منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب Empty
مُساهمةموضوع: جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب   جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب Emptyالأحد 15 سبتمبر 2013, 8:19 am

جمال عبد الناصر يحجم دور محمد نجيب
 جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب Nasser-and-Muhammad-Naguib
كان جمال عبدالناصر خلال هذه الفترة يمارس عمله، داخل المجلس، وخارجه، بتركيز شديد، يعطي ليله ونهاره للاتصال بالضباط، والسياسيين، ومناقشة المشاكل العامة، والاستعداد لجلسات مجلس القيادة حتى ينتصر رأيه.
وكانت براعته في اجتذاب بعض زملائه لجانبه والحصول بهم على الأغلبية التي يريدها، أمراً لا يتوافر لأحد من زملائه.
كان جمال عبد الناصر أرصن زملائه شخصية، وأقلهم كلاماً، وأحسنهم استماعاً، وأقدرهم على حل المشاكل بمهارة تكتيكية ملحوظة.
وتميز خلال هذه الفترة بمرونة، فرضتها طبيعة الأحداث، فهو لم يجمد عند رأيه الخاص بالديمقراطية، والأحزاب مثلاً، وإنما اختار طريق انفراد المجلس بالسلطة عندما وجده ممهداً، ومحل استجابة أكبر من زملائه. 
ولم يتشبث برأيه، الذي أعلنه لضباط المدفعية، من أن التحقيق مع زملائهم سوف يكون، عن طريق ضباط من المدفعية، يحاكمونهم كذلك.
وذلك عندما وجد في هذه الخطوة ما يمكن أن يعرض كيان المجلس للخطر.
وأعاد قانون العمال ليناقشه المجلس ثانية، عندما اعتقد أن استقالة خالد محيي الدين، يمكن أن تحدث شيئاً، في صفوف الجيش، إذا تمت في وقت واحد، مع صدور الأحكام على رشاد مهنا، وضباط المدفعية.
كما كان جمال عبد الناصر هو مركز حركة الضباط الأحرار، وأكثرهم اتصالاً بالضباط والقوى السياسية المختلفة، قبل 23 يوليه، فإنه ظل أكثرهم اتصالاً بمختلف الضباط بعد الحركة، مدركاً أن قوته تأتي من صلته الوثيقة بزملائه، في مختلف الأسلحة.
ولكن استمرار هذه الاتصالاًت كان يشكل عبئاً شديداً عليه، في وقت تضخمت فيه المسؤوليات وتعددت الواجبات، وتجاوزت مرحلة تكوين تنظيم إلى مرحلة المسؤوليات الكاملة عن البلاد.
وكانت أحداث المدفعية، وردود فعلها، قد ضاعفت حذره، من خطر انفجارات القوات المسلحة، وفي ذهنه دائماً ما حدث في سورية والعراق، حيث ضاع بكر صدقي حسني الزعيم، وسامي الحناوي بانقلابات بعض مرءوسيهم.
واستقر رأيه على تعيين عبد الحكيم عامر، زميله وصديق عمره، وأقرب زملائه لقلبه، وأكثرهم إخلاصاً ووفاء له، حيث كانا يسكنان معاً في شقة واحدة، قبل الزواج، قائداً عامـاً للقوات المسلحة، بدلاً من محمد نجيب، الذي وصلت شعبيته إلى درجة الخطورة على زملائه، والذي كان حريصاً على صلته بالجيش وزيارة الوحدات.
كانت الفكرة خطيرة وجريئة معاً؛ فإن ترقية صاغ إلى رتبة لواء أمر يتناقض تماماً مع انضباط القوات المسلحة، ويتنافر مع طبيعة الضباط، الذين تمثل الأقدمية، عندهم، شيئاً مقدساً.
وكان الإعلان عن هذه الفكرة بطريقة مجردة حرياً بأن يقابل بالرفض والمعارضة من جانب محمد نجيب، الذي عاش حياته جندياً يعتز بجنديته. ورأى جمال عبد الناصر أن يربط هذه الخطوة الجريئة، بخطوات أخرى، تكون أكثر جاذبية لاهتمام الناس، وتضعف من صلابة المقاومة عند محمد نجيب وزملائه، في مجلس القيادة.
ومن هنا كان الربط بين ترقية عبد الحكيم عامر قائداً عاماً للقوات المسلحة، وبين إعلان الجمهورية، وتعيين محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر.
ولكن محمد نجيب، اعترض ورفض، وقال إنه قاوم تعيين محمد حيدر قائداً عاماً للقوات المسلحة، لأنه كان بعيداً عن صفوف الجيش، وهو يقاوم تعيين عبد الحكيم عامر قائداً للجيش لأنه ليس مهيأ لذلك.
ولم ييأس جمال عبد الناصر من تحقيق فكرته.
كرر عرض الموضوع على المجلس، أكثر من مرة، وتعرض محمد نجيب لتهجم بعض أعضاء المجلس، ولكنه ظل يقاوم، ثلاثة أسابيع كاملة، حتى أذعن.
أُعلنت الجمهورية يوم 18 يونيه 1953، وعين محمد نجيب رئيساً للجمهورية، مع احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء، وتخليه عن منصبي وزير الحربية، وقائد عام القوات المسلحة.
ودخل مجلس الوزراء عدد من البارزين، في مجلس القيادة، حتى لا يثير تعيين عبد الحكيم عامر، قائداً عاماً، الحسد والضيق في نفوسهم.
فعُيَّن جمال عبد الناصر نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية، وصلاح سالم وزيراً للإرشاد، وعبد اللطيف البغدادي وزيراً للحربية.
وكان أول قرار جمهوري وقَّعه محمد نجيب، قرار تعيين عبد الحكيم عامر، قائداً عاماً للقوات المسلحة، بعد ترقيته إلى رتبة اللواء.
قوبل هذا التعيين بمعارضة مكتومة، ولكن من دون تعبير إيجابي؛ فلم يستقل، من المئات، من أصحاب الرتب الأقدم، الذين قفز فوقهم عبد الحكيم عامر، إلا اللواء حسين محمود قائد السلاح الجوي. 
عبد الناصر يسيطر على مجلس القيادة
كان وصول عبد الحكيم عامر، إلى مركز القيادة العامة للقوات المسلحة، نقطة تحول خطيرة في سيطرة أعضاء مجلس القيادة على الجيش، بصورة عامة، وسيطرة جمال عبد الناصر على أعضاء مجلس القيادة، بصفة خاصة.
كما كان نهاية اتصال أعضاء مجلس القيادة بزملائهم الضباط، في مختلف الأسلحة.
وقد استقر الأمر على ذلك، بدعوى الحرص على الانضباط العسكري، بينما هو، في حقيقته قد انتهى إلى عزلة هذه المجموعة من ضباط الجيش، فلم يعودوا بقادرين على تحريك قواتهم السابقة، أو مناقشة أمورهم بصفة قانونية.
وقد أصبحت اليد العليا، في السيطرة على القوات المسلحة، هي يد جمال عبد الناصر، الذي كان يثق ثقة شديدة في صديقه عبد الحكيم عامر. والذي كانت صفاته الشخصية تجذب الضباط إليه لروحه المرحة، وطيبته الظاهرة، على الرغم من أنه لم تكن تتوافر فيه مواصفات قائد القوات المسلحة، الذي يحتاج إلى يقظة، وعلم، وخبرة، وشخصية متماسكة.
وقد أدى هذا التعيين إلى وضع خط فاصل، بين ضباط الجيش وضباط القيادة، كما وضع نهاية للانضباط، الذي تفرضه الأقدمية، ذلك أن الرتب الكبيرة، كانت تشعر دائماً، أنها تحت مراقبة ونفوذ بعض الضباط، الأصغر رتبة، والأكثر قدرة على الاتصال بالقائد الجديد، وحاشيته.
وبلغ الأمر حداً جعل شمس بدران، وهو ضابط برتبة الصاغ، يتسلط على مصير القوات المسلحة، ويمتهن أفراد الرتب الكبيرة، فتضطر إلى تحيته لأنه كان مديراً لمكتب القائد العام عبد الحكيم عامر.
ولم يتم هذا التغيير دفعة واحدة، وإنما تم خلال مراحل من المصادمات.
كما سيأتي وقد جعل هذا التغيير بذور الخلاف بين محمد نجيب وأعضاء المجلس تنمو في سرعة شديدة.
وبينما كان محمد نجيب هو الذي أعلن عن تشكيل محكمة الثورة، في خطاب عام بميدان الجمهورية، إلا أنه فوجئ بظهور اسم مصطفى النحاس، في قائمة المعتقلين، حيث حُددت إقامته.
وكان محمد نجيب قد اعترض على ذلك، لاعتقاده بأن النحاس قد أدى لمصر خدمات جليلة، ولا يجوز تحديد إقامته، وهو في الرابعة والسبعين من عمره.
وشطب اسمه من الكشف فعلاً، ولكنه فوجئ بإضافة اسمه عن طريق التزوير.
وعندما صدر حكم بإعدام إبراهيم عبد الهادي، صرح محمد نجيب لمندوبي الصحف بمعارضته للإعدام، حتى لا يُعدم دون علمه.
وقال لبعض أعضاء المجلس إنه يفضل أن يلتف حبل المشنقة حول عنقه ولا يصدق على حكم الإعدام.
ثم سافر إلى الإسكندرية منتوياً عدم العودة، احتجاجاً على هذا "الانزلاق الخطير"، في رأيه.
وبعد يومين أمضاها في استراحة ثكنات مصطفى كامل، جاءه جمال عبد الناصر، وعبد الحكيم عامر، وزكريا محيي الدين، وأبلغوه أنه يمكن استبدال حكم الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة.
 لم يؤيده في المجلس، ضد حكم الإعدام، إلا خالد محيي الدين.
وهكذا أصبحت المصادمات، داخل مجلس القيادة، أعلى صوتاً.
محمد نجيب، في جانب، ومعظم الأعضاء، في جانب آخر.
أقربهم إليه أصبح خالد محيي الدين، الذي صاحبه في رحلة لزيارة النوبة، حيث التقت أفكارهما معاً، على أهمية الديمقراطية، باعتبارها الحل الوحيد الذي يعطي للشعب حقه، ويضمن التعبير عن إرادته، ويعيد الجيش إلى واجبه الأصلي، داخل الثكنات.
كانت رحلة النوبة هي بداية اللقاء الفكري، بين محمد نجيب وخالد محيي الدين.
ولكنه لقاء لم يتجاوز الحدود الفكرية إلى آفاق تنظيمية.
لم يقف دخول الضباط إلى الوزارة، عند حد الثلاثة، الذين دخلوا، مع إعلان الجمهورية؛ فقد أُجبر نجيب على إدخال زكريا محيي الدين وزيراً للداخلية، وجمال سالم وزيراً للمواصلات، في 5 أكتوبر 1953، بناء على قرار اتخذه مجلس قيادة الثورة، في غيبته، مع تفرغ جمال عبد الناصر لمنصب نائب رئيس الوزراء.
وكان التوتر، بين محمد نجيب، وجمال سالم، في الذروة، الأمر الذي دفع جمال سالم، إلى ارتكاب مخالفة دستورية، لم تحدث في تاريخ مصر، إذ رفض، هو وزكريا محيي الدين، أداء اليمين القانونية أمام محمد نجيب.
وعندما وصل الخلاف، بين محمد نجيب وأعضاء المجلس، إلى حد تبادل الاتهامات.
ظهر اقتراح، من أحد أعضاء مجلس القيادة، بتدبير اغتيال محمد نجيب، ولكن عبد اللطيف البغدادي عارض هذا الاقتراح، في حسم شديد، قائلاً "أن الثورة ستضيع إذا نفذ ذلك".
دفع هذا الموقف المتهاون، من جانب محمد نجيب، إلى تمادي أعضاء المجلس، في مهاجمته، والإساءة إليه بالشائعات.
وتبدلت الحال تماماً، وبعد أن كان جمال عبد الناصر يرحب به، في بلدته بني مر، أثناء زيارته لها في مارس 1953، وبعد أن قال صلاح سالم، في المحلة الكبرى، يوم 22 يونيه: "يقول البعض أنه كان يجب انتخاب رئيس الجمهورية، انتخاباً شعبياً، وأعتقد وكلكم تعتقدون، أن محمد نجيب قد نجح في أكثر من انتخاب، ولقد سار، في كل ركن من أركان هذه الدولة، والتف حوله ملايين من البشر".
إذ بالأمور بينهم تتدهور بسرعة، إلى درجة التفكير في اغتياله، وإحراجه باتخاذ القرارات في غيابه، والإساءة إليه بين حين وآخر.
وكان حظه سيئاً، مع زملائه في المجلس، كلما تحدث مع واحد منهم بصدر مفتوح أسرع، ينقل حديثه إلى جمال عبد الناصر، فأظهره بمظهر العداوة والتربص.
كانت الظروف تندفع دفعاً إلى نقطة الصدام بين محمد نجيب وأعضاء المجلس. وتوافرت عوامل أخرى جعلت لهذا الصدام دوياً شديداً داخل الجيش، وبين الجماهير. 
الصراع داخل مجلس الثورة
كان الشعب ينظر إلى محمد نجيب على أنه الزعيم الحقيقي للثورة.
ومع مرور الأيام الأولى للثورة، ومع تغير الأحداث السريع، بما كان يتطلبه الموقف من مواجهات ثورية كثيراً ما كانت تتعارض فيها وجهات النظر، بين أفكار شباب التنظيم، وبين محمد نجيب.
 وكان هذا التعارض مركزاً في شخص جمال عبد الناصر، رئيس اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار، وبالتالي فإن شرعية هذه الزعامة لم تُحسم، وعدها الجميع عملية مؤجلة، على أساس أن أسلوب العمل، واتخاذ القرارات، داخل مجلس الثورة، كان يتبع الأسلوب الديمقراطي وفيه تخضع القرارات للتصويت بالأغلبية، على أن تتحمس الأقلية للقرارات، بعد التصويت.
ولكن كثرة الصراعات، مع الحركة الحزبية القديمة، ومع القوى المتضررة من الثورة، استلزمت مناقشات، تمخض عنها، كثير من اختلاف وجهات النظر.
ولكن نظراً للميول القيادية لجمال عبد الناصر، وممارسته لها، منذ اختياره رئيساً للجنة التأسيسية؛ فقد بدأ دوره القيادي يبرز، منذ تبنى مجلس الثورة تحقيق الأهداف الاجتماعية الوطنية، لصالح الأغلبية الشعبية؛ وقد أظهر عبد الناصر تفوقه الكامل، في هذا المجال التنظيمي والإداري والسياسي، وأمكنه السيطرة على أجهزة الإدارة، والتنفيذ، وعلى تعبئة الرأي العام، ومقاومة القوى الاجتماعية والسياسية المناهضة للثورة. والتربص بما عسى أن يتخذه الإنجليز من إجراءات محاربة للثورة بأساليبهم الخاصة.
واعترف له زملاؤه، في مجلس قيادة الثورة، بهذه القدرات، في الوقت الذي كانت فيه مكانة محمد نجيب الشعبية، كرمز للزعامة على ضوء شخصيته الجذابة جماهيرياً، وسمعته السابقة، وتاريخه النظيف.
 وبخاصة أن الشعب كان منبهراً بجميع القرارات الثورية الحاسمة والجريئة والناجحة، والتي كانت تصدر، باسم مجلس الثورة الذي يرأسه محمد نجيب.
وفي غيبة وجود تنظيم شعبي للثورة، يساعد في تسهيل الإجراءات التنفيذية، بين الجماهير؛ فقد اكتفى مجلس الثورة بسيطرة عبد الناصر الكاملة على الجهاز الإداري للدولة.
وأعطوه تفويضاً بذلك.
والأهم من كل ذلك أن عبد الناصر، منذ نجاح الثورة، ومواجهتها لبعض المشاكل، قرر أن الثورة لابد أن يحميها الجيش.
ولذا بدأ في تكوين خلاياً، داخل القوات المسلحة، كان هو المسئول عنها في بادئ الأمر، ثم انتقلت مسؤوليتها إلى عبد الحكيم عامر.
فلما عُين عبد الحكيم عامر، قائداً عاماً، في 18 يونيه 1953، أصبح صلاح نصر مسئولاً عن هذا التنظيم؛ الذي ازدادت قوته.
وبذلك أصبحت، في يد عبد الناصر، جميع خيوط السيطرة.
نشب الصراع، بين محمد نجيب وجمال عبد الناصر، وفي فترة حساسة جداً، وهي فترة المباحثات مع الجانب البريطاني، لتحقيق الجلاء، أثناء المباحثات، وبعد توقفها، مما جعل لدى الجانب البريطاني الأمل في إمكان فرض إرادته في المباحثات، لصالحه.
كان صلاح سالم وجمال سالم، أكثر عداوة لمحمد نجيب، من عبد الناصر نفسه.
وفي الأسبوع الأخير، من نوفمبر 1953، قام محمد نجيب، كرئيس جمهورية، برحلة إلى بلاد النوبة.
وكلف مستشاره الصحفي بالاتصال بموظفي الإذاعة والصحف لإذاعة ونشر رحلته.
واستاء صلاح سالم وزير الإرشاد لعدم الرجوع إليه وعد ذلك تحدياً من محمد نجيب له، وأخذ يؤلب عليه مجلس قيادة الثورة.
في آخر نوفمبر 1953، قرر عبد الناصر السفر، مع عبد الحكيم عامر، وصلاح سالم، إلى الإسكندرية بالقطار، لحضور مؤتمر شعبي.
ولما علم عبد الناصر أن محمد نجيب قرر السفر معهم، بالقطار، استقر رأيه، هو وإخوانه، السفر بالسيارات، وترك محمد نجيب يسافر وحده بالقطار.
وفي الإسكندرية، لم يُستقبل محمد نجيب بالحفاوة نفسها، التي كان يستقبل بها، من قبل.
وفي أثناء، المؤتمر تناوله عبد الناصر، في كلمته، بالتلميح؛ فناشد الحاضرين "ألا ينخدع الشعب، وراء أي منافق أو مخادع".
وفهم محمد نجيب أنه هو المقصود بذلك.
كان المجلس يجتمع في مبنى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة.
وكان عبد الناصر يجتمع، قبل الجلسة، مع أعضاء مجلس الثورة، وحدهم دون محمد نجيب، ليتفقوا على القرارات.
وعند الاجتماع الرسمي، مع محمد نجيب، كان يفاجأ بتكتل المجلس، ضد آرائه.
وفي اجتماع مجلس الثورة في 20 ديسمبر 1953، أثار أعضاء المجلس، مع محمد نجيب ما يسيء إليه، وأخذوا يحاسبونه، حساباً عسيراً، ووجه إليه جمال سالم نقداً مريراً، وطلبوا منه التخلص من بعض المحيطين به، بدعوى أنهم يسيئون للثورة، وحددوا له أسماء معينة.
وأصر نجيب على رفض تنفيذ هذا الاقتراح؛ لأنهم لم يرتكبوا أي أخطاء.
عليه معظم الحاضرين، وطالبهم بألا يجعلوا منه دمية، تضحك عليها الناس.
واستمر الحال على ذلك، حتى شهر يناير 1954، بعد الإجراءات الحاسمة، التي اتخذها مجلس قيادة الثورة، في حل جماعة الإخوان المسلمين في 14 يناير 1954، والذي شمل اعتقال مرشدهم حسن الهضيبي، وأعضاء القسم الخاص، وحوالي خمسمائة عضو، وشمل القرار كذلك فصل الطلبة والموظفين الإخوان، وإحالة ضباط الشرطة الإخوان، للتقاعد.
أعلن عبد الناصر، في مجلس الثورة، أنه لا يستطيع التعاون مع محمد نجيب.
 وأنه قرر التنحي عن مجلس الثورة، والعودة إلى الثكنات.
وكان ذلك، على سبيل المناورة؛ لأن جانباً من أعضاء مجلس الثورة عارضوه، في ذلك، بحجة أن البلاد كانت تمر بظروف عصيبة، في الداخل والخارج، وبخاصة أن مسألتي الجلاء وتقرير المصير في السودان، لم يكن قد تحقق منها أي شيء بعد. 
استقالة محمد نجيب
في 21 فبراير 1954، ذهب محمد نجيب إلى مبنى مجلس الثورة، بالجزيرة، لحضور الاجتماع.
وكان من المعتاد أن يحضر جميع أعضاء مجلس القيادة إلى حجرة محمد نجيب، قبل انعقاد الجلسة، ويتوجهوا جميعاً إلى قاعة الجلسة.
وفي هذا اليوم طال انتظار محمد نجيب، في غرفته، ليحضروا كالمعتاد.
ولكنه عندما استفسر عن سبب تأخرهم، قيل أنهم مجتمعون فعلاً، من دونه،  وشعر بالإهانة.
وآثر مغادرة مبنى المجلس احتراماً لنفسه وتكرر هذا التصرف.
وأخيراً قرر مجلس الثورة حسم الموقف، بأسلوب مخفف، تحاشياً لردود فعل تنحية نجيب، وهو في قمة شعبيته، فأرسل مجلس قيادة الثورة وفداً منهم إلى محمد نجيب لإقناعه بمنصب رئيس الجمهورية فقط، على أن يتولى عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء، ورفض محمد نجيب ذلك.
وفي جلسة اجتماع مجلس الثورة في 23 فبراير 1954، والذي لم يحضره محمد نجيب، أرسل نجيب مظروفاً، مع سكرتيره إسماعيل فريد، باسم كمال الدين حسين، سكرتير المجلس، وسري للغاية وشخصي.
ولما فضه كان به استقالة محمد نجيب، من جميع المناصب، والسلطات المخولة له، مؤكداً أن مصلحة الوطن أملت عليه ذلك، لأسباب لم يذكرها إلى حين. 
وفيما يلي نص استقالة اللواء محمد نجيب
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة أعضاء مجلس قيادة الثورة..
"بعد تقديم وافر الاحترام، يحزنني أن أُعلن، لأسباب لا يمكنني أن أذكرها الآن، أنني لا يمكن أن أتحمل، من الآن، مسؤوليتي في الحكم، بالصورة المناسبة، التي ترتضيها المصالح القومية.
"ولذلك فإني أطلب قبول استقالتي من المهام، التي أشغلها.
وإني إذ أشكركم على تعاونكم، معي أسأل الله القدير أن يوفقنا إلى خدمة بلادنا، بروح التعاون والأخوة".
ويذكر اللواء محمد نجيب:
"بهذه العبارات المختصرة والحاسمة قدمت استقالتي، في 22 فبراير 1954". 
خالد محيي الدين يروي وقائع جلسة مجلس قيادة الثورة
الحقيقة إن تلك الورقة، التي دخل بها إسماعيل فريد، على اجتماعنا، يوم 23 فبراير 1954، ليسلمها لكمال الدين حسين، بصفته سكرتير المجلس، والتي تضمنت استقالة محمد نجيب، قد أربكت كل الحسابات، ووضعت مجلس قيادة الثورة في موقف حرج للغاية. وبسرعة فائقة، أدرك جمال عبد الناصر خطورة الموقف، وأدرك أن الزمام قد يفلت من أيدينا جميعاً؛ فصاح في وجه إسماعيل فريد: "روح بلغ محمد نجيب أن يبقى في بيته، ولا يغادره".
ثم تذكر أنه لابد أن يكون إسماعيل فريد نفسه يعلم بمحتوى الورقة، التي أتى بها، فمع أن إسماعيل فريد كان عين جمال عبد الناصر على نجيب، إلا أن عبد الناصر لم يشأ أن يترك شيئاً للمصادفة، فصاح في إسماعيل فريد: "وأنت، لا تغادر هذا المكان.
ثم أردف بعبارة لم أزل أذكرها: "قول لنجيب إن المسألة مش لعبة".
وكان كل حرص عبد الناصر ألا يتسرب نبأ استقالة نجيب، قبل أن نرتب نحن أمورنا.
وبدأنا في مناقشة الاستقالة وتداعياتها.
ومن جديد بدأت الاقتراحات تتوالى من الزملاء، البعض اقترح اتخاذ قرار بتشكيل وزارة مدنية، وأن يُلحق به إعلان استقالة مجلس قيادة الثورة. وعندما تعثرت المناقشة قال جمال سالم: "نشوف حل بعدين".
 لكن البغدادي قال: "أي حل لازم يكون بعلمنا واتفاقنا، نقعد إلى أن نتفق".
فقال جمال سالم: "أقصد نحاول ترضية نجيب لكي يسحب استقالته مؤقتاً، وبعد شهر نكون قد توصلنا إلى حل، ولكن كيف يمكن إقناع نجيب بسحب استقالته، وعلى أي أساس"؟.
هنا صمت جمال سالم ولم يجب.
وظهر اقتراح جديد، نشكل هيئة استشارية، وكان اقتراح الهيئة الاستشارية قد طرح من قبل ورفضته بشدة لأنه يعني شيئاً واحداً: مد فترة الانتقال وعدم إعادة الحياة البرلمانية.
واعترضت على موضوع الهيئة الاستشارية، وقلت: "بصراحة يا جماعة، البلد لن تقبل بأقل من عودة الحياة النيابية، وإعلاننا الاستعداد لعودة الحياة النيابية هو وحده الذي سيسحب البساط، من تحت أقدام نجيب، ويبرز استقالته كموقف ضد الديمقراطية.
 وفجأة تذكر صلاح سالم موضوع السودان، وصاح قائلاً: "يا جماعة انتم ناسيين موضوع السودان، من المأزق: أن نعلن بدء فترة الاستعداد لعودة الحياة النيابية، وأن نعمل، في هذه الحالة، على مسايرة محمد نجيب، في المدة المتبقية من فترة الانتقال، والتي لا تزيد على عام ونصف.
استمرت المناقشة من دون أن نصل إلى حل، وكنا يوم الثلاثاء، موعد اجتماع "المؤتمر المشترك"، واتصلوا بنا من قاعة "المؤتمر المشترك"، ليقولوا إن الاجتماع جاهز، وإن نجيب هنا، وذهبنا جميعاً إلى الاجتماع، فيما عدا عبد الناصر الذي كان، فيما يبدو، مرتبطاً بموعد في منزله، واتفقنا أن نلحق به إلى هناك، فور انتهاء الاجتماع.
وسارت الأمور في الاجتماع سيرها العادي، نوقشت موضوعات عادية، واتفقنا على العديد من القرارات.
 ونجيب يمارس مهامه، وكأنه لم يستقل.
أثار هذا الموضوع هواجس عديدة لديّ، فنجيب يقرر الاستقالة، لكنه فيما يبدو يقررها لمجرد الضغط، والزملاء يتحدثون لدى أي مشكلة، عن الاستقالة، من دون أن يستقيل أحد، أو يفكر جدياً في التنازل عن أقل قدر من السلطة، ومن ثم يرفضون أي تفكير في عودة الديمقراطية، والحياة النيابية.
وفرض الصمت الشامل نفسه عليّ؛ فلم أنطق بحرف واحد طوال الاجتماع، إذ أدركت أن البعض يخوض حرب أعصاب، ومناورات ضد البعض الآخر، والعكس.
 وأنه لا توجد اقتراحات بريئة أو خالية من الغرض أو من المصلحة الذاتية.
كانت كل أحداث الماضي تتلاحق أمامي وأنا جالس معهم، وبدأت ملامح موقف حاسم وعنيد ترتسم في ذهني، وازددت يقيناً أن المخرج الوحيد هو الديمقراطية وعودة الحياة النيابية. 
انتهى الاجتماع وأسرعنا إلى عبد الناصر في بيته، وبادر جمال ليقرر أن الحل الأفضـل هو أن نستقيل، وأن نترك السلطة لنجيب، وأن نعود جميعاً إلى الجيش.
وطبعاً لم يكن بالإمكان تصور أن مثل هذه الاستقالة جادة، فلا أحد يتصور أن نجيب كان سيسمح لأحد منا بالبقاء في الجيش، ولو ليوم واحد حتى يدبر ضده انقلابا، لكن الحسابات كانت أن الجماهير ستتحرك دفاعاً عن الثورة، وأن الجيش لن يقبل استقالتنا، وسيتحرك هو كذلك.
ولم يكن، ضمن الحسابات، أن نجيب كان حتى ذلك الحين، هو رمز الثورة، ورمز التغيير، عند الجماهير، صحيح أن الجماهير تؤيد مجلس الثورة، لكنها تلتف أكثر بكثير حول شخص نجيب.
 قررنا أن نعود لبيوتنا لننام قليلاً ولنعاود الاجتماع في الغد. 
اجتماع مجلس قيادة الثورة لنظر الاستقالة
اجتمع مجلس الثورة، يوم الأربعاء 24 فبراير، للنظر في هذه الاستقالة.
وانقسم الرأي إلى فريق، على رأسه جمال عبد الناصر، رأى قبول استقالة محمد نجيب.
وفريق آخر، مع جمال سالم، رأى إقالة محمد نجيب، وإعلان ذلك للشعب.
أما خالد محيي الدين، فقد اعترض على تنحية محمد نجيب، بأي شكل، لأن ذلك سوف يؤدي إلى تمرد في الجيش.
وكان خالد من مدة سابقة، وبوصفه ضابط مخابرات سلاح الفرسان، وفي غفلة من قيادة حسين الشافعي للسلاح قد أمكن أن يبث، في عقول الضباط، مناقشات عن الديمقراطية، وأن مجلس الثورة متجه نحو الديكتاتورية.
وتشبعت نفوس الضباط بالنفور من مجلس الثورة، والتفوا حول خالد محيي الدين، فلما ظهر الصراع، بين نجيب وباقي أعضاء المجلس، انضم خالد إلى جانب نجيب؛ لأن نجيب، منذ بداية الصراع مع مجلس الثورة، أخذ ينادي بالديمقراطية، وضرورة إبعاد الجيش عن الحكم، بينما كان، في بادئ الثورة، يهاجم الأحزاب. واستقر الرأي على قبول استقالة محمد نجيب (انظر ملحق أمر صادر من مجلس قيادة الثورة بقبول استقالة اللواء أركان حرب محمد نجيب وتعيين البكباشي أركان حرب جمال عبد الناصر حسين). 
يقول خالد محيي الدين:
عندما توجهنا إلى مبنى مجلس الثورة، كان هناك عدد كبير من "الضباط الأحرار"، الذين تسرب إليـهم نبأ اعتزام مجلس الثورة الاستقالة، أو ربما سُرب إليهم، عن عمد، لإثارتهم، لا أعرف على وجه الدقة، أقول "ربما" لأنني لا أريد أن أقحم التخمين في أحداث دقيقة كهذه، ولأنني لا أقرر هنا إلا ما أعرفه عن يقين.
المهم هناك عدد من الضباط الغاضبين الرافضين لاستقالة مجلس الثورة.
وتم الاتصال بأعضاء مجلس الثورة الوزراء لاستدعائهم على عجل، وتركوا مجلس الوزراء وحضروا.
كان محمد نجيب يمارس سلطاته كالمعتاد، فقد ترأس اجتماع مجلس الوزراء.
وقد أثار هذا دهشتنا وحيرتنا في آن واحد: فهو يرفض سحب الاستقالة، في حين بقي ممارساً لسلطاته.
وعقدنا اجتماعنا.
ويمكن القول بأن المناخ قد تغير، بعض الشيء في الاجتماع، فلعل بعض الزملاء، ومنهم عبد الناصر، قد أحسوا بأن الجيش معهم، فشعروا بحالة من الانتشاء، وبدوا أكثر استعداداً لمواجهة نجيب. لكن الوصول إلى اتفاق لم يكن سهلاً، وظلت الاقتراحات غير الناضجة تُطرح على مائدة النقاش، من دون أن يحظى أي منها بقبول عام، وهنا صاح جمال سالم محتداً: "أمامكم حتى الخامسة صباحاً لتصلوا إلى حل حاسم، فلا يجوز أن تستيقظ البلد على هذا الوضع، وإلا أفلت الزمام من أيدينا، وأنتم، منذ يومين، تدورون في حلقة مفرغة، تقولون نستقيل ثم ترجعون، ثم تعودون لفكرة الاستقالة لتتراجعوا عنها، إذا لم تصلوا إلى حل، أنا عندي حل".
وفجر جمال سالم الحل الذي توصل إليه ليفجر غضبي كما لم يتفجر من قبل، قال جمال سالم: "سأذهب إلى بيت محمد نجيب لأضربه بالرصاص، ثم أضرب نفسي".
انفجرت غاضباً: "هل ستصل الأمور إلى حد أن نقتل بعضنا بعضاً، عندما نختلف؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تقتلني، فأنا مختلف معكم كذلك؟ وثار البغدادي رافضاً الفكرة.
ولعل هذه المشاجرة كانت إيذاناً بأن يصل الاجتماع، الذي استمر طويلاً، إلى حل.
وأخيراً توصلوا إلى حل:
إعلان قبول استقالة محمد نجيب، ومد فترة الانتقال، وتبرير قبول الاستقالة بأن نجيب يريد أن يستحوذ على كل السلطات.
وكنت وحدي في الطرف الآخر، وأكدت للزملاء، أكثر من مرة، أن القول بأن محمد نجيب يريد أن يستحوذ على السلطات لا يقنع أحداً، وقلت لهم: أنتم ترفضون عودة الحياة النيابية، وقررتم حل الأحزاب، أي تريدون الاستحواذ على السلطة لأنفسكم، والجماهير ستفهم الأمر أنه صراع على السلطة، بين أطراف، كل منها يريد أن يحوزها لنفسه، وليس للشعب.
كذلك فإن هذه الحدة لن تقنع أحداً في الجيش الذي اعتاد رجاله على الخضوع التام للقيادة.
وكنت بطبيعة الحال كذلك، ضد مد فترة الانتقال.
لكن الزملاء صمموا على أن يصدر هذا القرار بالإجماع، وإزاء إلحاحهم قلت: سأعلن موافقتي، بشرط أن أستقيل من مجلس الثورة، وأكدت لهم أنني سأستقيل ولن أعود للجيش، وإنما سأشتغل بالسياسة.
ووافق الزملاء على ذلك، بشرط ألا أعلن استقالتي فوراً وإنما بعد فترة.
وهنا وافقت كذلك، مشترطاً ألا يُطلب مني أن أذهب إلى ضباط المدرعات "الفرسان"، لإقناعهم بما أعتقد، في قرارة نفسي، أنه خاطئ وضار.
في الصباح ذهب صلاح سالم إلى الإذاعة، ليعلن نبأ قبول استقالة نجيب، وليبرر الأمر، تبريرات أثارت سخرية الناس، فقد قال إن نجيب كان يلح على نشر صوره في الصحف، وعلى إذاعة خطبه في الإذاعة، وأنه كان يوقظ صلاح سالم، بصفته وزيراً للإرشاد من النوم، ليطلب إليه الأمر بإذاعة خطاب ألقاه.
وقال صلاح سالم، في بيانه، إنه إزاء تفاقم الخلافات، بينه وبين نجيب، ذهب بنفسه السجن الحربي، ووضع نفسه في السجن.
لم يقتنع الناس بكلمات صلاح سالم، فكيف يُحرم رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء وقائد الثورة، من إذاعة خطبه في الراديو، أو من نشر صوره في الصحف، أما موضوع أن صلاح سالم ذهب بنفسه إلى السجن الحربي ليسجن نفسه؛ فقد أثار لدى الناس تعليقات مليئة بالسخرية.
وفي 25 فبراير 1954، أذاع المجلس على المواطنين، بياناً بأسباب الخلاف، بين المجلس ومحمد نجيب، كالتالي:
"أيها المواطنون
"لم يكن هدف الثورة، التي حمل لواءها الجيش، يوم 23 يوليه 1952، أن يصل فرد، أو أفراد إلى حكم، أو سلطان، أو أن يحصل كائن، من كان، على مغنم، أو جاه، بل يشهد الله أن هذه الثورة ما قامت إلا لتمكين المثل العليا في البلاد، بعد أن افتقدتها طويلاً، نتيجة لعهود الفساد والانحلال. لقد قامت، في وجه الثورة، منذ اللحظة الأولى، عقبات قاسية، عولجت بحزم دون نظر إلى مصلحة خاصة لفرد أو جماعة، وبهذا توطدت أركانها، وأطرد تقدمها في سبيل بلوغ غاياتها.
"ولاشك أنكم تقدرون خطورة ما أقيم، في وجه الثورة، من صعاب، خاصة والبلاد ترزح، تحت احتلال المستعمر الغاصب، لجزء من أراضيها، وكانت مهمة مجلس قيادة الثورة، في خلال هذه الفترة، غاية في القسوة والخطورة، حمل أفراد المجلس تلك التبعة الملقاة على عاتقهم، ورائدهم الوصول بأمتنا العزيزة إلى بر الأمان، مهما كلفهم هذا من جهد وبذل.
ومما زاد، منذ اللحظة الأولى، في قسوة وخطورة هذه التبعة، الملقاة على أعضاء مجلس قيادة الثورة، أنهم كانوا قد قرروا، وقت تدبيرهم، وتحضيرهم للثورة في الخفاء، قبل قيامها، أن يقدموا للشعب قائداً للثورة، من غير أعضاء مجلس قيادتهم، وكلهم من الشبان، واختاروا فعلاً، فيما بينهم، اللواء أركان الحرب محمد نجيب ليقدم قائداً للثورة، وكان بعيداً عن صفوفهم، وهذا أمر طبيعي للتفاوت الكبير، بين رتبته ورتبهم، وسنه وسنهم، وكان رائدهم في هذا الاختيار سمعته الحسنة الطيبة، وعدم تلوثه بفساد قادة ذلك العهد.
وقد أُخطر سيادته بأمر ذلك الاختيار، قبل قيام الثورة بشهرين اثنين، ووافق على ذلك.
"وما أن علم سيادته بقيام الثورة، عن طريق مكالمة تليفونية بين وزير الحربية، في ذلك الوقت، السيد مرتضى المراغي وبينه، وفي منزله، حتى قام إلى مبنى قيادة الثورة، واجتمع برجالها، فور تسلمهم لزمام الأمور.
ومنذ تلك اللحظة، أصبح الموقف دقيقاً، إذ أن أعمال، ومناقشات مجلس قيادة الثورة استمرت، أكثر من شهر، بعيدة عن أن يشترك فيها اللواء محمد نجيب، إذ أنه، حتى ذلك الوقت، وعلى وجه التحديد، يوم 25 أغسطس 1952، لم يكن سيادته قد ضُم إلى أعضاء مجلس الثورة.
"وقد صدر قرار المجلس، في ذلك اليوم، بضمه لعضويته، كما صدر قرار بأن تُسند إليه رئاسة المجلس، بعد أن تنازل له عنها البكباشي أركان حرب جمال عبد الناصر، الذي جُدد انتخابه بواسطة المجلس قبل قيام الثورة، كرئيس للمجلس، لمدة عام ينتهي في آخر أكتوبر 1952.
"نتيجة لذلك الموقف الشاذ، ظل اللواء محمد نجيب يعاني أزمة نفسية، عانينا منها الكثير، على الرغم من قيامنا جميعاً بإظهاره للعالم أجمع، بمظهر الرئيس الفعلي، والقائد الحقيقي للثورة، ومجلسها، مع المحافظة على كافة مظاهر تلك القيادة.
وبعد أقل من ستة شهور، بدأ سيادته يطلب، بين وقت وآخر، من المجلس منحه سلطات، تفوق سلطة العضو العادي بالمجلس.
ولم يقبل المجلس، مطلقاً، أن يحيد عن لائحته، التي وضعت، قبل الثورة بسنين طويلة، إذ تقضي بمساواة كافة الأعضاء، بما فيهم الرئيس في السلطة، فقط إذا تساوت الأصوات عند أخذها، بين فريقين في المجلس، فترجح الكفة، التي يقف الرئيس بجانبها.
"ورغم تعيين سيادته رئيساً للجمهورية، مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء، ورئاسته للمؤتمر المشترك، إلا أنه لم ينفك يصر، ويطلب، بين وقت وآخر، أن تكون له اختصاصات تفوق اختصاصات المجلس، وكان إصرارنا على الرفض الكلي، لكي نكفل أقصى الضمانات، لتوزيع سلطة السيادة، في الدولة، على أعضاء المجلس مجتمعين."
وأخيراً تقدم سيادته بطلبات محددة وهي:
"أن تكون له سلطة حق الاعتراض على أي قرار، يُجمع عليه أعضاء المجلس، علماً بأن لائحة المجلس توجب إصدار أي قرار، يوافق عليه أغلبية الأعضاء.
كما طلب أن يباشر سلطة تعيين الوزراء، وعزلهم، وكذا سلطة الموافقة على ترقية وعزل الضباط وحتى تنقلاتهم، أي أنه طالب إجمالاً بسلطة فردية مطلقة.
ولقد حاولنا، بكافة الطرق الممكنة، طوال الشهور العشرة الماضية، أن نقنعه بالرجوع عن طلباته هذه، التي تعود بالبلاد إلى حكم الفرد المطلق، وهو ما لا يمكن نرضاه لثورتنا.
ولكننا عجزنا عن إقناعه، عجزاً تاماً، وتوالت اعتكافاته، بين وقت وآخر، حتى يجبرنا على الموافقة على طلباته هذه، إلى أن وضعنا منذ أيام ثلاثة، أمام أمر واقع، مقدِماً استقالته، وهو يعلم أن أي شقاق يحدث في المجلس، في مثل هذه الظروف، لا تؤمن عواقبه.
"أيها المواطنون
"لقد احتمل المجلس هذا الضغط المستمر، في وقت يجابهون فيه المشاكل القاسية التي تواجه البلاد، والتي ورثتها عن العهود البائدة. يحدث كل ذلك، والبلاد تكافح، كفاح المستميت، ضد مغتصب في مصر والسودان، وضد عدو غادر، يرابط على حدودها، مع خوضها معركة اقتصادية مريرة، وإصلاحاً لأداة الحكم، وزيادة الإنتاج، إلى آخر تلك المعارك، التي خاضتها الثورة، ووطدت أقدامها بقوة، في أكثر من ميدان، من ميادينها.
"واليوم قرر مجلس قيادة الثورة بالإجماع ما يلي:
أولاً: قبول الاستقالة المقدمة من اللواء أركان حرب محمد نجيب، من جميع الوظائف، التي يشغلها.
ثانياً: يستمر مجلس قيادة الثورة، بقيادة البكباشي أركان حرب، جمال عبد الناصر، في تولى كافة سلطاته الحالية، إلى أن تحقق الثورة أهم أهدافها، وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.
ثالثاً: تعيين البكباشي أركان حرب، جمال عبد الناصر، رئيساً لمجلس الوزراء.
"ونعود فنكرر أن هذه الثورة ستستمر حريصة على مثلها العليا، مهما أحاطت بها من عقبات وصعاب، والله كفيل برعايتها إنه نعم المولى ونعم النصير، والله ولى التوفيق".
ثم واصل مجلس قيادة الثورة اجتماعه، بعد إصدار هذا البيان، وظل منصب رئيس الجمهورية شاغراً.


جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
جمال عبد الناصر يُحَجِّم دور محمد نجيب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطاب تنحي الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة
» شيخ النقاد الرياضيين محمد نجيب المستكاوي..
»  رواية خالد محيي الدين عن عودة محمد نجيب
» الفصل الثامن: بعد الانقلاب وقبل تشكيل وزارة محمد نجيب
» من هو نجيب ساويرس؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: ثورة يوليو ١٩٥٢م :: ثورة 23 يولـيو 1952م-
انتقل الى: