أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: اليوم الرابع والعشرون: تدبر في أحوال سلفنا الصالح الجمعة 03 سبتمبر 2010, 11:44 pm | |
| اليوم الرابع والعشرون: تدبر في أحوال سلفنا الصالح بقلم: الشيخ عوينات محي الدين غفر الله له ولوالديه وللمسلمين الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه.. وبعد فها نحن في اليوم الرابع والعشرون من الشهر الفضيل وقد كادت أيامه المباركة أن تنتهي ولياليه الغراء أن تنصرم، وواجب المسلم في مثل هذه الأيام والليالي أن يجتهد قدر طاقته لينال الخير وينعم بالإحسان في البقية الباقية من رمضان. ومن الأمور المُعينة للمسلم للسير في طريق الطاعة بخطىً ثابتة أن يقرأ سير سلفنا الصالح، وينظر في أحوالهم فيكون ذلك حافزاً له لمواصلة الطاعات على سبيل من سلف من أفاضل هذه الأمة. قال البخاري: ما اغتبتُ مسلماً منذ احتلمت. وقال الشافعي: ما حلفتُ بالله صادقاً ولا كاذباً، ولو أعلم أنَّ الماء يفسد علي مروءتي ما شربته. وقالوا لمحمد بن واسع: لِمَ لا تتكأ؟! قال: إنما يتكأ الآمن وأنا لا زلت خائفاً. وُقُرئ على عبد الله بن وهب: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} فسقط مغشياً عليه. وحَجَّ مسروق فما نام إلا ساجداً. وقال أحدهم: ما كذبتُ منذ علمت أنَّ الكذب يضرُّ أهله. وقال أبو سليمان الداراني: كل يوم أنا أنظر في المرآة هل اسودَّ وجهي من الذنوب.. هذا حالهم.. فكيف حالي وحالك؟!!.. لبسنا الجديد.. وأكلنا الثريد.. ونسينا الوعيد.. وأمّلنا الأمل البعيد.. رحماك يا رب.. لماذا تريد الحياة؟!.. لماذا تعشق العيش؟!.. إذا لم تدمع عينك من خشية الله جل في علاه!!.. إذا لم تمدحه في السحر!!.. إذا لم تزاحم بالركب في حِلَقِ الذّكر!!.. إذا لم تصم الهواجر، وتخفي الصدقة!!.. هل العيش إلا هذا؟!!.. هل العيش والسعادة إلا هذا؟!!.. إذا لم تستطع.. قيام الليل.. وصيام النهار.. فاعلم أنك محروم.. قال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}. هذه أخبارهم: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}. قال صلى الله عليه وسلم: (بدأ الدين غريباً.. وسيعود غريباً.. فطوبى للغرباء). إنّ الذي يقرأ ويسمع عن أخبار السلف، وقلة من الخلف.. يعلم أنَّ الدين يعيش غربة بين أهله.. من سمع عن.. صيامهم.. وقيامهم.. وجهادهم .. أيقن أنَّ الواقع اليوم يحتاج إلى مراجعة وتصحيح.. فتعالوا أحبَّتي ننظر في بعض صور الغرباء في رمضان.. الغرباء مع الصيام.. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ما مات عمر حتى سرد الصيام. أمَّا أمير البررة وقتيل الفجرة عثمان.. قال أبو نُعيم عنه: حظه من النهار الجود والصيام.. ومن الليل السجود والقيام.. مبشر بالبلوى.. ومُنَعَّمٌ بالنجوى. وعن الزبير بن عبد الله عن جده عن جدةٍ له يقال لها هيمه: كان عثمان يصوم الدهر، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله رضي الله عنه.. قتلوه وقد كان صائماً والمصحف بين يديه والدموع على لحيته وخديه.. حبيب محمد ووزير صدقٍ ورابع خير مَنْ وطأ التراب. أمَّا أبو طلحة الأنصاري الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل).. عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو.. فلمَّا قُبض النبيُّ صلى الله عليه وسلم لم أره يُفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر. أمَّا حكيم الأمَّة وسيد القراء أبا الدرداء فقد قال: لقد كنت تاجراً قبل أن يبعث مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا بُعث مُحَمَّدٌ زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا فأخذتُ بالعبادة وتركت التجارة. تقول عنه زوجه: لم تكن له حاجة في الدنيا، يقوم الليل ويصوم النهار ما يفتر. لله درهم.. أمَّا من خبر الإمام القدوة المتعبد المتهجد عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين يكفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (نعمَ العبد عبد الله). قال عنه نافع: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر. وعن سعيد بن جابر قال: لَمَّا اُحتضر ابن عمر قال: ما آسى على شيءٍ من الدنيا -يعني ما أحزن على شيء من الدنيا- إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر.. ومُكابدة الليل.. وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا -يعني الحجَّاج-. وإليكَ المزيد.. عن رجاء بن حيوه عن أبي أمامة: أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فأتيته فقلت يا رسول الله: ادعو الله لي بالشهادة، فقال: (اللهم سلّمهم وغنّمهم).. فغزونا فسلّمنا وغنّمنا.. حتى ذكر ذلك ثلاثة مرات، قال ثم أتيته فقلت: يا رسول الله: إني أتيتك تترى ثلاث مرات أسألك أن تدعو لي بالشهادة فقلت: (اللهم سلّمهم وغنّمهم).. فسلّمنا وغنّمنا.. يا رسول الله فمُرني بعمل أدخل به الجنة.. فقال: (عليك بالصوم فإنه لا مِثْلَ له).. قال فكان أبو أمامة لا يُرى في بيته الدخان نهاراً إلا إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهاراً عرفوا أنهم قد اعتراهم الضيوف.. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحَرّ وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة رضي الله عنه. أمَّا مسروق بن عبد الرحمن فقد قال عنه الشعبي: غشيته يوماً -يعني زرته يوماً- غشيت مسروق في يوم صائف.. وكانت عائشة قد تبنَّته، فسَمَّى بنته عائشة.. فكان لا يعصى ابنته شيئاً.. لا يخالف ابنته من محبته إيَّاها.. قال فنزلت إليه، فقالت: يا أبتاه أفطر واشرب.. قال: ما أردتِ يا بنيه؟ قالت: الرّفق.. قال: يا بنيه إني طلبت الرّفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.. قال اللهُ -تعـالـى- عنهم: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً، مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً، وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا، قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً، وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً، عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً، وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً}. وهذا خبرٌ أخيرٌ عن المُبشر المحزون: العلاء بن زياد.. كان ربانياً تقياً قانتاً لله بكّاءً من خشية الله.. عن هشام بن حسان أن العلاء بن زياد كان قوّت نفسه رغيفاً كل يوم.. كان يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط.. فدخل عليه أنس بن مالك والحسن فقالا له: إن الله تعالى لم يأمرك بهذا كله.. فقال: إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئاً إلا جئته بها.. قال له رجل: رأيت كأنك في الجنة.. فقال: ويحك أما وجد الشيطان أحداً يسخر به غيري وغيرك. قال سلمة بن سعيد: رُؤي العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة فمكث ثلاثاً لا ترقأ له دمعة ولا يكتحل بنوم ولا يتذوق طعاماً، فأتاه الحسن فقال: أي أخي أتقتل نفسك أن بُشرت بالجنة!!.. فازداد بكاءه، فلم يفارقه حتى أمسى وكان صائماً فطعم شيئاً من الطعام. تأمَّل في أحوالهم فهم السَّادة، وهم الرُّواد الذين ما خاب مَنْ تبعهم، وتأسَّى بهم. اللهم اجعلنا بصحبة ومعيَّة مَنْ رضيت عنهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً. والحمدُ للهِ رَبِّ العالمين.
|
|