| المجلد الرابع | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المجلد الرابع الجمعة 06 يوليو 2018, 11:59 pm | |
| الجزء الرابع باب إعراب الأفعال المضارعة للأسماء وهي معرفة لا توصَف ولا تكون وصفاً وذلك قولك: مررت بكلٍّ قائماً ومررتُ ببعضٍ قائماً وببعضٍ جالساً.
وإنما خروجهما من أن يكونا وصفين أو موصوفين لأنه لا يحسن لك أن تقول: مررت بكلٍّ الصالحين ولا ببعضٍ الصالحين.
قبُح الوصف حين حذفوا ما أضافوا إليه لأنه مخالف لما يضاف شاذّ منه فلم يجرِ في الوصف مجراه.
كما أنهم حين قالوا يا أللهُ فخالفوا ما فيه الألف واللام لم يصلوا ألفَه وأثبتوها.
وصار معرفة لأنه مضاف إلى معرفة كأنك قلت: مررت بكلهم وببعضهم ولكنك حذفت ذلك المضاف إليه فجاز ذلك كما جاز: لاهِ أبوك تريد: لله أبوك حذفوا الألف واللامين. وليس هذا طريقةَ الكلام ولا سبيله لأنه ليس من كلامهم أن يُضمروا الجار.
ومثله في الحذف: لا عليك فحذفوا الاسم.
وقال: ما فيهم يفضلك في شيء يريد ما فيهم أحد يفضلك كما أراد لا بأس عليك أو نحوه.
والشواذّ في كلامهم كثيرةٌ.
ولا يكونان وصفاً كما لم يكونا موصوفين وإنما ينضعان في الابتداء أو يُبنَيان على اسم أو غير فالابتداء نحو قوله عز وجلّ: " وكلٌّ آتوه داخرين ".
فأما جميعٌ فيجري مجرى رجلٍ ونحوه في هذا الموضع.
قال الله عز وجل: " وإنْ كلٌّ لما جميعٌ لدينا مُحضَرون " وقال: أتيته والقومُ جميعٌ وسمعته من العرب أي مجتمعون. وزعم الخليل رحمه الله أنه يستضعف أن يكون كلهم مبنياً على اسم أو على غير اسم ولكنه يكون مبتدأ أو يكون كلهم صفة.
فقلت: ولمَ استضعفت أن يكون مبنياً فقال: لأن موضعه في الكلام أن يُعمّ به غيره من الأسماء بعدما يُذكر فيكون كلهم صفةً أو مبادأ.
فالمبتدأ قولك إن قومك كلهم ذاهبٌ أو ذكر قوم فقلت: كلهم ذاهبٌ.
فالمبتدأ بمنزلة الوصف لأنك إنما ابتدأت بعدما ذكرت ولم تبنه على شيء فعممت به.
وقال: أكلتُ شاةً كلَّ شاةٍ حسن وأكلت كلَّ شاةٍ ضعيف لأنهم لا يعمّون هكذا فيما زعم الخليل رحمه الله.
وذلك أن كلهم إذا وقع موقعاً يكون الاسم فيه مبنياً على غيره شُبّه بأجمعين وأنفسهم ونفسه فألحق بهذه الحروف لأنها إنما توصَف بها الأسماء ولا تُبنى على شيء.
وذاك أن موضعها من الكلام أن يُعمّ ببعضها ويؤكد ببعضها بعد ما يُذكر الاسم إلا أن كلهم قد يجوز فيها أن تُبنى على ما قبلها وإن كان فيها بعض الضعف لأنه قد يُبتدأ به فهو يشبه الأسماء التي تُبنى على غيرها.
وكلاهما وكلتاهما وكلهنّ يجرين مجرى كلهم وأما جميعهم فقد يكون على وجهين: يوصَف به المضمَر والمظهر كما يوصَف بكلهم ويُجرى في الوصف مجراه ويكون في سائر ذلك بمنزلة عامتهم وجماعتهم يُبتدأ ويُبنى على غيره لأنه يكون نكرة تدخله الألف واللام وأما كل شيء وكل رجل فإنما يبنيان على غيرهما لأنه لا يوصَف بهما.
والذي ذكرتُ لك قول الخليل ورأينا العرب توافقه بعد ما بمعناه.
باب ما ينتصب لأنه قبيح أن يكون صفة وذلك قولك: هذا راقودٌ خَلاّ وعليه نِحيٌ سَمناً.
وإن شئت قلت راقودُ خلّ وراقودٌ من خلّ.
وإنما فررتَ إلى النصب في هذا الباب كما فررت إلى الرفع في قولك: بصحيفةٍ طينٌ خاتَمها لأن الطين اسم وليس مما يوصَف به ولكنه جوهرٌ يضاف إليه ما كان منه.
فهكذا مجرى هذا وما أشبهه.
ومن قال: مررتُ بصحيفة طينٍ خاتَمها قال: هذا راقودٌ خلٌّ وهذه صفّةٌ خزّ.
وهذا قبيح أجري على غير وجهه ولكنه حسن أن يُبنى على المبتدأ ويكون حالاً.
فالحال قولك: هذه جُبّتك خَزاً.
والمبني على المبتدأ قولك: جُبتك خزّ.
ولا يكون صفةً فيشبه الأسماء التي أخذت من الفعل ولكنهم جعلوه يلي ما ينصب ويرفع وما يجرّ.
فأجره كما أجروه فإنما فعلوا به ما يُفعل بالأسماء والحال مفعولٌ فيها.
والمبنيّ على المبتدأ بمنزلة ما ارتفع بالفعل والجارّ بتلك المنزلة يجري في الاسم مجرى الرافع والناصب. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 12:07 am | |
| باب ما ينتصب لأنه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو
وذلك قولك هو ابنُ عمي دِنْياً وهو جاري بيتَ بيتَ.
فهذه أحوال قد وقع في كل واحد منها شيء.
وانتصب لأن هذا الكلام قد عمل فيها كما عمل الرجل في العلم حين قلت: أنت الرجل عِلْماً.
فالعلمُ منتصبٌ على ما فسّرت لك وعمل فيه ما قبله كما عمل عشرون في الدرهم حين قلت عشرون درهماً لأن الدرهم ليس من اسم العشرين ولا هو هي.
ومثل ذلك: هذا درهم وزناً.
ومثل ذلك: هذا حسيب جداً.
ومثل ذلك هذا عربيّ حسبَه.
حدثنا بذلك أبو الخطاب عمن نثق به من العرب.
جعله بمنزلة الدِّنْي والوزن كأنه قال هو عربي اكتفاءً.
فهذا تمثيل ولا يتكلّ به ولزمته الإضافة كما لزمت جَهده وطاقته.
وما لم يُضَف من هذا ولم تدخله الألف واللام فهو بمنزلة ما لم يُضَف فيما ذكرنا من ومثل ذلك هذه عشرون مِراراً وهذه عشرون أضعافاً.
وزعم يونس أن قوماً يقولون: هذه عشرون أضعافُها وهذه عشرون أضعافٌ أي مضاعفةٌ.
والنصب أكثر.
ومثل ذلك: هذا درهمٌ سواء.
كأنه قال هذا درهم استواء.
فهذا تمثيل وإن لم يتكلّم به.
قال عز وجلّ: " في أربعة أيامٍ سَواءً للسائلين ".
وقد قرأ ناسٌ: " في أربعةِ أيامٍ سواءٍ ".
قال الخليل: جعله بمنزلة مستويات.
وتقول: هذا درهمٌ سواءٌ كأنك قلت: هذا درهمٌ تامّ.
وهذا شيء ينتصب على أنه ليس من اسم الأول ولا هو هو وذلك قولك: هذا عربي محضاً وهذا عربي قلباً فصار بمنزلة دِنياً وما أشبهه من المصادر وغيرها.
والرفع فيه وجه الكلام وزعم يونس ذلك.
وذلك قولك: هذا عربيّ محضٌ وهذا عربيّ قلبٌ كما قلت هذا عربيٌّ قُحٌّ ولا يكون القحُّ إلا صفةً.
ومما ينتصب على أنه ليس من اسم الأول ولا هو هو قولك: هذه مائلةٌ وزنَ سبعةٍ ونقدَ الناس وهذه مائة ضربَ الأمير وهذا ثوبٌ نسجَ اليمن كأنه قال: نسجاً وضرباً ووزناً.
وإن شئت قلت وزنُ سبعة.
قال الخليل رحمه الله: إذا جعلتَ وزنَ مصدراً نصبت وإن جعلته اسماً وصفتَ به وشبّه ذلك بالخَلق قال: قد يكون الخلق المصدر ويكون الخلقُ المخلوق وقد يكون الحلَب الفعل والحلَب المحلوب فكأن الوزن ههنا اسمٌ وكأن الضرب اسم كما تقول رجلٌ رِضاً وامرأة عدلٌ ويومٌ غمٌّ فيصيرُ هذا الكلام صفةً.
وقال: أستقبح أن أقول هذه مائة ضربُ الأمير فأجعلَ الضرب صفةً فيكون نكرةً وُصفت بمعرفة ولكن أرفعه على الابتداء كأنه قيل له ما هي فقال: ضربُ الأمير.
فإن قال: ضربُ أمير حَسنت الصفة لأن النكرة توصف بالنكرة.
واعلم أن جميع ما ينتصب في هذا الباب ينتصب على أنه ليس من اسم الأول ولا هو هو.
والدليل على ذلك أنك لو ابتدأت اسماً لم تستطع أن تبني عليه شيئاً مما انتصب في هذا الباب لأنه جرى في كلام العرب أنه ليس منه ولا هو هو.
لو قلتَ ابنُ عمي دنْيٌ وعربيٌ جِدٌ لم يجز ذلك فإذا لم يجز أن يُبنى على المبتدأ فهو من الصفة أبعد لأن هذه الأجناس التي يضاف إليها ما هو منها ومن جوهرها ولا تكون صفة وقد تُبنى على المبتدأ كقولك: خاتمك فضّة ولا فما انتصب في هذا الباب فهو مصدر أو غير مصدر قد جُعل بمنزلة المصدر وانتصب من وجهٍ واحد.
واعلم أن الشيء يوصَف بالشيء الذي هو هو وهو من اسمه وذلك قولك: هذا زيدٌ الطويل.
ويكون هو هو وليس من اسمه كقولك: هذا زيدٌ ذاهباً. ويوصَف بالشيء الذي ليس به ولا من اسمه كقولك: هذا درهم وزناً لا يكون إلا نصباً.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 12:12 am | |
| هذا باب ما ينتصب لأنه قبيح أن يوصف بما بعده ويبنى على ما قبله
وذلك قولك: هذا قائماً رجل وفيها قائماً رجلٌ.
لما لم يجز أن توصف الصفة بالاسم وقُبح أن تقول: فيها قائمٌ فتضع الصفة موضع الاسم كما قبح مررت بقائم وأتاني قائم جعلت القائم حالاً وكان المبني على الكلام الأول ما بعده.
ولو حسُن أن تقول: فيها قائم لجاز فيها قائم رجلٌ لا على الصفة ولكنه كأنه لما قال فيها قائم قيل له مَن هو وما هو فقال: رجل أو عبد الله.
وقد يجوز على ضعفه.
وحُمل هذا النصب على جواز فيها رجلٌ قائماً وصار حين أخّر وجه الكلام فراراً من القبح.
قال ذو الرمة: وتحت العوالي في القنا مستظلةً ** ظِباءٌ أعارتُها العيونَ الجآذرُ وقال الآخر: وبالجسم مني بيّناً لو علمْتِه ** شُحوبٌ وإن تستشهدي العينَ تشهدِ وقال كُثيّر: لميّة موحشاً طللُ وهذا كلامٌ أكثر ما يكون في الشعر وأقل ما يكون في الكلام.
واعلم أنه لا يقال قائماً فيها رجلٌ.
فإن قال قائل: أجعله بمنزلة راكباً مرّ زيدٌ وراكباً مرّ الرجلُ قيل له: فإنه مثله في القياس لأن فيها بمنزلة مرّ ولكنهم كرهوا ذلك فيما لم يكن من الفعل لأن فيها وأخواتها لا يتصرّفن تصرّف الفعل وليس بفعل ولكنهن أنزلن منزلة ما يستغني به الاسم من الفعل.
فأجرِه كما أجرته العرب واستحسنتْ.
ومن ثمّ صار مررت قائماً برجل لا يجوز لأنه صار قبل العامل في الاسم وليس بفعل والعامل الباء.
ولو حسن هذا لحسن قائماً هذا رجل.
فإن قال: أقول مررت بقائماً رجل فهذا أخبث من قبل أنه لا يُفصل بين الجار والمجرور ومن ثم أُسقط رُبّ قائماً رجلٍ.
فهذا كلام قبيح ضعيف فاعرفْ قبحه فإن إعرابه يسير.
ولو استحسنّاه لقلنا هو بمنزلة فيها قائماً رجل ولكن معرفة قبحه أمثل من إعرابه.
وأما بك مأخوذٌ زيد فإنه لا يكون إلا رفعاً من قبل أن بك لا تكون مستقراً لرجل.
ويدلك على ذلك أنه لا يستغني عليه السكوت.
ولو نصبت هذا لنصبت اليوم منطلقٌ زيدٌ واليومَ قائمٌ زيد.
وإنما ارتفع هذا لأنه بمنزلة مأخوذ زيد.
وتأخير الخبر على الابتداء أقوى لأنه عاملٌ فيه.
ومثل ذلك: عليك نازلٌ زيد لأنك لو قلت: عليك زيد وأنت تريد النزول لم يكن كلاماً.
وتقول: عليك أميراً زيد لأنه لو قال عليك زيد وهو يريد الإمرةَ كان حسناً.
وهذا قليل في الكلام كثير في الشعر لأنه ليس بفعل.
وكلما تقدّم كان أضعف له وأبعد فمن ثمّ لم يقولوا قائماً فيها رجل ولم يحسن حُسن: فيها قائماً رجلٌ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 12:16 am | |
| باب ما يثنّى فيه المستقر توكيداً وليست تثنيته بالتي تمنع الرفع حاله قبل التثنية ولا النصب ما كان عليه قبل أن يثنّى. وذلك قولك: فيها زيد قائماً فيها.
فإنما انتصب قائم باستغناء زيد بفيها.
وإن زعمتَ أنه انتصب بالآخِر فكأنك قلت: زيد قائماً فيها. فإنما هذا كقولك قد ثبت زيد أميراً قد ثبت فأعدتَ قد ثبت توكيداً وقد عمل الأول في زيد وفي الأمير.
ومثله في التوكيد والتثنية: لقيتُ عمراً عمرا.
فإن أردتَ أن تُلغي فيها قلت فيها زيدٌ قائم فيها كأنه قال زيد قائم فيها فيها فيصير بمنزلة قولك فيك زيدٌ راغبٌ فيك. وتقول في النكرة: في دارك رجلٌ قائم فيها فتجري قائم على الصفة.
وإن شئت قلت: فيها رجل قائماً فيها على الجواز كما يجوز فيها رجلٌ قائماً.
وإن شئت قلت أخوك في الدار ساكنٌ فيها فتجعل فيها صفةً للساكن.
ولو كانت التثنية تنصب لنصبتْ في قولك: عليك زيدٌ حريص عليك ونحو هذا مما لا يُستغنى به.
فإن قلت: قد جاء: " وأما الذين سَعِدوا ففي الجثّة خالدين فيها " فهو مثل " إن المتّقين في جنات وعُيون.
آخذين " وفي آية أخر: " فاكهين ". |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 12:19 am | |
| هذا باب الابتداء فالمبتدأ كل اسم ابتُدى ليُبنى عليه كلامٌ.
والمبتدأ والمبنيّ عليه رفعٌ.
فالابتداء لا يكون إلا بمبني عليه.
فالمبتدأ الأول والمبني ما بعده عليه فهو مسنَد ومسنَد إليه. واعلم أن المبتدأ لابد له من أن يكون المبنيّ عليه شيئاً هو هو أو يكون في مكان أو زمان.
وهذه الثلاثة يُذكر كل واحدٍ منها بعد ما يُبتدأ.
فأما الذي يُبنى عليه شيء هو هو فإن المبني عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء وذلك قولك: عبد الله منطلق ارتفع عبد الله لأنه ذُكر ليُبنى عليه المنطلق وارتفع المنطلق لأن المبنيّ على المبتدأ بمنزلته.
وزعم الخليل رحمه الله أنه يستقبح أن يقول قائم زيد وذاك إذا لم تجعل قائماً مقدَّماً مبنياً على المبتدأ كما تؤخّر وتقدّم فتقول: ضرب زيداً عمرٌو وعمرٌو على ضرب مرتفع.
وكان الحدّ أن يكون مقدَّماً ويكون زيد مؤخّراً.
وكذلك هذا الحدّ فيه أن يكون الابتداء فيه مقدَّماً.
وهذا عربي جيد.
وذلك قولك تميميٌّ أنا ومَشنوءٌ مَن يشنَؤك ورجلٌ عبدُ الله وخزٌّ صُفّتك.
فإذا لم يريدوا هذا المعنى وأرادوا أن يجعلوه فعلاً كقوله يقوم زيدٌ وقام زيد قبح لأنه اسم.
وإنما حسن عندهم أن يجري مجرى الفعل إذا كان صفةً جرى على موصوف أو جرى على اسم قد عمل فيه كما أنه لا يكون مفعولاً في ضارب حتى يكون محمولاً على غيره فتقول: هذا ضاربٌ زيداً وأنا ضارب زيداً ولا يكون ضاربٌ زيداً على ضربتُ زيداً وضربت عمراً.
فكما لم يجز هذا كذلك استقبحوا أن يجري مجرى الفعل المبتدإ وليكون بين الفعل والاسم فصيل وإن كان موافقاً له في مواضع كثيرة فقد يوافق الشيء الشيءَ ثم يخالفه لأنه ليس مثله.
وقد كتبنا ذلك فيما مضى وسنراه فيما يُستقبل إن شاء الله.
عدل سابقا من قبل أحــمــد لــبــن AhmadLbn في السبت 07 يوليو 2018, 5:32 pm عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 12:23 am | |
| باب ما يقع موقع الاسم المبتدإ ويسد مسده لأنه مستقَرٌّ لما بعد وموضع والذي عمل فيما بعده حتى رفعه هو الذي عمل فيه حين كان قبله ولكن كلُّ واحد منهما لا يُستغنى به عن صاحبه فلما جُمعا استغنى عليهما السكوت حتى صارا في الاستغناء كقولك: هذا عبد الله. وذلك قولك: فيها عبد الله.
ومثله: ثمَّ زيدٌ وههنا عمرٌو وأين زيدٌ وكيف عبد الله وما أشبه ذلك.
فمعنى أين في: أي مكان وكيف: على أية حال.
وهذا لا يكون إلا مبدوءاً به قبل الاسم لأنها من حروف الاستفهام فشُبّهت بهل وألف الاستفهام لأنهن يستغنين عن الألف ولا يكنَّ كذا إلا استفهاماً. (يتبع إن شاء الله) |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 5:35 pm | |
| باب من الابتداء يُضمَر فيه ما يُبنى على الابتداء
وذلك قولك: لولا عبد الله لكان كذا وكذا.
أما لكان كذا وكذا فحديثٌ معلّقٌ بحديث لولا.
وأما عبد الله فإنه منحديث لولا وارتفع بالابتداء كما يرتفع بالابتداء بعد ألف الاستفهام كقولك: أزيدٌ أخوك إنما رفعتَه على ما رفعتَ عليه زيدٌ أخوك.
غير أن ذلك استخبارٌ وهذا خبرٌ.
وكأن المبني عليه الذي في الإضمار كان في مكان كذا وكذا فكأنه قال: لولا عبد الله كان بذلك المكان ولوا القتال كان في زمان كذا وكذا ولكن هذا حُذف حين كثُر استعمالُهم إياه في الكلام كما حُذف الكلام من إمّالا زعم الخليل رحمه الله أنهم أرادوا إن كنت لا تفعل غيره فافعلْ كذا وكذا إمالا ولكنهم حذفوه لكثرته في الكلام.
ومثل ذلك حينئذ الآن إنما تريد: واسمع الآن.
وما أغفلَه عنك شيئاً أي دعِ الشكّ عنه فحُذف هذا لكثرة استعمالهم.
وما حُذف في الكلام لكثرة استعمالهم كثير.
ومن ذلك: هل من طعام أي هل من طعام في زمان أو مكان وإنما يريد: هل طعامٌ فمِن طعامٍ في موضع طعامٌ كما كان ما أتاني من رجل في موضع ما أتاني رجلٌ.
ومثله جوابه: ما من طعام.
بابٌ يكون المبتدأ فيه مُضمَراً ويكون المبني عليه مظهَراً وذلك أنك رأيت صورة شخص فصار آية لك على معرفة الشخص فقلت: عبد الله وربي كأنك قلت: ذاك عبد الله أو هذا عبد الله.
أو سمعتَ صوتاً فعرفتَ صاحبَ الصوت فصار آيةً لك على معرفته فقلت: زيد وربي.
أو مسِسْتَ جسداً أو شممت ريحاً فقلت: زيد أو المِسك.
أو ذقتَ طعاما فقلت: العسل.
ولو حُدِّثتَ عن شمائل رجلٍ فصار آيةً لك على معرفته لقلت: عبد الله.
كأن رجلاً قال: مررتُ برجل راحم للمساكين بارٍّ بوالديه فقلت: فلان واللهِ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 5:45 pm | |
| هذا باب الحروف الخمسة التي تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده وهي من الفعل بمنزلة عشرين من الأسماء التي بمنزلة الفعل لا تصَرَّف تصرُّف الأفعال كما أن عشرين لا تصرّف تصرّف الأسماء التي أخذت من الفعل وكانت بمنزلته ولكن يقال بمنزلة الأسماء التي أُخذت من الأفعال وشُبهت بها في هذا الموضع فنصبت درهماً لأنه ليس من نعتها ولا هي مضافة إليه ولم ترد أن تحمل الدرهم على ما حُمل العشرون عليه ولكنه واحد بيّن به العدد فعملت فيه كعمل الضارب في زيد إذا قلت: هذا ضاربٌ زيداً لأن زيداً ليس من صفة الضارب ولا محمولاً على ما حُمل عليه الضارب.
وكذلك هذه الحروف منزلتها من الأفعال.
وهي أنّ ولكنّ وليت ولعلّ وكأنّ.
وذلك قولك: إن زيداً منطلقٌ وإن عمراً مسافرٌ وإن زيداً أخوك.
وكذلك أخواتها.
وزعم الخليل أنها عملت عملين: الرفعَ والنصب كما عملت كان الرفع والنصب حين قلت: كان أخاك زيدٌ.
إلا أنه ليس لك أن تقول كأن أخوك عبدَ الله تريد كأن عبدَ الله أخوك لأنها لا تصرّف تصرّف الأفعال ولا يضمَر فيها المرفوع كما يضمَر في كان.
فمن ثمّ فرقوا بينهما كما فرقوا بين ليس وما فلم يجروها مجراها ولكن قيل هي بمنزلة الأفعال فيما بعدها وليست بأفعال.
وتقول: إن زيداً الظريف منطلق فإن لم يُذكر المنطلق صار الظريف في موضع الخبر كما قلت: كان زيد الظريف ذاهباً فلما لم تجئ بالذاهب قلت: كان زيدٌ الظريفَ فنصب هذا في كان بمنزلة رفع الأول في إن وأخواتها.
وتقول: إن فيها زيداً قائماً وإن شئت رفعت على إلغاء فيها وإن شئت قلت: إن زيداً فيها قائماً وقائمٌ.
وتفسير نصب القائم ههنا ورفعه كتفسيره في الابتداء وعبد الله ينتصب بأن كما ارتفع ثمّ بالابتداء إلا أن فيها ههنا بمنزلة هذا في أنه يستغني على ما بعدها السكوت وتقع موقعه.
وليست فيها بنفس عبد الله كما كان هذا نفسَ عبد الله وإنما هي ظرفٌ لا تعمل فيها إن بمنزلة خلفَك وإنما انتصب خلفك بالذي فيه.
وقد يقع الشيء موقع الشيء وليس إعرابه كإعرابه وذلك قولك: مررت برجل يقول ذاك فيقول في موضع قائل وليس إعرابه كإعرابه.
وتقول: إن بك زيداً مأخوذ وإن لك زيداً واقفٌ من قبل أنك إذا أردت الوقوف والأخذ لم يكن بك ولا لك مستقرّين لعبد الله ولا موضعين.
ألا ترى أن السكوت لا يستغني على عبد الله ومثل ذلك: إن فيك زيداً لراغب.
قال الشاعر: فلا تلْحِني فيها فإن بحبّها ** أخاكَ مُصابُ الثلب جمٌّ بلابِلُهْ كأنك أردت: إن زيداً راغبٌ وإن زيداً مأخوذٌ ولم تذكر فيك ولا بكَ فألغيتا ههنا كما أُلغيتا في الابتداء.
ولو نصبت هذا لقلت إن اليوم زيداً منطلقاً ولكن تقول إن اليوم زيداً منطلق وتُلغي اليومَ كما ألغيتَه في الابتداء. وتقول: إن اليوم فيه زيدٌ ذاهبٌ من قبل أن إنّ عملت في اليوم فصار كقولك: إن عمراً فيه زيدٌ متكلم.
ويدلّك على أن اليوم قد عملت فيه إن أنك تقول اليوم فيه زيدٌ ذاهبٌ فترفع بالابتداء فكذلك تنصب بأن.
وتقول: إن زيداً لفيها قائماً وإن شئت ألغيتَ لفيها كأنك قلت: إن زيداً لقائم فيها.
ويدلك على أن لفيها يُلغى أنك تقول إن زيداً لَبك مأخوذ.
قال الشاعر وهو أبو زُبيد الطائي: إن امرأً خصّني عمداً مودّتَه على التنائي لَعندي غيرُ مكفورِ فلما دخلت اللام فيما لا يكون إلا لغواً عرفنا أنه يجوز في فيها ويكون لغواً لأن فيها قد تكون لغواً.
وإذا قلت: إن زيداً فيها لقائمٌ فليس إلا الرفع لأن الكلام محمول على إنّ واللام تدل على وروى الخليل رحمه الله أن ناساً يقولون: إن بك زيدٌ مأخوذ فقال: هذا على قوله إنه بك زيدٌ مأخوذ وشبّه بما يجوز في الشعر نحو قوله وهو ابن صريم اليشكري: ويوماً تُوافينا بوجهٍ مقسَّمٍ كأنْ ظبيةٌ تعطو إلى وارق السَّلَمْ وقال الآخر: ووجهٌ مشرقُ النحرِ كأنْ ثدياهُ حُقّانِ لأنه لا يحسن ههنا إلا الإضمار.
وزعم الخليل أن هذا يشبه قول من قال: وهو الفرزدق: فلو كنت ضبِّياً عرفتَ قرابتي ولكنّ زَنجيّ عظيم المشافرِ والنصب أكثر في كلام العرب كأنه قال: ولكن زنجياً عظيمَ المشافر لا يعرف قرابتي.
ولكنه أضمر هذا كما يُضمر ما بني على الابتداء نحو قوله عزّ وجلّ: " طاعةٌ وقولٌ معروفٌ " أي طاعةٌ وقولٌ معروفٌ أمثل. وقال الشاعر: فما كنتُ ضفّاطاً ولكن طالباً أناخ قليلاً فوق ظهر سبيلِ أي ولكن طالباً منيخاً أنا.
فالنصب أجود لأنه لو أراد إضماراً لخفّف ولجعل المضمَر مبتدأ كقولك: ما أنت صالحاً ورفعه على قوله ولكنّ زنجيّ. وأما قول الأعشى: في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا أنْ هالكٌ كلُّ مَن يحفى وينتعلُ فإن هذا على إضمار الهاء لم يحذفوا لأنْ يكون الحذف يُدخله في حروف الابتداء بمنزلة إن ولكن ولكنهم حذفوا كما حذفوا الإضمار وجعلوا الحذف علَماً لحذف الإضمار في إن كما فعلوا ذلك في كأن.
وأما ليتما زيداً منطلقٌ فإن الإلغاء فيه حسن وقد كان رؤبة ابن العجّاج ينشد هذا البيت رفعاً وهو قول النابغة الذبياني: قالت ألا ليتما هذا الحمامُ لنا إلى حمامتنا ونصفُ فقدِ فرفعه على وجهين: على أن يكون بمنزلة قول من قال: مثلاً ما بَعوضةٌ أو يكون بمنزلة قوله: إنما زيدٌ منطلقٌ.
وأما لعلّما فهو بمنزلة كأنما. وقال الشاعر وهو ابن كُراع: تحلّلْ وعالجْ ذاتَ نفسك وانظُرَنْ أيا جُعَلٍ لعلّما أنت حالِمُ وقال الخليل: إنما لا تعمل فيما بعدها كما أن أرى إذا كانت لغواً لم تعمل فجعلوا هذا نظيرها ونظيرُ إنما قول الشاعر وهو المرّار الفَقْعَسي: أعَلاقةً أمَّ الوليد بعدما أفنانُ رأسكَ كالثّغام المُخْلِسِ جعل بعد مع ما بمنزلة حرفٍ واحد وابتدأ ما بعده.
واعلم أنهم يقولون: إن زيدٌ لذاهبٌ وإنْ عمرٌو لخيرٌ منك لما خفّفها جعلها بمنزلة لكنْ حين خفّفها وألزمها اللام لئلا تلتبس بإن التي هي بمنزلة ما التي تنفي بها.
ومثل ذلك: " إن كلُّ نفسٍ لما عليها حافظٌ " إنما هي لعليها حافظٌ. وقال تعالى: " وإنْ كلُّ لَما جميعٌ لدينا مُحضَرون " إنما هي: لجميعٌ وما لغوٌ.
وقال تعالى: " وإنْ وجدنا أكثرَهم لَفاسقين " " وإنْ نظنّك لمِن الكاذبين ".
وحدّثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: إن عمراً لَمنطلقٌ.
وأهل المدينة يقرءون: " وإنْ كُلاً لَما لَيوفينّهم ربُّك أعمالَهم " يخففون وينصبون كما قالوا: كأن ثدييه حُقّانِ وذلك لأن الحرف بمنزلة الفعل فلما حُذف من نفسه شيء لم يغيَّر عملُه كما لم يغيَّر عملُ لم يكُ ولم أُبَل حين حُذف.
وأما أكثرهم فأدخلوها في حروف الابتداء حين حذفوا كما أدخلوها في حروف الابتداء حين ضمّوا إليها ما.
ما يَحسن عليه السكوتُ في هذه الأحرف الخمسة لإضمارك ما يكون مستقَرّاً لها وموضعاً لو أظهرته وليس هذا المضمَر بنفس المظهر.
وذلك: إن مالاً وإن ولداً وإن عدداً أي إن لهم مالاً.
فالذي أضمرت لهم.
ويقول الرجل للرجل: هل لكم أحدٌ إن الناس ألْبٌ عليكم فيقول: إن زيداً وإن عمراً أي إن لنا.
وقال الأعشى: إن محلاً وإنّ مُرتحَلاً وإن في السّفْر ما مضى مَهَلا وتقول: إن غيرها إبلاً وشاءً كأنه قال: إن لنا غيرَها إبلاً وشاءً أو عندنا غيرَها إبلاً وشاء.
فالذي تضمِر هذا النحو وما أشبهه.
وانتصب الإبلُ والشاء كانتصاب فارسٍ إذا قلت: ما في الناس مثلُه فارساً.
ومثل ذلك قول الشاعر: يا ليتَ أيامَ الصّبا رواجعا فهذا كقوله: ألا ماء بارداً كأنه قال: ألا ماء لنا مارداً وكأنه قال: يا ليت لنا أيام الصبا وكأنه وتقول: إن قريباً منك زيداً إذا جعلت قريباً منك موضعه.
وإذا قلت جعلت الأول هو الآخِر قلت: إن قريباً منك زيدٌ. وتقول: إن قريباً منك زيدٌ والوجهُ إذا أردتَ هذا أن تقول: إن زيداً قريبٌ منك أو بعيد منك لأنه اجتمع معرفةٌ ونكرة.
وقال امرؤ القيس: وإن شفاءً عَبرَةٌ مُهراقةٌ فهل عند رَسمٍ دارس من مُعَوَّلِ فهذا أحسن لأنهما نكرة.
وإن شئت قلت: إن بعيداً منك زيداً.
وقلما يكون بعيداً منك ظرفاً وإنما قلّ هذا لأنك لا تقول إن بُعدَك زيداً وتقول إن قربَك زيد.
فالدّنوّ أشدُّ تمكيناً في الظرف من البُعد. وزعم يونُس أن العرب تقول: إن بدلَك زيداً أي إن مكانك زيداً.
والدليل على هذا قول العرب: هذا لك بدلَ هذا أي هذا لك مكان هذا.
وإن جعلت البدل بمنزلة البديل قلت إن بدلَك زيدٌ أي إن بديلَك زيدٌ.
وتقول: إن ألفاً في دراهمك بيضٌ وإن في دراهمك ألفاً بيضٌ.
فهذا يجري مجرى النكرة في كان وليس لأن المخاطَب يحتاج إلى أن تُعلمه ههنا كما يحتاج إلى أن تعلمه في قولك ما كان أحدٌ فيها خيراً منك.
وإن شئت جعلت فيها مستقرّاً وجعلت البيض صفةً.
واعلم أن التقديم والتأخير والعناية والاهتمام هنا مثلُه في باب كان ومثل ذلك قولك: إن أسداً في الطريق رابضاً وإن بالطريق أسداً رابضٌ.
وإن شئت جعلت بالطريق مستقراً ثم وصفتَه بالرابض فهذا يجري هنا مجرى ما ذكرتُ من النكرة في باب كان. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 5:49 pm | |
| باب ما يكون محمولاً على إن فيشاركه فيه الاسم الذي ولِيها ويكون محمولاً على الابتداء فأما ما حُمل على الابتداء فقولك: إن زيداً ظريفٌ وعمرٌو وإن زيداً منطلقٌ وسعيدٌ فعمرو وسعيد يرتفعان على وجهين فأحدُ الوجهين حسنٌ والآخر ضعيف.
فأما الوجه الحسن فأن يكون محمولاً على الابتداء لأن معنى إن زيداً منطلقٌ زيدٌ منطلق وإن دخلتْ توكيداً كأنه قال: زيدٌ منطلق وعمرو.
وفي القرآن مثله: " إن الله بَرَئٌ من المشركين ورسولُه ".
وأما الوجه الآخر الضعيف فأن يكون محمولاً على الاسم المضمَر في المنطلق والظريف فإن أردتَ ذلك فأحسنه أن تقول: منطلقٌ هو وعمرٌو وإن زيداً ظريفٌ هو وعمرو.
وإن شئت جعلت الكلام على الأول فقلت: إن زيداً منطلقٌ وعمراً ظريفٌ فحملته على قوله عزّ وجلّ: " ولو أن ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحرَ يمدُّه من بعده سبعةُ أبحُرٍ ". وقد رفعه قومٌ على قولك: لو ضربتَ عبدَ الله وزيدٌ قائم ما ضرّك أي لو ضربت عبد الله وزيدٌ في هذه الحال كأنه قال: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلامٌ والبحر هذا أمره ما نفدت كلمات الله.
وقال الراجز وهو رؤبة بن العجّاج: إن الربيع الجوْدَ والخريفا ** يَدا أبي العباس والصّيوفا ولكن المثقّلة في جميع الكلام بمنزلة إن.
وإذا قلت إن زيداً فيها وعمرٌو جرى عمرٌو بعد فيها مجراه بعد الظريف لأن فيها في موضع الظريف وفي فيها إضمار. ألا ترى أنك تقول: إن قومك فيها أجمعون وإن قومك فيها كلّهم كما تقول: إن قومك عرب أجمعون وفي فيها اسمٌ مضمَر مرفوع كالذي يكون في الفعل إذا قلت: إن قومك ينطلقون أجمعون.
وقال جرير: إن الخلافة والنبوّة فيهمُ والمَكرُمات وسادةٌ أطهارُ وإذا قلت: إن زيداً فيها وإن زيداً يقول ذاك ثم قلت نفسه فالنصب أحسن.
وإن أردت أن تحمله على المضمَر فعلى: هو نفسه.
وإذا قلت إن زيداً منطلقٌ لا عمرٌو فتفسيره كتفسيره مع الواو.
وإذا نصبتَ فتفسيره كنصبه واعلم أن لعلّ وكأنّ وليت ثلاثتهن يجوز فيهن جميع ما جاز في إنّ إلا أنه لا يُرفع بعدهن شيء على الابتداء ومن ثمّ اختار الناس ليتَ زيداً منطلقٌ وعمراً وقَبُح عندهم أن يحملوا عمراً على المضمر حتى يقولوا هو ولم تكن ليت واجبةً ولا لعلّ ولا كأن فقبح عندهم أن يُدخلوا الواجب في موضع التّمني فيصيروا قد ضموا إلى الأول ما ليس على معناه بمنزلة إن.
ولكن بمنزلة إن.
وتقول: إن زيداً فيها لا بل عمرٌو.
وإن شئت نصبت.
ولا بلْ تجري مجرى الواو ولا. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 5:52 pm | |
| باب ما تستوي فيه الحروفُ الخمسة وذلك قولك: إن زيداً منطلق العاقلُ اللبيبُ.
فالعاقل اللبيب يرتفع على وجهين: على الاسم المضمَر في منطلق كأنه بدلٌ منه فيصير كقولك: مررت به زيدٌ إذا أردت جوابَ بمن مررتَ.
فكأنه قيل له: من ينطلق فقال: زيدٌ العاقلُ اللبيب.
وإن شاء رفعه على: مررتُ به زيدٌ إذا كان جوابَ مَن هو فنقول: زيد كأنه قيل له: مَن هو فقال: العاقل اللبيب.
وإن شاء نصَبَه على الاسم الأول المنصوب.
وقد قرأ الناس هذه الآية على وجهين: " قُل إن ربي يقذف بالحقّ علاّمُ الغُيوب " و " علامَ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 5:58 pm | |
| بابٌ ينتصب فيه الخبر بعد الأحرف الخمسة انتصابَه إذا صار ما قبله مبنياً على الابتداء لأن المعنى واحدٌ في أنه حالٌ وأن ما قبله قد عمِل فيه ومنعه الاسمُ الذي قبله أن يكون محمولاً على إن.
وذلك قولك: إن هذا عبدُ الله منطلقاً وقال تعالى: " إن هذه أمتُكم أمةً واحدة ".
وقد قرأ بعضهم: " أمتَكم أمةٌ واحدة " حمل أمتكم على هذه كأنه قال إن أمتكم كلها أمةٌ واحدة.
وتقول: إن هذا الرجل منطلقٌ فيجوز في المنطلق هنا ما جاز فيه حين قلت: هذا الرجل منطلقٌ إلا أن الرجل هنا يكون خبراً للمنصوب وصفةً له وهو في تلك الحال يكون صفة لمبتدأ أو خبراً له.
وكذلك إذا قلت: ليتَ هذا زيدٌ قائماً ولعل هذا زيدٌ ذاهباً وكأن هذا بِشرٌ منطلقاً.
إلا أن معنى إن ولكن لأنهما واجبتان كمعنى هذا عبدُ الله منطلقاً وأنت في ليت تمنّاه في الحال وفي كأن تشبّه إنساناً في حال ذهابه كما تمنيته إنساناً في حال قيام.
وإذا قلت لعل فأنت ترجوه أو تخافه في حال ذهاب.
فلعل وأخواتها قد عملنَ فيما بعدهنّ عملين: الرفع والنصب كما أنك حين قلت: ليس هذا عمراً وكان هذا بشراً عملنا عملين رفعتا ونصبتا كما قلت ضربَ هذا زيداً فزيداً ينتصب بضرب وهذا ارتفع بضرب ثم قلت: أليس هذا زيداً منطلقاً فانتصب المنطلق لأنه حال وقع فيه الأمر فانتصب كما انتصب في إن وصار بمنزلة المفعول الذي تعدّى إليه فعل الفاعل بعدما تعدّى إلى مفعول قبله وصار كقولك: ضرب عبد الله زيداً قائماً فهو مثله في التقدير وليس مثله في المعنى.
وتقول: إن الذي في الدار أخوك قائماً كأنه قال: من الذي في الدار فقال: إن الذي في الدار أخوك قائماً فهو يجري في أن ولكنّ في الحُسن والقُبح مجراه في الابتداء: إنْ قبُح في الابتداء أن تذكر المنطلق قبُح ههنا وإن حسُن أن تذكر المنطلق حسُن ههنا وإن قبُح أن تذكر الأخ في الابتداء قبُح ههنا لأن المعنى واحد وهو من كلامٍ واجب.
وأما في ليت وكأن ولعلّ فيجري مجرى الأول.
ومن قال: إن هذا أخاك منطلقٌ قال: إن الذي رأيتُ أخاك ذاهبٌ.
ولا يكون الأخ صفةً للذي لأن أخاك أخصُّ من الذي ولا يكون له صفة من قبل أن زيداً لا يكون صفةً لشيء.
وسألت الخليل عن قوله وهو لرجل من بني أسد: إن بها أكتلَ أو رِزاما خُوَيْرِبَين ينقُفان الهاما فزعم أن خويربين انتصبا على الشتم ولو كان على إن لقال خُويرباً ولكنه انتصب على الشتم كما انتصب " حمالةَ الحطب " - " والنازلينَ بكلّ معترك " على المدح والتعظيم.
وقال: أمن عمل الجرّاف أمسِ وظلمه وعدوانه أعتَبْتُمونا براسمِ أميرَيْ عداءٍ إن حبسنا عليهما بهائمَ مالٍ أوديا بالبهائم نصبهما على الشتم لأنك إن حملت الأميرين على الإعتاب كان محالاً وذلك لأنه لا تحمل صفة الاثنين على الواحد ولا تحمل الذي جرّ الأعتابُ على الذي جرّ الظلم فلما اختلف الجرّان واختلطت الصفتان صار بمنزلة قولك: فيها رجلٌ وقد أتاني آخرُ كريمين ولو ابتدأ فرفع كان جيداً.
ومما ينتصب على المدح والتعظيم قول الفرزدق: ولكنني استبقيت أعراضَ مازنٍ وأيامَها من مستنيرٍ ومظلمِ أناساً بثغرٍ لاتزالُ رماحهم شوارعَ من غير العشيرة في الدمِ ومما ينتصب على أنه عظّم الأمر قول عمرو بن شأس الأسدي: ولم أرَ ليلى بعد يومٍ تعرّضتْ لنا بين أثواب الطِّراف من الأدَمْ كِلابيّةً وبرِيّةً حَبْتريّةً نأتْكَ وخانتْ بالمواعيد والذممْ وقال الآخر: ضننْتُ بنفسي حقبةً ثم أصبحتْ لبنتِ عطاء بينُها وجميعها ضِبابيةً مُرّيّةً حابيّةً مُنيفاً بنعفِ الصّيدلَين وضيعُها فكل هذا سمعناه ممن يرويه من العرب نصباً.
ومما يدلك على أن هذا ينتصب على التعظيم والمدح أنك لو حملت الكلام على أن تجعل حالاً لما بنيته على الاسم الأول كان ضعيفاً.
وليس هنا تعريفٌ ولا تنبيهٌ ولا أراد أن يوقع شيئاً في حال لقبحه ولضعف المعنى.
وزعم يونس أنه سمع رؤبة يقول: أنا ابنُ سعدٍ أكرمَ السّعدينا.
نصبه على الفخر.
وقال الخليل: إن من أفضلهم كان زيداً على إلغاء كان وشبّهه بقول الشاعر وهو الفرزدق: فكيف إذا رأيت ديارَ قوم وجيران لنا كانوا كرامِ وقال: إن من أفضلهم كان رجلاً يقبح لأنك لو قلت إن من خيارهم رجلاً ثم سكتّ كان قبيحاً حتى تعرّفه بشيء أو تقول: رجلاً من أمره كذا وكذا.
وقال: إن فيها كان زيد على قولك: إنه فيها كان زيدٌ وإلا فإنه لا يجوز أن تحمل الكلام على إنّ.
وقال: إن أفضلهم كان زيدٌ وإن زيداً ضربتُ على قوله: إنه زيداً ضربت وإنه كان أفضلهم زيدٌ.
وهذا فيه قبحٌ وهو ضعيف وهو في الشعر جائز.
ويجوز أيضاً على: إن زيداً ضربتُه وإن أفضلَهم كانه زيد فتنصبه على إن وفيه قبحٌ كما كان في إن.
وسألت الخليل رحمه الله تعالى عن قوله: " ويْكأنّه لا يُفلح " وعن قوله تعالى جدّه: " ويْكأن الله " فزعم أنه ويْ مفصولةٌ من كأن والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم أو نُبّهوا فقيل لهم: أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا.
والله تعالى أعلم.
وأما المفسرون فقالوا: ألم تر أن الله.
وقال القرشي وهو زيد بن عمرو بن نُفَيل: سالتاني الطلاقَ أن رأتاني قلّ مالي وقد جئتماني بنُكرِ وَيْ كأنْ مَن يكن له نشبٌ يُحبَبْ ومَن يفتقر يعِشْ عيش ضُرِّ واعلم أن ناساً من العرب يغلطون فيقولون: إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان وذاك أن معناه معنى الابتداء فيُرى أنه قال: هم كما قال: على ما ذكرتُ لك.
وأما قوله عزّ وجلّ: " والصابئون " فعلى التقديم والتأخير كأنه ابتدأ على قوله " والصابئون " بعدما مضى الخبر.
وقال الشاعر بشر بن أبي خازم: وإلا فاعلَموا أنّا وأنتم بُغاةٌ ما بقينا في شِقاقِ كأنه قال: بُغاةٌ ما بقينا وأنتم. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 6:07 pm | |
| هذا باب كَمْ اعلم أن لكَم موضعين: فأحدهما الاستفهام وهو الحرف المستفهَم به بمنزلة كيف وأين.
والموضع الآخر: الخبر ومعناها معنى رُبّ.
وهي تكون في الموضعين اسماً فاعلاً ومفعولاً وظرفاً ويُبنى عليها إلا أنها لا تصرّف تصرّف يوم وليل كما أن حيث وأين لا يتصرفان تصرّف تحتك وخلفك وهما موضعان بمنزلتهما غير أنهما حروفٌ لم تتمكن في الكلام إنما لها مواضع تلزمها في الكلام.
ومثل ذلك في الكلام كثير وقد ذكر فيما مضى وستراه فيما يُستقبَل إن شاء الله.
أما كم في الاستفهام إذا أُعملت فيما بعدها فهي بمنزلة اسم يتصرّف في الكلام منوّن قد عمل فيما بعده لأنه ليس من صفته ولا محمولاً على ما حُمل عليه.
وذلك الاسم عشرون وما أشبهها نحو ثلاثين وأربعين.
وإذا قال لك رجل: كم لك فقد سألك عن عدد لأن كمْ إنما هي مسألة عن عدد ههنا فعلى المجيب أن يقول: عشرون أو ما شاء مما هو أسماء لعدة.
فإذا قال لك: كم لك درهماً أو كم درهماً لك ففسّر ما يسأل عنه قلت عشرون درهماً فعملت كم في الدرهم عمل واعلم أن كمْ تعمل في كل شيء حسن للعشرين أن تعمل فيه فإذا قبح للعشرين أن تعمل في شيء قبح ذلك في كم لأن العشرين عددٌ منوّن وكذلك كمْ هو منوّن عندهم كما أن خمسةَ عشر عندهم بمنزلة ما قد لفظوا بتنوينه لولا ذلك لم يقولوا خمسةَ عشر درهماً ولكن التنوين ذهب منه كما ذهب مما لا ينصرف وموضعه موضع اسم منوّن.
وكذلك كمْ موضعها موضع اسم منوّن وذهبتْ منها الحركة كما ذهبت من إذ لأنهما غيرُ متمكّنين في الكلام.
وذلك أنك لو قلت: كم لك الدرهمَ لم يجز كما لم يجز في قولك عشرون الدرهم لأنهم إنما أرادوا عشرين من الدراهم. وهذا معنى الكلام ولكنهم حذفوا الألفَ واللام وصيّروه إلى الواحد وحذفوا من استخفافاً كما قالوا: هذا أول فارس في الناس وإنما يريدون هذا أول من الفرسان.
فحُذف الكلام.
وكذلك كمْ إنما أرادوا كم لك من الدراهم أو كم من الدراهم لك.
وزعم أن كم درهماً لك أقوى من كم لك درهماً وإن كانت عربية جيدة.
وذلك أن قولك العشرون لك درهماً فيها قبح ولكنها جازت في كم جوازاً حسناً لأنه كأنه صار عوضاً من التمكن في الكلام لأنها لا تكون إلا مبتدأة ولا تؤخَّر فاعلةً ولا مفعولة. لا تقول: رأيتَ كم رجلاً وإنما تقول: كم رأيت رجلاً.
وتقول: كم رجلٍ أتاني ولا تقول أتاني كم رجل.
ولو قال: أتاكَ ثلاثون اليوم درهماً كان قبيحاً في الكلام لأنه لا يقوى قوةَ الفاعل وليس مثل كم لما ذكرت لك.
وقد قال الشاعر: على أنني بعدَ ما قد مضى ثلاثون للهجر حَولاً كميلا يذكّرنيك حنينُ العَجول ونوحُ الحمامة تدعو هَديلا وكم رجلاً أتاك أقوى من كم أتاك رجلاً وكم ههنا فاعلة.
وكم رجلاً ضربت أقوى من كم ضربت رجلاً وكم ههنا مفعولة.
وتقول: كم مثله لك وكم خيراً منه لك وكم غيره لك كل هذا جائز حسن لأنه يجوز بعد عشرين فيما زعم يونس.
تقول: كم غيره مثله لك انتصب غير بكم وانتصب المثل لأنه صفة له.
ولم يُجز يونس والخليل رحمهما الله كم غِلماناً لك لأنك لا تقول عشرونَ ثياباً لك إلا على وجه لك مائةٌ بيضاً وعليك راقودٌ خَلا.
فإن أردت هذا المعنى قلت: كم لك غِلماناً ويقبح أن تقول كم غلماناً لك لأنه قبيح أن تقول: عبد الله قائماً فيها كما قبح أن تقول قائماً فيها زيدٌ. وقد فسرنا ذلك في بابه.
وإذا قلت: كم عبد الله ماكثٌ فكم أيامٌ وعبد الله فاعلٌ.
وإذا قلت: كم عبد الله عندك فكم ظرفٌ من الأيام وليس يكون عبد الله تفسيراً للأيام لأنه ليس منها.
والتفسير: كم يوماً عبد الله ماكثٌ أو كم شهراً عبد الله عندك فعبد الله يرتفع بالابتداء كما ارتفع بالفعل حين قلت: كم رجلاً ضرب عبد الله.
فإذا قلت: كم جريباً أرضُك فأرضك مرتفعةٌ بكَم لأنها مبتدأةٌ والأرض مبنية عليها وانتصب الجريب لأنه ليس بمبني على مبتدإ ولا مبتدإ ولا وصف فكأنك قلت: عشرون درهماً خيرٌ من عشرة.
وإن شئت قلت: كم غلمانٌ لك فتجعل غلمان في موضع خبر كمْ وتجعل لك صفةً لهم.
وسألته عن قوله: على كم جذعٍ بيتُك مبني فقال: القياس النصب وهو قول عامة الناس.
فأما الذين جرّوا فإنهم أرادوا معنى مِن ولكنهم حذفوها ههنا تخفيفاً على اللسان وصارت على عوضاً منها.
ومثل ذلك: اللهِ لا أفعل وإذا قلت لاها الله لا أفعلِ لم يكن إلا الجرّ وذلك أنه يريد لا والله ولكنه صار ها عوضاً من اللفظ بالحرف الذي يجر وعاقبه.
ومثل ذلك: اللهِ لتفعلنّ إذا استفهمت أضمروا الحرف الذي يجرّ وحذفوا تخفيفاً على اللسان وصارت ألف الاستفهام بدلاً منه في اللفظ معاقباً.
واعلم أن كم في الخبر بمنزلة اسم يتصرّف في الكلام غير منوّن يجرّ ما بعده إذا أُسقط التنوين وذلك الاسم نحو مائتي درهم فانجرّ الدرهم لأن التنوين ذهب ودخل فيما قبله.
والمعنى معنى رُبّ وذلك قولك: كم غلامٍ لك قد ذهب.
فإن قال قائل: ما شأنُها في الخبر صارت بمنزلة اسمٍ غير منوّن فالجواب فيه أن تقول: جعلوها في المسألة مثل عشرين وما أشبهها وجُعلت في الخبر بمنزلة ثلاثة إلى العشرة تجرّ ما بعدها كما جرّت هذه الحروف ما بعدها.
فجاز ذا في كم حين اختلف الموضعان كما جاز في الأسماء المتصرّفة التي هي للعدد.
واعلم أن كم في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه رُبّ لأن المعنى واحدٌ إلا أن كم اسمٌ ورُبّ غير اسم بمنزلة مِنْ.
والدليل عليه أن العرب تقول: كم رجلٍ أفضلُ منك تجعله خبرَ كم.
أخبرناه يونس عن أبي عمرو.
واعلم أن ناساً من العرب يُعملونها فيما بعدها في الخبر كما يُعملونها في الاستفهام فينصبون بها كأنها اسمٌ منوّن.
ويجوز لها أن تعمل في هذا الموضع في جميع ما عملت فيه رُبّ إلا أنها تنصب لأنها منونة ومعناها منوّنة وغير منونة سواءٌ لأنه لو جاز في الكلام أو اضطُرّ شاعرٌ فقال ثلاثةٌ أثواباً كان معناه ثلاثة أثواب.
وقال يزيد بن ضَبّة: وقال الآخر: أنعتُ عَيراً من حميرِ خَنزرَهْ في كلِّ عَيرٍ مائتان كَمَرَهْ وبعض العرب ينشد قول الفرزدق: كم عمّةً لك يا جريرُ وخالةً فَدْعاءَ قد حلبتْ عليّ عِشاري وهم كثيرٌ فمنهم الفرزدق والبيت له.
وقد قال بعضهم: كم على كل حال منونة ولكن الذين جروا في الخبر أضمروا مِن كما جاز لهم أن يضمروا رُبّ.
وزعم الخليل أن قولهم: لاهِ أبوك ولقيتُه أمس إنما هو على: لله أبوك ولقيته أمس ولكنهم حذفوا الجارّ والألف واللام تخفيفاً على اللسان وليس كل جارّ يضمَر لأن المجرور داخلٌ في الجارّ فصارا عندهم بمنزلة حرفٍ واحد فمن ثمّ قبُح ولكنهم قد يُضمِرونه ويحذفونه فيما كثر من كلامهم لأنهم إلى تخفيف ما أكثروا استعمالَه أحوج.
وقال الشاعر العَنبري: وجدّاءَ ما يُرجى بها ذو قرابةٍ لعطفٍ وما يَخشى السُّماةَ رَبيبُها وقال امرؤ القيس: ومثلِك بِكراً قد طرقتُ وثَيّباً فألهيتُها عن ذي تمائم مُغيَلِ وقال الشاعر: ومثلَك رهبي قد تركتُ رذيّةً تقلّب عينيها إذا مرّ طائرُ سمعنا ذلك ممن يرويه عن العرب.
والتفسير الأول في كمْ أقوى لأنه لا يحمل على الاضطرار والشاذّ إذا كان له وجهٌ جيد.
ولا يقوى قول الخليل في أمس لأنك تقول ذهب أمس بما فيه.
وقال: إذا فصلت بين كم وبين الاسم بشيء استغنى عليه السكوت أو لم يستغن فاحمله على لغة الذين يجعلونها بمنزلة اسم منوّن لأنه قبيحٌ أن تفصل بين الجار والمجرور لأن المجرور داخل في الجارّ فصارا كأنهما كلمة واحدة.
والاسم المنوّن يفصل بينه وبين الذي يعمل فيه تقول: هذا ضاربٌ بك زيداً ولا تقول: هذا ضاربُ بك زيدٍ.
وقال زهير: تؤمُّ سناناً وكم دونَه من الأرض مُدودباً غارُها وقال القطاميّ: كم نالني منهمُ فضلاً على عدمٍ إذ لا أكاد من الإقتار أحتملُ وإن شاء رفع فجعل كمِ المرار التي ناله فيها الفضل فارتفع الفضل بنالَني فصار كقولك: كم قد أتاني زيدٌ فزيد فاعلٌ وكم مفعول فيها وهي المرار التي أتاه فيها وليس زيدٌ من المرار.
كم عمّةٌ لك يا جرير وخالةٌ فدعاء قد حلَبتْ عليّ عشاري فجعل كم مراراً كأنه قال: كم مرة قد حلبت عشاري عليّ عمّاتك.
وقال ذو الرمة ففصل بين الجارّ والمجرور: كأن أصوات مِن إيغالهن بنا أواخر الميسِ أصواتُ الفراريجِ وقال الآخر: فكم قد فاتني بطلٌ كميٌّ وياسرُ فتيةٍ سمحٌ هَضومُ وقد يجوز في الشعر أن تجرّ وبينها وبين الاسم حاجزٌ فتقول: كم فيها رجلٍ كما قال الأعشى: إلا عُلالةَ أو بُدا هةَ قارحٍ نهدِ الجُزارَهْ فإن قال قائلٌ: أضمر مِن بعد فيها.
قيل له: ليس في كل موضع يضمر الجارّ ومع ذلك إن وقوعها بعد كم أكثر.
وقد يجوز في الشعر أن تجرّ وبينها وبين الاسم حاجز على قول الشاعر: كم بجودٍ مقرفٌ نال العُلى وكريمٌ بخلُه قد وضَعهْ الجرّ والرفع والنصب على ما فسّرناه كما قال: كم فهيم ملكٍ أغرَّ وسوقةٍ حكمٍ بأرديةِ المكارم مُحتبى وقال: وتقول: كم قد أتاني لا رجلٌ ولا رجلان وكم عبد لك لا عبدٌ ولا عبدان.
فهذا محمول على ما حُمل عليه كم لا على ما تعمل فيه كم كأنك قلت: لا رجلٌ أتاني ولا رجلان ولا عبدٌ لك ولا عبدان. وذاك لأن كم تفسّر ما وقعتْ عليه من العدد بالواحد المنكور كما قلت عشرون درهماً أو بجميع منكور نحو ثلاثة أثواب.
وهذا جائزٌ في التي تقع في الخبر.
فأما التي تقع في الاستفهام فلا يجوز فيها إلا ما جاز في العشرين.
ولو قلت: كم لا رجلاً ولا رجلين في الخبر أو الاستفهام كان غير جائز لأنه ليس هكذا تفسيرُ العدد ولو جاز ذا لقلت: له عشرون لا عبداً ولا عبدين فلا رجلٌ ولا رجلان توكيدٌ لكم لا للذي عمل فيه لأنه لو كان عليه كان محالاً وكان نقضاً.
ومثل ذلك قولك للرجل: كم لك عبداً فيقول: عبدان أو ثلاثة أعبُدٍ حمل الكلام على ما حمل عليه كم ولم يُرد السائل من المسئول أن يفسّر له العدد الذي يسأل عنه إنما على السائل أن يفسر العدد حتى يجيبه المسئول عن العدد ثم يفسره بعد إن شاء فيعمل في الذي يفسر به العدد كما أعمل السائل كم في العبد ولو أراد المسئول عن ذلك أن ينصب عبداً أو عبدين على كم كان قد أحال كأنه يريد أن يجيب السائل بقوله: كم عبداً فيصير سائلاً.
ومع ذلك أنه لا يجوز لك أن تُعمل كم وهي مضمرة في واحدٍ من الموضعين لأنه ليس بفعل ولا اسم أُخذ من الفعل ألا ترى أنه إذا قال المسئول عبدين أو ثلاثة أعبدٍ فنصب على كم أنه قد أضمر كم.
وزعم الخليل رحمه الله أنه يجوز أن تقول: كم غلاماً لك ذاهبٌ تجعل لك صفةً للغلام وذاهباً خبراً لكم.
ومن ذلك أن تقول: كم منكم شاهدٌ على فلان إذا جعلت شاهداً خبراً لكم وكذلك هو في الخبر أيضاً تقول: كم مأخوذٌ بك إذا أردت أن تجعل مأخوذاً بك في موضع لك إذا قلت: كم لك لأن لك لا تعمل فيه كم ولكنه مبنيٌّ عليها كأنك قلت كم رجلٍ لك وإن كان المعنيان مختلفين لأن معنى كم مأخوذٌ بك غير معنى كم رجلٍ لك ولا يجوز في رُبّ ذلك لأن كم اسمٌ وربّ غير اسم فلا يجوز أن تقول رُبّ رجلٌ لك. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 6:21 pm | |
| هذا باب ما جرى مجرى كم في الاستفهام وذلك قولك: له كذا وكذا درهماً وهو مبهمُ في الأشياء بمنزلة كم وهو كنايةٌ للعدد بمنزلة فلان إذا كنيتَ به في الأسماء وكقولك: كان من الأمر ذَيّةَ وذيةَ وذيتَ وذيتَ وكيتَ وكيتَ.
وكذلك كأيّنْ رجلاً قد رأيتُ زعم ذلك يونس وكأيّن قد أتاني رجلاً.
إلا أن أكثر العرب إنما يتكلمون بها مع مع مِن قال عزّ وجل: " وكأيّنْ مِن قريةٍ ".
وقال عمرو بن شأس: وكائنْ رددنا عنكمُ مِن مُدجِجٍ يجيء أمام الألفِ يَردي مُقنّعا فإنما ألزموها مِن لأنها توكيد فجُعلت كأنها شيء يتم به الكلام وصار كالمثل.
ومثل ذلك: ولاسيما زيدٍ فربّ توكيدٍ لازمٌ حتى يصير كأنه من الكلمة.
وكأيّنْ معناها معنى رُبّ.
وإن حذفتَ مِن وما فعربي.
وقال: إن جرّها أحدٌ من العرب فعسى أن يجرّها بإضمار مِن كما جاز ذلك فيما ذكرنا في كم.
وقال: كذا وكأيّن عملتا فيما بعدهما كعمل أفضلهم في رجل حين قلت: أفضلُهم رجلاً فصار أيٌّ وذا بمنزلة التنوين كما كان هُم بمنزلة التنوين.
وقال الخليل رحمه الله كأنهم قالوا: له كالعدد درهماً وكالعدد من قرية.
فهذا تمثيلٌ وإن لم يُتكلّم به.
وإنما تجيء الكاف للتشبيه فتصير وما بعدها بمنزلة شيء واحد.
من ذلك قولُك: كأن أدخلتَ الكاف على أنّ للتشبيه.
إذا كانت منوّنة في الخبر والاستفهام وذلك ما كان من المقادير وذلك قولك: ما في السماء موضع كفّ سحاباً ولي مثلُه عبداً وما في الناس مثلُه فارساً وعليها مثلُها زُبداً.
وذلك أنك أردت أن تقول: لي مثلُه من العبيد ولي ملؤه من العسل وما في السماء موضع كفّ من السحاب فحذف ذلك تخفيفاً كما حذفه من عشرين حين قال: عشرون درهماً وصارت الأسماء المضافُ إليها المجرورةُ بمنزلة التنوين ولم يكن ما بعدها من صفتها ولا محمولاً على ما حُملت عليه فانتصب بملءِ كفّ ومثلِه كما انتصب الدرهم بالعشرين لأن مثل بمنزلة عشرين والمجرور بمنزلة التنوين لأنه قد منع الإضافة كما منع التنوين.
وزعم الخليل رحمه الله أن المجرور بدلٌ من التنوين ومع ذلك أنك إذا قلت لي مثلُه فقد أبهمتَ كما أنك إذا قلت لي عشرون فقد أبهمت الأنواع فإذا قلت درهماً فقد اختصصتَ نوعاً وبه يُعرَفُ من أي نوع ذلك العدد.
فكذلك مثلُه هو مبهَم يقع على أنواع: على الشجاعة والفروسة والعبيد.
فإذا قال عبداً فقد بيّن من أي أنواع المِثلُ.
والعبدُ ضرب من الضروب التي تكون على مقدار المثل فاستخرج على المقدار نوعاً والنوع هو المِثل ولكنه ليس من اسمه والدرهم ليس من العشرين ولا من اسمه ولكنه ينصب كما تنصب العشرون ويُحذف من النوع كما يُحذف من نوع العشرين والمعنى مختلف.
ومثل ذلك: عليه شعر كلبين دَيناً الشَّعر مقدارٌ.
وكذلك: لي ملء الدار خيراً منك ولي خيرٌ منك عبداً ولي ملء الدار أمثالَك لأن خيراً منك نكرةٌ وأمثالك نكرةٌ.
وإن شئت قلت: لي ملء الدار رجلاً وأنت تريد جميعاً فيجوز ذلك ويكون كمزلته في كم وعشرين.
وإن شئت قلت: رجالاً فجاز عنده كما جاز عنده في كم حين دخل فيها معنى رُبّ لأن المقدار معناه مخالفٌ لمعنى كم في الاستفهام فجاز في تفسيره الواحد والجميع كما جاز في كم إذ دخلها معنى رُبّ كما تقول ثلاثةٌ أثواباً أي من ذا الجنس تجعله بمنزلة التنوين.
ومثل ذلك: لا كزيدٍ فارساً إذا كان الفارسُ هو الذي سميته كأنك قلت: لا فارسَ كزيد فارساً.
وقال كعب بن جعيل: لنا مِرفَدٌ سبعون ألف مُدجّج فهل في مَعدّ فوق ذلك مِرفدا كأنه قال: فهل في معدّ مرفدٌ فوق ذلك مرفداً.
ومثل ذلك: تالله رجلاً كأنه أضمر تالله ما رأيتُ كاليوم رجلاً وما رأيت مثلَه رجلاً.
وذلك قولك: ويحَه رجلاً ولله درُّه رجلاً وحسبُك به رجلاً وما أشبه ذلك.
وإن شئت قلت: ويحَه من رجلٍ وحسبُك به من رجل ولله درُّه من رجل فتدخل من ههنا كدخولها في كم توكيداً. وانتصب الرجل لأنه ليس من الكلام الأول وعمل فيه الكلام الأول فصارت الهاء بمنزلة التنوين.
ومع هذا أيضاً أنك إذا قلت وحيه فقد تعجّبت وأبهمتَ من أي أمور الرجل تعجّبت وأي الأنواع تعجبّت منه.
فإذا قلت فارساً وحافظاً فقد اختصصت ولم تُبهم وبيّنت في أي نوع هو.
ومثل ذلك قول عباس بن مرداس: ومُرةُ يحميهمْ إذا ما تبدّدوا ويطعنُهم شَزراً فأبرحْتَ فارسا فكأنه قال: فكفى بك فارساً وإنما يريد كفيتَ فارساً.
ودخلتْه هذه الباء توكيداً.
ومن ذلك قول الأعشى: تقول ابنتي حين جدّ الرحيلُ فأبْرحتَ رباً وأبرحتَ جارا ومثله: أكرمْ به رجلاً.
وذلك لأنهم بدءوا بالإضمار لأنهم شرطوا التفسير وذلك نووا فجرى ذلك في كلامهم هكذا كما جرتْ إن بمنزلة الفعل الذي تقدّم مفعولُه قبل الفاعل فلزم هذا هذه الطريقة في كلامهم كما لزمتْ إن هذه الطريقة في كلامهم.
وما انتصب في هذا الباب فإنه ينتصب كانتصاب ما انتصب في باب حسبُك به وويحه وذلك قولهم: نِعمَ رجلاً عبدُ الله كأنك قلت: حسبُك به رجلاً عبدُ الله لأن المعنى واحد.
ومثل ذلك: رُبّه رجلاً كأنك قلت: ويحه رجلاً في أنه عمل فيما بعده كما عمل ويحه فيما بعده لا في المعنى.
وحسبُك به رجلاً مثل نِعم رجلاً في العمل وفي المعنى وذلك لأنهما ثناء في استيجابهما المنزلة الرفيعة.
ولا يجوز لك أن تقول نعمَ ولا رُبّه وتسكت لأنهم إنما بدؤوا بالإضمار على شريطة التفسير وإنما هو إضمار مقدّم قبل الاسم والإضمار الذي يجوز عليه السكوت نحو زيدٌ ضربتُه إنما أضمر بعد ما ذكر الاسم مظهراً فالذي تقدم من الإضمار لازمٌ له التفسير حتى يبيّنه ولا يكون في موضع الإضمار في هذا الباب مظهر.
ومما يضمر لأنه يفسّره ما بعده ولا يكون في موضعه مظهرٌ قول العرب: إنه كِرامٌ قومُك وإنه ذاهبةٌ أمتُك.
فالهاء إضمارُ الحديث الذي ذكرتَ بعد الهاء كأنه في التقدير - وإن كان لا يُتكلم به - قال: إن الأمر ذاهبةٌ أمتُك وفاعلةٌ فلانة فصار هذا الكلام كله خبراً للأمر فكذلك ما بعد هذا في موضع خبره.
وأما قولهم: نعم الرجل عبد الله فهو بمنزلة: ذهب أخوه عبد الله عمل نِعم في الرجل ولم يعمل في عبدُ الله.
وإذا قال: عبد الله نعمَ الرجلُ فهو بمنزلة: عبد الله ذهب أخوه كأنه قال نِعمَ الرجلُ فقيل له مَن هو فقال: عبد الله. وإذا قال عبدُ الله فكأنه فقيل له: ما شأنه فقال: نِعم الرجل. فنعمَ تكون مرة عاملةً في مضمر يفسّره ما بعده فتكون هي وهو بمنزلة ويحه ومثلَه ثم يعملان في الذي فسّر المضمر عمل مثله وويحه إذا قلت لي مثله عبداً.
وتكون مرةً أخرى تعمل في مظهر لا تجاوزه.
فهي مرة بمنزلة رُبّه رجلاً ومرة بمنزلة ذهب أخوه فتجري مجرى المضمر الذي قُدّم لما بعده من التفسير وسدّ مكانه لأنه قد بيّنه وهو نحو قولك: أزيداً ضربتَه.
واعلم أنه محال أن تقول: عبد الله نعمَ الرجل والرجلُ غيرُ عبد الله كما أنه محال أن تقول عبد الله هو فيها وهو غيره.
واعلم أنه لا يجوز أن تقول: قومُك نِعمَ صغارُهم وكبارهم إلا أن تقول: قومك نعمَ الصغار ونعم الكبار وقومُك نعمَ القومُ وذلك لأنك أردت أن تجعلهم من جماعات ومن أمم كلهم صالحٌ كما أنك إذا قلت عبدُ الله نعمَ الرجل فإنما تريد أن تجعله من أمةٍ كلهم صالح ولم ترد أن تعرّف شيئاً بعينه بالصلاح بعد نعمَ.
ومثل ذلك قولك: عبدُ الله فارِهُ العبدِ فاره الدابة فالدابة لعبد الله ومن سببه كما أن الرجل هو عبد الله حين قلت عبدُ الله نعمَ الرجل ولست تريد أن تُخبر عن عبد بعينه ولا عن دابة بعينها وإنما تريد أن تقول إن في مِلكِ زيد العبدَ الفارِه والدابة الفارهة إذ لم ترد عبداً بعينه ولا دابةً بعينها.
فالاسمُ الذي يظهر بعد نعمَ إذا كانت نِعمَ عاملةَ فيه الاسمُ الذي فيه الألف واللام نحو الرجل وما أضيف إليه وما أشبهه نحو غلام الرجل إذا لم ترد شيئاً بعينه.
كما أن الاسم الذي يظهر في رُبّ قد يُبدأ بإضمار الرجل قبله حين قلت: رُبّه رجلاً لما ذكرتُ لك وتبدأ بإضمار الرجل في نعمَ لما ذكرتُ لك.
فإنما منعك أن تقول نعمَ الرجلَ إذا أضمرتَ أنه لا يجوز أن تقول حسبُك به الرجل إذا أردت معنى حسبُك به رجلاً.
ومن زعم أن الإضمار الذي في نعمَ هو عبد الله فقد ينبغي له أن يقول نعمَ عبد الله رجلاً وقد ينبغي له أن يقول: نعمَ أنت رجلاً فتجعل أنت صفةً للمضمَر.
وإنما قبُح هذا المضمر أن يوصَف لأنه مبدوء به قبل الذي يفسّره والمضمَر المقدَّم قبل ما يفسّره لا يوصَف لأنه إنما ينبغي لهم أن يبيّنوا ما هو.
فإن قال قائل: هو مضمر مقدّم وتفسيره عبد الله بدلاً منه محمولاً على نعمَ فأنت قد تقول عبد الله نعمَ رجلاً فتبدأ به ولو كان نعمَ يصير لعبد الله لما قلت عبدُ الله نعمَ الرجلُ فترفعه فعبد الله ليس من نعمَ في شيء والرجل هو عبدُ الله ولكنه منفصلٌ منه كانفصال الأخ منه إذا قلت: عبد الله ذهب أخوه.
فهذا تقديره وليس معناه كمعناه.
ويدلّك على أن عبد الله ليس تفسيراً للمضمَر أنه لا يعمل فيه نعمَ بنصبٍ ولا رفع ولا يكون عليها أبداً في شيء.
واعلم أن نعمَ تؤنّث وتذكّر وذلك قولك: نعمتِ المرأةُ وإن شئت قلت: نعمَ المرأةُ كما قالوا ذهبَ المرأة.
والحذفُ في نعمت أكثر.
واعلم أنك لا تُظهر علامةَ المضمرين في نعمَ لا تقول: نِعْموا رجالاً يكتفون بالذي يفسّره كما قالوا مررتُ بكلٍّ.
وقال الله عزّ وجلّ: " وكلٌّ آتوهُ داخرين " فحذفوا علامة الإضمار وألزموا الحذف كما ألزموا نِعمَ وبئسَ الإسكان وكما ألزموا خُذ الحذف ففعلوا هذا بهذه الأشياء لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم.
وأصلُ نعمَ وبئسَ: نعم وبئسَ وهما الأصلان اللذان وُضعا في الرّداءة والصلاح ولا يكونُ منهما فعلٌ لغير هذا المعنى. وأما قولهم: هذه الدار نعمتِ البلدُ فإنه لما كان البلد الدارَ أقحموا التاء فصار كقولك: مَن كانت أمَّك وما جاءت حاجتَك.
ومن قال نعمَ المرأةُ قال نعمَ البلدُ وكذلك هذا البلد نعمَ الدارُ لما كانت البلد ذُكّرتْ.
فلزم هذا في كلامهم لكثرته ولأنه صار كالمثَل كما لزمت التاء في ما جاءت حاجتَ.
ومثل ذلك قول الشاعر وهو لبعض السّعديين: هل تعرفُ الدار يعفّيها المُورْ والدّجْنُ يوماً والعجاجُ المهمورْ لكلّ ريحٍ فيه ذيلٌ مسفورْ فقال فيه لأن الدارَ مكانٌ فحمله على ذلك. وزعم الخليل رحمه الله أن حبّذا بمنزلة حبّ الشيء ولكن ذا وحبّ بمنزلة كلمة واحدة نحو لولا وهو اسم مرفوع كما تقول: يا ابنَ عمَّ فالعمُّ مجرورٌ ألا ترى أنك تقول للمؤنّث حبّذا ولا تقول حبّذهِ لأنه صار مع حبّ على ما ذكرتُ لك وصار المذكّر هو اللازم لأنه كالمثَل.
وسألتُه عن قوله: وهو الراعي: فأومأْتُ إيما خفيّاً لحبترٍ ولله عينا حبترٍ أيُّما فتى فقال: أيّما تكون صفةً للنكرة وحالاً للمعرفة وتكون استفهاماً مبنياً عليها ومبنية على غيرها ولا تكون لتبيين العدد ولا في الاستثناء نحو قولك أتَوْني إلا زيداً.
ألا ترى أنك لا تقول: له عشرون أيّما رجلٍ ولا أتَوْني إلا أيّما رجلٍ فالنصبُ في: لي مثلُه رجلاً كالنصب في عشرين رجلاً.
فأيّما لا تكون في الاستثناء ولا يختصّ بها نوع من الأنواع ولا يُفسَّر بها عدد.
وأيّما فتى استفهامٌ.
ألا ترى أنك تقول سُبحان الله مَن هو وما هو فهذا استفهام فيه معنى التعجب.
ولو كان خبراً لم يجز ذلك لأنه لا يجوز في الخبر أن تقول مَن هو وتسكت.
وأما أحدٌ وكَرّابٌ وأرمٌ وكَتيعٌ وعريبٌ وما أشبه ذلك فلا يقعن واجباتٍ ولا حالاً ولا استثناء ولا يُستخرج به نوعٌ من الأنواع فيعمل ما قبله فيه عمل عشرين في الدرهم إذا قلت عشرون درهماً ولكنهن يقعن في النفي مبنياً عليهن ومبنية على غيرهن.
فمن ثم تقول: ما في الناس مثلُه أحدٌ حملتَ أحداً على مثل ما حملت عليه مثلاً.
وكذلك ما مررت بمثلِك أحدٍ وقد فسّرنا لمَ ذلك.
فهذه حالُها كما كانت تلك حال أيّما.
فإذا قلت: له عسلٌ ملءُ جرّة وعليه دَينٌ شَعَرُ كلبين فالوجهُ الرفع لأنه وصفٌ.
والنصب يجوز كنصب عليه مائةٌ بيضاً بعد التمام.
وإن شئت قلت: لي مثلُه عبدٌ فرفعتَ.
وهي كثيرة في كلام العرب.
وإن شئت رفعتَه على فإذا قلت: عليها مثلُها زُبدٌ فإن شئت رفعت على البدل وإن شئت رفعت على قوله ما هو فتقول: زبدٌ أي هو زُبدٌ.
ولا يكون الزبد صفةً لأنه اسم.
والعبد يكون صفةً وتقول: هذا رجلٌ عبدٌ.
وهو قبيح لأنه اسم. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع السبت 07 يوليو 2018, 6:27 pm | |
| هذا باب النداء اعلم أن النداء كل اسم مضاف فيه فهو نصبٌ على إضمار الفعل المتروك إظهارُه.
والمفرد رفعٌ وهو في موضع اسمٍ منصوب.
وزعم الخليل رحمه الله أنهم نصبوا المضافَ نحو يا عبدَ الله ويا أخانا والنكرة حين قالوا: يا رجلاً صالحاً حين طال الكلام كما نصبوا: هو قبلَك وهو بعدَك.
ورفعوا المفردَ كما رفعوا قبلُ وبعدُ وموضعهما واحد وذلك قولك: يا زيدُ ويا عمرو.
وتركوا التنوين في المفرد كما تركوه في قبلُ.
قلت: أرأيتَ قولهم يا زيدُ الطويلَ علامَ نصبوا الطويل قال: نُصب لأنه صفةٌ لمنصوب.
وقال: وإن شئت كان نصباً على أعني.
فقلت: أرأيتَ الرفعَ على أي شيء هو إذا قال يا زيدُ الطويلُ قال: هو صفةٌ لمرفوع.
قلت: ألستَ قد زعمت أن هذا المرفوع في موضع نصبٍ فلمَ لا يكون كقوله لقيتُه أمس الأحدثَ قال: من قبل أن كل اسم مفرد في النداء مرفوع أبداً وليس كل اسم في موضع أمس يكون مجروراً فلما اطّرد الرفعُ في كل مفرد في النداء صار عندهم بمنزلة ما يرتفع بالابتداء أو بالفعل فجعلوا وصفَه إذا كان مفرداً بمنزلته.
قلت: أفرأيت قول العرب كلهم: أزيدُ أخا ورقاءَ إن كنتَ ثائراً فقد عرضَتْ أحناءُ حقٍ فخاصمِ لأي شيء لم يجز فيه الرفعُ كما جاز في الطويل قال: لأن المنادى إذا وُصف بالمضاف فهو بمنزلته إذا كان في موضعه ولو جاز هذا لقلت يا أخونا تريد أن تجعله في موضع المفرد وهذا لحنٌ. فالمضاف إذا وُصف به المنادى فهو بمنزلته إذا ناديته لأنه هنا وصفٌ لمنادى في موضع نصبٍ كما انتصب حيث كان منادى لأنه في موضع نصب ولم يكن فيه ما كان في الطويل لطوله.
وقال الخليل رحمه الله: كأنهم لما أضافوا ردّوه إلى الأصل. كقولك: إن أمسَك قد مضى.
وقال الخليل رحمه الله وسألته عن يا زيد نفسَه ويا تميمُ كلَّكم ويا قيسُ كلَّهم فقال: هذا كلّه نصبٌ كقولك: يا زيدُ ذا الجُمّة.
وأما يا تميمُ أجمعون فأنته فيه بالخيار إن شئت قلت أجمعون وإن شئت قلت أجميعن ولا ينتصب على أعني من قبل أنه مُحال أن تقول أعني أجمعين.
ويدلّك على أن أجمعين ينتصب لأنه وصفٌ لمنصوب قول يونس: المعنى في الرفع والنصب واحدٌ.
وأما المضاف في الصفة فهو ينبغي له أن لا يكون إلا نصباً إذا كان المفردُ ينتصب في الصفة.
قلت: أرأيت قول العرب: يا أخانا زيداً أقبل قال: عطفوه على هذا المنصوب فصار نصباً مثله وهو الأصل لأنه منصوب في موضع نصبٍ.
وقال قوم: يا أخانا زيدُ.
وقد زعم يونس أن أبا عمرو كان يقوله: وهو قول أهل المدينة قال: هذا بمنزلة قولنا يا زيد كما كان قولُه يا زيدُ أخانا بمنزلة يا أخانا فيُحملُ وصفُ المضاف إذا كان مفرَداً بمنزلته إذا كان منادى.
ويا أخانا زيداً أكثرُ في كلام العرب لأنهم يردّونه إلى الأصل حيث أزالوه عن الموضع الذي يكون فيه منادى كما ردوا ما زيدٌ إلا منطلقٌ إلى أصله وكما ردوا أتقولُ حين جعلوه خبراً إلى أصله.
فأما المفرد إذا كان منادى فكلُ العرب ترفعه بغير تنوين وذلك لأنه كثُر في كلامهم فحذفوه وجعلوه بمنزلة الأصوات نحو حَوب وما أشبهه.
وتقول: يا زيدُ زيدُ الطويل وهو قول أبي عمرو.
وزعم يونس أن رؤبة كان يقول يا زيدُ زيداً الطويلَ.
فأما قول أبي عمرو فعلى قولك: يا زيدُ الطويلٌ وتفسيره كتفسيره.
وقال رؤبة: إني وأسطارٍ سُطِرنَ سطرا لَقائلٌ يا نصرُ نصراً نصرا وأما قول رؤبة فعلى أنه جعل نصراً عطفَ البيان ونصبَه كأنه على قوله يا زيدُ زيداً.
وأما قول أبي عمرو فكأنه استأنف النداء.
وتفسير يا زيدُ زيدُ الطويلُ كتفسير يا زيدُ الطويلُ فصار وصفُ المفرد إذا كان مفرداً بمنزلته لو كان منادى.
وخالف وصف أمسِ لأن الرفع قد اطّرد في كل مفردٍ في النداء.
وبعضُهم ينشد: ين نصرُ نصرُ نصرا وتقول: يا زيدُ وعمرو ليس إلا لأنهما قد اشتركا في النداء في قوله يا.
وكذلك يا زيدُ وعبد الله ويا زيدُ لا عمرو ويا زيدُ أو عمرو لأن هذه الحروف تُدخل الرفعَ في الآخِر كما تدخل في الأول وليس ما بعدها بصفة ولكنه على يا.
وقال الخليل رحمه الله من قال يا زيدُ والنّضْرَ فنصب فإنما نصب لأن هذا كان من المواضع التي يُردّ فيها الشيء إلى أصله.
فأما العرب فأكثر ما رأيناهم يقولون: يا زيدُ والنضرُ.
وقرأ الأعرج: " يا جِبالُ أوّبي معه والطيرُ ".
فرفع.
ويقولون: يا عمرو والحارثُ وقال الخليل رحمه الله: هو القياس كأنه قال: ويا حارثُ.
ولو حمل الحارثُ على يا كان غيرَ جائز البتة نصب أو رفع من قبل أنك لا تنادي اسماً فيه الألفُ واللام بيا ولكنك أشركت بين النضر والأول في يا ولم تجعلها خاصة للنضر كقولك ما مررت وقال الخليل رحمه الله: ينبغي لمن قال النّضرَ فنصب لأنه لا يجوز يا النضرُ أن يقول: كلُّ نعجةٍ وسخلتها بدرهمٍ فينصب إذا أراد لغة من يجرّ لأنه محال أن يقول كل سخلتها وإنما جرّ لأنه أراد وكلُّ سخلةٍ لها.
ورفع ذلك لأن قوله والنضرُ بمنزلة قوله ونضرُ وينبغي أن يقول: أيُّ فتى هيجاء أنتَ وجارَها لأنه محالٌ أن يقول وأيُّ جارِها.
وينبغي أن يقول: رُبّ رجلٍ وأخاه.
فليس ذا من قبل ذا ولكنها حروفٌ تُشرك الآخِر فيما دخل فيه الأول.
ولو جاءت تلي ما وليه الاسم الأول كان غير جائز لو قلت: هذا فصيلها لم يكن نكرة كما كان هذه ناقة وفصيلها.
وإذا كان مؤخَّراً دخل فيما دخل فيه الأول.
وتقول: يا أيها الرجل وزيدُ ويا أيّها الرجلُ وعبدَ الله لأن هذا محمول على يا كما قال رؤبة: يا دارَ عفراءَ ودارَ البَخدَنِ وتقول يا هذا ذا الجمة كقولك: يا زيدُ ذا الجمّة ليس بين أحدٍ فيه اختلاف. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الأحد 08 يوليو 2018, 10:43 pm | |
| باب لا يكون الوصف المفرد فيه إلا رفعاً ولا يقع في موقعه غيرُ المفرد فأي ههنا فيما زعم الخليل رحمه الله كقولك يا هذا والرجل وصفٌ له كما يكون وصفاً لهذا.
وإنما صار وصفه لا يكون فيه إلا الرفع لأنك لا تستطيع أن تقول يا أيُّ ولا يا أيها وتسكت لأنه مبهَم يلزمه التفسيرُ فصار هو والرجل بمنزلة اسمٍ واحد كأنك قلت يا رجل. واعلم أن الأسماء المبهَمة التي توصَف بالأسماء التي فيها الألف واللام تُنزَل بمنزلة أي وهي هذا وهؤلاء وأولئك وما أشبهها وتوصَف بالأسماء.
وذلك قولك يا هذا الرجلُ ويا هذان الرجلان.
صار المبهَم وما بعده بمنزلة اسمٍ واحد.
وليس ذا بمنزلة قولك يا زيدُ الطويل من قبل أنك قلت يا زيدُ وأنت تريد أن تقف عليه ثم خِفْتَ أن لا يُعرف فنعتّه بالطويل.
وإذا قلت يا هذا الرجل فأنت لم ترد أن تقف على هذا ثم تصفه بعد ما تظن أنه لم يُعرف فمن ثم وُصفت بالأسماء التي فيها الألف واللام لأنها والوصف بمنزلة اسم واحد كأنك قلت: يا رجل.
فهذه الأسماء المبهمة إذا فسرتها تصير بمنزلة أي كأنك إذا أردت أن تفسّرها لم يجزْ لك أن تقف عليها.
وإنما قلت: يا هذا ذا الجمة لأن ذا الجمة لا توصف به الأسماء المبهمة إنما يكون بدلاً أو عطفاً على الاسم إذا أردت أن تؤكد كقولك: يا هؤلاء أجمعون وإنما أكدت حين وقفتَ على الاسم.
والألف واللام والمبهَم يصيران بمنزلة اسم واحد يدلك على ذلك أن أي لا يجوز لك فيها أن تقول يا أيها ذا الجُمّة. فالأسماء المبهمة توصَف بالألف واللام ليس إلا ويفسَّر بها ولا توصَف بما يوصف به غير المبهمة ولا تفسَّر بما يفسّر به غيرها إلا عطفاً.
ومثل ذلك قول الشاعر وهو ابن لَوذان السدوسي: يا صاح يا ذا الضامر العنْس والرّحْلِ ذي الأنساع والحِلسِ ومثله قول ابن الأبرص: يا ذا المخوّفُنا بمقتل شيخِه حُجرٍ تمني صاحبِ الأحلامِ ومثله يا ذا الحسن الوجه.
وليس ذا بمنزلة يا ذا ذا الجمة من قبل أن الضامر العنسِ والحسن الوجه كقولك: يا ذا الضامر ويا ذا الحسن وهذا المجرور ها هنا بمنزلة المنصوب إذا قلت يا ذا الحسن الوجه ويا ذا الحسنُ وجهاً.
ويدلك على أنه ليس بمنزلة ذي الجمة أن ذا معرفة بالجمة والضامرُ والحسن ليس واحدٌ منهما معرفةً بما بعده ولكن ما بعده تفسيرٌ لموضع الضمور والحُسن إذا أردت أن لا تُبهمهما.
فكلّ واحد من المواضع من سبب الأول لا يكونان إلا كذلك. فإذا قلت الحسن فقد عمّمتَ.
فإذا قلت الوجهِ فقد اختصصت شيئاً منه.
وإذا قلت الضامرُ فقد عمّمت وإذا قلت العنس فقد اختصصتَ شيئاً من سببه كما اختصصت ما كان منه وكأن العنسَ شيءٌ منه فصار هذا تبييناً لموضع ما ذكرتَ كما صار الدرهمُ يبيَّن به ممّ ولو قلت: يا هذا الحسن الوجه لقلت يا هؤلاء العشرين رجلاً وهذا بعيد فإنما هو بمنزلة الفعل إذا قلت يا هذا الضارب زيداً ويا هذا الضارب الرجلَ كأنك قلت يا هذا الضارب وذكرت ما بعده لتبيّن موضع الضرب ولا تبهمه ولم يُجعَل معرفةً بما بعده.
ومن ثم كان الخليل يقول: يا زيد الحسنُ الوجه قال: هو بمنزلة قولك يا زيدُ الحسن.
ولو لم يجز فيما بعد زيد الرفع لما جاز في هذا كما أنه إذا لم يجز يا زيد ذو الجمة لم يجز يا هذا ذو الجمة.
وقال الخليل رحمه الله: إذا قلت يا هذا وأنت تريد أن تقف عليه ثم تؤكده باسم يكونُ عطفاً عليه فأنت فيه بالخيار: إن شئت رفعت وإن شئت نصبت وذلك قولك يا هذا زيد وإن شئت قلت زيداً يصير كقولك: يا تميم أجمعون وأجمعين. وكذلك يا هذان زيدٌ وعمرو وإن شئت قلت زيداً وعمراً فتُجري ما يكون عطفاً على الاسم مُجرى ما يكون وصفاً نحو قولك: يا زيدُ الطويلُ ويا زيدُ الطويلَ.
وزعم لي بعض العرب أن يا هذا زيدٌ كثير في كلام طيّء. ويقوّي يا زيد الحسنُ الوجه - ولا تلتفتْ فيه إلى الطول - أنك لا تستطيع أن تناديه فتجعله وصفاً مثلَه منادى.
واعلم أن هذه الصفات التي تكون والمبهمة بمنزلة اسم واحد إذا وُصفت بمضاف أو عُطف على شيء منها كان رفعاً من قبل أنه مرفوع غيرُ منادى.
واطّرد الرفع في صفات هذه المبهمة كاطراد الرفع في صفاتها إذا ارتفعت بفعلٍ أو ابتداء أو تبنى على مبتدأ فصارت بمنزلة صفاتها إذا كانت في هذه الحال.
كما أن الذين قالوا يا زيدُ الطويل جعلوا زيداً مبنزلة ما يرتفع بهذه الأشياء الثلاثة.
فمن ذلك قول الشاعر: يا أيها الجاهلُ ذو التنزّي وتقول: يا أيها الرجل زيدٌ أقبلْ وإنما تنوّن لأنه موضعٌ يرتفع فيه المضاف وإنما يُحذف منه التنوين إذا كان في موضع ينتصب فيه المضاف.
وتقول: يا زيدُ الطويلُ ذو الجمة إذا جعلته صفةً للطويل وإن حملته على زيد نصبت.
فإذا قلت يا هذا الرجلُ فأردتَ أن تعطف ذا الجمة على هذا جاز فيه النصب ولا يجوز ذلك في أي لأنه لا تعطف عليه الأسماء.
ألا ترى أنك لا تقول: يا أيها ذا الجمة فمن ثم لم يكن مثله. وأما قولك يا أيها ذا الرجل فإن ذا وصفٌ لأي كما كان الألف واللام وصفاً لأنه مبهَم مثله فصار صفةً له كما صار الألف واللام وما أضيف إليهما صفةً للألف واللام وذلك نحو قولك: مررتُ بالحسن الجميل وبالحسن ذي المال.
وقال ذو الرمة: ألا أيها ذا المنزلُ الدارس الذي كأنك لم يعهد بك الحيَّ عاهدُ ومن قال يا زيدُ الطويلَ قال ذا الجمّة لا يكون فيه غيرُ ذلك إذا جاء بها من بعد الطويل.
وإن رفع الطويلَ وبعده ذو الجمة كان فيه الوجهان.
وتقول: يا زيدُ النّاكي العدوَّ وذا الفضل إن حملتَ ذا الفضل على زيد نصبتَ لأنه وصفٌ لمنادى وهو مضاف.
وإن حملته على غير زيد انتصب على يا كأنك قلت: ويا ذا الفضل. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الأحد 08 يوليو 2018, 10:54 pm | |
| هذا باب ما ينتصب على المدح والتعظيم أو الشتم لأنه لا يكون وصفاً للأول ولا عطفاً عليه وذلك قولك: يا أيها الرجل وعبدَ الله المسلمَين الصالحَين.
وهذا بمنزلة قولك: اصنعْ ما سرّ أباك وأحبّ أخوك الرجلين الصالحين.
فإذا قلت يا زيد وعمرو ثم قلت الطويلين فأنت بالخيار إن شئت نصبت وإن شئت رفعت لأنه بمنزلة قولك يا زيدُ الطويلُ.
وتقول: يا هؤلاء وزيدُ الطّوالُ والطوالَ لأنه كله رفعٌ والطوالُ ها هنا رفع عطف عليهم.
وتقول: يا هذا ويا هذان الطوالَ وإن شئت قلت الطوالُ لأن هذا كله مرفوع والطوالُ ههنا عطفٌ وليس الطوالُ بمنزلة يا هؤلاء الطوالُ لأن هذا إنما هو من وصف غير المبهَمة. وإنما فرقوا بين العطف والصفة لأن الصفة تجيء بمنزلة الألف واللام كأنك إذا قلت مررتُ بزيدٍ أخيك فقد قلت مررتُ بزيد الذي تعلم.
وإذا قلت مررت بزيد هذا فقد قلت بزيدٍ الذي ترى أو الذي عندك.
وإذا قلت مررتُ بقومك كلهم فأنت لا تريد أن تقول مررتُ بقومك الذين من صفتهم كذا وكذا ولا مررتُ بقومك الهَنينَ. وعلى هذا المثال جاء مررتُ بأخيك زيدٍ فليس زيدٌ بمنزلة الألف واللام.
ومما يدلك على أنه ليس بمنزلة الألف واللام أنه معرفةٌ بنفسه لا بشيء دخل فيه ولا بما بعده.
فكل شيء جاز أن يكون هو والمبهَم بمنزلة اسم واحد هو عطفٌ عليه.
وإنما جرت المبهَمة هذا المجرى لأن حالها ليس كحال غيرها من الأسماء.
وتقول يا أيها الرجلُ وزيدُ الرجلين الصالحين من قبل أن رفعهما مختلف وذلك أن زيداً على النداء والرجل نعت ولو كان بمنزلته لقلت يا زيدُ ذو الجُمة كما تقول يا أيها الرجل ذو الجمة.
وهو قول الخليل رحمه الله.
واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادي اسماً فيه الألف واللام البتة إلا أنهم قد قالوا: يا الله اغفِر لنا وذلك من قبل أنه اسمٌ يلزمه الألف واللام لا يفارقانه وكثر في كلامهم فصار كأن الألف واللام فيه بمنزلة الألف واللام التي من نفس الحروف وليس بمنزلة الذي قال ذلك من قبل أن الذي قال ذلك وإن كان لا يفارقه الألف واللام ليس اسماً بمنزلة زيد وعمرو غالباً.
ألا ترى أنك تقول يا أيها الذي قال ذاك ولو كان اسماً غالباً بمنزلة زيد وعمرو لم يجز ذا فيه وكأن الاسم والله أعلمُ إلهٌ فلما أُدخل فيه الألف واللام حذفوا الألف وصارت الألف واللام خلَفاً منها.
فهذا أيضاً مما يقوّيه أن يكون بمنزلة ما هو من نفس الحرف.
ومثل ذلك أناسٌ فإذا أدخلت الألف واللام قلت الناس إلا أن الناس قد تفارقهم الألف واللام ويكون نكرة واسمُ الله تبارك وتعالى لا يكون فيه ذلك.
وليس النّجم والدبرانُ بهذه المنزلة لأن هذه الأشياء الألف واللام فيها بمنزلتها في الصّعق وهي في اسم الله تعالى بمنزلة شيء غير منفصل في الكلمة كما كانت الهاء في الجحاجحة بدلاً من الياء وكما كانت الألف في يَمانٍ بدلاً من الياء.
وغيّروا هذا لأن الشيء إذا كثُر في كلامهم كان له نحوٌ ليس لغيره مما هو مثلُه.
ألا ترى أنك تقول: لم أكُ ولا تقول لم أقُ إذا أردت أقُلْ. وتقول: لا أدرِ كما تقول: هذا قاضٍ وتقول لم أُبَل ولا تقول لم أرَمْ تريد لم أُرامِ.
فالعرب مما يغيرون الأكثر في كلامهم عن حال نظائره. وقال الخليل رحمه الله: اللهم نداءٌ والميمُ ها هنا بدلٌ من يا فهي ها هنا فيما زعم الخليل رحمه الله آخرَ الكلمة بمنزلة يا في أولها إلا أن الميم ها هنا في الكلمة كما أن نون المسلمين في الكلمة بُنيت عليها.
فالميم في هذا الاسم حرفان أولُهما مجزومٌ والهاء مرتفعةٌ لأنه وقع عليها الإعراب.
وإذا ألحقتَ الميم تصف الاسم من قبل أنه صار مع الميم عندهم بمنزلة صوتٍ كقولك: يا هناهْ.
وأما قوله عز وجلّ: " اللهمّ فاطرَ السموات والأرض " فعلى يا فقد صرّفوا هذا الاسم على وجوه لكثرته في كلامهم ولأن له حالاً ليست لغيره.
وأما الألف والهاء اللتان لحقتا أي توكيداً فكأنك كررت يا مرتين إذا قلت: يا أيها وصار الاسم بينهما كما صار هو بين ها وذا إذا قلت ها هو ذا.
وقال الشاعر: من أجلك يا التي تيّمتِ قلبي وأنت بخيلةٌ بالودّ عني شبّهه بيا الله.
وزعم الخليل رحمه الله أن الألف واللام إنما منعهما أن يدخلا في النداء من قبل أن كل اسم في النداء مرفوع معرفة.
وذلك أنه إذا قال يا رجل ويا فاسقُ فمعناه كمعنى يا أيها الفاسقُ ويا أيها الرجل وصار معرفةً لأنك أشرت إليه وقصدت قصدَه واكتفيت بهذا عن الألف واللام وصار كالأسماء التي هي للإشارة نحو لهذا وما أشبه ذلك وصار معرفةً بغير ألف ولام لأنك إنما قصدت قصدَ شيء بعينه. وصار هذا بدلاً في النداء من الألف واللام واستُغني به عنهما كما استغنيت بقولك اضربْ عن لتضربْ وكما صار المجرور بدلاً من التنوين وكما صارت الكاف في رأيتك بدلاً من رأيتُ إياكَ.
وإنما يُدخلون الألف واللام ليعرّفوك شيئاً بعينه قد رأيتَه أو سمعت به فإذا قصدوا قصد الشيء بعينه دون غيره وعنوه ولم يجعلوه واحداً من أمة فقد استغنوا عن الألف واللام. فمن ثم لم يُدخلوهما في هذا ولا في النداء.
ومما يدلك على أن يا فاسقُ معرفة قولك: يا خباثِ ويا لَكاعِ ويا فساقِ تريد يا فاسقةُ ويا خبيثةُ ويا لَكعاءُ فصار هذا اسماً لهذا كما صارت جَعار اسماً للضّبُع وكما صارت حَذام ورقاش اسماً للمرأة وأبو الحارث اسماً للأسد.
ويدلك على أنه اسم للمنادى أنهم لا يقولون في غير النداء جاءتني خَباثِ ولَكاعِ ولا لُكَع ولا فُسَقُ.
فإنما اختُصّ النداء بهذا الاسم أن الاسم معرفة كما اختُص الأسد بأبي الحارث إذ كان معرفة.
ولو كان شيء من هذا نكرةً لم يكن مجروراً لأنها لا تُجرّ في النكرة.
ومن هذا النحو أسماء اختُص بها الاسم المنادى لا يجوز منها شيء في غير النداء نحو: يا ويقوّي ذلك كله أن يونس زعم أنه سمع من العرب من يقول: يا فاسقُ الخبيثُ.
ومما يقوّي أنه معرفة تركُ التنوين فيه لأنه ليس اسمٌ يشبه الأصوات فيكون معرفةً إلا لم ينوّن وينوّن إذا كان نكرة.
ألا ترى أنهم قالوا هذا عمرَوَيْهِ وعمرَوَيهٍ آخرُ.
وقال الخليل رحمه الله: إذا أردت النكرة فوصفتَ أو لم تصف فهذه منصوبة لأن التنوين لحقها فطالت فجُعلت بمنزلة المضاف لما طال نُصب ورُدّ إلى الأصل كما فُعل ذلك بقبلُ وبعدُ.
وزعموا أن بعض العرب يصرف قبلاً وبَعْداً فيقول: ابدأ بهذا قَبلاً فكأنه جعلها نكرة.
فإنما جعل الخليل رحمه الله المنادى بمنزلة قبل وبعد وشبّهه بهما مفردين إذا كان مفرداً فإذا طال وأضيف شبّهه بهما مضافين إذا كان مضافاً لأن المفرد في النداء في موضع نصبٍ كما أن قبلُ وبعدُ قد يكونان في موضع نصب وجرّ ولفظُهما مرفوع فإذا أضفتهما رددتَهما إلى الأصل.
وكذلك نداء النكرة لما لحقها التنوين وطالت صارت بمنزلة المضاف.
وقال ذو الرمّة: أداراً بحُزوى هِجْتِ للعين عَبرةً فماءُ الهوى يرفَضُّ أو يترقْرَق وقال الآخر توبةُ بن الحُميّر: لعلك يا تيساً نزا في مريرةٍ مُعذّبُ ليلى أن تراني أزورها وقال عبدُ يغوث: وأما قول الطّرِمّاح: يا دارُ أقوت بعدَ أصرامِها عاماً وما يعنيك من عامها فإنما ترك التنوين فيه لأنه لم يجعل أقوَتْ من صفة الدار ولكنه قال: يا دارُ ثم أقبل بعدُ يحدّث عن شأنها فكأنه لما قال: يا دارُ أقبل على إنسان فقال: أقوتْ وتغيّرتْ وكأنه لما ناداها قال: إنها أقوتْ يا فلان.
وإنما أردت بهذا أن تعلم أن أقوتْ ليس بصفة.
ومثل ذلك قول الأحوص: يا دارُ حسرَها البِلى تحسيراً وسَفتْ عليها الريحُ بعدكَ مُورا وأما قول الشاعر لعمرو بن قنعاس: ألا يا بيتُ بالعلياء بيتُ ولولا حبُّ أهلك ما أتيتُ فإنه لم يجعل بالعلياء وصفاً ولكنه قال: بالعلياء لي بيتٌ وإنما تركتُه لك أيها البيت لحبّ أهله.
وأما قول الأحوص: سلامُ الله يا مطرٌ عليها وليس عليكَ يا مطرُ السلامُ فإنما لحقه التنوين كما لحق ما لا ينصرف لأنه بمنزلة اسم لا ينصرف وليس مثل النكرة لأن التنوين لازمٌ للنكرة على كل حال والنصبَ.
وهذا بمنزلة مرفوع لا ينصرف يلحقه التنوين اضطراراً لأنك أردت في حال التنوين في مطرٍ ما أردت حين كان غير منوّن ولو نصبتَه في حال التنوين لنصبته في غير حال التنوين ولكنه اسم اطّرد الرفعُ فيه وفي أمثاله في النداء فصار كأنه يُرفع بما يرفع من الأفعال والابتداء فلما لحقه التنوين اضطراراً لم يغيَّر رفعه كما لا يغيّر رفع ما لا ينصرف إذا كان في موضع رفع لأن مطراً وأشباهه في النداء بمنزلة ما هو في موضع رفع فكما لا ينتصب ما هو في موضع رفع كذلك لا ينتصب هذا.
وكان عيسى بن عمر يقول يا مطراً يشبّه بقوله يا رجلاً يجعله إذا نُوّن وطال كالنكرة.
ولم نسمع عربياً يقوله وله وجه من القياس إذا نُوّن وطال كالنكرة.
ويا عشرين رجلاً كقولك: يا ضارباً رجلاً. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الأحد 08 يوليو 2018, 10:58 pm | |
| هذا باب ما يكون الاسمُ والصفة فيه بمنزلة اسم واحد[b][/b] ينضمّ فيه قبل الحرف المرفوع حرفٌ وينكسر فيه قبل الحرف المجرور الذي ينضمّ قبل المرفوع وينفتح فيه قبل المنصوب ذلك الحرف.
وهو ابْنُمٌ وامرؤٌ.
فإن جررت قلت: في ابنِمٍ وامرئٍ وإن ومثل ذلك قولك: يا زيدَ بنَ عمرو.
وقال الراجز وهو من بني الحِرماز: يا حكمَ بن المنذرِ بنِ الجارودْ وقال العجّاج: يا عمرَ بنَ معمرٍ لا منتَظَرْ وإنما حملهم على هذا أنهم أنزلوا الرّفعة التي في قولك زيد بمنزلة الرفعة في راء امرئ والجرّة بمنزلة الكسرة في الراء والنصبة كفتحة الراء وجعلوه تابعاً لابن.
ألا تراهم يقولون: هذا زيدُ بنُ عبد الله ويقولون: هذه هندُ بنتُ عبد الله فيمن صرف فتركوا التنوين ها هنا لأنهم جعلوه بمنزلة اسم واحد لمّا كثُر في كالمهم فكذلك جعلوه في النداء تابعاً لابن.
وأما مَن قال: يا زيدُ بنَ عبد الله فإنه إنما قال هذا زيدُ بنُ عبد الله وهو لا يجعله اسماً واحداً وحذف التنوين لأنه لا ينجزم حرفان.
فإن قلت: هلا قالوا: هذا زيدُ الطويلُ فإن القول فيه أن تقول جُعل هذا لكثرته في كلامهم بمنزلة قولهم: لَدُ الصلاة حذفها لأنه لا ينجزم حرفان ولم يحرّكها.
واختُصّ هذا الكلام بحذف التنوين لكثرته كما اختُصّ لا أدرِ ولم أُبَلْ لكثرتهما.
ومن جعله بمنزلة لَدُنْ فحذفه لالتقاء الساكنين ولم يجعله بمنزلة اسم واحد قال: هذه هندٌ بنتُ فلان.
وأما زيدُ ابنَ أخينا فلا يكون إلا هكذا من قبل أنك تقول: هذا زيدٌ ابنُ أخينا فلا تجعله اسماً واحداً كما تقول هذا زيدٌ أخونا.
وزيدٌ في قولك يا زيدُ بنَ عمرو في موضع نصب كما أن الأم في موضع جرّ في قولك: يا ابنَ أمَّ ولكنه لفظه كما ذكرت لك وهو على الأصل. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الأحد 08 يوليو 2018, 11:03 pm | |
| باب يكرر فيه الاسم في حال الإضافة ويكون الأول بمنزلة الآخر
وذلك قولك: يا زيدَ زيدَ عمرٍو ويا زيدَ زيدَ أخينا ويا زيدَ زيدَنا.
زعم الخليل رحمه الله ويونس أن هذا كله سواء وهي لغة للعرب جيدة.
وقال جرير: يا تَيْمَ تيمَ عَديّ لا أبا لكمُ لا يُلقيَنّكمُ في سَودةٍ عمرُ وقال بعض ولدِ جرير: يا زيدَ زيدَ اليَعْمَلاتِ الذُّبَّلِ وذلك لأنهم قد علموا أنهم لو لم يكرروا الاسم كان الأول نصباً فلما كرروا الاسمَ توكيداً تركوا الأول على الذي كان يكون عليه لو لم يكرروا.
وقال الخليل رحمه الله: هو مثلُ لا أبالك قد علم أنه لو لم يجئ بحرف الإضافة قال أباكَ فتركه على حاله الأولى واللام وها هنا بمنزلة الاسم الثاني في قوله: يا تيمَ تيمَ عديّ وكذلك قول الشاعر إذا اضطُرّك يا بؤسَ للحَرب إنما يريد: يا بؤسَ الحرب.
وكأن الذي يقول: يا تيمَ تيم عَديّ لو قاله مضطَرّاً على هذا الحد في الخبر لقال: هذا تيمُ تيمُ عديّ.
قال: وإن شئت قلت يا تيمُ تيمُ عديّ كقولك: يا تيمُ أخانا لأنك تقول هذا تيمٌ تيمُ عدي كما تقول: هذا تيمٌ أخونا.
وزعم الخليل رحمه الله أن قولهم: يا طلحةَ أقبلْ يشبه: يا تسمَ تيمَ عديّ من قبل أنهم قد علموا أنهم لو لم يجيئوا بالهاء لكان آخرُ الاسم مفتوحاً فلما ألحقوا الهاء تركوا الاسم على حاله التي كان عليها قبل أن يُلحقوا الهاء.
وقال النابغة الذبياني: كليني لهمّ يا أميمةَ ناصبِ وليلٍ أقاسيه بطيءِ الكواكبِ فصار يا تيمَ تيمَ عدي اسما واحداً وكان الثاني بمنزلة الهاء في طلحة تحذف مرة ويجاء بها أخرى. والرفع في طلحة ويا تيمُ تيمَ عدي القياس.
واعلم أنه لا يجوز في غير النداء أن تُذهب التنوين من الاسم الأول لأنهم جعلوا الأول والآخِر بمنزلة اسم واحد نحو طلحةَ في النداء واستخفوا بذلك لكثرة استعمالهم إياه في النداء ولا يُجعل بمنزلة ما جُعل من الغايات كالصوت في غير النداء لكثرته في كلامهم.
ولا يُحذف هاء طلحة في الخبر فيجوز هذا في الاسم مكرّراً يعني طرح التنوين من تيمٍ تيمِ عدي في الخبر.
يقول: لو فُعل هذا بطلحة جاز هذا.
وإنما فعلوا هذا بالنداء لكثرته في كلامهم ولأن أول الكلام أبداً النداء إلا أن تدعه استغناء بإقبال المخاطَب عليك فهو أول كلّ كلام لك به تعطف المكلَّم عليك فلما كثر وكان الأول في كل موضع حذفوا منه تخفيفاً لأنهم مما يغيّرون الأكثر في كلامهم حتى جعلوه بمنزلة الأصوات وما أشبه الأصوات من غير الأسماء المتمكنة ويحذفون منه كما فعلوا في لم أُبَلْ.
وربما ألحقوا فيه كقولهم: أمّهات.
ومن قال يا زيدُ الحسنُ قال يا طلحةَ الحسنُ لأنها كفتحة الحاء إذا حذفت الهاء.
ألا ترى أن من قال يا زيدُ الكريمُ قال يا سلَمَ الكريمُ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الأحد 08 يوليو 2018, 11:08 pm | |
| باب إضافة المنادى إلى نفسك اعلم أن ياء الإضافة لا تثبت مع النداء كما لم يثبت التنوين في المفرد لأن ياء الإضافة في الاسم بمنزلة التنوين لأنها بدل من التنوين ولأنه لا يكون كلاماً حتى يكون في الاسم كما أن التنوين إذا لم يكن فيه لا يكون كلاماً فحُذف وتُرك آخرُ الاسم جراً ليُفصَل بين الإضافة وغيرها وصار حذفها هنا لكثرة النداء في كلامهم حيث استغنوا بالكسرة عن الياء. ولم يكونوا ليثبتوا حذفها إلا في النداء ولم يكن لُبسٌ في كلامهم لحذفها وكانت الياء حقيقةً بذلك لما ذكرتُ لك إذ حذفوا ما هو أقل اعتلالاً في النداء وذلك قولك: يا مومِ لا بأسَ عليكم وقال الله جلّ ثناؤه: " يا عبادِ فاتّقونِ ".
وبعض العرب يقول: يا رَبُّ اغفِرْ لي ويا قومُ لا تفعلوا. وثباتُ الياء فيما زعم يونس في الأسماء.
واعلم أن بقيان الياء لغة في النداء في الوقف والوصل تقول: يا غلامي أقبل.
وكذلك إذا وقفوا.
وكان أبو عمرو يقول: " يا عبادي فاتّقونِ ".
وقال الراجز وهو عبد الله بن عبد الأعلى القرشي: وكنت إذ كنتَ إلهي وَحْدَكا لم يكُ شيء يا إلهي قبلكا وقد يبدلون مكان الياء الألف لأنها أخفّ وسنبين ذلك إن شاء الله وذلك قولك: يا ربّا تجاوز عنّا ويا غلاما لا تفعل.
فإذا وقفت قلت: يا غُلاماه.
وإنما ألحقتَ الهاء ليكون أوضح وسألت الخليل رحمه الله عن قولهم: يا أبَهْ ويا أبَتِ لا تفعلْ ويا أبتاه ويا أمّتاه فزعم الخليل رحمه الله أن هذه الهاء مثل الهاء في عمةٍ وخالة. وزعم الخليل رحمه الله أنه سمع من العرب من يقول: يا أمةُ لا تفعلي.
ويدلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمة وخالة أنك تقول في الوقف: يا أمّه ويا أبَهْ كما تقول يا خالَهْ.
وتقول: يا أمّتاهْ كما تقول يا خالتاهْ.
وإنما يُلزمون هذه الهاء في النداء إذا أضفتَ إلى نفسك خاصة كأنهم جعلوها عوضاً من حذف الياء وأرادوا أن لا يخلّوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف الياء وأنهم لا يكادون يقولون يا أباهْ ويا أمّاه وهي قليلة في كلامهم وصار هذا محتملاً عندهم لما دخل النداء من التغيير والحذف فأرادوا أن يعوّضوا هذين الحرفين كما قالوا أيْنُقٌ لما حذفوا العين رأساً جعلوا الياء عوضاً فلما ألحقوا الهاء في أبَهْ وأمّهْ صيّروها بمنزلة الهاء التي تلزم الاسم في كل موضع نحو خالة وعمة.
واختُصّ النداء بذلك لكثرته في كلامهم كما اختُصّ النداء بيا أيها الرجلُ.
ولا يكون هذا في غير النداء لأنهم جعلوها تنبيهاً فيها بمنزلة يا.
وأكدوا التنبيه ب ها حين جعلوا يا مع ها فمن ثم لم يجز لهم أن يسكتوا على أي ولزمه التفسير.
قلت: فلمَ دخلت الهاء في الأب وهو مذكّر.
قال: قد يكون الشيء المذكّر يوصَف بالمؤنث ويكون الشيء المذكّر له الاسم المؤنّث نحو نَفْس وأنت تعني الرجل به. ويكون الشيء المؤنث يوصَف بالمذكر وقد يكون الشيء المؤنث له الاسم المذكر.
فمن ذلك: هذا رجلٌ ربْعةٌ وغلامٌ يَفَعةٌ.
فهذه الصفات.
والأسماء قولهم: نَفْسٌ وثلاثة أنفس وقولهم ما رأيت عيناً يعني عين القوم.
فكأن أبَهْ اسم مؤنث يقع للمذكر لأنهما والدان كما تقع العين للمذكر والمؤنث لأنهما شخصان.
فكأنهم إنما قالوا أبوان لأنهم جمعوا بين أبٍ وأبةٍ إلا أنه لا يكون مستعمَلاً إلا في النداء إذا عنيت المذكّر.
واستغنوا بالأم في المؤنث عن أبة وكان ذلك عندهم في الأصل على هذا فمن ثم جاءوا عليه بالأبوين وجعلوه في غير النداء أباً بمنزلة الوالد وكأن مؤنثه أبةٌ كما أن مؤنث الوالد والدة.
ومن ذلك أيضاً قولك للمؤنث: هذه امرأةٌ عَدْلٌ.
ومن الأسماء فرَسٌ هو للمذكّر فجعلوه لهما وكذلك عدْل وما أشبه ذلك.
وحدّثنا يونس أن بعض العرب يقول: يا أمَّ لا تفعلي جعلوا هذه الهاء بمنزلة هاء طلحة إذ قالوا: يا طلحَ أقبلْ لأنهم رأوها متحركةً بمنزلة هاء طلحة فحذفوها ولا يجوز ذلك في غير الأم من المضاف.
وإنما جازت هذه الأشياء في الأب والأم لكثرتهما في النداء كما قالوا: يا صاح في هذا الاسم.
وليس كل شيء يكثر في كلامهم يغيَّر عن الأصل لأنه ليس بالقياس عندهم فكرهوا ترك الأصل. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الإثنين 09 يوليو 2018, 5:20 am | |
| باب ما تضيف إليه ويكون مضافاً إليك قبل المضاف إليه وتثبت فيه الياء لأنه غير منادى وإنما هو بمنزلة المجرور في غير النداء.
فذلك قولك: يا ابنَ أخي ويا ابنَ أبي يصير بمنزلته في الخبر.
وكذلك يا غلامَ غلامي.
وقال الشاعر أبو زُبيد الطائي: يا ابنَ أمي ويا شُقَيّقَ نفسي ** أنت خلّيتني لدهرٍ شديدِ وقالوا: يا ابنَ أمَّ ويا ابن عمَّ فجعلوا ذلك بمنزلة اسم واحد لأن هذا أكثرُ في كلامهم من يا ابنَ أبي ويا غلامَ غلامي.
وقد قالوا أيضاً: يا ابنَ أمِّ ويا ابنَ عمّ كأنهم جعلوا الأول والآخر اسماً ثم أضافوا إلى الياء كقولك: يا أحدَ عشرَ أقبلوا.
وإن شئت قلت: حذفوا الياء لكثرة هذا في كلامهم.
وعلى هذا قال أبو النجم: واعلم أن كل شيء ابتدأتُه في هذين البابين أولاً فهو في القياس.
وجميع ما وصفناه من هذه اللغات سمعناه من الخليل رحمه الله ويونس عن العرب. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الإثنين 09 يوليو 2018, 5:25 am | |
| باب ما يكون النداء فيه مضافاً إلى المنادى بحرف الإضاف وذلك في الاستغاثة والتعجب وذلك الحرفُ اللامُ المفتوحة وذلك قول الشاعر وهو مهلهل: يا لَبكرٍ أنشِروا لي كُليباً ** ويا لَبكرٍ أينَ أينَ الفرارُ فاستغاث بهم ليُنشروا له كُليباً.
وهذا منه وعيد وتهدّد.
وأما قوله يا لَبكرٍ أين أين الفرار فإنما استغاث بهم لهم أي لمَ تفرّون استطالةً عليهم ووعيداً.
وقال أمية بن أبي عائذ الهذلي: ألا يا لَقوم لطيف الخيال ** أرّق من نازح ذي دلال وقال قيس بن ذريح: تكنّفني الوُشاةُ فأزعجوني ** فيا لَلناس للواشي المطاعِ وقالوا يا لله يا لَلناس إذا كانت الاستغاثة.
فالواحد والجميع فيه سواء.
وقال الآخر: ويا لَعطّافنا ويا لَرياح ** وأبي الحشرجِ الفتى النّفّاحِ ألا تراهم كيف سوّوا بين الواحد والجميع.
وأما في التعجّب فقوله وهو فرّار الأسدي: لَخُطّابُ لَيلى يا لَبُرثنَ منكمُ ** أدلُّ وأمضى من سُليك المقانبِ وقالوا: يا لَلعجب ويا لَلفليقة كأنهم رأوا أمراً عجباً فقالوا: يا لَبُرثن أي مثلكم دُعي للعظائم.
وقالوا: يا لَلعجب ويا لَلماء لما رأوا عجباً أو رأوا ماء كثيراً كأنه يقول: تعالَ يا عجبُ أو تعال يا ماء فإنه من أيامك وزمانك.
ومثل ذلك قولهم: يا لَدواهي أي تعالينَ فإنه لا يُستنكر لكنّ لأنه من إبّانكنّ وأحيانكن.
وكل هذا في معنى التعجب والاستغاثة وإلا لم يجز.
ألا ترى أنك لو قلت يا لَزيد وأنت تحدثه لم يجز.
ولم يلزم في هذا الباب إلا يا للتنبيه لئلا تلتبس هذه اللام بلام التوكيد كقولك: لَعمرو خيرٌ منك.
ولا يكون مكان يا سواها من حروف التنبيه نحو أي وهَيا وأيا لأنهم أرادوا أن يميزوا هذا من ذلك الباب الذي ليس فيه معنى استغاثة ولا تعجب.
وزعم الخليل رحمه الله أن هذه اللام بدلٌ من الزيادة التي تكون في آخر الاسم إذا أضفتَ نحو قولك: يا عجَباه ويا بَكراه إذا استغثتَ أو تعجّبت.
فصار كلُ واحد منهما يعاقب صاحبَه كما كانت هاء الجحاجحة معاقبةً ياء الجحاجيح وكما عاقبت الألف في يمانٍ الياء في يَمَني.
ونحو هذا في كلامهم كثير وستراه إن شاء الله عز وجلّ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الإثنين 09 يوليو 2018, 5:31 am | |
| باب ما تكون اللام فيه مكسورة لأنه مدعوّ له ها هنا وهو غير مدعوّ وذلك قول بعض العرب: يا لِلعجب ويا لِلماء وكأنه نبّه بقوله يا غيرَ الماء للماء.
وعلى ذلك قال أبو عمرو: يا ويلٌ لك ويا ويحٌ لك كأنه نبّه إنساناً ثم جعل الويل له.
وعلى ذلك قول قيس بن ذريح: فيا لَلناس للواشي المُطاع يا لقومي لفرقة الأحبابِ كسروها لأن الاسم الذي بعدها غير منادى فصار بمنزلته إذا قلت هذا لزيدٍ.
فاللام المفتوحة أضافت النداء إلى المنادى المخاطَب واللام المكسورة أضافت المدعوّ إلى ما بعده لأنه سببُ ومما يدلّك على أن اللام المكسورة ما بعدها غيرُ مدعوّ قوله: يا لعنةُ اللهِ والأقوامِ كلِّهمُ والصالحينَ على سِمعانَ من جارِ فيا لغير اللعنة.
وتقول: يا لَزيدٍ ولعمرو وإذا لم تجئ بيا إلى جنب اللام كسرتَ ورددتَ إلى الأصل.
هذا باب الندبة اعلم أن المندوب مدعوّ ولكنه متفجّع عليه فإن شئت ألحقتَ في آخر الاسم الألف لأن الندبة كأنهم يترنمون فيها وإن شئت لم تُلحق كما لم تلحق في النداء. واعلم أن المندوب لابد له من أن يكون قبل اسمه يا أو وا كما لزم يا المستغاثَ به والمتعجَّبَ منه.
واعلم أن الألف التي تلحق المندوب تُبتح كلُّ حركة قبلها مكسورة كانت أو مضمومة لأنها تابعة للألف ولا يكون ما قبل الألف إلا مفتوحاً.
فأما ما تلحقه الألف فقولك: وازيداه إذا لم تُضف إلى نفسك وإن أضفتَ إلى نفسك فهو سواء لأنك إذا أضفتَ زيداً إلى نفسك فالدالُ مكسورة وإذا لم تُضف فالدال مضمومة ففتحت المكسور كما فتحت المضموم.
ومن قال يا غلامي وقرأ يا عبادي قال: وازيدِيا إذا أضاف من قبل أنه إنما جاء بالألف فألحقها الياء وحرّكها في لغة من جزم الياء لأنه لا ينجزم حرفان وحرّكها بالفتح لأنه لا يكون ما قبل الألف إلا مفتوحاً.
وزعم الخليل أنه يجوز في النّدبة واغلامِيَهْ من قبل أنه قد يجوز أن أقول واغُلاميَ فأبيّن الياء كما أبينها في غير النداء وهي في غير النداء مبيّنة فيها للغتان: الفتح والوقف.
ومن لغة مَن يفتح أن يُلحق الهاء في الوقف حين يبيّن الحركة كما أُلحقت الهاء بعد الألف في الوقف لأن يكون أوضحَ لها في قولك يا رَبّاه.
فإذا بيّنت الياء في النداء كما بينتها في غير النداء جاز فيها ما جاز إذا كانت غيرَ نداء.
قال الشاعر وهو ابن قيس الرُقيّات: تبكيهم دَهماءُ مُعولةً وتقول سلمى وارَزِيّتِيَهْ وإذا لم تُلحق الألفَ قلت: وازيدُ إذا لم تُضف ووازيدِ إذا أضفت وإن شئت قلت: وازيدي. والإلحاق وغير الإلحاق عربي فيما زعم الخليل رحمه الله ويونس.
وإذا أضفت المندوب وأضفتَ إلى نفسك المضاف إليه المندوبُ فالياء فيه أبداً بيّنة وإن شئت ألحقت الألف وإن شئت لم تُلحق.
وذلك قولك: وانقطاع ظهرياهْ ووا انقطاعَ ظهري.
وإنما لزمتْه الياء لأنه غير منادى.
واعلم أنك إذا وصلتَ كلامَك ذهبتْ هذه الهاء في جميع الندبة كما تذهب في الصلة إذا كانت تبيَّن به الحركة. وتقول: واغلامَ زيداه إذا لم تُضف زيداً إلى نفسك.
وإنما حذفت التنوين لأنه لا ينجزم حرفان.
ولم يحرّكوها في هذا الموضع في النداء إذ كانت زيادة غير منفصلة من الاسم فصارت تعاقب وكانت أخفَّ عليهم فهذا في النداء أحرى لأنه موضع حذف.
وإن شئت قلت: واغلامَ زيد كما قلت وازيدُ.
وزعموا أن هذا البيت يُنشَد على وجهين وهو قول رؤبة: فهْي تُنادي بأبي وابْنِيما ويروى: بأبا وابناما فما فضلٌ وإنما حكى نُدبتَها.
واعلم أنه إذا وافقت الياء الساكنة ياءَ الإضافة في النداء لم تحذف أبداً ياء الإضافة ولم يُكسر ما قبلها كراهيةً للكسرة في الياء ولكنهم يلحقون ياءَ الإضافة وينصبونها لئلا ينجزم حرفان.
وإذا ندبت فأنت بالخيار: إن شئت ألحقت الألفَ وإن لم تُلحق جاز كما جاز ذلك في غيره.
وذلك قولك: واغلامَيّاهْ وواقاضياهْ وواغلاميّ وواقاضيّ يصير مجراه ها هنا كمجراه في غير الندبة إلا أن لك في الندبة أن تلحق الألف.
وكذلك الألف إذا أضفتها إليك مجراها في الندبة كمجراها في الخبر إذا أضفت إليك.
وإذا وافقت ياء الإضافة ألفاً لم تحرَّك الألف لأنها إن حرِّكت صارت ياء والياء لا تدخلها كسرةٌ في هذا الموضع.
فلما كان تغييرهم إياها يدعوهم إلى ياء أخرى وكسرة تركوها على حالها كما تُركت ياء قاضي إذ لم يخافوا التباساً وكانت أخفّ وأثبتوا ياء الإضافة ونصبوها لأنه لا ينجزم حرفان.
فإذا ندبت فأنت بالخيار إن شئت ألحقت الألف كما ألحقتها في الأول وإن شئت لم تُلحقها وذلك قولك: وامُثنّاياه وامُثنّاي.
فإن لم تُضف إلى نفسك قلت: وا مُثنّاه وتحذف الأول لأنه لا ينجزم حرفان ولم يخافوا التباساً: فذهبتْ كما تذهب في الألف واللام ولم يكن كالياء لأنه لا يدخلها نصبٌ. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الرابع الإثنين 09 يوليو 2018, 5:36 am | |
| باب تكون ألفُ الندبة فيه تابعة لما قبلها إن كان مكسوراً فهي ياء وإن كان مضموماً فهي واو، وإنما جعلوها تابعة ليفرقوا بين المذكر والمؤنث وبين الاثنين والجميع وذلك قولك: واظهْرَهُوهْ إذا أضفت الظهر إلى مذكر وإنما جعلتها واواً لتفرق بين المذكر والمؤنث إذا قلت: واظهرَهاهْ. وتقول: واظهرهُموه وإنما جعلت الألف واواً لتفرق بين الاثنين والجميع إذا قلت: واظهرهُماه.
وإنما حذفت الحرف الأول لأنه لا ينجزم حرفان كما حذفت الألف الأول من قولك وامُثنّاه.
وتقول: واغلامَكِيهْ إذا أضفت الغلام إلى مؤنث.
وإنما فعلوا ذلك ليفرقوا بينها وبين المذكر إذا قلت: واغُلامَكاه.
وتقول: واانقطاعَ ظهرهُوه في قول من قال: مررت بظهرهو قبل.
وتقول: وانقطاع ظهرِهيهْ.
في وتقول: واأبا عمرياه وإن كنت إنما تندب الأب وإياه تضيف إلى نفسك لا عَمراً من قبل أن عمراً مجراه هنا كمجراه لو كان لك لأنه لا يستقيم لك إضافة الأب إليك حتى تجعل عمراً كأنه لك لأن ياء الإضافة عليه تقع ولا تحذفها لأن عمراً غير منادى.
ألا ترى أنك تقول يا أبا عَمري.
ومما يدلّك على أن عمراً ها هنا بمنزلته لو كان لك أنه لا يجوز أن تقول هذا أبو النّضرِك ولا هذه ثلاثةُ الأثوابِك إذا أردت أن تضيف الأب والثلاثة من قبل أنه لا يسوغ لك ولا تصل إلى أن تضيف الأول حتى تجعل الآخِر مضافاً إليك كأنه لك. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
| المجلد الرابع | |
|