منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers (إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..) |
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)
(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
|
|
| الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| | | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. السبت 09 يونيو 2012, 12:06 am | |
| ولذلك أحب أن أنبه في هذه القضية العقدية المحورية أن هناك الآن في العالم ثلاث فلسفات كبرى: الأولى: الشيوعية وهم ينفون وجود الله خالقا أو آمرا ، وأول مادة من دستور الاتحاد السوفيتي في الفترة من 23/10/1917م حتى 26/12/1992م، هي "لا إله والحياة مادة"، ولقد وجد لهذه الدعوة أنصار وحواريون، ولا يزالون يحملون اسم الإسلام شكلا بلا مضمون، ومبنى بلا معنى.
الثانية: هي العلمانية، وفي جوهرها لا تمانع أن تؤمن بأن الله خالق الكون لكن الأمر للناس في الأحكام والتشريعات والقوانين، واللوائح في كل أمور الحياة، فإذا أحلّوا الزنا والربا والخمور والسفور و.. فهذا من حكم الشعب للشعب لأن المنطق يقوم على: "دع ما لله لله، وما لقيصر لقيصر" فالعلاقة مع الله أنه الخالق علاقة فردية ونحن نأمر ونصرف حياتنا كما نريد .
وهذه لها أنصار أكثر الآن في ديار الإسلام، وكثير منهم لا يدري أن هذا ربما يخرجه من الملة أن يعتقد أن الله له الخلق دون الأمر وأن الدين يحتاج إلى تحديث وتطوير وفقا للمفاهيم الغربية الوافدة.
الثالثة: العقيدة الإسلامية التي توجب الجمع بين الأمرين "الخلق والأمر" كما قال تعالى: " أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" [الأعراف: 54]، وهي تتوافق مع الفطرة السليمة والعقول الصحيحة، أن من ابتكر أو اخترع شيئا يكون له حق وضع النظام الذي نتعامل به مع هذا الاختراع، كذلك الكون والإنسان له خالق واحد، وهو صاحب الحق في الأمر والنهي، وهذا وحده الحق الذي غيره الباطل.
لا بد لنا إذن أن نتأسى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في الوقوف بحزم أمام الإغواء بالتعايش في وئام وسلام، إذا تنازل كل منا عن جزء من دينه، ولا مانع أن يجرب كلُ ما عند الآخر في الوقت الذي ينادي فيه القرآن علينا " وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [المائدة: 49- 50].
3. الإغواء بالمال والنساء والجاه: أورد ابن هشام في السيرة النبوية {1/294} أن عتبة بن ربيعة كان سيداً حليماً قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس وحده في المسجد: يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه أموراً لعله أن يقبل بعضها فنعطه أيها شاء ويكُفُّ عنا، وذلك حين أسلم حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، ورأوا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيدون ويكثرون؟ فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم فكلمه، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السلطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك أن تقبل منها بعضها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قل يا أبا الوليد أسمع"، فقال يا ابن أخي: إن كنت إنما تريد بما جئت من هذا القول مالاً جمعنا من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تريد شرفاً شرفناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه ولا تستطيع أن تردَّه عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه، ولعل هذا الذي تأتي به شعر جاش به صدرك، فإنكم لعمري يا بني عبد المطلب تقدرون منه على ما لا يقدر عليه أحد، حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستمع منه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أفرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاستمع مني، قال: أفعل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.. حم. تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً" [فصلت: 1 -3]
فمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها عليه، فلما سمعها عتبة أنصت له، وألقى بيده خلف ظهره معتمداً عليها يستمع منه حتى انتهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السجدة فسجد فيها، ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك، فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال: ورائي، إني والله قد سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، خلُّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فوالله ليكوننّ لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصيبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزُّه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، فقال: هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم.
في هذه الرواية وغيرها عرض سخي للنبي -صلى الله عليه وسلم- من مشركي قريش أن يدع دعوته مقابل ما يلي:- أ. أن يجمعوا له مالا حتى يكون أغنى أهل قريش مالا. ب. أن يجعلوه ملكا مطاعا فيهم، فلا يصدرون في أمر دونه. ج. أن يزوجوه أجمل النساء، ولو بلغن عشرا. د. أن يوفروا له رعاية صحية نادرة ومتميزة.
هذه العروض كلها مقابل شيء واحد، أن يكف عن الدعوة إلى توحيد الله وإنكار حق أي شخص أو جهة أو هيئة في التشريع والحكم والقضاء دون الله تعالى، لقوله تعالى:" فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً" [النساء : 65].
وقد استمع النبي -صلى الله عليه وسلم- جيدا إلى عرض ممثل قريش "عتبة بن ربيعة" وقال له: أوَ قد فرغت يا أبا الوليد؟، فقال: نعم، فلم يرد عليه بكلام من عنده، بل بآيات من سورة فصلت في حسمها الأمر، وقطعها الطريق على كل التنازلات التي يُساوم عليها الضعفاء، خاصة عندما تكون الإغراءات بهذه الكثرة والتنوع مال ونساء ، وملك وجاه، ورعاية وعناية وحفاوة، آنئذ قد ينسى بعض الدعاة أن موقفهم بين يدي الله في السحر في صلاة ركعتين أغنى من أهل الأرض جميعا، وأن صوماً في يوم قائظ خير من الدنيا وما عليها، وأن عفواً عن مقدرة هو العز والشرف، وإحساناً لمن أساء هو الرفعة والكرامة، والترفع عن السفاسف والمكروهات والتزام المكارم والمروءات هو الجاه والعزة، هكذا فعل نبينا -صلى الله عليه وسلم- فكان مكانه عند الله تعالى أول العابدين، وسيد الأولين والآخرين، ورفعة فوق مستوى الملائكة أجمعين والأنبياء والمرسلين لتكون رحلة الإسراء والمعراج معلما على العز والسؤدد والنور والكرامة عند رب العالمين.
4. الإغواء بفنون الرقص والغناء: كنتُ صغيرا أحسب أن فتنة الإغواء بالراقصات والمغنيات، والمعازف والسهرات هي من الفنون الجديدة والأساليب المحدثة في إغواء الشباب والفتيات عن الحق الأبلج، لكني وجدت أن هذا أسلوب قديم فتجدد على أيدي العابثين.
وفي هذا يروى ابن الجوزي والشوكاني وابن كثير وغيرهم أن سبب نزول قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ" [لقمان: 6] في النضر بن الحارث بن علقمة وكان تاجرا إلى فارس والحيرة، فكان يشتري أخبار الأعاجم والملوك وأحاديث رستم وأسفنديار والأكاسرة، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان قد اشترى مُغنِّية، فما سمع بأحدٍ يريد الإسلام إلا أخذ مُغنِّيته وذهب إليه فيقول: أطعميه واسقيه وغنِّيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد.
لقد صبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه على هذا الإغواء، وذلك الإغراء، وتجنَّبوا هذه المجالس من السكر والعربدة والرقص والغناء، وتفرّغوا للقيام بالقرآن والدعوة والدعاء فكان من نصيبهم هذه المنزلة لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولأصحابه وأتباعه "واسجد واقترب" فسما النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بأرواحهم فوق العرش، وظل هؤلاء في غيهم في اللهو والفجور.
هذه الأساليب تتكرراليوم بذاتها، لكنها لم تعد فردا مثل النضر، بل صارت دولا وهيئات ومنظمات أدركت أن الصحوة الإسلامية في شباب الأمة وفتياتها، ورجالها ونسائها لا بد لها من صارف كبير، وصادٍ عن سبيل الله في هوى الغناء، والرقص، والخمر والنساء، والزنا والبغاء، ففتحت البارات والخمارات وأقيمت الحفلات واستخدمت المعازف والمغنيات، وتفنَّنوا في أنواع الرقصات لإلهاء هذا الجيل عن عبادة رب الأرض والسموات، وهي فتنة أصابت الأسرة في مقتل ، فكم صرفت أزواجاً عن زوجاتهم إلى الحرام، وصرفت زوجاتٍ عن أزواجهن ، وكم سلبت عقول الأبناء و البنات عن العلم و التقى و العفاف إلى دركات الهوى والإسفاف!
وكم ألقت من الصالحين في براثن الشياطين، وصار ضغط هذا الإعلام الفاسد المفسد في كل بيت مثل تلوث البيئة سواء بسواء.
ونحتاج إلى قوة إيمانية عالية تجعل المسلم والمسلمة في أشواق روحية، وشفافية أخلاقية يستنكف معها أن يكون أحبولة للشيطان، ومستنقعا للرذيلة، ومرتعاً للفسوق والعصيان بل عباد للرحمن، صوّامون بالنهار، قوامون بالليل، ذاكرون الله كثيرا بالليل والنهار، أجسادهم في الأرض وأرواحهم في السماء، أخلاقهم عبير من هدي النبوة الصافي، ترتقي بهم دائما إلى المعالي.
ثانيا: الصبر الجميل في مواجهة فتنة الإيذاء: لا شك أن الصبر في هذا الميدان يحتاج إلى قوة إيمانية عالية، وإلى تمرس على الصبر لقوله تعالى: "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" [البقرة : 45 -46] ، وقد كانت رحلة الإسراء والمعراج مكافأة ربانية رفيعة القدر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أرقى جولة بين المقدسات، وبين الأرض والسموات والملأ الأعلى حول عرش رب العزة سبحانه وتعالى.
أ. الصبر على كبت الحريات في عبادة الرحمن، والانفلات في الكفر والفسوق والعصيان. يصاب الإنسان بأسىً شديد عندما يكون حول الكعبة 360 صنما يُعبد من دون الله عز وجل، ويسمح بالطواف للعرايا رجالا، بل حتى النساء، وتنشد شعرا كما أورده البخاري في صحيحه والطبري في تفسيره تقول فيه:-
اليوم يبدو كله أو بعضه فما يبدو منــــه فلا أحله
وأمام الكعبة بيوت للدعارة عليها رايات حمراء لا ترد المرأة رجلا يدخل عليها، وحانات للخمور من بلاد شتى، وأشعار تتغنى بهذه الألوان من الفجور، ومن بين هذا كله لا يؤذن للمسلمين الجدد أن يُصلُّوا لله تعالى وفق دينهم الجديد، ولا أن يقرأوا القرآن حول الكعبة وفي ذلك يروي ابن هشام في سيرته أن سبب اتخاذ دار الأرقم بن أبي الأرقم مقرا لقيادة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان بعد المواجهة الأولى التي برز فيها سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال ابن إسحاق: وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلوا ذهبوا في الشعاب، فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينما سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شعب من شعاب مكة إذ ظهر عليه نفر من المشركين وهم يصلون، فناكروهم، وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلاً من المشركين بلحي بعير فشجَّه، فكان أول دم أريق في الإسلام.
أصبحت دار الأرقم السرية مركزاً جديداً للدعوة يتجمع فيه المسلمون، ويتلقون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل جديد الوحي، ويستمعون له وهو يذكرهم بالله، ويتلو عليهم القرآن، ويضعون بين يديه كل ما في نفوسهم وواقعهم فيربيهم -صلى الله عليه وسلم- على عينه كما تربّى هو على عين الله عز وجل وأصبح هذا الجمع هو قرة عين النبي -صلى الله عليه وسلم-. {السيرة النبوية، ص 125 ، 126}
هذه عين الحكمة ألا يصادموا التيار العام، وإنما يتخذون من الوسائل التي تنزع فتيل الشقاق والخلاف، والنزاع والصدام، فتخفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يبدأ دعوته الراشدة بالصدام مع ذوي الهوى، والنزاع مع ذوي السلطة، وكانت هذه الدار لتربية الأفذاذ من الرجال والنساء، الشباب والفتيات، على نسمات الوحي، وصلوات السحر، وأنوار الذكر، وأنهار الفكر في هذا الكون الذي يعبر عن قوة خالقه، وإحكام مسيّره، وإبداع مالكه سبحانه وتعالى.
لكن أصحاب الحق يحتاجون في ذلك إلى صبر شديد، حيث يؤرق القلب والعقل والوجدان أن يتاح في مكة وبيت الله الحرام كل ألوان الكفر والفسوق والعصيان، ولا يتاح لعباد الرحمن أن تكون لهم صلوات حول الكعبة أو قراءة للقرآن، وإذا أردنا أن نعرف الفرق بين حرية الكفر وحرية أهل الإيمان فلنتوقف بإمعان وتدبر أمام هاتين القضيتين :-
أ- ما رواه الإمام النسائي من سيرة عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه لما قرأ عند الكعبة سورة الرحمن أوسعوه ضربا حتى كادوا يقتلونه لمجرد تلاوته لآيات من القرآن، وهو لا يحمل معها سيفا ولا رمحا {فضائل الصحابة، للنسائي، (2/837)}.
ب- ما رواه البخاري عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، عن إسلام أبي ذر -رضي الله عنه- أنه وصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصعوبة، وبفراسة من الإمام الألمعي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وسار معه في وضع خفي، ولما أعلن إسلامه أمام أهل قريش هجموا عليه وضربوه ضربا مبرحا حتى نجا من الموت بمساعدة العباس بن عبد المطلب، حيث خوفهم على تجارتهم من بني غفار. {صحيح البخاري، باب قصة زمزم، (7 /239)، برقم 3446}.
فهذه الأجواء التي تسمح بكل هذه الألوان من الفجور، لا تسمح لوافد إلى مكة أن يعرف حقيقة هذا الدين، ولولا هذا الذكاء الحاد، والحس المرهف من الإمام على -رضي الله عنه- لعاد أبو ذر -رضي الله عنه- مثل أخيه لا يجد ما يشفي غليله عن هذا الدين الجديد، وما إن أسلم حتى أعلن إسلامه على الملأ فقاموا يضربونه ضربا مبرحا لمجرد أن يوجد بين هذه الآلاف الساجدين للأصنام رجل يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولم يحمل سيفا، ولم يؤذ أحداً، ولكن كان هذا سببا كافيا في ضربه وإيذائه حتى كادوا يقتلونه لولا حماية العباس -رضي الله عنه- له وانكفاؤه عليه، وتخويفهم من بني غفار على طريق تجارتهم أن يثأروا لابن عشيرتهم أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-.
من يقرأ السيرة بعناية يستطيع أن يفهم كثيرا مما يجري الآن من حرب إعلامية منظمة مدروسة في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وهذا ما يجعلني أؤكد أنه القديم المتجدد، فالأساليب هي هي, والطرائق هي هي، والحقد الدفين هو هو، والتشويه المتعمد رغم علمهم بالحق هو هو، ولعل من البصيرة أن نفهم ما يجري الآن في ضوء ما رواه ابن إسحاق في السير والمغازي أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش، وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسم فقال لهم: يا معشر قريش، إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد ُّقولكم بعضه بعضا؛ قالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، فقلْ وأقمْ لنا رأيا نقول به ؛ قال : بل أنتم فقولوا أسمعْ ؛ قالوا : نقول كاهن ؛ قال : لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ؛ قالوا : فنقول : مجنون ؛ قال : ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ، ولا تخالجه، ولا وسوسته؛ قالوا: فنقول: شاعر؛ قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ؛ قالوا : فنقول : ساحر ؛ قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ؛ قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عُرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته .فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره. { سيرة ابن هشام ، ص 239، 240}.
فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة قوله تعالى :" إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ" [المدّثر: 18 - 27].
في هذه القصة يبدو ما يلي:- أ- هناك اجتماعات ومشاورات في أساليب التشويه الإعلامي . ب- هناك إقرار واعتراف بصحة القرآن وعلو منزلته ، واستحالة بشريته . ج- هناك إصرار على الكذب وتعاهد على نشره والتأكيد عليه حتى يصير كأنه حقيقة . د- هناك استعدادات قبل المواسم التي يجتمع فيها الناس للحج ، مثل الاستعداد الإعلامي قبل رمضان بألوان من الفنون الهابطة لصرف الناس عن شعائر دينهم، وتلطيخ قلوبهم بأدران الفسوق حتى لا يسلم أحد من هذا التشويه الإعلامي.
مع أن هذا التشويه لم يصمد ، أمام نور الحق ، وقوة القرآن في نفوس العقلاء من بني الإنسان وإليك بعض هذه القصص التي تجعل الدعاة الصادقين لا يخشون هذه الحملات الإعلامية ، بل يتقدمون بالحق في حكمة وقوة وأمل فسيجدون استجابة عالية مثل هاتين القصتين : 1. ما رواه ابن حجر في الإصابة {2/72}عن قصة إسلام الحصين والد عمران رضي الله عنهما أن قريشا حذرت الحصين وشوهت صورة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورسالته ، بل أوفدته كي يكلمه أن يدع ما جاء به ، فاستمع إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وخاطبه بلغة الوحي والعقل فأسلم الحصين .
ما رواه البخاري من قصة إسلام الطفيل بن عمرو بالغ مشركو قريش في التشويه الإعلامي والتحذير من أن يسمع الطفيل من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووضع القطن في أذنه حتى لا يسمع ولو عَرضاً ، لكنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحِجر يتلو القرآن، فجلس واستمع فأسلم على الفور وأتى بعد ذلك بقبيلته كلها مسلمين. يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 فبراير 2020, 7:35 am عدل 2 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. السبت 09 يونيو 2012, 12:15 am | |
| هاتان القصتان تبينان الأثر العكسي الذي ينتجه التشويه الإعلامي، من حب استطلاع لدى كل ذكي ألمعي عندما يجد بين طيات الكلام فجوات عقلية، ومسافات غير منطقية، فيسترعي انتباهه، ثم يأتي إلى الحقيقة بنفسه يتعلمها يفهمها، ولذا كانت أكبر حملة ضد الإسلام في الشرق والغرب بعد أحداث سبتمبر سببا في الإقبال الشديد على الإسلام من عقلاء الأمريكان والأوربيين بعد أحداث سبتمبر 2001، واعترفت الصحافة الأمريكية ومراكز الأبحاث، والتحليلات السياسية أن أكبر فترة دخل فيها الأمريكان الإسلام هي ما بعد أحداث سبتمبر 2001، وهذا مما يضاعف الأمل في قوله تعالى: "كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ"[الرعد: 17].
الدرس التربوي هنا هو الأمل الدائم أن الله ناصرٌ دينه، وخاذل أعداءه ، والدرس الدعوي أن نبادر في نشر الدعوة، والحوار مع الغير، والحضور الإسلامي في تجمعات الناس، والتقدم إليهم برسالة الإسلام في هدوء وحكمة مثلما كان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في حواره مع الحصين وطفيل بن عمرو، وحوار الإمام علي مع أبي ذر -رضي الله عنه-، كان هذا سببا ليس في إسلام هؤلاء فقط، بل كلٌ أتي بقومه، بل دعا جيرانهم من قبائل مجاورة، فكان سببا في فتح كبير للإسلام.
لقد تحمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكثير من أذى قومه بصبر جميل وعزم طويل، استمر سنوات والرسول يحتشد وأصحابه لعظائم الأمور، ويستحثهم على مواجهة نزق الكافرين، وظلم المتكبرين بمزيد من الصبر الجميل ويناديهم القرآن في: 1. قال تعالى: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُوم"ُ [الطور : 48]. 2. وقال تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ" [السجدة : 24].
والروايات كثيرة في أنواع الأذى للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك مايلي:- 1. ما رواه البخاري بسنده عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال:" بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَلا تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلانٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلاهَا فَيَجِيءُ بِهِ ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَثَبَتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَاجِدًا فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنْ الضَّحِكِ فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلاةَ: " قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ" ثُمَّ سَمَّى "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً"{ فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، كتاب الصلاة (2 / 179)}.
2. ما رواه الترمذي بسنده عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " لَقَدْ أُخِفْتُ في الله وَمَا يَخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ في الله وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاَثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَالِي وَلِبِلاَلٍ طَعَامٌ يَأْكُلُه ذُو كَبِدٍ إِلاَّ شَيْءٌ يُوَارِيه إِبْطُ بِلاَلٍ».
قال أبو عِيسَى: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. { سنن الترمذي، (7/ 185) ، برقم 2521}.
3. ما أورده ابن هشام أن أمية بن خلف عدو الله كان يعنف في وجه النبي-صلى الله عليه وسلم-.
4. ما أورده ابن الأثير في أسد الغابة أن أم مصعب بن عمير حبسته وأجاعته ثم طردته لما أصر على إسلامه.
5. ما أورده ابن حجر في الإصابة أن صهيب الرومي كان يُضرب حتى يفقد وعيه .
6. وما أورده ابن سعد في الطبقات أن أمية بن خلف كان يربط بلالا في حبل ويأمر الصبيان أن يطوفوا به في الجبال ، ويطرحه في الصحراء ويضع عليه صخرة كبيرة مع الحر الشديد، ويجيعه فما صرفه ذلك عن دين الله تعالى .
7. أورد ابن الأثير في أسد الغابة أن مشركي قريش كانوا يجرّون خباب بن الأرت من شعره على الأرض ، ويلوون عنقه، ويلقونه في النار .
8. ما أورده ابن هشام أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ـ قبل إسلامه ـ كان يضرب جارية لبني موئل ولا يتركها إلا ملالة من كثرة ضربها، وكان مشركو قريش يعذبون زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس، حتى إن إحداهن ـ ولعلها زنيرة ـ قد عميت من كثرة تعذيبها.
9. ما رواه ابن هشام والعامري أن بني مخزوم كانوا يشتدون في تعذيب عمار وأبيه ياسر وأمه سمية -رضي الله عنهم-، فيخرجونهم إذا حميت الظهيرة فيعذبونهم في رمضاء مكة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يواسيهم، بقوله: "صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة"، وظل التعذيب حتى طعن أبو جهل سمية بحربته في قبلها، فكانت أول شهيدة في الإسلام.
ومع هذا البلاء الشديد، والجرح الغائر، والملاحقة المستمرة، والتضييق الدائم إلا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث الأمل في أصحابه أن يغير الله تعالى من هذه المحن لتكون منحا ربانية وفي ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في ظل الكعبة متوسداً بردة له، فقلنا يا رسول الله، ادع الله تبارك وتعالى لنا واستنصره، قال: فاحمر لونه أو تغير فقال: «لقد كان من كان قبلكم، يحفر له حفرة ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق ما يصرفه عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظم من لحم أو عصب ما يصرفه عن دينه، وليتمن الله تبارك وتعالى هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله تعالى والذئب على غنمه، ولكنكم تعجلون» {مسند الإمام أحمد، حديث خباب بن الأرت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، (6 /125)}.
فهذا درس في الأمل يجب أن يبثه دائما الخطباء والأئمة والمدرسون والآباء والأمهات فضلا عن قادة الأمة الإسلامية في جميع مواقفهم، لكن هناك بشارة أخرى يجب أن يعلمها المسلمون أن كل من آذى مسلما، أو منع داعية إلى خير، أو ظلم بريئا فإن انتقام الله تعالى يلاحقه في الدنيا قبل الآخرة،
ومن ذلك ما يلي:- أ- أورد الذهبي بسنده أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسند صحيح في السيرة النبوية {ص 143} والبيهقي في الدلائل {2/316} من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ" [الحجر : 95]، قال: المستهزئون هم: الوليد ابن المغيرة وقد أصيب بالنبال فمات، والأسود بن عبد يغوث الزهري وأصابه العمى، وأبو زمعة الأسود بن عبد العزى مرض بقروح في رأسه فمات بها، والحارث بن عطيل السهمي أصيب بمرض الصفراء حتى خرجت فضلاته من فمه ومات بها، والعاص بن وائل وقع على شوكة فمات بها. {صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي، (ص114)}.
1. ما رواه البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا على قريش ثم سمى: «اللهمَّ عليكَ بأبي جَهل، وعليكَ بعُتبةَ بن رَبيعةَ، وشَيبةَ بنِ ربيعةَ، والوَليدِ بن عُتبةَ، وأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ، وعُقبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ» وعدَّ السَابعَ فلم نحفَظْهُ.
قال: فوَالذي نفسي بِيدهِ، لقد رأيتُ الذينَ عَدَّ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَرعى في القَليبِ، قَليبِ بَدْر. {صحيح البخاري، باب إذا القي على ظهر مصلي قذر، (1/464 ، 241)}.
2. ما أخرجه البخاري في تفسير سورة الدخان، ومسلم في كتاب صفات المنافقين باب الدخان بسندهما عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: عن مَسروقٍ قال: «قال عبدُ الله: إنما كان هذا لأنَّ قُريشاً لما استعصَوا على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- دَعا عليهم بِسِنين كسِنِي يوسفَ، فأصابهم قَحطٌ وجهدٌ حتى أكلوا العظامَ، فجعلَ الرجلُ يَنظُرُ إلى السماءِ فيَرى ما بَينَهُ وبينها كهيئةِ الدُّخانِ منَ الجهد.
فأنزَلَ الَّلهُ عزَّ وجلَّ: " فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ، يغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ "[الدخان : 10 -11] ".
هذه أمثلة لا تفيد الحصر تشفي صدور قوم مؤمنين أن الله تعالى لا يدع ظالما، ولكن يمهله حتى إذا أخذه لم يفلته، فما بقى واحد ممن عذّب المسلمين إلا كانت عاقبته سوء في الدنيا مرضا وضنكا وقتلا، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون، أما الذين عُذِّبوا فقد صاروا علماء الأمة، وقادة الجيوش، وسادة الناس، وتحركوا في الأمصار يدعون إلى الله وينشرون الخير، وأفاض الله عليهم بالمال والجاه والذكر الحسن عبر تاريخ الأمة كلها، وهذه عِبرٌ لفريقين:-
أ. فريق الكارهين للإسلام المحاربين للدعاة، المطاردين للصالحين والصالحات، أن لله تعالى فيهم قانونا نافذا، وحكما قاطعا يبدو جليا في قوله تعالى: "وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً" [الفرقان: 19].
ب. فريق الدعاة الصادقين أن يصبروا صبرا جميلا، ولا ينتقموا لأنفسهم، وأن يَدَعُوا الأمر لله تعالى وسوف يمكّن لهم وفق وعده تعالى كما قال سبحانه: " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ" [القصص: 5 - 6].
هذه الوسيلة التي صارت من السيوف المسلطة على رقاب الشعوب والدول الآن إذا لم تخضع للمارد الغربي، ولم تنزل على شروط الإذلال العالمي، فإن سيف المقاطعة الاقتصادية يسلط عليهم، هذه هي الوسيلة نفسها التي استعملها المشركون قديما، ولا يزالون مصرين عليها حديثا، وإذا رجعنا إلى هذه الأحلاف الجاهلية، والمعاهدات الشركية فسنجدها هي هي الآن في عالم لا يعرف الرحمة بالضعفاء من الشيب والأطفال والنساء، وتعاقب مجتمعات بأسرها كما حدث في هذه الفترة التي دامت ثلاث سنوات وفيها يروي البخاري أنه لما زادت حيرة المشركين إذ نفدت بهم الحيل، ووجدوا بني هاشم وبني المطلب مصممين على حفظ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- والقيام دونه، كائنًا ما كان، فاجتمعوا وتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقـتل، وكتـبوا بذلك صحيـفـة فيها عهود ومواثيق (ألا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل).
قال ابن القيم: يقال: كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم، ويقال: نضر بن الحارث، والصحيح أنه بَغِيض بن عامر بن هاشم، فدعا عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَشُلَّتْ يده. {الرحيق المختوم، ص131}.
لقد أظهرت هذه المقاطعة مروءة عالية من بني هاشم وبني عبدالمطلب حيث انضموا إلى المسلمين رغم شركهم حمية ورجولة وظل هذا الحصار الذي أنهك الصغار والكبار لمدة ثلاث سنوات حتى كانوا يصرخون من شدة الجوع، وأكلوا أوراق الشجر وجلود المواشي، حتى قيض الله لها رجالا من غير المسلمين أيضا هم هشام بن عمرو، والمطعم بن عدي، وأبو البحتري ابن هشام، وزمعة بن الأسود بن عبدالمطلب وزهير بن أبي أمية المخزومي وتعاهدوا على نقض هذا الحصار، فكان الفرج من الله على أيدي المشركين، بما يضاعف الأمل أن ما يبرمه المشركين الأوغاد ينقضه المشركون الأحرار، ولكل أزمة نهاية ، ولكل عسر يسر.
ولعل هذه الرسالة في ذكرى الإسراء والمعراج إلى شعب فلسطين الأبّي الذين رفض الأحرار أن يكون تنازلهم عن مقاومة العدو الصهيوني الغاصب مقابل رفع الحصار ، ليسمح بطعام مغموس بالذل والصغار، والعار والشنار أن يتنازل المسلمون عن أرض القدس ، والمسجد الأقصى لشذاذ الآفاق من بني صهيون، ولعلي أستحضر لهؤلاء المحاصرين قول الشاعر:
لا تسقني مــــــــاء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
وسوف يأتي الله بالفرج ـ إن شاء الله ـ مهما طال كما حدث في قصة المقاطعة في عهد النبوة.
لقد وردت أحداث الإسراء والمعراج بطريق يقيني لأن آيات سورة الإسراء أثبتت الإسراء، وآيات سورة النجم أثبتت المعراج فصار معلوما من الدين بالضرورة، وجاءت أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما، وفيها تفصيلات تزيد عما في القرآن، بل تفسر بعض معاني الكلمات في القرآن، وهناك روايات وقصص نسجها خيال القصاصين والوضّاعين، ولذا لزم أن أبين ما هو الصحيح من السقيم، المسند من المرسل، المقبول والمرفوض في الإسراء والمعراج حيث إن الجدل كثر حولها.
أ- قوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" [الإسراء: 1].
ب- وقوله تعالى: "وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً"[الإسراء: 60].
ج- وقوله تعالى: "والنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)" [النجم: 1 - 18].
وفي الأحاديث الصحاح التالية أفضل تفسير، لهذه الآيات: هناك أحاديث صحيحة كثيرة وهي في مجملها لا تخرج عن المعاني الواردة في الأحاديث التالية:- 1) روى البخاري ومسلم بسندهما عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ (وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) قَالَ، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ. ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ" {صحيح مسلم، باب الإسراء برسول الله السموات وفرض الصلوات، (2/ 170)، برقم 356}.
2) روى البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وابن حبان بسندهم عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه-: " «أنَّ نبيَّ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- حدَّثه عن ليلةِ أُسري به قال: بينما أن في الحَطيم ـ وربما قال في الحِجر ـ مضطجعاً، إِذ أتاني آتٍ فقَدَّ ـ قال: وسمعته يقول: فشقَّ ـ ما بين هذه إلى هذه، فقلتُ للجارودِ وهوَ إلى جَنبي: ما يَعني به -صلى الله عليه وسلم- قال: من ثُغرةِ نحرهٍ إلى شِعرَته ـ وسمعتهُ يقول من قَصَّهِ إلى شِعرته ـ فاستخرج قلبي، ثمَّ أُتيتُ بطَسْتٍ من ذَهبٍ مملوءةٍ إيماناً، فغُسِل قلبي، ثم حُشي، ثمَّ أُعِيدَ، ثمَّ أتيتُ بدابَّة دُونَ البَغلِ وفوقَ الحمار أبيضَ.
ـ فقال له الجارودُ: هوَ البُراقُ يا أبا حمزةَ؟ قال أنسٌ: نعم ـ يَضَعُ خَطوَةُ عندَ أقصى طرْفهِ، فحُملتُ عليه، فانطلَقَ بي جِبريلُ حتى أتى السماءَ الدُّنيا فاستفتَح، فقيل: مَن هذا؟ قال: جِبريل. قيلَ: ومَن معك؟ قال: محمد. قيلَ: وقد أرسِلَ إِليه؟ قال: نعم. قيل: مَرحباً به، فنِعمَ المجيءُ جاء. ففَتَح. فلما خَلَصتُ فإذا فيها آدمُ، فقال: هذا أبوك آدمُ، فسلمْ عليه. فسلمتُ عليه، فرَدَّ السلامَ ثم قال: مَرحَباً بالابنِ الصالح والنبيِّ الصالح. ثم صَعِدَ بي حتى أتى السماء الثانيةَ فاستفتحَ. قيل: مَن هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً بهِ، فنعمَ المجيء جاء. ففَتَح. فلما خَلَصْتُ إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة. قال: هذا يحيى وعيسى فسلمْ عليهما، فسلمتُ، فردّا، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبيِّ الصالح. ثمَّ صعد بي إلى السماءِ الثالثة فاستَفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أُرسلَ إليهِ؟ قال: نعم. قيل: مرَحباً به فنعمَ المجيء جاء. ففُتح، فلما خَلصتُ إذا يوسُف، قال: هذا يوسُف فسلمْ عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ ثمَّ قال: مَرحباً بالأخ الصالح والنبيِّ الصالح، ثم صعِدَ بي حتى أتى السماء الرابعة فاستَفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومَن معك؟ قال: محمد. قيل: أوَقد أرسِلَ إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً به فنعمَ المجيء جاء. ففتح. فلما خلصتُ فإذا إدريس، قال: هذا إدريسُ فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ ثم قال: مَرحباً بالأخ الصالح والنبيِّ الصالح. ثم صعِدَ بي حتى أتى السماء الخامسة فاستَفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قيل: وقد أُرسلَ إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً به فنعمَ المجيء جاء. فلما خلصتُ فإذا هارونُ. قال: هذا هارونُ فسلمْ عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبيِّ الصالح. ثم صعِدَ بي حتى أتى السماء السادسة فاستَفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: من معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسِلَ إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء. فلما خلصتُ فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلمْ عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ ثمَّ قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبيِّ الصالح. فلما تجاوَزتُ بكى. قيلَ له: ما يُبكيك؟ قال: أبكي لأنَّ غُلاماً بُعثَ بعدي يدخُلُ الجنةِ من أمَّتهِ أكثرُ ممن يدخُلها من أمَّتي. ثم صَعِدَ بي إلى السماء السابعة، فاستَفتحَ جبريل، قيل: مَن هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعثَ إليه؟ قال: نعم. قال: مرحباً به، ونعمَ المجيء جاء. فلما خلصتُ فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك فسلمْ عليه. قال فسلمتُ عليه، فردَّ السلام، ثمَّ قال: مرحباً بالابنِ الصالح والنبيِّ الصالح. ثم رُفعَت لي سِدرةُ المنتهى، فإذا نَبقُها مثلُ قِلالِ هَجَر، وإذا وَرقُها مثلُ آذانِ الفِيَلة. قال: هذه سِدرة المنتهى، وإذا أربعةُ أنهارٍ: نهران باطنان ونهرانِ ظاهران. فقلتُ: ما هذانِ يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهرانِ في الجنة، وأما الظاهرانِ فالنيلُ والفُرات. ثم رُفعَ لي البيتُ المعمور. ثمَّ أُتيتُ بإناءٍ من خَمر وإناءٍ من لَبَن وإناءٍ من عِسل، فأخذتُ اللبَن، فقال: هيَ الفِطرةُ التي أنت عليها وأمَّتُك. ثمَّ فُرِضت عليَّ الصلاةُ خمسينَ صلاةً كلَّ يوم، فرجَعْتُ فمرَرْتُ على موسى، فقال: بما أمِرت؟ قال: أمِرتُ بخمسينَ صلاةً كل يوم، قال: إن أمتكَ لا تَستطيعُ خمسينَ صلاةً كل يوم، وإني واللّه قد جربتُ الناسَ قبلك، وعالجتُ بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجعْ إلى ربِّك فاسأَلْهُ التخفيفَ لأمتك، فرجَعت، فوضعَ عني عَشراً، فرجَعتُ إلى موسى فقال مثله. فرجعتُ فوَضع عني عَشراً، فرجعتُ إلى موسى فقال مثله. فرجعت فوَضَعَ عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله. فرجعتُ فأمِرتُ بعَشرِ صلوات كلَّ يوم، فرجعتُ فقال مثله. فرجعتُ فأمِرتُ بخمس صلواتٍ كل يوم، فرجعتُ إلى موسى فقال: بما أمِرتَ؟ قلت: أمِرتُ بخمسِ صلوات كل يوم. قال: إن أمتكَ لا تستطيعُ خمسَ صلواتٍ كل يوم، وإني قد جَريتُ الناسَ قبلك، وعالجتُ بني إسرائيلَ أشد المعالجة، فارجعْ إلى ربِّكَ فاسألهُ التخفيف لأمتك. قال: سألتُ رَبي حتى استحيَيتُ، ولكن أرضى وأسلم. قال: فلما جاوَزت نادَى مُنادٍ: أمضَيتُ فريضتي، وخَفَّفت عن عبادي». {صحيح البخاري، باب المعراج، (7/600)، برقم 3800}.
3) روى البخاري بسنده عن سليماني الشيباني، قال: «سألتُ زِرّاً عن قوله تعالى: "فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فأوحى إلى عبدِهِ ما أوحى" [النجم: 9 10] قال: أخبرَنا عبدُ الله أن محمد -صلى الله عليه وسلم- رأى جِبريلَ له ستُّمائةِ جَنَاحٍ». {صحيح البخاري، في التفسير، تفسير سورة النجم باب قوله تعالى:" فأوحى إلى عبده ما أوحى"، (9 /592)، برقم 4738}.
4) روى البخاري والترمذي بسندهما عن أنسُ بن مالكٍ -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «بينما أنا أسِير في الجنة، إذا أنا بنهرٍ حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المجوَّف، قلتُ: ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا الكَوثَرُ الذي أعطاكَ ربُّك، فإذا طِيبهُ ـ أو طِينهُ ـ مِسكٌ أذفرَ. شَكَّ هُدْبة». {صحيح البخاري، باب في الحوض (13/ 294 )، رقم 6434}.
5) ما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس رضيَ اللّهُ عنهما في قوله تعالى: "وما جَعلنا الرُّؤيا التي أرَيناكَ إلاَّ فتنة للناس" [الإسراء : 60] قال: هي رؤيا عين أُرِيَها رسولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- ليلةَ أسرِيَ به إلى بيتِ المقدِس.
قال: والشجرة الملعونةَ في القرآنِ هي شجرةُ الزقُّوم». {صحيح البخاري، باب المعراج، (7/602 )، رقم: 3801}.
6) ما رواه البخاري ومسلم بسندهما عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- أنه سمعَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لما كذَّبني قرَيش قمتُ في الحِجر فجلى اللّهُ لي بيتَ المقدسِ، فطفقْتُ أخبِرُهم عن آياته، وأنا أنظرُ إليه». {صحيح البخاري، باب حديث الإسراء، (7 /594 )،رقم 3799}.
هذه أهم الروايات الصحيحة وما عداها فيه تفصيلات لا تخرج عما جاء في الروايات خاصة الرواية الطويلة في حديث مالك بن صعصعة. يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 فبراير 2020, 7:37 am عدل 3 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. السبت 09 يونيو 2012, 12:44 am | |
| هناك شغف لدى بعض ضعاف العقول من الدعاة أو الخطباء بالأحاديث الضعيفة والموضوعة كي يدغدغوا بها مشاعر الجماهير، ويحركوا أحاسيسهم في وقت الخطبة أو الدرس ثم لا يلبث هذا الشعاع المتوهج أن ينطفئ ويعود أدراجه إلى حياته لأن خطباء "الدَّروَشة" ودعاة "دغدغة المشاعر" صارت بضاعتهم التي يروجونها هي هذه الموضوعات أو الضعيف، وقلّ عند هؤلاء من يقف عن آيات القرآن الكريم تدبراَ بالعقل، وتأثرا بالقلب، وتغيرا بالنفس، وهؤلاء يقتربون من الدجالين في عالم الصحافة الذين يعتقدون أن الخبر هو الإثارة وليس الحقيقة، فلا يكتبون أن الكلب عض إنسانا ، بل دائما يقولون: إن الإنسان قد عض الكلب ، وهؤلاء وأولئك في الحقيقة يسيئون إلى الحقيقة الغائبة أو الحائرة .
ولما كان أمر الإسراء والمعراج مما يدخل في دائرة الاعتقاد ويترتب عليه الكثير من الجوانب الشرعية العملية فلا يجوز أن يروي فيه إلا الصحيح ليسلم لنا ديننا من هذا الدجل، والحمد لله أن الله تعالى قد تكفل بحفظ الذكر الحكيم في قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9]، ومن الذكر حفظ السنة مع القرآن لقوله تعالى: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [النحل: 44]، ولذلك لما سئل الإمام عبدالله بن المبارك عن كثرة الأحاديث الموضوعة، قال: "تعيش لها الجهابذة، وقال: إن هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وقال الإمام محمد بن سيرين: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فيؤخذ عن أتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتجنب أهل البدع ".
وقد روى ابن جرير وابن عبدالبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
ومن هذا الباب يلزم بيان أن أهم ما روي في الموضوعات هو ما ينسب زوراَ أنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن الإسراء والمعراج، ويوزع منذ نصف قرن بملايين النسخ، ويتشدق كثير من الخطباء بما فيه من غث مردود، وقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه تدريب الراوي أن من الموضوع الحديث الطويل عن ابن عباس رضي الله عنهما في الإسراء أورده ابن مردويه في تفسيره وهو نحو كراسين (أي عدد كبير من الأوراق).
وإذا كان لدى المسلم حس وحب ومراس ومراجعة ومطالعة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتكون لديه حسن إيماني عقلي مرهف يدرك به الحديث الصحيح من الموضوع، ولذا قال ابن الصلاح: إن لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفساً به يعرف، وسوف أورد بعضا من هذا الحديث التي تفوح رائحته بالوضع:-
(1) جاء في الحديث الموضوع أن البراق اضطرب عند ركوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صحيح في الأصل ـ لكن خيال الوضاع زاد فقال: "فتقدمت لأركبه فاضطرب كما تضطرب السمكة في الشبكة"، فقال جبريل: تقدم يا حبيب الله ... "، كلمة " السمكة في الشبكة " لا يمكن أن تكون من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا حتى رواة الأحاديث، بل هو كلام دارج مثل عبارة المصريين: "الكرسي في الكُلُوب" لمن يهدم الفرح عند العرس بضرب الكرسي في الكلوب وهو "السراج" ـ الذي يضيء بالزيت ـ.
وكذلك تكررت عبارة "يا حبيب الله، يا حبيبي"، وهذا من الكلام أيضا.
(2) إدعاء أن هناك ثلاثة نادوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطريق إلى بيت المقدس باطل، وهي نصاً: " وإذا بصائح عن يميني، وهو يقول: قف يا محمد فإني أنصح لك ولأمتك، فسرت ولم التفت إليه، وكان ذلك فضلا من الله تعالى، ثم سرنا ما شاء الله وإذا بصائح عن شمالي وهو يقول: قف يا محمد فإني أنصح لك ولأمتك، فسرت ولم ألتفت إليه، وكان ذلك فضلا من الله تعالى، وكان ذلك فضلا من الله عز وجل، ثم سرنا وإذا نحن ببيت المقدس وإذا عن يميني شاب حسن الثياب طيب الرائحة فلما رآني أقبل وسلم على وعانقني وعانقته ثم غاب عنّى، فقلت يا أخي يا جبريل: أخبرني عن الصائح الذي ناداني في الطريق فقال: أما الصائح الأول فهو داعي النصارى ولو أجبته لتنصرت أمتك من بعدك، وأما الصائح الثاني فهو داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك من بعدك, وأما المرأة الناشرة شعرها المتزينة بالحلل فتلك الدنيا ولو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة... " هذا كله خيال كاذب لا يجوز لمن عنده بقية من عقل أن يحدّث به، فضلا عن اعتقاده، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس بالخبّ الذي يستجيب لكل صائح ولم تتعرض له امرأة قط في الحرام، ولو أن عارفا بالله بحق لتهيبت أفجر نساء الأرض أن تتعرض له فكيف بمقام النبوّة؟!
(3) إدعاء أن هناك ملكا في السماء الأولى نصفه ثلج ونصفه نار باطل أيضا بطلانا شديدا والرواية تكذب نفسها، كما يلي: "وإذا أنا بملك نصفه من ثلج ونصفه من نار فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار، له ألف رأس في كل رأس ألف وجه، في كل وجه ألف فم في كل فم ألف لسان يسبح الله تعالى بألف لغة لا يشبه بعضها بعضا، ومن جملة تسبيحه أنه يقول سبحان من ألف بين الثلج والنار وألف بين قلوب عباده المؤمنين، والملائكة تقول: آمين فقلت من هذا يا أخي يا جبريل فقال هذا الملك الموكل بأكناف السموات وهو أنصح الملائكة لبنى آدم" ما قيمة الجمع بين الثلج والنار؟ وما قصة الآلاف المؤلفة من الألسنة واللغات؟
(4) وصف ملك الموت وكيفية قبضه الروح ليس إلا من الوضع الرخيص المجافي لكل عقل ومنطق ويبدو ذلك في نص الحديث الموضوع فيما يلي:
أ- في وصف عزرائيل: "ثم رأيت ملكا عظيم الخِلقة والمنظر قد بلغت قدماه تخوم الأرض السابعة، ورأسه تحت العرش، وهو جالس على كرسي من نور والملائكة بين يديه وعن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله تعالى عز وجل، وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة إلا أنه لم يضحك أبدا، فقلت: يا أخي يا جبريل من هذا؟ قال: جبريل هذا هازم اللذات، مفرق الجماعات، ومخرب البيوت والدور، ومعمر القبور، وميتم الأطفال، ومرمل النساء، ومفجع الأحباب، ومغلق الأبواب، ومسود الأعتاب، وخاطف الشباب ، هذا ملك الموت عزرائيل فهو ومالك خازن النار لا يضحكان أبدا".
ب- في وصف قبض الأرواح: "فإذا بلغ العبد أجله استوفى رزقه وانقضت مدة حياته أرسلت إليه أربعين ملكا يعالجون روحه فينزعونـها من العروق والعصب واللحم والدم، ويقبضونها من رؤوس أظافره حتى تصل إلى الركب، ثم يريحون الميت ساعة ثم يجذبونها إلى السُرة ثم يريحونه ساعة ثم يجذبونها إلى الحلقوم فتقع في الغرغرة فأتناولها وأسلّها كما تسلّ الشعرة من العجين، فإذا انفصلت عن الجسد جمدت العينان وشخصتا لأنهما يتبعان الروح، فأقبضها بإحدى حربتي هاتين وإذا بيده حربه من نور وحربة سخط ، فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها إلى عليين، والروح الخبيثة يقبضها بحربة السخط ويرسلها إلى سجين، وهى صخره سوداء مدلهمة تحت الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار والفجار، قلت: وكيف تعرف حضر أجل العبد أم لم يحضر؟ قال يا محمد ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يصعد إليه عمله وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها من ورقة إلا عليها اسم واحد من بني آدم ذكور أو إناث فإذا قرب أجل الشخص اصفرت الورقة التي كتب عليها اسمه، وتسقط على الباب الذي ينزل منه رزقه، ويسود اسمه في اللوح فأعلم أنه مقبوض فأنظر إليه نظرة يرتعد منها جسده، ويتوعك قلبه من هيبتي فيقع في الفراش فأرسل إليه أربعين من الملائكة يعالجون روحه".
هذا كله دجل لم ترد به آية صريحة ولا سنة صحيحة، ولا يشبه حكايات العجائز للصبيان قبل النوم.
يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 فبراير 2020, 7:44 am عدل 2 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. السبت 09 يونيو 2012, 12:52 am | |
| (5) تصوير أهل النار جميعا أنهن من النساء اللاتي يطلبن الطلاق بلا سبب أو تخون زوجها أو... ، وتصويرهن معلقات من شعورهن وأثدائهن وأرجلهن إلى ألسنتهن، ويخرج من دماغهن ومناخريهن نار مثل الدهن... وأخرى في صورة الكلب.
هذا يصدر من نصوص موضوعة كثيرة تنبع من كراهية المرأة، والحط من شأنهن، وتصويرهن أدوات الشياطين للإغواء والفتن، وقد رويت روايات موضوعة في هذا الإطار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال:" شاوروهن وخالفوهم فإن في خلافهن بركة"، ونسب زورا إلى الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: "المرأة شر كلها وشر ما فيها أنه لا بد منها"، وهذا كله من الافتراء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو الإمام الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي كان زوجاً لخير نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء.
(6) لم يفت القصَّاص الذي وضع الحديث أن يسترسل مع خياله الخصب في الباطل أن يصف كل سماء كما يلي:- أ- السماء الأولى من دخان. ب- السماء الثانية من ذهب . ج- السماء الثالثة من نحاس. د- السماء الرابعة من فضة. ه- السماء الخامسة من ذهب أحمر. و- السماء السادسة من ياقوتة خضراء. ز- السماء السابعة من درة بيضاء .
هذا كله مخالف للقطعي من العلوم الكونية والفلكية، ومناقض تماما لأصول هذا العلم، ولا يجوز أن نشيع ذلك على الناس لأننا قد نصد عن سبيل الله، ونستعدي العلم الذي لا يعارضه أبدا نص صحيح، فالقطعي من الحقائق العلمية لا يخالف نصا صحيحا صريحا أبدا، ولا يوجد إلا التوافق التام بينهما.
هذه فقط بعض النماذج من الحشو الكثير الذي يصل إلى كتاب تزيد صفحاته عن مائة صفحة من القطع المتوسط، وهو مما اختلط فيه القليل الصحيح بالكثير الموضوع، ولا صحة أبدا لنسبته لابن عباس -رضي الله عنهما-، ولا يعرف رواته حتى يمكن وضعهم على مختبر علماء الحديث في الجرح والتعديل، وبالتالي لا تجوز روايته، بل يجب التنبه دائما على وضعه عند من شاع لديهم وانتشر بينهم. هناك الكثير من النتائج التي تستخلص من مقدمات وأحداث رحلتي الإسراء والمعراج وأهمها ما يلي:-
لقد رأينا في المقدمات كيف كان الإغواء كثيرا، والإيذاء شديدا كي يتراجع النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شيء من ثوابت دعوته، فأبى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا التمسك بالحق والإصرار على مواصلة الطريق، وتركهم إلى أرض أخرى لعلها أن تكون أكثر خصبا وقبولا للدعوة الإسلامية فذهب إلى الطائف فكان قومها أشد بأسا في مواجهة النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يعاملوه لا كإنسان في الضيافة عند العرب، ولا كرسول له الحق أن يبلغ كلمة الله ولهم الحق في قبولها أم لا؟ رفضوا السماع، ورفضوا عرض الفكرة بأسلوب سلميّ محض، وسلطوا عليه الصغار والكبار من اللئام الذين أخرجوه طريدا، ولا يملك شيئا إلا إيمانه بربه وعزمه على مواصلة دعوته لا يتنازل عن جزئية منها، ولم يستطع أن يدخل مكة بلده الأصلي وموطن أهله وعشيرته ومقام زوجته وأولاده فاضطر إلى الدخول في جوار المطعم بن عدي، ثم رفع رأسه إلى السماء ودعا ربه بخير دعاء فقال مبتهلا متبتلا خاشعا متذللا: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علىّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل عليّ غضبك أو يحل عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".
فكافأه الله تعالى بما يلي: 1. استجابة عبد يسمى عداس إلى الإسلام بعد رفض الكثير له، وهداية واحد خير من الدنيا وما عليها. 2. ساق الله إليه نفرًا من الجن يستمعون القرآن وأحسنوا الاستماع والإنصات ثم فهموا واجبهم فولوا إلى قومه منذرين. 3. استجابة ستة من أهل يثرب هم طلائع الدعوة في المدينة المنورة والتمكين للإسلام في الأرض، ومنهم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقطبة بن عامر وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-، هذا بعد أن رفضت كل القبائل الأخرى منهم بنو كلب وبنو حنيفة، وبنو عامر بن صعصعة وفزارة وغسان دمرة وسليم وعيس وبنو نضر وكندة وعذرة والحضارمة. وهؤلاء كانوا نواة الدعوة التي نشرت الإسلام في يثرب وتحولت بهم الجماعة الإسلامية المطاردة في مكة إلى دولة ذات عز وتمكين في المدينة المنورة. 4. عدد من أشراف قبائلهم وقومهم منهم سويد بن الصامت الشاعر وإياس بن معاذ وأبو ذر الغفاري والطفيل بن عمرو الدوسي سيد قبيلة دوس. 5. الإسراء إلى بيت المقدس والمعراج إلى الملأ الأعلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى. لم يكن الفرج فقط في رحلة الإسراء والمعراج ، بل كانت بعض الفرج الرباني بعد هذا الصبر الجميل، والدعاء الذليل، مكافأة الله تعالى على هذا الخير الجزيل. وهذا ما يجب أن يوقن به كل مسلم ومسلمة أن مع العسر يسرا، والفرج مع الصبر، والاستجابة مع الدعاء، والظفر مع الثبات على الحق، وأن تعالى وعد ولا مخلف لوعده حيث قال سبحانه" َمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" [البقرة : 143]
نحن في مسيس الحاجة إلى أن نغترف من معين النبوة الصافي في الرفق بالناس، وعدم الرغبة في الانتقام منهم، وقد صار نهجا مستمرا في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث روى الطبراني في معجمه الأوسط عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما دخل الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"، ولعل ما سبق إلاسراء والمعراج من غاية الرفق بالمدعوين، رغم صلفهم وعنادهم وبغيهم يظهره الحديث الذي رواه البخاري بسنده عن عروة بن الزبير أن عائشة -رضي الله عنها- حدثته أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: هل أتى عليكَ يومٌ كان أشدَّ من يوم أحُدٍ؟ قال: لقد لَقِيتُ من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيتُ منهم يومَ العقبةِ إِذ عرَضتُ نفسي على ابنِ عبد يا ليل بن عبد كُلال فلم يُجِبني إلى ما أردتْ، فانطلقتُ وأنا مَهمومٌ، على وَجهِي، فلم أستَفق إلا وأنا بقرنِ الثَّعالب، فَرَفَعتُ رأسي، فإذا أنا بَسحابةٍ قد أظلَّتْني، فنظرتُ فإذا فيها جِبريل، فناداني فقال: إِن الله قد سمعَ قولَ قومكَ لك وما رَدوا عليك، وقد بعث اللهُ إِليكَ مَلَكَ الجبالِ لتأمرَهُ بما شِئتَ فيهم، فناداني ملكُ الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد، فقال: ذلكَ فيما شئتَ، إن شِئتَ أن أطبِقَ عليهم الأخْشَبَينِ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: بل أرجو أن يُخرجَ الله من أصلابهم من يَعبُدُ اللهَ وحدَهُ لا يُشركُ بهِ شيئاً»..
هكذا كان الحبيب -صلى الله عليه وسلم-،بكلمة واحدة إلى ملك الجبال يستطيع أن يدمر كل شيء في مكة ولا يبقى فيها واحد من المشركين، دون أن يكلفه شيئا إلا كلمة واحدة، لكنه أبى لأنه رحمة للعالمين، لأنه ذا قلب ينبض بالحب لكل الناس أن يهتدوا، أو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله من الأطفال، وهكذا الدعاة يحبون للناس الخير، لا يدفعون السيئة بالسيئة بل يدفعونها بالحسنة وبالتي هي أحسن، يقابلون الشر بالخير، والقطيعة بالوصل، والقتل والاضطهاد بالحب والإرشاد.
ولذا كافأه الله بأعظم رحلة في الوجود إلى المسجد الأقصى الشريف وإلى السموات العلا، وقربه إليه ربه وهدى الله به خلفا كثيرا وحقق أمله فكان من أولاد المشركين خيرة الدعاة والمصلحين منهم: (1) خالد بن الوليد ابن الوليد بن المغيرة الذي نزلت فيه آيات سورة المدثر. (2) عكرمة بن أبي جهل ابن عمرو بن هشام كبير المشركين. (3) أم حبيبة بنت أبي سفيان زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان أبوها آنئذ كافراً. (4) عبد الله بن عباس وقد أسلم مع أمه أم الفضل قبل العباس بن عبد المطلب حين كان كافراً. وهكذا يكون الصبر مع الرفق والرحمة مع الشفقة بالمدعوين سببا في هدايتهم أو هداية أولادهم، ويفوز الدعاة بالقربى إلى الله، ورفع الدرجات والفوز بالجنات إن شاء الله تعالى.
لقد كانت محطة الإسراء النهائية إلى بيت المقدس، وأول المعراج من بيت المقدس وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء جميعا إماما كي يؤسس على هذا التوافق بين الأديان السماوية، وتبعية الرسالات السماوية لرسالة واحدة هي رسالة الإسلام، وبخاصة ما جاء به سيدنا عيسى وموسى وغيرهم عليهم الصلاة والسلام، وصار المسجد الأقصى بهذا أولى القبلتين، وميراث المسلمين، وظل سيدنا عمر -رضي الله عنه- حافظا لدرس الإسراء والمعراج، وللعهد بالصلاة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهراً كما جاء في حديث البخاري بسنده عن البراء بن عازب حتى أرسل خالد بن الوليد وأبا عبيدة بن الجراح وفتحت فلسطين والشام وذهب بنفسه لاستلام مفاتيح القدس، ولم يذهب إلى بلد خارج الجزيرة غيرها، وأعطى من صور السماحة مع الأديان الأخرى ما بقى موضع ذكر من كل منصف، وعاش غير المسلمين في ظل حكم الإسلام يمارسون شعائرهم، وتحترم دور عبادتهم، ويشاركون المسلمين في إدارة البلاد، دون أية حساسية حتى جاء الصليبيون يحملون حقدا وغلا، وتحركهم أهواء سياسية وشائعات كاذبة أن المسلمين هدموا قبر المسيح وهي أكذوبة روجها البابا أوربان الثاني والساسة والقساوسة لتحريك الجموع العمياء عن الحقيقة، وقتلوا وسفكوا وهتكوا وخاضوا في الدماء، وأمعنوا في الخراب بحقد لا مثيل له، لكن صلاح الدين لما واجههم لظلمهم، وقاومهم لفسادهم، وقاتلهم لبغيهم قابلهم بسماحة الإسلام في التعامل مع الأسرى.
وندع الأستاذة تغريد هونكه المؤرخة الألمانية تروى في كتابها: "الله ليس كذلك" (ص: 25) على لسان أحد الألمان الذين شاركوا في الحروب الصليبية وهو "أوليفروس" حيث كتب عن معاملة صلاح الدين لهم فقال: "منذ تقادم العهود، لم يسمع المرء بمثل هذا الترفق والجود، خاصة إزاء أسرى العدو اللدود، ولما شاء الله أن نكون أسراك، لم نعرفك مستبدا طاغية، ولا سيدا داهية، وإنما عرفناك أبا رحيما شملنا بالإحسان والطيبات، وعونا منقذا في كل النوائب والملمات.
ومن ذا الذي يمكن أن يشك لحظة في أن مثل هذا الجود والتسامح والرحمة من عند الله.. إن الرجال الذين قتلنا آباءهم وأبناءهم وبناتهم وإخوانهم وأخواتهم وأذقناهم من العذاب، لما غدونا أسراهم وكدنا نموت جوعا، راحوا يؤثروننا على أنفسهم على ما بهم من خصاصة، وأسدوا إلينا ما استطاعوا من إحسان، بينما كنا تحت رحمتهم لا حول لنا ولا سلطان".
واليوم دنّس الصهاينة الأقصى أرض القدس وفلسطين، وشردوا خمسة ملايين فلسطيني، وقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ، واقتلعوا أشجار الزيتون، وهدموا البيوت وعاثوا في القدس فسادا، ولا بد لكل مسلم أن يستشعر مسئوليته أمام الله تعالى عن رد البغاة، وطرد المعتدين، ولا سبيل لهذا إلا الجهاد المقدس لتحرير الأقصى الذي نتلو ذكره في آيات القرآن، ونعيش هموم الشعب الفلسطيني الذي يضحى كل عام بما يزيد عن ألف شهيد وأربعين ألف جريح، وهم عزل ماديا الأقوى روحيا، أمام طغمة من بني صهيون بدباباتهم ورشاشاتهم وطائراتهم وجرافاتهم لكنهم الأضعف قلبا، والأبعد عن الله تعالى وعن أي دين تلك مسئوليتنا أمام رب الأرض والسماء، وأمام التاريخ والأجيال، أمام القيم الإنسانية، والحق أن النصوص تؤكد أنه لا يمكن أن يتم ذلك إلا على أيدي المسلمين الصادقين ، الذين يبذلون كل غال ورخيص لحماية العرض، وتحرير الأرض من الغزاة المحتلين.
في عصر الجمل سفينة الصحراء كانت رحلة الإسراء والمعراج في سرعة فائقة في الزمان والمكان، حتى عاد الحبيب صلى الله عليه وسلم منها دون أن يبرد فراشه كما روى البخاري بسنده عن أم هانئ رضي الله عنها في هذا العصر قطعت المسافة من المدينة إلى المسجد الأقصى في ثوان، ومن الأقصى إلى السموات العلا في ثوان، وكانت العودة الحميدة، وإذاعة أنباء الرحلة في الصباح، ولم يكن أحد يصدق إلا من آمن بالمعجزة الإلهية، والوحي الرباني، والقدرة التي لا يحدها شيء، لكن أراد الله تعالى في هذا الزمن البدائي أن تكون معجزة النبي -صلى الله عليه وسلم- أبد الدهر أسبق من كل تكنولوجيا الاتصالات والفضائيات، فسألوه عن صفات المسجد الأقصى وهم يعلمون أنه ما ذهب إليه في تاريخه قبل البعثة، فتجلى الأقصى مكانا وشمالا وجنوبا وشرقا وغربا في شاشة لا يراها إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبهت الجميع لهذا الوصف الدقيق. يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 فبراير 2020, 7:45 am عدل 2 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. السبت 09 يونيو 2012, 1:03 am | |
| أليس هذا درسا للذين ارتموا على أرجل الرجل الأبيض الذي أنشأ الفضائيات وطور الاتصالات، نحن يا قومي أصحاب سبق، لا تبهرنا الصور والأشكال، نحن ذوو عمق في النظر إلى الجوهر إلى الروح، إلى القيم والأخلاق سواء كان الإنسان يركب حمارا أو جملا أو صاروخا فضائيا، سواء كان فقيرا أو غنيا، هكذا المؤمن لا يبهر إلا بالحقائق وهي وحدها في مكنون القرآن وصحيح السنن، وصريح العقول الراشدة ، والحضارة المقترنة بالقيم الإنسانية ، والأخلاق الإسلامية .
ومن الضروري أن نراجع أنفسنا في تخلفنا عن السبق العلمي في المواصلات والاتصالات والفضائيات ، فحيث كان يجب أن نكون الأسبق في العالم لهذه الاختراعات العلمية من فيض الآيات والأحاديث النبوية، والوقائع التاريخية مثل الإسراء والمعراج ، بل ومساهمات الحضارة الإسلامية في عصور الازدهار ، لكنا تأخرنا ، فإذا توفرت إرادة إسلامية، وعزيمة إيمانية تستطيع أن نستوعب آخر الاكتشافات العلمية، وأن نضيف عليها إضافات جادة وفعلية، ونعطي للعالم مثالا جديدا على توافق الإسلام مع الحقائق العلمية التي تفيد كل الإنسانية .
لقد دنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من ربه واقترب، ورأى من آيات ربه الكبرى، وقد علم الله حب نبيه لأمته، فأراد ألا يحرم كل مؤمن ومؤمنة من إسراء ومعراج ففرضت الصلاة قبلتها الأولى إلى بيت المقدس حيث صلى بالأنبياء والرسل أجمعين ثم معراج الروح لكل مصليٍ إلى رب الأرض والسماء في كل سجدة، كما قال سبحانه: "واسجد و اقترب" ولما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ». {صحيح مسلم ، باب ما يقال في الركوع والسجود،(4/167) ، برقم 1035}.
وصارت الصلاة منهاج حياة تصنع المسلمين في أحسن صياغة فيبادرون الطفل في أول لحظة من حياته بالأذان والإقامة ريثما يميز فيعلم الصلاة ثم يؤمر بها ثم يكلف بأدائها عند البلوغ وتبقى عبادة يومية خمس مرات، وعشرات المرات لمن تطوع، فهي أول ما يبدأ به يومه في صلاة الفجر المشهودة، وآخر ما يختم به يومه في صلاة الوتر المحبوبة، وبينهما صلوات بين الفرض والنافلة، فإذا حزبه أمر صلى، وإذا احتار في أمر صلى صلاة الاستخارة، وإذا أذنب صلى ركعتين تغسلان ذنبه وترفعان وزره، وإذا خسفت الشمس أو كسف القمر صلى، وإذا أجدبت السماء صلى، وإذا بشر بالخير سجد شكرا وذكراً لله تعالى، وإذا وافته المنية وقدم على ربه كان آخر عهده بالدنيا صلاة الجنازة، فهي منهج حياة من الميلاد إلى ما بعد الممات وهي النور في القبر والحشر، وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة وأول مفاتيح الجنة بعد رحمة الله عز وجل.
هكذا رحلة الإسراء والمعراج لم تكن نزهة بل معجزة، ولم تكن خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بل ترسم منهاج حياة لمن أراد النجاة، ووهب حياته كلها لدعوة الله. يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 فبراير 2020, 7:45 am عدل 2 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. السبت 09 يونيو 2012, 1:10 am | |
| الخلاصة: 1. الإسراء والمعراج هدية الله تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمته لصبره هو وأصحابه أمام فتنتي الإغواء والإيذاء. 2. تنوعت فتنة الإغواء قديما وحديثا حيث عرض المشركون الدخول إلى الإسلام مع تغيير بعض الأحكام أو العيش في سلام مع تنازل عن بعض الأركان، أو ترك الدعوة إلى الله ونيل الكثير الوفير من المال والنساء والجاه والسلطان، أو الإغواء بفنون الرقص والغناء، وهي فتن متجددة الآن تحتاج إلى صبر الرجال والنساء والشباب والفتيات. 3. كذلك تتشابه فتن الإيذاء قديما وحديثا ، ومن صورها كبت الحريات في عبادة الرحمن، مع انفلات أهل الكفر والفسوق والعصيان، ومنه الصبر على التشويه الإعلامي، واليقين بأن الله تعالى سيحمل رسالته إلى قلوب وعقول الناس، وكذا الصبر على الأذى البدني والمعنوي، والحصار الاقتصادي والاجتماعي. 4. أحداث الإسراء والمعراج جزء من عقيدة المسلم ، وعليه فلا يجوز أن نعتقد إلا ما ورد صحيحا في القرآن والسنة النبوية، أما حديث ابن عباس المطول عن الإسراء فهو ظاهر الوضع والانتحال، سواء في وصف البراق ، أو السموات أو الملائكة أو الجنة أو النار.
5. هناك نتائج ضرورية لهذا الحدث الكبير أهمها:- أ- اليقين بأن مع العسر يسرا، وأن الفرج مع الصبر على فتن الإغواء والابتلاء معا. ب- ضرورة الرفق بالمدعوين لأنه نهج الأنبياء، كما رفض النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُطّبق ملك الجبال على أهل مكة رغم ظلمهم ، داعيا لهم:"اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون". ج- ضرورة الشعور بالمسئولية عن تحرير المسجد الأقصى، ومساندة شعب فلسطين الذي يلاقي أصنافا من الظلم والطغيان سواء من الاحتلال أو عملائه. د- أهمية الأخذ بأحدث الابتكارات العلمية في المواصلات والاتصالات والفضائيات حيث إن أول فضائية ربانية كانت تعرض صورة المسجد الأقصى، فالأمة مندوبة إلى السبق العلمي في كل المجالات النافعة للإنسانية كلها. هـ- الصلاة هدية إلى الأمة في رحلة المعراج وعليه يجب أن نعيد صياغة الحياة وفق شعيرة الصلاة، حتى تصبغ حياتنا بصبغة الإيمان ومكارم الأخلاق ومحاسن العادات من الطفولة وحتى الموت. الفهـــــــــــــــــــــــــــرس التمهيد المقدمة الفصل الأول : مقدمات الإسراء والمعراج أولا : الصبر الجميل في مواجهة فتنة الإغواء 1. الإغواء بالدخول إلى الإسلام بشرط تغيير بعض الأحكام 2. الإغواء بالعيش في سلام مع التنازل عن بعض الأركان 3. الإغواء بالمال والنساء والجاه 4. الإغواء بفنون الرقص والغناء ثانيا : الصبر الجميل في مواجهة فتنة الإيذاء 1. الصبر على كبت الحريات في عبادة الرحمن، والانفلات في الكفر والفسوق والعصيان. 2. الصبر على أذى التشويه الإعلامي 3. الصبر على الأذى البدني والمعنوي 4. الصبر على الحصار الاجتماعي والاقتصادي وسياسية التجويع الفصل الثاني :أحداث الإسراء والمعراج أولا : آيات القرآن الكريم عن الإسراء والمعراج ثانيا : الأحاديث الصحاح عن الإسراء والمعراج ثالثا : الحديث الموضوع : الإسراء والمعراج لابن عباس. الفصل الثالث : نتائج الإسراء والمعراج 1. الفرج آتٍ لكل مسلم مع الصبر الجميل والدعاء الذليل. 2. الرفق بالمدعوين نهج المرسلين، وأدب الدعاة الربانيين. 3. أمة الإسلام هي صاحبة الميراث لرسالة الرسل والأقصى الشريف. 4. الإسراء والمعراج مثال لأحدث وأرقى صور السرعة في الاتصالات والمواصلات والفضائيات. 5. هدية الإسراء والمعراج إلى الأمة الصلاة كمنهاج حياة. خاتمة.
تم بحمد الله. إلى والد زوجتى وشيخى وأستاذي شكرى النجار، وولده الأكبر شبل اللذين لقيا الله ربهما فى الجمعة الأولى والثانية من شهر الإسراء والمعراج، فنتوسل إلى الله أن يجمعنا بهما في ظله يوم لاظل إلا ظله، وفى الفردوس الأعلى من الجنة، ونسأل القراء الكرام أن يجأروا إلى الله لهما بصالح الدعاء. |
| | | | الإسراء والمعراج.. مقدمات.. أحداث.. نتائج. | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|