منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الحج أحكامه وصفته (4)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الحج  أحكامه وصفته (4) Empty
مُساهمةموضوع: الحج أحكامه وصفته (4)   الحج  أحكامه وصفته (4) Emptyالسبت 30 أكتوبر 2010, 9:29 pm

أعمال يوم الثامن (يوم التروية)
فإذا أتى ضحى اليوم الثامن فإنه يفعل كما فعل عند الميقات ، فيستحب له أن يغتسل ، وأن يتطيب ، وأن يلبس لباس الإحرام ، ثم يقول : لبيك اللهم حَجَّاً ، ويشرع في التلبية .
ويذهب إلى منى ويصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، كل صلاة في وقتها مقصورة ، كما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث جابر ( ) وغيره من الأحاديث .
حكم المبيت بمنى في هذه الليلة:
المبيت بمنى هذه الليلة سنة وليس بواجب , قال ابن المنذر : صلى الزبير الظهر بمكة يوم التروية , وتأخرت عائشة يوم التروية حتى ذهب ثلث الليل . قال : وأجمعوا على أن من ترك المبيت بمنى ليلة عرفة لا شيء عليه ( ) .
ومما يدل على عدم وجوبه ما ذكر فيما تقدم من الأدلة على عدم وجوب طواف القدوم ، فيقول في المبيت بمنى هذه الليلة ما قيل في طواف القدوم في حق القارن والمفرد .
* * *
أعمال يوم التاسع (يوم عرفة)
الخروج من منى إلى عرفة:
ثم إذا صلى الفجر يبقى في منى حتى تطلع الشمس ، ثم يذهب إلى عرفة ، والسنة أن يلبي حتى يرمي الجمرة ، كما ثبت ذلك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أن أسامة رضي الله عنه كان ردف النبي ﷺ من عرفة إلى مزدلفة ، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى ، قال : فكلاهما قال : لم يزل النبي ﷺ يلبي حتى رمى جمرة العقبة ( ) .
وإذا كبر فلا بأس به كما ثبت ذلك في « صحيح مسلم » من حديث ابن عمر قال : غدونا مع رسول الله ﷺ من منى إلى عرفات ، مِنَّا الملبي ، ومِنَّا المكبر ( ) .
وثبت في «الصحيحين» من حديث محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك رضي الله عنه وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف يصنعون في هذا اليوم مع رسول الله ﷺ ؟ فقال : كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه , ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه ( ).
لكن السنة أن يستمر بالتلبية .
وثبت في حديث ابن مسعود أن النبي ﷺ استدام التلبية إلا أن يخلطها بتهليل ( ).
أنواع الذكر الوارد في الحج :
الذكر الوارد في الحج أربعة أنواع :
الأول : التلبية ، وهذا هو شعار الحج ، وهذا هو الغالب من فعل النبي ﷺ كما في حديث ابن عباس السابق وفيه أن النبي ﷺ استمر على التلبية حتى رمى الجمرة .
الثاني : التكبير كما ثبت في حديث أنس ، وهذا كان عند ذهابهم إلى عرفة ، وكل أيام العشر أيام تكبير , وثبت في «الصحيحين» عن النبي ﷺ أنه عندما أتى الجمرة كان يكبر مع كل حصاة يرميها ( )، فالتلبية تنقطع عند رمي الجمرة .
الثالث : التهليل كما سبق في حديث ابن مسعود أن الرسول ﷺ استمر على التلبية إلا أن يخلطها بتهليل ، وينبغي أن يكون الغالب يوم عرفة هو التهليل كما سيأتي .
الرابع : الدعاء ، وأدعية الحج خاصة وعامة , فالخاصة هي ما وردت بصيغ معينة عن النبي ﷺ كما سبق في الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود , وأما العامة فكالدعاء في بقية الطواف ، وعلى الصفا والمروة وبينهما , وعند المشعر الحرام , وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى في أيام التشريق , وآكد مواطن الدعاء للحاج هو يوم عرفة , وينبغي للحاج أن يكثر من الدعاء في جميع أحواله .
الغسل يوم عرفة:
الأقرب – والله أعلم – أنه يستحب للإنسان أن يغتسل يوم عرفة ، فقد ثبت ذلك عن اثنين من الصحابة ، وهما : علي وابن عمر ، رواه الإمام مالك في «الموطأ» ( )، وكذلك جاء في «صحيح البخاري» في قصة ابن عمر مع الحجاج وأنه قال له في يوم عرفة عندما زاغت الشمس : الرواح . فقال الحجاج : الآن؟ قال: نعم. قال: فأنظرني أفيض علي ماء ( ). ونحن لا نحتج بفعل الحجاج ، ولكن بسكوت ابن عمر ، ونستدل بهذا على انتشار ذلك بين الصحابة .
وكذلك من جهة القياس دلت السنة على أن الأماكن التي يجتمع فيها الناس يسن للإنسان أن يغتسل لها ، ولا نقول بهذا على إطلاقه لكن يستأنس به .
الوقوف بعرفة:
ومن السنة للحاج أن ينزل في نَمِرَة ، فيذهب من منى إلى أن يصل إلى نمرة ، ويبقى في نمرة إلى أن تزول الشمس ، وهذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ، كما في حديث جابر أن الرسول ﷺ أتى عرفة فوجد القبة قد ضُرِبَت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فأتى بطن الوادي فخطب الناس ... ثم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئاً ، ثم ركب رسول الله ﷺ حتى أتى الموقف ، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص ، وأردف أسامة خلفه ، ودفع رسول الله ﷺ ، وقد شنق للقصواء الزمام ... حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئاً ( ) .
وعندما وقف النبي ﷺ في موقفه بعرفة قال:« وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف » ( ) .
وليس من السنة الوقوف على جبل إلال الذي تسميه العامة «جبل الرحمة» .
ويسن للحاج في يوم عرفة أن يكثر من قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، كما جاء ذلك عند الترمذي من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي ﷺ قال : « خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير » ( ) ، فيكثر من هذا التهليل ، ويكثر أيضاً من الدعاء والاستغفار .
حكم الوقوف بعرفة:
اتفق المسلمون على أنه ركن من أركان الحج ، وأن الحج لا يتم إلا به ، وأن من فاته الوقوف بعرفة فليس له حج .
ودلت النصوص على هذا ففي حديث عبد الرحمن بن يعمر أن النبي ﷺ قال : « الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج ، أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر في يومين فلا إثم عليه » ( ).
وفي حديث عروة بن مضرس الطائي أن النبي ﷺ قال : « من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه » ( ).
فهذه النصوص دلت على أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج ، بل على أنه هو الركن الأكبر من أركان الحج .
ويجب على الحاج أن يقف داخل حدود عرفة المحددة والمعروفة.
حكم من وقف بواد عرنة:
الذي دلت عليه النصوص أن من وقف بواد عرنة ليس له حج ، لأن واد عرنة ليس من عرفة وإنما هو مواز لها .
ما يتحقق به ركن الوقوف :
اتفق أهل العلم على أنه ليس هناك مقدار محدد للوقت الذي يتحقق به ركن الوقوف , فلو أنه بقي لحظات في عرفة من زوال الشمس من اليوم التاسع إلى أن يطلع الفجر من اليوم العاشر فيعدُّ واقفاً .
بداية وقت الوقوف:
دلت الأحاديث على أن النبي ﷺ وقف بعرفة بعد زوال الشمس , فالسنة والاحتياط للإنسان أن يكون وقوفه بعرفه بعد الزوال .
فضل يوم عرفة:
دلت النصوص على أن يوم عرفة من أفضل الأيام عند الله سبحانه وتعالى ، وقد ورد في فضله عدة أحاديث منها ما ثبت في «صحيح مسلم» من حديث أبي قتادة أن النبي ﷺ قال : صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ( ).
وثبت في «صحيح مسلم» من حديث عائشة أن النبي ﷺ قال : « ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة , وإنه ليدنو ثم يباهي الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء ؟» ( ).
وفي «صحيح ابن خزيمة» و«صحيح ابن حبان» من حديث أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله ﷺ : « ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة, ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء , فيقول : انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً ضاحين ، جاؤوا من كل فج عميق ، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي ، فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة » ( ).
الدفع من عرفة إلى مزدلفة:
السنة أن يبقى الحاج بعرفة إلى مغيب الشمس ، والأرجح أنه لا يجب البقاء بعرفة إلى المغيب وإنما ذلك من السنة ، ويدل على ذلك قوله في حديث عروة بن المضرس « وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً » . ولم يشترط البقاء إلى مغيب الشمس ( ).
وبعد أن تغيب الشمس يذهب إلى مزدلفة ، ويستمر بالتلبية ، فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذانٍ واحدٍ وإقامتين ، كما ثبت ذلك في حديث جابر السابق .
وبعد ما صلى الرسول عليه الصلاة والسلام المغرب والعشاء نام عليه الصلاة والسلام إلى أن طلع الفجر ، ولم يصل بين المغرب والعشاء شيئا ، فالسنة للحاج إذا صلى المغرب والعشاء أن يضطجع وينام حتى يطلع الفجر ، كما جاء في حديث جابر السابق قال : ولم يسبح بينهما شيئاً ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر .
وثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : جمع النبي ﷺ بين المغرب والعشاء بجمع , كل واحدة منهما بإقامة , ولم يسبح بينهما ، ولا على إثر كل واحدة منهما ( ).
فظاهر هذين النصين أنه لا وتر في ليلة العيد .
وقد ذكر ابن القيم ( )أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحي تلك الليلة , فلا يسن قيام الليل في هذه الليلة ، والحكمة في ذلك – والله أعلم - أن الناس يكونون متعبين بسبب الوقوف بعرفة ، وكذلك أيضاً سوف تأتيهم أعمال كثيرة بعد المبيت بمزدلفة ، فقيام هذه الليلة يكون فيه مشقة .
حكم المبيت بمزدلفة:
اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول: أن المبيت ركن ، وأن الحج لا يتم إلا به ، وذهب إلى هذا الشعبي والنخعي والحسن ، وقال به ابن خزيمة وابن حزم ، ومال إليه ابن المنذر وابن القيم .
القول الثاني: أن المبيت واجب ، وهذا مذهب الجمهور ، فمن تركه فإن حجه صحيح ويجبره بدم .
القول الثالث: أن المبيت سنة وليس بواجب ، وهذا منقول عن بعض أهل العلم ، وهو قول ضعيف جدا.
واستدل من قال بأنه ركن بظاهر النصوص ، كحديث عروة بن مضرس : « من شهد معنا صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه » . فقالوا : إذا من لم يبت بمزدلفة ولم يصل الفجر بها يكون حجه ليس بتام .
وفي رواية عند النسائي لهذا الحديث فيها : « من شهد جمع مع الإمام والناس فقد تم حجه ، ومن لم يشهد جمع مع الإمام والناس فلم يتم حجه » ( )، وهذه الرواية صريحة في أن المبيت بمزدلفة ركن ، ولكن هذه الرواية ذهب بعض أهل العلم إلى تضعيفها كالعقيلي وقد ألف جزءا في تضعيفها، والنسائي خرجها من طريق مطرف بن طريف ـ وهو ثقة على الراجح ـ عن الشعبي عن عروة بن مضرس ، وهذا الإسناد صحيح وقوي جدا، ولكن الشأن في أن الحديث مروي في السنن والمسانيد وليس فيه ذكر هذه الزيادة إلا عند النسائي ، ووقع عند أبي يعلى زيادة تؤيد هذه الزيادة ، وهي « من لم يدرك جمع فلا حج له » ( ).
وكذلك استدلوا بقوله عز وجل : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } .
وأما من قال بأنه واجب فاستدل بهذه الأدلة أيضا ، وأجابوا عن قوله في حديث عروة بن مضرس : « من شهد صلاتنا هذه » بأن الأمة اتفقت على أن من لم يشهد الصلاة مع الإمام بمزدلفة أن حجه تام ، إلا ابن حزم فإنه ذهب إلى أن من لم يشهد الصلاة فإن حجه باطل ، وهذا فيه نظر بيّن .
وقالوا: ليس هناك نص صريح يفيد أن المبيت بمزدلفة ركن ، وكذلك قالوا إن النبي ﷺ رخص للضعفة ، فهذا يدل على أنه ليس بركن .
وأما من قال أنه سنة فلا أعلم له دليلا على ما قال .
وأدلة القول الأول والقول الثاني تكاد تتكافأ ، والله تعالى أعلم .
وهنا مسألة وهي أن من كان معه ضعفة في ليلة العيد فإن له أن يتعجل ، وهذا التعجل لا يكون إلا بعد مغيب القمر ، كما ثبت ذلك من حديث عبد الله مولى أسماء ، عن أسماء ، أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة ، فقامت تصلي ، فصلت ساعة ، ثم قالت : يا بني هل غاب القمر ؟ قلت : لا ، فصلت ساعة ، ثم قالت : هل غاب القمر ؟ قلت : نعم ، قالت : فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها ، فقلت لها : يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا ، قالت : يا بني إن رسول الله ﷺ أذن للظعن ( ) .
وفي رواية أنها قالت : كنا نصنع هذا على عهد رسول الله ﷺ ( ) .
فلا يشرع للشخص أن يتعجل عند منتصف الليل ، وإنما عند ما يغيب القمر ، وغياب القمر كما هو معلوم يختلف باختلاف الفصول ، فعلى الشخص أن ينتظر حتى يغيب القمر .
والآن أغلب الناس يتعجلون ، حتى الأقوياء منهم ، فالأولى لمن كان ضعيفاً أو معه نساء أن يبقى حتى يصلي الفجر ، وبعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس يذهب إلى منى ، ويبقى في منى حتى يخف الزحام ثم يأتي ويرمي الجمرة .
وهنا مسألة أخرى ينبغي التنبيه عليها ، وهي أن الضعفة إذا دفعوا من مزدلفة فإنهم يرمون إذا وصلوا إلى منى , وقد ثبت في حديث أسماء السابق الذكر ، وفي حديث عبد الله بن عمر أنه كان يقدم ضَعَفَة أهله ، فمنهم ممن يقدم منى لصلاة الفجر ، ومنهم من يقدم بعد ذلك ، فإذا قدموا رموا الجمرة .. ( ) . وهذا يدل على أنهم يرمون الجمرة قبل طلوع الفجر ، أي في الليل .
وأيضا هناك مسألة ثالثة وهي أن الضعفة إذا دفعوا من مزدلفة فإنهم لا يشرعون في طواف الإفاضة إلا بعد طلوع الشمس .
* * *
أعمال يوم العاشر (يوم النحر)
عندما طلع فجر هذا اليوم صلى الرسول ﷺ صلاة الفجر في أول وقتها من حين طلع الفجر ، كما ثبت ذلك في « الصحيحين » ( ) .
وبعد أن صلى الفجر عليه الصلاة والسلام ذهب إلى المشعر الحرام في مزدلفة فكبر وهلل وسبح ودعا ، فيستحب للشخص أن يكبر ويهلل ويدعو إلى قبيل طلوع الشمس ، وإن استطاع أن يذهب إلى المشعر الحرام فيسبح ويهلل ويكبر ويدعو فحسن ، وإن بقي في مكانه فحسن أيضاً ، وقد ثبت أن الرسول ﷺ قال : « وقفت ها هنا وجمع ـ أي مزدلفة ـ كلها موقف » ( ) .
ومكان المشعر الحرام الآن بني فيه مسجد معروف في مزدلفة ، والإتيان إليه سنة بالاتفاق وليس بواجب .
رمي جمرة العقبة:
وقبل أن تطلع الشمس يتجه الحاج إلى الجمرة ، ويستمر بالتلبية إلى أن يرمي الجمرة ، كما ثبت ذلك في حديث ابن عباس الذي رواه البخاري في كتابه « الصحيح » ( ) ، وإذا مر بوادي محسر (وهو بين مزدلفة ومنى) فإنه يسن له أن يسرع ويستعجل ( ).
تنبيه : وادي محسر من منى فإذا اضطر الإنسان إلى المبيت به في ليالي منى فله ذلك .
فإذا أتى إلى جمرة العقبة (وهي آخر الجمرات للمتجه من منى إلى مكة) فإنه يجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ، ويستقبل الجمرة ، ويرميها بسبع حَصَيَات ، يكبر مع كل حصاة ، والدليل على ذلك ما ثبت في «الصحيحين» من حديث عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع ابن مسعود رضي الله عنه حين رمى جمرة العقبة فاستبطن الوادي حتى إذا حاذى بالشجرة اعترضها فرمى بسبع حصيات , يكبر مع كل حصاة , ثم قال : من هاهنا والذي لا إله غيره قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة ﷺ ( ).
وفي رواية للبخاري قال: فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة .
ومن أي مكان رَمَى الجمرة فلا بأس ، إلا من المكان المسدود الآن ، وهذا كان محل جبل فيما سبق ثم أزيل ، ثم سد مكانه من الحوض ، فهذا لا يجوز الرمي منه ، ولا بد أن تقع الحصاة في الحوض ، وليس من السنة أن يرمي الشاخص الذي في وسط الجمرة ، وإنما السنة أن تقع الحصاة في الحوض .
حكم رمي الجمرات:
رمي الجمرات واجب من واجبات الحج ، لأن النبي ﷺ فعل هذا ، وثبت في الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن أنه رخص للرعاة أن يجمعوا رمي يومين في يوم ( ).
والرخصة إنما تكون في مقابل العزيمة ، فهذا الحديث يدلّ على وجوب رمي الجمرات , وأن كل جمرة ترمى في يومها المعين لها ، وأنه يجوز للرعاة أن يجمعوا رمي يومين في يوم واحد .
والواجب رمي كل جمرة بسبع حصيات ، ولكن من رماها بست فلا شيء عليه ، ففي «مسند الإمام أحمد» من حديث ابن أبي نجيح قال: سألت طاوسا عن رجل رمى الجمرة بست حصيات , فقال : يتصدق بقبضة طعام . قال : فلقيت مجاهدا فسألته , فأخبرته بقول طاوس , فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن أما سمع قول سعد : رمينا الجمار في حجتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلسنا نتذاكر فمنا من قال : رميت بست , ومنا من قال : رميت بسبع , ومنا من قال : رميت بثمان , ومنا من قال : رميت بتسع , فلم يروا بذلك بأسا ( ).
آخر وقت الرمي :
آخر وقت رمي الجمرة عند مغيب الشمس ، لأنه جاء في مرسل عطاء بن أبي رياح ( )، وفي مرسل أبي سلمة بن عبدالرحمن ( )، بإسنادين صحيحين إليهما ، أن النبي ﷺ رخص للرعاة أن يرموا ليلاً ، والرخصة إنما تكون في مقابل العزيمة .
فرمي الجمرة يجوز في كل النهار إلى أن تغيب الشمس .
ذبح الهدي والحلق أو التقصير:
وبعد أن يرمي الجمرة فالسنة في حَقِّهِ أن يذهب ويذبح هديه ، كما ثبت في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي ﷺ قال : ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده , ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه , ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت , فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ( ).
والهدي إنما يجب على المتمتع والقارن , قال تعالى : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } .
ثم بعد ذلك يحلق أو يقصر من شعره , والحلق أفضل , لأن الله عز وجل قدمه في قوله : { محلقين رؤوسكم ومقصرين } ، وهو الذي فعله النبي ﷺ كما ثبت في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لما رمى رسول الله ﷺ الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه , ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه , ثم ناوله الشق الأيسر , فقال : «احلق» فحلقه , فأعطاه أبا طلحة فقال : « اقسمه بين الناس » ( ).
وثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال : « اللهم ارحم المحلقين » . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : « اللهم ارحم المحلقين ». قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : « والمقصرين » ( ).
ويجب أن يكون الحلق أو التقصير شاملا لجميع الرأس لقوله تعالى : { محلقين رؤوسكم ومقصرين } .
وأما المرأة فتقصر من أطراف شعرها بقدر أنملة فقط .
وبعد أن يحلق يتحلل ، هذه هي السنة ، فقد ثبت في حديث ابن عمر ، عن حفصة رضي الله عنهم ـ زوج النبي ﷺ ـ أنها قالت : يا رسول الله ؛ ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك ؟ قال : « إني لَبَّدتُ رأسي ، وقَلَّدتُ هديي ، فلا أحل حتى أنحر » ( ) .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت : طيبت رسول الله ﷺ بيدي هاتين ، حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف ، وبسطت يديها ( ) .
فعندما ذبح وحلق تحلل عليه الصلاة والسلام وتطيب ، ونزل إلى مكة ، وطاف طواف الإفاضة .
أنواع التحلل:
دلت السنة على أن التحلل على نوعين :
الأول : التحلل الأصغر : وهو أن يتحلل الشخص من جميع ما حرم عليه ما عدا النساء .
الثاني : التحلل الأكبر : وهو أن يتحلل من جميع الأشياء التي حرمت عليه حتى النساء ، وهذا لا يكون إلا بعد طواف الإفاضة ، كما ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ثم لم يحلل – أي : النبي ﷺ - من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر , وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه .
ودلت السنة على أن التحلل الأصغر يكون برمي الجمرة , كما جاء في حديث أم سلمة الذي رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم وغيرهم أن الرسول ﷺ قال : « إن هذا يوم رخص لكم عليه إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا » .
وجاء في حديث ابن عباس الذي رواه الإمام أحمد وغيره أن ابن عباس قال : من رمى الجمرة فقد حل . فقال رجل : والطيب ؟ قال : أما إني رأيت رسول الله ﷺ متضلخ بالطيب » ولكن الإسناد إلى ابن عباس فيه انقطاع ، ولكن يستأنس به ويصلح شاهدا لحديث أم سلمة .
وجاء في «الصحيحين» من حديث حفصة أنها قالت للرسول ﷺ : لماذا لم تحلل كما حل أصحابك ؟ قال : «إني قلدت هدي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أنحر » .
فهذا الحديث يفيد في ظاهره أن التحلل لا يكون إلا عند الذبح لكن لا أعرف أحداً قال بهذا ، والله أعلم .
وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال : إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء والطيب ( ).
وثبت عن عبد الله بن الزبير أنه قال : إذا رميتم الجمرة فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء ( ).
طواف الإفاضة:
ثم يذهب إلى البيت ويطوف ، وهذا يسمى طواف الإفاضة ، قال جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي ﷺ : ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر .
وهذا الطواف يسمى طواف الإفاضة وهو طواف الحج وأحد أركانه , قال تعالى : { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق }
سعي الحج :
السعي ركن من أركان الحج , كما دل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت : والله ما أتم الله حج رجل ولا عمرته لم يطف بهما ( ).
والمتمتع يجب عليه سعيان , سعي لعمرته وسعي لحجه , كما ثبت في «الصحيحين» من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا , ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى , وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا ( ).
وثبت في « صحيح البخاري » من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ثم أمرنا – يعني رسول الله ﷺ - عشية التروية أن نهل بالحج , فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة , وقد تم حجنا وعلينا الهدي ( ).
وأما المفرد والقارن فإن كانا قد سعيا بعد طواف القدوم فليس عليهما سعي آخر , وإن كانا لم يسعيا وجب عليهما السعي في يوم النحر .
وبعد أن يطوف بالبيت يرجع إلى منى ، وإن بقي الشخص في مكة فلا بأس ، لكن يجب عليه أن يبيت بمنى , ومما يدل على ذلك ما رواه مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي البداح بن عاصم عن أبيه أن رسول الله ﷺ رخص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر , ثم يرمون من الغد , ومن بعد الغد بيومين , ويرمون يوم النفر ( ).
والرخصة إنما تكون في مقابل العزيمة .
وثبت في «الصحيحين» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن العباس رضي الله عنه استأذن النبي ﷺ ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته , فأذن له ( ).
التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر :
الأفضل للحاج أن يأتي بأعمال يوم النحر مرتبة - اقتداء بالنبي ﷺ - على النحو التالي :
1- رمي جمرة العقبة .
2- ذبح الهدي .
3- الحلق أو التقصير .
4- طواف الإفاضة .
5- السعي .
فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج عليه في ذلك , والدليل على ذلك ما ثبت في «الصحيحين» من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال للنبي ﷺ : زرت قبل أن أرمي ؟ قال : لا حرج . قال : حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : لا حرج . قال : ذبحت قبل أن أرمي ؟ قال : لا حرج ( ).
وثبت في «الصحيحين» أيضا من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه , فقال رجل : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « اذبح ولا حرج ». فجاء آخر فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال : « ارم ولا حرج » . فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : « افعل ولا حرج » ( ).
* * *
أعمال أيام التشريق
أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر .
والواجب على الحاج في هذه الأيام هو رمي الجمرات الثلاث ، يبدأ بالجمرة الصغرى فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، ثم يتقدمها ويجعلها خلفه ، ثم بعد ذلك يدعو ويطيل الدعاء ، كما ثبت ذلك من حديث عطاء قال : كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ الرجل سورة البقرة ( ) . فقد كان من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أن يطيل في الدعاء .
ثم بعد ذلك يذهب إلى الجمرة الوسطى ، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، ويأخذ ذات اليسار ويدعو ويطيل في الدعاء .
ثم يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، ثم ينصرف ولا يدعو .
فالسنة أن الدعاء يكون عند الجمرة الصغرى والوسطى ، وأما الكبرى فليس فيها دعاء .
وقد ثبت في « صحيح البخاري » من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة , ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه , ثم يرمي الوسطى , ثم يأخذ ذات الشمال , فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا , ويدعو , ويرفع يديه , ويقوم طويلا , ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي , ولا يقف عندها , ثم ينصرف , فيقول : هكذا رأيت النبي ﷺ يفعله ( ).
والرمي في هذه الأيام يكون بعد زوال الشمس ، كما ثبت في «صحيح البخاري » من حديث وبرة قال : سألت ابن عمر رضي الله عنهما : متى أرمي الجمار ؟ قال : إذا رمى إمامك فارمه . فأعدت عليه المسألة ، قال : كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا ( ).
والرمي في أيام التشريق من واجبات الحج كما سبق .
وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها وهي أن من كان معه نساء فلا يجوز له أن يأتي بالنساء وقت الزِّحام لرمي الجمرات ، وعليه أن يتحرى الأوقات التي لا يكون فيها زحام ، وإذا أتى ووجد زِحَاما فليتأخر حتى يخف الزحام .
ووقت الرمي في اليوم الأول يمتد إلى مغيب الشمس ، كما ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ يُسأل يوم النحر بمنى فيقول : لا حرج ، فسأله رجل فقال : حلقت قبل أن أذبح ، قال : اذبح ولا حرج ، وقال : رميت بعد ما أمسيت ، فقال : لا حرج ( ) .
فالوقت يمتد إلى مغيب الشمس ، فلا يستعجل ويأتي بنسائه في وقت الزِّحَام ، ولا يُوكل عنهن وهن قادرات على الرمي ، وإنما على الحاج أن يأتي بهن في الوقت الذي لا يكون فيه زحام .
فإذا غابت الشمس ولا يزال الزحام موجودا فإنه يرمي بالليل، لأنه معذور ، وقد سبق أنه جاء من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا من مرسل عطاء وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يرموا ليلا ، ولا شك أن المرأة الآن محتاجة إلى أن ترمي في الليل من أجل الزحام .
فإما أن يتوكل في الرمي عنهن وهذا منقول عن السلف فإنهم أجازوا التوكل عن الأطفال ، والنساء مثل الأطفال ، وبهذا يفتي بعض أهل العلم من المعاصرين، وإما أن يأتي بهن في الليل وهذا هو الأحسن والأفضل لأن النساء أشد من الرعاة .
* * *
طواف الوداع
يجب على الحاج إذا أراد أن يرجع إلى بلده أن يطوف طواف الوداع قبل خروجه من مكة .
فإذا أراد الحاج أن يتعجل فإنه يرمي الجمرات في يوم الثاني عشر بعد الزوال ثم بعد ذلك يطوف طواف الوداع ، ويخرج من مكة ، وأما إذا أراد أن لا يتعجل فإنه يرمي أيضاً في اليوم الثالث عشر ، ثم بعد ذلك إذا أراد أن يخرج فعليه أن يطوف طواف الوداع ، ثم يخرج ، وبذلك يكون قد انتهى من حَجَّتِهِ ، هذا الذي ثبت عن الرسول ﷺ .
ولكن يجب عليه إذا أراد التعجل أن يخرج من منى قبل مغيب الشمس لقوله تعالى : { واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } [ ] .
حكم طواف الوداع :
طواف الوداع واجب في حق الحاج ، لما ثبت في حديث ابن عباس أن النبي ﷺ أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض ( ).
وأما المعتمر فالأرجح أنه سنة في حقه وليس بواجب ، لأن الأحاديث لم تأتِ إلا بأمر الحاج ففي حديث ابن عمر المخرج عند ابن خزيمة قال : أمر الحاج ( ). وكذلك في رواية ابن عباس عند الشافعي ( )، فتخصيصه بالحاج يدل على أن المعتمر على خلافه .
وكذلك أيضاً ثبت أن النبي ﷺ اعتمر عدة مرات والصحابة معه ولم يأمرهم بطواف الوداع ، والأصل عدم وجوبه حتى يأتي دليل يدل على وجوبه ولا أعرف دليلاً صحيحا على ذلك .
واسأل الله عز وجل أن يوفقنا لاتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , وأن يتقبل منا أعمالنا ، ويتجاوز عن تقصيرنا , وهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة.
والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

* * *


الحج  أحكامه وصفته (4) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الحج أحكامه وصفته (4)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحج أحكامه وصفته (1)
» الحج أحكامه وصفته (2)
» الحج أحكامه وصفته (3)
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (3)
» عيـد الفـطــر أحكامه وآدابه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: منتدى الحج والعمرة :: كتـــابـــات فـي الـحــــج والـعـمـــــرة-
انتقل الى: