أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الهدي النبوي في التربية والتعليم.. المقدمة.. الأحد 21 أكتوبر 2018, 9:05 pm | |
| الهدي النبوي في التربية والتعليم.. المقدمة.. فضيلة الشيخ: سليمان بن جاسر الجاسر غفر اللهُ له ولوالديه وللمسلمين
مقدمة: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
أما بعد: فمما لا شك فيه أن نهوض الأمة ورقيها معقود بصحة التعليم وجودة التربية، والمناهج الأرضية وطرائق البشر مهما أوتوا من قوة واجتمع لديهم من خبرة وثقافة فإنها تقف عاجزة عن تحقيق الكمال وبلوغ أقصى المراد المتوافق مع العقول والفطر السوية السليمة، والسبب هو أن هذه المناهج مهما ظُنَّ فيها بلوغ الكمال فإنها -كما تقدم- تظل قاصرة، وذلك لأن واضعها قاصر العلم وقليله، ولو كان عنده علم وخبرة فإنها لا تخلو من هوىً بشريٍ جهول، أو نظرةٍ ضيقةٍ محدودةٍ، مع ضعف في المراقبة وهو -بلا شك- مؤثر كبير على سير العمل التعليمي والتربوي، لذا فإن من المهم التأمل في الأساليب النبوية التربوية وذلك لأمور منها:
1- أن الله بعث نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- معلمًا ومزكيًا، ومبشرًا ونذيرًا، كما قال الله تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" [الجمعة: 2]، وجاء عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا» (1).
فالحكمة من بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُعلِّمَ الناس، لذا كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- كلها تربية وتعليمًا، مما جعلها غنية جدًا بالأساليب التربوية والطرائق التعليمية التي أدهشت العلماء والمثقفين فوقفوا حيالها حيارى منبهرين.
2- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوتي الكمال البشري، وعُصم من الخطأ الذي يقدح في تبليغه للدعوة، فأُعطي مع أمِّيَّتِهِ علمًا لا يُدانيه فيه أحدٌ من البشر، قال تعالى: "وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا" [النساء: 113].
وكلما كان علم المرء كثيرًا كانت تربيته راسخةً مكينةً، وإنما ضعفت التربية وذبلت زهرتها عند قوم لعدم تمكنهم العلمي، وضعف معرفتهم بشرع الله -تعالى- من كتابه وسُنَّةِ رسوله -صلى الله عليه وسلم- وبأحوال الناس وميولهم.
3- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بمختلف الظروف والأحوال التي يمكن أن يمُرَّ بها معلم أو مُرَبٍّ في أي زمان ومكان؛ فما من حالة يمُرُّ بها المربي أو المعلم إلا يجدها نفسها أو مثلها أو قريبًا منها في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
لقد عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- الفقر والغنى، والأمن والخوف، والقوة والضعف، والنصر، والهزيمة، عاش اليُتم، والعزوبة، والزوجية، والأبوة..
فكان يتعامل مع كل مرحلة وكل حالة بما يناسبها، ولقد رعى عليه الصلاة والسلام الغنم وما من نبي إلا ورعاها، وفي ذلك حكمة بالغة، وتمرس على سياسة الناس لأن مشاربهم مختلفة، وأهواءهم متباينة، فلا بد للمربي من تمرس وصبر وأناة وتحمل للأذى، الأمر الذي يكتسبه راعي الغنم مع طول إلفته، ورياضته لها.
فلابد من أخذ العظة والعبرة منها، وترسم خطاه عليه الصلاة والسلام فيها حتى تبلغ أعلى درجات الكمال في التربية والتعليم.
كما زكى الله نبيه عليه الصلاة والسلام: "لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةً لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا" [الأحزاب:21].
4- وجود دعوات ضالة كانت ولا زالت تنادي بضرورة نقل أسلوب التربية والتعليم من الغرب أو الشرق إلى العالم الإسلامي دون نظرٍ إلى المبادئ والقيم والثوابت الشرعية التي تناقضها تلك الأساليب وتضادها.
إننا قد نستفيد منهم في بعض الوسائل والطرائق في توصيل المعلومة -مثلًا- والتي اعتمدوا فيها على تجارب ودراسات وجهود مضنية وافقوا فيها الصواب -أحيانًا- أما أن نأخذ منهم ما نزاحم به ثوابتنا وقيمنا فلا يصح أن نختلف في رده والوقوف أمامه.
إن من المُحزن المُبكي أنك تجد دول الغرب الكافرة تدافع عن مبادئها، وتخشى على قيمها (2)، بينما ترى أهل الإسلام أهل الملة الخالدة يبقون سكوتًا صامتين، وكأن العبث بالثوابت لا يعنيهم؟
إذاً ما التربية؟ ما مفهومها في القرآن والسنة النبوية؟
المصدر: http://almoslim.net/tarbawi/287240 |
|