عــلاقة الجـــماعات اليهـودية بالصناعــــة
Relationship between Jewish Communities and Industry
يستطيع القارئ أن يرجع للباب المعنون «التحديث والمسألة اليهودية» (المجلد الثالث)، وذلك للإحاطة بجذور علاقة أعضاء الجماعات اليهودية (كجماعات وظيفية) بالصناعة في الحضارة الغربية. وتتناول المداخل الخاصة بالتراث اليهودي (الموروث الاقتصادي) في الباب المعنون «ثقافات أعضاء الجماعات اليهودية» (المجلد الثالث) والمداخل الخاصة بتاريخ الجماعات اليهودية في الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة (المجلد الرابع) تَطوُّر علاقة أعضاء الجماعة اليهودية بالصناعة وأثر الميراث الاقتصادي لأعضاء الجماعات اليهودية على وضعهم الاقتصادي والمهني في الوقت الحالي.
الرأسـمالية والاشـتراكية والجماعــات اليهوديــة
Capitalism, Socialism, and Jewish Communities
يستطيع القارئ أن يعود للباب المعنون «الرأسمالية والجماعات اليهودية» و«الاشتراكية والجماعات اليهودية» (المجلد الثالث) ليدرس كيف أثَّر تَحوُّل أعضاء الجماعات اليهودية إلى جماعات وظيفية على علاقتهم بالرأسمالية وتَطوُّرها والاشتراكية وتَطوُّرها وفي موقف المفكرين الرأسماليين والاشتراكيين منهم.
تحوُّل أعضـاء الجماعات اليهودية إلى جماعات وظيفية: تاريخ
Transformation of Jewish Communities into Functional Groups: History
يبدو أن العبرانيين،منذ بداية ظهورهم في التاريخ، كانوا يشكلون جماعة وظيفية. فقد كانوا بدواً رُحَّلاً تجندهم المجتمعات المختلفة للاضطلاع ببعض الوظائف التي يأنف أعضاء الأغلبية عن القيام بها. وكلمة «خابيرو»، التي يُقال إنها أصل كلمة «عبري»، تعني العبد الذي أصبح كذلك بمحض اختياره (أي مرتزق). ثم أخذ العبرانيون يستقرون تدريجياً منذ عصر القضاة وحتى عصر المملكة العبرانية المتحدة، حيث أصبحوا شعباً رعوياً تشتغل بعض قطاعاته في الزراعة والحرف البـدائية، ولم يعـملوا بالتجـارة على نطـاق واسـع. وفي هذه الفترة بدأ يعمل بعض العبرانيين جنوداً مرتزقة. وقد استمر العبرانيون في العمل بالزراعة بعد التهجير البابلي، وإن بدأت تظهر بينهم قطاعات من الأثرياء الذين بدأوا يعملون في التجارة وأعمال الصيرفة، كما تزايد عدد اليهود المرتزقة وبدأت بعض الجماعات اليهودية تتحول إلى جماعات وظيفية استيطانية وقتالية وتجارية. ومع ظهور التجمعات اليهودية المختلفة خارج فلسطين، بدأ أعضاء الجماعات اليهودية يبتعدون عن الزراعة ويعملون في التجارة والحرف المختلفة. ويمكن القول بأن أول دياسبورا يهودية حقيقية هي الجمـاعة العبرانية الاستـيطانية القتالية التي وطَّنها فراعنة مصر في جزيرة إلفنتاين، لحماية حدود مصر الجنوبية، وهو تقليد استمر بعد ذلك في مصر البطلمية وفي سوريا السلوقية.
ويُلاحَظ أن الجماعات اليهودية بدأت تتحول بالتدريج إلى جماعات وظيفية. ولكن، مع حلول العصور الوسطى في العالم الغربي، ابتداءً من القرن التاسع الميلادي على وجه الخصوص، تسارعت هذه العملية وتبلورت حيث ملأ اليهود الفراغات بين طبقة النبلاء وطبقة الفلاحين وأصبحوا أقنان بلاط، أي جماعة وظيفية مالية تابعة للبلاط الملكي تضطلع بدور التجارة والربا وجمع الضرائب، وكلها مسميات مختلفة للجماعة الوظيفية التي تُستخدَم كأداة نافعة. ونظراً لوجود جماعات يهودية في العالمين الإسلامي والمسيحي، فقد استفاد أعضاؤها من شبكة الاتصالات الدولية وأصبحوا يشكلون ما يشبه الجماعة الوظيفية المالية على المستوى الدولي، واشتغلوا بالتجارة الدولية (مثل تجارة الفراء والمنسوجات والتوابل والرقيق) وأعمال الصيرفة. وبدأ تَركُّزهم في الحرف التي تتطلب مهارة فنية فائقة مثل صناعة الزجاج والصباغة أو ترتبط بسلع معينة مثل الذهب ودبغ الجلود والخمور (وهي عادةً سلع نادرة أو نفيسة أو غير عادية وذات طابع استهلاكي) أو بالحرَف التي يمكن لصاحبها أن يحمل أدواته ورأسماله معه (السجاد - الجواهر - أدوات إنتاج خاصة).
ويُلاحَظ أن ظاهرة تَحوُّل اليهود إلى جماعة وظيفية لم تكن مقصورة على العالم الغربي وإنما امتدت لتشمل العالم الإسلامي، ولكن لم يكن اليهود هم الجماعة الوظيفية الوسيطة الوحيدة فيه. كما كان ثمة تَنوُّع في حرف ووظائف أعضاء الجماعات اليهودية ونشاطهم الاقتصادي في العالم الإسلامي، حتى أن هرمهم الاقتصادي والحرَفي كان لا يختلف أحياناً عن الهرم الاقتصادي والحرَفي في المجتمع ككل. ومن جهة أخرى، كان لأوضاع أعضاء الجماعات اليهودية، في الصين والهند وإثيوبيا، خصوصيتها المختلفة النابعة من الخصوصيات والحركيات المختلفة للمجتمعات التي يوجدون فيها. ولذا، فنحن لا نقترح نمطاً يهودياً عاماً وعالمياً، وإنما نقترح نمطاً خاصاً مقصوراً على أعضاء الجماعات اليهودية داخل الحضارة الغربية.
لقد بدأ انسحاب أعضاء الجماعات اليهودية التدريجي من التجارة (الدولية والمحلية) في الغرب، حتى تخصصوا في الإقراض الربوي في الفترة بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين. وبدأوا يعملون أيضاً ملتزمي ضرائب في أوربا الشرقية، حتى أصبحت هذه هي إحدى الوظائف الأساسية ليهود بولندا وليتوانيا، خصوصاً في أوكرانيا في القرن السادس عشر الميلادي (يهود الأرندا)، إذ قاموا بتمثيل النبلاء في إقطاعياتهم داخل إطار نظام الأرندا والإقطاع الاستيطاني. ولكن هذا النظام نفسه فتح لهم مجالات جديدة في الاستثمار والعمل، فظهرت طائفة من الحرَفييِّن اليهود يعملون في قطع الأخشاب وتقطير الخمور والصباغة ودبغ الجلود.
وبرز في وسط أوربا يهود البلاط الذين كانوا عادةً من كبار المموِّلين وذوي الخبرة الإدارية والاتصالات الدولية والمعرفة بالشئون الاقتصادية، ولذا كانوا في منزلة وزراء اقتصاد وخارجية ومخابرات لأمراء الإمارات الألمانية وغيرها من دول وسط أوربا التي كانت ترغب في تنمية نفسها اقتصادياً. ويُلاحَظ أن الإقراض الربوي الذي كان يقوم به أعضاء الجماعات الوظيفية اليهودية قد تدهور، فبدلاً من إقراض كبار النبلاء والكنيسة، أصبح إقراض الفلاحين والحرَفييِّن نظير رهن أشياء مثل الملابس المستعملة والمجوهرات. ومن هنا، بدأ الحرفيون يعملون في حرف رتق الملابس والخياطة والصباغة. ومع القرن الثامن عشر الميلادي، صار معظم أعضاء الجماعات اليهودية في شرقي أوربا بورجوازيين صغاراً: بقالين وباعة جوالين وبائعي ثياب قديمة وخياطين. كما كان من الوظائف الأخرى المهمة لأعضاء الجماعات اليهودية قيامهم بعمليات الاستيطان والريادة. ولكن الاضطلاع بهذه الوظيفة كان يعني، ابتداءً من القرن السابع عشر، الخروج من المجتمع الغربي والاستقرار في مجتمعات جديدة في إطار الاستعمار الاستيطاني الغربي.
ويُلاحَظ أن أعضاء الجماعات اليهودية، بوظائفهم هذه، كانوا دائماً أصحاب أعمال مستقلين، وكان مستواهم المعيشي أحسن حالاً من الفلاحين والأرقاء المسيحيين. وكان أعضاء الجماعات اليهودية بمهنهم المختلفة (بوصفهم تجاراً دوليين ومرابين) يعملون في مهن غير منتجة، فهي مهن لا تهدف إلى إعادة صياغة المادة وإنما هي وظائف إدارية وعملها شكل من أشكال المضاربات، ومن هنا يجري وصف أعضاء الجماعات اليهودية داخل التشـكيل الحضاري الغربي بالهامشـية والطفيلية.
وقد بدأ هذا الوضع في التغير بعد الثورة التجارية وظهور المركنتالية ونظام الاتجار والإقراض اللذين يشكلان قلب النظام الاقتصادي الجديد. وداخل هذا الإطار الجديد، تغيَّر البناء الوظيفي لأعضاء الجماعات اليهودية. وحينما دخل يهود المارانو الاقتصاد الغربي في القرن السابع عشر الميلادي، لم يكونوا التجار أو الممولين الوحيدين، كما لم يقفوا على هامشه، وإنما أصبحوا مموِّلين داخل اقتصـاد تجاري مالي نشـط له مشروع استعماري استيطاني عالمي، فأصبحـوا جزءاً منه واسـتثمروا في شركاته الاستيطانية المختلفة. وظهر يهود البلاط الذين أداروا ميزانيات كثير من الدول الملكية والإمارات المطلقة، خصوصاً في وسط أوربا، وساهموا في تحديثها. ومع القرن التاسع عشر الميلادي وتَصاعُد الثورة الصناعية، بدأ تحديث البناء الوظيفي لليهود في أرجاء العالم الغربي غربه ووسطه وشرقه. وقد تم دمـج أعضـاء الجماعات اليهـودية مهنياً ووظيفياً في غرب أوربـا بسرعة. ولكن عملية الدمج في شرق أوربا ووسطها استغرقت وقتاً أطول بسبب تَعثُّر التحديث، ولأن محاولة تحديث البناء الوظيفي كانت تتم بقرارات قانونية ودون إتاحة فرص أخرى حقيقية للعمل.
وفي إحصاء عام 1897 في روسيا، حيث كان يعيش أغلبية يهود العالم، نجد أن اليهود كانوا موزَّعين وظيفياً علي النحو التالي:
3.55% - يعملون بالزراعة.
38.65% - في التجارة.
33.45% - في الصناعة و الصناعات اليهودية.
3.98% - في النقل.
11.76% - في الأشغال العامة والمهن الحرة.
6.61% - في الأعمال المنزلية.
لقد كان أعضاء الجماعات اليهودية في الأساس جماعة الوسطاء والحرَفييِّن ولم يكن بينهم عمال أو فلاحون، وهذا ما أسماه بوروخوف الهرم الوظيفي المقلوب. ولم يكن الوضع مختلفاً في الإمبراطورية النمساوية التي كانت تضم جماعة يهودية كبيرة. وبالنسبة لروسيا السوفيتية، ونظراً لتأميم التجارة، فقد تغيَّر الوضع الوظيفي عام 1930 كليةً، فنجد أن 42% من اليهود كانوا يعملون في مهن إنتاجية: في الصنـاعـة 21.5%، وفي الحرَف اليدويـة 14.3% وفي الزراعـة 7.1%. ومع هذا، تَركَّز عدد كبير منهم (نحو 37.2%) في الأعمال الكتابية، ونحو 12.1% في المهن الحرة. ولعد أن هاجر اليهود إلى العالم الجديد، خصوصاً الولايات المتحدة، تغيَّر وضعهم. فنجد أنه ـ حسب إحصاء عام 1900 ـ كان 59.6% منهم عمالاً وفي صناعة الملابس على وجه الخصوص. ولم يكن يعمل في التجارة سوى 20.6% حسب الإحصاء نفسه. وقد تَحوَّل كثير من يهود الولايات المتحدة في الثلاثينيات إلى التجارة فبلغت نسبة العاملين بها نحو 50%، في حين بلغت نسبتهم في الصناعة نحو 28%، وفي المهن الحرة نحو 10%. ومع السبعينيات، تَركَّز معظم اليهود في المهن الحرة.
ويمكن القول بأن النمط الأساسي للحراك الوظيفي للمهاجرين اليهود كان يأخذ الشكل التالي: يصل المهاجر فيصبح عاملاً أو رأسمالياً صغيراً. ولكن العمال بوسعهم (بسبب خلفيتهم الثقافية والاجتماعية) الانسلاخ عن الطبقة العاملة أو مساعدة أولادهم على تَلقَّي التعليم، وهو ما يجعلهم يحققون حراكاً اجتماعياً وينسلخون عن الطبقة العاملة ويتحوَّلون إلى مهنيين. أما الرأسمالي الصغير، فيتحوَّل إما إلى رأسمالي كبير أو إلى مهني. ومن ثم، نجد أن غالبية يهود الولايات المتحدة (وغيرها من الدول الاستيطانية) من المهنيين. ومع هذا، ترك ميراث اليهود الاقتصادي، كجماعات وظيفية وسيطة وكمهاجرين، وكذلك الكفاءات التي اكتسبوها عبر تواريخهم بسبب وظيفيتهم هذه، أثرها في التركيب الوظيفي ليهود أمريكا، إذ أن هذه الخبرة التي حملوها معهم أينما هاجروا استمرت في تحديد نشاطاتهم الاقتصادية حتى بعد أن زالت الوظيفة. فيُلاحَظ مثلاً أن اشتغال يهود العالم الغربي بالربا وأعمال الرهونات، جعلهم يتخصصون في حياكة الملابس، ذلك لأن كثيراً من الأشياء المرهونة كانت ملابس قديمة. ولذا، يُلاحَظ أن يهود العالم الغربي يتخصصون في صناعة النسيج والملابس الجاهزة. وقد أدَّى بهم هذا إلى أن يحققوا ثروات أثناء الحروب، لأن القوات المحاربة، خصوصاً في العصر الحديث، تحتاج إلى زي رسمي. وقد حدث هذا في حروب عديدة من بينها الحرب الأمريكية الأهلية حيث حقق أثرياء اليهود أرباحاً هائلة بسبب تركزهم في صناعات النسيج.
وكذلك، فإن الميراث الاقتصادي لأعضاء الجماعات اليهودية في الغرب (باعتبارهم جماعات وظيفية وسيطة تقف دائماً على الهامش) يجعلهم يتخصصون في الصناعات القريبة من المستهلك ويبتعدون عن الصناعات الثقيلة، إذ أن عضو الجماعة الوظيفية الوسيطة لا يحب الاستثمار في المنقولات الثابتة (مثل الأرض والصناعات الثقيلة) أو قد لا تُتاح له الفرصة أساساً في أحيان كثيرة. ولذا يفضل الاستثمار في الصناعات الخفيفة وفي المشاريع التجارية التي تتطلب قدراً عالياً من المهارة الإدارية، ومن هنا كان تخصصهم في التجارة وصناعة الأثاث والأحذية وقطاع الخدمات والطباق والكحول والسينما، وهي كلها صناعات قريبة من المستهلك، بعيدة عن الزراعة وعن الصناعات الثقيلة مثل المناجم (وجميعها صناعات مرتبطة بالأرض). كما يُلاحَظ أنهم يتركزون في تجارة التجزئة والأعمال العقارية ويعملون وكلاء مستشارين ووسطاء. كما أن تركزهم في المهن والمصارف هو أيضاً نتيجة هذا الميراث الاقتصادي. ويُقال إن هذا أيضاً يرجع إلى أن يهود العالم الغربي عنصر مهاجر، والعناصر المهاجرة تشغل دائماً المراحل العليا من الهرم الإنتاجي ولا تشغل قاعدته. ومن ثم، لا يوجد عمال أو فلاحون يهود، ونتج عن ذلك هامشية اليهود، أي أن نشاطاتهم الاقتصادية ليست في قلب العملية الإنتاجية. ولا يزال العدد الأكبر من يهود أمريكا اللاتينية يشتغلون بالأعمال التجارية.
ويمكن القول بأن الحل الاستعماري للمسألة اليهودية (والذي يقبله الصهاينة) ينبع من تعريف العالم الغربي للجماعة اليهودية كجماعة وظيفية استيطانية قتالية. فهي إذن مجموعة بشرية تُعرَّف من خلال وظيفتها، وهي مجموعة نبذتها الحضارة الغربية، ولكنها ستحل مسألتها عن طريق الاضطلاع بوظيفة الدفاع عن مصالح الحضارة الغربية بحيث يصبح الاستيطان والقتال هما وظيفة اليهود الأساسية. ويُلاحظ أمنون روبنشتاين أنه، في عام 1945، كان نحو 24% فقط من اليهود المهاجرين إلى فلسطين يعملون في وظائف إنتاجية مثل الزراعة والصناعة والبناء والنقل، وهو ما يعكس هامشيتهم الاقتصادية وطفيليتهم. وبعد استيطانهم في فلسطين، أصبح 69% منهم يعمل في مجال الأعمال الإنتاجية. ولكن، بحلول عام 1975، انخفضت نسبة العاملين في القطاعات الإنتاجية إلى 23%، أي أن الدولة الصهيونية لم تنجح في تحقيق أحد أهدافها الأساسية المعلنة وهو تطبيع اليهود وتحويلهم إلى قطاع اقتصادي منتج. وقد أدَّى دخول العمالة العربية في الاقتصاد الإسرائيلي إلى حدوث نوع من المفارقة، إذ يقوم العرب بشغل قاعدة الهرم الإنتاجية تاركين قمته الإدارية لليهود. وقد ظهرت هامشية المُستوطَن الصهيوني مع اندلاع الانتفاضة وانسحاب العمالة العربية من قاعدة الهرم، الأمر الذي ترك أعمق الأثر في الاقتصاد الصهيوني.
السـمات الأساسـية للجماعات اليهــودية كجماعات وظيفيـة
Main Traits of Jewish Communities as Functional Groups
يمكننا القول بأن السمات الأساسية للجماعات الوظيفية وطبيعة علاقتها بالمجتمع المضيف تتضح بشكل متبلور في الجماعات اليهودية في العالم الغربي وفي طبيعة علاقتها به:
1 ـ التعاقدية (النفعية والحياد والترشيد والحوسلة):
تتسم علاقة الجماعات اليهودية بالمجتمع الغربي بأنها علاقة نفعية تعاقدية لا تتسم بالتراحم. فقد نظر العالم الغربي إلى أعضاء الجماعات اليهودية منذ البداية باعتبارهم وظيفة تُؤدَّى ودوراً يُلعَب وعنصراً موضوعياً مُجرَّداً ومحايداً، مجرد مادة بشرية، فكانوا يُستجلَبون ليؤدوا وظيفة التاجر والمرابي. وكان أعضاء الجماعة اليهودية عادةً من الغرباء، ولذا كانوا يُعَدون ملكية خاصة للملك (أقنان بلاط) الذي كان له حق امتلاك اليهود (باللاتينية: «جودايوس هابيري judaeos habere»»)، أو حق الاحتفاظ باليهود (باللاتينية: «جودايوس تنيري judaeos tenere».»)وكان من حقه بيعهم كما تبيع أية مدينة حق استعمال مناجمها أو طرقها العامة. ولذا، كان اليهود أقرب ما يكونون إلى ممتلكات تُفرَض علىها ضرائب أو أدوات إنتاج، فكان يُشار إليهم بوصفهم عبيداً أو ملْكاً منقولاً كالأثاث (بالإنجليزية: «تشاتيل chattel»)، وكانت كثير من المواثيق تشير إليهم باعتبار أنهم يخضعون للملك وملْك له، يرثهم من يرث العرش! ولعل السبب في وقوع قدر كبير من الخلل التحليلي هو أن كثيراً من الدارسين لم يدركوا طبيعة وضع الجماعات اليهودية داخل التشكيل الحضاري الغربي من حيث هي وظيفة تُؤدَّى، واستمروا في اعتبارها طبقة أو أعضاء في طبقة.
وكان أعضاء الجماعات اليهودية يُعطَون حقوقاً ومزايا تضمنها مواثيق يشترونها من الحاكم. ولكن المواثيق التي كانت تُمنَح لهم لم تكن قط نهائية وإنما كانت تُجدَّد دائماً. وكان يتعيَّن عليهم أحياناً دفع مبلغ للإمبراطور كل عام لتأكيد حقه في أنهم ملْك له (وهو استمرار للفيسكوس جواديكوس أو ضريبة اليهود التي فُرضت عليهم بعد سقوط الهيكل). ولعل حدة هذا الوضع قد خفتت قليلاً عبْر القرون والسنين ولكنها ظلت قائمة حتى أوائل القرن التاسع عشر في كثير من أنحاء أوربا (وقد تعيَّن على الفيلسـوف الألماني اليهودي موسى مندلسون أن يدفع ضريبة انتقال، حينما كان ينتقل من مدينة ألمانية إلى أخرى، تساوي ما كان يُدفَع لانتقال ثور). وقد نُوقشت المسألة اليهودية في الحضارة الغربية في إطار مدى نفع اليهود، وهو مفهوم استمر حتى الوقت الحاضر، ويتجلى في الحديث عن إسرائيل باعتبارها كنزاً إستراتيجياً! ويجب ملاحظة أن العلاقة بين الطرفين (الجماعات اليهودية والعالم الغربي) علاقـة نفعيـة، فكلاهمـا يحاول الاستفادة قدر المستطاع من الطرف الآخر، وكلاهما يحوسل الآخر، ولا يمكن الحديث في مثل هذه العلاقة المركبة عن مُستغل ومُستغَل.
2 ـ العزلة والغربة والعجز:
حينما استجلب المجتمع الغربي بعض أعضاء الجماعات اليهودية ليضطلعوا بدور الجماعة الوظيفية ضرب عليهم العزلة، فكان أعضاء الجماعة اليهودية يعيشون في جيتو خاص بهم يرتدون أزياء خاصة مقصورة عليهم ويؤمنون بعقيدة مختلفة عن عقيدة مجتمع الأغلبية. بل كانوا، في حالة يهود اليديشية، يتحدثون لغة مختلفة عن لغة المجتمع المضيف. وقد انغلقت الجماعات اليهودية على نفسها فكونت شبكة عالمية واسعة مهمتها ضمان انتقال السلع والعملات والمعلومات بكفاءة عبر البلاد والقارات، وهذا هو سبب معرفة أعضاء الجماعة اليهودية بعديد من اللغات، وهو تعبير عن الغربة والحركية في ذات الوقت. وقد سيطرت القيادات الدينية والدنيوية، التي كانت تتمتع بدعم النخبة الحاكمة، على هذه الشبكة المغلقة التي كانت بمثابة الوسيط بين الجماعة اليهودية والمجتمع المضيف. كما تزايد اعتماد أعضاء الجماعات اليهودية على النخبة الحاكمة حتى أصبحوا في بعض الأحيان جماعات وظيفية عميلة، كما هو الحال مع المرابين، وأداة قمع في يد الحاكم لقمع الجماهير واستغلالهم.
وقد أدَّى هذا إلى تزايد ابتعاد أعضاء الجماعات اليهودية عن جماهير المجتمع المضيف، أي أن أعضاء الجماعات الوظيفية اليهودية لم يكونوا مشاركين في السلطة (فهم مجرد أداة) يعيشون في عزلة عن الشعب (في مسام المجتمع لا في صميمه)، وهم موضع كرهه وسخطه. وهذا ما يُسمَّى «إشكالية العجز وعدم المشاركة في السلطة». لكل هذا أصبح أعضاء الجماعات الوظيفية عرضة للهجمات الشعبية لأنهم أداة الاستغلال الواضحة والمباشرة. ومن ثم، فإن اضطلاع أعضاء الجماعة اليهودية بدور الجماعة الوظيفية هو الذي يفسر الهجمات الشعبية عليهم، كما يفسر كثيراً من اتهامات أعداء اليهود بأنهم مصاصو دماء (ومن هنا تهمة الدم) أو أنهم يقومون بتسميم الآبار. فهذه جميعاً صور مجازية حاول عن طريقها الإنسان العادي في الغرب فهم طبيعة العلاقة بينه وبين اليهود كجماعة وظيفية، إذ أن أداة القمع الماثلة أمامه تقوم بامتصاص دمه وتسميم مصدر حياته.
ويمكن القول بأن الهجوم على اليهود كان يشبه الانتفاضة الشعبية حينما يقوم الثائرون بتدمير أدوات القمع والاستغلال (ولعل هذا ما دفع بأحد المفكرين إلى تسمية معاداة اليهود «اشتراكية المغفلين»، أي اشتراكية من لا يفهم الآليات الاقتصادية المركبة). كما أن اضطلاع أعضاء الجماعات اليهودية بدور الجماعة الوظيفية هو الذي يفسر اتهام الجماعات الشعبية لهم بأنهم سحرة. ففي المجتمع الإقطاعي مثلاً، كان أعضاء المجتمع يُنتجون من الأرض بصورة مباشرة، أما أعضاء الجماعة الوظيفية المالية (التجارية أو الربوية) فكانوا يحققون الثراء من خلال تحريك السلع وحسب في حالة التجار. بينما كان الأمر أسوأ بكثير في حالة المرابين، إذ كانوا يحققون الثراء من خلال تحريك الأموال وحسب.
وقد أدَّت هذه العزلة إلى ما نسميه «حدودية» أعضاء الجماعات اليهودية، أي وجودهم على حدود المجتمعات أو على هامشها، وفي الشقوق والثغرات. ولعل إحساس أعضاء الجماعات اليهودية بعدم الأمن (رغم النجاح الذي يحققونه) هو جزء من ميراث الجماعة الوظيفية، التي تُعَدُّ حركيتها مصدر أمن أساسياً لها. وقد أدَّى إحساسهم بعدم الأمن وعدم الانتماء إلى زيادة الرغبة في مراكمة الثروة لأنها الوسيلة الوحيدة لشراء الحماية من الحاكم. ولكن يُلاحَظ أنه رغم تزايد ثروات كثير من أعضاء الجماعات اليهودية إلا أنهم ظلوا بعيدين عن السلطة وعن مؤسسات صنع القرار. ولهذا السبب كانت هذه الثروات معرضة دائماً للتصفية. ويُقابل عملية العزل البرانية من قبل المجتمع إحساس عميق جواني بالغربة لدى أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية، فيظهر لديهم إحساس بقداستهم (مركب الشعب المختار). ثم يحتفظون بهذه الغربة من خلال عقائدهم وشعائرهم الدينية ومن خلال ارتباطهم الوهمي بالوطن الأصلي الذي لم يَعُد له وجود والذي سيعودون إليه في نهاية التاريخ.
3 ـ الانفصال عن المكان والزمان والإحساس بالهوية (الوهمية)
يشعر أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية بالانتماء إلى وطن أصلي (صهيون/فلسطين) سيعودون إليه في آخر الأيام. وقد ترجم هذا نفسه إلى العقيدة المشيحانية التي أضعفت أواصر ارتباط أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية بالمكان الحالي (أوطانهم وتاريخها) باسم المكان السابق الذي نُفوا منه، وهو أيضاً المكان الذي سيعودون إليه في المستقبل. ويُقابل الإحساس العميق بالغربة والعزلة والعجز والانفصال عن المكان تَعمُّق إحساس عضو الجماعة الوظيفية اليهودية بهويته، فهي إحدى آليات العزل غير الواعية. ومع هذا، فإن الهوية هنا حالة عقلية إذ أن هوية عضو الجماعة الوظيفية اليهودية تتشكل داخل حدود المجتمع الذي يعيش فيه لا خارجه، ومن خلال تفاعله اليومي المتعيِّن مع الخطاب الحضاري لمجتمعه لا رغماً عنه. ولذا فرغم ادعاءات أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية عن تَميُّزهم، إلا أنهم في واقع الأمر يندمجون في مجتمعاتهم. وثنائية ادعاء التميز وواقع الاندماج والذوبان مسألة أساسية لعضو الجماعة الوظيفية اليهودية حتى يتسنى له أن يلعب دوره الوظيفي، وحتى يظل « في المجتمع دون أن يكون منه »، يتعامل مع أعضاء المجتمع بكفاءة عالية لا يمكنه أن يحققها إلا بمعرفة المجتمع وتَملُّك ناصية خطابه الحضاري، ولكنه في الوقت نفسه لا يتعاطف معهم ويحتفظ بمسافة عقلية وعاطفية كبيرة بينه وبينهم بسبب هويته الوهمية.
4 ـ ازدواجية المعايير:
تظهر ازدواجية المعايير بشكل حاد في حالة أعضاء الجماعات اليهودية، فقد قسمت العقيدة اليهودية العالم في كثير من الأحيان إلى اليهود من جهة والأغيار من جهة أخرى. وكان بإمكان اليهودي أن يقرض الأغيار بالربا، ولكنه يُحرِّم على نفسه أن يفعل ذلك مع اليهود. وكان اليهود يعتبرون أنفسهم شعباً مقدَّساً (وهذا يعني أن أعضاء المجتمع مباحون). ولعل هذا يُفسِّر وجود أعضاء الجماعات اليهودية بشكل ملحوظ في جرائم انتهاك الحرمات مثل البغاء ونشر المجلات الإباحية وغير ذلك. وحتى لا يتم استخلاص أية تعميمات عنصرية من ذلك، لابد أن نشير إلى أن أعضاء الجماعة الوظيفية يتسمون أيضاً بالأمانة الشديدة نظراً لحيادهم وخوفهم من النخبة والجماهير على حدٍّ سواء.
5 ـ الحركية:
كان أعضاء الجماعات اليهودية من أكثر الجماعات حركية داخل التشكيل الحضاري الغربي، فهم لم يكونوا مرتبطين بالأرض مثل الفلاحين أو النبلاء، ولا حتى بالمدن مثل سكانها، وإنما كانوا يتنقلون بحرية كبيرة في المجتمـع الوسـيط تحت حماية الملك الذي يمنحهم المواثيق. وقد ساعدت عمليات الطرد المستمرة، ثم الهجرة، على تعميق هذه الحركية. وقد تَركَّز أعضاء الجماعات اليهودية في قمة الهرم الاجتماعي وابتعدوا عن قاعدته (وهذا هو أهم أسباب المسألة اليهودية).
6 ـ التمركز حول الذات والتمركز حول الموضوع (الحلولية)
مركب الشعب المختار هو تعبير عن التمركز المتطرف حول الذات والذي يُيسِّر لأعضاء الجماعات اليهودية الوظيفية أن يقوموا باستغلال الآخر وحوسلته وأن يقوموا كذلك بعزل أنفسهم كما يبرر غربتهم. ولكن عضو الجماعة الوظيفية اليهودية يتمركز أيضاً حول وظيفته الموضوعية ويقبل أن يكون أداة متحوسلة تضطلع بوظائف محدَّدة تُوكل له.
ويُعبِّر هذا التمركز حول الذات وحول الموضوع عن نفسه من خلال الإحساس المتطرف بالحرية الكاملة والحتمية الكاملة، ومن خلال مفهوم الاختيار والنفي والعودة، وهي مفاهيم تجسد هذه الازدواجية المتطرفة المتبلورة: فاليهودي حر تماماً لأنه مَنْفيٌّ عن أرضه لا جذور له، وهو يتمتع بمزايا عديدة لأنه مختار من قبل الإله، إرادته من إرادة الإله. ولكنه في الوقت نفسه لا حرية له لأنه مَنْفيٌّ من أرضه التي لا يقدر على تحقيق ذاته إلا فيها وحدها. كما أن الاختيار يعني التكليف أيضاً ومن ثم عدم القدرة على الحركة. وتتضح علاقة الجماعات الوظيفية اليهودية بالحلولية الكمونية في تَصاعُد معدلات الحلولية الكمونية داخل اليهودية إلى أن سيطرت عليها تماماً.
وعلاقـة الجماعـات اليهـودية بالتحديث والعلمانية علاقة مركبة وعميقة، ذلك أن مسار الهجرة اليهودية قد تأثر بشكل عميق بالتحديث. فالجماعات اليهودية كانت جماعات وظيفية تتحرك أفقياً من مجتمع إلى آخر، لا رأسياً داخل المجتمع الواحد نفسه. فكانوا في البداية يُستجلَبون إلى المجتمعات المتخلفة كعنصر تحديثي أو استيطاني، ومن هنا كانت الهجرة اليهودية تتم دائماً من البلاد الأقل تَخلُّفاً إلى البلاد الأكثر تَخلُّفاً، من البحر الأبيض المتوسط إلى وسط أوربا ومنها إلى شرق أوربا. ولكن ابتداءً من القرن السادس عشر وبداية ظهور الرأسمالية والحركة الاستعمارية الغربية وبدايات التحديث في الغرب، نجد أن الهجرة تأخذ شكلاً مغايراً، فهي تنطلق من البلاد المتخلفة إلى البلاد الأكثر تقدماً. وقد اشترك اليهود في حركات الهجرة الاستيطانية وغير الاستيطانية.
ورغم أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا من حملة الفكر التحديثي والعلماني، إلا أنهم سقطوا ضحية عمليات التحديث والعلمنة. فهويتهم وإثنيتهم كانت مرتبطة تماماً بعزلتهم كجماعة وظيفية. ولكن، مع تَصاعُد معدلات التحديث، وظهور نُخَب محلية تتولى زمام الأمور، وكذلك ظهور الدولة القومية العلمانية المركزية، لم تَعُد هناك وظيفة لهم، وبدأت التحولات الوظيفية والطبقية العميقة تدخل على الجماعات اليهودية، فتحولوا إلى بروليتاريا وشحاذين وأصحاب مصانع وبورجوازية كبيرة وصغيرة، وفقدوا تماسكهم الإثني وعقيدتهم اليهودية. وتساقطت كل رموز العزلة، وتساقطت أسوار الجيتو، وتم تحديث أزيائهم ولغتهم، وبدأ التعلىم بين أعضاء الجماعات اليهودية يتحول من أداة لنقل الخبرات الخاصة وأسرار المهنة والحفاظ على الهوية والعزلة في المجتمع إلى وسيلة من وسائل تصفية الهوية شبه القومية ودمجهم في المجتمع وتدريبهم على الحراك الاجتماعي داخل طبقات المجتمع.
ورغم أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا يُشكِّلون العمود الفقري للقطاع المالي والتجاري للمجتمع الغربي الوسيط، كما كانوا يشكلون جزءاً مهماً منه منذ عصر النهضة، إلا أنهم لم يساهموا في بناء الرأسمالية الحديثة الرشيدة، فقد نشأت هذه الرأسمالية داخل المدينة الغربية. أما رأسمالية أعضاء الجماعات اليهودية فكانت رأسمالية الجماعة الوظيفية المرتبطة بالمجتمع التقليدي، وقد سماها فيبر الرأسمالية المنبوذة (مقابل الرأسمالية الرشيدة).
ومع تَصاعُد معدلات التحديث، يختفي اليهود كجماعات وظيفية. ومع هذا، يبقى هناك امتداد لدورهم التقليدي ولميراثهم الوظيفي إذ لا يكاد يُوجَد يهود في المهن الإنتاجية الأولية (الزراعة والتعدين)، بينما يتركزون في مجال الملكية العقارية وفي مهن الطب والتمثيل، وهي مهن تُوجَـد كلها عند قمـة الهرم الإنتاجي أو على هامشه في معظم أنحاء العالم، ولا يُوجَد أي تمثيل لليهود بين العمال والفلاحين ومختلف القطاعات الموجودة في قاعدة الهرم الإنتاجي.
ولعل حالة يهود كايفنج في الصين تلقي بعض الضوء على ما قد يحدث لليهود في العالم الغربي بعد عملية تحديث وضعهم ووظائفهم. فبعد أن انضمت أعداد متزايدة من القيادة اليهودية إلى طبقة كبار العلماء/الموظفين (الماندرين)، فَقَد اليهود وضعهم كجماعة وظيفية، وزادت معدلات الاندماج بينهم حتى اختفوا تماماً. وقد تمت هذه العملية عبر مئات السنين في الصين. ومن الممكن أن نتصوَّر أن شيئاً مماثلاً سيحدث في العالم الغربي، لكن معدلات التحديث في الغرب تتفاوت سرعة وبطئاً من بلد لآخر، كما أن العملية تتعثر أحياناً بل تتوقف أحياناً أخرى. ولعل التعثر هو الذي أدَّى إلى عدم اختفاء كثير من الجماعات اليهودية أو تناقص أعدادها بشكل ملحوظ. كما أن التشكيل الاستعماري الغربي، بتأسيسه الدولة الصهيونية، أعاد إنتاج نمط الجماعة الوظيفية على مستوى الدولة.
الجماعات الوظيفية اليهودية: أنواعها المختلفة
Jewish Functional Groups: Different Kinds
اضطلع أعضاء الجماعات اليهودية بأدوار وظيفية عديدة من بينها ما يلي:
1 ـ الجماعات اليهودية الوظيفية الاستيطانية القتالية.
2 ـ الجماعات اليهودية الوظيفية المالية الوسيطة (التجارة ـ الربا ـ جمع الضرائب ـ المتعهدون العسكريون ـ تجارة الرقيق ـ تجارة الخمور).
3 - جماعات وظيفية متنوعة (الطب ـ الجاسوسية ـ قطاع اللذة ـ البغاء وتجارة الرقيق الأبيض).
وإذا كانت الجماعات اليهودية الوظيفية الاستيطانية القتالية هي أوَّل ما ظهر من الجماعات اليهودية، فإن أهمها هي الجماعات اليهودية الوظيفية الوسيطة أو المالية.