الجود والكرم N0052110
الجود والكرم

وأمَّا الجود والكرم، والسخاء والسماحة ـ فمعانيها متقاربة.وقد فرق بعضهم بينها بفروق، فجعلوا الكرم الإنفاق بطيب النفس فيما يعظم خطره ونفعه، وسموه أيضا جرأة، وهو ضد النذالة.

والسماحة: التجافي عما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس، وهو ضد الشكاسة.

والسخاء: سهولة الإنفاق، وتجنب اكتساب ما لا يحمد، وهو الجود، وهو ضد التقتير.

فكان ﷺ لا يوازى في هذه الأخلاق الكريمة، ولا يبارى، بهذا وصفه كل من عرفه.

 حدثنا القاضي الشهيد أبو على الصدفي رحمه الله، حدثنا القاضي أبو الوليد الباجي، حدثنا أبو ذر الهروي، حدثنا أبو الهيثم الكشميهني، وأبو محمد السرخسي، وأبو إسحاق البلخي، قالوا: حدثنا أبو عبد الله الفربري، قال: حدثنا البخاري، قال حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، سمعت جابر بن عبد الله يقول: ما سُئِلَ النبي ﷺ عن شيءٍ فقال: لا.

وعن أنس، وسهل بن سعد رضى الله عنه مثله.

وقال ابن عباس: كان النبي ﷺ أجود الناس بالخير، وأجود ما كان في شهر رمضان، وكان إذا لقيه جبريل عليه السلام أجود بالخير من الريح المُرسلة.

وعن أنس أن رجلاً سأله فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه، وقال: أسلموا، فإن محمداً يُعطي عطاء مَنْ لا يخشى فاقة.

وأعطى غير واحد مائة من الإبل، وأعطى صفوان مائة ثم مائة ثم مائة، وهذه كانت خُلُقُهُ ﷺ قبل أن يُبعث.

وقد قال له ورقة بن نوفل: إنك تحمل الكل وتكسب المعدوم.

ورد على هوازن سباياها، وكانوا ستة آلاف.

وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله.

وحمل إليه تسعون ألف درهم، فوضعت على حصير، ثم قام إليها فقسمها، فما رد سائلاً حتى فرغ منها.

وجاءه رجل، فسأله فقال: ما عندي شىء ولكن ابتع علىَّ، فإذا جاءنا شيء قضيناه.

فقال له عمر: ما كلفك الله ما لا تقدر عليه. فكره النبي ﷺ ذلك. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالاً. فتبسم النبي ﷺ، وعرف البشر في وجهه، وقال: بهذا أمرت،  ذكره الترمذي.

وذكر عن معوذ ابن عفراء، قال: أتيت النبي ﷺ بقناع من رطب ـ يريد طبقاً، وأجر زغب- يريد قثاء، فأعطاني ملء كفه حلياً وذهباً.

قال أنس: كان النبي ﷺ لا يدخر شيئاً لغد.

والخبر بجوده ﷺ وكرمه الكثير.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أتى رجل النبي ﷺ يسأله، فاستسلف له رسول الله ﷺ نصف وسق، فجاء الرجل يتقاضاه، فأعطاه وسقاً، وقال: نصفه قضاء ونصفه نائل.

من كتاب الشفا يتعريف حقوق المصطفى
للعلامة القاضي عياض

الرابط:
https://www.azhar.eg/ProphetMohamed/ArtMID/6111/ArticleID/10493/