منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) Empty
مُساهمةموضوع: الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية)   الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) Emptyالأربعاء 26 فبراير 2014, 7:53 am

الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية)
الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) General Zionism 
«الصهيونية العامة» أو «الصهيونية العمومية» تيار صهيوني يحاول قدر استطاعته الالتزام بالصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة (شعب عضوي منبوذ ـ يُنقَل خارج أوربا ليُوظَّف لصالحها في إطار دولة وظيفية) وبالتعريف الهرتزلي للصهيونية (الذي لا يختلف قط عن هذه الصيغة). ويمكن القول بأن الصهيونية العامة هي «الصهيونية الدبلوماسية» و«صهيونية أثرياء الغرب المندمجين» بعد مرحلة هرتزل وبلفور (والتي تطوَّرت بعد ذلك لتصبح «صهيونية الدياسبورا»). ولأن الصهاينة العموميين يلتزمون بهذا الحد الأدنى، فإن أتباع هذا التيار يرفضون التيار الديني المتمثل في حركة مزراحي، بل عارضوا تطبيق التعاليم الدينية بقوة القانون وطالبوا بإلغاء القوانين الدينية التي تحد من الحريات الشخصية، وخصوصاً في مسائل الزواج والطلاق. وهم لا يتوجهون على الإطلاق لمشكلة ما يُسمَّى «الإثنية اليهودية»، كما أنهم يرفضون الخوض في مناقشة التوجه الاقتصادي أو السياسي للمُستوطَن الصهيوني أو الخوض في البرامج التفصيلية حول مستقبل المشروع الصهيوني وشكل الملكية في الدولة الصهيونية أو الدخول في الصراعات السياسية الناجمة عن العملية الاستيطانية. كما أنهم لم يهتموا كثيراً بالمؤسسات الاستيطانية: الزراعية والعسكرية والثقافية والدينية. وبطبيعة الحال، فقد عارضوا أيضاً الاتجاه العمالي المتمثل في حركة عمال صهيون بشكل خاص. 
وتذهب التواريخ الصهيونية (أو المتأثرة بها) إلى أن الصهيونية العامة هي بمنزلة حزب الوسط، وأنها الصهيونية التي تعلو على الأحزاب، وأنها الصهيونية التي تركز على المصلحة القومية (بغض النظر عن الانتماء الطبقي ولا تكترث بالتفاصيل) لأن هذا سيكون على حساب الفكرة الأساسية، وكلها من قبيل محاولة تطبيع النسق الصهيوني وتصوير التيارات الصهيونية المختلفة كما لو أنها أحزاب تمثل اليمين والوسط واليسار. 
وفي تَصوُّرنا أن عمومية الصهيونية العامة تكمن في عدم اكتراثها بالجوانب الخصوصية، فهي لا تصر على خصوصية الهوية اليهودية ولا على خصوصية المشاكل التي يواجهها المستوطنون الصهاينة في فلسطين. وهذه العمومية هي جزء لا يتجزأ من توطينية أتباع الصهيونية العامة ورفضهم التورط الكامل في المشروع الصهيوني باعتباره مشروعاً يهودياً وإصرارهم على غربيته أو على أن تأييدهم له ينبع من انتمائهم للغرب. ولذا، يمكن القول بأن الصهيونية العامة (على الأقل بالنسبة إلى عدد كبير من أعضائها في الخارج) هي الصهيونية التوطينية بعد وعد بلفور، فالتوطينيون قبل بلفور كانوا يخافون من أن يُتهَموا بازدواج الولاء، ولذا فقد أصروا على أن تظل الحركة الصهيونية حركة إنقاذ وإغاثة خارج أي إطار قومي. ومع تَبنِّي الدول الغربية نفسها للمشروع الصهيوني لم يَعُد هناك أي خوف من تهمة ازدواج الولاء، بل أصبح واجبهم الوطني هو الانضمام للصهيونية، وأصبحت صهيونيتهم جزءاً من وطنيتهم والعكس بالعكس (ومن ثم، فإن كثيراً من الصهاينة العموميين في الخارج هم من يُطلَق عليهم «صهاينة الدياسبورا»). ومع هذا، كان انتماء أعضاء هذا التيار للعالم الغربي، حيث تسود الديموقراطية الليبرالية والمشروع الحر، له أكبر الأثر في نفورهم من بعض أشكال الاستيطان الصهيوني الاشتراكية. وقد أظهروا معارضتهم له، رغم محاولتهم الابتعاد عن السياسة، فمثل هذه الأشكال الاشتراكية قد تُسبِّب لهم الحرج في مجتمعاتهم الليبرالية. 
ولا تتطلب الصهيونية العامة من الصهيوني سوى الانتماء للمنظمة الصهيونية العالمية وسداد رسوم العضوية (الشيقل) وقبول برنامج بازل. وقد حاول هذا الاتجاه تثبيت أركان الاستيطان الصهيوني في فلسطين عن طريق جمع المال وتوظيف رؤوس الأموال لشراء الأراضي وتوطين المهاجرين في فلسطين، ثم اتّباع أسلوب المفاوضـات الدبلوماسـية لتحقيق مكاسـب للحركة الصهيونية. 
وقد كان هذا التيار يضم في صفوفه كبار المموِّلين اليهود في الخارج. وبالتدريج، اتسع نطاقه ليضم قطاعات كبيرة من يهود الولايات المتحدة (أي معظم صهاينة العالم الغربي التوطينيين). وظل هذا التيار مسيطراً على الحركة الصهيونية حتى عام 1929 حينما كانت الصهيونية لا تزال وليدة عاجزة، تحتاج لحضانة الاستعمار الغربي، فلم يكن قد تم تأسيس مؤسساتها الاستيطانية بعد. ومع منتصف العشرينيات، بدأ تيار الصهيونية العمومية يتراجع من حيث الوزن التنظيمي، فكانت نسبتهم في المؤتمر الصهيوني الثاني عشر (1921) 73% من مجموع المندوبين (مقابل 8% للتيار العمالي)، ثم انخفضت تلك النسبة بعد عشر سنوات عام 1931 إلى 53% (مقابل 29% للتيار العمالي)، واستمر التدهور بعد ذلك. وقبل انعقاد المؤتمر السابع عشر (1931)، قرَّر الصهاينة العموميون تنظيم أنفسهم، وقد عُقد أول مؤتمر للاتحاد العالمي للصهاينة العموميين عام 1931 عشية المؤتمر.
وكان يضم المجموعات التالية: 
ـ المجموعة (أ):
التي تؤيد وايزمان وبرنامجه. 
ـ المجموعة (ب):
التي تنتقد هذا البرنامج والسياسات الاقتصادية للمنظمة الاستيطانية. 
ـ المجموعة (جـ):
الصهاينة الراديكاليون بقيادة ناحوم جولدمان ويتسحاق جرونباوم.
ومما دعَّم نفوذ الصهاينة العموميين في المُستوطَن الصهيوني، هجرة بعض اليهود الموسرين من ألمانيا ابتداءً من عام 1933 حيث كانت لهم مصالح تتناقض مع مصالح البيروقراطية العمالية. 
ولكن، مع المؤتمر العالمي الثاني عام 1935، انشق الاتحاد إلى مجموعتين: 
المجموعة (أ):
وكانت تستمد قوتها بشكل خاص من فرع الصهاينة العموميين في بريطانيا وجنوب أفريقيا وألمانيا ورومانيا (وجزء من المنظمة الصهيونية الأمريكية)، وهم أساساً مهنيون ومثقفون كانوا يؤيدون سياسة وايزمان تجاه بريطانيا وكانوا لا يمانعون في وجود منظمات استيطانية ذات طابع جماعي. وقد أسَّست هذه المجموعة حركتها الاستيطانية الخاصة وتنظيمها الشبابي وأقامت عدداً من المستوطنات في فلسطين. 
أما المجموعة (ب):
فقد استمدت قوتها من جاليشيا (التي تُعَدُّ الركيزة الأساسية)، ولكن الأهم من هذا أن هذه المجموعة قد استمدت قوتها من غالبية أعضاء المنظمة الصهيونية في أمريكا، وخصوصاً بعد أن وصل أبا هليل سيلفر إلى رئاسة المنظمة الصهيونية في أمريكا (وكان متشـدداً في مواقفـه تجاه بريطانيا والانتداب البريطاني). وقد كان هؤلاء، بسبب جذورهم الأمريكية، يعارضون الهستدروت بشدة وكذلك أية مؤسسات عمالية مهما كان شكلها. 
ورغم اختلاف المجموعتين، تقول الموسوعة الصهيونية إن جهدهم تركَّز على النشاطات الثلاثة التالية: 
1 ـ تطوير الصهيونية في الخارج. 
2 ـ الدفاع عن المستوطنين الصهاينة ("النضال السياسي من أجل الحقوق اليهودية في فلسطين"). 
3 ـ ولكن أهم نشـاطاتهم على الإطـلاق هو جمع الأموال لدعم الاستيطان. 
وتضيف الموسوعة أن كلاًّ من الفريقين لم يهتم كثيراً بدعم التابعين له في فلسطين، أي أنه تنظيم خارجي (توطيني) أساساً. وقد تأسَّس عام 1946 اتحاد عام يضم كل الصهاينة العموميين سواء في إسرائيل أو خارجها. وتقول الموسوعة إن مواجهة الصهاينة العموميين داخل فلسطين للموقف الاستيطاني لم يحدث إلا بعد 1948، وحتى بعد ذلك كانت الأيديولوجيا الليبرالية شديدة الضعف. ولا يزال الصهاينة العموميون، لأنهم يمثلون الجماعات اليهودية، أكثر القطاعات قوة في الخارج. ففي المؤتمر الصهيوني السابع والعشرين (1968)، كانت قوتهم 180 مندوباً أو حوالي ثلث المندوبين. كما أنهم يُشكِّلون القوة المسيطرة الأساسية في عملية جمع الأموال لدعم إسرائيل وعملية الدعم السياسي (وهذه هي مهمة صهيونية الخارج التوطينية). ويسيطر اتحاد الصهيونيين العموميين سيطرة شبه كاملة على المنظمة الصهيونية الأمريكية. 
ويوجد حزب في إسرائيل يُسمَّى حزب الصهيونيين العموميين اندمج مع الحزب التقدمي وكونا معاً الحزب الليبرالي عام 1961 ولكن التقدميين انسحبوا عام 1965، وانضم العموميون لحزب حيروت مكوِّنين معه حزب جحال، ثم انضم الجميع لليكود. ولكن يمكن القول بأن الصهاينة العموميين في الخارج توطينيون، أما الصهاينة العموميون في إسرائيل فهم استيطانيون، ولكلٍّ توجهاته وأولوياته. ولعل الرقعة المشتركة بينهما يشكلها أمران؛ أولهما: التركيز على المشروع الحر، وثانيهما: تأكيد ضرورة علمنة الدولة الصهـيونية. وتخـتلف ساحة نشاط التوطينيين عن ساحة الاستيطانيين، كما تختلف جماهير كل منهما.
حاييم وايزمان (1864-1952(Hayyim Weizmann 
زعيم صهيوني، عالم كيميائي، وأول رئيس لدولة إسرائيل. وُلد في روسيا في منطقة الاستيطان، وكان أبوه تاجر أخشاب من مؤيدي حركة الاستنارة اليهودية. ومع هذا، فقد تلقَّى وايزمان تعليماً دينياً تقليدياً حتى سن الحادية عشرة، فدرس العهد القديم والنحو العبري وما يُسمَّى «التاريخ اليهودي»، ولكنه تلقَّى بعد ذلك تعليماً علمانياً. ولكن العنصر الأساسي في طفولة وايزمان هو الشتتل الذي نشأ فيه، وبناء الشتتل العاطفي والاقتصادي يستبعد الأغيار من وعي اليهود، إن لم يكن من واقعهم أيضاً (على حد قول وايزمان نفسه). 
بعد حصوله على الدكتوراه من ألمانيا عام 1899، قام وايزمان بالتدريس في سويسرا (1901) ثم ألمانيا (1904). وقد كان من المطالبين بإدخال الديباجة الإثنية على الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، كما كان من المعجبين بآحاد هعام وتأثر بأفكاره، وكان من الداعين لاستخدام العبرية في التخنيون (ضد دعاة الألمانية). ساهم في تأسيس الجامعة العبرية، كما ساهم في تأسيس أحد أهم المعاهد العلمية في فلسطين الذي أصبح بعد ذلك معهد وايزمان للعلوم. وانطلاقاً من موقفه الإثني العلماني، وقف وايزمان ضد مشروع شرقي أفريقيا. 
كان من أوائل المفكرين والزعماء الصهاينة الذين أدركوا عبث الجهود الصهيونية الذاتية التسللية وحتمية الاعتماد على الدعم الإمبريالي لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ. وكان وايزمان مدركاً تماماً علمانية الحضارة الغربية ونفعيتها، فالمسألة ليست مسألة تلاق بين الأحلام اليهودية والأحلام المسيحية وإنما هو تلاقي مصالح الإمبريالية والصهيونية، فالدولة الصهيونية تحتاج إلى الدعم الإمبريالي وإنجلترا تحتاج إلى قاعدة، وبما أن الدولة اليهودية قاعدة رخيصة (على حد قول وايزمان) فلا تستطيع إنجلترا أن تجد صفقة أفضل من هذا (أي أنه أدرك أن الدولة الصهيونية دولة وظيفية).
غادر وايزمان سويسرا إلى إنجلترا عام 1904 وعُيِّن في جامعة مانشستر، وقد جمع حوله مجموعة من الصهاينة اليهود الذين كانوا قد بدأوا في تكثيف النشاط الصهيوني وكوَّنوا نواة الحركة الصهيونية في إنجلترا. وفي عام 1907، في المؤتمر الثامن، ألقى خطبته التي اقترح فيها تبنِّي ما سماه «الصهيونية التوفيقية» التي تجمع بين التوجه الدبلوماسي التوطيني (التفاوض مع الدول الاستعمارية من أجل الحصول على براءة الاستيطان في فلسطين) والجهد الاستيطاني وتطوير الإثنية اليهودية. وقد أصبحت الصهيونية التوفيقية منذ ذلك الوقت الإطار الذي تحركت من خلاله الحركة الصهيونية. وبعد نهاية المؤتمر قام وايزمان بأول زيارة لفلسطين. 
اندلعت الحرب العالمية الأولى بعد وصول وايزمان إلى سويسرا بيوم، فقطع رحلته وعاد إلى إنجلترا حيث قدمه س. ب. سكوت محرر المانشستر جارديان لبعض الشخصيات الإنجليزية المهمة من بينهم لويد جورج وهربرت صمويل الذي كان قد أعد مذكرة بمبادرة منه لإقامة دولة يهودية في فلسطين بعد تقسيم تركيا. وكان إسكويث (رئيس الوزراء) قد رفض المذكرة الأمر الذي وضع حداً لكل الجهود الصهيونية. ولكن تغييراً حدث في الوزارة، فأصبح لويد جورج رئيساً للوزراء، وكان من قبل زيراً للإمدادات (وكان وايزمان قد ترك انطباعاً جيداً عنده باكتشافه الأسيتون) وكان بلفور وزير الخارجية، كما أن عدداً كبيراً من المشاركين في الوزارة (مثل سير مارك سايكس) كانوا مؤيدين متحمسين للمشروع الصهيوني كمحاولة لتقليص النفوذ الفرنسي في الشام، أي أن الجو كان مهيئاً لصدور وعد بلفور قبل صول وايزمان وبدون أن يبذل أي جهد. ولكن معارضة اليهود الإنجليز، وخصوصاً معارضة إدوين مونتاجو وكلود مونتفيوري، جعلته يشعر بالإحباط لدرجة أنه فكر في الاستقالة من اتحاد الصهاينة الإنجليز، ولكن آحاد هعام نصحه بألا يفعل ذلك وذكَّره بأنه لم يعيَّن من قبَل أحد، ولذا فلا يمكنه أن يقدِّم استقالته لأحد. وكان وايزمان قد قطع علاقته بالمكتب المركزي للمنظمة الصهيونية العالمية في برلين التي كانت وثيقة الصلة بالألمان والأتراك وبمكتب الاتـصال التابـع لها في كوبنهـاجن، ثم صدر وعد بلفور. 
كان وايزمان يتوقع أن يُقوِّي صدور وعد بلفور مركزه ومركز الصهيونية أمام اليهود، ويفرض المؤسسة الصهيونية عليهم من أعلى. وهذا ما حدث بالفعل، فقد عُيِّن عام 1918 رئيساً للبعثة الصهيونية التي أُرسلت إلى فلسطين لتحديد الطرق الممكن اتباعها لتطوير فلسطين بما يتفق مع ما جاء في وعد بلفور. وذهب وايزمان إلى القاهرة وقابل فيصل ابن الشريف حسين محاولاً الوصول معه إلى تفاهم. ثم رأس وايزمان الوفد الصهيوني لمؤتمر السلام في فرساي عام 1919 ليطالب بالموافقة الدولية على وعد بلفور وبأن يوكل لبريطانيا الانتداب على فلسطين. انتُخب وايزمان رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية عام 1921 في المؤتمر الصهيوني الثاني عشر، ونشب خلاف بينه وبين برانديز بشأن طريقة إدارة المُستوطَن الصهيوني وتمويل المستوطنات حيث طالب برانديز (الذي كان لا يعرف شيئاً عن طبيعة الاستعمار الاستيطاني وعن الظروف في فلسطين) بإدارتها على أُسس نظام الاقتصاد الحر، ورفض وايزمان الرضوخ لذلك لأن مثل هذا الإجراء كان يمكن أن يودي بالمشروع الصهيوني تماماًَ. ولذا، وقف وايزمان وراء أشكال الاستيطان العمالية مثل الموشاف والكيبوتس. وقد نجح وايزمان في عقد تحالف بين الصهاينة العموميين ومعظمهم من التوطينيين، والعماليين الاستيطانيين، وانضم لهم حزب مزراحي ممثل الصهيونية الإثنية الدينية. وهذا الائتلاف الثلاثي هو الذي قاد الحركة الصهيونية وأشرف على نشاطها خلال فترة الانتداب البريطاني. 
كان وايزمان على خلاف مع جابوتنسكي الذي كان يتبنى خط الحد الأقصى ويصر على الإفصاح عن الهدف الصهيوني النهائي، وهو الأمر الذي وجده وايزمان غير مجد أو مثمر. وكان جابوتنسكي يطرح تصورات مثل خطة نوردو لتغيير الواقع السكاني في فلسطين بين عشية وضحاها، كما كان يلجأ إلى إصدار تصريحات من شـأنها إثـارة قلـق السـكان الأصليـين. وحينما وسَّـع وايزمـان الوكالة اليهودية، حتى تضم يهوداً غير صهاينة كجزء من السياسة الصهيونية لغزو الجماعات اليهودية، وعُقد أول اجتماع للوكالة الموسعة عام 1929، عارض جابوتنسكي هذا الإجراء.
وكان قد تم تعيين السير هربرت صمويل مندوباً سامياً لبريطانيا في فلسطين (وكان يهودياً نشأ وترعرع داخل تقاليد صهيونية غير اليهود ذات الديباجات المسيحية والعلمانية) وكان من المتوقع أن يتعاون مع وايزمان، ولكن طبيعة علاقة الدولة الإمبريالية (بمصالحها العالمية) مع السكان الأصليين تختلف عادةً عن طبيعة علاقة المستوطنين بهم، ومن هنا نشأ الاختلاف في الرؤية وتولَّدت التوترات. وكان وايزمان يحاول حل هذه المشكلة عن طريق إطلاق التصريحات الأخلاقية عن حقوق العرب وضرورة ألا تُمس شعرة في رأسهم، وفي الوقت نفسه كان يضع الخطط التي تهدف إلى تغييبهم وإخلاء فلسطين منهم لوعيه التام بخطورة العنصر العربي على الدولة الصهيونية الاستيطانية الإحلالية، وكان يرى أن أي سلام مع العرب هو سلام القبور. وحينما عرف بطرد العرب من فلسطين عام 1948، تحدَّث عن هذه العملية على أنها معجزة أدَّت إلى تطهير أرض إسرائيل! ومن الواضح أنه يتحرك داخل إطار حلولي عضوي (حلولية بدون إله) في موقفه من الشـعب اليهـودي وعلاقته بالأرض. فحينما عُرض عليه أن يَقْبل اليهود وضع الأقلية في فلسطين وأن يتعايشـوا مع العـرب، انفجر متمـتماً بكلمات ذات طابع حلولي واضح: "الرب سيضع يده مرة ثانية ليستعيد بقية شعبه ويرفع راية لكل الأمم، وسيجمع المشردين من إسرائيل وسيجمع المشتتين من يهودا من أركان الأرض الأربعة"! وهكذا. 
وكانت إدارة الانتداب والحكومة البريطانية تضطر من آونة لأخرى لإعادة تفسير وعد بلفور، كما حدث عام 1930 حيث أصدر سكرتير المستعمرات في وزارة العمال البريطانية كتاب باسفيلد الأبيض الذي اعتبره الصهاينة قضاء على المشروع الصهيوني بأكمله، فاستقال وايزمان من رئاسة المنظمة عام 1930 وتراجعت الحكومة البريطانية وأرسل رئيس الوزراء خطاباً لوايزمان يعبر له فيه عن تأكيده استمرار التزام حكومته بالمشروع الصهيوني. 
وتتبدَّى مرونة وايزمان العلنية ومقدرته على استخدام الخطاب الصهيوني المراوغ في تصريحه عام 1931 بأن وجود أغلبية يهودية في فلسطين ليست مسألة ضرورية، وقد صرح بهذا من قبيل تهدئة الخواطر ولكنه كان يؤمن بأنه ستكون هناك أغلبية يهودية في نهاية الأمر من خلال الجهد البطيء الذي يخلق حقائق جديدة، من خلال بناء منزل وراء منزل ودونم وراء دونم، ومستوطنة بعد مستوطنة. والواقع أن خلق الحقائق الجديدة أصبحت الإستراتيجية المستقرة للصهيونية، ولكن يبدو أن ذلك كان يتم هذه المرة عَبْر الخط الأحمر دون أن يدري، وأن حجم المراوغة كان أكبر مما يتحمل الصهاينة، ولذا فقد كلَّفه هذا التصريح رئاسة المنظمة. ولكن، مع هذا، تم اختيار صديقه الحميم سوكولوف خلفـاً له، فالخـلاف لم يكن جوهرياً وإنما كان خطأ خاصاً بطريقة التعبير. 
ومع صعود هتلر للسلطة، زاد عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين وزاد حجم رأس المال اليهودي فيها. وأعيد انتخاب وايزمان للرئاسة عام 1935. وكان وايزمان من المؤمنين بضرورة ترك يهود أوربا لمصيرهم على أن يتركز الجهد الصهيوني على تهجير بعض العناصر اليهودية التي ستساهم في بناء المُستوطَن الصهيوني. وتظهر مرونة وايزمان مرة أخرى عام 1937 حينما طُرحت فكرة تقسيم فلسطين إذ قبله رغم صغر حجم الجزء الممنوح للدولة اليهودية لأن قبول الحد الأدنى علنياً لا يعني عدم المقدرة على العمل في الخفاء للحصول على الحد الأقصى "وصحراء النقب" التي لم تكن جزءاً من الدولة اليهودية حسـب خطـة التقسيم "لن تفر"، حسب قوله، بل هي باقية يمكن الاستيلاء عليها فيما بعد. 
وظلت العلاقة بين الصهاينة والحكومة البريطانية متعثرة، إلى أن نشبت الحرب العالمية الثانية. وقد حاول وايزمان تجديد جهوده العلمية حتى يزداد نفوذه أمام الحكومة البريطانية، ولكن عرضه رُفض وتم تأييد طلب جابوتنسكي بالسماح بتشكيل اللواء اليهودي للاشتراك كقوة صهيونية مستقلة (إلى جانب الحلفاء) ولتدعيم مركز المستوطنين، لكنَّ هذا لم يَعُقه عن مقابلة موسوليني شخصياً عدة مرات ليحصل منه على تأييده للمشروع الصهيوني. وظلت علاقة الصهاينة ببريطانيا متعثرة حتى ظهور الولايات المتحدة كمركز للثقل الإمبريالي، فبدأوا في تحويل ولائهم. وقضى وايزمان وقتاً طويلاً (1941 ـ  1942) ورك حتى يمكنه تجنيد القيادة الأمريكية إلى جانب المشروع الصهيوني. 
وعُقد مؤتمر صهيوني في بلتيمور عام 1942 وأصدر برنامج بلتيمور الذي تنبع أهميته من أنه أفصح عن الهدف الصهيوني النهائي في إنشاء دولة. ومع نهاية الحرب، كان وضع وايزمان داخل المنظمة مخلخلاً. فقد كان ممثلاً للمرحلة البريطانية في تاريخ الصهيونية والاستيطان الصهيوني. كما أن مجال حركته كان في الساحة الدولية خارج ساحة الاستيطان. ومع ازدياد قوة المستوطنين وظهور الولايات المتحدة، لم يَعُد الشخص المناسب للمرحلة الجديدة، وخصوصاً أن حكومة العمال البريطانية رفضت السماح بالهجرة اليهودية غير المقيدة، وكانت القيادة الجديدة تفضل تبنِّي سياسة نشطة نوعاً ما ضد البريطانيين، لذا بدأ بن جوريون يتحدى قيادته، وخصوصاً أنه كان قد بلغ السبعين وبدأ تصحته تعتل. 
ولم يَجر انتخابه رئيساً للمنظمة عام 1946 لوجود إحساس عام بأنه فَقَد صلته بالواقع. ومع هذا، استمر وايزمان في جهوده وسافر إلى الولايات المتحدة للاتصال بالرئيس ترومان وغيره حتى تقف الولايات المتحدة وراء قرار التقسيم. وكان وايزمان من أنصار أن يُعلَن قيام الدولة الصهيونية فور انسحاب البريطانيين، بغض النظر عن قرار هيـئة الأمم المتحـدة، وأن تُعدُّ الدولة نفسها للحرب مع العرب. وبعد إعلان الدولة، قابل ايزمان الرئيس ترومان وحصل منه على وعد بأن تقوم الولايات المتحدة بتمويل مشاريع التنمية في إسرائيل. 
وحينما قامت الدولة وعُرضت عليه رئاستها هنأه القاضي فلكس فرانكفورتر وقال له إنه بإمكانه أن يقول ما لم يتمكن موسى من قوله (لأن هذا النبي الأخير قد مات قبل أن يصل إلى أرض الميعاد أما وايزمان فقد وصل بالفعل). ولكنه، مع هذا، لم يضع اسمه ضمن الموقعين على قرار إعلان إسرائيل، كما أنه كان يضيق ذرعاً بوظيفة رئيس الدولة لأنها وظيفة شكلية شرفية محضة، ولم تكن تُرسَل له حتى محاضر مجلس الوزراء، وذلك بناءً على أوامر بن جوريون. ومن أهم مؤلفات وايزمان كتاب التجربة والخطأ (1949)، كما أن رسائله قد جُمعت ونشرت تباعاً في سلسلة من المجلدات.
الصهيونية التصحيحية Revisionist Zionism 
«الصهيونية التصحيحية» وتترجم أحيانا بالصهيونية «المراجعة» أو «التنقيحيه» تيار صهيوني نابع من فكر جابوتنسكي ظهر داخل المنظمة الصهيونية عام1923 بهدف تصحيح أو تنقيح أو مراجعة السياسة الصهيونية (ومن هنا يُشار إليها أحياناً باسم «الصهيونية التنقيحية» أو «الصهيونية المراجعة»). وهذا التيار تعبير عن محاولة بعض العناصر الصهيونية (من شرق أوربا أساساً) المتشبعة بالفكر الاقتصادي الليبرالي والفكر السياسي الفاشي طرح الهيمنة العمالية على عمليات الاستيطان وهيمنة صهاينة الخارج الليبراليين على النشاط الدبلوماسي جانباً. وقد حاول دعاة هذا التيـار أن ينتهـجوا خـطاً وأسـلوباً جــديدين للعمل على الصعيد الدولي، حيث كانوا يرون أنهما في واقع الأمر استمرار لخط هرتزل ونوردو وفلسفتهما، وأن يصوغوا فكراً استيطانياً مستقلاًّ، وأن يُشيِّدوا مؤسسات استيطانية مستقلة. 
وقد كانت هذه المحاولة هي الأولى من نوعها داخل الحركة الصهيونية من جانب أعضاء الطبقة الوسطى. ولعل هذا يعود إلى الأصول الطبقية لموجات الهجرة الصهيونية المختلفة، فأعضاء الموجة الأولى والثانية أتوا أساساً من صفوف البورجوازية الصغيرة، ولم يكونوا يملكون شيئاً. ولكن فلسطين شهدت، ابتداءً من عشرينيات القرن وحتى بداية منتصف الأربعينيات، وصول الموجات الثالثة والرابعة والخامسة التي ضمت في صفوفها أعداداً كبيرة من صغار الرأسماليين وأصحاب العمل (هاجر في الموجة الخامسة وحدها حوالي 25 ألف يهودي يملك كل منهم أكثر من ألف جنيه إسترليني). 
وفكر الصهاينة التصحيحيين هو، في نهاية الأمر، فكر جابوتنسكي الذي يقبل كل الأطروحات الصهيونية الأساسية عن الشعب العضـوي المنبـوذ الذي يُـشكِّـل جسماً غريباً في أوربا تلفظه كل المجتمعات، وعن الشعب اليهودي الرديء الذي يكرهه جيرانه عن حق. ويرى جابوتنسكي ـ شأنه شأن هرتزل وأستاذه نوردو ـ أن مصدر هوية اليهود ليس تراثهم الديني أو الإثني (فهذا التراث يمكن الاستغناء عنه تماماً) وإنما هو معاداة اليهود. ولذا، فإن المسألة اليهودية في نظره هي في الأساس مسألة رفض أوربا لليهود، أي مسألة الفائض اليهودي. ولكن جابوتنسكي يُقرِّر، مع هذا، أن اليهود، وضمن ذلك السفارد، شعب أوربي. وقد عرَّف جابوتنسكي الشعب انطلاقاً من أطروحات الفكر العرْقي الغربي بكل ما يتضمنه ذلك من إيمان بتفاوت بين الأجناس. 
وأرسلت الحركة التصحيحية أربعة مندوبين إلى المؤتمر الصهيوني الرابع عشر (1925)، وسُمِّيت الجماعة باسم «اتحاد الصهاينة التصحيحيين». وكان برنامجها ينادي بما يلي: إنشاء دولة صهيون على ضفتي الأردن ـ رفع أية قيود على الهجرة اليهودية إلى فلسطين ـ مصادرة جميع الأراضي المزروعة والعامة في فلسطين ووضعها تحت تصرُّف الحركة الصهيونية. 
عمل التصحيحيون على تفريغ أوربا من اليهود، وعلى تهجير أكبر عدد ممكن من اليهود في أقصر وقت ممكن. ولزيادة مقدرة فلسطين الاستيعابية، طالبوا بتوطين الطبقة الوسطى وتطوير القطاع الخـاص، لأن دخـول رأس المال الخـاص سـيخلق فرص عــمل جديدة. ولذا، فقد طالبوا بالتركيز على تطوير القطاع الصناعي والزراعة المكثفة. ونادى التصحيحيون بتأجيل الصراع الطبقي وقبول التحكيم الإجباري لحسم الخلافات بين العمال والرأسماليين ولسحق التمـرد العـربي دون اللجوء إلى البريطــانيين، وقد شـدد التصحيـحيون على ضـرورة إنشـاء وحـدات عسكرية يهودية مستقلة. 
وقد وُضع هذا البرنامج في مجابهة كل التيارات الصهيونية الأخرى، وخصوصاً التيار العمالي الذي كان يؤيد طريقة الاستيطان التعاونية الملائمة لظروف فلسطين. وبهذا الشكل، فإن البرنامج التصحيحي ينم عن عدم فهم للمشروع الصهيوني وأبعاده الخاصة، أو على الأقل عدم فهم لطبيعة المرحلة التي كانت تتطلب التعاون والجماعية في الاستيطان، والبطء، والرضا بما تقبله الدولة الراعية، بالإضافة إلى السرية. كما أن ثمة تناقضاً أساسياً في هذا المشروع يكمن في المطالبة بالاستقلال الصهيوني في الحركة من ناحية وبالسرعة في تنفيذ المشروع الصهيوني اعتماداً على الدولة الراعية من ناحية أخرى. ولعل هذا يعود إلى إيمان هذا التيار بأن مشروعه استعماري تماماً، وبالتالي فإن ثمة تماثلاً كاملاً في المصالح يسمح برفع المطالب إلى الحد الأقصى. 
ولعل أهم الأطروحات التي أكدها التصحيحيون أنه مهما كان الاستيطان في فلسطين قوياً ويشكل 90% من النشاط الصهيوني، فإن الـ 10% السياسي (الاستعماري) يظل الشرط المسبق للنجاح وللبقاء. فالاستيطان في نهاية الأمر بطيء ولن يفي بالغرض، ولهذا فلا غنى عن النشاط السياسي أو الدبلوماسي الذي يتلخص ـ طبقاً لتصورهم ـ في الضغط على الدول الغربية ـ وخصوصاً إنجلترا ـ لإخلاء أوربا من اليهود بشكل جماعي وإلقائهم في فلسطين، وذلك على حساب أية اعتبارات خيالية أخرى، مثل الدين والبعد الثقافي والتربية وما شابه، لإنشاء نظام استعماري استيطاني. ولهذا الغرض، تم تأسيس رابطة الدومنيون السابع لتطوير فلسطين كجزء من الإمبراطورية البريطانية.
جذبت الحركة التصحيحية عدة حركات ومنظمات صهيونية بين عامي 1925 و1935 وجدت في أفكار جابوتنسكي ضالتها المنشودة، ومنها: 
ـ عصبة جوزيف ترومبلدور (بيتار):
وقد احتفظت باستقلالها داخل معسكر اليمين، ثم أصبحت مع مرور الوقت التنظيم الأساسي الذي يزود ذلك المعسكر بالكوادر التي يحتاج إليها. 
ـ مجموعة ريتشارد ليشتهايم:
وهو يهودي ألماني استقال من اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية (مع جابوتنسكي) عام 1923. 
ـ مجمـوعة روبرت شتريكر:
وهو أحـد قادة الصـــهيونيين العموميين. وقد عارض شتريكر سياسة وايزمان المهادنة لبريطانيا وطالب بتحديد هدف الصهيونية بإقامة الدولة اليهودية ثم انضم إلى الحركة التصحيحية. 
ـ مجموعة جوزيف شختار:
وهو يهودي روسي ويُعتبَر من مؤسسي الحركة التصحيحية. 
أرسل التصحيحيون عشرة مندوبين للمؤتمر الصهيوني الخامس عشر (1927) وواحداً وعشرين مندوباً للمؤتمر السادس عشر (1929) واثنين وخمسين مندوباً للمؤتمرالسابع عشر (1931). واتهموا القيادة العمالية بأنها توزع شهادات الهجرة بطريقة تخدم مصالح أتباعها وحسب وتتجاهل أتباع الحركة وبأن توزيع الأرض والأعمال يتم بالطريقة نفسها، كما اتهموا القيادة العمالية بتزييف انتخابات المؤتمرات الصهيونية عن طريق شراء الشيقل بالجملة. ولهذا السبب، انسحبوا من الصندوق القومي اليهودي ومن الهستدروت وكونوا اتحاد العمال القومي. كما عارضوا توسيع الوكالة اليهودية عام 1929 لأن هذا في تصوُّرهم سيؤدي إلى تمييع الصيغة الأساسية السـياسية الـتي يدافعـون عنهــا. وفـي عام 1931، رُفض طلب التصحيحيين بإعلان أن إنشاء الدولة اليهودية هو هدف الصهيونية، وأدَّى مقتل الزعيم العمالي حاييم أرلوسـوروف إلى زيادة حدة الخصومة، وخصوصاً أن بعض العناصر المعتدلة بمقاييس صهيونية (مثل شتريكر وليشتهايم) ابتعدوا عن جابوتنسكي وتركوا الحركة التصحيحية وكونوا حزب الدولة اليهودية. في أواخر عام 1934، تقابل جابوتنسكي وبن جوريون في لندن بعد تبرئة ساحة المتهمين بقتل أرلوسوروف.
فتوصلا إلى اتفاق من ثلاثة بنود: 
1 ـ الامتناع عن الصراع إلا من خلال النقاش السياسي دون اللجوء للهجوم. 
2 ـ التوفيق بين الهستدروت وتنظيم التصحيحيين العمالي، وذلك فيما يتصل بقضايا مثل الإضرابات والتحكيم الإجباري. 
3 ـ توقُّف التصحيحيين عن مقاطعة الصناديق اليهودية القومية وإرجاع حق أعضاء البيتار في الحصول على شهادات الهجرة. ولكن الاتفاق رفض من جانب أعضاء الهستدروت. 
بلغ عدد مندوبي التصحيحيين في المؤتمر الصهيوني الثامن عشر (1933) حوالي 45 مندوباً. وفي عام 1935، انفصل التصحيحيون وأسَّسوا المنظمة الصهيونية الجديدة وعقدوا أول مؤتمر لهم في فيينا في العام نفسه وانتُخب جابوتنسكي رئيساً لها. وكان مقرها كما هو مُتوقَّع في لندن بين عامي 1936 و1940. وكان برنامج المنظمة هو ثوابت الحركة التصحيحية مع تأكيد ضرورة تصفية الوجود اليهودي في العالم. كما بدأوا في سياسة التحالفات مع كل النظم الأوربية التي ستساعدهم في إجلاء اليهود، وطرح جابوتنسكي خطة السنوات العشر. ومن أهم الجماعات في الحركة التصحيحية جماعة عصبة الأشداء (بريت هابيريونيم) الموجودة في فلسطين والتي كانت تضم أشيمير وجرينبرج وغيرهما. وقد تبنت هذه الجماعات صيغة صهيونية نازية لا تُخفي إعجابها بالنازية (مع تحفُّظها على موقفها من اليهود وحسب) 
وقد طوَّر التصحيحيون، من خلال منظمة بيتار، شبكة ضخمة من مراكز التدريب العسكري في العالم، إذ ركزوا على الجانب العسكري من الممارسة الصهيونية الخاصة بالزراعة المسلحة. 
ويصف الصهاينة التقليديون كلاًّ من جابوتنسكي والتصحيحيين عامة بأنهم متطرفون، ولكن من يدرس فكرهم وتاريخهم يجدهم أكثر التيارات الصهيونية واقعية واتساقاً مع الواقع الصهيوني. فقد أكدوا من البداية القانون الأساسي الذي يتحكم في الحركة الصهيونية، أي مدى استعدادها للارتماء في أحضان الاستعمار والقيام على خدمته، حتى يُسهِّل لها تهجير اليهود وتوطينهم في فلسطين وإقامة الدولة. وهم أخيراً كانوا متيقنين من أن العنف وحده هو وسيلة التعامل مع الفلسطينيين، وأن أوهام بعض الصهاينة الخاصة بإقناع الفلسطينيين بترك أرضهم لليهود هي بمنزلة أحلام ليبرالية رخيصة. 
وفي الحقيقة، فإن استخدام العنف والارتماء في أحضان الإمبريالية والإيمان بالمُثُل الرأسمالية الحرة هي جميعاً موضوعات تتواتر في كتابات هرتزل والصهاينة الدبلوماسيين، ولكنها كانت مغلفة بغلاف ليبرالي رقيق، لأن الصهيونية كانت لا تزال في بداياتها ولم تكن قد أدركت هويتها تماماً بعد، كما أنها كانت لا تزال حركة ضعيفة غير قادرة على الكشف عن أهدافها. وكلما كانت الصهيونية تزداد قوة، كانت تعلن عن أهدافها وعن هويتها، فالفرق إذن بين هرتزل وجابوتنسكي يكمن في النبرة والمصطلح وليس في الرؤية ولا الفلسفة. وقد قال جابوتنسكي مرة إنه خليفة هرتزل ووريثه الحقيقي، وقد وافقه نوردو على هذا، ونحن نذهب أيضاً إلى أن ثمة خطاً ممتداً من هرتزل لشارون عبر جابوتنسكي وبيجين.
يتبع إن شاء الله...


الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) Empty
مُساهمةموضوع: المنظمة الصهيونية الجديدة New Zionist Organization    الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) Emptyالأربعاء 26 فبراير 2014, 8:04 am

المنظمة الصهيونية الجديدة New Zionist Organization 
بعد أن نشب الخلاف بين الصهاينة التصحيحيين والمنظمة الصهيونية العالمية حول فكرة الوكالة اليهودية الموسعة (وهي الفكرة التي عارضها الفريق الأول)، وكذلك حول حدود الدولة الصهيونية المقترحة، وبعد أن رفض المؤتمر الصهيوني السابع عشر (1931) تعريف هدف الصهيونية بأنه تأسيس الدولة الصهيونية، ونظراً لافتقاد المنظمة الصهيونية العالمية الطابع العسكري، انشق التصحيحيون بزعامة جابوتنسكي عن المنظمة الأم مكوِّنين منظمة مستقلة تُعرَف باسم «المنظمة الصهيونية الجديدة» عام 1935. وكانت المنظمة الجديدة تنادي بعدم الاعتماد على حكومة الانتداب، وعلى منح اليهود حق الهجرة، كما طالبت بتصفية الجماعات اليهودية في العالم، وكذلك فإن المنظمة الجديدة كانت تنادي بضرورة تسوية المنازعات بين العمال ورأس المال عن طريق مجلس أعلى للتحكيم، وكان مقر المنظمة في لندن وترأسها جابوتنسكي. 
وقد لعبت المنظمة دوراً بارزاً في تنظيم الهجرة غير الشرعية، ومنحت تأييدها لمنظمة إتسل، كما كان لها تنظيماتها الاستيطانية المستقلة، ولعبت أفكارها دوراً مهماً في تأسيس المنظمات العسكرية الصهيونية الأخرى. وقد عارضت المنظمة الصهيونية الجديدة فكرة التقسيم. وفي عام 1946، عادت المنظمة الصهيونية الجديدة إلى صفوف المنظمة الصهيونية العالمية بعد أن أصبح موقفهما متفقاً بشأن معظم القضايا. وفي الحقيقة، فإن الانشقاق والاندماج بين المنظمتين كلاهما صهيوني نموذجي، فهو اختلاف حول التكتيك والحد الأقصى، ولا يمتد إلى الإسـتراتيجية أو الحـد الأدنى الصهـيوني بأية حال. 
الصهيونية الراديكالية Radical Zionism 
تيار صهيوني لا يختلف كثيراً في رؤيته ولا في أساسه الطبقي عن الصهيونية التصحيحية أو الصهيونية العمومية. وقد نشأ هذا التيار عام 1923 خلال المؤتمر الصهيوني الثالث عشر كنوع من الاحتجاج على مهادنة وايزمان للحكومة البريطانية واستعداده للتخلي عن حقوق اليهود في فلسطين. وقد ظهرت الصهيونية التصحيحية في الوقت نفسه، وكاد الفريقان أن يتحدا لولا اختلاف موقفهما من الطابع الجماعي العمالي للاستيطان الصهيوني. وقد كان الفريقان يتفقان في الاعتراض على الطابع الاشتراكي لهذا الاستيطان، لكن الراديكاليين كانوا يرون أن هذا هو الأسلوب الوحيد المتاح. 
وقد أسَّس الراديكاليون اتحاداً للصهاينة الراديكاليين لتحقيق الخلاص للشعب اليهودي عن طريق تغيير بنيان حياته. وكان الاتحاد ينادي بأن الاستيطان يجب أن يتم من خلال امتلاك الأرض ملكية قومية، كما حاول الاتحاد تقديم العون للاستثمارات الفردية. وفي عام 1930، حينما حـدث انقـسام في صـفوف الصهيونيين العموميين، انضم الصهاينة الراديكاليون للجناح الليبرالي واتحدوا معه مكوِّنين الاتحاد العالمي للصهيونيين العموميين. 
بيتار (منظمة شبابية) Betar 
» بيتار« اختصار العبارة العبرية «بريت يوسف ترومبلدور»، أي «عهد ترومبلدور» أو «حلف ترومبلدور». وهو تنظيم شبابي صهيوني تصحيحي أسَّسه يوسف ترومبلدور في ريجا (لاتفيا) عام 1923، لإعداد أعضائه للحياة في فلسطين بتدريبهم على العمل الاستيطاني الزراعي وتعليمهم، مع التركيز على العبرية بالإضافة إلى التدريب العسكري. وكان يتم تلقين أعضاء التنظيم مقولات تعكس التأثر الواضح بالنزعات الفاشية التي سادت أوربا آنذاك، فكانوا يتعلمون مثلاً أن الإنسان أمامه اختياران لا ثالث لهما "الغزو أو الموت" وأن كل الدول التي لها رسالة قامت على السيف وحده. وبشكل عام، تَمثَّل التنظيم أفكار جابوتنسكي زعيم الصهيونية التصحيحية. وكانت إحدى الهتافات الشائعة لشباب بيتار طوال فترة الثلاثينيات "إيطاليا لموسوليني وألمانيا لهتلر وفلسطين لجابوتنسكي"، كما كانوا يرتدون القمصان البنية اللون تَشبُّهاً بالمنظمات الشبابية الفاشية. وقد انشق تنظيم بيتار عن المنظمة الصهيونية العالمية إثر النزاعات التي نشبت بين جابوتنسكي وزعمائها والتي انتهت بانفصاله وتشكيل «المنظمة الصهيونية الجديدة» ثم «الاتحاد القومي» عام 1934. 
ولم يقتصر نشاط تنظيم بيتار على بولندا بل امتد إلى العديد من البلدان، فأقام التنظيم عام 1934 مركزاً للتدريب البحري في إيطاليا وآخر للتدريب على الطيران في باريس، كما أقام فروعاً في اللد (1938) وجنوب أفريقيا (1939) ونيويورك (1941). وحتى بداية الحرب العالمية الثانية، ظلت القاعدة الأساسية للتنظيم وهيئته القيادية خارج فلسطين ثم انتقلت بعد ذلك إليها حيث كان بعض أتباع بيتار قد أسسوا عدة مستوطنات تعاونية. وقد تشكلت في صفوف بيتار القيادات الأساسية لمنظمة الإرجون الصهيونية الإرهابية وقيادة حركة حيروت. ومن هذه القيادات، على سبيل المثال، يسرائيل شيف (الداد) ومناحم بيجين. وقد أصبحت الدولة الصهيونية، بعد تأسيسها، مركزاً لتنظيم بيتار في العالم. وفي أواخر الستينيات. كان عدد أعضائه نحو ثمانية آلاف نصفهم في فلسطين المحتلة والباقي يتوزعون في 13 بلداً أخرى. 
فلاديمير جابوتنسكي (1880-1940) Vladimir Jabotinsky 
مفكر صهيوني وقائد حركة الصهيونيين التصحيحيين. وُلد في أوديسا (روسيا) لعائلة من الطبقة الوسطى حل بها الفقر لموت العائل (الأب). وكان اهتمامه باليهودية ضئيلاً للغاية، إذ كان ينظر إليها من الخارج، ولم تكن له معرفة بالعبرية وقد أتقنها فيما بعد وطالب بأن تُكتَب بحروف لاتينية. 
لم يهتم جابوتنسكي كثيراً بحركة أحباء صهيون عندما سمع بها. ومع هذا، يُقال إنه كانت لديه نزعات صهيونية منذ صباه. درس القانون في سويسرا وإيطاليا حيث تعلَّم الإيطالية واستوعب الرؤية المعرفية الإمبريالية تماماً؛ فتبنَّى رؤية توماس هوبز للواقع ورفض كل المُثُل الإنسانية، وأعلن أن العالم إن هو إلا ساحة لصراع الجميع ضد الجميع، كما تأثر بالفكر الدارويني والنيتشوي والفاشي وتأثر على وجه الخصوص بأفكار أنطونيو لابريولا عن الإرادة وعن قدرة الإنسان على صياغة المستقبل بإرادته. وكانت ثمرة هذا كله رؤية جابوتنسكي لما سماه «الأنانية المقدَّسة» (أي أن تصبح الذات مركز الحلول)، فطالب أن يتعلم اليهودي الذبح (ذبح الآخرين) من الأغيار، أي أن جابوتنسكي كان يحاول دمج اليهودي في عالم أوربا الإمبريالي بحيث يكتسب اليهودي أخلاقياته ورؤيته وهويته من هذا العالم. وقد عمل جابوتنسكي أثناء إقامته في روما (1898 ـ 1901) مراسلاً لصحيفة ليبرالية تصدر في أوديسا وكان ينشر مقالاته باسمه المستعار «التالينا». 
بدأ جابوتنسكي نشاطه الصهيوني عام 1903 بحضور المؤتمر الصـهيوني السـادس (1903)، فاطَّلع على كتابات الصهاينة الأوائل، مثل بنسكر وهرتزل وليلينبلوم، وتعرَّف إلى أوسيشكين وبياليك، وحاول تنظيم بعض خلايا الدفاع اليهودية في روسيا، كما أيد زيارة هرتزل لفون بليفيه وزير داخلية روسيا الذي يُقال إنه دبر عدة مذابح ضد أعضاء الجماعـة اليهودية. وكان جابوتنـسكي من معارضي مشـروع شرق أفريقيا، ربما لإدراكه القيمة التي سيكتسبها المشروع الصهيوني إن تم تأسيسه في منطقة إستراتيجية مهمة للغرب مثل فلسطين. 
انتقل جابوتنسكي إلى إستنبول حيث كان مسئولاً بصورة رسمية عن أجهزة الدعاية الصهيونية وعن الصحف الصهيونية هناك (التي كانت تَصدُر بالعبرية والفرنسـية واللادينـو)، وذلك بعد سـقوط الخلافـة العثمانية. وانتُخب جابوتنسـكي عضواً في اللجنـة الصهـيونية عـام 1921. وأثناء المؤتمر الصهيوني الثاني عشر (1921)، تَوصَّـل بصفته هذه إلى اتفاق مع مندوب حكومة بتليورا الأوكرانية التي قامت بعدة مذابح ضد اليهود. وكان الاتفاق يقضي بأن تلحق قوة يهودية غير محاربة بقوات بتليورا أثناء زحفها ضد الحكومة البلشفية (وقد أثار ذلك احتجاج كثير من أعضاء الجماعات اليهودية). ويرجع إعجاب جابوتنسكي بالقومية الأوكرانية إلى عام 1911 حيث كتب مقالاً ينوه فيه بهذه القومية وحيويتها وتفجُّرها باعتبارها قومية عضوية. 
قَبل جابوتنسـكي الورقـة البيضـاء التي طرحها تشرشـل عام 1922، إلا أنه استقال من اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية عام 1923 احتجاجاً على قبولها هذه الورقة، وأسس في العام نفسه منظمة بيتار، كما أسَّس عام 1925 الاتحاد العالمي للصهاينة التصحيحيين، وقد جاء الاسم تأكيداً لموقفهم الرامي إلى ضرورة تصحيح السـياسة الصهـيونية وتنقيـحها، أي تصفــيتها من أيـة شوائب، حتى تقترب من الصيغة الهرتزلية الأصلية، وهي الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة قبل تهويدها وقبل إدخال الديباجات عليها. وقد أعلن التصحيحيون في دستورهم أن "هدف الصهيونية هو تحويل أرض إسرائيل، وضمنها شرق الأردن، إلى كومنولث يهودي... [يتمتع بـ] حكم محلي وأكثرية يهودية ثابتة"، على أن يسود الدولة الاقتصاد الحر ويتم تأجيل الصراع الطبقي وقبول التحكيم الإجباري لحسم الخلافات بين العمال والرأسماليين. وبعد أن قامت المنظمة الصهيونية بتوسيع الوكالة اليهودية عام 1929 وضم عناصر يهودية غير صهيونية (وكانت المنظمة قد رفضت لأسباب تكتيكية إعلان أن هدف الصهيونية هو إقامة الدولة اليهودية)، وبعد اغتيال الزعيم الصهيوني العمالي أرلوسوروف ودفاع جابوتنسكي عن المتهمين باعتبارهم أبرياء، توترت العلاقة بين جابوتنسكي من جهة والمنظمة الصهيونية العمالية الواقعة آنذاك تحت هيمنة الصهاينة العماليين من جهة أخرى. 
وعلى صعيد الاستيطان، أسس جابوتنسكي في هذه الفترة منظمة عمالية صهيونية تنافس الهستدروت وتُسمَّى «الهستدروت القومي للعمال»، كان مستعداً للتعاون مع مشاريع رؤوس الأموال الخاصة لإقامة مجتمع صهيوني طابعه العام رأسمالي. والواقع أن جابوتنسكي صهيوني دبلوماسي (يهودي غير يهودي)، لا تختلف صهيونيته أبداً عن صهيونية الغرب الاستعماري التي تدور في إطار فكرة الشعب العضوي وتنظر لليهود باعتبارهم شعباً عضوياً منبوذاً. وينطلق جابوتنسكي من الفكر القومي العضوي، فالأمة كيان عضوي مستقل وقيمة مطلقة صافية لا تشوبها أية شوائب ولا تحتاج إلى أية نقط مرجعية خارجها، فهي مطلق مكتف بذاته يجب أن تُستبعَد كل العناصر الأخرى الدخيلة مثل الدين والاشتراكية (شأنها شأن القوميات في العالم الغربي آنذاك التي لا تحتاج إلى أي تبرير أو منطق خارجي، ووجودها العضوي هو المبرر الوحيد). ولهذا، لجأ جابوتنسكي إلى ما سماه «الصهيونية بدون صفات إضافية»، أي القومية اليهودية دون ديباجات أو تبريرات. 
ويرفض جابوتنسكي الدين اليهودي تماماً، فهو يدور في إطار الحلولية بدون إله، ولذا فقد صرح بأن الشعب اليهودي هو المعبد الذي يتعبد فيه. وهو على كلٍّ لم يكن يعرف اليهودية بقدر كاف، وكان يرى أن الصهيونية يجب أن تظل بمنأى عن اليهودية وألا تبتلع إلا أصغر جرعة منها. ولكنه، بطبيعة الحال، لم يمانع في مرحلة لاحقة (بعد عام 1932) في توظيف الدين في خدمة الصهيونية. كما رفض جابوتنسكي الموروث الإثني كمصدر للهوية على عكس دعاة الصهيونية الإثنية، ولذا فقد ذهب إلى إمكان الاستغناء عن هذا الموروث تماماً. بل إنه يذهب إلى أن الموروث الحضاري لليهود "هو الحضارة الغربية نفسها"، فاليهود مُستوعَبون تماماً في الحضارة الغربية.
ولكن ما مصدر خصوصية اليهود؟ يرى جابوتنسكي أن ثمة مصدرين أساسيين: 
أ) أولهما وضع اليهود الشاذ في المجتمعات الغربية، فهم جسم غريب تلفظه هذه المجتمعات، ومن هنا فإن الشعب اليهودي شعب رديء يكرهه جيرانه (وهم على حق في ذلك). ومعنى هذا أن جابوتنسكي يقبل مقولات معاداة اليهود ويجدها استجابة معقولة للشخصية اليهودية وصفة لصيقة بالحضارة الغربية، كما أنه يرى أن الجانب الإيجابي للعداء لليهودية هو أنها تُولِّد إحساس اليهودي بنفسه. 
ب) يرى جابوتنسكي أن العرْق هو المحور الأساسي للمجتمع، بحيث يمكن القول بأن القومية والعرْق كانا بالنسبة إليه شيئاً واحداً. بل يرى أن السمات العرْقية أكثر أهمية من الأرض والدين واللغة والقومية (أي أن المطلق هو العرْق والدم وليس الهوية الإثنية). ولذا، فهو، في حديثه عن الصهيونية، يشير باستخفاف إلى جميع الأحلام الإثنية "مجتمع نموذجي وثقافة عبرية وربما طبعة ثانية من التوارة" مقابل ما يراه الضرورات الواقعية المادية، أي إنقاذ الشعب اليهودي العضوي المنبوذ من الخطر المحدق. 
تترجم هذه المنطلقات نفسها إلى حل وإجراءات، والحل هو إخلاء أوربا من اليهود تماماً، وتصفية الجماعات اليهودية في العالم ونَقْل ملايين اليهود إلى فلسطين ليفرضوا أنفسهم بالقوة كأغلبية سكانية داخل دولة يهودية. وكان جابوتنسكي يؤمن إيماناً قاطعاً بأن الجهود الذاتية للصهاينة لا جدوى من ورائها وأنه لا سبيل إلى النجاح دون الدعم الغربي للمشروع الصهيوني. وستقوم الحكومات الغربية، ومنها تلك التي تقوم باضطهاد اليهود، بالمساعدة في هذه الخطة (أشاد جابوتنسكي في شهادته عام 1937 أمام اللجنة الملكية لفلسطين بجهود الحكومة البولندية الرامية إلى لفت نظر عصبة الأمم والبشرية جمعاء إلى واجب البشرية أن تقدم لليهود منطقة يستطيعون أن يبنوا فيها كيانهم الاجتماعي. وهو يشعر أن مثل هذه الاقتراحات قد تثير الشكوك، ولكنه يرجو ألا توضع مثل هذه الاقتراحات موضع الشبهة بل يجب على العكس أن تُشكَر ويُعترَف لها بفضلها). 
ولكن التحـالف مع إنجلترا (أكبر قـوة استعمارية) هو الحل الحقيقي، فهـو «تحالف عضوي»، وهـناك تماثل كامل في المصالح. ولذا، ساهم جابوتنسكي عام 1928 في تأسيس جماعة بريطانية تطالب بجعل فلسطين دولة صهيونية وجزءاً من الكومنولث البريطاني وهي جماعة الدومنيون السابع (حُلَّت عام 1929 بناءً على نصيحة رئيسها الكولونيل ودجـود بعد أن أخـذت الحكومة البريطانية موقفاً متشـدِّداً من المستوطنين). بل لقد صرح في إحدى المرات بأن ثمة أساساً إلهياً لتحالف يُعقَد بين بريطانيا وفلسطين اليهودية. ورغم هذا الالتزام المبدئي تجاه بريطانيا، فإن الخطة التاكتيكية عند جابوتنسكي كانت تختلف عن خطة وايزمان الذي راهن على حسن نية بريطانيا فاتخذ سياسة تتسم بالذيلية الكاملة. أما جابوتنسكي، فكان يلجأ إلى ما يسميه الضغوط الدولية، وهذا يُفسِّر بحثه الدائم عن حليف غير بريطانيا، فاتصل بموسوليني الذي عبَّر عن إعجابه "بالفاشي جابوتنسكي"، كما اتصل بمعظم حكومات شرق أوربا، وعارض مشروع تقسيم فلسطين وسياسة بريطانيا فيما يخص مسألة الهجرة، وعمل على تشجيع الهجرة غير الشرعية إلى فلسطين. وكان الهدف من هذه التحالفات والمناورات هو الضغط على بريطانيا وليس استبدالها، وقد فشلت كل مساعيه فلم يحقق شيئاً. 
ولعل هذا استمرار لأسلوب هرتزل الدبلوماسي، أي البحث عن راع مع توضيح فائدة الدولة اليهودية له إن وُضعت في خدمته. 
إن نَقْل اليهود، كأغلبية سكانية، سيُحقِّق عدة أهداف من وجهة نظر جابوتنسكي: 
1 ـ تحويل اليهود إلى أمة مثل كل الأمم، أو تطبيع الشخصية اليهودية الهامشية. 
2 ـ تقوم هذه الأمة بخدمة المصالح الغربية في المنطقة وتصبح قاعدة لها. وعلى حد قول نوردو أستاذ جابوتنسكي "سنجيء إلى فلسطين لنوسع حدود أوربا ونصل بها إلى الفرات"، أي أن الدولة الصهيونية ستصبح دولة وظيفية. 
3 ـ بهذه الطريقة سيصبح الشعب العضوي اليهودي جزءاً من الحضارة الغربية، أي أنه سيحقق من خلال التشكيل الإمبريالي الغربي ما فشل في تحقيقه من خلال التشكيل الحضاري الغربي. 
وماذا عن العرب؟ هنا يتضح الجانب الإحلالي من فكرة جابوتنسكي عن الشعب العضوي اليهودي الغربي، فهذا الشعب جزء من عرْق سيِّد، فالتفاوت بين الأجناس الراقية والمتخلفة هو التبرير الأساسي للعملية الاستعمارية. واليهود سيصلون إلى فلسـطين باعتبارهم هذا الجنس المتفوق. ومن ثم، فلا حقوق للعرب، فـهم متخلفون ولن يفهموا طبيعة المسألة اليهودية، ولذا فلا مفر من العنف العسكري لفرض أغلبية يهودية على العرب وإقامة دولة صهيونية على ضفتي نهر الأردن بالقوة. وقد استخدم جابوتنسكي صورة مجازية «الجدار الحديدي» ليصف الطريق الوحيد للاتفاق مع العرب؛ جدار حديدي من الحراب اليهودية. 
نادى جابوتنسكي، خلال الحرب العالمية الأولى، بتجنيد فرقة من الكتائب اليهودية العسكرية لكي تحارب على الجبهة الفلسطينية مع القوات الإنجليزية الغازية لفلسطين. ووصل جابوتنسكي إلى الإسكندرية في ديسمبر 1914، وأسَّس في العام التالي، مع جوزيف ترومبلدور، فرقة البغالة الصهيونية. وقد وافقت الحكومة الإنجليزية عام 1917 على إنشاء الفرقة 38 من الكتائب حملة البنادق الملكية وتَطوَّع فيها جابوتنسكي وأصبح قائدها، وكان يظن أن هذه الوحدة العسكرية الصهيونية هي من الدوافع الأساسية وراء صدور وعد بلفور، وهو ما يبيِّن مدى ضيق أفقه وافتقاره إلى معرفة الدوافع المركبة في السياسة، فالمُخطَّط الإمبريالي البريطاني بشأن فلسطين وُضع قبل الحرب، وكان جزءاً لا يتجزأ من السياسة الإمبريالية البريطانية في المنطقة بعد تقسيم الدولة العثمانية. وقد أصبح جابوتنسكي عضواً في البعثة الصهيونية إلى فلسطين كما أصبح رئيس القسم السياسي فيها. 
لعب جابوتنسكي دوراً أساسياً في تنظيم كتائب الهاجاناه لقمع المظاهرات العربية في القدس عام 1920، وتبنَّى سياسة «الردع النشيط» ضد العرب لإرغامهم على الاعتراف بالوجود اليهودي. ولذا، فقد قامت منظمة الأرجون، بوحي من أفكاره، بإلقاء القنابل على المدنيين دون تمييز لخلق ما سماه «الوقائع الجديدة» التي جاء ديان فيما بعد ليجعل منها محوراً لسياسة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. والهدف من هذه التنظيمات مزدوج، فهي تهدف إلى الدفاع عن المستوطنين ضد السكان الأصليين، ولكنها على حد قول جابوتنسكي خير دفاع عن المصالح الإمبريالية كما أنها حماية لطرق إمدادات الإمبراطورية لحماية المصالح الغربية ضد القومية العربية. وأطروحات جابوتنسكي لا تختلف كثيراً عن أطروحات الصهيونية. ومع هذا، كان جابوتنسكي يُعَدُّ متطرفاً بالمقاييس الصهيونية. فما مصدر هذا التطرف؟ 
يؤمن جابوتنسكي بما كان يسميه «الواحدية» وهي فكرة شمولية تعبر عن نفسها كما يلي: 
1 ـ الإيمان بدور العـقـائد الصافية البســيطة الواضـحة في دفع الجماهير. بل إنه كان يرى في خضوع الجماهير للقائد بعداً جمالياً (ففي روايته شمشون يعبِّر البطل عن إعجابه بنظام الفلستيين الوثني وخضوعهم الكامل للكهنة).
2 ـ الإيمان بفكرة اليهودي الخالص الذي لا تشوبه أية شائبة، فاليهود الذين يحاولون الاستيطان في فلسطين ليسوا بورجوازيين أو بروليتاريا وإنما هم مجرد رواد ليس لهم انتماء طبقي. 
وهذه الواحدية الصريحة هي ما يُميِّز جابوتنسكي عن كل المفكرين الصهاينة، فهو يرفض الديباجات، كل الديباجات، ليبرالية كانت أم عمالية، علمانية كانت أم دينية. فالصهيونية مكتفية بذاتها، ومن ثم فلا داعي للتاكتيكات والمناورات، ولا مبرر للمراوغة وعدم المجاهرة. وموقف جابوتنسكي هذا ينم عن السذاجة والجهل بطبيعة العمل السياسي، وخصوصاً إذا كـان ثمـة ساحـات كثيـرة (فلسـطين ـ يهـود العالم ـ الدولة الإمبريالية الزراعية).
وكان في وسع الحركة الصهيونية امتصاص التيار التصحيحي وتوظيفه في المجالات التي يريدها وبالطريقة التي تروق لقادته، فالمجال كان دائماً مفتوحاً أمام الجميع. ولكن جابوتنسكي وأعوانه تَحدّوا المؤسسة الصهيونية لا عن طريق طرح فكر يميني متطرف، فالفكر الصهيوني ابتدأ فكراً استعمارياً استيطانياً، وإنما برفض بعض القواعد الخاصة بطريقة تناول الأمور، وهو تحدٍّ يدل في نهاية الأمر على قصر نظر جابوتنسكي وهو ما جعله يبدو متطرفاً من منظور صهيوني. 
وأول نقط الاختلاف رفضه الخطاب الصهيوني المراوغ، إذ كان يرفض الشعار الداعي إلى الصمت والعمل والابتعاد عن السياسة والتظاهر "بأننا نذهب إلى فلسطين لمجرد حرث الأرض". فقد كان يؤمن بضرورة الإيضاح والإعلان عن الأهداف دون مواربة، وهي مسألة غير عملية ولا واقعية ولا تعود على الصهاينة بأية فائدة. وحينما اكتفت سلطات الانتداب البريطاني مثلاً بنقش حرفيE.I. (وهما اختصار عبارة «إرتس يسرائيل Eretz Israel») على العملة في فلسطين بدلاً من نقش الكلمتين كاملتين (وهذا حل مراوغ) رفض جابوتنسكي الأمر وطالب بأن يُكتَب الاسم كاملاً أو أن لا يكتب على الإطلاق. كما طالب بأن تُعلن الحركة الصهيونية بكل وضوح أن هدفها هو إنشاء دولة يهودية، وهو هدف كان الجميع متفقين عليه منذ أيام بنسكر، وهم يتحدثون عنه ولكنهم يؤثرون عدم إعلانه، لأن الصياح والإفصاح لا يفيدان في رأيهم. أما العرب، فكان جابوتنسكي يطالب بأن تُوضَّح لهم الأمور (أي أنهم سيتم طردهم)، إذ أن المشروع الصهيوني، سيتم بكل بساطة كما يتم أي مشروع استعماري كبير. وهو أمر كان مُتفَّقاً عليه تماماً، ولا ينصرف الاخـتلاف بين الصــهاينة إلا إلى جدوى الإعلان عن الأهداف النهائية. 
وثاني أوجه الاختلاف بين جابوتنسكي والمنظمة هو إصراره على حـل الحـد الأقصى الذي يتســم بالشمول والفورية. ومرة أخرى، لم يكن ثمة اختلاف على الهدف، فالاختلاف كان على طبيعة المرحلة. وعلى سبيل المثال، كان جابوتنسكي يرى أن الدولة المزمع إنشاؤها يجب أن تتم دفعة واحدة عن طريق رفع قيود الهجرة إلى فلسطين ونقل اليهود وطرد العرب، ومن هنا كان لجوؤه إلى عقد اتفاق مع حكومة بولندا في نهاية الثلاثينيات (1938) يقضي بتهـجير ملــيون ونصف مليون يهودي إلى فلسطين خلال عشر سنوات، وذلك بهدف خلق أغلبية يهودية فورية في فلسطين. وكان جابوتنسكي يتصوَّر أن هذا ممكن مع تفاقم ظاهرة العداء لليهود في بولندا التي كانت تضم آنذاك أكبر جماعة يهودية في العالم. والرؤية الطفولية الساذجة نفسها تكمن وراء أوهامه المتعددة في أن يصل الدعم الإمبريالي دفعة واحدة وأن تُقام الدولة على ضفتي نهر الأردن وأن تُصادَر جميع الأراضي العامة المنزرعة في فلسطين وأن تُوضَع تحـت تَصرُّف الحــركة الصهيونية. وكلها أهداف صهيونية كامنة. كما كان جابوتنسكي ينادي بضرورة تصفية الجماعات اليهودية في الخارج وعبرنة التعليم، أي جَعْله تعليماً قومياً عضوياً يعبِّر عن الذات القومية ويؤدي إلى تطبيع اليهود تطبيعاً كاملاً. وهذه موضـوعات قـديمة ومطروحــة في أدبيــات الصهاينة من كل الاتجاهات، ولكن الإصرار عليها في تلك المرحلة كان من الممكن أن يَنتُج عنه صدع في القيادة الصهيونية وانشقاقات في المنظمة. 
والواقع أن التحالف مع الاستعمار الغربي كان قائماً بالفعل، ولكن هناك صعوبات خاصة بسبب طبيعة المادة البشرية المُستهدَفة وطبيعة ساحة القتال في فلسطين. فالدولة الراعية التي يعتمدون عليها لها مصالح عالمية ليست بالضرورة متفقة تمام الاتفاق مع مصالح المستوطنين، من ذلك رغبة الإمبراطورية في عدم الدخول في صراع مع القومية العربية أثناء الحرب. ولذا، كان ضرورياً أن تُظهر القيادة الصهيونية تَفهُّماً لهـذه الرغبـة وأن تأخـذ الحسـاسيات في الاعتبار، الأمر الذي لم يدركه جابوتنسكي حينذاك ولا أدركه أتباعه (وقد أدركه شتيرن وبيجين بدرجة أقل فيما بعد). أما تصفية الدياسبورا، فهو تَجاهُل لحقيقة وجود صهيونيتين. وقد كان المستوطنون الصهاينة يعتمدون كل الاعتماد على الصهاينة التوطينيين في الخارج، وخصوصاً في مرحلة ما قبل إنشاء الدولة. 
أما الوجه الثالث من أوجه الاختلاف، فهو إصراره على الاقتصاد الحر وتقوية البورجوازية اليهودية في فلسطين (ومن هنا صُنِّف فكره خطأً باعتباره فكراً يمينياً). ولم يكن العماليون يمانعون في التعاون معه حين يكون ثمة مجال للتعاون، فقد كانوا في نهاية الأمر يتعاونون مع السلطات الاستعمارية غير الاشتراكية ومع يهود الخارج البورجوازيين. ولكن طبيعة الاستعمار الصهيوني الاستيطانية الإحــلالية هي التي فرضت عليهم أسـلوباً جـماعياً عمالياً، وهو أسلوب لا يرتبط بالضرورة بأي مضمون اشتراكي إنساني حتى لو استُخدمت ديباجة اشتراكية لتسـويغه. فالمستوطنون الأوائل في الولايات المتحدة من طائفة البيوريتان، وفلسفتهم في الحياة فلسفة فردية متطرفة، وكان ماكس فيبر يعتبرها الأساس الفلسفي لعملية التراكم الرأسمالي، ومع هذا تبنوا أشكالاً جماعية في الاقتصاد والحياة كضرورة استيطانية، إذ هل يمكن حرث الأرض وقتل أصحابها الأصليين في إطارالمشروع الحر؟ وهكذا، لم يكن هناك مجال للتعاون بسبب طبيعة الموقف نفسه لا بسبب الاختلافات على التوجُّه السياسي. 
ولقد أطلق بن جوريون على جابوتنسكي اسم «تروتسكي الحركة الصهيونية»، وهذا يعني أنه شخص يصر على الحد الأقصى والحلول الشاملة ويجاهر بذلك ولا يدرك طبيعة المرحلة متجاهلاً أن من الممكن تحقيق الشيء نفسه ببطء مع إطلاق شعارات هادئة جميلة عن الأخوة والتضامن. ولعل هذا يفسر نجاح العماليين فيما فشل فيه جابوتنسكي. فتاريخ الاستيطان (بشقيه الزراعي والعسكري) هو تاريخ الصهيونية العمالية. 
ولا يعني هذا أن أتباع جابوتنسكي لم يلعبوا دوراً في تأسيس الدولة، فقد استمروا في جهودهم الاستيطانية العسكرية التي كانت تستفيد منها المؤسسة العمالية في نهاية الأمر. ولم يَدُم انشقاقهم طويلاً على كل حال، فقد مات جابوتنسكي عام 1940 وحل محله بيجين في قيادة هذا الاتجاه. وفي منتصف الأربعينيات، بدأ التعاون مرة أخرى مع العماليين، وعادت المنظمة الصهيونية الجديدة إلى صفوف المنظمة الأم عام 1946 بعد أن أصبح موقفهما متفقاً تجاه كل القضايا، واشترك الجميع في المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرين (1946). وتُعَدُّ مذبحة دير ياسين، وهي من أكثر العمليات الإرهابية الصهيونية اتقاناً ونجاحاً، ثمرة هذا التعاون، إذ قام بها فريق من جماعة الأرجون ذات التوجه التصحيحي بالتعاون مع الهاجاناه التي يسيطر عليها العماليون. وقد استنكر الصهاينة العماليون هذه العملية الإرهابية، ولكن من الثابت تاريخياً أنه تم التنسيق المسبق بشأنها بين الاتجاهين الصهيونيين الاستيطانيين. وقد صدرت أعمال جابوتنسكي الكاملة بالعبرية في إسرائيل.
ماكس بودنهايمر (1865-1940) Max Bodenheimer 
زعيم صهيوني ألماني. درس القانون في جامعة شتوتجارت وعمل بالمحاماة بعض الوقت. وفي عام 1891 نشر كتيباً دعا فيه إلى إقامة مستعمرات في سوريا وفلسطين لليهود الروس المضطهدين. وبعد ذلك بعامين، أسَّس مع ديفيد ولفسون جمعية صهيونية في كولونيا تُدعَى «المنظمة اليهودية القومية». وبعد صدور كتاب هرتزل دولة اليهود، أصبح من أشد مؤيديه، وكان عضواً في رئاسة المؤتمر الصهيوني الأول (1897)، وساهم في صياغة الأهداف الصهيونية الواردة في برنامج بازل. ثم عمل نائباً للرئيس في المؤتمرات الصهيونية التالية، ووضع مسودة لوائح المنظمة الصهيونية العالمية. 
في عام 1898، كان بودنهايمر عضواً في الوفد المرافق لهرتزل في لقــاءاته مع القيـصر الألماني ولهلم الثاني، وزار فلسطين وإستنبول. شارك في تأسيس المنظمة الصهيونية الألمانية وتولَّى رئاستها بين عامي 1897 و1910، كما كان رئيساً للصندوق القومي اليهودي في الفترة من 1907 وحتى 1914 ووضع لائحته التأسيسية. وأثناء الحرب العالمية الأولى، أسَّس في برلين لجنة تحرير اليهود الروس (سُمِّيت فيما بعد «لجنة الشرق»). وكانت هذه اللجنة بمنزلة حلقة الاتصال بين يهود اليديشية وقوات الاحتلال الألمانية التي كانت تود تجنيد اليهود المتحدثين باليديشية باعتبارهم ألماناً، وذلك حتى تزيد من الكثافة السكانية الألمانية في المناطق السلافية المختلفة. تعاون مع التصحيحيين بين عامي 1929 و1934، ولكن لم ينشق معهم عن المنظمة الصهيونية العالمية. وقد استقر بودنهايمر عام 1935 في فلسطين حيث شارك بالكتابة في عدد من الدوريات الصهيونية، ونشرت مذكراته بالعبرية والإنجليزية والألمانية. كما كَتَب عام 1933 مسرحية عن حياة المسيح. 
يتسحاق جروبناوم (1879-1970) Yizhak Gruenbaum 
أحد قادة الاستيطان الصهيوني، وقائد الجناح الرايكالي داخل تيار الصهيونية العامة، وأول وزير داخلية في إسرائيل. وُلد في بولندا وشارك بنشاط في الأنشطة الصهيونية في صدر شبابه، وصار عضواً في المؤتمرات الصهيونية منذ المؤتمر السابع (1905)، وأصدر عدة صحف في روسيا وبولندا. كان نشيطاً في الحركة السياسية البولندية قبل بعد استقلالها عن روسيا، وقد انتُخب عضواً في السييم (البرلمان البولندي) منذ عام 1918 وحتى عام 1932 حين هاجر إلى باريس. وخلال هذه الفترة، نظَّم «كتلة الأقليات» في البرلمان، ودافع بشدة عن الحقوق الاجتماعية والسياسية للأقليات. وبعد هجرته إلى باريس، أصبح عضواً في المكتب التنفيذي للمنظمة الصهيونية ومسئولاً عن النشاط التوطيني والاستيطاني. 
كان من أشد معارضي عملية توسيع الوكالة اليهودية وضم غير الصهاينة لها. وكان من المدافعين بضراوة عن علمنة الحركة الصهيونية الأمر الذي جلب عليه عداء الأحزاب الدينية. وأثناء اضطهاد النازي للأقليات وإبادته لها، كان جرونباوم من أشد المعارضين لبذل أية جهود لإنقاذ يهود أوربا، فقد كان يرى أن الدياسبورا لا قيمة لها وأن حياة أية بقرة في فلسطين أكثر أهمية من حياة عشرات اليهود في الدياسبورا. عُيِّن عضواً في الحكومة الإسرائيلية المؤقتة في 1948 ـ 1949 (وهي الحكومة التي أجرت انتخابات الكنيست الأول)، واشترك في الانتخــابات، ولكنه فشل. تضاءل دوره بعد ذلك في الحياة السياسية، ولكنه ظل يكتب لفترة في جرائد حزب المابام. ومن أهم أعماله الأدبية إشرافه على تحرير موسوعة الدياسبورا (1953 ـ 1959). 
ماير جروسمان (1888-1964) Meir Grossman 
صحفي وقائد صهيوني من التصحيحيين، وُلد في بروسيا. انخرط في الحركة الصهيونية منذ شبابه المبكر، وعاش لفترة في وارسو حيث كتب في الصحافة اليديشية. درس في برلين، ورأس تحرير صحف الحركة الطلابية الصهيونية هناك. ومع بداية الحرب العالمية الأولى، دافع عن آراء فلاديمير جابوتنسكي الداعية لإنشاء فيلق يهودي يحارب مع الحلفاء وذهب إلى لندن حيث أصدر صحيفة يديشية تدعو لهذا. ورحل جروسمان بعد فترة بسبب متاعب مالية إلى كوبنهاجن. وبعـد ثورة فـبراير في روسـيا (عام 1917)، عاد إلىها. وبعد ثورة أكتوبر، سافر إلى أوكرانيا حيث شارك بنشاط في الحركة الصهيونية. وبعد انتصار البلاشفة على القوميين الأوكرانيين بقيادة بتليورا، رحل جروسمان إلى الولايات المتحدة ليدعو لنجدة اليهود من البلاشفة. وفي عام 1919، شاركه جيكوب لانداو في إنشاء مكتب الاتصالات اليهودي. وأسَّس عام 1925 نشرة كانت تَصدُر باللغة الإنجليزية في القدس بالسـتاين بوسـت، والتي تحوَّلت فيما بعد إلى جيروسـاليم بوست. اشترك مع جابوتنسكي في إنشاء الحزب الصهيوني التصحيحي، لكنه خالفه في مسألة الانفصال عن المنظمة الصهيونية الجديدة عام 1933 وانشق ليُكوِّن حزب الدولة اليهودية. استقر جروسمان في فلسطين منذ عام 1934 وأصبح مديراً في بنك. وقد ألقَى هناك خطاباً فَضَح فيه مباحثات وايزمان مع وزير المستعمرات البريطاني بشـأن التقسـيم، الأمر الذي أدَّى إلى تعليق عضويته في المنظمة الصهيونية. وهاجر جروسمان إلى الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم عاد إلى فلسطين وشارك في حزب الصهيونيين العموميين. واستمر في عمله الصحفي منهياً حياته السياسية بالانفصال عن الحزب الليبرالي الجديد، لكنه أبدى اهتماماً بقضايا اليهود السوفييت وأصدر عدة مطبوعات بالروسية في إسرائيل.


الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب العاشر: الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الرابع: الجـباية الصهيونية
» الباب التاسع: الصهيونية السـياسية
» الباب الثانى: التيارات الصهيونية
» الباب الحادى عشر: الصهيونية العمالية
» الباب الرابع عشر: الصهيونية الإقليمية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: مـوسـوعة الـيـهـــود-
انتقل الى: