منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)


IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 المجلد الخامس

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:38 am

المجلد الخامس
باب إعراب الأفعال المضارعة للأسماء

المجلد الخامس 1910
اعلم أنّ هذه الأفعال لها حروف تعمل فيها فتنصبها لا تعمل في الأسماء كما أنّ حروف الأسماء التي تنصبها لا تعمل في الأفعال وهي‏:‏ أن وذلك قولك‏:‏ أريد أن تفعل‏‏.‏      

وكي وذلك جئتك لكي تفعل ولن‏‏.‏      

فأمّا الخليل فزعم أنّها لا أن ولكنّهم حذفوا لكثرته في كلامهم كما قالوا‏:‏ ويلمّه يريدون وى لأمّه وكما قالوا يومئذ وجعلت بمنزلة حرف واحد كما جعلوا هلاّ بمنزلة حرف واحد فإنّما هي هل ولا‏‏.‏      

وأمّا غيره فزعم أنّه ليس في لن زيادة وليست من كلمتين ولكنّها بمنزلة شئ على حرفين ليست فيه زيادة وأنّها في حروف النصب بمنزلة لم في حروف الجزم في أنه ليس واحد من الحرفين زائداً‏‏.‏      

ولو كانت على ما يقول الخليل لما قلت‏:‏ أمّا زيداً فلن أضرب لأنّ هذا اسم والفعل صلة باب الحروف التي تضمر فيها أن وذلك اللام التي في قولك‏:‏ جئتك لتفعل‏‏.‏      

وحتّى وذلك قولك‏:‏ حتى تفعل ذاك فإنما انتصب هذا بأن وأن ههنا مضمرة ولو لم تضمرها لكان الكلام محالاً لأنّ اللام وحتّى إنّما يعملان في الأسماء فيجرّان وليستا من الحروف التي تضاف إلى الأفعال‏‏.‏     
 
فإذا أضمرت أن حسن الكلام لأنّ أن وتفعل بمنزلة اسم واحد كما أن الّذي وصلته بمنزلة اسم واحد فإذا قلت‏:‏ هو الذي فعل فكأنك قلت‏:‏ هو الفاعل وإذا قلت‏:‏ أخشى أن تفعل فكأنك قلت‏:‏ أخشى فعلك‏‏.‏      

أفلا ترى أنّ أن تفعل بمنزلة الفعل فلّما أضمرت أن كنت قد وضعت هذين الحرفين مواضعهما لأنهما لا يعملان إّلا في الأسماء ولا يضافان إّلا إليهما وأن وتفعل بمنزلة الفعل‏‏.‏      

وبعض العرب يجعل كي بمنزلة حتّى وذلك أنّهم يقولون‏:‏ كيمه في الاستفهام فيعملونها في الأسماء كما قالوا حتى مه‏‏.‏      

وحتّى متى ولمه‏‏.‏      

فمن قال كيمه فإنّه يضمر أن بعدها وأمّا من أدخل عليها اللام ولم يكن من كلامه كيمه فإنّها عنده بمنزلة أن وتدخل عليها اللام كما تدخل على أن‏‏.‏      

ومن قال كيمه جعلها بمنزلة اللام‏‏.‏      

واعلم أنّ لا تظهر بعد حتّى وكي كما لا يظهر بعد أمّا الفعل في قولك‏:‏ أمّا أنت منطلقاً انطلقت وقد ذكر حالها فيما مضى‏‏.‏      

واكتفوا عن إظهار أن بعدهما بعلم المخاطب أنّ هذين الحرفين لا يضافان إلى فعل وأنّهما ليسا مما يعمل في الفعل وأنّ الفعل لا يحسن بعدهما إلاّ أن يحمل على أن فأن ههنا بمنزلة الفعل في أمّا وما كان بمنزلة أمّا مما لا يظهر بعده الفعل فصار عندهم بدلاً من اللفظ بأن‏‏.‏      

وأمّا اللام في قولك‏:‏ جئتك لتفعل فبمنزلة إن في قولك‏:‏ إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ إن شئت أظهرت الفعل ههنا وإن شئت خزلته وأضمرته‏‏.‏      

وكذلك أن بعد اللام إن شئت أظهرته وإن شئت أضمرته‏‏.‏      

واعلم أنّ اللام قد تجئ في موضع لا يجوز فيه الإظهار وذلك‏:‏ ما كان ليفعل فصارت أن ههنا بمنزلة الفعل في قولك‏:‏ إيّاك وزيداً وكأنك إذا مثّلت قلت‏:‏ ما كان زيد لأن يفعل أي ما كان زيد لهذا الفعل‏‏.‏      

فهذا بمنزلته ودخل فيه معنى نفى كان سيفعل‏‏.‏      

فإذا قلت هذا قلت‏:‏ ما كان ليفعل كما كان لن يفعل نفياً لسيفعل‏‏.‏      

وصارت بدلاً من اللفظ بأن كما كانت ألف الاستفهام بدلاً من واو القسم في قولك‏:‏ آلله لتفعلنّ‏‏.‏      

فلم تذكر إّلا أحد الحرفين إذ كان نفياً لما معه حرف لم يعمل فيه شئ ليضارعه فكأنّه قد ذكر أن‏‏.‏      

كما أنّه إذا قال‏:‏ سقياً له فكأنه قال‏:‏ سقاه الله‏.‏


المجلد الخامس 2013_110


عدل سابقا من قبل أحــمــد لــبــن AhmadLbn في الخميس 30 أغسطس 2018, 7:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:40 am

باب ما يعمل في الأفعال فيجزمها
المجلد الخامس 1910
وذلك‏:‏ لم ولمّا واللام التي في الأمر وذلك قولك‏:‏ ليفعل ولا في النهي وذلك قولك لا تفعل فإنّما هما بمنزلة لم‏‏.‏     

واعلم أنّ هذه اللام ولا في الدعاء بمنزلتهما في الأمر والنهي وذلك قولك‏:‏ لا يقطع الله يمنيك وليجزك الله خيراً‏‏.‏      

واعلم أنّ هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر وتعمل مضمرة كأنهم شبّهوها بأن إذا أعملوها مضمرة‏‏.‏      

وقال الشاعر‏:‏ محمّد تفد نفسك كلّ نفس ** إذا ما خفت من شئ تبالا وإنّما أراد‏:‏ لتفد‏‏.‏      

وقال متمّم بن نويرة‏:‏ على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى أراد‏:‏ ليبك‏‏.‏      

وقال أحيحة بن الجلاح‏:‏ فمن نال الغنى فليصطنعه صنيعته ويجهد كلّ جهد واعلم أنّ حروف الجزم لا تجزم إّلا الأفعال ولا يكون الجزم إلا في هذه الأفعال المضارعة والجزم في الأفعال نظير الجرّ في الأسماء فليس للاسم في الجزم نصيب وليس للفعل في الجرّ نصيب فمن ثمّ لم يضمروا الجازم كما لم يضمروا الجارّ‏‏.‏      

وقد أضمره الشاعر شبهّه بإضمارهم ربّ وواو القسم في كلام بعضهم‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:43 am

باب وجه دخول الرفع في هذه الأفعال المضارعة للأسماء
المجلد الخامس 1910
اعلم أنّها إذا كانت في موضع اسم مبتدإ أو موضع اسم بني على مبتدإ أو في موضع اسم مرفوع غير مبتدإ ولا مبنيّ على مبتدإ أو في موضع اسم مجرور أو منصوب فإنّها مرتفعة وكينونتها في هذه المواضع ألزمتها الرفع وهي سبب دخول الرفع فيها‏‏.‏      

وعلّته‏:‏ أنّ ما عمل في الأسماء لم يعمل في هذه الأفعال على حدّ عمله في الأسماء كما أنّ ما يعمل في الأفعال فينصبها أو يجزمها لا يعمل في الأسماء‏‏.‏      

وكينونتها في موضع الأسماء ترفعها كما يرفع الاسم كينونته مبتدأ‏‏.‏      

فأمّا ما كان في موضع المبتدإ فقولك‏:‏ يقول زيد ذاك‏‏.‏      

وأمّا ما كان في موضع المبنيّ على المبتدإ فقولك‏:‏ زيد يقول ذاك‏‏.‏      

وأمّا ما كان في موضع غير المبتدإ ولا المبنيّ عليه فقولك‏:‏ مررت برجل يقول ذاك وهذا يوم آتيك وهذا زيد يقول ذاك وهذا رجل يقول ذاك وحسبته ينطلق‏‏.‏      

فهكذا هذا وما أشبهه‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً‏:‏ هلاّ يقول زيد ذاك فيقول في موضع ابتداء وهلاّ لا تعمل في اسم ولا فعل فكأنّك قلت‏:‏ يقول زيد ذاك‏‏.‏      

إلاّ أنّ من الحروف ما لا يدخل إلاّ على الأفعال التي في موضع الأسماء المبتدأة وتكون الأفعال أولى من الأسماء حتّى لا يكون بعدها مذكور يليها إلاّ الأفعال‏‏.‏      

وسنبّين ذلك إن شاء الله وقد بيّن فيما مضى‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً ائتني بعد ما تفرغ فما وتفرغ بمنزلة الفراغ وتفرغ صلة وهي مبتدأة وهي بمنزلتها في الذي إذا قلت بعد الذي تفرغ فتفرغ في موضع مبتدإ لأنّ الذي لا يعمل في شئ والأسماء بعده مبتدأة‏‏.‏      

ومن زعم أنّ الأفعال ترتفع بالابتداء فإنه ينبغي له أن ينصبها إذا كانت في موضع ينتصب فيه الاسم ويجرّها إذا كانت في موضع ينجرّ فيه الاسم ولكنّها ترتفع بكينونتها في موضع الاسم‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً‏:‏ كدت أفعل ذاك وكدت تفرغ فكدت فعلت وفعلت لا ينصب الأفعال ولا يجزمها وأفعل ههنا بمنزلة في كنت إلاّ أنّ الأسماء لا تستعمل في كدت وما أشبهها‏‏.‏      

ومثل ذلك‏:‏ عسى يفعل ذاك فصارت كدت ونحوها بمنزلة كنت عندهم كأنّك قلت‏:‏ كدت فاعلاً ثم وضعت أفعل في موضع فاعل‏‏.‏      

ونظير هذا في العربيّة كثير وستراه إن شاء الله تعالى‏‏.‏      

ألا ترى أنّك تقول‏:‏ بلغني أنّ زيداً جاء فأنّ زيداً جاء كلّه اسم‏‏.‏      

وتقول‏:‏ لو أنّ زيداً جاء لكان كذا وكذا فمعناه‏:‏ لو مجيء زيد ولا يقال لو مجيء زيد‏‏.‏      

وتقول في التعجّب‏:‏ ما أحسن زيداً ولا يكون الاسم في موضع فتقول‏:‏ ما محسن زيداً‏‏.‏      

ومنه‏:‏ قد جعل يقول ذاك كأنّك قلت‏:‏ صار يقول ذاك فهذا وجه دخول الرفع في الأفعال المضارعة للأسماء‏‏.‏      

وكأنّهم إنّما منعهم أن يستعملوا في كدت وعسيت الأسماء أنّ معناها ومعنى غيرها معنى ما تدخله أن نحو قولهم‏:‏ خليق أن يقول ذاك وقارب أن لا يفعل‏‏.‏      

ألا ترى أنّهم يقولون‏:‏ عسى أن يفعل‏‏.‏      

ويضطر الشاعر فيقول‏:‏ كدت أن فلّما كان المعنى فيهنّ ذلك تركوا الأسماء لئلاّ يكون ما هذا معناه كغيره وأجروا اللفظ كما أجروه في كنت لأنّه فعل مثله‏‏.‏      

وكدت أن أفعل لا يجوز إلاّ في شعر لأنّه مثل كان في قولك‏:‏ كان فاعلاً ويكون فاعلاً‏‏.‏      

وكأنّ معنى جعل يقول وأخذ يقول قد آثر أن يقول ونحوه‏‏.‏      

ثمن ثمّ منع الأسماء لأنّ معناها معنى ما يستعمل بأن فتركوا الفعل حين خزلوا أن ولم يستعملوا الاسم لئلاّ ينقضوا هذا المعنى‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:47 am

هذا باب إذن
المجلد الخامس 1910
اعلم أنّ إذن إذا كانت جواباً وكانت مبتدأة عملت في الفعل عمل رأى في الاسم إذا كانت مبتدأة‏‏.‏

وذلك قولك‏:‏ إذن أجيئك وإذن آتيك‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً قولك‏:‏ إذن والله أجيئك‏‏.‏       والقسم ههنا بمنزلته في أرى إذا قلت‏:‏ أرى والله زيداً فاعلاً‏‏.‏      

ولا تفصل بين شئ مما ينصب الفعل وبين الفعل سوى إذن لأنّ إذن أشبهت أرى فهي في الأفعال بمنزلة أرى في الأسماء وهي تلغى وتقدّم وتؤخّر فلمّا تصرّفت هذا التصرّف اجتروا على أن يفصلوا بينها وبين الفعل باليمين‏‏.‏      

ولم يفصلوا بين أن وأخواتها وبين الفعل كراهية أن يشبّهوها بما يعمل في الأسماء نحو ضربت وقتلت لأنّها لا تصرّف تصرّف الأفعال نحو ضربت وقتلت ولا تكون إلاّ في أوّل الكلام لاؤمة لموضعها لا تفارقه فكرهوا الفصل لذلك لأنّه حرف جامد‏‏.‏      

واعلم أنّ إذن إذا كانت بين الفاء والواو وبين الفعل فإنّك فيها بالخيار‏:‏ إن شئت أعملتها كإعمالك أرى وحسبت إذا كانت واحدة منهما بين اسمين وذلك قولك‏:‏ زيداً حسبت أخاك وإن شئت ألغيت إذن كإلغائك حسبت إذا قلت زيد حسبت أخوك‏‏.‏      

فأما الاستعمال فقولك‏:‏ فإذن آتيك وإذن أكرمك‏‏.‏      

وبلغنا أنّ هذا الحرف في بعض المصاحف‏:‏ ‏"‏ وإذن لا يلبثوا خلفك إلاّ قليلاً ‏"‏‏‏.‏      

وسمعنا بعض العرب قرأها فقال‏:‏ ‏"‏ وإذن لا يلبثوا ‏"‏‏‏.‏      

وأمّا الإلغاء فقولك‏:‏ فإذن لا أجيئك‏‏.‏      

وقال تعالى‏:‏ ‏"‏ فإذن لا يؤتون الناس نقيراً ‏"‏‏‏.‏      

واعلم أنّ إذن إذا كانت بين الفعل وبين شئ الفعل معتمد عليه فإنّها ملغاة لا تنصب البّتة كما لا تنصب أرى إذا كانت بين الفعل والاسم في قولك‏:‏ كان أرى زيد ذاهباً وكما لا تعمل في قولك‏:‏ إنّي أرى ذاهب‏‏.‏      

فإذن لا تصل في ذا الموضع إلى أن تنصب كما لا تصل أرى هنا إلى أن تنصب‏‏.‏      

فهذا تفسير الخليل‏‏.‏      

وذلك قولك‏:‏ أنا إذن آتيك فهي ههنا بمنزلة أرى حيت لا تكون إلاّ ملغاة‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً قولك‏:‏ إن تأتني إذن آتك لأنّ الفعل ههنا معتمد على ما قبل إذن‏‏.‏      

وليس هذا كقول ابن عنمة الضّبّيّ‏:‏ اردد حمارك لا تنزع سويّته إذن يردّ وقيد العير مكروب من قبل أنّ هذا منقطع من الكلام الأوّل وليس معتمداً على ما قبله لأنّ ما قبله مستغن‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً‏:‏ والله إذن لا أفعل من قبل أنّ أفعل معتمد على اليمين وإذن لغو‏‏.‏      

وليس الكلام ههنا بمنزلته إذا كانت إذن في أوّله لأنّ اليمين ههنا الغالبة‏‏.‏      

ألا ترى أنّك تقول إذا ولو قلت‏:‏ والله إذن أفعل تريد أن تخبر أنّك فاعل لم يجز كما لم يجز والله أذهب إذن إذا أخبرت أنك فاعل‏‏.‏      

فقبح هذا يدلّك على أنّ الكلام معتمد على اليمين‏‏.‏      

وقال كثيّرة عزّة‏:‏ لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها وأمكنني منها إذن لا أقيلها وتقول‏:‏ إن تأتني آتك وإذن أكرمك إذا جعلت الكلام على أوّله ولم تقطعه وعطفته على الأوّل‏‏.‏      

وإن جعلته مستقبلاً نصبت وإن شئت رفعته على قول من ألغى‏‏.‏      

وهذا قول يونس وهو حسن لأنّك إذا قطعته من الأوّل فهو بمنزلة قولك‏:‏ فإذن أفعل إذا كنت مجيباً رجلاً‏‏.‏      

وتقول‏:‏ إذن عبد الله يقول ذاك لا يكون إلاّ هذا من قبل أنّ إذن الآن بمنزلة إنّما وهل كأنك قلت‏:‏ إنّما عبد الله يقول ذاك‏‏.‏      

ولو جعلت إذن ههنا بمنزلة كي وأن لم يحسن من قبل أنّه لا يجوز لك أن تقول‏:‏ كي زيد يقول ذاك ولا أن زيد يقول ذاك‏‏.‏      

فلمّا قبح ذلك جعلت بمنزلة هل وكأنّما وأشباههما‏‏.‏      

وزعم عيسى بن عمر أنّ ناساً من العرب يقولون‏:‏ إذن أفعل ذاك في الجواب‏‏.‏      

فأخبرت يونس بذلك فقال‏:‏ لا تبعدنّ ذا‏‏.‏      

ولم يكن ليروي إلاّ ما سمع جعلوها بمنزلة هل وبل‏‏.‏      

وتقول إذا حدّثت بالحديث‏:‏ إذن أظنّه فاعلاً وإذن إخالك كاذباً وذلك لأنك تخبر أنّك تلك الساعة في حال ظنّ وخيلة فخرجت من باب أن وكي لأنّ الفعل بعدهما غير واقع وليس في ولو قلت‏:‏ إذن أظنّك تريد أن تخبره أنّ ظنّك سيقع لنصبت وكذلك إذن يضربك إذا أخبرت أنّه في حال ضرب لم ينقطع‏‏.‏      

وقد ذكر لي بعضهم أنّ الخليل قال‏:‏ أن مضمرة بعد إذن‏‏.‏      

ولو كانت مما يضمر بعده أن فكانت بمنزلة اللام وحتّى لأضمرتها إذا قلت عبد الله إذن يأتيك فكان ينبغي أن تنصب إذن يأتيك لأن المعنى واحد ولم يغيّر فيه المعنى الذي كان في قوله‏:‏ إذن يأتيك عبد الله كما يتغيّر المعنى في حتّى في الرفع والنصب‏‏.‏      

فهذا مارووا‏‏.‏      

وأمّا ما سمعت منه فالأوّل‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:51 am

هذا باب حتّى
المجلد الخامس 1910
اعلم أنّ حتّى تنصب على وجهين‏:‏ فأحدهما‏:‏ أن تجعل الدخول غاية لمسيرك وذلك قولك‏:‏ سرت حتّى أدخلها كأنك قلت‏:‏ سرت إلى أن أدخلها فالناصب للفعل ههنا هو الجارّ للاسم إذا كان غاية‏‏.‏      

فالفعل إذا كان غاية نصب والاسم إذا كان غاية جرّ‏‏.‏      

وهذا قول الخليل‏‏.‏      

وأمّا الوجه الآخر فأن يكون السّير قد كان والدخول لم يكن وذلك إذا جاءت مثل كي التي فيها إضمار أن وفي معناها وذلك قولك‏:‏ كلّمته حتّى يأمر لي بشيء‏‏.‏      

تقول‏:‏ سرت حتّى أدخلها تعني أنّه كان دخول متّصل بالسير كاتّصاله به بالفاء إذا قلت‏:‏ سرت فأدخلها فأدخلها ههنا على قولك‏:‏ هو يدخل وهو يضرب إذا كنت تخبر أنّه في عمله وأنّ عمله لم ينقطع‏‏.‏      

فإذا قال حتّى أدخلها فكأنه يقول‏:‏ سرت فإذا أنا في حال دخول فالدخول متّصل بالسير كاتّصاله بالفاء‏‏.‏      

فحتّى صارت ههنا بمنزلة إذا وما أشبهها من حروف الإبتداء لأنّها لم تجئ على معنى إلى أن ولا معنى كي فخرجت من حروف النّصب كما خرجت إذن منها في قولك‏:‏ إذن أظنّك‏‏.‏      

وأمّا الوجه الآخر‏:‏ فإنه يكون السّير قد كان وما أشبهه ويكون الدخول وما أشبهه الآن فمن ذلك‏:‏ لقد سرت حتّى أدخلها ما أمنع أي حتّى أنّي الآن أدخلها كيفما شئت‏‏.‏      

ومثل ذلك قول الرجل‏:‏ لقد رأى منّي عاماً أوّل شيئاً حتّى لا أستطيع أن أكلّمه العام بشيء ولقد مرض حتّى لا يرجونه‏‏.‏      

والرفع ههنا في الوجهين جميعاً كالرفع في الاسم‏‏.‏      

قال الفرزدق‏:‏ فيا عجباً حتّى كليب تسبّني كأنّ أباها نهشل أو مجاشع فحتّى ههنا بمنزلة إذا وإنما هي ههنا كحرف من حروف الابتداء‏‏.‏      

ومثل ذلك‏:‏ شربت حتى يجئ البعير يجرّ بطنه أي حتّى إنّ البعير ليجئ يجرّ بطنه‏‏.‏      

ويدلّك على حتّى أنها حرف من حروف الابتداء أنّك تقول‏:‏ حتّى إنّه ليفعل ذاك كما تقول‏:‏ فإذا يغشون حتّى لا تهرّ كلابهم لا يسألون عن السّواد المقبل ومثل ذلك‏:‏ مرض حتّى يمرّ به الطائر فيرحمه وسرت حتّى يعلم الله أنّي كالّ‏‏.‏      

والفعل ههنا منقطع من الأوّل وهو في الوجه الأوّل الذي ارتفع فيه متّصل كاتّصاله به بالفاء كأنه قال سير فدخول كما قال علقمة ابن عبدة‏:‏ ترادي على دمن الحياض فإن تعف فإنّ المندّى رحلة فركوب لم يجعل ركوبه الآن ورحلته فيما مضى ولم يجعل الدخول الآن وسيره فيما مضى ولكنّ الآخر متّصل بالأوّل ولم يقع واحد دون الآخر‏‏.‏      

وإذا قلت‏:‏ لقد ضرب أمس حتّى لا يستطيع أن يتحرّك اليوم فليس كقولك‏:‏ سرت فأدخلها إذا لم ترد أن تجعل الدخول الساعة لأنّ السير والدخول جميعاً وقعاً فيما مضى‏‏.‏      

وكذلك مرض حتّى لا يرجونه أي حتّى إنّه الآن لا يرجونه فهذا ليس متّصلاً بالأوّل واقعاً معه فيما مضى‏‏.‏      

وليس قولنا كاتّصال الفاء يعني أنّ معناه معنى الفاء ولكنك أردت أن تخبر أنه متّصل بالأوّل وأنهما وقعا فيما مضى‏‏.‏      

وليس بين حتّى في الاتّصال وبينه في الانفصال فرق في أنه بمنزلة حرف الابتداء وأنّ المعنى واحد إلاّ أنّ أحد الموضعين الدخول فيه متّصل بالسّير وقد مضى السير والدخول والآخر منفصل وهو الآن في حال الدخول وإنّما اتّصاله في أنّه كان فيما مضى وإلاّ فإنه ليس بفارق موضعه الآخر في شئ إذا رفعت‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:55 am

باب الرفع فيما اتّصل بالأوّل كاتّصاله بالفاء وما انتصب لأنّه غاية
المجلد الخامس 1910
تقول‏:‏ سرت حتّى أدخلها وقد سرت حتّى أدخلها سواء وكذلك إنّي سرت حتّى أدخلها فيما زعم الخليل‏‏.‏      

فإن جعلت الدخول في كلّ ذا غاية نصبت وتقول‏:‏ رأيت عبد الله سار حتّى يدخلها وأرى زيداً سار حتى يدخلها ومن زعم أن النصب يكون في ذا لأن المتكلم غير متيقن فإنه يدخل عليه سار زيد حتى يدخلها فيما بلغني ولا أدري ويدخل عليه عبد الله سار حتّى يدخلها أرى‏‏.‏      

فإن قال‏:‏ فإني لم أعمل أرى فهو يزعم أنه ينصب بأرى الفعل‏‏.‏      

وإن جعلت الدخول غاية نصبت في ذا كلّه‏‏.‏      

وتقول‏:‏ كنت سرت حتّى أدخلها إذا لم تجعل الدخول غاية‏‏.‏      

وليس بين كنت سرت وبين سرت مرّة في الزمان الأوّل حتّى أدخلها شئ وإنّما ذا قول كان النحويّون يقولونه ويأخذونه بوجه ضعيف‏‏.‏      

يقولون‏:‏ إذا لم يجز القلب نصبنا فيدخل عليهم قد سرت حتى أدخلها أن ينصبوا وليس في الدنيا عربيّ يرفع سرت حتّى أدخلها إلاّ وهو يرفع إذا قال‏:‏ قد سرت‏‏.‏      

وتقول‏:‏ إنّما سرت حتّى أدخلها وحتّى أدخلها إن جعلت الدخول غاية‏‏.‏      

وكذلك ما سرت إلاّ قليلاً حتّى أدخلها إن شئت رفعت وإن شئت نصبت لأنّ معنى هذا معنى سرت قليلاً حتّى أدخلها فإن جعلت الدخول غاية نصبت‏‏.‏      

ومما يكون فيه الرفع شئ ينصبه بعض الناس لقبح القلب وذلك‏:‏ ربّما سرت حتّى أدخلها وطالما سرت حتّى أدخلها وكثر ما سرت حتّى أدخلها ونحو هذا‏‏.‏      

فإن احتجّوا بأنه غير سير واحد فكيف يقولون إذا قلت‏:‏ سرت غير مرّة حتّى أدخلها‏‏.‏      

وسألنا من يرفع في قوله‏:‏ سرت حتّى أدخلها فرفع في ربّما ولكنّهم اعتزموا على النصب في ذا كما اعتزموا عليه في قد‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما أحسن ما سرت حتّى أدخلها وقلّما سرت حتّى أدخلها إذا أردت أن تخبر أنّك سرت قليلاً وعنيت سيراً واحداً وإن شئت نصبت على الغاية‏‏.‏      

وتقول‏:‏ قلّما سرت حتّى أدخلها إذا عنيت سيراً واحداً أو عنيت غير سير لأنّك قد تنفي الكثير من السير الواحد كما تنفيه من غير سير‏‏.‏      

وتقول‏:‏ قلّما سرت حتّى أدخلها إذا عنيت غير سير وكذلك أقلّ ما سرت حتّى أدخلها من قبل أنّ قلّما نفي لقوله كثر ما كما أنّ ما سرت نفي لقوله سرت‏‏.‏      

ألا ترى أنّه قبيح أن تقول‏:‏ قلّما سرت فأدخلها كما يقبح في ما سرت إذا أردت معنى فإذا أنا أدخل‏‏.‏      

وتقول‏:‏ قلّما سرت فأدخلها فتنصب بالفاء ههنا كما تنصب في ما ولا يكون كثر ما سرت فأدخلها لأنّه واجب ويحسن أن تقول‏:‏ كثر ما سرت فإذا أنا أدخل‏‏.‏      

وتقول‏:‏ إنما سرت حتّى أدخلها إذا كنت محتقراً لسيرك الذي أدّى إلى الدخول ويقبح إنّما سرت حتّى أدخلها لأنه ليس في هذا اللفظ دليل على انقطاع السّير كما يكون في النصب يعني إذا احتقر السير لأنّك لا تجعله سيراً يؤدّي الدخول وأنت تستصغره وهذا قول الخليل‏‏.‏      

وتقول‏:‏ كان سيري أمس حتّى أدخلها ليس إلاّ لأنّك لو قلت‏:‏ كان سيري أمس فإذا أنا أدخلها لم يجز لأنك لم تجعل لكان خبراً‏‏.‏      

وتقول‏:‏ كان سيري أمس سيراً متعباً حتّى أدخلها لأنك تقول‏:‏ ههنا فأدخلها وفإذا أنا أدخلها لأنك جئت لكان بخبر وهو قولك‏:‏ سيراً متعباً‏‏.‏      

واعلم أنّ ما بعد حتّى لا يشرك الفعل الذي قبل حتى في موضعه كشركة الفعل الآخر الأوّل إذا قلت‏:‏ لم أجئ فأقل ولو كان ذلك لاستحال كان سيري أمس شديداً حتّى أدخل ولكنها تجئ كما تجئ ما بعد إذا وبعد حروف الابتداء‏‏.‏      

وكذلك هي أيضاً بعد الفاء إذا قلت‏:‏ ما أحسن ما سرت فأدخلها لأنّها منفصلة يعني الفاء فإنما عنينا بقولنا الآخر متّصل بالأوّل أنّهما وقعا فيما مضى كما أنه إذا قال‏:‏ فإنّ المندّى رحلة فركوب فإنّما يعني أنّهما وقعا في الماضي من الأزمنة وأنّ الآخر كان مع فراغه من الأوّل‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ كان سيري أمس حتّى أدخلها تجعل أمس مستقرّاً جاز الرفع لأنه استغنى فصار كسرت لو قلت فأدخلها حسن ولا يحسن كان سيري فأدخل إلاّ أن تجئ بخبر لكان‏‏.‏      

وقد تقع نفعل في موضع فعلنا في بعض المواضع ومثل ذلك قوله لرجل من بني سلول مولّد‏:‏ ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني واعلم أنّ أسير بمنزلة سرت إذا أردت بأسير معنى سرت‏‏.‏      

واعلم أنّ الفعل إذا كان غير واجب لم يكن إلاّ النصب من قبل أنّه إذا لم يكن واجباً رجعت حتّى إلى أن وكي ولم تصر من حروف الابتداء كما لم تصر إذن في الجواب من حروف الابتداء وتقول‏:‏ أيّهم سار حتّى يدخلها لأنّك قد زعمت أنه كان سير ودخول وإنّما سألت عن الفاعل‏‏.‏      

ألا ترى أنّك لو قلت‏:‏ أين الذي سار حتّى يدخلها وقد دخلها لكان حسناً ولجاز هذا الذي يكون لما قد وقع لأنّ الفعل ثمّ واقع وليس بمنزلة قلّما سرت إذا كان نافياً لكثرما ألا ترى أنّه لو كان قال‏:‏ قلّما سرت فأدخلها أو حتّى أدخلها وهو يريد أن يجعلها واجبة خارجة من معنى قلّما لم يستقم إلاّ أن تقول‏:‏ قلّما سرت فدخلت وحتّى دخلت كما تقول‏:‏ ما سرت حتّى دخلت‏‏.‏      

فإنّما ترفع بحتّي في الواجب ويكون ما بعدها مبتدأ منفصلاً من الأوّل كان مع الأوّل فيما مضى أو الآن‏‏.‏      

وتقول‏:‏ أسرت حتّى تدخلها نصب لأنك لن تثبت سيراً تزعم أنه قد كان معه دخول‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 5:58 am

باب ما يكون العمل فيه من اثنين
المجلد الخامس 1910
وذلك قولك‏:‏ سرت حتّى يدخلها زيداً إذا كان دخول زيد لم يؤدّه سيرك ولم يكن سببه فيصير هذا كقولك‏:‏ سرت حتّى تطلع الشمس لأنّ سيرك لا يكون سبباً لطلوع الشمس ولا يؤدّيه ولكنّك لو قلت‏:‏ سرت حتّى يدخلها ثقلي وسرت حتّى يدخلها بدني لرفعت لأنّك جعلت دخول ثقلك يؤدّيه سيرك وبدنك لم يكن دخوله إلاّ بسيرك‏‏.‏      

وتقول‏:‏ سرت حتى يدخلها زيد وأدخلها وسرت حتّى أدخلها ويدخلها زيد إذا جعلت دخول زيد من سبب سيرك وهو الذي أدّاه ولا تجد بدّاً من أن تجعله ههنا في تلك الحال لأنّ رفع الأوّل لا يكون إلاّ وسبب دخوله سيره‏‏.‏      

وإذا كانت هذه حال الأوّل لم يكن بدّ للآخر من أن يتبعه لأنك تعطفه على دخولك في حتّى‏‏.‏
     
وذلك أنه يجوز أن تقول‏:‏ سرت حتّى يدخلها زيد إذا كان سيرك يؤدّي دخوله كما تقول‏:‏ سرت حتّى يدخلها ثقلي‏‏.‏      

وتقول‏:‏ سرت حتى أدخلها وحتى يدخلها زيد لأنك لو قلت‏:‏ سرت حتّى أدخلها وحتّى تطلع الشمس كان جيداً وصارت إعادتك حتّى كإعادتك له في تباً له وويل له ومن عمراً ومن أخو زيد‏‏.‏      

وقد يجوز أن تقول‏:‏ سرت حتّى يدخلها زيد إذا كان أدّاه سيرك‏‏.‏      

ومثل ذلك قراءة أهل الحجاز‏:‏ ‏"‏ وزلزلوا حتّى يقول الرّسول ‏"‏‏‏.‏      

واعلم أنّه لا يجوز سرت حتّى أدخلها وتطلع الشمس يقول‏:‏ إذا رفعت طلوع الشمس لم يجز وإن نصبت وقد رفعت فهو محال حتّى تنصب فعلك من قبل العطف فهذا محال أن ترفع ولم يكن الرفع لأنّ طلوع الشمس لا يكون أن يؤدّيه سيرك فترفع تطلع وقد حلت بينه وبين الناصبة‏‏.‏      

ويحسن أن تقول‏:‏ سرت حتّى تطلع الشمس وحتى أدخلها كما يجوز أن تقول‏:‏ سرت إلى يوم سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان فهذه الآخرة هي التي ترفع‏‏.‏      

وتقول‏:‏ سرت وسار حتّى ندخلها كأنك قلت‏:‏ سرنا حتّى ندخلها‏‏.‏      

وتقول‏:‏ سرت حتّى أسمع الأذان هذا وجهه وحدّة النصب لأن سيرك ليس يؤدّي سمعك الأذان إنّما يؤدّيه الصّبح ولكنك تقول‏:‏ سرت حتّى أكلّ لأنّ الكلال يؤدّيه سيرك‏‏.‏      

وتقول‏:‏ سرت حتّى أصبح لأنّ الإصباح لا يؤدّيه سيرك إنّما هي غاية طلوع الشمس‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 6:04 am

هذا باب الفاء
المجلد الخامس 1910
اعلم أن ما انتصب في باب الفاء ينتصب على إضمار أن وما لم ينتصب فإنّه يشرك الفعل الأوّل فيما دخل فيه أو يكون في موضع مبتدإ أو مبنيّ على مبتدإ أو موضع اسم مما سوى ذلك‏‏.‏      


وسأبين ذلك إن شاء الله‏‏.‏      

تقول‏:‏ لا تأتيني فتحدّثني لم ترد أن تدخل الآخر فيما دخل فيه الأوّل فتقول‏:‏ لا تأتيني ولا تحدّثني ولكنّك لمّا حوّلت المعنى عن ذلك تحوّل إلى الاسم كأنك قلت‏:‏ ليس يكون منك إتيان فحديث فلّما أردت ذلك استحال أن تضمّ الفعل إلى الاسم فأضمروا أن لأنّ أن مع الفعل بمنزلة الاسم فلّما نووا أن يكون الأوّل بمنزلة قولهم‏:‏ لم يكن إتيان استحالوا أن يضمّوا الفعل إليه فلّما أضمروا أن حسن لأنّه مع الفعل بمنزلة الاسم‏‏.‏      

وأن لا تظهر ههنا لأنه يقع فيها معان لا تكون في التمثيل كما لا يقع معنى الاستثناء في لا يكون ونحوها إلاّ أن تضمر‏‏.‏      

ولولا أنّك إذا قلت لم آتك صار كأنك قلت‏:‏ لم يكن إتيان لم يجز فأحدّثك كانك قلت في التمثيل فحديث‏‏.‏      

وهذا تمثيل ولا يتكلّم به بعد لم آتك لا تقول‏:‏ لم آتك فحديث‏‏.‏      

فكذلك لا تقع هذه المعاني في الفاء إلاّ بإضمار أن ولا يجوز إظهار أن كما لا يجوز إظهار المضمر في لا يكون ونحوها‏‏.‏      

فإذا قلت‏:‏ لم آتك صار كأنك قلت‏:‏ لم يكن إتيان ولم يجز أن تقول فحديث لأنّ هذا لو كان جائزاً لأظهرت أن‏‏.‏      

ونظير جعلهم لم آتك ولا آتيك وما أشبهه بمنزلة الاسم في النية حتّى كأنهم قالوا‏:‏ لم يك إتيان إنشاد بعض العرب قول الفرزدق‏:‏ مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلاّ ببين غرابها ومثله قول الفرزدق أيضاً‏:‏ وما زرت سلمى أن تكون حبيبة إلىّ ولا دين بها أنا طالبه ومثله قول زهير‏:‏ بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئاً إذا كان جائياً لّما كان الأوّل تستعمل فيه الباء ولا تغيّر المعنى وكانت مما يلزم الأوّل نووها في الحرف الآخر حتّى كأنّهم قد تكلّموا بها في الأوّل‏‏.‏      

وكذلك صار لم آتك بمنزلة لفظهم بلم يكن إتيان لأنّ المعنى واحد‏‏.‏      

واعلم أنّ ما ينتصب في باب الفاء قد ينتصب على غير معنى واحد وكلّ ذلك على إضمار أن إلاّ أنّ المعاني مختلفة كما أنّ يعلم الله يرتفع كما يرتفع يذهب زيد وعلم الله ينتصب كما ينتصب ذهب زيد وفيهما معنى اليمين‏‏.‏      

فالنصب ههنا في التمثيل كأنك قلت‏:‏ لم يكن إتيان فأن تحدّث والمعنى على غير ذلك كما أنّ معنى علم الله لأفعلنّ غير معنى رزق الله‏‏.‏      

فأن تحدّث في اللفظ مرفوعة بيكن لأنّ المعنى‏:‏ بم يكن إتيان فيكون حديث‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما نأتيني فتحدّثني فالنصب على وجهين من المعاني‏:‏ أحدهما‏:‏ ما تأتيني فكيف تحدّثني أي لو أتيتني لحدّثتني‏‏.‏      

وأما الآخر‏:‏ فما تأتيني أبداً إلاّ لم تحدّثني أي منك إتيان كثير ولا حديث منك‏‏.‏      

وإن شئت أشركت بين الأوّل والآخر فدخل الآخر فيما دخل فيه الأوّل فتقول‏:‏ ما تأتيني فتحدّثني كأنك قلت‏:‏ ما تأتيني وما تحدّثني‏‏.‏      

فمثل النصب قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ لا يقضي عليهم فيموتوا ‏"‏‏‏.‏      

ومثل الرفع قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ هذا يوم لا ينطقون‏‏.‏      

ولا يؤذن لهم فيعتذرون ‏"‏‏‏.‏      

وإن شئت رفعت على وجه آخر كأنك قلت‏:‏ فأنت تحدّثنا‏‏.‏      

ومثل ذلك قول بعض الحارثيين‏:‏ غير أنّا لم تأتنا بيقين فترجّي ونكثر التأميلا كأنه قال‏:‏ فنحن نرجّى‏‏.‏      

فهذا في موضع مبنيّ على المبتدإ‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما أتيتنا فتحدّثنا فالنصب فيه كالنّصب في الأوّل وإن شئت رفعت على‏:‏ فأنت تحدّثنا الساعة وارفع فيه يجوز على ما‏‏.‏      

وإنّما اختير النصب لأنّ الوجه ههنا وحدّ الكلام أن تقول‏:‏ ما أتيتنا فحدّثتنا فلّما صرفوه عن هذا الحدّ ضعف أن يضمّوا يفعل إلى فعلت فحملوه على الاسم كما لم يجز أن يضّموه إلى الاسم في قولهم‏:‏ ما أنت منّا فتنصرنا ونحوه‏‏.‏      

وأمّا الذين رفعوه فحملوه على موضع أتيتنا لأن أتيتنا في موضع فعل مرفوع وتحدّثنا ههنا في موضع حدّثتنا‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما تأتينا فتكلّم إلاّ بالجميل‏‏.‏      

فالمعنى أنّك لم تأتنا إلاّ تكلّمت بجميل ونصبه على إضمار أن كما كان نصب ما قبله على إضمار أن وتمثيله كتمثيل الأوّل وإن شئت رفعت على الشّركة كأنه قال‏:‏ وما تكلّم إلاّ الجميل‏‏.‏  

ومثل النصب قول الفرزدق‏:‏ وما قام منّا قائم في نديّنا فينطق إلاّ بالتي هي أعرف وتقول‏:‏ لا تأتينا فتحدّثنا إلاّ ازددنا فيك رغبة فالنصب ههنا كالنصب في‏:‏ ما تأتيني فتحدّثني إذا أردت معنى‏:‏ ما تأتيني محدّثاً وإنّما أراد معنى‏:‏ ما أتيتني محدّثاً إلاّ ازددت فيك رغبة‏‏.‏      

ومثل ذلك قول اللّعين‏:‏ وما حلّ سعديّ غريباً ببلدة فينسب إلاّ الزّبرقان له أب وتقول‏:‏ لا يسعني شئ فيعجز عنك أي لا يسعني شئ فيكون عاجزاً عنك ولا يسعني شئ إلاّ لم يعجز عنك‏‏.‏       هذا معنى هذا الكلام‏‏.‏      

فإن حملته على الأوّل قبح المعنى لأنّك لا تريد أن تقول‏:‏ إنّ الأشياء لا تسعني ولا تعجز عنك فهذا لا ينويه أحد‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما أنت منّا فتحدّثنا لا يكون الفعل محمولاً على ما لأنّ الذي قبل الفعل ليس من الأفعال فلم يشاكله قال الفرزدق‏:‏ وإن شئت رفعت على قوله‏:‏ فنرجّي ونكثر التأميلا وتقول‏:‏ ألا ماء فأشر به وليته عندنا فيحدّثنا‏‏.‏      

وقال أميّة بن أبي الصّلت‏:‏ ألا رسول لنا منّا فيخبرنا ما بعد غايتنا من رأس مجرانا لا يكون في هذا إلاّ النصب لأنّ الفعل لم تضمّه إلى فعل‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ألا تقع الماء فتسبح إذا جعت الآخر على الأوّل كأنك قلت‏:‏ ألا تسبح‏‏.‏      

وإن شئت نصبته على ما انتصب عليه ما قبله كأنك قلت‏:‏ ألا يكون وقوع فأن تسبح‏‏.‏      

فهذا تمثيل وإن لم يتكلّم به‏‏.‏      

والمعنى في النصب أنه يقول‏:‏ إذا وقعت سبحت‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ألم تأتنا فتحدّثنا إذا لم يكن على الأوّل‏‏.‏      

وإن كان على الأوّل جزمت‏‏.‏      

ومثل النصب قوله‏:‏ ألم تسأل فتخبرك الرسوم على فرتاج والطّلل القديم وإن شئت جزمت على أوّل الكلام‏‏.‏      

وتقول‏:‏ لا تمددها فتشقّها إذا لم تحمل الآخر على الأوّل‏‏.‏      

وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب ‏"‏‏‏.‏      

وتقول‏:‏ لا تمددها فتشققها إذا أشركت بين الآخر والأوّل كما أشركت بين الفعلين في لم‏‏.‏      
وتقول‏:‏ ائتني فأحدّثك‏‏.‏      

وقال أبو النجم‏:‏ ياناق سيري عنقاً فسيحاً إلى سليمان فنستريحا ولا سبيل ههنا إلى الجزم من قبل أنّ هذه الأفعال التي يدخلها الرفع والنصب والجزم وهي الأفعال المضارعة لا تكون في موضع افعل أبداً لأنّها إنما تنتصب وتنجزم بما قبلها وافعل مبنيّة على الوقف‏‏.‏      

فإن أردت أن تجعل هذه الأفعال أمراً أدخلت اللام وذلك قولك‏:‏ ائته فليحدّثك وفيحدّثك إذا أردت المجازاة‏‏.‏      

ولو جاز الجزم في‏:‏ ائتني فأحدّثك ونحوها لقلت‏:‏ تحدّثني تريد به الأمر‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ألست قد أتيتنا فتحدّثنا إذا جعلته جواباً ولم تجعل الحديث وقع إلاّ بالإتيان وإن أردت فحدّثتنا رفعت‏‏.‏      

وتقول‏:‏ كأنّك لم تأتنا فتحدّثنا وإن حملته على الأوّل جزمت‏‏.‏      

وقال رجل من بني دارم‏:‏ كأنّك لم تذبح لأهلك نعجة فيصبح ملقى بالفناء إهابها وتقول‏:‏ ودّلو تأتيه فتحدّثه‏‏.‏      

والرفع جيّد على معنى التّمني‏‏.‏      

ومثله قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ ودّوا لو وتقول‏:‏ حسبته شتمني فأثب عليه إذا لم يكن الوثوب واقعاً ومعناه‏:‏ أن لو شتمني لوثبت عليه‏‏.‏      

وإن كان الوثوب قد وقع فليس إلاّ الرفع لأنّ هذا بمنزلة قوله‏:‏ ألست قد فعلت فأفعل‏‏.‏      

واعلم أنّك إن شئت قلت‏:‏ ائتني فأحدّثك ترفع‏‏.‏      

وزعم الخليل‏:‏ أنّك لم ترد أن تجعل الإتيان سبباً لحديث ولكنّك كأنك قلت‏:‏ ائتني فأنا ممن يحدّثك البتة جئت أو لم تجئ‏‏.‏      

قال النابغة الذبياني‏:‏ ولا زال قبر بين تبنى وجاسم عليه من الوسميّ جود ووابل فينبت حوذاناً وعوفاً منوّراً سأتبعه من خير ما قال قائل وذلك أنه لم يرد أن يجعل النبات جواباً لقوله‏:‏ ولا زال ولا أن يكون متعلّقاً به ولكنه دعا ثم أخبر بقصّة السحاب كأنّه قال‏:‏ فذاك ينبت حوذاناً‏‏.‏      

ولو نصب هذا البيت قال الخليل لجاز ولكنّا قبلناه رفعاً‏:‏ ألم تسأل الرّبع القواء فينطق وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق لم يجعل الأوّل سبباً للآخر ولكنّه جعله ينطق على كلّ حال كأنه قال‏:‏ فهو مما ينطق كما قال‏:‏ ائتني فأحدّثك فجعل نفسه ممن يحدّثه على كلّ حال‏‏.‏      

وزعم يونس‏:‏ أنه سمع هذا البيت بألم‏‏.‏      

وإنّما كتبت ذا لئّلا يقول إنسان‏:‏ فلعلّ الشاعر قال ألا‏‏.‏      

لقد كان في حول ثواء ثويته تقضّى لبانات ويسأم سائم فرفعه وقال‏:‏ لا أعرف فيه غيره لأنّ أوّل الكلام خبر وهو واجب كأنه قال‏:‏ ففي حول تقضّى لبانات ويسأم سائم‏‏.‏      

هذا معناه‏‏.‏      

واعلم أن الفاء لا تضمر فيها أن في الواجب ولا يكون في هذا الباب إلاّ الرفع وسنبيّن لم ذلك‏‏.‏      

وذلك قوله‏:‏ إنّه عندنا فيحدّثنا وسوف آتيه فأحدّثه ليس إلا إن شئت رفعته على أن تشرك بينه وبين الأوّل وإن شئت كان منقطعاً لأنّك قد أوجبت أن تفعل فلا يكون فيه إلاّ الرفع‏‏.‏      

وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ فلا تكفر فيتعلّمون ‏"‏ فارتفعت لأنه لم يخبر عن الملكين أنهما قالا‏:‏ لا تكفر فيتعلّمون ليجعلا كفره سبباً لتعليم غيره ولكنه على كفروا فيتعلّمون‏‏.‏      

ومثله‏:‏ ‏"‏ كن فيكون ‏"‏ كأنّه قال‏:‏ إنما أمرنا ذاك فيكون‏‏.‏      

وقد يجوز النصب في الواجب في اضطرار الشعر ونصبه في الاضطرار من حيث انتصب في غير الواجب وذلك لأنّك تجعل أن العاملة‏‏.‏      

فمّما نصب في الشعر اضطراراً قوله‏:‏ سأترك منزلي لبني تميم وألحق بالحجاز فأستريحا وقال الأعشى وأنشدناه يونس‏:‏ ثمّت لا تجزونني عند ذاكم ولكن سيجزيني الإله فيعقبا لنا هضبة لا يدخل الذّلّ وسطها ويأوي إليها المستجير فيعصما وكان أبو عمرو يقول‏:‏ لا تأتنا فنشتمك‏‏.‏      

وسمعت يونس يقول‏:‏ ما أتيتني فأحدّثك فيما أستقبل فقلت له‏:‏ ما تريد به فقال‏:‏ أريد أن أقول ما أتيتني فأنا أحدّثك وأكرمك فيما أستقبل‏‏.‏      

وقال‏:‏ هذا مثل ائتني فأحدّثك إذا أراد ائتني فأنا صاحب هذا‏‏.‏      

وسألته عن‏:‏ ‏"‏ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرّة ‏"‏ فقال‏:‏ هذا واجب وهو تنبيه كأنّك قلت‏:‏ أتسمع أن الله أنزل من السماء ماء فكان كذا وكذا‏‏.‏      

وإنّما خالف الواجب النفي لأنك تنقض النفي إذا نصبت وتغيّر المعنى يعني أنك تنفي الحديث وتوجب الإتيان تقول‏:‏ ما أتيتني قطّ فتحدّثني إلاّ بالشرّ فقد نقضت نفي الإتيان وزعمت أنّه قد كان‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما تأتيني فتحدّثني إذا أردت معنى فكيف تحدّثني فأنت لا تنفي الحديث ولكنّك زعمت أنّ منه الحديث وإنّما يحول بينك وبينه ترك الإتيان‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ائتني فأحدّثك فليس هذا من الأمر الأوّل في شئ‏‏.‏      

وإذا قلت‏:‏ قد كان عندنا فسوف يأتينا فيحدّثنا لم تزده على أن جئت بواجب كالأوّل فلم يحتاجوا إلى أن لما ذكرت لك ولأنّ تلك المعاني لا تقع هاهنا ولو كانت الفاء والواو وأو ينصبن لأدخلت عليهن الفاء والواو للعطف ولكنها كحتّى في الإضمار والبدل فشبّهت بها لمّا كان النصب فيها الوجه لأنهم جعلوا الموضع الذي يستعملون فيه إضمار أن بعد الفاء كما جعلوه في حتّى إنما يضمر إذا أراد معنى الغاية وكاللام في ما كان ليفعل‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 6:08 am

هذا باب الواو
المجلد الخامس 1910
اعلم أنّ الواو ينتصب ما بعدها في غير الواجب من حيث انتصب ما بعد الفاء وأنها قد تشرك بين الأوّل والآخر كما تشرك الفاء وأنّها يستقبح فيها أن تشرك بين الأوّل والآخر كما استقبح ذلك في الفاء وأنّها يجئ ما بعدها مرتفعاً منقطعاً من الأوّل كما جاء ما بعد الفاء‏‏.‏      

واعلم أنّ الواو وإن جرت هذا المجرى فإنّ معناها ومعنى الفاء مختلفان ألا ترى الأخطل قال‏:‏ لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم فلو دخلت الفاء ههنا لأفسدت المعنى وإنّما أراد لا يجتمعنّ النهي والإتيان فصار تأتي على إضمار أن‏‏.‏      

ومما يدّلك أيضاً على أنّ الفاء ليست كالواو قولك‏:‏ مررت بزيد وعمرو ومررت بزيد فعمرو وتقول‏:‏ لا تأكل السّمك وتشرب اللبن فلو أدخلت الفاء ههنا فسد المعنى‏‏.‏      

وإن شئت جزمت على النهي في غير هذا الموضع‏‏.‏      

قال جرير‏:‏ ولا تشتم المولى وتبلغ أذاته فإنك إن تفعل تسفّه وتجهل ومنعك أن ينجزم في الأوّل لأنّه إنما أراد أن يقول له‏:‏ لا تجمع بين اللبن والسمك ولا ينهاه أن يأكل السمك على حدة ويشرب اللبن على حدة فإذا جزم فكأنّه نهاه أن يأكل السمك على كلّ حال أو يشرب اللبن على كلّ حال‏‏.‏      

ومثل النصب في هذا الباب قول الحطيئة‏:‏ ألم أك جاركم ويكون بيني وبينكم المودّة والإخاء كأنّه قال‏:‏ ألم أك هكذا ويكون بيني وبينكم‏‏.‏      

وقال دريد بن الصّمّة‏:‏ قتلت بعبد الله خير لداته ذؤاباً فلم أفخر بذاك وأجزعا وتقول‏:‏ لا يسعني شئ ويعجز عنك فانتصاب الفعل هاهنا من الوجه الذي انتصب به في الفاء إلاّ أنّ الواو لا يكون موضعها في الكلام موضع الفاء‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ائتني وآتيك إذا أردت ليكن إتيان منك وأن آتيك تعني إتيان منك وإتيان منّي‏‏.‏      

وإن أردت الأمر أدخلت اللام كما فعلت ذلك في الفاء حيث قلت‏:‏ ائتني فلأحدّثك فتقول ائتني ومن النصب في هذا الباب قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصّابرين ‏"‏ وقد قرأها بعضهم‏:‏ ‏"‏ ويعلم الصّابرين ‏"‏‏‏.‏      

وقال تعالى‏:‏ ‏"‏ ولا تلبسوا الحقّ بالباطل وتكتموا الحقّ وأنتم تعلمون ‏"‏ إن شئت جعلت وتكتموا على النهي وإن شئت جعلته على الواو‏‏.‏      

وقال تعالى‏:‏ ‏"‏ ياليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين ‏"‏‏‏.‏      

فالرفع على وجهين‏:‏ فأحدهما أن يشرك الآخر الأوّل‏‏.‏      

والآخر على قولك‏:‏ دعني ولا أعود أي فإنّي ممن لا يعود فإنّما يسأل الترك وقد أوجب على نفسه أن لا عودة له البتّة ترك أو لم يترك ولم يرد أن يسأل أن يجتمع له الترك وأن لا يعود‏‏.‏   

وأمّا عبد الله بن أبي إسحاق فكان ينصب هذه الآية‏‏.‏      

وتقول‏:‏ زرني وأزورك أي أنا ممن قد أوجب زيارتك على نفسه ولم ترد أن تقول لتجتمع منك الزيارة وأن أزورك تعني لتجتمع منك الزيارة فزيارة منّي ولكنّه أراد أن يقول زيارتك واجبة على كلّ حال فلتكن منك زيارة‏‏.‏      

وقال الأعشى‏:‏ فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى لصوت أن ينادي داعيان ومن النصب أيضاً قوله‏:‏ للبس عباءة وتقرّ عيني أحبّ إليّ من لبس الشّفوف لمّا لم يستقم أن تحمل وتقرّ وهو فعل على لبس وهو اسم لمّا ضممته إلى الاسم وجعلت أحبّ لهما ولم ترد قطعة لم يكن بدّ من إضمار أن‏‏.‏      

وسترى مثله مبيّناً‏‏.‏      

وسمعنا من ينشد هذا البيت من العرب وهو لكعب الغنويّ‏:‏ وما أنا للشيء الذي ليس نافعي ويغضب منه صاحبي بقؤول والرفع أيضاً جائز حسن كما قال قيس بن زهير بن جذيمة‏:‏ فلا يدعني قومي صريحاً لحرّة لئن كنت مقتولاً ويسلم عامر ويغضب معطوف على الشيء ويجوز رفعه على أن يكون داخلاً في صلة الذي‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 6:12 am

هذا باب أو
المجلد الخامس 1910
اعلم أن ما انتصب بعد أو فإنّه ينتصب على إضمار أن كما انتصب في الفاء والواو على إضمارها ولا يستعمل إظهارها كما لم يستعمل في الفاء والواو والتمثيل هاهنا مثله ثمّ‏‏.‏      

تقول إذا قال لألزمنّك أو تعطيني كأنه يقول‏:‏ ليكوننّ اللزوم أو أن تعطيني‏‏.‏      

واعلم أنّ معنى ما انتصب بعد أو على إلاّ أن كما كان معنى ما انتصب بعد الفاء على غير معنى التمثيل تقول‏:‏ لألزمنّك أو تقضيني ولأضربنّك أو تسبقني فالمعنى لألزمنّك إلاّ أن فقلت له لا تبك عينك إنّما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا والقوافي منصوبة فالتمثيل على ما ذكرت لك والمعنى على إلاّ أن نموت فنعذرا وإلاّ أن تعطيني كما كان تمثيل الفاء على ما ذكرت لك وفيه المعاني التي فصّلت لك‏‏.‏      

ولو رفعت لكان عربيّاً جائزاً على وجهين‏:‏ على أن تشرك بين الأوّل والآخر وعلى أن يكون مبتدأ مقطوعاً من الأوّل يعني أو نحن ممن يموت‏‏.‏      

وقال جلّ وعزّ‏:‏ ‏"‏ ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ‏"‏ إن شئت كان على الإشراك وإن شئت كان على‏:‏ أو هم يسلمون‏‏.‏      

وقال ذو الرمّة‏:‏ حراجيج لا تنفكّ إلاّ مناخة على الخسف أو نرمي بها بلداً قفراً فإن شئت كان على لا تنفكّ نرمي بها أو على الابتداء‏‏.‏      

وتقول‏:‏ الزمه أو يتقّيك بحقّك واضربه أو يستقيم‏‏.‏      

وقال زياد الأعجم‏:‏ وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما معناه إلاّ أن وإن شئت رفعت في الأمر على الابتداء لأنّه لا سبيل إلى الإشراك‏‏.‏      

وتقول‏:‏ هو قاتلي أو أفتدي منه وإن شئت ابتدأته كأنه قال‏:‏ أو أنا أفتدي وقال طرفة بن ولكن مولاي امرؤ هو خانقي على الشّكر والتّسآل أو أنا مفتدي وسألت الخليل عن قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلاّ وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ‏"‏ فزعم أنّ النصب محمول على أن سوى هذه التي قبلها‏‏.‏      

ولو كانت هذه الكلمة على أن هذه لم يكن للكلام وجه ولكنه لمّا قال‏:‏ ‏"‏ إلاّ وحياً أو من وراء حجاب ‏"‏ كان في معنى إلاّ أن يوحي وكان أو يرسل فعلاً لا يجري على ألاّ فأجرى على أن هذه كأنه قال‏:‏ إلاّ أن يوحي أو يرسل لأنه لو قال‏:‏ إلاّ وحياً وإلاّ أن يرسل كان حسناً وكان أن يرسل بمنزلة الإرسال فحملوه على أن إذ لم يجز أن يقولوا‏:‏ أو إلاّ يرسل فكأنه قال‏:‏ إلاّ وحياً أو أن يرسل‏‏.‏      

وقال الحصين بن حمام المرّي‏:‏ ولولا رجال من رزام أعزّة وآل سبيع أو أسوءك علقما يضمر أن وذاك لأنّه امتنع أن يجعل الفعل على لولا فأضمر أن كأنّه قال‏:‏ لولا ذاك أو لولا أن أسوءك‏‏.‏ 

وبلغنا أنّ أهل المدينة يرفعون هذه الآية‏:‏ ‏"‏ وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلاّ وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ‏"‏ فكأنه والله أعلم قال الله عزّ وجلّ‏:‏ لا يكلّم الله البشر إلاّ وحياً أو يرسل رسولاً أي في هذه الحال وهذا كلامه إيّاهم كما تقول العرب‏:‏ تحيتّك الضرب وعتابك السيف وكلامك القتل‏‏.‏      

وقال الشاعر وهو عمرو بن معدي كرب‏:‏ وخيل قد دلفت لها بخيل ** تحيّة بينهم ضرب وجيع وسألت الخليل عن قول الأعشي‏:‏ إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا أو تنزلون فإنّا معشر نزل فقال‏:‏ الكلام هاهنا على قولك يكون كذا أو يكون كذا لمّا كان موضعها لو قال فيه أتركبون لم ينقض المعنى صار بمنزلة قولك‏:‏ ولا سابق شيئاً‏‏.‏      

وأمّا يونس فقال‏:‏ أرفعه على الابتداء كأنه قال‏:‏ أو أنتم نازلون‏‏.‏      

وعلى هذا الوجه فسّر الرفع في الآية كأنه قال‏:‏ أو هو يرسل رسولاً كما قال طرفة‏:‏ أو أنا مفتدي وقول يونس أسهل وأمّا الخليل فجعله بمنزلة قول زهير‏:‏ بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئاً إذا كان جائياً والإشراك على هذا التوهّم بعيد كبعد ولا سابق شيئاً‏‏.‏      

ألا ترى أنّه لو كان هذا كهذا لكان في الفاء والواو‏‏.‏      

وإنّما توهّم هذا فيما خالف معناه التمثيل‏‏.‏      

يعني مثل هو يأتينا ويحدّثنا‏‏.‏      

يقول‏:‏ يدخل عليك نصب هذا على توهّم أنّك تكلّمت بالاسم قبله يعني مثل قولك‏:‏ لا تأته فيشتمك فتمثيله على لا يكن منك إتيان فشتيمة والمعنى على غير ذلك‏.

باب اشتراك الفعل في أن وانقطاع الآخر من الأوّل الذي عمل فيه أن فالحروف التي تشرك‏:‏ الواو والفاء وثمّ وأو‏‏.‏      

وذلك قولك‏:‏ أريد أن تأتيني ثم تحدّثني وأريد أن تفعل ذاك وتحسن وأريد أن تأتينا فتبايعنا وأريد أن تنطق بجميل أو تسكت‏‏.‏      

ولو قلت‏:‏ أريد أن تأتيني ثم تحدّثني جاز كأنك قلت‏:‏ أريد إتيانك ثم تحدّثني‏‏.‏      

ويجوز الرفع في جميع هذه الحروف التي تشرك على هذا المثال‏‏.‏      

وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة ثمّ يقول للنّاس كونوا عباداً لي من دون الله ‏"‏ ثم قال سبحانه‏:‏ ‏"‏ ولا يأمركم ‏"‏ فجاءت منقطعة من الأوّل لأنّه أراد‏:‏ ولا يأمركم الله‏‏.‏      

وقد نصبها بعضهم على قوله‏:‏ وما كان لبشر أن يأمركم أن تتخذوا‏‏.‏      

وتقول‏:‏ أريد أن تأتيني فتشتمني لم يرد الشّتيمة ولكنّه قال‏:‏ كلّما أردت إتيانك شتمتني‏‏.‏      

هذا معنى كلامه فمن ثمّ نقطع من أن‏‏.‏      

قال رؤبة‏:‏ أي فإذا هو يعجمه‏‏.‏      

وقال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ‏"‏ أي ونحن نقرّ في الأرحام لأنّه ذكر الحديث للبيان ولم يذكره للإقرار‏‏.‏      

وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ أن تضلّ إحداهما الأخرى فتذكر إحدهما الأخرى ‏"‏ فانتصب لأنّه أمر بالإشهاد لأن تذكّر إحداهما الأخرى ومن أجل أن تذكّر‏‏.‏      

فإن قال إنسان‏:‏ كيف جاز أن تقول‏:‏ أن تضلّ ولم يعدّ هذا للضلال وللالتباس فإنما ذكر أن تضلّ لأنه سبب الأذكار كما يقول الرجل‏:‏ أعددته أن يميل الحائط فأدعمه وهو لا يطلب بإعداد ذلك ميلان الحائط ولكنّه أخبر بعلّة الدّعم وبسببه‏‏.‏      

وقرأ أهل الكوفة‏:‏ ‏"‏ فتذكّر ‏"‏ رفعاً‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قول الشاعر لبعض الحجازييّن‏:‏ فما هو إلاّ أن أراها فجاءة فأبهت حتّى ما أكاد أجيب فقال‏:‏ أنت في أبهت بالخيار إن شئت حملتها على أن وإن شئت لم تحملها عليه فرفعت كأنّك قلت‏:‏ ما هو إلاّ الرأي فأبهت‏‏.‏      

وقال ابن أحمر فيما جاء منقطعاً من أن‏:‏ يعالج عاقراً أعيت عليه ليلقحها فينتجها حوارا وتقول‏:‏ لا يعدو أن يأتيك فيصنع ما تريد وإن شئت رفعت كأنّك قلت لا يعدو ذلك فيصنع ما تريد‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما عدا أن رآني فيثب كأنّه قال ما عدا ذلك فيثب لأنه ليس على أوّل الكلام‏‏.‏      

فإن أردت أن تحمل الكلام على أن فإنّ أحسنه ووجهه أن تقول‏:‏ ما عدا أن رآني فوثب فضعف يثب هاهنا كضعف ما أتيتني فتحدّثني إذا حملت الكلام على ما‏‏.‏      

ونقول‏:‏ ما عدوت أن فعلت وهذا هو الكلام ولا أعدوا أن أفعل وما آلو أن أفعل يعني لقد جهدت أن أفعل‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما عدوت أن آتيك أي ما عدوت أن يكون هذا من رأي فيما أستقبل‏‏.‏      

ويجوز أن يجعل أفعل في موضع فعلت ولا يجوز فعلت في موضع أفعل إلاّ في مجازاة نحو‏:‏ إن فعلت فعلت‏‏.‏      

وتقول‏:‏ والله ما أعدو أن جالستك أي أن كنت فعلت ذلك أي ما أجاوز مجالستك فيما مضى‏‏.‏      

ولو أراد ما أعدو أن جالستك غداً كان محالاً ونقضاً كما أنه لو قال‏:‏ ما أعدو أن أجالسك أمس كان محالا‏‏.‏      

وإنّما ذكرت هذا لتصرّف وجوهه ومعانيه وأن لا تستحيل منه مستقيماً فإنّه كلام يستعمله ومما جاء منقطعاً قول الشاعر وهو عبد الرحمن بن أمّ الحكم‏:‏ على الحكم المأتيّ يوماً إذا قضى قضيّته أن لا يجوز ويقصد كأنّه قال‏:‏ عليه غير الجور ولكنّه يقصد أو هو قاصد فابتدأ ولم يحمل الكلام على أن كما تقول‏:‏ عليه أن لا يجور وينبغي له كذا وكذا فالابتداء في هذا أسبق وأعرف لأنّها بمنزلة قولك كأنّه قال‏:‏ ونولك‏‏.‏      

فمن ثمّ لا يكادون يحملونها على أن‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالأحد 26 أغسطس 2018, 6:19 am

هذا باب الجزاء
المجلد الخامس 1910
فما يجازى به من الأسماء غير الظروف‏:‏ من وما وأيهم‏‏.‏      

وما يجازى به من الظروف‏:‏ أيّ حين ومتى وأين وأنّى وحيثما‏‏.‏      

ومن غيرهما‏:‏ إن وإذ ما‏‏.‏      

ولا يكون الجزاء في حيث ولا في إذ حتّى يضمّ إلى كلّ واحد منهما ما فتصير إذ مع ما بمنزلة إنّما وكأنّما وليست ما فيهما بلغو ولكنّ كلّ واحد منهما مع ما بمنزلة حرف واحد‏‏.‏      

فممّا كان من الجزاء بإذما قول العبّاس بن مرداس‏:‏ إذ ما أتيت على الرسول فقل له حقاًّ عليك إذا اطمأنّ المجلس وقال الآخر قالوا‏:‏ هو لعبد الله بن همّام السّلوليّ‏:‏ إذ ما تريني اليوم مزجى ظعينتي أصعّد سيراً في البلاد وأفرع فإنّي من قوم سواكم وإنّما رجالي فهم بالحجاز وأشجع سمعناهما ممن يرويهما عن العرب‏‏.‏      

والمعنى إمّا‏‏.‏      

وممّا جاء من الجزاء بأنّي قول لبيد‏:‏ فأصبحت أنّي تأتها تلتبس بها كلا مر كبيها تحت رجلك شاجر أين تضرب بنا العداة تجدنا نصرف العيس نحوها للتّلاقي وإنّما منع حيث أن يجازى بها أنّك تقول‏:‏ حيث تكون أكون فتكون وصل لها كأنّك قلت‏:‏ المكان الذي تكون فيه أكون‏‏.‏      

ويبيّن هذا أنّها في الخبر بمنزلة إنّما وكأنّما وإذا أنّه يبتدأ بعدها الأسماء أنك تقول‏:‏ حيث عبد الله قائم زيد وأكون حيث زيد قائم‏‏.‏      

فحيث كهذه الحروف التي تبتدأ بعدها الأسماء في الخبر ولا يكون هذا من حروف الجزاء‏‏.‏      
فإذا ضممت إليها ما صارت بمنزلة إن وما أشبهها ولم يجز فيها ما جاز فيها قبل أن تجئ بما وصارت بمنزلة إمّا‏‏.‏      

وأمّا قول النحويّين‏:‏ يجازى بكلّ شئ يستفهم به فلا يستقيم من قبل أنك تجازى بإن وبحيثما وإذ ما ولا يستقيم بهن الاستفهام ولكنّ القول فيه كالقول في الاستفهام‏‏.‏      

ألا ترى أنك إذا استفهمت لم تجعل ما بعده صلة‏‏.‏      

فالوجه أن تقول‏:‏ الفعل ليس في الجزاء بصلة لما قبله كما أنّه في حروف الاستفهام ليس صلة لما قبله وإذا قلت‏:‏ حيثما تكن أكن فليس بصلة لما قبله كما أنّك إذا قلت أين تكون وأنت تستفهم فليس الفعل بصلة لما قبله فهذا في الجزاء ليس بصلة لما قبله كما أنّ ذلك في الاستفهام ليس بوصل لما قبله‏‏.‏    

وتقول‏:‏ من يضربك في الاستفهام وفي الجزاء‏:‏ من يضربك أضربه فالفعل فيهما غير صلة‏‏.‏    

وسألت الخليل عن مهما فقال‏:‏ هي ما أدخلت معها ما لغواً بمنزلتها مع متى إذا قلت متى ما تأتني آتك وبمنزلتها مع إن إذا قلت إن ما تأتني آتك وبمنزلتها مع أين كما قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏"‏ أينما تكونوا يدرككم الموت ‏"‏ وبمنزلتها مع أيّ إذا قلت‏:‏ ‏"‏ أيّاما تدعوا فله الأسماء الحسنى ‏"‏ ولكنهم استقبحوا أن يكرّروا لفظاً واحداً فيقولوا‏:‏ ماما فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى‏‏.‏      

وقد يجوز أن يكون مه كإذ ضمّ إليها ما‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قوله‏:‏ كيف تصنع أصنع‏‏.‏      

فقال‏:‏ هي مستكرهة وليست من حروف الجزاء ومخرجها على الجزاء لأنّ معناها على أيّ حال تكن أكن‏‏.‏      

وسألته عن إذا ما منعهم أن يجازوا بها فقال‏:‏ الفعل في إذا بمنزلته في إذ إذا قلت‏:‏ أتذكر إذ تقول فإذا فيما تستقبل بمنزلة إذ فيما مضى‏‏.‏      

ويبيّن هذا أنّ إذا تجئ وقتاً معلوماً ألا ترى أنّك لو قلت‏:‏ آتيك إذا احمرّ البسر كان حسناً ولو قلت‏:‏ آتيك إن احمرّ البسر كان قبيحاً‏‏.‏      

فإن أبداً مبهمة وكذلك حروف الجزاء‏‏.‏      

وإذا توصل بالفعل فالفعل في إذا بمنزلته في حين كأنك قلت‏:‏ الحين الذي تأتيني فيه آتيك فيه‏‏.‏  

وقال ذو الرمّة‏:‏ تصغي إذا شدّها بالرّحل جانحة حتى إذا ما استوى في غرزها تثب‏‏.‏      

وقال الآخر ويقال وضعه النحويّون‏:‏ وقد جازوا بها في الشّعر مضطرّين شبهوها بإن حيث رأوها لما يستقبل وأنها لا بدّلها من جواب‏‏.‏      

وقال قيس بن الخطيم الأنصاريّ‏:‏ إذا قصرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى أعدائنا فنضارب وقال الفرزدق‏:‏ ترفع لي خندف والله يرفع لي ناراً إذا خمدت نيرانهم تقد وقال بعض السّلوليّين‏:‏ إذا لم تزل في كلّ دار عرفتها لها واكف من دمع عينك يسجم فهذا اضطرار وهو في الكلام خطأ ولكنّ الجيّد قول كعب بن زهير‏:‏ وإذا ما تشاء تبعث منها مغرب الشمس ناشطاً مذعوراً واعلم أنّ حروف الجزاء تجزم الأفعال وينجزم الجواب بما قبله‏‏.‏      

وزعم الخليل أنّك إذا قلت‏:‏ إن تأتني آتك فآتك انجزمت بإن تأتني كما تنجزم إذا كانت جواباً للأمر حين قلت‏:‏ ائتني آتك‏‏.‏      

وزعم الخليل أن إن هي أمّ حروف الجزاء فسألته‏:‏ لم قلت ذلك فقال‏:‏ من قبل أنّي أرى حروف الجزاء قد يتصرّفن فيكنّ استفهاما ومنها ما يفارقه ما فلا يكون فيه الجزاء وهذه على حال واحدة أبداً لا تفارق المجازاة‏‏.‏      

واعلم أنّه لا يكون جواب الجزاء إلا بفعل أو بالفاء فأمّا الجواب بالفعل فنحو قولك‏:‏ إن تأتني آتك وإن تضرب أضرب ونحو ذلك‏‏.‏      

وأمّا الجواب بالفاء فقولك‏:‏ إن تأتني فأنا صاحبك‏‏.‏      

ولا يكون الجواب في هذا الموضع بالواو ولا بثمّ‏‏.‏      

ألا ترى أنّ الرجل يقول افعل كذا وكذا فتقول‏:‏ فإذن يكون كذا وكذا‏‏.‏      

ويقول‏:‏ لم أغث أمس فتقول‏:‏ فقد أتاك الغوث اليوم‏‏.‏      

ولو أدخلت الواو وثمّ في هذا الموضع تريد الجواب لم يجز‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قوله جلّ وعزّ‏:‏ ‏"‏ وإن تصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون ‏"‏ فقال‏:‏ هذا كلام معلّق بالكلام الأوّل كما كانت الفاء معلقة بالكلام الأول وهذا ها هنا في موضع قنطلوا كما كان الجواب بالفاء في موضع الفعل‏‏.‏      

قال‏:‏ ونظير ذلك قوله‏:‏ ‏"‏ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ‏"‏ بمنزلة أم صمتّم‏‏.‏      

ومما يجعلها بمنزلة الفاء أنّها لا تجئ مبتدأة كما أنّ الفاء لا تجئ مبتدأة‏‏.‏      

وزعم الخليل أنّ إدخال الفاء على إذا قبيح ولو كان إدخال الفاء على إذا حسناً لكان الكلام بغير الفاء قبيحاً فهذا قد استغنى عن الفاء كما استغنت الفاء عن غيرها فصارت إذا هاهنا جواباً كما صارت الفاء جواباً‏‏.‏      

وسألته عن قوله‏:‏ إن تأتني أنا كريم فقال‏:‏ لا يكون هذا إلاّ أن يضطرّ شاعر من قبل أنّ أنا كريم يكون كلا ما مبتدأ والفاء وإذا لا يكونان إلاّ معلّقتين بما قبلهما فكرهوا أن يكون هذا جواباً حيث لم يشبه الفاء‏‏.‏      

وقد قاله الشاعر مضطراً يشبهه بما يتكلّم به من الفعل‏‏.‏      

قال حسّان بن ثابت‏:‏ من يفعل الحسنات الله يشكرها والشرّ بالشرّ عند الله مثلان وقال الأسديّ‏:‏ بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها بني ثعل من ينكع العنز ظالم وزعم أنّه لا يحسن في الكلام إن تأتني لأفعلنّ من قبل أنّ لأفعلنّ تجئ مبتدأة‏‏.‏      

ألا ترى أنّ الرجل يقول لأفعلنّ كذا وكذا‏‏.‏      

فلو قلت‏:‏ إن أتيتني لأكرمنّك وإن لم تأتني لأغمّنّك جاز لأنّه في معنى لئن أتيتني لأكرمنّك ولئن لم تأتني لأغمّنّك ولا بدّ من هذه اللام مضمرة أو مظهرة لأنها لليمين كأنك قلت‏:‏ والله لئن أتيتني لأكرمنّك‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ لئن تفعل لأفعلنّ قبح لأنّ لأفعلنّ على أوّل الكلام وقبح في الكلام أن تعمل إن أو شئ من حروف الجزاء في الأفعال حتى تجزمه في اللفظ ثم لا يكون لها جواب ينجزم بما قبله‏‏.‏      

ألا ترى أنّك تقول‏:‏ آتيك إن أتيتني ولا تقول آتيك إن تأتني إلاّ في شعر لأنك أخّرت إن وما عملت فيه ولم تجعل لإن جوابا ينجزم بما قبله‏‏.‏      

فهكذا جرى هذا في كلامهم‏‏.‏      

ألا ترى أنه قال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين ‏"‏ وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ وإلاّ تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ‏"‏ لمّا كانت إن العاملة لم يحسن إلاّ أن يكون لها جواب ينجزم بما قبله‏‏.‏      

فهذا الذي يشاكلها في كلامهم إذا عملت‏‏.‏      

وقد تقول‏:‏ إن أتيتني آتيك أي آتيك إن أتيتني‏‏.‏      

قال زهير‏:‏ وإن أتاه خليل يوم مسألة يقول لا غائب مالي ولا حرم ولا يحسن إن تأتني آتيك من قبل أنّ إن هي العاملة‏‏.‏      

وقد جاء في الشعر قال جرير بن عبد الله البجليّ‏:‏ يا أقرع بن حابس يا أقرع إنّك إن يصرع أخوك تصرع أي أنّك تصرع إن يصرع أخوك‏‏.‏      

ومثل ذلك قوله‏:‏ هذا سراقة للقرآن يدرسه والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب أي والمرء ذئب إن يلق الرّشا‏‏.‏      

قال الأصمعيّ‏:‏ هو قديم أنشدينه أبو عمرو‏‏.‏      

وقال ذو الرمّة‏:‏ أي ناظر متى أشرف‏‏.‏      

فجاز هذا في الشعر وشبّهوه بالجزاء إذا كان جوابه منجزماً لأنّ المعنى واحد كما شبّه الله يشكرها وظالم بإذا هم يقنطون جعله بمنزلة يظلم ويشكرها الله كما كان هذا بمنزلة قنطوا وكما قالوا في اضطرار‏:‏ إن تأتني أنا صاحبك يريد معنى الفاء فشبّهه ببعض ما يجوز في الكلام حذفه وأنت تعنيه‏‏.‏      

وقد يقال‏:‏ إن أتيتني آتك وإن لم تأتني أجزك لأنّ هذا في موضع الفعل المجزوم وكأنه قال‏:‏ إن تفعل أفعل‏‏.‏      

ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفّ إليهم أعمالهم فيها ‏"‏ فكان فعل‏‏.‏      

وقال الفرزدق‏:‏ دسّت رسولاً بأنّ القوم إن قدروا عليك يشفوا صدوراً ذات توغير وقال الأسود بن يعفر‏:‏ ألا هل لهذا الدّهر من متعلّل عن النّاس مهما شاء بالناس يفعل وقال‏:‏ إن تأتني فأكرمك أي فأنا أكرمك فلابدّ من رفع فأكرمك إذا سكتّ عليه لأنّه جواب وإنّما ارتفع لأنه مبنيّ على مبتدإ‏‏.‏      

ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ ‏"‏ ومن عاد فينتقم الله منه ‏"‏ ومثله‏:‏ ‏"‏ ومن كفر فأمتعه قليلاً ‏"‏.


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 6:28 am

باب الأسماء التي يجازي بها وتكون بمنزلة الّذي
المجلد الخامس 1910
وتلك الأسماء‏:‏ من وما وأيّهم‏‏.‏      

فإذا جعلتها بمنزلة الّذي قلت‏:‏ ما تقول أقول فيصير تقول صلة لما حتّى تكمل اسماً فكأنّك قلت‏:‏ الذي تقول أقول‏‏.‏      

وكذلك‏:‏ من يأتني آتيه وأيّها تشاء أعطيك‏‏.‏      

وقال الفرزدق‏:‏ ومن يميل أمال السّيف ذروته حيث التقى من حفا في رأسه الشّعر وتقول‏:‏ آتي من يأتيني وأقول ما تقول وأعطيك أيّها تشاء‏‏.‏      

هذا وجه الكلام وأحسنه وذلك أنه قبيح أن تؤخّر حرف الجزاء إذا جزم ما بعده فلّما قبح ذلك حملوه على الذّي ولو جزموه هاهنا لحسن أن تقول‏:‏ آتيك إن تأتني‏‏.‏      

فإذا قلت‏:‏ آتي من أتاني فأنت بالخيار إن شئت كانت أتاني صلة وإن شئت كانت بمنزلتها في إن‏‏.‏      

وقد يجوز في الشعر‏:‏ آتي من يأتني وقال الهذليّ‏:‏ فقلت تحمّل فوق طوقك إنّها مطبّعة من يأتها لا يضيرها هكذا أنشدناه يونس كأنه قال‏:‏ لا يضيرها من يأتها كما كان‏:‏ وإنّي متى أشرف ناظر على القلب ولو أريد به حذف الفاء جاز فجعلت كإن‏‏.‏      

وإن قلت‏:‏ أقول مهما تقل وأكون حيثما تكن وأكون أين تكن وآتيك متى تأتني وتلتبس بها أنّى تأتها لم يجز إلاّ في الشعر وكان جزماً‏‏.‏      

وإنما كان من قبل أنّهم لم يجعلوا هذه الحروف بمنزلة ما يكون محتاجاً إلى الصلة حتّى يكمل اسماً‏‏.

‏ألا ترى أنه لا تقول مهما تصنع قبيح ولا في الكتاب مهما تقول إذا أراد أن يجعل القول وصلاً‏‏.‏      

فهذه الحروف بمنزلة إن لا يكون الفعل صلة لها‏‏.‏      

فعلى هذا فأجر ذا الباب‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 6:29 am

باب ما تكون فيه الأسماء التي يجازى بها بمنزلة الّذي
المجلد الخامس 1910
وذلك قولك‏:‏ إنّ من يأتيني آتيه وكان من يأتيني آتيه وليس من يأتيني آتيه‏‏.‏      

وإنّما أذهبت الجزاء من هاهنا لأنّك أعملت كان وإنّ ولم يسغ لك أن تدع كان وأشباهه معلّقة لا تعملها في شئ فلّما أعملتهنّ ذهب الجزاء ولم يكن من مواضعه‏‏.‏      

ألا ترى أنك لو جئت بإن ومتى تريد إنّ إن وإنّ متى كان محالاً‏‏.‏      

فهذا دليل على أنّ الجزاء لا ينبغي له أن يكون هاهنا بمن وما وأيّ‏‏.‏      

فإن شغلت هذه الحروف بشيء جازيت‏‏.‏      

فمن ذلك قولك‏:‏ إنّه من يأتنا نأته وقال جلّ وعزّ‏:‏ ‏"‏ إنّه من يأت ربّه مجرماً فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيا ‏"‏ وكنت من يأتني آته‏‏.‏      

وتقول‏:‏ كان من يأته يعطه وليس من يأته يحببه إذا أضمرت الاسم في كان أو في ليس لأنّه حينئذ بمنزلة لست وكنت‏‏.‏      

فإن لم تضمر فالكلام على ما وصفنا‏‏.‏      

وقد جاء في الشعر إنّ من يأتني آته‏‏.‏      

قال الأعشى‏:‏ إنّ من لام في بني بنت حسّا - ن ألمه وأعصه في الخطوب وقال أميّة بن أبي الصّلت‏:‏ ولكنّ من لا يلق أمراً ينوبه بعدّته ينزل به وهو أعزل فزعم الخليل أنّه إنما جازى حيث أضمر الهاء وأراد إنّه ولكنّه كما قال الراعي‏:‏ فلو أنّ حقّ اليوم منكم إقامة وإن كان سرح قد مضى فتسرّعا أراد‏:‏ فلو أنّه حقّ اليوم‏‏.‏      

ولو لم يرد الهاء كان الكلام محالا‏‏.‏      

وتقول‏:‏ قد علمت أن من يأتني آته من قبل أنّ أنّ هاهنا فيها إضمار الهاء ولا تجئ مخفّفة هاهنا إلاّ على ذلك كما قال وهو عديّ بن زيد‏:‏ أكاشره وأعلم أن كلانا على ما ساء صاحبه حريص ولا يجوز أن تنوي في كان وأشباه كان علامة إضمار المخاطب ولا تذكرها‏‏.‏      

لو قلت‏:‏ ليس من يأتك تعطه تريد لست لم يجز‏‏.‏      

ولو جاز ذلك لقلت كان من يأتك تعطه تريد به كنت‏‏.‏      

وقال الشاعر الأعشى‏:‏ في فتية كسيوف الهند قد علموا ** أن هالك كلّ من يحفى وينتعل فهذا يريد معنى الهاء‏‏.‏      

ولا تخفّف أن إلاّ عليه كما قال‏:‏ قد علمت أن لا يقول ذاك أي أنّه لا يقول‏‏.‏      

وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً ‏"‏‏‏.‏      

وليس هذا بقويّ في الكلام كقوّة أن لا يقول لأنّ لا عوض من ذهاب العلامة‏‏.‏      

ألا ترى أنّهم لا يكادون يتكلّمون به بغد الهاء فيقولون‏:‏ قد علمت أن عبد الله منطلق‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 6:30 am

باب يذهب فيه الجزاء من الأسماء كما ذهب في إنّ وكان وأشباههما
المجلد الخامس 1910
غير أنّ إنّ وكان عوامل فيما بعدهنّ والحروف في هذا الباب لا يحدثن فيما بعدهنّ من الأسماء شيئاً كما أحدثت إنّ وكان وأشباههما لأنّها من الحروف التي تدخل على المبتدإ والمبنيّ عليه فلا تغيّر الكلام عن حاله وسأبيّن لك كيف ذهب الجزاء فيهن إن شاء الله‏‏.‏      

وإنّما كرهوا الجزاء هاهنا لأنه ليس من مواضعه‏‏.‏      

ألا ترى أنه لا يحسن أن تقول‏:‏ أتذكر إذ إن تأتنا نأتك كما لم يجز أن تقول‏:‏ إنّ إن تأتنا نأتك فلمّا ضارع هذا الباب باب إنّ وكان كرهوا الجزاء فيه‏‏.‏      

وقد يجوز في الشعر أن يجازى بعد هذه الحروف فتقول‏:‏ أتذكر إذ من يأتنا نأته‏‏.‏      

فإنما أجازوه لأن إذ وهذه الحروف لا تغيّر ما دخلت عليه عن حاله قبل أن تجئ بها فقالوا‏:‏ ندخلها على من يأتنا نأته ولا تغيّر الكلام كأنّا قلنا من يأتنا نأته كما أنّا إذا قلنا إذ عبد الله منطلق فكأنّا قلنا‏:‏ عبد الله منطلق لأنّ إذ لم تحدث شيئاً لم يكن قبل أن تذكرها‏‏.‏      

وقال لبيد‏:‏ على حين من تلبث عليه ذنوبه يرث شربه إذ في المقام تدابر ولو اضطرّ شاعر فقال‏:‏ أتذكر إذ إن تأتنا نأتك جاز له كما جاز في من‏‏.‏      

وتقول‏:‏ أتذكر إذ نحن من يأتنا نأته فنحن فصلت بين إذ ومن كما فصل الاسم في كان بين كان ومن‏‏.‏      
وتقول‏:‏ مررت به فإذا من يأتيه يعطيه‏‏.‏      

وإن شئت جزمت لأنّ الإضمار يحسن هاهنا‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ مررت به فإذا أجمل الناس ومررت به فإذا أيّما رجل‏‏.‏      

فإذا أردت الإضمار فكأنك قلت‏:‏ فإذا هو من يأته يعطه‏‏.‏      

فإذا لم تضمر وجعلت إذا هي لمن فهي بمنزلة إذ لا يجوز فيها الجزم‏‏.‏      

وتقول‏:‏ لا من يأتك تعطه ولا من يعطك تأته من قبل أنّ لا ليست كإذ وأشباهها وذلك لأنّها لغو بمنزلة ما في قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ فبما رحمة من الله لنت لهم ‏"‏ فما بعده كشيء ليس قبله لا‏‏.‏      

ألا تراها تدخل على المجرور فلا تغيّره عن حاله تقول‏:‏ مررت برجل لا قائم ولا قاعد‏‏.‏      

وتدخل على النصب فلا تغيّره عن حاله تقول‏:‏ لا مرحباً ولا أهلاً فلا تغيّر الشيء عن حاله التي كان عليها قبل أن تنفيه ولا تنفيه مغيّراً عن حاله يعني في الإعراب التي كان عليها فصار ما بعدها معها بمنزلة حرف واحد ليست فيه لا وإذ وأشباهها لا يقعن هذه المواقع ولا يكون الكلام بعدهن إلاّ مبتدأ‏‏.‏      

وقال ابن مقبل‏:‏ وقدر ككفّ القرد لا مستعيرها يعار ولا من يأتها يتدسّم ووقوع إن بعد لا يقوّي الجزاء فيما بعد لا‏‏.‏      

وذلك قول الرجل‏:‏ لا إن أتيناك أعطيتنا ولا إن قعدنا عندك عرضت علينا ولا لغو في كلامهم‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ خفت أن لا تقول ذاك وتجري مجرى خفت أن تقول‏‏.‏      

وتقول‏:‏ إن لا يقل أقل فلا لغو وإذ وأشباهها ليست هكذا إنّما يصرفن الكلام أبداً إلى الابتداء‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ما أنا ببخيل ولكن إن تأتني أعطك جاز هذا وحسن لأنّك قد تضمرها هنا كما تضمر في إذا‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ ما رأيتك عاقلاً ولكن أحمق‏‏.‏      

وإن لم تضمر تركت الجزاء كما فعلت ذلك في إذا‏‏.‏      

قال طرفة‏:‏ ولست بحلاّل التلاّع مخافةً ولكن متى يسترفد القوم أرفد كأنه قال‏:‏ أنا‏‏.‏      

ولا يجوز في متى أن يكون الفعل وصلاً لها كما جاز في من والّذي‏‏.‏      

وسمعناهم ينشدون قول العجير السّلوليّ‏:‏ وما ذاك أن كان ابن عميّ ولا أخي ولكن متى ما أملك الضرّ أنفع والقوافي مرفوعة كأنه قال‏:‏ ولكن أنفع متى ما أملك الضرّ ويكون أملك على متى في موضع جزاء وما لغو ولم يجد سبيلاً إلى أن يكون بمنزلة من فتوصل ولكنها كمهما‏‏.‏      

وأمّا قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ وأمّا إن كان من أصحاب اليمين‏‏،‏ فسلام لك من أصحاب اليمين ‏"‏ فإنّما هو كقولك‏:‏ أمّا غداً فلك ذاك‏‏.‏      

وحسنت إن كان لأنه لم يجزم بها كما حسنت في قوله‏:‏ أنت ظالم إن فعلت‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 6:31 am

باب إذا ألزمت فيه الأسماء التي تجازى بها حروف الجرّ
المجلد الخامس 1910
لم تغيّرها عن الجزاء هذا قول يونس والخليل جميعاً‏‏.‏      

فحروف الجرّ لم تغيّرها عن حال الجزاء كما لم تغيّرها عن حال الاستفهام‏‏.‏      

ألا ترى أنّك تقول‏:‏ بمن تمرّ وعلى أيّها أركب فلو غيّرتها عن الجزاء غيّرتها عن الاستفهام‏‏.‏      

وقال ابن همّام السّلوليّ‏:‏ لّما تمكّن دنياهم أطاعهم في أيّ نحو يميلوا دينه يمل وذاك لأنّ الفعل إنّما يصل إلى الاسم بالباء ونحوها فالفعل مع الباء بمنزلة فعل ليس قبله حرف جرّ ولا بعده فصار الفعل الذي يصل بإضافة كالفعل الذي لا يصل بإضافة لأنّ الفعل يصل بالجرّ إلى الاسم كما يصل غيره ناصباً أو رافعاً‏‏.‏      

فالجرّ هاهنا نظير النصب والرفع في غيره‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ بمن تمرّ به أمرّ وعلى أيّهم تنزل عليه أنزل وبما تأتيني به آتيك رفعت لأنّ الفعل إنّما أوصلته إلى الهاء بالباء الثانية والباء الأولى للفعل الآخر فتغيّر عن حال الجزاء كما تغيّر عن حال الاستفهام فصارت بمنزلة الّذي لأنّك أدخلت الباء للفعل حين أوصلت الفعل الذي يلي الاسم بالباء الثانية إلى الهاء فصارت الأولى ككان وإنّ - يقول‏:‏ لا يجازى بما بعدها - وعملت الباء فيما بعدها عمل كان وإنّ فيما بعدهما‏‏.‏      

وقد يجوز أن تقول‏:‏ بمن تمرر أمره وعلى من تنزل أنزل إذا أردت معنى عليه وبه وليس بحدّ إنّ الكريم وأبيك يعتمل إن لم يجد يوماً على من يتكل يريد‏:‏ يتكل عليه ولكنه حذف‏‏، وهذا قول الخليل‏‏.‏      

وتقول‏:‏ غلام من تضرب أضربه لأنَّ ما يضاف إلى من بمنزلة من‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ أبوأيهم رأيته كما تقول‏:‏ أيهم رأيته‏‏.‏      

وتقول‏:‏ بغلام من تؤخذ أو خذ به كأنك قلت‏:‏ بمن تؤخذ أؤخذ به‏‏.‏      

وحسن الاستفهام ها هنا يقوِّي الجزاء تقول‏:‏ غلام من تضرب وبغلام من مررت‏‏.‏      

ألا ترى أنّ كينونة الفعل غير وصل ثابتة‏‏.‏      

وتقول‏:‏ بمن تمرر أمرر به وبمن تؤخذ أوخذ به‏‏.‏      

فحدُّ الكلام أن تثبت الباء في الآخر لأنه فعل لا يصل إلا بحرف الإضافة‏‏.‏      

يدلّك على ذلك أنك لو قلت‏:‏ من تضرب أنزل لم يجز حتى تقول عليه إلا في شعر‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ بمن تمرر أمرر أو بمن تؤخذ أوخذ فهو أمثل وليس بحد الكلام‏‏.‏      

وإنما كان في هذا أمثل لأنه قد ذكر الباء في الفعل الأول فعلم أنّ الآخر مثله لأنه ذلك الفعل‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 6:32 am

باب الجزاء إذا أدخلت فيه ألف الاستفهام
المجلد الخامس 1910
وذلك قولك‏:‏ أإن تأتني آتك‏‏.‏      

ولا تكتفي بمن لأنها حرف جزاء ومتى مثلها فمن ثمًّ أدخل عليه الألف تقول‏:‏ أمتى تشتمني أشتمك وأمن يفعل ذاك أزره وذلك لأنك أدخلت الألف على كلام قد عملَ بعضه في بعض فلم يغيَّره وإنما الألف بمنزلة الواو والفاء ولا ونحو ذلك لا تغيَّر الكلام عن حاله وليست كإذ وهل وأشباههما‏‏.‏      

ألا ترى أنها تدخل على المجرور والمنصوب والمرفوع فتدعه على حاله ولا تغيّره عن لفظ المستفهم‏‏.‏      

ألا ترى أنه يقول‏:‏ مررت بزيدٍ فتقول‏:‏ أزيد إن شئت قلت أزيدنيه وكذلك تقول في النصب والرفع وإن شئت أدخلتها على كلام المخبر ولم تحذف منه شيئاً وذلك إذا قال‏:‏ مررت بزيدٍ قلت‏:‏ أمررت بزيد‏‏.‏      

ولا يجوز ذلك في هل وأخواتها‏‏.‏      

ولو قلت‏:‏ هل مررت بزيدٍ كنت مستأنفاً‏‏.‏      

ألا ترى أنَّ الألف لغو‏‏.‏      

فإن قيل‏:‏ فإن الألف لا بدَّ لها من أن تكون معتمدة على شيء فإنَّ هذا الكلام معتمد لها كما تكون صلةً للذي إذا قلت‏:‏ الذي إن تأته يأتك زيد‏‏.‏      

فهذا كلُّه وصلٌ‏‏.‏      

فإن قال‏:‏ الذي إن تأته يأتيك زيدٌ وأجعل يأيتكَ صلةَ الَّذي لم يجد بدَّاً من أن يقول‏:‏ أنا إن تأتني آتيك لأنَّ أنا لا يكون كلاماً حتى يبنى عليه وأمَّا يونس فيقول‏:‏ أإن تأتني آتيك‏‏.‏      

وهذا قبيح يكره في الجزاء وإن كان في الاستفهام‏‏.‏      

وقال عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏"‏ أفإن متَّ فهم الخالدون‏‏".‏

ولو كان ليس موضعَ جزاء قبح فيه إن كما يقبح أن تقول‏:‏ أتذكر إذ إن تأتني آتيك‏‏.‏      

فلو قلت‏:‏ إن أتيتني آتيك على القلب كان حسناً‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:20 am

باب الجزاء إذا كان القسم في أوَّله
المجلد الخامس 1910
وذلك قولك‏:‏ والَّله إن أتيتني لا أفعل لا يكون إلا معتمدةً عليه اليمين‏‏.‏      

ألا ترى أنَّك لو قلت‏:‏ والله إن تأتني آتك لم يجز ولو قلت والَّله من يأتني آته كان محالاً واليمين لا تكون لغواً كلا والألف لأن اليمين لآخر الكلام وما بينهما لا يمنع الآخر أن يكون على اليمين وإذا قلت آإن تأتني آتك فكأنك لم تذكر الألف واليمين ليست هكذا في كلامهم‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ زيدٌ منطلقٌ فلو أدخلت اليمن غيَّرت الكلام‏‏.‏      

وتقول‏:‏ أنا والَّله إن تأتني لا آتك لأن هذا الكلام مبني على أنا ألا ترى أنه حسن أن تقول‏:‏ أتا والله إن تأتني آتك فالقسم ها هنا لغوٌ‏‏.‏      

فإذا بدأت بالقسم لم يجز إلا أن يكون عليه‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ لئن أتيتني لا أفعل ذاك لأنها لام قسمٍ‏‏.‏      

ولا يحسن في الكلام لئن تأتني لا أفعل لأنَّ الآخر لا يكون جزماً‏‏.‏      

وتقول‏:‏ والَّله إن أتيتني آتيك وهو معنى لا آتيك وهو معنى لا آتيك‏‏.‏      

فإن أردت أن الإتيان وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي بها أن يضلَّ الناس يهدى ضلالها فلا يكون الآخر إلا رفعاً لأنَّ أن لا يجازى بها وإنما هي مع الفعل اسم فكأنه قال‏:‏ لأن يضلَّ الناس يهدى‏‏.‏      

وهكذا أنشده الفرزدق‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:21 am

باب ما يرتفع بين الجزمين وينجزم بينهما
المجلد الخامس 1910
فأمَّا ما يرتفع بينهما فقولك‏:‏ إن تأتني تسألني أعطك وإن تأتني تمش أمش معك‏‏.‏      

وذلك لأنك أردت أن تقول إن تأتني سائلاً يكن ذلك وإن تأتني ماشياً فعلت‏‏.‏      

وقال زهير‏:‏ ومن لا يزل يستحمل النَّاس نفسه ولا يغنها يوماً من الدهر يسأم إنما أراد‏:‏ من لا يزل مستحملاً يكن من أمره ذاك‏‏.‏      

ولو رفع يغنها جاز وكان حسناً كأنَّه قال‏:‏ من لا يزل لا يغنى نفسه‏‏.‏      

ومما جاء أيضاً مرتفعاً قول الحطيئة‏:‏ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نارٍ عندها خير موقد وسألت الخليل عن قوله‏:‏ متى تأتنا بلمم بنا في ديارنا تجد حطباً جزلاً وناراً تأججا قال‏:‏ تلمم بدل من الفعل الأول‏‏.‏       


ونظيره في الأسماء‏:‏ مررت برجلٍ عبد الَّله فأراد أن يفسر الإتيان بالإلمام كما فسَّر الاسم الأوَّل بالاسم الآخر‏‏.‏       


ومثل ذلك أيضاً قوله أنشدنيهما الأصمعيّ عن أبي عمرو لبعض بني أسد‏:‏ إن يبخلوا أو يجبنوا أو يغدروا لا يحفلوا يغدوا عليك مرجَّلين كأنهم لم يفعلو فقوله يغدوا‏:‏ بدل من لا يحفلوا وغدوهم مرجَّلين يفسِّر أنَّهم لم يحفلوا‏‏.‏      

وسألته‏:‏ هل يكون إن تأتنا تسألنا نعطك فقال‏:‏ هذا يجوز على غير أن يكون مثل الأول لأنَّ الأوّل الفعل الآخر تفسير له وهو هو والسُّوال لا يكون الإتيان ولكنَّه يجوز على الغلط والنَّسيان ثم يتدارك كلامه‏‏.‏      

ونظير ذلك في الأسماء‏:‏ مررت برجلٍ حمارٍ كأنه نسي ثم تدارك كلامه‏‏.‏      

وسألته عن قوله جلَّ وعزَّ‏:‏ ‏"‏ ومن يفعل ذلك يلق أثاماً‏‏.‏      

يضاعف له العذاب يوم القيامة ‏"‏ فقال‏:‏ هذا كالأوّل لأن مضاعفة العذاب هو لقيٌّ الآثام‏‏.‏      

ومثل ذلك من الكلام‏:‏ إن تأتنا بحسن إليك نعطك ونحميك تفسر الإحسان بشيء هو هو وتجعل الآخر بدلاً من الأول‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ إن تأتني آتك أقل ذاك كان غير جائز لأنَّ القول ليس بالإتيان إلا أن تجيزه على ما جاز عليه تسألنا وأمَّا ما ينجزم بين المجزومين فقولك‏:‏ إن تأتني ثمَّ تسألني أعطك وإن تأتني فتسألني أعطك وإن تأتنيي وتسألني أعطك‏‏.‏      

وذلك لأنَّ هذه الحروف يشركن الآخر فيما دخل فيه الأول‏‏.‏      

وكذلك أو وما أشبههنَّ‏‏.‏      

ولا يجوز في ذا الفعل الرفع‏‏.‏      

وإنَّما كان الرفع في قوله متى تأته تعشو لأنَّه في موضع عاش كأنه قال‏:‏ متى تأته عاشياً‏‏.‏      

ولو قلت متى تأته وعاشياً كان محالاً‏‏.‏      

فإنَّما أمرهن أن يشركن بين الأوّل والآخر‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قوله‏:‏ إن تأتني فتحدثني أحدثك وإن تأتني وتحدثني أحدِّثك فقال‏:‏ هذا يجوز والجزم الوجه‏‏.‏       


ووجه نصبه على أنه حمل الآخر على الاسم كأنه أراد إن يكن إتيان فحديث أحدِّثك فلمَّا قبح أن يرد الفعل على الاسم نوى أن لأن الفعل معها اسم‏‏.‏      

وإنما كان الجزم الوجه لأنه إذا نصب كان المعنى معنى الجزم فيما أراد من الحديث فلمّا كان ذلك كان أن يحمل على الذي عمل فيما يليه أولى وكرهوا أن يتخطَّوا به من بابه إلى آخر إذا وسألته عن قول ابن زهير‏:‏ ومن لا يقدِّم رجله مطمئنة فيثبتها في مستوى الأرض يزلق فقال‏:‏ النصب في هذا جيِّد لأنه أرادها هنا من المعنى ما أراد في قوله‏:‏ لا تأتينا إلا لم تحدِّثنا فكأنه قال‏:‏ من لا يقدَّم إلا لم يثبت زلق‏‏.‏      

ولا يكون أبداً إذا قلت‏:‏ إن تأتني فأحدثك الفعل الآخر الا رفعا وإنَّما منعه أن يكون مثل ما انتصب بين المجزومين أنّ هذا منقطع من الأوّل شريك له وإذا قلت إن يكن إتيان فحديثٌ أحدثك فالحديث متصل بالأول ألا ترى أنَّك إذا قلت‏:‏ إن يكن إتيانٌ فحديث ثمّ سكتَّ وجعلته جواباً لم يشرك الأول وكان مرتفعاً بالابتداء‏‏.‏       


وتقول‏:‏ إن تأتني لآتك فأُحدثك‏‏.‏      

هذا الوجه وإن شئت ابتدأتَ‏‏.‏      

وكذلك الواو وثمَّ وإن شئت نصبت بالواو والفاء كما نصبت ما كان بين المجزومين‏‏.‏      

واعلم أنّ ثمَّ لا ينصب بها كما ينصب بالواو والفاء ولم يجعلوها مما يضمر بعده أن وليس يدخلها من المعاني ما يدخل في الفاء وليس معناها معنى الواو ولكنها تشرك ويبتدأ بها‏‏.‏      

واعلم أنّ ثمَّ إذا أدخلته على الفعل الذي بين المجزومين لم يكن إلَّا جزماً لأَّنه ليس مما ينصب‏‏.‏      

وليس يحسن الابتداء لأنَّ ما قبله لم ينقطع‏‏.‏      

وكذلك الفاء والواو وأو إذا لم ترد بهن النصب فإذا انقضى الكلام ثم جئت بثمَّ فإن شئت جزمت وإن شئت رفعت‏‏.‏      

وكذلك الواو والفاء‏‏.‏      

قال الَّله تعالى‏:‏ ‏"‏ وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمَّ لا ينصرون ‏"‏ وقال تبارك وتعالى‏:‏ ‏"‏ وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثمَّ لا يكونوا أمثالكم ‏"‏ إِّلا أنَّه قد يجوز النصب بالفاء والواو‏‏.‏      

وبلغنا أنَّ بعضهم قرأ‏:‏ ‏"‏ يحاسبكم به الَّله فيغفر لمن يشاء ويعذِّب من يشاء ‏"‏ والَّله على كل شيء قدير ‏"‏.

وتقول‏:‏ إن تأتني فهو خير لك وأكرمك وإن تأتني فأنا لآتيك وأحسن إليك‏‏.‏      

وقال عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏"‏ وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خيرٌ لكم ونكفر عنكم من سيئاتكم ‏"‏‏‏.‏      

والرفع ههنا وجه الكلام وهو الجيِّد لأنَّ الكلام الذي بعد الفاء جرى مجراه في غير الجزاء فجرى الفعل هنا كما كان يجري في غير الجزاء‏‏.‏      

وقد بلغنا أنَّ بعض القرَّاء قرأ‏:‏ ‏"‏ من يضلل الَّله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ‏"‏ وذلك لأنَّه حمل الفعل على موضع الكلام لأنَّ هذا الكلام في موضع يكون جواباً لأنّ أصل الجزاء الفعل وفيه تعمل حروف الجزاء ولكنَّهم قد يضعون في موضع الجزاء غيره‏‏.‏      

ومثل الجزم ههنا النصب في قوله‏:‏ فلسنا بالجبال ولا الحديدا وتقول‏:‏ إن تأتني فلن أوذيك وأستقبلك بالجميل فالرفع ههنا الوجه إذا لم يكن محمولاً على لن كما قال الرفع الوجه في قوله فهو خير لك وأكرمك ومثل ذلك إن أتيتني لم آتك وأحسن إليك فالرفع الوجه إذا لم تحمله على لم كما كان ذلك في لن‏‏.‏      

وأحسن ذلك أن تقول‏:‏ إن تأتني لا آتك كما أن أحسن الكلام أن تقول‏:‏ إن أتيتني لم آتك‏‏.‏      

وذلك أنّ لم أفعل نفي فعل وهو مجزوم بلم ولا أفعل نفي أفعل وهو مجزوم بالجزاء‏‏.‏      

فإذا قلت‏:‏ إن تفعل فأحسن الكلام أن يكون الجواب أفعل وهو مجزوم بالجزاء‏‏.‏      

فإذا قلت‏:‏ إن تفعل فأحسن الكلام أن يكون الجواب أفعل لأنه نظيره من الفعل‏‏.‏      

وإذا قال إن فعلت فأحسن الكلام أن تقول‏:‏ فعلت لأنَّه مثله‏‏.‏      

فكما ضعف فعلت مع أفعل وأفعل مع فعلت قبح لم أفعل مع يفعل لأن لم أفعل نفي فعلت‏‏.‏      

وقبح لا أفعل مع فعل لأنها نفي أفعل‏‏.‏      

واعلم أنَّ النصب بالفاء والواو في قوله‏:‏ إن تأتني لآتك وأعطيك ضعيف وهو نحومن قوله‏:‏ وألحق بالحجاز فأستريحا فهذا يجوز وليس بحد الكلام ولا وجهه إلَّا أنَّه في الجزاء صار أقوى قليلاً لأنّه ليس بواجب أنّه يفعل إلّا أن يكون من الأول فعلٌ فلمَّا ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه وإن كان معناه كمعنى ما قبله إذا قال وأعطيك‏‏.‏      

وإنَّما هو في المعنى كقوله ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى مصرع مظلومٍ مجراً ومسحبا وتدفن منه الصالحات وإن يسىء يكن ما أساء النار في رأس كبكبا.


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:24 am

باب من الجزاء ينجزم فيه الفعل
المجلد الخامس 1910
إذا كان جواباً لأمرٍ أو نهي أو استفهام أو تمنِّ أو عرض فأما ما انجزم بالأمر فقولك‏:‏ ائتني آتك‏‏.‏      

وأما ما انجزم بالنهي فقولك‏:‏ لا تفعل يكن خيراً لك‏‏.‏      

وأمّا ما انجزم بالاستفهام فقولك‏:‏ ألا تأتيني أحدثِّك وأين تكون أزرك وأمّا ما انجزم بالتّمني فقولك‏:‏ ألا ماءَ أشربه وليته عندنا يحدَّثنا‏‏.‏      

وأمَّا ما انجزم بالعرض فقولك‏:‏ ألا تنزل تصب خيراً‏‏.‏      

وإنَّما انجزم هذا الجواب كما انجزم جواب إن تأتني بإن تأتني لأنَّهم جعلوه معلَّقاً بالأوّل عير مستغنٍ عنه إذا أرادوا الجزاء كما أنَّ إن تأتني عير مستغنية عن آتك‏‏.‏      

وزعم الخليل‏:‏ أنَّ هذه الأوائل كلَّها فيها معنى إن فلذلك انجزم الجواب لأنه إذا قال ائتني آتك فإنّ معنى كلامه إن يكن منك إتيان آتك وإذا قال‏:‏ أين بيتك أزرك فكأنّه قال إن أعلم مكان بيتك أزرك لأنّ قوله أين بيتك يريد به‏:‏ أعلمني‏‏.‏      

وإذا قال ليته عندنا يحدثنا فإنّ معنى هذا الكلام إن يكن عندنا يحدَّثنا وهو يريد ههنا إذا تمنَّى ما أراد في الأمر‏‏.‏      
وإذا قال لو نزلت فكأنَّه قال انزل‏‏.‏      

ومما جاء من هذا الباب في القرآن وغيره قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ هل أدلُّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابِ أليم‏‏.‏      
تؤمنون بالَّله ورسوله وتجاهدون في سبيل الَّله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون ‏"‏ فلمَّا انقضت الآية قال‏:‏ ‏"‏ يغفر لكم ‏"‏‏‏.‏      

ومن ذلك أيضاً‏:‏ أتينا أمس نعطيك اليوم أي إن كنت أتيتنا أمس أعطيناك اليوم‏‏.‏      

هذا معناه فإن كنت تريد أن تقررِّه بأنه قد فعل فإنَّ الجزاء لا يكون لأنَّ الجزاء إنَّما يكون في غير الواجب‏‏.‏      
ومما جاء أيضاً منجزماً بالاستفهام قوله وهو رجل من بني تغلب جابر ابن حنى‏:‏ ألا تنتهي عنَّا ملوك وتتقى محارمنا لا يبؤ الدَّم بالدَّم وقال الراجز‏:‏ متى أنام لا يؤرقني الكرى ليلاً ولا أسمع أجراس المطى كأنّه قال‏:‏ إن يكن منِّى نومٌ في غير هذه الحال لا يؤرقني الكرىُّ كأنَّه لم يعَّد نومه في هذه الحال نوماً‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ائتني آتك فتجزم على ما وصفنا وإن شئت رفعت على أن لا تجعله معلقاً بالأوَّل ولكنَّك تبتدئه وتجعل الأوّل مستغنياً عنه كأنَّه يقول‏:‏ ائتني أنا آتيك‏‏.‏      

ومثل ذلك قول الشاعر وهو الأخطل‏:‏ وقال رائدهم أرسوا نزاولها فكل حتف أمريءٍ يمضي لمقدار وقال الأنصاري‏:‏ يا مال والحق عنده فقفوا تؤتون فيه الوفاء معترفا كأنّه قال‏:‏ إنكم تؤتون فيه الوفاء معترفاً‏‏.‏      
وقال معروف‏:‏ كونوا كمن واسى أخاه بنفسه نعيش جميعاً أو نموت كلانا كأنه قال‏:‏ كونوا هكذا إنّا نعيش جميعاً أو نموت كلانا إن كان هذا أمرنا‏‏.‏      

وزعم الخليل‏:‏ أنَّه يجوز أن يكون نعيش محمولاً على كونوا كأنه قال‏:‏ كونوا نعيش جميعاً أو نموت كلانا‏‏.‏       وتقول‏:‏ لا تدن منه يكن خيراً لك‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ لا تدن من الأسديا كلك فهو قبيح إن جزمت وليس وجه كلام الناس لأنَّك لا تريد أن تجعل تباعده من الأسد سبباً لأكله‏‏.‏      

وإن رفعت فالكلام حسن كأنك قلت‏:‏ لا تدن منه فإنَّه يأكلك‏‏.‏      

وإن أدخلت الفاء فهو حسن وذلك وليس كلُّ موضع تدخل فيه الفاء يحسن فيه الجزاء‏‏.‏      

ألا ترى أنه يقول‏:‏ ما أتيتنا فتحثنا والجزاء ههنا محال‏‏.‏      

وإنما قبح الجزم في هذا لأنه لا يجيء فيه المعنى الذي يجيء إذا أدخلت الفاء‏‏.‏      

وسمعنا عربياً موثوقاً بعربيته يقول‏:‏ لا تذهب به تغلب عليه فهذا كقوله‏:‏ لا تدن من الأسد يأكلك‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ذره يقل ذاك وذره يقول ذاك فالرفع من وجهين‏:‏ فأحدهما الإبتداء والآخر على قولك‏:‏ ذره قائلاً ذاك فتجعل يقول في موضع قائل‏‏.‏      

فمثل الجزم قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل ‏"‏ ومثل الرفع قوله تعالى جدٌّه‏:‏ ‏"‏ ذرهم في خوضهم يلعبون ‏"‏‏‏.‏      

وتقول‏:‏ ائتني تمشي أي ائتني ماشياً وإن شاء جزمه على أنه إن أتاه مشي فيما يستقبل فيما يستقبل‏‏.‏      

وإن شاء رفعه على الإبتداء‏‏.‏      

وقال عز وجل‏:‏ ‏"‏ فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى ‏"‏‏‏.‏      

فالرفع على وجهين‏:‏ على الإبتداء وعلى قوله‏:‏ اضربه غير خائفٍ ولا خاشٍ‏‏.‏      

وتقول‏:‏ قم يدعوك لأنك لم ترد أن تجعله دعاءً بعد قيامه ويكون القيام سبباً له ولكنَّك أردت‏:‏ قم إنّه يدعوك‏‏.‏      

وإن أردت ذلك المعنى جزمت‏‏.‏      

كرُّوا إلى حرَّيتكم تعمرونهما كما تكرُّ إلى أوطانها البقر فعلى قوله‏:‏ كرُّوا عامرين‏‏.‏      

وإن شئت رفعت على الابتداء‏‏.‏      

وتقول‏:‏ مره يحفرها وقل له يقل ذاك‏‏.‏      

وقال الَّله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصّلاة وينفقوا ممَّا رزقناهم ‏"‏‏‏.‏      

ولو قلت مره يحفرها على الابتداء كان جيَّداً‏‏.‏      

وقد جاء رفعه على شيء هو قليل في الكلام على مره أن يحفرها فإذا لم يذكروا أن جعلوا المعنى بمنزلته في عسينا نفعل‏‏.‏      

وهو في الكلام قليل لا يكادون يتكلمون به فإذا تكلموا به فالفعل كأنه في موضع اسم منصوب كأنه قال‏:‏ عسى زيد قائلاً ثم وضع يقول في موضعه‏‏.‏      

وقد جاء في الشعر قال طرفة بن العبد‏:‏ ألا أبهذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد الَّلذات هل أنت مخلدي وسألته عن قوله عزّ وجل‏:‏ ‏"‏ قل أفغير الَّله تأمروني أعبد أيُّها الجاهلون ‏"‏ فقال‏:‏ تأمرونِّي كقولك‏:‏ هو يقول ذاك بلغني فبلغني لغو فكذلك تأمرونِّي كأنه قال‏:‏ فيما تأمرونِّي كأنّه‏‏.‏      

قال فيما بلغني‏‏.‏      

وإن شئت كان بمنزلة‏:‏ ألا أيُّهذا الزاجري أحضر الوغى.


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:26 am

باب الحروف التي تنزل بمنزلة الأمر والنهي لأنّ فيها معنى الأمر والنهي.
المجلد الخامس 1910
فمن تلك الحروف‏:‏ حسبك وكفيك وشرعك وأشباهها‏‏.‏      

تقول‏:‏ حسبك ينم الناس‏‏.‏      

ومثل ذلك‏:‏ ‏"‏ اتّقي الَّله امرؤ وفعل خيراً يثب عليه ‏"‏ لأنّ فيه معنى ليتَّق الَّله امرؤ وليفعل خيراً‏‏.‏      

وكذلك ما أشبه هذا‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ فأصَّدق وأكن من الصالحين ‏"‏ فقال‏:‏ هذا كقول زهير‏:‏ بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئاً إذا كان جائيا فإنَّما جرّوا هذا لأنَّ الأوّل قد يدخله الباء فجاءوا بالثاني وكأنَّهم قد أثبتوا في الأول الباء فكذلك هذا لما كان الفعل الذي قبله قد يكون جزماً ولا فاء فيه تكلّموا بالثاني وكأنهم قد جزموا قبله فعلى هذا توهمّوا هذا‏‏.‏      

وأما قول عمرو بن عمّار الطائيّ‏:‏ فقلت له صوِّب ولا تجهدنَّه فيدنك من أخرى القطاة فتزلق فهذا على النهي كما قال‏:‏ لا تمددها فتشققها كأنَّه قال‏:‏ لا تجهدنّه ولا يدنينّك من أخرى القطاة ومثله من النهي‏:‏ لا يرينَّك ههنا ولا أرينَّك ههنا‏‏.‏      

وسألته عن آتي الأمير لا يقطع الِّصَّ فقال‏:‏ الجزاء ها هنا خطأ لا يكون الجزاء أبداً حتى يكون الكلام الأول غير واجب إلا أن يضطرَّ شاعر‏‏.‏      

ولا نعلم هذا جاء في شعر البتَّة‏‏.‏      

وسألته عن قوله‏:‏ أما أنت منطلقاً أنطلق معك فرفع‏‏.‏      

وهو قول أبي عمرو وحدثنا به يونس‏‏.‏      

وذلك لأنّه لا يجازي بأن كأنّه قال‏:‏ لأن صرت منطلقاً أنطلق معك‏‏.‏      

وسألته عن قوله‏:‏ ما تدوم لي أدوم لك فقال‏:‏ ليس في هذا جزاء من قبل أن الفعل صلة لما فصار بمنزلة الّذي وهو بصلته كالمصدر ويقع على الحين كأنّه قال‏:‏ أدوم لك دوامك لي‏‏.‏      

فما ودمت بمنزلة الدَّوام‏‏.‏      

ويدلّك على أنَّ الجزاء لا يكون ها هنا أنك لا تستطيع أن تستفهم بما تدوم على هذا الحدّ‏‏.‏      

ومثل ذلك‏:‏ كلَّما تأتيني آتيك فالإتيان صلة لما كأنه قال‏:‏ كلَّ إتيانك آتيك وكلَّما تأتيني يقع أيضاً على الحين كما كان ما تأتيني يقع على الحين‏‏.‏      

ولا يستفهم بما تدوم‏‏.‏      

وسألته عن قوله‏:‏ الذي يأتيني فله درهمان لم جاز دخول الفاء ها هنا والَّذي يأتيني بمنزلة عبد اللَّه وأنت لا يجوز لك أن تقول عبد الَّله فله درهما فقال‏:‏ إنَّما يحسن في الَّذي لأنه جعل الآخر جواباً للأوَّل وجعل الأوّل به يجب له الدرهمان فدخلت الفاء ها هنا كما دخلت في الجزاء إذا قال‏:‏ إن يأتني فله درهمان‏‏.‏      

وإن شاء قال‏:‏ الذي يأتيني له درهمان كما تقول‏:‏ عبد الَّله له درهمان غير أنَّه إنما أدخل الفاء لتكون العطّية مع وقوع الإتيان فإذا أدخل الفاء فإنما يجعل الإتيان سبب ذلك‏‏.‏      

فهذا جزاء وإن لم يجزم لأنَّه صلة‏‏.‏      

ومثل ذلك قولهم‏:‏ كلّ رجل يأتينا فله درهمان‏‏.‏      

ولو قال‏:‏ كلّ رجل فله درهمان كان محالاً لأنه لم يجيْ بفعل ولا بعمل يكون له جوابٌ‏‏.‏      

ومثل ذلك‏:‏ ‏"‏ الذَّين ينفقون أموالهم بالَّليل والنَّهار سرَّاّ وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربِّهم ‏"‏ وقال تعالى جدُّه‏:‏ ‏"‏ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ‏"‏ ومثل ذلك‏:‏ ‏"‏ إنّ الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمَّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنَّم ولهم عذاب الحريق‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قوله جلَّ ذكره‏:‏ ‏"‏ حتَّى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها ‏"‏ أين جوابها وعن قوله جل وعلا‏:‏ ‏"‏ ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب ‏"،‏ ‏"‏ ولو يرى إذ وقفوا على النَّار ‏"‏ فقال‏:‏ إن العرب قد تترك في مثل هذا الخبر الجواب في كلامهم لعلم المخبر لأيِّ شيء وضع هذا الكلام‏‏.‏      

وزعم أنَّه قد وجد في أشعار العرب ربَّ لا جواب لها‏‏.‏      

من ذلك قول الشمّاخ‏:‏ ودوّيّةٍ قفرٍ تمشِّى نعامها كمشي النَّصارى في خفاف الأرندج وهذه القصيدة التي فيها هذا البيت لم يجيء فيها جوابٌ لربَّ لعلم المخاطب أنّه يريد باب الأفعال في القسم اعلم أنَّ القسم توكيدٌ لكلامك‏‏.‏       


فإذا حلفت على فعلٍ غير منفيّ لم يقع لزمته اللامُ‏‏.‏      

ولزمت اللام النونُ الخفيفة أو الثقيلة في آخر الكلمة‏‏.‏      

وذلك قولك‏:‏ والَّله لأفعلنَّ‏‏.‏      

وزعم الخليل‏:‏ أن النون تلزم اللام كلزوم اللام في قولك‏:‏ إن كان لصالحاً فإن بمنزلة اللام واللام بمنزلة النون في آخر الكلمة‏‏.‏      

واعلم أنّ من الأفعال أشياء فيها معنى اليمين يجري الفعل بعدها مجراه بعد قولك واللَّه وذلك قولك‏:‏ أقسم لأفعلنَّ وأشهد لأفعلنَّ وأقسمت باللَّه عليك لتفعلنَّ‏‏.‏      

وإن كان الفعل قد وقع وحلفت عليه لم تزد على اللام وذلك قولك‏:‏ والَّله لفعلت‏‏.‏      

وسمعنا من العرب من يقول‏:‏ والَّله لكذبت وواللَّه لكذب‏‏.‏      

فالنون لا تدخل على فعلٍ قد وقع إنَّما تدخل على غير الواجب‏‏.‏      

وإذا حلفت على فعلٍ منفيٍّ لم تغيِّره عن حاله التي كان عليها قبل أن تحلف وذلك قولك‏:‏ والَّله لا أفعل‏‏.‏      

وقد يجوز لك وهو من كلام العرب - أن تحذف لا وأنت تريد معناها وذلك قولك‏:‏ والَّله أفعل ذلك أبداً تريد‏:‏ والَّله لا أفعل ذلك أبداً‏‏.‏      

وقل‏:‏ وسألت الخليل عن قولهم‏:‏ أقسمت عليك إلاَّ فعلت ولّما فعلت لم جاز هذا في هذا الموضع وإنّما أقسمت ها هنا كقولك‏:‏ والَّله فقال‏:‏ وجه الكلام لتفعلنَّ هاهنا ولكنهم إنما أجازوا هذا لأنهم شبهوه بنشدتك الله إذ كان فيه معنى الطلب‏‏.‏      

وسألته عن قوله إذا جاءت مبتدأةً ليس قبلها ما يحلف به فقال‏:‏ إنّما جاءت على نيَّة اليمين وإن لم يتكلَّم بالمحلوف به‏‏.‏      

واعلم أنَّك إذا أخبرت عن غيرك أنَّه أكَّد على نفسه أو على غيره فالفعل يجري مجراه حيث حلفت أنت وذلك قولك‏:‏ أقسم ليفعلنَّ واستحلفه ليفعلنّ وحلف ليفعلنَّ ذلك وأخذ عليه لا يفعل ذلك أبداً‏‏.‏      

وذاك أنَّه أعطاه من نفسه في هذا الموضع مثل ما أعطيت أنت من نفسك حين حلفت كأنَّك قلت حين قلت أقسم ليفعلَّن قال واللَّه ليفعلنَّ وحين قلت استحلفه ليفعلنَّ قال له واللَّه ليفعلنَّ‏‏.‏      

ومثل ذلك قوله تعالى جدُّه‏:‏ ‏"‏ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلاَّ الَّله ‏"‏‏‏.‏      

وسألته‏:‏ لِمَ لَم يجز والَّله تفعل يريدون بها معنى ستفعل فقال‏:‏ من قبل أنَّهم وضعوا تفعل ها هنا محذوفة منها لا وإنما تجيء في معنى لا أفعل فكرهوا أن تلتبس إحداهما بالأخرى‏‏.‏      

فقلت‏:‏ فلم ألزمت النون آخر الكلمة فقال‏:‏ لكي لا يشبه قوله إنه ليفعل لأنّ الرجل إذا قال هذا فإنما يخبر بفعلٍ واقع فيه الفاعل كما ألزموا اللام‏:‏ إن كان ليقول مخافة أن يلتبس بما كان يقول وسألته عن قوله عزّ وجل‏:‏ ‏"‏ وإذ أخذ الَّله ميثاق النَّبييِّن لما آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثمَّ جاءكم رسول مصدِّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنَّه ‏"‏ فقال‏:‏ ما ههنا بمنزلة الّذي ودخلتها اللام كما دخلت على إن حين قلت‏:‏ واللّه لئن فعلت لأفعلنّ واللام التي في ما كهذه التي في إن واللام التي في الفعل كهذه التي في الفعل هنا‏‏.‏      

ومثل هذه هذه اللام الأولى أن إذا قلت‏:‏ والَّله أن لو فعلت لفعلت‏‏.‏      

وقال‏:‏ فأقسم أن لو التقينا وأنتم لكان لكم يوم من الشرِّ مظلم فأن في لو بمنزلة اللام في ما فأوقعت ها هنا لامين‏:‏ لام للأول ولام للجواب ولام الجواب هي التي يعتمد عليها القسم فكذلك الامان في قوله عز وجل‏:‏ ‏"‏ لما آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثمَّ جاءكم رسول مصدَّق لما معكم لتؤمننَّ به ولتنصرنَّه ‏"‏ لام للأوّل وأخرى للجواب‏‏.‏       


ومثل ذلك ‏"‏ لمن تبعك منهم لأملأنَّ ‏"‏ إنما دخلت اللام على نيّة اليمين‏‏، والَّله أعلم‏‏.‏      

وسألته عن قوله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً لظلّوا من بعده يكفرون ‏"‏ فقال‏:‏ هي في معنى ليفعلنَّ كأنه قال ليظلَّن كما تقول‏:‏ والَّله لا فعلت ذاك أبداً تريد معنى لا أفعل‏‏.‏      

وقالوا‏:‏ لئن زرته ما يقبل منك وقال‏:‏ لئن فعلت ما فعل يريد معنى ما هو فاعلٌ وما يفعل كما كان لظلُّوا مثل ليظلّن وكما جاءت‏:‏ ‏"‏ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ‏"‏ على قوله‏:‏ أم صمتٌّم فكذلك جاز هذا على ما هو فاعل‏‏.‏      

قال عز وجل‏:‏ ‏"‏ ولئن أتيت الّذين أوتوا الكتاب بكلِّ آية مَّا تبعوا قبلتك ‏"‏ أي ما هم تابعين‏‏.‏      

وقال‏:‏ سبحانه‏:‏ ‏"‏ ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ‏"‏ أي ما يمسكهما من أحدٍ‏‏.‏      

وأما قوله عز وجلّ‏:‏ ‏"‏ وإنَّ كلاًّ لما ليوفِّينهم ربُّك أعمالهم ‏"‏ فإن إنّ حرف توكيد فلها لام كلام اليمين لذلك أدخلوها كما أدخلوها في‏:‏ ‏"‏ إن كلُّ نفسٍ لما عليها حافظ ‏"‏ ودخلت اللام التي في الفعل على اليمين كأنَّه قال‏:‏ إنّ زيداً لما واللَّه ليفعلنَّ‏‏.‏      

وقد يستقيم في الكلام إنّ زيداً ليضرب وليذهب ولم يقع ضرب‏‏.‏      

والأكثر على ألسنتهم كما خبَّرتك في اليمين فمن ثمَّ ألزموا النون في اليمين لئلا يلتبس بما هو واقع‏‏.‏      

قال الَّله عز وجل‏:‏ ‏"‏ إنَّما جعل السَّبت على الذين اختلفوا فيه وإنّ ربَّك ليحكم بينهم يوم القيامة ‏"‏‏‏.‏      

وقال لبيد‏:‏ ولقد علمت لتأتين منيَّتي إنَّ المنايا لا تطيش سهامها كأنَّه قال‏:‏ والَّله لتأتينّ كما قال‏:‏ قد علمت لعبد اللّه خير منك وقال‏:‏ أظنُّ لتسبقنّني وأظنُّ ليقومنَّ لأنه بمنزلة علمت‏‏.‏      

وقال عزّ وجل‏:‏ ‏"‏ ثم بدا لهم من بعدما رأوا الآيات ليسجننّه ‏"‏ لأنه موضع ابتداء‏‏.‏      

ألا ترى أنك لو قلت‏:‏ بدا لهم أيُّهم أفضل لحسن كحسنه في علمت كأنك قلت‏:‏ ظهر لهم أهذا أفضل أم هذا‏‏.‏      

الحروف التي لا تقدِّم فيها الأسماء الفعل فمن تلك الحروف العوامل في الأفعال الناصبة‏‏.‏      

ألا ترى أنك لا تقول‏:‏ جئتك كي زيد يقول ذاك ولا خفت أن زيد يقول ذاك‏‏.‏      

فلا يجوز أن تفصل بين الفعل والعامل فيه بالاسم كما لا يجوز أن تفصل بين الاسم وبين إنّ وأخواتها بفعلٍ‏‏.‏      

ومما لا تقدَّم فيه الأسماء الفعل الحروف العوامل في الأفعال الجازمة وتلك‏:‏ لم ولمّا ولا التي تجزم الفعل في النهيولا التي تجزم في الأمر‏‏.‏      

ألا ترى أنّه لا يجوز أن تقول‏:‏ لم زيد يأتك فلا يجوز أن تفصل بينها وبين الفعل بشيء كما لم يجز أن تفصل بين الحروف التي تجرّ وبين الأسماء بالأفعال لأنّ الجزم نظير الجر‏‏.‏      

ولا تجوز أن تفصل بينها وبين الفعل بحشوٍ كما لا تجوز لك أن تفصل بين الجارّ والمجرور بحشوٍ إلاّ في شعر‏‏.‏      

ولا يجوز ذلك في التي تعمل في الأفعال فتنصب كراهة أن تشبَّه بما يعمل في الأسماء‏‏.‏      

ألا ترى أنّه لا يجوز أن تفصل بين الفعل وبين ما ينصبه بحشوٍ كراهية أن يشبهوه بما يعمل في الاسم لأنّ الاسم ليس كالفعل وكذلك ما يعمل فيه ليس كما يعمل في الفعل‏‏.‏      

ألا ترى إلى كثرة ما يعمل في الاسم وقلّة هذا‏‏.‏      

فهذه الأشياء فيما يجزم أردأ وأقبح منها في نظيرها من الأسماء وذلك أنّك لو قلت‏:‏ جئتك كي بك يؤخذ زيد لم يجز وصار الفصل في الجزم والنصب أقبح منه في الجرّ لقلّة ما يعمل في الأفعال وكثرة ما ينسى في الأسماء‏‏.‏  
   
واعلم أنّ حروف الجزاء يقبح أن تتقدّم الأسماء فيها قبل الأفعال وذلك لأنّهم شبّهوها بما يجزم مما ذكرنا إلا أنّ حروف الجزاء قد جاز فيها ذلك في الشعر لأنّ حروف الجزاء يدخلها فعل ويفعل ويكون فيها الاستفهام فترفع فيها الأسماء وتكون بمنزلة الّذي فلّما كانت تصرَّف هذا التصُّرف وتفارق الجزم ضارعت ما يجبرُّ من الأسماء التي إن شئت استعملتها غير مضافة نحو‏:‏ ضارب عبد الَّله لأنك إن شئت نوّنت ونصبت وإن شئت لم تجاوز الاسم العامل في الآخر يعني ضاربٍ فلذلك لم تكن مثل لم ولا في النهي واللام في الأمر لأنهن لا يفارقن الجزم‏‏.‏       


ويجوز الفرق في الكلام في إن إذا لم تجزم في اللفظ نحو قوله‏:‏ عاود هراة وإن معمورها خربا فإن جزمت ففي الشعر لأنه يشبَّه بلم وإنّما جاز في الفصل ولم يشبه لم لأنّ لم لا يقع بعدها فعل وإنما جاز هذا في إن لأنّها أصل الجزاء ولا تفارقه فجاز هذا كما جاز إضمار الفعل وأما سائر حروف الجزاء فهذا فيه ضعف في الكلام لأنَّها ليست كإن فلو جاز في إن وقد جزمت كان أقوى إذ جاز فيها فعل‏‏.‏      

وممَّا جاء في الشعر مجزوماً في غير إن قول عدىَّ بن زيد‏:‏ فمتى واغلٌ ينبهم يحيّو - هـ هو وتعطف عليه كأس الساقي وقال كعب بن جعيل‏:‏ صعدة نابتة في حائر أينما الريح تميَّلها تمل ولو كان فعل كان أقوى إذ كان ذلك جائزاً في إن في الكلام‏‏.‏      

واعلم أنًّ قولهم في الشعر‏:‏ إن زيد يأتك يكن كذا إنّما ارتفع على فعلٍ هذا تفسيره كما كان ذلك في قولك‏:‏ إن زيداً رأيته يكن ذلك لأنه لا تبتدأ بعدها الأسماء ثم يبني عليها‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ إن تأتني زيد يقل ذاك جاز على قول من قال‏:‏ زيداً ضربته وهذا موضع ابتداء ألا ترى أنك لو جئت بالفاء فقلت‏:‏ إن تأتني فأنا خير لك كان حسناً‏‏.‏      

وإن لم يحمله على ذلك رفع وجاز في الشعر كقوله‏:‏ الله يشكرها ومثل الأوّل قول هشام المرّى‏.


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:53 am

هذا باب الحروف التي لا يليها بعدها إلا الفعل
المجلد الخامس 1910
ولا تغير الفعل عن حاله التي كان عليها قبل أن يكون قبله شيء منها فمن تلك الحروف قد لا يفصل بينها وبين الفعل بغيره وهو جواب لقوله أفعل كما كانت ما فعل جواباً لهل فعل إذا أخبرت أنه لم يقع‏‏.‏      

ولمّا يفعل وقد فعل إنَّما هما لقومٍ ينتظرون شيئاً‏‏.‏      

فمن ثم أشبهت قد لمّا في أنَّها لا يفصل بينها وبين الفعل‏‏.‏      

ومن تلك الحروف أيضاً سوف يفعل لأنها بمنزلة السين التي في قولك سيفعل‏‏.‏      

وإنما تدخل هذه السين على الأفعال وإنَّما هي إثبات لقوله لن يفعل فأشبهتها في أن لا يفصل بينها وبين الفعل‏‏.‏      
ومن تلك الحروف‏:‏ ربمّا وقلّما وأشباههما جعلوا ربَّ مع ما بمنزلة كلمة واحدة وهيئوها ليذكر بعدها الفعل لأنهم لم يكن لهم سبيل إلى ‏"‏ ربَّ يقول ‏"‏ ولا إلى ‏"‏ قلَّ يقول ‏"‏ فألحقوهما ما وأخلصوهما للفعل‏‏.‏      

ومثل ذلك‏:‏ هلا ولولا وألاَّ ألزموهنّ لا وجعلوا كلَّ واحدة مع لا بمنزلة حرف واحد وأخلصوهنّ للفعل حيث دخل فيهن معنى التحضيض‏‏.‏      

صددن فأطولت الصدود وقلَّما وصال على طول الصدود يدوم واعلم أنّه إذا اجتمع بعد حروف الاستفهام نحو هل وكيف ومن اسم وفعل كان الفعل بأن يلي حرف الاستفهام أولى لأنّها عندهم في الأصل من الحروف التي يذكر بعدها الفعل‏‏.‏      

وقد بيِّن حالهنَّ فيما مضى‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:55 am

هذا باب الحروف التي يجوز أن يليها بعدها الأسماء
المجلد الخامس 1910
ويجوز أن يليها بعدها الأفعال وهي لكن وإنما وكأنما وإذ ونحو ذلك لأنَّها حروف لا تعمل شيئاً فتركت الأسماء بعدها على حالها كأنَّه لم يذكر قبلها شيء فلم يجاوز ذا بها إذ كانت لا تغيَّر ما دخلت عليه فيجعلوا الاسم أولى بها من الفعل‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قول العرب‏:‏ انتظرني كما آتيك وارقبني كما ألحقك فزعم أن ما والكاف جعلتا بمنزلة حرف واحد وصيِّرت للفعل كما صيِّرت للفعل ربَّما والمعنى لعلِّى آتيك فمن ثم لم ينصبوا به الفعل كما لم ينصبوا بربّما‏‏.‏      

قال رؤبة‏:‏ وقال أبو النجم‏:‏ قلت لشيبان ادن من لقائه كما تغدِّى الناس من شوائه.

نفي الفعل إذا قال‏:‏ فعل فإنَّ نفيه لم يفعل‏‏.‏      

وإذا قال‏:‏ قد فعل فإنّ نفيه لمَّا يفعل‏‏.‏      

وإذا قال‏:‏ لقد فعل فإنَّ نفيه ما فعل‏‏.‏      

لأنّه كأنَّه قال‏:‏ والَّله لقد فعل فقال‏:‏ والله ما فعل‏‏.‏      

وإذا قال هو يفعل أي هو في حال فعل فإنَّ نفيه ما يفعل‏‏.‏      

وإذا قال هو يفعل ولم يكن الفعل واقعاً فنفيه لا يفعل‏‏.‏      

وإذا قال لفعلنَّ فنفيه لا يفعل كأنّه قال‏:‏ والَّله ليفعلنَّ فقلت والَّله لا يفعل‏‏.‏      

وإذا قال‏:‏ سوف يفعل فإنَّ نفيه لن يفعل

ما يضاف إلى الأفعال من الأسماء يضاف إليها أسماء الدهر‏‏.‏      

وذلك قولك‏:‏ هذا يوم يقوم زيدٌ وآتيك يوم يقول ذاك‏‏.‏      

وقال الَّله عز وجل‏:‏ ‏"‏ هذا يوم لا ينطقون ‏"‏ وهذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم ‏"‏‏‏.‏      

وجاز هذا في الأزمنة واطّرد فيها كما جاز للفعل أن يكون صفةً وتوسَّعوا بذلك في الدهر لكثرته في كلامهم فلم يخرجوا الفعل من هذا كما لم يخرجوا الأسماء من ألف الوصل نحو ابنٍ وإنما أصله للفعل وتصريفه‏‏.‏      

ومما يضاف إلى الفعل أيضاً قولك‏:‏ ما رأيته منذ كان عندي‏‏.‏      

ومذ جاءني ومنه أيضاً ‏"‏ آية ‏"‏‏‏.‏      

قال الأعشى‏:‏ وقال يزيد بن عمرو بن الصعق‏:‏ ألا من مبلغٌ عنِّي تميماً بآية ما تحبُّون الطّعاما فما لغو‏‏.‏       


ومما يضاف إلى الفعل قوله‏:‏ لا أفعل بذي تسلم ولا أفعل بذي تسلمان ولا أفعل بذي تسلمون المعنى‏:‏ لا أفعل بسلامتك وذو مضافة إلى الفعل كإضافة ما قبله كأنَّه قال‏:‏ لا أفعل بذي سلامتك‏‏.‏      

فذو ههنا الأمر الذي بسلّمك وصاحب سلامتك‏‏.‏      

ولا يضاف إلى الفعل غير هذا كما أنّ لدن لا تنصب إلاَّ في غدوة‏‏.‏      

واطَّردت الأفعال في آية اطّرد الأسماء في أتقول إذا قلت‏:‏ أتقول زيداً منطلقاً شبّهت بتطنّ‏‏.‏      

وسألته عن قوله في الأزمنة كان ذاك زمن زيد أمير فقال‏:‏ لمَّا كانت في معنى إذ أضافوها إلى ما قد عمل بعضه في بعضٍ كما يدخلون إذ على ما قد عمل بعضه في بعض ولا يغيّرونه فشبَّهوا هذا بذلك‏‏.‏      

ولا يجوز هذا في الأزمنة حتَّى تكون بمنزلة إذ‏‏.‏      

فإن قلت‏:‏ يكون هذا يوم زيدٌ أميرٌ كان خطأ‏‏.‏      

حدثنا بذلك يونس عن العرب لأنَّك لا تقول‏:‏ يكون هذا إذا زيدٌ أميرٌ‏‏.‏      

جملة هذا الباب أنَّ الزمان إذا كان ماضياً أضيف إلى الفعل وإلى الابتداء والخبر لأنَّه في معنى إذ فأضيف إلى ما يضاف إليه إذ‏‏.‏      

وإذا كان لما لم يقع لم يضف إلاَّ إلى الأفعال لأنه في معنى إذا وإذا هذه لا تضاف ألاَّ إلى الأفعال‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:56 am

هذا باب إنَّ وأنَّ
المجلد الخامس 1910
أمّا أنَّ فهي اسم وما عملت فيه صلةٌ لها كما أن الفعل صلة لأن الخفيفة وتكون أن اسماً‏‏.‏      

ألا ترى أنك تقول‏:‏ قد عرفت أنك منطلقٌ فأنّك في موضع اسم منصوب كأنّك قلت‏:‏ قد عرفت ذاك‏‏.‏      

وتقول‏:‏ بلغني أنك منطلقٌ فأنَّك في موضع اسم مرفوع كأنك قلت‏:‏ بلغني ذاك‏‏.‏      

فأنّ الأسماء التي تعمل فيها صلةٌ لها كما أنّ أنِ الأفعال التي تعمل فيها صلة لها‏‏.‏      

ونظير ذلك في أنه وما عمل فيه بمنزلة اسم واحد لا في غير ذلك قولك‏:‏ رأيت الضارب أباه زيد فالمفعول فيه لم يغيَّره عن أنّه اسم واحد بمنزلة الرجل والفتى‏‏.‏      

فهذا في هذا الموضع شبيهٌ بأنّ إذ كانت مع ما عملت فيه بمنزلة اسم واحد فهذا ليعلم أنَّ الشيء يكون كأنّه من الحرف الأوّل وقد عمل فيه‏‏.‏      

وأما إنَّ فإنَّما هي بمنزلة الفعل لا يعمل فيها ما يعمل في أنَّ كما لا يعمل في الفعل ما يعمل في الأسماء ولا تكون إنّ إلاّ مبتدأةً وذلك قولك‏:‏ إنّ زيداً منطلقٌ وإنّك ذاهب‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:57 am

هذا باب من أبواب أنّ
المجلد الخامس 1910
وتقول‏:‏ لولا أنَّه منطلق لفعلت فأنَّ مبنيَّة على لولا كما تبنى عليها الأسماء‏‏.‏      

وتقول‏:‏ لو أنّه ذاهب لكان خيراً له فأنَّ مبنيَّة على لو كما كانت مبنيَّة على لولا كأنك قلت‏:‏ لو ذاك ثم جعلت أنَّ وما بعدها في موضعه فهذا تمثيل وإن كانوا لا يبنون على لو غير أنّ كما كان تسلم في قولك بذي تسلم في موضع اسم ولكنَّهم لا يستعملون الاسم لأنّهم مما مستغنون بالشيء عن الشيء حتَّى يكون المستغني عنه مسقطاً‏‏.‏      

وقال الَّله عز وجلّ‏:‏ ‏"‏ قل لو أنتم تملكون جزائن رحمة ربِّي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق ‏"‏‏‏.‏      

وقال‏:‏ لو بغير الماء حلقي شرق وسألته عن قول العرب‏:‏ ما رأيته مذ أنَّ الَّله خلقني فقال‏:‏ أنَّ في موضع اسمٍ كأنه قال‏:‏ مذ ذاك‏‏.‏      

وتقول‏:‏ أما إنَّه ذاهبٌ وأما أنّه منطلق وإذا قال‏:‏ أما إنّه منطلقٌ فسألت الخليل عن ذلك فقال‏:‏ إذا قال‏:‏ أما أنّه منطلقٌ فإنّه يجعله كقولك‏:‏ حقّاً أنّه منطلقٌ وإذا قال‏:‏ أما إنّه منطلقٌ فإنّه بمنزلة قوله‏:‏ ألا كأنَّك قلت‏:‏ ألا إنَّه ذاهبٌ‏‏.‏      

وتقول‏:‏ قد عرفت أنه ذاهب ثم أنه معجل ولأن الآخر شريك الأول في عرفت‏‏.‏      

وتقول قد عرفت أنه ذاهب ثم إني أخبرك أنه معجل لأنك ابتدأت إني ولم تعجل الكلام على عرفت‏‏.‏      

أما والَّله ذاهب أنه ذاهبٌ كأنك قلت‏:‏ قد علمت والَّله أنه ذاهبٌ‏‏.‏      

وإذا قلت‏:‏ أما والَّله إنّه ذاهب‏:‏ كأنك قلت‏:‏ ألا إنّه والَّله ذاهب‏‏.‏      

وتقول‏:‏ رأيته شابّاً وإنّه يفخر يومئذٍ كأنك قلت‏:‏ رأيته شاباً وهذه حاله‏‏.‏      

تقول هذا بتداء ولم يجعل الكلام على رأيت‏‏.‏      

وإن شئت حملت الكلام على الفعل ففتحت‏‏.‏      

قال ساعدة بن جؤيَّة‏:‏ رأته على شيب القذال وأنّها تواقع بعلاً مَّرة وتئيمُ وزعم أبو الخطَّاب‏:‏ أنَّه سمع هذا البيت من أهله هكذا‏‏.‏      

وسألته عن قوله عز وجلّ‏:‏ ‏"‏ وما يشعركم إنَّها إذا جاءت لا يؤمنون ‏"‏ ما منعها أن تكون كقولك‏:‏ ما يدريك أنه لا يفعل فقال‏:‏ لا يحسن ذا في ذا الموضع إنما قال‏:‏ وما يشعركم ثم ابتدأ فأوجب فقال‏:‏ إنَّها إذا جاءت لا يؤمنون‏‏.‏      

ولو قال‏:‏ وما يشعركم أنَّها إذا جاءت لا يؤمنون كان ذلك عذراً لهم‏‏.‏      

وأهل المدينة يقولون ‏"‏ أنّها ‏"‏‏‏.‏      

فقال الخليل‏:‏ هي بمنزلة قول العرب‏:‏ ائت السُّوق أنك تشتري لنا شيئاً أي لعلَّك فكأنه قال‏:‏ لعلها إذا جاءت لا يؤمنون‏‏.‏      

وتقول‏:‏ إنَّ لك هذا علىّ وأنَّك لا تؤذي كأنك قلت‏:‏ وإنّ لك أنَّك لا تؤذي‏‏.‏      

وإن شئت ابتدأت ولم تحمل الكلام على إنَّ لك‏‏.‏      

وقد قرئ هذا الحرف على وجهين قال بعضهم‏:‏ ‏"‏ وإنّك لا تظمأ فيها ‏"‏‏‏.‏      

وقال بعضهم‏:‏ ‏"‏ وأنّك ‏"‏‏‏.‏      

واعلم أنه ليسس يحسن لأنَّ أن تلي إنَّ ولا أن كما قبح ابتداؤك الثقيلة المفتوحة وحسن ابتداؤك الخفيفة لأنّ الخفيفة لا تزول عن الأسماء والثقيلة تزول فتبدأه‏‏.‏      

ومعناها مكسورة ومفتوحة سواء‏‏.‏      

واعلم أنه ليس يحسن أن تلي إنّ أنَّ ولا أنَّ إنّ‏‏.‏      

ألا ترى أنك لا تقول إنّ أنّك ذاهبٌ في الكتاب ولا تقول قد عرفت أ إنِّك منطلق في الكتاب‏‏.‏      

وإنّما قبح هذا ههنا كما قبح في الابتداء ألا ترى أنه يقبح أن تقول أن تقول أنّك منطلقٌ بلغني أو عرفت لأنَّ الكلام بعد أنّ وإن غير مستغنٍ كما أن المبتدأ غير مستغن‏‏.‏      

وإنما كرهوا ابتداء أنّ لئَّلا يشبِّهوها بالأسماء التي تعمل فيها إنَّ ولئلا يشِّبهوها بأن الخفيفة لأنَّ أن والفعل بمنزلة مصدر فعله الذي ينصبه والمصادر تعمل فيها إنّ وأنَّ‏‏.‏      

ويقول الرجل للرجل‏:‏ لم فعلت ذلك فيقول‏:‏ لم أنّه ظريف كأنه قال‏:‏ قلت لمه قلت لأنّ ذاك كذلك‏‏.‏      

وتقول إذا أردت أن تخبر ما يعني المتكلم‏:‏ أي إني تجد إذا ابتدأت كما تبتدىء أي أنا نجد‏‏.‏      

وإن شئت قلت أي أنِّى نجد كأنك قلت‏:‏ أي لأنى نجد‏‏.‏      

تقول‏:‏ ذلك وأنّ لك عندي ما أحببت وقال الَّله عزّ وجلّ‏:‏ ‏"‏ ذلكم وأنّ الَّله موهن كيد الكافرين ‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏ ذلكم فذوقوه وأنَّ للكافرين عذاب النّار ‏"‏ وذلك لأنها شركت ذلك فيما حمل عليه كأنه قال‏:‏ الأمر ذلك وأن الَّله‏‏.‏      

ولو جاءت مبتدأه لجازت يدلّك على ذلك قوله عزَّ وجل‏:‏ ‏"‏ ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمَّ بغى عليه لينصرنّه الَّله‏‏.‏      

فمن ليس محمولاً على ما حمل عليه ذلك فكذلك يجوز أن يكون إنّ منقطعةً من ذلك قال الأحوص‏:‏ عوّدت قومي إذا ما لضيَّف نبَّهي عقر العشار على عسري وإيساري إنَّي إذا خفيت نار لمرملةٍ ألفي بأرفع تلٍّ رافعاً ناري ذاك وإنَّي على جاري لذو حدبٍ أحنو عليه بما يحنى على الجار فهذا لا يكون إلاّ مستأنفاً غير محمول على ما حمل عليه ذاك‏‏.‏      

فهذا أيضاً يقوّى ابتداء إنّ في الأوّل‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51891
العمر : 72

المجلد الخامس Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجلد الخامس   المجلد الخامس Emptyالخميس 30 أغسطس 2018, 7:59 am

هذا باب آخر من أبواب أنّ
المجلد الخامس 1910
تقول‏:‏ جئتك أنّك تريد المعروف إنَّما أراد‏:‏ جئتك لأنك تريد المعروف ولكنك حذفت اللام ههنا كما تحذفها من المصدر إذا قلت‏:‏ أي‏:‏ لاّدخاره‏‏.‏      

وسألت الخليل عن قوله جل ذكره‏:‏ ‏"‏ وأنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدة وأنا ربُّكم فاتّقون ‏"‏ فقال‏:‏ إنَّما هو على حذف اللام كأنه قال‏:‏ ولأنّ هذه أمّتكم أمةً واحدةً وأنا ربُّكم فاتقون‏‏.‏      

وقال‏:‏ ونظيرها‏:‏ ‏"‏ لإيلاف قريشٍ ‏"‏ لأنّه إنما هو‏:‏ لذلك ‏"‏ فليعبدوا ‏"‏‏‏.‏      

فإن حذفت اللام من أن فهو نصبٌ كما أنَّك لو حذفت اللام من لإيلاف كان نصباً‏‏.‏      

هذا قول الخليل‏‏.‏      

ولو قرؤها‏:‏ ‏"‏ وإنّ هذه أمّتكم أمةً واحدةً ‏"‏ كان جيّداً وقد قرىء‏‏.‏      

ولو قلت‏:‏ جئتك إنَّك تحب المعروف مبتدأً كان جيداً‏‏.‏      

وقال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏"‏ فدعا ربّه أنِّي مغلوبٌ فانتصر ‏"‏‏‏.‏      

وقال‏:‏ ‏"‏ ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه أنَّي لكم نذير مبين ‏"‏ إنما أراد بأنِّي مغلوب وبأنيِّ لكم نذير مبين ولكنه حذف الباء‏‏.‏      

وقال أيضاً‏:‏ ‏"‏ وأنّ المساجد لّله فلا تدعوا مع الَّله أحداً ‏"‏ بمنزلة‏:‏ ‏"‏ وأنّ هذه أمّتكم أمّة واحدةً ‏"‏ والمعنى‏:‏ ولأنّ هذه أمّتكم فاتقون ولأن المساجد للّه فلا تدعوا مع الَّله أحداً‏‏.‏      

وأما المفِّسرون فقالوا‏:‏ على أوحى كما كان ‏"‏ وأنّه لما قام عبد اللّه يدعوه ‏"‏ على أوحي‏‏.‏      

ولو قرئت‏:‏ وإنّ المساجد لّله كان حسناً‏‏.‏      

واعلم أن هذا البيت ينشد على وجهين على إرادة اللام وعلى الابتداء‏‏.‏      

قال الفرزدق‏:‏ وسمعنا من العرب من يقول‏:‏ إنِّي أنا ابنها‏‏.‏      

وتقول‏:‏ لبيك إنّ الحمد والنعمة لك وإن شئت قلت أنّ‏‏.‏      

ولو قال إنسان‏:‏ إنّ ‏"‏ أنَّ في موضع جرٍّ في هذه الأشياء ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز فيه حذف الجارّ كما حذفوا ربّ في قولهم‏:‏ وبلدٍ تحسبه مكسوحا لكان قولاً قوياً‏‏.‏      

وله نظائر نحو قوله‏:‏ لاه أبوك والأوّل قول الخليل‏‏.‏      

ويقوّى ذلك قوله‏:‏ ‏"‏ وأنّ المساجد للّه ‏"‏ لأنهم لا يقدِّمون أنّ ويبتدئونها ويعملون فيها ما بعدها‏‏.‏      

إلاّ أنه يحتجُّ الخليل بأنّ المعنى معنى اللام‏‏.‏      

فإذا كان الفعل أو غيره موصّلاً إليه باللام جاز تقديمه وتأخيره لأنه ليس هو الذي عمل فيه في المعنى فاحتملوا هذا المعنى كما قال‏:‏ حسبك ينم الناس إذ كان فيه معنى الأمر‏‏.‏      

وسترى مثله ومنه ما قد مضى‏.‏


المجلد الخامس 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المجلد الخامس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» المجلد الثامن
» المجلد الخامس
» فتاوى دار الإفتاء المصرية: المجلد الخامس
» المجلد التاسع
» المجلد السابع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: كـتــــاب سـيـبـويــــــه-
انتقل الى: