أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545 العمر : 72
| موضوع: عَلَى رِسْلِكُمْ أَيُّهَا المحتفلونَ بِـ (المولدِ النَّبويِّ) الجمعة 03 فبراير 2012, 12:46 am | |
| عَلَى رِسْلِكُمْ أَيُّهَا المحتفلونَ بِـ(المولدِ النَّبويِّ)
أ.النميري بن محمد الصَّبَّار غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاهُ ، أمَّا بعدُ :
فَفِي اليومِ الثَّاني عشر منْ شهرِ ربيعِ الأولِ مِنْ كُلِّ سنةٍ هجريةٍ ، يَتَداعَى الكثيرونَ مِنْ أبناءِ الإسلامِ في مُختلفِ الأقطارِ الإسلاميةِ للاحتفالِ بمناسبةِ(المولدِ النَّبويِّ) ، ويُقدَّرُ عَددُ المرتادِينَ لهذا المولدِ بالملايينِ المملينةِ في بعضِ البلادِ الإسلاميةِ[1] .
و تَتعدَّدُ مظاهرُ هذا الاحتفالِ[2] ، ويأخذُ ألواناً متنوعةً مِنَ الابتهاجِ ؛ حيثُ تُزَيَّنُ المساجِدُ ، وتُنْشدُ فِيها القصائدُ الخاصَّةُ بالمولدِ ؛ كما في (قصيدةِ البردةِ) ، وتُنصبُ الخيامُ الكبيرةُ ، وتُغنَّى فيها المدائحُ النَّبويَّةُ ، و غالباً ما يُصاحِبُ ذلكَ اختلاطٌ بينَ الجنسينِ ، ونوعٌ مِنَ التَّمايلِ والتَّراقصِ ، وتُؤْكلُ خلالَ ذلكَ الحلوى المصنوعةُ خصيصاً لهذا المولدِ ؛ كما تُرْفعُ الأَعْلامُ ، وتُحْملُ الرَّاياتُ المخصَّصةُ لهذهِ المناسبةِ .
وهَكذا تَجْرِي أَحداثُ المولدِ النَّبويِّ ، وتَنْقَضِي سَاعَاتُهُ في جَوٍّ ، يَطْغى عليه المرحُ والضَّجيجُ ، و إِنَّ لَنا –بَعدَ ذلكَ كُلِّهِ- أَنْ نقولَ لأُولئكَ المشاركينَ في(المولدِ النَّبويِّ)-ونَحنُ لَهم نَاصِحونَ مُشفقونَ- : على رِسْلِكُمْ أَيُّها المحتفلونَ! فَما هَكَذا يَكونُ فَرَحُكم بمولدهِ صَلَّى الله عليهِ وسلَّمَ!! وما هَكَذا يَكونُ تعبيرُكم عنْ محبتهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ!! ، وإنَّ الواجبَ عليكم أنْ تَقوموا بِعمليةِ مُراجعةٍ دقيقةٍ لما تَقومونَ بهِ مِنْ أعمالٍ ؛ استناداً على أَدواتِ التَّمحيصِ والتَّحقيقِ الماثلةِ في أُصولِ مِنهاجِ النُّبوةِ ، وقَواعدهِ الَّتي بِهَا يُعْرفُ الحقُّ منَ الباطلِ، والهدى مِنَ الضَّلالِ ؛ كما قَالَ تعالى : {اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[لأحقاف : 4] .
وفي ذلكَ يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-رَحمهُ اللهُ- : ((وَقَدْ طَالَبَ سُبْحَانَهُ مَنْ اتَّخَذَ دِينًا بِقَوْلِهِ { ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } . فَالْكِتَابُ : الْكِتَابُ ، وَالْأَثَارَةُ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ : هِيَ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ ، وَقَالُوا : هِيَ الْخَطُّ أَيْضًا ؛ إذْ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ يُكْتَبُ بِالْخَطِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَثَارَةَ مِنَ الْأَثَرِ ، فَالْعِلْمُ الَّذِي يَقُولُهُ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ يُؤْثَرُ بِالْإِسْنَادِ ، وَيُقَيَّدُ بِالْخَطِّ فَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِهِ)) [3] . وتَبقى التَّساؤلاتُ الملِّحةُ :
• مَنْ هُوَ أَوَّلُ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ ؟
• هَلِ احتفلَ سَلفُ الأُمَّةِ الكرامُ مِنَ القرونِ الفاضلةِ-رَضِيَ اللهُ عَنْهم-بـِ(المولدِ النَّبويِّ) ؟
• هَلِ اتَّفقَ المؤَرِّخُونَ على تأريخٍ مُعيَّنٍ لمولدِ النَّبيِّ-صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- ؟
• مَا حُكْمُ الشَّريعةِ في الاحتفالِ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) ؟
أَقولُ وباللهِ التَّوفيقُ ؛ إجابةً لهذهِ التَّساؤلاتِ الملِّحةِ ؛ انطلاقاً مِنَ البراهينِ العلميةِ؛ دَاعياً إلى التَّأَمُّلِ فيها بكُلِّ إِنصافٍ ومَوضوعيةٍ :
إنَّ أَوَّلَ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ ، هُمْ (بنو عبيدِ القدَّاحِ)[4]:
خلفاءُ الدَّولةِ الفاطميةِ ؛ كما أَبانَ عَنْ هَذهِ الحقيقةِ التاريخيةِ العلامةُ (المقريزيُّ)-رَحمه اللهُ- إذْ يَقولُ تَحتَ عُنوانِ: (ذِكرُ الأيَّامِ الَّتي كَانَ الخلفاءُ الفَاطِميونَ يَتَّخِذونها أَعياداً ومَواسِمَ تَتَّسِعُ بها أَحْوالُ الرَّعيةِ وتَكثرُ نِعَمُهم) :
((كَانَ للخُلفاءِ الفَاطميينَ في طُولِ السَّنةِ أَعيادٌ ومَواسِمُ، وهِي: مَوسمُ رَأسِ السَّنةِ، ومَوسِمُ أَوَّلِ العَامِ، ويَومُ عاشَوراءَ، ومولدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم...))[5] .
فَمنْ هُمْ هَؤُلاءِ (بنو عبيدِ القدَّاحِ) ؟
يَقولُ عَنْهم شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ الله- :
((كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ رَافِضَةٌ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ : إسْمَاعِيلِيَّةٌ ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ : ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ ، وَاتَّفَقَ طَوَائِفُ الْمُسْلِمِينَ : عُلَمَاؤُهُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ : عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ قِتَالَهُمْ كَانَ جَائِزًا ؛ بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ نَسَبَهُمْ كَانَ بَاطِلًا ، وَأَنَّ جَدَّهُمْ كَانَ عُبَيْدَ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ لَمْ يَكُنْ مِنْ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ ، وَشَهِدَ بِذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ القدوري إمَامِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الإسفرائيني إمَامِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَمِثْلِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى إمَامِ الْحَنْبَلِيَّةِ ، وَمِثْلِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ إمَامِ الْمَالِكِيَّةِ .
وَصَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الطَّيِّبِ فِيهِمْ كِتَابًا فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ ، وَسَمَّاهُ " كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكُ الْأَسْتَارِ " فِي مَذْهَبِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ ، وَاَلَّذِينَ يُوجَدُونَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ الإسْماعيليَّة وَالْنُصَيْرِيَّة وَالدُّرْزِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ ، وَهُمْ الَّذِينَ أَعَانُوا التَّتَارَ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ وَزِيرُ هُولَاكُو " النَّصِيرَ الطوسي مِنْ أَئِمَّتِهِمْ،وَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُلُوكِهِمْ)) [6] .
أَفَبعدَ هَذهِ الحقيقةِ العلميةِ التَّاريخيةِ القطعيةِ ، يجوزُ لأَحدٍ أنْ يحتفلَ بالمولدِ النَّبويِّ، أو يبتهجَ بهِ ، و هُوَ مِنْ صنيعِ أُولئكَ الملاحدةِ الزَّنادقةِ ؟!!
أَمَّا سَلفُ هذهِ الأُمَّةِ الكرامِ مِنَ القرونِ الفاضلةِ-رَضِيَ اللهُ عَنْهم- ؛ فإنَّ أهلَ العِلمَ قَاطبةً اتَّفقوا على أَنَّ وَاحِداً منهم لَمْ يحتفلْ بهذا المولدِ النَّبويِّ ، وإِنَّما هو شَيءٌ أُحْدِثَ بعدهم ؛ كَما نَقلَ ذلكَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية[7] ، و الإمامُ الفاكهانيُّ[8] ، والعلامةُ ابنُ الحاج[9]-رَحمهم اللهُ- .
وَمِنَ الحقَائقِ التَّاريخيةِ الثَّابتةِ أَنَّ المؤرِّخينَ قَدِ اختلفوا في تحديدِ شَهرٍ مُعيَّنٍ ، أَوْ يَومٍ معينٍ لمولدِ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ؛ فَقَالَ بَعْضُهم : إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وُلِدَ في رَمضانَ ، وَقَال آخرونَ : إِنَّهُ وُلِدَ في رَبيعِ الأَوَّلِ .
أَمَّا يَومُ مَولدهِ ؛ فقد اختلفوا فيهِ على خمسةِ أقوالٍ : فَقِيلَ: لليلتينِ خَلتَا مِنْهُ ، وَ قِيلَ: لِعشرٍ خَلونَ مِنْهُ ، وَ قِيلَ: لِثمانٍ خَلونَ مِنْهُ ، وَ قِيلَ: لاثْنَتيْ عَشرة خَلتْ مِنْهُ ، وَ قِيلَ: لِثمانٍ بَقينَ مِنْهُ[10] .
علاوةً عَلَى أَنَّ الشَّهرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ نَبِيُّنَا مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ هُو الشَّهرُ ذَاتُهُ الَّذِي تُوفِّيَ فيهِ ؛ كَمَا نَبَّهَ على ذلكَ غَيرُ واحدٍ مِنَ أهلِ العلمِ المحقِّقينَ[11] .
فَهلْ يُعْقلُ-بَعدئِذٍ- أنْ يحتفلَ مُسْلمٌ يُحِبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حقٍّا بيومٍ مَشكوكٍ فِيهِ ؟! أَوْ يَفرحَ بيومٍ ماتَ فيهِ ؟!!
وبعدَ هذه الحقائقِ العلميةِ التاريخيةِ القطعية ، نَصِلُ-بإذنِ الله- إلى النَّتيجةِ الحاسمةِ في حُكمِ الاحتفالِ بِـ(المولْدِ النَّبويِّ)-بلا تَلجلجٍ ولا مواربةٍ- ، وهو أَنَّهُ لا يجوزُالاحتفالُ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) ، وذلكَ مِنْ جهتينِ :
أولاهما : مِنْ جهةِ أصلِ الاحتفالِ ؛ والأخرى : مِنْ جهةِ مآلاتهِ وما يَجُرُّهُ مِنْ مفاسدَ عظيمةٍ .
أَمَّا مِنْ جهةِ أصلهِ ؛ فَإِنَّهُ مِنَ البدعِ المحدثةِ في الدِّين ؛ لأَنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لم يَفْعلْهُ ، ولا خُلفاؤهُ الرَّاشدونَ ، وهُمْ أَعْلمُ النَّاسِ بالسُّنةِ ، وأكملُ حُبًّا لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومُتابعةً لشرعهِ ممنْ بَعدهُم[12] .
وقد ثَبتَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم التَّحذِيرُ الشَّديدُ مِنْ إِحْداثِ البِدعِ والعملِ بها في أَحاديثَ كثيرةٍ ، منها :
قَوْلُهُ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))[13] ، أَيْ : مَردودٌ عَليهِ[14] ، وَ قَوْلُهُ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ)) [15] .
كَذلكَ فإِنَّ إحداثَ مثلِ هذه الموالدِ البدعيةِ فِيهِ مَزلقٌ في غايةِ الخطورةِ ، وهو مَاثلٌ في أَنَّ اللهَ سُبحانَه لم يُكملْ دِينَه لهذهِ الأُمَّةِ ، وأَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لم يُبلِّغْ ما يَنبغي للأُمَّة أَنْ تَعملَ بهِ ؛ و منْ ثَمَّ-وحَاشاه منْ ذلكَ- يَكونُ كاتِماً لأمانةِ البلاغِ الَّتي أَمَرهُ اللهُ تعالى بأدائِها ، وفي هَذا مِنَ المضادَّةِ الفَظيعةِ لنصوصِ الكتابِ والسُّنةُ ما اللهُ بهِ عليمٌ ؛ كما في قولهِ تَعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }[لمائدة : 3] ، وقولهِ تَعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[لمائدة: 67]
وليسَ ثَمَّتَ مجالٌ للشَّكِ في أَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم قد بَلَّغَ البلاغَ المبينَ ، كما ثبتَ في الحديثِ الصَّحيحِ ، عنْ عبدِ الله بنَ عَمرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما ، قالَ رَسُولُ اللِه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ : ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) [16] . أَمَّا مِنْ جِهةِ مَآلاتهِ ؛ فَإِنَّهُ ؛ كما يَحْكي الواقعُ المشاهدُ ، يَجُرُّ إلى مفاسدَ عظيمةٍ ؛ لعلَّ أَبْرزها مَا يلي :
1-المفاسِدُ الاعتقادِيَّةُ ؛ وَ هَذا قَائِمٌ في ذَلكَ الغُلُوِّ الشَّنيعِ الَّذي يُخْرِجُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ مَقامِ البشريةِ إلى مقامِ الألوهيةِ ، و يُصيِّرهُ-عياذاً باللهِ- رَبًّا يَتوَجَّهُ إليهِ النَّاسُ في دُعَائِهم ، وَاسْتغاثتِهم ، وطلبِهم للمدَدِ، واعتقادِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغيَبَ ، ونحوِ ذلكَ مِنَ الأُمورِ الكُفريةِ الَّتي يَتعاطَاها الكَثيرُ مِنَ النَّاسِ حِينَ احْتفالهم بِمولدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ[17] ، والَّتي مَا بُعِثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا لإبطالِهَا والقَضاءِ عَلَيها .
2-المفاسدُ السُّلوكيةُ و الأخلاقيةُ ؛ كاختلاطِ النِّساء بالرِّجالِ ، واستعمالِ الأَغاني والمعازفِ ، وشُربِ المسكراتِ والمخدِّراتِ ، وإضاعةِ الأموالِ الطَّائلةِ، وقدْ يَقعُ فِيهِ ما هو أعظمُ منْ ذلكَ كُلِّهِ ، وهُو مَا تَراهُ مَاثلاً في تَعطيلِ الصَّلاةِ الَّتي هي أكبرُ شَعيرةٍ في الإسلامِ[18] .
وَاللهُ المسْئُولُ أَنْ يُوَفِّقَنا وَسَائِرَ المسلمينَ لِلفقهِ في دِينهِ ، والثَّباتِ عَليهِ ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلى الجميعِ بِلزومِ السُنَّةِ ، وَالحَذرِ مِنَ البِدعِ ، إِنَّهُ جَوادٌ كَريمٌ .
--------------------------------------------- (1)-انظر : كتاب المنتدى"دمعة على التوحيد" : (ص/48) . (2)-انظر : كتاب المنتدى"دمعة على التوحيد" : (ص/48-52) ، و" تاريــــــــخ الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم ومظاهره حول العالم" لمحمد خالد ثابت ، والكتاب عليه ملحوظاتٌ منهجيةٌ وعقديةٌ خطيرةٌ ؛ فليتنبه لهذا ! (3)-"مجموع الفتاوى" : (3/316) ، و"درء التعارض" : (1/32) . (4)-انظر :"القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" : (ص/62-70 و88) للشيخ إسماعيل الأنصاري ؛ فقد أجاد وأفاد في بيان أسماء أهلِ العلمِ الذين أَكَّدوا هذه الحقيقة . (5)-" المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" : (1/490) للمقريزي . (6)-"مجموع الفتاوى" : (28/635-636) . (7)-انظر :"اقتضاء الصراط المستقيم" : (ص/295) ، و"الفتاوى الحموية" : (1/312) . (8)-انظر :"الحاوي في الفتاوى " : (1/190-192) للعلامة السيوطي . (9)-انظر :"المدخل" : (2/11-12) لابن الحاج . (10)-انظر :"البداية والنهاية" : (2/260-261) ، و"المواهب اللدنية" : (1/131-132) للعلامة القسطلاني ، و"القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" : (ص/60-62) . (11)-انظر : "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" : (ص/62) . (12)- انظر : "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخِ ابن باز. (13)-أخرجه البخاري في:"صحيحه": (2/959، رقم2550)، و مسلم في:"صحيحه": (5/132/ح4589) من حديثِ عائشةَ-رضي الله عنها-. (14)-انظر :"فتح الباري" : (20/411) . (15)-إسناده صحيح.أخرجه الترمذي في :"سننه" : (5/44 ، رقم2676) . (16)-أخرجه مسلم في:"صحيحه": (6/18/ح4882) . (17)- انظر : "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخ ابن باز . (18)-انظر :"أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام" : (ص/54) للشيخ محمد بخيت المطيعي ، و"تفسير المنار" : (9/96) للشيخ محمد رشيد رضا ، و"الإبداع في مضار الابتداع":(ص/126-128) للشيخ علي محفوظ ، و"حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخِ ابن باز . |
|