منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Empty
مُساهمةموضوع: الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه   الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Emptyالسبت 23 أبريل 2016, 5:52 pm

الباب الثالث
الفصل الأول: مشيخة الأزهر وشيوخه
-----------------------------------
وظيفة خطيب الأزهر:
نقل المقريزي في مواضع مختلفة إشارات لبعض مؤرخي الدولة الفاطمية عن «خطيب الجامع الأزهر»، من ذلك ما نقله عن ابن الطوير في تقديم خطيب الجامع الأزهر في إلقاء الخطبة بين يدي الخليفة في أيام الموالد الستة التي كانت تحتفل بها الخلافة الفاطمية، وهي المولد النبوي ومولد أمير المؤمنين على بن أبي طالب، ومولد ولديه الحسن والحسين، ومولد زوجته السيدة فاطمة الزهراء، ومولد الخليفة القائم 1.

وكذلك كان «خطيب الجامع الأزهر» يذكر في وصف الاحتفال بليالي الوقود، حيث يخطب أيضا بين يدي الخليفة في هذه الليالي الأربع متقدما زملاءه من خطباء المساجد الأخرى 2.

فالإشراف على الجامع الأزهر -كما يقول عنان- كان يجري في ظل الدولة الفاطمية على هذا النحو:
ما تعلق بإصلاحه وعمارته والإنفاق عليه يرجع أمره إلى الخلفاء أو من يختارونه لذلك من الأمراء والوزراء، وما يتعلق بشئون الصلاة يرجع إلى الخطيب وإلى عدد من الأئمة
والقومة والمؤذنين، والخطيب في الواقع هو رئيس الجامع الديني وهو الذي يتولى الخطابة في الصلوات الجامعة، والحفلات الدينية الرسمية بين يدي الخليفة أو نائبه، ويدير شئون المسجد الدينية بوجه عام.

__________
1) الخطط ج 4 ص 76
2) صبح الاعشى ج 3 ص 502

__________
ويبدو أن وظيفة «خطيب» الجامع الأزهر لبثت تنمو في الأهمية على ممر الزمن تبعا لنمو أهمية الازهر نفسه، فهي في أواخر الدولة الفاطمية تسند إلى رجال من أصحاب المناصب الدينية الرفيعة مثل داعي الدعاة، فقد ذكر ابن ميسر في أخبار سنة 517 ه‍ أنه قد أسند إلى داعي الدعاة أبي الفخر صالح «منصب الخطابة بالجامع الأزهر» مع خزانة الكتب 1.

أما إدارة المسجد الداخلية من قرش وتنظيم وتجميل فترجع إلى المشرف ومعاونيه من العمال والخدم.

وأما ما يتعلق بشئون الدراسة والأساتذة والطلاب والنفقة عليهم، فقد رأينا أنه يرجع إلى الخلفاء وإلى ذوي البر من أكابر رجال الدولة، وقد كان العزيز باللّه ووزيره ابن كلس أول من رتب النفقة الدائمة للقراء والأساتذة بالأزهر، وحذا حذوهما في ذلك الخلفاء والأمراء والكبراء؛ في مختلف الدول والعصور.

وهذا النظام في الإشراف على الجامع الأزهر ربما لبث متبعا في جوهره بعد الدولة الفاطمية، فمثلا نرى في أواخر القرن الثامن، في عهد الملك الظاهر برقوق، ولاية النظر على الجامع الازهر، تسند في سنة 784 ه‍ إلى الطواشي بهادر مقدم المماليك السلطانية، وفي أثناء ولايته صدر مرسوم ملكي يقضى بأن من توفي من مجاوري الجامع دون وارث شرعي، وخلف تركة، فإنها تؤول إلى زملائه المجاورين «و في سنة 818 ه‍ في عهد السلطان المؤيد ولي نظر الجامع الأمير سودوب القاضي حاجب الحجاب.

فكان مما قرره منع المبيت بالجامع الازهر، وأخرج المجاورين الذين اعتادوا السكني فيه 1، وبعد ذلك بقليل في زمن السلطان المؤيد أيضا ولي نظر الجامع شمس الدين محمد الماحوري، أحد تجار الكارم والجوهر، وكان من أصدقاء المؤيد.

وذلك بطريق النيابة عمن له النظر على الجامع (و لعله الأمير سودوب أيضاً)، فاستعمل القسوة في تنظيم شئونه الداخلية، وكان يطوف ومعه عصى لردع المخالفين، وقاسى الطلاب منه شدة 2.

على أن ولاية هؤلاء الكبراء النظر على الجامع كانت تقتصر على الناحية الإدارية مما يتعلق بإصلاحه وتعميره والإنفاق عليه، وتعيين الموظفين اللازمين لإدارته.

أما شئون العبادات فقد كانت دائما من اختصاص خطيب الجامع وإمامه، وقد كان يلي خطابة الجامع الأزهر في العصور المتأخرة والعصور المتقدمة أكابر القضاة والعلماء، فنرى بين خطباء الجامع الأزهر في أواخر القرن السابع الهجري قاضي القضاة تقى الدين أبا القاسم ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز 3، وفي أوائل القرن التاسع قاضي القضاة الحافظ ابن حجر العسقلاني 4..

وكان يوجد دائما إلى جانب منصب الخطيب منصب الإمام يشغله أيضا بعض العلماء الأعلام، وصاحبه يلي الخطيب في الأهمية، ويعاونه في القيام بشئون العبادات.

وثمة منصب هام آخر هو منصب «الواعظ» يليه أيضا جماعة من أكابر العلماء، وقد لبثت هذه المناصب الثلاثة قائمة خلال العصر التركي. وكان من مشاهير العلماء الذين تولوا إمامة الجامع الأزهر في العصور المتأخرة الفخر البلبيسي الضرير أستاذ القراءات، تولاها في أواخر القرن التاسع الهجري 5، والشيخ رضوان المتوفى سنة 1115، 6..
__________
1) المقريزي في الخطط ج 4 ص 54

2) التبر المسبوك ص 198
3) النجوم الزاهرة ج 8 ص 82
4) التبر المسبوك ص 231
5) التبر المسبوك ص 32، 77، 239
6) الجبرتي - عجائب الآثار ج 1 ص 72
__________

ومن الذين تولوا منصب الوعظ الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق السنباطي المتوفى سنة 950 ه‍، والشيخ شمس الدين الصفدي المقدسي المتوفى في حدود التسعين وتسعمائة 1.

وأما شئون الدراسة فكان المرجع فيها على الأغلب إلى السلطان ووزرائه، وقد كانت مناصب التدريس في الأزهر وما إليه من المدارس الكبيرة يومئذ من المناصب الدينية الهامة، فلا يعين فيها سوى أكابر الأساتذة والعلماء، بيد أنه كان للواقفين والواهبين بلا ريب رأى في تعيين أنواع العلوم التي يخصونها بهباتهم، وفي اختيار الأساتذة الذين يتولون تدريسها.

منصب مشيخة الأزهر:
وإذا كان من المستطاع أن يتتبع الباحث بعض النصوص والإشارات التي تلقى ضوءا على نظم الإشراف على الجامع الأزهر في العصر الفاطمي وفي عصور السلاطين، فإنا لا نظفر بعد ذلك برواية أو نصوص شافية توصح لنا كيف تطورت النظم إلى نظام المشيخة الحالي.

ومن المعروف الذائع أن نظام المشيخة الحالي إنما هو نظام حديث يرجع على الأكثر إلى نحو قرنين ونصف وأنه طبق لأول مرة في أواخر القرن الحادي عشر الهجري، حينما أسندت مشيخة الجامع الأزهر إلى الشيخ محمد عبد الخرشي المالكي المتوفى في شهر ذي الحجة سنة 1101 ه‍ (1690 م)، وخلفه في المشيخة الشيخ محمد النشرتي المالكي.

ولما توفي هذا الشيخ سنة 1120 ه‍ (1708 م)، وقعت بالأزهر بسبب المشيخة والتدريس فتنة شديدة، وانقسم المجاورون -الطلاب- فرقتين: ترشح إحداهما الشيخ أحمد النفراوي وترشح الأخرى الشيخ عبد الباقي القليني وكلاهما من المالكية.

ووقعت بين الفريقين معارك قتل وجرح فيها كثيرون، وانتهى الأمر باستقرار الشيخ القليني في المشيخة والتدريس.
__________
1) الكواكب السائرة في اعيان المائة العاشرة-مخطوط في دار الكتب.

__________

والظاهر أن نظام مشيخة الجامع الأزهر يمت بصلة إلى هذا المنهج في نظام الوظائف الدينية الرئيسية، وقد يرجع التفكير فيه وفي قيامة إلى منتصف القرن العاشر الهجري، ذلك أن ولاة الأمر العثمانيين كانوا يعلقون على الوظائف الدينية أهمية خاصة، وكان الجامع الأزهر يحتل يومئذ بين المساجد والمعاهد الإسلامية مركز الصدارة، ويزخر دائما بجمهرة كبيرة من العلماء المصريين وإخوانهم من سائر أنحاء العالم الإسلامي، هم صفوة الأئمة والأساتذة في ذلك العصر، ومن المعقول أن تكون رياسة الجامع الأزهر ذات أهمية خاصة في نظر ولاة الأمور.

وإذا كان الجبرتي لم يذكر شيخا للأزهر قبل الشيخ الخرشي المتوفى سنة 1101 ه‍، فإنه من جهة أخرى لم يقل بصفة قاطعة انه كان أول من ولي المشيخة. ومع أنه لم يعثر كذلك فيما أتيح من المراجع على نصوص قاطعة تلقى ضوءا واضحا على أصل مشيخة الأزهر والوقت الذي بدأ فيه تطبيق هذا النظام.

فإنه توجد مع ذلك قرائن عديدة، تدل على أنه يرجع إلى ما قبل أواخر القرن الحادي عشر بكثير.

من ذلك ما رواه صاحب كتاب «ذخيرة الأعلام» 1في حديثه عن واقعة الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي مع داود باشا الذي تولى ولاية مصر سنة 945 ه‍ (1538 م)، فقد ذكر أنه حدث في شهر شعبان سنة 950 ه‍ أن الشيخ ابن عبد الحق قال يوما لداود باشا وهو في موكبه: أنه رقيق لا يجوز له أن يتولى الأحكام، وأن أحكامه باطلة ما لم يحصل على عتقه.. ثم يقول في قصيدته التي يروي فيها تفاصيل هذه الواقعة:
__________
1) هو كتاب «ذخيرة الأعلام. بتواريخ الخلفاء العلماء، وأمراء مصر الحكام، وقضاة قضائها في الأحكام» -لمؤلفه الشيخ أحمد بن سعد الدين العثماني العمري من علماء أوائل القرن الحادي عشر الهجري، وهو مكتوب كله بالنظم (مخطوط بدار الكتب رقم 104 تاريخ).

__________

لما صغى الباشا للكلام ... هم بضرب الشيخ بالحسام
قال له الجند فدع جذب الحسام ... فإن هذا شيخ الإسلام الإمام
وانحاز الجند للشيخ، فأرسل الباشا نبأ هذه الواقعة إلى السلطان فأنعم عليه بعتقه مع تبليغ الشكر إلى الشيخ.

وسعى الباشا بعد ذلك إلى الشيخ واسترضاه وقبل رجله، ولم يقبل الشيخ منه مالاً ولا هديةً، ولكنه أصبح من ذلك الحين لا يرد للشيخ رأياً ولا شفاعةً 1.

والمهم في هذه الرواية هو نعت الشيخ ابن عبد الحق «بشيخ الإسلام الإمام»، فإنا نعرف أن لقب شيخ الاسلام كان يطلق قبل الفتح العثماني على «قاضي القضاة» الشافعي، وقد كان آخر من لقب بهذا اللقب من المصريين قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن علي المتوفى سنة 949، 2، فلما ألغى الترك نظام القضاء المصري، وأقاموا في رياسة القضاء قاضياً تركياً، كان هذا اللقب يطلق فيما بعد على أكابر العلماء الذين يصلون إلى مرتبة الزعامة العلمية أو على شيوخ الجامع الأزهر والأغلب أن يطلق على هؤلاء الشيوخ، فهل كان ابن عبد الحق شيخاً للجامع الأزهر؟ لقد جاء في ترجمته أنه كان واعظاً بالجامع الأزهر.

وقال معاصره الإمام الشعراني عنه ما يأتي:
«لم نر أحداً من الوعاظ أقبل عليه الخلائق مثله، كان إذا نزل من فوق الكرسي، يقتتل الناس عليه، وكان متفنناً في العلوم الشرعية، وله الباع الطويل في معرفة مذاهب المجتهدين.

وكان من رؤوس أهل السنة والجماعة، وكان قد اشتهر في أقطار الأرض كالشام والحجاز واليمن والروم، وصاروا يضربون به المثل، وأذعن له علماء مصر الخاص منهم والعام».
__________
1) هذه القصيدة بأكملها في المخطوط المشار إليه ورقة 150 و151 عنوان (واقعة ابن عبد الحق مع داود باشا).

2) الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة (المخطوط) ج 2. ص 182.
__________
ثم قال: «و لما مات أظلمت مصر لموته وانهدم ركن عظيم من الدين»، وكانت وفاة ابن عبد الحق، حسبما ذكر صاحب الكواكب السائرة في أواخر صفر سنة 950 ه‍ 1.

لا يميل المؤرخون إلى القطع بأن ابن عبد الحق كان شيخاً للجامع الأزهر، ونستطيع القول بإنه يوجد ثمة في ترجمته وفيما نعته به صاحب الذخيرة ما يحمل على الظن بأنه كانت له صفة الرياسة بالأزهر من مشيخة أو غيرها 2.

ومن ذلك ما رواه فون همار مؤرخ الدولة العثمانية في تاريخه عما حدث بمصر من الاضطرابات في سنة 1067 ه‍ (1658 م) في عهد الوالي محمد باشا المعروف بشاه سور زاده (و نقله سامي باشا في كتابه).

إذ يقول:
«جرد هذا الوالي حملة ضد كاشف البهنسي محمد بك فقتل هذا الأمير وجيء برأسه إلى القاهرة، وقد قتل غيره من الأمراء، وأدت زيادة الاضطرابات إلى أن عقد مجلس كان فيه القاضي وشيخ الجامع الأزهر وغيرهما، فتقرر فيه الفتوى بضرورة محاربتهم لاستمرار مخالفتهم الأوامر السلطانية، فجرد عليهم وحاربهم» 3.

وهنا -نجد أنفسنا كما يقول عنان- أمام ذكر صريح «لشيخ الجامع الأزهر» وإن كنا لا نعرف مَنْ هو هذا الشيخ، وذكره يجيء في مناسبة تتقدم التاريخ الذي اصطلح على رد المشيخة إليه بنحو أربعين عاماً.
__________
1) راجع الكواكب السائرة (المخطوط المشار اليه) ج 2 ص 179، ويلاحظ-كما قال عنان-انه توجد مفارقة بين تاريخ الوفاة في هذه الترجمة وبين واقعة ابن عبد الحق مع داود باشا اذا قال صاحب الذخيرة انها وقعت في شعبان سنة 950 ه اي بعد تاريخ الوفاة، فلا بد انها وقعت قبل ذلك، أو تكون الوفاة وقعت بعدها.

2) ذهب المغفور له امين سامي فيما أورده عن واقعة ابن عبد الحق وداود باشا نقلا عن صاحب الذخيرة إلى أبعد من ذلك، حيث وصف ابن عبد الحق بأنه «شيخ الجامع» أي الجامع الأزهر (راجع كتاب تقويم النيل ج 2 ص 19)
3) كتاب تقويم النيل ج 2 ص 59.
__________

ومن ذلك ما أورده الجبرتي في ترجمة العلامة إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين بن خالد البروماي المتوفى سنة 1106 ه‍، فقد ذكر صراحة انه كان شيخا للجامع الأزهر 1، فمتى كان ذلك، لا ريب انه تولى المشيخة قبل أن يتولاها الشيخ الخرشي في أواخر القرن الحادي عشر، وقد توفي الشيخ الخرشي كما تقدم في سنة 1101 ه‍ وتولى المشيخة من بعده الشيخ النشرتي المتوفى سنة 1120 ه‍ فربما كان البرماوي المتوفى سنة 1106 قد تولى المشيخة قبلهما، اي في أواخر القرن الحادي عشر حوالي سنة 1080 الى سنة 1090 ه‍.

فمشيخة الأزهر إذا ترجع إلى أواخر القرن الحادي عشر فقط، والشيخ الخرشي كان أول من تولاها غالباً.

والمرجح أن هذا النظام يرجع إلى أواسط القرن العاشر، وأنه يمت كما قدمنا بصلة إلى التغييرات التي أحدثها الترك العثمانيون في الوظائف الدينية الكبرى، وقد كان لشيخ الجامع الأزهر وعلمائه نفوذ خاص يعتمد عليه ولاة الأمر كلما اقتضت الظروف والحوادث.

وقد بلغ هذا النفوذ فيما بعد مبلغ الرياسة والزعامة في أواخر القرن الثالث عشر، ولا سيما وقت مقدم الحملة الفرنسية، حيث كان لأكابر الشيوخ رأي بارز في معظم الحوادث والشؤون الداخلية، وكانوا يعتبرون دائما ممثلي الأمة، وكان منهم أعضاء الديوان الذي ألفه الفرنسيون لحكم مدينة القاهرة، وكان لهم نفوذ يذكر في سير الحوادث في ذلك الحين.

ومن المعروف أن العصر التركي هو أكثر العصور في تاريخ مصر الإسلامية غموضا واضطرابا، وأقلها وثائق ومراجع، لما حدث فيه من اضمحلال الحركة الأدبية، وفتور الهمم عن التأليف، وانصراف المؤرخين عن تناول الشؤون العامة والأمور النافعة، إلى ملق الحكام وتدوين سيرهم الشخصية.
__________
1) عجائب الآثار ج 1 ص 70

__________

فلم يكن للأزهر إذن شيخ من قبل عهدهم يتولى رياستة الدينية، ويدير شؤونه الإدارية، بل كان يتولاه الولاية العامة سلاطين مصر وأمراؤها، كباقي المساجد الجامعة بالديار المصرية، ويباشر شؤونه الداخلية مشايخ المذاهب الأربعة وشيوخ الأروقة يعاونهم خطيب المسجد.

والمشرف ومعاونوه من العمال والخدم.. وبقي هذا النظام متبعا في الجامع الأزهر غالبا مدة حكم الفاطميين والأيوبيين والمماليك الأولى (البحرية)، وفي عهد سلطنة الملك الظاهر برقوق، أول سلاطين المماليك الثانية (البرجية) عين للأزهر: «ناظر» سنة 784 ه‍ (1382)، وكان «ناظر الأزهر» يختار من بين كبار موظفي الدولة، وكان هذا «الناظر» هو الأمير «بهادر» الطواشي كبير المماليك السلطانية، وكان «ناظر الجامع الأزهر» ينوب عن سلطان مصر، أو حاكمها، في الإشراف على شؤون الأزهر، والقيام على تنفيذ الأوامر والأحكام السلطانية، والسهر على رعاية مصالح الجامع الأزهر، ومصالح أهله من علماء وطلاب.

وقد عرف من «نظار» هذا العهد المملوكي أيضا الأمير «سودوب» القاضي وحاجب الحجاب، ولي «نظارة الجامع الأزهر» سنة 818 ه‍ (1415 م)..

ولما استولى الأتراك العثمانيون على مصر سنة 923 ه‍ (1517 م) ساروا على نهج من سبقهم من سلاطين مصر وأمرائها، فحافظوا على الأوضاع المرعية في الأزهر، واهتموا برعاية شؤونه، والسهر على مصالح أهله، واقتدى الولاة العثمانيون بسلاطين آل عثمان فعرفوا لهذا المعهد العلمي الديني الإسلامي حقه من الرعاية والتقدير، وجددوا به كل دارس، وزادوا في عمارته، ووسعوا من رقعته، وأوقف الأمراء، والولاة وكبار رجال الدولة والأعيان الكثير من الأموال والأملاك، والعقارات على علمائه وطلبته، فاتسعت إدارته، وتشعبت مصالح أهله، وأصبحت الحاجة ماسة إلى وجود شخص يتفرغ للإشراف على شؤون هذا المعهد الدينية والإدارية معا، ويكون رئيسا لشيوخ المذاهب والأروقة، وسائر علماء الأزهر وطلابه، ومسؤولا مباشرة أمام الولاة والسلاطين، وحلقة اتصال بين المختلفة، فاستحسنت «الدولة العلية» قبيل نهاية القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) أن يعين للأزهر: «شيخ عموم» يدير شؤونه، ويراقب أموره من تعاليم وغيرها، ويلقب: «بشيخ الجامع الأزهر».

ومنذ العهد التركي العثماني والجامع الأزهر يحتفظ بهذه الوظيفة، التي تطورت مظاهرها، واتسعت اختصاصاتها على حسب تطورات الزمن، ومقتضيات الظروف والأحوال، حتى آلت إلى ما هي عليه الآن.
يتبع إن شاء الله...



الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 02 مايو 2021, 4:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه   الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Emptyالسبت 23 أبريل 2016, 6:00 pm

واليوم يختار «شيخ الجامع الأزهر» من بين جماعة كبار العلماء، مِمَّنْ تتوافر فيهم الشروط الآتية:
أن يكون عمره خمساً وأربعين سنة على الأقل، وأن يكون معروفاً بالورع والتقوى في ماضيه وحاضره، وحائزاً لشهادة العالمية منذ خمس عشرة سنة على الأقل، وأن يكون قد اشتغل بالتدريس مدة خمس سنوات على الأقل في إحدى كليات الجامع الأزهر، أو بالقسم العالي المقرر بالقانون رقم 10 لسنة 1911 م، أو يكون قد شغل منصب مفتي الديار المصرية، أو كان عضواً بالمحكمة العليا الشرعية.

ويعين «شيخ الجامع الازهر» بأمر جمهوري، ويصير من يعين شيخا للجامع الأزهر من غير جماعة كبار العلماء عضوا في هذه الجماعة بحكم القانون.

شيوخ الأزهر:
وقد تولى مشيخة الأزهر كثير من الأئمة الأعلام، وهم:
1 - الشيخ الخرشي المالكي - وترجمة في تاريخ الجبرتي الجوء الأول ص 65 - وقد توفي الخرشي 1101 ه‍ 1، ويعد أول من تولى مشيخة الأزهر، وهو الشريف الإمام أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الخرشي المالكي.
__________
1) راجع أيضاً 208/ 1 الجبرتي.

__________

والخرشي نسبة لبلدة يقال لها أبو خراش من البحيرة بالديار المصرية، انتهت إليه الرياسة في مصر حتى لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته، وكان متواضعا عفيفا واسع الخلق كثير الأدب والحياء كريم النفس حلو الكلام كثير الشفاعات عند الأمراء مهيب المنظر دائم الطهارة كثير الصمت كثير الصيام والقيام زاهدا ورعا متقشفا في مأكله وملبسه ومفرشه.

وكان لا يصلي الصبح صيفاً وشتاءً إلا بالجامع الأزهر، وكان يقضي مصالحه من السوق بيده ومصالح بيته في منزله، يتعمم بشملة صوف بيضاء، وكانت ثيابه قصيرة على السنة المحمدية واشتهر في بلاد الأرض من بلاد الغرب والتكرور والشام والحجاز والروم واليمن، وكان يعير من كتبه من خزانة الوقف بيده لكل طالب مع السهولة إيثاراً لوجه اللّه تعالى، ولا يمل في درسه من سؤال سائل، وكان أكثر قراءته بالأقبغاوية، وكان له في منزله خلوة للعبادة، ومن مشايخه: على الاجهوري وإبراهيم اللقاني، ووالده الشيخ عبد اللّه الخرشي، ومات في 27 ذي الحجة 1101 ه‍ ودفن مع والده بقرب مدفن سيدى محمد البنوقري بواسطة قرافة المجاورين.

وله شرحين على متن خليل، وكتاب في الكلام وهو أول شيخ تولى مشيخة الأزهر الشريف، وكان في العلم غاية لا تنال..

ويقول الشيخ منصور رجب من مقال نشره عنه في مجلة الأزهر:
أول شيخ تولى مشيخة الأزهر هو الشيخ محمد عبد اللّه علي الخرشي المالكي المتوفى سنة 1101 ه‍ نسبة إلى قرية من قرى مديرية البحيرة اسمها «أبو خراش».

وهذه القرية يقول عنها المرحوم علي مبارك باشا في خططه 1: «إنها بقسم شبراخيت واقعة في بحرى الكوكبة بنحو ستمائة متر، وفي قبلى «محلة نابت» بنحو ثمانمائة متر، وابنيتها باللبن، وبها جامع ضريح لولى عليه قبة، وفي مشرقيها ضريح سيدى عطية، وبها إبعادية لمنصور باشا يكن، وفيها -لعمدتها محمد عمر- دوار ومضيفة وزراعة متسعة نحو ألف فدان، وبها بستان نضر، وأكثر أهلها مسلمون».
__________
1) ج 9 ص 21

__________

والشيخ الخرشي هذا ترجمه الشيخ علي الصعيدي العدوي في حاشيته على شرحه الصغير لمتن خليل، فقال: «هو العلامة الإمام، والقدوة الهمام، شيخ المالكية شرقا وغربا، قدوة السالكين عجما وعربا، مربي المريدين، كهف السالكين، سيدى أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن علي الخرشي، ونسب عصبته بأولاد صباح الخير، انتهت إليه الرياسة في مصر حتى لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته وطلبة طلبته، وكان متواضعا عفيفا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدا ورعا، متقشفا في مأكله وملبسه ومفرشه ولا يصلي الصبح صيفا ولا شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضى بعض مصالحه من السوق بيده ومصالح بيته في منزله.

ويقول مَنْ عاشره:
ما ضبطنا عليه ساعة هو فيها غافل عن مصالح دينه أو دنياه، وكان إذا دخل منزله يتعمم بشملة صوف بيضاء، وكانت ثيابه قصيرة على السنة المحمدية، واشتهر في أقطار الأرض، كبلاد الغرب والشام والحجاز والروم واليمن، وكان يعير من كتبه من خزانة الوقف بيده لكل طالب، مع السهولة إيثارا لوجه اللّه تعالى، ولا يمل في درسه من سؤال سائل، لازم القراءة سيما بعد شيخه البرهان اللقاني وأبى الضياء علي الأجهوري.

وكان أكثر قراءته بمدرسة الأقبغاوية، وكان يقسم متن خليل نصفين: نصف يقرؤه بعد الظهر عند المنبر كتلاوة القرآن، ويقرأ النصف الثاني في اليوم الثاني، وكان له في منزله خلوة يتعبد فيها، وكانت الهدايا والنذور تأتيه من أقصى بلاد الغرب وغيرها فلا يمسك منها شيئاً، بل أقاربه ومعارفه يتصرفون فيها.

أخذ العلوم عن عدة من العلماء الأعلام كالعلامة الشيخ علي الأجهوري، وخاتمة المحدثين الشيخ إبراهيم اللقاني، والشيخ يوسف القيشي والشيخ عبد المعطى البصير، والشيخ يسن الشامي، ووالده الشيخ عبد اللّه العارف باللّه الشيخ أحمد اللقاني، والشيخ محمد الزرقاني، والشيخ علي اللقاني، والشيخ شمس الدين اللقاني، والشيخ داود اللقاني، والشيخ محمد النفراوي، وأخوه الشيخ أحمد، والشيخ الشبراخيتي، والشيخ أحمد الفيومي، والشيخ إبراهيم الفيومي، والشيخ أحمد الشرفي، والشيخ عبد الباقي القليني والشيخ علي المجدولي.

ولما توفي في صبيحة يوم الأحد السابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1101 دفن مع والده بقرب مدفن الشيخ العارف باللّه سيد محمد البنوقري بوسط تربة المجاورين.

يقول: وقبره مشهور، وما رأيت في عمري أكثر خلقاً من جنازته إلا جنازة الشيخ سلطان المزاحي، والشيخ محمد البابلي.

وله مؤلفات، منها شرحه الكبير علي متن خليل ثمانية أجزاء، وشرحه الصغير علي خليل أيضاً أربعة أجزاء، وله جزء في الكلام على البسملة نحو أربعين كراسة، وغير ذلك.

هذا هو الشيخ محمد الخرشي أول شيخ من أبناء الأزهر تولى هذه الرياسة الدينية العامة، ولقد كانت مصر أول ما عرفت من مذاهب الفقهاء عرفت مذهب مالك، فلقد دخلها به عبد الرحيم بن خالد بن يزيد بن يحيى مولى جمح وتوفي بالإسكندرية سنة 163 ه‍، في أيام الليث بن سعد، واشتهر بمصر هذا المذهب، ولم يزل مشتهرا حتى قدم محمد بن إدريس الشافعي في سنة 198.

أما مذهب أبي حنيفة فلم يكن أهل مصر يعرفونه كما يعرفون مذهب مالك والشافعي، والحنابلة لم يسمع عنهم بمصر إلا في القرن السابع.

وكان التفاف الناس في ذلك العصر حول مذهب مالك والشافعي أكثر من التفافهم حول مذهب أبي حنيفة، حتى أن مدرسة محمد بك أبي الذهب قبيل عصر الشيخ الخرشي بقليل لما وظف بها المدرسون وكانوا ستة عشر مدرساً، كان منهم سبعة من شيوخ الشافعية وستة من شيوخ على مذهب بعينه، بل كان لكل مذهب مفت.

وكان المفتون يجلسون بعد دروسهم لإفادة الناس، فكان بجامع محمد بك ثلاثة أماكن برسم جلوس ثلاثة من المشايخ المفتين، وكان منهم الشيخ أحمد الدردير مفتي المالكية، والشيخ عبد الرحمن العريشي مفتي الحنفية، والشيخ الكفراوي مفتي الشافعية.

وكان الأزهر يتولى شئونه في أول عهده رجل يسمى مشرف، وفي عهد المماليك كان يتولى أمره رجل من كبار الموظفين يسمى ناظرا، منهم الأمير الطواشي بهادر المقدم على المماليك السلطانية، ولى نظره في سنة 874 ه‍ وهو الذي أنجز مرسوم السلطان الملك الظاهر برقوق الخاص بجعل أبناء الأزهر أسرة واحدة يرث بعضهم بعضاً إذا مات أحدهم ولم يكن له وارث شرعي.

ومنهم الأمير سودوب القاضي حاجب الحجاب، ولى نظره سنة 818 ه‍. أما تلك الرياسة الدينية العلمية فعرفها الأزهر في العهد التركي بلقب «شيخ الأزهر»..

ولقد توالى على هذه الرياسة منذ إنشائها حتى الآن أربعون شيخا، وأولهم الشيخ الخرشي هذا.

2 - وتقلدها على الأرجح بعده الشيخ إبراهيم بن محمد البرماوي الشافعي وبقي فيها إلى أن توفي سنة 1106 ه‍.

3 - الشيخ محمد النشرتي المالكي وقد توفي عام 1120 ه‍ 1 وهو ثالث شيخ للأزهر.

4 - وخلفه الشيخ عبد الباقي القليني المالكي في المشيخة والتدريس 2، ولما مات تقلدها بعده الشيخ محمد شنن.
__________
1) 208 ج 1 الجبرتي.

2) نشأ الشيخ عبد الباقي القليني في بلدة قلين بمحافظة كفر الشيخ، ثم وفد إلى القاهرة للدراسة بالأزهر، وتلقى العلم على مجموعة من كبار علمائه منهم: الشيخان إبراهيم الرماوي ومحمد النشرتي... وبعد أن أتم دراسته جلس للتدريس في الأزهر فانتظم في حلقته الكثيرون من مقدري علمه وعارفي فضله. من أهم ما عني به الشيخ القليني.. توجيه تلاميذه إلى العناية بالكتب القديمة، والغوص في أعماقها لاستخراج ما بها من كنور ومعارف، وكان يعينهم على فهم ما استغلق عليهم من = تلك الكتب ويملي الحواشي عليها جريا على سنة العلماء في تلك الفترة وما كان متبعا فيها.. كان الشيخ عبد الباقي القليني من الأئمة فقهاء المالكية في زمانه، ولهذا وقع عليه الاختيار عام 1120 ه‍ «1708 م» ليتولى مشيخة الازهر.. (209 ج 1 الجبرتي).
__________

5 - الشيخ العلامة شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد شنن المالكي.. توفي سنة 1133 ه‍ عن سبع وسبعين سنة 1.

6 - الشيخ ابراهيم بن موسى الفيومي المالكي شيخ الجامع الأزهر.. تفقه على الشيخ محمد بن عبد اللّه الخرشي، قرأ عليه الرسالة وشرحها، وكان معيدا له فيهما.

وتلبس بالمشيخة بعد موت الشيخ محمد شنن، ومولده سنة 1062.. وأخذ عن الشبراملسي والزرقاني والشهاب أحمد البشبيشي وغيرهم كالشيخ الغرقاوي وعلي الجزايرلي الحنفي.

وأخذ الحديث عن يحيى الشاوي وعبد الرحمن الأجهوري والشيخ ابراهيم البرماوي، وله شرح على العزية في مجلدين... توفى سنة سبع وثلاثين ومائة وألف عن خمس وسبعين سنة 2.

7 - ولما مات الشيخ الفيومي المالكي شيخ الجامع الأزهر عام 1137 ه‍، انتقلت المشيخة الى الشافعية، فتولاها الشيخ عبد اللّه الشبراوي.

ويتحدث الجبرتي عن جاهه ومكانته ويذكر أسماء بعض شيوخه، ومنهم: الشيخ خليل اللقابي، والشهاب الخلبقي، ومحمد بن عبد الباقي الزرقاني، وأحمد النفراوي، والشيخ منصور المنوفي، وصالح الحنبلي، وسواهم 3.
__________
1) 73 ج 1 تاريخ الجبرتي طبعه 1297 ه‍.

2) 87 ج 1 الجبرتي.
3) 209 ج 1 الجبرتي.
__________

وكان طلبة العلم في أيام مشيخته في غاية الأدب والاحترام، ومن آثاره: مفاتح الالطاف في مدائح الأشراف، وشرح الصدر في غزوة بدر وتوفي سنة 1171 ه‍، عن ثمانين سنة، وصلى عليه بالأزهر 1.

وصار لأهل العلم في مدته رفعة ومقام ومهابة عند الخاص والعام، ولم يزل يملي ويدرس ويفيد، وعد إماما عظيما.

وكان مقبول الشفاعة، وهاداه الأمراء، وعمر دارا عظيمة على بركة الازبكية بالقرب من الرويعي.

ومن آثاره «شرح الصدر في غزوة بدر» و «مفاتح الألطاف في مدائح الإشراف.

وهو ديوان يحتوي على غزليات وأشعار ومقاطيع، وقد ذهب الجبرتي وغيره الى أن مفاتح الألطاف هذا كتاب غير الديوان، وليس كذلك فإنه يقول نفسه في في مقدمة الديوان «و سميته مفاتح الألطاف...».

وهو القائل 2 لهذه القصيدة العذبة التي تسيل عذوبة ورقة المشهورة على ألسنة بعض المغنين:
بحقك أنت المنى والطلب وأنت المراد وأنت الأرب
ولي فيك يا هاجري صبوة تحير في وصفها كل صب
أبيت أسامر نجم السما إذا لاح لي في الدجى أو غرب
وأعرض عن عاذلي في هواك إذا نم يا منيتى أو عتب
أمولاي باللّه رفقاً بمن إليك بذل الغرام انتسب
فاني حسيبك من ذي الجفا ويا سيدي انت أهل الحسب
ويا هاجري بعد ذاك الرضا بحقك قل لي: لهذا سبب؟
فاني محب كما قد عهدت ولكن حبك شيء عجب
متى يا جميل المحيا أرى رضاك ويذهب هذا الغضب؟
أشاع العذول بأني سلوت وحقك يا سيدي قد كذب
ومثلك ما ينبغي أن يصد ويهجر صبا له قد أحب
أشاهد فيك الجمال البديع فيأخذني عند ذاك الطرب
ويعجبني منك حسن القوام ولين الكلام وفرط الأدب
وحسبك أنك أنت المليح الكريم الجدود العريق النسب
أما والذي زان منك الجبين وأودع في اللحظ بنت العنب
وأنبت في الخد روض الجمال ولكن سقاه بماء اللهب
لئن جدت أو جرت أنت المراد وما لي سواك مليح يحب

__________
1) 209 ج‍ 1 الجبرتي.

2) «ديوان الشبراوي» ص 8، 9
__________

8 - الشيخ محمد بن سالم الحفني الشافعي الخلوتي الحسيني (1100 - 1181 ه‍) ولد في حفنا قرب بلبيس، وقرأ بها القرآن إلى الشعراء.. ثم أكمله في القاهرة ثم اشتغل بحفظ المتون، وأخذ العلم عن علماء عصره، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فدرس الكتب الدقيقة كالأشموني وجمع الجوامع والمنهج ومختصر السعد، وشهد له معاصروه بالتقدم في العلوم.. وكان يتردد على زاوية سيدي شاهين الخلوتي بسفح الجبل متحنثا.. واشتغل بعلم العروض حتى برع فيه، وعانى النظم والنثر، وتخرج عليه غالب أهل عصره.

ومن تآليفه: حاشية على شرح رسالة العضد على السعد، وعلى الشنشوري في الفرائض، وعلى شرح الهمزية لابن حجر، وعلى مختصر السعد، وعلى شرح السمرقندي للياسمينية في الجبر والمقابلة.

وهو صاحب.. أحدتك حدوتة، بالزيت ملتوتة، حلفت ما آكلها، حتى يجى تاجرها الخ.

وتوفي عام 1181 ه‍ 1، وكان قطباً وعلماً شهيراً، وأوحد أهل زمانه علماً وعملاً، وهو الإمام محمد بن سالم الحفناوي الشافعي الخلوتي ولد بحفنة قرية من قسم بلبيس من مديرية الشرقية بالقطر المصري على رأس المائة الحادية عشرة وهو شريف حسيني من جهة أم أبيه نشأ بالقرية المذكورة وحفظ بها من القرآن إلى سورة الشعراء وألزمه أبوه بالمجاورة بالأزهر فكمل حفظ القرآن، ثم قدم مصر وحفظ المتون واجتهد في تحصيل العلوم وأخذ من علماء عصره حتى مهر، وأفاد حياة أشياخه وأجازوه بالإفتاء والتدريس فدرس الكتب الدقيقة من غالب الفنون وكان في ضيق من العيش فاشتغل بنسخ الكتب، ثم من اللّه عليه بكرامات فترك النسخ فأقبلت عليه الدنيا وكان يتردد إلى زاوية الشيخ جاهين الخلوتي في سفح الجبل، وكان يمكث فيها الليالي متحنثا أي متعبدا وتخرج من درسه غالب علماء عصره، وله مؤلفات كثيرة منها حاشية على شرح العضد للسعد وحاشية على الشنشوري في الفرائض وحاشية على مختصر السعد وحاشية على شرح السمرقندي للياسمينية في الجبر والمقابلة وحاشية على شرح العزيزي للجامع الصغير.. وكان كريم الطبع جداً وليس للدنيا عنده قدر.
__________
1) 289 - 353 ج 1 الجبرتي.

__________

9 - الإمام العلامة الفقيه شيخ الإسلام الشيخ عبد الرؤوف بن محمد السجيني الشافعي الأزهري شيخ الأزهر.. تولى مشيخة الأزهر بعد الحفني إلا أنه لم تطل مدته.. وتوفي سنة 1182 ه‍ 1.

وقد أخذ العلوم عن عمه الشمس السجيني ولازمه، وبعد وفاته درس في موضعه وبعد أن تولى مشيخة الأزهر سار فيها بشهامة وصرامة وتوفي سنة 1182، وصلى عليه بالأزهر ودفن بجوار عمه بأعلى البستان، واتفق أنه وقعت له حادثة قبل مشيخته على الجامع الأزهر بمدة وهي التي كانت سبباً لاشتهاره بمصر، وذلك أن تاجرا من تجار خان الخليلي تشاجر مع رجل خادم فضربه ذلك الخادم وفر من أمامه فتبعه هو واثنان من أبناء جنسه فدخل الفارّ بيت الشيخ السجيني فدخل التاجر خلفه وضربه برصاصة فأصابت رجلا من أقارب الشيخ فمات وهرب الضارب وطلبوه فامتنع عليهم وتعصب معه أهل خطته فاهتم الشيخ وجمع المشايخ والقاضي وحضر إليهم جماعة من أمراء الوجاقية وانضم إليهم الكثير من العامة وثارت الفتنة وأغلقت الناس الأسواق واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط الناس بهم من كل جهة وقتل بين الفريقين عدة أشخاص واستمر الحال على ذلك أسبوعا، ثم اجتمعوا بالمحكمة بعد حضور علي بك واجتمع الأمر على الصلح ونودي في صبيحتها بالأمان، وفتحت الحوانيت والأسواق.
__________
1) 316 ج 1 الجبرتي

يتبع إن شاء الله...



الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 02 مايو 2021, 4:56 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه   الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Emptyالسبت 23 أبريل 2016, 6:13 pm

10 - الشيخ الإمام أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري الأزهري (1101 - 1192 ه‍).

ولد بدمنهور وقدم الأزهر وهو صغير فجد في الطلب، وأجازه علماء المذاهب الأربعة، وولي مشيخة الجامع الأزهر بعد الشيخ الحفني عام 1182 ه‍: 1767م.

وله مؤلفات كثيرة، منها حلية اللب المصون بشرح الجوهر الكنون، والقول الصريح في علم التشريح، والزهر الباسم في علم الطلاسم، ومنهج السلوك إلى نصيحة الملوك، وكان مسكنه ببولاق وصلى عليه بالأزهر 1.

وكان يدرس بالمشهد الحسيني في شهر رمضان وهابته الأمراء لكونه قوالا للحق أمارا بالمعروف، وقصدته الملوك من الأطراف وهادته بالهدايا، ومن مؤلفاته شرح الجوهر الكنون ومنتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات ونهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، والفتح الرباني بمفردات ابن جنبل الشيباني، وطريق الاهتداء بأحكام الأمة والابتداء على مذهب الإمام الأعظم وإحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد، والرقائق الألمعية على الرسالة الوضعية وعين الحياة في استنباط المياه، والوفق المئيني، والقول الصريح في علم التشريح، وإقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة والزهر الباسم في علم الطلاسم..
__________
1) 25 - 27 ج 2 الجبرتي.

__________

وله غير ذلك من غالب الفنون، وتوفي سنة 1192ه‍: 1778م1وكان منزله ببولاق، فخرج بمشهد حافل، وصلى عليه بالازهر ودفن بالبستان رحمه اللّه.

11 - الشيخ عبد الرحمن بن عمر الحنفي الأزهري ولد بقلعة العريش من أعمال غزة وبها نشأ وحفظ بعض المتون ثم حضر في الأزهر وتولى مشيخة رواق الشوام، وعين مفتي الحنفية.

وأقيم وكيلا للشيخ الدمنهوري، فلما توفي الشيخ الدمنهوري تولى المشيخة، ولكن علماء الأزهر لم يرضوا عنه وكتبوا للأمراء بأن مشيخة الأزهر من مناصب الشافعية، وليس للحنفية فيها قديم عهد أبدا، وخصوصا إذا كان آفاقيا ليس من أهل البلدة، ورشحوا للمشيخة الشيخ أحمد العروسي، واستمر الاضطرب سبعة أشهر، ثم ثبت العروسي للمشيخة 2.. وتوفي سنة 1193 ه‍.

12 - الشيخ أبو الصلاح أحمد بن موسى العروسي الشافعي، ولي المشيخة وبقي فيها إلى أن توفي في أواخر شعبان سنة 1208ه‍، ومولده 1132ه‍، ومن تآليفه شرح على نظم التنوير في إسقاط التدبير، وحاشية على الملوي على السمرقندي.
__________
1) ذكر رفاعة الطهطاوي في كتابه «مناهج الألباب» أن شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الدمنهوري ذكر أنه درس العلوم العلمية.. وينقل الطهطاوي عن الدمنهوري أنه قال في هذا الصدد: «أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري -خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وبما توقف عليها كالفرائض والميقات- وسيلة ابن الهائم ومعونته في الحساب والمقنع لابن الهائم ومنظومة الياسيني في الجبر والمقابلة ودقائق الحقائق في حساب الدرج، والدقائق للبسط المارديني في علم حساب الازياج. .».

ثم يستطرد «.. وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء بالقراءة عليه كتاب الموجز واللمحة العفيفية في أسباب الأمراض وعلاماتها، وبعضا من قانون ابن سينا، وبعضا من كامل الصناعة وبعضا من منظومة ابن سينا الكبرى، وكلها في الطب».
2) 53 و54 ج 2 الجبرتي
__________

13 - الشيخ عبد اللّه الشرقاوي الشافعي شيخ الجامع الأزهر، ولد بالطويلة بشرقية بلبيس عام 1150 وتعلم في الأزهر، وصار من شيوخه ومدرسيه.

ولما مات الشيخ أحمد العروسي تولى مشيخة الأزهر بعده، وكانت تعارضت فيه وفي الشيخ مصطفى الصاوي، ثم انتهى الأمر بإسنادها إليه، وتوفي عام 1227 ه‍ 1.

كان لما ترعرع وحفظ القرآن قدم إلى الجامع الأزهر وسمع الكثير من العلوم عن الشهابين الملوي والجوهري والشمس الحفني والشيخ الدمنهوري والسيد البليدي والشيخ عطية الأجهوري والشيخ محمد الفارسي والشيخ عمر الطحلاوي، وأخذ الطريق عن الشمس الحفني ثم عن الشيخ محمود الكردي ولازمه وحضر معه في أذكاره، ودرس بالجامع الأزهر وبمدرسة السنانية بالصنادقية وبرواق الجبرت والطيبرسية وتميز في الالقاء والتحرير وأفتى في مذهبه، وله مؤلفات دالة على سعة فضله منها حاشية على التحرير، وشرح نظم الشيخ يحيى العمريطي، ومتن العقائد المشرقية مع شرحها، وشرح رسالة عبد الفتاح العادلي في العقائد، ومختصر الشمائل مع شرحه، وشرح الحكم لابن عطاء اللّه، وشرح الوصايا الكردية في التصوف، وشرح ورد السحر للبكري، ومختصر مغني اللبيب في النحو، وحاشية على شرح الهدهدي في التوحيد، وطبقات فقهاء الشافعية المتقدمين والمتأخرين وتاريخ مصر، وله غير ذلك..

وكان في قلة من العيش ثم بعد مدة اشتهر ذكره ووصله بعض التجار بالهدايا، فراج حاله وتجمل بالملابس واشترى دارا بحارة كتامة وهي المعروفة الآن بالدواداري قرب جامع العيني، واستمر حاله في تحسن إلى أن مات الشيخ أحمد العروسي فتولى بعده مشيخة الأزهر، وكانت تعارضت فيه وفي الشيخ مصطفى الصاوي، ثم حصل الاتفاق عليه..

وقد أنشأ رواق الشراقوة بالأزهر لأسباب عديدة، وحصلت أيامه حوادث الحملة الفرنسية وتوفى في يوم الخميس ثاني شوال سنة 1227، ودفن بمدفنه الذي بناه لنفسه بقرافة المجاورين، ثم عملت أتباعه وأولاده له مولداً في أيام مولد الشيخ العفيفي وكتبوا بذلك فرماناً من الباشا.
__________
1) 159 ج 4 الجبرتي وما بعدها.

__________

14 - وتولى الشيخ محمد الشنواني مشيخة الأزهر بعد الشيخ الشرقاوي عام 1227 ه‍.

وقد توفي عام 1333 ه‍ 1.. ولتوليه المشيخة قصة، هي أنه لما توفى الشيخ الشرقاوي في السنة المذكورة طلع المشايخ إلى القلعة للباشا بعد وفاته بثلاثة أيام واستأذنوه فيمن يجعلونه شيخاً على الأزهر، فقال لهم اعملوا رأيكم واختاروا شيخاً يكون خالياً عن الأغراض وأنا أقلده ذلك فنزلوا إلى بيوتهم واختلفت آراؤهم، فالبعض اختار الشيخ المهدي الكبير والبعض اختار الشيخ الشنواني وامتنع الشيخ الأمير عن المشيخة وكذلك ابن الشيخ العروسي، وكان الشيخ الشنواني منعزلاً عنهم يقرأ درسه بجامع الفاكهاني وبيده وظائف خدمته وعند فراغه من الدرس يغير ثيابه ويكنسه ويغسل القناديل ويعمرها ويكنس المراحيض فلما بلغه أنهم ذكروه تغيب..

ثم إن الباشا أمر القاضي بهجت أفندي أن يجمع المشايخ ويتفقوا على شخص يكون شيخاً بالشرط المذكور، فجمع القاضي أكابر العلماء كالقويسي والفضالى، إلا ابن العروسي والهيثمي والشنواني فأرسلوا إليهم فحضروا، ولم يحضر الشنواني فأرسلوا إليه رسولاً فرجع بورقة ويقول: أن له ثلاثة أيام غائباً عن داره وقال لأهله إن طلبوني فاعطوهم هذه الورقة، فأخذ القاضي الورقة ففضها وقرأها فإذا فيها بعد البسملة والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلّم: لحضرات مشايخ الإسلام إننا نزلنا عن المشيخة للشيخ بدوي الهيثمي، فعند ذلك قام الحاضرون قومه واحدة وأكثرهم من الشوام وقالوا هو لم يثبت له مشيخة حتى ينزل عنها، وقال كبارهم لا يكون شيخاً إلا
من يفيد الطلبة، فقال القاضي ومن الذي ترضونه؟ فقالوا نرضى الشيخ المهدي، وقام الكل وصافحوه وقرءوا الفاتحة وكتب القاضي إعلاما بذلك، وركب المهدي إلى بيته في كبكبة وحوله المشايخ والمجاورون وشربوا «الشربات» وهنئوه وانتظروا جواب الإعلام من الباشا فلم يأت، والمدبرون بدبرون شغلهم، وأحضروا الشيخ الشنواني من مصر القديمة وتمموا تدبيرهم، وأحضروا الشيخ منصور اليافي ليعيدوه إلى مشيخة الشوام وجمعوا بقية المشايخ آخر الليل وركبوا في الصباح إلى القلعة فخلع الباشا على الشيخ محمد الشنواني فروة سمور وقرره شيخا، وكذلك على السيد منصور اليافي وقرره على رواق الشوام كما كان، وأتى إليه الناس أفواجاً يهنئونه بالمشيخة.
__________
1) 164 ج 4 الجبرتي، 294 ج 4 الجبرتي ايضاً.

__________

15 - الشيخ محمد العروسي.. وقد تولى المشيخة بعد الشيخ الشنواني وتوفي في عام 1245 ه‍ 1.

16 - الشيخ أحمد بن علي الدمهوجي.. وتوفي في 9 من ذي الحجة عام 1246، وهو نسبة إلى قرية دمهوج قرب بنها.

17 - الشيخ حسن بن محمد العطار، توفي عام 1250 ه‍، وكان أبوه فقيرا عطارا له إلمام بالعلم وكان يستخدم ابنه هذا في صغار شؤون الدكان ويعلمه البيع والشراء فاختلف إلى الجامع الأزهر خفية عن أبيه حتى قرأ القرآن وجد في التحصيل على كبار المشايخ كالشيخ الصبان والشيخ الأمير.

ولما دخل الفرنسيون مصر فر إلى الصعيد كجماعة من العلماء، ولما رجع اتصل بهم فكان يستفيد منهم ويفيدهم اللغة العربية وكان يقول: إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها ويتعجب مما وصلت إليه تلك الأمة من المعارف والعلوم وكثرة كتبهم وتحريرها وتقريبها لطرق الاستفادة..
__________
1) 294/ 4 الجبرتي.

__________

ثم ارتحل إلى الشام وكان يقول الشعر دون اهتمام به كما هو عادة كثير من العلماء.

ومن شعره:
إني لأكره في الزمان ثلاثة ما إن لها في عدها من زائد
قرب البخيل وجاهلاً متفاصحاً لا يستحي وتودداً من حاسد
ومن البلية والرزية أن ترى هذي الثلاثة جمعت في واحد

وارتحل إلى بلاد الروم وأقام بها مدة وتأهل بها ثم عاد إلى مصر وعقد مجلساً لقراءة تفسير البيضاوي، كان يحضره أكابر المشايخ.

وله تآليف كثيرة منها:
1 - حاشية على جمع الجوامع نحو مجلدين.

2 - حاشية على الأزهرية في النحو.
3 - حاشية على مقولات السجاعي.
4 - حاشية على السمرقندية.


وله رسائل في الطب، والتشريح «و الرمل»، والزيارجة وكان يرسم بيده المزاول النهارية والليلية.

18 - الشيخ حسن القويسني نسبة إلى قويسنا توفي سنة 1254 ه‍، وكان مع انكفاف بصره مهيباً جداً عند الأمراء وغيرهم.

19 - الشيخ أحمد الصائم السفطي نسبة إلى سفط العرفاء قرية جهة الفشن بمديرية المنيا توفي سنة 1263 ه‍.

20 - الشيخ إبراهيم الباجوري من الباجور بمديرية المنوفية توفي سنة 1277 ه‍، وكان قوياً في علمه ضعيفاً في إداراته، وكان عباس الأول يزوره في درسه وبعد موته بقي الأزهر مدة بلا شيخ بل بمجلس مؤلف من أربعة وكلاء تحت رياسة الشيخ مصطفى العروسي.

وهم: الشيخ العدوي المالكي، والشيخ الحلبي الحنفي، والشيخ خليفة الفاشني، والشيخ مصطفى الصاوي الشافعيان، وكان هذا المجلس قد ألف لمباشرة أمور الأزهر بعد أن ضعف الشيخ الباجوري وكثرت حوادث الأزهر، ولما كانت سنة 1281 ه‍ تقلد المشيخة الشيخ العروسي.

21 - تقلد الشيخ مصطفى العروسي كأبيه وجده المشيخة إلى عام 1287 ه‍. ولقد أبطل الشيخ العروسي كثيراً من البدع كالشحاذة بالقرآن وعزم على إدخال الامتحانات بالأزهر ففاجأه العزل من المنصب فنفذ ذلك خلفه.

22 - الشيخ محمد العباسي المهدي الحنفي (1243- 1315ه‍).

حضر في الأزهر ودرس فيه وتولى الافتاء عام 1264ه‍ جلس للتدريس في الأزهر أيضاً، وتولى مشيخة الأزهر جامعاً بين هذا المنصب ومنصب الإفتاء، ووضع أول قانون لإصلاح الأزهر وعزل من المشيخة عام 1299هـ وتولى بدله الشيخ الإنبابي وانفرد هو بالإفتاء، ثم استقال الإنبابي فأعيد الشيخ المهدي للمشيخة، ولكنه استقال بعد مدة فأعيد الشيخ الإنبابي شيخاً وعين الشيخ محمد البنا مفتياً، ثم أعيد المترجم له إلى الافتاء -وله الفتاوي المهدية (67 - 80 تراجم أعيان القرن الثالث عشر- أحمد تيمور).

وقد عاش الشيخ محمد المهدي الحنفي -وهو من شيوخ الأزهر الأجلاء- إلى أن توفي عام 1315 ه‍.

وكان المهدي العباسي الحنفي مفتي الديار المصرية ورئيس السادة الحنيفية، وقد تقلد المشيخة أواخر سنة 1287 ه‍، فسار فيها سيرا حسنا ودان له الخاص والعام وزاد الامراء في تعظيمه، وهو أول من تقلدها من العلماء الحنفية، ولما تقلدها قلت على يديه الشرور والمفاسد في الأزهر وكثرت به المرتبات من النقود والكساوي والجرايات المتجددة، وصار لأكثر أهل الأزهر مرتبات من المالية وغيرها، وأثرى كثير منهم بسببه، وخلعت عليهم الخلع ودعوا في المجامع الشريفة، وكان له سير بليغ في صرف الاستحقاقات والمشي على شروط الواقفين وقوانين الحكام وهو الذي سن امتحان التدريس للعلماء..

وذلك أنه استأذن ولي الأمر في عمل قانون الامتحان، واجتمع الرأي بينهم على كل اهل مذهب من المذاهب الثلاثة اثنان، سوى مذهب ابن حنبل لقلته، وجعل الامتحان في أحد عشر علماً من العلوم المتداولة بالأزهر وهي، الحديث، والتفسير، والأصول، والتوحيد، والفقه، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والمنطق، ومن يريد الامتحان لا بد أن يكون قد حضر هذه الفنون بالجامع الأزهر وحضر كبار الكتب مثل: السعد وجمع الجوامع، ثم يقدم طلبا لشيخ الجامع يذكر فيها أنه يريد الدخول في حومة العلماء المدرسين وينتظم في سلك المعلمين ويبين أنه حضر كذا وكذا من الفنون وحضر مختصر السعد وابتدأ في جمع الجوامع مثلا، فيؤخر الشيخ تلك الرغبة عنده حتى يستخبر عن أحواله ممن يعرف حقيقة أمره، ثم يكتب للمشايخ بإعطاء الشهادة في حقه بالكتابة فيشهد له جمع من المشايخ أقلهم ثمانية، ثم يعين له من كل فن درسا ويعطيه ميعادا يطالع فيه كل فن في يوم وعلى رأس الأحد عشر يوما ينعقد مجلس الامتحان في بيت شيخ الجامع (و صار ينعقد في الأزهر بالرواق العباسي)، ويجعل مريد الامتحان بمنزلة الشيخ والممتحنين بمنزلة الطلبة فيدرس وهم يسألونه وهو يجيبهم ولا يحضر في ذلك المجلس غيرهم فإذا أجاب في كل فن كتب من الدرجة الأولى، وإذا أجاب في أكثر الفنون كتب من الدرجة الثانية، وإذا أجاب في الأقل كتب من الدرجة الثالثة، وإذا لم يجب لم يؤذن له في شيء، ثم تكتب الشهادة لصاحب الدرجة الأولى وترسل إلى الخديوي، فتكتب له عريضة تشريف متوجة بختم الخديوي تكون معه، ويخلع عليه فرجية وشريط مقصب بجعله في عمامته في موضع التشريفات ويكتب للجهات باحترامه ويخفف عنه في السفر نصف الأجرة، وكان قد استحسن أن لا يمتحن في العام أكثر من ستة، فإذا تراكمت الطلبات من طالبي الامتحان نظر الشيخ في موجبات الترجيح كالشهرة بالعالمية أو الوجاهة أو سبق التاريخ أو كبر السن... فكان هو أول من سن قانونا لامتحان طلبة الجامع الأزهر...

وولد الشيخ المذكور بالإسكندرية سنة 1243 وقدم مصر سنة 1255 واشتغل بالعلم في سنة 1256 وتولى الإفتاء سنة 1264 وكان يحضر إبراهيم السقا وفيها جلس للتدريس، ثم تولى المشيخة سنة 1287 وانصرف عن المشيخة والافتاء ورجع إليهما مرتين، ومن مؤلفاته الفتاوي المهدية الشهيرة المستعملة كثيرا في أيدي القضاة والمفتين، وكان له من الأولاد اثنان من المدرسين بالأزهر وأرباب المكانة بمصر، وهما الأستاذ الشيخ محمد أمين والشيخ عبد الخالق..

وتوفي الشيخ ليلة الأربعاء 13 رجب سنة 1315 ودفن بزاوية الاستاذ الحفني بقرافة المجاورين، ورثته العلماء والفضلاء بقصائد شتى قيل في تاريخ بعضها «جزاؤك يا مهدي في جنة الخلد».

وقال بعضهم في مرثية له:
عليه دمع الفتاوي بات منحدراً وللمحارب حزن ضاق عن حد
فيها المسائل قد باتت تؤرخه مات المجيب الإمام المقتدي المهدي.

يتبع إن شاء الله...



الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 02 مايو 2021, 4:56 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه   الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه Emptyالسبت 23 أبريل 2016, 6:17 pm

23 - الشيخ محمد الإمبابي الشافعي، وقد تولى المشيخة عام 1299، ثم تركها وعاد إليها الشيخ محمد المهدي الحنفي ثانية، وبقى فيها إلى أن استقال منها في 1304 ه‍ وتقلدها بعده الشيخ محمد الإمبابي ثانية، وبقى فيها إلى أن استقال منها عام 1313 ه‍.

ولد الشيخ المذكور بالقاهرة سنة 1240 وحفظ القرآن الشريف والمتون بالجامع الأزهر، وفي سنة 1253 شرع في تلقي العلوم فاجتهد في الطلب وأخذ عن شيخ الإسلام الشيخ البجوري والشيخ إبراهيم السقا والشيخ مصطفى البولاقي وأضرابهم وشغل ليله ونهاره بالمطالعة حتى فاق أقرانه وتمكن تمكنا زائدا، ودرس في سنة 1267 وقرأ جميع الكتب التي تدرس في الأزهر، وكتب عليها تقارير وحواشي..

ومنها تقرير على حاشية العطار على الأزهرية، وتقرير على حاشية السجاعي على القطر، وتقرير على حاشية الأمير على شرح الشذور، وتقرير على حاشية السجاعي على شرح ابن عقيل، وتقرير على شرح الأشموني، وتقرير على التجريد حاشية مختصر السعد، وتقرير على جمع الجوامع وتقرير على حاشية البجوري على السلم وتقرير على آداب البحث وتقرير على حواشي السمرقندية مقدمة القسطلاني شرح صحيح البخاري، وحاشية على رسالة الدردير في البيان، وتقرير على حاشية البرماوي على شرح ابن قاسم في فقه الشافعي.. ومنها فتاوي فقهية، ورسالتان في البسملة صغرى وكبرى، ورسالتان في «زيد أسد» صغرى وكبرى، ورسالة في علم الوضع، ورسالة في «من حفظ حجة على من لم يحفظ»..

وله غير ذلك من التآليف النفسية، وبالجملة فقد جمع بين العلم والعمل والدنيا والدين، وقد تخرج على يديه كثير ممن تصدروا للتدريس.. والإنبابي نسبة إلى إنبابة وهي تجاه بولاق مصر من الشاطىء الغربي للنيل ولم يكن الشيخ منها وإنما نسب إليها لكون والده كان منها واشتهر بالنسبة اليها وكان والده من أكبر التجار بالقاهرة، ولما توفى الشيخ حزنت عليه العلماء وأظهرت الأمة الحزن عليه، ورثته الشعراء بقصائد كثيرة.

24 - الشيخ حسونة النواوي الحنفي (1255 - 1343)، تعلم في الأزهر وصار مدرساً في دار العلوم ومدرسة الإدارة (الحقوق)، ثم عين رئيساً لمجلس الأزهر الأعلى في عهد الشيخ الإنبابي - ولما أقيل الشيخ الأنبابي عام 1313 عين المترجم له شيخاً للأزهر.

وأضيف إليه منصب الافتاء بوفاة الشيخ محمد المهدي العباسي المفتي عام 1215 وأقيل أول عام 1317 وأقيم ابن عمه الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي شيخا للأزهر والشيخ محمد عبده مفتيا. وتوفي ابن عمه بعد شهر من ولايته على الأزهر سنة 1317، فعين الشيخ سليم البشري شيخا له عام 1317 ولما أقيل آخر عام 1320 ولى الشيخ على البيلاوي على الأزهر، واستقال في 9 المحرم عام 1323، وعين بعده الشيخ عبد الرحمن الشربيني شيخا ثم استقال في 16 ذي الحجة عام 1324، فعين النواوي شيخا للأزهر للمرة الثانية، واستقال من المنصب عام 1327، فأعيد الشيخ سليم للمشيخة، (56 - 63 أعيان القرن الثالث عشر-أحمد تيمور).

وسن الشيخ قانونا لأهل الأزهر، وفي أواخر مشيخته أسس مجلسا الإدارة الأزهر بأمر الخديو، وسن قانونا لاصلاح الأزهر.. وكان بعد استعفاء الشيخ الإنبابي عن المشيخة تولاها في سنة 1312 بأمر الخديوى وكانت جملة أكابر العلماء قدموا التماسا بطلب المشيخة فلم يلتفت الخديو إليهم، ثم سن قانونا آخر مشتملا على ستة أبواب تشتمل على اثنين وستين مادة.. ولنذكر بعض أبوابه.

الباب الاول في الإدارة العمومية، وفيه تشكيل مجلس إدارة الأزهر من خمسة أعضاء غير الرئيس منهم ثلاثة من أفاضل علماء الازهر واثنان من العلماء والموظفين بالحكومة وانعقاده على الأقل كل خمسة عشر يوما مرة واختصاصه بتصدير القرارات والقواعد التي يكون بموجبها سير التدريس وضبط الطلبة والأعمال وكل ما له علاقة بالازهر وغير ذلك.

الباب الثاني في شروط الانتظام في سلك طلبة الازهر، ومنه أن لا يعتبر من طلبة العلم في الأزهر إلا من بلغ من السن خمس عشرة سنة على الأقل وأن يكون له دراية بالكتابة والقراءة وأن يكون حافظا لنصف القرآن، ويتعين حفظ كله على كفيف البصر، وغير ذلك.

الباب الثالث في التعليم، ومنه منع قراءة الحواشي والتقارير منعا باتا في جميع العلوم في الأربع سنوات الأول وبعدها تخير الطلبة والأساتذة في النظر في الحواشي، أما التقارير فلا يجوز استعمالها إلا بقرار من مجلس الإدارة، وغير ذلك.

الباب الرابع في الامتحان، وفيه انقسام الامتحان إلى قسمين: الأول امتحان شهادة الأهلية لمن أمضى ثمان سنوات فأكثر في الأزهر وحصل ثمانية علوم على الأقل، ويؤلف لجنة الامتحان من ثلاثة من العلماء تحت رئاسة شيخ الجامع الأزهر، أما امتحان شهادة العالمية فلمن أمضى اثنتي عشرة سنة، وتؤلف لجنة الامتحان من ستة من أكابر المدرسين من كل تكوين مجلس إدارة الأزهر وفي مقدمته صاحب الفضيلة الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، وكان برئاسة الشيخ حسونة النواوي لإجراء مقتضيات هذا القانون، فقرر قواعد الانتساب والانتظار والاستحقاق في الجرايات والتدريس والمسامحات والعلوم، وأوجدوا في الأزهر نهضة علمية عظيمة، وأحضروا للعلوم الرياضية أمهر المدرسين، ووضعوا امتحانا سنويا، وصرفوا ستمائة جنيه مكافأة للناجحين في أي فن كان، وتقدم طلاب الأزهر تقدماً كبيراً.. وانضمت للشيخ وظيفة الإفتاء سنة 1315 بعد وفاة الشيخ المهدي بعد ما قام وكيلا عنه مدة، وهو ثاني من جمع بين الإفتاء والمشيخة الأزهرية من الحنفية.. وفي مشيخته أنشئت المكتبة الأزهرية، وبنى الرواق العباسي، وأكثر من امتحان طالبي التدريس، وزيد في مرتبات العلماء ومشايخ الأروقة والحارات من الأوقاف، وصرف عن الإفتاء والمشيخة في 25 محرم سنة 1317، وولد الشيخ سنة 1255 بنواي قرية من أعمال أسيوط بمركز ملوي وقدم الأزهر وأخذ عن كبار المشايخ وتربى على يده كثير من المدرسين ودرس بجامع القلعة وألف كتابا في الفقه الحنفي يدرس بها.. ومن أولاده الشيخ محمد حسونة من علماء الأزهر.

25 - السيد علي الببلاوي المالكي (1251 - 1323 ه‍) حضر في الأزهر ودرس فيه، وتولى نظارة دار الكتب عام 1299 ه‍ ثم عين شيخا لمسجد الحسين سنة 1311 ه‍، وأقيم نقيبا للإشراف عام 1312 ه‍.

وعين شيخا للأزهر عام 1320 ه‍ بعد استقالة الشيخ سليم البشري - وظل في المشيخة إلى أن استقال منها أول عام 1323 ه‍ (81 - 85 أعيان القرن 13 - أحمد تيمور).

26 - الشيخ سليم البشري المالكي، وظل فيها إلى أن أقيل منها في ذى الحجة 1320 ه‍، بسبب حادث مسجد السيدة نفيسة مع حاكم مصر وقتئذ.

ولد الشيخ بمحلة بشر سنة 1248، وهي قرية من مديرية البحيرة بمركز بعد ما حفظ القرآن الكريم واشتغل بالعلم على مذهب الإمام مالك رضى اللّه عنه، وجد في التحصيل على كبار العلماء كالشيخ البجوري والشيخ عليش وأضرابهما حتى مهر، ودرس في سنة 1272، ودرس جميع الكتب المعتادة بالأزهر مرات عديدة وتخرج من درسه كثير من أكابر ومشاهير العلماء المدرسين بالأزهر كالشيخ الفاضل الشيخ محمد راشد إمام المعية والمرحوم الشيخ البسيوني البيباني والمرحوم الشيخ محمد عرفة، وغير هؤلاء من أفاضل المدرسين بالأزهر، ولما عين شيخاً للجامع الزينبي وكان خالياً من المدرسين رتب نحو السبعة من العلماء للتدريس به منهم من يقرأ الحديث ومنهم من يقرأ الفقه على الأربعة المذاهب ومنهم من يقرأ الاخلاق وغير ذلك، وطلب لهم مرتبات من الأوقاف، ورتب لهم ذلك حتى صار ذلك الجامع كأنه قطعة من الأزهر، وفي 1305 ه‍ صار شيخا للمالكية وكانت قد ألغيت نحو خمس سنوات بعد الشيخ عليش فأحياها الشيخ وقد جمع بين المشيختين، ومن تأليفه تحفة الطلاب في شرح رسالة الآداب، وحاشية على رسالة عليش في التوحيد. وكان ابنه الشيخ عبد العزيز البشري من أفاضل العلماء والكتاب، وتوفى عام 1943.

27 - السيد علي محمد الببلاوي المالكي وقد بقي فيها إلى أن استقال منها في أوائل محرم سنة 1323 ه‍.

28 - الشيخ عبد الرحمن الشربيني ولى المشيخة في 13 محرم 1323 ه‍ وبقي فيها إلى أن استقال منها في ذي الحجة 1323 ه‍.

29 - الشيخ حسونة النواوى للمرة الثانية، واستقال في السنة نفسها فتولاها مرة ثانية.

30 - الشيخ سليم البشرى، وتوفي سنة 1335 ه‍.

31 - محمد أبو الفضل الجيزاوي ولي المشيخة إلى سنة 1346 ه‍، ثم خلفه في ذي الحجة 1346 ه‍ 22 مايو 1928 المراغى.
في سنة 1348 ه‍ اكتوبر سنة 1929.

33 - محمد الأحمدي الظواهري (المتوفى في 13 مايو سنة 1944)، وقد عزل من المشيخة في 23 محرم 1354 ه‍- 26 ابريل 1935.

34 - الشيخ محمد مصطفى المراغى للمرة الثانية، وظل في المشيخة الشيخ المراغى رحمه اللّه.. حتى توفي في 14 رمضان عام 1264 ه‍ الموافق 22 أغسطس عام 1945.. وقام بأمر المشيخة بعده الشيخ محمد مأمون الشناوي وكيل الأزهر في ذلك الحين.. ولما استقال من الوكالة خلفه الشيخ عبد الرحمن حسن في وكالة الأزهر والإشراف عليه.

35 - ثم عين الشيخ مصطفى عبد الرازق - شيخا للأزهر في 28 ديسمبر 1945 - وظل فيها حتى توفي في منتصف فبراير عام 1947 (1364 - 1365 ه‍).

36 - وعين الشيخ محمد مأمون الشناوي في المشيخة عام 1367 ه‍، 18 يناير 1948 وظل فيها حتى توفي في 21 من ذي القعدة عام 1369 ه‍، 4 سبتمبر عام 1950، وامتاز عهده بضعف أثر العصبيات في الأزهر، وبالقضاء على الفتن والاضطرابات وبزيادة البعوث الاسلامية الوافدة على الأزهر، وزيادة العلماء الذين أرسلوا إلى الأقطار الاسلامية، وبمكانة الأزهر في المجتمع، وبالغاء البغاء وتحديد الخمور وجعل الدين مادة رسمية في المدارس، وبارتفاع ميزانية الأزهر الى نحو مليون وثلث، وبكثرة خريجي الأزهر في مدارس الحكومة..

وأنشىء في عهده معهد محمد علي بالمنصورة، ومعهد منوف، وضم معهد سمنود إلى الأزهر.

وكذلك معهد الفيوم والمنيا.. وقد شيعت جنازته إلى مقرها الأخير يوم الثلاثاء 5 سبتمبر عام 1،1950.
__________
1) راجع كتابي «الاسلام ومبادئه الخالدة» الذي ترجمت فيه للشيخ الشتاوي وذكرت فيه الكثير من دراساته الاسلامية.

__________
37 - وعين بعده الشيخ عبد المجيد سليم شيخا للأزهر في يوم الأحد 26 من ذي الحجة 1366 ه‍، 8 أكتوبر عام 1950، وظل في المشيخة إلى أن أعفي منها في اليوم الرابع من سبتمبر عام 1951، لمناهضته للحكومة القائمة وعدم الاستقرار والهدوء في الأزهر، وذلك في 4 سبتمبر عام 1951.

38 - وأسندت المشيخة إلى الأستاذ الأكبر الشيخ إبراهيم حمروش.. وفي عهده قامت الحركة الوطنية لمناهضة الإنجليز والاستعمار، وكان للشيخ مواقف مشهودة في هذه الحركة.. وقد ظل في المشيخة إلى أن أعفي منها في اليوم العاشر من شهر فبراير عام 1952.

39 - وأسندت المشيخة في هذا اليوم نفسه إلى الأستاذ الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم للمرة الثانية.. وقد ظل فيها حتى استقال منها في 17 سبتمبر 1952 1، وقد توفي عليه رحمة اللّه في صباح يوم الخميس 10 صفر 1374 ه‍- 7 أكتوبر عام 1954 وكان رحمه اللّه مثلا كريما في الغيرة على الأزهر وإصلاحه، وترك فيه آثارا كثيرة، وكانت له شهرة عالمية في الإلمام بشتى العلوم والمعارف الإسلامية.. وقد ترك فراغا كبيرا لا يسد، كما ترك تلاميذ ومريدين يذكرونه بالخير الإجلال والوفاء.

40 - الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين، وقد تولى المشيخة بعد الشيخ عبد المجيد سليم، وبدأ عمله بإحالة وكيل الأزهر الشيخ عبد الرحمن حسن إلى المعاش وتعيين الشيخ محمد عبد اللطيف دراز والشيخ محمد نور الدين الحسن وكيلين، وبإلغاء منصبي السكرتير العام ومدير المعاهد- واستمر في المشيخة إلى أن استقال منها في أوائل يناير 1954.
__________
1) نص استقالة الشيخ سليم:

بسم اللّه الرحمن الرحيم:
من عبد المجيد سليم شيخ الجامع الأزهر إلى السيد الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء..
سلام اللّه عليكم ورحمته.
أما بعد، فقد علمت أن الحكومة لم تر إجابتي إلى مطلبي بشأن المناصب الأزهرية الأربعة، ولما كنت لا أستطيع القيام بواجبي على النحو الذي أعتقد أنه يرضي ربي إلا بتحقيق ما طلبت، فإني أبعث اليكم بهذا الكتاب راجياً أن ترفعوا استقالتي من مشيخة الجامع الأزهر إلى مجلس الوصاية المؤقت، واللّه أسأل أن يوفقني واياكم إلى ما فيه الخير للأمة ولدين اللّه القويم، والسلام عليكم ورحمة اللّه...
القاهرة في يوم الأربعاء 27 من ذي الحجة سنة 1371ه‍- 17 من سبتمبر سنة 1952م.
__________

41 - الأستاذ الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج، وقد تولى المشيخة بعد الشيخ محمد الخضر حسين في يوم الجمعة 2 جمادي الأولى 1373 ه‍- 8 يناير 1954، وبدأ عمله بإحالة الوكيلين الشيخ دراز والشيخ نور الدين الحسن إلى المعاش، وبتخفيض سن الإحالة على المعاش لعلماء الأزهر إلى الخامسة والستين، وبإحالة أعضاء جماعة كبار العلماء الذين بلغوا هذه السن إلى المعاش كذلك.

والشيخ تاج مولود عام 1896 بأسيوط ونال العالمية عام 1923 وشهادة التخصص عام 1926، وسافر عام 1936 إلى فرنسا، حيث عاد منها عام 1943 بلقب دكتور، وحصل على عضوية جماعة كبار العلماء 1951 م.



الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثاني: تاريخ الأزهر الحديث الفصل الأول: القوّة الشعبيّة بعد الحملة الفرنسيّة ممثلة في الأزهر
» الباب الأوّل.. الفصل الأول: مصر الإسلاميّة قبل إنشاء الأزهر
» الفصل الثالث: تأسيس الأزهر وبدء حياته الجامعيّة
» الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية
» الباب الثالث: الفصل الأول: القراءات وتواترها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: الأزهــــــر في ألف عام-
انتقل الى: