أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المبحث الرابع: أطراف الأزمة الأربعاء 15 فبراير 2012, 11:45 pm | |
| المبحث الرابع
أطراف الأزمة:
على الرغم من وجود العديد من الأطراف المتصارعة في إقليم دارفور، ما بين حركات وفصائل مسلحة، وقبائل ذات أصول عربية وأخرى ذات أصول أفريقية، بل بين قبائل محلية وقبائل لها امتدادات عبر الحدود للدولة السودانية، فإن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما دخلت الحكومة السودانية طرفاً في هذا الصراع، ووجدت الدول صاحبة المصالح الفرصة سانحة للتدخل هي الأخرى في الصراع، لتمثل طرفاً آخر بطريق مباشر أو غير مباشر، وهو الأمر الذي زاد الأزمة تداخلا وتعقيدا.
وفي ما يلي استعراض لأطراف تلك الأزمة:
أولاً. الحكومة السودانية:
تتفاوت الرؤى حول موقف الحكومة حيال أزمة دارفور، فالبعض ينفي عن الحكومة أية علاقة بما يجري على أرض الإقليم، ويلقي بالمسؤولية على الجماعات والقبائل المحلية المتصارعة، بينما يرى البعض الآخر أن هناك مسؤولية مشتركة فيما بين الحكومة وجماعات المعارضة في الإقليم، وفيما يلي توضيح لتلك الرؤى:
1. المؤيدون لدور الحكومة في الأزمة:
يرى بعض المعارضين لوجهة نظر الحكومة أن نظرية الفوضى هي التي تحكم السلوك الحكومي تجاه الأزمة، وأن الحكومة، ظلت طوال شهور، تحاجُّ بأن الحرب في دارفور هي، في المقام الأول، حرب قبلية، وأي حل يجب أن يبدأ بمصالحة قبلية.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة، المتكرر، التزامها بتحديد هوية المليشيات التي سلحتها، وتسيطر عليها، أو لديها نفوذ عليها وتحييد تلك المليشيات ونزع سلاحها، فإنها لم تفعل.
وبدلاً من ذلك ظلت تحاجُّ بأنها لا يمكن أن تفعل ذلك إلا بالاقتران مع نزع سلاح الجماعات المتمردة، وأنها لا تسيطر بالفعل على المليشيات.
وألمح مفاوضوها، في أبوجا في أكتوبر ـ نوفمبر 2004، إلى أنهم لا يستطيعون التوصل إلى تسوية سياسية شاملة مع حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان؛ لأنهما لا يمثلان كل منطقة دارفور تمثيلاً كافياً.
وهدف الحكومة ليس إيجاد حل للصراع، وإنما إضعاف الموقف التفاوضي للمتمردين، وغمسهم في صراعات محلية تمنعهم من التوسع إلى خارج دارفور، وتصور نفسها بصورة مراقب برئ لصراع محلي معقد، عمره عقود من الزمن.
ولم تبذل أي محاولة جادة لإيجاد حل، غير استخدام القوة.
كما يرى البعض أن إنكار الخرطوم وجود مشكلة في دارفور لا يبرئها من ذلك، بل تلزمها بالمسؤولية عن أحد أكثر عناصر الأزمة إثارة لعدم الاستقرار داخلياً، وللقلق لدى المجتمع الدولي الذي يجمع على تحملها تلك المسؤولية، وهو رأي تدعمه النتائج التي توصلت إليها لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في دارفور.
غير أن زيادة هجمات المتمردين، من سبتمبر 2004 إلى فبراير 2005، بدأت تخلخل هذا الإجماع بما تعطي مسحة التصديق ظاهرياً لحملة الحكومة الدعائية.
وتقوم إستراتيجية الخرطوم في دارفور على نشر منظم للفوضى.
وقد ظلت تقوم بمناورات مختلفة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عموماً، حيث تعِد كثيراً، ولكنها لا تفي بشيء يذكر، بينما تحاول إخفاء حقيقة أن إستراتيجيتها ضد التمرد، هي التي زادت من تفاقم العناصر القبلية، واستقطبت الانقسامات العرقية في المنطقة.
وبدلاً من اتخاذ إجراءات قوية ضد مليشيات الجانجويد، قامت الحكومة باستيعاب العديد من عناصرها في هياكلها الأمنية الرسمية، بصفة رئيسية في قوات الدفاع الشعبي، واستخبارات حرس الحدود، وكذلك في الشرطة الشعبية وشرطة الرُّحّل.
وإضافة إلى هذه المجموعات "الرسمية"، هناك مليشيات قبلية أخرى سلحتها الحكومة، مثل مليشيا موسى هلال سيئة السمعة "الخفيف السريع المريع"، التي تتخذ من منطقة كبكابية في شمال دارفور قاعدة لها.
وتبدو استخبارات الحدود، بقيادة اللواء الهادي الطيب، هي الهيئة المفضلة لاستيعاب الجانجويد فيها.
وقد أنشئت، سنة 2003، في احتفال عام، منحت الحكومة خلاله العفو العام لعدد كبير من السجناء، وجندتهم لمحاربة المتمردين.
وهي ملحقة بالجيش، الذي يمولها، ولكن الاستخبارات العسكرية تسيطر عليها.
ويقدم لها الجيش الأسلحة والمساعدة اللوجستية، ويمكنها أن تطلب الدعم الجوي والمسلح إذا اقتضت الحاجة.
وأوضح مراقب سوداني قائلاً: "هذه هي، الآن، نواة الجانجويد".
يبدو أن الحكومة تعتقد بقدرتها على تفادي العقوبات، متخذة خياراً سهلاً، بين التقاعس عن العمل، والتذرع بالصعوبة، التي لا يمكن إنكارها في عملية تحييد المليشيات التي أنشأتها. ومن المؤسف أن المجتمع الدولي لم يتخذ بعد إجراء للتأثير على هذه الحسابات.
وقد أوضح أحد مسؤولي الحكومة أن هناك أناساً كثيرين في الحكومة يقبلون بما يقوم به زعماء الجانجويد الآخرون، ربما لأنهم حموا مصالح الحكومة في دارفور.
في حين أن هناك ضرورة لمحاكمة الذين ارتكبوا جرائم داخل الإقليم، وإن كانت هناك خشية من ردود أفعال الحكومة في هذا الشأن.
ومن ثَم، فعلى الحكومة أن توازن بين متطلبات الداخل وضروراته والضغط الخارجي من أجل العمل، والعواقب المحتملة للتقاعس عن العمل.
وينبغي الأخذ في الاعتبار أن سياسة الحكومة القائمة على نشر الفوضى، تظهر أيضاً في معاملتها للأشخاص المشردين داخلياً.
فقد سبق أن اتفقت الخرطوم مع الأمم المتحدة، على جزء من خطة العمل، على أن تكون منظمة الهجرة الدولية مسؤولة عن التعامل مع الأشخاص الذين يريدون العودة طوعاً إلى قراهم.
ولكن العملية برمتها حفها الخطر بسبب منازعات الأمم المتحدة بشأن الاختصاص فيما يتعلق بولاية العودة وطرائقها.
وقُلّصت ولاية منظمة الهجرة الدولية إلى منطقتي شمال وجنوب دارفور، بعد أن أعطى مكتب الأمين العام إذناً لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين بمعالجة جميع المسائل المتعلقة باللاجئين والعودة في غرب دارفور.
ولكن يبدو أن الحكومة ليست لديها رغبة في العمل خلال أي من القناتَين.
وبدلاً من ذلك تصرفت بعدوانية ضد مخيمات المشردين داخلياً، وخاصة المستوطنات الكبيرة في نيالا وحولها، وجنوب دارفور.
وظهر نمط متواصل من هجمات الحكومة على الأشخاص المشردين داخلياً، وتخويف زعماء القبائل بهدف حملهم على العودة إلى قراهم المدمرة، والترحيل القسري للأشخاص المشردين داخلياً.
وكان من أبرز الأمثلة الصارخة على ذلك ترحيل مخيم السِّريف بعد تدمير مخيم الجير.
وعللت الخرطوم الهجوم الأول على الجير، في 2 نوفمبر 2004، بأنه خطوة من قبل "حكومة مسؤولة" لنقل الأشخاص المشردين داخلياً إلى موقع أفضل.
وبعد أسبوع عادت قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والضرب – على مرأى من ممثلي الوجود الدولي، وكان من بينهم ممثلو الأمم المتحدة وفريق تصوير من هيئة الإذاعة البريطانية – ورحلت قسرياً المشردين الذين بقوا في المخيم أو عادوا إليه.
كان التعليل الرسمي، للعمل لما حدث في الجير، هو أن المخيم كان مقاماً على أرض مملوكة ملكية خاصة، وقد طلب المالك إزالته.
أما الرواية غير الرسمية فهي أن هناك تكهنات بأن الحكومة كانت تخشى من أن ذلك المخيم ومخيم عطاش ـ الذي هُدّد ولكنه لم يدمر ـ وكلاهما قريب من إحدى الحاميات الحكومية، يمكن أن يتسلل إليهما جيش تحرير السودان.
وكانت هناك حوادث أخرى من أعمال القسر والترحيل الإجباري، في جميع أنحاء دارفور، بيد أن أحدها لم يوثق مثلماً وثق مخيم الجير.
وفي أوائل أكتوبر 2004، جمعت الحكومة حوالي 800 من الأشخاص المشردين داخلياً من قبيلة القِِمِر في مخيم كلمة، بعد اعتقال ثلاثة من شيوخ القمر، ونقلتهم إلى مخيم قريب للمشردين داخلياً، حيث وُعدوا بالمزيد من الغذاء والمعونة.
ولا يزال تخويف الزعماء القبليين لحملهم على إقناع أتباعهم بالعودة إلى قراهم متصلاً على نطاق واسع.
وأُبلغ عن حالات قتل فيها المشردون داخلياً أو المتمردون بعض الزعماء القبليين الذين يعتقدون أنهم يتعاونون مع الحكومة، مثل عمدة من عمد الزغاوة في شمال دارفور قتل في أوائل نوفمبر، كان متهما بتلقي مبلغ من المال لقاء كل رأس، لتشجيع أتباعه على العودة إلى ديارهم (وكان يشتبه أن ذلك العمل من تدبير جيش تحرير السودان).
وكشف مؤخراً أسلوب آخر للحكومة في شمال دارفور، عندما جمع مسؤولون يحملون مرسوماً من وزارة التربية، المدرسين من مخيمات المشردين داخلياً، وأبلغوهم بأنهم يجازفون بفقد وظائفهم، إذا لم يعودوا إلى أماكنهم الأصلية.
ويبدو أن هذه محاولة لاستغلال الخدمات التعليمية عاملاً جاذب للمشردين داخلياً إلى المناطق التي تتوفر فيها هذه الخدمات، وتعطيل التعليم في المخيمات التي تريد الحكومة إزالتها.
عندما تتهيأ بيئة مواتية لعودة المشردين داخلياً، ينبغي للمانحين أن يصروا على تحمّل الحكومة أكبر قسط من تكاليف إعادة البناء، لأنها تسببت في التدمير.
ويجب على الشركاء الدوليين أيضاً أن يكونوا يقظين حتى لا يُجرّوا إلى خطط تهدف إلى إحداث تغيير ديموجرافي أو تغيير أنماط ملكية الأرض.
وستستمر الحالة في دارفور في التدهور ما لم تغيُّر الحكومة من سياستها، وذلك يقتضي أولاً تغييراً في حسابات الخرطوم فيما يتصل بالإرادة الدولية والعقوبات.
إن الصراع المتصل في دارفور يثير التساؤلات عن قدرة وفد الحكومة، برئاسة على عثمان طه، المكلف بالتفاوض، على التأثير في تصرفات تلك الحكومة.
وكان طه قد وعد في مناسبتين على الأقل بضمان مراعاة الحكومة لوقف إطلاق النار والتزاماتها في دارفور، في حديثه مع مثقفين من منطقة كردفان في 20 يناير 2005 ومع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في 25 يناير2005.
وتوحي تقارير أولية من كردفان بأن طه كان صادقاً، ولكن عناصر في الحكومة، تريد إما اتصال الحرب أو إضعاف الثقة به، أضعفت موقفه.
إن موقف حزب الأمة من مسألة دارفور يتجسد في أن السودان وطن يعمل غالبية أهله بالزراعة، وأن هناك خلل في قيادة مؤسسات الدولة ومواقع اتخاذ القرار السياسي.
لذلك نشأ غبن تنموي وسياسي، تسبب في تكوين الجبهات الجهوية المختلفة، وانتقل، في عهد نظام حكومة الإنقاذ، للتعبير المسلح عن نفسه.
هذا النمط السياسي والتنموي المختل ورثه السودان من الاستعمار؛ وتعاقب ستة عهود على حكم البلاد، بعد الاستعمار، ثلاثة منها منتخبة، وثلاثة انقلابية.
العهود الانقلابية هي التي سيطرت على حكم البلاد بنسبة 75% من عمر الحكم الوطني.
لم تفطن الحكومات، في العهود المنتخبة، لهذا الخلل السياسي التنموي، بصورة أساسية، إلا في الديموقراطية الثالثة، لأن حزب الأمة، منذ انتفاضته الإصلاحية الداخلية، في أكتوبر 1964م، شرع في إصلاحات إضفاء الديموقراطية على عملية صنع القرار واتخاذه بداخله، وجعلت القيادة قريباً من القاعدة الشعبية، لذلك كان تركيب حكومة الديموقراطية الثالثة متوازناً مع التركيبية السكانية في السودان، ووضعت البرامج التنموية والخدمية المناسبة لإزالة الخلل المعهود.
هذه التجربة أجهضها انقلاب "الإنقاذ" الذي استأنف نهج العهود الانقلابية السابق. والنظم الانقلابية على طول سنواتها، كانت في قبضة عناصر لا تستشعر الخلل السياسي والتنموي المذكور.
2. الرافضون لدور الحكومة في الأزمة:
يرى البعض أن الحكومة السودانية لم تتجاهل المشكلة في دارفور، وإنما دُهشت للاستعداء الذي واجهها من بعض القبائل في دارفور، التي دمرت المنشآت الحكومية وقتلت الأبرياء، بل واحتقرت السلطة، ونالت من هيبتها دون سبب واضح لذلك!!
ومع العلم بأن هناك نزاعات قبلية معروفة سببها شح الكلأ والماء، فلم تكن الحكومة طرفاً في هذا النزاع، ولكن وُوجِهت الحكومة لتصبح في موقف الدفاع.. كل الهجمات كانت موجهة لها، وما حدث من تخريب في مطار الفاشر أكبر دليل على ذلك، ثم ما شهدته نقاط الشرطة التي أُحرقت في شمال وغرب دارفور، والضباط الذين قُتلوا من قوات الشرطة، ويجاوز عددهم الـ (60) ضابطاً، هذا خلاف الدمار والقتل الذي حدث.
فوجئت الحكومة إذن وأقعدتها هذه المفاجأة تماماً عن حل القضية، أو التدخل السريع لاحتوائها، حتى كادت تفشل تماماً في إدارة دارفور.
إذن نعلم أن من أتى من القبائل الموجودة بدارفور مدافعاً عن الأرواح والممتلكات وهيبة الدولة، وعن حياة المسؤولين في المواقع المختلفة بالإضافة إلى الخطر المحدق بهم، يستوجب الدفاع والحماية لأنفسهم ولغيرهم، لذلك قد نزلوا الميدان وواجهوا المعركة القبلية الطاحنة.
هذه هي القضية التي واجهت الحكومة في دارفور.. والحكومة المركزية كانت تعلم أن دارفور، كغيرها، ليست محكومة من المركز، فأهلها ممثلون في المجالس التشريعية، وهي الجهة الرقابية للأجهزة التنفيذية، ولهم دور كبير لوضع الحلول والمقترحات، لإدارة ذلك الجزء من الوطن، وذلك في الإدارة والجهاز التنفيذي.
إن الحكومة في هذه المأساة كانت ضحية، لأنها لم تكن طرفاً في هذا النزاع.
فالنزاع نزاع قبلي دائماً، لا دخل للحكومة فيه، وإنما كانت تتدخل لتعويض المتضررين، والتوفيق والمصالحة بين أطراف النزاع، وعقد مجالس الصلح، وإكمال المصالحات بينهم.
ولكنها في هذه المرة استهدفت في الولايات، وهذا الاستهداف الولائي، مقصود به، بالطبع، الحكومة الاتحادية والمؤتمر الوطني الحزب الحاكم.
3. المؤيدون للمسؤولية المشتركة للحكومة والمعارضة عن أزمة دارفور: يرى البعض الآخر أن ما يحدث في غرب السودان، وبالتحديد في إقليم دارفور، ما هو إلا عبارة عن تتويج لسلسلة من أشكال التعبير، وأن إنسان دارفور يشعر بالغبن، ويشعر بالظلم ويشعر بالتهميش، ويشعر بضعف المشاركة، ويشعر بضعف حصته من الثروة القومية.
ومن الناحية الأخرى، الإيجابية، فإن اتفاق السلام الموقَّع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان يمكن أن يُسهم، برأي الكثيرين من المهتمين بشؤون دارفور، مع عناصر أخرى، في حل مشكلة التمرد في دارفور.
وهكذا تبدو الأمور في السودان متشابكة، وتبرز أسئلة كثيرة بين ثناياها، وتتأرجح التوقعات، بين إمكان أن تحمل اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان وضع حد للحرب الأهلية في كل السودان، أو تفتح باباً جديداً لإذكاء نيران فتن وصراعات جديدة، في بلد تبلغ مساحته مليون ميل مربع.
لقد كان لهذه الأحداث التي تجري في الإقليم سواء من جانب النظم الحاكمة المتعاقبة في السودان أو جماعات التمرد في الإقليم آثارها السالبة في الاستقرار الاجتماعي والسياسي لمواطني الإقليم؛ حيث إن التعامل مع القبيلة في دارفور له خطورته وجديته، الأمر الذي لم تتمكن حكومات المركز والقائمين على أمرها التعامل معها بالدقة والاتزان، فانتهجت سياسات فوقية، أدت إلى كوارث اجتماعية، وتعقيدات تمثلت في رفع شعارات المظالم والإغفال المتمثلة في ضعف الاستقرار السياسي والبناء الاقتصادي، وخلو الإقليم من مشاريع التنمية، والطرق المعبدة لربطه بالمركز، فأفرز هذا التهميش والإغفال عدة حركات منادية بالتوزيع العادل للسلطة والثروة، ونادت بتطبيق نظام فيدرالي، يعطي الإقليم حق حكم نفسه، وإرساء دعائم الاستقرار في ربوعه.
وبهذا الأسلوب اختارت الحكومة ما يمكن أن يوصف بالحلول المؤقتة، وتناست أن هذا التمرد يختلف في مضمونه وجوهره عن الصراعات القبلية المعهودة، فالأمر له أسبابه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتراكمات الماضي التي تتمثل في التجاهل والتهميش؛ ما أدى إلى حالة من اليأس في دارفور، انطلق على أثرها السخط الشعبي، الذي جمع، ولأول مرة منذ سنوات طويلة، كل قبائل دارفور بشتى طوائفها في بوتقة واحدة، ولذلك كان الأحرى بحكومة الإنقاذ أن تبحث، وتتقصى أسباب المشكلة وجذورها، وأن تحاول علاجها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، برفع المظالم والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
رغم أن بداية النزاعات في دارفور، اندلعت منذ الثمانينيات من القرن الماضي إلا أنها تطورت، بل تفاقمت وتعذرت السيطرة عليها. وأصبحت دارفور، فجأة، مادة دسمة، تتهافت عليها المنظمات، وحجة مقنعة تتذرع بها الدول للتدخل!!
فمن أشعل نيرانها ونكأ جراحها؟ هل هم أبناؤها وساستها حقاً؟ أم أعداء الوطن؟ وهل بوسع الحكومة احتواء الأزمة، وقفل الطريق أمام التدويل والتدخل الخارجي؟
يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المبحث الرابع: أطراف الأزمة الأربعاء 15 فبراير 2012, 11:51 pm | |
| ثانياً: حركات المعارضة:
التنظيمات الأفريقية:
أ. جبهة نهضة دارفور:
تشكلت هذه الحركة في أكتوبر 1964، وكان كل من أحمد إبراهيم دريج (أحد أبناء سلطان الفور في جبل مرة)، ود. على الحاج محمد (من قبائل البورنو الأفريقية) من أنشط أعضائها، وجاءت مطالب هذه الجبهة رد فعل للتخلف الذي يعاني منه غرب السودان، فركزت على المشاركة في السلطة والثروة مع الحكومة المركزية، وكان منهجها في المعارضة سياسياً خالصاً.
وفي عام 1965، رشح أحمد دريج نفسه في الانتخابات التشريعية، وفاز عن دائرة من دوائر دارفور، وعندئذ سارع حزب الأمة (جناح الصادق المهدي) إلى ضمه واختياره رئيساً للمعارضة، بينما انضم د. على الحاج إلى الجبهة الإسلامية القومية، بزعامة د. حسن الترابي، وبذلك توقف نشاط جبهة نهضة دارفور.
ب. حركة بولاد:
أسسها المهندس داوود يحي بولاد (من قبيلة الداجو الأفريقية) عام 1990، وأعلنها حركة معارضة عسكرية، وذلك بعد أن أخفق في تحقيق مطالب أهل دارفور، من خلال الحركة الإسلامية التي كان عضوا نشطا فيها، غير أن نقطة الضعف التي قضت على تلك الحركة أنها استعانت بالحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب استعانة كاملة، ولم يكن لها سند عسكري حقيقي من داخل إقليم دارفور، ما سهل القضاء عليها من قبل حكومة الإنقاذ، وإعدام زعيمها.
ج. حركة تحرير السودان:
نشأت هذه الحركة المسلحة في فبراير 2003، من قبائل الزغاوة والفور والمساليت والبرتي وآخرين من القبائل الأفريقية، ويتزعم هذه الحركة المحامي عبد الواحد نور من قبائل الفور.
بينما يتولى أمانتها العامة منى أركوي مناوي من قبائل الزغاوة، وقد انحصرت مطالبها، في البداية، في وقف المليشيات العربية المسلحة، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، والمشاركة في السلطة.
وعندما رفضت الحكومة السودانية التفاوض على هذه الأسس، لجأت الحركة إلى العمل المسلح.
وتتسم هذه الحركة بقوة فاعليتها العسكرية، بينما لا ترتفع أجندتها السياسية إلى نفس المستوى، حيث لم تعلن برنامجاً سياسياً يمكن الإطلاع عليه، غير أن فرعها في كندا أصدر بياناً، في ابريل 2003، يشير إلى أن هدفها: إما الكونفدرالية أو الانفصال، وتأتي تصريحات عبد الواحد نور بعد هذا التاريخ ليحدد هدفاً آخر، وهو الحكم الذاتي لكل أقاليم السودان، وقد قبلت مؤخراً الحركة في التجمع الوطني المعارض، وأصبحت تنسق رسمياً مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب، ومع مؤتمر البجا في الشرق.
والجدير بالذكر أن أحمد إبراهيم دريج عاد إلى الحياة السياسية، في سنة 1994، بتنظيم جديد أسماه التحالف الفيدرالي السوداني، وأعلن تنظيماً سلمياً وقومياً لكل السودان، ودخل به في التجمع الوطني الديموقراطي المعارض، غير أن د. شريف حرير، وهو نائب رئيس هذا التنظيم، أعلن مؤخراً تحالفه مع حركة تحرير السودان العسكرية الجهوية، ولم يتضح بعد إن كان هذا الانضمام بشخصه فقط، أم بالتنظيم كله، ما يضع علامة استفهام حول الطبيعة الآنية للتحالف الفيدرالي، وعلاقتها بالأعمال العسكرية التي تدور في دارفور.
د. حركة العدل والمساواة: تشكلت هذه الحركة بعد حركة تحرير السودان ولكن في نفس العام 2003، وهي مكونة من قبائل الزغاوة والفور والمساليت، ويقود جناحها السياسي د. خليل إبراهيم من قبيلة الزغاوة ومن أتباع د. حسن الترابي.
أما الجناح العسكري فيتولى قيادته العميد التيجاني سالم درو.
وتتميز هذه الحركة بقوة أجندتها السياسية التي تفوق عملها العسكري، ويتشكل الهيكل الإداري للحركة من قيادة تنفيذية ومؤتمر عام ومجلس للداخل ومجلس للخارج.
وتهدف الحركة إلى سودان موحد في إطار الفيدرالية، وتطرح رؤيتها لنظام الحكم، فتشير إلى أن ولاية الرئيس المنتخب لا تزيد عن أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، كما تدعو إلى تقسيم السودان إلى سبعة أقاليم، هي الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط وكردفان والخرطوم.
وأن يأتي الرئيس بالتناوب بين الأقاليم، كما تطالب بمجلس شيوخ، إلى جانب مجلس النواب؛ حتى يؤدي ذلك إلى توازن في السلطة التشريعية.
هـ. ظهور الجماعات المسلحة الجديدة: ظهرت أربع حركات جديدة على الأقل في دارفور وغرب كردفان المجاورة، خلال عام 2003. وهي:
(1) الحركة الأولى: الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية: وهي حركة منشقة عن حركة العدل والمساواة قبل مفاوضات وقف إطلاق النار في انجامينا.
وتتخذ الحركة، التي يقودها القائد جبريل عبد الكريم بري، من منطقة جبل مون، في غرب دارفور، مقراً لها.
وورد أن الانشقاق عن حركة العدل والمساواة حدث نتيجة لخلاف في الرؤية السياسية.
فمطالب جبريل بري تركز على إقليم دارفور في المقام الأول، بينما تسعى بقية القيادة إلى تحقيق أهداف وطنية أشمل.
وتدعي الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية أيضاً أنها تقاتل من أجل فصل الدين عن الدولة، شأنها في ذلك شأن جيش تحرير السودان، وأنها لا تؤيد النـزعة الإسلامية في قيادة حركة العدل والمساواة.
وقد حدث الانشقاق في مؤتمر لحركة العدل والمساواة، في 23 مارس 2004، في جبل كارو. وحضر جبريل بري مفاوضات وقف إطلاق النار في انجامينا بوصفه من ممثلي جيش تحرير السودان، حيث أعقب ذلك تشكيل الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية.
ودعمتها، فوراً، الحكومة التشادية سياسياً، بالأسلحة والمركبات أيضاً، حسب بعض الروايات. يبدو أن منطق تشاد في دعم الحركة الوطنية للإصلاح والمساواة، التي يقال أن عضويتها تتألف في معظمها من الزغاوة (شأنها شأن حركة العدل والمساواة)، هو أن أفراد قبائل الزغاوة الفرعية المكونين لها لا يمثلون التحدي نفسه للحكومة التشادية الذي يمثله قادة حركة العدل والمساواة، وأنهم أقرب إلى الرئيس دبي منهم.
وأتى الوفد التشادي بممثلي الحركة الوطنية للإصلاح والمساواة إلى الجولة الأولى من المحادثات التي رعاها الاتحاد الأفريقي في أبوجا في شهر أغسطس 2004.
ورغم أن ممثلي الحركة التقوا بالرئيس النيجيري أوباسانجو، إلا أنهم لم يتلقوا دعوة لحضور المفاوضات، حيث يرجع ذلك، جزئياً، إلى أن مندوبي حركة العدل والمساواة هددوا بالانسحاب منها.
وعلى الرغم من ادعاء الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية بأن برنامجها السياسي هو برنامج جيش تحرير السودان عينه، إلا أنها ترغب في أن يكون لها مقعدها الخاص على طاولة المفاوضات، وفق ما أوردته وسائط الإعلام الحكومية، أصدرت الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية تهديداً ضد الاتحاد الأفريقي والمنظمات غير الحكومية العاملة في دارفور إلى حين حصولها على ذلك المقعد.
وحتى أواخر أكتوبر 2004، لم تكن الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية تتمركز في سوى منطقة الطينة في شمال دارفور، بمحاذاة الحدود التشادية.
وفي 29 أكتوبر 2004، قامت الحركة بهجوم، واستولت على أرض في منطقة جبل مون بغرب دارفور.
ويدعي ممثلو حركة العدل والمساواة أن الخرطوم تساند الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، بغية إضعاف حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان.
وهم يؤكدون أن الهجوم على جبل مون شُن انطلاقاً من الجنينة، حيث وفرت الحكومة السيارات والأسلحة للمهاجمين.
في 18 ديسمبر 2004، وقعت الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية على اتفاق منفصل لوقف إطلاق النار مع الحكومة، بوساطة من تشاد.
ويؤكد الاتفاق، مجدداً، الاتفاقات الموقعة مع جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، ويدعو إلى إنشاء آلية رصد دولية موازية لتنفيذه، كذلك، كررت الحكومة تعهدها بنـزع سلاح المليشيات.
ويمكن استخلاص شيئين، على الرغم من أن التفاصيل تظل غامضة:
أولهما: تلقي الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية دعماً كبيراً، من حكومة تشاد، على الأرجح، أو حكومة السودان.
ويرى البعض أن المال الابتدائي للمساعدة المقدمة من الرئيس دبي مصدره الخرطوم.
ويشير البعض إلى أن الحركة في جبل مون لديها سيارات وملابس عسكرية جديدة، وصواريخ، ومدافع ثقيلة، الأمر الذي يشير إلى تلقيها الدعم من جهة خارجية.
ثانيهما: لا يبدو أن الحركة تتلقى الدعم من الخرطوم في الوقت الراهن.
فقد اشتبكت مع القوات الحكومية مرات عديدة، منذ أوائل سبتمبر 2004، واشتبكت مرة واحدة، على الأقل، مع حركة العدل والمساواة، في أواخر أكتوبر 2004.
والتقارير التي تفيد بوجود ما يصل إلى ثلاثة معسكرات للحركة الوطنية للإصلاح والتنمية في تشاد، تشير إلى أن الدعم إذا كان لا يزال يتدفق على الحركة، فإن مصدره تشاد.
(2) الحركة الثانية: حركة كرباج: وهي تتكون، في الغالب، من العرب، ويقال أنها تتمركز في جنوب دارفور.
ولا يعرف الكثير عن هذه الجماعة، رغم أن بيانات مجهولة المصدر وزعت تدعي تمثيل آرائها.
ولم تقم هذه الجماعة بأي شيء في الميدان حتى الآن، بيد أن هناك روايتين لنواياها المحتملة، وتتمثل الرواية الأولى في أنها من إنشاء الحكومة، وأنها مصممة لتنظيم العرب في حركة سياسية "مشروعة"، ما يزيد تعقيد الحالة، ويقوض مزاعم المتمردين بتمثيل دارفور في أي مفاوضات.
وتشير الرواية الثانية إلى أن الجماعة جزء من حركة أكبر بكثير، لا تزال تتطور وسط القبائل العربية، لتأكيد استقلال تلك القبائل عن الحكومة ومعارضتها لها. ويقال أن هناك إدراكاً متعاظماً، بين العديدين من أفراد تلك القبائل الذين انضموا إلى إستراتيجية الخرطوم لمكافحة التمرد، أنهم قد استغلوا استغلالاً سيئاً، وأنهم لن يستفيدوا من مواصلة الصراع.
وقد أخذت الاتصالات تتزايد بين قادة القبائل العربية، ومنهم أفراد من الجانجويد أحياناً، وجيش تحرير السودان، منذ منتصف عام 2004، عندما كان الضغط الدولي من أجل نزع سلاح الجانجويد في ذروته.
وقام بعض أفراد الجانجويد بفتح قنوات سعياً إلى الدخول في تحالفات، وذلك خشية من أن يتخذوا كبش فداء.
تعود بعض الاتصالات إلى ما قبل ذلك, فقد تقرر عقد اجتماع، في ديسمبر 2003، بين بعض قادة العرب الذين يقاتلون مع الحكومة، وأمين عام حركة / جيش تحرير السودان، في ذلك الحين، عبد الله أبكر، والذي قُتل في الشهر التالي في هجوم حكومي.
وعلمت الحكومة بالاجتماع، وقصفت مكانه قبل انعقاده، ما أدى إلى زيادة عدم الثقة وسط القبائل العربية المعنية وجيش تحرير السودان.
وترددت أنباء بأن بعض عناصر القبائل العربية، التي رأت أن الصراع لا يخدم مصالحها، تحاول، الآن، إنشاء حركة عربية منفصلة في دارفور لقتال الحكومة، وإقامة صلات ندية مع جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة.
وقد تكون حركة كرباج هي ما يمثل تلك القبائل إلا أن المعلومات القليلة للغاية المتوافرة عن الحركة لا تتيح التيقن من ذلك.
(3) الحركة الثالثة: حركة شهامة:
وهي تتشكل من المسيرية في غرب كردفان المجاورة. وقد برزت الحركة في أكتوبر 2004 ، ويقال إن قائدها هو موسى علي حمدين، وهو من الأتباع السابقين لرئيس المؤتمر الشعبي، حسن الترابي، وأحد القادة السابقين للدفاع الشعبي، في غرب كردفان.
ويقال أنه توفي وفاة طبيعية، في 30 نوفمبر 2004، في مدينة وروار التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان، في شمال بحر الغزال.
ووزعت الجماعة منشورات معادية للحكومة في أجزاء من غرب كردفان، حيث أقسمت على القتال ضد تفكيك تلك الولاية، ذلك التفكك الذي اتفقت عليه الحكومة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في الاتفاق المتعلق بجبال النوبة/جنوب كردفان.
وحدثت هجمات على مواقع حكومية في مدينتي غبيش ومجرور في غرب كردفان، في أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر 2004، ورغم أن اللوم أُلقي في بادئ الأمر على حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، قد يكون للأشخاص الذين يعملون باسم شهامة علاقة بذلك.
(4) الحركة الرابعة: الحركة السودانية لإزالة التهميش:
بدأت فيما يبدو، في منتصف ديسمبر 2004، بهجوم أحدث صدى كبيراً واستهدف المنشآت النفطية الحكومية في شارف بالقرب من الحدود بين جنوب دارفور وغرب كردفان.
وبعد ذلك ظهر أن ذلك العمل قام به جيش تحرير السودان.
وتشير مقابلات أُجريت مع العديد من أنصار جيش تحرير السودان إلى أن حركتهم قامت بالهجوم رد فعل على هجوم الحكومة الذي كان جارياً حينها، إلا أنها سعت إلى إخفاء هويتها لتفادي الإدانة الدولية.
و. التنظيمات العربية:
(1) التجمع العربي:
نشأ هذا التجمع في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وإن كانت إرهاصاته قد لاحت منذ سنة 1965، وهو يتكون من 27 قبيلة عربية من غرب السودان، ومن أهم هذه القبائل الرزيقات وبني هلبة والهبانية والتعايشة، ويحدد هذا التجمع أهدافه وإستراتيجية تحقيق هذه الأهداف في منشورات باسم قريش 1 و2، وتتلخص في أن الحكومات المتعاقبة في السودان، حالت دون مشاركة هذه القبائل في حكم السودان لمدة تناهز القرن، وأن مثل تلك الحكومات ستظل تتشبث بحكم البلاد إلى الأبد، وأن المطلوب من الجميع هو التسامي على الانتماءات الفكرية والطائفية في سبيل تحقيق الأهداف النبيلة ومنها: الهدف المرحلي المتمثل في الاستيلاء على حكم ولايات الغرب الستة في دارفور وكردفان. والهدف النهائي ويتمثل في الاستيلاء على الحكم في السودان في سنة 2020.
إن إستراتيجية تحقيق أهداف هذا التجمع تتمثل في القيام على مستوى السياسة الداخلية بمهادنة السلطة القائمة والاستيلاء على مراكز القرار.
وإبراز الدور القومي العربي في التصدي لقبائل الزرقة في الغرب، وأن التجمع العربي هو خط الدفاع الأول ضد المتمردين من القبائل الأفريقية.
وتوسيع فجوة الثقة بين المركز وأبناء القبائل غير العربية بدفع القيادات من أبناء الزرقة إلى مزيد من التطرف، وشل حركة المرافق الخدمية في مناطق الزرقة بحيث يشعرون بعجز الحكومة عن توفير أبسط مقومات الحياة.
ومهادنة القبائل الجنوبية، وبخاصة الدنكا خوفاً من المصادمات العنيفة.
وتشديد الخناق على أبناء جبال النوبة (جنوب كردفان) وقبائل الزرقة في دارفور، وذلك لتفريغ هذه المناطق من سكانها والاستيلاء عليها، وإفساح المجال للعرب لامتلاكها، والتحكم في أي قرار بشأن هذه المناطق المذكورة, وبقاء القيادات البارزة من القرشيين في المؤتمر الوطني الحاكم, وضرورة ترقية الأداء المالي لقريش.
أما على مستوى السياسة الخارجية فإستراتيجية تحقيق ذلك تقوم على أساس تقوية التنسيق والتشاور مع القرشيين في دول الجوار، وتطوير التفاهم الإستراتيجي مع الجماهيرية الليبية، على هدى ما اختطه البقلاني أصيل والشيخ بن عمر.
وتطوير برامج سباق الهجين والاستفادة في توثيق الروابط مع الأشقاء في دول الخليج.
(2) الجانجويد:
هي ميليشيات من الفرسان المسلحين من قبائل البدو الرحل العربية، القادمة في الأصل من شمال دارفور ودولة تشاد، وفي الماضي كان هؤلاء الجانجويد يمثلون جماعات كانت تعيش على هامش الحياة في دارفور وتقتات من النهب المسلح، ومع اندلاع الأحداث في دارفور، تعاظم دورها وأخذ طابعاً سياسياً عنصرياً.
فهم يهاجمون القرى الأفريقية وينهبونها، ثم يقتلون سكانها ويحرقون مساكنهم، وبذلك يدفعون من تبقى منهم للهرب فيحتلون أراضيهم، وبذلك يغيرون من ديموجرافية المكان لصالح القبائل العربية، وهنا يلتقي هدفا الجانجويد والتجمع العربي.
فإذا ثبت أن الحكومة السودانية تنسق مع الجانجويد، كما هو ظاهر، تصبح طرفاً ثالثاً في هذا الحلف الجيوسياسي، وما يترتب عليه من منافع اقتصادية تتمثل في الاستيلاء على الأراضي الزراعية الخصبة التي هجرها سكانها.
ويرى البعض أن الجانجويد قلما يهاجمون المسلحين في الحركتين المتمردتين، فهم يركزون على المدنيين العزل، حتى أنهم يتتبعون الهاربين منهم عشرات الكيلومترات داخل الأراضي التشادية، وأحياناً تهاجم الجانجويد بعض القبائل العربية التي ترفض الانضمام إليها، وتفضل الحياد مثل قبيلة الدوروك. |
|