شرح حديث: "ولا هامة ولا صفر" ابن باز Images10
شرح حديث "ولا هامة ولا صفر"

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:
سمعت حديثاً عن التشاؤم، يقول فيما معناه: (ولا هام ولا صفر)) أرجو منكم ذكر الحديث كاملاً مع شرح الكلمات التي لا أفهمها فيه.

الجواب:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ويعجبني الفأل)).

والمعنى:
إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية، من أن الأشياء تُعدي بطبعها، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم أن هذا الشيء باطل، وأن المُتصرف في الكون هو الله وحده، فقال بعض الحاضرين له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله الإبل تكون في الصحراء كأنها الغزلان، فيدخل فيها البعير الأجرب فيجربها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((فمَنْ أعدى الأول)).

والمعنى:
أن الذي أنزل الجرب في الأول هو الذي أنزله في الأخرى، ثم بَيَّنَ لهم صلى الله عليه وسلم أن المُخالطة قد تكون سبباً لنقل المرض من المريض إلى الصحيح، بإذن الله عز وجل.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
((لا يورد ممرض على مصح)).

والمعنى:
النَّهي عن إيراد الإبل المريضة ونحوها بالجرب ونحوه مع الإبل الصحيحة؛ لأن هذه المخالطة قد تسبب انتقال المرض من المريضة إلى الصحيحة بإذن الله، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((فِر من المجذوم فِرارك من الأسد))، وذلك لأن المخالطة له قد تسبب انتقال المرض منه إلى غيره.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل مع مجذوم وقال: ((كُلْ بسم الله ثِقَةً بالله))؛ ليُبَيِّنَ صلى الله عليه وسلم أن انتقال الجذام من المريض إلى الصحيح إنما يكون بإذن الله، وليس هو شيئاً لازماً.

والخُلاصة:
أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه لا عدوى على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه، إن شاء انتقل الدَّاء من المريض إلى الصحيح وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك، ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يُفضي إلى الشرك.

أما قوله صلى الله عليه وسلم:
((ولا طيرة)) فالمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التَّطيُّر بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردُّهم عن حاجتهم فأبطلها النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال في الحديث الآخر:
((الطيرة شرك الطيرة شرك)).

وقال صلى الله عليه وسلم:
((إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السَّيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك))، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَنْ ردَّتهُ الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله قال: أن يقول اللهم لا خير إلا خيرُك ولا طير إلا طيرُك ولا إله إلا غيرُك)).

وأمَّا الهَامَّةُ:
فهو طائر يُسَمَّى البُومَة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت رب هذا البيت، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

وأما النُّوء:
فهو واحد الأنواء، وهي النجوم، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

وقد أوضح الله سبحانه في القرآن العظيم أنه خلق النجوم زينة للسماء ورجوماً للشياطين، وعلامات يُهتدَى بها في البر والبحر، كما قال الله سبحانه: "ولقد زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنيَا بمصابيحَ وجعلناها رُجُومًا للشياطين".

وقال سبحانه:
"وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر"... الآية.

وقال سبحانه:
"وعلامات وبالنجم هم يهتدون".

وأما الغُول:
فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويُضلونهم عن الطرق ويُخوفُونَهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرَّف بقدرتها، فأبطل الله ذلك.

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إذا تغوَّلت الغيلان فبادروا بالأذان)).

والمعنى:
أن ذِكْرَ اللهِ يَطرُدُهَا، وهكذا التَّعوُّذ بكلمات الله التَّامَّات من شر ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسباباً للوقاية من كل شر.

أما الفَأْلُ:
فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسرُّه، ولكن لا تردُّهُ عن حاجته، وقد فسَّر النبيُ صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ويعجبني الفأل، قالوا: يا رسول الله وما الفأل قال: الكلمة الطيبة)).

ومن أمثلة ذلك:
أن يسمع المريض مَنْ يقول: يا سليم يا معافى فيسره ذلك، وهكذا إذا سمع مَنْ ينشد ضالة مَنْ يقول: يا واجد، أو يا ناجح أو يا مُوفق فيسره ذلك ويتفاءل به، والله ولي التوفيق.

المرجع:
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.

المصدر:
https://www.rawapress.com/ar/?Action=Details&ID=23327