منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 هود (عليه السلام)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

هود (عليه السلام) Empty
مُساهمةموضوع: هود (عليه السلام)   هود (عليه السلام) Emptyالخميس 27 يونيو 2013, 7:18 pm

هود (عليه السلام)

هود (عليه السلام) Images51

في أرض اليمن، وفي مكان يسمَّى (الأحقاف) كان يقيم قوم عاد الأولى الذين يرجع نسبهم إلى نوح، وكانوا يسكنون البيوت ذوات الأعمدة الضخمة، قال تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} [الفجر: 7-9].ويبنون القصور العالية والحصون المرتفعة، ويتفاخرون ببنائها، قال تعالى: { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) [الشعراء: 128، 129]}. ويملكون حضارة عظيمة، وقد برعوا في الزراعة بسبب توفر الماء العذب الغزير وكثر لديهم الخير الوفير، وكثرت الأموال والأنعام، وأصبحت منطقتهم حقولا خصبة خضراء، وحدائق زاهرة وبساتين وعيونًا كثيرة.

وأعطى الله أهل هذه القبيلة بنية جسدية تختلف عن سائر البشر، فكانوا طوال الأجسام أقوياء.. إذا حاربوا قومًا أو قاتلوهم هزموهم، وبطشوا بهم بطشًا شديدًا، قال تعالى: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134)} [الشعراء: 130-134].

وبرغم هذه النعم الكبيرة والخيرات الكثيرة التي أعطاهم الله إياها، لم يشكروا الله -تعالى- عليها، بل أشركوا معه غيره؛ فعبدوا الأصنام، وكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان، وارتكبوا المعاصي والآثام، وأفسدوا في الأرض، فأرسل الله لهم هودًا -عليه السلام- ليهديهم إلى الطريق المستقيم وينهاهم عن ضلالهم ويأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له، ويخبرهم بأن الله -سبحانه- هو المستحق للشكر على ما وهبهم من قوة وغنى ونعم، فقال لهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} (65) سورة الأعراف.

فتساءلوا: ومن أنت حتى تقول لنا مثل هذا الكلام؟‍‍! فقال هود -عليه السلام-: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) } [الشعراء: 125-126] ، فرد عليه قومه بغلظة واستكبار: { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) [الأعراف/66]}.

فقال لهم هود: {يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) } [الأعراف: 67- 68].

فاستكبر قومه، وأنكروا عبادة الله، وقالوا له: {قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} (53) سورة هود.

وقالوا له: وما الحالة التي أنت فيها، إلا أن آلهتنا قد غضبت عليك، فأصابك جنون في عقلك، فذلك الذي أنت فيه، فلم ييأس هود -عليه السلام- وواصل دعوة قومه إلى طريق الحق، فأخذ يذكرهم بنعم الله -تعالى- عليهم؛ لعلهم يتوبون إلى الله ويستغفرونه، فقال: { وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) [الشعراء: 132 -134]}. ثم قال: {{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} (52) سورة هود.

ولم يجد هود -عليه السلام- فيهم إلا قلوبًا ميتة متحجرة متمسكة بغيها وضلالها، وإصرارها على عبادة الأصنام، إذ قابلوا نصحه وإرشاده لهم بالتطاول عليه والسخرية منه، فقال لهم: {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) [هود: 54 -58]}.

فاستكبروا وتفاخروا بقوتهم وقالوا لهود: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (15) سورة فصل.

وأخذوا يسخرون منه ويستعجلون العذاب والعقوبة في سخرية واستهزاء فقالوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (70) سورة الأعراف.

فقال هود -عليه السلام-: {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} (71) سورة الأعراف.

وبدأ عذاب الله لقوم عاد بأن أرسل عليهم حرًّا شديدًا، جفَّت معه الآبار والأنهار، وماتت معه الزروع والثمار، وانقطع المطر عنهم مدة طويلة، ثم جاء سحاب عظيم، فلما رأوه استبشروا به، وفرحوا، وظنوا أنه سيمطر ماءً، وقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24].

لقد ظنوا أن السحب ستأتي لهم بالخير، لتروي عطشهم وتسقي إبلهم وخيولهم، وزرعهم وبساتينهم، ولكنها كانت تحمل لهم العذاب والفناء، فجاءتهم ريح شديدة استمرت سبع ليالٍ وثمانية أيام دائمة دون انقطاع، تدمر كل شيء أمامها حتى أهلكتهم، قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)} [الأحقاف: 24-25].

ونجَّى الله هودًا ومن آمنوا معه، قال تعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} (72) سورة الأعراف.

وسار هود -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين إلى مكان آخر يعبدون الله فيه ويسبحونه.

هود (عليه السلام) At-01310

وقفات مع قصة هود عليه السلام:

* نقف أمام الدعوة الواحدة الخالدة على لسان كل رسول وفي كل رسالة.. دعوة توحيد العبادة والعبودية لله, المتمثلة فيما يحكيه القرآن الكريم عن كل رسول: (قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).. ولقد كنا دائما نفسر "العبادة" لله وحده بأنها "الدينونة الشاملة" لله وحده، في كل شأن من شؤون الدنيا والآخرة. 

ذلك أن هذا هو المدلول الذي تعطيه اللفظة في أصلها اللغوي.. فإن "عبد" معناها: دان وخضع وذلل، وطريق معبد طريق مذلل ممهد، وعبده جعله عبدا أي خاضعا مذللا. 

والواقع إنه لو كانت حقيقة العبادة هي مجرد الشعائر التعبدية ما استحقت كل هذا الموكب الكريم من الرسل والرسالات, وما استحقت كل هذه الجهود المضنية التي بذلها الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- وما استحقت كل هذه العذابات والآلام التي تعرض لها الدعاة والمؤمنون على مدار الزمان! 

إنما الذي استحق كل هذا الثمن الباهظ هو إخراج البشر جملة من الدينونة للعباد، وردهم إلى الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن; وفي منهج حياتهم كله للدنيا والآخرة سواء.

إن توحيد الألوهية, وتوحيد الربوبية, وتوحيد القوامة, وتوحيد الحاكمية, وتوحيد مصدر الشريعة, وتوحيد منهج الحياة, وتوحيد الجهة التي يدين لها الناس الدينونة الشاملة... 

إن هذا التوحيد هو الذي يستحق أن يرسل من أجله كل هؤلاء الرسل, وأن تبذل في سبيله كل هذه الجهود; وأن تحتمل لتحقيقه كل هذه العذابات والآلام على مدار الزمان.. لا لأن الله سبحانه في حاجة إليه , فالله سبحانه غني عن العالمين، ولكن لأن حياة البشر لا تصلح ولا تستقيم ولا ترتفع ولا تصبح حياة لائقة "بالإنسان" إلا بهذا التوحيد الذي لا حد لتأثيره في الحياة البشرية في كل جانب من جوانبها.

*ونقف أمام الحقيقة التي كشف عنها هود لقومه وهو يقول لهم: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم, ولا تتولوا مجرمين).. 

إنها حقيقة العلاقة بين القيم الإيمانية والقيم الواقعية في الحياة البشرية, وحقيقة اتصال طبيعة الكون ونواميسه الكلية بالحق الذي يحتويه هذا الدين.. وهي حقيقة في حاجة إلى جلاء وتثبيت; وبخاصة في نفوس الذينيعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا; والذين لم تصقل أرواحهم وتشف حتى ترى هذه العلاقة أو على الأقل تستشعرها..

إن الحق الذي نزل به هذا الدين غير منفصل عن الحق المتمثل في ألوهية الله -سبحانه- والحق الذي خلقت به السماوات والأرض, المتجلي في طبيعة هذا الكون و نواميسه الأزلية.. والقرآن الكريم كثيرا ما يربط بين الحق المتمثل في ألوهية الله -سبحانه- والحق الذي قامت به السماوات والأرض; والحق المتمثل في الدينونة لله وحده.. والحق المتمثل في دينونة الناس لله يوم الحساب بصفة خاصة, والحق في الجزاء على الخير والشر في الدنيا والآخرة.. 

هود (عليه السلام) 15656110

وذلك في مثل هذه النصوص:

(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين. لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا.. إن كنا فاعلين.. بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق, ولكم الويل مما تصفون, وله من في السماوات والأرض , ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون . يسبحون الليل والنهار لا يفترون . أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون? لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا, فسبحان الله رب العرش عما يصفون . لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . أم اتخذوا من دونه آلهة? قل:هاتوا برهانكم . هذا ذكر من معي وذكر من قبلي , بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون . وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)... [الأنبياء 16 - 25]. 

(يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب, ثم من نطفة, ثم من علقة, ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة , لنبين لكم, ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى, ثم نخرجكم طفلا, ثم لتبلغوا أشدكم, ومنكم من يتوفى, ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم -من بعد علم- شيئا, وترى الأرض هامدة, فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت, وأنبتت من كل زوج بهيج. . ذلك بأن الله هو الحق, وأنه يحيي الموتى , وأنه على كل شيء قدير, وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور)... [الحج: 7 - 5].

هود (عليه السلام) 19048310

وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم, وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم . ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم . الملك يومئذ لله يحكم بينهم, فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين . والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا , وإن الله لهو خير الرازقين . ليدخلنهم مدخلا يرضونه , وإن الله لعليم حليم . ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله , إن الله لعفو غفور . ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل , وأن الله سميع بصير . ذلك بأن الله هو الحق , وأن ما يدعون من دونه هو الباطل , وأن الله هو العلي الكبير . ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ? إن الله لطيف خبير . له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد . ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره , ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه , إن الله بالناس لرؤوف رحيم . وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم، إن الإنسان لكفور . لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه, فلا ينازعنك في الأمر, وادع إلى ربك , إنك لعلى هدى مستقيم. [الحج: 54 - 67].

وهكذا نجد في هذه النصوص وأمثالها في القرآن الكريم العلاقة الواضحة بين كون الله سبحانه هو الحق, وبين خلقه لهذا الكون وتدبيره بنواميسه ومشيئته بالحق, وبين الظواهر الكونية التي تتم بالحق، وبين تنزيل هذا الكتاب بالحق, وبين الحكم بين الناس في الدنيا والآخرة بالحق. 

فكله حق واحد موصول ينشأ عنه جريان قدر الله بما يشاء, وتسليط القوى الكونية بالخير والشر على من يشاء; وفق ما يكون من الناس من الخير والشر في دار الابتلاء. 

ومن هنا كان ذلك الربط بين الاستغفار والتوبة, وبين المتاع الحسن وإرسال السماء مدراراً... فكل أولئك موصول بمصدر واحد هو الحق المتمثل في ذات الله سبحانه وفي قضائه وقدره, وفي تدبيره وتصريفه, وفي حسابه وجزائه, في الخير وفي الشر سواء.

هود (عليه السلام) 74443_10

 *ونقف أمام تلك المواجهة الأخيرة من هود لقومه; وأمام تلك المفاصلة التي قذف بها في وجوههم في حسم كامل, وفي تحد سافر, وفي استعلاء بالحق الذي معه, وثقة في ربه الذي يجد حقيقته في نفسه بينة:

(قال: إني أشهد الله, واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه, فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون . إني توكلت على الله ربي وربكم, ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها, إن ربي على صراط مستقيم . فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم, ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئاً, إن ربي على كل شيء حفيظ)..

إن أصحاب الدعوة إلى الله في كل مكان وفي كل زمان في حاجة إلى أن يقفوا طويلا أمام هذا المشهد الباهر. 

رجل واحد، لم يؤمن معه إلا قليل, يواجه أعتى أهل الأرض وأغنى أهل الأرض وأكثر أهل الأرض حضارة مادية في زمانهم, كما جاء عنهم في قول الله تعالى فيهم حكاية عما واجههم به أخوهم هود في السورة الأخرى: (كذبت عاد المرسلين . إذ قال لهم أخوهم هود: ألا تتقون? إني لكم رسول أمين, فاتقوا الله وأطيعون . وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين . أتبنون بكل ريع آية تعبثون? وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون . وإذا بطشتم بطشتم جبارين . فاتقوا الله وأطيعون . واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون . أمدكم بأنعام وبنين . وجنات وعيون . إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم . قالوا:سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين . إن هذا إلا خلق الأولين . وما نحن بمعذبين). [الشعراء: 123 - 138].

فهؤلاء العتاة الجبارون الذين يبطشون بلا رحمة; والذين أبطرتهم النعمة; والذين يقيمون المصانع يرجون من ورائها الامتداد والخلود!.. 

هؤلاء هم الذين واجههم هود -عليه السلام- هذه المواجهة . في شجاعة المؤمن واستعلائه وثقته واطمئنانه; وفاصلهم هذه المفاصلة الحاسمة الكاملة -وهم قومه- وتحداهم أن يكيدوه بلا إمهال . وأن يفعلوا ما في وسعهم فلا يباليهم بحال! لقد وقف هود -عليه السلام- هذه الوقفة الباهرة, بعدما بذل لقومه من النصح ما يملك; وبعد أن تودد إليهم وهو يدعوهم غاية التودد.. 

ثم تبين له عنادهم وإصرارهم على محادة الله وعلى الاستهتار بالوعيد والجرأة على الله..

هود (عليه السلام) Images52

لقد وقف هود -عليه السلام- هذه الوقفة الباهرة لأنه يجد حقيقة ربه في نفسه, فيوقن أن أولئك الجبارين العتاة المتمتعين المتبطرين إنما هم من الدواب! وهو مستيقن أنه ما من دابة إلا وربه آخذ بناصيتها; ففيم يحفل إذن هؤلاء الدواب?! وان ربه هو الذي استخلفهم في الأرض, وأعطاهم ما أعطاهم من نعمة ومال وقوة وبنين وقدرة على التصنيع والتعدين! للابتلاء لا لمطلق العطاء . وأن ربه يملك أن يذهب بهم ويستخلف غيرهم إذا شاء, ولا يضرونه شيئا, ولا يردون له قضاء.. 

ففيم إذن يهوله شيء مما هم فيه, وربه هو الذي يعطي ويسلب حين يشاء كيف شاء?.

إن أصحاب الدعوة إلى الله لا بد أن يجدوا حقيقة ربهم في نفوسهم على هذا النحو حتى يملكوا أن يقفوا بإيمانهم في استعلاء أمام قوى الجاهلية الطاغية من حولهم، أمام القوة المادية، وقوة الصناعة، وقوة المال، وقوة العلم البشري، وقوة الأنظمة والأجهزة والتجارب والخبرات، وهم مستيقنون أن ربهم آخذ بناصية كل دابة; وأن الناس -كل الناس- إن هم إلا دواب من الدواب!

وذات يوم لا بد أن يقف أصحاب الدعوة من قومهم موقف المفاصلة الكاملة; فإذا القوم الواحد أمتان مختلفتان.. أمة تدين لله وحده وترفض الدينونة لسواه، وأمة تتخذ من دون الله أرباباً, وتحاد الله!

ويوم تتم هذه المفاصلة يتحقق وعد الله بالنصر لأوليائه, والتدمير على أعدائه -في صورة من الصور التي قد تخطر وقد لا تخطر على البال- ففي تاريخ الدعوة إلى الله على مدار التاريخ! 

لم يفصل الله بين أوليائه وأعدائه إلا بعد أن فاصل أولياؤه أعداءه على أساس العقيدة فاختاروا الله وحده، وكانوا هم حزب الله الذين لا يعتمدون على غيره والذين لا يجدون لهم ناصراً سواه.

* إن الدينونة لله تحرر البشر من الدينونة لغيره; وتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده. 

وبذلك تحقق للإنسان كرامته الحقيقية وحريته الحقيقية, هذه الحرية وتلك اللتان يستحيل ضمانهما في ظل أي نظام آخر -غير النظام الإسلامي- يدين فيه الناس بعضهم لبعض بالعبودية, في صورة من صورها الكثيرة..

سواء عبودية الاعتقاد, أو عبودية الشعائر, أو عبودية الشرائع. 

هود (عليه السلام) 42246910

فكلها عبودية; وبعضها مثل بعض; تخضع الرقاب لغير الله; بإخضاعها للتلقي في أي شأن من شؤون الحياة لغير الله.

والناس لا يملكون أن يعيشوا غير مدينين! لا بد للناس من دينونة، والذين لا يدينون لله وحده يقعون من فورهم في شر ألوان العبودية لغير الله; في كل جانب من جوانب الحياة!

إنهم يقعون فرائس لأهوائهم وشهواتهم بلا حد ولا ضابط، ومن ثَمَّ يفقدون خاصتهم الآدمية ويندرجون في عالم البهيمة: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} (12) سورة محمد.

ولا يخسر الإنسان شيئا كأن يخسر آدميته, ويندرج في عالم البهيمة, وهذا هو الذي يقع حتماً بمجرد التملص من الدينونة لله وحده, والوقوع في الدينونة للهوى والشهوة. 

وأخيرا فإن توحيد العبادة والدينونة لله وحده, ورفض العبادة والدينونة لغيره من خلقه, ذو قيمة  كبيرة في صيانة الجهد البشري من أن ينفق في تأليه الأرباب الزائفة، كي يوجه بجملته إلى عمارة الأرض, وترقيتها, وترقية الحياة فيها.



هود (عليه السلام) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
هود (عليه السلام)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: خلاصة حياة الأنبيـاء-
انتقل الى: