abou khaled مشرف منتدى الكتابات العامة والإسلامية
عدد المساهمات : 749
| موضوع: الحوار الصريح المحترم الإثنين 16 نوفمبر 2015, 1:09 pm | |
| الحوار الصريح المحترم السلام عليكم الصراحة ليست مقترنة بالوقاحة مع أن الكثير من الناس يقرنهما ببعض, فالصراحة فن, والصراحة هي تسمية الأشياء بأسمائها والتوجه إلى المقصود بدون التفاف ولا تلميح ولا تعريض, فالتلميح والطريقة الغير مباشرة لا تقدم حواراً مفيداً، لذلك فالصراحة دائماً تحتاج إلى شجاعةٍ وتحتاج إلى تمكن وتأكدٍ من المعرفة والمعلومات والمنطق بل وتدفع إلى ذلك.
الصراحة تعني القوة في الأخلاق، وحتى الاعتذار والتراجع يحتاج إلى قوة, فالحوار الصريح المحترم الخالي من الالتفافات هو دليل على التوكل على الله والرضا بالنتائج, ومن فوائده العظيمة اختصار المجهود والوقت والكلام والطاقة والفهم أيضاً.
أعمارنا تُضيّعها قلة الصراحة, فلا تغيير حقيقي يأتي بدون صراحة ووضوح وحوار صريح, الحوار الصريح يختصر السنة في ساعة ويجعل الكلام عالقاً في الذهن ويأخذ حقه من الدراسة حتى بعد الابتعاد, الكلام الصريح يقطع المجال على الشكوك التي تتوه عن الأصل, ويريح الطرف الآخر في موضوع التحديد والفهم ويوقفه على القرار فقط.
الحوار الصريح إذا كان يتعلق بالشخص فهو يحتاج إلى كلمة (أنت)، لا أن يلف ويدور ويشبه الحالة بحالة شخص آخر.. ومن ضمن هذا الحوار الصريح إذا كنت تخاف أن تكون قاسياً على الطرف الآخر, فهذا لن يكون، لأن هناك مشاعر جيدة له يجب أن تخرجها الصراحة من ضمن ما تخرج, فالصراحة لا تعني إبراز العيوب فقط دون المحاسن بل كليهما, حينها تقدم صورة واضحة عن رؤيتك للشخص, بل تقدم صورة واضحة ليس فقط عن الطرف الآخر بل وعنك أنت أيضاً, فما أحوجنا للحوار الصريح الصادق المحترم الخالي من المداراة وتغيير الأشياء عن أسمائها وتحريف الكلام عمَّا يدور حوله.
فكرة تكبير موضوع الشخصنة لا يسمح بتقديم حوار صريح ومفيد, الاكتفاء بالعيوب فقط يثير النرفزة والأعصاب ويشوش على الفهم, لأنه ناقص بصراحة, الحوار الصريح المتكامل لا يثير الغضب بل يدفع إلى التقارب دائماً ويزرع المحبة لأنه معتمد على الفضيلة، ففيه فضيلة الشجاعة وتحمل مسؤولية الكلام، وفيه الصدق وفيه التراجع، وفيه القدرة على اكتشاف محاسن الآخرين، وكذلك القدرة على اكتشاف أخطائهم، وفيه دعوة مستمرة للتقارب, إذاً هذا ما نحتاج إليه بالفعل.
صاحب هذا النوع من الحوار هو المُريح دائماً، والجذاب دائماً، وهو الذي يترك أثراً في الآخرين، وهو الأشجع والأصدق والأكثر احتراماً للحقيقة، والأكثر محافظة على وقت الآخرين أيضاً, والأكثر توكلاً على الله، ورضا بما يأتيه، والأبعد عن النفاق والمجاملة الزائدة, وقد يبدو خشناً، لكنه هو الأنعم والأجمل, وقالوا قديما: (في الصراحة راحة).
أما البذاءة، والوقاحة، فليست من الصراحة في شيئ, لأنها ليست هي حقيقة ما يحسه الشخص, وغالباً ما يفعلها المهزوم، وفاقد الحيلة, ولو كان صريحاً لقال: إني مهزوم، وفاقد الحيلة.
إذاً فالوقح غير صريح، لأنه يستعير الوقاحة للتعويض عن انفعاله، وضيق حيلته, الصريح هو مَنْ يُعبر عمَّا يُحسه فعلاً بأدق تعبير (أو بأدق تعريف) والدقة بحد ذاتها، ليست إلا جمالاً, ودائماً نسمع عبارة (هات من الآخر) بعد الملل من التمهيدات غير المفيدة والمتوّهة، فنحن في عصر السُّرعة! والصَّراحة المُحترمة هي سرعة وجودة في التواصل. |
|