منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

  رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ahmad_la
زائر




 رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب Empty
مُساهمةموضوع: رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب    رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب Emptyالجمعة 11 أكتوبر 2013, 12:36 am

 رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب
يقول خالد محيي الدين:
لم يستغرق الأمر أكثر من ساعة واحدة، ستون دقيقة ليس أكثر تغير فيها الوضع إلى النقيض، بما يؤكد أن مخاوفي كانت في محلها تماماً.
إنها الستون دقيقة التي استغرقها ذهابي إلى منزل محمد نجيب، والعودة بقرار قبوله قرارات مجلس قيادة الثورة، والتي كان يرافقني، خلالها، أو بالدقة، يراقبني خلالها، ثلاثة ضباط من رجال عبدالناصر.
وعدت لأجد رئاسة الجيش مزدحمة بأعداد كبيرة من الضباط، البعض يحمل مدافع رشاشة، والبعض الآخر يشهر مسدساته، والجميع يبكون ويصرخون معلنين رفضهم للقرارات، ومطالبين باستمرار مجلس الثورة.
وعلى طول الممر المؤدي إلى غرفة القائد العام، في الدور العلوي، كان الضباط المحتشدون يوجهون شتائمهم ضدي، متهمين إياي بخيانة الثورة، وقررت ألا أرد، أو أجادل، بل لم أحاول أن أنظر إلى الوجوه لأتعرف عليها، فقد ركزت كل اهتمامي في أن أصل إلى غرفة القائد العام.
فتحت باب عبدالحكيم عامر، لأفاجأ بما هو أكثر دهشة، الغرفة يحتشد فيها أكثر من مائة وخمسين ضابطاً، الجميع في حالة غضب هستيري، وصراخ وبكاء، عدد كبير منهم كان من "الضباط الأحرار"، رفاق الطريق الطويل للعمل المشترك، والمخاطر المشتركة، والنضال المشترك ضد النظام الملكي، ومن أجل البرنامج الذي حددناه لأنفسنا ولحركتنا.
والذي كان يتمسك بالديموقراطية، وبالحياة النيابية. لكن الزمن تغير، وتغيرت معه المواقف، وتغير الرجال.
لم أزل أذكر بعض الوجوه الغاضبة في ثورة جامحة، تلك الوجوه التي كانت تتبادل معي المودة والحب إلى أسابيع أو أيام سابقة، انقلبت نظراتها إلى غضب غير قادر على التحكم في نفسه.
كان كمال رفعت يهدر، رافضاً استقالة مجلس الثورة، وحسن التهامي يصرخ مثله، أما مجدي حسنين فقد وصل به الأمر إلى الصراخ: "بلاش سلاح مدرعات، نلغي سلاح المدرعات"، وكان أكثر الموجودين صراخاً أبو الفضل الجيزاوي.
تماسكت بقدر استطاعتي، وفجأة انقض عليّ ضابط من البوليس الحربي اسمه ربيع عبدالغني، وأمسك بخناقي محاولاً الاعتداء عليّ، وتجمع غيره حولي، وأيضاً قررت ألا أرد، أو انفعل، فقد كنت أعرف مدى سخونة المشاعر، وكيف أني أي رد فعل من جانبي قد يفجر الموقف تماماً، ويحيل هذا الغضب الهستيري المحدود، في غرفة مغلقة إلى معركة دامية، بين أسلحة الجيش المختلفة.
ولهذا فقد قررت أن امسك بزمام أعصابي مهما كان الثمن.
وهنا انقض جمال سالم على المسكين بخناقي ضارباً إياهم بالشلاليت، صارخاً بشتائمه الشهيرة، مندداً بالباكين، موحياً إليهم من طرف خفي، إلى فعل شيء غير البكاء، فكان يصرخ فيهم: "بدل ما أنتم قاعدين هنا تعيطوا زي… روحوا وحداتكم".
ولكن الصارخين الباكين المحتجين ما زالوا ممسكين بخناقي، وهنا تدخل عبدالحكيم عامر وحماني، خلف ظهره قائلاً: "اللي حا يقرب من خالد حا أضربه بالرصاص"، فازداد صراخ المحتجين، منددين بخالد محيي الدين، وبالفرسان، وبموقفهم، فصرخ عبدالحكيم عامر: "إذا لم تستمعوا لأوامري، سأضرب نفسي بالرصاص.
وبينما الهرج يسود المكان، إذا بصوت طائرات سلاح الطيران يصم آذان الجميع.
كانت الساعة حوالي السادسة والنصف صباحاً "صباح السبت 27 فبراير 1954".
لمحت علي صبري يطل من النافذة ويجفف دموعه.
وسمعت جمال سالم يقول: "أيوه كدة".
بل وصرخ: "قولوا لسلاح الطيران يجهز الصواريخ ويضرب سلاح الفرسان".
أما عامر فقد أبدى أنه لم يكن يعرف بخروج الطائرات، لكنه صرخ في الجميع، مطالباً بالهدوء، ومعلناً: "أنا أعلن أمامكم إلغاء القرارات، وأعلن أنني المسؤول عن القوات المسلحة"، وطالب الجميع بالهدوء.
طوال هذه الفترة، كان جمال عبدالناصر صامتاً دون حراك.
وذهبت إليه قائلاً: "إيه يا جمال حتسيب البلد يحصل فيها مذبحة، فرد بهدوء: "والله أنا مش فاهم حاجة، والي جواره كان حسين الشافعي، يبكي في صمت، فقلت: "أنا أفضل أن أذهب إلى سلاح الفرسان، لأهدئ الجو، حتى لا ينفجر الغضب هناك كذلك، وتحدث مذبحة.
وكنت قد سمعت أن بعض قوات المدفعية حاصرت قشلاق سلاح الفرسان، وأنهم طلبوا عدداً من ضباط الفرسان للتفاهم معهم، فلما أتى وفد الفرسان اعتقلوه، فوجه سلاح الفرسان إنذاراً بأنه، إذا لم يُفرج عن زملائهم، فإن على من قبضوا عليهم، أن يتحملوا مسؤولية ما سيحدث.
كما اعتقل أيضاً عبدالفتاح علي أحمد، سكرتيري في سلاح الفرسان، وربما تصوروا أنه كان مسؤولاً عن بعض ما حدث، لكنه ما لبث أن أُطلق سراحه، ويبدو أن البعض قد اكتشف أن له علاقة ما بعبدالناصر.
إزاء هذا كله، قلت لجمال: "أنا أفضل أن أذهب للفرسان لتهدئة الجو". وصاح جمال: خالد عايز يروح الفرسان علشان يهدئهم، ووافق عامر، ونزلت من الدور العلوي محاولاً الخروج، وعلى طول الممر والسلم كانت شتائم الضباط المحتشدين تنهال ضدي، وضد سلاح الفرسان، وعلى الباب كان هناك الضابط أحمد أنور، يقف ليمنعني من الخروج.
ولم أشأ الاحتكاك به، لكن عامر أطل من البلكونة صائحاً: "يا أحمد سيب خالد يروح الفرسان"، فرد أحمد: "لأ مش حا سيبه".
وصاح عامر مرة أخرى: نفذ الأمر يا أحمد، أنا أعطيك أمر عسكري، فرد أحمد باستهتار: "لأ، مش حا أنفذ، أنتم قلتم إنكم استقلتم، وأنا لا أنفذ أوامر مستقيلين".
ومرة أخرى ارتسمت في خيالي صورة صدام مروع، بين رفاقي في الفرسان وبين الأسلحة الأخرى، لو أن احتكاكاً بسيطاً وقع بيني وبين أحمد أنور، وكظمت كل ما بداخلي من غيظ، وعدت من حيث أتيت.
وأثناء عودتي إلى غرفة عامر وجدت في مواجهتي الضابط وحيد جودة رمضان، وحييته لكنه لم يرد التحية.
وعدت إلى غرفة القائد العام ، وأخليت الغرفة من الضباط، وعقدنا اجتماعاً لمجلس قيادة الثورة.
كانت الساعة حوالي السابعة صباحاً، يوم السبت 27 فبراير، ولم تكن القرارات قد أعلنت في الصحف، وكل ما كان، لدى الناس، هو خبر قبول استقالة محمد نجيب الذي نُشر في صحف الجمعة.
بدأنا الاجتماع.
وقال جمال عبدالناصر: "واضح الآن أن القرارات صعب تنفيذها؛ لأن هناك انقساماً حولها في الجيش، ومن الصعب الآن تنفيذ أي قرارات، قد تؤدي إلى تصادم، بين قوات الجيش".
وهنا أقحم صلاح سالم نفسه على النقاش وقال: "المهم الآن أن نناقش موضوع خالد، فخالد هو المشكلة الحقيقية، فإحنا جميعاً نرى أن تستمر فترة الانتقال لثلاث سنوات، وربما أكثر، بينما هو يصمم على عودة الحياة النيابية فوراً، ولأن هذا رأيه فقد أخذ سلاح المدرعات الموقف نفسه، وهكذا وجدنا أنفسنا في حالة انقسام، ووجدنا الجيش في حالة انقسام، وكل هذا بسبب خالد، ولهذا أنا أطالب بأن يبعد عن مجلس قيادة الثورة، وأن يعتقل".
وعلى الفور، أيده أنور السادات محبذاً فكرة طردي من المجلس، واعتقالي.

لم أتمالك نفسي وضحكت، فمنذ ساعات فقط، كان صلاح سالم نفسه يناشدني بالأخوة والصداقة أن أقبل القرارات، وأن أصبح رئيساً للوزراء، إنقاذاً للموقف. والآن، وبعد ساعات فقط، يريد اعتقالي.
وقال عامر: "الحقيقة يا جماعة، خالد من زمان كان يريد الاستقالة من المجلس، فلنقبل استقالته، ونعطيه أي منصب في الخارج".
ورد أحدهم: "يعني عايز تكافئه"؟ فتراجع عامر، على الفور، قائلاً: "بلاش يسافر للخارج، يقيم في مرسى مطروح، بعيداً عن أي تأثير في الجيش، لكن حكاية الاعتقال دي بلاش". 
وتدخل البغدادي قائلاً: "يا جماعة أنا عايز أقول إن خالد كان صريحاً معنا، منذ البداية، ولم يخف عنا، لا قبل الثورة، ولا بعدها، مواقفه واتجاهاته، وكثيراً ما أبدى رغبته في أن يستقيل، من المجلس عندما وجد نفسه في اتجاه، ووجدنا جميعاً في اتجاه آخر، ولكننا نحن الذين رفضنا استقالته، وأصررنا على أن يبقى معنا، رغم اختلافه معنا، ولم يكن من الطبيعي أن يقول للناس كلاماً، هو غير مقتنع به، ولهذا فأنا أرى ألا وجه لمحاسبته، أو اعتقاله، وإنما، إذا أراد، تقبل استقالته بهدوء، من دون أية إجراءات ضده".
وقال حسن إبراهيم: "أنا ضد أي إجراء يتخذ ضد خالد، لكن مع ذلك، أنا أحمله مسؤولية ما حدث، وإلا فلماذا لم ينقسم عنا سوى سلاح الفرسان، وإحنا جميعاً كنا نقول في الاجتماعات كلام، ونخرج لنقول للناس كلام آخر، وكنا نبذل جهدنا في إقناع ضباط أسلحتنا، برأي المجلس.
كان عبد الناصر صامتاً، طوال هذا النقاش، وفجأة قال: "يا جماعة، لازم نفكر بطريقة أخرى، المشكلة الآن ليست مشكلة خالد، لكن المشكلة هي ماذا سنفعل في محمد نجيب؟ هل سيعود أم لا؟ هل سنستمر في حصار سلاح المدرعات أم لا؟.
والسؤال الآن هو: هل ستسمحون بإعادة نجيب؟ فإن عاد نجيب يعود خالد، فليس من المنطقي أن نعيد نجيب، ونطرد خالد، فهذا غير منطقي، فخالد كان صريحاً معنا ولم يناور علينا".
وقال زكريا محيي الدين: "ليس لأن خالد ابن عمي، وإنما للحقيقة، خالد راجل متمسك بالحياة النيابية وبالديموقراطية، والديموقراطية، تجري في دمه، ولا يمكنه التخلي عنها، لكنه ليس ضد الثورة، هو يريد للثورة أن تستمر، لكنه يريدها أن تستمر، وفق رؤيته هو، واتخاذ إجراء عنيف، ضد خالد، مسألة غير مفيدة، وإبعاد خالد ونجيب معاً، سوف يسبب مشكلة، أما إعادة نجيب، وإبعاد خالد فإنها مسألة غير مقبولة، وسوف تضعنا في وضع حرج".
وهكذا توقف النقاش حول مصير خالد محيي الدين، ليبدأ في البحث في مصير محمد نجيب.
تكلم حسن إبراهيم، وقال إنه كان في الإسكندرية، وأن حاميتها ضد إبعاد نجيب، وقال: "إذا كانت هناك رغبة جامحة، في البلد، بضرورة إعادة الديموقراطية، فلا يجوز أن نتصدى نحن لهذه الرغبة.
وبينما نحن مجتمعون، دخل أحدهم ليبلغ عامر، أن كمال رفعت، وحسن التهامي، توجها إلى منزل محمد نجيب، واختطفاه، وتحفظا عليه في قشلاق المدفعية، وثار عامر لدى سماعه هذا الخبر.
واستمر النقاش.
واتضحت أمام الجميع الحقيقة: الشعب مع نجيب، ومع عودة الحياة النيابية، والجيش منقسم، وكان لابد لمجلس الثورة أن يتراجع عن قرار قبول استقالة نجيب.
لكن البعض قال: إذا عاد فإنه سيعود، وهو يتصور، أننا قد هُزمنا أمامه، ومن ثم سيفرض شروطه.
جرى النقاش بلا مخرج، وأنا صامت، فلقد تعرفت على حقيقة نوايا زملائي إزائي، وعلمت أن مصيري معلق بالقرار، الذي سيتخذونه إزاء نجيب. ساعتها أحسست، وأول مرة، بغربة شديدة وسطهم، وقلت يستحسن أن أقوم حتى تتخذوا قراركم؛ فقالوا أقعد معنا".
ثم روى خالد قصة رفع الاجتماع، وتفويض جمال، وإذاعة بيان عودة نجيب يقول: ذهبت إلى مقر قيادة الجيش.
وهناك سمعت القصة من صلاح سالم، الذي قال إنه، بعد فض الاجتماع، عند الظهر، ركب سيارته، لكنه خشي أن يتوجه إلى بيته، في العباسية، فالناس هناك، وأصحاب المحلات، يعرفونه وخشي أن يحتك به أحد، أو يهاجمه، فتوجه إلى بيت جلال فيظي، أمام محطة باب اللوق، ليرتاح هناك.
وفي الطريق، وجد الشوارع مملوءة بالمتظاهرين، المتجهين إلى ميدان عابدين، وهم يهتفون بحياة نجيب وبأنه "لا رئيس إلا نجيب"، وكانت المظاهرات عارمة، وتوحي برفض جماهيري واسع لقرار قبول الاستقالة.
اهتز صلاح سالم كعادته، وكعادته كذلك تغيرت مشاعره، وتغير موقفه بسرعة، فدخل إلى أجزخانة مظلوم بالقرب من ميدان عابدين، وتحدث تليفونياً مع عبدالناصر قائلاً: يا جمال لازم تأخذ قراراً بسرعة، بعودة نجيب، فالناس تهتف بحياته، وقال جمال: تعال فوراً.
وعندما عاد صلاح سالم إلى مكتب عامر، في رئاسة القوات المسلحة بكوبري القبة، ألح على عبدالناصر بضرورة أخذ قرار بعودة نجيب، وظل عبدالناصر صامتاً.
وقال صلاح: يا جمال أنا سأبلغ الخبر للإذاعة، ولم يرد جمال، فكررها عليه أكثر من مرة، فلما واصل جمال الصمت، قالها صلاح بصوت مرتفع ليسمعه كل من في الغرفة، ومنهم عبدالناصر طبعاً: "أعلنوا في النشرة أن نجيب رفضت استقالته، وأنه قد عاد رئيساً للجمهورية".
كان الصمت يخيم على المكان الذي شهد مناخاً صاخباً، منذ ساعات قلائل.
دخلت إلى غرفة القائد العام، كان جمال عبد الناصر لم يزل صامتاً، وصلاح سالم يؤكد أنه سيستقيل، وبغدادي لا يخفي إحساسه البالغ بالضيق، وكان الضباط الآخرون، في حالة إحباط شديد.
وتتالت التداعيات، رفع الحصار عن سلاح الفرسان، وأُفرج عن ضباطه، الذين كان قد تم التحفظ عليهم، وقد علمت فيما بعد النية قد اتجهت لمحاكمتهم عسكرياً أمام محكمة عسكرية جرى تشكيلها على وجه السرعة، وأبدى البعض ارتياحاً لانفراج الأزمة، لكنني لم أشعر بالارتياح.
لقد تكشفت النوايا، وأحسست أن هناك حالة من التربص بي، وإذا كان البعض يؤيدني فإن البعض ضدي، وبشدة.
وبدأت مخاوف عميقة تساورني، ليس على مصيري الشخصي، وإنما على مصير زملائي، في الفرسان، ومصير الثورة ككل. ولكي أكون صريحاً، فقد أحسست باحتمالات الغدر بي.
ولهذا بدأت أبيت، لعدة ليال، خارج منزلي، وأعود لبيتي، ليلة أو ليلتين، ثم أبيت لعدة ليال خارجه، وبعدها بفترة، صارحني عبدالناصر بأنه يفعل الشيء نفسه! لكنني، وعلى الرغم من ذلك، لم أفكر في اتخاذ أي موقف، ضد الزملاء، في مجلس الثورة، لقد كنت أدرك أن التصادم سوف يجر إلى مذبحة، يقتل فيها الأخوة بعضهم البعض.
وكان مجرد التفكير، في هذا الأمر، يثير فزعي، ولهذا رفضت أي عمل، من شأنه أن يثير المزيد من الشقاق، بين المدرعات وقطاعات الجيش الأخرى.
ورفضت، تحت أي ظرف، أن أتسبب في إرساء تقاليد دامية لثورتنا، التي صنعناها معاً، وتعاهدنا على أن نحافظ عليها، بلا دماء، ولا ضغائن.
وبعد هذه الأحداث، بيوم أو يومين، جاءني ضابط الفرسان أحمد حمودة، وكان من الضباط الأحرار، وقال: أنا أحمل إليك رسالة، أنا مش مقتنع بها، لكن أنا مكلف أن أحملها إليك، وأرجوك أن تستمع إليها.
وكانت الرسالة من ضابطين، من المدفعية، هما مصطفي الخشاب، وعبدالحميد لطفي، يعلنان استعدادهما لتحريك المدفعية، لعمل حركة. وقلت لحمودة مستنكراً، "يعني عايزين يعملوا انقلاباً"؟ فقال ببساطة: "انقلاب مقابل انقلاب".
ورفضت بشدة، وأرسلت تحذيراً، مع أحمد حمودة بأنني ضد أي محاولة للانقلاب، من جانب المدفعية، أو من جانب أية جهة أخرى.
كانت رؤيتي صافية في هذه الأيام بصورة غريبة، كنت أعرف السبل، بيني وبين الزملاء، قد تفرقت؛ فبعد ما قالوه، في مواجهتي، عن ضرورة عزلي، واعتقالي، أدركت أن أيامي معهم معدودة.
لقد كنت أدرك أن مسؤوليتي جسيمة، إزاء ضباط الفرسان، الذين دافعوا عني، وعن موقفي، وطالبوا معي بالديموقراطية، وبعودة الحياة النيابية، وأنني مسؤول عن منعهم من القيام بأية مغامرة.
وكنت أدرك أكثر مسؤوليتي إزاء الثورة، التي أفنيت أجمل سنوات العمر، إعداداً وتحضيراً لها، وإنه يجب وعلى الرغم من كل شيء، الحفاظ على الثورة، وحمايتها من شطط أي من الأطراف المختلفة، مع بعضها البعض.
وفوق هذا، وقبل هذا، كنت أحس بمسؤوليتي، إزاء الوطن والشعب، لقد قضيت كل سنواتي السابقة، وأنا أحلم له بالحرية والديموقراطية والعدل؛ فكيف أتسبب في فتح باب جهنم بيدي، وأبدأ بانقلاب، من المدرعات، قد يتلوه إن نجح، انقلاب آخر، ولو بعد حين.
وفي اليوم التالي لعودة محمد نجيب، تفجرت مظاهرات بالآلاف، بل بعشرات الآلاف، لتعلن ابتهاجها بعودته، وبرز الإخوان المسلمون بقوة، معلنين مساندتهم له، وألقى عبدالقادر عودة خطاباً حماسياً، في المتظاهرين، معلناً تأييد الإخوان لنجيب. وبعد فترة، ذهب محمد نجيب إلى مجلس الوزراء، ليصدر بياناً فيه أنه تناسى الخلافات، من أجل مصر، وقال: إن أعضاء مجلس الثورة زملائي، وإخواني على الرغم من أي خلاف.
وكان ذلك بناء على ضغط من عبدالناصر، الذي أبلغه بضرورة إيقاف هذه المظاهرات، حتى يمكن استمرار التعاون.
وعلى الرغم من كل ما حاولت من تهدئة للأوضاع، ومحاولة إقناع ضباط المدرعات، بالهدوء، فإن عبدالناصر قد فاجأني بنصيحة غريبة: "أنصحك بأن تأخذ إجازة، ثلاثة، أو أربعة أيام"، وفهمت أن الزملاء من أعضاء مجلس قيادة الثورة يرغبون، في أن ينفردوا بالتصرف، وألا يشركوني فيما ينتوون اتخاذه من قرارات.
وأخذت إجازة، وفوجئت بإعلان قرارات 5 مارس الشهيرة.
لكنني، أود أن أشير إلى واقعة محيرة، بل لعلها ظلت تحيرني لأمد طويل؛ ففي هذه الأيام، المليئة بأحداث مضطربة، وغامضة، قابلني صحفي فرنسي مرموق، ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي، هو "روجيه استفان".
وكان بالقاهرة ممثلاً لجريدة "فرانس أوبزرفاتور" ليجري حديثاً معي، وأثناء الحديث، همس في أذني قائلاً: "سأبلغك بنبأ مهم، الدوائر الحاكمة، في الغرب، قررت مساندة جمال ضد نجيب، إنهم الآن يفضلون جمال؛ لأنه سيكون حاكماً قوياً، ومتفهماً للأوضاع، في آن واحد، أمَّا نجيب فهو حاكم ضعيف، وأمثاله سرعان ما يخضعون لضغط الجماهير.
ومكنتني هذه الهمسات من أن أعرف الاتجاه الحقيقي للريح.
وبعد إعلان عودة محمد نجيب لرئاسة الجمهورية، أرسل كتاباً إلى مجلس قيادة الثورة، نشرته الصحف، في صباح 28 فبراير 1954، وهذا نصه: "أرى، من واجبي، أن أبين لإخواني، وأبنائي المصريين، والعرب جميعاً، أنني استقلت من منصبي، بمحض إرادتي، مقتنعاً بأن مجلس الثورة، هو الهيئة، التي تركزت فيها غايتنا العليا، ورسمت أهداف الثورة السامية، التي ترمي إلى رفعة الوطن واستقلاله.
وما أقدمت على هذه الاستقالة، إلا لكي أفسخ لإخواني، أعضاء المجلس، الفرصة للعمل على تحقيق هذه المبادئ، والعمل على طرد العدو الغاصب الذي مازال يحتل جزءاً من أرضنا الطاهرة.
"وإني لأهيب، بالمصريين المخلصين، والعاملين، أن يتحدوا صفاً واحداً، خلف إخوانهم، وإخواني، أعضاء مجلس الثورة، ويعملوا معهم، جاهدين، لتحقيق هذه الأهداف السامية؛ لكي تحقق البلاد استقلالها، في أقصر وقت.
وإني لأهيب بكل وطني، من الشعب، ومن الجيش، الذي هو من الشعب وللشعب، ألا يتأثروا، وألا يقعوا فريسة لأطماع شخصية، أو أغراض تنحرف عن خدمة الوطن، فأعداؤنا كثيرون، ولا سلاح لنا، في مقاومتهم، أمضى من اتحادنا.
"وأدعو الله، مخلصاً، أن يوحد كلمتكم، مع مجلس قيادة الثورة، وأن يوفق، المجلس، وإياكم إلى تحقيق رفعة الوطن، ويبلغه أمانيه لمصر، والسودان، والشرق العربي كله.
"وإني أؤكد، لمواطنيَّ، أن قرار مجلس الثورة، عندما قبل استقالتي، لم يكن يبغي مصلحة فرد، أو أفراد، وأن رائده دائماً، في كل خطواته، وقراراته، لا يتوخى منها إلا مصلحة البلاد العليا.
"وأرجو لإخواني، قادة الثورة، التوفيق والسداد، وأناشدكم أن تسيروا معهم، صفاً واحداً، حتى يحقق الله لكم، بذلك، الاستقلال.
وحتى تصلوا إلى مثلكم العليا، التي يجب ألا تتأثر بأشخاص، أو بأفراد، فالوطن غايتكم، والمثل العليا رائدكم، وإني لأهيب بكل وطني مخلص، ألا يزج بإسمي في أية مناسبة، وألا يتخذ أحد، من استقالتي، مادة تباع وتشترى، في سبيل المصالح الشخصية، أو أطماع أعدائنا. ولا تنسوا التضحية، في سبيل الوطن، بكل شيء، حتى الأرواح، خصوصاً في هذا الوقت، الذي يجثم فيه العدو، فوق أرضنا، منتهزاً فرصة للقضاء علينا".
إمضاء- لواء أ. ح/ محمد نجيب.
لم تكن عودة محمد نجيب هزيمة لطرف من الأطراف، وانتصاراً للطرف الآخر، ولكنها كانت توفيقاً، فرضته الظروف الحساسة المتوازنة، وبداية رحلة جديدة، من المواجهة الصريحة والمستترة؛ تراكمت التناقضات القديمة وكادت تتحول إلى صدام مسلح بين قوات الجيش، لولا الحرص الشديد على تجنب إراقة الدماء.
وبدأ محمد نجيب يومه الأول بعد العودة، بالذهاب إلى قصر عابدين، حيث تدفقت المظاهرات على الرغم من بيان المجلس، الذي تكررت إذاعته، عدة مرات.
وحدث اصطدام، بينها وبين البوليس، أدى إلى إصابة 13متظاهراً، حمل المتظاهرون قمصانهم الملوثة بالدماء، يلوحون بها إلى محمد نجيب، الذي خرج يخطب، فيهم من شرفة قصر عابدين.
وعندما لمس نجيب هياج الجماهير، وارتفاع هتافات الاحتجاج، ضد الاعتداء عليهم، استدعى إليه، في الشرفة، عبدالقادر عودة، أحد زعماء الإخوان المسلمين، ليهدئ من ثائرة المتظاهرين، وخطب فيهم قائلاً أنه لم يقبل العدول عن الاستقالة، إلا من أجل الحرية والديموقراطية، والانتخابات البرلمانية.
وأبلغ محمد نجيب النائب العام للتحقيق في حادث الاعتداء على المتظاهرين.
استقالة خالد محيي الدين:
قرر مجلس الثورة كذلك، أنه مادام محمد نجيب قد عاد لرئاسة الجمهورية، فيتحتم أن يقدم خالد استقالته، فقدمها، وتقرر في الوقت نفسه، سفره خارج البلاد.
وقُضي على التمرد، في سلاح الفرسان.
وتوقفت المظاهرات، وهدأت الحال.

ولكن النفوس كانت مشحونة لتفجير الصراع في أي وقت مع الاحتمال المؤكد بأن القوى السياسية القديمة، ستنتهز الفرصة، التي لا تتكرر، بالخلاف الحاد، بين محمد نجيب، الزعيم الشعبي، وبين مجلس الثورة، الذي اضطر تحت شعبية محمد نجيب، إلى التراجع في أخطر قراراته، وهو عزل محمد نجيب.
وأحس عبد الناصر بهذا التربص، ومن ثم حصل على تفويض زملائه، بالتصرف المنفرد، وكان مقتنعاً تماماً، أنه ليس هناك قوة، تستطيع ضرب هذه القوى المتربصة، سوى القوات المسلحة، والتي أثبتت دورها الحاسم، في فض اعتصام، وتمرد، سلاح الفرسان.
عندما أصدر مجلس الثورة قراره، مساء 27 فبراير 1954، بعودة محمد نجيب، بنى قراره على أساس ثلاث اعتبارات، كالآتي:
أولاً: أن يكون نظام الحكم في مصر على أساس جمهورية برلمانية.
ثانياً: إجراء انتخابات لإعادة الحياة النيابية، في مدة أقصاها فترة الانتقال، التي تنتهي في 26يناير 1956، "لمدة ثلاث سنوات".
ثالثاً: تشكيل جمعية تأسيسية، تمثل قوى الشعب المختلفة، وتقوم بمهمة البرلمان المؤقت، لتراجع نصوص الدستور، بعد وضعه.


رواية خالد محيي الدين عن اجتماع الميس الأخضر:
 "عاصفة مارس 1954"
يقول خالد محيي الدين: "كانت وقائع اجتماع "الميس الأخضر"، وهو ميس الآلاي الثاني مدرع، بسلاح الفرسان "المدرعات"، بالغة الأهمية، بل كانت، إلى حد ما، ذات تأثير حاسم في مجرى الأحداث، وربما في مجرى الثورة ككل.
تواترت إلى مسامع عدد، من ضباط سلاح الفرسان، أنباء عن خلافات، بين مجلس قيادة الثورة ونجيب، ثم وصل إليهم نبأ قبول استقالة نجيب، ومد فترة الانتقال.
وقد أثارت هذه الأخبار هواجس، ومخاوف، العديد من ضباط الفرسان، وخاصة بعد أن تأكد لهم، عن طريق حسين الشافعي، صحة الخبر.
كان ضباط الفرسان ضد مد فترة الانتقال، الذي يعني، بالضرورة، عدم عودة الحياة النيابية، وافتقاد الديموقراطية.
وكانوا يتفقون معي، ومنذ زمن، على هذه المبادئ الأساسية، وحاولوا الاتصال بي، عندما علموا بالأمر، فلم يستطيعوا، فاتصلوا بحسين الشافعي، في مقر القيادة، فدعاهم إلى إرسال وفد من ضباط الفرسان للتفاهم.
أوفد الفرسان ثمانية ضباط: أحمد المصري، أحمد سامي ترك، أحمد إبراهيم حمودة، محمود حجازي، فاروق عزت الأنصاري، عبدالفتاح علي أحمد، فتحي الناقة وعبدالله فهمي.
ذهب الضباط الثمانية ليجدوا مقر القيادة، وغرفة القائد العام، مكتظة بالغاضبين، من ضباط الأسلحة الأخرى: المدفعية، المشاة الخ، وشاهدوا كم هي متشددة مواقفهم، ضد محمد نجيب.
وسمعوا أصواتاً تندد بنجيب، وتصيح علناً: "اطردوه، اعتقلوه، اقتلوه".
وأحسوا أن سيادة مثل هذا التيار تعني بالضرورة إجهاض أية محاولة لعودة الحياة النيابية، أو عودة الديموقراطية.
ودخل الضباط الثمانية إلى قاعة الاجتماعات حيث كان هناك حشد من ضباط الأسلحة الأخرى، ولحق بهم جمال سالم، صلاح سالم، عبداللطيف بغدادي، حسين الشافعي.
وبدأ جمال سالم في الحديث قائلاً: "يا حضرات، إحنا خلاص زهقنا من الراجل، اللي اسمه محمد نجيب، فنحن، منذ ثمانية شهور، على خلاف مستمر معه، ولن نستطيع الاستمرار هكذا.
إن ذلك كله يتم على حساب أعصابنا وعائلاتنا، ولن نستطيع احتمال المزيد".
وقال صلاح سالم: "إن الموقف، يا حضرات الضباط، يمكن أن يتلخص في اختيار أحد ثلاثة حلول، لا رابع لها، فمحمد نجيب وضعنا، ووضع البلد، في مأزق باستقالته، وهو يطلب أن تكون له سلطة مطلقة، وله حق الفيتو على ما نتخذه من قرارات، أي أنه يريد أن يكون ديكتاتوراً، وحاكماً مطلقاً.
ولهذا فليس، أمامكم، إلا أن تختاروا أحد ثلاثة حلول:
الحل الأول: أن نفرض وفاقاً، بين مجلس الثورة ونجيب، لمدة أخرى، وهذا بالنسبة لنا غير ممكن، ولهذا نستبعد هذا الحل.
والحل الثاني: أن ينسحب مجلس قيادة الثورة، ويترك الحكم لنجيب، ليحكم البلاد حكماً ديكتاتورياً مطلقاً، ونعود نحن إلى وحداتنا، في الجيش، من جديد.
أما الحل الثالث: فهو أن نقبل استقالة نجيب، ويواصل مجلس الثورة، تحمل الرسالة، وأداء الأمانة التي في عنقه".
وتابع ضباط الفرسان الثمانية هذا العرض، الذي لا يتيح سوى مخرج واحد، هو إبعاد نجيب.
وتابعوا عاصفة الرفض، من الضباط المحتشدين، إزاء الافتراضين: الأول والثاني، وموجة الاستحسان للاقتراح الثالث.
وشعروا بأن هناك تبايناً شديداً، بين موقفهم وموقف الآخرين، وطلب محمود حجازي "فرسان" الكلمة، وقال: "لقد سمعنا رأي مجلس الثورة في نجيب، ولكن لم نسمع من نجيب رأيه في مجلس الثورة، وأنا أعتقد أن نجيب شخصية محبوبة من الجماهير، وينظر الناس إليه على أنه رجل طيب، والمفروض أن نسمع كذلك من نجيب". وانفجر جمال سالم غاضباً: "البلد بتتحرق، وانتم عايزين تعملوا تحقيق".
قال أحمد المصري "فرسان": "نحن نعلم أن، لنجيب، مؤيدين، في صفوف الجيش، وربما كان البلد كله يؤيده، ولا شك أننا، جميعاً، نعرف ما تعانيه سورية، من انقلابات، وانقلابات مضادة، وهذا ما نأمل أن نجنب مصر الوقوع فيه.
ولا مخرج لنا إلا الديموقراطية، فالديموقراطية، هي التي ستحمينا، من مثل هذه المواقف الصعبة، وتحمينا من الانقلابات العسكرية، ونحن، في سلاح الفرسان، نجد أن قبول الحل الثاني، أو الثالث أمر غير مفيد، ومرير على النفس.
ونعتقد أنه من الممكن التوصل إلى توافق، بين محمد نجيب ومجلس الثورة، لفترة نستطيع أن نبني فيها أسس حكم ديموقراطي ونيابي، قائم على إطلاق الحريات، وتعدد الأحزاب، وحرية الصحافة، ومن جانبنا، فإننا نحن، ضباط الفرسان، على أتم استعداد أن نبذل جهدنا لإقناع نجيب بالعودة، على أساس التخلي، عن أية مطالب، أو شروط غير مناسبة."
يتبع إن شاء الله...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

 رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب    رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب Emptyالجمعة 11 أكتوبر 2013, 12:48 am

وصرخ جمال سالم: "أنت واهم يا حضرة الضابط".
ورد أحمد المصري: "فلنحاول، ولن نخسر شيئاً من المحاولة، ولتعلموا أن استمرار الوضع سيؤدي إلى تفجر خلافات جديدة، داخل المجلس، والمخرج هو إعادة الحياة الدستورية، والحياة النيابية حتى تخرج البلاد، من هذا المأزق، بأسرع ما يمكن".
وتهب عاصفة، من الاستنكار، من جانب الضباط الآخرين، ويقول جمال سالم بسخرية: "إيه النغمة دي؟" ويرد أحمد المصري: "إذا كان رأينا لا يعجبكم" فليعد ضباط مجلس الثورة إلى الجيش، وتتشكل منهم قيادة للقوات المسلحة، ويتركوا الحكم لنجيب، ليرأس وزارة مدنية، تُحدد لها فترة زمنية، لإعادة الدستور والحياة النيابية، وتكون لكم، كقيادة للجيش، سلطة رقابية، خلال فترة الانتقال".
وترتفع أصوات النقد اللاذع، والشتائم التي تتهكم على الدستور، وعلى الديموقراطية، بل ارتفعت أصوات تقول: "هذا الشعب الجاهل، لا تصلح له الديموقراطية".

وأصوات تقول: "هذا الشعب الذي كان يبيع أصواته، في الانتخابات، تريدون أن تعطوه الفرصة، ليبيع أصواته من جديد"؟ وتعالى الصراخ، من كل مكان، وصرخ صلاح سالم في الجميع: "باختصار، يا حضرات، هل تثقون في مجلس الثورة، أم لا؟ وتعالت أصوات البعض تؤيده، وتعلن مساندتها للمجلس، بينما صاح أحمد المصري، ومحمود حجازي، قائلين: "إحنا لنا اثنين ممثلين في المجلس، إذا لم يكونوا قادرين على الدفاع، عن وجهة نظرنا، يتفضلوا يمشوا، ونختار اثنين بدلاً منهم".
وسأل أحمد المصري "فين خالد محيي الدين، نريد أن نناقشه؟ فرد صلاح سالم في سخرية: "خالد رأيه مثل رأيكم، وسوف نناقش هذا الأمر، فيما بعد".

وانسحب ضباط الفرسان، حوالي الساعة الثانية والنصف، من صباح 25 فبراير، بعد وعد بألا يصدر أي قرار، إلا بعد التشاور، مع ضباط الفرسان.
وفي الساعة السابعة صباحاً، أذاع صلاح سالم بيان قبول استقالة نجيب، والذي تضمن تهجماً على نجيب وحججاً لم يكن بالإمكان قبولها.
وثار ضباط الفرسان، لأن مجلس الثورة نقض الاتفاق، بعدم اتخاذ قرار، إلا بعد التشاور معهم.

وتجمعت أعداد كبيرة، من ضباط الفرسان.
ووجهوا اللوم لمندوبيهم الثمانية، وتوتر الموقف إلى أقصى درجة.
وفي هذه الأثناء حاول الزملاء، في مجلس الثورة، الاعتماد على حسين الشافعي، في إقناع ضباط الفرسان، بوجهة نظر مجلس الثورة.
وطلب حسين الشافعي وضع جدول زمني، للمرور على ضباط وحدات سلاح الفرسان، لمناقشتهم.
وفشل في ذلك فشلاً ذريعاً، فقد انقلبت المناقشات إلى محاسبة قاسية وصارمة لمجلس الثورة وتصرفاته، والمسلك الشخصي لبعض أعضائه.
وأصبح واضحاً، لقادة حركة الفرسان، أن ضباط السلاح معهم، في مواقفهم، فازدادوا حماساً.

وهكذا جاءت زيارات حسين الشافعي لوحدات الفرسان بنتيجة سلبية، بالنسبة لمجلس الثورة.
ومنحت الحركة داخل الفرسان قوة دفع جديدة، وساد، وسط الفرسان، إحساس بأن هناك اتجاها ديكتاتورياً يحاول إجهاض أية محاولة لعودة الديموقراطية، وأن هذا الاتجاه يريد أن يحرف المسألة إلى مسألة شخصية: بقاء نجيب، أو إبعاده، وأن المسألة يجب أن تحدد، ديموقراطية أو ديكتاتورية.
وعقد ثلاثة، من قادة حركة الفرسان، أحمد المصري، محمود حجازي، فاروق الأنصاري، اجتماعاً سرياً، في منزل أحد الأصدقاء، بشارع عماد الدين، هرباً من العيون، التي كانت تلاحقهم، وترصد تحركاتهم.
واتفق الثلاثة على الدعوة لاجتماع واسع، لضباط سلاح الفرسان، لمحاسبة أعضاء مجلس قيادة الثورة.

وتحدد موعد الاجتماع الساعة الخامسة، مساء الجمعة 26 فبراير، بميس الآلاي الثاني مدرع، المعروف باسم "الميس الأخضر".
ومنذ الصباح، بدأت الاتصالات لحشد الضباط، ووجهت الدعوة لحسين الشافعي للحضور، وبحثوا عني، لدعوتي من دون جدوى، ورفض حسين الشافعي الدعوة، واقترح، بدلاً من هذا الاجتماع الواسع، عقد اجتماع لمندوبي الوحدات، في مكتبه، أو منزله.
واقترح تعديل الموعد إلى الثامنة والنصف مساء.
وأصر ضباط الفرسان على موقفهم، وعقدوا الاجتماع في المكان والزمان المحددين.
وبدأ أحمد المصري بالحديث، وتكلم بالتفصيل عن أحداث الأيام الأخيرة، وطالب بالحريات العامة، وتحقيق الديموقراطية، والحياة النيابية، وحرية الصحافة، وحرية تعدد الأحزاب.

وانتقد، بشدة، تصرفات أعضاء مجلس الثورة، وألمح إلى تصرفات شخصية، غير مقبولة، من جانب البعض منهم.
كما طالب بإلغاء الترقيات الاستثنائية، في الجيش، والعودة إلى الأقدمية المطلقة، بما يعني عودة عبد الحكيم عامر إلى رتبة الصاغ، وعدم توليه لمنصب القائد العام.
وقد حظيت مطالب أحمد المصري بموافقة إجماعية وحماسية، من جانب الحاضرين، كما قرر الحاضرون ضرورة عودة محمد نجيب، رئيساً للجمهورية، ورئيساً لمجلس قيادة الثورة، وتفرق الضباط إلى وحداتهم.
وفي هذه الأثناء، أبلغ الحرس على بوابة القشلاق، أحمد المصري، بأن جمال عبد الناصر، يقف بعربته خارج القشلاق، وأنه ممنوع من الدخول.
أسرع إليه أحمد المصري، وعبد الفتاح علي أحمد، "وكان عبد الفتاح هو الذي أبلغ عبد الناصر بالاجتماع"، وطلب المصري، من محمود حجازي، أن يجمع الضباط، من وحداتهم، في الميس الأخضر" بسرعة.
وأُدخل عبد الناصر إلى الاجتماع، محاطاً بحشد من حرسه الخاص، وضباط المخابرات.

وما أن جلس عبد الناصر حتى بدأ الحوار عاصفاً.
وقف أحد ضباط الفرسان، متسائلاً: "حضرتك جئت لمناقشة، والتعرف على، وجهات نظرنا، أم لتحديد أشخاص معارضيك، واعتقالهم؟ فإذا كنت تريد مناقشة حرة وصريحة؛ فمن الضروري خروج حضرات ضباط المخابرات وضباط الحرس، وقال بحدة أخرجوا بره، بره سلاح الفرسان، من غير مطرود، لأن المسألة، إذا كانت تجسساً وتهديداً، فنحن قادرون على حماية أنفسنا، ولا يكون هناك مبرر للنقاش أصلاً".

وحسم عبد الناصر الأمر بأن طلب، إلى جميع مرافقيه، الخروج من سلاح الفرسان، ليبدأ عبد الناصر الحديث قائلاً: "أولاً، وقبل كل شيء، هل تثقون فيّ؟" وجاء الرد ليكهرب الجو: هذا يتوقف على ما ستقول.
وكان وقع الرد شديداً على عبد الناصر.

وتحدث أحمد المصري قائلاً: لقد كنا نتوقع حضورك، مع حسين الشافعي، في الثامنة والنصف، لكن نحن مستعدون للنقاش الآن، ونريد أن نناقش كل شيء، ابتداء من قرار إبعاد نجيب، إلى مختلف القرارات، التي أصدرتموها طوال قرابة العامين، خاصة وأنكم تصدرون العديد من القرارات، كل واحد منها، يبعدنا أكثر فأكثر عن أهداف ثورة 23 يوليه، التي تعاهدنا عليها، والتي وعدنا الشعب بتحقيقها.
وشارك في الحوار العاصف: أحمد المصري، بهاء الحسيني، أحمد حمودة، سامي ترك، عبدالله فهمي، حسني الصاوي، محمود حجازي، إبراهيم العرابي، كمال صالح.

وتحولت المناقشة إلى جلسة استجواب عاصف، لتصرفات المجلس، وتصرفات أعضائه، بل ووصل الأمر إلى الخوض، في المسلك الشخصي لصلاح سالم، وجمال سالم، وتحدث البعض عما تواتر عن المصروفات السرية، التي تُنفق بلا رقيب، وتصرفات العديد من ضباط الصف الثاني، التي تُحسب على مجلس الثورة، بل على القوات المسلحة كلها.
وحوصر جمال عبد الناصر، بهذه الاتهامات المتتالية، وحاول الخروج، من المأزق، بأن قال: "أنا شخصياً أتحدى أن ينسب اليّ أي إنسان أي تصرف غير نزيه".
ورد أحمد المصري: "لكنك مسؤول عن كل تصرف خاطئ يرتكبه أي واحد منهم".
ثم اتخذ النقاش منحنى انتقادياً شديداً، لتصرفات مجلس قيادة الثورة: سلطات السيادة، التي منحها المجلس لنفسه، والاعتمادات الكبيرة، التي وُضعت تحت تصرف المجلس وأعضائه.

وللحقيقة فقد، سرت شائعات، مُبالغٌ فيها كثيراً، حول هذه الاعتمادات، في هذه الفترة المبكرة"، وأسلوب إنشاء "هيئة التحرير"، وطريقة فرض تبرعات لها على المواطنين، وتصرفات الضباط، واستغلالهم للنفوذ، وعمليات الإثراء غير المشروع، وما قيل عن اختلاس بعض أموال، ومقتنيات أسرة محمد علي، ونقل بعضها إلى منازل، بعض الضباط، وحملات الاعتقال الواسعة، ضد الشيوعيين والإخوان.
وبرغم قسوة هذا النقاش إلا أن بعض الحاضرين شعر أنه يبتعد عن القضية الأساسية، وهي قضية الحريات والدستور والحياة النيابية.
فبدأ محمود حجازي يسأل: "ما هو تصور البكباشي جمال عبدالناصر، كمسؤول عن كل هذه التصرفات، عن كيفية تلافي هذه السلبيات، في ظل غياب الديموقراطية، والحريات، والبرلمان.

وعن إحساس البعض بأنه لا يمكن محاسبتهم، في ظل هذه الأوضاع البعيدة عن الحرية؟ نحن كممثلين للشعب، الذي ساند الثورة، نريد إجابة عن هذا السؤال".
فرد عبد الناصر بعصبية: "ومن أعطاكم حق تمثيل الشعب"؟
فأجاب حجازي بحدة: "نحن برلمان هذا الشعب، حتى يتشكل له برلمان"، ثم مضى منفعلاً: "الدستور موقوف، والبرلمان معطل، والحريات العامة مهدرة، والصحافة تحت الرقابة، ومجلس الثورة ينفرد وحده بالسلطة من دون التشاور مع أحد، وحتى "الضباط الأحرار"، الذين صنعوا الثورة، لا أحد يتشاور معهم، وهذا يعني أننا، في الطريق، إلى ديكتاتورية عسكرية.
ويدخل حسين الشافعي ليجلس، إلى جوار عبد الناصر، ثم يسأل غاضباً: "من دعا إلى هذا الاجتماع"؟ ويرد عبد الناصر: مش مهم يا حسين مين دعا للاجتماع، المهم أن نواصل النقاش".

ثم يتكلم عبد الناصر: "فترة الانتقال ضرورية، ولابد منها، فشعبنا لا يستطيع تقدير مصلحته الحقيقية بسرعة، وربما لا تكفي ثلاث سنوات، وشعبنا لا يمكنه تحمل مسؤولية الحرية، وقد سبق للإقطاعيين أن اشتروا أصوات الناخبين"، وقال: "الشعب الذي لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية الحرية، لا يمكنه أن يستمتع بالحرية".
واندفع أحد الضباط قائلاً: "نحن لا نستطيع أن نفرض وصاية على أهلنا، والحرية هي السبيل الوحيد لتعليم شعبنا كيفية ممارستها، ولا يمكن الحجر على الناس، بحجة أنهم ليسوا أكفاء للاستمتاع بالحرية".

وهنا وقعت حادثة صغيرة لكنها تركت أثراً شديداً في نفس عبد الناصر، تعالت أصوات الإنذار من دبابات متحركة، وبدأ هدير الدبابات يهز المكان.
فزع عبد الناصر، وسقطت السيجارة من يده.
ونظر عبد الناصر إلى أحمد المصري، نظرة تساؤل.
فقال له المصري: "إنها دبابات عائدة من خدمة الطوارئ، وأرجوك أن تطمئن تماماً، فأنت في بيتك".
وأشعل عبد الناصر سيجارة جديدة، لكنه، على الرغم من حديث أحمد المصري، المفعم بالصدق، ظل يتصور أنها كانت محاولة، من الفرسان، للضغط عليه وتهديده، وظل يحفظها، في نفسه، ولفترة طويلة، عندما انتهت عاصفة مارس.
وبدأت مرحلة الانتقام ممن عارضوه، أو حاولوا الضغط عليه.
وحاول عبدالناصر ترضية الضباط الثائرين، فقال: "أنا أنوي أن أقابل علي ماهر غداً، لأطلب إليه سرعة إنجاز الدستور".

فرد عليه أحمد المصري: "نحن الآن نناقش أموراً أوسع بكثير من مجرد الإسراع بإنهاء أعمال لجنة الدستور، فنحن نعتقد أن خمسة عشر يوماً كافية لإعداد مسودة دستور؛ فمصر مليئة بعلماء القانون، وفقهاء الدستور، ولها تجربة دستورية غنية، ولكن نحن نريد إعلاناً سريعاً للدستور، وكذلك إعلاناً بإجراءات انتخابات عامة، قبل نهاية العام، وثمانية أشهر كافية تماماً، لإنهاء فترة الانتقال، وبعدها نعود جميعاً إلى ثكناتنا.
وأقترح أن يُعلن ذلك كله، ومعه قرار برفع الرقابة عن الصحف، في صباح الغد".
ووقف عبدالناصر منهياً الاجتماع وقال: "هذا قراركم الأخير"؟ وردت عليه عاصفة مدوية: "أيوه ـ أيوه".

وهناك وقف ضابط سوداني، كان يعمل معنا، في سلاح الفرسان، هو ابن محمد نور الدين، الزعيم السوداني، المشهور بدفاعه عن الوحدة مع مصر، وقال: "أنتم لم تتعرضوا، في النقاش، لعلاقة نجيب بشعب السودان، ونحن شعب عاطفي، ونجيب أمه سودانية، والسودانيون يحبونه جداً، وبصراحة نحن، في السودان، لا نعرف جمال عبد الناصر، ولكن نعرف محمد نجيب، وعزل نجيب، وتشويه صورته، سوف يهز مشاعر السودانيين، وقد يشجع التيارات الانفصالية في السودان.
إن إبعاد محمد نجيب عمل ضد وحدة مصر السودان، أرجوكم أن تقرروا عودة نجيب".

وبعد أن انتهى الاجتماع، انتحى جمال عبدالناصر بأحمد المصري، وسأله: الآن ما هي طلباتكم تحديداً؟ فقال المصري: "الانتهاء من وضع الدستور، إعادة الحياة النيابية بعد ثمانية أشهر.
عودة جميع الضباط إلى وحداتهم.
إلغاء الترقيات الاستثنائية لاستقرار أوضاع الأقدمية، في الجيش.
وعودة نجيب رئيساً لجمهورية برلمانية.
ويسأل جمال: "وماذا لو رفض نجيب العودة، والتعاون معنا؟" فقال المصري: "نحن كفيلون بإقناعه".
وسأل المصري: "ما رأيك في أن يحضر مجلس قيادة الثورة اجتماعاً، في سلاح الفرسان"؟

وتشكك عبد الناصر في هذا المطلب، وقال: "لأ، نجتمع في مقر القيادة، أو مقر مجلس الثورة أفضل".
وكانت الساعة قد وصلت إلى الواحدة صباح يوم 27 فبراير.
وانتهى اجتماع الميس الأخضر الشهير، ولكن قلقاً ما دفع الضباط إلى البقاء في السلاح، وبقي الجميع.
ودق جرس التليفون، وتحدث حسين الشافعي ليسأل: "ما هي آخر مرة زار فيها الضابط محمد نور الدين السودان"؟ وكان الرد: "منذ عشرين يوماً".
ويبدو أن موضوع السودان قد بدأ يقلق أعضاء مجلس الثورة.
وظل الضباط، في القشلاق، حتى عودة جمال عبد الناصر لإخطارهم بقرار مجلس قيادة الثورة.

استدعاء خالد محيي الدين لحضور اجتماع مجلس قيادة الثورة (خلال ليلة 27 فبراير 1954):

استدعي خالد محيي الدين، على عجل، حيث توجه بملابسه المدنية، إلى القيادة، في حوالي الساعة الواحدة من بعد منتصف ليلة 27 فبراير 1954.
يقول خالد محيي الدين: توجهت إلى القيادة، كان الجميع هناك، إلا حسن إبراهيم، فقد كان بالإسكندرية.
قلت: "السلام عليكم"، ولم أسمع رداً، الوجوه جميعاً كانت باردة وجافة، عبد الناصر ممسك برأسه بين يديه، والبعض يضع رأسه على مائدة الاجتماع، والجميع واجمون، ونظراتهم نحوي لم تكن ودية.
لقد كانوا جميعاً غاضبين مني، رغم أن توقعاتي هي التي تحققت، أو ربما بسبب ذلك، فبيان صلاح سالم في المؤتمر الصحفي، الذي أعلن فيه قبول استقالة محمد نجيب، لم يقنع أحداً، بل إنه زاد من عطف الناس على نجيب.

قال صلاح سالم إن أولاده هاجموه بشدة، في البيت، وأن خادمه مر على محلات العباسية ليشتري احتياجات المنزل، لكن البائعين رفضوا أن يبيعوا له، أقارب زكريا هاجموه بشدة، والضباط، عامة، ما إن نزلوا الشارع، صباح الخميس، حتى ووجهوا برفض جماهيري شامل، وانتقادات حادة.
أنا نفسي كنت في وسط البلد، مساء الخميس، ووجدت الناس مجتمعين، أمام أحد المحلات يستمعون لخطاب صلاح سالم، فنزلت من السيارة، ووقفت استمع معهم. وعندما انتهى البيان علَّق أحد الواقفين قائلاً: "دول طلعوا أولاد كلب".
وأسرعت إلى سيارتي.
كان رد الفعل الجماهيري على غير ما توقع الزملاء؟ فماذا كان رد فعل الجيش؟
كانت الأنظار كلها متجهة إلى سلاح المدرعات، ولقد اتفقت مع الزملاء، في جلسة الأربعاء، ألا أتحمل، أمام ضباط المدرعات، مسؤولية الدفاع عن موقف، أنا غير راض عنه.

ولقد تعمدت الاختفاء من بيتي حتى لا أضطر لأن أعلن رأيي لزملائي، في المدرعات، فيتصور الزملاء، في مجلس الثورة، أنني أحرض الجيش ضدهم.
وذهب حسين الشافعي ووجه بمعارضة شديدة من ضباط المدرعات، وطلبوا أن يذهب إليهم جمال عبدالناصر، فلما ذهب هاجموه بشدة، ولم يستطع أن يكسبهم إلى صفه، بل ولم يستطع أن يقنع أحداً بموقفه.
كان هذا هو سبب الوجوم، فقد كانت حساباتهم قائمة على أساس أن الجيش معهم، وأن بيان صلاح سالم يمكنه أن يقنع بعض قطاعات من الشعب، لكن المهم في هذه الحسابات هو أن الجيش مضمون معهم، فإذا بالشعب قد وقف ضدهم، والمدرعات وقفت ضدهم.

ثم زاد الطين بلة أن حسن إبراهيم اتصل، من الإسكندرية، ليبلغ أن حامية الإسكندرية، هي أيضاً ضد القرارات.
صحيح إن المدفعية، والطيران، والمشاة معهم، لكن هناك شرخ خطير في الجيش، وربما أدى تجاهله إلى حدوث مذبحة بين قوات الجيش. حاولت أن أكسر حاجز الوجوم، والنظرات المشحونة بالغضب فقلت: "خير يا جماعة"؟ ولم يرد أحد.
سألت عبدالناصر: "فيه إيه يا جمال"؟.
ولم يرد.
وازداد توتري إلى درجة أنني مددت يدي، وأخذت سيجارة من علبة كانت على المائدة، وأشعلتها.
وعدت للتدخين، من جديد، بعد أن كنت قد أقلعت عنه لفترة.
أخيراً تكلم جمال وقال: "أنتم تعرفون الحكاية، لكن سأحكيها لخالد، يوم الخميس 25 فبراير 1954 ذهب حسين الشافعي إلى ضباط المدرعات، وعرض عليهم القرار، فعارضوه بشدة، وبدأوا في الاتصال ببعضهم، وحاولوا الاتصال بخالد، لكن خالد لم يكن في بيته.

وقرر الضباط عقد اجتماع ثان في صباح الجمعة، وذهب إليهم حسين الشافعي، ولم يستطع إقناعهم كذلك.
وصمموا على أن أذهب أنا إليهم، وإلا عقدوا الاجتماع، بمفردهم.
وأصدروا قرارات وأعلنوا رأيهم".
ومضى جمال قائلاً إنه ذهب إليهم فعارضوه بشدة، وانتقدوه انتقاداً شديداً، وقال إنه بينما كان يتحدث إليهم، كان طابور دبابات، عائداً من التدريب على ضرب النار، فدارت الدبابات حول الميس المجتمعين فيه، وشعر جمال أن هناك نوعاً من التهديد.
وقال جمال: "أنا وجدت أمامي ناس رافضة لأي إقناع، مصممين على ضرورة عودة محمد نجيب ولو دون سلطات، وعلى ضرورة عودة الحياة النيابية".
واستطرد قائلاً: "وطبعاً انتم عارفين أن موضوع الحياة النيابية ده كلام خالد وأفكار خالد..".

فقاطعته، وقلت: "أنا تركت بيتي حتى لا يتصل بي أحد، ولكي لا أتصل بأحد".
فقال عبد الناصر: "أنا لا أتكلم عن النهاردة"، وقال حسين الشافعي: "الحقيقة يا خالد انت، منذ عدة أشهر، وانت تعقد اجتماعات مع ضباط المدرعات، وتقوم بزيارات جماعية، مع الضباط، بصورة دورية، لأحد الضباط في قريته، وكنت تتحدث معهم، دوماً، عن الحياة النيابية والديموقراطية" فقلت: "هل كنت عايزني أقول لهم لازم نعمل ديكتاتورية، أنا كنت أقول لهم رأيي، وقد قبلوه، والحقيقة إن ضباط المدرعات يشعرون بأنهم مغبونون، وأنهم مبعدون، عن عمد، عن تولي المناصب المهمة".
ومضى جمال عبد الناصر ليروي قصة حواره مع ضباط المدرعات، وقال إن ضابطاً في الفرسان، هو ابن محمد نور الدين الزعيم السوداني، قال: يا جماعة لا تنسوا السودان، وتأثير محمد نجيب على السودانيين، وأنه يمتلك شعبية كبيرة وسطهم. وأن إبعاده الآن سيؤدي إلى انفصال السودان عن مصر.
وأخيراً قال جمال: "لكن أخطر ما في الموضوع، إن الضباط أعلنوا أنهم سيظلون مجتمعين، حتى يصلهم رد على مقترحاتهم، أو مطالبهم، والتي تتلخص في: عودة نجيب وعودة الحياة النيابية.

وقال: لقد أشاروا، بشكل غير مباشر، إلى أن المظاهرات الشعبية سوف تنفجر، في الغد، مطالبة بعودة نجيب وعودة الحياة النيابية.
وأنهم لن يستطيعوا مواجهة هذه الجماهير، لأنها تنادي بما ينادون به، ولهذا فهم مصممون على أن يصلهم رد قبل طلوع الصبح.
وفوجئت بجمال يقدم اقتراحاً غريباً ومثيراً، في آن واحد:
محمد نجيب يعود مجلس الثورة يستقيل.
تشكل حكومة مدنية برئاسة خالد محيي الدين.
تعود الحياة النيابية خلال فترة أقصاها ستة أشهر.
وفوجئت بهذا الاقتراح، ومضى جمال عبد الناصر مبرراً: "يا جماعة بصراحة كده، ما فيش حد مقتنع بعودة الديموقراطية، والحياة النيابية إلا خالد.
إذاً يبقى هو، ونحن نستقيل ليحقق هو الأهداف، التي نادى بها".

وبدأت أشعر بحقيقة المأزق، الذي يريدون وضعي فيه؛ فإذا كانوا سيستقيلون فهل سيستقيل عبدالحكيم عامر، قائد الجيش؟ فإن فعل، فمن يضمن استمرار ولاء القوات المسلحة؟ وإذا كان سلاح الفرسان معي، فماذا عن المدفعية والطيران والمشاة، وضباطها متمسكون بمجلس الثورة، وبسلطاته وبرفض الحياة النيابية.
وهل أقبل أن تقع مذبحة بين قوات الجيش؟
أحسست أن الأمر ليس سهلاً، وأنني أُدفع دفعاً إلى مأزق خطير، فقلت لعبد الناصر: "يا جمال لقد فاجأتني بهذا الموضوع، والمسألة ليست بهذه البساطة، أنت تقترح أن أشكل وزارة مدنية، أشكلها ممن؟ وبأية سلطة؟ ومستنداً إلى أية مشروعية، إذا كنتم جميعاً ستستقيلون؟ وماذا سيكون موقف القوات المسلحة؟ فرد عبدالحكيم عامر: "أنا مسؤول عن تأمين القوات المسلحة لفترة، ثم أستقيل.
فقلت ومن يضمن تأمينها بعد أن تذهب أنت؟

وهنا انفجر صلاح سالم في حركة درامية قائلاً: "استحلفك بالله يا خالد أن توافق إنقاذاً للبلد، فإذا لم توافق، قبل طلوع الصبح، ستقوم في البلد مذبحة، فهناك انقسام في القوات المسلحة، والناس عايزة نجيب أرجوك اقبل".
وعلى الرغم من حيرة شديدة، وأسئلة حائرة بلا إجابة، وشكوك تتسرب إلى عقلي ونفسي.
قلت: إذا كان الأمر كذلك سأقبل مبدئياً، ولكن يجب أولاً أن نسرع إلى ضباط المدرعات، الذين كانوا مجتمعين، كقوة ضغط. ولابد هنا أن أذكر بأن مقر سلاح المدرعات كان في مواجهة مقر قيادة الجيش، لا يفصلهما، عن بعضهما، إلا عرض الطريق.
ومن ثَمَّ فإن اجتماعهم كان يمثل قوة ضغط مباشرة وفاعلة.
وتوجهت أنا وعبد الناصر إلى سلاح المدرعات.

وطوال الطريق كان هم ثقيل يطبق على صدري، أي مأزق يريد الزملاء وضعي فيه، وأي عبء يلقونه على عاتقي، كانت الأسئلة تتزاحم، مع بعضها بعضاً، كيف ستتم السيطرة على البلد؟ كيف ستتم السيطرة على القوات المسلحة، والمدفعية، والطيران والمشاة؟، الأحزاب، كيف ستعود الحياة النيابية، كيف يمكن إعادتها؟ ثم مع هذا كله، بل قبل هذا كله، ما هي حقيقة نوايا الزملاء في مجلس الثورة؟ وماذا يضمرون فعلاً؟ وما هي خطتهم الحقيقية؟

وأخيراً وصلنا إلى ضباط المدرعات وعرض جمال الاقتراح.
وسأله أحد الضباط وأنتم ماذا ستفعلون؟ فقال: سنحال إلى المعاش.
ويبدو أن المخاوف التي سيطرت عليّ قد وجدت سبيلها إليهم، فقال ضابط منهم: إذا كنتم موافقين على عودة نجيب وعلى عودة الحياة النيابية، وترون أن هذا هو المخرج، فلماذا تستقيلون وتتركون خالد وحده؟ هل تريدون إحراج خالد؟ فقال جمال: نحن نرفض العمل مع نجيب، وأنتم مصممون على إعادة نجيب، ونحن لا نثق في نجيب، بينما نثق في خالد، فنحن نريد أن يتولى خالد المسؤولية.

واستمرت الشكوك تحيط بضباط الفرسان، وتدفعهم إلى المناقشة لكن عبد الناصر وضعهم أمام خيارات صعبة قائلاً: أنتم مصممون على عودة نجيب، ونحن نرفض عودته، فلا تستطيعون إجبارنا على إعادة نجيب، وعلى البقاء للعمل معه، نحن نوافق على رأيكم، ولكن ننسحب نحن، لن نتعامل مع نجيب، كذلك أنتم تريدون عودة الحياة النيابية، والوحيد فينا، الذي يطالب بعودة الحياة النيابية، هو خالد، ولهذا اقترحنا أن يأتي هو لينفذ طلباتكم.
وانتهى النقاش.

وضباط المدرعات غير مستريحين كما كنت أنا غير مستريح، ولكن لم يكن هناك مخرج آخر.
وعدت أنا وجمال إلى مقر القيادة لإعداد صيغ القرارات، واقترحت أن أذهب إلى نجيب لأعرض عليه الأمر، ووافق الزملاء، لكني فوجئت بثلاثة يصاحبونني، من دون أن أطلب منهم ذلك، وربما طلب إليهم أحد أن يذهبوا معي ليعرفوا على وجه الدقة، ماذا سأقول لنجيب.
كان الثلاثة: عباس رضوان، شمس بدران، عماد ثابت، وكان الأخير من الفرسان، لكنه كان من دفعة عبدالحكيم عامر، وكان صديقاً له.
وعندما وصلنا إلى بيت نجيب، أحسست أن وجود هؤلاء الثلاثة معي سوف يفسد النقاش، وقد يرفض نجيب الموافقة على هذه الاقتراحات، وقررت أن ألتقي نجيب قبل أن يخرج إلينا، وطلبت أن أدخل إليه، كانت الساعة حوالي الرابعة فجراً، وكان في غرفة نومه مع زوجته، خرجت زوجته من غرفة النوم، ودخلت أنا إليه.
لم تستمر مقابلتي معه أكثر من ثلاث أو أربع دقائق، ولم أكن أعلم أن انفرادي بنجيب، بعيداً عن أعين الرقباء الثلاثة، سوف يثير، لدى الزملاء، في مجلس الثورة، حساسية مفرطة.

وأنه سوف يثير لديهم تساؤلات عن العبارات التي قلتها له على انفراد، وكيف ولماذا اقتنع بهذه السرعة، وهل ثمة اتفاق ما بيننا؟
والحقيقة أن هذه الدقائق الثلاث لم تشهد أكثر من النقاش العادي المفترض في ظرف كهذا، فعندما عرضت الأمر على نجيب حاول الاعتراض، على عودته، بلا سلطات، فقلت له: أليس هذا أفضل من قبول استقالتك، وإبعادك نهائياً، وقلت له إن الناس تريدك، والمدرعات أثارت مشكلة بسببك، فكيف ترفض.
وأعلن نجيب موافقته.

وخرجنا إلى الرقباء الثلاثة، ليعلن نجيب الموافقة مصحوبة بشكاوي شخصية عديدة، ففي هذا الوقت القصير السابق لموافقته حاصروا بيته، ومنعوا الطباخ من الخروج لشراء حاجيات المنزل و… إلى آخره من مثل هذه الشكاوى، لكنني قلت له: لا مبرر لهذه الشكاوى الآن، المهم وافقت، ولنبدأ صفحة جديدة.
وأسرعنا أنا، والرقباء الثلاثة، إلى مقر قيادة الجيش، لأعلن للزملاء، في مجلس قيادة الثورة، موافقة نجيب.


 رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثامن: بعد الانقلاب وقبل تشكيل وزارة محمد نجيب
» الشيخ الحافظ الجامع المتقن محيي الدين الكردي أبي الحسن
» الشيخ الحافظ الجامع المتقن محيي الدين الكردي أبي الحسن
» شيخ النقاد الرياضيين محمد نجيب المستكاوي..
» جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: ثورة يوليو ١٩٥٢م :: ثورة 23 يولـيو 1952م-
انتقل الى: