منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة البقرة: الآيات من 121-125

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52306
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقرة: الآيات من 121-125   سورة البقرة: الآيات من 121-125 Emptyالأربعاء 03 أبريل 2019, 1:26 am

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [١٢١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أن بَيَّنَ اللهُ سبحانه وتعالى أن اليهود والنصارى قد حَرَّفوا كتبهم، أراد أن يُبَيِّنَ أن هناك من اليهود والنصارى مَنْ لم يُحرِّفوا في كتبهم، وأن هؤلاء يؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام وبرسالته، لأنهم يعرفونه من التوراة والإنجيل.

ولو أن الله سبحانه لم يذكر هذه الآية لقال الذين يقرأون التوراة والإنجيل على حقيقتيهما، ويفكرون في الإيمان برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقالوا كيف تكون هذه الحملة على كل اليهود وكل النصارى ونحن نعتزم الإيمان بالإسلام، وهذا ما يقال عنه قانون الاحتمال، أي أن هناك عدداً مهما قل من اليهود أو النصارى يفكرون في اعتناق الإسلام باعتباره دين الحق.

وقد كان هناك جماعة من اليهود عددهم أربعون قادمون من سيناء مع جعفر بن أبي طالب ليشهدوا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قرأوا التوراة غير المُحَرَّفَة وآمنوا برسالته، وأراد اللهُ أن يُكرمهم ويُكرم كل مَنْ سيؤمن من أهل الكتاب، فقال جل جلاله: {ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ،} [البقرة: 121].

أي يتلونه كما أُنْزِلَ بغير تحريف ولا تبديل، فيعرفون الحقائق صافية غير مخلوطة بهوى البشر، ولا بالتحريف الذي هو نقل شيء من حق إلى باطل.

يقول الله تبارك وتعالى: {أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ} [البقرة: 121]، ونلاحظ أَنَّ القرآن الكريم يأتي دائماً بالمقارنة، ليكرم المؤمنين ويلقي الحسرة في نفوس المكذبين، لأن المقارنة دائماً تظهر الفارق بين الشيئين.

إن الله سبحانه يريد أن يعلم الذين آتاهم الله الكتاب فلم يحرفوه وآمنوا به، ليصلوا إلى النعمة التي ستقودهم إلى النعيم الأبدي، وهي نعمة الإسلام والإيمان، مقابل الذين يحرفون التوراة والإنجيل فمصيرهم الخسران المبين والخلود في النار.



سورة البقرة: الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52306
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 121-125   سورة البقرة: الآيات من 121-125 Emptyالأربعاء 03 أبريل 2019, 1:27 am

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [١٢٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لو رجعنا إلى ما قلناه عندما تعرضنا للآية [40] من سورة البقرة، وقوله تعالى: { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } فالحق سبحانه وتعالى لم ينه الجولة مع بني إسرائيل قبل أن يذكرهم بما بدأهم به، إنه سبحانه لا ينهي الكلام معهم في هذه الجولة، إلا بعد أن يذكرهم تذكيراً نهائياً بنعمه عليهم وتفضيله لهم على كثير من خلقه، ومن أكبر مظاهر هذا التفضيل، الآية الموجودة في التوراة تبشر بمحمد عليه الصلاة والسلام وذلك تفضيل كبير.

التذكير بالنعمة هنا وبالفضل هو تقريع لبني إسرائيل أنهم لم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه مذكور عندهم في التوراة، وكان يجب أن يأخذوا هذا الذكر بقوة ويسارعوا للإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه تفضيل كبير من الله سبحانه وتعالى لهم، والله جل جلاله قال حين أخذت اليهود الرجفة، وطلب موسى عليه السلام من ربه الرحمة، قال كما يروي لنا القرآن الكريم: { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [الأعراف: 156-157].



سورة البقرة: الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52306
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 121-125   سورة البقرة: الآيات من 121-125 Emptyالأربعاء 03 أبريل 2019, 1:29 am

وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ [١٢٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هذه الآية الكريمة تشابهت مع الآية 48 من سورة البقرة، التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ }.

نقول إن هذا التشابه ظاهري، ولكن كل آية تؤدي معنى مستقلاً، ففي الآية 48 قال الحق سبحانه: "لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل"، وفي الآية التي نحن بصددها قال: "لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة".

لماذا؟

لأن قوله تعالى: "لا تجزي نفس عن نفس شيئاً"، لو أردنا النفس الأولى فالسياق يناسبها في الآية الأولى، ولو أردنا النفس الثانية فالسياق يناسبها في الآية الثانية التي نحن بصددها، فكأن معنا نفسين إحداهما جازية والثانية مجزي عنها، الجازية هي التي تشفع، فأول شيء يقبل منها هو الشفاعة، فإن لم تُقْبَلْ شفاعتها تقول أنا أتحمل العدل، أي أخذ الفدية أو ما يقابل الذنب، ولكن النفس المجزي عنها أول ما تقدم هو العدل أو الفداء، فإذا لم يقبل منها تبحث عن شفيع، ولقد تحدثنا عن ذلك بالتفصيل عند تعرضنا للآية 48 من سورة البقرة.



سورة البقرة: الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52306
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 121-125   سورة البقرة: الآيات من 121-125 Emptyالأربعاء 03 أبريل 2019, 1:31 am

وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [١٢٤]

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)


يأتي الحق سبحانه وتعالى إلى قصة إبراهيم عليه السلام، ليصفي الجدل والتشكيك الذي أحدثه اليهود عند تغيير القبلة، واتجاه المسلمين إلى الكعبة المشرفة بدلاً من بيت المقدس، كذلك الجدل الذي أثاره اليهود بأنهم شعب الله المختار وأنه لا يأتي نبي إِلاَّ منهم.


يريد الله تبارك وتعالى أن يبين صلة العرب بإبراهيم وصلتهم بالبيت، فيقول الحق جل جلاله: {وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} [البقرة: 124]، ومعناها اذكر إذا ابتلى الله إبراهيم، وإذ هنا ظرف وهناك فرق بينها وبين إذا الشرطية في قوله تعالى: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } [النصر: 1-2].


إذا هنا ظرف ولكنه يدل على الشرط، أما إذ فهي ظرف فقط، وقوله تعالى: {وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124]، معناها اذكر وقت أن ابتلى إبراهيم بكلمات.


ما معنى الابتلاء؟ الناس يظنون أنه شر ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، لأن الابتلاء هو امتحان إن نجحنا فيه فهو خير وإن رسبنا فيه فهو شر، فالابتلاء ليس شراً ولكنه مقياس لاختبار الخير والشر.


الذي ابتلى هو الله سبحانه، هو الرب، والرب معناه المربي الذي يأخذ من يربيه بأساليب تؤهله إلى الكمال المطلوب منه، ومن أساس التربية أن يمتحن المربي من يربيه ليعلم هل نجح في التربية أم لا؟


والابتلاء هنا بكلمات والكلمات جمع كلمة، والكلمة قد تطلق على الجملة مثل قوله تعالى: { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً * مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } [الكهف: 4-5].


إذن فالكلمة قد تطلق على الجملة وقد تطلق على المفرد، كأن تقول مثلاً محمد وتسكت، وفي هذه الحالة لا تكون جملة مفيدة، والكلمة المرادة في هذه الآية هي التكليف من الله.


قوله سبحانه افعل ولا تفعل، فكأن التكليف من الله مجرد كلمة وأنت تؤدي مطلوبها أو لا تؤديه، وقد اختلف العلماء حول الكلمات التي تلقاها إبراهيم من ربه، نقول لهم إن هذه الكلمات لابد أن تناسب مقام إبراهيم أبي الأنبياء، إنها ابتلاء يجعله أهلاً لحمل الرسالة، أي لابد أن يكون الابتلاء كبيراً، ولقد قال العلماء إن الابتلاءات كانت عشرة وقالوا أربعين منها عشرة في سورة التوبة وهي قوله تعالى: { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ، } [التوبة: 112].


وهذه رواية عبد الله بن عباس، وعشرة ثانية في سورة المؤمنون.


وفي قوله سبحانه: { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } [المؤمنون: 1-10].


وبعد ذلك قال: "أولئك هم الوارثون".


وفي سورة الأحزاب يذكر منهم قوله جل جلاله: { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب: 35].


وفي سورة المعارج يقول: { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ * وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ * وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } [المعارج: 22-34].


نخرج من هذا الجدل، بأن نقول إن الله ابتلى إبراهيم بكلمات تكليفية افعل كذا ولا تفعل كذا، وابتلاه بأن أُلْقِيَ في النار وهو حي فلم يجزع ولم يتراجع ولم يتجه إلا لله وكانت قمة الابتلاء أن يذبح ابنه.


وكون إبراهيم أدى جميع التكليفات بعشق وحب وزاد عليه من جنسها، وكونه يلقى في النار ولا يبالي يأتيه جبريل فيقول ألك حاجة فيرد إبراهيم أَمَّا إليك فلا، وأما إلى الله فعلمه بحالي يغنيه عن سؤالي، وكونه وهو شيخ كبير يبتلى بذبح ابنه الوحيد فيطيع بنفس مطمئنة ورضا بقدر الله، يقول الحق: { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [النجم: 36-37].


أي وَفَّى كل ما طلب منه وأداه بعشق للمنهج ولابتلاءات الله، لقد نجح إبراهيم عليه السلام في كل ما ابتلي به أو اختبر به، والله كان أعز عليه من أهله ومن نفسه ومن ولده، ماذا كافأه الله به؟ قال: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً،} [البقرة: 124].


أي أن الحق تبارك وتعالى ائتمنه أن يكون إماماً للبشر، والله سبحانه كان يعلم وفاء إبراهيم ولكنه اختبره لنعرف نحن البشر كيف يصطفي الله تعالى عباده المقربين وكيف يكونون أئمة يتولون قيادة الأمور، استقبل إبراهيم هذه البشرى من الله وقال كما يروي لنا القرآن الكريم: {قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي،} [البقرة: 124].


ما هي الذرية؟


هي النسل الذي يأتي والولد الذي يجئ، لأنه يحب استطراق الخير على أولاده وأحفاده وهذه طبيعة البشر، فهم يعطون ثمرة حركتهم وعملهم في الحياة لأولادهم وأحفادهم وهم مسرورون، ولذلك أراد إبراهيم أن ينقل الإمامية إلى أولاده وأحفاده، حتى لا يحرموا من القيم الإيمانية تحرس حياتهم وتؤدي بهم إلى نعيم لا يزول، ولكن الله سبحانه وتعالى يرد على إبراهيم بقضية إيمانية أيضاً هي تقريع لليهود، الذي تركوا القيم وعبدوا المادة فيقول جل جلاله: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ} [البقرة: 124].


فكأن إبراهيم بأعماله قد وصل إلى الإمامية، ولكن هذا لا ينتقل إلا للصالحين من عباده العابدين المسبحين.


وقوله الحق سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] مقصود به اليهود الذين باعوا قيمهم الإيمانية بالمادة، وهو استقراء للغيب أنه سيأتي من ذرية إبراهيم من سيفسق ويظلم.


ومن العجائب أن موسى وهارون عليهما السلام كانا رسولين، الرسول الأصيل موسى، وهارون جاء ليشد أزره لأنه فصيح اللسان، وشاءت إرادة الله سبحانه أن تستمر الرسالة في ذرية هارون وليس في ذرية موسى، والرسالة ليست ميراثاً، وقوله تعالى {لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]، فكأن عهد الله هو الذي يجذب صاحبه أي هو الفاعل، نأتي بعد ذلك إلى مسألة الجنس والدم واللون، بنوة الأنبياء غير بنوة الناس كلهم فالأنبياء اصطفاؤهم اصطفاء قيم وأبناؤهم هم الذين يأخذون منهم هذه القيم وليسوا الذين يأخذون الجنس والدم واللون، ولو رجعنا إلى قصة نوح عليه السلام حين غرق ابنه، رفع يديه إلى السماء وقال: { رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي، } [هود: 45].


فرد عليه الحق سبحانه وتعالى فقال: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ، } [هود: 46].


إن أهل النبوة هم الذين يأخذون القيم عن الأنبياء، ولولا أن الحق سبحانه قال لنا "إنه عمل غير صالح"، لاعتقدنا أنه ربما جاء من رجل آخر أو غير ذلك، ولكن الله يريدنا أن نعرف أن عدم نسبة ابن نوح إلى أبيه بسبب "إنه عمل غير صالح".



سورة البقرة: الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52306
العمر : 72

سورة البقرة: الآيات من 121-125 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 121-125   سورة البقرة: الآيات من 121-125 Emptyالأربعاء 03 أبريل 2019, 1:33 am

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [١٢٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وضّحت لنا الآية التي سبقت أن اليهود قد انتفت صلتهم بإبراهيم عليه السلام، بعد أن تركوا القيم والدين واتجهوا إلى ماديات الحياة، أنتم تدعون أنكم أفضل شعوب الأرض لأنكم من ذرية إسحاق بن إبراهيم والعرب لهم هذه الأفضلية والشرف لأنهم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، إذن فأنتم غير مفضلين عليهم، فإذا انتقلنا إلى قصة بيت المقدس وتحول القبلة إلى الكعبة، نقول إن ذلك مكتوب منذ بداية الخلق أن تكون الكعبة قبلة كل من يعبد الله.

الحق سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} [البقرة: 125]، تأمل كلمة البيت وكلمة مثابة، بيت مأخوذ من البيتوته وهو المأوى الذي تأوى إليه وتسكن فيه وتستريح وتكون فيه زوجتك وأولادك، ولذلك سميت الكعبة بيتاً لأنها هي المكان الذي يستريح إليه كل خلق الله، ومثابة يعني مرجعاً تذهب إليه وتعود، ولذلك فإن الذي يذهب إلى بيت الله الحرام مرة يحب أن يرجع مرات ومرات، إذن فهو مثابة له لأنه ذاق حلاوة وجوده في بيت ربه، وأتحدى أن يوجد شخص في بيت الله الحرام يشغل ذهنه غير ذكر الله وكلامه وقرآنه وصلاته، تنظر إلى الكعبة فيذهب كل ما في صدرك من ضيق وهم وحزن ولا تتذكر أولادك ولا شئون دنياك ولو ظلت جاذبية بيت الله في قلوب الناس مستمرة لتركوا كل شئون دنياهم ليبقوا بجوار البيت، ولذلك كان عمر بن الخطاب حريصاً على أن يعود الناس إلى أوطانهم وأولادهم بعد انتهاء مناسك الحج مباشرة..

ومن رحمة الحق سبحانه أن الدنيا تختفي من عقل الحاج وقلبه، لأن الحجيج في بيت ربهم، وكلما كربهم شيء أو همهم شيء توجهوا إلى ربهم وهم في بيته فيذهب عنهم الهم والكرب، ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول: { فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ، } [إبراهيم: 37].

أفئدة وليست أجساماً وتهوى أي يلقون أنفسهم إلى البيت، والحج هو الركن الوحيد الذي يحتال الناس ليؤدوه، حتى غير المستطيع يشق على نفسه ليؤدي الفريضة، والذي يؤديه مرة ويسقط عنه التكليف يريد أن يؤديه مرة أخرى ومرات.

إن من الخير أن تترك الناس يثوبون إلى بيت الله، ليمحو الله سبحانه ما في صدورهم من ضيق وهموم مشكلات الحياة.

وقوله تعالى: {مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} [البقرة: 125]، أمنا يعني يؤمّن الناس فيه، العرب حتى بعد أن تحللوا من دين إسماعيل وعبدوا الأصنام كانوا يؤمنون حجاج بيت الله الحرام، يلقي أحدهم قاتل أبيه في بيت الله فلا يتعرض له إلا عندما يخرج.

والله سبحانه وتعالى يضع من التشريعات ما يريح الناس من تقاتلهم ويحفظ لهم كبرياءهم فيأتي إلى مكان ويجعله آمناً، ويأتي إلى شهر ويجعله آمناً لا قتال فيه لعلهم حين يذوقون السلام والصفاء يمتنعون عن القتال.

والكلام عن هذه الآية يسوقنا إلى توضيح الفرق بين أن يخبرنا الله أن البيت آمن وأن يطلب منا جعله آمناً، إنه سبحانه لا يخبرنا بأن البيت آمن ولكن يطلب منا أن نؤمّن مَنْ فيه، الذي يطيع ربه يؤمن من في البيت والذي لا يطيعه لا يؤمنه، عندما يحدث هياج من جماعة في الحرم اتخذته ستاراً لتحقيق أهدافها، هل يتعارض هذا مع قوله تعالى: {مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} [البقرة: 125]، نقول لا، إن الله لم يعط لنا هذا كخبر ولكن كتشريع، إن أطعنا الله نفذنا هذا التشريع وإن لم نطعه لا ننفذه.

وقوله تعالى: {وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى،} [البقرة: 125]، وهنا نقف قليلا فهناك مَقام بفتح الميم ومُقام بضم الميم، قوله تعالى: { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ، } [الأحزاب: 13].

مَقام بفتح الميم اسم لمكان من قام، ومُقام بضم الميم اسم لمكان من أقام، فإذا نظرت إلى الإقامة فقل مُقام بضم الميم، وإذا نظرت إلى مكان القيام فقل مقام بفتح الميم، إذن فقوله تعالى: {وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى،} [البقرة: 125] بفتح الميم اسم المكان الذي قام إبراهيم فيه ليرفع القواعد من البيت ويوجد فيه الحجر الذي وقف إبراهيم عليه وهو يرفع القواعد.

ولكن لماذا أمرنا الله بأن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى؟

لأنهم كانوا يتحرَّجون عن الصلاة فيه، فالذي يصلي خلف المقام يكون الحجر بينه وبين الكعبة، وكان المسلمون يتحرَّجون أن يكون بينهم وبين الكعبة شيء فيخلون من الصلاة ذلك المكان الذي فيه مقام إبراهيم، ولذلك قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا نتخذ من مقام إبراهيم مصلى؟

وسؤال عمر ينبع من الحرص على عدم الصلاة وبينه وبين الكعبة عائق وهم لا يريدون ذلك، ولما رأى عمر مكاناً في البيت ليس فيه صلاة يصنع فجوة بين المصلين أراد أن تعم الصلاة كل البيت، فنزلت الآية الكريمة: {وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125].

وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أمرنا أن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى، فكأنه جل جلاله أقر وجود مكان إبراهيم في مكانه فاصلاً بين المصلين خلفه وبين الكعبة، وذلك لأن مقام إبراهيم له قصة تتصل بالعبادة وإتمامها على الوجه الأكمل، والمقام سيعطينا حيثية الإتمام لأن الله سبحانه وتعالى يقول: { فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ، } [آل عمران: 97].

إذن هناك آيات واضحة يريدنا الله سبحانه أن نراها ونتفهمها، فمقام إبراهيم هو مكان قيامه عندما أمره الله برفع القواعد من البيت، والترتيب الزمني للأحداث هو أن البيت وُجد أولاً، ثم بعد ذلك رفعت القواعد ووضع الحجر الأسود في موقعه وقد وضعه إبراهيم عليه السلام إن الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يعطينا التاريخ بقدر ما يريد أن يعطينا العبرة؛ فقصة بناء البيت وقع فيها خلاف بين العلماء.

متى بُنِيَ البيت؟

بعض العلماء جعلوا بداية البناء أيام إبراهيم وبعضهم يرى أنه من عهد آدم وفريق ثالث يقول إنه من قبل آدم، وإذا حكمنا المنطق والعقل وقرأنا قول الحق تبارك وتعالى: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [البقرة: 127].

نسأل ما هو الرَّفعُ أولاً؟

هو الصعود والإعلاء، فكل بناء له طول وله عرض وله ارتفاع، وما دامت مهمة إبراهيم هي رفع القواعد فكأن هناك طولاً وعرضاً للبيت وإن إبراهيم سيحدد البعد الثالث وهو الارتفاع، إن البيت كان موجوداً قبل إبراهيم، ثم جاء الطوفان الذي غمر الأرض في عهد نوح فأخفى معالمه، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يظهره ويبين مكانه للناس.

والكعبة ليست هي البيت ولكنها هي المكين الذي يدلنا على مكان البيت، إذن فالذين فهموا من قوله تعالى: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ، } [البقرة: 127]، بمعنى أن إبراهيم هو الذي بنى البيت، نقول لهم إن البيت كان موجوداً قبل إبراهيم وأن مهمة إبراهيم اقتصرت على رفع القواعد لإظهار مكان البيت للناس، ودليلنا على ذلك أنه الآن وقد ارتفع البناء حول الكعبة، مَنْ يُصلّي على السطح لا يسجد للكعبة ولكنه يسجد لجوّ الكعبة، ومَنْ يُصلّي في الدور الأسفل يصلي أيضاً للكعبة لأن المكان غير المكين.

ولعل أكبر دليل على ذلك من القرآن الكريم، إن إبراهيم حين أخذ هاجر وابنها إسماعيل وتركهما في بيت الله الحرام، ولم يكن قد بنى الكعبة في ذلك الوقت، ذكر البيت واقرأ قول الحق تبارك وتعالى في دعاء إبراهيم وهو يترك هاجر وطفلها الرضيع: { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ، } [إبراهيم: 37].

يعني أن البيت كان موجوداً وإسماعيل طفل رضيع، ولكن القواعد من البيت قد أقيمت بعد أن أصبح إسماعيل شاباً يافعاً يستطيع أن يعاون أباه في بناء الكعبة، إذن فمكان بيت الله الحرام كان موجوداً قبل أن يبني إبراهيم عليه السلام الكعبة، ولكن مكان البيت لم يكن ظاهراً للناس، ولذلك بَيَّنَ اللهُ سبحانه وتعالى لإبراهيم مكان البيت حتى يضع له العلامة التي تدل الناس عليه، واقرأ قوله تبارك وتعالى: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً، } [الحج: 26].

إن كثيراً من المفسرين يخفى عليهم حقيقة ما جاء في القرآن، والمفروض أننا حين نتعرض لقضية بناء البيت لابد أن نستعرض جميع الآيات التي وردت في القرآن الكريم حول هذه القصة، ومنها قوله تبارك وتعالى: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } [آل عمران: 96].

والكلام هنا عن البيت.

والقول إنه وضع للناس.

والناس هم آدم وذريته حتى تقوم الساعة، وعلى ذلك لابد أن نفهم أن البيت ما دام وضع للناس فالناس لم يضعوه، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي وضعه وحدده، وعدل الله يأبى إلا أن يوجد البيت قبل أن يخلق آدم.

ولذلك فإن الملائكة هم الذين وضعوه بأمر الله وحيث أراد الله لبيته أن يوضع، والله مع نزول آدم إلى الأرض شرع التوبة وأعد هذا البيت ليتوب الناس فيه إلى ربهم وليقيموا الصلاة ويتعبدوا فيه.

وعندما أراد إبراهيم أن يقيم القواعد من البيت كان يكفي أن يقيمها على قدر طول قامته، ولكنه أتى بالحجر ليزيد القواعد بمقدار ارتفاع الحجر، ويريد الله سبحانه وتعالى بمقام إبراهيم واتخاذه مصلى أن يلفتنا إلى أن الإنسان المؤمن لابد أن يعشق التكليف، فلا يؤديه شكلاً ولكن يؤديه بحب ويتحايل ليزيد تطوعاً من جنس ما فرض الله عليه.

إن الحجر الموجود في مقام إبراهيم إنما هو دليل على عشقه عليه السلام لتكاليف ربه ومحاولته أن يزيد عليها.

وإن الحجر الذي كان يقف عليه إبراهيم به حفر على شكل قدميه، وهما بين قائل أن الحجر لان تحت قدمي إبراهيم من خشية الله، وبين قائل إن إبراهيم هو الذي قام بحفر مكان في الحجر على هيئة قدميه، حتى إذا وقف عليه ورفع يده إلى أعلى ما يمكن ليُعْلي القواعد من البيت كان توازنه محفوظاً.

وقوله تعالى: {طَهِّرَا بَيْتِيَ،} [البقرة: 125] دليل على أن البيت زالت معالمه تماماً وأصبح مثل سائر الأرض، فذبحت فيه الذبائح وألقيت المخلفات، فأمر الله سبحانه وتعالى أن يطهر هو وإسماعيل البيت من كل هذا الدنس ويجعله مكاناً لثلاث طوائف: "الطائفين" وهذه مأخوذة من الطواف وهو الدوران حول الشيء، ولذلك يسمون شرطة الحراسة بالليل طوافة لأنهم يطوفون في الشوارع في أثناء الليل، والله جل جلاله يقول: { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } [القلم: 19-20].

وهذه هي قصة الحديقة التي منع أولاد الرجل الصالح بعد وفاته حق الفقراء والمساكين فيها فأرسل الله سبحانه من طاف بها، أي مشى في كل جزء منها فأحرق أشجارها، فالطائف هو الذي يطوف، "والعاكفين" هم المقيمون والرُّكَّع السجود" هم المصلون، فتطهير البيت للطواف به والإقامة والصلاة فيه، وهو مطهر أيضاً لأنه سيكون قبلة للمسلمين لكل راكع أو ساجد في الأرض حتى قيام الساعة.



سورة البقرة: الآيات من 121-125 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة البقرة: الآيات من 121-125
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة البقرة: الآيات من 76-80
» سورة البقرة: الآيات من 156-160
» سورة البقرة: الآيات من 236-240
» سورة البقرة: الآيات من 81-85
» سورة البقرة: الآيات من 161-165

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: البقرة-
انتقل الى: