منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف Empty
مُساهمةموضوع: الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف   الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف Emptyالأحد 10 نوفمبر 2013, 10:34 pm

الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف
الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف %D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A6%D9%8A%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9_%28%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%29
العلمانية الشاملة من التحديث والحداثة إلى ما بعد الحداثة: تاريخ

لا يمكن كتابة تاريخ بدون نموذج (في الواقع لا يمكن بدون نموذج كتابة أي شيء، سوى قائمة المشتريات من البقال). ونحن نُميِّز بين المتتالية المثالية المُفترَضة (أي المشروع الإصلاحي والأماني التي يؤمن بها أصحاب رؤية/ نموذج ما) والمتتالية الفعلية المتحققة. والمتتالية المثالية العلمانية التحديثية المُفترَضة تدور في إطار الواحدية المادية، وكان المفروض أن تؤدي حلقاتها إلى نهاية سعيدة: سيطرة الإنسان على الطبيعة وعلى نفسه وتأكيد مركزيته المطلقة في الكون (الاستنارة المضيئة والعقلانية المادية). ولكن هذه المتتالية كانت تحوي داخلها تناقضات النظم الواحدية المادية (تأليه الإنسان وتأليه الطبيعة في الوقت نفسه الذات ـ الإنسانية مقابل الموضوع الطبيعي المادي ـ الكل مقابل الجزء ـ التجاوز مقابل الإذعان والتكيف ـ المعنى والثبات مقابل الحركة التي لا معنى لها). 

وأثناء عملية التحقق التاريخي، عبَّرت هذه التناقضات تدريجياً عن نفسها، وأدركها الإنسان الغربي ثم حُسمت، في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير، لصالح العنصر الثاني في الثنائية، وبدلاً من انتصار الإنسان، تم تفكيكه ورَدُّه إلى المبدأ المادي الواحد (الاستنارة المظلمة واللاعقلانية المادية). وتم الانتقال من رؤى التحديث (البطولية) إلى واقع الحداثة (العبثي)، ثم استقر المطاف عند عالم ما بعد الحداثة (البرجماتي). ورغم أن التدرج يتم عبر ثلاث حلقات إلا أننا نتحدث في الواقع عن مرحلتين اثنتين: التحديث (والحداثة) مقابل ما بعد الحداثة لأن المرحلة الثانية كانت قصيرة جداً ولم تكن سوى مرحلة انتقالية بين الأولى والثانية. ونحن نرى أن اللحظة الفارقة كانت في الستينيات، ولذا فنحن نحدد عام 1965 باعتباره عام انتهاء المرحلة الأولى وبداية المرحلة الثانية.

والفرق الأساسي بين المرحلتين أن الأولى تتميَّز بوجود مركز واحد أو مركزين متصارعين (الإنسان والطبيعة) ولذا فهي صلبة، أما الثانية فتتميَّز بتعدُّد مفرط في المراكز أو بعدم وجود مركز فهي سائلة. ولنا أن نلاحظ وجود مجموعة من الثنائيات الفرعية (الإنتاج مقابل الاستهلاك ـ المنفعة [البرانية] مقابل اللذة [الجسدية] ـ التحكم والإرجاء مقابل الانفلات والإشباع المباشر ـ التراكم مقابل التبديد والإنفاق ـ الدولة مقابل السوق) وهي ثنائيات تعكس ثنائية الصلب والسائل، فالإنتاج والمنفعة والتحكم والإرجاء والتراكم والدولة تفترض وجود مركز للكون (إنساني أو طبيعي)، أي أنها تعبير عن العقلانية المادية. أما الطرف الثاني (الاستهلاك واللذة والانفلات والإشباع المباشر والتبديد والسوق) فيفترض انعدام الحدود وغياب المركز. ومن ثم تتساوى كل الأشياء وتختفي الثنائية الصلبة لتحل محلها سيولة شاملة، وتختفي المادية القديمة لتحل محلها المادية الجديدة، وتختفي العقلانية المادية لتحل محلها اللاعقلانية المادية.

وقد لاحظنا أن العلوم الإنسانية الغربية تتناول الواقع الغربي وكأنه مجموعة ظواهر مستقلة، لها تواريخ مستقلة، كما أنها تخلط بين المشروع الإصلاحي والآمـال من جهـة، والواقع التاريخي المتحقق (البنية التي تحققت) من جهة أخرى. وسنحاول في هذا الدراسـة أن نسـتخدم نموذجاً تحليلياً واحداً لنبيِّن الاستمرار والانقطاع في تاريخ الحضارة الغربية الحديثة، وأن ثمة وحدة فضفاضة وراء كل الظواهر المتنوعة، أي أنها وحدة لا تَجُبُّ التنوع، واسـتمرارية لا تَجُبُّ الانقطاع والتحولات النوعية.

وفي تصوُّرنا أن تقسيم تاريخ الحضارة الغربية الحديثة الذي نقترحه له قيمة تفسيرية تحليلية عالية. ومع هذا يتعيَّن علينا أن نلاحظ ما يلي:

1 ـ نحن ندرك تماماً أن الظواهر التاريخية، بكل تنوعها وتركيبيتها، لا يمكن اختزالها ببساطة إلى مرحلتين. وأن التقسيمات الثنائية بسيطة ومغرية. ورغم أننا قسمنا تاريخ الحضارة الغربية (العلمانية) الحديثة إلى قسمين اثنين: (مرحلة التحديث الصلبة التقشفية ومرحلة ما بعد الحداثة السائلة الفردوسية) فإننا ندرك تماماً أن تقسيماتنا هي إستراتيجية تفسيرية وحسب، وليس لها أي وجود مادي، فهي ليست "إنعكاساً مباشراً" للواقع الموضوعي المادي، وإنما تعبير عن نموذج تفسيري وتحليلي نرى نحن أن له قيمة تفسيرية وتصنيفية، نُخضعه للاختبار، أي أننا نقاوم تَشيُّؤ نموذجنا التفسيري، وندرك أنه لابد أن ينطوي على قدر من تبسيط للواقع.

2 ـ مرحلة التحديث التقشفية يمكن أن تُقسَّم بدورها إلى عدة مراحل:
مرحلة التراكم (الرأسمالي الإمبريالي) الأولى:

من عصر الاكتشافات حتى اندلاع الثورة الصناعية والفرنسية ونجاحها مع منتصف القرن التاسع عشر. وقد وصلت هذه المرحلة إلى ذروتها في نهاية القرن، وهي مرحلة التحديث وعصر المادية البطولي، والفلسفة العقلانية المادية والمادية القديمة.

مرحلة التراكم (الرأسمالي الإمبريالي) الثانية:
 
من نهاية القرن التاسع عشر حتى منتصف الستينيات، وهي مرحلة الحداثة العبثية وبداية ظهور اللاعقلانية المادية والمادية الجديدة.

3 ـ مرحلة ما بعد الحداثة الاستهلاكية الفردوسية (البرجماتية) واللاعقلانية المادية والمادية الجديدة، هي مرحلة لا تزال في بدايتها ولم تتحدد ملامحها بعد، وقد درسناها لا في ذاتها وإنما وضعناها مقابل المرحلة الأولى.

4 ـ لابد من التنبيه على أن المرحلة الثانية كامنة تماماً في المرحلة الأولى، فالتقشف العاجل كان يتم باسم الاستهلاك الآجل، والقمع كان يتم باسم اللذة الموعودة والإشباع في المستقبل، أي أن الانفتاح الاستهلاكي كان حتمية كامنة في كل النظم المادية مهما بلغت من تقشف، وثمة حتمية للسيولة الفردوسية بعد مرحلة الصلابة البطولية.

5 ـ تم اختيار عام 1965 لا لأن شيئاً محدداً ملموساً حدث فيه، وإنما لأنه في منتصف الستينيات. ولا يمكن تحديد تاريخ الظواهر الحضارية بالإشارة إلى يوم بعينه أو عام بعينه فهي تتطور بشكل يتجاوز مثل هذا التحديد الدقيق. ومع هذا يظل عام 1965 اختياراً مناسباً في تصورنا، نقطة تَركُّز تقع داخل مُتَصَل طويل.

وفي عرضنا لسمات كلٍّ من المرحلتين (وكذلك المرحلة الانتقالية)، صنفناها إلى مجالات مختلفة، ونحن لا نعطي أولوية سببية لمجال على حساب الآخر، وإنما نرى أن كل المجالات تتفاعل فيما بينها. وغني عن الذكر أن المجالات تتداخل (ومن هنا التكرار أحياناً). وكل مجال ينقسم إلى قسمين: التحديث والحداثة (ويُرمَز له بالحرف أ)، وما بعد الحداثة (ويُرمَز له بالحرف ب).

وبإمكان القارئ أن يقرأ هذه الدراسة بطريقتين:
طريقة مقارنة: 

أن يقرأ القارئ كل ما ورد عن المجال الاقتصادي (على سبيل المثال) فيقرأ الجزأ (أ) ثم الجزء (ب) ثم ينتقل بعد ذلك إلى المجال الذي يليه (وهذه هي الطريقة التي كتبنا بها الدراسة).

طريقة تكاملية: 

أن يقرأ العنصر (أ) في كل المجالات ثم يقرأ العنصر (ب).

أولاً: المجال الاقتصادي:

الإنتاج والزيادة المطردة للإنتاج هو الهدف النهائي من الوجود في الكون، وما يُحرِّك المُنتِج هو المنفعة، ولذا فلابد من عملية قمع، فلو حرَّكته اللذة لكانت كارثة، والإنسان مُنتِج أكثر من كونه مُستهلكاً، واجبه الإنتاج ومكافأته الاستهلاك، ولذا تسود في بداية هذه المرحلة أخلاقيات العمل البروتستانتية ويظهر الإنسان الاقتصادي في الدول الرأسمالية وهو نفسه الإنسان الاشتراكي (بطل الإنتاج) في الدول الاشتراكية، وكلاهما تتحدد مكانته في المجتمع في إطار مقدار ما يُنتج (لا ما يستهلك). ومن هنا التقشف والتراكم وزيادة الإنتاج والصناعة الثقيلة وبدايات الاقتصاد الرشيد ومرحلة المركنتالية وتوحيد السوق القومية في البداية، ثم الرأسمالية الرشيدة والرأسمالية المالية أو المصرفية في غرب أوربا والولايات المتحدة وظهور مفهوم السوق العالمي (وبداية ظهور ملامح الاستهلاكية والانفتاح وتحدي السوق والجنس للدولة القومية).

ويمكن في هذه المرحلة أن نتحدث عن «المستغلين» و«المستغَلين» وعن عمال يتم اعتصار فائض القيمة منهم، وعن طبقات متوسطة تحقق حزاكاً اجتماعياً أو هبوطاً في السلم الاجتماعي والطبقي.

ومع هذا، لم يكن قد تم تحديث أوربا تماماً حتى عام 1914، فاقتصاديات معظم بلاد أوربا كانت تضم قطاعاً زراعياً كبيراً، وكان معظم السكان إما جزءاً من الاقتصاد الزراعي أو جزءاً من الصناعات الاستهلاكية والتجارة الصغيرة المحلية. وقد حققت الثورة الصناعية خطوات واسعة بعد عام 1890، وساهم التراكم الإمبريالي في الإسراع بعمليات تحديث الغرب، ومع هذا ظل كثير من البنَى الاقتصادية والثقافية القديمة التقليدية قائماً. وقد تمتعت إنجلترا ثم الولايات المتحدة بمركزية في النظام الاقتصادي العالمي.

وقد كان تاريخ شرق أوربا (وبقية العالم) مختلفاً، ولكن الجميع لحق بالركب. فمرت مجتمعات شرق أوربا بمرحلة مركنتالية تقشفية تراكمية مكثفة، وبدلاً من ديكتاتورية البيوريتان جاءت ديكتاتورية البروليتاريا، وبدلاً من الملكيات المطلقة والدول القومية المطلقة جاءت دولة الطبقة العاملة المطلقة التي ركزت السلطة في يدها وقامت بعملية الترشيد والتراكم بسرعة.

وبدأت عملية تحديث بقية العالم من خلال جيوش الإمبريالية الغربية ثم ظهرت دول قومية في العالم الثالث تحاول إنجاز عملية التحديث بسرعة (وكانت عملية التحديث تعني في واقع الأمر عملية تغريب) وأن تُحقِّق التراكم وأن تهيمن على سوقها القومية. وفي هذه المرحلة تؤسس الدولة الصهيونية التي تبدأ مرحلة تقشفية تراكمية وتتبنى أشكالاً "اشتراكية" في إدارة الاقتصاد.

الاستهلاك في مرحلة ما بعد الحداثة السائلة هو الهدف النهائي من الوجود في الكون، وما يحرِّك المستهلك هو اللذة لأنه لو حرَّكته المنفعة لكانت كارثة. بل إن الاستهلاك بالنسبة للمستهلك واجب/حق. ولذا، بعد تَحكُّم الرأسمالية في العملية الإنتاجية، انتقل النظام من المنفعة إلى اللذة وأصبح الاستهلاك (لا الإنتاج) هو هدف المجتمع، وأصبحت السعادة هي تَحرُّر الاستهلاك من الحاجات المادية أو الأساسية التي يتطلب الوفاء بها السلع ذات القيمة الاستعمالية. ولم يَعُد هدف المجتمع إشباع الحاجات وإنما تخليقها، ولم تَعُد الحاجة مصدر معاناة تحتاج إلى إشباع وإنما أصبحت على العكس من ذلك شيئاً يُحتَفى به. ولم يَعُد التنافس الأساسي بين المنتجين (كما هو الحال في الرأسمالية الصناعية التنافسية) وإنما بين المستهلكين.

وأصبح الاستهلاك هو المجال الرئيسـي الذي يتم فيه اغتراب الإنسـان، حيث تتحـدد وتُنتَج احتياجات الناس، وتوجَّه الرغبات نحو ما تم تحديده وإنتاجه من قبل. ويتم استيعاب الناس في منظومة متعددة المستويات من الأشياء والعلامات والدلالات، وهو ما يجعل "للثقافة" والإدراك أولوية على القيم المادية.

وأصبح نمط الاستهلاك وإشباع اللذة (وليس ممتلكات الفرد أو إنتاجيته) مؤشِّراً على مكانته في المجتمع، وانتقل تحديد وضع الفرد في المجتمع من السلعة نفسها أو كمية النقود إلى «دلالة السلعة والنقود» التي يمتلكها الفرد. وأصبحت الصورة أو العلامة هي السـلع أو القـيم المادية الرئيسية التي تُقاس بالنسبة لها قيمة كل شيء، أي أن السلع المادية والنقود لم تَعُد أساس السيطرة على المجتمع. كل هذا يجعل التحليل الماركسي الذي أكد أولوية السلع المادية على السلع الثقافية غير ذي موضوع، بل يجعل الماركسية نفسها (كما يقول بورديار) مجرد امتداد للرأسمالية التقليدية ومتواطئة معها وأداة للهيمنة أو الإمبريالية الإدراكية.

ويمكن القول بأن تحديث المجتمعات الغربية قد اكتمل بعد الحرب العالمية الثانية، وتم تهميش أية جيوب زراعية أو شبه زراعية ولم يَعُد القطاع الزراعي ذا أهمية كبيرة.

وتشهد هذه الفترة ظهور الفورديزم Fordism، أي تنميط السلع على مستوى ضخم، فتم إنتاج السيارة والمنزل بشكل نمطي على نطاق جماهيري، كما تم تطبيق أساليب تايلور في الإدارة العلمية. وتزايد استخدام الكرديت كارد بدلاً من النقود، وهو ما يساهم في الحركة الاستهلاكية وفي تَضخُّم قطاع الخدمات وقطاع اللذة واتساع السوق المحلي وتَجاوُز الحـدود القـومية، وظهرت السوق العالمية والشركات متعددة الجنسيات عابرة القارات التي لا تحترم السوق المحلي، وظهرت الاستهلاكية العالمية. 

وقد تَزايَد ما يُسمَّى «الاقتصاد الفقاعي» (بالإنجليزية: بابل إيكونومي bubble economy) أو «الاقتصاد الطفيلي» (بالإنجليزية: دريفاتيف إيكونومي derivative economy) أي اقتصاد المضاربات المبني على التأمينات المصرفية التي لا يقابلها رأسمال حقيقي (تجارة الأموال تقدر بنحو 500 ترليون دولار. [ الترليون يساوى 1000 مليار] وهو ما يعنى أن تجارة الأموال تصل إلى 50 ضعف قيمة تجارة السلع الدولية التى تبلغ قيمتها الإجمالية عام 1997 نحو 10 تريليونات دولارا فقط لاغير. (كل هذا يعنى ابتعاد الاستثمار المالي عن الاستثمار الاقتصادي الحقيقي. ومع هذه الحركة الطائشة للترليونات يتقرر مصير أمم بأكملها ارتفاعا وهبوطا.

وقد تزايد دور الإعلام وقطاع اللذة في تصعيد الاستهلاك. ولا يمكن الحديث عن مستغل ومستغَل، فالمستغل في مكان يصبح مستغَلاً في مكان آخر. فكأن عملية الاستغلال أصبحت بلا بؤرة ولا مركز، وأصبح النموذج دائرياً: نموذج قوي فعال دون فاعل، يدور كالآلة. وكما يقول سيرج لا توش: "لا يمكن الحديث عن الحضارة الغربية الحديثة [أو عن الحداثة الغربية] باعتبارها لحظة زمنية أو رقعة جغرافية، وإنما هي آلة بدأ الإنسان في تشغيلها، ثم استمرت في الدوران بقوة الدفع الذاتية، ثم أخذت تتزايد سرعتها بقوة تفوق طاقة الإنسان. وهي في دورانها تدوس بقوة على الجميع، بما في ذلك الإنسان الغربي نفسه الذي بدأها في الدوران وكان يحاول توظيفها لصالحه". في هذا الإطار (الآلة التي تدور ـ الاقتصاد الطفيلي ـ الإعلام الشرس ـ عالم بلا بؤرة) يشعر الإنسان بالعجز الكامل فيتزايد الحديث عن المؤامرة.

ويُلاحَظ تراجع الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة وظهور مراكز أخرى في اليابان وجنوب شرق آسيا وألمانيا، وبداية الخصخصة في العالم الثالث، وتَساقُط سياسات الاقتصاد الوطني وتفشي النزعة الاستهلاكية. وتدخل الدولة الصهيونية المرحلة الفردوسية الاستهلاكية.

ثانياً: في المجال السياسي والاجتماعي:

نشبت الثورة البورجوازية ضد الإقطاع ثم الثورة البروليتارية ضد الرأسمالية، وانتصرت البورجوازية والطبقات المتوسطة وتَبلور الصراع الطبقي وظهرت القوميات العلمانية (العضوية وغير العضوية) والدولة القومية المركزية المطلقة (مرحلة الملكيات المطلقة ومرحلة الدول الديموقراطية في غرب أوربا والاشتراكية في شرقها) وتم تأكيد أهمية الماضي القومي والهوية القومية.

والدولة القومية هي التي قامت بتحديد الحدود وترشيد الداخل الأوربي وتحديث المؤسسات وعلمنة الرموز وتدجـين الإنسـان الأوربي وتحـويله إلى إنسـان وظيفي حديث ("اسـتعمار عــالم الحياة"، على حد قول هابرماس)، ثم جيشت الجيوش ونهبت العالم فأسست البنية التحتية والفوقية للمجتمعات الغربية من خلال التراكم الإمبريالي (الذي يُقال له «التراكم الرأسمالي»).

ورغم قوة الدولة القومية وشراستها وهيمنة البورجوازية، ظلت هناك جيوب تقليدية (أرستقراطية ـ إثنية ـ دينية) حتى الحرب العالمية الثانية، وكان كثير من أعضاء النخب الحاكمة من أصول أرستقراطية، وكان معظم أوربا يحكمها أسر ملكية. بل تكيفت البورجوازية مع النظام القديم وتلونت الأرستقراطية الصناعية بألوان الأرستقراطية الزراعية.

ويرى أحد المؤرخين أن التحول الحقيقي للغرب تم بعد ما يسميه «حرب الثلاثين عاماً الجديدة» (1914 ـ 1944) إذ تم تحديث وعلمنة كل النظم والمؤسسات والبنَى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتهميش الأرستقراطيات وكل الجيوب التقليدية المتبقية.

ومع نهاية المرحلة، يبدأ تآكل الدولة القومية من خلال ظهور النزعات الإثنية والكوزموبوليتانية في الوقت نفسـه (ومن خـلال تزايد النزعات الفردية والتوجه الحاد نحو اللذة المتمركزة حول الإشباع الجنسي بالدرجة الأولى). كما بدأت حركيات السوق (التي لا تعرف القيم أو الخصوصيات) تهدد الحدود القومية. ومع هذا يُلاحَظ تصاعد هيمنة البيروقراطية والتكنوقراطية وتزايد تَدخُّل الدولة في كل مناحي الحياة الخاصة. 

وتنتهي المرحلة بالإبادة النازية والإرهاب الستاليني والمكارثية وهيروشيما وناجازاكي وفيتنام وكمبوديا وتأسيس الدولة الصهيونية في فلسطين، ثم تظهر أسلحة الدمار الكوني والأسلحة الميكروبية (لأول مرة في تاريخ البشرية، ما يخصصه الإنسان من طاقة واعتمادات في تطوير أسلحة الدمار والفتك يفوق ما يخصصه لإنتاج الطعام، على سبيل المثال). ويُلاحَظ تَصاعُد حركات التحرر الوطني في العالم الثالث التي تحـاول القوى الاسـتعمارية قمعها بضراوة. وتقوم الدولة الصهيونية بضرب الشـعب الفلسطيني بيد من حديد، بعز أن طُرد معظم أفراد الشعب الفلسطيني من ديارهم.

مع تصاعد معدلات التدويل في عصر ما بعد الحداثة ضمرت الدولة القومية ومؤسساتها إذ أخذت تزاحمها مؤسسات ومراكز قوى أخرى (نقابات ـ جماعات ضغط ـ شركات ضخمة ـ منظمات غير حكومية)، فالسلطة لم تَعُد مجموعة مؤسسات مركزية يمكن الاستيلاء عليها والتحكم فيها، فهي موزعة بين عدة مؤسسات متغلغلة في المجتمع. 

ومن أهم التطورات تضخُّم (بل تغوُّل) قطاع صناعات اللذة، وهيمنته على الحياة الخاصة التي تم استيعابها في رقعة الحياة العامة، وتزايد تأثير وسائل الإعلام ومنظومات المعلومات التي تحاصر الإنسان بالصور الأيقونية الجذابة المتغيرة، الخالية من المضمون والمعنى تقريباً، والتي تكاد تشير إلى ذاتها. ولذا فالمجتمع لا تحكمه الدولة وإنما تحكمه منظومات المعلومات والشفرات الجماعية الموحَّدة (كود Code). ومن أهم التطورات الأخرى تزايد الوزن النسبي لكثير من الفئات الهامشية، وضمور الهويات القومية، واختفاء بقايا الأرستقراطية والثقافة الأرستقراطية (1945). وظهور الطبقة المتوسطة الجديدة من المهنيين (كانوا يُشكِّلون 5 ـ 10% من سكان الدول الغربية الصناعية حتى بداية القرن العشرين، ولكن عددهم في الوقت الحاضر يبلغ نحو 20 ـ 25%). 

وهم أقلية عددية كبيرة يتمتع أعضاؤها بنفوذ قوي يتجاوز نسبتهم العددية، فهم الذين يضعون السياسات والإستراتيجيات، كما أن لهم نفوذاً ثقافياً قوياً، لأنهم يتميَّزون بمقدرتهم على الإنفاق، وهم لهذا أكثر مواكبة لعصر الاستهلاك. ونتيجةً لهذا كله يحل هؤلاء المهنيون محل الأرسـتقراطية القــديمة أو حتـى البـورجــوازية فـي تحديــد قيــم المجتمــع وأسلــوبه في الحــياة. وموقـف هــؤلاء المهنــيين من الطبقـة العاملة مبهم للغاية. ولكـن الطبقــة العاملــة نفســها استُوعبت تماماً في أسلوب الحياة في المجتمعات الغربية ولم تعد أحلامها تختلف عن أحلام أعضاء المجتمع ككل، ففَقَدت أي دور ثـوري لهـا، ومن هنـا الإحـساس بأن الصراع الطبقي تم إلغاؤه.

أما على مستوى الواقع فيُلاحَظ تزايد الاستقطاب الطبقي والجيلي في الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة (وخصوصاً ابتداءً من نهاية السبعينيات). 

كما ظهرت حركات الطلاب والحركات الاجتماعية الجديدة التي تربط دائماً بين الانعتاق والحرية الجنسية، أي أن أحلام الثوريين لا تختلف كثيراً عن الأحلام التي يفبركها بكفاءة عالية قطاع اللذة في المجتمع. وقد أدركت قوى اليسار أن الثورة مستحيلة، وأن الاستيلاء على الحكم مستحيل، في عصر ما بعد الأيديولوجيا وسيادة الفكر التكنوقراطي في عالم السياسة وقوانين الإدارة العلمية، وأنه لو تم الاستيلاء على السلطة فإن هذا لن يحل المشكلة بسبب هيمنة النظم التكنوقراطية ونظم المعلومات والصور الأيقونية المخلّقة على الإنسان من الداخل والخارج. 

ومع هذا يُلاحَظ اندلاع الحركات الثورية ذات التوجه البيئي، التي تشكل أول انسلاخ حقيقي ذي طابع جماهيري عن منظومة التحديث الغربية، المادية العقلانية. ورغم ضرب حركات التحرر الوطني في العالم الثالث وظهور نخب حاكمة ذات اتجاه تغريبي واضح، وتَآكُل مؤسسات الدولة القومية وتَزايُد الحروب الإثنية والدينية، يُلاحَظ ظهور حركات شعبية ترفض عملية التدويل والتغريب، فعلى سبيل المثال، اندلعت الانتفاضة وهي حركة شاملة للتغيير، خارج المنظومة الغربية. ويبدأ في إسرائيل والولايات المتحدة الحديث عن التسوية السلمية مع العرب، وتبدأ بعض النخب، بما في ذلك النخبة الفلسطينية، في تَقبُّل هذا الخطاب الجديد.

ثالثاً: المجال الدولي:

تبدأ هذه المرحلة بالاستعمار الاستيطاني ثم الإمبريالية العالمية (عصر استغلال الموارد الطبيعية والبشرية على المستوى العالمي بشكل مباشر ومن خلال الجيوش النظامية). وتتم هيمنة الاتحاد السوفيتي على الأحزاب الشيوعية وعلى الدول المجاورة باسم الأممية الاشتراكية، كما يتخذ الدفاع عن الاتحاد السوفيتي شعار الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة. 

أما الاستعمار الغربي فيتم تبريره باللجوء إلى شعارات مثل "عبء الرجل الأبيض" و"الرسـالة الحـضارية" و"القدر المحتوم" وتشهـد الفـترة حروباً عـالمية (أي غربية) وأخرى صغيرة في آسيا وأفريقيا. وبدأت تظهر ملامح ما يُسمَّى «جلوباليزيشن globalization» أي «العولمة» أو تحويل العالم إلى وحدات متجانسـة لا تتمـتع بأية خـصوصية (وهو الاتجــاه الذي أدى في نهاية الأمر إلى ظهور النظام العالمي الجديد). 

ومما سارع بهذا الاتجاه أن الاستعمار الغربي (والأمريكي بخاصة) اكتشف أن المواجهة مع الشعوب أمر مكلف جداً، وأن الحروب الاستعمارية لا تأتي بعائد كبير ولذا قرر التراجع عن الغزو العسكري المباشر والبحث عن أشكال أكثر مراوغة مثل الاستعمار الجديد. وثمة دولة غربية واحدة (إنجلترا حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ثم الولايات المتحدة حتى الوقت الحاضر) هي المهيمنة على النظام العالمي وتنتهي الفترة بالحرب الباردة. وتبدأ عملية تصفية الجيوب الاستيطانية، ومع نهاية المرحلة لا يبقى سوى الجيب الاسـتيطاني في فلسـطين، يطل على أفريقيا وقناة السـويـس، والجيب الاسـتيطاني في جنوب أفريقيا في قاعدة القارة.

تشهد هذه المرحلة بداية ظهور النظام العالمي الجديد ويمكن الحديث عن عولمة بعض القضايا مثل الطاقة النووية ـ التلوث البيئ ـ الإيدز ـ البريد الإلكترونى ـ ثورة المعلومات. هذا هو عصر استغلال الموارد الطبيعية والبشرية على المستوى العالمي بدون مواجهات عسكرية، ومن خلال تجنيد النخب المحلية الحاكمة لتنفيذ مخططات الدول الغربية، ومن خلال تَزايُد معدلات التدويل، بحيث يتحول الكون بأسره إلى شيء متجانس يتسم بالواحدية الدولية، لا خصوصيات له ولا ثنائيات ولا تَنوُّع. وبدلاً من استعمار الشعوب، يتم أمركتها وكوكلتها (نسبة إلى الكـوكاكولا) وتحل الكـوكاكولانية بدلاً من الكـولونيالية. 

ويتم الحـديث عن نهــاية التاريخ ونهاية الأيديولوجيا، لإشاعة الإحساس بأن ثمة نظاماً جديداً قد ظهر مبنياً على العدل وتَبادُل المصالح الاقتصادية. ومع هذا يُلاحَظ على مستوى الواقع أن 20% من سكان الأرض (شعوب الدول المتقدمة) يستهلكون 80% من موارد العالم الطبيعية. وقد تَزايد الاستقطاب على مستوى العالم لصالح الدول الثرية التي تزداد ثراء بينما تزداد الدول الفقيرة فقراً، من خلال عملية التبادل الاقتصادية "العادلة"! كما يُلاحَظ أن معدلات إنتاج الأسلحة (وبيعها) لم ينخفض كثيراً عن ذي قبل.

ولا يستخدم النظام العالمي الجديد الديباجات القديمة مثل عبء الرجل الأبيض وإنما يتحدث عن الدفاع (الانتقائي) عن حقوق الإنسان وحقوق الأقليات وحقوق النساء وربطها بالدفاع عن حقوق الشواذ جنسياً وعن حقوق الحيوانات.

والنظام العالمي الجديد هو تصعيد لعمليات العلمنة، ومحاولة لإعادة صياغة العالم بأسره حتى يصبح جزءاً من الآلة التي ستستمر في الدوران إلى أن ترتطم بحائط كوني (مثل الإيدز وثقوب الأوزون والفشل الذريع في التخلص من النفايات النووية وغير النووية). 

ويمكننا الآن الحديث عن «الاستهلاكية العالمية» وعن «الإمبريالية النفسية» (أي الإمبريالية التي تعتبر النفس البشرية هي الحيز الذي تتحرك فيه وتهزمه وتحوسله) بدلاً من «الاشتراكية العالمية» أو «الرأسمالية العالمية» أو «الإمبريالية العالمية»، وخـصوصاً بعد سـقوط النظام الاشتراكي والنظرية الماركسية، والذي حدث هو التلاقي «كونفرجانس convergence» بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، وهو تلاق توقعه كثير من علماء الاجتماع منذ زمن. ويُلاحَظ أن الولايات المتحدة لم تَعُد المركز ولا القوة الوحيدة في العالم، إذ ظهرت قوى أخرى (النمور الآسيوية ـ تعاظم نفوذ أوربا).

وتاريخ الإمبريالية يشبه من بعض النواحي تاريخ الدولة القومية العلمانية. فالدولة المركزية القومية، في مرحلتها المطلقة (التقشفية التراكمية)، كانت تُرغم الشعوب على أن تكون مادة ومصدراً للطاقة، وقد تغيَّر الأمر في مرحلتها الديموقراطية حين ارتضت الشعوب الغربية أن تصبح منتجة ومستهلكة وحسب واستبطنت المنظومة المعرفية والأخلاقية التي كانت تقاومها. ويحاول النظام العالمي الجديد (هذا التعبير الجديد عن الظاهرة الاستعمارية الغربية أو النظام العالمي القديم) أن يجعل شعوب العالم تستبطن رؤيتها لذاتها كمستهلكين ومنتجين وحسب، أي مادة استعمالية، وتدخل القفص الحديدي راضية قانعة. ولذا فهو يلجأ للإغواء والقمع بدلاً من المواجهة الصريحة والقمع المباشر.

وقد قبلت كثير من نخب العالم الثالث هذا الإغواء وبدأت تثرثر هي الأخرى عن النظام العالمي الجديد (ولكن بدأت قطاعات أخرى تدرك تماماً خطورة هذا الاتجاه نحو العولمة). مصر وإسرائيل تُوقعان اتفاقية كامب ديفيد، والنخبة الحاكمة الفلسطينية وإسرائيل تُوقعان اتفاقية أوسلو، ومع هذا تتصاعد أشـكال مختلفة من المقاومة الفلسـطينية.
يتبع إن شاء الله...


الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف   الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف Emptyالأحد 10 نوفمبر 2013, 10:38 pm

رابعاً: المجال الفلسفي:

شهدت هذه المرحلة بدايات المشروع التحديثي العقلاني المادي الذي يستند إلى الإيمان بالكل المادي الثابت المتجاوز ذي الهدف والغاية، وهذا الكل يمكن أن يكون كلاً إنسانياً أو طبيعياً/مادياً في مرحلة الثنائية الصلبة ثم يصبح الطبيعة/المادة أو أي مطلق علماني يُعبِّر عن نفسه من خلال تجليات مختلفة في مرحلة الواحدية المادية الصلبة. ويمكن القول بأن الحداثة ليست تبنِّي العلم والتكنولوجيا وحسب وإنما هي تبني العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، المتجاوزين للغائية الإنسانية، باعتبارهما المرجعية النهائية للإنسان، والحداثة تعني أيضاً انفصال الإنسان عن كل النزعـات الكـونية وفـصل كل العـلاقات التقليدية وإخضاعها هي والمنظومات القيمية لعـمليات التفـاوض المسـتمرة. 

وتم إنجاز الإصلاح الديني وبداية علمنة الدين وتهميش المقدَّس وعزله في رقعة الحياة الخاصة، على أن تحرر الحياة العامة من كل المقدَّسات، وهو ما يُسمَّى «نزع القداسة عن الكون». وظهرت الرؤية المعرفية العلمانية الشاملة التي ألَّهت الإنسـان، وهي رؤية تقـوم مقـام الديانة العــالمية (بالإنجليزية: وورلد رليجون world religion) التي تتسم بالشمول، وتتفرع عنها منظومات معرفية وجمالية أخلاقية ومعيارية كاملة في جميع المجالات. ولذا نجد أن لها سفر التكوين الخاص بها (أصل الأنواع) وأنبياؤها (بنتام وداروين وماركس) وقصتها الكبرى (التقدم المستمر) وخيرها (إمتاع الذات) وشرها (قمعها) وجنتها (اليوتوبيا التكنولوجية) وجهنمها (التخلف المادي).

وقد ظهرت من داخل هذه المنظومة ثنائية الإنسان والطبيعة الصلبة حيث يشغل الإنسان المُتألِّه مركز الكون (أو تشغل الطبيعة/المادة المركز). ولكن ما حدث في واقع الأمر أن الإنسان الأبيض (وليس الإنسان ككل) ألَّه نفسه وأصبح مرجعية ذاته واحتل المركز وقام بحوسلة الطبيعة وبقية البشر ومن ثم تحولت الرؤية المعرفية العلمانية إلى رؤية علمانية إمبريالية. ورغم مادية المنظومة المعـرفية العلمـانية الإمبريالية فإن ثمة نزعة طوباوية مثالية تظهر داخلها (انتصار الاشـتراكية في المعسكر الشرقي والدفاع عن العدالة الاجتماعية، أو الهيمنة الإمبريالية في المعسكر الغربي والدفاع عن عبء الرجل الأبيض ورسالة أوربا الحضارية).

ومنذ البداية نشب صراع بين مركزي الكون (الإنسان والطبيعة) فأكدت النزعة الهيومانية أسبقية العقل على الطبيعة/المادة وحرية الإرادة الإنسانية ومقدرة الإنسان على معرفة قوانينها وغزوها والهيمنة عليها والوصول إلى معرفة كلية يمكنه أن يُرشِّد حياته المادية والأخلاقية في ضوئها، وباسمها يستطيع الإنسان أن يقمع رغباته ويرجئها وأن يتجاوز ذاته الطبيعية/المادية. وظهرت أخلاقيات مادية (المنفعة المادية ـ البقاء للأصلح ـ صراع الطبقات). وقد واكب كل هذا إيمان بأن الكون معقول، وله هدف وغاية. ومن ثم تَزايَد الإيمان بالتَقدُّم وبأن التاريخ له مسار واضح حتمي، ينتهي بانتصار الإنسان (الإنسان الأبيض على وجه التحديد) وهذه هي مرحلة البطولة المادية. وفي هذه التربة نشأت حركة التنوير بين أعضاء الجماعات اليهودية واليهودية الإصلاحية.

وفي الوقت نفسه ظهرت الرؤية المعادية للإنسان (الإيمان بالعلم المنفصل عن القيمة والغائية الإنسانية)، إذ أن فلسفة إسبينوزا ورؤية نيوتن قامتا بتأليه الطبيعة بدلاً من الإنسان، ووضعتا المادة في مركز الكون، وطالبتا الإنسان بالإذعان للقانون الطبيعي المادي الآلي والحتميات المادية وهيمنت الواحدية المادية. وظهرت حركة الاستنارة والعقلانية المادية في النصف الأول، وسادت مفاهيم السببية الصلبة في العلوم، وتراجعت القيم المسيحية تدريجياً وكل المطلقات والثوابت. وبدأت مجالات حياة الإنسان المختلفة تنفصل تدريجـياً عنه، بحيث يصبح كل مجال مرجعية ذاته، لا علاقة له بالمركز الإنساني.

ومع بداية نهاية المرحلة (ابتداءً من النصف الثاني للقرن التاسع عشر) تبدأ هذه الرؤى في الاهتزاز، فتهتز فكرة الكل المادي المتجاوز، وتتراجع مفاهيم السببية الصلبة في العلوم ويتعمق إحساس الإنسان الغربي بأن معرفة الطبيعة ليس أمراً سهلاً وأن استخلاص قوانين منها ليس أمراً يسيراً وأن الطبيعة ذاتها تحكمها الصدفة. كما أدرك الإنسان الغربي أن تَزايُد الترشيد والتحكم الإمبرياليين لا يؤدي بالضرورة إلى السعادة، بل بدأ يدرك استحالة الترشيد، فتَزعزَع إيمانه بفكرة التقدم والحتمية التاريخية. وهنا ظهر نيتشه الذي أعلن موت الإله، أي نهاية عصر الميتافيزيقا والكليات وادعاء الإنسان المركزية وبشَّر بعالم لا مركزية له. في هذا الإطار ظهر الفكر المعادي للاستنارة واللاعقلانية المادية والرؤية العضوية الشمولية وفكرة التاريخ كعود أبدي وكدوائر مفرغة والفكر العنصري الغربي (كانت أكثر الكتب انتشاراً في أوربا في نهاية القرن التاسع عشر كتاب المفكر العنصري الفرنسي دروموند فرنسا اليهودية). ومن هذه التربة نبتت النازية واليهودية المحافظة والصهيونية.

ومع تزايد الإحساس بالورطة الحضارية تزايد الفكر العبثي والعدمي. ويُلاحَظ أن ثمة علاقة بين تَزايُد النزعة الاستهلاكية (والانغلاق على الذات وملذاتها) وتَزايُد النسبية والعدمية الفلسـفية. ونشبت ثورة ضد الكلية والشمولية، سـواء في شـكلها المادي الواضح (الوضعية ـ الوظيفية)، أو في شكلها المادي الذي يتلبس لباساً روحياً (الهيجلية ـ البنيوية). وظهرت مدارس فلسفية تُوجِّه سهام نقدها للحداثة العقلانية المادية الغربية وفكر الاستنارة ككل (مدرسة فرانكفورت) وتهاجم فكرة التقدم.

وكل هذا مؤشر على اقتراب المرحلة الصلبة من نهايتها، ومع هذا فإن ما ينقذ هذه المرحلة من السيولة الكاملة ومن السقوط في قبضة الصيرورة هو الإحساس المأساوي الذي صاحبها، فالإنسان الغربي كان لا يزال يحمل في وجدانه ذكرى المرحلة البطولية المادية. ويُلاحَظ انتشار الفلسفة الهيجلية والماركسية في العالم الثالث، وهي فلسفات تؤمن بمركز قويّ وبإمكانية تَحكُّم الإنسان في مصيره. وقد لاحظ نيتشه نفسه أنه رغم إعلانه موت الإله فإن ظلاله (متمثلة في مفاهيم السببية والكلية والغائية) لا تزال في كل مكان.

تكتسب الحركة المادية في هذه المرحلة مركزية كاملة وحركية ذاتية مستقلة عن إرادة الإنسان بحيث تتجاوز أية نماذج عقلية وأية محاولات للتفسير والتنظير فكل شيء يسقط في قبضة الصيرورة، وتختفي المنظومات الكلية، ولذا لا يتساءل الإنسان عن أصل الأشياء ولا عن معناها ويختفي البحث عن الأصول والمعنى (فالحديث عن الأصل يعني وجود ذات فاعلة تُهمِّش الذوات الأخرى). 

ويُنظَر إلى العالم بأسره من منظور الهامش ويصل فيه الترشيد قمته فيفقد الإنسان رشده وحريته وإرادته ومقدرته على التحكم، فيصبح العقل وثمرات الفكر (مثل النظريات والأيديولوجيات) أموراً قديمة يجب طرحها. 

وبذا، يختفي الإنسان تماماً بتحوله إلى مادة مُستوعَبة في نظام آلي عالمي وصلت فيه درجة التحكم والترشيد إلى الذروة، فتظهر السيولة والتفكيكية وفكرة اللاتحدد في الطبيعة، والانتصار الكامل للرؤية المتمركزة حول المادة على الرؤية المتمركزة حول الذات الإنسانية، أي أن المركز الواعي للكون (الإنسان) يختفي ليحل محله في بداية الأمر الطبيعة باعتبارها المركز اللاواعي ثم يظهر أخيراً اللامركز اللاواعي. 

هذا هو عصر النهايات والمابعديات (نهاية الأيديولوجيا ـ نهاية التاريخ ـ نهاية الميتافيزيقا ـ نهاية الحـقيقة ـ نهاية البحـث عن المعنى)، ولذا لا توجـد أزمة معنى، وتحل اللاعـقلانية المادية محل العقلانية المادية، والاستنارة المظلمة محل الاستنارة المضيئة، وتختفي تماماً القيم والثوابت والمطلقات (في المجال المعرفي والجمالي والأخلاقي) ويصبح لكل فرد ثوابته وقيمه ودينه، وتختفي المعيارية لتحل محلها لامعيارية كاملة ونسبية شاملة. 

ولعل أطروحات ما بعد الحداثة هي تعبير عن هذا الوضع، فهي رؤية للكون تؤكد أن الكون لا مركز له، وأن لا علاقة بين النتائج والأسباب، ولا بين الدال والمدلول، ولا بين العقل والواقع، فكأن كل شيء أصبح مكتفياً بذاته لا علاقة له بالآخر، مجرد قصص صغرى، إذ لا توجد قصة عظمى ولا ديانة عالمية؛ عالم ذري تماماً لا قداسة فيه انسحب منه الإله ومات فيه الإنسان. ولذا تمحي كل الثنائيات وتختفي النزعة الطوباوية وتظهر النزعة البرجماتية والرغبة في التكيف والمقدرة الفائقة على الإذعان للأمر الواقع.

ويمكننا القول بأنه إذا كان الإله ـ حسب التصوُّر النيتشوي ـ قد مات في أواخر القرن التاسع عشر فإن الشيطان نفسه، قد مات أول يناير 1965 (أي مع البداية الافتراضية للمرحلة الثانية). فالشيطان يفترض وجود قصة كبرى وثنائيات فضفاضة أو صلبة، وعالم يرتكب فيه الإنسان الرذيلة. ومع اختفاء كل هذا، ومع الحياد الكامل تجاه الجسد والجنس والعالم، ومع إزالة ظلال الإله (مفهوم الكلية والسببية والغائية) يصبح من الصعب التمييز بين المقدَّس والمدنَّس، ويصبح الشيطان كائناً بلا وظيفة فيموت، وهذا هو ما يمكن تسميته «تحييد العالم».

ومع هذا يُلاحَظ أن المقدَّس لم يمت تماماً، وأنه في واقع الأمر لم يُبعث، وإنما كان هناك طيلة الوقت متوارياً. ويعبِّر المقدَّ عن نفسه خارج أي إطار ديني، من خلال عدد هائل من العبادات الجديدة والغيبيات التي تتعايش مع كل المفاهيم العصرية أو تعيش جنباً إلى جنب معها دون أن تدخل معها في أي علاقة.

أما في العالم الثالث فتتداخل الأمور، فمع الحديث عن الاستنارة يُوجَد الحديث عن ما بعد الحداثة، رغم ما بين الاتجاهين من تناقض عميق. كما يُلاحَظ ظهور فكر لا يقبل الحداثة الغربية، ويحاول أن يؤسس حداثة جديدة تنطلق من نقد أساسي لفكر الحداثة الغربي، ففي العالم الإسلامي، على سبيل المثال، تَراجَع مشروع الشيخ محمد عبده الخاص بتكامل الحداثة الغربية والإسلام، ويحاول الخطاب الإسلامي طرح نقد شامل للحداثة الغربية، ويبدأ البحث عن حداثة جديدة لا تودي بالإنسان. أما في إسرائيل فتتراجع الأيديولوجية الصهيونية وتظهر العبادات الجديدة (بين أعضاء الجماعات اليهودية في العالم) وتترجم فلسفة ما بعد الحداثة نفسها في مجال اليهودية إلى لاهوت موت الإله.

خامساً: المنظومة الأخلاقية وأسلوب الحياة:

أ ) يتم في المرحلة الأولى توليد منظومات أخلاقية مادية (اشتراكية أو رأسمالية) يؤمن بها الإنسان الرأسمالي أو الاشتراكي. وهو على استعداد للموت من أجلها. وهو ما يعني أن النزعة الطوباوية والأحلام المثالية بالحرية والإخاء والمساواة والهيمنة الإمبريالية وإرادة القوة ذات فعالية. ويشعر الإنسان من ثم بأنه قادر على التحكم في حياته ومصيره وعلى صياغة بيئته وذاته في ضوء المثل الأعلى الذي يؤمن به. 

ويتم ضبط الحياة من خلال إعلاء الرغبات (وكبتها أو قمعها) وإرجاء الإشباع واللذة. وتبدأ عملية تآكل الأسرة (فتختفي الأسرة الممتدة لتحل محلها الأسرة النووية التي تبدأ في التفكك هي الأخرى)، إلا أن الأسرة تظل مع هذا هي الوحدة الأساسية في المجتمع التي يتم من خلالها توصيل القيم إلى الأفراد وتحويلهم إلى مواطنين وكائنات اجتماعية. كما يتم إعلاء الرغبات باسم المثل الأعلى داخل إطار الأسرة. وتظهر حركة تحرير المرأة التي تطالب بإعطاء المرأة حقوقها باعتبارها عضواً في المجتمع، تقوم بدورها كأم وكأداة عاملة. 

ويؤدي تنميط السلع إلى تنميط الحياة وترشيدها، كما يؤدي استخدام السيارة إلى تَسارُع وتيرة الحياة. ويُلاحَظ اتساع رقعة الحياة العامة وضمور رقعة الحياة الخاصة وبداية تدويل أسلوب الحياة وتَراجُع اللون المحلي (انتشار الهامبورجر والتيِّشيرت والبلوجينز وأمركة الغرب والعالم والولايات المتحدة، باعتبار أن الأمركة هي أسلوب في الحياة يعادي الخصوصيات الثقافية وضمنها الخصوصيات الأمريكية نفسها). ومع هذا، يظل إحساس الإنسان بأنه قادر على التحكم في حياته ومصيره وفي صياغة بيئته وذاته، ويظل هناك وهم الخصوصيات الإثنية والقومية. 

ويلاحَظ تصاعد عملية علمنة التعليم والرموز والأحلام والرغبات، ومع هذا تظل الأحلام والرموز القديمة ذات فعالية. ولا يزال النظام التعليمي مُتأثراً بالمُثُل التقليدية (أهمية اليونانية واللاتينية ودراسة الفلسفة والكلاسيكيات)، ويظل هناك شكل من التدين الفعلي أو الاسمي قائماً. أما في العالم الثالث فيبدأ أسلوب الحياة في اكتساب ملامح قومية بشكل واع وتنعكس عليه الرغبة في التراكم وأحلام التحرر الوطني تلهب الجماهير. وفي إسرائيل نجد أن البطل هو المستوطن الصهيوني المتقشف (ابن الكيبوتس) الذي يحمل السلاح بيد ويمسك المحراث بالأخرى.

ولكن مع التزايد التدريجي للنسبية يصبح من المستحيل الإيمان بأية قيم، وهو ما يعني اختفاء النزعة النضالية البطولية وتلاشي النزعة الطوباوية وكل الأحلام المثالية (في المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي)، ويرفض الإنسان إرجاء إشباع اللذة الفردية. ولكنه، مع هذا، يشعر بأن عليه أن يتكيف مع واقعه ويقبل عمليات التسوية في المجتمع التي تُسوى الإنسان بالإنسان وتمحو فرديته وعالمه الجواني ثم تسويه بالأشياء.

يتسارع تآكل الأسرة إلى أن تأخذ في الاختفاء تماماً وتظهر أشكال بديلة من الأسرة (أسرة من رجل واحد وأطفال ـ امرأة واحدة وأطفال ـ رجلان وأطفال ـ امرأتان وأطفال ـ رجلان وامرأة وأطفال... إلخ). وتظهر حركة التمركز حول الأنثى التي تنظر للمرأة باعتبارها كائناً في حالة صراع مع الرجل، ولذا لا تطالب هذه الحركة بحقوق المرأة، وإنما تطالب بتحسين كفاءات الصراع (مع الرجل) وتغيير اللغة وتعديل مسار التاريخ. ومع ضمور النزعة الطوباوية واختفاء الأسرة كآلية لنقل القيم وإعلاء الرغبات يتزايد السُعار الجنسي عند الأفراد، ويزيد حدته قطاع اللذة الذي يعمل على هدم القيم الأخلاقية وإشاعة القيم الاستهلاكية التي تصبح المعيار للحكم على الإنسان (ولذا يحل الذوق الجيد محل الأخلاقيات الحميدة والقيم الجمالية محل القيم الأخلاقية). 

ومن الأسباب الأخرى التي أدَّت إلى تَزايُد السُعار الجنسي انفصال الجنـس عن القيمة الأخـلاقية والاجتماعية، بحيث أصبح النشـاط الجنـسي مرجعية ذاته. وقد أصبحت اللذة إحدى الآليات التي يستخدمها المجتمع العلماني الحديث في استيعاب الجماهير في عمليات الضبط الاجتماعي بعد أن كان يبذل جهوداً لمحاصرتها وإعلائها. 

وتتم عملية الاستيعاب والضبط لا من خلال القمع الصريح وإنما من خلال الإغواء، وهو شكل من أشكال القمع الخفي حيث تتم إشاعة الإحساس بأن حق الإنسان الأساسي (بل الوحيد) هو الاستهلاك وبأن إشباع اللذة هو أقصى تعبير ممكن عن الحرية الفردية، وهو ما يعني ضمور اهتمام المواطن برقعة الحياة العامة وتركيزه على ذاته ورغباته، ولكن هذه الذات وهذه الرغبات يتم تشكيلها وصياغتها وتوجيهها من قبَل صناعات اللذة وأجهزة الإعلام التي تَغوَّلت تماماً في تلك المرحلة. والتي تقوم باقتحام أحلام الإنسان وترشيده من الداخل والخارج. فيظهر الإنسان ذو البُعد الواحد الذي تم ترشيده من الداخل. ويظهر المواطن المُخدَّر الذي لا يمكنه التحكم في رغباته الحسية، والذي تتركز أحـلامه في تحقيـق انتصـار جنسـي أو فوز النادي الذي ينتمي إليه فوزاً ساحقاً ماحقاً!

ويُلاحَظ ظهور الإنسان الجسدي وشيوع الحب العرضي. ويُعدُّ عام 1960 هو نهاية القيم البيوريتانية الخاصة بالقمع والإرجاء، فقد ظهرت حركة الجنس المطلق أو المرسل (بالإنجليزية: فري لاف موفمنت free love movement والتي تعني حرفياً «حركة الحب الحر»). وتُعدُّ ثورة الشباب في الستينيات ـ في تصورنا ـ مَعلَماً أساسياً في تاريخ المتتـالية التحـديثية والعلمانية الشاملـة، فحتى ذلك الوقت لم تكن علمنة سلوك الإنسان الغربي قد اكتملت بعد، رغم علمنة رؤيته وأحلامه ورغباته. وهو ما تم إنجازه في هذه المرحلة. وكانت اللذة الحسية حتى ذلك الوقت مقصورة على الطبقة الحاكمة ولكن تم تعميمها وخصخصتها وجعلها متاحة للجميع، أي تم التوزيع العادل لإمكانات إشباع الرغبات الحسية (بالإنجليزية: ديموكراتايزيشن أوف هيدونيزم democratization of hedonism). وكل ما يطلبه المجتمع الآن من الإنسان هو الاستسلام للاستهلاك واللذة.

ويُلاحَظ اتساع رقعة الحياة العامة لتشمل معظم حياة الإنسان الخاصة، ويتغلغل السوق والتعاقد والتبادل في كل مجالات الحياة (الوجبات السريعة بدلاً من الطعام ـ الكرديت كارد بدلاً من النقود) وتتم علمنة التعليم والرموز والأحلام تماماً. ويُلاحَظ اكتمال عملية التنميط، ومع هذا تتغير الأساليب والطرز إلى درجة يصعب على الإنسـان اسـتيعابها، وتتسع رقعة الحياة العامة وتتسـارع وتيرتها. ولا توجد قواعد عامة في المجتمع، ومع هذا يلاحَظ وجود عدد هائل من القواعد والإرشادات التي تتغيَّر كل يوم، كل هذا يعني في واقع الأمر أن لا وقت للتأمل، فالذات مُحاصَرة بالتعددية السلعية والمعلوماتية المفرطة والكلشيهات الأيقونية التي تلتهم الإنسان ولا تمنحه سعادة أو حكمة فيبتلع كل شيء ويتشيأ في مجتمع التبادل والاتصالات وتصبح الصورة أهم السلع (صورة الذات والصور التي يتلقاها المستهلك). ولذا يتزايد إحساس الإنسان بعدم الجدوى وانعدام الهدف وبأنه لا يملك من أمره شيئاً: الإعلام يقرر ما يُنشَر وما لا يُنشَر ـ الهندسة الوراثية تتحكم في كل شيء ـ الكمبيوتر يُقسِّم العالم (وضمن ذلك الإنسان) إلى وحدات بسيطة يتم تناولها. ويؤدي كل هذا إلى أن ينسى الإنسان الماضي ويتولد لديه الإحساس بأنه في حاضر أزلي.
وفي العالم الثالث يُلاحَظ تزايد معدلات التغريب بشكل واضح، ويصبح نجوم السينما هم المركز ويتبنى الناس الاستهلاكية إطاراً للحياة والبرجماتية أو الداروينية أطراً معرفية. وفي إسرائيل يختفي المستوطن الصهيوني المتقشف (الذي يصبح محل السخرية) ليحل محله الصهيوني المرتزق الباحث عن مصلحته ومتعته.

سادساً: المنظومة الدلالية والجمالية:

أ ) يسود في المرحلة الأولى الإيمان بأن ثمة واقعاً ثابتاً مستقراً وذاتاً متماسكة قادرة على التواصل مع الذوات الأخرى من خـلال لغة عقـلانية شـفافة تعكس الواقع ويمكن تمثيل الواقع من خلالها، وبأن الأعمال الفنية تستند إلى المحاكاة والتعبير، ولها مضمون إنساني وأخلاقي وتهدف إلى تعميق إدراك الإنسان بواقعه وربما تغييره، وبأن وظيفة النقد الأدبي والفني هي اكتشاف القيم الأخلاقية والجمالية الإنسانية التي يمكن أن يهتدي بهديها المبدعون والجمهور.

ولكن مع نهاية المرحلة تكتشف الذات الإنسانية أن حدودها غير واضحة وأن الواقع غير مستقر، وأن ثمة أسبقية للأشياء على الإنسان، لكل هذا تفشل الذات الإنسانية في التواصل مع الذوات الأخرى أو التفاعل مع الموضوع أو التعامل معه. فلم تَعُد اللغة أداة جيدة للتواصل ولا شفافة. وقد أفسد التَسلُّـع والتعاقد اللغة فأصبحـت قادرة على التعـامل مع عـالم الأشياء دون عالم الإنسان، ولذا يستحيل التواصل من خلال اللغة المتشيئة. ومع هذا، تسيطر هذه اللغة المتشيئة على الإنسان وتسبب اغترابه. وفي احتجاجه يحاول الإنسان أن يُبعد اللغة عن عالم الأشياء فيُطوِّر لغة ذاتية مغرقة في الذاتية ويزداد التجريب اللغوي. والفنون الحداثية ليست محاكاة ولا تعبيراً عن الذات الإنسانية وليس لها هـدف وإنما هي احتجاج (بشكل واع أحياناً) على تَسـلُّع العالم، ولكنه احتجاج مأساوي يعرف انعدام جدوى الاحتجاج. ولذا، تظهر نظريـات تفترض استقلالية العمل الفني عن الواقع وأن العمل الفني هو مرجعية ذاته مكتف بذاته لا يشير إلا إلى ذاته، وذلك حتى يتم فصل الفنون عن عالم التَسـلُّع الواقعي الذي يتهدده. ويظهر التجريد والتجريب ورفض محاكاة الواقع وشرح العبث. وتصبح وظيفة النقد الأدبي والفني هي محاولة التوصل للقيم الجمالية لحماية الفنان من عالم السلع.

في مرحلة ما بعد الحداثة تختفي الذات الإنسانية المستقلة الواعية وإن وُجدت فهي ذات منغلقة على نفسها وغير متماسكة، والواقع لا يُوجَد وإن وُجد فلا يمكن الوصول إليه. وتختفي المعيارية وإن وُجدت فهي معايير متعددة تنفي فكرة المعيارية المركزية وهو ما يعني استحالة المحاكاة أو التفاعل أو التواصل. وما دامت اللغة موجودة في قلب الثقافة، فهي ليست شفافة وليست موصلاً جيداً كما يتصور دعاة التحديث، فالدوال منغلقة على ذاتها ملتفة حولها، ومن ثم فهي منفصلة عن المدلولات، ولذا فالمعنى دائماً مختلف ومرجأ (الاخترجلاف).

ونفـس القـول ينطبق على النصـوص، فكل نص ينفتح على النصوص الأخرى، وكل نص يحيلك إلى نص آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية (وهذه هي النصوصية وهي الاخترجلاف على مستوى النصوص). وهناك دائماً فائض في المعنى ليس بإمكان الإنسان التحكم فيه.

واللغة مكونة من صور مجازية متكلسة، أي أنها صور مجازية تأيقنت ولم تَعُد تصلح وسيلة لاستكشاف الواقع وللتعبير عن التعامل بين الذات والموضوع، فهو مجاز ملتف حول نفسه ومن ثم يخبئ الواقع ولا يوصله.

كل هذا يعني أن ليس ثمة واقع خارج النظام اللغوي أو شبكة الألعاب اللغوية، فكل كلام إن هو إلا كلام عن كلام في كلام، ولذا فالمعنى هو في واقع الأمر نتاج عابر للكلمات أو الدوال أو الصور المجازية، وأي حديث عن التحكم في اللغة كأداة للتواصل هو من لغو الحديث، فاللغة إرادة يفرضها الإنسان على الآخرين من خلال القوة. ومن ثم فالواقع هو نتاج الخطاب، وليس كما كان الظن في الماضي، أن الخطاب هو نتاج الواقع، واللغة هي التي تنتج الواقع والفكر. ولكن اللغة هي في ذاتها نتاج علاقات اللغة. وحينما نُعبِّر عن الحقيقة فما نخبر عنه ليس الحقيقة وإنما ترتيب جميل للكلمات متسق مع نفسه، فالحقيقة ليست حقيقة موضوعية وإنما هي وهم الحقيقة. وهذا يعني أن اللغة لا يمكن اسـتخدامها في تمثيل الواقع، فاللغة تُسـتخدَم أسـاساً للإفصاح عن المشـاعر الفردية بطريقة فردية. وبدلاً من أن تكون اللغة أداة التواصل بين الناس، تصبح سجن الإنسان. ومع هذا، يستطيع الإنسان أن يحقق قدراً من الحرية من خلال التفكيك ومن خلال إعلان فشل اللغة والمشروع الإنساني بأسره.

والنظام، في المجتمع، ليس ثمرة قصة كبرى (إنسانية مشتركة) أو جهد واع أو تَواصُل لغوي يخضع لبعض القواعد وإنما هو نتيجة الكلام والمحادثة (القصص الصغرى) لا الحوار (الذي يدور في إطار نص ثابت). بل إن العلاقات بين الناس هي نتيجة تَداخُل الألعاب اللغوية التي تُولِّد عقداً أو أنشوطة تربط الناس بعضهم ببعض، أي لا يوجد تَواصُل وإنما تشابك عـابر بين أطـراف. ويصبـح الفن (ما بعد الحداثي) مستقلاً عن الواقع بل عن الإنسان، فهو بلا غاية إلا اللعب الذي لا غاية له، وهو يدخل في حالة من التجريب الدائم. وهو لا يحاكي الواقع (فلا يُوجَد واقع ثابت) ولا يعبِّر عن وعي المؤلف (فقد تم إعلان موته)، ويظهر الكولاج والباستيش والسخرية، وتصبح مهمة النقد تفكيك النصوص ليبيِّن التناقضات الكامنة التي لا يمكن حسمها في كل نص وعمل.

سابعاً: الصور المجازية والرموز:
أ ) ظهرت مجموعة من الصور المجازية في العصر البطولي التي تدل على التحكم في كلٍّ من الذات والموضوع والمقدرة على التجاوز والصلابة.

1 ـ الدولة إله (صورة هيجل المجازية) تقوم بترشيد البشر، والاستيلاء على الدولة هو طريقة تغيير العالم في الداخل (ثم الاستيلاء على العالم في الخارج).

2 ـ العالم مثل آلة يتحكم فيها الإنسان وتتحكم فيه، والعالم مثل نبات يخوض عملية دوران مستمرة أو نمواً دائماً بدون انقطاع وبهدف محدد.

3 ـ هرمية حادة ونظام.

4 ـ العقل مثل المرآة التي تعكس الواقع ومثل الفانوس الذي يلقي عليه الضوء والنافورة التي تغمره مياهها.

5 ـ بروميثيوس وفاوستوس ونابليون وطرزان.

6 ـ اللعبة الأساسية هى الدب (تيدى بير).

7 ـ النموذج صلب ويُوجَد داخله صراع حاد بين الذات والموضوع، ولكنه صراع يمكن حسمه وإن كان يُحسَم دائماً لصالح الموضوع. وهو نموذج حركي يحوي مركزه داخله.

أما في المرحلة الثانية، فقد ظهرت مجموعة أخرى من الصور المجازية التي تدل على تآكل الإحساس بالكل، بل اختفائه واهتزاز الهدف وضمور الذات الإنسانية ومقدرتها على التحكم.

1 ـ الدولة كتنين ووحش كاسر والعالم كقفص حديدي.

2 ـ العالم آلة تدور بغض النظر عن الإرادة الإنسانية، أو نبات ينمو بوحشية بالغة، وكلاهما يسحق الإنسان.

3 ـ لا يوجد شكل واضح ولا نظام، وهناك شك عميق في الهرمية.

4 ـ العقل مرآة سلبية أو كيان منغلق على نفسه.

5 ـ فرانكنشتاين ودراكولا وسيزيف وهتلر وستالين ودكتور جيكل ومستر هايد (رمز انقسام الذات والموضوع).

6 ـ لاتزال اللعبة الأساسية هى تيدى بير.

7 ـ نموذج صلب فيه تشققات تم حسم الصراع داخله لصالح المادة.

استناداً إلى اختفاء الذات والذاكرة والمركز ووهم التحكم وحقيقة الإذعان، تظهر صور مجازية تخبئ الفوضى وتؤكد السيولة والتعددية المفرطة واللعب.

1 ـ الدولة ليست إلهاً ولا تنيناً، فهي مؤسسة من بين المؤسسات يستطيع الإنسان أن يدير لها ظهره، وخصوصاً أنها لم تَعُد مركز السـلطة. ومع هذا، يمكن القول بأن مؤسـسات الدولة (مع غيرها من المؤسـسات) قد أصبحت القفص الحديـدي.

2 ـ العالم آلة، ولكن الآلة هي الفيديو والكمبيوتر، يتحكم فيها الإنسان ولكنها تتحكم فيه وتبتلعه. والعالم مثل نبات، ولكن النبات هو الجذمور الذي لا ينمو حسب نمط واضح وفي اتجاه مفهوم، والعالم كله لعبة.

3 ـ العالم سطح لامع.

4 ـ العقل ليس مرآة ولا فانوساً ولا نافورة، وإنما هو كل شيء ولا شيء، مثل الكمبيوتر الذي يختزن كل شيء ولا يعي شيئاً.

5 ـ مادونا ومايكل جاكسون والرئيس/الممثل ريجان حيث لا نعرف الأصل والصورة، وكلها شـخصيات تُغيِّر شخصياتها ومنظوماتها القيمية بعد إشعار قصير وحسب طلب مدير العلاقات العامة.

6 ـ اللعبة الأساسية هى العروس باربى ذات الجاذبيه الجنسية والتوجه الاستهلاكى.

7 ـ نموذج ليس بصلب ولا فضفاض وإنما هو نموذج هلامي لا مركز له.

وأعتقد أننا لو قبلنا التقسيم الذي أقترحه والستينيات كمرحلة فارقة تَبدَّت فيها الملامح الأساسية (الإيجابية والسلبية) للمتتالية التحديثية المتحققة في الغرب وللعلمانية الشاملة، فلا يصبح من الضروري علينا أن نعيد تقييم هذه المتتالية في ضوء ما نراه من نتائج، لأن عملية التقييم قبل ذلك التاريخ كانت تتم في فترة النجاح النسبي للمتتالية في حلقاتها الأولى ولذا كان لا يزال ثمة أمل في تحقيق المتتالية المثالية، ولم تكن الأحلام قد وُئدت بعد، ولم تكن النزعة الطوباوية قد نضبت بعد، ولم تكن المتتالية الفعلية قد بدأت تُفصح عن وجهها القبيح بالدرجة الكافية بعد.


الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب التاسع: العلمانية الشاملة: تاريخ موجز وتعريف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثامن: العلمانية الشاملة والإمبريالية
» العلمانية الشاملة: تعريف
» قائمة تفسيرية نقدية بأهم الأعمال باللغتين العربية والإنجليزية
» الجزء الرابع: العلمانية الشاملة
» الباب الخامس: الصهيونية والعلمانية الشاملة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: مـوسـوعة الـيـهـــود-
انتقل الى: