منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 شعيبُ (عليه السلام)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

شعيبُ (عليه السلام) Empty
مُساهمةموضوع: شعيبُ (عليه السلام)   شعيبُ (عليه السلام) Emptyالخميس 14 نوفمبر 2013, 12:15 am

شعيبُ عليه السلام

مَدْيَنَ كَلِمَةٌ تُطْلَقُ عَلَى القَوْمِ وَعَلَى القَرْيَةِ ، وَمَدْيَنُ قَرْيَةٌ تَقَعُ فِي جَنُوبِيِّ الأَرْدُنِّ قُرْبَ العَقَبَةِ ، وَهُمْ أَيْضاً أَصْحَابُ الأَيْكَةِ ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ ، وَيَرْتَكِبُونَ المَعَاصِي ، وَأَظْهَرَهَا بَخْسُ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ ، وَالتَّعَرُّضِ لِعَابِرِي السَّبِيلِ ، لِسَلْبِهِمْ وَالاعْتِدَاءِ عَلَيهِمْ.


وَلَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ إِلَيْهِمْ شُعَيباً عَلَيْهِ السَّلاًمُ ، لِيَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللهِ ، وَتَوْحِيدِهِ ، وَتَرْكِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ وَعِبَادَةِ الأَصْنَامِ ، وَالإِقْلاَعِ عَنْ تَطْفِيفِ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ ، وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلسَّابِلَةِ بِالإِخَافَةِ وَالسَّلْبِ.. 


فَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: يَا قَوْم اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلهٌ غَيْرُهُ ، وَقَدْ أَقَامَ لَكُمُ الحُجَجَ وَالبَرَاهِينَ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ ، ثُمَّ نَصَحَهُمْ بِمُعَامَلَةِ النَّاسِ بِالعَدْلِ ، وَبِإِيفَاءِ النَّاسِ ، حُقُوقَهُمْ فِي الكَيْلِ وَالمِيزَانِ ، وَبِأَلاَّ يَخُونُوا النَّاسَ ، وَلاَ يُخْسِرُوا المِيزَانَ ، وَلاَ يَبْخَسُوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ ( أَشْيَاءَهُمْ ) ، وَأَنْ يَتْرُكُوا إِخَافَةَ السَّابِلَةِ.

شعيبُ (عليه السلام) 2982109254_32ccd05986

وَقَالَ لَهُمْ إنَّ اتِّبَاعَ أَمْرِ اللهِ فِيهِ الخَيْرُ لَهُمْ ، إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِوحْدَانِيَّةِ اللهِ تَعَالَى ، وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُهُ.


وَنَهَاهُمْ شُعَيبٌ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ ( الصِّرَاطِ ) ، وَعَنْ تَوَعُّدِ النَّاسِ بِالقَتْلِ وَالإِيذَاءِ إَذَا لَمْ يُعْطُوهُمْ مَا مَعَهُمْ مِنْ مَالٍ وَمَتَاعٍ ، كَمَا نَهَاهُمْ عَنِ التَّعَدِّي عَلَى المُؤْمِنِينَ الذِينَ اتَّبَعُوا شُعَيباً ، وَعَنِ التَّصَدِّي لِلنَّاسِ الذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ إلى شُعَيبٍ لِلاسْتِمَاعِ مِنْهُ إلى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ ، لِصَرْفِهِمْ عَنْهُ بِالتَّخْوِيفِ وَالإِيذَاءِ ، وَبِالقَوْلِ : عَنْهُ كَذَّابٌ يُرِيدُ فِتْنَةَ النَّاسِ ، ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبلاً مِنْ قِلَّةٍ فَكَثَّرَهُمُ اللهُ ، وَذِلَّةٍ فَأَعَزَّهُمُ اللهُ ، وَذلِكَ لِيَتَّعِظُوا وَيَرْتَدِعُوا عَمَّا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ فَسَادٍ، ثُمَّ لَفَتَ نَظَرَهُمْ إلَى النِّهَايَةِ التِي صَارَ إِلَيْهَا المُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ مِنْ خِزْيٍّ وَدَمَارٍ.


وَيُتَابِعُ شُعَيْبٌ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، نُصْحَ قَوْمِهِ فَيَقُولُ لَهُمْ : إِنَّكُمْ إِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، فَآمَنَ فَرِيقٌ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ ، وَدَعَوْتُكُمْ إِلَيهِ ، وَكَفَرَ فَرِيقٌ بِمَا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيْكُمْ رَبِّي ، فَلا تَتَعَجَّلُوا الحُكْمَ عَلَى المُؤْمِنِينَ ، وَانْتَظِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، وَيَفْصِلَ فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ . وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَيْرُ مَنْ يُحْكُمُ ، وَأَعْدَلُ مَنْ يَقْضِي ، وَلا شَكَّ فِي أَنَّهُ سَيَجْعَلَ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ، وَسَيَجْعَلَ الدَّمَارَ عَلَى الكَافِرِينَ ، لأنَّهُ سُنَّتَهُ تَعَالَى قَدْ جَرَتْ بِذَلِكَ ، فَلْيَعْتَبِرِ الكَافِرُونَ بِعَاقِبَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ ، مِنَ الكُفَّارِ المُكَذِّبِينَ.


قال تعالى: { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) } الأعراف.


تَوَعَّدَ المُسْتَكْبِرُونَ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ نَبِيَّهُمْ شُعَيْباً ، وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ قَرْيَتِهِمْ إذَا لَمْ يَقْبَلُوا الرُّجُوعَ عَنْ دِينِهِمِ الحَقِّ إلى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَمِلَّةِ الشِّرِكِ ، فَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ : أَتَأْمُرُونَنَا بِأَنْ نَعُودَ إلَى مِلَّتِكُمْ ، وَتُهَدِّدُونَنَا بِالنَّفْيِ مِنْ أَوْطَانِنَا ، وَالإِخْراجِ مِنْ دِيَارِنَا ، إِنْ لَمْ نَفْعَلْ مَا تَطْلُبُونَهُ مِنَّا؟ أَتُرْيدُونَ إِجْبَارَنا عَلَى الخُرُوجِ مِنْ دِيَارِنَا ، وَعَلَى العَوْدَةِ إلَى دِينِكُمْ حَتَّى وَلَوُ كُنَّا كَارِهِينَ لِكِلا الأَمْرَيْنِ؟.


وَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: إِنَّهُ وَالمُؤْمِنِينَ مَعَهُ إذَا عَادُوا إلَى مِلَّةِ الكُفْرِ ، فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدِ افْتَرُوا عَلَى اللهِ أَعْظَمَ الافْتِرَاءِ ، لأنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءً وَأَنْدَاداً وَلا يَلِيقُ بِالمُؤْمِنِ ، وَلاَ يَخْلُقُ بِهِ ( وَمَا يَكُونُ لَنَا ) ، أَنْ يَعُودَ إلَى مِلَّةِ الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْجَاهُ اللهُ مِنْهَا ، إلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ لَهُ ذلِكَ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ أَمْراً فَعَلَهُ ، وَلاَ رَادَّ لِحُكْمِهِ ، وَلاَ مُعْتَرِضَ عَلَى قَضَائِهِ ، وَقَدْ أَحَاطَ اللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْماً ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لاَ يَرْضَى الكُفْرَ لِعِبَادِهِ.


ثُمَّ قَالَ شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ: إنَّهُ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ هُوَ وَالمُؤْمِنُونَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ . ثُمَّ دَعَا شُعَيْبٌ رَبَّهُ قَائِلاً : رَبَّنا احْكُمْ وَاقْضِ ( افْتَحْ ) بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مَعَهُمْ ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ ، وَأَنْتَ العَدْلُ الذِي لاَ يَجُوزُ فِي حُكْمِهِ أَبَداً.

شعيبُ (عليه السلام) Image009

فَقَالَ الكُبَرَاءُ الكَافِرُونَ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ ، لِمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ: لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيباً فِيمَا يَقُولُ ، وَفِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ ، وَأَقْرَرْتُمْ بِنُبُوَّتِهِ ، وَآمَنْتُمْ بِمَا آمَنَ بِهِ ، وَكَفَرْتُمْ بَأَصْنَامِكُمْ . . وَبِمَا كَانَ عَلَيهِ آبَاؤُكُمْ مِنْ دِينٍ وَعَادَاتٍ ، كُنْتُمْ خَاسِرِينَ.


وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: " وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ " فَاهْتَزَّتْ بِهِمُ الأَرْضَ بِفِعْلِ زَلْزَلَةٍ شَدِيدَةْ ، فَأَصْبَحُوا هَالِكِينَ فِي دِيَارِهِمْ لاَ حَرَاكَ بِهِمْ ، وَهُمْ مُكِبُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.


ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى العَاقِبَةَ التِي صَارَ إِلَيْهَا قَوْمُ شُعَيبٍ ، فَقَدْ هَلَكَ الذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم أَحَداً وَكَأنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا فِي دِيَارِهِمْ ، وَالذِينَ كَذَّبُوا شُعَيباً كَانُوا هُمُ الذِينَ خَسِرُوا الدُّنْيا وَالآخِرَةَ ، أَمَّا الذِينَ اتَّبُعُوهُ فَكَانُوا هُمُ الفَائِزُونَ المُفْلِحِينَ.


وَبَعْدَ أَنْ نَزَلَ بِهِمْ عَذَابُ اللهِ وَدَمَارُهُ تَوَلَّى شُعَيْبٌ عَنْهُمْ ، وَانْصَرَفَ عَنْ دِيَارِهِمْ ، وَخَاطَبَهُمْ مُقَرِّعاً ، فَقَالَ لَهُمْ : لَقَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ يَا قَوْمِي ، وَبَلَّغْتُكُمْ مَا أَرْسَلَنِي بِهِ رَبِّي إِلَيكُمْ ، مِنْ دَعْوَةٍ إلَى عِبَادَةِ اللهِ ، فَكَفَرْتُمْ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ، فَدَمَّرَكُمُ اللهُ ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّنِي لاَ يُمْكِنُ أَنْ آسَفَ وَأَحْزَنَ عَلَى قَوْمٍ جَحَدُوا بِوحْدَانِيَّةِ اللهِ ، وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ.

 قال تعالى: { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90)  فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)} (الأعراف: 88 - 93).


 وفي سورة هود: { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) } [هود: 84 - 95].


قُولُ اللهُ تَعَالَى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى مَدْيَنَ" ( وَهِيَ قَبِيلَةٌ عَرَبِيَّةٌ كَانَتْ تَسْكُنُ بَيْنَ الشَّامِ وَالحِجَازِ قَرِيباً مِنْ مَعَانَ ) أَخَاهُمْ شُعَيْباً رَسُولاً، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ ، فَأَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَطْفِيفِ فِي المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ ، وَقَالَ لَهُمْ إِنِّي أَرَاكُمْ بَخَيْرٍ فِي مَعِيشَتِكُمْ وَرِزْقِكُمْ ، وهذا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُغْنِيكُمْ عَنِ الدَّنَاءَةِ فِي بَخْسِ حُقُوقِ النَّاسِ ، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالبَاطِلِ بِمَا تُنْقِصُونَهُ لَهُمْ فِي المَبِيعِ. 


وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُسْلَبُوا ما أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ النَّعْمَةِ فِي الدُّنْيا بِسَبَبِ انْتِهَاكِكُمْ مَحَارِمَ اللهِ ، وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ عَذَابُ اللهِ فِي يَوْمِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ ، وَهُوَ يَوْمٌ يُحِيطُ بِأَهْوالِهِ بِالنَّاسِ جَمِيعاً ، وَلاَ يَنْجُوا مِنْهُ أَحَدٌ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ.


وَنَهَاهُمْ عَنْ إِنْقَاصِ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ ، إِذَا أَعْطَوا النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِوَفَاءِ الكَيْلِ وَالوَزْنِ إِذا أَخَذُوا مِنَ النَّاسِ ، وَنَهَاهُمْ عِنْ العُتُوِّ فِي الأَرْضِ ، وَالفَسَادِ فِيها ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى عِبَادِ اللهِ.

مَا يَبْقَى لَكُمْ مِنَ الرِّبْحِ الحَلاَلِ ، بَعْدَ إِيْفَاءِ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ ، خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا تَأْخُذُونَهُ مِنَ التَّطْفِيفِ ، وَمِنْ بَخْسِكُمُ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ ، وَأَكْلِ الأَمْوَالِ الحَرَامِ ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِاللهِ ، وَبِمَا يُوجِبُهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الاسْتِقَامَةِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ النَّاسِ ، فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ ، وَرَاقِبُوا رَبَّكُمْ ، فَأَنا لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِرقِيبٍ وَلا حَفيظٍ.


قَالُوا عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالسُّخْرِيَةِ: يَا شُعَيْبُ هَلْ صَلاَتُكَ وَإِيمَانُكَ بِرَبِّكَ يَأْمُرَانِكَ بِأَنْ تَدْعُوَنَا إِلَى تَرْكِ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا مِنْ أَصْنَامٍ وَأَوْثَانٍ ، أَوْ أَنْ تَمْنَعَنَا عَنِ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِنَا بِمَا يُنَاسِبُ مَصْلَحَتِنَا مِنَ الحَذْقِ وَالخَدِيعَةِ ، وَبِالشَّكْلِ الذِي نُرِيدُ؟ إِنَّ هَذا غَايَةُ السَّفَهِ ، أَهَذا أَنْتَ الحَلِيمُ المُكْتَمِلُ العَقْلِ ( الرَّشِيدُ )؟.


فَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: هَلْ تَرَوْنَ لَوْ أَنَّنِي كُنْتُ عَلَى بَيِّنّةٍ مِنْ رَبِّي وَهُدًى ، وَأَنَّهُ آتَانِي النُّبُوَّةَ ، وَرَزَقَنِي رِزْقاً حَلالاً طَيِّباً حَسَناً ، ثُمَّ عَصَيْتُهُ فِيمَا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيكُمْ ، وَتَرَكْتُ دَعْوَتَكُمْ إِلَى الحَقِّ ، وَعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ ، فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ حِينَئِذٍ؟ وَأَنَا لاَ أَنْهَاكُمْ عَنْ شَيءٍ وَأُخَالِفُكُمْ فِي السِّرِّ إِليهِ فَأَفْعَلُهُ ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَقولَ لَكُمْ إِنَّ اللهَ أَكْرَمَنِي بِالرِّزْقِ الحَلالِ الحَسَنِ ، دُونَ أَنْ أَحْتَاجَ إلى التَّطْفِيفِ فِي المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ ، وَدُونَ أَنْ أَبْخَسَ فِيهما.


وَأَنَا لاَ أُرِيدُ مِنْ أَمْري إِيّاكُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ ، وَبِالإقْلاعِ عَنِ المَفَاسِدِ ، إلاَّ الإِصْلاَحَ بِقَدْرِ جَهْدِي وَطَاقَتِي. 


وَلا أَسْأَلُ غَيْرَ اللهِ التَّوْفِيقَ فِي إِصَابَةِ الحَقِّ وَإِنَّنِي تَوَكَّلْتُ عَلَيهِ ، وَإِلَيهِ أَخْلَصْتُ وَأَنبْتُ فِي عِبَادَتِي وَطَاعَتِي.


وَتَابَعَ شُعَيْبٌ حَدِيثَهُ مَعَ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمِ لاَ يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضِي وَعَدَاوَتِي عَلَى الإِصْرَارِ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ وَالفَسَادِ ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ غَرَقٍ ، وَقَوْمَ هُودٍ ، مِنْ عَذَابِ الرَّيِحِ العَقِيمِ ، وَقَوْمَ صَالِحٌ مِنْ عَذَابَ يَوْمَ الظُلَّةِ ، وَقَوْمَ لُوطٍ المُجَاوِرِينَ لَكُمْ مِنْ هَلاكٍ شَامِلٍ وَعَذَابٍ ، بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ ، وَعُتُوِّهِمْ عَنْ أَمْرِهِ ، وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ.


وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ رَبَّكُمْ مِمَّا أَسْلَفْتُمْ مِنْ ذُنُوبٍ ، وَتُوبُوا إِلَيهِ فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَيَّامِكُمْ عَنِ الأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ ، إِنَّ رَبِّي وَدُودٌ ، كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِمَنْ أَخْلَصَ التَّوْبَةَ إِلَيْهِ .


 قَالُوا: يَا شُعَيْبُ إِنَّنَا لاَ نَفْهَمُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ لَنَا عَنْ بُطْلاَنِ عِبَادَةِ آلِهَتِنَا ، وَقُبحِ حُريَّةِ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِنَا ، وَمَجِيءِ عَذَابٍ يُحِيطُ بِنَا ، وَإِنَّا نَرَاكَ ضَعِيفاً فِينَا ، لأَنَّ أَكْثَرَ عَشِيرَتِكَ لَيْسَتْ عَلَى دِينِكَ ، وَلَوْلاَ عَشِيرَتُكَ الأَقْرَبُونَ لَقَتَلْنَاكَ رَجْماً بِالحِجَارَةِ ، وَأَنْتَ لَسْتَ فِينَا بِذِي عِزِّ وَمَنَعَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحُولَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَجْمِكَ.


قَالَ لَهُمْ شُعَيبٌ: هَلْ جَمَاعَتِي أَحَقُّ بِالمُجَامَلَةِ وَالرِّعَايَةِ عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ؟ فَتَتْرُكُونَ مَسَاءَتِي إِكْرَاماً وَاحْتِرَاماً لِقَوْمِي ، وَلاَ تَتْرُكُونَهَا إِعْظَاماً للهِ القَدِيرِ أن تَنَالُوا نَبِيَّهُ بِمَسَاءَةٍ ، وَقَدْ نَبَذْتُمْ جَانِبَ اللهِ وَحَقَّهُ ، وَجَعَلْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ لاَ تُطِيعُونَ رَبَّكُمْ ، وَلاَ تُعَظَّمُونَهُ . وَرَبِّي يَعْلَمُ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ وَهُوَ مُحيطٌ بِهَا ، وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَيْهَا أَوْفَى الجَزَاءِ.


وَلَمَّا يَئِسَ نَبِيُّ اللهِ شُعَيْبٌ مِنْ اسْتِجَابَةِ قَوْمِهِ لِدَعْوَتِهِ ، قَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمِ اعْمَلُوا أَنْتُمْ عَلَى طَرِيقَتِكُمْ ، وَمَا هُوَ فِي إِمْكَانِكُمْ ( عَلَى مَكَانَتِكُمْ ، وَأَنَا سَوْفُ أَعْمَلُ عَلَى طَرِيقَتِي ، وَعَلَى قَدْرَ مَا يُؤَيِّدُنِي اللهُ ، وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ مِنَّا ، أَنَا وَأَنْتُمْ ، سَيَأْتِيهِ عَذَابٌ مِنَ اللهِ يُهِينُهُ وَيَخْزِيهِ ، وَمَنْ مِنّا هُوَ الكَاذِبُ ، وَانْتَظِرُوا ذلِكَ ، وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ.


وَلَمَّا حَانَ مَوْعِدُ انْتِقَامِ اللهِ تَعَالَى مِنْهُمْ ، جَاءَهُمُ العَذَابُ الذِي أُنْذِرُوا بِهِ ، فَنَجَّى اللهُ شُعَيباً وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَلُطفٍ ، وَأَخَذَتِ الكَافِرِينَ الصَّيْحَةُ وَالرَّجْفَةُ ، وَأَظَلَّهُمْ عَذَابٌ مِنْ فَوْقِهِمْ ، وَاهْتَزَتْ بِهِمُ الأَرْضُ فَأَصْبَحُوا جَمِيعَهُمْ هَلْكَى فِي دِيَارِهِمْ ، وَهُمْ جَالِسُونَ عَلَى رُكَبِهِمْ ، مُكِبُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.


فَأَصْبَحَ القَوْمُ هَلْكَى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْمُرُوا دِيَارَهُمْ قَبْلَ ذلِكَ، وَلَمْ يُقِيمُوا فِيهَا، أَلا بُعْداً وَهَلاَكاً لِمَدْيَنَ، كَمَا هَلَكَتْ ثَمْودُ وَبَعُدَتْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ. ( وَكَانَتْ ثَمْودُ جِيرَانَ مَدْيَنَ فِي الأَرْضِ، وَأَشْبَاهَهُمْ فِي الكُفْرِ وَالتَّمَرُّد ِعَلَى اللهِ ).

شعيبُ (عليه السلام) 10317

وقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت: 36 - 40].


وَأَرْسَلْنَا رَسُولَنا شُعَيْباً إِلى مَدْيَنَ فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْم اعْبُدُوا الله وَحْدَهُ ، وأَخلِصُوا العِبَادَةِ لَهُ ، وَارْجُوا بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُ اليَومَ الآخِرَ وثَوابَهُ ، وَلا تُفْسِدُوا في الأَرْضِ ، وَلاَ تَبغُوا عَلى أَهْلِهَا ، فَتُنْقِصُوا المِكْيَالَ والمِيزَانَ ، وَتَقْطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى المَارَّةِ -كَمَا جَاءَ في آيةٍ أُخْرى-.


فَكَذَّبُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِندِ اللهِ ، فَأَهْلَكَهُمْ اللهُ بِزَلْزَلَةٍ عَظِيمَةٍ ارْتَجَّتْ لَها الأَرضُ ، وارْتَجَفَتْ لهَا القُلُوبُ ، وهَلَكُوا جَميعاً ، فَأَصْبَحُوا في دِيَارِهِمْ مَوْتَى ، لاَ حَرَاكَ بِهِمْ.


يُخِبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ، وَكَيْفَ أَهْلَكَهُمْ وانْتَقَمَ مِنْهُمْ بِأَنْواعٍ مِنَ العَذَابِ، فَعَادٌ، قومُ هُودٍ ( وَكَانُوا يَسْكُنُونَ في الأحْقَافِ، في مِنْطَقَةِ حَضرَمَوتَ )، أًهْلَكَهُمُ اللهُ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيةٍ، سَخَّرَهَا عَلَيهِمْ سَبْعَ لِيالٍ مُتَواصِلَةٍ فَلَمْ يَتْرُكْ لَهُمْ مِنْ بَاقِيةٍ.


وثَمُودُ قُومُ صَالحٍ (وَكَانُوا يَسْكُنُونَ الحِجْرَ قُربَ وَادي القُرَى) أَهْلَكَهُمُ اللهُ جَمِيعاً بالصِّيْحَةِ، وبزَلزَلَةِ الأَرْضِ بِهِمْ ، لَمَّا عَقَرُوا النَّاقَةَ التي أَخْرَجَهَا اللهُ لَهُم ، بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِمْ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ.


وَكَانَتِ العَرَبُ تَعرِفُ مَسَاكِنَ قَومِ عَادٍ ، وَقَومِ ثَمُودَ ، وَتَمُرُّ بِها في تَرْحَالِها ، وَتَرى آثَارَ الدَّمَارِ والهَلاَكِ الذي نَزَلَ بِهَا وبأَهلها. 


وَكَانَ سَبَبُ إِهْلاكِهِمْ هُوَ مَا زَيَّنهُ لَهُم الشَّيْطَانُ مِنْ أعمالٍ سَيِّئةٍ ، وَعِبَادَةٍ غيرِ اللهِ تَعَالى ، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلى الإِدِراكِ والاستبْصَارِ ، والتَّميِيز بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ ، وَلِذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُذْرٌ في الغَفْلَةِ ، وَعَدَمِ التَّبَصُّرِ في العَواقِبِ.


واذْكُر لِهؤلاءِ المُغْتَرِّينَ بأَمْوالِهِمْ مِنْ قُريشٍ كَيفَ أَهْلَكَ اللهُ قَارُونَ صَاحِبَ الأموالِ الكثيرةِ، إِذْ خَسَفَ بهِ وبِدَارِهِ وكُنُوزِهِ الأَرْضَ، كَمَا أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ وَوَزِيرَهُ هَامَانَ، فَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بالحُحَجِ والبَيِّنَاتِ الدَّالَّةِ عَلى صِدْقِ رِسَالتِهِ، فاسْتَكْبَرُوا في الأرضِ بغيرِ الحَقِّ، وأَبَوا أَنْ يُصَدِّقُوهُ وأَنْ يُؤمِنُوا لَهُ، وَلَمْ يَكُونُوا فَائِتينَ الله، وَلاَ نَاجِينَ مِنْ عِقَابِهِ، فَهُوَ تَعَالَى قَادِرٌ عَليهِمْ في كُلِّ حِينٍ، وَهُوَ عَزيزٌ ذُو انتِقَامٍ.

وَقَدْ أَرسَلَ اللهُ تَعَالى عَلَى كُلِّ فِئَةٍ لوناً مِنْ ألوانِ العَذَابِ يَتَنَاسَبُ مَعَ عُتَوِّهِمْ وَجَرَائِمِهِمْ: 


- فَقَومُ عَادٍ كَانُوا يَقُولُونَ: ( مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً ) ، فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيهِمْ ، رِيحاً شَدِيدَةَ البُرُودَةِ ( صَرْصَراً ) ، بَالِغَةَ العُنفِ والعُتُوِّ ( عَاتِيَةً ) ، تَحْمِلُ الحَصْبَاءَ ، وَترِمِيهِمْ بِها ، فَأَهْلَكَنْهُمْ جَمِيعاً.


- وقَومُ ثَمودَ كَذَّبُوا رَسُولَهُم صَالِحاً ، وَتَهَدَّدُوهُ وَعَقَرُوا النَّاقَةَ ، فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيهِمْ صَيْحَةً أَخْمَدَتْ أَنفَاسَهُمْ ، وَلَمْ تَتْرُكْ مِنْهُمْ أَحَداً.


- وَقَارُونُ طًغَى وَبَغَى وعَصَى اللهَ ، وَمَشَى في الأَرْضِ ، مَرَحاً فَخَسَفَ اللهُ بهِ وبِدَارِهِ الأَرضَ ، وأَهلَكَهُ وكُنُوزَهُ.


- وَفِرْعَوْنُ وهَامَانُ وقَومُهُما مِنَ القِبطِ أَغرَقَهُمُ اللهُ في صَبيحَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَكانَتْ هذهِ العَقُوبَةُ جَزَاءً عَلَى مَا اجتَرَحُوهُ مِنَ الإِجْرامِ ، ولمْ يَظْلِمْهُمُ اللهُ فيما فَعَلَ بِهِمْ ، ولَكِنَّهُمْ هُمُ الذينَ كَانُوا يَظْلِمُونَ أَنَفُسَهُمْ بِالكُفْرِ ، والبَطَرِ والعُتُوِّ والطُّغيَانِ ، فَأَوْصَلُوها إِلى العَذَابِ والبَلاَءِ الذي حَلَّ بِها.


الدروس والعبر:

1- إن أثر الصلاة واضحةٌ في شعيب عليه السلام، وقد لاحظ قوم شعيب تأثير الصلاة عليه وعلى أتباعه، كيف أنها غيرت أوضاعهم، وأدت بهم إلى التحرر من عبادة غير الله، وترك الغش في المكاييل والأوزان.


نعم  لقد غيرت الصلاة نفسية أتباع شعيب، لأن الصلاة تهدف إلى صنع ضمير نقي في الإنسان، فتحرك فيه مشاعر التقوى والمراقبة، وتذكره على الدوام بيوم القيامة: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا } [آل عمران: 30].


وقد أثرت الصلاة في شعيب وأتباعه، وجعلتهم ينكرون على مجتمعهم أفعالهم، لأنهم كانوا يصلون الصلاة الحقيقية، كما أرادها الله عز وجل، والذي يجعلنا نحن يا عباد الله، لا ننكر على من حولنا، ما نراه من فساد سلوكهم، ما هو إلا لأن صلاتنا حركات، أكثر ما تكون خالية من الخشوع والطمأنينة، وكذلك صلاة غالب المسلمين اليوم، صلاة جوفاء، النقص والخلل فيها كثير، ولهذا تجدهم، لا ينتهون عن معاصيهم والله عز وجل يقول: { إِنَّ الصلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ } [العنكبوت: 45].


فكم نحن في حاجة إلى هذه الصلاة، التي بها يتوجه الإنسان إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فيتحرر من كل المعبودات الباطلة، ومن كل فساد استشرى وصعب علاجه، كم نحن في حاجة إلى الصلاة التي تعصمنا من الخطايا، وتنهى عن الفحشاء، وتنقل الإنسان من هذا العالم المائج بالفتن والأوزار، إلى رحاب الله.


2- في قول الله عز وجل: "وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ" [هود: 88]، يؤكد شعيب عليه السلام لقومه، في هذا القول أنه لا يفعل ما ينهاهم عنه، فهنا درس عظيم يا عباد الله للمصلحين والآباء، والدعاة والوعاظ، بأن يراعي كل منهم سلوكه أشد المراعاة، كل كلمة وتصرف يصدر منه، فالسلوك يؤثر أكثر من الكلمات، مهما صدر من المصلح من حكم ومواعظ بليغة، تستهوي العقول، لن يكون لها الأثر الفعال، في نفوس مستمعيها، إذا لم يكن قائلها هو أول العاملين بمضمونها، وأول المؤتمرين بأوامرها ونواهيها.


ولهذا نجد أن الله عز وجل ذم قوماً أمروا الناس بالبر ولم يلزموا أنفسهم به فقال تعالى: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ" [البقرة: 44]، وقال سبحانه: "ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ" [الصف:2، 3]. 


فلننتبه لهذا الأمر يا عباد الله، سواء كنت أباً في بيتك، أو مصلحاً وداعية في مجتمعك، بألاّ يصدر منك أفعالاً تخالف أقوالك، لأن الناس يتأثرون بالقدوة أكثر من غيرها، خصوصاً الآباء، إذا كنت تريد أيها الأب بأن لا يدخن ولدك، فلا تكن من متعاطي الدخان أمامه، وإذا كنت تريد أن لا يتعود الكذب، فتنبه ألا يصدر منك ذلك، ولو على طريق المزاح.


وإذا كنت تريد من ولدك أن يكون محافظاً على وقته، مجداً في دروسه، فلا يرى أباه من الذين يسمرون ويلهون إلى آخر الليل، لأنه من الفطرة أن يقلد الولد والده، ويتخذه قدوة في كل شيء، فما بالكم لو كان هذا الأب من الذين لا يستحقون أن يقتدى بهم، فماذا نتمنى بعد ذلك من أولادنا، فهل لنا من عبرة وعظة من نبي الله شعيب عليه السلام في قول الله عز وجل: "وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ" [هود: 88].


3- إن مسألة المكيال والميزان، والبيع والشراء، مسألة تستحق الوقوف عندها، لأنها قضية لا تتعلق بالبائع والمشتري وحدهم، بل إن آثارها لتعود على المجتمع كله، فإن أي مجتمع أيها الإخوة، لا يُوفّى فيه المكيال والميزان ولا يلتزم كل من البائع والمشتري، بأحكام الله عز وجل، فإن المجتمع كله مهدد بالخطر، وعقوبة الله عز وجل، كما سمعتم ما حصل لقوم شعيب، عندما لم يوفوا المكيال والميزان.

على سبيل المثال، مندوب المشتريات:

الذي يأتي لأي محل، من المحلات التجارية، فيقوم صاحب المحل، بإعطائه فاتورة المبايعة، بسعر يختلف عن السعر الحقيقي الذي باعه، والفرق بين السعرين، غالباً ما يذهب إلى جيب مندوب المشتريات، أو أنهما يتقاسمانه، وقد سُئل أحد أصحاب المحلات التجارية في أسواقنا، لماذا يعمل هذا العمل، ألا يخاف الله عز وجل؟ فأجاب بقوله، إذا لم أغير في سعر الفاتورة فإن المندوب يذهب إلى المحلات الأخرى ويتركني.


مثال آخر، من عدم إيفاء الكيل والميزان في أسواقنا:

الاتفاقية الضمنية التي تحصل بين موردي بعض البضاعات، وبين أصحاب المصانع إما من الداخل أو من الخارج، فعلى سبيل المثال، تجد علب المناديل الورقية التي كتب عليها مائة منديل مزدوج، إذا قمت بعدها، ففي غالب الأحيان لا تجدها مائة ورقة، تكون أقل من ذلك، وهذا قد يكون معلوماً بين المورد ومن قام بتعبئة تلك العلبة، فيشتريها المورد بسعر أقل، ويبيعها على المشتري المسكين، الذي لا يدرك أغلب هذه الحيل، بسعر المائة منديل مزدوج. 


أو أن يقوم مورد الأجهزة كالمسجلات ونحوها، باتفاق مع صاحب المصنع، أن يضع له داخل الجهاز، الذي كتب عليه بأنه صناعة أصلية، بعض القطع من صناعة تقليدية، تكون أقل جودة، وأقل في السعر بطبيعة الحال، فهذه توفر على المورد أموالاً ضخمة على مدار السنوات، ويبيعها على المشتري على أنها صناعة أصلية بسعرها المعروف، والذي يضيع بين الطرفين هو المشتري المسكين.


 ونقول لهؤلاء أن يتقوا الله فينا، مخافة أن تنزل عقوبة الله عز وجل، كما نزلت بقوم شعيب، عندما غشوا في أسواقهم، وخانوا في تجاراتهم، ولابد أن نتعاون نحن أيضاً جميعاً أيها الإخوة، للقضاء على هذه الظاهرة، لأن المسألة لا تخص البائع وحده، بل كما ذكرت لكم بأن المجتمع كله مهدد بالخطر، فالتاجر الذي يُعرف عنه، أنه يمارس أحد أنواع تلك المعاملات أو غيرها، لابد أن ينصح أولاً، فإن لم يرتدع، فلابد أن يفضح، ولابد أن يقاطع، كي لا يتعامل الناس معه.



شعيبُ (عليه السلام) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
شعيبُ (عليه السلام)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا لم يصم النبي -صلى الله عليه وسلم- صيام داود عليه السلام
» مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سماحته في الدعوة عليه السلام )
» لوط (عليه السلام)
» نوح (عليه السلام)
» هود (عليه السلام)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: خلاصة حياة الأنبيـاء-
انتقل الى: