منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة البقرة: الآيات من 76-80

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 76-80 Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقرة: الآيات من 76-80   سورة البقرة: الآيات من 76-80 Emptyالأحد 31 مارس 2019, 5:25 am

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [٧٦]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
هذه صور من صور نفاق اليهود.     

والناس مقسمون إلى ثلاث: مؤمنون وكافرون منافقون، المؤمن انسجم مع نفسه ومع الكون الذي يعيش فيه، والكافر ولا انسجم مع نفسه ولم ينسجم مع الكون، والكون يلعنه، والمنافق لا انسجم مع نفسه ولا انسجم مع الكون، والآية تعطينا صورة من صور النفاق وكيف لا ينسجم المنافق مع نفسه ولا مع الكون، فهو يقول ما لا يؤمن به، وفي داخل نفسه يؤمن بما لا يقول، والكون كله يلعنه، وفي الآخرة هو في الدرك الأسفل من النار.    

وهذه الآية تتشابه مع آية تحدثنا عنها في أول هذه السورة، وهي قوله تعالى: { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } [البقرة: 14].     

في الآية الأولى كان الدور لليهود، وكان هناك منافقون من غير اليهود وشياطينهم من اليهود، وهنا الدور من اليهود والمنافقين من اليهود.     

الحق سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا} [البقرة: 76] وهل الإيمان كلام؟

الإيمان يقين في القلب وليس كلاماً باللسان، والاستدلال على الإيمان بالسلوك فلا يوجد إنسان يسلك سبيل المؤمنين نفاقاً أو رياء، يقول آمنت نفاقاً ولكن سلوكه لا يكون سلوك المؤمن، ولذلك كان سلوكهم هو الذي يفضحهم.     

يقول تعالى: {وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 76].

 وفي سورة أخرى يقول الحق: { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ، } [آل عمران: 119].    

 وفي سورة المائدة يقول سبحانه: { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ، } [المائدة: 61].     

هنا أربع صور من صور المنافقين، كلها فيها التظاهر بإيمان كاذب، في الآية الأولى: { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ } [البقرة: 14] وفي الآية الثانية: {وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 76].

وفي الآية الثالثة: { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [آل عمران: 119].     

وفي الآية الرابعة: { وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ } [المائدة: 61].    

 إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما بعث كان اليهود يقولون للمؤمنين هذا هو نبيكم موجود عندنا في التوراة أوصافه كذا، حينئذ كان أحبار اليهود ينهونهم عن ذلك ويقولون لهم: {أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: 76] فكأنهم علموا صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم أرادوا أن يخفوها، إن الغريب أنهم يقولون: {بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 76].     

وإذا كان هذا فتحاً من الله فلا فضل لهم فيه، ولو أراد الله لهم الفتح لآمنت القلوب.    

 قوله تعالى: {لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: 76] يدل على أن اليهود المنافقين والكفار وكل خلق الأرض يعلمون أنهم من خلق الله، وأن الله هو الذي خلقهم، وما داموا يعلمون ذلك فلماذا يكفرون بخالقهم؟ {لِيُحَآجُّوكُم بِهِ} [البقرة: 76] أي لتكون حجتهم عليكم قوية عند الله، ولكنهم لم يقولوا عند الله بل قالوا {عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: 76] والمحاجة معناها أن يلتقي فريقان لكل منهما وجهة نظر مختلفة.     

وتقام بينهما مناظرة يدلي فيها كل فريق بحجته.     

واقرأ قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ، } [البقرة: 258].    

 هذه هي المناظرة التي حدثت بين إبراهيم عليه السلام والنمرود الذي آتاه الله الملك، ماذا قال إبراهيم؟

{ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ، } [البقرة: 258].     

هذه كانت حجة إبراهيم في الدعوة إلى الله، فرَدَّ عليه النمرود بحُجَّةٍ مُزيفة.     

قال أنا أحيي وأميت، ثم جاء بواحد من جنوده وقال لحراسه اقتلوه، فلما اتجهوا إليه قال اتركوه، ثم التفت إلى إبراهيم: { قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ، } [البقرة: 258].     

جدل عقيم لأن هذا الذي أمر النمرود بقتله.     

كان حياً وحياته من الله والنمرود حين قال اقتلوه لم يُمته ولكنه أمر بقتله، وفرق بين الموت والقتل، القتل أن تهدم بنية الجسد فتخرج الروح منه لأنه لا يصلح لإقامتها، والموت أن تخرج الروح من الجسد والبنية سليمة لم تهدم، الذي يميت هو الله وحده، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ، } [آل عمران: 144].     

والنمرود لو قتل هذا الرجل ما كان يستطيع أن يعيده إلى الحياة، ولكن إبراهيم عليه السلام، لم يكن يريد أن يدخل في مثل هذا الجدل العقيم، الذي فيه مقارعة الحجة بالحجة يمكن فيه الجدال ولو زيفاً، ولذلك جاء بالحجة البالغة التي لا يستطيع النمرود أن يجادل فيها: { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [البقرة: 258].     

هذا هو معنى الحاجّة، كل طرف يأتي بحجته، وما داموا يحاجونكم عند ربكم وهم يعتقدون أن القضية لن تمر أمام الله بسلام لأنه رب الجميع وسينصف المظلوم من الظالم، إذا كانت هذه هي الحقيقة فهل أنتم تعملون لمصلحة أنفسكم؟ الجواب لا، لو كنتم تعلمون الصواب ما كنتم وقعتم في هذا الخطأ فهذا ليس فتحاً، وقوله تعالى: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 76] ختام منطقي للآية، لأن من يتصرف تصرفهم ويقول كلامهم لا يكون عنده عقل، الذي يقول {لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: 76] يكون مؤمناً بأن له رباً، ثم لا يؤمن بهذا الإله ولا يخافه لا يمكن أن يتصف بالعقل.  



سورة البقرة: الآيات من 76-80 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 76-80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 76-80   سورة البقرة: الآيات من 76-80 Emptyالأحد 31 مارس 2019, 5:27 am

أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [٧٧]

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يُبَيِّنُ اللهُ لنا بأنه يعلم أمرهم وما يفعلون.     


لقد ظنوا أن الله غافل عندما خلا بعضهم إلى بعض وقالوا: { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } [البقرة: 76]، الله علم وسمع، وعندما يلاقي المنافقون المؤمنين ويقولون آمنا، { وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [آل عمران: 119] هذا انفعال حركي ليس فيه كلام يقال ولكن فيه واقع يرى، ومع ذلك فهو ليس سراً.     


ما هو السر وما هو العلن؟


الأمر المعلن هو الذي يخرج منك إلى من عنده آلة السماع ليسمعك، والأمر المعلن يخرج منك إلى من عنده آلة الرؤية ليراك، فإن كان حركة بلا صوت فهذا عدته العين، وإن كان بصوت فعدته الأذن، هذه وسائل الإدراك الأصلية.     


وقوله تعالى {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77] ألم يكن أولى أن يقول سبحانه يعلم ما يعلنون وما يسرون، وإذا كان يعلم ما نسر أفلا يعلم ما نعلن؟


 لا شك أنه يعلم، ولكنها دقة في البلاغة القرآنية؛ ذلك أن المتكلم هو الله سبحانه ونحن نعلم أن الله غيب، وغيب يعني مستور عن حواسنا، ومادام الله غيباً فهو يعلم الغيب المستور، ربما كان العلن الظاهر له قوانين أخرى، فمثلاً إذا كان هناك شخص في المنزل، ثم يقول "أنا اعلم ما في المنزل وما هو خارج المنزل"، لو قال أنا اعلم ما في المنزل لقلنا له أنت داخله فلا غرابة في ذلك، ولكنك مستور عمَّا في الخارج فكيف تعلمه؟ وما دام الله غيباً فقوله ما يسرون أقرب لغيبه.     


وما يعلنون هي التي تحتاج وقفة.     


لا تظنوا أن الله تبارك وتعالى لأنه غيب لا يعلم إلا ما هو مستور وخفي فقط، لا، إنه يعلم المشهود والغائب، إذن فالمناسب لأن الله غيب عن أبصارنا وكوننا لا ندركه أن يقول ما يسرون أولاً.


 ما معنى ما يسرون؟


السر هو ما لم تهمس به إلى غيرك، لأن همسك للغير بالشيء لم يعد سراً، ولكن السر هو ما تسره في نفسك ولا تهمس به لأحد من الناس، وإذا كان السر هو ما تسره في نفسك، فالعلن هو ما تجاهر به.     


ويكون علناً ما دام قد علمه اثنان، والعلن عند الناس واضح والسر عندهم خفي، والله سبحانه وتعالى حين يخبرنا أنه غيب، فليس معنى ذلك أنه لا يعلم إلا غيباً.    


 إنه يعلم السر والعلن، والله جل جلاله يقول في القرآن الكريم: { يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } [طه: 7].     


فإذا كان السر هو ما تخفيه في نفسك وله واقع داخلك، "ما هو أخفى" هو أن الله يعلم أنك ستفعله قبل أن تفعله.     


ويعلم أنه سيحدث منك قبل أن يحدث منك. 



سورة البقرة: الآيات من 76-80 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 76-80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 76-80   سورة البقرة: الآيات من 76-80 Emptyالأحد 31 مارس 2019, 5:30 am

وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [٧٨]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الله سبحانه وتعالى لا زال يتحدث عن أهل الكتاب، فبعد أن بَيَّنَ لنا الذين يقولون: {أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } [البقرة: 76]، انتقل سبحانه وتعالى إلى طائفة أخرى وهم من أسماهم بالأميين، وأصح قول في الأمي هو أنه كما ولدته أمه، أي لم يعلم شيئاً من ثقافة وعلم في الوجود منذ لحظة نزوله من بطن أمه.     

ولذلك فإن الأمي على إطلاقه هو الذي لا يكتسب شيئاً من ثقافة الوجود حوله، بصرف النظر عن أن يقال كما ولدته أمه، لأن الشائع في المجتمعات أن الذي يعلم هم الخاصة لا العامة، وعلى أية حال فالمعاني كلها ملتقية في تعريف الأمي.     

قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} [البقرة: 78]، تلاحظ أن هناك معسكرات من الأميين واجهت الدعوة الإسلامية، فالمعسكر الأول كان المشركون في مكة، والمعسكر الثاني كان أهل الكتاب في المدينة. 

وأهل الكتاب تطلق على أتباع موسى وأتباع المسيح، ولكن في الجزيرة العربية كان هناك عدد لا يذكر من النصارى، وكان هناك مجتمع.     

والمقصود من قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} [البقرة: 78] هم اليهود الذين كان لهم مجتمع في المدينة، وما دام الحق سبحانه وتعالى قال: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} [البقرة: 78]، معنى هذا أنه لابد أن يكون هناك منهم غير أميين، وهؤلاء هم الذين سيأتي قول اللهتعالى عنهم في الآية التالية: { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ، } [البقرة: 79].     

هنا قسّم الله تبارك وتعالى اليهود إلى أقسام، منهم قسم أُمِّي لا يعرفون الكتاب وما يقوله لهم أحبارهم هو الذي يعرفونه فقط، وهؤلاء ربما لو كانوا يعلمون ما في التوراة، من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم لآمنوا به، والكتاب هنا يقصد به التوراة، والله سبحانه وتعالى لم ينف عنهم مطلق العلم، ولكنه نفى خصوصية العلم، لأنه قال لا يعلمون إلا أماني، فكأن الأماني يعلمونها من الكتاب.     

ولكن ما الأماني؟

إنها تطلق مرة بدون تشديد الياء ومرة بتشديد الياء، فإن كانت بالتخفيف تكون جمع أمنية، وإن كانت بالتشديد تكون جمع أمنية بالتشديد على الياء، الأمنية تجدها في القرآن الكريم في قوله تعالى: { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ، } [النساء: 123].     

هذا بالنسبة للجمع.     

أما بالنسبة للمفرد، في قوله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ، } [الحج: 52].

ما هي الأمنية؟

الأمنية هي الشيء الذي يحب الإنسان أن يحدث ولكن حدوثه مستحيل، إذن لن يحدث ولن يكون له وجود، ولذلك قالوا إن من معاني التمني اختلاق الأشياء.

 الشاعر الذي قال:
أَلا لَيْتَ الشَّـبابَ يعـودُ يوماً فَأُخْبِرُهُ بما فَعَلَ المَشِـيبُ

هل الشباب يمكن أن يعود؟

طبعاً مستحيل، هذا شيء لن يحدث.

والشاعر الذي قال:
لَيْـتَ الكـواكبَ تَـدْنُو لِي فَأَنْظمَـهَا عُقُـودَ مَـدْحٍ فَـما أَرْضَى لَـكُمْ كَـلِمِ

هل النجوم ستنزل من السماء وتأتي إلى هذا الشاعر، ينظمها أبيات شعر إلى حبيبته، إذن من معاني التمني الكذب والاختلاق.     

ولقد فسر بعض المستشرقين قول الله تبارك وتعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ } [الحج: 52] (أي قرأ): { أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ } [الحج: 52] (أي في قراءته)، وطبعاً الشيطان لن يُلقي في قراءة الرسول إلا كذباً وافتراءً وكُفراً، إقرأ قوله سبحانه: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ * أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [النجم: 19-22].     

قال أعداء الإسلام ما دام قد ذكر في القرآن أسماء الغرانيق، وهي الأصنام التي كان يعبدها الكفار، ومنها اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، إذن فشفاعة هذه الأصنام تُرتجى في الآخرة، وهذا كلام لا ينسجم مع منطق الدين كله يدعو لعبادة الله وحده، وخرج المستشرقون من ذلك بأن الدين فعلاً يدعو لعبادة الله وحده، إذن فيكون الشيطان قد ألقى في أمنيته فيما يقوله رسول الله، ثم أحكم الله سبحانه آياته فقال تعالى:{ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } [النجم: 23].     

وهم يريدون بذلك أن يشككوا، في أنه من الممكن أن يلقي الشيطان بعض أفكاره في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الله سبحانه ينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم آياته.     

إن الله جل جلاله لم يترك وحيه لعبث الشيطان، ولذلك سنبحث الآية بعيداً عن كل ما قيل، نقول لو أنك تنبهت إلى قول الله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ } [الحج: 52] لو قلنا تمنى بمعنى قرأ، ثم أن الله ينسخ ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته، إذن هو سبحانه لن يترك رسوله يخطئ، وبذلك ضمنا أن كل ما ينتهي إليه الرسول صواب، وأن كل ما وصلنا عن الرسول محكم، فنطمئن إلى أنه ليس هناك شيء يمكن أن يلقيه الشيطان في تمني الرسول ويصلنا دون أن ينسخ.     

فإذا قلنا: إن الله ينسخ ما يلقي الشيطان فما الذي جعلكم تعرفون ما ألقاه الشيطان ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل لكم إلا المحكم، ثم من هو الرسول؟ بَشَرٌ أُوحِيَ إليه بمنهج من السماء وأُمِرَ بتبليغه، ومَنْ هو النبي؟، بشر أُوحِيَ إليه بمنهج.     

ولم يُؤْمَرْ بتبليغه، وما دام لم يؤمر بتبليغه يكون خاصاً بهذا النبي، ويكون النبي قدوة سلوكية، لأنه يطبق منهج الرسول الذي قبله فهو لم يأتي بجديد.     

الآية الكريمة جاءت بكلمتي رسول أو نبي، إذا كان معنى أمنية الشيطان مستقيماً بالنسبة للرسول فهو غير مستقيم بالنسبة للنبي، لأن النبي لا يقرأ شيئاً، وما دام النبي ذكر في الآية الكريمة فلابد أن يكون للتمني معنى آخر غير القراءة، لأن النبي لم يأت بكلام يقرؤه على الناس، فكأنه سيقرأ كلاماً محكماً ليس فيه أمنية الشيطان أي قراءته.

إن التمني لا يأتي بمعنى قراءة الشيطان، وأمنية الرسول والنبي أن ينجحا في مهمتهما، فالرسول كمبلغ لمنهج الله، النبي كأسوة سلوكية، المعنى هنا يختلف، الرسول أمنيته أن يبلغ منهج الله، والشيطان يحاول أن ينزع المنهج من قلوب الناس، هذا هو المعنى، والله سبحانه وتعالى حين يحكم آياته ينصر الإيمان ليسود منهج الله في الأرض وتنتظم حركة الناس، هذا هو المعنى.     

وكلمة تمنَّي في هذه الآية الكريمة بمعنى أن الرسول أو النبي يحب أن يسود منهجه الأرض، والشيطان يلقي العراقيل والله يحكم آياته وينصر الحق.     

ويجب أن نفهم الآية على هذا المعنى، بهذا ينتفي تماماً ما يدعيه المستشرقون من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يقرأ ما يوحى إليه يستطيع الشيطان أن يتدخل ويضع كلاماً في الوحي، مستحيل.     

وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} [البقرة: 78].    

معناها أنه يأتي قوم لا يعرفون شيئاً عن الكتاب إلا ظناً، فيصدقهم هؤلاء الأميون دون علم، وكان الله سبحانه يريد أن يلفتنا إلى أن كثيراً من المذاهب الدينية في الأرض ينشأ عن المبلغين لها، فهناك أناس يأتمنون آخرين ليقولوا لهم ما انتهت إليه الأحكام الدينية، فيأتي الأمي أو غير المثقف يسأل عالماً عن حكم من الأحكام الشرعية، ثم يأخذ منه الحكم ويطبقه دون أن يناقشه، لأن علمه قد انتهى عند السؤال عن الفتوى، والحق سبحانه وتعالى كما يقول: { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ، } [الأنعام: 164].     

أي لا يحمل أحد ذنب أحد يوم القيامة، فيقول تعالى: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، } [النحل: 25].     

بعض الناس يظن أن الآيتين بينهما تعارض، نقول لا، من يرتكب إثماً يحاسب عليه، ومن يضل غيره بفتوى غير صحيحة يحل له بها ما حرم الله، فإنه يحمل معاصيه ومعاصي من أضل، فيكون له وزر لأنه ضل، ووزر لأنه أضل غيره، بل وأكثر من ذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجُور مَنْ تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَنْ دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَنْ تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).

ولابد أن نتنبه إلى خطورة الفتوى في الدين بغير علم، الفتوى في الدنيا أقصى ما يمكن أن تؤدي إليه هو أن تجعلك تخسر صفقة، لكن الفتوى في الدين ستدوم عمراً طويلاً.     

الحق تبارك وتعالى يقول: {وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} [البقرة: 78]، والظن كما قلنا هو نسبة راجحة ولكن غير مؤكدة، وإذا كان التمني كما ورد في اللغة هو القراءة، فهؤلاء الأميون لا يعلمون الكتاب إلا قراءة لسان بلا فهم، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى عن اليهود: { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } [الجمعة: 5].     

وهكذا نرى أن هناك صنفاً يحمل التوراة وهو لا يعرف عنها شيئاً، والله جل جلاله قال إن مثله كالحمار، ولكن أقل من الحمار، لأن الحمار مهمته أن يحمل الأثقال، ولكن الإنسان ليست مهمته أن يحمل ما يجهل، ولكن لابد أن يقرأ الكتاب ويعلم المطلوب منه. 



سورة البقرة: الآيات من 76-80 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 76-80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 76-80   سورة البقرة: الآيات من 76-80 Emptyالأحد 31 مارس 2019, 5:32 am

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [٧٩]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هذه الآية الكريمة جاءت في القسم الثاني من اليهود وهو المقابل للأميين، وهم إما أميون لا يعلمون الكتاب، وإما يعلمون ولكنهم يغيرون فيه ويكتبونه بأيديهم ويقولون هذا من عند الله.     

ولذلك توعدهم الله تبارك وتعالى فقال: ويل لهم، وبدأ الآية بالوعيد بالجزاء مباشرة.     

نلاحظ أن كلمة ويل في اللغة تستعمل معها كلمتا ويح وويس، وكلها تعني الهلاك والعذاب، وتستعمل للتحسر على غفلة الإنسان من العذاب، واقرأ قوله تعالى: { يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا، } [الكهف: 49].     

وقوله جل جلاله: { يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا، } [الأنبياء: 97].

هذه الويلات تعني الحسرة وقت رؤية العذاب، وقيل إن الويل وَادٍ في جهنم يهوي الإنسان فيه أربعين خريفا والعياذ بالله، والحق تبارك وتعالى ينذر الذين يكتبون الكتاب بأيديهم أن عذابهم يوم القيامة سيكون مضاعفاً، لأن كل من ارتكب إثماً نتيجة لتزييفهم للكتاب سيكونون شركاء وسيحملون عذابهم معهم يوم القيامة، وسيكون عذابهم مضاعفاً أضعافاً كثيرة.    

 يقول الحق سبحانه وتعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} [البقرة: 79]، ألم يكن يكفي أن يقول الحق فويل للذين يكتبون الكتاب ويكون المعنى مفهوما، يكتبون الكتاب بماذا؟ بأيديهم، نقول لا، لأن الفعل قد يتم بالأمر وقد يتم بالفعل، رئيس الدولة مثلاً يتصل بأحد وزرائه ويقول له ألم أكتب إليك كتاباً بكذا فلماذا لم تنفذه؟ هو لم يكتب هذا الكتاب بيده ولكنهم كتبوه بأمره، ورؤساء الدول نادراً ما يكتبون كتباً بأيديهم.     

إن الله سبحانه وتعالى يريد هنا أن يبين لنا مدى تعمد هؤلاء للإثم، فهم لا يكتفون مثلاً بأن يقولوا اكتبوا، ولكن لاهتمامهم بتزييف كلام الله سبحانه وتزويره يقومون بذلك بأيديهم ليتأكدوا بأن الأمر قد تم كما يريدون تماماً، فليست المسألة نزوة عابرة، ولكنها مع سبق الإصرار والترصد، وهم يريدون بذلك أن يشتروا ثمناً قليلاً، هو المال أو ما يسمى بالسلطة الزمنية، يحكمون ويكون لهم نفوذ وسلطان.     

ولقد كان أهل الكتاب في الماضي إذا اختلفوا في شيء، ذهبوا إلى الكهان والرهبان وغيرهم ليقضوا بينهم، لماذا؟ لأن الناس حين يختلفون يريدون أن يستتروا وراء ما يحفظ كبرياءهم إن كانوا مخطئين، يعني لا أنهزم أمامه ولا ينهزم أمامي، وإنما يقولون ارتضينا حكم فلان، فإذا كنا سنلجأ إلى تشريع السماء ليحكم بيننا، لا يكون هناك غالب ومغلوب أو منهزم ومنتصر، ذلك حين أخضع أنا وأنت لحكم الله يكون كل منا راضياً بنتيجة هذا الحكم.     

ولكن رجال الدين اليهودي والمسيحي أخذوا يصدرون فتاوى متناقضة، كل منهم حسب مصلحته وهواه، ولذلك تضاربت الأحكام في القضايا المتشابهة، لأنه لم يعد الحكم بالعدل، بل أصبح الحكم خاضعاً لأهواء ومصالح وقضايا البشر، وحين يكتبون الكتاب بأيديهم ويقولون هذا من عند الله، إنما يريدون أن يخلعوا على المكتوب قداسة تجعل الإنسان يأخذه بلا مناقشة، وبذلك يكونون هم المشرعين باسم الله، ويكتبون ما يريدون ويسجلونه كتابة، وحين أحس أهل الكتاب بتضارب حكم الدين بما أضافه الرهبان والأحبار، بدأوا يطلبون تحرير الحكم من سلطة الكنيسة.     

ولكن لماذا يكتب هؤلاء الناس الكتاب بأيديهم ويقولون هذا من عند الله؟!، الحق سبحانه وتعالى يقول: {لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} [البقرة: 79]، وقد قلنا إن الإنسان لا يشتري الثمن، ولكن يدفع الثمن ويشتري السلعة، ولكنك هنا تدفع لتأخذ ثمناً، تدفع من منهج الله وحكم الله فتغيره وتبدله لتأخذ ثمناً موقوتاً، والله سبحانه وتعالى يعطيك في الآخرة الكثير ولكنك تبيعه بالقليل، وكل ثمن مهما بلغ تأخذه مقابل منهج الله يعتبر ثمناً قليلاً.     

والحق سبحانه وتعالى: يقول {فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 79]، الآية الكريمة بدأت بقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} [البقرة: 79]، ثم جاء قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]، فساعة الكتابة لها ويل وعذاب، وساعة بيع الصفقة لها ويل وعذاب، والذي يكسبونه هو ويل وعذاب.

لقد انتشرت هذه المسألة في كتابة صكوك الغفران التي كانت تباع في الكنائس لمن يدفع أكثر.     

والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]، وكلمة كسب تدل على عمل من أعمال جوارحك يجلب لك خيراً أو نفعاً وهناك كسب وهناك اكتسب، كسب تأتي بالشيء النافع، واكتسب تأتي بالشيء الضار، ولكن في هذه الآية الكريمة الحق سبحانه وتعالى قال: {وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]، وفي آية ثانية قال: { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } [البقرة: 81].     

فلماذا تم هذا الاستخدام؟ نقول إن هذا ليس كسباً طبيعياً، إنما هو افتعال في الكسب، أي اكتساب، ولابد أن نفهم أنه بالنسبة لجوارح الإنسان، فإن هناك القول والفعل والعمل، بعض الناس يعتقد إن هناك القول والعمل، نقول لا، هناك قول هو عمل اللسان، وفعل هو عمل الجوارح الأخرى غير اللسان، وعمل وهو أن يوافق القول الفعل، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى يقول: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } [الصف: 2-3].     

إذن هناك قول وفعل وعمل، والإنسان إذا استخدم جوارحه استخداماً سليماً بفعل ما هو صالح له، فإذا انتقل إلى ما هو غير صالح إلى ما يغضب الله فإن جوارحه لا تفعل ولكنها تفتعل، تتصادم ملكاتها بعضها مع بعض والإنسان وهو يفتح الخزانة ليأخذ من ماله يكون مطمئناً لا يخاف شيئاً، والإنسان حين يفتح خزانة غيره يكون مضطرباً وتصرفاته كلها افتعال، والإنسان مع زوجته منسجم في هيئة طبيعية، بعكس ما يكون في وضع مخالف، إنها حالة افتعال، وكل من يكسب شيئاً حراماً افتعله، ولذلك يقال عنه اكتسب، إلا إذا تمرس وأصبح الحرام لا يهزه، أو ممن نقول عنهم معتادو الإجرام، في هذه الحالة يفعل الشيء بلا افتعال لأنه اعتاد عليه، هؤلاء الذين وصلوا إلى الحد الذي يكتبون فيه بأيديهم ويقولون من عند الله، أصبح الإثم لا يهزهم، ولذلك توعدهم الله بالعذاب مرتين في آية واحدة.



سورة البقرة: الآيات من 76-80 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 76-80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 76-80   سورة البقرة: الآيات من 76-80 Emptyالأحد 31 مارس 2019, 5:33 am

وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [٨٠]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا يكشف الله سبحانه وتعالى فكر هؤلاء الناس، لقد زين لهم الشيطان الباطل فجعلهم يعتقدون أنهم كسبوا فعلاً وأنهم أخذوا المال والجاه الدنيوي وفازوا به، لأنهم لن يعذبوا في الآخرة إلا عذاباً خفيفاً قصيراً، ولذلك يفضح الله تبارك وتعالى ما يقولونه مع بعضهم البعض، ماذا قالوا؟: {وقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} [البقرة: 80].    

 المس يعني اللمس الخفيف أو اقتراب شيء من شيء، ولكن لا يحس أحدهما بالآخر إلا إحساساً خفيفاً لا يكاد يذكر، فإذا أتيت إلى إنسان ووضعت أَنَامِلَكَ على يده يقال مسست، ولكنك لم تستطع بهذا المس أن تحس بحرارة يده أو نعومة جلده، ولكن اللمس يعطيك إحساساً بما تلمس: {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} [البقرة: 80] وهكذا أخذوا أقل الأقل في العذاب، ثم أقل الأقل في الزمن فقالوا أياماً معدودة، الشيء إذا قيل عن معدود فهو قليل، أما الشيء الذي لا يحصى فهو الكثير، ولذلك حين يتحدث الله عن نعمه يقول سبحانه: { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ، } [النحل: 18].     

فمجرد الإقبال على العد معناه أن الشيء يمكن إحصاؤه، فإن لم يكن ممكنا لا يُقبل أحد على عده، ولا نرى من حاول عدَّ حبات الرمل أو ذرات الماء في البحار، نِعَمُ الله سبحانه وتعالى ظاهرة وخفية لا يمكن أن تحصى، ولذلك لا يُقبل أحد على إحصائها، وإذا سمعت كلمة "أياماً معدودة" فأعلم أنها أيام قليلة، ولذلك نرى في سورة يوسف قول الحق جل جلاله: { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ، } [يوسف: 20].     

قولهم لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة، دليل على غبائهم لأن مدة المس لا تكون إلا لحظة، ولكنها أماني وضعها الشيطان في عقولهم ليأتي الرد من الله في قوله سبحانه: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ} [البقرة: 80] أي إذا كان ذلك وعداً من الله، فالله لا يخلف وعده.     

والله يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم لستم أنتم الذين تحكمون وتقررون ماذا سيفعل الله سبحانه وتعالى بكم، بل هو جل جلاله الذي يحكم، فإن كان قد أعطاكم عهداً فالله لا يخلف وعده.    

 وقوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 80]، هنا أدب النبوة والخلق العظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدلاً من أن يقول لهم أتفترون على الله أو أتكذبون على الله، أو أتختلقون على الله ما لم يقله، قال: {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 80] إن الذي يختلق الكلام يعلم أنه مختلق، إنه أول من يعلم كذب ما يقول، وقد يكون له حجة ويقنع من أمامه فيصدقه، ولكنه يظل يعلم إن ما قاله مختلق رغم أنهم صدقوه، ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها).    

إذن مُخْتَلِقُ الشيء يعرف إن هذا الشيء مُخْتَلَقٌ.     

وهؤلاء اليهود هم أول من يعلمون أن قولهم، {لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} [البقرة: 80] قول مختلق، ولكن لمن يقولون على الله ما هو افتراء وكذب؟ يقولون للأميين الذين لا يعرفون الكتاب.    



سورة البقرة: الآيات من 76-80 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة البقرة: الآيات من 76-80
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة البقرة: الآيات من 156-160
» سورة البقرة: الآيات من 236-240
» سورة البقرة: الآيات من 81-85
» سورة البقرة: الآيات من 161-165
» سورة البقرة: الآيات من 241-245

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: البقرة-
انتقل الى: