كتاب احتفالات عيد الفصح (هاجاداه) Haggadah
«هاجاداه» كلمة عبرية معناها «القص» أو «القول»، وهي الصيغة الثابتة التي تُروَى بها قصة الخروج في الليلة الأولى من احتفالات عيد الفصح، وهي جزء من السدر (النظام). والنطاق الدلالي للكلمة مرن، فهي قد تُستخدَم للإشارة إلى كل السدر، كما تُستخدَم للإشارة إلى الكتب التي تحوي القصة، أو تشير إلى كتب السدر نفسـها. وهي تشير أيضاً إلى مجموعة الصلوات والأدعية والتعليقات المدراشية والمزامير وقصة العبودية في مصر والخروج منها، وإلى شكر الإله على تخليص اليهود من العبودية والتوسل إليه أن يخلصهم في العام القادم.
وسرد قصة الخروج فرض ديني، فقد جاء في سفر الخروج (13/8): « وتخبر ابنك في ذلك اليوم قائلاً من أجل ما صنع إليّ الرب حين أخرجني من مصر». ويكتفي القراءون بقراءة الفقرات المناسبة في العهد القديم، ولكن اليهود الحاخاميين يفضلون أن يأخذ القص شكل العرض والتفسير المدراشي لهذه الفقرات، فتأخذ شكل أسئلة وأجوبة. ويطرح هذه الأسئلة أصغر الأطفال الموجودين في المأدبة، فيقول: «ماه نيشتاناه»: أي "لم هذه الليلة مختلفة عن بقية الليالي؟"، ثم يتبعه بأربعة أسئلة عن خبز الفطير (متسوت)، والأعشاب المرة (مارور)، وعن عادة الاضطجاع أثناء الأكل. والإجابة عن هذه الأسئلة هي الهاجاداه بالمعنى المحدد للكلمـة.
وهي تأخـذ أيضاً شـكل صيغة ثابتـة مقررة من قبل، فتبدأ الإجابة بالإشارة إلى أن اليهود كانوا عبيداً في مصر، يتبعها بعض التعليقات المدراشية على فقرات من سفر التثنية (26/5 ـ وذكر الأوبئة العشرة، ثم تُتلى أنشودة شكر.
وكتب الهاجاداه مكتوبة بالعبرية وبها بعض العبارات الآرامية، وهي عادةً محلاة بالصور. وتحتفظ كثير من الكيبوتسات في إسرائيل بهاجاداه خاصة بها، مُصوَّرة تصويراً خاصاً، ولها ألحانها الخاصة أيضاً. كما أصدر الجيش الإسرائيلي هاجاداه خاصة به محلاة بصور عسكرية، وتهدف هذه الطبعة إلى المزج بين كل المهاجرين الذي يتسمون بعدم التجانس الثقافي. وقد بدأت بعض الجماعات اليهودية مؤخراً في إصدار طبعات من الهاجاداه تحذف بعض الصيغ التقليدية، وتضيف مادة جديدة مثل الإشارة إلى الحركة الصهيونية وتأسيس إسرائيل.
وقد ألَّف الكاتب الإسرائيلي حاييم حزاز هاجاداه إسرائيلية حديثة تماماً للاحتفال بعيد الاستقلال لا بعيد الفصح، باعتبار أن استقلال إسرائيل أكثر أهمية من الخروج القديم من مصر فهو يمثل التحرر الحقيقي والكامل لليهود من كل بلاد العبودية. كما وضعت بعض مفكرات حركة اليهودية المتمركزة حول الأنثى كتاب هاجاداه خاصاً بالنساء، فبدلاً من كأس النبي إلياهو وضعن كأس الكاهنة مريم وبدلاً من الأبناء الأربعة نجد البنات الأربع، وهكذا. كما وضعت إحدى الجماعات اليهودية المدافعة عن البيئة هاجاداه «بعد تحرير الحمل»، أي أنه لا يتم التضحية بالحمل أو أكل لحمه ويُكتفى بأكل الأعشاب والخضروات.
الميمونــه Maimuna
يُقال إن كلمة «الميمونه» تعود إلى كلمة «ميمون» العربية بمعنى «السعيد»، و«الميمونه» احتفال يعقده يهود المغرب، وكثير من العرب اليهود، في آخر يوم من أيام عيد الفصح. وهو اليوم الذي يوافق ذكرى وفاة ميمون بن يوسف (والد موسى بن ميمون) الذي عاش في فاس لبعض الوقت. وفي هذا اليوم، تُصَف على الموائد تلك الأطعمة والمشروبات التي لها دلالة رمزية مثل دوارق اللبن الحلو، وأكاليل أوراق الشجر والزهور، وغصون شجر التين، وسنابل القمح، كما يوضع دورق فيه سمكة حية (رمزاً للخصوبة). ويتضمن الطعام خساً يُغمَس في العسل واللبن المخيض، وفطائر مغطاة بالزبد والعسل.
ويُوضع إناء فيه دقيق، داخله بعض الأشياء والحلي الذهبية (رمزاً للثراء)، وإناء فيه خميرة (لخَبْز أول رغيف بالخميرة بعد انتهاء الحظر على استخدامها). وأحياناً يُوضع طبق من الدقيق عليه خمس بيضات، وخمس حبات فول وبلح. وفي ليلة هذا الاحتفال، لا يأكل اليهود سوى منتجات الألبان وبسكوبت صُنع بطريقة خاصة تُسمَّى «موفليتا»، ولا يأكلون أي نوع من اللحم. كما أنهم يزورون بعضهم البعض ويتبادلون الطعام. وفي يوم الميمونه نفسه، يخرج اليهود إلى الحقول والمقابر والشواطئ. ويحتفل يهود المغرب في إسرائيل بالميمونه، وهو ما يثير حفيظة اليهود الإشكناز بسبب طابعه الشرقي.
عـــيد الاســـتقلال Independence Day
«عيد الاستقلال» ترجمة لعبارة «يوم هاعتسماءوت» العبرية. و«عيد الاستقلال» هو العيد الذي يحتفل فيه الإسرائيليون بإنشاء الدولة الصهيونية (يوم 14 مايو حسب التقويم الميلادي، 5 إيار حسب التقويم اليهودي). ويشير له الفلسطينيون باصطلاح «النكبة»، باعتبار انه ذكرى ما حل بهم من تشريد نتيجة لاغتصاب المستوطنين الصهاينة لواطنهم. وإذا كان يوم 5 إيار يوم جمعة أو سبت، فإن الاحتفال بالعيد يكون يوم الخميس الذي يسبقه ويكون عطلة رسمية في إسرائيل. وتبدأ احتفالات العيد على جبل هرتزل في القدس بجوار مقبرته.
ويبدأ المتحدث باسم الكنيست الاحتفال بأن يوقد شعلة، ثم اثنتى عشرة شعلة أخرى رمزاً للقبائل العبرية الاثنتى عشرة، ثم يسير حملة المشاعل في استعراض. وكان الاستعراض العسكري للقوات المسلحة الإسرائيلية، والذي كانت تُعرَض فيه أحدث الأسلحة التي حصلت عليها الدولة، أهم فقرات الاحتفال، ولكنه توقَّف بعد عام 1968. وقد حل محله الآن اسـتعراض عسـكري لفصائل الجـدناع. وتُقام احتفالات رياضية وراقصة، كما تُمنَح جوائز إسرائيل في ذلك اليوم. وينتهي الاحتفال بإطلاق المدافع، على أن يكون عدد الطلقات مساوياً لعدد سني الاستقلال، ولهذا فقد أُطلقت أربعون طلقة عام 1988.
وداخل الإطار الحلولي، يكتسب الاحتفال بمناسبة قومية أبعاداً دينية ويكون للاحتفال جانب ديني، وقد قررت الحاخامية الكبرى في إسرائيل أن يبدأ الاحتفال بقراءة المزامير (107، 97، 98)، وينتهي بالنفخ في البوق (شوفار) الذي لا يُستخدَم إلا في المناسبات الدينية الجليلة مثل عيد رأس السنة (روش هشَّاناه). وتُتلى العبارات التالية: « فلتكن مشيئتك أن تجعل من نصيبنا أن نسمع الشوفار يعلن مقدم الماشيَّح سريعاً، كما جعلت من نصيبنا أن نرى بداية الخلاص». وتُعدَّل الصلـوات في ذلك اليوم، كما هـو الحـال دائماً مع الأعياد اليهودية.
وبرغم صبغ المناسبة القومية بصبغة دينية فاقعة، فإن بعض العناصر التي يقال لها «دينية» في إسرائيل لا ترى أن تعبير الحاخامية عن أهمية المناسبة كاف. وبالفعل، فقد أدخلت هذه العناصر كثيراً من التعديلات على الصلوات، كما قرروا قراءة أجزاء من التوراة (من سفر التثنية 7/1ـ 8/18 و30/1 ـ 10). وهناك دعوة الآن إلى إلغاء يوم الصيام الخاص بهدم الهيكل وبسقوط القدس في أيدي الرومان باعتبار أنه تم استردادها كما تم إنشاء الهيكل الثالث (الدولة الصهيونية).
وقد قامت الأوساط غير الدينية، هي الأخرى، بصياغة قراءات وأدعية للاحتفال بهذا اليوم على نمط الاحتفال بعيد الفصح. وقد كتب المؤلف الإسرائيلي حاييم حزاز هاجاداه للجيش الإسرائيلي بهذه المناسبة. أما وزارة المعارف، فقد نشرت مختارات وأدعية، وقررت شـرب ثلاث كؤوس من الخمر (على غرار الكؤوس الأربعـة في عيد الفصح): أولاها للدولة، والثانية للقوات المسلحة، والثالثة للشعب اليهودي. ومن بين الإضافات الأخرى، إعلان عدد السنوات التي مرت منذ استقلال الدولة قبل النفخ في البوق (شوفار) في صلاة المساء، وهم في هذا يتبعون نمطاً دينياً معروفاً لدى يهود اليمن الذين يتبعون النهج السفاردي، إذ يُتلى دعاء يذكر فيه المصلون السنوات التي مرت منذ هدم الهيكل.
أما العبارة التي تُتلى في عيد الاستقلال في إسرائيل، فهي: "اسمعوا يا إخوتي،... اليوم [كذا] مضت [كذا] سنوات منذ بداية خلاصنا، وعلامته تأسيس الدولة". ولعل تغيير الصلوات والأدعية للتعبير عن المناسبة القومية، وكذلك صياغة الاحتفال بعيد الاستقلال على نمط الأعياد اليهودية، وخصوصاً عيد الفصح، تعبير آخر عن تداخل الجانب الديني والجانب القومي، والمطلق والنسبي، الذي هو بدوره تعبير عن الطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي اليهودي.
ويحتفل نواطير المدينة، وهي جماعة يهودية معادية للصهيونية، بيوم الاستقلال على أنه يوم صوم وحداد، ويحرقون فيه علم إسرائيل. هذا، وعادةً ما تُستخدَم كلمة «استقلال» في العالم الثالث للإشارة إلى استقلال بلد مُستعمَر في آسيا أو أفريقيا عن القوة الإمبريالية الغربية التي تستعمره. أما بالنسبة إلى إسرائيل، فقد تم إعلان الدولة الصهيونية حينما نجح المستوطنون الصهاينة، بمعاونة الإمبريالية الغربية، في احتلال جزء من فلسطين، وفي طرد جزء كبير من سكان البلد الأصليين، وفرضوا وجودهم فرضاً عن طريق القوة المسلحة، أي أن ما يُسمَّى «الاستقلال الإسرائيلي» هو في واقع الأمر «احتلال واستيطان وإحلال» من منظور الفلسطينيين الذي فقدوا أرضهم.
ويسبق عيد الاستقلال، يوم الذكرى، وهو يوم إحياء ذكرى الجنود الــذين ســقطوا في حـرب 1948. وكانت إسرائيل قد أعدت لاحتفالات ضخمة للذكرى الأربعين لإنشاء الدولة، كما أعدت لعمل إعلامي ضخم. ولكن اندلاع الانتفاضة فوَّت الفرصة على الصهاينة إذ أن الصحافة العالمية ركزت اهتمامها على الفلسطينيين، وعلى إبداعهم في نضالهم اليومي ضد الدولة الصهيونية.
يــــوم الذكـــــرى Remembrance Day
«يوم الذكرى» هو ترجمة لعبارة «يوم هازيخارون» العبرية. و«يوم الذكرى» هو يومٌ يقيمه المستوطنون الصهاينة قبل يوم 5 إيار، وهو اليوم الذي يحتفلون فيه بعيد الاستقلال. ويكرَّس هذا اليوم لذكرى الجنود الذين سقطوا في حرب 1948 والحروب التي تلتها، ويبدأ هذا اليوم بإطلاق صفارة إنذار في كل أنحاء الدولة في مغرب اليوم السابق، فتُنكَّس الأعلام، وتُغلَق دور اللهو بأمر القانون، وتُقام الصلوات في المعابد اليهودية، وتُوقَد الشموع فيها، كما تُعلن صفارات الإنذار في الصباح عن دقيقتي حداد يتوقف فيهما النشاط تماماً في الدولة الصهيونية بكاملها. ثم تُطلَق صفارة إنذار أخرى للإعلان عن انتهاء اليوم وبداية عيد الاستقلال. ويُتلى في الصلوات التي تُقام في ذلك اليوم المزمور (144) الذي يقول: "مبارك الرب صخرتي الذي يُعلِّم يدي القتال وأصابعي الحرب ". وقد لاحَظ الفيلسوف الديني الإسرائيلي اليهودي يشياهو لابيوفيتش أن الاحتفال بيوم الذكرى يزداد حدة عاماً بعد عام لأن قائمة أسماء الضحايا تزداد يوماً بعد يوم.
عيد الأسابيع (شفوعوت) Shavout
«عيد الأسابيع» يشار إليه بالعبرية بكلمة « شفوعوت» أي «الأسابيع». وعيد الأسابيع أحد الأعياد اليهودية المهمة، فهو من أعياد الحج الثلاثة، مع عيد الفصح وعيد المظال جنباً إلى جنب. ويأتي هذا العيد بعد سبعة أسابيع من عيد الفصح ومن هنا تسميته. ومدة هذا العيد يومان، هما السادس والسابع من شهر سيفان (9 - 10 يونيه)، وهو بهذا يُعتبَر من أعياد الحصاد. وكان يهود مصر الذين لا يعرفون العبرية يسمونه باليونانية «بنتيكوست»، ويعني «الخمسين»، لأنه كان يقع بعد مرور تسعة وأربعين يوماً، أو بعد سبعة أسابيع من اليوم الذي يقدِّم فيه الفلاحون اليهود أولى ثمار الحصاد (بكوريم)، مع رغيفين، إلى الكهنة في الهيكل.
لكن هذا العيد ليس عيداً زراعياً وحسب، وإنما هو أيضاً عيد له مناسبة تاريخية، وهي نزول التوراة والوصايا العشر على موسى فوق جبل سيناء، فهو إذن عيد زواج الإله بالشعب. ولذا، فهم يزينون المعابد بالزهور والنباتات ويقيمون حفل زفاف للتوراة وكأنها عروس. أما في التراث القبَّالي، فإن الليلة السابقة على العيد هي الليلة التي تُعدُّ فيها العروس نفسها للزواج من العريس. ولهذا، فإن كل من يقرأ في كتب العهد القديم الأربعة والعشرين ويفسرها تفسيراً صوفياً حلولياً، يُعتبَر وكأنه يُزيِّن العروس. وأثناء الليل، يصبح القبَّالي الدارس للتوراة شاهداً على زفاف التوراة (أو الشخيناه) إلى الإله.
وإذا سئل العريس (الإله) في اليوم التالي عمن زيَّن الشخيناه، فستكون الإجابة: إنه ذلك العارف بأسرار القبَّالاه. وقد تطورت طريقة الاحتفال حتى أنه (في اليوم التالي) كان أحد اليهود يرفع التوراة قبل قراءة الوصايا العشر، ثم يقرأ عقد زواج بين العريس (الرب) والعذراء (جماعة يسرائيل) التي هي أيضاً الشخيناه. وقد أوحى إليهم الرقم 49، وهو حاصل ضرب 7*7، بتأويلات صوفية حلولية عديدة، فهو يمثل الفترة التي قضاها أعضاء جماعة يسرائيل في الصحراء بعد خروجهم من مصر إلى أن حان وقت خلاصهم وزواجهم بالتوراة.
ويُقرَأ في هذا العيد سفر راعوث، وهي امرأة من مؤاب تهودت وأظهرت ولاءً للشعب اليهودي. ويُقال أيضاً إن الملك داود، وهو من نسل راعوث، تُوفي في ذلك اليوم. كما تَرد في سفر راعوث إشارة إلى الشعير والقمح. وفي إسرائيل يأخذ أعضاء مزارع الكيبوتس والموشاف باكورة إنتاج الأرض، ويقدمونه لا إلى الهيكل، وإنما إلى الصندوق القومي اليهودي.
التاسع من آف Ninth of Av
«التاسع من آف» ترجمة لعبارة «تشعاه بآف» العبرية. وهو يوم صوم وحداد عند اليهود في ذكرى سقوط القدس وهدم الهيكلين الأول والثاني (وهما واقعتان حدثتا في التاريخ نفسه تقريباً حسب التصور اليهودي). وتربط التقاليد اليهودية بين هذا التاريخ وكوارث يهودية أخرى يُقال إنها وقعت في اليوم نفسه، حتى وإن كان الأمر ليس كذلك، مثل: سقوط قلعة بيتار (135م)، وطرد اليهود من إنجلترا (1290)، وطردهم من إسبانيا (1462).
ويُقرَأ كتاب المراثي في المعبد اليهودي بعد صلاة المساء في هذا العيد. كما تُقرأ أثناء صلاة الصباح، أو بعدها، مراث تتناول كوارث التاريخ اليهودي في ضوء شموع خافتة، ويجلس المصلون إما على الأرض أو يجلسون على مقاعد منخفضة (علامة الحداد). ويزور اليهود المدافن في ذلك اليوم، ويصلون من أجل عودة جماعة يسرائيل إلى فلسطين. وفي التاسع من آب، يُحرَّم الاستحمام والأكل والشرب والضحك والتجمل، ولا يحيي المصلون بعضهم البعض في ذلك اليوم.
ويُقال إن الماشيَّح سيولد في التاسع من آف ـ ولذا، فإن بعض نساء اليهود يمسحن شعورهن بالزيت. ولا يحتفل اليهود الإصلاحيون بهذا اليوم. وقد اقترح مناحم بيجين أن يُحتفَل بذكرى الإبادة في التاسع من آب، ولكن المؤسسة الدينية رفضت اقتراحه بدعوى أن التاسع من آب مناسبة دينية، أما الإبادة فليست كذلك.
بهجة التوراة (سمحات توراه) Simchat Torah
«بهجة التوراة» ترجمة لعبارة «سمحات توراه» العبرية، وهو عيد يلي اليوم الثامن الختامي (شميني عتسيريت) وهو اليوم الأخير من عيد المظال. وخارج فلسطين، يُدمَج العيدان، ويُحتفَل بهما في يوم واحد. وهو عيد ظهر متأخراً في العراق (في القرن التاسع أو العاشر). وهو أيضاً اليوم الذي تُختَتم فيه الدورة السنوية لقراءة أسفار موسى الخمسة في المعبد. ويُحتفَل به داخل المعبد بأن تُحمَل لفائف الشريعة، ثم يتم الطواف بها سبع مرات (أما الأولاد، فإنهم يحملون الأعلام الصغيرة ويسيرون أمام الكبار).
ويُسمَّى كل طواف باسم أحد الآباء؛ فالطواف الأول باسم إبراهيم، والثاني باسم إسحق، والثالث باسم يعقوب، والرابع باسم موسى، والخامس باسم هارون، والسادس باسم يوسف، والسابع باسم داود. ويُقرَأ في هذا الاحتفال آخر سفر من أسفار موسى الخمسة. والمصلي الذي يقوم بالقراءة يُطلَق عليه اسم «عريس التوراة». ثم يُدعَى مصلٍّ آخر، ويُسمَّى «عريس سفر التكوين» ليبدأ الدورة السنوية لقراءة أسفار موسى الخمسة مرة أخرى. ويُسمَّى القارئ باسم «العريس» لأن التوراة عروس جماعة يسرائيل، وكل قراءة جديدة هي بمثابة حفل عرس متجدد.
وقد سُمِّي هذا العيد بعدة تسميات، إلى أن استقر اسمه على ما هو عليه. ففي فترة التلمود، كان يُسمَّى «آخر أيام العيد». وعلى أيام الفقهاء (جاءونيم)، كان يُسمَّى «يوم الكتاب» و «يوم النهاية». ولم يُسمَّ «سمحات توراه» إلا في آخر أيام هؤلاء الفقهاء.
عيد الثامن الختامي (شميني عتسيريت) Shemini Atzeret
«الثامن الختامي» تُطابق العبارة العبرية «شميني عتسيريت». وعيد الثامن الختامي عيد يهودي مستقل عن عيد المظال، ولكنه ضُم إليه كيوم ثامن. ولا يُعرَف السبب في الاحتفال بهذا العيد، وإن كان من الواضح أنه عيد زراعي قديم، إذ يتم فيه ترديد دعاء خاص بطلب نزول المطر، وذلك أثناء دعاء الصلاة الإضافية (مُوساف). فقد جاء في سفر اللاويين (23/36): « في اليـوم الثامـن يكون لكم محفـل مقـدَّس ». ويُضـاف يوم تاســع للاحتفال خارج فلسطـين، وهو يـوم بهجة التوراة (سمحات توراه). أما في فلسطين، فإنهم يحتفلون ببهجة التوراة وعيد الثامن الختامي في يوم واحد.
عيد رأس السنة للأشجار New Year for Trees
«رأس السنة للأشجار» هي ترجمة للعبارة العبرية «روش هشَّاناه لا إيلانوت». ويُحتفَل بهذا العيد في السادس عشر من شفاط حسب مدرسة هليل، والأول من شفاط حسب مدرسة شماي. وهو اليوم الذي يجب بعده أن يحسب اليهودي عشور النباتات التي كان عليه أن يقدمها للهيكل، فأي ثمار بعد ذلك التاريخ تجب عليها العشور. ولم ترد في التلمود أية إشارات إلى طريقة محددة للاحتفال بهذا العيد، وإن كان من المعروف أنه يُحرَّم فيه الصوم.
وقد اكتسب العيد دلالة خاصة لدى القبَّاليين حيث تكتسب الشجرة في رؤيتهم للكون دلالة ومركزية. ويحتفل الإشكناز بتناول أنواع معيَّنة من الفواكه، وخصوصاً التي تنبت في فلسطين. أما السفارد، فإنهم يحتفلون به بطريقة مركبة، إذ يأكلون خمسة عشر نوعاً مختلفاً من الفواكه. ويُصاحب ذلك قراءة نصوص مناسبة من العهد القديم والتلمود والزوهار. وفي إسرائيل، فإن هذا العيد قد أصبح العيد القومي للشجرة حيث يقوم أطفال المدارس بغرس الأشجار.
عيد القمر الجديد New Moon
«القمر الجديد» هي ترجمة للعبارة العبرية «روش حودش». ويُحتفَل به بعد رؤية القمر الجديد كل شهر. وكان العبرانيون يمتنعون عن العمل في هذا اليوم ويذهبون إلى الهيكل، ولعله كان استمراراً لأحد أعياد القمر الوثنية. ولكن الطقوس الاحتفالية قد اختفت بعد العودة من بابل (إلا النساء، فكن يُمنحَن إجازة في ذلك اليوم مكافأة لهن على إحجامهن عن إعطاء حليهن لصنع العجل الذهبي). ولكن اليوم، مع هذا، لم يفقد أهميته إذ أن تحديد التقويم (وأوَّل يوم في الشهر) كان من أهم الوظائف التي يضطلع بها السنهدرين. وفي هذا اليوم، يُحرَّم الصوم والحداد.
لاج بعـــومير Lag Ba'omer
كلمة «لاج» معناها «الثالث والثلاثون»، أما «عومير» فمعناها «حزمة من محصول الشعير». وهو عيد يهودي غير مهم يُحتفَل به في يوم 18 إيار، أي في اليوم الثالث والثلاثين من فترة السبعة أسابيع الممتدة من ثاني أيام عيد الفصح حتى عيد الأسابيع. وفي هذا اليوم، يتم إنهاء فترة الحداد ويُسمح بالزواج وبقص الشعر.
ولا تُعرَف المناسبة التي من أجلها يُحتفل بهذا العيد. ويُقال إنه انتهى في هـذا اليوم الوباء الذي انتـشر بين تلاميـذ الحاخـام عقيبا. ولذا، فإنه يُسمَّى «عيد العلماء». ولكن جاء أيضاً في بعض الأقوال الحاخامية الأخرى أنه اليوم الذي حدث فيه طوفان نوح، وأنزل فيه الإله المن من السماء. وفي العصور الوسطى، اعتُبر أن هذا اليوم اليوم الذي مات فيـه الحاخام سـيمون بار يوحاي الذي يُنسَب إليه الزوهار. ولذا، يحتفى القبَّاليون بهذا اليوم. وقد أصبح قبره في الجليل مزاراً يحج إليه الحسيديون في ذلك اليوم، فيأتون بأطفالهم ليقصوا شعورهم لأول مرة ويُشعلوا النيران ويرقصوا طيلة الليل. ويُحتفَل بهذا العيد في إسرائيل حتى الوقت الحالي.
السنة السبتية (شنة شميطاه) وسنة اليوبيل Shemittah and Jubilee Year
«السنة السبتية» (بالعبرية: «شنة شميطاه») هي السنة التي يجب أن تُراح فيها الأرض، وكلمة «شميطاه» كلمة عبرية معناها «تبوير الأرض لإراحتها». وقد جاء في العهد القديم، في سفر اللاويين وفي مواضع أخرى، أن الإله يأمر شعبه بأن يزرع الأرض ست سنوات على أن يريحها في السنة السابعة.وكل ما ينمو على الأرض في هذه السنة يُصبح ملكاً مشاعاً للجميع يُحرَّم الاتجار فيه، كما تصبح كل الديون بين اليهود وكأنها قد وُفيِّت ودُفعت، كما يُحرَّر العبيد اليهود في هذه السنة. ويذكر المؤرخ يوسيفوس ثلاث سنوات سبتية في الفترة التاريخية التي يتناولها.ويبدو أن مثل هذه الاحتفالات كان موجوداً بين شعوب الشرق الأدنى القديم. ويُلاحَظ أن شعائر السنة السبتية تنطبق على فلسطين وحدها،أما الشعائر الخاصة بالديون فتنطبق على أعضاء الجماعات اليهودية أينما كانوا.
ولا شك في أن الدافع وراء الاحتفال بالسنة السبتية ديني قومي، أي أنه تعبير عن النزعة الحلولية داخل اليهودية. فهو، من ناحية، تنفيذ لكلمة الإله وتعبير عن الإيمان بأن الأرض هي ملك له وحده يهبها من يشاء. ولكنه، من ناحية أخرى، تأكيد للرابطة العضوية (الحلولية) التي تربط اليهودي بالأرض المقدَّسة، كما أنه ينطوي على إسقاط حق أي إنسان في امتلاك هذه الأرض حتى ولو كان فلسطينياً عاش فيها مئات السنين. ولأن الإله في الوجدان اليهودي يصطبغ بصبغة قومية يهودية، فإن ملكيته للأرض تأكيد لملكية اليهود لهذه الأرض بصورة أبدية.
وتتسع دائرة سنة الراحة حتى إنه، بعد سبع دورات كل دورة فيها مكونة من سبعة أعوام، تحل السنة الخمسون التي يُطلَق عليها «سنة اليوبيل» نسبة إلى كلمة «يوبيل»، وهي كلمة عبرية تشير إلى «قرن الكبش» (أي بوق الشوفار). وفي سنة اليوبيل، تُطبَّق كل شعائر السنة السبتية وتُضاف إليها شعيرة أخرى، وهي إعادة الأرض المرهونة إلى أصحابها، كما تُعاد الأرض المبيعة إلى ملاكها الأصليين، وكأن من اشتراها قد استأجرها وحسب طيلة هذه المدة، ولا يبقى سوى الأرض الموروثة في حوزة صاحبها.
وتأخذ دائرة السنة السبتية في الاتساع إلى أن تشمل الزمان كله ثم تنغلق حين تصل إلى «سبت التاريخ»،أي نهايته،حين تستريح الأرض كلها ويأتي الماشيَّح ليقود شعبه بأسره إلى أرض الميعاد. وهكذا تظل الدائرة في الاتساع إلى أن تبتلع كل الزمان والمكان كما هو الحال دائماً في الأنظمة الحلولية. وقد أفتى بعض علماء اليهود بأن طقوس سنة اليوبيل لا تُنفَّذ إلا بعودة جميع اليهود واستيطانهم في فلسطين (ذلك لأن الاحتفال بها يؤدي إلى مجاعة،باعتبار أن السنة الخمسينية اليوبيلية تتبع عادةً سنة سبتية،أي السنة السابعة في الدورة السابعة).
وقد تسبَّبت السنة السبتية في التضييق على اليهود إذ كان أصحاب الأموال يرفضون إقراضها خشية إلغاء الديون في السنة السبتية، ولذا، فقد أصدر الحاخامات ما سُمِّي «بروزبول»، وهي كلمة يونانية معناها «قبل المجلس» تمنع إلغاء الديون في السنة السبتية. ولإقامة شعائر السنة السبتية يلجأ الإسرائيليون إلى كل أنواع الفتاوى والحيل (التحلة)، فقد أصدر بعض الحاخامات (ومن بينهم الحاخام الصهيوني كوك) فتوى في أوائل هذا القرن، مفادها أن على القاطنين في الأرض المقدَّسة أن يبيعوها بشكل صوري إلى بعض الأغيار، وبذلك تصبح الأرض غير يهودية، ويمكن بالتالي زراعتها (وهذا يشبه من بعض الوجوه الفتوى الخاصة بضرورة بيع تذاكر مباريات كرة القدم التي تجرى يوم السبت في اليوم الذي يسبقه).
وبالفعل، يتم بيع أرض إسرائيل كل ست سنوات إلى جندي درزي، على أن يبيعها مرة أخرى إلى الحكومة الإسرائيلية بعد انتهاء العام (ويُعَدُّ هذا من أهم الأمثلة على التحلـة). هـذا وقـد اعترض بعـض الحاخامات بأن بيع الأرض نفسه مُحرم، فكان الرد أن بيعها بيعاً حقيقياً أمر محرم، لكن بيعها الوهمي ليس مُحرماً! ويحاول الإسرائيليون من اليهود الأرثوذكس إجراء تجارب دينية علمية لزراعة الخضراوات في الماء لتحاشي زراعتها في اليابس. ولكن بعض الأرثوذكس ينطلقون من الرؤية اليهودية الخاصة بالبقية الصالحـة، ويُنفِّذون تعاليم التوراة بحذافيرها ويمتنعون عن زراعـة الأرض، وإن كانوا يقومون بتخزين الحبوب، كما يحاولون التحايل على الدورة الزراعـية.
وقد أثيرت القـضية مرة أخرى عام 1986 ـ 1987، وكانت سنة سبتية، إذ اقتُرح أن تستورد إسرائيل الحبوب. وقد فتح بعض اليهود الأرثوذكس محلات لبيع فواكه مستوردة غير مزروعة في فلسطين، كما صدَّروا المحاصيل الإسرائيلية. ويساهم يهود الولايات المتحدة في تمويل الاحتفال بالسنة السبتية عن طريق «صندوق شميطاه» لجمع التبرعات وإرسالها إلى الإسرائيليين الذين ينفذون التعاليم الدينية تنفيذاً حرفياً. وقد كان عام 1993 ـ 1994 (عام 5754 في التقويم اليهودي) سنة سبتية.
سـنة اليوبيل Jubilee Year
انظر: «السنة السبتية وسنة اليوبيل».