أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الإسراء والمعراج وإثبات النبوة الإثنين 12 فبراير 2024, 6:09 pm | |
| الإسراء والمعراج وإثبات النبوة
إن القرآن الكريم يعتبر أصدق سجل حافل جامع شامل لكل شيء من يوم أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام وإلى أن تقوم الساعة..
أيها الإخوة الكرام: إن القرآن الكريم يعتبر أصدق سجل حافل جامع شامل لكل شيء من يوم أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام وإلى أن تقوم الساعة..
حفل القرآن الكريم بالحديث عن جميع الشعوب وعن جميع الأمم من قبلنا حفل القرآن الكريم بما لهم وبما عليهم..
ومن أبرز ما اهتم القرآن به ما يخص الأنبياء والرسل عليهم جميعا وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، زمانهم، دعواتهم، معاناتهم، صبرهم، حلمهم، بركاتهم، معجزاتهم...
كل ما يخص الأنبياء والرسل وكل ما وراءه فائدة في تاريخهم وحياتهم عليهم السلام سلط القرآن الكريم الضوء عليه، وخصوصا ( المعجزات) التي أظهرها الله تعالى على أيديهم تصديقا لدعوتهم وإثباتا لنبوتهم وتأييدا لهم..
تكلم القرآن الكريم عن عصى موسى عليه السلام التي جعلها الله تعالىحية تسعى، وعن البحر الذي انفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، وتكلم القرآن الكريم عن النار التي عطل الله قانونها فلم تحرق ابراهيم عليه السلام وكانت عليه بردا وسلاما، وتكلم القرآن الكريم عن جبل انشق نصفين فخرجت منه ناقة صالح عليه السلام..
حفظ القرآن الكريم هذه المعجزات تأييدا للرسل، وإثباتا لنبوتهم، وتصديقا لهم في دعواتهم..
أما عن نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلّم فإن القرآن الكريم استفاض في الحديث عنه وعن مواقفه وأحواله ومعجزاته عليه الصلاة والسلام، فمن معجزاته القرآن الكريم، ومنها انشقاق القمر..
ومن أبرز معجزات النبي محمد عليه الصلاة والسلام معجزة الإسراء والمعراج قال رب العالمين سبحانه وتعالى ﴿ {سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا ٱلَّذِى بَٰرَكْنَا حَوْلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنْ ءَايَٰتِنَآ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ}
هذه المعجزة ظهرت على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلّم وهو في مكة قبل الهجرة..
جعل الله من الإسراء والمعراج حجة للنبي عليه الصلاة والسلام يرغم بها أنوف أعداءه، جعل الله من الإسراء والمعراج تسلية، وتسرية، وترويحا، وتثبيتا لقلبه عليه الصلاة والسلام، جعل الله من الإسراء والمعراج آية دالة على صدقه ونبوته ورسالته وانه مؤيد من قبل السماء: {سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا}
أمَّا الإسراء: فهى الرحلة الأرضية من (مكة إلى فلسطين) وكانت ليلا وبدأت وانتهت في جزء من الليل بقدرة الله الذي يقول للشيء كن فيكون..
أيها الإخوة الكرام: المسافة بين المسجد الحرام وبين المسجد الأقصى كبيرة بعيدة قبل ألف وأربعمائة عام كان الناس يضربون إليها أكباد الإبل شهرا في الذهاب وشهرا في الإياب..
لَمَّا كانت ليلة الإسراء تم الإسراء (ذهابا وعودة) وبما فيها من مشاهد وأحداث ومواقف في جزء من الليل، بقدرة الله الذي لا يُعجزه شئ في الأرض ولا في السماء.. والرسول في كل ذلك يقظان منتبه يعي ما يمر به ويرى بعينيه ولا يختلط عليه شيء..
ركب البراق، وانطلق البراق به في سرعة خاطفة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وفي الإسراء كان المقصود أن يرى الرسول ما قدر الله له أن يرى..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رَأَيْتُ مُوسَى، وَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ؛ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ خَمْرٌ، فَقَالَ: اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ. فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ: أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ».
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ».
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا أَمَرُوهُ: أَنْ مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ».
وأتى رسول الله في تلك الليلة بيت المقدس ودخل المسجد الأقصى ( نسأل الله العظيم أن يرده إلينا ردا جميلا) وإذا الأنبياء بانتظاره صلى الله عليه وسلّم في المسجد فلما حضر ودخل أقيمت الصلاة ف(تأخروا) وتقدم لها الإمام محمد صلى الله عليه وسلّم فصلى وهم عليهم السلام من وراءه يقتدون ويأتمون إيماناً به ورضاً به ووفاءً بالعهد والميثاق الذي أخذه الله عليهم: {وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ}
والآن أيها المؤمنون: أقفذ بالحديث قفزة كبيرة أتجاوز بها الحديث عن المعراج ثم أعدكم بأن أعود إليه..
أمَّا الآن فمع نهاية الإسراء، مع نهاية الرحلة الأرضية التي لم تأخذ من الزمن شيئا، والآن عاد رسول الله من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وقد كان الذهاب والإياب في جزء من الليل بقدرة الله سبحانه وتعالى..
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي، وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ».
قال ابن عباس: فَقَعَدَ رسول الله مُعْتَزِلًا حَزِينًا. قَالَ: فَمَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: يا محمد هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ".
قَالَ: مَا هُوَ؟
قَالَ: "إِنَّهُ أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ".
قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟
قَالَ: "نَعَمْ".
قَالَ ابن عباس فَلَمْ يُرِهِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِذَا دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، قَالَ أبو جهل: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ، تُحَدِّثُهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ".
فَقَالَ: هَيَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ.
قَالَ ابن عباس: فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ، وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا.
قَالَ ابن عباس فقال أبو جهل: يا محمد حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ".
قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟
قال: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟!
قَالَ: "نَعَمْ".
قَالَ ابن عباس: فَانقسم الناس ما بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَما بَيْن وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا يزعم أن محمداً قد كذب.. ثم إنهم ظنوا أنهم سيقيمون عليه الحُجَّةَ فقَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟
قال ابن عباس وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ"، قَالَ: "فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ، حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عَقِيلٍ فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ"، قَالَ: "وَكَانَ مَعَ هَذَا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْهُ"، قَالَ: "فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ".
ثمَّ إنهم سألوه صلى الله عليه وسلّم عن عيرهم، وعن تجارتهم التي في الطريق فقال لهم: «أتيت على عير بني فلان بالرَّوحاء، قد ضَلَّتْ ناقةٌ لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيتُ إلى رحالهم، ليس بها منهم أحَد، وإذا قدح ماء، فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك»
قالوا: هذه والإله ايةٌ!
قال صلى الله عليه وسلّم: «ثمَّ انتهيت إلى عير بني فلان، فنفرت منِّي الإبل، وبرك منها جملٌ أحمر، عليه جُوالِق مخطَّطٌ ببياض، لا أدري أكسر البعير، أم لا؟ فاسألوهم عن ذلك»
قالوا: هذه والإله ايةٌ!
قال «ثمَّ انتهيت إلى عير بني فلانٍ في التَّنعيم، يقدمها جملٌ أورق، وها هي تطلع عليكم من الثَّنِيَّة»
فقال الوليد بن المغيرة: ساحرٌ.
قال ابن عباس فانطلقوا، فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال، فرموه بالسِّحر.
وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال..
وذهب ناس من قريش إلى أبي بكرٍ، فقالوا: هل لك إلى صاحبك؟ يزعم: أنَّه أسري به اللَّيلة إلى بيت المقدس!
قال: أَوَ قَال ذلك؟!
قالوا: نعم!
قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق!
قالوا: أو تصدِّقه: أنَّه ذهب اللَّيلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟!
قال: نعم، إنِّي لأصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدِّقه بخبر السَّماء، في غدوةٍ أو روحة.
فلذلك سُمِّي أبو بكر: بأبي بكر الصِّدِّيق..
أيها الإخوة الكرام: إن رسول الله لم ينسب لنفسه شيئاً مِمَّا كان في ليلة الإسراء، لأنه لم يفعل شيئاً..
إنما الفاعل الأوحد هو الذي يقول للشيء كُنْ فيكون فهو سبحانه الذي أمر الأمر، وهو الذي يَسَّرَ الأمر، وهو الذي طوى الأرض لحبيبه صلى الله عليه وسلّم تكريماً، وتسلية، وتسرية، وتثبيتاً، وتأييداً له عليه الصلاة والسلام، فامتلأ قلبه بعد الإسراء ثقة على ثقته، وثباتاً على ثباته، وأملاً على أمله.. ﴿سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا ٱلَّذِى بَٰرَكْنَا حَوْلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنْ ءَايَٰتِنَآ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ﴾ نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يأخذ بأيدينا إليه أخذ الكرام عليه إنه ولي ذلك والقادر عليه..
الخطبة الثانية بقي لنا في ختام الحديث أن نقول: إن الله تعالى جعل من الإسراء والمعراج قبلة حياة لدعوة الإسلام.. في وقت كادت دعوة الإسلام أن تلفظ آخر الأنفاس، في وقت كادت دعوة الإسلام أن تموت، لولا لطف الله تعالى ولولا الإسراء والمعراج.
وقعت الإسراء والمعراج بعد سنوات من الأذى، والعذاب، والحصار، والحرب النفسية، وبعد وفاة خديجة، وبعد وفاة أبي طالب، وقعت الإسراء والمعراج بعد رحلة الطائف التي قلت فيها دلائل التوفيق..
وإذا كنا قد انتهينا للتو من الحديث عن الإسراء فهاكم الحديث عن المعراج..
المعراج: هى الرحلة العلوية من الأرض إلى السموات، من المسجد الأقصى إلى سماء الدنيا ثم إلى ما بعدها وما بعدها ثم إلى ما بعد سدرة المنتهى..
كان الهدف من المعراج أن يرى رسول الله من دلائل عظمة الله تعالى وقدرته ما يملأ قلبه شجاعة وثقة ويقيناً على ما هو عليه من الشجاعة والثقة واليقين..
وإذا كان الغرض من الإسراء أن يرى، فالغرض من المعراج أيضاً أن يرى..
أن يرى الأنبياء والرسل من قبله، أن يرى السموات، أن يرى الملائكة، أن يرى سدرة المنتهى، ان يرى الجنة، أن يرى النار، أن يرى حجاب النور الذي بين الله سبحانه وتعالى وبين خلقه، ثم إن الله تعالى كلمه وفرض عليه الصلاة المكتوبة، وجعل رسول الله بفضل الله يرى من شواهد العظمة الإلهية، ومن الآيات، والقدرة، والحكمة البالغة، لله رب العالمين..
{﴿وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ﴾ ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ﴾ ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰٓ﴾ ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَىٰ﴾ ﴿عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ﴾ ﴿ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ﴾ ﴿وَهُوَ بِٱلْأُفُقِ ٱلْأَعْلَىٰ﴾ ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ﴾ ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ﴾ ﴿فَأَوْحَىٰٓ إِلَىٰ عَبْدِهِۦ مَآ أَوْحَىٰ﴾ ﴿مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ﴾ ﴿أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ﴾ ﴿وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ﴾ ﴿عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ﴾ ﴿عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰٓ﴾ ﴿إِذْ يَغْشَى ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ﴾ ﴿مَا زَاغَ وَمَا طَغَىٰ﴾ ﴿لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰٓ﴾}.
هذه المشاهد، وهذه الآيات، وهذه الدلائل غيرت نظرة رسول الله لعدوه وأنهم لا يضرونه في قليل ولا كثير، وغيرت نظرته لدعوته وأنها ستنموا وتنتشر وستبقى، وغيرت الإسراء والمعراج من مفردات النبي عليه الصلاة والسلام فبعد ما كان يقول لأصحابه: (صبراً فإن موعدكم الجنة) أصبح يقول لهم: «(وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ)».
أيها الإخوة الكرام: هكذا: أو قريباً من هذا كان الإسراء وكان المعراج معجزة (فريدة) خص الله بها النبي محمداً صلى الله عليه وسلّم فلم تكن ولن تكون إلا له عليه الصلاة والسلام. محمد سيد حسين عبد الواحد إمام وخطيب ومدرس أول. |
|