الضباط الأحرار في الكتيبة الثالثة عشرة بنادق مشاة
انضم إلى الضباط الأحرار، ظهر يوم 22 يوليه 1952.
أحمد شوقي
قائمقام
صلاح محمد نصر
صاغ أ.ح
محمد صلاح الدين سعده
صاغ أ.ح
عمر محمد علي
يوزباشي
لم يكن من قوة ضباط الكتيبة، ولكنه انضم إليها.
محمد جمال الدين القاضي
يوزباشي
محمد نهاد منير
ملازم أول
سعيد عبدالعزيز حليم
ملازم أول
محمد علي كامل
ملازم أول
مصطفى أبو القاسم
ملازم أول
سيد عفيفي
ملازم أول
أحمد فؤاد عبدالحي
ملازم ثان
لم يكن من قوة ضباط الكتيبة، ولكنه انضم إليها، ليلة 22 يوليه عام 1952.
جمال حماد
صاغ
الضابط المسيحي الوحيد، الذي اشترك في الانقلاب.
واصف لطفي حنين
ملازم أول
رواية القائمقام أحمد شوقي بك:
يقول القائمقام أحمد شوقي: "إن مهمة الكتيبة، قيادته، كانت تتلخص في الخروج، في الساعة الواحدة صباحاً، لاحتلال مداخل قشلاق العباسية. وتشمل البوابة الغربية، بجوار كلية البوليس، والبوابة البحرية الرئيسية، عند العباسية، والبوابة الشرقية؛ خلف المدفعية، واحتلال رياسة الجيش، بكوبري القبة، وذلك بعمل كمائن، وكردونات، وسد المداخل، بمساعدة سرية مدافع ماكينة، ثم احتلال الإذاعة، بشارع علوي، وأبو زعبل، وتأمين سلاح الحدود، ومعتقل الكلية الحربية".
"وقد تم الاتفاق على أن نجتمع في قشلاق الكتيبة الساعة العاشرة والنصف مساءً وأن نذهب متفرقين وعلى أن نفهم العساكر بأن العملية ضد الإنجليز.
كنا جميعاً بالقشلاق حوالي الساعة العاشرة، وبدأنا بإيقاظ العساكر بطريقة مقبولة، وبدأت اللواري في الوصول لنقل الوحدات.
رواية الصاغ صلاح محمد نصر:
ويقول صلاح نصر، أركان حرب الكتيبة الثالثة عشرة، عن دور هذه الكتيبة، ليلة 23 يوليه عام 1952:
"حضر القائمقام أحمد شوقي وبصحبته الصاغ جمال حماد في عربة جيب حوالي العاشرة مساءً، ولم يمكثا سوى دقائق، وقال لي أحمد شوقي: أنت صاغ أركان حرب وشغلتك الحرب والعمليات..
وتركني واستقل عربته مع جمال حماد، ولم أر أحمد شوقي إلا في صباح اليوم التالي، حينما حضر محمد نجيب إلى الكتيبة يهنئها بنجاح الثورة، إذ كان يرافقه أحمد شوقي في عربته في موكب النصر الذي كان يمر على الوحدات.
كيف سنحرك الجنود؟ هل سنقول لهم إننا متمردون على الملك، والحكومة، وإننا ثائرون عليهم؟ بالطبع لن يطيعوا أوامرنا.
جمعنا الجنود، في هدوء، في سكون الليل. وأفهمناهم إن الإنجليز سوف يتحركون، من منطقة القناة، وإن الكتيبة سوف تقوم بواجب الدفاع.
وأفهمهم الضباط أن السرِّية تتطلب أن يستعدوا، في هدوء، حتى لا يحس بهم العدو.
وبسرعة فائقة، كان الجنود مستعدين للتحرك، وتوجه أحد الضباط إلى سرية النقل، وقابل اليوزباشي كمال الموجي، الذي سلمه العربات التي تنقل الجنود، بينما كان مركز تدريب المشاة يمدنا بالذخيرة.
وفي تمام منتصف الليل، كانت أول قوة تتحرك، بقيادة الصاغ صلاح سعده، متجهة إلى مبنى سلاح الحدود في كوبري القبة، تلتها باقي الوحدات، بفاصل زمني قصير، ولم تمر نصف ساعة، حتى كان جنود الكتيبة الثالثة عشرة قد وصلوا إلى أهدافهم، واستولوا عليها، في يسر، ولم يبق، في الكتيبة، سواي، ومعي أحد الضباط.
وكادت قوات الثورة تشتبك مع بعضها البعض، إذ تحرك البكباشي يوسف صديق، بقواته، من الهايكستب، ووصل إلى هدفه، قبل الموعد المتفق عليه.
وقابل جمال عبد الناصر، وعبد الحكيم عامر، عند منشية البكري، فتحركا معه إلى مبنى رئاسة الجيش.
وكان اليوزباشي عمر محمود علي، من الكتيبة الثالثة عشرة، قد وصل، في موعده، فوجد قوات يوسف صديق تقف، عند بوابة مبنى رئاسة الجيش.
وظن أنها قوات معادية، فأمر جنوده بتعمير بنادقهم، والاستعداد لإطلاق النار.
وأنقذ الموقف ظهور عبد الحكيم عامر، الذي يعرفه عمر محمود.
فانضمت القوتان لاقتحام المبنى.
وأمر عبد الحكيم عامر جندي الحراسة أن يفتح البوابة الحديدية للمبنى، ولكنه رفض؛ فأخرج عبد الحكيم طبنجته، وهدد الجندي بقتله، إذا لم يستجب للأمر، ولكن الجندي أصر على الرفض، وكاد يصرخ مستنجداً بالقوة المرابضة، داخل المبنى.
أصبح الموقف حرجاً، فأطلق عبد الحكيم النار على الجندي، وأرداه قتيلاً، واقتحمت القوات المبنى.
ولم تلق أي مقاومة.
واتجه الضباط إلى رئيس أركان حرب الجيش، في الدور الثاني، واعتقلوا الضباط الموجودين. وتوجهوا بهم، فرادى، إلى مبنى الكلية الحربية، المواجه لمبنى رئاسة الجيش، حيث تم التحفظ عليهم.
جاءني البكباشي حمدي عبيد، وهو من الضباط الأحرار، بعد أن خرجت سرايا الكتيبة الثالثة عشرة إلى أهدافها، وأخبرني أن اللواء رشدان محمد رشدان، قائد اللواء السابع مشاة، حضر إلى رئاسة اللواء، مع أركان حرب البكباشي محمد ذهني، وأنه بصدد استدعاء ضباط اللواء، من منازلهم، كي يضرب قوات الثورة.
وكان ابن اللواء رشدان ضابطاً، برتبة يوزباشي، ومنضماً إلى تنظيم الأحرار، وخرج معنا ليلة 23 يوليه.
وكان لابد من وقف تحرك اللواء رشدان، قررنا أن نقصيه عن مراده.
وحينما علم أن ابنه مشترك في التنظيم، عدل عن خطته، وتم التحفظ عليه، حتى الصباح.
وكان اليوزباشي جمال القاضي قد وصل إلى مبنى الإذاعة، واستطاع أن يسيطر عليها.
وما أن هل الفجر، حتى كانت الخطة قد نفذت بنجاح.
وكنا قد وضعنا، في خطتنا، احتمال لجوء الملك إلى القوات البريطانية، فقمنا بسد الطرق المؤدية إلى القاهرة، من منطقة القناة.
بعد أن علم فاروق بقيام الثورة، أرسل إلى الحكومة البريطانية، في لندن، برقية يطلب منها سرعة التدخل، كما اتصل بالقائد العام البريطاني، في منطقة القناة، يحثه على سرعة التحرك، واحتلال مدينة القاهرة، بالقوات البريطانية، وضرب الإسكندرية، بالبحرية البريطانية، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت إنجلترا، أنها لن تسمح بأي تدخل أجنبي، وأنها سوف تقاومه.
أسرع مجلس الثورة بالاتصال بالسفير الأمريكي، فأوفد علي صبري، الذي كان يرتبط بعلاقة عمل، مع الملحق الجوي الأمريكي، إلى السفارة الأمريكية، حيث قابله، وطلب منه أن يبلغ السفير الأمريكي أن حركة الجيش عمل مصري بحت وأن الحركة سوف تضمن أرواح الأجانب، وممتلكاتهم، وأن البريطانيين، لو تدخلوا، فعليهم أن يتحملوا مسؤولية الدماء التي ستراق.
وطلب أن يقوم السفير الأمريكي بتبليغ هذه الرسالة للبريطانيين.
رواية الصاغ جمال حماد:
يقول الصاغ جمال حماد، الذي انضم على الكتيبة الثالثة عشرة، ليلة الانقلاب، عن دور هذه الكتيبة في هذه الليلة:
على إثر الزيارة، التي قام بها جمال عبد الناصر، وعبد الحكيم عامر، وجمال حماد، لمنزل العقيد أحمد شوقي بمصر الجديدة، قبيل الحركة ببضع ساعات.
انتقل الجميع إلى منزل الرائد صلاح نصر، أركان حرب الكتيبة الثالثة عشرة، بشارع الدويدار بحدائق القبة، حيث كان من المقرر وصول زكريا محيي الدين، حوالي السادسة مساءً، لإلقاء أمر التعليمات، بالمهام، التي أوكلت إلى سرايا الكتيبة الثالثة عشرة، وفقاً للخطة الموضوعة.
بدأ الاجتماع وأتم زكريا محيي الدين تحديد الواجبات، التي خُصصت لسرايا الكتيبة، وفقاً للخطة الموضوعة، وانتهى الاجتماع، في السابعة مساءً.
وفي منيل الروضة، كان نحو عشرة من ضباط الكتيبة الثالثة عشرة مشاة، ينتظرون وصول المندوب الذي سيحمل لهم الأوامر التفصيلية، منذ السادسة مساءً، في شقة زميلهم الرائد صلاح سعد.
وكانت أولى المفاجآت عندما انفتح باب الصالون، الذي يجلسون فيه ليجدوا أمامهم النقيب عمر محمود علي، قائد السرية الرابعة، ومعه ثلاثة من ضباط الكتيبة الملازمين.
وكان سر المفاجأة أن أحد الضباط الثلاثة المرافقين له، كان الملازم أول واصف لطفي حنين.
وكان واصف ضابطاً مسيحياً، يخدم بالسرية، التي يقودها عمر محمود، ولم تكن له أية صلة بتنظيم الضباط الأحرار.
قابله عمر محمود في الأتوبيس وهو في طريقه إلى اجتماع ضباط الكتيبة الأحرار، في منيل الروضة.
ونظراً لما كان يتصف به هذا الضابط، من رجولة ووطنية، لذلك، لم يخف عليه عمر محمود وجهتهم، عندما بادره واصف بالسؤال عن ذلك، وأبلغه أنهم في طريقهم، لتلقي الأوامر الخاصة بقيام حركة تلك الليلة.
وفي شجاعة نادرة، ودون أدنى تردد، انضم واصف حنين إلى زملائه الأحرار، وقصد معهم إلى منزل صلاح سعده، حيث كانت المفاجأة، التي استقبلها زملاؤه، بالفرحة والثقة في النجاح. وأسهم واصف مع زملائه ضباط الكتيبة الثالثة عشرة، في الحركة، ونفذ الواجب، الذي أوكل إليه شخصياً، في تلك الليلة وهو الاستيلاء بفصيلته على بوابة معسكر العباسية، التي كانت تواجه كلية الشرطة، وقتئذٍ، وكانت المفاجأة الثانية بالنسبة لضباط الكتيبة الثالثة عشرة، حينما انفتح الباب، في حوالي الساعة الثامنة مساءً، ليروا أمامهم قائدهم العقيد أحمد شوقي، وأركان حرب الكتيبة صلاح نصر.
وكانت فرحتهم غامرة، حينما حضر معهم الاجتماع الرائد أركان حرب، جمال حماد أركان حرب سلاح المشاة؛ فقد ارتفعت روحهم المعنوية، وأدركوا أن الحركة التي سيشتركون فيها، مخططة ومرسومة على أعلى المستويات. وأدخل صلاح سعده الضباط الموجودين إلى قاعة الطعام، التي كانت تتوسطها مائدة طويلة، أشبه بموائد المؤتمرات؛ فجلسوا حولها واستمر المؤتمر منعقداً حتى الساعة التاسعة والنصف مساءً.
وتم توزيع المهام، وإصدار جميع الأوامر التفصيلية، واتفق على أن يتقابل الجميع في الحادية عشرة والنصف، في ميس الكتيبة الثالثة عشرة، بمعسكر دودج بالعباسية.
رواية الصاغ صلاح سعدة:
قام الزميلان صلاح نصر، وصلاح سعدة، بتجنيد أكبر عدد من الضباط الأحرار، استطاع أن يحرك الكتيبة، بكاملها ليلة 23 يوليه، لتكون القوة الوحيدة، تقريباً، من سلاح المشاة، التي شاركت في الثورة، وكان اعتماد الثوار، بعد المولى سبحانه وتعالى، عليها لتنفيذ المهام، التي أدت إلى نجاح الثورة.
وفي مساء 22 يوليه عام 1952، تم إلحاق ثلاثة من ضباط الكتيبة الثالثة عشرة مشاة، هم:
القائمقام (عقيد) أحمد شوقي، وكان قائد الكتيبة الثالثة عشرة مشاة، إلا أنه لم يكن من الضباط الأحرار، وانضم للتنظيم ليلة 23 يوليه فقط، وأُلحق على الكتيبة، والضابط الثاني، الذي ألحق على الكتيبة، هو الصاغ جمال حماد، وكان من الضباط الأحرار، برئاسة المشاة وألحق على الكتيبة في ليلة 23 يوليه، مع زميله أحمد شوقي، أما الضابط الثالث الذي ألحق على الكتيبة فكان اليوزباشي جمال القاضي من تنظيم الضباط الأحرار.
فما هو الدور الذي قامت به الكتيبة الثالثة عشرة، في أحداث ثورة يوليه؟ وكيف تم إعدادها ثوريا للقيام بدورها التاريخي، ليلة 23 يوليه؟.
في حوار مع أحمد حمروش، يجيب صلاح نصر، على سؤاله عن موقع أحمد شوقي، قائد الكتيبة الثالثة عشرة، قائلاً: أوضحت طريقة ضم أحمد شوقي للضباط الأحرار، قد حضر في العاشرة مساءً، إلى رئاسة الكتيبة في العباسية، مع الصاغ جمال حماد، "الذي ألحق من التنظيم على الكتيبة"، ثم استقل الاثنان سيارة جيب، في الحادية عشرة مساءً، ثم قال لي أحمد شوقي: إنت ضابط أركان حرب ويمكنك تحريك القوات. ثم اختفى، ولم أره، إلا في ظهر يوم 23 يوليه، مع محمد نجيب، عندما كان يمر على القوات التي قامت بالحركة.
شهادة جمال حماد:
تأتي بعد ذلك شهادة جمال حماد، الذي انضم للكتيبة، قبل قيام الثورة بساعات قليلة، أُلحق على الكتيبة الثالثة عشرة مشاة، المسؤولة عن تنفيذ الثورة، مع اثنين آخرين: القائمقام أحمد شوقي "عقيد"، قائد الكتيبة، واليوزباشي جمال القاضي، وأنهم التقوا بضباط الكتيبة الأحرار، للمرة الأولى مساء 22 يوليه عام 1952، بمنزل الصاغ صلاح سعدة بمنيل الروضة، وبعد انتهاء اجتماع الضباط الأحرار، ومَنْ ألحقوا عليهم تقرر أن يجتمعوا بعد ذلك بميس الكتيبة الثالثة عشرة، في تمام الساعة الثانية عشرة مساءً، للبدء في تنفيذ المهام، التي أوكلت إليهم.
فجمال حماد هنا شاهد مشارك الأحداث، رغم أنه في شهادته يميل إلى نفسه، وإلى محمد نجيب، بحكم عمله برئاسة المشاة، تحت قيادة محمد نجيب مدير السلاح.
كما كان يميل لصديقه أحمد شوقي.
قال جمال حماد، في رسالة بعث بها إلى "صلاح سعدة"، مرفقاً به صورته لنشرها بمجلة الكتيبة الثالثة عشرة، عنوانها: "مع الكتيبة الثالثة عشرة في معركة التحرير"، للبكباشي أركان حرب جمال الدين حماد، الملحق العسكري بالدول العربية".
قال: "كلما أقبل يوم 22 يوليه، من كل عام، سيذكر المصريون اليوم الخالد، الذي قامت فيه حركة الجيش المباركة، وانطلقت فيه مصر من أسارها لتخرج من الظلمات إلى النور، محطمة في طريقها صروح الظلم والطغيان، وعندما يذكر المصريون حركة الجيش، ينبغي ألا يغفلوا كتيبة التحرير، وضباطها وجنودها الأبطال، فإن الدور، الذي قامت به الكتيبة الثالثة عشرة، في يوم 23 يوليه، هو دور خالد في تاريخ مصر، ولا شك أن جانباً كبيراً، من نجاح حركة الجيش إنما يرتكز على وطنية أبناء هذه الكتيبة، وعلى الرغم من قصر المدة، التي خدمتها تحت لواء هذه الكتيبة في الأيام الأولى من حركة الجيش، إلا أن روعتها جعلتني أنسى كل خدمة سواها، وأحرص على الانتساب، إليها حرص الشحيح على ماله".
وجدير بالذكر أن المدة التي خدمها جمال حماد، تحت لواء هذه الكتيبة، لا تتعدى ساعات معدودة وليست أياماً، فقد التقى مع أحرار الكتيبة، بمنزل صلاح سعدة، حوالي الثامنة من مساء يوم 22 يوليه، ثم التقى معهم، في ميس الكتيبة في الساعة الثانية عشرة مساء اليوم نفسه، ثم تركهم في حوالي الساعة الواحدة، صباح يوم 23 يوليه. وهذه الساعات أهلته لأن يكون ضمن مجموعة ضباط الكتيبة، ثم بالأقدمية، يكون هو الرقم (1)، وصلاح نصر الرقم (2)، وصلاح سعدة الرقم (3)، وعمر محمود علي الرقم (4)، وهكذا إلى آخر الضباط الأحرار، وهو ما جاء بالقرار الجمهوري، الذي سجل الضباط الأحرار!.
ولم يكن مقبولاً، ولا معقولاً، لمن يسجل أسماء الضباط الأحرار، الذين قاموا بالثورة، إلا أن يضع الكتيبة الثالثة، عشرة مشاة، على رأس القائمة، فكيف لا يكون حرص جمال حماد على انتسابه للكتيبة حرص الشحيح على ماله؟!
ويمضى جمال حماد فيقول:
"وفي هذه الظروف الحرجة، وصلت الكتيبة الثالثة عشرة، من العريش إلى القاهرة، لتمكث فيها بعض الوقت، ريثما يتم تأهيلها للسفر إلى السودان، وكانت تضم مجموعة فذة من الضباط الأحرار، مما دعا قيادة الحركة، إلى الاعتماد على هذه الكتيبة بالذات، في تنفيذ معظم العبء، الذي سيقع على كاهل قوات المشاة.
وهكذا توجهنا جميعاً، بملابسنا المدنية، إلى منزل الصاغ صلاح سعدة، بمنيل الروضة، حيث كان باقي أفراد الكتيبة الثالثة عشرة، ينتظرون وصولنا، في الساعة الرابعة بعد الظهر، وكانوا في شدة القلق والوجوم، لتأخرنا!
ولم يكد يُفتح باب الشقة، حتى قوبلنا بالتهليل والعناق، وزادت بوصولنا حماساتهم وقويت روحهم المعنوية!
وأدخلنا الصاغ صلاح سعدة غرفة الطعام، التي كانت تتوسطها مائدة طويلة، أشبه بمائدة المؤتمرات، فجلسنا حولها في هيئة مؤتمر، استمر من الثامنة إلى التاسعة والنصف مساءً، تم فيه إعطاء جميع الأوامر التفصيلية.
وصار الاتفاق على أن يتقابل الجميع، في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف، في ميس الكتيبة الثالثة عشرة بمعسكر العباسية.
ولما انفض الاجتماع، ركبت مع القائمقام أحمد شوقي واليوزباشي جمال القاضي "الأصدقاء الثلاثة الذين ألحقوا على الكتيبة".
وسارت بنا عربة اليوزباشي جمال القاضي العتيدة، حتى اقتربنا من البوابة الرئيسية، بمعسكر العباسية، وشعرنا ونحن ننفذ منها بحرج شديد، خشية أن تكون هناك مكيدة غادرة أو كمين، وحين دخلنا إلى ميس الكتيبة، وجدنا باقي الضباط في انتظارنا! فجلسنا نسمر، ونأكل الشطائر بشهية مدهشة، ونشرب المثلجات ونستمع في سخرية إلى الإذاعة، وهي تذيع مراسم تشكيل الوزارة الجديدة، والبعض منا يلعب النرد، كل ذلك في هدوء وراحة بال نحسد عليها.
وفي الساعة الواحدة تماماً، تأهبت سرايا الكتيبة الثالثة عشرة للتحرك، وبدأت القوة المعينة لاحتلال مبنى رئاسة الجيش، والقوة الأخرى، التي عليها احتلال مدخل معسكرات العباسية، في المسير.
وفي هذا الوقت، وصل البكباشي زكريا محيي الدين، فحذرنا من أن بعض قادة الجيش يتجولون في المعسكرات.
وحمل إلينا نبأ أسر أول قائد، من رجال العهد القديم، وهو الأميرلاي حسن حشمت وقد أردنا الاطمئنان على سلامة الموقف! وعلى تنفيذ القوات للخطة تنفيذاً صحيحاً!!
فركب القائمقام أحمد شوقي عربة جيب، تولى قيادتها، وبجواره البكباشي زكريا محيي الدين، بينما جلست في المقعد الخلفي من السيارة أحمل مدفعاً رشاشاً".
وهكذا لم يتعد دور أحمد شوقي، وجمال حماد، مع الكتيبة الثالثة عشرة، مجرد حضور مؤتمر الأحرار، في منزل صلاح سعدة، في الساعة الثامنة من مساء يوم 22 يوليه، والحضور إلى ميس الكتيبة الثالثة عشرة، في الساعة الثانية عشرة، ومغادرتها حوالي الساعة الواحدة من صباح يوم 23 يوليه.
خطـة الثـورة:
ثم يتحدث جمال حماد عن خطة الثورة، وكيف تأهبت الأحداث لتنفيذها، قال:
"وكانت الخطة مسجلة، في ست صفحات فلوسكاب، ومكتوبة بخط عبد الحكيم عامر، ووُضعت عليها بعض التعديلات بخط زكريا محيي الدين، مع بعض الملاحظات بخط جمال عبد الناصر.
واقتصر الاجتماع على مناقشة المرحلة الأولى، من الخطة، والتي كانت تستهدف، في جملتها، السيطرة على القوات المسلحة، "احتلال مبنى رئاسة الجيش"، وكان تنفيذها يبدأ، من الساعة الواحدة صباحاً، بتحرك سرية مشاة، من الكتيبة الثالثة عشرة، من معسكر العباسية لاحتلال مبنى رئاسة الجيش بكوبري القبة.
وعُينت مقدمة كتيبة مدافع الماكينة الأولى المشاة، القادمة مع معسكر الهايكستب، لتكون قوة احتياطية، للمعاونة في تنفيذ هذا الواجب. وخُصصت سرية مشاة، من الكتيبة الثالثة عشرة، لاحتلال مبنى قيادة سلاح الحدود، الذي كان يرأسه اللواء حسين سري عامر، عميل السراي وخصم الضباط الأحرار اللدود.
ونظراً لتوقع حدوث مقاومة، من جنود سلاح الحدود، لذلك وضع تروب من الدبابات الشيرمان، في معاونة سرية الكتيبة الثالثة عشرة، مما أدى إلى تأجيل عملية الاستيلاء على المبنى، إلى أول ضوء يوم 23 يوليه، ليتيسر استخدام الدبابات".
ويستطرد جمال حماد:
"وكان احتلال دار الإذاعة، ومكاتبها بشارع الشريفين، وباستوديوهاتها بشارع علوي، موكولاً إلى فصيلة من الكتيبة الثالثة عشرة مشاة، بمعاونة تروب من السيارات المدرعة، من سلاح الفرسان".
يتبع إن شاء الله...