أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: اليوم التاسع والعشرون: كن عبداً ربانياً الخميس 09 سبتمبر 2010, 2:41 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اليوم التاسع والعشرون: كُنْ عبداً ربانياً بقلم: الشيخ عوينات محي الدين غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ما هي إلا ساعات معدودة ويرحل عنا هذا الضيف العزيز، والذي حل بنا وأوشك أن يتركنا سريعاً سريعاً وكأنه نسمة عطرة أو سحابة صيف. سيرحل وما زلنا بحاجة إلى الاغتراف من معينه، والنيل من خيراته، والاستظلال بظلاله. جاءنا فرقت لله قلوبنا، وخشعت أفئدتنا، وذرفت بالدمع أعيننا، وشغلت بالعبادة جوارحنا.
جاءنا فعطر حياتنا بنعيم الطاعات، وأمتع قلوبنا وأسماعنا بترتيل الآيات، وزكى نفوسنا بترك السيئات، وسخت أيدينا ببذل الزكوات الصدقات و، وشرفنا وأسعدنا بالقرب من رب الأرض والسماوات. فيا ترى هل سنظل على الطريق سائرين، وللخيارات سابقين، ولمرضاة بنا ساعين، وللجنان من الطالبين، وعن النيران هاربين مبتعدين؟ وأنا أقول لنفسي ولإخوتي كلمات مختصرة يجب أن تقال في هذا الوقت... • كونوا عباداً ربانيين: فلا تربطوا عبادتكم لله ببعض الأوقات، بل كونوا عباداً لله على الدوام. • كونوا عباداً ربانيين: فتعرفوا على الصراط المستقيم بالعلم النافع، والتزموه بالعمل الصالح. • كونوا عباداً ربانيين: بأن تجعلوا شئون حياتكم جميعاً عبادات لربكم عن طريق النيات الصالحات. • كونوا عباداً ربانيين: فتعاملوا مع ربكم بالإحسان كأنكم ترونه تعالى على الدوام. • كونوا عباداً ربانيين: فتعاملوا مع خلق الله بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. إخوتي لا تنقطعوا عن المسجد، لا تتركوا الصلوات، لا تهجروا القرآن، لا تكفوا عن صالح الأعمال، وتدبروا هذه الآية الكريمة التي وصى رب العالمين نبيه الكريم: فيقول تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر: 99). والمعنى: اعبد يا محمد ربك حتى يأتيك الموت الذي أنت موقن به، وقد نقل الطبري في تفسيره عن كثير من السلف تأويلهم لليقين في هذه الآيات بالموت. قال القرطبي: والمراد استمرار العبادة مدة حياته، كما قال العبد الصالح: وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً. وقال ابن كثير في تفسيره مدللاً على أن اليقين هنا هو الموت، والدليل على ذلك قوله تعالى عن أهل النار: (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) [المدثر:43 - 47]. وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء -امرأة من الأنصار- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون، وقد مات قالت أم العلاء: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك أن الله أكرمه" فقلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، فمن؟ قال أما هو، فقد جاءه اليقين، وإني لأرجو له الخير، والحديث رواه البخاري وغيره. وقد فَسَّرَ بعض الواهمين المُنحرفين تفسيراً خاطئاً على أنه المعرفة بالله، فمتى عرف الله ترك العبادة لأنه صار -حسب زعمه- من الواصلين. قال ابن كثير: ويستدل على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المُراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة يسقط عنه التكليف عندهم، وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله، وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة. قد يظن البعض أن صيام رمضان إنما هو آخر المطاف، فقد غفر له وعاد لأهله كما ولدته أمه بلا ذنوب ولا آثام، فهل يكتفي بذلك أم يداوم على الطاعة؟ ويبدأ صفحةً جديدةً طريقها طاعة الله والبعد عن معصيته، وإن كان الله تبارك وتعالى قد منح هذه الأمة مناسبات ومناسك ومواسم أعطانا الله إياه حتى نتزود من الصالحات ونتخلص من الآثام والمعاصي فإن ذلك لا يعني اقتصار فعل الطاعات واجتناب المنهيات على تلك المناسبات والمواسم. بل على المسلم أن يداوم على فعل الصالحات واجتناب الطالحات لتستقيم له الحياة ويجني رضا الله في دنياه وآخرته، فذلك هو الفوز العظيم الذي يسعى إليه كل عبد منقاد لمنهج الله، طائعًا راضيًا بهذا المنهج. والله العظيم نسأل أن يوفقنا دائماً وأبداً للثبات على دينه القويم وصراطه المستقيم حتى نلقاه. إنه مولانا ونصيرنا وهادينا فنعم المولى والهادي والنصير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|
|