قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: المبحث الثاني: الأهمية الإستراتيجية لدولة تونس الثلاثاء 12 مايو 2015, 10:58 pm
المبحث الثاني
الأهمية الإستراتيجية لدولة تونس الجمهورية التونسية دولة مستقلة ذات سيادة، عضو في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية منذ العام 1956، وعضو في مجلس التعاون المغاربي منذ العام 1989، ونالت استقلالها عن فرنسا في 20 مارس 1956، واستكملت استقلالها عام 1963، بانسحاب آخر جندي فرنسي من قاعدة بنزرت العسكرية. كما وضعت أول دستور لها عام 1959، وهي دولة متوسطة القوة، تتمتع بأهمية إستراتيجية خاصة في الشمال الإفريقي، وفي حوض البحر المتوسط، وتُعد بمنزلة القلب لدول الشمال الإفريقي، وتتوسط الساحل الشمالي الإفريقي المطل على أوروبا. كما تُعد تونس مفصلاً جغرافياً رئيساً بين الدول العربية جنوب البحر المتوسط، تفصل ما بين مصر وليبيا من الشرق، والجزائر والمغرب في الغرب، وهي دولة ذات تاريخ عريق أثر في شمال القارة الإفريقية بنفس القدر من التأثير في جنوب أوروبا. وتونس ـتاريخياًـ هي دولة قرطاجنة القديمة، التي سادت بقوتها في الشمال الإفريقي، وكانت نداً قوياً للإمبراطورية الرومانية في أوروبا، وقاد "هانيبال العظيم" جيوش قرطاجنة ليغزو جنوب أوروبا ويلحق العديد من الهزائم بالإمبراطورية الرومانية. وفي عام 146 ق.م، بعد معارك مريرة تمكن الرومان من إيقاع هزيمة بدولة قرطاجنة "Carthage"، وتدمير معالمها وبسط سيطرتهم عليها حتى عام 439م، ثم احتلها الفندال "Vandals" (من جنوب فرنسا) لمدة مائة عام، ثم البيزنطيون من عام 1574، وظلوا بها حتى عام 1881، حيث احتلتها فرنسا. كما أن الثورات التونسية -تاريخياً- كانت تشتعل ضد الظلم حين يحيق بالدولة. وكانت بعض هذه الثورات مذهبية، كحال الثورة على الدولة العلوية، وكان بعضها سياسياً. وكثيراً ما كانت هذه الثورات تمتد لتشمل معظم دول المغرب العربي. وفي عام 1881، اندلعت ثورة تونس ضد الحملة الفرنسية، وانفجرت المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، عام 1907. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومع ضعف فرنسا، تولدت المقاومة الفرنسية التي تطالب بالاستقلال، وازدادت حدة هذه المقاومة بقيادة "الحبيب بورقيبة"، في أعقاب الثورة المصرية عام 1952، حيث دعمتها مصر ضمن دعمها لحركات الاستقلال في شمال أفريقيا، حتى أُعلن استقلال تونس عام 1956. وأصبحت تونس جمهورية، في أوائل عام 1957، بقيادة الرئيس "الحبيب بورقيبة"، والمحصلة هي اكتساب تونس لخبرات الحكم من فرنسا إبان الاستعمار، إلى جانب اكتساب القدرة على المقاومة ضدها، ومعرفة الطريق الصحيح للاستقلال.
أولاً: أهمية تونس في مجالها الحيوي يعرف المجال الحيوي "Lebensraum" بأنه النطاق الإستراتيجي أو الحيز الجغرافي الذي تتركز فيه مصالح الدولة، ويتسع أو يقل طبقاً لقدرة هذه الدولة. وتونس ـ جغرافياً ـ تمتاز بموقع فريد جنوب البحر المتوسط (اُنظر خريطة موقع تونس في العالم العربي)، وهي تشكل بروزاً في الشاطئ الإفريقي يقترب كثيراً من أوروبا، والشواطئ الإيطالية والفرنسية بالذات، وقد أدى ذلك إلى سهولة انتقال الشعب التونسي إلى أوروبا، حيث تشكل الجاليات التونسية في دول جنوب أوروبا أحجاماً كبيرة، كذلك أدى إلى الاستعمار الفرنسي لتونس، والذي استمر لفترات طويلة، حيث زرع القيم الفرنسية في تونس لغة وعادات وثقافة. في السياق نفسه، فإن الموقع الجغرافي لتونس بين دولتي الجوار ليبيا والجزائر (اُنظر خريطة الموقع الجغرافي لتونس)، يشكل دائرة حيوية في الشمال الإفريقي، محاطة بحدود الدولتين من الشرق والغرب والجنوب. بمعني أن تونس تعد - جغرافياً - دولة شاطئية غير ممتدة جنوباً لتشمل أجزاء من الصحراء الكبرى الإفريقية، وهي دولة سهول ومرتفعات محدودة، ومجاري مائية عديدة، لذلك أطلق عليها تونس الخضراء لما تشمله من مساحات زراعية خصبة. تبلغ مساحة تونس نحو 163.610 كم2، منها 155.360 كم2 مسطحات برية، و8250 كم2 مسطحات مياه، وهي بذلك تعتبر أصغر دول الشمال الإفريقي، وتشكل مساحتها حوالي 10% من مساحة جارتها الشرقية ليبيا، وتمتد الحدود معها 459 كم، وتشكل حوالي 7% من مساحة جارتها الغربية الجزائر، حيث تمتد الحدود معها 965 كم، كما أنها تشكل الممر الساحلي بينهما. وتونس بوضعها الجغرافي تشكل أهمية في المجال الحيوي لدول الشمال الإفريقي بالكامل، حيث يحقق موقعها وإمكاناتها مميزات تعكس آثارها على الجغرافيا السياسية، سواء للدولة نفسها أو لدول الجوار. ومن تلك الآثار القرب من أوروبا، والشق الحضاري الذي تتوارثه الأجيال في تونس، ويعكس آثاره على الشخصية التونسية ذاتها واكتسابها خاصية الانفتاح والتفاعل مع الشعوب الأخرى، والميل إلى إضافة مكتسبات جديدة في مجالات العلوم والفنون والرقي. وتهتم تونس بالحفاظ على السياحة، والتي تمثل -إلى جانب كونها مصدراً اقتصادياً مهماً- وسيلة للتواصل مع شعوب العالم، خاصة الشعوب العربية والأوروبية في وقت واحد دون تمييز، وبما أدى إلى أن تنتهج تونس سياسة أقرب إلى "الحياد" في إدارتها لسياستها الخارجية، من أجل ألا تتأثر السياحة الواردة إليها. هذا إلى جانب أن هذا الشق من الانفتاح أدى إلى اندماج تونس في العولمة بدرجة أكبر من جاراتها، ومن هنا فإن الشعب التونسي كان الأسبق في إشعال الثورة، لإدراكه لما وصل إليه العالم الخارجي من تقدم، بالمقارنة مع الحالة التي يعيش فيها. في السياق نفسه، فإن النظام الحاكم في تونس أدرك خطورة الانفتاح على العولمة، لذلك لجأ إلى الحكم السلطوي الأقرب إلى الحكم المستبد، وهو ما زاد من حنق الشعب التونسي، وأدى إلى الانفجار في ثورة 17 ديسمبر 2010. والمجال الحيوي لتونس جعلها إحدى الدول المهمة في الشمال الأفريقي، حيث تتمتع بمزايا أكبر من جاراتها العربيات، وقد استغلت الموقع والإمكانات الطبيعية المتميزة في جعل السياحة إحدى المهن الرئيسة للشعب التونسي، ولم تكتف بذلك، بل مارست فنون الاقتصاد الحر، وفتحت مجالات واسعة لتصدير منتجاتها إلى أوروبا.
ثانياً: أهمية تونس من منظور سياسي أدى الموقع الإستراتيجي لتونس إلى دعم قدرتها السياسية وتأثيرها في مجالها الحيوي، وكانت من أوائل الدول التي رحل عنها الاستعمار في الشمال الإفريقي. وانضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1956، بمجرد إعلان الجمهورية، وهي دولة مؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية عام 1964، وإحدى دول عدم الانحياز ودول المؤتمر الإسلامي، إلى جانب كونها عضواً في الأمم المتحدة. وهي عضو في مجلس التعاون المغاربي، الذي تأسس عام 1989، بموجب المادة التاسعة من ميثاق الجامعة العربية، التي تنص على أن "دول الجامعة الراغبة فيما بينها في تعاون أوثق وروابط أقوى مما نص عليه هذا الميثاق، اتخاذ ما تشاء من إجراءات لتحقيق هذه الأغراض والمعاهدات والاتفاقيات التي سبق أن عقدتها أو تعقدها فيما بعد دولة من دول الجامعة مع أي دولة أخرى لا تلزم أو تقيد الأعضاء الآخرين". علماً بأن هذا المجلس لم يكن له تأثير يذكر في المجال الحيوي العربي أو الإفريقي أو العالمي، ولكن استُغَل من بعض الدول ضد النظام العربي ذاته، وضد مصر على وجه الخصوص. في السياق نفسه، لعبت الدبلوماسية التونسية دوراً رئيساً في تحقيق أهداف الدولة، التي يعتمد اقتصادها بقدر كبير على السياحة، لذلك ابتعدت قدر الإمكان عن الدخول في توترات أو صراعات، حتى اتصفت في بعض الأحيان بالسلبية، ولكن هذه السلبية كانت من أجل دفع اقتصاد الدولة إلى الأمام. وهذا البُعد عن الصراعات جعلها ملجأ لبعض المنظمات العربية، مثل منظمة فتح الفلسطينية، إلى جانب بعض اللاجئين السياسيين من دول أخرى. وقد كانت تونس، في عقد الثمانينيات من القرن العشرين، عرضة لمرات عديدة من العدوان الإسرائيلي الذي استهدف أقطاب المقاومة الفلسطينية، الذين اتخذوا تونس مقراً لهم، مثل اغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" وزملائه. وتونس ـنظرياًـ دولة ديموقراطية، تتعدد فيها الأحزاب التي تتنافس على الحكم، إلا أن النظام سيطر على الدولة بأسلوب الحزب الواحد، مع عدم إلغائه بقية الأحزاب التي تظهر في الصورة فقط للدلالة على ديموقراطية الدولة.
والأحزاب هي: حركة التجديد ـ الحزب الديموقراطي المتحد (الحزب الحاكم بقيادة الرئيس "زين العابدين بن علي") ـ الحزب الليبرالي الاجتماعي ـ الحركة الاجتماعية الليبرالية ـ حزب الوحدة ـ حزب التقدم الديموقراطي ـ حزب الاتحاد الديموقراطي ـ حزب التكتل الديموقراطي ـ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، إلى غير ذلك من الأحزاب. وإلى جانب هذه الأحزاب، يوجد حزبان إسلاميان، هما حزب النهضة (وهو حزب محظور قبل الثورة)، والحزب الإسلامي السلفي.
مما سبق تتحدد العوامل التي أدت إلى الأهمية الإستراتيجية لتونس من منظور سياسي في الآتي 1. قدرة الدولة في البُعد عن صراعات المنطقة والاحتفاظ بحيادها قدر الإمكان. 2. زيادة التواصل مع الدول الأوروبية، بما ينعكس عليها بقدرات اقتصادية ودعم سياسي. 3. بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار "الثورية"، والتي تحاول كل منها توسيع مجال سيطرتها، ولكنها لم تتمكن من اختراق تونس بالقدر الذي يحقق السيطرة عليها.
ثالثاً: الأهمية الإستراتيجية لتونس من منظور عسكري أثر الوضع الجغرافي والإستراتيجي لتونس في قدرتها العسكرية، حيث اتجه النظام باستمرار إلى بناء الجيش الذي يحقق المستوى الأقل في الدفاع عن الدولة، على أن تعتمد تونس على عاملين مهمين في مسائل الدفاع، وهما الحياد وعدم إثارة القلاقل أو افتعال الأزمات، والثاني هو الاعتماد على قوى دولية في درء التهديدات عنها. يبلغ إجمالي الجيش التونسي حوالي 35 ألف فرد، أي بنسبة تجنيد حوالي 2.5% من الشباب في سن التجنيد. وينقسم الجيش إلى قوات برية تشكل حوالي 77% من حجم أفراد القوات المسلحة، تتسلح بالدبابات والمركبات المدرعة والمدافع ذاتية الحركة بأعداد محدودة. وقوات بحرية يعتمد تسليحها على الزوارق ولنشات المرور والحراسة. كذلك قوات جوية تمتلك طائرات مقاتلة محدودة العدد والقدرة أيضاً. أما القوات شبه العسكرية فتتكون من نحو 12 ألف مقاتل، تحت مسمي الحرس الوطني، وتتبع وزارة الداخلية. ويعتمد التسليح في الجيش التونسي على التسليح الغربي، ويعتنق العقيدة القتالية الغربية، وفي مقدمتها العقيدة الفرنسية. بلغ حجم الإنفاق العسكري (عام 2010) نحو 700 مليون دولار، بنسبة نحو 2% من الناتج القومي، وهو يُعد محدوداً فيما لو قورن بالإنفاق العسكري لدول الجوار لتونس. والمقارنة بين القوات المسلحة في تونس، وبين جارتيها لا تحقق التوازن الإستراتيجي، فالمقارنة مع ليبيا توضح أن القوات الليبية ضعف القوات التونسية تقريباً، علماً بأن تعداد الشعب التونسي أكبر من الشعب الليبي، وما تمتلكه من أسلحة وعتاد يفوق بكثير جداً ما تمتلكه تونس. والمقارنة مع الجزائر توضح أن حجم القوات الجزائرية تصل إلى حوالي 3.7 مرة من حجم القوات التونسية، والعتاد أيضاً لا يمكن مقارنته بسهولة. يتبع إن شاء الله...
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: المبحث الثاني: الأهمية الإستراتيجية لدولة تونس الثلاثاء 12 مايو 2015, 11:06 pm
رابعاً: نظام الحكم وانعكاساته على سياسة الدولة
قاد الرئيس "الحبيب بورقيبة" تونس لمدة 31 عاماً (1956 – 1987)، ومنذ البداية انتهج طريق العلمانية في إرساء قواعد الحكم في تونس، ونجح في تطبيق العديد من النظم المنقولة عن الغرب، مثل تحرير المرأة، وإلغاء تعدد الزوجات، والتعليم المجاني الإجباري. كما كانت له نظرة واقعية في قضايا المنطقة، ومنها القضية الفلسطينية، وكان أول من نادى بحل سلمي مع إسرائيل في نهاية عقد الستينيات، وتعرض لهجوم كاسح من الرئيس المصري "جمال عبدالناصر". طبقاً لمسار التاريخ، فإن بقاء "بورقيبة" لمدة طويلة في الحكم حوَّله إلى ديكتاتور في وطنه، وعصف بحقوق الإنسان، وتوسع في الاعتقالات للمعارضين، وسمح لتيارات الإسلام السياسي من العمل على أرض تونس. هذا إلى جانب ضعف اختياره لمعاونيه، الذين تمكن واحد منهم "زين العابدين بن علي" -الذي كان يشغل منصب رئيس قطاع الأمن، ثم رئيس الوزراء- من الإطاحة به بذريعة أن قواه العقلية قد ضعفت ولا يصلح للحكم. حدد الدستور التونسي الذي وُضع عام 1959، إبان حكم الرئيس "بورقيبة"، مدة تنصيب الرئيس لفترتين متعاقبتين، ولم يلتفت "بورقيبة" إلى ذلك، وقد قام الرئيس "زين العابدين بن على" بتعديل هذه المادة، لكي يتولى أكثر من ولايتين. في السياق نفسه، فإن الدستور لا ينص على أي مهام للجيش في الحفاظ على الأمن الداخلي، وقد صيغت مواد الدستور الخاصة بالجيش، بحيث لا يُسمح له بإجراء انقلاب على الحكم، وحُددت مهامه في الدفاع عن البلاد ضد الأعداء، وهو ما يشير إلى أسباب عدم تدخل الجيش في بداية الثورة، على نمط ما حدث في مصر.
خامساً: فترة تولي الرئيس "زين العابدين بن على" للحكم تسلم الرئيس الجديد السلطة، عام 1987، بعد عزله للرئيس "بورقيبة"، وكان "بن علي" قد تولي رئاسة الوزراء قبل ذلك بفترة وجيزة، وهو من مواليد مدينة سوسه عام 1936، وعمل ضابطاً بالجيش التونسي، ونال تعليمه العسكري في فرنسا، كما مارس مهام الأمن الوطني قبل تنصيبه رئيساً للوزراء عام 1987. في بدايات توليه المسؤولية اتخذ طريق الإصلاح، وكانت له مواقف متشددة تجاه المتطرفين الإسلاميين، وأطلق سراح بعض المعتقلين السياسيين، ولكنه ما لبث أن تحول إلى ديكتاتور آخر، مارس الحكم السلطوي، واضطهد المعارضة، وعدل الدستور عام 2002، لكي يستمر في الحكم، وكان فوزه يقترن بالتزوير ليحصل على 99.9%. وفي عهده زاد نماء الجماعات الإسلامية على أرض تونس، برغم الاعتقالات والمواجهات مع قوات الأمن، التي كانت لها آثار سالبة على السياحة والاقتصاد التونسي، أعوام 2002، 2006، 2007. وكما هي العادة في استمرار فترات الحكم الطويلة، فقد استشري الفساد وشعر الشعب بالظلم، وأن دولته يحكمها مجموعة من المحيطين بالحاكم، يوجهون الاقتصاد لصالحهم دون الاهتمام بالشعب.
سادساً: الإعلام انعكاس للنظام السلطوي في تونس (قبل الثورة) بالرغم من أن الدستور التونسي يضمن حرية التعبير وإبداء الرأي، إلا أن الحكومة استخدمت الأسلوب السلطوي في إدارة الإعلام، وسيطرت سيطرة شبه كاملة على جميع الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، ما جعل الشعب التونسي يفضل متابعة القنوات الإعلامية العربية -وفي مقدمتها القنوات المصرية- والأجنبية عن قنوات بلده، وقد شهدت السنوات الأخيرة من حكم الرئيس "زين العابدين بن علي" صدور صحيفتين معارضتين، (تخضعان للرقابة)، كذلك قنوات تليفزيون وإذاعة خاصة. أصدرت الحكومة التونسية قانوناً للإعلام، تحرم من خلاله التشهير والتحريض برموز الدولة، أو ما يصدر من قوانين وقرارات سيادية، ومن يرتكب ذلك يتعرض للغرامات والمصادرة والسجن، وفي هذا المجال فإن المنظمات التابعة لحقوق الإنسان اعترضت على ما يحويه هذا القانون، وأدانت ما يلاحق رجال الإعلام من ترهيب، وما تناله الصحف من رقابة مشددة من الجهات الرسمية. وفي تونس كانت تعد مناقشة قضايا الفساد وحقوق الإنسان من المحرمات، وتتعرض الصحف الأجنبية والعربية الواردة إلى تونس للمراجعة والمصادرة، في حالة التعرض لقضايا داخلية. في السياق نفسه تخضع شبكة الانترنت إلى رقابة مشددة. وتتعرض المواقع المنتقدة للنظام إلى المنع، وقُدر عدد مستخدمي الشبكة (قبل الثورة) بحوالي 1.7 مليون شخص.
1. الصحف التونسية قبل الثورة • لابريس، مملوكة لحزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم. • الحرية، مملوكة لحزب التجمع الدستورية الديموقراطي الحاكم. • نوفيل دتونيسي (باللغة الفرنسية) "Nouvelles de tunisie". • الصباح، مملوكه للدولة (يومية). • لكوتديان "Le Quotidien"، باللغة الفرنسية (يومية). 2. التليفزيون • تمتلك الدولة قناتي تليفزيون (القناة 7 ـ القناة 21). • قناة خاصة واحدة. 3. الإذاعة • أربع محطات إذاعية، تمتلك الدولة اثنتَين منها، وقناتان خاصتان. 4. وكالات الأنباء • وكالتا أنباء: الوكالة التونسية، ووكالة تونس إفريقيا للأنباء.
سابعاً: الأهمية الإستراتيجية لتونس من منظور اقتصادى واجتماعي بالرغم من أن دستور 1959 في تونس، تضمن العديد من المواد التي تحقق العدالة الاجتماعية وضمان حياة كريمة للمواطنين، وتضمن حرية الفكر والتعبير، وحرية المعتقدات، وحرية التنقل، وهو ما يوجد في معظم دساتير العالم، إلا أن التطبيق لمواد الدستور نادراً ما كان يحدث على أرض تونس. يبلغ إجمالي الشعب التونسي (عام 2010) نحو 10,5 مليون نسمة، يمثل الأطفال منهم حتى سن 14 سنة نحو 26%، والطاقة القادرة على العمل (15 – 64 سنة) نحو 67,5%، ونحو 6,5% لأكثر من 65 سنة. كما تزيد نسبة الرجال بقدر ضئيل عن النساء، أما نسبة الزيادة السنوية في السكان تبلغ 1,01%، ويدين 98% من التونسيين بالإسلام، كما يدين 1% بالدين المسيحي، و1% بالديانة اليهودية. والاقتصاد التونسي يُعد من الاقتصاديات المتوسطة، إذ يبلغ الناتج القومي (عام 2010) نحو 40 مليار دولار، بنسبة نمو نحو 5,1%، ومتوسط دخل الفرد ما بين 3200 – 3600 دولاراً سنوياً. ويعتمد الاقتصاد التونسي على الزراعة بنسبة 13,9%، والصناعة بنسبة 32.2%، والخدمات (وفي مقدمتها السياحة) بنسبة 53,9%، ويبلغ حجم العمالة نحو 3,5 مليون عامل أي بنسبة تعادل ثلث السكان. والصادرات الرئيسة في الاقتصاد التونسي تتمثل في الفوسفات، والملح الطبيعي، والمنسوجات، والمنتجات الزراعية، وزيت الزيتون. كما تنتج تونس النفط والغاز الطبيعي بما يكفي احتياجاتها، وبها صناعات الصلب والفوسفات، والعديد من الصناعات الأخرى. والأسواق الرئيسة للصادرات التونسية هي الأسواق الأوروبية فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وأسبانيا، إلى جانب ليبيا. يصطدم الاقتصاد التونسي بسوء التوزيع والفساد، وهو ما جعل نحو 7 – 8% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بينما ينعم الصفوة من كبار العائلات المنتمية إلى النظام برغد العيش ويتحكمون في الاقتصاد التونسي، ويوجهونه إلى مصالحهم الذاتية؛ بمعني أن تطبيق أسس الاجتماع الاقتصادى غير محققة في تونس، بأي حال من الأحوال، ويستخدم النظام أساليب القهر في مواجهة أي تمرد، أو أية مطالب ترفعها الجماهير إلى القيادات السياسية، مطالبة العدل الاجتماعي.
والدلائل التي يشير إليها اقتصاد تونس تتحدد في الآتي: 1. الإمكانات الاقتصادية متوفرة، وتتناسب مع حجم الطاقة البشرية، لبناء مجتمع يتحقق له الوفرة والرفاهية بنسبة متوسطة. 2. تعدد وسائل الإنتاج ووفرة الإمكانات الطبيعية يمكن أن تبني اقتصاد قوي، خاصة أن العلاقات التونسية ـ الأوروبية جيدة، كما أن السياسة التي تعتمد على "الحياد وعدم الدخول في أزمات"، تمكن من بناء اقتصاد قوي. 3. يمثل وضع تونس الإستراتيجي منطقة جاذبة للاستثمار الخارجي -خاصة الأوروبي- وهو ما يتطلب تقنين مناخ الاستثمار وتشجيع المستثمرين. 4. أن نسبة الأفراد تحت خط الفقر تُعد محدودة، فيما لو قورنت بدول إفريقية أخرى. 5. تقل نسبة الأمية في تونس إلى أقل درجة، مقارنة بالشعوب العربية الأخرى، وهو عامل إيجابي لم تستغله الحكومة بالقدر المناسب. 6. أما المظاهر السالبة الرئيسة في هذا المجال، فهي الفساد والرشوة، وظهور الطبقة التي تحتمي بالحكام، وتسيطر على الاقتصاد لصالحها، وهو ما أدى إلى إشعال الثورة في تونس.