مسائل هامة Ocia2033
مسائل هامة
مسألة:
هل يُعذرُ الإِنسانُ بتطويل الإِمامِ؟

الجواب:
يُعذرُ بتطويلِ الإِمامِ إذا كان طولاً زائداً عن السُّنَّةِ.

ودليل ذلك:
أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يوبِّخ الرَّجُلَ الذي انصرفَ مِن صلاتِه حين شَرَعَ معاذٌ في سورة البقرةِ، بل وَبَّخَ معاذاً»(25)، وإذا لم يوجد مسجدٌ آخر سَقَطَ عنه وجوبُ الجَماعة.

مسألة:
هل يُعذرُ بسرعة الإِمام؟

الجواب:
أنَّ هذا مِن بابِ أَولى أن يكون عُذراً مِن تطويلِ الإِمامِ، فإذا كان إمامُ المسجدِ يُسْرِعُ إسراعاً لا يتمكَّنُ به الإِنسانُ مِن فِعْلِ الواجبِ، فإنَّه معذورٌ بتَرْكِ الجماعةِ في هذا المسجدِ، لكن؛ إن وُجِدَ مسجدٌ آخرٌ تُقامُ فيه الجماعةُ وجبت عليه الجماعةُ في المسجدِ الثاني.
 
مسألة:
إذا كان الإِمامُ فاسقاً بحَلْقِ لحيتِه، أو شُرْبِ الدُّخَّان، أو إسبالِ ثوب، فهل هذا عُذر في تَرْكِ الجماعةِ؟

الجواب:
إنْ قلنا بأنَّ الصَّلاةَ خلفَه لا تَصِحُّ كما هو المذهب فهو عُذرٌ، وأما إذا قلنا بصحَّةِ الصَّلاةِ خلفَه -وهو الصَّحيح- فإنَّ ذلك ليس بعُذرٍ؛ لأنَّ الصَّلاةَ خلفَه تَصِحُّ وأنت مأمورٌ بحضورِ الجماعةِ.

مسألة:
إذا كان الإِنسانُ مجرماً، وخافَ إن خَرَجَ أن تمسِكَه الشرطةُ، فهل هو عُذرٌ؟

الجواب:
ليس بعُذرٍ؛ لأنَّه حَقٌّ عليه، أمَّا إذا كان مظلوماً فإنَّه عُذرٌ.

مسألة:
 إذا كان في طريقِه إلى المسجدِ منكراتٌ كتبرُّجِ النِّساءِ، وشُرْبِ الخَمْر، وشُرْبِ الدُّخَّان، وما أشبه ذلك، فهل هذا عُذر؟

الجواب:
ليس بعذر فيخرجُ، وينهى عن المنكرِ ما استطاع، فإن انتهى النَّاسُ فله ولهم، وإن لم ينتهوا فله وعليهم.

مسألة:
إذا طرأت هذه الأعذارُ في أثناءِ الصَّلاةِ، فمثلاً: في أثناءِ الصَّلاةِ أصابه مدافعةُ الأخبثين؛ فله أنْ ينفردَ ويتمَّ صلاتَه إلا إذا كان لا يستفيدُ بانفرادِه شيئاً، بمعنى أن الإِمام يخفِّفُ تخفيفاً بقَدْرِ الواجبِ، ففي هذه الحال لو انفردَ لم يستفدْ شيئاً؛ إذ لا يمكن أن يخفِّفَ أكثر مِن تخفيفِ الإِمامِ، وهل له أن يقطعَ الصَّلاة؟

الجواب:
نعم، له أنْ يقطعَ الصَّلاةَ؛ إذا كان لا يمكنه أن يكمِلها على الوجه المطلوبِ منه، إلا إذا كان لا يستفيدُ مِن قطعِها شيئاً؛ فإنه لا يقطعها، مثاله: لو سمعَ الغريمَ يدعوه في أثناءِ الصَّلاةِ، ففي هذه الحال لو انصرفَ لأمسكَه، فلا يستفيد بقطعِ الصَّلاةِ شيئاً؛ فلا يقطعها.

مسألة:
هل هذه الأعذارُ عُذرٌ في إخراج الصَّلاةِ عن وقتِها؟

الجواب:
ليست عُذراً، فعلى الإِنسان أن يصلِّيها في الوقت على أيِّ حالٍ كانت، إلا أنَّ بعضَ أهلِ العِلم قال: إنَّ مدافعةَ الأخبثين عُذرٌ في إخراجِ الصَّلاةِ عن وقتِها؛ وذلك لأنَّ حَبْسَ الأخبثينِ، يكون به ضررٌ على الإِنسانِ، وبعضُ النَّاسِ أيضاً يَحسُّ إذا حبس الأخبثين، ولا سيما البول بخفقان شديدٍ في القلب فيخشى على نفسه منه، ولكننا نقول: إذا كانت هذه الأعذارُ في الصَّلاة الأُولى التي تُجمع لما بعدَها، فإن هذه الأعذار تُبيحُ الجَمْعَ، وهذه فائدةٌ مهمَّةٌ، فالأعذارُ التي تُبيحُ تَرْكَ الجُمُعةِ والجَماعةِ تُبيحُ الجَمْعَ.     

وحينئذٍ إذا حصلت لك في وقتِ الصَّلاةِ الأُولى فتنوي الجَمْعَ، وتؤخِّرُ الصَّلاةَ إلى وقتِ الثانيةِ؛ لعمومِ حديث عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما «جَمَعَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم في المدينةِ بين الظُّهرِ والعصرِ، وبين المغربِ والعشاءِ مِن غير خوفٍ ولا مطرٍ، قالوا: ماذا أرادَ بذلك؟ قال: أرادَ أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ»(26) أي: أنْ لا يَلحقها الحَرَجُ في تَرْكِ الجَمْعِ.

مسألة:
الآكلُ للبصلِ؛ هل يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ؟ وهل يجوزُ له أنْ يأكلَ البصلَ أم لا؟

الجواب:
إنْ قَصَدَ بأكلِ البصلِ أنْ لا يُصلِّيَ مع الجماعةِ فهذا حرامٌ ويأثمُ بتَرْكِ الجمعة والجماعة، أما إذا قَصَدَ بأكلِهِ البصلَ التمتُّعَ به وأنَّه يشتهيه، فليس بحرامٍ، كالمسافر في رمضان إذا قصد بالسَّفَرِ الفِطْر حَرُمَ عليه السَّفَرُ والفِطر، وإنْ قَصَدَ السَّفَرَ لغرضٍ غيرِ ذلك فله الفِطْر.

وأمَّا بالنسبة لحضُورِه المسجدَ؛ فلا يحضُرُ، لا لأنه معذورٌ، بل دفعاً لأذيَّتِهِ؛ لأنَّه يؤذي الملائكةَ وبني آدم.

أمَّا الأعذارُ (المذكورة) تُسوِّغُ للإِنسانِ أن يَدَعَ الجُمُعةَ والجماعةَ؛ لأنَّه متَّصفٌ بما يُعذرُ به أمامَ الله، أما مَن أكلَ بصلاً أو ثوماً فلا نقولُ إنَّه معذورٌ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة، ولكن لا يحضُر دفعاً لأذيته، فهنا فَرْقٌ بين هذا وهذا، لأن هذا المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن يصلِّي مع الجماعةِ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً»(27) أمَّا آكلُ البصلِ والثُّومِ فلا يُكتب له أجرُ الجماعةِ؛ لأننا إنما قلنا له لا تحضر دفعاً للأذية؛ كما قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الملائكةَ تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم»(28)

مسألة:
إذا كان فيه بَخْرٌ، أي: رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ، أو في الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه، لكن هذا ليس كآكلِ البصلِ؛ لأنَّ آكلَ البصلِ فَعَلَ ما يتأذَّى به النَّاسُ باختيارِه، وهذا ليس باختيارِه، وقد نقول: إنَّ هذا الرَّجُلَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لأنَّه تخلَّفَ بغير اختيارِه فهو معذورٌ.     

وقد نقول: إنه لا يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لكنه لا يأثمُ، كما أنَّ الحائضَ تتركُ الصَّلاةَ بأمره اللهِ ومع ذلك لا يُكتب لها أجرُ الصَّلاةِ فإنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم جَعَلَ تَرْكَها للصَّلاةِ نقصاً في دينِها(29).

مسألة:
مَن شَرِبَ دُخَّاناً وفيه رائحةٌ مزعجةٌ تؤذي النَّاسَ، فإنَّه لا يَحِلُّ له أنْ يؤذيهم، وهذا لعلَّه يكون فيه فائدةٌ، وهي أنَّ هذا الرَّجُلَ الذي يشربُ الدُّخَّانَ لما رأى نفسَه محروماً مِن صلاةِ الجماعةِ يكون سبباً في توبته منه وهذه مصلحة.

مسألة:
مَن فيه جروحٌ منتنةٌ، وهذا في الزَّمنِ الماضي؛ لعدم وجودِ المستشفيات، فله أن يتخلَّفَ عن الجُمُعةِ والجَماعةِ، ولكن لا نقول: إنه عُذرٌ كعُذرٍ المريض وشبهه، إلا إذا كان يتأخَّرُ عن صلاةِ الجماعةِ خوفاً مِن ازديادِ ألمِ الجُرحِ، لأنَّ الرَّوائحَ أحياناً تؤثِّرُ على الجُروحِ وتزيدها وَجَعاً، فهذا يكون معذوراً، ويدخل في قسم المريض.
* * * * *
الهوامش:
25.     سبق تخريجه.
26.     أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر (705) (50).
27.     أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة (2996).
28.     أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوها (564) (74).
29.     سبق تخريجه.