أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: اليوم الثالث: فاعبده واصطبر لعبادته الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 5:20 am | |
| اليوم الثالث: فاعبده واصطبر لعبادته بقلم: الشيخ عوينات محي الدين الحمد لله الذي أكرمنا برمضان شهر الطاعات والقربات، ومنحنا فيه فرص الخير، وأصناف البر التي ترقي الإيمان، وتولد التقوى في القلوب، ودعانا لاغتنام هذا الشهر بالتقرب إليه بما نستطيع. ونحن نؤمن أن عبادة الله وطاعته ثقيلة على كثير من النفوس وهي تحتاج إلى الصبر الذي يجعلها تتحمل أداء العبادات بلا كسل ولا ضجر، ولذا أمرنا ربنا بالاصطبار على طاعته: قال تعالى: "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا" [مريم 65]، وقال تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" [طه 132]، وقال تعالى: "يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" [لقمان: 17]. قال ابن القيم رحمه الله: "فسعادة العبد، وكمال لذته ونعيمه، موقوفاً على مقامات خمسة: علمه بالنعيم المطلوب، ومحبته له، وعلمه بالطريق الموصل إليه، وعلمه به، وصبره على ذلك، قال الله تعالى: "والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" [العصر]" [إغاثة اللهفان]. فطاعة الله تعالى لا يستطيع القيام بها إلا من وفقه الله ويسرها تعالى عليه، وإلا فكل الناس يقول أنا أطيع الله، وعندما ترى أعماله، وتسمع أقواله، ربما تجده أبعد ما يكون عن طاعة الله تعالى، بل هو إلى المعصية أقرب. ومن صور الصبر في الطاعة في رمضان: الصبر على صيام هذا الشهر مع تجديد النية، واصطحاب الهمة، واحتساب الأجر، فالصيام من العبادات التي تحتاج إلى صبر على أدائها على الوجه المطلوب، وقد قال البني صلى الله عليه وسلم: "الصبر نصف الإيمان". وكذلك فإن الصوم يشتمل على جميع أنواع الصبر: من صبر على ابتلاء الله تعالى بفرضيته على المسلمين، وكذا الصبر على القيام بحقوق العبودية من الطاعات المختلفة المطلوبة من المسلم في رمضان، والصبر على ترك هوى النفس والشيطان الذي يجر إلى كل سوء. ومن صور الصبر على الطاعة: الصوم في اليوم الطويل كما في هذه الأيام، أو اليوم الشديد الحر، لما في ذلك من عظيم الأجر، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" [أخرجه مسلم]. وكذلك يجب في رمضان الاهتمام بالصلوات المكتوبة، وأن تكون هي شغل المسلم الشاغل، فلا يتثاقل عنها، ولا يغفل عنها، بل يؤديها في أوقاتها في بيوت الله تعالى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ" [أخرجه البخاري]. ومنها الصبر على الوضوء في اليوم شديد البرودة، والقيام لله تعالى في جوف الليل الآخر، والناس نيام، والفراش وثير، والنفس داعية إلى الاستغراق في النوم، ومع ذلك يقوم الواحد منا متوضئاً متطهراً متوجهاً إلى ربه، مصلياً له. فالصبر على أداء أركان الإسلام الخمسة من الصبر على طاعة الله تعالى، وكذلك بر الوالدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ اللسان عن الحرام، وغير ذلك كثير. فيجب على العبد أن يصبر على أداء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، وأن يؤدي زكاة ماله، وأن يصوم شهر رمضان، وأن يحج البيت الحرام إذا استطاع إليه سبيلاً، وأن يؤدي الأمانات إلى أهلها، وأن يقول الحق ولو كان على نفسه، فيتحرى الصدق في كل أقواله. المقصود أن القيام بأوامر الله تعالى، والإمساك عن نواهيه من الصبر على الطاعة، ومن فعل ذلك ابتغاء وجه الله فله العاقبة الحسنة عند ربه، قال تعالى: "وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ(22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ(24)" [الرعد]. فهنيئاً هنيئاً لمن صبر لله تعالى على طاعته في رمضان، فيكرمه ربه بدخول الجنة من باب الريان، ويجعل منزلته فردوس الجنان، بجوار الرحيم الرحمان، بصحبة النبي المصطفى العدنان عليه الصلاة والسلام.
|
|