الإجهاض وأحكامه الشـرعية
================
السؤال: هل يجوز لمن أَجهَضَت أن تصليَ وتصومَ أم تنتظر أربعين يومًا كالنفساء؟ وهل يجوز لها أن تطهوَ الطعام أو تستمع إلى القرآن في مثل هذه الظروف؟
الجواب:
يَقترن الامتناع عن أداء العبادات من صلاة وصوم وقراءة قرآن وغيره مما يُشترط لأدائه الطُّهرُ في حالات الولادة أو الإجهاض، يَقترن ذلك بنزول الدم، فتستطيع المرأة إذا انقطع عنها الدم أربعين يومًا أن تتطهر وتمارس عبادتها بشكل طبيعيّ.
أما إذا نزل الدم أكثر من أربعين يومًا فعليها أن تتطهر بعد الأربعين وتمارس عبادتها بعد ذلك؛ لأن هذا الدم ليس طبيعيًّا فلا يفسد صلاتها ولا صومها.
أما عن طهو الطعام وهي على غير طهارة فهذا لا شيء فيه وتستطيع أن تؤديَ كل واجباتها اليومية بلا أيّ حرج؛ لأن الإنسان المؤمن لا ينجس أبدًا.
وأما الاستماع إلى القرآن فيمكنك ذلك، ولكن الممنوع هو إمساك المصحف الشريف أو قراءة القرآن (الإجهاض هو السقط، وفي اللغة العربية: هو الولد الخارج من بطن أمه لغير تمام.
ويقال: أسقطته أمه فهي مُسقِط. القاموس المحيط [2/378] ويعرف شرعًا بأنه الذي يَسقط من بطن أمه ميتًا.
وقد تُسقط المرأة ما في بطنها بائنًا بعضُ خلقه أو لم يتبين شيء من خلقه، فما رأي الشرع في السُّقط؟ وهل يَتْبعه نِفاس أم لا؟
ذهب الأحناف إلى أن السُّقط الذي تبيَّن بعضُ خلقه تصير به المرأة نُفساء، كأن تَظهر له يد أو رجل أو أصبع أو ظفر، وكذلك كل ما يدل على تشكيل فيه أو تخطيط.
وإذا لم يظهر به شيء فلا تصير به المرأة نُفساء ويكون حيضًا إن دام ثلاثة وتَقدَّمَه طُهرٌ تام، وإلا فهو استحاضة الاختيار لتعليل المختار [1/34] شرح الدر المختار [1/63].
وقال الشافعيّة: إن الدم الخارج عقيب الولادة نِفاس حتى ولو كان المُلقَى علقة أو مضغة قليوبي وعُميرة [1/109] البرماويّ على الغاية للغُزّيّ [46].
وذهب الحنابلة إلى أنها إذا رأت الدم بعد وضع شيء تبيَّن خلقُه بعضًا أو كُلًّا فهو نفاس، وإن رأته بعد إلقاء نطفة أو علقة فليس بنفاس، وإن كان المُلقَى مضغة وتبيَّن فيه شيء من خلق الإنسان فهو نفاس، وإن لم يتبين فيه وجهان المغني لابن قدامة [1/349].
وفي السّقط ـ يقال له الطرح عند عامة النساء ـ نصل إلى أنه ما كان نطفة أو علقة وحال الجنين في هاتين المرحلتين ليس فيه شيء من تخطيط أو تشكيل لا يترتب عليه نفاس.
وما كان في المرحلة الثالثة بأن فيه شيئًا من خلق الإنسان كيد أو رجل يترتب عليه نفاس فيما تعقبه من دم.
أما إن لم يَبِنْ شيء من خلقه فلا يعتبر الدم دم نفاس، وإنما يُنظر؛ تقدَّمَه طهر تام وبلغ الدم ثلاثة أيام عند الأحناف أم لا؟ فإن كان بعد طهر تام وبلغ الدم ثلاثة أيام هو دم حيض، وإلا فهو استحاضة. فقه النساء، الكتاب الأول 71ـ 73).