الباب الثالث والثلاثون
في الجود والسخاء والكرم ومكارم الأخلاق واصطناع المعروف وذكر الأمجاد وأحاديث الأجواد
اعلم أن الجود بذل المال وأنفعه ما صرف في وجه استحقاقه وقد ندب الله تعالى إليه في قوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) قيل إن الجود والسخاء والإيثار بمعنى واحد وقيل من أعطي البعض وأمسك البعض فهو صاحب سخاء ومن بذل الأكثر فهو صاحب جود ومن آثر غيره بالحاضر وبقي هو في مقاساة الضرر فهو صاحب إيثار وأصل السخاء هو السماحة وقد يكون المعطى بخيلا إذا صعب عليه البذل والممسك حيا إذا كان لا يستصعب العطاء.
فمن الإيثار ما حكى عن حذيفة العدوى أنه قال انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي في القتلي ومعي شيء من الماء وأنا أقول إن كان به رمق سقيته فإذا أنا به بين القتلي فقلت له أسقيك فأشار إلي أن نعم فإذا برجل يقول آه فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه واسقه فاذا هو هشام بن العاص فقلت أسقيك فأشار إلي أن نعم فسمع آخر يقول آه فأشار إلي أن انطلق إليه فجئته فإذا هو قد مات فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات.
ومن عجائب ما ذكر في الايثار
ما حكاه أبو محمد الأزدي قال لما احترق المسجد بمرو ظن المسلمون أن النصارى أحرقوه فأحرقوا خاناتهم فقبض السلطان على جماعة من الذين أحرقوا الخانات وكتب رقاعا فيها القطع والجلد والقتل ونثرها عليهم فمن وقع عليه رقعة فعل به ما فيها فوقعت رقعة فيها القتل بيد رجل فقال والله ما كنت أبالي لولا أم لي وكان بجنبه بعض الفتيان فقال له في رقعتي الجلد وليس لي ام فخذ أنت رقعتى وأعطني رقعتك ففعل فقتل ذلك الفتي وتخلص هذا الرجل.
وقيل لقيس بن سعد هل رأيت قط أسخي منك قال نعم نزلنا بالبادية على امرأة فجاء زوجها فقالت له إنه نزل بنا ضيفان فجاءنا بناقة فنحرها وقال شأنكم فلما كان من الغد جاء بأخرى فنحرها وقال شأنكم فقلنا ما أكلنا من التى نحرت البارحة إلا القليل فقال إني لا أطعم ضيفاني البائت فبقينا عنده أياما والسماء تمطر وهو يفعل كذلك فلما أردنا الرحيل وضعنا مائة دينار في بيته وقلنا للمرأة أعتذري لنا إليه ومضينا فلما ارتفع النهار إذا برجل يصيح خلفنا قفوا أيها الركب اللئام أعطيتمونا ثمن قرانا ثم أنه لحقنا وقال خذوها وإلا طعنتكم برمحى هذا فأخذناها وانصرفنا.
وقال بعض الحكماء أصل المحاسن كلها الكرم وأصل الكرام نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام وجميع خصال الخير من فروعه وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر وفاتح له كلما افتقر وعن جابر ابن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال ما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا قط فقال لا وعنه أنه قال السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلي الله من عابد بخبل وقال بعض السلف منع الموجود سوء ظن بالمعبود تلا قوله تعالى ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين )
وقال الفضيل ما كانوا يعدون القرض معروفا وقال أكتم بن صيفي صاحب المعروف لا يقع وإن وقع وجد له متكأ وقيل للحسن بن سهل لا خير في السرف فقال لا سرف في الخير فقلب اللفظ واستوفي المعنى ووجد مكتوبا على حجر انتهز الفرص عند امكانها ولا تحمل نفسك هم ما لم يأتك واعلم ان تقتيرك على نفسك توفير لخزانة غيرك فكم من جامع لبعل حليلته وقال علي رضي الله تعالى عنه ما جمعت من المال فوق قوتك فإنما أنت فيه خازن لغيرك وقال النعمان بن المنذر يوما لجلسائه من أفضل الناس عيشا وأنعمهم بالا وأكرمهم طباعا وأجلهم في النفوس قدرا فسكت القوم فقام فتى فقال أبيت اللعن أفضل الناس من عاش الناس فضله فقال صدقت وكان أسماء بن خارجة يقول ما أحب أن أرد أحدا عن حاجة لأنه إن كان كريما أصون عرضه أو لئيما أصون عنه عرضي وكان مورق العجلي يتلطف في إدخال السرور والرفق على إخوانه فيضع عند أحدهم البدرة ويقول له امسكها حتى أعود إليك ثم يرسل يقول له أنت منها في حل وقال الحسن رضي الله عنه باع طلحة بن عثمان رضي الله تعالى عنه ارضا بسبعمائة ألف درهم فلما جاء المال قال إن رجلا يبيت هذا عنده لا يدرى ما يطرقه لغرير بالله تعالى ثم قسمة في المسلمين.
ولما دخل المنكدر على عائشة رضي الله عنها قال لها يا أم المؤمنين أصابتني فاقة فقالت ما عندى شيء فلو كان عندى عشرة آلاف درهم لبعثت بها إليك فلما خرج من عندها جاءتها عشرة آلاف درهم من عند خالد بن أسيد فارسلت بها إليه في أثره فأخذها ودخل بها السوق فاشترى جارية بألف درهم فولدت له ثلاثة أولاد فكانوا عباد المدينة وهم محمد وأبو بكر وعمر بنو المنكدر وأكرم العرب في الإسلام طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه جاء إليه رجل فسأله برحم بينه وبينه فقال هذا حائطى بمكان كذا وكذا وقد أعطيت فيه مائة ألف درهم يراح إلى المال بالعشية فإن شئت فالمال وإن شئت فالحائط وقال زياد بن جرير رأيت طلحة بن عبيد الله فرق مائة ألف في مجلس وأنه ليخيط إزاره بيده.
وذكر الإمام أبو علي القالي في كتاب الأمالي أن رجلا جاء إلى معاوية رضي الله تعالى عنه فقال له سألتك بالرحم التى بيني وبينك إلى ما قضيت حاجتي فقال له معاوية أمن قريش أنت قال لا قال فأي رحم بيني وبينك قال رحم آدم عليه السلام قال رحم مجفوة والله لأكونن أول من وصلها ثم قضي حاجته.
وروى أن الأشعث بن قيس أرسل إلى عدى بن حاتم يستعير منه قدورا كانت لأبيه حاتم فملأها مالا وبعث بها إليه وقال إنا لا نعيرها فارغة وكان الاستاذ أبو سهل الصعلوكي من الأجواد ولم يناول أحدا شيئا وإنما كان يطرحه في الأرض فيتناوله الآخذ من الأرض وكان يقول الدنيا أقل خطرا من أن ترى من أجلها يد فوق يد أخرى وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اليد العليا خير من اليد السفلي وسأل معاوية الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهم عن الكرم فقال هو التبرع بالمعروف قبل السؤال والرأفة بالسائل مع البذل وقدم رجل من قريش من سفر فمر على رجل من الأعراب على قارعة الطريق قد أقعده الدهر وأضر به المرض فقال له يا هذا أعنا على الدهر فقال لغلامه ما بقي معك من النفقة فادفعه إليه فصب في حجره أربعة آلاف درهم فهم ليقوم فلم يقدر من الضعف فبكي فقال له الرجل ما يبكيك لعلك استقللت ما دفعناه اليك فقال لا والله ولكن ذكرت ما تأكل الأرض من كرمك فأبكاني وقال بعضهم قصد رجل إلى صديق له فدق عليه الباب فخرج إليه وسأله عن حاجته فقال علي دين كذا وكذا فدخل الدار وأخرج إليه ما كان عليه ثم دخل الدار باكيا فقالت له زوجته هلا تعللت حيث شقت عليك الإجابة فقال إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله حتى احتاج إلي أن سألني.
ويروى أن عبد الله بن أبي بكر وكان من أجود الأجواد عطش يوما في طريقه فاستسقى من منزل امرأة فأخرجت له كوزا وقامت خلف الباب وقالت تنحوا عن الباب وليأخذه بعض غلمانكم فإنني امرأة عزب مات زوجي منذ أيام فشرب عبد الله الماء وقال يا غلام احمل إليها عشرة آلاف درهم فقالت سبحان الله أتسخرني فقال يا غلام أحمل اليها عشرين ألفا فقالت أسأل الله العافية فقال يا غلام أحمل إليها ثلاثين فما أمست حتى كثر خطابها وكان رضي الله تعالى عنه ينفق على اربعين دارا من جيرانه عن يمينه وأربعين عن يساره وأربعين أمامه وأربعين خلفه ويبعث إليهم بالأضاحي والكسوة في الأعياد ويعتق في كل عيد مائة مملوك رضي الله تعالى عنه.
ولما مرض قيس بن سعد بن عبادة استبطأ إخوانه في العيادة فسأل عنهم فقيل له إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين فقال أخزى الله مالا يمنع عني الإخوان من الزيارة ثم أمر مناديا ينادى من كان لقيس عنده مال فهو منه في حل فكسرت عتبة بابه بالعشي لكثرة العواد وكان عبد الله بن جعفر من الجود بالمكان المشهود وله فيه أخبار يكاد سامعها ينكرها لبعدها عن المعهود وكان معاوية يعطيه ألف ألف درهم في كل سنة فيفرقها في الناس ولا يرى إلا وعليه دين وسمن رجل بهيمة ثم خرج بها ليبيعها فمر بعبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه فقال يا صاحب البهيمة أتبيعها قال لا ولكنها هي لك هبة ثم تركها له وانصرف إلي بيته فلم يلبث إلا يسيرا وإذا بالحمالين على بابه عشرين نفرا عشرة منهم يحملون حنطة وخمسة لحما وكسوة وأربعة يحملون فاكهة ونقلا وواحد يحمل مالا فأعطاه جميع ذلك واعتذر إليه رضي الله تعالى عنه.
ولما مات معاوية رضي الله تعالى عنه وفد عبد الله بن جعفر على يزيد ابنه فقال كم كان أمير المؤمنين معاوية يعطيك فقال كان رحمه الله يعطيني ألف ألف فقال يزيد زدناك لترحمك عليه ألف ألف بأبي وأمي أنت فقال ولهذه ألف ألف فقال أما أني لا أقولها لأحد بعدك فقيل ليزيد اعطيت هذا المال كله من مال المسلمين لرجل واحد فقال والله ما أعطيته إلا لجميع أهل المدينة ثم وكل به يزيد من صحبه وهو لا يعلم لينظر ما يفعل فلما وصل المدينة فرق جميع المال حتى احتاج بعد شهر إلى الدين وخرج رضي الله تعالى عنه هو والحسنان وأبو دحية الأنصارى رضي الله تعالى عنهم من مكة الى المدينة فأصابتهم السماء بمطر فلجئوا إلى خباء أعرابي فأقاموا عنده ثلاثة أيام حتى سكنت السماء فذبح لهم الأعرابي شاة فلما ارتحلوا قال عبد الله للاعرابي إن قدمت المدينة فسل عنا فاحتاج الاعرابي بعد سنين فقالت له امرأته لو اتيت المدينة فلقيت أولئك الفتيان فقال قد نسيت أسماءهم فقالت سل عن ابن الطيار فأتي المدينة فلقي سيدنا الحسن رضي الله تعالى عنه فأمر له بمائة ناقة بفحولها ورعاتها ثم أتي الحسين رضي الله تعالى عنه فقال كفانا أبو محمد مؤونة الإبل فأمر له بألف شاة ثم أتي عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه فقال كفانى أخواني الابل والشياه فأمر له بمائة ألف درهم ثم أتى أبا دحية رضي الله تعالى عنه فقال والله ما عندى مثل ما أعطوك ولكن ائتني بابلك فأوقرها لك تمرا فلم يزل اليسار في عقب الاعرابي من ذلك اليوم.
وقال الحسن والحسين يوما لعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم إنك قد أسرفت في بذل المال فقال بأبي أنتما إن الله عز و جل عودني أن يتفضل علي وعودته أن أتفضل على عبادة فأخاف أن أقطع العادة فيقطع عنى المادة وامتدحه نصيب فأمر له بخيل وأثاث ودنانير ودراهم فقال له رجل مثل هذا الأسود تعطي له هذا المال فقال إن كان أسود فان ثناه أبيض ولقد استحق بما قال أكثر مما نال وهل أعطيناه إلا ثيابا تبلى ومالا يفني وأعطانا مدحا يروى وثناء يبقي وخرج عبد الله رضي الله تعالى عنه يوما إلى ضيعة له فنزل على حائط به نخيل لقوم وفيه غلام أسود يقوم عليه فأتي بقوته ثلاثة أقراص فدخل كلب فدنا من الغلام فرمى أليه بقرص فأكله ثم رمى إليه بالثاني والثالث فأكلهما وعبد الله ينظر إليه فقال يا غلام كم قوتك كل يوم قال ما رأيت قال فلم آثرت هذا الكلب قال ارضنا ما هي بأرض كلاب وأنه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت أن أرده قال فما أنت صانع اليوم قال أطوى يومي هذا فقال عبد الله بن جعفر ألام على السخاء وإن هذا لأسخي مني فاشترى الحائط وما فيه من النخيل والآلات واشترى الغلام ثم أعتقه ووهبه الحائط بما فيه من النخيل والالات فقال الغلام إن كان ذلك لي فهو في سبيل الله تعالى فاستعظم عبد الله ذلك منه فقال يجود هذا وأبخل أنا لا كان ذلك أبدا.
وكان عبيد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما من الأجواد أتاه رجل وهو بفناء داره فقام بين يديه قال يا ابن عباس إن لي عندك يدا وقد احتجت إليها فصعد فيه بصرة فلم يعرفه فقال ما يدك قال رأيتك واقفا بفناء زمزم وغلامك يمتح لك من مائها والشمس قد صهرتك فظللتك بفضل كسائي حتى شربت فقال أجل إني لأذكر ذلك ثم قال لغلامه ما عندك قال مائتا دينار وعشرة آلاف درهم فقال إدفعها إليه وما أراها تفي بحق يده وقدم عبد الله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على معاوية مرة فأهدى إليه من هدايا النوروز حللا كثيرة ومسكا وآنية من ذهب وفضة ووجهها إليه مع حاجبه فلما وضعها بين يديه نظر إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال له هل في نفسك منها شيء قال نعم والله أن في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف عليهما الصلاة والسلام فضحك عبد الله وقال خذها فهي لك قال جعلت فداءك أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيحقد علي قال فاختمها بخاتمك وسلمها إلى الخازن فإذا كان وقت خروجنا حملناها إليك ليلا فقال الحاجب والله لهذه الحيلة في الكرم اكثر من الكرم.
وحبس معاوية عن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما صلاته فقيل لو وجهت إلى ابن عمك عبد الله بن عباس فانه قدم بنحو ألف ألف فقال الحسين وأني تقع ألف ألف من عبد الله فوالله لهو أجود من الريح إذا عصفت وأسخي من البحر إذا زخر ثم وجه إليه مع رسوله بكتاب يذكر فيه حبس معاوية صلاته عنه وضيق حاله وأنه يحتاج إلى مائة ألف درهم فلما قرأ عبد الله كتابه انهملت عيناه وقال ويلك يا معاوية أصبحت لين المهاد رفيع العماد والحسين يشكوا ضيق الحال وكثرة العيال ثم قال لوكيله أحمل إلى الحسين نصف ما أملكه من ذهب وفضة ودواب وأخبره إني شاطرته فان كفاه وإلا أحمل إليه النصف الثاني فلما أتاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال إنا لله وإنا إليه راجعون ثقلت والله على ابن عمي وما حسبت أنه يسمح لنا بهذا كله رضوان الله عليهم أجمعين.
وجاء رجل من الأنصار إلى عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال له يا ابن عم محمد إنه ولد في هذه الليلة مولود وإني سميته باسمك تبركا بك وإن أمه ماتت فقال له بارك الله لك في الهبة وآجرك عن المصيبة ثم دعا بوكيلة وقال له انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه وادفع لأبيه مائتي دينار لينفقها على تربيته ثم قال للأنصارى عد إلينا بعد أيام فانك جئتنا وفي العيش يبس وفي المال قلة فقال الأنصارى جعلت فداءك لو سبقت حاتما بيوم ما ذكرته العرب.
وقال أبو جهم بن حذيفة يوما لمعاوية أنت عندنا يا أمير المؤمنين كما قال ابن عبد كلال
( يقينا ما نخاف وإن ظننا ... به خير أراناه يقينا )
( نميل على جوانبه كأنا ... إذا ملنا نميل على أبينا )
نقلبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كرما ولينا )
فأمر له بمائة ألف درهم...
وأنشده عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما
( بلوت الناس قرنا بعد قرن ... فلم أر غير خيال وقال )
( ولم أر في الخطوب أشد وقعا ... وأمضي من معاداة الرجال )
( وذقت مرارة الأشياء طرا ... فما شيء أمر من السؤال )
فأعطاه مائة ألف درهم ودخل عليه الحسن يوما وهو مضطجع على سريره فسلم عليه وأقعده عند رجليه وقال ألا تعجب من قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تزعم أني لست للخلافة أهلا ولا لها موضعا فقال الحسن أواعجبا مما قلت قال كل العجب قال الحسن وأعجب من هذا كله جلوسي عند رجليك فاستحيا معاوية واستوى جالسا ثم قال أقسمت عليك يا أبا محمد ألا ما اخبرتني كم عليك دينا قال مائة ألف درهم فقال يا غلام أعط أبا محمد ثلاثمائة ألف يقضي بها دينه ومائة ألف يفرقها على مواليه ومائة ألف يستعين بها على نوائبه وسوغها إليه الساعة.