أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: المبحث الرابع: وسائل حفظ المنطق الإثنين 29 أكتوبر 2018, 7:49 pm | |
| المبحث الرابع: وسائل حفظ المنطق
يعيش المرء بين السكوت، والتكلم، وكل واحد منهما له ثلاث حالات بين الإباحة، والترغيب بنوعيه: الواجب والمندوب، والترهيب بنوعيه: المُحَرَّم، والمكروه.
فالسكوت: قد جاءت النصوص في الترغيب في كف اللسان والسكوت، والصمت عن كل ما لا يعني المرء، وترك الخوض فيه؛ لأنه خُذْلان للعبد، ومقت له من الله -تعالى- وأن اللسان هو أحق الأعضاء بالتطهير، وطُول السجن، وخزْنِهِ عما لا ينفع، وأن مكابدة الصمت سِتْرٌ للجاهل، وزينة للعالم، وقلة الكلام مكرمة في الإسلام؛ إذ اللسان سبُعٌ؛ من أرسله أكله، وأن سكوت المرء دائر بين الإباحة، وبين النّهي، وبين المشروعية، فالسكوت عن الحق آفة تقابل التكلم بالباطل؛ يهضم الحق، ويجلب الإثم، ويهدم صالح الأعمال.
وهجر الكلام الباطل، والسكوت عن اللغا، ورفث التكلم: مكرمة في الإسلام، مترددة بين الوجوب، والاستحباب.
وأما الكلام: فقد حَفَّهُ الشرع بضوابط، حتى يسير في طريق المُباح، أو الواجب، أو المَسنون...
وجماع ضوابطه في لزوم: ((الصدق)) و ((العدل)).
أما ((الصدق في القول)): فقد مدح الله الصادقين وأثنى عليهم، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
وهو قاعدة التعايش بين العباد، والنصوص في لزومه أكثر من أن تُذكر.
وهو سِمَةٌ للإنسان مُميزة له عن الحيوان، وفارق بين النبي والمُتنبي، وبين المؤمن والمنافق، وهو أصل البر، وعلى الصَّادق تتنزل الملائكة، وهو أساس السُّلوك إلى الله، والدار الآخرة.
وانظر مبحثاً نفسياً عن: منزلة ((الصدق)) في: ((الفتاوى: 20 /74- 78)).
وأما لزوم العدل بالقول: فقال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: من الآية: 152].
((والأقوال التي ذمَّها اللهُ في كتابه أكثر من أن تُعَدُّ كالقول الخبيث، والقول الباطل، والقول عليه بما لا يعلم القائل، والكذب، والافتراء، والغيبة، والتنابز بالألقاب، والتناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، وتبييت ما لا يرضى من القول، وقول العبد بلسانه ما ليس في قلبه، وقوله ما لا يفعله، وقول اللغو، وقول ما لم ينزل الله به سلطاناً، والقول المتضمن للشفاعة السيئة، والقول المتضمن للمعاونة على الإثم والعدوان، وأمثال ذلك من الأقوال المسخوطة والمبغوضة للرب تعالى التي كلها قبيحة لا حسن فيها ولا أحسن)) انتهى من ((السماع)) لابن القيم.
وقد حثَّت الشريعة على طِيب الكلام: فقال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: من الآية: 88].
وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمَنْ لم يجد فبكلمةٍ طيبةٍ)).
ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل، وتعجبه الكلمة الطيبة.
وللمحافظة على هذا المسلك القويم، والصراط المستقيم؛ جاء النَّهي يتلوه النَّهي، والتحذير يتبعه الترهيب، عن أقوال، وألفاظ، وعبارات، تُكوِّنُ بمجموعها وسائل الشريعة لحفظ المنطق، وصيانته عن كل لفظ، مُحَرَّم، أو مكروه، أو الوصول إلى ما يُقارب المَكروه من فضول الكلام، ونحوه، وقد حصل لي بالتتبع جملة صالحة منها...
ويُمكن تصنيفها فيما يأتي: 1- في أدب المَرء مع ربه -سبحانه-: أصل الإسلام التلفظ بالشهادتين، وأن يؤمن المَرءُ بالله، ويوحده، ويطيع أمره، ويجتنب نهيه، وأن يُفرده بالعبادة -سبحانه-.
وفي سبيل ذلك وحمايته: * النَّهي عن كل لفظ فيه شرك بالله أو كفر به -سبحانه- أو يؤدِّي إلى أي منها. * النَّهي عن دُعاء غير الله -تعالى-. * النَّهي عن الإلحاد في أسماء الله -تعالى-. * النَّهي عن الاعتداء في الدُّعاء. * النَّهي عن الاستسقاء بالأنواء. * النَّهي عن القول على الله بلا علم. * النَّهي عن الدَّعاء بالبلاء. * النَّهي عن تعبيد الاسم لغير الله -تعالى-. * النَّهي عن التَّسَمِّي بأسماء الله -تعالى- التي اختصَّ بها نفسه -سبحانه-. * النّهي عن الحَلِفِ بغير الله.
2- في أدب المسلم مع النبي -صلى الله عليه وسلم-: واجب -والله- توقيره، وتعظيمه، ومحبَّته، واتباعه -صلى الله عليه وسلم-.
وفي سبيل ذلك: * النَّهي عن نداء النبي -صلى الله عليه وسلم- باسمه مُجَرَّدَاً. * النّهي عن الغُلُو والإطراء.
والكلام فيه إجمالاً وتفصيلاً، مشهور في كتب ومباحث: ((توحيد العبادة)).
وللحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- كلمات نفيسة ذكرها في كتابه: ((ميزان الاعتدال)) (2/650) في ترجمة عبد المجيد بن عبدالعزيز بن روّاد هذا نصها: (فالغلوُّ والإطراء منهيٌّ عنه، والأدب والتوقير واجب؛ فإذا اشتبه الإطراءُ بالتوقير توقف العالم وتورع، وسأل منْ هو أعلى منه حتى يتبيَّن له الحق، فيقول به، وإلاَّ فالسكوتُ واسع له، ويكفيه التوقير المنصوصُ عليه في أحاديث لا تُحْصى، وكذا يكفيه مجانبةُ الغلوّ الذي ارتكبه النصارى في عيسى؛ ما رضُوا له بالنبوَّةِ حتى رفعوه إلى الإلهية، وإلى الوالدّية، وانتهكوا رُتبه الرُّبُوبية الصمدِيَّة، فضلُّوا وخسروا؛ فإنّ إطراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤدّي إلى إساءة الأدب على الرب، نسأل الله تعالى أنْ يعصمنا بالتقوى، وأن يحفظ علينا حبنا للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما يرضى) اهـ.
3- الأدب مع القرآن الكريم: * النَّهي عن اللحن في قراءة القرآن الكريم. * النّهي عن تضييع شيء من حُرُوفه وحركاته. * النّهي عن القراءة هذرمة.
4- في أدب المسلم مع الصحابة -رضي الله عنهم-: * النّهي عن سَبِّ أحَدٍ من الصَّحْبِ والآلِ -رضي الله عنهم جميعاً-. * النّهي عن وقوع اللسان فيما شجر بين الصحابة -رضي الله عنهم-. * ورود النَّهي عن سَبِّ أفرادٍ منهم بأعيانهم، وأنَّ سَبَّهُمْ كُفْرٌ.
5- الأدب مع أسماء الشريعة ومصطلحاتها: * النَّهي عن تغيير الألفاظ الشرعية ((فتح الباري: 11 / 112)). * النَّهي عن التعبير بالألفاظ الإسلامية عن المعاني الباطلة ((الفتاوى: 17/333-353)). * النَّهي عن تغيير الألفاظ الإسلامية بألفاظ أجنبية عنها، أو فيها تَشَبُّهٍ يجلب مُصطلحات الكافرين وألفاظهم.
6- الأدب مع العرب: * النَّهي عن سَبِّ العرب، وبُغْضُهُمْ. * النَّهي عن سَبِّ قُرَيْش. * النَّهي عن سَبِّ مُضَر. * النّهي عن سَبِّ ربيعة. * النّهي عن سَبِّ تُبَّع. * النّهي عن سَبِّ ورقة بن نوفل.
7- الأدب مع لِسَانِ العرب: * النّهي عن تغيير لسان العرب وشعائرهم في لسانها. * النّهي عن اللحن. * النّهي عن التَّكَلُّمِ بغير العربية. * النّهي عن شعائر الكفَّار اللفظية.
8- وفي الأدب مع الوُلَاةِ: * النّهي عن الغِلْظَةِ لهم في القول. * النّهي عن نقل الحديث إليهم، إذا لم يَدْعُ إليه جلب مصلحة شرعية، أو دفع مَفسدة.
9- أدب المَرء مع نفسه: * النّهي عن تزكية المَرء نفسه.
10- وفي أدب الولد مع والديه: * النّهي عن عُقوق الوالدين وسَبُّهُمَا. * النَّهي المُغَلَّظِ عن التَّأَفُّفِ من الوالدين، وانتهارهِمَا. * النّهي عن تسمية الولد أباه، ومثله: أمَّه، وشيخه، ومُعلمه، ومناداتهم بذلك. * ولا يُكَنِّي الرَّجُلَ أبَاهُ. * لا يستغفر الرَّجُلُ لأبيه المُشْرِكْ.
11- وفي أدب المَرء مع أولاده: * كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يضرب ابنه على اللحن. * النَّهي عن سَبِّ الولد وشَتْمِهِ.
12- وفي الآداب بين الزوجين: * النّهي عن ((الشِّياع)) وهو: المفاخرة بالجماع، والتحدُّث بما يكون بين الرجل وزوجه. * النّهي عن سؤال الرجل فيمَ ضرب امرأته. * نهي المرأة أن تخبر زوجها بمحاسن امرأة أخرى.
13- وفي أدب النساء: * نهي النسوة أن يخضعن بالقول، وترقيق الصوت، وتمطيطه، وتنغيمه، وتحسينه. * النَّهي عن هجر القول المعروف.
14- وفي الأذان: * النّهي عن الكلام حال الأذان.
15- وفي الجنائز: * النّهي عن النِّيَاحَة.
16- وفي باب الأيمان: * النّهي عن الحَلِفِ بغير الله -تعالى-. * النّهي عن اليمين الغّمُوس. * النّهي عن كثرة الحَلِف.
17- وفي الأدب مع الدَّوَابِّ: * النّهي عن سَبِّ الدَّابَّة ولعنها. * النّهي عن سَبِّ البرغوث. * النّهي عن سَبِّ الدِّيك. * النّهي عن الضفدع.
18- وفي أدب المسلم مع العَوَارِضِ والجَمَادَاتِ: * النّهي عن سَبِّ الدَّهر. * النّهي عن الليل والنهار. * النّهي عن سَبِّ الريح، وأن على العبد سؤال الله من خيرها والاستعاذة من شرِّها. * النّهي عن سَبِّ الحُمَّى.
19- وفي الأدب مع الكُفَّارِ: * النَّهي عن التَّشَبُّهِ بهم في ألفاظهم. * النّهي عن تكنية المُشرك، ونحوه من ألفاظ التقدير. * النّهي عن الانتساب للكفَّار.
20- وفي مجال التَّشَبُّهِ: * النَّهي عن التَّشَبُّه بالمُشركين في الألفاظ. * النّهي عن التَّشَبُّهِ بالأعراب في الألفاظ، كما في النّهي عن تسمية المغرب باسم: العشاء، وعن تسمية العشاء باسم: العتمة. * النّهي عن الدَّعاء بدعوى الجاهلية.
21- وفي أدب المَرء مع غيره عموماً: * النّهي عن ذي اللسانين. * النّهي عن التنابز بالألقاب. * النّهي عن التعيير. * النّهي عن إخلاف الوعد. * النّهي عن الكلام زمن الفتنة، والأمر بالسكوت ولزوم البيوت. * النّهي عن تحلية السلعة بما ليس فيها. * النّهي عن النَّجْش. * النّهي عن حصائد الألسنة، فيما تقتطعه من الكلام الذي لا خير فيه. * النّهي عن أربى الرِّبا: شتم أعراض المسلمين، وأن الرَّاوي له: أحد الشاتمين. * النّهي عن إظهار الشَّماتة بالمسلم. * النّهي عن شهادة الزُّور. * النّهي عن الرِّياء، والتصنُّع في القول. * النّهي عن المَنِّ والأذى. * النّهي عن انتهار السَّائل، والفقير، واليتيم. * النّهي عن سَبِّ المُسلم حيّاً أو مَيِّتاً. * النّهي عن استعمال اللفظ المَصون في حق الوضيع، وعكسه. * النّهي عن اللفظ المكروه، والأمر بإبداله بأحسن منه. * النّهي عن تناجي الرجلين، ومعهما ثالث وحده... قال العلماء: حتى ولو كان أصمَّ. * النّهي عن التَّحَدُّثِ بكل ما سمع. * النّهي عن التَّمَادُح. * النّهي عن التَّقَادُح. * النّهي عن المُلاحاة، ويقال: اللحاء، ويُرْوى: أن كفارته صلاة ركعتين. * النّهي عن مدح الفاسق، وتسويده. * النّهي عن المِرَاء، والجَدَل بالباطل. * النّهي عن مُنَادَاة الرَّجُل وتلقيبُه بما يكره. * النّهي عن الطّعن بالأنساب، واعتراض المَرء في أنساب الناس، ودعوى النَّسب الكاذب، والتبرؤ من نسب وإن دَقَّ.
22- في الآداب العامة: * النّهي عن أدوى الأدواء: ((الكذب)).
قال الله تعالى: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: من الآية: 18].
فهي لكل كاذب إلى يوم القيامة، والكاذب أسوأ حالاً من البهيمة العجماء، فهو مسلوب حقيقة الإنسان، ولهذا قيل:
لا مُرُوءَةَ لكذّاب، فإن المُرُوءَةَ مصدر المَرء كما أن الإنسانية مصدر الإنسان. * النّهي عن البُهت -قبَّح الله فاعله-. * النّهي عن الغيبة. * النّهي للمسلم أن يكون: هُمزة، لُمزة، غُمزة. * النّهي عن النَّميمة، وعن ((العِضة)) وهي: النميمة، ونهي الرجل أن يكون ((قتَّاتاً))، ((أفَّاكاً)) وعن ((قول الزور)) و ((شهادة الزُّور)). * النّهي عن فُضول الكلام، وأنه باب يتسلط منه الشيطان على العبد لينال غرضه منه. * النّهي عن كثرة الكلام، وعن الثرثرة، وأنها تقسي القلب، ومَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، وأن كثرة الكلام: مَنْقَصَة، وقِلّتُهُ: مَحْمَدَةٌ ومَكْرَمَةٌ. * النّهي عن قيل وقال، وكثرة السُّؤال، وفُضُول الكلام، وأن البلاء مُوَكَّلٌ بالنُّطق. * النّهي عن قول ما لا يفعل، ومنهم خُطباء في الدنيا، يأمرون الناس، وينسون أنفسهم. * النّهي عن التأكُّل باللسان. * النّهي عن إملاء الشَّرِّ. * النّهي عن التقعر بالكلام، والتشدق به، والتفيهق به، وعن تخلل المرء بلسانه. * النّهي عن غريب الكلام وحُوشِيِّةِ. * النّهي عن التكلف في القول، ومنه: منازعة من فوقه. * النّهي عن الأخبار بالأحلام، وعن قص الرؤيا إلا على ذي وُدٍّ مُعبِّرٍ لها. * النّهي عن (( الشَّجب )) وهو: قول الخنا (4). * النّهي عن الصَّلفِ واللَّسانة. * النّهي عن فحش القول، والكلام العوراء، يقولها العبد لا يلقي لها بالاً. * النّهي عن ذرب اللسان، وبذاءته، وأن (( الذَّرب )) لعُوْقُ الشيطان. * النّهي عن تمني الموت، وعن دعاء المرء على نفسه، وعن الدعاء بالبلاء، وعن الاعتداء في الدعاء. * ونهي -صلى الله عليه وسلم- عن هُجْر الكلام، وأنه خرق للستر – نسأل الله السلامة -. * نهي المسلم عن أن يكون طعَّاناً، لعَّاناً، سبَّاباً، صخَّاباً في الأسواق. * النّهي عن الرفث، والصخب، لاسيما للصائم، والحاج. * النّهي عن التلاعن بلعنة الله. * النّهي عن التمني. * النّهي عن السخرية، وهي بالقول وغيره. * النّهي عن الاستهزاء. * النّهي عن زخرف القول، وعن زخرفته. * النّهي عن الافتخار، ومنه: الفخر بالآباء، وهو: عُبِّيَّةُ الجاهلية. * النّهي عن تزكية المرء نفسه. * النّهي عن تحدث المرء بما اقترف من الإثم. * النّهي عن إفشاء السِّر. * النّهي عن التحدث بكل ما سمع. * النّهي عن الشعر المقزع، كهجاء، أو فحش، أو كذب... * النّهي عن الغناء، وأنه لهو الحديث، ومزمار الشيطان، وداعية الزنا، ورائدة الفجور. * النّهي عن تسمية الخمر بغير اسمها. * النّهي عن التعبير عن الأمور المُستحسنة بالعبارات والألفاظ المُستقبحة. * النّهي عن التعبير عن الأُمور المستقبحة بالعبارة الصريحة ولكن يكني. |
|