أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: تتمة الضرب الثالث وذكر مزيد من تطبيقاته العصرية السبت 01 ديسمبر 2012, 4:14 pm | |
| تتمة الضرب الثالث وذكر مزيد من تطبيقاته العصرية
ومن أمثلة المسائل والوقائع التي تستثنى من أحكام نظائرها أيضاً :
ما يفتي به بعض العلماء من منع المسلم من رعايا الدول الإسلامية من الزواج بالنساء الغربيات من أهل الكتاب ، إلا في حالات استثنائية ، مع أن الأصل جواز نكاح نساء أهل الكتاب ؛ وذلك لما يترتب على الزواج منهن اليوم من آثار لا تحمد عقباها على الزوج وذريته .
ومنها :
منع الأنظمة عندنا في المملكة العربية السعودية من زواج بعض أصحاب المناصب المهمة كأصحاب الوظائف العسكرية والأمنية ، بغير السعوديات ، مع أن الأصل حل زواج المسلمات من أي بلد وأي عرق ، ومع أن الأصل أيضا حل النساء المحصنات من أهل الكتاب من أي بلد وأي عرق .
ومنها :
تدخّل ولي الأمر في شؤون الأفراد في كل ظرف يغلب على الظنّ فوات مصلحة شرعية عامَّة بعدم التدخل فيه ، كمنع التدخل في أصل حق التملك ، في مسألة منع الاحتكار ، أو حق التصرف في السلعة بالبيع بالثمن المشروع في الأصل ، كما في الإلزام بالتسعير ، وهكذا التدخل بإجراءات توقف ضررا عاما في الناس .
ولعلَّ منها :
التدرج في تنفيذ ما يجب تنفيذه من تطبيقات الشريعة مما يعسر تطبيقه بجملته ، وذلك في ضوء قول الله عز وجل: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) [التغابن :16] .
وقد مرّ ذكر حال النجاشي رحمه الله في ذلك وما استنبطه العلماء من قصته .
ويلحق به كل مخلص من فرد أو جماعة ، قدر أن يعمل لهذا الدين بما يحقق مقاصده ولو بالتدرج ، دون تنازل عن الثوابت ، أو تهاون في الأصول ، أو عمل ما يعود على أصل تشريعي أو حكم شرعي بالبطلان .
وأمثلة هذا الضرب كثيرة ، بل يمكن القول - والله تعالى أعلم - :
إنَّ جلّ فروع أنواع الاستحسان بالاجتهاد ، مندرجة تحت هذا الضرب من المسائل ، وهو باب واسع خطير .
ومن هنا نلحظ أن أهل العلم ولا سيما الأوائل منهم ، لم يكونوا يقرِّرون أحكاماً عامّة في هذا الباب ، لكنهم يفتون في كل مسألة وواقعة منه وفق الظرف والحال وما يحتف بذلك من مؤثِّرات في الحكم .
وكذلك لم نجد العلماء الربانيين يأخذون من تلك الفتاوى والتصرفات الاستثنائية أحكاما نهائية عامّة ، فلم نر منهم من قال - مثلاً - إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد ألغى حدّ السرقة ! كما يزعم بعض تلاميذ المستشرقين وتلاميذ تلاميذهم في هذا العصر .
وعليه فإنَّ كل مسألة من المسائل الممثل بها هنا ، لا يؤخذ منها جواز تطبيقها من كل أحدٍ وفي كل ظرف ، بل لا بد من الرجوع إلى أهل العلم ، والصدور عنهم في تقرير المشروعية من عدمها في كل مسألة مماثلة بعينها .
وهذه الأمثلة تعود في طريقة استنباطها إلى أحد أسس السياسة الشرعية التي تستند إلى أسس أخرى ، فهي من مسائل ( الاستحسان ) ووجه الاستحسان فيها هو مستند المشروعية التي عدل بها عن نظائرها لكون وجه الاستثناء فيها أقوى من وجه إبقائها على حكم النظائر الأخرى .
هذا ما ما ناسب ذكره في هذه الحلقة .
وفي الحلقة القادمة سيكون الحديث إن شاء الله تعالى عن النوع الثالث، وهو:
أحكام وقائع أو إجراءاتٍ وأمور إدارية، لم يوقف لها على دليل جزئيِ خاصِ، من نصٍّ أو إجماع أو قياس.
|
|