منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 5:18 am

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر
الأستاذ الأكبر الشيخ ابراهيم حمروش
------------------------------------
ملء القلوب والأسماع، وحديث الخاصة والعامة، وشخصية تكاد من جلالتها وتواضعها تعد مع الخالدين الأوائل من كبار أئمة الإسلام، حجة في علوم الدين واللغة والأدب، وإمام في المعقول والمنقول، وشيخ كثير من علماء الأزهر المعاصرين، تتلمذوا عليه، ونهلوا من معين علمه الفياض، واستمعوا لأحاديثه وآرائه في اللغة والبلاغة والأدب، وفي علوم الشريعة وأحكامها، وفي دقائق الاجتماع والتاريخ، فكان لهم من ذلك علم غزير، ومدد فياض..

ومجلسه العامر يفيض بالجديد الطريف من معارفنا الحاضرة، وبالتليد القديم من علوم الأوائل ومعارفها، وإلى جانب ذلك النكتة الرائقة والفكاهة الشائقة، والآداب الرفيعة، في سمت الصالحين الورعين، والزاهدين العابدين، مع التقوى والتواضع، وعفة اللسان، وطهارة القلب، ويقظة الضمير.

وهو صوفي ورع، محب لآل البيت، كثير الإجلال لذكرهم، مع التوكل على اللّه والتباعد عن السياسة وهو من أرومة عربية طيبة، من عرب إقليم البحيرة، حفظ القرآن، وجاور في الأزهر، وتتلمذ على الإمام محمد عبده، ونال العالمية من الدرجة الأولى، وشغل منصب التدريس في الأزهر، ثم في مدرسة القضاء الشرعي، ثم تدرج في مناصب القضاء، ثم اختير شيخا لمعهد أسيوط، فشيخا لمعهد الزقازيق، فعميدا لكلية اللغة العربية، فشيخا لكلية الشريعة..

ثم أسندت إليه رياسة لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ثم منصب الإمامة الكبرى للإسلام والمسلمين إلى جانب عضويته في مجمع اللغة العربية منذ نشأته حتى اليوم، ولقد عاش طول حياته يحلم بإصلاح الأزهر ويعمل مع العاملين لهذا الهدف، ويشترك في جميع اللجان التي ألفت لذلك.

ولقد تخرج الشيخ إبراهيم حمروش من الأزهر، عام 1906، وعين مدرسا في الأزهر، ثم اختير للتدريس في مدرسة القضاء الشرعي 1909، ومكث مدرسا بها حتى سنة 1916، ثم عين قاضيا في المحاكم الشرعية، وظل يرقى في مناصبها، إلى أن اختير عام 1928 شيخا لمعهد أسيوط، ونقل بعد شهور شيخا لمعهد الزقازيق، ولما أنشئت الكليات الأزهرية اختير عام 1932 شيخا لكلية اللغة العربية، وفي عام 1944 اختير شيخا لكلية الشريعة، ثم استقال من منصبه عام 1946 احتجاجا على السراي لتدخلها في شؤون الأزهر، وعين عام 1950 رئيسا للجنة الفتوى..

وهو عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة منذ إنشائه عام 1932، وللأستاذ الأكبر مكانته الكبيرة في قلوب الأزهريين، فهو حيثما حل وحيثما كان موضع التجلة والاحترام والتقدير، من كل أزهري وكل مسلم.. ومكانته العظيمة في العالم الإسلامي في غنى عن البيان، وإن معاهد الأزهر وكلياته لتفخر بجهوده في تنظيمها وفي توجيهها لأداء رسالتها، ولقد نال مكانته المرموقة بما فطر عليه من نبل خلق وعظمة شخصية وسعة علم وصلاح وإيمان... كان في الوظائف الكبرى التي تقلدها مثالا عاليا للرئيس اليقظ العادل والإمام الراعي الساهر، والشيخ الحكيم المدبر، والعالم الحاني على طلاب العلم وشيوخه.

وقد تولى الشيخ حمروش مشيخة الأزهر للمرة الأولى في 4 سبتمبر عام 1951 وكانت له مواقف خالدة في الحركة الوطنية المصرية الأخيرة، وأعفي من منصبه في 10 فبراير عام 1952 التي خرجت تهتف بحرية مصر، ومقالاته عن وجوب محاربة الاستعمار، وأذكر أنه لما تولى المشيخة للمرة الأولى استقبل في الأزهر استقبالاً حافلاً...

وهنأته بهذه الأبيات:
عاد الدين مجده وسلامه وحمى الدين هذه أيامه
ودع الأزهر الغداة ليالي‍ ه، ونادته بالمنى أحلامه
تلك آماله الكبار، وهذا شيخه الأكبر الحكيم إمامه
يشهد اللّه أنه كاهل الدين، وللأزهر العريق سنامه
إن (إبراهيم) الملاذ لبيت اللّه تسعى بسعيه أعلامه
أمة واحدة، وفي اللّه مسعاه، وللحق عزمه ومقامه
أمل المسلمين، والنور يهدي ليس إلا للمكرمات اعتزامه
يا إمام الإسلام بايعك الأزهر شيخا له، وأنت سلامه
تلك آماله إليك، وهذا في يديك الكريمتين زمامه
وعلى منكبيك برد جلال صيغ من نسج الصالحات وسامه
سر على يمن اللّه تحرس بيت العلم في يمنى راحتيك وسامه
جمعت حولك القلوب وهذا البي‍ت جذلان من هداك ابتاسمه


والشيخ حمروش، هو البقية الباقية من علماء الأزهر الأعلام، ومن الجيل القديم، الذين يعتز بهم الأزهر الحديث، والذين ليس لهم نظير في العلم والغيرة على شؤون الإسلام والعروبة، أمد اللّه في حياته.. وما من أزهري اليوم إلا وهو من تلامذته، أو من تلامذة تلامذته..

ومن كلماته هذه الكلمة التي ألقاها في الأزهر في ذكرى الهجرة وهي:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين: شاعت في الأمم السابقة خرافات وعقائد باطلة لم تكن وليدة بحث ودروس ونظر واستدلال، وإنما هي أقوال ملفقة مما يأخذها الخلف عن السلف، ويقلد فيها الأبناء آباءهم، من غير فهم ولا روية، ومحافظة عليها المترفون، لأنهم يعتقدون أن في الدين زوالاً لهيبتهم وذهاباً لعظمتهم، قال تعالى: وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ، وقد أرسل اللّه تعالى محمداً صلى اللّه عليه وسلّم إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لخلقه، واختاره لعباده، من يوم مبعثه إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها، فكان موقف أمته منه موقف الأمم السابقة من رسلها، ولم تستحدث الأيام خلقا، ولا حالت من الزمن العهود.

بدأ محمد صلى اللّه عليه وسلّم، بدعوة العرب، وكانوا وقتئذ أقل الناس حظا وأشقاهم عيشا، وأبينهم ضلالة، بأسهم بينهم شديد، يقتتلون لأقل الأمور وأحقر الأسباب، وكانوا متفرقين لا تجمعهم وحدة، ولا يشملهم نظام، وكان يجاور العرب دولتان عظيمتان: دولة الفرس، ودولة الروم الشرقية، استولت كل واحدة منهما على ما جاورها من بلاد العرب، وجعلت عليه حاكما من العرب، يعمل لها وينفذ إرادتها، ويرعى مصالحها، وبهذا الوضع كان العرب محصورين في جزيرتهم، قانعين بما فيها من مفاوز وصحراوات.

دعاهم صلى اللّه عليه وسلّم إلى خير الأمور، وأفضل الأعمال: دعاهم إلى عبادة اللّه وحده، وترك عبادة الأصنام، لأنها لا تضر ولا تنفع، ولا تعطي ولا تمنع، ولا تدفع عن نفسها أذاة، ولا تميط قذاة، ولا تخلق حصاة، ومع ظهور الحجة ووضوح البرهان، وتنبيههم للحق في كثير من الآيات، قال تعالى: يا أَيُّهَا اَلنّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ، إِنَّ اَلَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اِجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ اَلذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ اَلطّالِبُ وَاَلْمَطْلُوبُ إلى غير ذلك من الأمثال التي صرفها اللّه تعالى في كتابه، ومع كل ذلك لم يؤمنوا به، بل كذبوه أشد تكذيب وبالغوا في الإنكار، وقالوا: إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ.

ومن جهلهم زعموا أن دعوة النبي صلى اللّه عليه وسلّم الناس إلى عبادة اللّه، وترك عبادة الأصنام، لم تكن إلا لأنه صلوات اللّه عليه يكره الأصنام، ويريد الانتقام منها، لأن بعضها اعتراه بسوء، وألحق به ضررا، اِعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ، فكان ذلك صراعا بين الحق والباطل، وبين الحجة والبرهان، والجهل والطغيان، ولم يقفوا عند التكذيب والإنكار، بل تجاوزا ذلك إلى إيذائه وإيذاء من شرح اللّه صدورهم للإسلام، فقبلوا دعوته؛ وآمنوا برسالته.

وفازوا بشرف السبق، وكلما بالغوا في الإيذاء، بالغ صلى اللّه عليه وسلّم في الصبر، واجتهد في الدعوة، وكان صلى اللّه عليه وسلّم شديد الحرص، عظيم الاهتمام بكثرة الأعوان والأنصار، ليتمكن بذلك من أداء مهمته، وتبليغ رسالته، فكان عليه السلام يتلقى من أقبلوا إلى مكة في موسم الحج، فيدعوهم إلى الإسلام، ويقرأ عليهم القرآن، فما أجابه أحد، ومنهم من رد عليه ردا قبيحا، وقد اجتهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم في مقابلة الوفود، ولم يصرفه إيذاء قريش عن دعوته، ولا الرد القبيح عن السعي في إدراك طلبته، فكان يقابل الوفود في كل موسم، ففي موسم التقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بجماعة من الخزرج، ولما عرض عليهم الإسلام قبلوه، فكان ذلك الاجتماع مقدمة النجح ووسيلة الفوز، فإنهم لما عادوا إلى أهلهم بالمدينة ذكروا لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم، والدين الذي يدعو إليه، فأسلم منهم كثيرون.

وفي موسم آخر حضر جمع من مسلمي المدينة والتقى بهم رسول اللّه وبايعوه، إن هاجر إليهم، على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وبعد ذلك أمر صلوات اللّه عليه، أصحابه بالهجرة إلى المدينة واللحوق بإخوانهم، وقال لهم: «إن اللّه قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها» فخرجوا أرسالا، رجالا ونساء، إلا من حيل بينهم وبين الهجرة من المستضعفين، ولما رأت قريش أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم قد صارت له شيعة وأصحاب من غير بلدهم، وخرج أصحابه من المهاجرين إليهم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، ائتمروا على قتله قبل الهجرة حتى يأمنوا حربه.

ولما علم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ما أجمعت عليه قريش وعرف الليلة التي يريدون الفتك به في صبحها، توجه صلوات اللّه عليه إلى أبي بكر، وأخبره أن اللّه أذن له بالهجرة، فسأله الصحبة، فأجابه إليها، واتعد على الهجرة في تلك الليلة، وقد أمر النبي صلوات اللّه عليه علي بن ابي طالب أن ينام مكانه في تلك الليلة خروجه صلى اللّه عليه وسلّم للفتك به، فإذا بعلي يخرج إليهم، فعلموا أنهم باتوا يحرسون عليا.

ولما علمت قريش بذلك ثارت ثائرتهم وأخذوا يقتصون الأثر، وجعلوا لمن يأتي به حيا مائة من الابل، وهاجر صلى اللّه عليه وسلّم بإذن اللّه وفي رعايته وحفظه إلى أن بلغ المدينة، ولما استقر بالمدينة أخذ ينشر دعوته ويبلغ رسالته إلى أن بلغ كل ما امر بتبليغه، وبذلك تمت الشريعة، وكمل النظام الذي وضعه العليم الحكيم.

والشريعة التي بلغها سمو بالعقول عن التقليد، واتباع القول بلا دليل، وأمر بالنظر فيما بث اللّه في الآفاق من آيات. ونصب في الكون من دلائل تدفعها إلى الاذعان بوجود اللّه، وبما له من صفات الكمال: من القدرة التامة والعلم المحيط والتفرد بالسلطان فيما عداه، يمضي فيه حكمه وينفذ قضاؤه، وعبادة وخضوع وتقرب وخشوع. شكرا لمن خلقهم، وأسبغ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وتهذيب نفوس، وتطهير قلوب، وبعد عن الآثام والذنوب، وتنزه عن الصغائر، وصدق في القول، وإخلاص في العمل، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وشجاعة ونجدة، وإعداد عدة لارهاب الأعداء، ومساواة فكلهم عند اللّه سواء، لا فرق بين عظيم وحقير وغني وفقير، لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى اللّه والتقرب منه، ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، وتعاون وتناصر، وتواد وتراحم وتعاطف وطاعة اللّه ورسوله وأولي الأمر من المسلمين. إلى غير ذلك مما أمرت به الشريعة.

وحثت عليه ورغبت فيه وقد اعد اللّه تعالى للذين يعملون الصالحات سعادة الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَعَدَ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ كَمَا اِسْتَخْلَفَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اَلَّذِي اِرْتَضى لَهُمْ. وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً وقال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ اَلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً. وقد عملت الأمة بتلك الشريعة، فآتت اعمالها الصالحة أكلها، وأثمرت ثمرتها في بناء الأمة على أسس متينة، وأخلاق عظيمة، وربطت بينها برباط التعاون والمساواة وقويت بعد ضعف، وسعدت بعد شقاء، وعزت بعد ذل. فعظم قدرها وعلا شأنها، وأحكم أمرها، فغيرت وجه التاريخ، وفكت الحصر الذي ضربته دولة الفرس ودولة الروم.

وفتحت بلاد الأعداء الذين كانوا يكيدون لها ويعملون على مضايقتها. ولا زالت الدولة الإسلامية تنتقل من فتح إلى فتح ومن نصر إلى نصر، وعاشت قوية عزيزة، تقدرها الأمم، ويرهبها الأعداء ولما انحرفت عن العمل بالدين، واتباع هدى سيد المرسلين، اعتراها الضعف والوهن، فلانت قناتها وذهبت هيبتها، وقد توفي رحمه اللّه عصر يوم الاثنين 25 جمادي الأولى 1380 ه‍ 14 نوفمبر 1960 وشيعت جنازته في اليوم التالي إلى مقبرة سيدي جلال في 15 نوفمبر 1960.

وكتب عباس محمود العقاد في يومياته في الأخبار (عدد 23/ 11 / 1960) يقول:
كان صاحب الفضيلة الشيخ إبراهيم حمروش بقية صالحة من بقايا المدرسة الإمامية التي استفادت من قدوة أستاذها الشيخ محمد عبده في العناية بعلوم اللغة والأدب والحكمة إلى جانب العناية بعلوم الفقه والشريعة، كان الأستاذ الإمام يعني بالأدب واللغة فيدرس نهج البلاغة ومقامات البديع ويعني بالفلسفة الإسلامية فيكتب رسالة التوحيد ويعلق على «العقائد العضدية» ويهدي طلا به إلى أسرار حكمة الغزالي في مطولاته ومختصراته، ويعني بالفقه والشريعة فيلقي دروسه في تفسير القرآن الكريم ويكتب تقريراته الوافية في إصلاح المحاكم الشرعية.

وبهذه القدوة العالية كان تلاميذه الأوائل يقتدون ويهتدون ومنهم فقيد اللغة والفقه الأستاذ حمروش شيخ الأزهر الأسبق وعضو مجمع اللغة العربية، الذي فقده العالم العربي والعالم الاسلامي، منذ أيام، وكان من شواهده في جلسة قريبة من جلسات لجنة الأصول بالمجمع أن بعض الزملاء تذاكروا شروط السن فسمعنا الشيخ -كعادته- عند حضور الشاهد يهمس ببيت التميمي الذي يقول فيه: وإن امرأ قد سار خمسين حجة إلى منهل من ورده لقريب.

وهو بيت يكثر فيه تبديل العدد على حسب المناسبة، فصاحب البيت يقول «خمسين حجة»، وبديع الزمان في مقامته الأهوازية يقول «عشرين حجة» و... والشيخ حمروش يرويها أولا «ستين حجة» ثم يذكر أنه جاوزها فيصلح وزن الشطر على الثامنين، ويعود قائلا: وان امرأ يسعى ثمانين حجة إلى منهل من ورده لقريب.

وهكذا كنا نسمع منه الشواهد الحاضرة حين يستشهد بها في موضعها من الدلالة على الأحكام اللغوية، ثم يتصرف فيها -متبسطا- على حسب الحالة الحاضرة كما يقول: ولم يكن من المتشددين في استناده إلى أقوال الشعراء والرواة، فانه كان على خلاف علماء اللغة الذين يقفون بالحجة عند اقوال المخضرمين -يتوسع فيستشهد أحيانا بأقوال العباسيين من أمثال بشار وأبي نواس، بل يستشهد أحيانا بأقوال المولدين المتأخرين إذا درجت في مدارج الاستعمال الشائع، ويظرف غاية الظرف حين تسمعه في وقاره وسمته يروي بيتا لأبي نواس أو لبشار لا يتحرج فيه هذا ولا ذاك، ولا يبالي الشيخ لغوهما إذا كان فيه حجة «اللغويين»... وقد ينطقها أحيانا بفتح اللام من «اللغو» لا من «اللغة» تفكها منه على حسب المقام، وكثيراً ما كان يعزز حجة «النحوى» بحجة الفقيه «المنطيق»، وكثيرا ما كان يسأل عن مقابل الكلمة باللغات الأجنبية ليضعها في من التقليد أو التقييد، ولكنه كان مثلا للعالم السلفي الذي يرعى حق القديم ولا ينسى في غيرته عليه حق الجديد.

وكتب الشيخ محمد علي النجار عنه 1 يقول 2:
تعلقت بأسبابه 2، ووصلت حبلي بحبله في سنة 1937 حين عملت في التدريس في كلية اللغة العربية وكان عميدها، فأولاني من عطفه، وأخذ بضبعي، وكان لي منه الخير الكثير، صحبته إذن، وقد استوى على صهوة المجد والشرف الباذخ, فهو من رجالات الأزهر وأولى الأمر فيه، وهو عضو في مجمع اللغة العربية، وهو حجة في علوم الدين واللغة، كان جامعا بين الحزم في سياسة الكلية وتدبير الأمور في الأزهر، والاضطلاع بالمطالب العلمية التي يتطلبها المجمع والأزهر.

كان ساهرا على رعاية الكلية، خبيرا بما فيها، لا يشذ عنه شيء من أحوالها. حريصا على أن تتبوأ المركز اللائق بها، فكان يختار لها المدرسين الكفاة من الأزهر وغيره، وكان ينظم امتحان مسابقة لدخول الطلاب فيها، ولم يكن ذلك مسنونا في قانون الأزهر، ولكنه الحرص على أن يكوّن طبقة ممتازة من الطلاب.

ولقد كان يطوف بحجر الدراسة في اليوم غير مرة، ويسأل الطلبة في دروسهم، ويقف على درجة تقدمهم وتخلفهم، ويطب لكل مقام بما يقتضيه، ولقد مرت فتن سياسية وأعاصير هوج كان الطلبة يسلكون فيها في بعض الحين مسلك الشطط والنزق، فكان يعالج الأمر بالحزم والكياسة، يخلط الشدة باللين، والمخاشنة بالمحاسنة، فيعود الطلبة طوع يديه، يأتمرون بأمره ويقفون حيث أحب.
__________
1) ولد الشيخ ابراهيم حمروش: في ربيع الأول 1297 ه‍ أول مارس 1880 م-و توفي في 26 جمادي الاولى 1380 ه‍- 15 نوفمبر 1960 م.

2) عن مجلة الأزهر عدد رمضان 1380 ه‍-للاستاذ محمد علي النجار-عضو مجمع اللغة العربية والاستاذ بالأزهر الشريف.
__________

ولقد بلغت كلية اللغة العربية أوج مجدها، وكانت غرس يديه، وترك كلية اللغة إلى كلية الشريعة في 24 من أكتوبر سنة 1944م فأصلح من شأنها، وقوم من أودها، وثقف من قناتها، وكان له فيها أثر محمود حتى استقال من رياستها في 23 من ديسمبر سنة 1945م على أثر أمور في الأزهر لم ترضه ولكنه بقي عضوا في جماعة كبار العلماء.

وأسند إليه منصب مشيخة الأزهر في 30 من ذي القعدة سنة 1370ه‍ (2 من سبتمبر سنة 1951م) وبقي متقلدا هذا المنصب الجليل حتى يوم 9 من فبراير سنة 1952م، وكان الوطن في أيام توليه مشيخة الأزهر في محنة مع الإنكليز في قناة السويس وفي حاجة إلى جمع الصفوف وتوحيد الكلمة، فكان للشيخ السهم الموفور في هذه الدعوة الشريفة.

فنراه ينشر على الناس في يوم 15/ 1 / 1952 كتابا يقول فيه:
«أيها المصريون، أتوجه إليكم في هذه الظروف التي غشيتكم فتنتها، وحزبتكم شدتها، أن تكونوا إخوانا في الوطن متآخين متحابين، رائدكم الإخلاص لبلادكم وأنفسكم «و لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».

«و إن شر ما تبتلى به الأمم في محنتها أن تتفرق كلمتها، وأن تنحل وحدتها، وتنقطع أواصر المودة بين جماعاتها، فيشق العدو الطريق إليها، وينفذ بسهامه إلى صدور أبنائها».

«و هذه مصر، بلادكم العزيزة ووطنكم المحبوب تناديكم جميعا، شيبا وشبانا، رجالا ونساء، أقباطا ومسلمين، أن تكونوا سهاما مسددة نحو عدوها، وأن تلقوا الغاصب صفا واحدا كأنكم بنيان مرصوص، بقلوب لا تعرف إلا الوطن والدفاع عن حوزته».

«و أذكركم -حتى لا يغيب عن أذهانكم- تاريخ هذا الغاصب الرابض في دياركم، وما اعتاده من سياسة التفريق طلبا للسيادة ورغبة في السلطان وبسطا للنفوذ، لمصلحته هو لا لمصلحة أحد سواه، وأذكركم جميعا مسلمين وأقباطا بماضيكم المجيد، فقد قمتم كتلة واحدة تطالبون باستقلال البلاد واستكمال حريتها، وتبوئها مكانة سامية بين الأمم، وأشهدتم العالم كله على وحدتكم وائتلافكم».

«و إني أعيذكم باللّه من التفرق واختلاف الكلمة، فتضيع جهودكم الكبيرة التي بذلتموها في سبيل عزتكم وعزة بلادكم».

«و اعلموا أن النصر المؤزر لقضيتنا رهن باتحاد صفوفنا واجتماع كلمتنا، ووقوفنا جميعا في وجه عدونا، حتى تظفر بلادنا بما تصبو إليه من السيادة والحرية والاستقلال، ويتمتع أهلها جميعا بالأخوة الصادقة والاطمئنان على أموالهم وأنفسهم».
يتبع إن شاء الله...


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 5:23 am

وحين اشتد حنق الإنكليز في القناة والإسماعيلية فأنزلوا عذابهم على القرى الآمنة أصدر الشيخ منشورا جاء فيه:
«إن شعب وادي النيل الباسل في كفاحة السلمى لإخراج المغتصبين المحتلين من بلاده لم يجاوز حقه الشرعي في الدفاع عن عقيدته والمطالبة بحريته، ولكن هذا الدفاع لم يرق في أعين المحتلين من الإنجليز، فعملوا بكل الوسائل العدوانية على توهين وحدته، واندسوا في صفوفه، يشيعون الأراجيف لتفريق كلمته، فلما واجههم الشعب وحدة متراصة، وقام في وجههم على قلب رجل واحد يطالب بحقه في الحياة الحرة طاشت أحلامهم ولجئوا إلى القوة الغاشمة يسلطونها على الآمنين في ديارهم، وعلى النساء في خدورها، وعلى الأطفال في مهادها».

«و كلما زاد الشعب تمسكاً بحقه وصبراً على هذا العنت زاد عسفهم، وتعددت مظالمهم، حتى خرجوا على كل شرعة، وبزوا كل ما عرف من أعمال وحشية، فأزالوا القرى الآمنة من الوجود بدباباتهم، وهدموا البيوت بمدافعهم الثقيلة، وشردوا النساء والأطفال الأبرياء، وانتهكوا كل الحرمات، واعتدوا على المساجد والكنائس، ولم يبق جرم إلا ارتكبوه، ولا شناعة إلا فعلوها، ولم تقف شناعتهم عند حد، فراحوا يطلقون النار على حفظة الأمن ورجال الشرطة، ويقتلونهم تقتيلاً في رائعة النهار، ويأسرون من نجا منهم...».

«و إني باسم الأزهر علمائه وطلابه لأعلن استنكاري لهذا الإجرام الفظيع الذي انتهكت فيه الأعراض، واستبيحت الأموال واعتدى على حرية الإنسان وحقه المشروع في أن يطالب بحريته واستقلاله، واحتج بشدة على هذه الأعمال العدوانية التي تنافى جميع الشرائع والأديان. وأهيب بالضمير العالمي أن يثور على هذا الوضع المهين لكرامة الإنسان، وأن يهب لوقف هؤلاء المستبدين عند حدهم، ليعلموا أن في العالم ضمائر تتحرك لنصرة الحق، ونفوسا تثور للأخذ بيد العزل المكافحين لنيل حرياتهم..».

«و ليعلم الإنجليز أن هذه الفظائع التي يصبونها على رؤوس أبنائنا لن تلين للشعب قناة، ولن ترده عن المطالبة بجلائهم الناجز عن وطننا العزيز، وأن وادي النيل كله لن يسكت بعد اليوم على ضيم يراد به، ولن يفرط في حق من حقوقه، مهما ابتلى بالشدائد ومهما ضحى من أرواح غالية...».

«و إني إذ أستمطر رحمة اللّه ورضوانه على شهدائنا الأبرار أتوجه إلى أبناء الوطن جميعا مناشدا إياهم أن يشدوا من عزائمهم، وألا يجعلوا لهذه الأحداث أثرا في نفوسهم، فلا يهنوا ولا يحزنوا ولا يضعفوا، وهم الأعلون إن شاء اللّه، فلابد للجهاد من تضحية وللحرية من ثمن يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

وإن النيل من الإنجليز وجبههم بالغليظ من القول في ذلك العهد لم يكن بالسهل الهين، ولا يقاس به عهدنا الحاضر الذي نعمنا فيه بجلائهم صاحب القصر ورجاله الشيء الكثير، وكان القدح فيهم لا يطور به من ذوي المناصب إلا من لا يتمسك بمنصبه، ويؤثر الحق على زينة السلطان وجلاله الكاذب، وأكبر الظن أن إقالته من المشيخة ترجع إلى هذا المنزع السياسي الذي ضاق به الإنكليز.

وإني أقص هنا سيرة الشيخ ونشأته حتى استوى سيداُ جليلاُ:
ولد الشيخ في قرية الخوالد التابعة لمركز إيتاي البارود من أعمال مديرية البحيرة في العشرين من شهر ربيع الأول 1297ه‍ (أول مارس 1880م) ونشأ فيها فحفظ القرآن الكريم حين بلغ الثانية عشرة من عمره، وأرسله والده إلى الأزهر، وكان يحكى أن والده إذ ودعه حين ذاك أوصاه أن يحافظ على الصلاة لأول وقتها، وحافظ الشيخ على هذه الوصاة طوال حياته، فإذا دخل الوقت كان أكبر همه أن يؤدي الصلاة، وفي يوم وفاته قدر له أن صلى العصر، ولم يلبث أن وافاه الحمام.

وجاور الشيخ في الأزهر فأخذ عن الشيوخ المنتفعين الذين كان الأزهر ملآن بهم، وكان الشيخ ذكيا ثقفا لقفا عرف بالذكاء والزكانة طول دهره، فحصل تحصيلا عجبا، وفطن لدقائق العلوم، واستحكمت عنده الملكة الأزهرية، وقد تلقى الفقه الحنفي عن الشيخ أحمد أبي خطوة واختص به، وكان يثني عليه كثيرا، وأخذ عن الشيخ محمد بخيت وأخذ النحو على الشيخ على الصالحي المالكي.

ولزم الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في دروسه فأخذ عنه أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز والبصائر النصيرية في المنطق، وقد يرجع إلى تلمذته للشيخ محمد عبده الفضل في تحرر فكره واتساع أفقه وحسن التصرف فيما يعلم.

وكان إلى جانب اشتغاله بعلوم الدين واللغة يشتغل بالعلوم الرياضية، وكان رياض باشا رحمه اللّه قد أعد مكافآت مالية لمن يفوز في امتحانات الرياضة ففاز الشيخ في هذه الامتحانات غير مرة، وقد أتم تحصيله في سنة 1324 ه‍ (1906) وتقدم لامتحان شهادة العالمية وكان صغير السن بين أقرانه في ذلك الحين.

وكان امتحان العالمية في أصول الفقه يكون في مسألة من مسائل مقدمة جمع الجوامع، ورأى شيخ الأزهر الشيخ عبد الرحمن الشربيني تجاوز المقدمة والامتحان في مسألة أخرى حتى لا يقصر الطلبة جهودهم على المقدمة، فعيّن مسألة للامتحان في القياس فتخلف عن الامتحان كثير ممن جاء موعد امتحانهم، فأبيح التقدم لم بعدهم وتقدم الشيخ ففاز في امتحان دقيق كان شيوخنا يحدثوننا عن عسره وكان الطالب يقضي في الامتحان سحابة نهاره، ولكن الشيخ لم يتجاوز ثلاث ساعات، وكان الامتحان في أربعة عشر علما.

وعقب تخرجه نظم في سلك مدرسي الأزهر في 21 من نوفمبر سنة 1906، وكان رحمه اللّه أحيانا يتحدث بما أفاء اللّه عليه من النعمة، وما كان عليه الأزهر فيقول: كان مرتب المدرس في الأزهر خمسة وسبعين قرشا في الشهر، ولقد كان أول ما تسلمته بعضا من هذا القدر إذ كان دخولي في التدريس في أعقاب الشهر، ولقد كان فرحي بهذا المال الذي هو أول مال اكتسبته من الأزهر عظيما: إذ كان فيه وصلى لحبلي بحبال علماء الأزهر، وقد اختير لتدريس الرياضة بعد، وكان يتقاضى على ذلك خمسين ومائة قرش في الشهر، وهو مع ذلك يدرس العلوم الدينية واللغوية.

ويذكر بعض من تلقى العلم عنه في هذه المدة فيقول:
كان الشيخ جميل البزة مونقها غير متزمت في هديه، يلقى الدرس في ترتيب عجيب وسياق لطيف يأخذ بألباب السامعين، يبعد عن الحشو والتطويل واللغو من القول، ولا يطيل في المباحث اللفظية، له نغمة حلوة في الإلقاء تجذب الطلاب.

وفتحت مدرسة القضاء الشرعي في ذلك العهد، وكان على أمرها عاطف بركات رحمه اللّه، وكان يختار لها من الأزهر المبرزين الفوقة، فذكر له الشيخ فاختاره، وكان ذلك في سبتمبر سنة 1908 فبقي فيها إلى 12 عليه الثقات الكفاة الذين تقلدوا مناصب القضاء، والإفتاء، أذكر منهم الشيخ فرج السنهوري، والشيخ حسنين مخلوف، والشيخ حسن مأمون، والشيخ علام نصار، وغيرهم كثير.

وولى بعد المدرسة منصب القضاء الشرعي، فكان القاضي الفاضل الذكي البصير بالأحكام ومكايد الخصوم، الصادع بالحق، الناطق بالفضل، وكان أخوه الشيخ أحمد حمروش قاضيا، وكذلك كان عمه الشيخ عبد الحميد حمروش قاضيا، فهو من أسرة تأثل فيها هذا المنصب الرفيع.

ولقد عرفه في ساحة القضاء الشيخ المراغي رحمه اللّه، فلما ولي مشيخة الأزهر نقله إلى الأزهر يستعين به في أمره، فكان له في الأزهر اليد الطولى في شؤونه وتقلب في مناصبه حتى صار شيخا لكلية اللغة العربية في 13 يونية سنة 1931، وتتوج حياته العلمية في الأزهر بدخوله في جماعة كبار العلماء في 28 من صفر سنة 1353 ه‍ (10 من يونية سنة 1934 م)، وقد قدم لنيل هذه الدرجة رسالة جليلة في «عوامل نمو اللغة» تدل على تحقيق ودقة نظر فيما تناول من المسائل.

يقول في مقدمتها:
«وبعد: فإن اللغة العربية بفضل عواملها المتعددة رحب صدرها، واتسع نطاقها، وكثرت مادتها، وتنوعت أبنيتها، وصار لها جمال المنطق وجلال الدلالة وحسن الديباجة ولطف العبارة، وقد وسعت بتلك العوامل علوم اليونان والفرس وغيرهما؛ وصارت لغة العلم والدين».

«وقد كتبت كلمة في التوليد بالزيادة والإبدال والقلب والاشتقاق والترادف والاشتراك والمجاز والنحت والارتجال والتعريب».

وأذكر هنا مبحث للتعريب في ختام الرسالة ليكون نموذجا لمباحثها، وعنوان البحث: «أثر التعريب»: «في التعريب زيادة مادة اللغة بالألفاظ الدخيلة فيها، وقد أجرت العرب على بعضها أحكام الألفاظ العربية من بالمعرب، إلى أن اختلطت العرب بغيرها وفسدت اللغة وما أدخله غير العرب بعد فساد اللغة والاختلاط بالأعاجم سموه مولدا، وهناك قسم آخر يسمى بالعامي، وهو ما أخذ من غير مادة عربية، أو من مادة عربية ولكن بتحريف وتبديل لا تجيزه قواعد اللغة».

«بقي الكلام الآن في أمر هو محل نزاع الباحثين وموضع اهتمامهم، وهو أن المعاني الجديدة، والمستحدثات العصرية كثرت وتعددت بعد أن وقف التعريب، وأصبحت اللغة العربية لا تنهض بالدلالة على تلك المعاني ولا تقوم بحاجة التعبير عنها، فهل للموجودين أن يعربوا ألفاظ المعاني والمستحدثات تمشيا مع الحاجة، ودفعا للضرورة ورفعا لعيب نقص اللغة العربية عن الاضطلاع بحاجة أبنائها»؟.

«ذهب فريق إلى التعريب، وقال: إن اللغة كائن حي كسائر الموجودات وكل موجود حي يتدرج في الرقي، وكما تدرج أهل اللغة يجب أن تتدرج اللغة، وإن التعريب يؤدي إلى اتحاد لغة العلم، ويحفظ للمخترع اسمه، ويبقى له ذكره».

وذهب فريق إلى أنه لا حاجة إلى التعريب وأن اللغة العربية يمكن أن تنهض بالدلالة على المعاني الجديدة باتخاذ الوسائل المؤدية إلى ذلك، فعندنا مهجور في اللغة لا يستعمل الآن، وبنقله إلى المعاني الجديدة يقوم بالدلالة على بعضها ويتداول بين الناس فتحيا به اللغة العربية، وعندنا المجاز، وهو يدل على غير الموضوع له بواسطة العلاقة والقرينة وعلاقاته كثيرة متعددة، وعندنا المشتق، ومنه قسم مطرد».

«و بهذه الوسائل يمكن اللغة العربية النهوض بالدلالة على المعاني الجديدة».

«على أن في التعريب فشو الكلمات الدخيلة في اللغة، وهو يودي باللغة تعطيل الأداة الصالحة لفهم القرآن والحديث، وهما عماد الدين وإليهما يرجع المسلمون».

«و في جواز التعريب ضياع أخص مميزات الجنس العربي؛ لأن الجامعة الجنسية لا تكون بغير اللسان العام الذي يتفاهم به الجميع على السواء، فلو تساهل كل شعب في استعمال ألفاظ أعجمية لضاعت روابط الجنسية، وأصبح لكل شعب لسان خاص».

وأما أن التعريب يوحد لغة العلم ويحفظ للمخترع اسمه فكلام لا يلتفت إليه؛ فإن اتحاد لغة العلم إنما يكون إذا اتحدت أبجديات الأمم وهي مختلفة جدا، وحفظ اسم المخترع لا نبالي به إذا كان في عدم الالتفات إليه صيانة اللغة العربية».

«هذا حاصل كلام الفريقين باختصار وأرى أنه إذا أمكن باتخاذ الوسائل المتقدمة أو باتخاذ وسائل أخرى غيرها أن تنهض اللغة العربية للدلالة على جميع المعاني والمستحدثات العصرية فلا نقدم على التعريب حفظا للغتنا العربية التي هي أداة فهم القرآن والحديث اللذين هما أساس الدين وعماده، وإن لم يمكن أن تقوم اللغة بعد اتخاذ الوسائل بالدلالة على جميع المعاني أقدمنا على التعريب بقدر الحاجة فقط، مع المحافظة على اللغة الفصحى، بأن نذكر اللفظ ونذكر بجانبه معناه، وأنه مما عرب للدلالة عليه، ونبين تاريخ التعريب، فيكون ما وضعه المتقدمون معروفاً، وما ألحق باللغة معروفا، فتتحقق المحافظة على الموروث عن السلف».

وأراني قد ألممت ببعض حياته في الأزهر، وسألم ببعض حياته في المجمع:
دخل الشيخ -رحمه اللّه- المجمع لأول نشأته في سنة 1934 م فاختير في معظم لجانه، وشارك في بحوثه، وكان من الرعيل الأول الذين أرسوا ومجلس المجمع ومؤتمره الرأي السديد والبصر النافذ واللحظ الناقد والبحوث المستفيضة في الشؤون العلمية، ومن آرائه أن اللفظ المولد إذا اشتهر يستعمل في غير اللغة والأدب.

وعرض المجمع في بعض جلساته لرسم المصحف وطلب إلى الشيخ أن يكتب رأيه، فكان رأيه الوقوف عند الرسم المعهود له، ولا ينبغي كتابته بالرسم العادي: لأنه عرضة للتغيير والتبديل في كل عصر، فلو أبيح هذا لتعدد رسم المصحف، وكان مظنة لأن يعزى إليه الاختلاف فحفظ القرآن وصونه يقضي بإبقاء رسمه على الكتبة الأولى.

وقدم أحد الأعضاء المراسلين بحثا في كلمة «الضرر» رأى قصره على الزمانة وفقد البصر وأنه مصدر لفعل لازم على زنة فرح، وإن لم يجيء هذا الفعل في المعاجم، وأنه لا يقال: أصاب فلانا الضرر في ماله أو في حميمه مما ليس بداء لازم وخطأ الجوهري في جعله الضرر اسما بمعنى الضر، وارتاب في الحديث: لا ضرر ولا ضرار، وأثار مسألة الاحتجاج بالحديث في اللغة فقدم الشيخ بحثا رد به حجج هذا الباحث وأورد من الشواهد ما لا يقبل الجدل.
كقول جرير:
فإن تدعهم فمن يرجون بعدكم أو تنج منها فقد أنجيت من ضرر
وقول أبي تمام:
لو كان في البين إذ بانوا لهم دعة لكان فقدهم من أعظم الضرر
وله بحث قيم في التضمين ونيابة بعض الحروف عن بعض، وبحث في الاشتقاق الكبير.

وكان الشيخ -رحمه اللّه- عجيب الاستحضار لما يقرأ ويسمع، كثير المحفوظ من الشعر، حسن الاستشهاد به في المقامات المناسبة، جرى مرة في لجنة الأصول الحديث في التضمين، وأنكر بعض الحاضرين أن علفتها تبنا وماء باردا.

وقد قال اللغويون:
إن علف هنا مضمّن معنى أطعم، وكلاهما متعد.

وكان بيته محجة أولى العلم ينهلون من مورده العذب، ويجدون ما طاب من حديث في دقائق العلم ممزوجا بفكاهة حلوة وطيب سمر، وكان الشيخ طيب النفس بعيدا عن التزمت مؤنسا للجليس لا يمل مجلسه، وفي يوم الجمعة الذي توفي بعده اجتمع الشيوخ عنده عقب الصلاة فجرى البحث في تفسير قوله تعالى: «إِنّا عَرَضْنَا اَلْأَمانَةَ عَلَى اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ»، وأفاض الشيخ في الحديث فيها، وكان الشيخ يفسح الكلام لمن يتكلم ويعقب برأيه السديد.

ولقد طويت صفحات خالدة من تاريخ الأزهر الحديث بوفاة الأستاذ الأكبر الشيخ إبراهيم حمروش شيخ الأزهر الأسبق، فقد عاصر رحمه اللّه مدرسة محمد عبده في الإصلاح الديني، واشترك في نشاطها، وكان أحد أقطابها، وكان الإمامان المراغى وحمروش يمثلان عنصر الشباب في هذه المدرسة التي تتجه بكل كفاحها إلى خلق بيئة دراسية مستقرة في الأزهر، وتكوين أجيال من الشباب المثقفين ثقافة واسعة تحيط بشتى علوم الشريعة والعربية، وتتمثل فيهم رسالة رجل الدين الروحية والعلمية.

وكان حمروش يمثل الجانب العلمي لهذه المدرسة خير تمثيل، في دروسه وهو شاب مكافح، وفي توجيهه للتعليم في الأزهر وهو فيه مفتش فشيخ معهد فعميد لكلية اللغة وعضو في جماعة كبار العلماء فرئيس للجنة الفتوى، وفي ندواته الليلية الدائمة في منزله في القلعة وقد كان كعبة العلماء والمفكرين، حيث كانت تعرض أمامه مشكلات الدين والثقافة فيفتي فيها برأي سديد، وحكمة نافذة، تعد خير توجيه لرواد مجلسه، ولم تحل مهامه الإدارية حين تولى مشيخة الأزهر الشريف في أكتوبر عام 1951، وكان منزل حمروش مفتوحا دائما للناس ولمختلف طبقات الشعب يستفتونه في مشكلاتهم الروحية، ويطلبون معاونته في مصالحهم الشخصية وهو يبتسم دائما لا تعرف «لا» طريقا إلى لسانه.

وقد اختير حمروش عضواً في المجمع اللغوي منذ ان نشأ واشترك في نشاطه اللغوي الكبير، وأسس كثيرا من لجانه، ووجه أعمال المجمع وجهة تفيد العرب وتراثهم ولغتهم والثقافة العربية العامة.

لم يترك حمروش كتباً مطبوعة وإن كانت له كتب مخطوطة لم تطبع بعد، إنما ترك أفكارا قيمة في نفوس تلاميذه ومريديه، وجميع علماء الأزهر اليوم وشيوخه من تلاميذه ومريديه، وترك منهجا علميا يستضاء به دائما في إصلاح الأزهر، وترك ذوقا علميا يستفاد منه فائدة جلى وترك مع ذلك كله قدوة طيبة تعد خير نبراس يرشد إلى الحق والخير والعزة والغيرة على الدين وعلى الوطن وعلى المبادىء المثلى التي دعا إليها الإسلام وكتابه الحكيم.

وقد كان حمروش -رحمه اللّه- مثالاً للوطنية النزيهة لم يحن رأسه للطغاة، ولم يتملق أحداً في حياته كائناً مَنْ كان، وسار في الصفوف الأولى مع الشعب في المظاهرة الوطنية الكبرى في نوفمبر 1951 احتجاجاً على جيش الاحتلال وأعماله في منطقة القنال.. حقاً لقد كان مثالاً عظيماً، وعنواناً كريماً لرجل الدين المعاصر وصفحة خالدة من تاريخ الأزهر الحديث.


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 5:40 am

الأستاذ الأكبر الشيخ محمّد الخضر حسين
-------------------------------------
عين الشيخ الخضر حسين شيخاً للأزهر في يوم الأربعاء 27 من ذي الحجة 1271 ه‍- 17 سبتمبر 1952، وكان أحمد تيمور في مقدمة الذين قدَّروا فضيلة الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر السابق حين قدم مصر من أكثر من ربع قرن -وقد عثر السيد خليل ثابت رئيس لجنة نشر المؤلفات التيمورية بين آثار العلامة أحمد تيمور على ترجمة لحياة الشيخ محمد الخضر حسين-

وهذا نصها:
ولد بمدينة نفطة بالقطر التونسي في 27 رجب سنة 1293 واشتغل بالعلم وحفظ القرآن الكريم وقرأ بعض الكتب الابتدائية في بلده، وفي آخر سنة 1306 رحل مع أبيه وأسرته إلى القاعدة التونسية فاشتغل بالطب ثم دخل الكلية الزيتونية سنة 1307 فقرأ على أشهر أساتذتها وتخرج عليهم في العلوم الدينية واللغوية ونبغ فيها وفي غيرها، فطلب لتولي بعض الخطط العلمية قبل إتمام دراسته فأبى وواظب على حضور حلقات الأكابر مثل الشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ محمد النجار وكانا يدرسان التفسير والشيخ سالم بو حاجب وكان يدرس صحيح البخاري.

ثم رحل إلى الشرق في سنة 1317 ولكنه لم يبلغ طرابلس حتى اضطر إلى الرجوع بعد أن أقام بها أياما فلازم جامع الزيتونة يفيد ويستفيد، إلى سنة 1321 ه‍، فأنشأ فيها مجلة -السعادة العظمى- ولاقى في سبيل بث رأيه الإسلامي ما يلاقيه كل من سلك هذا السبيل. وفي سنة 1323 ولي القضاء في مدينة بنزرت والتدريس والخطابة بجامعها الكبير، ثم استقال ورجع إلى القاعدة التونسية، وتطوع للتدريس في جامع الزيتونة.

ثم أحيل إليه تنظيم خزائن الكتب بالجامع المذكور-و في سنة 1325 اشترك في تأسيس جمعية زيتونية، وفي هذه المدة جعل من المدرسين المعينين بالجامع المذكور. وفي سنة 1326 جعل مدرسا بالصادقية وكلف بالخطابة في مواضيع إنشائية بالخلدونية، ولما قامت الحرب الطرابلسية بين الطليان والعثمانيين كان من أعظم الدعاة لإعانة الدولة.


ونشر بجريدة الزاهرة قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
ردوا على مجدنا الذكر الذي ذهبا يكفي مضاجعنا نوم دها حقبا

ثم رحل إلى الجزائر فزار أمهات مدنها، وألقى بها الدروس المفيدة، ثم عاد إلى تونس وعاود دروسه في جامع الزيتونة ونشر المقالات العلمية والأدبية في الصحف.

وفي سنة 1230 سافر إلى دمشق مارا بمصر ثم سافر إلى القسطنطينية فدخل يوم إعلان حرب البلقان فاختلط بأهلها وزار مكاتبها، ثم عاد الى تونس في ذي الحجة من هذه السنة ونشر رحلته المفيدة عنها وعن الحالة الاجتماعية بها ببعض الصحف، ثم جعل عضوا في اللجنة التي ألفتها حكومة تونس للبحث عن حقائق في تاريخ تونس ثم ترك ذلك لما عزم على المهاجرة إلى الشرق فرحل إليه، ونزل مصر وعرف بعض فضائلها ثم سافر إلى الشام ثم للمدينة المنورة ثم إلى القسطنطينية ثم عاد إلى دمشق معينا مدرسا للغة العربية والفلسفة بالمدرسة السلطانية بدمشق، وبقي كذلك إلى أن اتهمه مدة الحرب العظمى جمال باشا حاكم سوريا بكتم حال المتآمرين على الدولة واعتقله ستة أشهر وأربعة عشر يوما ثم حوكم فبرىء من التهمة فأطلق سبيله في شهر ربيع الثاني سنة 1335.


ومن شعره في حبسه وكانوا حالوا بينه وبين أدوات الكتابة:
غل ذا الحبس يدي عن القلم كان لا يصحو عن الطرس فناما
هل يذوذ الغمض عن مقلته أو يلاقي بعده الموت الزؤاما
أنا لولا همة تحدو إلى خدمة الاسلام آثرت الحماما


ثم استمر على التدريس بالمدرسة بدمشق إلى أن دعي إلى القسطنطينية سنة 1336، ثم هاجر الى استنبول بعد عام وعمل محررا بالقلم العربي بوزارة الحربية، ثم أرسلته الحكومة إلى المانيا للقيام بعمل سياسي وهو تذكير الأسرى هناك بظلم فرنسا ثم رجع إلى الشام فدرس الفقه بالمدرسة السلطانية العربية.. وبعد أن احتلت فرنسا الشام بعشرة أيام هاجر إلى مصر في عام 1329 ه‍. ثم نال الشهادة العالمية بالأزهر وتولى التدريس بكلية أصول الدين والتخصص اثنتي عشرة سنة.

وتولى رياسة تحرير مجلة الأزهر ولواء الإسلام ورياسة جمعية الهداية الإسلامية واختير عضوا بهيئة كبار العلماء 1951، وهو إلى ذلك عضوا بمجمع اللغة العربية منذ أنشىء. وقد استقال فضيلته من المشيخة في 2 جمادى الألى 1373 ه‍- 8 يناير 1954 وتوفي رحمه اللّه في 14 من رجب عام 1377 ه‍.

وقد نعى الأزهر في يوم الاثنين 14 رجب سنة 1377 عالما إسلاميا جليلا ومجاهدا من الرعيل الأول ممن أبلوا البلاء الحسن في كفاح الاستعمار: الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق ورئيس جمعية الهداية الإسلامية، عن نيف وثمانين عاما قضى معظمها في التدريس وفي الكتابة والتأليف وفي جهاد مرير في شبابه دفاعا عن حقوق عرب شمال افريقيا وغيرهم من أقطار العروبة.

ولد الفقيد الجليل في وطنه الأول في بلدة «قفصة» من مقاطعة الجريد بتونس ونشأ في بيت علم ينتمي أصله إلى الجزائر، وشرع في طلب العلم في بلدته ثم أتم تعليمه في جامعة الزيتونة، وتخرج منها ومارس بعد تخرجه التدريس ثم القضاء، كما قام بإنشاء أول مجلة علمية أدبية بالمغرب، ثم رحل إلى تركيا، وأقام بها وقتا قصيرا ثم حضر إلى دمشق حيث عين مدرسا بمدرستها الثانوية الوحيدة يومذاك، -وكانت تعرف بمدرسة عنبر- وظل في دمشق إلى أوائل الحرب العالمية، ثم رجع إلى استانبول فانتدبته الدولة العثمانية إلى برلين مع بعثة مؤلفة من كبار علماء شمال افريقيا للاتصال بأبناء شمال افريقيا ممن وقعوا في أسر الألمان أثناء الحرب وبانتهاء الحرب عاد إلى دمشق مدرسا في نفس المدرسة وكان العهد عهد الحكومة الفيصلية الوطنية.

وكانت الحكومة الفرنسية قد حكمت عليه بالإعدام، لانضمامه إلى الدولة العثمانية ولذهابه إلى ألمانيا-كما مر ذكره-فما أن دخلت فرنسا سوريا حتى غادرها جميع الأحرار من المجاهدين العرب وكان منهم الفقيد الشيخ الخضر فجاء إلى مصر حوالي عام 1920 م وظل فيها بعض الوقت مغمورا ثم عرف فضله ومكانته فعين أولا مصححا بدار الكتب المصرية.

وفي هذه الأثناء صدر في مصر كتابان شهيران أحدثا دويا في ذلك الوقت في الأوساط الفكرية وهما كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للعالم الأزهري الشيخ علي عبد الرازق وكتاب «في الشعر الجاهلي» للدكتور طه حسين، ونظرا لما اشتمل عليه هذان الكتابان من آراء مضللة تصدى بعض كبار الباحثين للرد على كل منهما، وكان للمرحوم الشيخ محمد الخضر حسين فضل الرد على كلا الكتابين حينئذ حيث أفرد لكل منهما كتابا مستقلا كانا من خير ما كتبه الكاتبون في هذا المجال.

وظل الفقيد يعمل مصححا بدار الكتب بضع سنوات إلى أن منح شهادة العالمية الأزهرية ثم تعين مدرسا بالأزهر وكان ذلك في عهد الشيخ المراغى.. وأخيرا تعين عضوا في هيئة كبار العلماء وهو المنصب الذي أهله فيما بعد لأن يصبح شيخا للأزهر.

وعقب تعيينه مدرسا بالأزهر أنشأ جمعية الهداية الإسلامية بمصر وظل يرأسها ويرأس مجلتها إلى عهد قريب، كما كان أول رئيس تحرير لمجلة نور الإسلام وهي المجلة التي أصدرتها مشيخة الأزهر سنة 1349 ه‍.

وللشيخ محمد الخضر حسين يرجع الفضل في تكوين جمعية تعاون جاليات افريقيا الشمالية في مصر قبل حوالي عام 1924 م، وكان يرأس هذه الجمعية بنفسه، وهدفها رفع مستوى تلك الجاليات من الناحيتين الثقافية والاجتماعية، غير أن هذه الجمعية لم تعش طويلا، لأن استعمارا ثلاثيا: إيطاليا وفرنسيا وإسبانيا كان لها بالمرصاد فقضى عليها في سنواتها الأولى.

وللفقيد الكبير عدا كتابيه السالفي الذكر، محاضرات ورسائل عديدة مطبوعة ومتداولة، وهو كاتب بليغ وله ديوان شعر مطبوع، وقد اشتهر بمقالاته وبحوثه في كبرى المجلات الإسلامية.

وعندما صدرت مجلة لواء الإسلام لصاحبها الوزير السابق الأستاذ أحمد حمزة كان الشيخ الخضر يرأس تحريرها وظل بها إلى أن عين شيخا للأزهر، ثم استأنف نشر مقالاته فيها بعد تنحيه من المشيخة، وآخر مقالاته فيها في جزء رجب الأخير، كما كان عضوا في مجمع اللغة العربية بمصر منذ إنشائه قبيل الحرب العالمية الثانية.

وكتب الأستاذ أنور الجندي عن محمد الخضر حسين يقول:
«كان نظام التعليم في المعهد الزيتوني من أسباب تنافس أصحاب المذهبين: المالكي والحنفي في ميدان العلم، وقد أخرج جامع الزيتونة فقهاء يعتزون بعلمهم ويزهدون في المناصب، أدركت من هؤلاء فقهاء وأساتذة بلغوا الغاية في سعة العلم وتحقيق البحث، مثل عمر بن الشيخ، وأحمد بن الخوجة ومحمد النجار، ومن نظر في فتاوى هؤلاء الأساتذة أو رسائلهم التي حرروا بها بعض المسائل العويصة رآهم كيف يرجعون إلى الأصول والقواعد ومراعاة المصالح، ولا يقنعون بنقل الأقوال دون أن يتناولوها بالنقد والمناقشة.

ويدلنا التاريخ القريب على أن بعض رجال الدولة التونسية عندما اتجهوا الى إصلاح الحالة السياسية أو العلمية أو الاجتماعية، وجدوا فقهاء يدركون مقتضيات العصر، ويعرفون كيف تسعها أصول الشريعة بحق، فكانوا يعقدون منهم بعض لجانهم، ويستنيرون بآرائهم مثل أساتذتنا: عمر ابن الشيخ، وسالم أبو حاجب، ومصطفى رضوان، وما زال الرسوخ في الفقه، وربط الأحكام بأصولها، من مواضع عناية الأساتذة في جامعة الزيتونة لهذا العهد، يشهد بهذا ما نقرؤه في محاضراتهم ومقالاتهم التي تنشر في الصحف التونسية والمصرية، كانوا يدرسون الفقه بأنظار مستقلة، وآراء تستضيء بالأدلة ويتفاضلون فيها على قدر تفاضلهم في العبقرية وسمو الهمة. .».

لا شك كان محمد الخضر حسين علما من أعلام الفكر المغربي الإسلامي، مكافحا وطنيا، ومغتربا في سبيل الحفاظ على حرية الكلمة، وأقام كابن خلدون بقية عمره في مصر، ورقي فيها إلى أعلى المناصب، وعمل في ميداني الإصلاح الإسلامي والقياسي اللغوي، وعمل في التدريس والصحافة والكفاح الوطني، ولقد أتيح له أن يقاوم حركات التغريب بدعوته إلى إنشاء جمعية الشبان المسلمين، وكانت مجلته وقلمه من ألسنة الدفاع عن المغرب وقضاياه، ومعلما قويا يستصرخ المشارقة حين يكشف لهم عن مؤامرات الاستعمار ويدعوهم إلى مقاومة التغريب والتجنيس والفرنسة، فهو منذ أقام في مصر بعد الحرب العالمية الأولى يحمل هذه الرسالة، ويعمل في كل هذه الميادين: الإسلام واللغة والكفاح السياسي.

وكان محمد الخضر حسين مستنيرا متفتح الذهن يدعو إلى الإصلاح على أساس قاعدة علمية واضحة، فهو يعتمد الرأي حيث يثبته الدليل، ويتقبل الحكم متى لاحت بجانبه حكمة، ويثق بالرواية، بعد أن يسلمها النقد إلى صدق الغاية، ومن رأيه أن على العلماء قول كلمة الحق لأهل الحل والعقد دائما، وعدم التوقف عنها.

«لا ينبغي لأهل العلم أن يغفلوا عن سير أرباب المناصب والولايات، فمن واجبهم أن يكونوا على بينة من أمرهم، حتى إذا أبصروا عوجا نصحوا لهم بأن يستقيموا، أو رأوا حقا مهما لفتوا إليه أنظارهم، وأعانوا على إقامته، ومن أدب العلماء أن ينصحوا للأمة فيما يقولون أو يفعلون، ويحتملوا ما ينالهم في سبيل النصيحة من مكروه، وكم من عالم قام في وجه الباطل فأوذي فتجلد للأذى».

وقد كانت حياة الخضر حسين رمزا على هذا المعنى، معنى طلب الحرية والهجرة من بيئة الظلم، فقد فر من تونس ومن الشام ومن تركيا، وكان فراره ليحتفظ لنفسه بحقه في الكلمة، يقول: «نشأت في بلدة من بلاد الجريد بالقطر التونسي يقال لها «نقطة» وكان للأدب المنظوم والمنثور في هذه البلدة نفحات تهب من مجالس علمائها، كان حولي من أقاربي وغيرهم من يقول الشعر، فتذوقت الأدب من أولى نشأتي. وحاولت وأنا في سن الثانية عشرة نظم الشعر.

وفي هذا العهد انتقلت أسرتي إلى مدينة تونس، والتحقت بطلاب العلم بجامع الزيتونة «و كان ذلك عام 1899، أحب أستاذه الشيخ سالم أبو حاجب الذي كان يحثه على البحث»، ويلاقي السؤال المهم بابتهاج، ويدعو للطالب بالتفتح يقول: «كان يقول الشعر مع كونه يغوص على المسائل العلمية بفكر ثاقب» وكان الشيخ أبو سالم قد رفض وسام السلطان ووسام الباى، فأحب منه الشيخ الخضر هذا الاعتداد بالنفس، «بعد أن نلت درجة العالمية أنشأت مجلة علمية أدبية، وهي أول مجلة أنشئت بالمغرب، فأنكر على، بعض الشيوخ، وظن أنها تفتح باب الاجتهاد، وشجعني على إنشائها شيخنا أبو حاجب، كما شجعني عليها الوزير محمد أبو عنور.

كانت خطته الإصلاح الاجتماعي والديني، والعمل لإعادة مجد الإسلام، ولكنه لم يلبث أن اختلف مع السلطات بشأن العمل في القضاء، بعد أن وليه في بنزرت 1905، إذ فضل العودة إلى التدريس في الزيتونة، فلما خاطبته المحكمة الفرنسية 1325 ه‍ بالعمل في المحكمة عضوا ليحضر حكمها بين الوطني والفرنسي، امتنع ولم يقبل أن يصدر الحكم الجائر.

واستقر رأيه إثر ذلك على الهجرة إلى الشرق، فاستوطن دمشق عام 1912، وكانت تحت سلطات العثمانيين، فنصب للتدريس في المدرسة السلطانية في كرسي الشيخ محمد عبده.

ثم اعتقله جمال باشا حاكم الشام، ورحل إلى الآستانة فأسند إليه التحرير بالقسم العربي بوزارة الحربية، وحين احتل الحلفاء الآستانة رحل مع زعماء الحركة الإسلامية عبد العزيز شاويش وعبد الحميد سعيد والدكتور أحمد فؤاد.

وعاد إلى دمشق 1918 في عهد الحكومة العربية لفيصل، وعهد اليه بالتدريس في المدرسة السلطانية، ولكن فرنسا لم تلبث أن بسطت سلطانها على سوريا فترك دمشق إلى القاهرة 1919، وفي مصر عرف الشيخ أحمد تيمور باشا الذي كان خير رفقائه، وكان له فضل واضح في إنشاء جمعية الشبان المسلمين مع السيد محب الدين الخطيب صاحب الفتح.

كما أنشأ من بعد جمعية الهداية الإسلامية ومجلة الهداية الإسلامية، وتولى ثمة مجلة لواء الإسلام و (مجلة الأزهر)، واتصل بالأزهر ونال إجازته، وعمل في كلياته، واختير عضوا في جماعة كبار العلماء، فشيخا للأزهر عام 1952، وعضوا في مجمع اللغة العربية.

وتطلع إلى مجد المغرب وحريته
وقد كانت مجلة الهداية: مجلة مغربية واضحة الدلالة، في كتابتها وأبحاثها، ودفاعها عن مختلف المواقف الوطنية والإسلامية والعربية، ورأس جبهة شمال افريقيا، التي ضمت الرجال الذين سعوا نحو مصر من أجزاء المغرب العربي.

وكان الشيخ الخضر كاتبا وشاعرا له شعر كثير جيد، وقد وصفه الفاضل ابن عاشور 1فقال: كان كاتبا بليغا ذا طبع خاص وأسلوب قوي الروح الأدبية، فصيح العبارة بليغ التركيب، ينزع إلى طرائق كتاب الترسل الأولين، رحل عام 1912 إلى مصر وسورية وتركية، فكتب رحلة بديعة نشرت في مجلة الزهرة، طافحة بانتقاداته وأفكاره.

وأشار إلى مجلة السعادة العظمى (التي أصدرها في تونس 1904) فقال: انها كانت مركزا للحركة الفكرية وقوة توجيهية متصلة بجميع أهل الثقافة العربية يجتمع تحتها شقان متباعدان. . . ولم تدم إلا عاما ناقصا.

وللخضر حسين: مؤلفات متعددة أهمها:
محمد رسول اللّه، رسائل الإصلاح، آداب الحرب في الإسلام، القياس في اللغة العربية، هذا بالإضافة إلى عشرات الفصول والمقالات في صحف مصر والمغرب والشام...
__________
1) الحركة الفكرية والأدبية في تونس.


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 5:52 am

الأستاذ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج
-----------------------------------
قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم الخميس 2 جمادي الأولى سنة 1373 (7 يناير سنة 1954) الموافقة على قبول الاستقالة المقدمة من حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر السيد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر، واختار لهذا المنصب حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج عضو جماعة كبار العلماء وأستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة إبراهيم وعضو لجنة وضع مشروع الدستور.

وفي يوم السبت 4 جمادي الأولى (9 يناير) صدر قرار مجلس الوزراء الخاص بتعيين فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج شيخا للأزهر، وقد أبلغته السكرتيرية العامة لمجلس الوزراء إلى فضيلته.

وفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج مولود بمدينة أسيوط سنة 1314 (1896) ونال شهادة العالمية بالمرتبة الأولى سنة 1341 (1923) وشهادة التخصص بالمرتبة الأولى أيضا سنة 1345 (1926) وعين بعد تخرجه مدرسا بمعهد أسيوط الديني ثم نقل إلى المعهد الأزهري سنة 1931 ثم اختير أستاذا بكلية الشريعة سنة 1352 (1933).

وفي سنة 1355 (1936) اختير عضوا في أول بعثة للأزهر إلى أوربا ومكث في فرنسا سبع سنوات وثلاثة أشهر.

ونال الدكتوراه من جامعة السوربون، وعاد من فرنسا سنة 1362 (1943)، ثم عين مفتشا للعلوم الدينية والعربية بالمعاهد الأزهرية، وعين شيخا لمعهد الزقازيق الديني، ثم شيخا للقسم العام والبعوث الإسلامية بالأزهر، وعضوا دائما وسكرتيرا فنيا للجنة الفتوى بالأزهر وقد كان في عضوية هذه اللجنة منذ إنشائها في سنة 1935، واختير أستاذا للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق في جامعة إبراهيم، وحصل على عضوية جماعة كبار العلماء سنة 1370 (1951) وكان موضوع رسالته «السياسة الشرعية والفقه الإسلامي».

واختير عضوا في لجنة وضع مشروع الدستور الجديد عند تكوينها في العام الماضي.

وفي صباح يوم الاثنين 11 يناير توجه فضيلة الأستاذ الأكبر إلى إدارة المعاهد الدينية حيث تسلم مهام منصبه الجديد، وكانت في استقبال فضيلة جموع حاشدة من أساتذة الأزهر وطلابه، وتعالت الهتافات بحياة فضيلته وحياة رجال الثورة الأحرار.

وقد أقبل أعضاء جماعة كبار العلماء وأساتذة الكليات والمعاهد الدينية والموظفون الإداريون على مكتب فضيلته مهنئين.

وبعد أن استمع فضيلته لكلماتهم أطل على جموع الأزهريين المحتشدين أمام مبنى الإدارة وارتجل الكلمة الآتية:
«أشكر لكم هذه الحفاوة البالغة وهذا الاستقبال الرائع، وإني أرجو أن يوفقني اللّه لأن أتقدم بالأزهر إلى المكانة العالية التي كان يتبوؤها من قبل، وإني أبشركم بأن بوادر هذا المستقبل الزاهر المرجو للأزهر قد لمستها في جلسات قصيرة خفيفة مع رجال هذا العهد.

فقد لمست فيهم إيماناً خالصاً وضراعةً إلى اللّه تعالى أن يعينهم على ما فيه خير الأزهر، والذي أرجوه أن ينصرف كل منا إلى واجبه وأن يحافظ على النظام.


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 6:23 am

الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت
----------------------------------
كتب الأستاذ العقاد في مجلة الأزهر عن الشيخ شلتوت يقول بعنوان: «الإمام المصلح محمود شلتوت»:
في كتابات الإمام الفقيد -الشيخ محمود شلتوت- كلمات لها طابعها الذي تتميز به بين أمثالها من الكلمات في كتابات غيره، ممن ينهضون بأمانة الدراسة الدينية.

ولعل أبرز هذه الكلمات في كتاباته، وفي أحاديثه، كلمة «الشخصية».

يلحقها بوصف العقيدة، ووصف الفرائض المقدسة، بل يجعل العقيدة -كما يجعل الفريضة- معلما من معالم شخصية الأمة، وشخصية الإنسان في حياته الباطنة وحياته الظاهرة.

قال رحمه اللّه في مفتتح مقاله عن رسالة الأزهر:
«إن للإنسان في هذه الحياة فردا كان أم جماعة شخصيتين، حسية ومعنوية، ولا يحظى بالوجود الكامل إلا إذا نال حظه من الشخصيتين. وشخصية الفرد الحسية يكونها اللون والطول والعرض، وشخصيته المعنوية يكونها إيمانه ومبدؤه وهدفه في الحياة، وما له من عقل وتدبير وثبات ومثابرة في سبيل مبدئه وهدفه».

ثم قال عن شخصية الأمة الحسية:
الإقليم الذي نشأت فيه، وإلى الأمل الذي تنتسب إليه»... «أما شخصيتها المعنوية فهي ترجع إلى روابطها القلبية والعقلية والشعورية، وعلى قدر ما يكون لها من التأثر بتلك الروابط المتفاعلة والحرص عليها وعلى معارفها التي تكونها، وعلى الإيمان بمصدر تلك المعارف... يكون لها بين الأمم من آثار الوجود المعنوي».

وكتب عن الصلاة في فصل من فصول:
«الإسلام عقيدة وشريعة»، فقال عنها: «إنها العنصر الثاني من عناصر الشخصية الإيمانية».

وعلى هذه الوتيرة كانت كلمة «الشخصية» تتردد في أحاديثه للدلالة على قوام كل «وجود» حتى يتميز به عقل الإنسان وضميره في حياته الروحية، وهي لمحة من لمحات التعبير الباطني تدل على معناها وتدل مع هذا المعنى على مقدار شعوره بكرامة الشخصية واقترانها بحق الإنسان وواجبه وبالتبعة التي تناط بها الحقوق والواجبات، وتقرر له موقفه من الشخصيات الإنسانية الأخرى في إبداء الرأي والاضطلاع بأعباء الدعوة والإقناع.

هذه واحدة من خصال العقل المجتهد، بل هي أولى تلك الخصال في كل ترتيب لكفايات المجتهدين.

من كان له رأي وعلم ولم يكن له نصيبه الأوفي من هذه الخصلة فلا سبيل له إلى الاجتهاد، لأنه يلقى العائق الأول عن أداء وظيفة الاجتهاد من قبل نفسه، ويحجم عن العمل في سبيله قبل أن يصده غيره عن تلك السبيل.

وتلك هي الخصلة التي توافرت للأئمة الأسبقين من أصحاب الرأي والقياس في الشريعة، وبفضل الثقة التي كانت تملأ نفوسهم، من هذه الخصلة كانوا يقولون لمن يستكثر عليهم التعقيب على أهل العلم من الصحابة والتابعين: إنهم رجال ونحن رجال.

وإذا اجتمع الاجتهاد في كلمات معدودات صح أن يقال إنه هو القدرة على الرجوع إلى روح القرآن الكريم، أو أنه بعبارة أخرى المذاهب بمعاني القرآن الكريم، وليس هو تفسير القرآن الكريم بمعاني المذاهب أو بنصوصها أو بأقوال الرواة فيها.

ولقد كان هذا هو إيمان الإمام الفقيد بالكتاب المبين، وكان هذا هو منهجه في الاحتكام بالمذاهب إلى آياته وأحكامه، مستقلة عما يضاف إليها من شروح المختلفين وتأويلات أصحاب الرأي أو أصحاب اللغة من المفسرين.

وقد لخص العالم الفاضل الدكتور محمد البهى هذا المنهج في تقديمه لتفسير الإمام الفقيد فقال:
«التفسير الذي نقدمه اليوم للمسلمين هو تفسير للمسلمين أجمعين، لا لمذهب معين من المذاهب الفقهية، ولا للون من ألوان العقيدة الكلامية ولا لاتجاه خاص من اتجاهات أهل الظاهر أو أهل الباطن».

ثم قال عن المنهج الذي اختاره الأستاذ المفسر واقتدى فيه بالمعلم المصلح العظيم محمد عبده فقال:
إنه منهج «جعل السورة وحدة واحدة، يوضح مراميها وأهدافها وما فيها من عبر ومبادىء إنسانية عامة»، وأنه لا يقحم في القرآن على القرآن من رأي خارج عنه، أو مصطلح انتزع من مصدر آخر، فجعل كلمات القرآن يفسر بعضها بعضا كما أطلق الحرية للقرآن في أن يدلى بما يريد دون أن يحمل على ما يراد.

وبهذه المثابة يصبح تفسير القرآن تفسيرا للمسلمين جميعا، وعليه يقام أساس التوفيق بين المسلمين أجمعين، وهي أمانة لا يضطلع بها غير أهلها من القادرين على الاستقلال بالفهم وعلى مواجهة الخلاف بما ينبغي للمجتهد من الشجاعة الصادقة ووسائل الإقناع بإحسان، وما ينبغي للمجتهد المعلم خاصة من الصمود إلى غاية التعليم، وغاية المعهد العلمي الذي يتولاه.

وصف الإمام الفقيد رسالة الجامع الأزهر الأكبر، فقال في بضع كلمات: «إنه معهد الدين وحصن اللغة المكين».

ومن أراد هذه الرسالة للجامع الأزهر، فقد عرف من قبل رسالة القرآن الكريم، بل عرف المعجزة الكبرى لهذا الكتاب في ناحية إعجازه التي لا مراء فيها، وهي معجزة الأثر الخالد التي نستطيع نحن -أبناء هذا العصر- أن ندركها وأن يكون إدراكنا لها أقوى وأوضح ممن سبقونا إلى العلم بمعجزة الكتاب المبين.

معجزة الأثر في ألف وأربعمائة سنة أقوى وأوضح من معجزته التي شهدها أبناء القرن الأول ثم شهدها أبناء القرون الأولى بعد عصر الدعوة... فإننا اليوم نستطيع أن ندرك تلك المعجزة التي لا نظير لها والتي تقاصرت عنها الهمم ووقفت دونها دعوات الأفراد والأمم، وتم بها ما يتم بعمل إله وقول إله، وهيهات أن يتم بجهد الإنسان بغير معونة اللّه.

أربعمائة مليون من بني آدم فرقتهم الأجناس واللغات والبقاع والأزمان، وجمعتهم كلمات القرآن.

وكلمات حفظت اللغة التي نزلت بها وليست هذه اللغة هي التي حفظتها، ولم يتفق قط للغة من اللغات أن عاشت بكتاب واحد مدى هذه السنين، فلم تعش لغة اليونان خمسمائة سنة بكتاب هوميروس، ولم تعش لغة اللاتين بعض هذه السنين بلغة فرجيل وهوراس، وذهبت لغة فارس ولغة الهند وفيها من الكتب ما لا يقرأه اليوم غير كهان المحاريب، وماتت لغات أخرى كانت تعيش قبل الإسلام وبقيت لغة القرآن حية في عالم الديانة وفي عالم الكتابة وفي عالم الثقافة، وستحيا غدا كما حييت بالأمس، ما شاء اللّه، وصح فيها قول الأستاذ الفقيه: «إنها ليست في هذا المقام عربية الإقليم والجو ولا عربية النسب إلى أصل ينتسب إليه الجنس... وصارت عربية الشخصية المعنوية المكونة من عنصرى العروبة والإسلام...».

ولما تكلم عن غايته من التعليم في المعهد قال:
«نريد تخريج تبريز لأئمة في اللغة وفروعها وأئمة في الفقه وأصوله، نريده تخريجاً أساسه النظر العميق والاجتهاد العلمي الذي يكون الشخصية الفقهية والشخصية اللغوية العربية، لا نريده تخريجا نلتزم فيه مخلفات الماضي من آراء ومذاهب بل يجب أن نجتهد وأن نؤمن بأن حاجة اليوم في الفقه واللغة وعقائد الدين غيرها بالأمس، وأن نؤمن بأن فضل اللّه في كل ذلك لم يكن وقفا على الأولين».

ونستعير من أسلوب الفقيد فنقول إن الاجتهاد كما أراده هو الاجتهاد بعناصر «شخصيته» على تمامها كما ينبغي أن يضطلع به المجتهد في جميع العصور، وهو أتم من ذلك بالنسبة إلى عصرنا هذا الذي نعيش فيه، وبالنسبة إلى العصر المقبل الذي يواجهه المجتهدون عما قريب.

فما من عنصر من عناصر الاجتهاد إلا قد ظهر له في هذا العصر باعث يستدعيه لم يكن ظاهرا بهذا الجلاء وهذه الضرورة في عصر من عصوره الماضية.

فها هنا عنصر النظرة الموحدة إلى الكتاب المبين في العصر الذي ارتفعت فيه حواجز الاستعمار الأجنبي ووجب أن تحل في مكانها روابط القربى بين أمم الإسلام على تباعد الديار وتباعد الشيع والمذاهب التي لا بقاء لها مع توحيد النظرة إلى كتاب المسلمين أجمعين..

وها هنا عنصر اللغة في عصر النهضة العربية وقوامها كله نهضة الثقافة العربية التي تتحد بها ثقافة الإسلام في جميع اللغات.

وها هنا عنصر «الاستقلال» في عصر الحرية الفكرية أو عصر «الإنسان» الحر في الجماعة الحرة، وقد مضت الجماعات في طريقها إلى الخلاص من طغيان الاستبداد وطغيان الاستقلال.

وها هنا العصر الذي أصبح فيه معهد الإسلام الأكبر كما قال الشيخ رحمه اللّه:
«يضم السوداني، والمغربي، والحبشي، والفلسطيني، والأندونيسي، والتركستاني، والسعودي، والأفغاني، والتركي، والروسي، واليوناني، واليوغسلافي، والكردي، والعراقي، والكويتي، والإيراني، والسيامي، والباكستاني، والفليبيني، والملاوي، والبرمي، والأردني، واللبناني، والزنجباري، والأوغندي، والليبي، والتونسي، والجزائري، والمراكشي، والأرتيري، والسنغالي، والصومالي، والنيجيري» إلى غير هؤلاء ممن وفدوا إليه أو يتوافدون مع الأيام بلا انقطاع لا جرم كان من بشائر الأمل -كما أسلفنا في غير هذا الموضع- أن ينهض الشيخ شلتوت بمشيخة الأزهر في الزمن الذي تفتحت فيه الطرق بين البلاد الإسلامية بعد أن تحررت من الطغيان الأجنبي عليها وبين هذا المعهد الذي لا معهد في العالم الإسلامي أولى منه بضم الشمل وتقريب مسافة الخلف بين المسلم والمسلم حينما كان في أقاصى البلدان.

«و من عرف الإمام الفقيد عرف أنه قد تزود لهذه الرسالة بزاد غير علمه الغزير وشجاعته الصادقة، وهو زاد القلب الطيب والسجية الكريمة، تجمع الخصوم على الألفة والثقة كما تجمع الأصحاب والأنصار».

ولقد عرفنا الشيخ الأكبر سنوات في مجمع اللغة العربية فتعودنا أن نعرفه «قرآنيا» في دراسته لأسرار اللغة، قبل أن نعرفه «لغويا» في دراسته لأسرار القرآن، وكنا نسمعه يقول: إن القرآن معجز بما هو به قرآن، ويعني بذلك نسقه الذي ينتظم ألفاظه ومعانيه ويوحي من معانيها بما ليس في مفردات الكلم ولا في أجزائه التي يقتضيها الإعراب في كل عبارة.

فليست الكلمة الواحدة هي محل إعجاز، وليس محل الإعجاز هو الكلمتين أو الكلمات الثلاث التي تتم بها جملة الفعل والفاعل أو المبتدأ والخبر والجار والمجرور أو المضاف والمضاف إليه، ولكنه نسق دقيق يتخطى لوازم العلاقة بين الألفاظ في النحو والصرف إلى لوازم العلاقة بين المعنى والوجدان، وبين الوحي والبصيرة، مما لا تدركه ولا تبلغ إليه بلاغة الإنسان.

وبهذه البصيرة المتفتحة تسنى له أن يفهم القرآن كتابا للمسلمين جميعا يرجعون إليه فيرجعون إلى مصدر واحد يختلف فيه المختلفون ولكن كما يختلف العقل الواحد بينه وبين نفسه في وجهات نظره بين حين وحين، وبين اعتبار واعتبار.

وبهذه النظرة «القرآنية» عمل الشيخ الأكبر في تنظيمه الدروس بمعاهد التعليم، كما عمل على هذه الهداية في علاقته بالأمم الإسلامية وعلاقته ببلاد العرب أجمعين.

والجديد في خطته على هذه الجادة القديمة أنه فهم أن اللغة العربية، أو اللغة القرآنية، شيء يتعلمه العربي المسلم كما يتعلمه المسلم غير العربي، فلم يكن على المسلمين غضاضة في هذه المساواة الشاملة، ولم يكن للعربي إيثار على غيره؛ لأن عروبته في هذا المنهج هي عروبة القرآن الذي يتساوى فيه المسلم والمسلم من كل جنس، وبكل لسان.

تولى مشيخة الأزهر بعد استقالة الشيخ عبد الرحمن تاج عام 1958، وقد رحب بتوليه المشيخة العالم الإسلامي كافة، وظل في المشيخة سنوات عديدة، وفي عهده صدر قانون تطوير الأزهر الشريف، وقام برحلات كثيرة إلى بلاد العالم الإسلامي.

كان شيخ الأزهر محمود شلتوت على موعد لا يستطيع أن يتخلف عنه.. وتحدد هذا الموعد بالذات في (ليلة الإسراء) و (ليلة الجمعة) وفي مستشفى العجوزة.. وفي نهاية اللحظة الأخيرة لسبعين عاما، وسبعة اشهر، وعشرين يوما وخمس دقائق.. فقد صادف ميلاده الساعة التاسعة والدقيقة العشرين من مساء 22 ابريل 1893 في منية بني منصور بمحافظة البحيرة.. كانت الدقائق الخمس هي مدة النوبة القلبية المفاجئة التي أسلم في نهايتها روحه إلى بارئها في 13/ 12 / 1963.

لم يكن الشيخ مرحا في يوم من الأيام أكثر منه في اليوم الأخير في حياته.. فقد أفاق من العملية التي أجريت له في الصباح بعد 3 ساعات من إجرائها ودعا أسرته.. وظل ينادي كلا منهم باسمه ويداعبه.. كما استدعى أحفاده الصغار وظل يداعبهم ويبتسم لهم ابتسامة عريضة لم تفارق شفتيه طول اليوم حتى فاجأته النوبة.

وكان آخر ما عرضه عليه سكرتيره الخاص أحمد نصار ونجله المقدم الهادي شلتوت رسالة رقيقة من الخارج.. من الرئيس أحمد بن بيللا رئيس الجزائر، وبرقية داخلية بعث بها من طهطا محمود عبد العزيز رفاعة يستفسر فيها عن صحة شيخ الإسلام.

كما كان آخر ما كتبه بخطه ترجمة كاملة لحياته طلبتها إحدى المجلات في الخارج وبحثا جديدا عن تنظيم النسل وحقوق المرأة في الإسلام وصلاحية المرأة المسلمة للمساهمة في بناء المجتمع.

وكانت آخر الدعوات التي تلقاها الشيخ شلتوت من الخارج ولن يتمكن من تلبيتها هي دعوات لزيارة الهند ويوجوسلافيا وجنوب أفريقيا والجزائر واليمن وإيطاليا وألمانيا.

كان الشيخ شلتوت دائما محل تقدير العالمين الإسلامي والمسيحي

وقد تلقى أخيراً عرضاً من إحدى دور النشر ب‍ 000 , 15 جنيه لترجمة بعض كتبه إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية.. كما ترجمت له عدة دول كتبه التي اصدرها وتعتبر مراجع هامة في الشريعة الإسلامية.

وخلال رحلته الأخيرة للشرق الأقصى عام 1961 وضع رئيس جمهورية الفليبين طائرته الخاصة وياوره الخاص تحت تصرفه طوال رحلته..

وفي مؤتمر لاهاى عام 1937 تمكن بأبحاثه التي قدمها للمؤتمر ان يحصل على قرار إجماعي بصلاحية الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع في العالم.

وقد منحته أربع دول الدكتوراه الفخرية كما منحته أكاديمية شيلي درجة الزمالة الفخرية وأهدى إليه رئيس الكاميرون قلادة تقديرا لأبحاثه العلمية.

وكان الأجنبي الوحيد الذي رأس المجلس الأعلى لجمهورية أندونيسيا أثناء وجوده هناك.

كما أصدر قرارا خاصا بتعيين قائد الجيش ووزير الدفاع إماما لمسجد سوكارنو بالقصر بمصر الجديدة عدد كبير من زعماء العالم الإسلامي ورؤساء الدول، منهم الرؤساء عبد السلام عارف والسلال وأحمد بن بيللا والإمبراطور هيلاسلاسي إمبراطور الحبشة.

إن نواب الرئيس وأعضاء مجلس الرياسة ورئيس المجلس التنفيذي والوزراء أبو إلا أن يشيعوا جنازته سيرا على أقدامهم من المسجد لازهر حتى الامام الشافعي تكريما لرحلته الأخيرة التي ترك وراءها أماكن خلت بفقده هي عضوية كبار العلماء التي شغلها عام 1941 وعضوية المجمع اللغوي التي شغلها عام 1946 وعضوية المؤتمر الإسلامي التي شغلها عام 1957 وعضوية مجلس الإذاعة الذي شغله عام 1950 ومشيخة الأزهر التي شغلها عام 1958.


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 7:06 am

الشيخ حسن مأمون
الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر
----------------------------
صدر قرار جمهوري في شهر صفر 1384 ه‍ يوليو 1964 بتعيين فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ حسن مأمون شيخا للأزهر، ويعتبر فضيلته الشيخ التاسع والثلاثين في تعداد شيوخ الأزهر، ومن الجدير بالذكر أن منصب شيخ الأزهر شاغر منذ 13 ديسمبر الماضي إثر وفاة فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت.

وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ حسن مأمون من مواليد عام 1894 بحي الخليفة بالقاهرة، وظل يعمل في مناصب القضاء بمصر والسودان خمسة وأربعين عاماً، وفي عام 1941 عين قاضياً لقضاة السودان وظل في منصبه ست سنوات عاد بعدها إلى القاهرة -بعد موقفه الوطني المعروف- رئيساً لمحكمة مصر الابتدائية الشرعية، ثم عضواً في المحكمة الشرعية العليا ثم نائباً لها ثم رئيساً.

وفي عام 1955 عين مفتياً للديار المصرية خلفاً لصاحب الفضيلة الشيخ حسنين مخلوف إلى أن أحيل إلى الاستيداع، وكان أن صدر القرار الجمهوري في أواخر شهر يوليو الماضي بتعيينه إماماً أكبر وشيخاً للجامع الأزهر.

وينص قانون تطوير الأزهر الذي صدر في يونيو 1961 على أن شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية، ويرأس المجلس الأعلى للأزهر.

وقد صدر مع القرار الجمهوري قرار آخر في 14 يوليو 1964 كان لصدوره بتعيين العالم الأديب فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري مديراً لجامعة الأزهر هزة سرور غمرت الأوساط الأزهرية وغير الأزهرية.

والذي لا شك فيه أن الجامعة الأزهرية في تطورها الجديد - حيث أريد لها أن تدخل معترك الحياة في شتى ميادين المعرفة، كانت في حاجة إلى عالم أديب كالشيخ الباقوري، عرف عنه بالإضافة إلى علمه، سعة أفقه، ومرونة تفكيره، وتمتعه بطاقة كبرى من الحيوية والنشاط.


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر   تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر Emptyالأحد 24 أبريل 2016, 7:39 am

الأستاذ الأكبر الشيخ محمّد الفحّام
==================
تقدم الاستاذ الأكبر الشيخ حسن مأمون استقالته من المشيخة وعين الشيخ الدكتور محمد الفحام شيخا للأزهر وذلك يوم الثلاثاء 4 رجب 1389ه‍ - 16 من سبتمبر 1969م.

لقد ولد الدكتور محمد الفحام بالإسكندرية في 18 من سبتمبر سنة 1894م وسلك في تعلمه المسلك الذائع في عصره، فحفظ القرآن الكريم، ثم لحق بمعهد الإسكندرية الديني، وقضى به سنوات حصل فيها على شهادته الابتدائية والثانوية، ثم درس بالجامع الأزهر ونال شهادته العالمية سنة 1922م.

فلما كانت سنة 1936 م اختار الأزهر بعثة من خير المتخرجين فيه ليدرسوا في باريس دراسة تمكنهم من الحصول على الدكتوراه في الآداب، فكان منهم الدكتور محمد الفحام.

قضى في باريس هو وأسرته عشر سنوات، صبر فيها على ما لقى من شدائد في ظلمات الحرب العالمية الثانية، حتى حصل على الليسانس من السوربون، وعلى عدة دبلومات ثم حصل على الدكتوراه في الآداب بدرجة الشرف الممتازة من جامعة باريس سنة 1946.

أما موضوع رسالته فكان (معجم عربي فرنسي لا صطلاحات النحويين والصرفيين العرب) وكان هذا المعجم مناط تقدير الأساتذة والمستشرقين 1 وثنائهم، حتى إن أحدهم قال له: لست أظن أن عالما زار فرنسا أكثر إلماما باللغة العربية منك.
__________
1) من كلمة المجمع اللغوي في تأبينه-و الكلمة للدكتور أحمد الحوفي.

__________

وعاد الشيخ إلى مصر فوجد شهرته العلمية قد سبقته، فنهض بتدريس الأدب المقارن لطلبة كلية اللغة العربية بالأزهر، وبتدريس النحو بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية.

وما زال يتدرج في وظائف التدريس حتى صار عميدا لكلية اللغة العربية إلى أن أحيل إلى التقاعد.

وحينئذ لم يركن إلى ما يركن إليه بعض المتقاعدين، بل انكب على البحث والدرس في مكتبته الخاصة، نحو عشر سنوات، إلى أن اختارته الدولة إماما أكبر للأزهر الشريف سنة 1969م، ثم انتخبه مجمع اللغة العربية عضوا به واحتفل باستقباله في 12 من صفر سنة 1392ه‍ (27 من مارس سنة 1972م).

وشاء اللّه سبحانه وتعالى أن يرتبط الفقيد بالعالم العربي والإسلامي ارتباطا فكريا وعمليا فقام برحلات متعددة إلى كثير من الأقطار.

زار لبنان، ومثل الأزهر في مؤتمر ثقافي سنة 1947، وسافر إلى نيجيريا موفدا من الأزهر لدراسة أحوال المسلمين بها، واقتراح حلول لمشكلاتهم، وقضى هنالك خمسة أشهر، ولم يثنه عن السفر ما زعمه له بعض المبشرين المسيحيين الذين زاروا نيجيريا من قبل أنها مقبرة الرجل الأبيض، بل خرج من داره يتلو قول اللّه تعالى: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اَللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ اَلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اَللّهِ وَكانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً».

وكانت رحلته ذات آثار طيبة، إذ اختار بعض أبناء نيجيريا ليتعلموا بالأزهر، وتخير طائفة من علماء الأزهر ليدرسوا هنالك، ولم تلبث نيجيريا أن حفلت بعدة مدارس وبكثير من المعلمين العرب والقضاة العرب.

وبعد ذلك سافر إلى باكستان ثلاث مرات اتصل فيها بكثير من علمائها، وزار كثيرا من مدارسها ومعاهدها ومكتباتها.

ثم اتجه إلى موريتانيا، وأسهم في إنشاء مكتبة إسلامية كبيرة بها وشارك في مناقشات إسلامية، منحوه بعدها وثيقة مواطن موريتاني.

كذلك سافر إلى إندونيسيا ثلاث مرات ممثلا للأزهر، وسافر إلى أسبانيا والسودان والجزائر وإيران وليبيا، وزار السعودية خمس مرات، مرتين للعمرة وثلاثا للحج.

وللدكتور الفحام مؤلفات قيمة:
أذكر منها مذكراته في الأدب المقارن لطلبة كلية اللغة العربية بالأزهر، ومذكراته في النحو لطلبة كلية الآداب بجامعة الإسكندرية التي ذللت مسائله المعقدة، وسهلت صعوباته.

وله كتاب عن سيبويه.
كذلك تفوق في دراسة علم المنطق، فألف رسالة سماها (رسالة في الموجهات) وهو طالب بالسنة الثانية الثانوية، جمع فيها بين العلم وسهولة عرضه، فأعجب زملاؤه بما كتب، حتى إن طلاب شهادة العالمية المؤقتة نهلوا من معين رسالته.

وكذلك تفوق في دراسة الجغرافية.
وله بحوث نشر بعضها في مجلة مجمع اللغة العربية مثل:
1 - الشيخ خالد الأزهري:
ذكر فيه المصادر الاثنى عشر التي تحدثت عنه، وعرض أسماء أساتذته، وأسماء مؤلفاته الستة عشر التي وصلت إلينا، ومنها المقدمة الأزهرية، وشرحها، وإعراب الأجوبة وشرحها.

2 - بحث آخر موضوعه سيبويه:
بدأه ببيان معنى كلمة سيبويه، فنقل ما ذكره القدماء، ثم نقل ما ذكره المستشرق كرنكو، ولم يعتمد على ما ذكره المستشرق، بل سأل علماء اللغة الفارسية، وانتهى إلى ترجيح أن كلمة سيبويه معناها تفاحة صغيرة لا رائحة التفاح، كما هو ذائع شائع.

وبعد هذا التمهيد الشائق ذكر عدة من سيبويه الأصفهاني، وسيبويه المغربي، وسيبويه المصري.

ثم انتقل إلى شيخهم سيبويه البصري إمام علماء البصرة، وشيخ النحاة، وأول من لقب بهذا اللقب، فتحدث عن مولده ومكانه وتلاميذه والمناظرة التي كانت بينه وبين الكسائي.

سافر رحمه اللّه إلى فرنسا، ونال منها أرفع درجاتها العلمية، وعاش فيها عشر سنوات، كان من المظنون أن تغير من عاداته ومن صلاته ومن مظهره، وزيه، ولكنه عاد إلى مصر حريصا على أخلاقه الإسلامية الرفيعة، وكلفا بعاداته الطيبة التي ورثها من مصر المسلمة العريقة، ومشوقا إلى زيه العربي الذي يميز علماء الأزهر، فلم نره إلا معمما وفي جبة وقفطان، وقد يستعيض عن الجبة المعطف السابغ الذي يسمى كاكولة.

ولم يكن يتعالم بمعرفته الفرنسية وبإجادته لها، فيتكلف الرطانة بها حيث لا مسوغ لرطانة، ويتصيد المفردات منها ليحشرها في حديثه حشرا حيث تسعفه الألفاظ العربية.

وليس من عيب على العالم باللغات أن يستشهد بها، وأن يستعين إذا ما مست حاجته أو دعت مناسبة أو كانت ثمة مقارنة واستشهاد.


تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تابع: تراجم لبعض شيوخ الأزهر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثاني: تراجم لبعض شيوخ الأزهر
» الباب الثاني: تاريخ الأزهر الحديث الفصل الأول: القوّة الشعبيّة بعد الحملة الفرنسيّة ممثلة في الأزهر
» تراجم المحدثين
» تراجم المحدثين
» حلول لبعض المشاكل الصحية التي تواجه الصائم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: الأزهــــــر في ألف عام-
انتقل الى: