أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم الثلاثاء 21 مارس 2017, 11:08 pm | |
| زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ==================== السؤال: قضية شغَلَت بال كثير من أعداء الإسلام والمستشرقين، وهي زواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بتسع زوجات رغم أن الإسلام أباح أربع زوجات، تارة قالوا: إنه مزواج. وتارة أخرى قالوا: أباح لنفسه دون غيره من المسلمين ذلك. فكيف يمكن الرد على تلك المزاعم؟
الجواب: الله تعالى هو الذي يزوّج رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويختار له بحكمته العليّة، والرسول ما عليه إلا أن ينفّذ أمر ربه سبحانه، فالمسألة تتعلق بالله تعالى وحكمته.
ولو افترضنا جدلًا أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعَلَها فما العيب فيها!
التعدد كان موجودًا قبل الإسلام ولم يُنشئه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل كان موجودًا عند الأنبياء والرسل السابقين عليهم السلام وعند العرب أيضًا.
وإذا كان أعداء الإسلام يقولون: إن الشرع قد قصَر الزواج على أربع فقط بينما كان عند رسول الله تسع نساء، بدليل أنه أمَر مَن كان من المسلمين متزوجًا بأكثرَ من أربع أن يُمسك أربعًا ويفارقَ الباقيَ.
ويقولون: لماذا لم يفعل الرسول ذلك مع نفسه؟
نقول لهم: الله حكَم بأن زوجاتِ الرسول أمهاتُ المؤمنين (وذلك إشارة لقوله تعالى: "وأزواجُه أمهاتُهم" الأحزاب: 6) وما دام الأمر كذلك فلن يستطيع أحد أن يتزوجهنَّ، إذًا فمن يطلّقها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لن تتزوج، في حين أن التي يطلّقها غيرُه ستتزوج، فهل من العدل أن تُطلَّق امرأةٌ من رسول الله لتظل بدون زواج طول عمرها!
شيء آخر: قد يظن بعض الناس أن الله وسّع لنبيّه في الزواج أو أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسّع لنفسه، وهذا خطأ؛ لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضُيِّق عليه في هذا الأمر.
لماذا؟ لأن الله تعالى أباح لكل واحد من أمته أن يتزوَّج أربعًا، وإذا مِتْنَ يأتي بغيرهنَّ، وإذا طلَّق إحداهنَّ تزوَّج غيرها، فيدور معه العدد إلى ما لا نهاية، ولكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له ربه: (لا يَحِلّ لك النساءُ من بعدُ ولا أن تَبدَّلَ بهنَّ من أزواج ولو أعجَبَك حُسنُهنَّ إلا ما ملَكَت يمينُك وكان اللهُ على كلِّ شيءٍ رقيبًا) (الأحزاب: 52) إذًا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضُيِّق عليه في هذا الأمر.
فيا قوم تنبَّهوا إلى الفرق في الاستثناء في العدد والمعدود، فهناك استثناء في العدد واستثناء في المعدود، فهل استثنَى اللهُ تعالى نبيَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أربع إلى تسع في العدد؟
لا، فقد استثناه في المعدود لا في العدد؛ لأنه لو كان استثناه في العدد لكان إذا طلَّق واحدةً جاء بأخرى مكانها ولو ماتت إحدى زوجاته تزوَّج غيرها، ولكنه ممنوع من الزواج بعد ذلك مطلقًا.
إذًا الحق سبحانه استثناه في هذا المعدود بذاته بحيث لو ماتوا جميعًا ما صح لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتزوج.
هنا الآية تبيّن الحكمة من كل هذه القصة في قول الله تعالى: (لكي لا يكونَ على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قَضَوا منهنَّ وَطَرًا وكان أمرُ الله مفعولًا) (الأحزاب: 37) فكان لابد من حدوث هذا الأمر حتى يُنهيَ اللهُ التبنيَ وما يترتب عليه من أحكام وعادات الجاهلية.
ثم نقول: هَبْ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان له اختيارٌ في هذه العملية ولم تكن مسبقةً أو أراد الله بها شيئًا وقد حدث فرضًا، فهل نزع الله منه الرسالة أم جعله رسولًا كما هو؟
ظل رسولًا لله يتنزّل عليه وحيُه، إذًا فلا شيء فيها.
وهذا مثل الذين يقولون عن سيدنا يوسف عليه السلام: كيف همَّت به وهمَّ بها وهو نبيّ وابن نبيّ؟
كأنهم يغارون أكثر من الله، مع أنهم لو عرفوا ملابسات الموقف لما قالوا هذا لأن هذا فضول لا أصل له!
وبعد ذلك يقول الحق سبحانه: (ما كان على النبيّ من حَرَج فيما فرَض اللهُ له سُنّةَ اللهِ في الذين خَلَوا من قبلُ وكان أمرُ اللهِ قدرًا مقدورًا) (الأحزاب: 38) ما دام الله هو الذي فرَضها فمن أين يأتي الحرج؟ ما دام الله فرَض فلا حَرَجَ، فالله فرَض فرضًا ونفّذه رسوله لأنه مأمور بتنفيذ أوامر الله، فلا شيء عليه.
وهذه مثل مسألة الإسراء تمامًا حينما قالوا: أتدَّعي يا محمد أنك أتيت بيت المقدس في ليلة ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهرًا؟
وهذا غباء منهم، لكنه نفَعَنا نحن الآن؛ لأن قولهم هذا أفادنا نحن الآن، إذا ناقشنا الكلام نجد أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقل: إني سَرَيت إلى بيت المقدس في ليلة. وإنما قال: أُسرِيَ بي.
ومن الذي أسرَى به؟
الله سبحانه وتعالى.
إذًا المسألة محسومة لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له دخل بالموضوع وفِعْلَه لا علاقة له بالقضية؛ لأن الفاعل هو الله، فما دام الله تعالى هو الذي أسرَى فما ذنب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك؟
ومع ذلك فهذه القضية نفَعَتنا الآن ليُعلَمَ أن الغباء يؤدي بصاحبه إلى عكس ما قصده من غبائه، فهم حين قالوا: أتدَّعي أنك أتيتَ بيت المقدس في ليلة ونحن نضرب إليها أكباد الإبل في شهر؟
بالله عليكم لو أن الرسول كان قد قال لهم إنه رأى بيت المقدس في المنام هل كانوا سيكذّبونه أو يردّون عليه هذا الرد!
إذًا هم فَهِموا وعرفوا أنه ذهب إلى بيت المقدس بشحمه ولحمه، بجسده وروحه، بدليل أنهم قارَنوا بين سفره وسفرهم الذي يظل شهرًا وهو لم يستغرق ليلة واحدة، فهذه نفَعَتنا في الرد على الذين يقولون إن الإسراء كان بالرؤيا أو بالروح دون الجسد!
ومعنى (ما كان على النبيّ من حَرَج) أي من إثم أو مَلامة (فيما فرَض اللهُ له سُنّةَ اللهِ في الذين خَلَوا من قبل) والذين خَلَوا من قبلُ هم إخوانه من الرسل، كان عندهم كذا وكذا، أو فيما قبل الإسلام كان التعدد شائعًا ويملأ الدنيا، فلم يكن ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِدْعًا من الرسل.
وهنا نلاحظ كلمة (فيما فرَض اللهُ له) ولم يقل: فرَض اللهُ عليه. أي: فرضُ اللهِ له في صالحه. |
|