وقد هاجر يهود المارانو أيضاً إلى هولندا واستوطنوا في أنتورب، ثم في أمستردام، وتحالفوا مع البروتستانت في حربهم ضد الهيمنة الإسبانية، كما لجأ بعض يهود المارانو إلى الإمبراطورية العثمانية. وكان نمط الهجرة يأخذ في العادة شكل استيطان سفاردي في البداية ثم يتوافد المهاجرون الإشكناز.
وقد أدَّى هذا، في بداية الأمر، إلى تزايُد عدم تجانس اليهود داخل القارة الأوربية. وفي داخل كل مدينة، كانت الجماعات اليهودية مستقلةً الواحدة عن الأخرى تماماً، ففي إيطاليا مثلاً كانت هناك جماعة يهودية إيطالية وأخرى إسبانية سفاردية وثالثة ألمانية إشكنازية، وكانت كل جماعة منفصلة عن الأخرى وتتصارع معها في بعض الأحيان. بل كانت الجماعة الواحدة تنقسم إلى عدَّة أقسام حسب المدينة التي ينتمي إليها أعضاؤها أصلاً. ومع هذا، كان هناك فريقان أساسيان هما: السفارد ممن يتحدثون اللادينو، والإشكناز المتحدثون باليديشية، وبخاصة بعد أن انضمت الجماعات الصغيرة الأخرى إلى أحد الفريقين وفقدت هويتها بينهم. وتركز يهود المارانو في شبه جزيرة أيبريا وثغور البحر الأبيض المتوسط، وداخل الدولة العثمانية، وداخل أوربا، وفي العالم الجديد. أما اليهود الإشكناز فقد تركزوا في شرق أوربا وداخل بعض مدن وسط ألمانيا.
وكان الهرم الطبقي لليهود في الغرب يتكون من خمس أو ست طبقات. وعلى قمة الهرم، كانت تقف نخبة صغيرة من كبار المموّلين ويهود البلاط ويهود الأرندا ووكلاء الأمراء، وكان هؤلاء يُشكِّلون قيادة الجماعة اليهودية كما هو الحال مع يهود البلاط في وسط أوربا، والمهاماد في غربها، والقهال في شرقها، تليها طبقة أكبر من كبار التجار والوكلاء التجاريين وأصحاب المعامل. أما الطبقة الثالثة، وهي أكبرها حجماً، فهي جمهور الباعة الجائلين وبائعو الملابس القديمة وغيرهم من صغـار التجار. وكانت هناك طبـقة رابعة صغيرة من الحرفيين. وفي أسفل الهرم، كانت توجد قاعدة كبيرة من الجائلين والمتسوّلين والمتعطِّلين.
وكما ذكرنا من قبل، كان بناء بعض المجتمعات الغربية فيما قبل الثورة الفرنسية هرمياً جامداً، وكانت حقوق الفرد تزداد بارتفاع مستواه الطبقي والاجتماعي. ولذا، لم يكن للفلاحين والأقنان أية حقوق تُذكَر. وكذلك الوضع بالنسبة ليهود ألمانيا، إذ كان يهود البلاط في قمة المجتمع ولهذا فقد كانوا يتمتعون بكل الحقوق تقريباً، أما يهود الجيتو فلم تكن لهم حقوق تذكر. وكان أعضاء الجماعة اليهودية في بروسيا يُقسَّمون حسب وضعهم في المجتمع ومدى نفعهم للدولة، وهو تقسيم تبنته فيما بعد معظم دول أوربا في القرن الثامن عشر الميلادي وتبنته روسيا في القرن التاسع عشر الميلادي.
وكانت قاعدة الهرم الطبقي اليهودي تمتد من القرى إلى المدن، وُيلاحَظ خلو هذا الهرم من الطبقة الوسطى المرتبطة بالصناعة ومن التجار متوسطي الحال ومن العمال والفلاحين والنبلاء. وكان أعضاء الجماعة اليهودية، نظراً لعلاقتهم المباشرة مع الحاكم من خلال يهود البلاط أو كبار المموِّلين الذين لعبوا دور الوسطاء (شتدلان) بين الحاكم وأعضاء الجماعة، أحسن حالاً من بقية أعضاء المجتمع الخاضعين لأهواء النبلاء وموظفي بقايا النظام الإقطاعي الذي لم يكن له قانون موحَّد أو قواعد ثابتة. وبرغم تزايد اندماج أعضاء الجماعات اليهودية في مجتمعاتهم، فقد ظلت الجماعات اليهودية محتفظة بشيء من تماسكها وبكثير من مؤسساتها، وهو ما جعلها منفصلة نوعاً ما عن المجتمع ومنعزلة عنه ومتمتعة بهوية شبه مستقلة.
وبعد تناقص دور اليهود كجماعة وظيفية وسيطة تتشكَّل من تجار صغار ومرابين، بدأت الحضارة الغربية تحوِّلهم مرة أخرى إلى جماعة وظيفية وسيطة أخرى تضطلع بالدور التجاري نفسه ولكن بما يُعبِّر عن التغيرات التي خاضها المجتمع الغربي. فبعد أن كان أعضاء الجماعة اليهودية هم الإسفنجة أو الأداة التي يمتص بها الحاكم الإقطاعي فائض القيمة من داخل مجتمعه، تحولوا إلى أداة يستخدمها حاكم الدولة المطلقة في النشاطات التي تقوم بها هذه الدولة داخل وخارج حدودها، إذ لم تعُد هناك ضرورة لامتصاص فائض القيمة لأن مؤسسات الدولة كانت تقوم بذلك على وجه أفضل. ومع هذا، استمر بعض أعضاء الجماعة اليهودية في لعب دور الجماعة الوسيطة القديمة أي التجارة البدائية والربا، وهؤلاء هم اليهود الذين كانوا يوجدون في قاعدة الهرم. والواقع أن معظم، إن لم يكن كل، أعضاء الجماعات اليهودية (في قمة الهرم وقاعدته) كانوا يضطلعون بأشكال مختلفة من الوساطة.
وقد كوَّنت الجماعات اليهودية في هذه المرحلة شبكة علاقات تجارية على مسـتويين: عالمي متقـدم، ومحلي بدائي. فكـان كبار المموِّلين اليهود، من يهود البلاط وغيرهم، يربطون بين الدول المختلفة ويسدُّون احتياجات الأمراء للأموال وحاجات الجيوش إلى التموين. فكان يهود الأرندا في بولندا يزوّدون يهود البلاط في وسط أوربا بالأخشاب والمحاصيل الزراعية التي كان يحتاج إليها غرب أوربا ووسطها بسبب زيادة عدد السكان آنذاك. وكان بوسع يهود أمستردام تدبير المعادن النفيسة التي قد يحتاج إليها نبلاء شرق أوربا أو وسطها. كما كانت تساندهم القاعدة الكبيرة من كبار تجار الجملة، والسماسرة والوكلاء التجاريين الذين كان يساندهم آلاف الباعة الجائلين وصغار تجار العملة والحرفيون اليهود الذين كانوا يعملون في العادة بالقرب من الوسيط اليهودي فيقومون بتقطيع الماس والصياغة والنسيج وخياطة الملابس وإصلاحها.
ولهذا السبب، كان بوسع كبار المموِّلين اليهود، من يهود البلاط أو غيرهم، أن يدبِّروا أية كمية من الذهب يريدها الإمبراطور أو الأمير، ويعدوا له التموين اللازم للحملات العسكرية التي يجرِّدها، وذلك في أسرع وقت ممكن ورغم ظروف الحرب. كما كان بوسعهم، من خلال الشبكة نفسها، القيام بأعمال التجسس لصالح هذا الفريق أو ذاك، وتوصيل المعلومات بسرعة غـير متوفرة لأيٍّ من الفريقين المتحاربين، وذلك من خلال حلقة الاتصال اليهودية، سواء مع يهود الأرندا في بولندا أو يهود المارانو في الدولة العثمانية، أو المئات من صغار التجار والمموِّلين اليهود في طول أوربا وعرضها. وقد استفادت كل دول أوربا المتحاربة من هذا الهرم التجاري اليهودي الممتد، فاستفاد منهم الكاثوليك والبروتستانت، والألمان والسويديون. ولذا، لم يمس أيٌّ من الأطراف المتحاربة أعضاء الجماعات اليهودية بأذى. ومن هنا، فإن الادعاء النازي بأن اليهود استفادوا من الحرب له أساس من الصحة، ولكنه لا يصور الحقيقة بأكملها، ولا يُفسِّرها.
وترجع إلى هذه الفترة بداية ارتباط الجماعات اليهودية بالاستعمار الغربي الحديث، وبخاصة في جانبه الاستيطاني، وكذلك تزايد اهتمام الغرب بالجماعات اليهودية باعتبارها عنصراً استيطانياً مالياً يشجع التجارة. فعلى سبيل المثال، كان أغلبية المستوطنين الأوربيين في سورينام من اليهود، وثار العبيد عليهم هناك. وقد سيطر المموّلون اليهود على كثير من أشكال التجارة الإستراتيجية، واشتركوا في كثير من المشاريع الاستعمارية، فساهموا في شركة الهند الشرقية الهولندية وفي غيرها من الشركات. كما اشتركوا في تجارة العبيد بنشاط كبير. واستوطنت بعض الجماعات اليهودية في العالم الجديد، وهو ما وسع نطاق الشبكة التجارية اليهودية.
ويُلاحَظ أن أعضاء الجماعات اليهودية في شرق أوربا كانوا مرتبطين بالاقتصاد الإقطاعي التقليدي فيها، وبالنبلاء من خلال نظام الأرندا. أما في الغـرب والوسـط، فكانوا جزءاً من اقتصاد الدولة المطلقة، وبخاصة في مجال التجارة والنشاط الكولونيالي، أي تلك النشاطات المرتبطة بأهداف الدولة القومية الجديدة. وكان القاسم المشترك بين هذه النشاطات أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا في أغـلب الأحـيان مرتبطين بأهداف الحاكم ومعادين لكثير من طبقات المجتمع. كما أنهم، رغم تراكم ثرواتهم، لم يصبحوا قط جزءاً من الاقتصاد الرأسمالي الجديد، فلم يستثمروا أموالهم في الصناعات الجديدة بل ظلوا بمنأى عنها.
وظل رأس المال اليهودي مرتبطاً بالدولة، فحين كان رأس المال اليهودي يؤسس المصانع، كانت هذه المصانع تابعة للدولة. ولأنهم لم يؤسسوا مصانع مستقلة، فقد ظلوا تحت حماية الدولة، لا علاقة لهم بالرأسماليين الآخرين ولا بالجماهير ولا بأيٍّ من الطبقات المهمة في المجتمع، ولذا فإنهم لم يساهموا في تطور الرأسمالية الرشيدة. وكان أعضاء الجماعة اليهودية في الدولة المطلقة، وبخاصة في المراحل الأولى من تاريخها، إحدى أدوات التوحيد وفرض المركزية، بل كانوا أداة على درجة كبيرة من الكفاءة والموضوعية والحياد نظراً لوجودهم خارج المجتمع الغربي.
ووضع الجماعات اليهودية في المجتمع الغربي كجماعة وظيفية وسيطة، وعلاقتهم الخاصة بالنخبة الحاكمة، يُفسِّر سرَّ تدهورهم بعد صعودهم. وتشكل الفترة من اندلاع حرب الثلاثين عاماً (1618 ـ 1648 حتى توقيع معاهدة أوترخت عام 1713، بعد حرب الخلافة الإسبانية، قمة ازدهار الجماعات اليهودية، والتي تلتها مرحلة التدهور، فقد كان الحاكم يصادر أموال اليهودي بعد موته وهو ما كان يعوق أي تراكم رأسمالي. وكان الملك يرفض أحياناً دفع ما عليه من ديون، فيدفع جزءاً منها وحسب، الأمر الذي كان يؤدي إلى القضاء على ثروة المموّل اليهودي. وكان هذا أمراً سهلاً على الحاكم، نظراً لعدم وجود قاعدة جماهيرية تساند اليهودي، ونظراً لاعتماده الكامل والمذل على الحاكم. وكانت علاقة الشك المتبادل بين الحاكم والمموِّل اليهودي، رغم حاجة الواحد منهما إلى الآخر، تؤدي بالمموِّل إلى تهريب جزء من رأسماله خارج حدود البلد الذي يعيش فيه، فقد كان الشك يجعل من المستحيل على أعضاء الجماعة اليهودية أن ينتموا انتماءً قومياً كاملاً.
وقد بدأ التدهور بين السفارد في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، فلم يعد هناك وكلاء يهود لأي بلاط أوربي في مدينة هامبورج ذات الأهمية التجارية. وعلى سبيل المثال، حينما عُيِّن مندوب يهودي للبلاط الدنماركي في أمستردام، اضطر مجلس الشيوخ بضغط من الجماهير إلى رفض الاعتراف به. كما انتقلت وكالتا إسبانيا والبرتغال في أمستردام من أيدي أعضاء الجماعة اليهودية في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي. ولحق هذا التدهور نفسه بأعضاء الجماعة اليهودية من السفارد البرتغاليين في أمستردام، فتناقص استثمارهم في التجارة الدولية وفقدوا جزءاً كبيراً من رأسمالهم في مضاربات البورصة.
وحدث الشيء نفسه بالنسبة إلى يهود ألمانيا، إذ دخلت السياسة المركنتالية الألمانية في مرحلة جديدة بعد عام 1720، فبدأت تحمي الصناعات والبضائع المحلية ومنعت استيراد الصوف والمواد الخام الأخرى. وكان ازدهار الجماعة اليهودية في ألمانيا يستند إلى استيراد البضائع من هولندا وإنجلترا. ومن أهم البضائع التي كانوا يستوردونها الأقمشة الهولندية وبضائع أخرى من التي طُبِّق عليها الحظر. وقد أدَّى كل هذا إلى تدهور وضع الجماعات اليهودية.
ورغم تحسن وضعهم لفترة وجيزة (عام 1740) بسبب حرب الخلافة النمساوية، إلا أنهم لم يعودوا إلى سابق عهدهم، بل تزايد عدد الفقراء بينهم، فقد تضاعف مثلاً عدد فقراء اليهود السفارد البرتغاليين في أمستردام أربع مرات في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام إذ زاد من 115 إلى 415، إلى نحو 40% من جملة أعضاء الجماعة السفاردية. وقد بدأ كبار المموِّلين اليهود بنقل رأسمالهم من التجارة اليهودية التقليدية إلى الصناعات الجديدة التي لم تكن صناعات يهودية (إن صح التعبير)؛ إذ كانت الدولة المطلقة تضع القوانين التي تجعل من الصعب على صاحب رأس المال اليهودي أن يستأجر يهوداً وحسب.
أما فيما يتصل بيهود بولندا، فقد كانت هجمات شميلنكي أول ضربة تلقوها ثم تلتها الفوضى السياسية التي تسببت في اضمحلال الجماعة اقتصادياً. ووضعت معاهدة أوترخت حداً لحالة الحرب التي ازدهرت بسببها الجماعات اليهودية، وساد السلام الذي ساهم في القضاء على الأساس الاجتماعي للتجارة اليهودية وفي القضاء على الحاجة إليها. وأثَّر هذا أيضاً على يهود الأرندا إذ لم تَعُد أوربا في حاجة إلى المحاصيل الزراعية أو الأخشاب. أما التجارة الكولونيالية، فقد بدأت تتسع وتحتاج إلى قاعدتين بشرية ورأسمالية واسعتين للغاية؛ وهو ما جعل رأس المال اليهودي الهزيل بدون أهمية كبيرة. وقد أدَّى تقسيم بولندا ثم اختفاؤها، كوحدة سياسية مستقلة، إلى تقسيم أهم وأكبر تجمُّع يهودي على الإطلاق.
ولذا، فمع النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، بدأ يتفاقم ضعف الحالة الاقتصادية ليهود أوربا: شرقها ووسطها وغربها. وبدأ أعضاء الجماعات اليهودية يعانون من الهامشية وانعدام الإنتاجية، لا لكسل طبيعي فيهم وإنما بسبب التطورات الاجتماعية والثقافية السريعة. وظهرت ظاهرة الشحاذ اليهودي (باليديشية: شنورير)، وهذه كلها جوانب مما يُسمَّى «المسألة اليهودية». ومما يجدر ذكره أن هذه المرحلة شهدت أيضاً تقلُّص نفوذ الجماعة اليهودية في الدولة العثمانية، وذلك نظراً لتزايُد النفوذ الغربي الذي شجع الأقليات المسيحية على حساب الجماعات اليهودية. وأخذ نصيب يهود الدولة العثمانية من تجارتها الدولية يتناقص ابتداءً من القرن السابع عشر الميلادي، حتى اختفى تماماً مع نهاية القرن الثامن عشر الميلادي.
وكان أعضاء الجماعة اليهودية مرتبطين بالنظام السياسي الإقطاعي والدولة الإقطاعية في بولندا وفي غيرها من الجيوب نظراً لارتباطهم بالنخبة الحاكمة، ففي بداية الفترة التي نتناولها كان أعضاء الجماعة يقفون على مقربة من الدولة المطلقة ويخدمون أهدافها ومآربها. ولذا، فقد كانوا عرضة لهجوم أعداء السلطة الحاكمة نتيجة التطور التاريخي وتزايد نفوذ الدولة المطلقة ورغبتها في تصفية الجيوب الإثنية والدينية المختلفة كافة وكل الجماعات الوظيفية الوسيطة بما في ذلك تلك الجمـاعات التي خدمتها بعـض الأوقات.
ومن هنا جاء دور الجيب اليهودي، فقررت الدولة المطلقة أن تحل مسألتها اليهودية على طريقتها المألوفة وهي ترشيد اليهود، بإخضاعهم للإجراءات نفسها التي طبقت على مواطني الدولة المطلقة. وإذا كان الهدف من هذه العملية أن تصل الدولة إلى الفرد مباشرة بحيث يمكنها توظيفه لصالحها تماماً، وإدارته من خلال مؤسساتها العامة، فإنها لذلك أخذت شكل تحرُّك على مستويين؛ مؤسسي وفردي. فعلى مستوى المؤسسات، أُلغيت كل المؤسسات اليهودية الوسيطة مثل القهال والمهاماد وغيرها. ولكن ثمة أسباباً داخلية خاصة باليهود ساهمت في عملية ضعف المؤسسات الوسيطة ومن بينها ازدياد عدم التجانس المهني والوظيفي بين أعضاء الجماعات اليهودية وتدنِّي المستوى الحضاري والثقافي لقيادتهم، الأمر الذي جعل هذه القيادات غير مؤهلة لتمثيل الجماعة اليهودية أمام الحكام غير اليهود.
أما على المستوى الفردي، فقد حدث ترشيد اليهود وتطبيعهم أي تحويلهم إلى إنسان عصر الاستنارة الطبيعي. وقد سُميَّت العملية «عملية إصلاح اليهود»، أي تخليصهم من هامشيتهم وطفيليتهم وانعدام إنتاجيتهم وتحويلهم إلى عناصر نافعة يمكن توظيفها مع ما يوظَّف من عناصر مادية وبشرية أخرى في خدمة الدولة، ويمكن دمجها مع بقية المادة البشرية التي تكوِّن مواطني الدولة. ولم يكن هذا الأمر مقصوراً على أعضاء الجماعة اليهودية فقد أكد فكر حركة الاستنارة الحرية الشخصية وضرورة الحكم على الفرد من منظور مدى نفعه للدولة، ولذا كانت عملية الإعتاق والتحرير تتم بهدف زيادة نفع الإنسان وتحويله إلى مواطن منتج مستهلك (وقد وجدت فكرة تطبيع اليهود وتحويلهم إلى عناصر نافعة طريقها إلى الفكر الصهيوني).
وقد تدخلت الدولة المطلقة في أخص خصوصيات الفرد اليهودي: متى يتزوَّج؟ ومن يتزوَّج؟ وأين يقيم؟ وماذا يرتدي؟ وكيف يحلق شعر رأسه؟ ومما يجدر ذكره أن الدولة المطلقة لم تكن تتدخل في شئون اليهـود وحسـب، بل كانت تتدخل في شئون كل الرعايا. ففي عام 1666، أصدرت الدولة الفرنسية قراراً يقضي بأن يُعفَى من الضرائب كل من يتزوج وهو دون العشرين، وذلك حتى يبلغ سن الخامسة والعشرين. كما كان يُعفَى من الضرائب ربُّ كل أسرة يبلغ عدد أفرادها عشرة، بشرط ألا يكون أحدهم منخرطاً في سلك الرهبان! وصدر قرار عام 1669 بفرض غرامة على الآباء الذين لا يزوجون أولادهم قبل سن العشرين، أو بناتهم قبل سن السادسة عشرة!
كما تدخلت الدولة المطلقة في الأمور الدينية، فألغت المحاكم الحاخامية، وحرَّمت دراسة التلمود قبل سن السابعة عشرة، وهي إجراءات كانت تهدف إلى تحديث أعضاء الجماعة اليهودية وعلمنتهم حتى يصبحوا جزءاً عضوياً نافعاً يساهم في الإنتاج القومي للدولة. وهي كذلك عملية لم تنطبق ـ كما أسلفنا ـ على أعضاء الجماعة وحدهم وإنما على أعضاء المجتمع كافة. كما أن السلطات التي كانت تمارسها الدولة لم تختلف في أساسياتها عن السلطات التي كانت تمارسها الإدارة الذاتية اليهـودية.
بل ربما كانت السـلطات الحكومية أكثر ليبراليةً وعقلانية، ولكنها مع هذا كانت أكثر قسوة بسبب ضخامة حجمها وبُعدها عن الفرد. ويظهر ذلك بشكل أكثر حدَّة في حالة أعضاء الجماعة اليهودية بسبب خصوصيتهم اليهودية، وبسبب أن عمليتي العلمنة والتحديث استخدمتا في البداية ديباجات مسيحية أخفت الجوهر العلماني التحديثي عن المسيحيين من مواطني الدولة المطلقة ومن ثم زادتها إيلاماً بالنسبة إلى اليهود.
وإذا كانت عملية الإصلاح ترتبط بأسماء حكام مطلقين مثل جوزيف الثاني ونابليون بونابارت وألكسندر الثاني، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، فإنها لم تختلف كثيراً عن السياسة التي طرحتها الثورة الفرنسية. فالفكر الكامن في الملكيات المطلقة والجمهوريات الثورية هو فكر عصر الاستنارة، والنموذج الكامن هو نموذج الإنسان الطبيعي. ومع هذا، كان وضع أعضاء الجماعة اليهودية وطريقة حلّ المسألة اليهودية يختلفان من بلد إلى آخر بحسب مستوى تطوُّر هذا البلد.
فبالنسبة إلى الإمبراطورية النمساوية المجرية التي كانت تضم النمسا والمجر وبوهيميا ومورافيا، ثم جاليشيا التي كانت تضم كتلة يهودية كبيرة نوعاً ما، حاول الإمبراطور جوزيف الثاني أن يدمج اليهود في الإمبراطورية فأصدر عدة تشريعات في الفترة من 1781 إلى 1789 كما أصدر عام 1782 براءة التسامح التي كانت تهدف إلى تحديث المجتمع ككل وإلى إلغاء انعزالية اليهود المتمثلة في مؤسسات الإدارة الذاتية. وحدَّدت التشريعات حقوق النبلاء، كما استهدفت تحسين أحوال الفلاحين والحد من سلطان رجال الدين الكاثوليكي. وقد أُلغيت الشارة اليهودية التي كان على اليهود ارتداؤها خارج الجيتو. كما أُلغي كثير من القوانين التي كانت تحد من حركتهم، فأصبح من حقهم ممارسة أية حرفة وأن يعملوا بالتجارة والصناعة أو في أية وظيفة مدنية أو عسـكرية، وأصبح من حقهم أن يشيِّدوا منازل خاصة بهم في أي مكان.
ومُنحوا حق التمتع بشرف الخدمة العسكرية عام 1787، كما حُظر عليهم استخدام اليديشية، وبخاصة التجار الذين كان عليهم أن يكتبوا حساباتهم بالألمانية. كما أصبح من المحظور على أعضاء الجماعات اليهودية ارتداء أزياء خاصة بهم، بل وفرضت عليهم الأزياء الأوربية، ومُنع الآباء من تدريس التلمود لأبنائهم قبل اكتمال دراستهم، وفُرض عليهم اختيار أسماء جديدة ألمانية. وقد حاولت حكومات الإمارات والدويلات الألمانية تطبيق سياسة ترمي إلى دمج اليهود، فأصدر فريدريك الأكبر ميثاقاً يضمن لهم حرية العبادة ولكنه يحدد في الوقت نفسه مكان سكناهم ونسبة المصرح لهم بالزواج.
وقد خاض اليهود في روسيا وبولندا عملية تحديث مماثلة في مرحلة لاحقة، وإن كانت قد أخذت شكلاً خاصاً نظراً لخصوصية وضع اليهود فيها ونظراً لتعثر عملية التحديث. هذا على عكس الوضع في فرنسا وإنجلترا وهولندا، وهي بلاد ذات بورجوازيات محلية قوية لم تخش منافسة التاجر اليهودي ولم ترفض توطين اليهود، وبخاصة المارانو، بل أتاحت أمامهم فرصة الاشتغال بجميع الحرف. وكانت اللاأهلية الشـرعية (القانونية) المفروضة عليـهم محدودة وآخذة في الاختفاء، كما لم تظهر في مثل هذه البلاد مسألة يهودية إذ أخذت فيها المسألة اليهودية شكلاً غير مستعص على الحل لأن الجماعة اليهودية لم تكن جسماً غريباً فيها، ولم تكن أيضاً متميِّزة اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً، كما أن عدد أعضائها كان صغيراً. وكان لمعظم هذه البلاد مشروع استعماري قوي في فترة مبكرة، وأمكنها عن طريقه حلّ كثير من مشاكلها الاجتماعية.
وكما أسلفنا، كان الاقتصاد المركنتالي يمثل تحدِّياً للمسيحية وقيمها، ومن ثم شكَّل تحدِّياً للاقتصاد التقليدي المسيحي المبني على القيم المسيحية التقليدية. وكانت التجارة اليهودية عنصراً مهماً من عناصر التحدي التي ساهمت في تقويض دعائم الاقتصاد التقليدي. وتمثَّل هذا التحالف بين القوى المدافعة عن المركنتالية والتجارة اليهودية فيما يُسمَّى «فيلوسيمتزم (Philo-Semitism» حب السامية) أي التحيُّز لليهود وحبّ المعرفة التي ينقلونها.
وقد شهدت هذه المرحلة بالفعل تزايُد الاهتمام بالدراسات العبرية، وهو اهتمام على مستوى من المستويات يُعدُّ تحدِّياً للقيم المسيحية والتقليدية ويُعبِّر عن تراجعها فهو من ثم شكل من أشكال العلمنة. كما أنه مرتبط بظهور الشك الفلسفي في هذه المرحلة، أي أن حب السامية أو التحيز لليهود هو تعبير آخر عن تزايُد معدلات العلمنة في المجتمع الغربي. وقد تنبه بعض رجال الكنيسة إلى أن هذا الاهتمـام باليهودية والدراسـات العبرية يشـكل هجوماً مقنَّعاً على المسيحية. ولعب المارانو دوراً أساسياً في علمنة الجماعات اليهودية، فقد كانوا كتلة بشرية متحركة لا جذور لها في بقعة جغرافية.
ومن ثم، ساهموا بشكل فعّال في عملية التحديث والعلمنة على المستويين الاقتصادي والثقافي باشتراكهم في التجارة الدولية وفي بناء الدولة المطلقة، وبنشرهم لأول مرة كتباً وضعها يهود ولكن بإحدى اللغات الأوربية، وبإشاعتهم فكرهم الديني الذي كان جوهره تفكيراً لادينياً رافضاً لليهودية الحاخامية دون قبول دين آخر. وكانت اليهودية الحاخامية في ذلك الوقت قد بدأت تدخل أزمتها العميقة التي أودت بها في نهاية الأمر كعقيدة لأغلبية اليهود، إذ تحجرت تماماً داخل الجيتو وأصبحت خالية من المعنى منفصلة عن الواقع. وظهرت القبَّالاه لسد الفراغ النفسي والمعرفي، كما ظهر إسبينوزا من صفوف المارانو ووجه سهام نقده لليهودية وللفكر الديني بشكل عام، وترك اليهودية دون أن يؤمن بدين آخر. وبذلك، وضع إسبينوزا أساس اليهودية العلمانية بل والعلمانية ككل.
وظهر شبتاي تسفي في الفترة نفسها، فطرح تصوراته التي قوَّضت دعائم اليهودية وتحدَّت القيادة الحاخامية الأرثوذكسية وأحرز شعبية غير عادية، بل وانضم إليه عدد كبير من الحاخامات. والواقع أن نجاح الشبتانية هو أكبر دليل على مدى عمق التغير الذي حدث لليهود واليهودية. وقد تزايدت معدلات العلمنة بين اليهود وتزايد ابتعادهم عن تراثهم الديني وغربتهم عنه بل واحتقارهم له، وهو احتقار كان يشعر به حتى المتدينون منهم. ومما عجل بعملية العلمنة أن قيادات الجماعات اليهودية انتقلت من يد الحاخامات إلى يد الأثرياء، من أمثال يهود البلاط الذين كانوا مُستوعَبين في الحضارة الغربية العلمانية حيث استمدوا شرعيتهم من تقبُّل مجتمع الأغيار لهم، هذا المجتمع الذي تشبهوا به وبطرقه، ولذا فقد كانوا هم النموذج الذي يُحتذى بين من يودُّون تحقيق النجاح.
وأدَّت عمليات التحديث والعلمنة التي قامت بها الدولة المطلقة إلى ظهور نواة مستنيرة داخل الجماعات اليهودية يُقال لها «المسكليم» أي دعاة الاستنارة، وهي جماعات كانت منتمية بشكل شبه كامل للفكر الغربي غير اليهودي. كما ظهرت في صفوف اليهود جماعات مهنية وقطاعات اقتصادية مرتبطة بالاقتصاد الغربي الرأسمالي الجديد. لكل هذا، انتشر فكر عصر الاستنارة بينهم، وكانت الجماعات اليهودية عشية الثورة الفرنسية والانعتاق السياسي مهيأة لتقبُّل تحولات عنيفة. وتُعَدُّ معظم الفلسفات اليهودية الحديثة التي طُرحت في القرن التاسع عشر الميلادي، مثل الصهيونية وقومية الجماعات (الدياسبورا)، استجابات لهذه التحولات.
وقد أخذت الفكرة الصهيونية تتغلغل في الفكر الغربي، الديني والعلماني، حتى أصبحت الإطار المرجعي الأساسي الذي يتم إدراك اليهود من خلاله، وأصبحت فلسطين مرتبطة في الذهن الغربي باليهود. ومع تزايد معدلات العلمنة في المجتمع الغربي، لم تختف الفكرة بل تم ترشيدها، واستُبعدت منها العناصر الغيبية مثل الشعب الشاهد والعقيدة الاسترجاعية، واكتسبت شكلاً علمانياً وأصبحت جزءاً من المشروع الاستعماري الغربي، فدعا توماس شيرلي إلى أن توطين اليهود في إنجلترا « لا لأنهم يهود وإنما لأنهم عنصر تجاري ».
وقد ساد الخطاب العلماني في نهاية الأمر وضمر الخطاب الديني وتحوَّل إلي ديباجات تستخدمها شخصيات هامشية. وشهدت هذه المرحلة بروز ظاهرة معاداة اليهود بالمعنى العرْقي الحديث. والواقع أن فكر عصر الاستنارة، بطرحه فكرة الإنسان الطبيعي، وجد أن الخصوصية اليهودية تشكل تحدِّياً لهذه الفكرة. ولكن الفكر التنويري، بتأكيده على فكرة نفع الإنسان، وبانطلاقه من فكرة الإنسان الطبيعي العام، طلب من أعضاء الأقليات أن يُطبِّعوا أنفسهم ويرشِّدوها وأن يتَّبعوا القانون العام. ومن ثم طُلب منهم أن يتخلوا عن خصوصيتهم وعن كل ما يميِّزهم كأقلية إثنية أو دينية في الحياة العامة، ثم انسحب ذلك على الحياة الخاصة أيضاً حتى أصبح الجميع مواطنين نافعين، أي أن ما بدأ كمحاولة لإعتاق الأقليات انتهـى بعملية دمجها وتذويبها، وهو النمــوذج الكـامن في عصـر الاسـتنارة: تحرير الإنسان من المطلقات ثم تفكيكه وتذويبه.
ويجب التنبه إلى أن عداء مفكري الاستنارة للخصوصية لم يكن مقصوراً على الخصوصية اليهودية بل كان هذا العداء عاماً لسائر الخصوصيات. كما كان بعض أعداء الخصوصيات المحلية يجدون أن خصوصية البريتون والفلامنج والأوكستينيان تسبب لهم قدراً من الضيق أكبر مما تسببه الخصوصية اليهودية. وكان مفكرو عصر الاستنارة يهاجمون المسيحية تحت ستار الهجوم على اليهودية (التي كانوا يسمونها «المسيحية البدائية»). ومن هذين العنصرين، ظهر الهجوم الشرس على اليهود في فكر الاستنارة. ولقد شكلت فكرة الشعب العضوي المنبوذ التي سادت في الفكر الغربي، وهي علمنة لبعض المفاهيم الدينية، الإطار المشترك للفكر الصهيوني والمعادي لليهود. ومع العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر الميلادي (1770)، بلغ عدد يهود العالم مليونين ومائتين وخمسين ألفاً، كان يوجد منهم في أوربا مليون وسبعمائة وخمسون ألفاً، أي الأغلبية العظمى، وكانت أغلبيتهم من يهود اليديشية في روسيا وبولندا وجاليشيا.
الرومانسية والعداء للاستنارة (القرن التاسع عشر)
(Romanticism and the Counter-Enlightenment (Nineteenth Century
تأثر المفكرون اليهود في العالم الغربي بالرومانسية والفكر المعادي للاستنارة في النواحي التالية:
1 ـ الفكر العنـصري الغـــربي هـو إحدى ثمار الفـكر المعـادي للاستنارة.
2 ـ فكرة القومية العضوية (والشعب العضوي [فولك])، وهي فكرة تضرب بجذورها في الفكر المعادي للاستنارة، هي حجر الزاوية في الفكر الصهيوني.
3 ـ اليهودية المحافظة واليهودية التجديدية متأثرتان بالفكر المعادي للاستنارة.
ونحن نذهب إلى أن الصهيونية، في بعض جوانبها، حركة «رومانسية»، فالرومانسية هي عودة إلى مطلق لا زمني متجسد في شيء ما يوجد في الزمان والمكان يُطلَق عليه بشكل عام «الطبيعة» وإن كان يأخذ أسماء أخرى، والصهيونية هي عودة إلى مطلق متجسد في الزمان والمكان: فهي عودة للأرض أو لروح الشعب اليهودي. أما فيما يتصل بالجوانب السياسية والاقتصادية فيمكن العودة للباب المعنون «التحديث وأعضاء الجماعات اليهودية».
الجماعات اليهودية في عصر ما بعد الحداثة (القرن العشرون)
Jewish Communities in the Age of Post-Modernism (Twentieth Century)
مع نهاية القرن التاسـع عـشر، وتزايد هيمـنة الإمبريالية على العالم، تبدأ الصهيونية في إحكام قبضتها على الجماعات اليهودية في الغرب. ويصبح تاريخ الجماعات اليهودية، من الناحية السياسية، هو تاريخ صهينة هذه الجماعات أو رفضها للصهيونية ومحاولتها التملص منها. وقد تناولنا هذا الجانب وخلفياته التاريخية والفكرية والسياسية في المجلد الخامس. ولكن من الناحية الحضارية والثقافية، يدخل أعضاء الجماعات اليهودية عصر ما بعد الحداثة فيزداد اندماجهم في مجتمعاتهم ولا يوجد أي تمايز مهني أو حرفي قسري، كما لا يوجد أي تمييز ضدهم. ويزداد تهميش اليهودية الحاخامية في حياة أعضاء الجماعات اليهودية، فهم يصبحون إما يهـوداً إثنيين (أي ملحدين) أو يهـوداً إصلاحيين أو محافظين، وهي صيغ يهودية مخففة للغاية فقد بعضها كل علاقة باليهودية الحاخامية المعيارية. فهم، على سبيل المثال، يتقبلون الشذوذ الجنسي ويسمحون بقيام أبرشيات للشواذ جنسياً يقودها حاخامات (من الذكور والإناث) من الشواذ أيضاً ويظهر لاهوت موت الإله (تناولنا هذا الجانب في الأبواب الأخيرة من المجلد السادس).
ويظهر ما نسميه «الهوية اليهودية الجديدة»، وهي هوية غربية تماماً تغطيها قشرة زخرفية يهودية لا تؤثر في جوهر سلوك أعضاء الجماعات اليهودية. ويُلاحَظ أن المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية يصبحون جزءاً عضوياً من الفكر الغربي الحديث، فهوسرل ودريدا (رغم أصولهما اليهودية) مفكران غربيان تماماً. (انظر الأبواب الخاصة بالفكر والفلسفة وعلم النفس والاجتماع في هذا المجلد).