الدرس الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
( مدرسة الحياة - حقيقة العلم النافع )
أبي إسحاق الحويني
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرر أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
أما بعــــــد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدي هدي محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .
فهذا هو الدرس الرابع من هذه الخاطرة والتي عنونتها بعنوان:( حقيقة العلم النافع ) ، الحقيقة في آخر المحاضرة الماضية سألني بعض الأخوة وقال لي: أنت تكلمت عن حرمة الصلاة في المساجد التي بها قبور ، ففي مسجد النبي قبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد ، فيريد أنني أوضح هذا الإشكال .
التنبيه الأول:
طبعًا قبل أن أدلف إلى توضيح الحقيقة أقول أن الحرمة بخلاف البطلان ، لما أقول بحرمة الصلاة في مسجد به قبر ليس معناه أن الصلاة باطلة ، لأن البطلان شيء والحرمة شيء آخر ، لكن الحرمة يتعلق بها إثم ، عندما نقول: حرام أي ارتكب محرمًا يكون آثم ، إنما تُجزئه صلاته بمعنى أنه صلى الظهر يكون صلى الظهر لا يُسأل لما لم تصل الظهر ، هذا التنبيه الأول .
التنبيه الثاني:
أن مسجد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما سمعتموني في المحاضرة الماضية أنقل كلام عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- بعد قول النبي والحديث في الصحيحين:« لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا إني أنهاكم عن ذلك » قالها ثلاثة مرات ، قالت عائشة: فلولا ذاك أي لولا ذاك النهي أو اللعن أبرز قبرهم كنا أبرزناه وأظهرناه لكنه خشي أن يتخذ مسجدا ، معلوم أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دفن في حجرة عائشة وحجرة عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- كانت يفصلها بين المسجد جدار واحد ، وكان هذا الجدار ، سنفترض هذا هو المسجد النبوي وهذا الجدار فيه باب الذي خلف الباب مباشرة حجرة عائشة ، فكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخرج من الباب يدخل على المسجد ، وهذا طبعًا واضح من أحاديث ووقائع أقربها لما قال لها من المسجد:« ناوليني الخمرة » .
وكانت حائضا قالت: إني حائض ، قال:« إن حيضتك ليست في يدك » ، لو الحجرة بعيدة عن المسجد ، كيف ستدخل ؟ ، قال لها:« ناوليني » ناوليني أي باب هو واقف -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد وهى في حجرتها ، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دفن في حجرة عائشة حيث توفي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، الأمر أصبح هكذا واضحًا ، افترضنا إن الحجرة هنا على اليمين لما أراد عمر أن يوسع المسجد فوسعه من الجهة التي من خلفي والجهة هذه لأنه لو وسعه من الجهة هذه سيدخل الحجرة في المسجد والحجرة فيها القبر الشريف فوسعه من الجهة الأخرى ، إذا كان القبر في الجهة الشرقية أوسعه من الجهة الغربية مثلًا ، لما أراد عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أن يوسع المسجد وسعه من الجهة التي وسع منها عمر حرصًا على أنه لا يدخل القبر داخل المسجد .
1- في حدود سنة سبعة وتسعين أو قريب من المائة:
في أيام الدولة الأموية لما حبوا أن يوسعوا المسجد وسعوه من الجهة التي فيها الحجرة ، فلأول مرة تدخل الحجرة في المسجد في حدود سنة سبعة وتسعين تقريبًا أو بعدها أو قبلها بقليل وكان موجود في المدينة آنذاك سعيد بن المسيب - رحمه الله - إمام التابعين أنكر هذا الفعل ، لكن أنكر ليس له أن يستعمل يده ويهدم المسألة هذه ولم يكن أحد من الصحابة بالمدينة آنذاك من أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هل نستطيع أن نقول: أن قبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد بالاعتبار الذي ننظر عليه بالمساجد التي فيها قبور ؟ المسجد الذي فيه قبر بعد ذلك يعملوا القبر قبل المسجد وبعد ذلك يبنوا المسجد على القبر ، أيستوي خطأ مخطئ مع تعمد عامد ؟، لا ، هذا متعمد يدفن في مسجد ، هذا رقم واحد.
2- أن الفضيلة في المسجد أزلية:
لأنه قال: إذا كنت أنت تحرم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر حرم الصلاة في مسجد النبي ، فنقول: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: « صلاة في مسجدي بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام » ، فالفضيلة فضيلة الصلاة في المسجد قديمة قبل أن يموت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فلا يستطيع أحد أن يقول: إن الصلاة في المسجد حرام ، كيف وهى بألف صلاة ؟ .
لاسيما قلنا:
أن ضم الحجرة إلى المسجد كانت خطأ مخطئ ، ولذلك راعى الذين جاءوا بعد ذلك الخطأ هذا ورفضوا أن يكملوا عليه ، كل ما يحبوا أن يوسعوا المسجد يوسعوه من الجهات الأخرى بخلاف الحجرة ، ولذلك الذي ذهب إلى المسجد النبوي الآن نستطيع بمنتهى البساطة أن نفصل القبر عن المسجد بجدار ، تبني جدار في آخر الروضة يكون المسجد ليس له إلا الباب الذي تدخل على الحجرة حجرة عائشة فقط ، تخيل لو كل واحد حب أن يوسع كان يوسع من جهة الحجرة كان القبر أين سيكون مكانه ؟ كان مكانه في نصف المسجد لو المسألة كذلك ، لكن تنبه الذين جاءوا بعد ذلك إلى خطا هذا المخطئ ، فكان كل التوسيعات عندهم من الجهات الأخرى ولم يوسعوا إطلاقًا من جهة الحجرة ، ولذلك من السهل جدًا تأتي على آخر حدود الحجرة حجرة عائشة وتبني جدار ستكون الروضة مع بقية المسجد في مكان والقبر بمفرده في مكان آخر .
فلا يأتي أحد يقول لي: يقيس هذا الذي يفعلونه الآن في المساجد التي فيها قبور على مسجد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا قياس باطل لا يصح للفروق التي ذكرناها في عجالة ، لأجل هذا أنا أقول للأخوة: أنا أشكره أنه نبهني على هذا لأنني لا أحاول أخرج كثير جدًا أتفرع كثير أتفرع نعم لكن لا أحب أن أزيدها ، فلم أقبل أن أتكلم في هذا الأمر لاسيما تكلمنا فيه مرارًا وتكرارًا وتقريبًا معظم الأخوة الذين يكونوا موجودين أيضًا سمعوا هذا الكلام .
أريد أن أرجع مرة أخرى لما كنا فيه وهو تتبع زلات العلماء:
ابن الجوزي - رحمة الله عليه - يقول: (رأيت جماعة من أهل العلم يتفسحون ويظنون أن العلم يدفع عنهم والعلم خصمهم) لماذا ؟
لأن ما حقيقة العلم؟:
العلم قال الله ، قال رسوله ، قال الصحابة ليس بالتمويه..
العلم قال الله قال رسوله
قال الصحابة ليس بالتمويهِ
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة
بين الرسول وبين قول فقيهِ
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
حظرًا من التمويه والتشبيه
العلم قال الله ، قال رسوله ، قال الصحابة ، ليس خُلفٌ فيه لا خلاف على أن الحجة في كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وفي سنة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، ثم في أقوال الصحابة التي ترجح دليلًا على دليل ، لأن هذا دور أقوال الصحابة أو أفعالهم ، لماذا ؟ هم الذين نزل عليهم القرآن ، وهم الذين رأوا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخاطبهم شفاهًا ، فهم أكثر الناس صوابًا وأعلمهم بدينهم ، كانوا عربًا أقحاح لم تلوث لا عقولهم ولا ألسنتهم عجمة ، كانوا عربًا يفهمون الخطاب على وجهه وإن كان الذين أسسوا النحو وغير ذلك أخذوه من كلام العرب والصحابة كانوا من العرب كانوا قبل الإسلام كفارًا وكثير منهم أو كلهم أسلم بعد ما النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فمن جهة الحجة اللغوية فكلامهم حجة مثلهم مثل العرب القدامى .
كانوا يفهمون الكلام على وجهه الذي الآن فعلنا له أصول في أصول الفقه وغيره ، مثل الحديث هو أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لزوجاته:« أطولكن يدًا أسرعكن لحوقًا بي » ، أول واحدة ستموت هى أطولكن يدًَا ، ولأن الكلام إنما يكون في الأصل على الحقيقة ولا يصرف عن الحقيقة إلا بقرينة فكان أزواج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقيسوا أيديهم مع بعض هى « أطولكن يدًا » كل واحدة تأتي تعالي نقيس أيدينا مع بعض ، لماذا ؟ ، لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:« أطولكن يدًا » لا يوجد أحد أبدًا يسمع الكلام هذا ويقول: اليد بمعنى النعمة بمعنى الصدقة بمعنى كذا لأن ليس كلمة يد الياء والدال موضوعة لهذا المعنى ، إنما اليد إنما وضعت في الحقيقة وفي الأساس لهذه الجارحة التي نحركها هذه ، إذا صرفت الكلمة عن الحقيقة إلى غيرها لابد أن يكون فيه قرينة .
والعلماء يحتجوا بهذا الأصل على عدم صرف الأسماء والصفات إلى المعاني المعطلة ، يقول: ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾ (الفتح:10) يقول: ﴿ يَدُ ﴾: أي تأييده ، لا ، ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾: هى يد حقيقة لكن كما يليق بجلاله ، خرجنا من التشبيه والتعطيل وكل شيء بالكلمتين هاتين ، لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- لما نفى المثلية عنه أثبت الصفة قال: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ (الشورى:11) ، يكون سميع وليس كمثله شيء ، بصير وليس كمثله شيء بدلالة الآية .
كل صفة من صفات الله تضمها وتقول: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ ، فلا يلزمني إن أنا إذا أثبت الصفة تقول لي: شبهت الخالق بالمخلوقين لأن أنا أقول: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ ، كل صفاته - تبارك وتعالى - لا يشبهها شيء قط من صفات المخلوقين ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ (الإسراء:43) تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرا ليس معنى أنه يقول لك: أنت لك يد وهو له يد يكون أنت شبهته ، نأخذ صفة الحياة الحياة ، الله حي أم لا ؟ ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ (البقرة:255) ، ﴿ هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ﴾ (غافر:65) ، هل أنت حي أم ميت ؟ حي تتحرك أثبت لله حياة وأثبت لنفسك حياة ، لماذا لم تقل: أنا لست حيًا وإلا يكون أنا أشبه ربنا بي ؟ .
كل ما أقول له: له يد ، يقول: لا ، ليس له يد لأن أنت لك يد وهكذا تكون شبهت ربنا بك ، لك سمع والله -عَزَّ وَجَلَّ- له سمع ، لا ، هكذا أنت لا يصح أن نشبه ربنا لا يسمع أو ليس له سمع ، لأنه لا يستطيع أن يقول لك: أنت ليس لك سمع ، فكيف نتحاور ؟ فينفي الغائب ويثبت الحاضر ، لماذا لم تنف صفة الحياة عن الله مثل ما نفيت اليد وغير ذلك ؟ لا يستطيع ولا يستطيع أن يقول: أنك ميت لأنك لو أنت حي ستكون تتشبه بربنا ولا يجوز وغير ذلك فكلامهم متناقض ، فكل صفة نحن نقول: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ تسير كل صفات الله - تبارك وتعالى - في هذا ، ما الذي جعلنا نتفرع ؟ اليد وهو أن الألفاظ تحمل على الحقيقة ، فيه عقل أفضل من عقل عائشة مثلًا أو أزواج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ؟ ، لما عائشة تذهب تضع يدها بجوار يد صفية مثلًا لأن الحديث هذا قيل هكذا ، هل هم حملوا الألفاظ على الحقيقة أم لا ؟ هذا الأصل الذي لا يختلف فيه أحد ، متى عرفوا القرينة وإن القصة ليست قصة طول يد ؟ عندما ماتت زينب لأن زينب -رَضِيَ اللهُ عَنْها-أول امرأة لحقت بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعده وكانت قصيرة وكانت أيديهم أطول من يد زينب فعرفوا حينئذٍ أطول يد بالصدقة ، كانت زينب كثيرة الصدقة ، حتى أنها في آخر عطاء لعمر لها من بيت المال ، قالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر أي عندما يأتي يعطيني السنة التالية عطائي لا أكون موجودة ، اللهم لا يدركني عطاء عمر إذًا عرفوا القرينة لما ماتت زينب -رَضِيَ اللهُ عَنْها- .
خيط أبيض وخيط أسود ويبتدئ يأكل يأكل وينظر للخطين إذا استطاع أن يميز بينهم الدنيا ظلام ولم يكن موجود مصابيح وغير ذلك ، لو استطاع أن يميز بينهم يكون هذا وقت الإمساك ، فذهب للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال له هكذا أنا أضع خطين أمامي واجلس أكل وأشرب لحين أميز بينهم ، قال له: « إنك لعريض القفا ،إنما هو خيط الليل والنهار » ، كان فيه قرينة لكن لم ينتبه لها عدي ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ (البقرة:187) ، لكن الكلام هذا بعض العلماء قال: ﴿ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ ، عند الفجر يظهر اللون الأبيض من الأسود وليس أنه أهمل القرينة ولم يفهم أن كلمة ﴿ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ خيط الليل والنهار ، لا ، قال: عند الفجر يظهر اللون الأبيض من الأسود ، فهو لم يهمل القرينة لأن بعض الناس يقول لك حتى بعض الناس مثل فخر الرازي وغيره كذب هذا الحديث برغم أنه في الصحيح كذبه ، لماذا ؟ قال: يبعد ألا تظهر هذه القرينة لواحد مثل عدي بن حاتم وهو من العرب الكبار ، يكون الكلام هذا لا يصح فيتهم الحديث ويتهم الرواة لكي يبرأ من ؟ يبرأ عدي بن حاتم .
وأي صحابي في الدنيا ممكن يخفى عليه القرينة نفسها لأنه بشر من البشر ، أنا قلت لكم: أبو بكر الصديق خفا عليه الحكم ، وعمر خفا عليه أحكام ، وعثمان خفيا عله ما هو أجل من عدي بن حاتم فلا يوجد مشكلة في الموضوع ، فكل الألفاظ تحمل على الحقيقة هذا أصل وضع اللفظ أنه يوضع على الحقيقة .
هؤلاء الذين ابن الجوزي يتكلم عنهم ، يقول: ( العلم خصمهم ) لأنه لما يحب أن يترخص يقول لك: قال بها عالم ، هل أنا أحسن منه ؟ أنت معدود في قومك من العلماء ، والحجة في كلام الله ورسوله ، حتى ليس في كلام الصحابة الحجة ليست في كلام الصحابة الحجة في كلام الله ورسوله ، إنما الصحابة نستخدم أقوالهم في الترجيح عند الأحكام المختلفة ، قيل للشافعي: قول الصحابي حجة ؟ ، قال: لا ، قال: تذهب إليه ؟ ، قال: نعم ، فأنظر كيف فرق الشافعي بين الحجة وبين جواز الإتباع ؟ .
الحجة: هى التي لا يجوز لأحدٍ أن يخالفها قط ، هذه هى الحجة المُلزُمة التي يحاسب المرء بمخالفتها ، فقال: قول الصحابي ليس بحجة ، لماذا ؟ لأنه يصيب ويخطئ ، فربما قال قولًا خطئًا اتبعته فيه فلا يكون حينئذ حجة ، وإلا الحجة تكون متعرضة لأن تكون خطئًا أو صوابًا وهذا تضييع لمعنى الحجة وإسقاط لحجتها في الأصل إن أنا أربطها بمن ليس بمعصوم ، إذًا الحجة لا تكون إلا من معصوم هذا الأصل ، وطبعًا الكلام فيه تفصيل لأن ممكن الحجة تكون من غير معصوم لكن في تفصيل في الموضوع لا أريد أن أخوض فيه ، مثل قول العالم بالنسبة للعامي قول العالم بالنسبة للعامي حجة لا يجوز للعامي أن يخالف العالم فيما أفتى به صارت حجة والعالم يصيب ويخطئ ، لكن أتكلم عن أصل كلمة الحجة وأقوال الصحابة أو أفعال الصحابة ليست حجة إذا قيست بالقرآن والسنة الذين هم أصل الحجة .
الشافعي لما قيل: تذهب إليه أي تقول بقول الصحابي ؟ قال: نعم وأفتي به ، لكن ليس بحجة لاحتمال أن يكون غاب عن الصحابي الحجة التي تخالف قوله أو غاب عني أنا أصل الحجة ، عندنا مثلًا الأحكام الشرعية التي اختلف فيها الصحابة كثير جدًا ، لكن لم يختلفوا في شيء من العقائد ، لكي تنتبهوا العقيدة لم يختلف الصحابة فيها ، إنما اختلفوا كثيرًا في الحلال والحرام لكي تفرق الفرق التي أتت بعد ذلك يقول لك: أصل الحديث يقال كذا ، أصل الآية معناها كذا ، نقول له: أخرج لنا احد من الصحابة الذين نزل عليهم القرآن اختلف في هذا المعنى ، وأنا أقول هذا الكلام لا يغيب عن ذهني مبحث رؤية الله -عَزَّ وَجَلَّ- وأن الصحابة اختلفوا أرأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه ليلة المعراج أم لا ؟ لا يغيب عني أن الصحابة اختلفوا ، لماذا ؟ ، لأن كلام الصحابة كله يلتئم مع بعضه ، لما قالت عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وسئلت: أرأى محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه ليلة المعراج ؟ قالت: لقد قف شعري مما تقول ، قف شعري: وقف من عظم ما تقول ، لماذا ؟ لأن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- حملت السؤال على الرؤية الحقيقية ، لذلك أنكرت أن يرى أحد رب العالمين بعينيه وهذا كلام صحيح مائة بالمائة ويتوجه كلام عائشة إلى هذا المعنى رأسًا ونحن لدينا سؤال موسى -عليه السلام- لما سأل ربه: ﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ﴾ (الأعراف:143) ، ما الذي حدث للجبل ؟ والجبل هذا نحن نضرب المثل بالقسوة بحجارة الجبل ، فما بالك بإنسان له لحم ودم كيف يصبر على أن يرى ربه ؟ ، فكلمة أن ترى ربك بعينيك هذه في الدنيا مستحيلة ، لكن نراه في الآخرة هذه كما يأذن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن نراه بالأبصار كما نرى الشمس كما نرى القمر ليلة البدر ، لماذا ؟ أجسامنا في الجنة مختلفة عن أجسامنا في الدنيا أجسام تطيق النظر إلى الله - تبارك وتعالى - ، لكن نحن في الدنيا لا نستطيع أجسامنا لا تحتمل .
يبقى حديث أبي ذر وحديث ابن عباس ، سئل أبو ذر: أرأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه ليلة المعراج ؟ ، قال: رأى نورًا ، وسئل ابن عباس: أرأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه ليلة المعراج ؟ قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « نور أنى أراه ؟ » أي كيف أراه ؟ ، وفي حديث أبو موسى الأشعري قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « حجابه النور » لا يستطيع أحد أن يراه لأن فيه حجاب من النور ، أجمع الحديث هذه كلها على بعضها لا تجد تناقضًا ، قول أبي ذر على لسان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « رأيت نورًا » ، لا ينافي قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث ابن عباس: « نور أنى أراه ؟ » أي هو نور كيف أراه وقد حجبه النور عني ، هذه تساوي رأيت نورًا أم لا ؟ رأيت نورًا ، فيكون حديث ابن عباس « نور أنى أراه » ، كيف أراه ؟ التقى مع حديث أبي ذر « رأيت نورًا » ، أي قال: كيف أراه على حقيقته وبيني وبينه حجاب من النور ؟ لما قال: « رأيت نورًا » ، لم يرى إلا الحجاب ، وفي حديث ابن عباس قال: « ما منعني عنه إلا الحجاب » وهو النور ويؤيد هذا حديث أبي موسى الأشعري عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « حجابه النور » لا يوجد خلاف في حقيقة الموضوع .
لكي لا أحد يقول لي: هذه مسألة اختلف فيها الصحابة ، لكن ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ﴾(القلم:42) هم ينكروا أن يكون لله -عَزَّ وَجَلَّ- ساقًا ، في الصحيحين من أبي سعيد الخدري -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يتكلم عن القيامة: « يوم يكشف الله عن ساقه » لأن ناس يقولوا: أصل القرآن جاء بالساق غير منسوبة ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ﴾ ، قال: العرب تقول: قامت الحرب على ساق أي على قدم وساق ، أو فلان يقف على قدم وساق ، أي الأمر جد ، فيئولوا القرآن لكي يعطلوا الصفة يقولوا: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ﴾ أي يوم يكشف عن أمر عظيم ويأتي لك الكلام هذا عن ابن عباس وهو لا يصح عن ابن عباس هذا الكلام ، تفسير ابن عباس يروى بحوالي سبعة أسانيد ثلاثة منهم ممكن أخذ منهم فكرة لأنهم صحاح أو حسن والباقي ضارب أسانيد ضاربة لا تصح أن تنسبها لابن عباس ، والمفسرون أغلبهم لا علم لهم بعلم الحديث فكل ما يجد قال ابن عباس يأخذ قال ابن عباس ، لا يبحث لا صح عن ابن عباس ولا غير ذلك .
وأنا علمت هذا وأنا أحقق تفسير ابن كثير جمعت صحيفة ابن عباس كلها كل الأسانيد التي تروى عن ابن عباس ، وفعلت تحقيق عليها وخرجت بهذه النتيجة ، فيقول لك: ابن عباس يقول: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ﴾ ، أفضل من يفسر كلام الله من ؟ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قال له: ﴿ وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ ﴾ (النحل:44) ، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قائم في مقام البيان فهو الذي قال:« يوم يكشف الله عن ساقه » هذه تحتمل تأويلًا ؟ إذًا لا يجوز أن القرآن ممكن تقول أصلها غير منسوبة وقال ابن عباس وغير ذلك ، لا ، الحديث قضى على كل هذه التأويلات ، ما بقي إلا أن نتكلم في صحة الحديث ، هل صح الحديث إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم لا ؟ ، نقول بملء الفم والواحد عينه كانت تسع الكون أنه لا يستطيع أحد أن يعترض على صحة هذا الحديث ، إسناده كالشمس وتلقته الأمة بالقبول ، ولا نعلم عالمًا واحدًا من علماء الحديث أنكر هذه اللفظة « عن ساقهِ » أنكرها ، وهم أهل الشأن وفرسان الميدان وهم علماء الحديث ، إذا تكلموا ينبغي أن ينصت كل من ينسب إلى علم لأن هذا فنهم ، كما أن الفقهاء إذا تكلموا ينبغي أن يسكت كل من ينسب إلى علم مثل أهل الحديث وأهل اللغة لأن كلام الفقهاء مقدم ، إذا تكلم أهل اللغة ينبغي أن يسكت كل من ينسب إلى علم دون علم اللغة ، إنما أهل اللغة هم الحجة على الفقهاء وعلى المحدثين وعلى البلاغيين إلى آخره أي يقضى لكل إنسان في فنه ، بالإضافة لأن الصحيحين تلقاهما جميع العلماء بالقبول ، إلا بعض أحرفٍ في الكتابين تنازع العلماء في صحتها ، وهذا أمر لا يصح أن يتكلم فيه العوام لا يتكلم فيه إلا البذل القناعيص الباذل الكامل ، القناعيص: هم أصحاب الحلبة وهم الناس الكمل الذين وصلوا ، فلا يصح أن يتكلم في الكلام أو الأحاديث التي تكلم بعض العلماء فيها في الصحيحين بأي كلمة ولا نص كلمة حتى إلا العلماء الكبار الذين يفهمون شرط الشيخين ويعلمون لماذا يروي البخاري عن راوي مختلف فيه أو مسلم عن راوي مختلف فيه ، وهل هذا من محفوظ حديثه أم لا ؟ كلام كبير .
يكون لدي لم يتكلم في هذا عالم قط وأجمعت الأمة على قبول هذا الحديث أيضًا ، يكون أنا لدي إجماع والسنة قائمة بالنسبة للقرآن مكان البيان ، قائمة في القرآن مكان البيان تأتي تقول لي: أنت تشبه الله بخلقه لأنك أثبت له ساقًا ؟ ، أنا سآتي لك بالآية على الفور ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ ، فنرجع ونقول: أن الأصل كما ذكرت في الألفاظ الحقيقة والصحابة كانوا يتعاملون بهذا ، فأنا لدي ثلاثة درجات: قرآن ، وسنة ، وأقوال الصحابة ، ابن عبد البر في كتاب التمهيد يقول: إذا اختلف أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالسنة حكم بينهم ، وأسعد الناس بالدليل من وافق السنة ، إذًا فيه بعض الصحابة الفضلاء الأجلاء يُرد كلامهم وترد فتواهم لأن السنة مع الطرف الآخر ، لأجل هذا الشافعي قال: أذهب إلى قول الصحابي لكن ليس بحجة ملزمة لاحتمال أن يكون الدليل خفي عن هذا الصحابي ، ومن يريد أن يعرف شيئًا من هذا أقول شيئًا لأن الأمر واسع جدًا فعليه أن يطالع كتاب الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة لبدر الدين الزركشي - رحمة الله عليه - ، كتاب كبير ولم يستوعب الزركشي
أنا نفسي في أثناء مطالعاتي عندما أجد عائشة تستدرك على أي صحابي شيء أنظر في كتاب الإجابة إذا وجدت الحديث خير وبركة ، لم أجد الحديث أجعله مما فات الزركشي ، فأنا مدون على الورقة الأولى في كتابي حوالي سبعة أحاديث أو عشرة تقريبًا مما استدركته عائشة على الصحابة ولم يطلع عليه الزركشي ، الكتاب هذا كله موضوعه أن عائشة استدركت أشياء تراها خطئًا على الصحابة أنهم خالفوا فيها الدليل ، لكن ليس كل ما استدركته عائشة على الصحابة كانت محقة فيه ، لا ، أيضًا وأنت تقرأ لا تسلم أن كل شيء استدركته عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- على أي صحابي كانت محقة فيه ، لا ، فيه وفيه ، لكن على الأقل استدركت أشياء ، فاجعل واحد اتكأ على قول صحابي وكان الخبر اليقين عند عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، هل أرجع إلى قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي روته عائشة أم أبقى مع قول الصحابي ؟ أبقى مع قول الصحابي .
لأجل هذا ابن الجوزي يقول: الجماعة الذين يتفسحوا هؤلاء ويترخصون لأنفسهم ويأخذوا زلات العلماء يظنون أن العلم يدفع عنهم لأنه سيأتي يوم القيامة يقول: يا رب أنا كان بين يدي حديث عائشة ، فيقال له: قد علمت أن هذا الحديث يعارضه أحاديث أخرى وأنت كنت تدرس مادة أصول الفقه ، فلما لم تعطي البحث حقه حتى تعلم ؟ ، والله -عَزَّ وَجَلَّ- لا يخدع ، أنا أفترض في إقامة الحجة أن يكون سؤال كهذا لأن الله لا يخدع فيقيموا عليه الحجة كما قال تعالى: ﴿ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةَُ ﴾(الأنعام:149) ، لا يوجد أحد يستطيع أن يقيم على الله حجة أبدًا فيؤاخذه بهذا ، والمغفل يظن أن العلم سيكون معه إذا حوسب يوم القيامة ، يقول: أن العلم خصمه ، لماذا ؟ ، لأن حقيقة العلم ليس هو معرفة الحلال والحرام ، لا ، حقيقة العلم أن يهديك إلى الوصول إلى الله ، هذه حقيقة العلم وقد صرح لها جماعة من العلماء المتقدمين كمجاهد بن جبر وكعكرمة أبي عبدالله وهو مولى ابن عباس يحي بن أبي كثير ، قال: حتى وصلت وقالها الإمام مالك رحمه الله وزمنه يعتبر متأخر عن زمن هؤلاء ، كانوا يقولون: ليس العلم بكثرة المسائل إنما العلم الخشية .
ليس العلم بكثرة المسائل ، ما معنى هذا ؟ أي معرفة الأحكام الشرعية تقول: هذا حلال وهذا حرام ودليل الحرمة كذا ودليل الحل كذا هذا مختلف فيه والراجح كذا وكذا وغير ذلك ، لا ، ليس هذا هو العلم ، هذا صورة العلم وإن كان علمًا ، متى يكون علمًا ؟ إذا هداك إلى خشية الله ، إذا لم يهديك إلى خشية الله كان صورة علم ولم يكن علمًا ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ﴾ (آل عمران:130) فيأتي يفسر الربا تفسيرًا جديدًا ويظن أن هذا التفسير الجديد يدفع عنه أكل الربا ، مثل ما فعل شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي فيما يتعلق بفوائد البنوك ، يقول لك: أصل الربا أنك تستغل حاجة الإنسان وتجبره على أن يدفع زيادة ، لكن هذا المعنى منتفي في البنوك أنت الذي تذهب بنفسك طواعية وتضع النقود في البنك ، هل أجبرك أحد ؟ ، قال لك: الربا معناه الاستغلال أنك تستغل حاجة الناس ، وهذا ذهب بنفسه طواعية ، فكيف تقول: هذا ربا ؟ ، الفائدة قال لك: هذه ليست فائدة ربوية هذا نتيجة استثمار المال .
هل البنوك تستثمر الأموال ؟ ، تعريف العلماء المعاصرين للبنك يقولون: هى مؤسسة تقترض لتقرض ، هذا تعريف العلماء المعاصرين أصحاب الاقتصاد البنك مؤسسة تقترض لتقرض ، فما تكون مهمة البنوك ؟ الإقراض ليس عمل مشاريع ، يعمل مشروع لابد أن يضع تحت العجز والزيادة تحت المكسب والخسارة ، لا يوجد أحد في الدنيا على بعضها يتاجر ويقول للرجل: حتى لو خسرت سأعطيك فوائدك ، من الذي ممكن أن يقول هذا الكلام ؟ ، أنا رجل لدي عشرة ألاف ، مائة ألف ، مليون لا استطيع أن استثمرها أذهب للبنك أضعهم فيه يقول لي: أعطيك سبعة في المائة ثمانية في المائة وغير ذلك ، يأتي واحد آخر لديه عقل ويريد أن يفعل مشاريع لكن ليس لديه مال ، يذهب للبنك يقول له: والله أنا أريد منك مائة ألف أو أريد منك مليون يقول له: سأعطيك المليون بمليون وربع أو مليون نصف ، موافق يأخذ النصف الزيادة يقسمها بينه وما بين صاحب المال ، لما تقسمها بينك وبين صاحب المال تعطي له سبعة في المائة وتأخذ سبعة وتسعين في المائة ؟ .
يقول لك: نعم لأن أنا لدي موظفين ولدي إنارة ولدي عمال وغير ذلك وناس تخرج بالسيارة تحرس السيارة ويأخذوا نقود وغير ذلك فأنا حجم الإنفاق لدي أكبر منه لكنه يعطيه سبعة في المائة ، ما هو الربا غير الذي يحدث هذا بالضبط ؟ ، لو قلت لأي واحد المائة بمائة وعشرة ، يقول لك: ربا ، المليون بمليون وربع ، ما هذا ؟ ربا ، قصة أنك تستغل أو لا تستغل ليس لها علاقة بحقيقة الربا ، لا ، فيأتي يقول: إن كل البنوك هذه لا شيء فيها ولا غير ذلك ، عارضه كل المجامع الفقهية في العالم الإسلامي ، وقالوا: الفتوى هذه خطأ وأرسلوا إليه كتبًا منهم لكي يرجع لم يرجع ، لماذا ؟ ، لأنه لم أحب يستهدي لحقيقة الربا ذهب لمديري البنوك وقال لهم: اشرحوا لي كيف يعمل البنك ؟ ، أنا أذهب لعلي بابا شخصيًا وأجعله يعلمني ، هو شيخ المنصر ، أذهب أنا لمدير البنوك أخذ منهم المعلومة ، قطعًا سيعطينني معلومة خطأ ، وشيخ الأزهر كان علمه متواضع جدًا جدًا أي كان متواضعًا جدًا جدًا بالأخص في الفقه لم يكن له في شيء ، حتى التفسير هل التفسير يحتاج إلى شيء ؟ أنقل من كتب المفسرين وأنقل من كلام العلماء بخلاف الفقه ، الفقه هذا يحتاج اجتهاد واستنباط واستعمال أصول وغير ذلك .
والرجل هذا ليس دارس أصلًا أصول فقه وحتى لما تعين مفتي العلماء اعترضوا على تعيينه مفتي قالوا: العادة أن يتعين في منصب الإفتاء رجل دارس شريعة وأصول فقه ، لأن الفتوى إنما تقوم على هذا لكن يدرس تفسير ، كيف يفتي ؟ التفسير هذا لا يحتاج إلى تعب جدًا لأنك تنقل أقوالًا وإذا ربنا فتح عليك بكلمة أو شيء ستكون أيضًا أخذتها أو ربنا فتح عليك ، لكن ليس مثل الفقه الفِقه هذا متعب ، فلم يكن له في الفقه إطلاقًا ، فلما يذهبوا يقولوا له: الوضع كذا وكذا وَكذا ، أنا عندما درست المسألة أحد مديري البنوك هنا في المحافظة لدينا كفر الشيخ لقيني في بعض المساجد وقال لي: أنا علمت أنك تحرم وضع الأموال في البنوك وأريد أن أناقشك ، قلت له: موافق حبًا وكرامة ، لما ناقشني لم يستطيع أن يسلك معي أبدًا ، لماذا ؟ لأن أنا قارئ الموضوع كنت أوقاتها الفتوى خارجة والدنيا كلها هائجة وغير ذلك فدرست الموضوع وعلمت القصة ، حتى من بعض كتب البنوك المعاصرة أخذت منها بعض الفصول أنا أحتاج إليها ، لكن لما كلمته وطرحت عليه بعض المشكلات لم يستطيع أن يجيب إطلاقًا ولم يستطيع أن يدافع عن البنك .
فهذا قال له: جائز ولا توجد مشكلة وغير ذلك ، كل الذين وضعوا أموالهم في البنوك بناء على هذه الفتوى معلقين في رقبته ، ليس كلهم ، الذي كان يريد الحكم الشرعي مهما كان واتبع قول شيخ الأزهر في هذا برئ ، لماذا ؟ لأنه لم يقصد إتباع أهوائه إنما قصد معرفة الحكم الشرعي الذي سيحملها الذي أفتاها ، لماذا لم تجتمع مع علماء الشريعة والمجامع الفقهية في العالم الإسلامي كله وفيهم من هو أعلم منك ، وبعد ذلك تعمل له تنقيح وتأتي به مدير البنوك مع علماء الشريعة ؟ لأن الربا ليس شيء بسيط ، الربا هذا خراب ، ربنا -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾(البقرة:279) أي إن لم تتركوا الربا ، إذا المسألة ليست بسيطة ، واليوم العالم كله مبني على سياسة البنوك ، فأنا لا أستطيع أن استغنى عن بنك في بلدي الآن ما لم يكن عندي آلية ، لماذا ؟ ، لأن أنا كيف أخرج من منظومة البنوك وأفعل استثمار جديد أو هيكل جديد برأس مال مسلم .
لماذا كاتبك العلماء وقد صرحوا في كتبهم أنهم كاتبوك ، وقالوا لك: تعالى نجلس معنًا ونتكلم معنًا ونتحاور ، ونأتي بكل المتكلمين باسم الربا الحديث وهو البنوك يأتوا أمامنا ونكلمهم وسنكلمهم بالاقتصاد أيضًا ونكلمهم بالشريعة وهذه زيادة عليهم ، لماذا لم يفعل هكذا ؟ والشيخ يوسف القرضاوي في كتابه الخاص بالربا وغير ذلك ، قال: نحن أيام الدكتور سيد الطنطاوي كان مفتي الجمهورية ، قال: ناقشناه واتفقنا معه أن الربا حرام ، وأن البنوك ممارستها حرام ، واتفقنا على هذا ، واتفقنا أننا سنأتي نفعل مؤتمر لكي نعلن فيه هذا ، قال: فغافلنا جميعًا وأول ما وصل لمصر عمل مؤتمر صحفي وقال: البنوك لا شيء فيها ، هذا نص كلام الدكتور يوسف القرضاوي أو معناه الموجود في الكتاب ، فلما يأتي لأجل أن يغافل كل المجامع الإسلامية ويرميها خلف ظهره ، هذا من أجل ماذا ؟ كان من أجل أن الدولة تريد هكذا الدولة قائمة كلها على البنوك تريد أن تهدم البنك ستهدم اقتصاد البلد .
نحن نقول: أنا لن أهدم البنك ، لكن سأنظر إلى آلية لكي نخرج من هذا ، أحيانًا في ورطة لا تستطيع أن تخرج منها مرة واحدة أبدًا لابد أن تخرج منها على مراحل ، البنوك كلها التي تمسك البلد وتمسك أموال الناس في البنوك ومتشعبة وأقرضت وإلى أخره وغير ذلك ، ماذا نفعل ؟ ، لابد أن يكون في آلية يجتمع فيها علماء الشريعة مع علماء الاقتصاد المعاصرين ونخرج في النهاية بآلية ، هذا رجل لم يبذل الوسع أصلًا ، ولم يسترشد بقول غيره من أهل العلم الفضلاء بل المجامع الفقهية ليس مجرد واحد أو اثنين ، وأنا لا أنسى في ذات الوقت إن فيه علماء لكن كل عالم بمفرده أيد ما قاله شيخ الأزهر آنذاك ، وقال لك: البنوك ليس فيها شيء وغير ذلك ، نعم لكن المجامع الفقهية هذه مسألة مختلفة ، كبار العلماء ولما يجتمعوا على قول بعد تنقيح وأخذ ورد واعتراضات وغير ذلك يصلوا في النهاية إلى صواب .
ولدينا عدة مجامع فقهية في العالم الإسلامي وفيها ناس ثقال جدًا في العلم وناس من الراسخين في العلم والراسخين في معرفة الاقتصاد الحديث ، لماذا نحن لم نرجع إلى هذا ؟ يظن أن الكلام هذا وإن حاجة الناس وإن الناس فقراء وإن الناس تحتاج قروض وأن الدولة لن تسير إلا بقروض يظن أن هذا من جملة العلم ، وأن هذا يمكن أن يدفع ، لا ، نقول: هذا ليس هو العلم إنما هذا صورة العلم وإن بدا للناس علمًا .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم .
انتهى الدرس الرابع نسألكم الدعاء أختكم أم محمد الظن.