقض القضية التي يريدون أن يضعوا فيها عيسى عليه السلام، إن الحق يقول: {وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً} [آل عمران: 46].
ونعرف أن الكلام في المهد أي وهو طفل و"كهلاً" أي بعد الثلاثين من العمر, أي في العقد الرابع.
والبعض قد قال: إن الكهولة بعد الأربعين من العمر.
وهو قد حدثت له في رواياتهم حكاية الصلب قبل أن يكون كهلاً، فإذا كان قد تكلم في المهد فيبقى أن يتكلم وهو كهل، وقالوا إن حادثة الصلب أو عدم الصلب، أو الاختفاء عن حس البشر قد حدثت قبل أن يكون كهلاً، إذن فلابد أن يأتي وقت يتكلم فيه عيسى بن مريم عندما يصير كهلاً، وأيضاً قوله الحق: {وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً} [آل عمران: 46] أي أنه تكلم في المهد طفلاً ويتكلم كهلاً، أي ناضج التكوين، وبذلك نعرف أن عيسى بن مريم فيه أغيار وفيه أحوال، فإذا كنتم تقولون إنه إله فهل الألوهية في المهد هي الألوهية في الكهولة؟
إن كانت الألوهية في المهد فقط فهي ناقصة لأنه لم يستمر في المهد، وحدثت له أغيار، وما دام قد حدثت له أغيار فهو محدث، وما دام محدثاً فلا يكون إلهاً، وبعد ذلك يقول الحق عن عيسى ابن مريم: {وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ} [آل عمران: 46] ما حكايتها؟
إن العجيبة التي قال عنها الله: إنه يكلم الناس في المهد لم تكن باختياره، وكلامه وهو كهل سيكون بالوحي، أي ليس له اختيار فيه أيضاً، {وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ} [آل عمران: 46] مقصود بها عمله، أي الحركة السلوكية.
لماذا؟
لأنه لا يكفي أن يكون مبلغاً، ولا يكفي أن يكون حامل آية، بل لابد أن يؤدي السلوك الإيماني.
ويقول الحق على لسان مريم البتول: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ...}. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 046-050 الأحد 21 أبريل 2019, 8:45 am | |
| قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [٤٧] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
ونريد أن نقف وقفة ذهنية تدبرية عند قولها: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47] فلو أنها سكتت عند قولها: {أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ} [آل عمران: 47] لكان أمراً معقولاً في تساؤلها، ولكن إضافتها {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47] تثير سؤالاً، من أين أتت بهذا القول {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47]؟
هل قال لها أحد: إنك ستلدين ولداً من غير أب؟
إن الملائكة لم تخبرها بذلك، لذلك انصرف ذهنها إلى مسألة المس.
إنها فطرة وفطنة المهيأة والمعدة للتلقي عن الله، عندما قال لها: "المسيح عيسى ابن مريم”.
قالت لنفسها: إن نسبته بأمر الله هي لي، فلا أب له، لقد قال الحق: إنه "ابن مريم" ولذلك جاء قولها: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47] ذلك أنه لا يمكن أن ينسب الطفل للأم مع وجود الأب.
هكذا نرى فطنة التلقي عن الله في مريم البتول.
لقد مر بها خوف عندما عرفت أن عيسى منسوب إليها وقالت لنفسها، إن الحمل بعيسى لن يكون بوساطة أب، وكيف يكون الحمل دون أن يمسسني بشر.
وقال الخالق الأكرم: "كذلك" أي لن يمسك بشر، ولم يقل لها: لقد نسبناه لك لأنك منذورة لخدمة البيت، ولكن الحق قال: "كذلك" تأكيداً لما فهمته عن إنجاب عيسى دون أن يمسسها بشر.
وتتجلى طلاقة القدرة في قوله سبحانه: {ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ} [آل عمران: 47].
إنها طلاقة القدرة، وطلاقة القدرة في الإنسال أو الإنجاب أو في عدم التكثير بالنسبة للإنسان, وطلاقة القدرة لا تتوقف على إيجاد ذكورة وأنوثة، ولو كانت طلاقة القدرة متوقفة على إيجاد ذكورة وأنوثة فكيف خلق آدم أول الخلق؟
إن طلاقة القدرة في الخلق لا تتوقف على إيجاد ذكورة وأنوثة، إنه الحق الأعلى القادر على أن يخلق دون ذكورة أو أنوثة، كخلقه لآدم عليه السلام، ويخلق الحق سبحانه بواحد منهما، كخلقه سبحانه لحواء وخلق عيسى عليه السلام، ويخلق الخالق الأعلى بالذكورة والأنوثة، وهذه تتضح في خلق جمهرة الناس، ولا تظنوا أن باجتماع الذكورة والأنوثة يمكن أن يُحقق الخلق، فقد توجد الذكورة والأنوثة ولا يوجد إنجاب، ها هو ذا القول الحق: {لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49-50].
هذه هي إرادة الحق، إذن فلا تقل: إن اكتمال عنصري الذكورة والأنوثة هو الذي يحدث الخلق، لأن الخلق يحدث بإرادة الحق, {كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 47].
فأنتم أيها المحدثون تفعلون بالأسباب.
لكن الذي خلقكم وخلق الأسباب لكم هو الذي بيده أن يوجد بلا أسباب، لأنه أنشأ العالم أول ما أنشأ بدون أسباب.
ويقول الحق سبحانه عن عيسى عليه السلام: {وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ...}. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 046-050 الأحد 21 أبريل 2019, 8:47 am | |
| وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ [٤٨] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وساعة نسمع {وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَابَ} [آل عمران: 48] فنحن نفهم أن المقصود بها الكتاب المنزل، ولكن ما دام الحق قد أتبع ذلك بقوله: {وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ} [آل عمران: 48] فلابد لنا أن نسأل.
إذن ما المقصود بالكتاب؟
هل كان المقصود بذلك الكتاب الكتب المتقدمة، كالزبور، والصحف الأولى، كصحف إبراهيم عليه السلام؟
إن ذلك قد يكون صحيحاً، ومعنى {وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَاب} [آل عمران: 48] أن الحق قد علمه ما نزل قبله من زبور داود، ومن صحف إبراهيم، وبعد ذلك توراة موسى الذي جاء عيسى مكملاً لها.
وبعض العلماء قد قال: أُثِرَ عن عيسى عليه السلام أن تسعة أعشار جمال الخط كان في يده.
وبذلك يمكن أن نفهم {وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَابَ} [آل عمران: 48] أي القدرة على الكتابة.
وما المقصود بقوله: إن عيسى عليه السلام تلقى عن الله بالإضافة إلى {وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَابَ} [آل عمران: 48] أنه تعلم أيضاً {ٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ} [آل عمران: 48] وكلمة الحكمة عادة تأتي بعد كتاب منزل، مثال ذلك قوله الحق: {وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} [الأحزاب: 34].
كتاب الله المقصود هنا هو القرآن الكريم، والحكمة هي كلام الرسول عليه الصلاة والسلام.
فالرسول له كلام يتلقاه ويبلغه، ويعطيه الحق أيضاً أن يقول الحكمة، أما التوراة التي علمها الله لعيسى عليه السلام فقد علمها له الله، لأننا كما نعلم أن مهمة عيسى عليه السلام جاءت لتكمل التوراة، ويكمل ما أنقصه اليهود من التوراة، فالتوراة أصل من أصول التشريع لعصره والمجتمع المبعوث إليه فهو بالنص القرآني: {وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...}. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 046-050 الأحد 21 أبريل 2019, 8:57 am | |
| وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [٤٩] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
إن كلمة رسول تحتاج إلى علامة، فليس لأي أحد أن يقول: "أنا رسول من عند الله" بل لابد أن يقدم بين يدي دعواه معجزة تثبت أنه رسول من الله.
والآية كما نعرف هي الأمر العجيب الذي خرج عن القوانين والنواميس لتثبت صدق الرسول في البلاغ، وما دامت المعجزة خارجة عن نواميس البشر، فالمخالف نقول له: أنت حين تكذب أن حامل المعجزة رسول، فكيف تعلل أنه جاء بمعجزة خرجت عن الناموس؟
إذن، فالمعجزة تلزم المنكر الذي يتحدى وتفحمه، لأنه لا يستطيع أن يأتي بمثلها، ولذلك قلنا: إن من لزوم التحدي ألا يتحدى الله حين يعطي رسولاً معجزة إلا بشيء نبغ فيه القوم المبعوث إليهم ذلك الرسول؛ لأن الحق لو جاء لهم بشيء لم يدرسوه ولم يعرفوه، فالرد منهم يكون للرسول بقولهم: إن هذا أمر لم نروّض أنفسنا ولم ندربها عليه، ولو روّضنا أنفسنا عليه لا ستطعنا أن نفعل مثله، وأنت قد جئت لنا بشيء لم نعود أنفسنا عليه، لذلك يرسل الحق الرسول -أي رسول- بمعجزة من جنس ما ينبغ فيه القوم المرسل إليهم.
مثال ذلك، موسى عليه السلام، أرسله الله إلى قوم كانوا نابغين في السحر، فكانت معجزته تقرب من السحر.
وإياك أن تقول إن معجزة موسى كانت سحراً؛ لأن موسى عليه السلام لم ينزل بسحر ولكن بمعجزة.
كانوا هم يخيلون للناس أشياء ليست واقعاً لذلك تجد القرآن يعطيك الفارق بين ما يكون عليه ما يأتي به الله على يد رسول من الرسل من معجزة وسحر القوم، فيقول القرآن: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ * قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ} [طه: 17-20].
كأن الحق يقول لموسى عليه السلام: إن حدود علمك بما في يدك أنها عصا تتوكأ عليها وتهش بها على غنمك، أما علمي أنا فهو علم آخر.
لذلك يأمره أن يلقى العصا، فلما ألقاها وجدها حية تسعى، فأوجس في نفسه خيفة.
إن "أوجس في نفسه خيفة" هي التي فرَّقت بين سحر القوم ومعجزة موسى عليه السلام.
لماذا؟
لأن الساحر يلقى العصا فيراها الناس حيَّة وهو يراها عصا لأنّ الساحر لو رآها حية لخاف مثل الناس، لقد خاف موسى عليه السلام لأنها تغيَّرت وصارت حيَّة فعلاً، ولذلك قال له الله: {قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ} [طه: 21].
فلو كانت من جنس السحر لما أوجس في نفسه خيفة لأنه سوف يراها عصا وإن رآها غيره حية، وهذا هو الفارق.
وقوم عيسى أيضاً كانوا مشهورين بالحكمة والطب، إذن فستجيء الآيات من جنس الحكمة والطب، ثم تتسامى المعجزة، لأن الذي يطبب جسماً ويداويه لا يستطيع أن يعيد الميت إلى الحياة، لأن الإنسان إذا ما مات فقد خرج الميت عن دائرة علاج الطبيب.
ولذلك رقّى الله آية عيسى، إنه يشفي المرضى، ويحيى الموتى أيضاً، وهذا تَرَقٍ في الإعجاز.
قال عيسى: {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ} [آل عمران: 49].
إن كلمة "أخلق" تحتاج إلى وقفة وكذلك "الطين" و"الهيئة" و"الطير”.
"أخلق" مأخوذة من الخلق، والخلق هو إيجاد شيء على تقدير، فأنت تتخيله وتقدره في ذهنك أولاً ثم تأتي به على هذه الحالة.
فإن كان قد أتى على غير تقديرك فليس خلقاً، إنما هو شيء جزافى جاء على غير علم وتقدير، وإنّ من يأخذ قطعة من الطين ويصنع منها أي شيء فهذا ليس خلقاً.
إن الخلق هو المطلوب على تقدير.
مثال ذلك الكوب أو الكأس البلور الذي نشرب فيه حينما صنعه الصانع.
هل كانت هناك شجرة تخرج أكواباً، أم أن الصانع أخذ الرمال وصهرها ووضع عليها مواد كيماوية تخليها من الشوائب، ثم قام بتشكيلها على هيئة الكوب؟
إذن فالكوب لم تكن موجودة، ووجدت على تقدير أن تكون شكل الكوب، فهي خلق أُوجد على تقدير.
فماذا عن خلق الله؟
إنه يخلق على تقدير، وفرق بين صنعة البشر حين يخلق، وبين صنعة الله حين يخلق.
إن صنعة البشر حين تخلق، إنما تخلق من موجود، وحين يخلق الله فهو يخلق من معدوم، وهذا هو أول فرق، إنه سبحانه يخلق من عدم، أما الإنسان فيضع الأشياء بنظام يحدث فيها تفاعلات أرادها الله فتوجد، فلا يوجد من يستطيع -على سبيل المثال- من يصنع كوباً من غير المادة التي خلقها الله.
إن هذا أول فرق بين خلق الله، وخلق الإنسان، فخلق الله يكون من عدم، وخلق الإنسان من موجود، وإن كان الإثنان على تقدير.
وأيضاً يعطي الله لخلقه سراً لا يستطيع البشر إعطاءه لصنعته، فالله يعطيه سر الحياة, والحياة فيها نمو، وفيها تكاثر، لكن البشر يصنعون الكوب مثلاً، فتظل كوباً، ولا يوجد تكاثر بين كوب ذكر وكوب أنثى.
إن الإنسان يوجد صنعته فتظل على حالتها، ولا يستطيع أن يصنعها صغيرة ثم تكبر، لكن صنعة الله هي صنعة القادر الذي يهب الحياة، فتكبر مخلوقاته وتتطور وتمر بمراحل، وتعطي مثلها.
إذن، فالخلق إيجاد على تقدير، هذا الإيجاد يوجد معدوماً، والمعدوم موجودة مادته، هذا في خلق الإنسان، أما في خلق الله، فالله يخلق من معدوم لا توجد له مادة.
والله يخلق من الشيء ذكراً وأنثى ويعطيهما القدرة على التناسل، فها هو ذا قول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12-14].
ولم يمنع الحق خَلْقَه أن يخلقوا أشياء، ولكن خلق الله أحسن،
لماذا؟
لأنه يخلق من عدم، والبشر يخلقون من موجود.
وهو الحق يخلق ويوجد في مخلوقاته حياة وتكاثر، والبشر يخلقون بلا نمو ولا حياة، إنه الحق أحسن الخالقين، إذن قول عيسى عليه السلام: {أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ "ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ} [آل عمران: 49].
يعني أن كل إنسان يستطيع أن يصنع تمثالاً كهيئة الطير.
لكن الله أوجد معجزة عيسى وجعله يخلق من الطين كهيئة الطير، وينفخ فيه، وقد تسأل، في ماذا ينفخ؟
أينفخ في الطير، أم في الطين، أم في الهيئة؟
إن قلنا: أن النفخ في الطين بعد ما صار طيراً.
يكون النفخ في الطين، كالنفخ في الطير، وجاءت في آية أخرى أنها نفخ في الهيئة.
{إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي} [المائدة: 110].
إن "النفخ فيه"، تكون للطين أو الطير.
و"النفخ فيها" تكون للهيئة، وهناك آية بالنسبة للسيدة مريم البتول: {وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ} [التحريم: 12].
إن النفخ هنا في الفرج، وآية أخرى بالنسبة للسيدة مريم البتول: {وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 91].
مرة يقول: "نفخنا فيه" أي في الفرج، ومرة يقول: "نفخنا فيها" أي فيها هي، والقولان متساويان، وهنا في هذه الآية، نجد أن الإعجاز ليس في أن عيسى صنع من الطين كهيئة الطير، لأن أي إنسان يستطيع أن يفعل ذلك، فكأنه حينما قال: {أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ} [آل عمران: 49].
كأنه صار طيراً من النفخة، أما عن أمر صناعة طير من الطين فأي إنسان يمكن أن يفعلها، لكن عيسى عليه السلام يفعل ذلك بإذن الله، ولابد أن يجيء الأمر مختلفاً، و"بإذن الله" هنا تضم صناعة الطير، والنفخ فيه.
إن عيسى لم يكن ليجترئ ويصنع ذلك كله إلا بإذن الله، وجاءت كلمة "بإذن الله" من عيسى وعلى لسانه كاعتراف منه بأن ذلك ليس من صناعته، وكأنه يقول لقومه: إن كنتم فتنتم بهذه.
فكان يجب أن تفتنوا بإبراهيم من باب أولى، حينما قطَّع الطير وجعل على كل جبل جزءا منهن ثم دعاهن.
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 260].
إذن كان من الأولى الفتنة بما أعطاه الله إبراهيم عليه السلام من معجزة، فإن كانت الفتنة من ناحية الإحياء لكان ما صنعه إبراهيم عليه السلام أولى بها، وإن كانت الفتنة من ناحية أنه جاء إلى الدنيا بدون أب لكانت الفتنة أكثر في خلق آدم، لأن الله خلقه بلا أب أو أم.
إذن فالفتنة لا أصل لها, ولا منطق يبررها.
ويتابع الحق سبحانه على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام {وَأُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وٱلأَبْرَصَ وَأُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ} [آل عمران: 49].
لماذا تعرض عيسى ابن مريم لهذين المرضين؟
لأنها كانت الأمراض المستعصية في ذلك العصر، والأكمه هو الذي ولد أعمى, أي لم يحدث له العمى من بعد ميلاده.
والبرص، هو ابيضاض بقعة في الجلد وإن كان صاحبها آدم أو أسود.
وبعد ذلك تنتشر بقع متناثرة في كافة الجسم بلون أبيض، مما يدل على أن لون الجلد له كيماويات في الجسم تغذي هذا اللون، فإن مُنعت الكيماويات في الجسم صار أبرص.
وتبين صدق هذا في أن العلم المعاصر قد عرف أن الملونات للجلد هي غدد خاصة توجد في الجسم، واسمها الغدد الملونة، فإن امتنعت الغدد الملونة من إعطاء الألوان، جاء البرص والعياذ بالله.
وهو مرض صعب، لم يكن باستطاعتهم أن يداووه، فعندما جاء عيسى ابن مريم أعطاه الله الآية من جنس ما نبغوا فيه وهو الطب.
وجاء لهم بآية هي إبراء ما كانوا عاجزين عنه.
وبعض القوم الذين يحاولون أن يقربوا بين المعجزة وعقول الناس.
يقولون: إن هذه المعجزات إنما هي سبق زمني، بمعنى أنه من الممكن أن يتوصل الإنسان إلى أن يكتشف علاجاً لهذه الأمراض، لكن لهؤلاء نقول: لا، إن المعجزة تظل معجزة إلى أن تقوم الساعة.
كيف؟
لنأخذ مثالاً من طب العيون، عندما قالوا إن هناك علاجاً للعمى.
"سنقوم بتركيب قرنية" أو أن نأخذ مثالاً من طب الجلد لو قالوا: "سنداوي البرص" واكتشفوا ألوانا مختلفة من العلاج تحاول أن تجعل الجلد على لون واحد، لكنه لا يستعيد لونه الأصلي.
ولذلك قال البعض: "إن معجزة عيسى كانت مجرد سبق زمني”.
لهؤلاء نقول: لا، لنأخذ كل أمر بأداوته.
إن عيسى بن مريم عليه السلام كان يبرئ بالكلمة والدعوة ومهما تقدم العلم فلن يستطيع العلم أن يبرئ المرض بالكلمة والدعوة، إنما سيأخذون أشياء ويقومون بتحليل تلك الأشياء، وخلط الكيماويات وإجراء الجراحات، لذلك تظل المعجزة التي جاء بها عيسى ابن مريم عليه السلام معجزة؛ لأنه كان يبرئ بالكلمة والدعوة.
ويضيف الحق على لسان عيسى ابن مريم: {وَأُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ} [آل عمران: 49].
ومسألة إحياء الموتى لم يأخذها عيسى هكذا على إطلاقها فيحيي كل ميت، إنما قام بها وفي وحدات تثبت صدق الآية ولا تعمم مدلول المعجزة كسام بن نوح مثلاً، و"عازر" إنها أشياء لمجرد إثبات المعجزة، ولكنها ليست مطلقة، ذلك أنه نبي ورسول من الله فلا يمكن أن يصادم قدر الله في الآجال.
ولذلك قالوا إنه عندما أحيا سام بن نوح، أحياه حتى نطق بكلمة، ثم عاد سام إلى الموت من بعد ذلك ويضيف الحق على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ..} [آل عمران: 49].
لماذا؟
لأن كل إنسان يعلم جزئية من أحداثه الحياتية الخاصة، يكون هذا العلم خاصاً به، وكل إنسان -مثلاً- يأكل طعامه بألوان مختلفة يعرفها هو، ولا يعرفها الآخرون.
إن الأمر الأول كخلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، هي أمور عامة للكل.
أما الإنباء بألوان الطعام التي يأكلها كل إنسان فهي خاصية أحداث، لأن كل واحد يأكل أكلاً معيناً فيقول له عيسى ابن مريم ماذا أكل.
وليس من المعقول أن يكون عيسى ابن مريم قد دخل كل بيت أو جاءت له أخبار عن كل بيت.
وكذلك أمر الادخار.
وذلك حتى تنتفي شبهة أنه كان يشم رائحة الإنسان فيعرف لون الطعام الذي يأكله، لذلك كان الإخبار بما يدخر كل واحد في بيته، فهذه مسألة توضح بالجلاء التام أنها آية من إخبار من يعلم مغيبات الأمور.
{إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 49].
إن هذه آية عجيبة تثبت أن هناك قوة أعلى قاهرة هي قوة الله الحق هي التي تعطيه هذه الأشياء، فإن كنتم مؤمنين بوجود قوة أعلى فعليكم تصديق الرسالة التي جاء بها عيسى ابن مريم، لأن معنى (رسول) أنه مخلوق اصطفاه الله وأرسله سبحانه إلى الأدنى منه، فالذي يؤمن بالآية هو الذي يؤمن بوجود إله أعلى قادر ومن يريد أن يتثبت -مع إيمانه بالله- من الآية التي بعثها الله مع عيسى ابن مريم، فالآية واضحة.
أما غير المؤمن بالله فلن تفيده الآية في الإيمان.
ويقول الحق متابعاً على لسان عيسى ابن مريم: {وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ...}. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 046-050 الأحد 21 أبريل 2019, 9:11 am | |
| وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ [٥٠] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وقد قلنا: إن "مصدقاً" تعني أن ما جاء به عيسى بن مريم مطابق لما جاء في التوراة. وقلنا: إن "ما بين يدي" الإنسان هو الذي سبقه، أي الذي جاء من قبله وصار أمامه. وما دام عيسى ابن مريم جاء مصدقاً لما بين يديه من التوراة في زمانه، وكانت التوراة موجودة، فلماذا جاءت رسالته إذن؟
لكن القول الحق يتضمن هذا المعنى: إن عيسى سيأتي بأحكام جديدة، ويتضح ذلك في قوله الحق سبحانه على لسان عبده عيسى ابن مريم: {وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50] إذن فليس المهم هو التصديق فقط، ذلك أن عيسى جاء ليحل بعضاً من الذي حرمته التوراة.
وقد يقول قائل: إذا كانت الكتب السماوية تأتي مصدقة بعضها بعضاً فما فائدة توالي نزول الكتب السماوية؟
والإجابة هي: أن فائدة الكتب السماوية اللاحقة أنها تذكر من سها عن الكتب السابقة، هذا في المرتبة الأولى، وثانياً: تأتي الكتب السماوية بأشياء، وأحكام تناسب التوقيتات الزمنية التي تنزل فيها هذه الكتب.
هذه هي فوائد الكتب السماوية التي توالت نزولاً من الحق على رسله، إنها تذكر من عقل وتُعَدلّ في بعض الأحكام.
ومن الطبيعي أننا جميعاً نفهم أن العقائد لا تبديل فيها، وكذلك الأخبار والقصص، لكن التبديل يشمل بعضاً من الأحكام.
ولهذا جاء القول الحق على لسان عبده عيسى ابن مريم: {وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50] ونحن نعرف أن القوم الذي أرسل الله عيسى ابن مريم لهم هم بنو إسرائيل، والتحريم والتحليل يكون بحكمة من الله.
إن لله حكمة فيما يحلل وحكمة فيما يحرم، إنما إياك أن تفهم أن كل شيء يحرمه الله يكون ضاراً؛ قد يحرم الله أشياء لتأديب الخلق، فيأمر بالتحريم، ولا يصح أن تسأل عن الضرر فيها، وقد يعيش المؤمن دنياه ولم يثبت له ضرر بعض ما حرم الله.
فإن تساءل أحد: لماذا حرم الله ذلك؟
نقول له: من الذي قال لك إن الله حين يحرم فهو يحرم الشيء الضار فقط؟
إنه الحق سبحانه يحرم الضار, ويحرم بعضاً مما هو غير ضار، ولذلك قال الحق: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً} [النساء: 160].
وتفصيل ذلك في آية أخرى: {وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146].
إذن التحريم ليس ضرورياً أن يكون لما فيه الضرر، ولهذا جاء قول الحق على لسان عبده ورسوله إلى بني إسرائيل عيسى بن مريم: {وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50] لقد جاء عيسى ابن مريم ليُحل لهم بأمر من الله ما كان قد حرمه الله عليهم من قبل.
وبعد ذلك يقول الحق على لسان عبده ورسوله عيسى ابن مريم: {وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [آل عمران: 50] ومجموعة هذه الأوامر التي تقدمت هي آية أي شيء عجيب، بلغت القوم الذين أرسل الله عيسى إليهم، إنه كرسول وكبشر لا يستطيع أن يجيء بالآية المعجزة بمفرده بل لابد أن يكون مبعوثاً من الله.
فيجب أن يلتفتوا إلى أن الله الذي أرسله، وله طلاقة القدرة في خرق النواميس هو سبحانه الذي أجرى على يدي عيسى هذه الأمور، ويأمرهم عيسى ابن مريم بتقوى الله نتيجة لذلك، ويدعو القوم لطاعته في تطبيق منهج الله.
وبعد ذلك يقول الحق على لسان عيسى ابن مريم: {إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ...}. |
| | | | سورة آل عمران الآيات من 046-050 | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|