المبحث الأول:
تعريف الولاء والبراء لغةً واصطلاحًا
الولاء لغة:
بمعنى الموالاة.
والمولى:
اسم يقع على معان كثيرة فهو الرب, والمالك والسيد, والمنعم, والمعتق والناصر, وهذه المعاني كلها تدور حول النصرة والمحبة والولاية بالفتح - في النسب والنصرة والعتق..
والموالاة -بالضم-:
من والى القوم.. والموالاة ضد المعاداة والولي ضد العدو .
قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا} أي وليهم في نصرهم على عدوهم وإظهار دينهم على دين مخالفيهم وقيل وليهم أي يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم ..
والولي: القرب والدنو والموالاة والمتابعة..
والتولي يكون بمعنى الإعراض, ويكون بمعنى الإتباع, قال تعالى {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم} أي أن تعرضوا عن الإسلام، وقال تعالى: { ومَن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }، أي من يتبعهم وينصرهم.
وأما البراء لغةً:
فقال ابن الأعرابي برى إذا تخلص وبرىء اذا تنزه وتباعد وبرىء إذا أعذر وانذر ومنه قوله تعالى: {براءة من الله ورسوله} أي إعذار وإنذار.
والبراء والبريء سواء قال تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون} وليلة البراء ليلة يتبرأ القمر من الشمس وهي أول ليلة في الشهر. (انظر للتعريف اللغوي للولاء والبراء: لسان العرب/ لابن منظور (ج1/183) و (ج 3/ 986). والقاموس المحيط/ للفيروزآبادي (ج 1 /8) ).
وأما الولاء اصطلاحًا فهو:
النصرة والمحبة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات}.
فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم وإظهار الود لهم بالأقوال والأفعال والنوايا.
وأما البراء بالمعنى الاصطلاحي:
فهو البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار. (انظر للتعريف الاصطلاحي للولاء والبراء شرح الطحاوية (ص403) وتيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد (ص422)).
وفي شرح تعريف الولاء والبراء قال ابن تيمية رحمه الله:
(الولاية ضد العداوة وأصل الولاية: المحبه والقرب وأصل العداوة: البغض والبعد. والولي والقريب يقال هذا يلي هذا. بأي يقرب منه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لاولى رجل ذكر" أي لأقرب رجل إلى الميت.. فإذا كان ولي الله هو الموافق التابع له فيما يحبه ويرضاه ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه. كان المعادي لوليه معاديا له كما قال تعالى: {يا أيها الذين امنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} فمن عادى أولياء الله فقد عاداه. (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيميه ص7 ).
ومما سبق يتضح أن الولاء في الله هو:
محبة الله ونصرة دينه، ومحبة أوليائه ونصرتهم.
والبراء هو:
بغض أعداء الله ومجاهدتهم.
وعلى ذلك جاءت التسمية في القرآن للفريق الأول: بـ "أولياء الله"، والفريق الثاني: بـ "أولياء الشيطان" قال تعالى: {الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}، وقال تعالى: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا}، ومسمى الموالاة لأعداء الله يقع في شعب متفاوتة منها ما يوجب الردة وذهاب الاسلام بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات.