منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 أصول قراءة نافـع بيـن الشاطبي وابن بري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

أصول قراءة نافـع بيـن الشاطبي وابن بري Empty
مُساهمةموضوع: أصول قراءة نافـع بيـن الشاطبي وابن بري   أصول قراءة نافـع بيـن الشاطبي وابن بري Emptyالأحد 19 سبتمبر 2010, 3:41 pm


أصول قراءة نافـع
بيـن
الشاطبي وابن بري
((من خلال كتاب التيسير))

تأليـف
الدكتور/ السالم محمد محمود أحمد الجكني
الأستاذ المساعد ورئيس قسم الدراسات القرآنية

بكلية المعلمين بالمدينة المنورة

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمـة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
لما كان كتاب "التيسير في القراءات السبع" للإمام أبي عمرو الداني رحمه الله، هو ((الأصل)) الذي بنى عليه الشاطبي وابنُ بري رحمهما الله تعالى ((منظومتيهما)) أعني "الشاطبية" و"الدرر اللوامع" ولم يقتصرا على ما فيه، بل زادا عليه أحياناً ونقصا عما فيه أحياناً أخرى:
أحببت أن أتتبّع هذه المسألة وهذا ((الاختلاف)) بينهما وبينه، فكتبت هذا البحث مستعيناً بالله تعالى. وسميته:
أصول قراءة نافع
بين
الشاطبي وابن بري
((من خلال كتاب التيسير))

وصنَّفت البحث إلى: مقدِّمة وتمهيد وتسعة أبواب وخاتمة.
أمَّا المقدِّمة: فذكرت فيها سبب اختيار البحث.
وأمَّا التمهيد: فترجمت فيه للشيوخ الثلاثة: الداني والشاطبي وابنِ بري، وجعلت ترجمة الأوَّلَيْن مختصرةً، وذلك لشهرتهما هنا في المشرق، أمَّا ترجمةُ ابنِ بري فقد أطَلتُ فيها النَّفَسَ قليلاً وذلك عن قصد، حيث إنَّ كثيراً من المتخصصين في ((علم القراءات)) من المشارقة قد لا يعرفون عنه ولا عن منظومته شيئاً. ثم أعقبت ذلك بإعطاء نبذة مختصرة عن مكانة "الدرر اللوامع" وأهميتها.
وأمَّا الأبواب التسعة: وهي صلب البحث، فقد جعلتها مرتبةً حسب ترتيب كتاب "التيسير". وهي:
الباب الأوَّل: الاستعاذة.
الباب الثاني: البسملة.
الباب الثالث: ميم الجمع.
الباب الرابع: هاء الكناية.
الباب الخامس: المد والقصر.
الباب السادس: الهمزتان من كلمتين.
الباب السابع: الهمز المفرد.
الباب الثامن: النقل.
الباب التاسع: ياءات الزوائد.
وأمَّا الخاتمة: فسجلت فيها بعض النقاط التي تراءت لي خلال البحث.
والله من وراء القصد

التمهيد: وفيه أربعة مطالب وهي:

المطلب الأوَّل: ترجمة الداني:-

هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد، أبو عمرو، ولد سنة: 371هـ، شيخ مشايخ المقرئين، ألَّف كثيراً من الكتب، وهو عَلَم القرَّاء، توفي رحمه الله سنة:444هـ.( )
وكتابه: "التيسير" من أجلّ كتب القراءات قدراً، وهو من أصول "النشر في القراءات العشر" حيث اعتمد ابن الجزري جميع طرق "التيسير" وهي ((15)) خمس عشرة طريقاً.
وهذا الكتاب هو أحد الكتب الثلاثة التي يقرأ بها اليوم وهي "الشاطبية" و"النشر" مما يدلّ على أهميته ومدى تلقي القرَّاء قراءاته بالقبول والإقرار.( )


المطلب الثاني: ترجمة الشاطبي:ـ

هو القاسم بن فِيُّره بن خلف بن أحمد، أبو محمد، وأبو القاسم، الشاطبي، ولد سنة: 538، أحد الأعلام الكبار، غاية في القراءات، حافظ للحديث، إمام في اللغة، رأس في الأدب، مع الزهد والعبادة، توفي رحمه الله سنة 590هـ.( )
أمَّا "الشاطبية" واسمها كاملاً: "حرز الأماني ووجه التهاني" فهو نظم في القراءات السبع، نظم فيه المؤلِّف كتاب "التيسير" للداني، مع بعض الزيادات التي قرأها الشاطبي على شيوخه وهي خارجة عن طرق "التيسير"، ذكر الشاطبي أنَّه بدأ أوَّلها في الأندلس حتى قوله: ((جعلت أبا جاد)) وهو البيت رقم ((45)) ثمّ أكملها بالقاهرة.
قال عنها ابن الجزري: ((لا يعرف مقدارها إلاَّ من نظم على منوالها أو قابل بينها وبين ما نظم على طريقها، ولقد رزقت من الشهرة والقبول ما لا أعلم لكتاب غيره في هذا الفن)).( ) اهـ


المطلب الثالث: ترجمة ابن بري:ـ

اسمه ونسبه:

هو: علي بن محمد بن علي بن محمد بن الحسين( )، أبو علي، الشهير بـ ((ابن بَرِّي)) الرباطي.( )
مولده: في حدود سنة 660هـ.( )
نشأته: ولد ابن بري في بيت علم، حيث كان والده من أهل العلم والفضل، ووصفته بعض المصادر بـ ((الشيخ الفاضل)).( )
وهذا اللقب ـ أعني الشيخ ـ لم يكن يطلق في بيئة ابن بري إلاَّ على أولي العلم الشريف، وخاصة الذين لهم حظ من علوم القراءات( )، بل قد وصفه الإمام ابن القاضي رحمه الله بـ: ((الشيخ الأفضل، المتقن البليغ، المرحوم أبو عبد الله محمد بن علي)).( )
وقد لخص بعض من ترجم لابن بري نشأته بقوله: ((إنَّه ـ ابن بري ـ نشأ بتازة، بزقاق الزفانين منها، واجتهد كثيراً في المذاكرة والبحث والمطالعة، وكان من طلبة تازة)).( )
شيوخه: تتلمذ الشيخ على كثيرين أذكر منهم:
1- مالك بن عبد الرحمن بن علي، أبو الحكم المالقي، المشهور بابن المرحَّل، أديب زمانه بالمغرب وشاعرهم، ولد سنة:604هـ، له قصيدة لامية أزيد من ألف بيت نظم فيها "التيسير" بلا رموز، وقف عليها الإمام الذهبي.( )
وله قصيدة أخرى أكثر من ((100)) بيت قالها لما نفي إلى فاس، أرسلها إلى أمير سبتة فلما سمعها أضحكته وأذن له في الرجوع، منها:
سَـلام ٌ على سبتـةَ المغـربِ
أخَيَّـة مكـةَ مـع يثـربِ
سَـلامٌ علـى طـور سَينائِهـا
سـلامٌ عـلى جُبّها الأعذبِ
بناه الفقيه الـذي لـم يـزلْ
يُبـارَك فـي رأيـه الأَصْوبِ
توفي سنة: 699هـ عن 95 سنةولم يختلّ عليه مِن عِلْم ولا نَظْم حتى إنَّه قال يوم موته وأَصرَّ أن يكتب على قبره:
زُرْ غــريبـاً بمغـــرب
نـازحـاً مـا لــه ولـي
تـركــوه مــجــدَّلا
بيـن تُــربٍ وجنـــدلِ
ولْـتقـل عـنـد قـبـره
بِـلســانِ الـتـذلّــلِ
رحــم اللـه عـبــدَه
مـالِـكَ بـن المـر حَّــلِ
رحمنا الله وإياه والمسلمين بمنّه وكرمه.( )
2- علي بن سليمان بن أحمد، الأنصاري القرطبي، أبو الحسن، مقرئ فاس، قال ابن الجزري عنه: ((ألَّف كتاباً في كيفية جمع القراءات)).اهـ، توفي سنة:730هـ.( )
3- أحمد بن إبراهيم بن الزبير، أبو جعفر، ولد سنة: 627هـ، أحد نحاة الأندلس ومقرئها، قال ابن الجزري: ((سمع "التيسير" من محمد بن عبد الرحمن عن ابن أبي جمرة عن أبيه عن الداني بالإجازة، وهذا سند في غاية الحسن والعلو))( ). اهـ، توفي سنة:708هـ.( )
4- سليمان بن محمد بن علي بن حمدون، أبو الربيع الشريشي، الخطيب، الفقيه المقرئ، وهذا الشيخ هو الذي تخرج ابُن بري في القراءات على يديه وخاصة في قراءة نافع كما صرّح في "البرية" بقوله:
حَسَـبَ مـا قرأتُ بالجميـع
على ابنِ حَمْـدونِ أَبِي الرَّبيـعِ
المقْرِئِ المحقِّــقِ الفصيــحِ
ذِي السَّنَـدِ المقـدّمِ الصحيـحِ
مؤلفاته: ترك ابن بري رحمه الله مؤلفات، وصفها المترجمون بأنَّها ((مفيدة))، ومختلفة الفنون ما بين قراءات وفقه وأدب، وقد تتبعها محقق "شرح المِنْتُوري" واستقصاها، وأذكرها هنا نقلاً عنه:
1- القرآن وعلومه:
أ - أرجوزة: "الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع".
ب- "الطرر على الدرر".
جـ- القانون في رواية ورش وقالون.
2- الفقه:
أ- شرح على "التهذيب في اختصار المدونة" وهو تهذيب على الكتاب الموسوم بـ"اختصار المدونة" للشيخ أبي سعيد خلف بن أبي القاسم البراذعي الفقيه المالكي.
ب- شرح "قصيدة الفرائض": وهي لأبي الحسن بن عطية الأوْربي.
جـ- تأليف مختصر في الوثائق.
د- شرح: الوثائق" لإبراهيم بن يحيى الأوسي الغرناطي.
3- الأدب:
أ- مختصر شرح الونشريسي على مقامات الحريري.
ب- اختصار "شرح الإيضاح" لابن أبي الربيع أبي عمر أحمد المقريّ الإشبيلي السبتي.
جـ- اقتطاف الزهر واجتناء الثمر: وهو اختصار ((زهر الآداب)) لإبراهيم الحُصْري.
د- الكافي في العروض والقوافي.
هـ- شرح "العروض" لمحمد بن علي الأنصاري المعروف بابن السقاط.( )
وفاته: لم تتفق عبارة المؤلفين لتاريخ وفاة الشيخ ابن بري هل هي:730 أو 731 أو 733 أو 709، أقوال متعددة أصحها أوَّلها، وأبعدها آخرها، بل هو غلط ظاهر.
والقول بأنَّ وفاته سنة: 730هـ هو المعتمد الذي عليه المصادر المغربية الموثوقة والقريبة العهد بالمؤلِّف نفسه.
قالوا: توفي يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شوال سنة 730هـ بفاس ودفن بتازة.( )

المطلب الرابع: مكانة الدرر وأهميتها:

يعتبر نظم "الدرر اللوامع" من أحسن وأهمّ ما ألِّف في قراءة نافع، من المختصرات التي أغنت عن كثير من المطَوّلات، وأكبر دليل على ذلك شهادة العلماء على ذلك.
فقد قال ابن المجراد السلوي( ) وهو يتحدث عن قراءة نافع: ((فكان من أجل ما فيها صنِّف وفي طريق قراءتها ألِّف "أرجوزة" ابن بري المسماة "الدرر اللوامع في أصل مقرأ نافع" هذَّب فيها العبارات، وأوضح الحجج والإشارات … الخ.( )
هذا وقد تكفّل كلُّ مَن كَتَبَ عن ابن بري ببيان مكانة هذه المنظومة، وأضيف إلى ذلك كثرة الشروح التي أقيمت عليها قديماً وحديثاً( ).
ومن أهم شروحها شرح الشيخ المِنْتُوري، وهو: محمد بن عبد الملك بن علي (761-843هـ) ( ).
وتظهر قيمة المنظومة وأهميتها عندما نعرف أنَّ المغاربة كانوا قبلها يعتمدون في قراءة نافع على "الحصرية"( ) إلا أنَّهم إذا وصلوا باب ((الراءات)) يأخذون بما في "الشاطبية" نظراً لقصور "الحصرية" فجاءت هذه المنظومة لتسدّ هذه الفجوة الكبيرة في المنهج التعليمي.( )

مصطلحات البحث

1- ((الأصل)): يراد به كتاب "التيسير" للداني.
2- "الحرز" : يراد به نظم: "الشاطبية" للشاطبي.
3- "الدرر": يراد به نظم: "الدرر اللوامع" لابن بري.


الباب الأوَّل: الاستعـاذة

كذا عبَّر "التيسير" و"الحرز" بـ((الاستعاذة))، بينما عبارة "الدرر": ((التعوذ)).
التيسير: ((باب ذكر الاستعاذة)) ( ).
الحرز: ((باب الاستعاذة)) ( ).
الدرر: ((القول في التعوذ)) ( ).
((التعوذ)) و((الاستعاذة)) اسمان بمعنى واحد، وهما مصدران:
التعوذ: مصدر: تعوّذ يتعوّذ تعوّذاً، مثل: تربّص، يتربّص، تربصاً.
الاستعاذة: مصدر: استعاذ يستعيذ، مثل: استجار يستجير. والفرق بينهما أنَّ الأوَّل بمعنى ((فعل)) والثاني بمعنى طلب العوذ والعياذ( ).
والمعنى اللغوي للكلمة: الالتجاء والعصمة والاستجارة والامتناع والاعتصام بالله تعالى من همزات الشياطين( ).
و ((أعوذ)): فعل مضارع، وعلامة مضارعته الهمزة في أوَّله، وعلامة رفعه ضمّ آخره، وهو فعل معتل؛ لأنَّ عينه واو، أصله: ((أَعْوُذ)) على وزن ((أَفعُل)) استثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين، كما فعلوا في ((أقول)) و((أزول)).
والمعنى الاصطلاحي للكلمة عند القرّاء: أن يقول القارئ: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) ( )، وهي الصيغة ((المختارة)) عند جميع أهل القراءات، وذلك تأسّياً بقوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ( ).

الاختلاف:
1- خالف "الحرز" ((الأصل)) بتجويزه أيّ صيغة في ((التعوذ)) حتى وإن كانت مخالفة للفظ سورة "النحل"، وتؤخذ هذه المخالفة من قوله: ((وإن تزد ...)) كما سيأتي، بعكس "الدرر" الذي لم يختر غيرها تبعاً لـ ((الأصل))، وهذه عبارة كلّ:
التيسير: ((اعلم أنَّ المستعمل عند الحذّاق من أهل الأداء في لفظها: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) دون غيره؛ وذلك لموافقة الكتاب والسنة ... وبذلك قرأت وبه آخذ)). اهـ( ).
الحرز( ):
إذا ما أردت الدهر تقرأُ فاستعــذ
..............................
على ما أتى في النحلِ يُسرًا وإن تَزِدْ
لربك تنزيهـاً فلسـتَ مجهَّـلا
الدرر( ):
القـولُ في الـتعـوّذِ المختـارِ
..............................
وقد أتَـتْ في لفظـه أَخبـارُ( )
وغيرُ مـا في النحل لا يختار
ويلاحظ من مفهوم المخالفة في كلام ((الأصل)) أنَّ هناك لفظاً ـ غير اللفظ الذي ذكره ـ لكنه مستعمل عند غير الحذّاق من أهل الأداء.
كما يلاحظ من نفس الدليل( ) عند "الدرر" أنَّ المختار فقط هو موضع "النحل".
لكن يجاب عن هذا بأنَّ: عدم الاستعمال وعدم الاختيار لا يلزم منه عدم الجواز، بل الأمر كما قال بعضهم: غير ما في سورة "النحل" من ألفاظ التعوذ جائز غير مختار، وما في "النحل"جائز مختار( ).
2- خالف :"الحرز" ((الأصل)) في ذكر مسألة: ((التعوذ)) قبل القراءة أم بعدها؟ وهي مسألة لم يتعرّض لها ((الدرر)) تبعاً لأصله، وقد نبّه على ذلك الشيخ المِنْتُوري حيث قال: ((ولله درّ الشاطبي حيث قال:
إذا ما أردت الدهر تقرأ فاستعـذ
...............................
ولم يتعرّض الناظم ـ ابن بريّ ـ لهذه المسألة، ولعلّه إنَّما ترك الكلام عليها لشهرتها، ومعرفة أهل الأداء بها))( ).
كذا أجاب الشيخ عن "الناظم" رحمهما الله، وعند كاتبة جواب آخر، وهو ما سبق أنَّه موافقة ((الأصل)).
وهذه المسألة التي أشار إليها "الحرز" بقوله: إذا ما أردت الدهر، فيها الإجماع بين العلماء أنَّ ((التعوّذ)) هو قبل القراءة، حتى قال الحافظ ابن الجزريّ( ): ((لا يصحّ قولٌ بخلافه عن أحد ممّن يُعتبر قولُه، وإنَّما آفة العلم التقليد))( ). اهـ
والله أعلم


الباب الثاني: البسملة

هناك مصطلحان يتداولهما العلماء، وهما: ((التسمية)) و ((البسملة)).
((التسمية)): مصدر سَمَّى يسَمِّي، مثل: ((التهنئة))، و((التسلية))، وهي لها معنيان:
الأوَّل: وضع الاسم على المسمّى، يقال: سميت ابني إبراهيم، أي: جعلت هذه الكلمة ((إبراهيم)) اسماً وعلامةً لابني يعرف بها.
الثاني: ذكر الاسم الموضوع على المسمّى بعد استقرار الوضع، كأن تقول لصاحبك: إنَّ فلاناً يفعل كذا وكذا فاحذره، ولا تُسَمِّني، أي: لا تذكر اسمَّي له، قالوا: وعلى هذا المعنى حديث أبي( ) : آلله سمّاني لك؟ قال له النبي  : (الله سمَّاك لي)( ).
وبوَّب الإمام الدانيّ رحمه الله على إرادة هذا المعنى؛ لأنَّه أراد أن يبين مذاهب القرَّاء في المواطن التي يذكرون فيها اسم الله تعالى، الذي قد ثبت أنَّه سمَى به نفسه، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم( ).
وأمَّا ((البسملة)): فهي أيضاً مصدر، مشتقّة من ((بسم)) ومن لفظ ((الله)) فـ((بسم)) ملفوظ به، واللاَّم من لفظ الجلالة، وهذه الطريقة تسمّى ((النحت)) وهي قديمة ومعروفة عند العرب، فالعرب ((تَنْحَت)) من كلمتين كلمةً واحدةً، وهو جنس من الاختصار، وذلك كقولهم: رجل عبشمي، منسوب إلى اسمين. اهـ( ). وهما عبد شمس.
ومنه قول الشاعر( ):
لقد بَسملتْ ليلىا غـداةَ لقيتُهـا
ألا حبَّذا ذاك الحبيبُ المبَسْمِـلُ
ومنه أيضاً ما أنشده الخليل( ) رحمه الله( ):
أَقولُ لهـا ودمـعُ العينِ جـارٍ
ألم تُحزنـك حَيْعلـةُ المنـادِي
ومنه ((الحوقلة)) وغيرها مما هو موجود في مظانَّه من كتب اللغة والأدب.

الاختلاف:

1- خالفا ((الأصل)) في ذكرهما وجه ((البسملة)) لورش.
التيسير: ((ابن كثير وقالون وعاصم والكسائيّ يبسملون بين [كل] ( ) سورتين في جميع القرآن ما خلا الأنفال وبراءة، وكان الباقون فيما قرأنا لهم لا يبسملون))( ). اهـ.
الشاطبية: وفيها خلافٌ جِيده واضحُ الطّلا( ).
الدرر : وورشٌ الوجهانِ عنه نُقِلا( ).
2- خالف "الدرر" ((الأصل)) و"الحرز" في ذكر العلّة التي من أجلها ذهب بعض الشيوخ إلى البسملة بين السور الأربع، قال( ):
لِلفَصْـلِ بينَ النَّفْـيِ والإثبـاتِ
والصبرِ واسـمِ الله والويلاتِ
أي: ذهب هؤلاء الشيوخ إلى البسملة في هذه السور حتى يفصلوا بين المتضادات، ولا يقعوا في قبح اللفظ، وبيان ذلك:
أنَّ القارئ إذا وصل المغفرة بـ لا فكأنَّه نفى المغفرة الثابتة لله بـ((لا)) لاتصالها بالمغفرة في لفظة.
وإذا وصل وادخلي جنتي بـلا فكأنَّه نفى ما ثبت من دخول الجنة.
وإذا وصل والأمر يومئذ لله بـويل، ووصل وتواصوا بالصبر بـويل قرن الويل المذموم وهو واد في جهنّم على تفسير ابن عباس باسم ((الله))، و((الصبر)) الممدوحَيْن.
قلت:وممن قوّى حجة الفصل بالبسملة مكيّ( ) مستدلاً بما رواه الإمام مالك( ) رحمه الله عن النبي  عندما سئل عن العقيقة؟ فقال: لا أحب العقوق، قال مالك: فكأنَّه كره الاسم.
قال مكي: يريد مالك أنَّ فعل العقيقة جائز، فلم يكره النبي  فعلها وإنَّما كره لفظ اسمها( ).
واستدل أيضاً بحديث الخطيب الذي قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهمـا، ووقـف على ((يعصهما)) فقـال له النبي : (بئس الخطيب أنت)( ).
قلت: ذهب جلّ أهل هذا الفنّ إلى أنَّ هذه الضرورة لا يسلّم بها ولا تراعَى، بل إنَّها ضعيفة من وجهين:
أحدهما: أنَّه كان يلزم أن يفصل بين البسملة وأوائل السور؛ إذ الاستثقال في قولك: ((بسم الله الرحمن الرحيم لا)) مثل الاستثقال في ((المغفرة لا)) و ((الصبر ويل)).
ثانيهما: أنَّك تجد في أثناء السور مثل هذا التركيب ولا يلزم فيه الفصل، نحو: القيومُ لا غفور رحيم لا ينهاكم [الممتحنة:7، 8]اهـ( ).
ولهذا قال في "الدرر":
والسكتُ أَولىا عندَ كلِّ ذي نَظَرْ
لأنَّ وصفَـه الرحيـمَ مُعتبـرْ
والله تعالى أعلم.

تنبيه:
استشكل ابن المجراد في شرحه القيِّم على "الدرر" قول الناظم: ((ويلات)) وإليك نصّ استشكاله وما أجاب به نفسه، قال رحمه الله:
وفي كلام المصنِّف ((والويلات)) ثلاثة أسولة:
الأوَّل: أن يقال: لِمَ جمع المصنِّف ((ويل)) وهو مصدر، والمصدر لا يُثَنَّى ولا يجمع؛ لأنَّه يدلّ على القليل والكثير؟
الثاني: أن يقال: لم جمعه على ويلات، ولا يجمع على ويلات قياساً إلاَّ ويلة؟
الثالث: أن يقال: لم جمعه وهو لفظان، والأولى والأحسن التثنية لا جمعه؟
وأجيب عن الأوَّل بأنَّه إنَّما جمعه باعتبار الاسمية لا المصدرية، وإنَّما اعتبر كونه لفظين في موضعين.
وعن الثاني بأنَّه قدّر دخول الهاء عليه فصار ويلة، وقد قال الجوهري( ): ويل كلمة مثل ويح إلاَّ أنَّها كلمة عذاب، وقد تدخل عليها التاء فيقال: ويلةٌ( )، وأنشد قول الشاعر( ):
لأُمِّـكَ ويلةٌ وعليـك أخـرى
فـلا شــاةٌ تُنيـلُ ولا بَعِيـرُ
فجمعه الناظم على ويلات بهذا التقدير، وقد قال امرؤ القيس: ...............................
فقالت لكَ الويلاتُ إنَّك مُرْجِلي
فيحتمل أن يكون جمع ((ويلة)) وهو الظاهر، ويحتمل أن يكون جمع ((ويل)) على غير قياس كما قالوا: سبحات وسرادقات.
وعن الثالث بأن يكون أوقع الجمع موقع التثنية وهو جائز، أو يكون جمعه بالنظر إلى أنَّ أقل الجمع اثنان.اهـ.

الباب الثالث: ميم الجمع

هي: الميم الزائدة الدالة على جمع المذكّر. وهي تقع بعد واحد من أربعة أحرف( ):
1- الهمزة وذلك في موضع واحد في القرآن، وهو قوله تعالى:  هَاؤُمْ اقْرَءُوا( ) ليس غيره.
2- التاء المثناة الفوقية: نحو: أنتم، كنتم، سكنتم ...
3- الكاف: عليكم، فيكم، بينكم ...
4- الهاء: نحو: عليهم، فيهم، بهم ...
قال ابن المجراد السلوي: ((وحكم هذه الأحرف قبلها مختلف، فأمَّا الهمزة والتاء والكاف فلا يجوز فيهنّ قبلها إلاَّ الضم، وأمَّا ((الهاء)) فبحسب ما قبلها؛ فإن كان قبلها مضموم أو مفتوح أو واو أو ألف فهي مضمومة، وإن كان قبلها كسرة أو ياء فهي مكسورة، ويجوز ضمّها على الأصل))( ). اهـ
والأصل في ((ميم الجمع)) الضمُّ، لم أجد من خالف ذلك إلاَّ ابن الباذش( ) الذي قال: ((إنَّ أصلها السكون))( ). اهـ، وللعرب فيها ثلاث لغات:
الأولى: الضمُّ والصلة بالواو مطلقاً، ومنه قول لبيد ( ):
...............................
وهُمو فوارسُهـا وهمْ حكّامُهـا
ومنه أيضاً قول الشاعر( ):
مِنْ مَعشَرٍ حبُّهمْ دِينٌ وبُغضُهمـو
كُفْرٌ وقربُهمـو مَنْجـىً ومُعْتَصَمُ
الثانية: الضمُّ والصلة بالواو مع همزة القطع ـ كرواية ورش ـ والإسكان فيما دون ذلك، وعلى هذه اللغة قول الشاعر( ):
أَمَـرْخٌ خيـامُهمـو أم عُشَـرْ
أَمِ القلـبُ في إِثْـرهِـمْ مُنحَدِرْ
فضمَّ ميم الجمع ووصلها مع همزة القطع وأسكنها مع غيرها.
الثالثة: الإسكان فقط.

الاختلاف:
1- خالف "الدرر" ((الأصل)) و "الحرز" وذلك بإفراد ((ميم الجمع)) بباب خاص، أمَّا الآخران فقد ذكرا أحكامها ضمن الكلام على سورة "أم القرآن" ولكلٍ وجهة.
فـ((الأصل)) و"الحرز" قصدا في تأليفيهما ذكر الأصول والفرش، فبعد الاستعاذة والبسملة تأتي "الفاتحة"، وأوَّل خلاف فيها حالة الوقف( ) على رؤوس الآي هو قوله تعالى: ملك، فجعلا الباب العامّ الكلام على السورة ليدخلا كلمة ملك ثمّ تأتي ((ميم الجمع)) في قوله: عليهم غير.
أمَّا "الدرر" فإنَّه مؤلف في ((أصول)) مقرأ نافع ولا يتعرّض ((للفرش)) وعليه وجد أوَّل خلاف بعد الاستعاذة والبسملة، هو ((ميم الجمع)). هذا ما ظهر لكاتبه. والله أعلم.
2- خالف "الدرر" ((الأصل)) و"الحرز" في اقتصاره على وجه واحد في ((ميم الجمع)) لقالون وهو السكون.
التيسير: ((ابن كثير وقالون بخلاف عنه يضمّان الميم التي للجمع ويصلانها بواو مع الهمزة وغيرها نحو: عليهمو ءانذرتهم أم لم تنذرهم [البقرة:6] وشبهه))( ). اهـ
الشاطبية: ((وقالون بتخييره جلا))( ).
الدرر( ):
وكلُّها سكَّنها قالـونُ
ما لم يكنْ مِن بعدها سُكونُ
قال المِنْتُوري رحمه الله: ((وكان حق الناظم ـ ابن بري ـ أن يذكر التخيير عن قالون في هذه الميم؛ لأنَّ الداني قد ذكره، وقد قال الشاطبي في "قصيدته": ((وقالون بتخييره جلا)) ولكنه ـ الناظم ـ اقتصر على ذكر الإسكان لأنَه المشهور المعمول به في رواية( ) أبي نشيط( ) عنه)). اهـ( )
والوجهان صحيحان مقروء بهما لقالون، قالوا: الإسكان من طريق أبي نشيط، والضمّ من طريق الحُلْواني.( )
قال المالقي( ) رحمه الله: ((عبارة ((التخيير)) يراعى فيها أصل الرواية عن قالون، وعبارة الخلاف يراعى فيها اختيار القراء من حيث خصوا الإسكان بطريق أبي نشيط، وخصوا الضمّ بطريق الحُلْواني، فكأنَّهما روايتان مختلفتان عن قالون)).اهـ( )
3- خالف "الحرز" ((الأصل)) و"الدرر" في عدم ذكر حكم الوقف على ((ميم الجمع)) وهو السكون، وذلك لوضوحه.
التيسير: ولا خلاف بين الجماعة أنَّ الميم في جميع ما تقدَّم ساكنة في الوقف. اهـ( )
الدرر: وكلَّهم يقف بالإسكان( ).
4- خالف "الدررُ" ((الأصلَ)) و"الحرز" في ذكره ((الإشارة))( ) إلى ميم الجمع حالة الوقف في هذا الباب، بينما ذكراها في باب ((الوقف على أواخر الكلم)).
5- خالف "الدررُ" ((الأصل)) و"الحرز" في تجويزه ((الروم والإشمام)) في الوقف على ميم الجمع تبعاً لمكي رحمه الله تعالى.
التيسير: ... ((وحركة ميم الجمع في مذهب مَن ضمّها على الأصل لا تجوز الإشارة إليها، بروم ولا بإشمام لذهابها عند الوقف أصلاً))( ). اهـ
الشاطبية( ):
وفي هاءِ تأنيثٍ وميمِ الجميع قُـلْ
وعارضِ شَكْلٍ لم يكونا لِيَدْخُـلا
الدرر( ):
وفي الإشـارةِ لهــم قولانِ
...............................
قال المِنْتُوري: ((ظاهر إطلاقه جواز الإشارة في الوقف على ميم الجمع قبل همز الوصل، ولا خلاف في منعها)). اهـ( )
وقال أيضاً: ((وكان حقّ الناظم ألاَّ يذكر الإشارة إلى ميم الجمع؛ لأنَّ ذلك شيء قاله مكيّ وقاسه على غيره، ولم يتابعه عليه أحد ممن يعتمد عليه لظهور فساد قياسه)). اهـ( )
وقال ابن الباذش الأب( ) راداً على مكي: ((إنَّ الذي يمنعها خارج عن النصَّ يقرر رواية))( ). قال الباذش: ((بل من يجيز الروم والإشمام في ميم الجمع هو المفارق للنص))( ).


الباب الرابع: هاء الكناية

المراد به عند القرّاء: الهاء الزائدة الدالة على الواحد المذكّر الغائب، وقد يسمّونها ((هاء الضمير)) ( ).
الأصلُ في هذه الهاء: الضمُّ، إلاَّ أن يقع قبلها كسرة أو ياء ساكنة فحينئذ تكسر، ويجوز فيه الضمّ كما في قراءة( ) لأهلِهُ امكثوا( )، وما أنسانيهُ إلاَّ( )، وعليهُ الله( ).
والخلاف بين القرَّاء في ((هاء الكناية)) هو بين صلتها؛ بواو إن كانت مضمومة، وبياء إن كانت مكسورة، وبين تحريكها بذلك من غير صلة؛ ويسمّى قصراً، وبين إسكانها.
والمراد عندهم بـ((الصلة)): إشباع الضمّة حتى تصير واواً ساكنةً مدّية، وإشباع الكسرة حتى تصير ياءاً ساكنة مدّية، وهذا كلّه حالة الوصل فقط( ).
وقد اختلف شرّاح "الحرز" و"الدرر" في عدد ما وقع فيه الخلاف بين القرّاء في إسكان ((هاء الكناية)): فعند أبي شامة( )رحمه الله وهو من شرّاح "الحرز": أنَّ ما وقع فيه الخلاف بين القرّاء من حيث إسكانُ ((هاء الكناية)) عشرة ألفاظ في خمسة عشر موضعاً( ). خلافاً لما عند بعض شارحي "الدرر" منهم ابن المجراد والمِنْتُوري والمارغني( ) حيث نصّوا على أنَّها ستة عشر موضعاً تبعاً لابن مجاهد( )، الذي صرّح أبو شامة أنَّ الحرف الزائد هو من زياداته ـ ابن مجاهد ـ( ).
وهذه الكلمات على ثلاثة أقسام:
1- كلماتٌ مفردةٌ وهي ستة: نُوَلِّه، نُصْلِه، يأته، يتّقه، فألقه.
2- كلماتٌ كلُّ واحدة تكرّرت مرّتين، وهي ثلاث: يُؤَدِّه، أرجه، يره.
3- كلمةٌ كُرِّرت ثلاث مرات: وهي: نُؤْته.
وهذه الكلمات جاءت فيها قراءة نافع على ثلاثة أقسام:
القسم الأوَّل: متفق فيه على الصلة: وهو يره في [البلد: 7]، و[الزلزلة: 7، 8].
القسم الثاني: متفق فيه على القصر: وهو موضع واحد: يرضه الزمر:[7].
القسم الثالث: مختلف فيه، وهو الباقية، فورش يصلها جميعاً، وقالون يقصرها كلّها قولاً واحداً ما عدا كلمة: يأته فهي بالخلاف عنه( ).

الاختلاف:
1- خالفا ((الأصل)) في محلّ ذكر الكلمات، حيث ذكراها في الباب، بينما ذكرها ((الأصل)) في مظانِّها من السور.
2- خالف "الدرر" ((الأصلَ)) و"الحرز" في التنصيص على ((الهاء)) من ((هذه)) يعني الثانية منهما، وذلك قوله:
وهاءُ هـذه كهـاءِ المضمَـرِ
فوصلُهـا قبـل محـرَّك حَـرِي
وهذا تبرّعٌ( ) منه رحمه الله لأنَّها غير داخلة في الترجمة لكونها ليست ((هاء)) ضمير، وإنَّما هي مبدلة من ياء( ).
قال الشيخ المارغني رحمه الله: ((وإنَّما ذكرها هنا لمشاركتها لهاء الضمير في الحكم؛ يعني أنَّها أجريت مجرى هاء الضمير الواقعة بعد كسرة لشبهها بها في كونها متطرّفة بعد كسرة، فأعطيت حكمها من إثبات الصلة وحذفها)). اهـ( )
3- خالف "الدرر" ((الأصل)) و"الحرز" في ذكره يره أحد [البلد:7] لأنَّ عبارته مطلقة وليست مقيّدة، حيث قال:
ولـم يكن يراه في هـاء يره
...............................
قال الخراز: يره في الثلاثة المواضع( ). اهـ
4- خالفا ((الأصل)) في توجيه بعض أوجه الكلمات.
أ-توجيه رواية قصر قالون لهاء الكناية، وذلك بقوله بعد أن ذكرها:
رعايةً لأصلـهِ في أَصْلهـا
قبلَ دخـولِ جازمٍ في( ) فِعلها
أي: إنَّما حذف الصلة هنا لكونه راعى أصله، يعني قاعدته( ) في أصل هذه ((الهاء)) الواقعة في هذه المواضع.
وقول الناظم: ((قبل دخول جازم في فعلها)): أطلق عليها كلّها الجزم مع أنَّ فيها ما هو غير مجزوم وهو: أرجه وفألقه وإنَّما حذفت منه الياء للأمر؛ لأنَّ آخر الأمر يجرى مجرى آخر المضارع المجزوم في السكون والحذف، ولا يقال فيه مجزوم على مذهب البصريِّين؛ لأنَّه مبني عندهم، والجزمُ من ألقاب المعربات. فأجيب عنه:
1- أنَّه قال ذلك نظراً للأكثر.
2- أنَّه اتبع في هذا مذهب الكوفيّين القائلين إنَّ فعل الأمر مجزوم بلام أمر مقدّرة( ).
ب- توجيهه للقصر في يرضه، حيث قال:
ونافعُ بِقَصْـرِ يرضـه قَضَى
لِثِقَـل الضَّمِّ وللّذي مضَـى
وهذا إشارة إلى العلّة التي أوجبت قصر يرضه والسؤال إنَّما يرد على ورش إذ هو الذي خرج عن أصله فَقَصَرْ، وأمَّا قالون فإنَّه قَصَر كما قصر غيرها من الكلمات السابقة مما كان قبله في الأصل ساكن.
قال ابن المجراد: إنَّما قصر ورش الهاء من يرضه لأجل أنَّ الضمَّ أثقل من الكسر فلم يحتج إلى تكثير لثقله، وتلك المواضع الأُخر هاؤها مكسورة والكسر خفيف فاحتاج إلى الصلة ليوازن بالصلة ثقل الضمّ. اهـ( )
وقول الناظم: ((وللذي مضى)) يعني ما تقدَّم له من قوله: ((رعاية لأصله ...)) البيت، وهو كون الهاء في يرضه قبلها في الأصل ساكن وهو الألف( ).
5- وجّه الوصل في يره حيث قال:
ولـم يَكنْ يـراه في هـاءِ يَره
مـع ضمّها وجزمِـه إذ غيّـرَه
لفَقْـدِ عينِـه ولامِـه فَقَــدْ
نابَ لـه الوصـلُ مَنابَ ما فَقَدْ
الضمير المستتر وهو فاعل ((يكن)) يعود على ((نافع)) المذكور في البيت قبله، والضمير في ((يراه)) يعود على القصر، والضمير في ((ضمّها)) على الهاء، وفي ((جزمه)) على الفعل، أي: أنَّ نافعاً لم ير القصر في هاء يره من خيراً يره وشراً يره في "الزلزلة"، ويره أحد في "البلد"، وإنَّما رأى فيها الصلة، مع أنَّها كهاء يرضه في كونها مضمومةً مجزوماً فعلها( ).
قال الشرَّاح عند هذا البيت: كلام المصنّف هنا فيه إلزام وانفصال على طريقة أهل الجدل، وبيان ذلك: أنَّه لمّا علّل أوَّلاً لقالون قصر يؤده وبابه بمراعاة أصله في الهاء قبل دخول الجازم عُلِم منه أنَّ ورشاً لا يراعي ذلك، ثمَّ إنَّ ورشاً قصر يرضه ويلزمه ألاَّ يقصره، كما لا يقصر المواضع الأخرى، ففرّق بما تقدَّم من ثقل الضمّ ومراعاة الأصل، وإن كان لم يراع الأصل في باب يؤده؛ لأنَّ العلل إذا كثرت قوي بعضها ببعض، وإن كانت الواحدة على انفرادها تُلغى لضعفها، فإنَّها مع اجتماعها بغيرها تحيا، ثمَّ إنَّ ورشاً وقالون وصلا يره في المواضع الثلاثة ويلزمهما ألاَّ يصلاها؛ أمَّا قالون فلأصله المتقدّم المطرد فيما سوى يره، وأمَّا ورش فَلِما راعاه في يرضه من ثقل الضمّ ومراعاة الأصل، ففرّق المصنّف رحمه الله بين يرضه ويره بما تضمَّن قوله: ((لفقد عينه ولامه)) أي: لم يكن نافع ير القصر في هاء يره كما رآه في يرضه مع ضمّ هائه وجزم فعله كما في يرضه لأجل أنَّ يره فُقِد منه حرفان( )، ويرضه لم يحذف منه إلاَّ لامه فقط وهو الألف بعد الضاد، فوصل يره ليقوم له الوصل مقام ما حذف منه وهو عينه ولامه( ).
قال المِنْتُوري: ((والتزمت العرب التسهيل فيما كان أوَّله زيادة من ((رأى)) سوى ألف الوصل لكثرة دوره في الكلام)).اهـ( )
وقال سيبويه: ((ومما حذف في التخفيف لأنَّ ما قبله ساكن: ((أرى)) و((يرى)) و((ترى)) و((نرى)) غير أنَّ كلَّ شيء كان أوَّله [ألف] زائدة من ((رأيت)) فقد اجتمعت العرب على تخفيفه لكثرة استعمالهم إيَّاه، جعلوا الهمزة تعاقب الزيادة التي في أوَّل الكلمة فلا تجتمع معها.
قال: وحدّثني أبو الخطّاب( )، أنَّه سمع من يقول: ((قد أرءاهم))، يجيء بالفعل من ((رأيت)) على أصله من العرب الموثوق بهم)). اهـ( )
وقد جاءت هذه اللغة في أشعار العرب، ومنها قول سراقة البارقي( ):
أُرِي عَيْنَـيَّ مـا لَـمْ تَرْأَيـاه
كِـلانَـا عالِـمٌ بالتُّـرَّهاتِ( )
ومنه أيضاً قول الشاعر( ):
أَحِنُّ إذا ذكـرتُ بـلادَ نجـدٍ
ومـا أَرْأَى إلى نجـدٍ سبيـلاَ( )
وقد ذكر الإمام ابن مالك أنَّ الذين يقولون: ((أرأى)) بالهمزة على الأصل هم عرب تيم اللاَّت. اهـ( )

تتميم:

قول ابن بريّ رحمه الله في هذا البيت
.......................... فَقد
نَـابَ لـه مَنَـابَ مـا فَقَـد
فـ((فَقَد)) الأوَّل هو حرف تحقيق دخلت عليه فاء العطف، و ((فَقَدْ)) الثاني فعل ماض من ((الفقد)) وهو العدم، وهذا من التجنيس المركب، ويسمّى نوعه ((المرفوّ))( )، وقد جاء مثله في قول الشاعر( ):
أُوَارِي أُوَارِي والدمـوع تُبِينـُه
ومَنْ لي بإطفاءِ الغرامِ وَقَدْ وَقَـدْ
فَلا تعذِلوا مَن بانَ عنـه حَبِيبُـه
فَمَنْ فَقَد الأحبابَ يوماً فَقَدْ فَقَدْ


باب المدّ والقصر

المدّ في اللغة: الزيادة ومنه قوله تعالى: كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدًّا( ).
وفي اصطلاح القراء له إطلاقان:
الأوَّل: إطالة الصوت بحرف من حروف المد واللين الثلاثة، أو بحرف من حرفي اللين إذا لقي حرف المدّ أو حرف اللين همزاً أو سكوناً، وهذا الإطلاق هو المراد في هذا الباب.
الثاني: إثبات حرف مدّ في الكلمة من غير إطالة الصوت به كالمد فيمالك وحاذرون ...
والقصر في اللغة: الحبس، ومنه قوله تعالى: حور مقصورات في الخيام( )، أي: محبوسات( )، ومنه قول الشاعر( ):
فَقُصِـرْنَ الشتـاءَ بَعـدُ عليـه
وهـو للذَّوْدِ أن يُقَسَّمْـنَ جـارُ
وفي اصطلاح القرّاء لـه إطلاقان هما عكس إطلاقي المدّ، والأوَّل منهما هو المراد في هذا الباب أيضاً.

الاختلاف:
1- خالف "الدررُ" "الحرزَ" و((الأصل)) في ذكره علّة القصر في المنفصل لقالون، فقال:
..............................
والخف عن قالون في المنفصـل
نحو بما أُنـزِلَ أو مـا أُخفِـي
لِعَدَمِ الهمـزةِ حـالَ الوقـفِ
قال المِنْتُوري: ((قوله: ((لعدم ...)) هذا إشارة إلى العلّة الموجبة للخلاف في ذلك، وهي كون الهمزة عارضة، إذ لا تثبت إلاَّ في حال الوصل)).اهـ( )
وفي ذكر الناظم عدم الهمزة في الوقف إشعار أنَّ المدّ في ذلك لمن يمدّ، إنَّما يكون في حال الوصل، إذ لا موجب للمدّ في الوقف لعدم الهمزة فيه.
2- خالفا ((الأصلَ)) في ذكرهما وجه ((القصر)) في المدّ البدل لورش، فيكون هذا الوجه أعني ((القصر)) هو من زيادة كلّ منهما على أصله.
التيسير: إذا أتت الهمزة قبل حرف المدّ سواء كانت محققة أو ألقيت حركتها على ساكن قبلها أو أبدلت نحو: ((ءادم)) و((ءازر)) ... وشبهه، فإنَّ أهل الأداء من مشيخة المصريين الآخذين برواية أبي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حرف المدّ في ذلك زيادة متوسطة على مقدار التحقيق. اهـ( )
الحـرز( ):
وما بعد همز ثابـت أو مغيّـر
فقصرٌ .......................
الـدرر( ):
وبعدهـا ثَبَتَـتْ أَوْ تَغَيَّـرَتْ
فاقصُرْ وعن ورشٍ توسّطٌ ثَبَتْ
3- خالف "الحرزُ" ((الأصلَ)) و "الدرر" في ذكره وجه الإشباع في المد البدل لورش، وذلك في قوله:
.............................
...... وقد يُروَى لورشٍ مطـوّلا
وعلى هذا: يكون "الحرز" قد زاد على "أصله" وجهي ((القصر والإشباع))، و"الدرر" زاد ((القصر)) فقط( ).
4- خالف" الدررُ" ((الأصلَ)) و"الحرزَ" في ذكره مسألة وقوع حرف المدّ بعد الهمزة بدلاً من التنوين في نحو: ((دعاءاً)) و((نداءاً)) و((غثاءاً)) و((خطأً)) وذلك في قوله( ):
وألـفُ التنويـن أعني المبدلَـهْ
منه لَدَى الوقوفِ لا تمـدُّ لَـهْ
وهي مسألة مستثناة لما لا مدّ فيه لورش كـ((إسرائيل)) ( ).
قال أبو شامة: واتفقوا على منع المدّ في الألف المبدلة من التنوين بعد الهمزة نحو: ((خَطأ)) و((ملجأ)). اهـ( )
وقال ابن الباذش: ((واستثنى جميعهم الألف المبدلة من التنوين نحو: ((ماءً)) لأنَّ الألف عارضة في الوقف)). اهـ( )
5- خالفا ((الأصلَ)) في ذكرهما الخلاف في مدّ يؤاخذ وموافقة للداني في غير "التيسير" حيث لم يتعرّض فيه ـ "التيسير" ـ لهذه الكلمة أصلاً.
الحـرز: .... وبعضهم يواخذكم
الـدرر: وفي يواخذ الخلاف وقعا ...
أمَّا الداني رحمه الله فقد نصّ في جلّ كتبه على استثناء يؤاخذ، وأنَّ ليس فيها إلاَّ القصر قولاً واحداً، قال أبو شامة رحمه الله: ((قد نصّ الدانيّ على أنَّ استثناء يؤاخذ مجمع عليه، فكان يلزمه ذكره في "التيسير")).اهـ( )
وقد قال الإمام السخاوي( ) قبله: ((ترك ذكرها ـ يؤاخذ ـ في "التيسير" طرد للأصل وموجب لدخولها في حكم ما سبق من المد في نظائرها)). اهـ( )
هذا وقد خطأ علماء القراءات كلاً من صاحب "الحرز" و"الدرر" في ذكرهما الخلاف في هذه الكلمة:
قال الشيخ أبو عبد الله القيجاطي( ): ((ولا خلاف في قصر يؤاخذ وما ذكره الشاطبي وابن بري من الخلاف فيه عن ورش فخطأ)). اهـ( )
وقال الحافظ ابن الجزري رحمه الله: ((وكأنَّ الشاطبي رحمه الله ظنّ بكونه ـ الداني ـ لم يذكره في "التيسير" أنَّه داخل في المدود لورش بمقتضى الإطلاق، قال: وليس كذلك فإنَّّ رواة المدّ مجمعون على استثناء يؤاخذ فلا خلاف في قصره)). أهـ( )
قلت: أمَّا الجواب عن ابن بري، فقد نصّ شرّاحه على أنَّه تبع في هذه الكلمة الشاطبي، حيث قال الإمام الخراز وابن المجراد السلوي: ((ذكر الناظم ـ ابن بري ـ هذا الخلاف اعتماداً على قول أبي القاسم الشاطبي رحمه الله)). اهـ( )
وقال الشيخ المِنْتُوري: ((إنَّما ذكر الناظم ـ ابن بري ـ في يؤاخذ الخلاف ـ والله أعلم ـ اعتماداً منه على قول الشاطبي في قصيدته:
.... وبعضهم يؤاخذكم
فذكر قَصْر هذا الموضع عن بعضهم، فدلّ ذلك على أنَّ فيه خلافاً كالمواضع الأخرى، وليس فيه خلاف، بل قَصْره إجماع، ولعلّ الشاطبي رحمه الله لمّا رأى الداني لم يذكره في "التيسير" وذكره في غيره ظنّ أنَّ فيه الخلاف فذكره))( ).اهـ
قلت: العلّة التي ذكرها المِنْتُوري وابن الجزري رحمهما الله في ذكر الشاطبي الخلاف هو ظنّه بالخلاف فيها وجدت علّة أقوى منها ـ والله أعلم ـ وهي ما ذكره ابن المجراد السلوي رحمه الله حيث قال: ((وكلام الحافظ ـ الداني ـ في "الاقتصاد" و"التيسير" يقتضي المدّ فيه؛ لأنَّه لم يستثنه فيهما، وبهذا الاعتبار ذكر المصنِّف ـ ابن بري ـ الخلاف فيه))( ). اهـ
قلت: رأيت السبب في تخطئة الشاطبي هنا هو حملهم قوله: ((وبعضهم)) على أنَّ المراد هو ((رواة المدّ))( )، ولو حملوه على ((شيوخه)) كما استظهر الجعبريّ رحمه الله لكان الإلباس أقلّ والله أعلم؛ لأنَّه الظنّ بالشاطبي، فحاشا للشاطبي وهو القائل: ((وما لقياس في القراءة مدخل)) أن يجيز وجهاً لم يروه عن شيوخه، أو بمجرّد الظنّ، فهو إمام حافظ متقن ثقة حجة، وأقول هنا ما قاله الإمام أبو عمرو الداني رحمه الله: ((وأئمة القراءة لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في النقل)). قال: ((والرواية إذا ثبتت لم يردها قياس عربية ولا فشوّ لغة؛ لأنَّ القراءة سنَّة متَّبعة يلزم قبولها والمصير إليها))( ) . اهـ
وكذلك أُثَنِّي هنا في هذا السياق بما قاله خاتمة محققي علم القراءات، وأعني الإمام ابن الجزري رحمه الله حيث قال في معرض ردِّه على وَهَم بعض علماء القراءات: ((إذا كانت القراءة لابدّ فيها من المشافهة والسماع فمن البعيد تواطؤ من ذكرنا من الأئمة شرقاً وغرباً على الخطأ في ذلك، وتلقى الأئمة ذلك بالقبول خلفاً عن سلف من غير أصل))( ). اهـ
وقولـه أيضاً: ((نعوذ بالله من قراءة القرآن بالرأي والتشهي، وهل يحل لمسلم القراءة بما يجد في الكتابة من غير نقل))( ). اهـ


الباب السادس: الهمزتان من كلمتين

والمقصود بذلك عند القرّاء هو: الهمزتان المجتمعتان من كلمتين، وذلك بأن تكون أولاهما آخر كلمة والثانية أوَّل الكلمة التي تليها، أي: همزتا قطع متلاصقتين في الوصل( ).

الاختلاف:
1- خالفا ((الأصل)) في ذكرهما وجه ((التسهيل)) لقالون في بالسوء إلاَّ[يوسف:53].
الحـرز:
وبالسوءِ إِلا أَبدَلا ثـم أَدْغَمَـا
وفيه خلافٌ عنهمـا ليس مقفلا
الـدرر:
والخُلْفُ في بالسوء في "الصِّدِّيق"
...............................
والخلاف المشار إليه في كلامهما هو ((التسهيل))، قال أبو شامة: وفي تخفيف بالسوء خلاف عن قالون والبزي ليس مقفلاً، بل هو مشهور، قال: والخلاف المشار إليه أنَّهما قرآها ((بين بين)) على أصلهما. اهـ( )
وقال المِنْتُوري: قوله: ((والخلف بالسوء)) اختلف عن قالون هل يبدل فيه الهمزة الأولى ويدغمها أو يسهلها ((بين بين)). اهـ( ) وعليه فـ((التسهيل)) هو من الزيادات على "التيسير"( ).
قال الإمام السخاوي رحمه الله: وأمَّا الخلاف عنهما فلم يذكره في "التيسير" وهو أنَّهما يجريان على أصلهما في تليين الأولى نحو الياء، قال: وهذا عن البزي أشهر والآخر عن قالون أكثر، قال: واعتمد ابن عبد البرّ( ) على هذا الوجه لقالون في "كتابه" الذي صنّفه في "قراءة نافع"، وأباه أبو عمرو في كتبه وبيَّن خطأه. اهـ( )
2- خالفا ((الأصل)) في ذكر بالسوء إلا في باب الهمزتين، أمَّا ((الأصل)) فذكرها في "سورتها".
3- خالف "الحرزُ" ((الأصل)) و"الدرر"في ذكر وجه إبدال الهمزة الثانية من هؤلاء إنْ, البِغَاءِ إنْ والمقصود همزة ((إن)) ياءً ساكنة، وذلك في قوله: ((وقد قيل محض المد عنها تبدلا)) .
ويعتبر هذا الوجه من الزيادات على"التيسير"( ).
4- خالفا ((الأصل)) في ذكر مسألة همزة الوصل إذا دخلت عليها همزة الاستفهام نحو: ءالذكرين وشبهها، حيث ذكرها "الحرز" في باب "الهمزتين من كلمة" وذكرها "الدرر" في باب "الهمزتين من كلمتين" بينما ذكرها ((الأصل)) في سورة يونس.
5- خالف "الدررُ" "الحرزَ" ((والأصلَ)) في ذكره وجهاً واحداً وهو ((الإبدال ألفاً)) وذلك في قوله:
فَصـلٌ وأَبدِلْ هَمزَ وَصْـلِ اللاَّم
مدّاً بُعَيْـدَ همـزِ الاستفهـام
قال المِنْتُوري: ((منهم من يبدلها ألفاً، ومنهم من يسهلها بين بين، وعلى البدل اقتصر الناظم))، قال: ((وكان حق الناظم أن يذكر فيها الوجهين معاً لأنَّ الشاطبي ذكرهما في قصيدته فقال:
الحـرز:
وإن همز وصـل بين لام مسكّن
وهمزة الاستفهام فامدده مبـدلا
فللكل ذا أولى ويقصره الـذي
يسهل ..................... ( )
التيسير: وكلهم سهل همزة الوصل التي بعد همزة الاستفهام في نحو: ءالذكرين ءالله أذن لكم آلله خير ولم يحققها أحد منهم ولا فصل بينها وبين التي قبلها بألف لضعفها، ولأنَّ البدل في قول أكثر القرّاء والنحويين يلزمها))( ). اهـ


الباب السابع: الهمز المفرد

والمقصود به: الهمز الذي لم يجتمع مع همز آخر( )، وهو ينقسم في قراءة نافع إلى قسمين:
1- منه ما يبدل
2- منه ما تنقل حركته. وله باب خاص.
والمراد هنا الأوَّل، وهو نوعان أيضاً: ساكن، ومتحرك، وكل منهما يقع فاءً وعيناً ولاماً للكلمة( ).
وقد بين الإمام السخاوي رحمه الله تعالى كيفية معرفة ذلك فقال: الذي يَعرف به المتعلمُ الهمزة التي هي فاء الفعل ثلاثة أشياء:
أحدها : كل ما كان وقوعه بعد همزة وصل نحو: ائتوا، فأتوا.
ثانيها : كل ما كان ساكناً بعد ميم نحو: مأمون، مأكول.
ثالثها : ما كان منه بعد حروف المضارعة نحو: يأتين، تأتون. اهـ( )

الاختلاف:
1- خالفا ((الأصل)) في تسمية عنوان الباب، حيث عنده: ((باب ذكر الهمزة المفردة))( ).
وعند "الدرر": سمَّاه ((الإبدال)) فقال:
القولُ في إبـدالِ فـاءِ الفعـلِ
والعينِ واللاَّمِ صحيحِ النقـل( )
وأمَّا عند "الحرز" فهو ما اخترته هنا.
2- خالفا ((الأصل)) في تعبيرهما بـ ((الإبدال)) بدل ((التسهيل)):
التيسير: اعلم أنَّ ورشاً كان يسهل الهمزة المفردة( ).
الحرز :
إذا سكنت فاءً من الفعل همـزةٌ
فورش يُريها حرف مدّ مبدّلا( )
الدرر:
القول في إبـدال فـاء الفعـل
........................... ( )
ومعلوم أنَّ عبارة ((الأصل)) عامَّة تشمل عدة أنواع، مثل، النقل، الحذف، الإبدال، وبين بين ... الخ، فهذه كلها يطلق عليها ((تسهيل)) كما قال أبو شامة رحمه الله: ولفظ ((التسهيل)) يشمل الجميع( ).
بخلاف عبارتي "الحرز" و"الدرر" فهي من حيث الصنعة أكثر دقةً في المعنى المراد، هذا ولم أجد في شرّاح "الحرز" من تعرّض للتنبيه على هذه المسألة هنا، أعني مسألة تعبير "التيسير" بـ((التسهيل))، وتعبير "الحرز" بـ((الإبدال)).
3- خالفا ((الأصل)) في ذكرهما كلمة ((النسيء)) في هذا الباب، بينما ذكرها هو في سورتها( ).
4- خالف "الدررُ" ((الأصلَ)) و"الحرزَ" في ذكره إبدال قالون لكلمة رئيا [مريم:74] بينما ذكراها في سورتها( ).
5- خالفا ((الأصل)) في ذكرهما إبدال نحو ءادم إيماناً أوتوا في هذا الباب، حيث لم يذكرها فيه، وفعلُه صوابٌ؛ لأنَّ حق هذا النوع هو باب "الهمزتين من كلمة".
الحرز:
وإبدال أخرى الهمزتين لكلّهـم
إذا سكنت عَزْمٌ كآدم أُود هِلا( )
قال أبو شامة رحمه الله: ((هذه المسألة موضوعها: "باب الهمزتين من كلمة" لا هذا الباب، فإنَّه للهمز المفرد)). اهـ( )
الدرر:
أبدل ورش كلَّ فـاءٍ سكنـتْ
وبَعدَ هَمـزٍ للجميـعِ أُبدِلَـتْ
قال المِنْتُوري رحمه الله: ((كان حقّ الناظم ـ ابن بري ـ أن يذكر هذا في "الهمزتين من كلمة" كما ذكره مكي وغيره، ولكنه تبع في ذلك الشاطبي، فإنَّه ذكر ذلك في "الهمزة المفردة"، وتبع الشاطبيُ ابنَ سفيان( ) وغيره))( ). اهـ


الباب الثامن: النقل

والمراد: نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها.
والنقل في اللغة: التحويل، يقال نقلت الشيء من مكان إلى مكان بمعنى حوّلته( ).
وفي الاصطلاح: تحويل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها مع حذف الهمزة( ).
والنقل من فصيح لغة العرب ومشهور كلامها وهو لغة قريش( )، وله شواهد كثيرة منها قول النابغة الذبياني( ):
أَمِنَ ال ميّـة رائـحٌ أو مُغْتَـدِ
عَجْـلاَنَ ذا زادٍ وغيـرُ مُـزَوَّدِ
وقول كعب بن مالك الأنصاري( ):
ما بال همٍّ عميدٍ بـاتَ يَطْرقُني
بالوادِ من هندٍ اذْ تعدو عَوادِيهـا
وقول أميّة بن أبي الصلت( ):
والخيط لَبْيَض ضوءُ الصبح منفلقٌ
والخيطُ لَسْود لونُ الليلِ مَكْتومُ
الشاهد: إلقاء حركة همزة ((آل)) على ((النون)) من ((من))، وهمزة ((إذ)) على التنوين من ((هند))، وحركة الهمزة على لام المعرفة في الكلمتين: ((الأبيض والأسود)).

الاختلاف:
1- خالفا ((الأصل)) في ذكرهما حكم كلمة عاداً الأولى [النجم:50] في هذا الباب،


أصول قراءة نافـع بيـن الشاطبي وابن بري 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
أصول قراءة نافـع بيـن الشاطبي وابن بري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صفـر بيـن الغلـو والجفـا
» الرجل ذو القلبيـن.. بيـن الوهم والحقيقة..
» مع الإمام أبي اسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره
» أصول في التجويد
» الإمام العلم الشاطبي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: كتابات في القرآن-
انتقل الى: