منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة البقرة: الآيات من 171-175

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 171-175 Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقرة: الآيات من 171-175   سورة البقرة: الآيات من 171-175 Emptyالأربعاء 10 أبريل 2019, 6:17 pm

وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [١٧١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والذي ينعق هو الذي يُصَوِّتُ ويصيح للبهائم، وهو الراعي، إذن، فكلمة ينعق أعطتنا صورة راع يرعى بهائم.       

وكان هذا الصياح من الراعي ليلفت الماشية المرعية لتسير خلفه، وهو لا يقول لها ما يريده أن تفعله، وإنما ينبهها بالصوت إلى ما يريد، ويسير أمامها لتسير خلفه إلى المرعى أو إلى نبع الماء، فالنداء لفتة ودعاء فقط، لكن ما يراد من الدعاء يصير أمراً حركياً تراه الماشية.       

فكأن الماشية المرعية لا تفهم من الراعي إلا النداء والدعاء، إنما دعاء ونداء لماذا؟

فهي لا تعرف الهدف منه، إلا بأن يسلك الراعي أمامها بما يرشدها.

وهكذا نفهم أن هناك "راعياً"، و"ماشية"، و"صوتاً من الراعي" وهو مجرد دعاء ونداء.       

مقابل هؤلاء الثلاثة في قضيتنا هو الرسول حين يدعو فيكون هو "الراعي" ويدعو من؟، يدعو "الرعية" الذين هم الناس.       

وبماذا يدعو الرعية؟.       

أيناديها فقط لتأتيه، أم يناديها لتأتيه ويأمرها بأشياء؟.       

إنه يأمرها باتباع منهج السماء.      

وهذا هو الفارق بين الراعي في الماشية والراعي في الآدميين.      

فعندما يأتي الرسول ويقول: "يا قوم إني لكم رسول، وإني لكم نذير"، فهذا هو الدعاء، ومضمون ذلك الدعاء هو "اعبدوا الله".

"انظروا في السماوات والأرض"، "افعلوا كذا من أوامر وانتهوا عن تلك النواهي"، هذا ما يريده الرسول.      

إذن فالرسول يشترك مع الراعي في الدعاء والنداء، وهم اشتركوا مع المَرْعِيّ في أنهم لم يفهموا إلا الدعاء والنداء فقط، وفي الاستجابة هم: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 171]، فالمدعو به لم يسمعوه، وكأنهم اشتركوا مع الحيوان في أنهم لا يستمعون إلا للدعاء والنداء، إنما المدعو به ومضمون النداء هم لا يعقلونه ولا يفهمونه.       

وبُكْم لا ينطقون بمطلوب الدعوة وهو "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وليس عندهم عقل يدير حركة العيون لينظروا في ملكوت السماوات والأرض ليظهر لهم وجه الحق في هذه المسألة. 

إذن، فمثل الذين كفروا بالرسول كمثل الماشية مع الراعي، فهم لا يسمعون إلا مجرد الدعاء، كما أن الماشية تسمع الراعي ولا تعقل، مع الفارق؛ لأن الدواب ليس مطلوباً منها أن ترد على مَنْ يناديها.

ولا تسمع غير ذلك من المدعو به لذا كان الكافرون شر الدواب.      

وقول الحق: "صُمٌّ" أي مصابون بالصمم؛ وهو آفة تمنع الأذن من أداء مهمتها.      

و"بُكْمٌ" أي مصابون بآفة تصيب اللسان؛ فتمنعه من أداء مهمته، إلا أن السبب في الصمم سبب إيجابي، لأن هناك شيئاً قد سَد منفذ السمع فلا تسمع، وبسبب الصمم فهم بكم، والبكم هو عجز اللسان عن الكلام، لأن الإنسان إن لم يسمع فهو لن يتكلم.       

ولذلك فإن الإنسان إذا وُجد في بيئة عربية فهو يتكلم اللغة العربية، وإذا نشأ الإنسان في بيئة إنجليزية فهو يتكلم لغة إنجليزية.       

وهبْ أنك قد نشأت في بيئة تتكلم العربية ثم لم تسمع كلمة من كلماتها هل تتكلم بها؟

إذن: فاللسان ينطق بما تسمعه الأذن، فإذا لم تسمع الأذن لا يتكلم اللسان.       

والصمم يسبق البكم، ولذلك فالبكم هو آفة سلبية، وتجد أن اللسان يتحرك ويُصوِّت أصواتاً لا مدلول لها ولا مفهوم.       

فهل نفهم من قوله تعالى عنهم: "صُمٌّ" أنهم مصابون بالصمم؟.       

لا، إن الحق يقول: لقد جعلت الأذن لتسمع السماع المفيد؛ فكأنها معطلة لا تسمع شيئاً.       

وكذلك اللسان أوجدته ليتكلم الكلام المفيد، بحيث مَنْ لا يتكلم به كأنه أبكم، والعقل أوجدته ليفكر به؛ فإذا لم يفكر تفكيراً سليماً منطقياً، فكأن صاحبه لا عقل له.       

فالأصم حقيقة خير من الذي يملك حاسة السمع ولا يفهم بها، لأن الأصم له عذره، والأبكم كذلك، والمجنون أيضاً له عذره، فليت هؤلاء الكفار كانوا كذلك، لقد صموا آذانهم عن سماع الدعوة، وهم بُكم عن النطق بما ينجيهم بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهم عمي عن النظر في آيات الكون، فلو أن عندهم بصراً لنظروا في الكون كما قال الله تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [آل عمران: 190].

فلو أنهم نظروا في خلق السماوات والأرض؛ لاهتدوا بفطرتهم إلى أن لهذا الوجود المتقن المحكم صانعاً قد صنعه، لكنهم لا يعقلون، لأن عملية العقل تنشأ بعد أن تسمع، وبعد اكتمال الحواس، ولذلك فالإنسان في تكوينه الأول حركي حسيّ، يرى ويسمع ويتذوق ثم تتكون عنده من بعد ذلك القضايا العقلية.       

ويقول الحق بعد ذلك: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ...}. 



سورة البقرة: الآيات من 171-175 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 171-175 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 171-175   سورة البقرة: الآيات من 171-175 Emptyالأربعاء 10 أبريل 2019, 6:18 pm

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [١٧٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذا خطاب من الله للذين آمنوا بأن يأكلوا من الطيبات، وقد سبق في الآية 168 خطاب مماثل في الموضوع نفسه؛ ولكن للناس جميعاً وهو قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } [البقرة: 168].

وقلنا: إن الحق سبحانه وتعالى ساعة يخاطب الناس جميعاً، فهو يلفتهم إلى قضية الإيمان، ولكن حين يخاطب المؤمنين فهو يعطيهم أحكام الإيمان، فالله لا يكلف بحكم إلا مَنْ آمن به، أما من لم يؤمن به، فلا يكلفه بأي حكم، لأن الإيمان التزام.       

وما دمت قد التزمت بأنه إله حكيم؛ فخذ منه أحكام دينك.      

وعدل الله اقتضى ألا يكلف إلا مَنْ يؤمن، وهذا على خلاف مألوف البشر، لأن تكليفات القادة من البشر للبشر تكون لمن يرضى بقيادتهم ومَنْ لم يرض، وإذا كان للقائد من البشر قوة، فإنه يستخدمها لإرغام من يوجدون تحت ولايته على تنفيذ ما يقول.       

وخطاب الله للمؤمنين هنا جاء بقوله: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ذلك أن المؤمن يتقين تماماً بأن الله هو الخالق وهو الذي يرزق.       

ويذيل الآية الكريمة بقوله: {وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172]، فشكر العبد المؤمن للرب الخالق واجب، ما دام العبد المؤمن يختص الله بالعبادة.       

ويقول الحق بعد ذلك: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ}...   



سورة البقرة: الآيات من 171-175 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 171-175 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 171-175   سورة البقرة: الآيات من 171-175 Emptyالأربعاء 10 أبريل 2019, 6:21 pm

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [١٧٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ونجد أن استخدام "الموت" يأتي في كلمات مُنَوَّعة، ففيه: "مَيِّت" و"مَيْتَة"، و"ميّتة" ومثال ذلك ما يقوله الحق: { فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ } [فاطر: 9].

و"الميّت" بتشديد الياء هو مَنْ ينتهي أمره إلى الموت وإن كان حياً، فكل واحد منا يقال له أنت ميّت، أي مصيره إلى الموت، ولذلك يخاطب الله رسوله: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [الزمر: 30].

إذن فكلمة "مَيّت" معناها أنك ستموت، رغم أنك الآن حي.      

لكن عندما نقول: "مَيْت"، بتسكين الياء، فمعناها مات بالفعل.      

وفي الشعر العربي جاء:
وما الميْت إلا مَنْ إلى القبر يُحمل

والحق سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ} [البقرة: 173]، ولو قال: "الميِّتة" بتشديد الياء، لقلنا: إن كل شيء سيموت يصير محرما، لكن كلام الله هنا الميْتة -بالياء الساكنة- وهي الميتة بالفعل، وهي التي خرجت روحها حتفاً؛ لأنَّه فيه خروج الروح إزهاقاً بمعنى أن تذبحه فيموت؛ لكن هناك مخلوقات تموت حتف أنفها، وساعة تموت الحيوانات حتف أنفها تُحتبس فيها خلاصة الأغذية التي تناولتها وهي الموجودة بالدم؛ وهذا الدم فيه أشياء ضارة كثيرة، ففي الدم مواد ضارة فاسدة استخلصتها أجهزة الجسم وهو حي، وكانت في طريقها إلى الخروج منه، فإذا ما ذبحناه؛ سال كل الدم الفاسد والسليم، ولأن درء المفسدة مقدمة على جلب المصلحة، فإننا نضحي بالدم السليم مع الدم الفاسد.       

وهذا الدم يختزنه الجسم عندما يموت، وتظل بداخله الأشياء الضارة فيصبح اللحم مملوءاً بالمواد الضارة التي تصيب الإنسان بالأمراض.

ونظرة بسيطة إلى دجاجتين، إحداهما مذبوحة أريق دمها، والأخرى منخنقة أي لم يرق دمها، فإننا نجد اختلافا ظاهراً في اللون، حتى لو قمنا بطهي هذه وتلك فسنجد اختلافاً في الطعم، سنجد طعم الدجاجة المذبوحة مقبولاً، وسنجد طعم الدجاجة الميتة غير مقبول، وكان الذين لا يؤمنون بإله أو بمنهج يقومون بذبح الحيوانات قبل أكلها، لماذا؟

لقد هدتهم تجاربهم إلى أن هذه عملية فيها مصلحة، وإن لم يعرفوا طريقة الذبح الإسلامية.       

وحين يحرم الله {ٱلْمَيْتَةَ} فليس هناك أحد منا مطالب أن يجيب عن الله؛ لماذا حرم الميتة؟، لأنه يكفينا أن الله قال: إنها حرام، وما دام الذي رزقك قال لك: لا تأكل هذه؛ فقد أخرجها من رزقيه النفعية المباشرة، ولو لم يكن فيها ضرر نعلمه، هو سبحانه قد قال: لا تأكلها، فلا تأكلها، لأنه هو الذي رزق، وهو الذي خلقك، وهو الذي يأمرك بألا تأكلها، فليس من حقك بعد ذلك أن تسأل لماذا حرمها علي؟.      

وهب أننا لم نهتد إلى حكمة التحريم، ولم نعرف الأذى الذي يصيب الإنسان من أكل الميتة؟ هل كان الناس يقفون عند الأمر حتى تبدو علته، أم كانوا ينفذون أوامر الله بلا تفكير؟ لقد استمع المؤمنون لأوامر الحق ونفذوها دون تردد.       

إذن، فما دام الله يخاطبنا، فبمقتضى حيثية الإيمان يجب أن نتقبل عنه الحكم، وعلة قبول الحكم هي صدوره من الذي حكم.       

أما أن نعرف علة الحكم، فهذه عملية إيناس للعقل، وتطمين على أن الله لم يكلفنا بأمر إلا وفيه نفع لنا، والمؤمن لا يصح أن يجعل إيمانه رهناً بمعرفة العلة.      

إن الحق يقول: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ} [البقرة: 173] والآية صريحة في أن كل ميتة حرام، وما دامت ميتة فقد كان فيها حياة وروح ثم خرجت، لكننا نأكل السمك وهو ميت، وذلك تخصيص من السّنة لعموم القرآن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أحل لكم ميتتان: السمك والجراد، ودمان؛ الكبد والطحال".      

لماذا هذا الاستثناء في التحليل؟

لأن للعرف في تحديد ألفاظ الشارع مدخلاً، فإذا حلفت ألا تأكل لحماً وأكلت سمكاً فهل تحنث؟.       

لا تحنث، ويمينك صادقة؛ رغم أن الله وصف السمك بأنه لحم طريٌّ، إلا أن العرف ساعة يُطلق اللحم لم يدخل فيه السمك.      

إذن، فالعرف له اعتبار، لذلك فالزمخشري صاحب الكشاف يقول في هذه المسألة: "لو حلفت ألا تأكل اللحم وأكلت السمك فإجماع العلماء على أنك لم تحنث في يمينك".       

وضرب مثلاً آخر فقال: لو حلفت بأن تركب دابة، والكافر قد أسماه الله دابة فقال: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [الأنفال: 55]

فهل يجوز ركوب الكافر؟.       

لا يجوز فكان مقتضى الآية أنه يصح لك أن تركبه وعلق على ذلك قائلاً: صحيح أن الدابة هي كل ما يدب على الأرض، إلا أن العرف خصها بذوات الأربع.      

لهذا كان للعرف مدخل في مسائل التحليل والتحريم.       

فإذا قال قائل: إن الله حرم الميتة، والسمك والجراد ميتة فلماذا نأكلها؟.       

نرد عليه: إن العرف جرى على أن السمك والجراد ليسا لحماً، بدليل قولهم: "إذا كثر الجراد أرخص اللحم"، وذلك يعني أن الجراد ليس من اللحم.      

أما بالنسبة للسمك، فالسمك لم يكن كالميتة التي حرمها الله لأن الميتة المحرمة هي كل ما يذبح ويسيل دمه، والسمك لا نفس سائلة له أي لا دم له.       

والجراد أيضاً لا دم فيه، إذن، فتحليل أكله وهو ميت إنما جاء بسبب عدم وجود نفس سائلة يترتب عليها انتقال ما يضر من داخله إلى الإنسان، وكذلك الكبد والطحال أيضاً ليسا بدم؛ فالدم له سيولة، والكبد والطحال لحم متجمد متماسك، خلاصة دم تكّون منه عضو الكبد وعضو الطحال.      

إذن، السنة لها دور بيان في التحليل والتحريم، وقوله الحق: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ} [البقرة: 173] يعني أنه سبحانه قد حرمها لأجل بقاء الدم في الميتة وعدم سيلانه، ومن باب أولى؛ كان تحريم الدم أمراً واجباً.       

وحرم الحق "لحم الخنزير" وقلنا إن علة الإقبال على الحكم هو أمر الله به، فإذا أثبت الزمن صدق القضية الإيمانية في التحليل؛ فذلك موضوع يؤكد عملية الإيمان، لكن لو انتظرنا وأجلنا تنفيذ حكم الله حتى نتأكد من علة التحريم؛ لكُنّا نؤمن بالعلماء والاكتشافات العلمية قبل أن نؤمن بالله.       

لأننا إن انتظرنا حتى يقول العلماء كلمتهم؛ فقد اعتبرنا العلماء آمن علينا من الله.       

وهل يوجد مخلوق آمن على مخلوق من الخالق؟.       

إن ذلك مستحيل.       

إذن فالمؤمن مَنْ يأخذ كل حكم صادر من الله، وهو متيقن أن الله لا يأمره إلا بشيء نافع له، وفي الحقيقة فالشيء الضار غير ضار في ذاته، فقد ينفع في أشياء أخرى.       

ونضرب هذا المثل - ولله المثل الأعلى - فأنت ساعة تعاقب ابنك بأمر من الأمور، فتحرمه من المصروف أو تحرمه من أكلة شهية، فإن ذلك العقاب ليس ضاراً في ذاته، إنما إغراقك إياه بما يحب ويطلب، مع سيره في طريق لا ترتضيه، هو دعوة للابن أن يستمر في فعل ما لا ترتضيه.       

إن عدم تربية الابن بالثواب والعقاب هو أمر ضار.      

ولذلك نقول للذين يريدون أن يوجدوا علة لكل مُحَرَّم: أنتم لم تفطنوا إلى تحريم التأديب، فهناك تحريم الأمر لأنه ضار، وهناك تحريم لأمر آخر لأنك تريد أن تحرمه تأديباً له، وأنت لا يصح منك أن تجعل عملية التأديب في القيم دون عملية الإصلاح في المادة البدنية.       

والحق سبحانه وتعالى أرحم بخلقه من الأب بابنه، وهو قد حرم بعضاً من طيبات الحياة على بني إسرائيل للتأديب، فقال عز وجل: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء: 160].

فالحق حرم عليهم الطيبات كتأديب لهم على ظلمهم لأنفسهم.       

إذن، ساعة ترى تحريماً فلا تنظر إلى تحريم الشيء الضار، لكن انظر أيضاً إلى أن هناك تحريماً من أجل التأديب، لأن إباحة بعض من الطيبات لهؤلاء مع كونهم مخالفين للمنهج هو إغراء لهم بأن يكونوا مخالفين دائماً، ظالمين لأنفسهم.       

فالحق قد منع ما يضر الإنسان في بدنه، ومنع أيضاً بعضاً من الطيبات على بعض المخالفين كتأديب لهم.       

وبالنسبة لتحريم الخنزير، فقد شاءت إرادة الله عز وجل أن يكشف لخلقه سر التحريم، فأثبت العلماء أن هناك أمراضاً في الخنزير لم تكن معروفة قبل ذلك، وتبين لهم خطورتها مثل الدودة الشريطية، وإِذا كان الحق سبحانه وتعالى قد كشف لهم سراً واحداً هو الدودة الشريطية، فربما هنا أسرار أخرى أخطر من الدودة الشريطية.       

ويحرم الحق أيضاً {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ} [البقرة: 173] والإهلال هو رفع الصوت، ولذلك يقال: هلل أي رفع صوته بلا إله إلا الله، ويُسمى الهلال هلالاً؛ لأننا ساعة نراه نهلل ونقول: "الله أكبر، ربي وربك الله" وساعة يولد الولد، ويخرج من بطن أمه يتنبه إلى حياته وإلى ذاتية وجوده بعد أن كان ملتحماً بذاتية أمه فهو يصرخ، إنه يبدأ حياته بالصراخ، ولذلك فالذين ينتظرون مولد الطفل عندما يستمعون لصرخته يطمئنون.       

ولذلك يقول الشاعر:
لما تـؤذن الدنيا بـه مـن صـروفـها يـكـون بـكـاء الطـفل سـاعة يـولد

كأن الوليد يقبل على شيء فيه نكد، ولا يلتفت إلى ما في اتساع الدنيا ورغد العيش فيها.       

وإلا فما يبكيه وإنها لأوسع ما كان فيه وأرغد؟.       

فكأن صرخة الوليد هي صرخة الانتقال من رحم الأم إلى مواجهة الحياة.       

كانت حياة الطفل في بطن أمه رتيبة وغذاؤه من الحبل السري، لكنه ساعة ينفصل عن أمه تنقطع صلته بجهاز تحضير الغذاء في رحم الأم، وفقد المدد الغذائي في لحظة خروجه من بطن أمه ولم يأته مدد الرضاعة بعد؛ فالرضاعة من مدد الدنيا، ولا يأخذها الطفل إلا إذا أخذ أقل نسبة من الهواء ليدير الرئة، ولذلك يحرص الأطباء في أن ينزل الوليد من جهة رأسه دائماً، لأنه لو نزل من ناحية رجليه ورأسه ما زال بالداخل، فإن أنفاسه تكون محبوسة في بطن أمه، ويكاد يموت، ولذلك يكشفون الآن على الأم ليعرفوا وضع الجنين، ويقوم الطبيب بإجراء الجراحة القيصرية حرصاً على حياة الوليد، وأول شيء يقوم به الطبيب بعد ميلاد الطفل هو أن يُسلك منافذ الهواء إلى أنفه، وبعد ذلك يعالج بقية الأعضاء.      

إنها صرخة الغريزة، تماماً مثل ما تسهو أُمه عنه وجاء موعد رضعته فهو يصرخ وهكذا نعرف أن الإهلال هو رفع الصوت، وقوله الحق: {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ} [البقرة: 173] يعني هو رفع الصوت لحظة الذبح، والذبح نوعان: ذبح لنفعك لتأكل ويأكل غيرك، وذبح قربى لله.       

وما أهل به لله، هو ذبح قربى لله، أما {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ} [البقرة: 173] فهو الذبح لمنفعة الإنسان فقط، وتقرباً إلى أصنامهم وأوثانهم وما يعبدونه من دون الله.       

وما دام الله هو الذي أعطى الحيوانات وسخرها لنا من أجل أن نأكلها؛ فعلينا أن نذكر المنعم، وأن تكون القربى لله وحده هي القصد الأول.       

ولذلك فالمؤمنون يتقربون ويأكلون، أما الكفار فيأكلون ولا يتقربون لله وإنما يذبحون ويتقربون إلى آلهتهم.      

والحق سبحانه وتعالى حينما شرع، فتشريعه يضع الاحتمالات، وليس كالمشرعين من البشر الذين تضطرهم أحداث الحياة بعد التشريع إلى أن يغيروا ما شرعوا؛ لأنه حدثت أقضية بعد تطبيق التشريع لم تكن في بالهم ساعة شرعوا، وذلك لقصور علمهم عما يحدث في الكون من القضايا التي تضطرهم وتلجئهم إلى أن يعدلوا القانون.       

فتعديل أي قانون بشري معناه حدوث أقضية لا يوجد لها تكييف في القانون عند التطبيق؛ فيلجأ المشرعون إلى تعديل القانون، ليضعوا فيه ما يتسع لهذه الأقضية.       

ولكن الحق سبحانه وتعالى ساعة قنن.       

فهو يقنن تقنيناً يحمل في طياته كل ما يمكن أن يستجد من أقضية دون حاجة إلى تعديل، ولأن الإسلام جاء منهاجاً خاتماً ولا منهج للسماء بعده، لذلك كان متضمناً كافة الاحتمالات.       

لقد كان من المعقول تعديل التقنينات عندما كانت الرسل تتوالى، لكن عندما ختم الله رسالات السماء بمحمد صلى الله عليه وسلم، كان لابد أن تكون التشريعات التي أنزلها الله على رسوله تحمل في ذاتها ضمانات تكفل ذلك.      

إذن، فالضرورات التي اقتضت المشرع الوضعي أن يعدل قانوناً غفل عن جزئياته ساعة وضعه الأول، مثل هذه الأمور لا توجد في تشريعات السماء، لأن الله يعلم الأقضية التي تجئ.      

وهب أن الضرورة التي تستلزم التعديل لم تكن موجودة، وبعد ذلك جدت ضرورات، أكان الحق يميت خلقه لأنه قال: لا تأكلوا الميتة؟

عندئذ كنا سنقول: ما هذه الحكاية؟

صحيح الميتة ستضر، وإنما المخمصة والمجاعة ستميت، فلماذا لا نتحمل أكل ما يضر بدلاً من أن نمتنع عن الأكل فنموت من الجوع؟

إذن فهي عدالة الحق التي قالت: {فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] فالاضطرار له شرط هو: "غير باغ ولا عاد".       

وغير باغ يعني غير متجاوز الحد، فيأخذ على قدر حاجته الضرورية، مثلاً، لا يقول: إن الله أحل الميتة لمثل ما أنا عليه من الاضطرار ويملأ بطنه منها، لا، إن عليه أن يأخذ على قدر استبقاء الحياة.       

ولا يظن أن ذلك يصبح حلالاً، بل يقول: إن هذا حرام أبيح للاضطرار.      

وأيضاً لابد أن نلحظ قيمة الحقوق المتعلقة بالآخرين، هب أن إنساناً يملك فنجان ماء لا يكفيه إلا ليروي حلقه، وبعد ذلك جاء شخص آخر مضطر وقوي وضربه ليأخذ منه هذا الفنجان.       

نقول لهذا المعتدي: لا تعتد لأن للملكية سبقاً، فإن اتسعت لكما كمية الماء معاً فأهلاً وسهلاً، وإن لم تتسع، فصاحب الملكية أولى بالماء، ولا يقولن هذا الآخر: "أنا مضطر لأن آخذها منه".       

إن اضطراره سيدفع عنه المضرة ويوقعها في غيره.       

إذن، فالمقاييس عند الضرورة تظل كما هي، فلابد من احترام الحق والسبق، ولا يصح أن نتجاوز بالضرورة قدرها، هذا معنى قوله: {فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173]، وقوله الحق: {فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] يدل على أن المسألة فيها إثم أباحها الله عز وجل للضرورة؛ وذلك حتى لا نحلها تحليلاً دائماً، فإذا ما زالت الضرورة عُدنا إلى أصل الحكم.       

ويختم الحق الآية بقوله: {إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 173] ونتساءل: ما علاقة "غفور رحيم" بهذه الآية؛ إن المغفرة والرحمة تقتضيان ذنوباً، وما سبق كله هو قول الحق وتشريعه، وتحريم الميتة إلا عند الضرورة هو كلام الحق، والمضطر حين يأخذ منها على قدر الضرورة فإنما هو إباحة من الحق، فلا ذنب -إذن- يقتضي تذييل الآية بقوله: {إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 173]؟.      

ونقول: إذا كان الله يغفر مع الذنب، أفلا يغفر مع الضرورة التي شرع لها الحكم، إن المنطق يقول: إن الله يغفر الذنب الذي يحدث بلا مناسبة تستدعيه، أفلا يغفر للمضطر الذي أجبرته الظروف على أكل الميتة؟.       

إن الله غفور في الأصل أفلا يغفر لمن أعطاه رخصة؟ إذن فهو غفور رحيم، ولن يكتب على المضطر ذنباً من جراء اضطراره. 

إن رحمة الله التي تغفر للعاصي الذي اجترأ على الحق بلا مناسبة، هو سبحانه الذي كتب المغفرة لمن اضطر وكسر قاعدة التحريم عند الاضطرار.       

ويقول الحق بعد ذلك: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي...}.  



سورة البقرة: الآيات من 171-175 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 171-175 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 171-175   سورة البقرة: الآيات من 171-175 Emptyالأربعاء 10 أبريل 2019, 6:22 pm

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [١٧٤]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

إن الحق سبحانه وتعالى ينزل بوساطة رسله على خلقه ليحكم المنهج حركة الحياة للناس وعلى الناس، إنه يحكم للناس أي لمصالحهم، ويحكم على الناس إن فوتوا المصالح، لأن الذي يُفَوِّت مصلحة لسواه عنده، لابد أن يلحظ أن غيره سيفوّت عليه مصلحة عنده.      

إذن، فمن الإنصاف في التشريع أن تجعل له وعليه، فكل "تكليف عليه" يقابله "تكليف له"، لأنه إن كان له حق، فحقه واجب على سواه، وما دام حقه واجباً على ما سواه، فلزم أن يكون حق غيره واجباً عليه؛ وإلا فمن أين يأخذ صاحب الحق حقه؟ والحق سبحانه وتعالى حين ينزل المنهج يبلغه الرسل ويحمله أولو العلم؛ ليبلغوه للناس، فالذين يكتمون ما أنزل الله إنما يصادمون منهج السماء.       

ومصادمة منهج السماء من خلق الله لا تتأتى إلا من إنسان يريد أن ينتفع بباطل الحياة؛ ليأكل حق الناس.      

فحين يكتمون ما أنزل الله، فقد أصبحوا عوائق لمنهج الله الذي جاء ليسيطر على حركة الحياة.       

وما نفعهم في ذلك؟.       

لابد أن يوجد نفع لهم، هذا النفع لهم هو الثمن القليل، مثل "الرشا"، أو الأشياء التي كانوا يأخذونها من أتباعهم ليجعلوا أحكام الله على مقتضى شهوات الناس.      

فالله يُبَيِّنُ لهم: أن الشيء لا يُثمَّن إلا بتثمين مَنْ يعلم حقيقته، وأنتم تُثَمّنون منهج الله، ولا يصح أن يُثَمِّن منهج الله إلا الله، ولذلك يجب أن يكون الثمن الذي وضعه الله لتطبيق المنهج ثمناً مربحاً مقنعاً لكم، فإن أخذتم ثمناً على كتمان منهج الله وأرضيتم الناس بتقنين يوافق أهواءهم وشهواتهم، فقد خسرتم في الصفقة؛ لأن ذلك الثمن مهما علا بالتقدير البشري، فهو ثمن قليل وعمره قصير.       

والأثمان عادة تبدأ من أول شيء يتعلق بحياة الإنسان هو قوام حياته من مأكل ومشرب، لذلك قال الله سبحانه وتعالى: {أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ} [البقرة: 174] وإذا كانوا يأكلون في بطونهم ناراً فكيف يكون استيعاب النار لكل تلك البطون؟ لأن المؤمن كما قال الرسول يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء، أي أن الكافر لا يأكل إلا تلذذاً بالطعام؛ فهو يريد أن يتلذذ به دائماً حتى يضيق بطنه بما يدخل فيه.       

لكن المؤمن يأخذ من الطعام بقدر قوام الحياة، فسيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: "حسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده".      

إذن: فالأكل عند المؤمن هو لمقومات الحياة وكوقود للحركة، ولكن الكافر يأخذ الأكل كأنه متعة ذاتية.       

والحق يقول: {أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ} [البقرة: 174] يعني كما أرادوا امتلاء بطونهم شهوة ولذة، فكذلك يجعل الله العذاب لهم من جنس ما فعلوه بالثمن القليل الذي أخذوه، فهم أخذوا ليملأوا بطونهم من خبيث ما أخذوا وسيملأ الله بطونهم ناراً، جزاء وفاقاً لما فعلوا، وهذا لون من العقاب المادي يتبعه لون آخر من العقاب هو {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ} [البقرة: 174] أي أن الحق ينصرف عنهم يوم لا أُنْسَ للخلق إلا بوجه الحق.       

ونحن حين نقرأ كلمة "لا يكلم فلان فلاناً" نستشعر منها الغضب؛ لأن الكلام في البشر هو وسيلة الأُنْسِ، فإذا ما امتنع إنسان عن كلام إنسان، فكأنه يبغضه ويكرهه.       

إذن "لا يكلمهم الله" معناها أنه يبغضهم، وحسبك بصدود الله عن خلقه عقاباً وعذاباً.       

لقد والاهم بالنعمة وبعد ذلك يصد عنهم.       

ويقول قائل: كيف نقرأ هنا أن الحق لا يكلمهم، وهو سبحانه القائل: { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ * رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 106-108].

نقول: صحيح أنه سبحانه يقول لهم: "لا تكلمون" ولكن الكلام حين ينفي من الله فالمقصود به هو كلام الحنان وكلام الرحمة وكلام الإيناس واللطف، أما كلام العقوبة فهو اللعنة.      

إذن "لا يكلمهم الله" أي لا يكلمهم الحق وصلا للأنس.       

ولذلك حين يؤنس الله بعض خلقه يطيل معهم الكلام.       

ومثال ذلك عندما جاء موسى لميقات ربه، ماذا قال الله له؟

قال عز وجل: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [طه: 17].

فهل معنى هذا السؤال أن الله يستفهم من موسى عما بيده؟.       

إنه سؤال الإيناس في الكلام حتى يخلع موسى من دوامة المهابة. 

وضربنا مثلاً لذلك -ولله المثل الأعلى- حينما يذهب شخص إلى بيت صديقه ليزوره، فيأتي ولده الصغير ومعه لعبة، فيقول الضيف للطفل: ما الذي معك؟ إن الضيف يرى اللعبة في يد الطفل، لكن كلامه مع الطفل هو للإيناس.       

وعندما جاء كلام الله بالإيناس لموسى قال له: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [طه: 17.]

كان يكفي موسى أن يقول: عصا، وتنتهي إجابته عن السؤال، ولو قال موسى: عصا، لكان ذلك منه عدم استيعاب لتقدير إيناس الله له بالكلام، لكن سيدنا موسى عليه السلام انتهز سؤال الله له ليطيل الأنس بالله فيقول: { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [طه: 18].تأمل التطويل في إجابة موسى.      

إنّ كلمة "هي" زائدة، و"أتوكأ عليها" زائدة أي غير محتاج إليها في إفادة المعنى، و "أهش بها على غنمي" تطويل أكثر، و"لي فيها مآرب أخرى" رغبة منه في إطالة الحديث أكثر.      

إذن: فكلام الله والنظر إليه سبحانه أفضل النعم التي ينعم الله بها على المؤمنين يوم القيامة.      

فإذا كان الله سيمنع عن الكافرين وسائل التكريم المادي فلا يكلمهم، فهذه مسألة صعبة.       

{وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174] وبعد أن يحرمهم من الكلام والاستئناس بحضرته؛ ولا يطهرهم من الخبائث التي ارتكبوها؛ ولا يجعلهم أهلاً لقربه، بعد ذلك يعذبهم عذاباً شديداً؛ كَأنَّ فيه عذاباً سابقاً؛ ثم يأتي العذاب الأشد، لأنهم لابد أن يلاقوا عذاباً مضاعفاً، لأنهم كتموا منهج الله عن خلق الله، فتسببوا في إضلال الخلق، فعليهم وزر ضلالهم وأوزار فوق أوزارهم لأنهم أضلوا سواهم.       

ومسألة كلام الله للناس أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زانٍ، وملك كذاب، وعائل مستكبر".      

ما سر حرمان هؤلاء من كلام الله وتزكيته والنظر إليهم؟

إن الشيخ الزاني يرتكب إثماً، لا ضرورة له لأنه لا يعاني من سعار المراهقة.

والمَلِكُ الذي يكذب، إنما يكذب على قوم هم رعيته، والكذب خوف من الحق، فمِمّنْ يخاف الملك إذا كان الناس تحت حكمه؟.       

وعائل الأسرة عندما يصيبه الكِبْرُ وهو فقير، سيسبب له هذا الكِبْر الكثير من المتاعب ويضيق عليه سُبُلَ الرخاء وسُبُلَ العيش ويجعله في شقاء من العَيلة، فإن أراد أحد مساعدته فسيكون الكبر والاستعلاء على الناس حائلاً بينه وبين مساعدته، وهذا هو معنى "لا يكلمهم ولا يزكيهم"، فما معنى "لا ينظر إليهم"؟

إن النظر شراك العطف، ولذلك يقطع الحق عنهم باب الرحمة والعطف من الأصل، وهو النظر إليهم، ويُذيِّل الحق الآية الكريمة بقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي مؤلم، وعندما تسمع صيغة "فعيل" فنحن نأخذها بمعنى فاعل أو مفعول، لذلك نفهم "أليم" على أنه مؤلم.       

ثم يقول الحق: {أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ....}.



سورة البقرة: الآيات من 171-175 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 171-175 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 171-175   سورة البقرة: الآيات من 171-175 Emptyالأربعاء 10 أبريل 2019, 6:24 pm

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [١٧٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يذكر الله لنا حيثية الحكم عليهم؛ ولماذا لا يكلمهم؛ ولماذا لا يزكيهم، ولماذا يكون لهم في الآخرة عذاب أليم؟ إنّهم قد بدلوا الضلالة بالهدى؛ والعذاب بالمغفرة.       

وعندما ترى فظاعة العقاب فلا تستهوله، ولكن انظر إلى فظاعة الجُرم.       

إن الناس حين يفصلون الجريمة عن العقاب فهم يعطفون على المجرم؛ لأنهم لا يرون المجرم إلا حالة عقابه ومحاكمته ونسوا جريمته، ولذلك فساعة ترى عقوبة ما وتستفظعها؛ فعليك استحضار الجرم الذي أوجب تلك العقوبة.       

ولذلك نجد الناس غالباً ما يعطفون على كل المجرمين الذين يحاكمون وتصدر عليهم عقوبات صارمة، لأن الجريمة مرَّ عليها وقت طويل، ولم نرها، وآثارها وتبعاتها انتهت.       

ولم يبق إلا المجرم؛ فيعطفون عليه، ولذلك فمن الخطأ أن تطول الإجراءات في المحاكمات، بل لابد من محاكمة المجرم من فور وقوع الجريمة وهي ساخنة؛ حتى لا يعطف عليه الجمهور، لأن تعطيف قلب الجمهور عليه يجعل العقوبة قاسية.    

{أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ} [البقرة: 175] ونعرف أن "الباء" تدخل على المتروك، فالضلالة هنا أُخِذَتْ وترك الهدى، واستبدلوا العذاب بالمغفرة، وما داموا قد أخذوا الضلالة بدلاً من الهدى، والعذاب بدلاً من المغفرة، فالعدالة أن يأخذوا العذاب الأليم.

وبعد ذلك يقول الحق: {فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ} [البقرة: 175] هذا تبشيع للعقاب حتى يُنَفِّر منه الناس.       

ويريد منا الله أن نتعجب، كيف يجوز للضال أن يترك الهدى ويأخذ الضلال، وبعد ذلك تكون النتيجة أن يأخذ العذاب ويترك المغفرة. 

فما الذي يعطيه الأمل في أن يصبر على النار؟

هل عنده صبر إلى هذا الحد يجعله يقبل على الذنب الذي يدفعه إلى النار؟.       

وما الذي جعله يصبر على هذا العذاب؟

أعنده قوة تُصَبِّره على النار؟

وما هذه القوة؟.       

وكأن الحق يقول: أنت غير مدرك لما ينتظرك من الجزاء وإلاَّ ما الذي يصبرك على هذه النار؟

إنك تتمادى في طغيانك وضلالك، وتنسى أن النار ستكون من نصيبك؛ فإذا كنت متيقناً أن النار من نصيبك؛ فكيف أخذت أماناً من صبرك على النار.      

فالنار أمر لا يصبر عليه إنسان أبداً.      

ويقول الحق بعد ذلك: {ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَق...}.      



سورة البقرة: الآيات من 171-175 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة البقرة: الآيات من 171-175
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة البقرة: الآيات من 76-80
» سورة البقرة: الآيات من 156-160
» سورة البقرة: الآيات من 236-240
» سورة البقرة: الآيات من 81-85
» سورة البقرة: الآيات من 161-165

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: البقرة-
انتقل الى: