منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 المبحث الثالث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

المبحث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: المبحث الثالث   المبحث الثالث Emptyالأحد 14 يوليو 2024, 6:45 pm

المبحث الثالث
محاسن العقيدة في نظرتها للإنسان
المبحث الثالث 3123
16- مكانة الإنسان في العقيدة الإسلامية
من محاسن العقيدة الإسلامية أنها أوضحت لنا مكانة الإنسان بين المخلوقات، وأصل خلقه وتكوينه، فقطعت المجال على الملاحدة وغيرهم ممن يتحدثون في خلق الإنسان وأصل تكوينه مثل (دارون) صاحب نظرية النشوء والارتقاء.

فالله سبحانه ابتدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل ذريته من سلالة من ماء مهين؛ إذ خلق آدم من طين بيديه، ونفخ فيه من روحه، وخلق منه أنثاه، وعلمه الأسماء، وأسجد له ملائكة السماء، فسجدوا كلهم أجمعون، إلا إبليس أبى، ونهاه عن الأكل من الشجرة فنسى، فأكل منها فعصى وغوى، وتلقى كلمات منه تعالى، فقالها فتاب عليه وهداه، وأهبطه إلى الأرض خليفة فيها بعد أن هيأها له، وسخر له كل ما فيها.

قال تعالى عن خلق آدم: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ} [ص: 71-74].

ثم علم الله تعالى آدم الأسماء والبيان قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31]، وقال جل جلاله: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1-4].

وكرم الله بني آدم، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70].

17- الحرية الإنسانية في الإسلام
من القضايا الشائكة قضية الجبر والاختيار، وهل الإنسان مخير أو مسير؟ وقد أثبتت العقيدة الإسلامية حريةً للإنسان ومشيئة يثاب ويعاقب بمقتضاها.

فقد أعطى الله الإنسان القدرة التي يستطيع بها أن يقدم على فعل الخير أو الشر، قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]، وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29].

ومهما كانت قدرة الإنسان ومشيئته فهي لن تخرج عن قدرة الله ومشيئته، كما قال -تعالى-: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 28-29].

على أن الإنسان لو كان مجبرًا في كل أعماله لما أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولما كلف الله الناس بالأمر والنهي؛ إذ سلب اختيارهم، ولا ريب أن هذا عبث يتنزه عنه الحكيم العليم!

وإذا كان بعض أصحاب الرياسات والزعامات الدينية قد ادعى أن بإمكانه أن يحمل خطايا غيره، فإن الإسلام يفند هذا ويكذبه، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38].

18- عدم مؤاخذة الإنسان بجرم غيره (المسؤولية الفردية)
إذا كان العدل هو الصفة المميزة للإله فلا يمكن في شريعته أن يؤاخذ إنسان ما بجرم وجريرة غيره، هذا ما أصلته العقيدة الإسلامية حين تقول: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، وكذا قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 95].

إذن الأصل ألا يحمل الإنسان تبعة غيره؛ لأن هذا يتنافى ومبدأ العدل الذي أقرته شرائع السماء كافة.
من هذا نعلم فضل العقيدة، وكيف أنها عالجت خطيئة آدم  التي تحدثت عنها كتب النصارى دون قتل أو صلب، بل إن جزاء الخطيئة لحق فاعلها فقط وهو آدم  وزوجته، ثم تاب الله عليه واجتباه واصطفاه، قال تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122].

19- الحفاظ على أمن المجتمع من خلال وسطية العقيدة
من أصول العقيدة الإسلامية وجوب اتباع أئمة المسلمين وطاعتهم في المعروف وعدم جواز الخروج عليهم ما لم يأتوا بكفر بواح عليه من الله برهان.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]. 


بل عدت الخروج عليهم ومفارقة الجماعة والموت على ذلك من صفات الجاهلية، وعند البخاري «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميتة جاهلية»(1)، وحذرت أيضًا من مناصبة حكام المسلمين العداء؛ إذ الحكم في الإسلام عمل تعبدي يُبتغى به وجه الله، وتُقام به الخلافة الإنسانية في الأرض.

كما حافظت العقيدة على وحدة الصف المسلم، ودعت إلى نبذ التطرف والتكفير؛ ذلك أن من مقررات العقيدة الصحيحة أن أصحاب الكبائر لا يكفرون، بل هم تحت المشيئة، كما هو مبسوط في مظانه.

فمتى كانت هذه عقيدة الإنسان فإنه يصبح من أبعد الناس عن الحكم على غيره من المسلمين بغيًا منه وجهلًا، ويكون من أشدهم نبذًا للتطرف والغلو الذي سام أصابه غيرهم من المسلمين أشد الضرر وصنوف الأذى.

20- الولاء والبراء وصيانة حوزة المسلمين
الإسلام يحث المسلم أن يتلقى من غير المسلم ما ينفعه في شتى أنواع العلوم، والتعاون معه في الأمور الدنيوية لما فيه خير البشرية، من تعاون في صناعة وتجارة وتعليم والمحافظة على البيئة ورعاية للمجتمعات مما يضرها.

ولكن الإسلام لا يبيح بل يرفض أن يتلقى المسلم أي شيء يتعلق بعقيدته من غير المسلم، حرصًا على صفاء العقيدة ونقائها ووحدة مصدرها.

وبما أن الأساس الأول لعقيدة الولاء هو الحب الذي يعد الوشيجة العظمى التي يلتقي عليها المسلمون، فإن من لوازم هذا الحب أن يؤدي المسلم الحق إلى أخيه، وهذه الحقوق كثيرة جدًا منها: نصرته، ومودته، وزيارته، وإكرامه، والسلام عليه، وحماية عرضه، والرد والزود عنه، ومواساته... إلخ.

كذلك مما ينبني على عقيدة الولاء والبراء الدفاع بالنفس عن الأخ، وكسر شوكة الظالم له، وبذل المال لإعزازه وتقوية جانبه, والذب عن عرضه وسمعته، والدعاء له بظهر الغيب بالنصر والتوفيق، وتتبع أخبار المسلمين في أنحاء المعمورة، والوقوف على أحوالهم، ودعمهم بقدر الاستطاعة.

كذلك أيضًا من مقتضيات هذه العقيدة أن يبرأ المسلم من الكفار وأعوانهم دون أن يظلمهم أو يجور عليهم كما قال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُواْ} [المائدة: 8](2)، وأن يحفظ عورات المسلمين عن أعدائهم خاصة وقت نشوب الحروب؛ ذلك أن التجسس خيانة عظمى تسقط على ممارستها البلاد، وتصير معها حمى مستباحًا لكل ذي عدوان.

ومن ثم فإن العقيدة الإسلامية تقضي على هذا العمل بأنه صورة من صور الموالاة للكفار، والتي تعد من خوارم العقيدة ونواقضها، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ} [المجادلة: 22].

21- عدم الإكراه في الدين
تميزت العقيدة الإٍسلامية بميزة فريدة متمثلة في عدم إكراه أحد من الخلق على الدخول في الإسلام، أو إجباره على اعتناقه، بل عدت من دخل فيه من دون اقتناع واختيار وحب، من المنافقين الذين لا يُقبل إيمانهم ولا تنفعهم دعواهم.

وجاءت أصول العقيدة واضحًا غاية الوضوح، وهو قول الله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].

ومن خلال هذا المبدأ كفل الإسلام للناس في كل البلدان الحرية الدينية؛ فلم يجبر أحدًا على اعتناقه مكرهًا قهرًا، بل ترك الناس وما اختاروا لأنفسهم، ولذا قال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99].

هذا مع القناعة التامة واليقين أن الإسلام هو الدين الحق المبين، وأن عقيدته هي الصواب، «فلغير المسلم أن يمارس حريته في العبادة والإيمان الكامل، شريطة ألا تمس هذه الممارسة دعوة لشرك أو فساد أو تعطيل لأداء المسلمين لشعائرهم أو طعنًا فيها، فهي حرية مكفولة ومسؤولة لا [مطلقة]»(3).

وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ما نصه: «لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بين واضح جلي في دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يُكره أحدًا على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام، وشرح صدره، ونور بصيرته، دخل فيه على بينة»(4).



المبحث الثالث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

المبحث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثالث   المبحث الثالث Emptyالأحد 14 يوليو 2024, 6:45 pm

22- النية في الإسلام
من محاسن العقيدة الإسلامية أنها أولت النية اهتمامًا عظيمًا في وقت ربطت فيه بينها وبين صحة العمل.
فقد قررت حصول الأجر عند وجود القصد الشريف والنية الخالصة لله، حتى وإن لم يحصل العمل؛ ذلك بأن النية تُعد أساس العمل وقاعدته، ورأس الأمر وعموده، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات»(5).

وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: «إذا مرض العبد أو سافر كُتب له ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»(6).

وبالنية الطيبة تنقلب المباحات والعادات إلى طاعات وقربات إلى الله، فمن تناول غذاءه بنية حفظ حياته وتقوية جسده، ليستطيع القيام بما أوجبه عليه ربه، من حقوق وتكاليف لأهله وأولاده – كان طعامه وشرابه مع النية الصالحة عبادة، ومن أتى شهوته مع ما أحله الله له من زوجة، يقصد إعفاف نفسه وأهله، وابتغاء ذرية صالحة، كان ذلك عبادة تستحق المثوبة والأجر من الله، وفي ذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وفي بضع أحدكم صدقة» قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟! قال: «أليس إن وضعها في حرام كان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر»(7).

فالعقيدة التي تجعل الحياة خاضعة لمرضاة الرب تعالى بالنية الخالصة لله والقصد الحسن، مما يزيد من المظاهر الطيبة في حياة الناس، وخاصة فعل الخيرات وترك المنكرات، وزيادة الفاعلية في الحياة – لتصور عظم الجزاء على ذلك في الدنيا راحة نفسية وطمأنينة قلبية، وفي الآخرة الجنة والنعيم.

23- العلاقة بين العقيدة والأخلاق
الدين هو الذي يحدد للإنسان سلوكه المستقيم، ويرسم له طريقًا موصلة إلى غايته، ثم يدفعه إلى السير فيها من خلال آيات الوعد والوعيد، وإظهار الحكم والعلل من هذه السلوكيات.

أما القانون وحده فلا يكفي لضبط سلوك الإنسان، كما أن القانون لا بد له من سلطان الحكومة حتى يُنفذ ويُراعى، وثم ارتباط وثيق بين العقيدة والأخلاق، يوضحه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد سئل: أي المؤمنين أكمل إيمانًا؟ قال: «أحسنهم خلقًا»(8).

فالإيمان قوة عاصمة عن الدنايا، دافعة إلى المكرمات، ومن هنا فإن الله تعالى عندما يدعو إلى خير أو ينفر من شر يجعل ذلك من مقتضيات الإيمان به جل وعلا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

إن عقيدة المؤمن في الله أولًا وفي الحساب والجزاء ثانيًا تجعل ضميره في الحياة صحوًا يقظًا، فهو يراقب نفسه ويحاسبها ويلومها، ولا ريب أن هذا الضمير الحي الذي يتكون في ظل الإيمان والعقيدة أثره في مجالات الحياة كلها، يُلمس أثره في أداء الحقوق المالية، وكذا في الاعتراف بالجريمة في شجاعة وتحمل للعقوبة؛ خشية من الله وطلبًا لمرضاته(9).

يقول الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله: «والسر في أن الإنسان يمتاز عن سائر الحيوانات الحية بأن حركاته وتصرفاته الاختيارية يتولى قيادتها شيء لا يقع عليه سمعه ولا بصره ولا يوضع في يده ولا عنقه ولا يجري في دمه ولا في عضلاته ولا في أعصابه، وإنما هو معنى إنساني روحاني أساسه الفكرة والعقيدة»(10).

كما ربطت آيات القرآن بين الكفر بالله وإنكار ألوهيته، والكفر باليوم الآخر وبين سيء الأخلاق في مثل قوله -تعالى-: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 22].

24- العقيدة وموافقة الفطرة الإنسانية
جاءت العقيدة الإسلامية موافقة للفطرة الإنسانية السليمة، وملبية لندائها؛ إذ إن أول ما تتوجه إليه الفطرة السليمة هو إله خالق لها ولهذا الكون، تتوجه إليه بالتوحيد اعتقادًا، وبالعبادة انقيادًا وخضوعًا، وهذا ما جاء به الإسلام في جانب العقيدة(11).

يقول برجسون في كتابه الأخلاق: «قد نرى أجيالًا من الإنسانية على اختلاف عصورهم خلت من العلم والفن والفلسفة، ولكننا لا نعرف قط أن مجتمعًا لم يكن له دين»(12).

والتوحيد الذي أمرت به العقيدة الإسلامية له انسجام بالفطرة عجيب، ولذا قالت الرسل لأقوامهم كما يحكي القرآن: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [إبراهيم: 10].

وأبان الله تعالى أن الإيمان به وبما أنزله على رسله هي فطرة إنسانية، فقال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30].

وقال -تعالى-: {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ} [البقرة: 138].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن الإيمان بالله فطري ضروري، وهو أشد رسوخًا من مبدأ العلم الرياضي كقولنا: الواحد نصف الاثنين»(13).

إن النداءات الفطرية فينا تدعو لوجود خالق مهيمن عظيم، يجيب من دعاه، ويعطي من سأله، ويمده بالعون عند حلول الشدائد والمصائب.

فالإنسان دائمًا في حاجة إلى الإيمان والتدين، والعقيدة والدين ضرورة من ضرورات حياته، وحاجة من حاجات نفسه، فلا غنى له عن الإيمان بربه وعن عبادته بحال من الأحوال، ومن هنا لم تخل أمة وجدت على وجه الأرض ومنذ عهد الإنسان بالحياة من عقيدة ودين، ومصداق ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24].

قال بازماك المؤرخ الإغريقي مقررًا هذه الحقيقة: «وجدت في التاريخ مدن بلا حصون ولا قصور، وبلا سدود ولا قناطر، ولكن لم توجد مدن بلا معابد...»(14).

وحسب إنسان أن إيمانه واعتقاده بالله يوافق شعوره الفطري والنتائج النظرية التي يتوصل إليها الباحثون والعلماء، أو أن يتفق شعوره مع إحساس الكثرة الكاثرة من المجموعة الإنسانية.

25- موازنة العقيدة بين حاجات الإنسان الروحية والجسدية
مما تميزت به العقيدة الإسلامية: الواقعية والبعد عن الأفلاطونية المثالية والتهويم في الخيال، حيث راعت احتياجات الإنسان بحسب تكويناته الروحية والجسدية.

ولسنا نعني بالواقعية الرضا بالواقع أيًّا كان وضعه، أو تكييف مبادئ العقيدة حتى تساير واقعية الحياة دون اعتبار أو حكمة، ولكن نعني بالواقعية أن العقيدة تتعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي والأثر الواقعي الإيجابي، بمعنى أنها تتعامل مع الحقيقة الإلهية متمثلة في آثارها الإيجابية، وتتعامل مع الحقيقة الكونية متمثلة في مشاهدها المحسوسة المؤثرة أو المتأثرة.

وتتعامل مع الحقيقة الإنسانية كما هي في الواقع، من حيث كونها مركبة من روح ومادة، ودم وأعصاب وغرائز، يدل على ذلك اعترافها بخلقة الإنسان، إذ يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} [المؤمنون: 12].

ويقول أيضًا -تعالى-: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [يونس: 12].

فهذه الآيات تعترف بخصائص الإنسان ونفسيته، وتتعامل معه وفقها وما تقتضيه، ومن ناحية أخرى نرى موافقة العقيدة للتركيبة البشرية من حيث المنهج الذي تقدمه له، فهو منهج يتفق وطبيعة الإنسان، وإمكاناته وطاقاته الحقيقية، وكما يقال: «هذه الواقعية واقعية مثالية أو مثالية واقعية».

قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

وقال جل جلاله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].



المبحث الثالث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

المبحث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثالث   المبحث الثالث Emptyالأحد 14 يوليو 2024, 6:46 pm

26- بيان العقيدة طريق النجاة للإنسان في الدنيا والآخرة
رسمت العقيدة للإنسان البرنامج العملي الذي لو سلكه كتب له التوفيق في دنياه وآخرته؛ ذلك أن الله -تعالى- لم يخلق الإنسان في هذه الحياة هملًا، ولم يتركه سدى، بل رسم له طريق السعادة، وهيأ له أسبابه، ومكنه من معرفته؛ بإرسال الرسل وإنزال الكتب، قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36].

وبيَّن سبحانه الغاية الأولى من خلقه، فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

إذن طريق السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة هي العبودية لله كما أرادها، وامتثال الأمر واجتناب النهي.

وقد جاءت الشريعة الإسلامية بمجموعة من العبادات والمعاملات والسلوكيات من شأنها أن ترتقي بالمسلم، وتأخذ بناصيته نحو السمو والسعادة والطمأنينة التي ينشدها كل إنسان.

ولقد حوى القرآن والسنة المطهرة صفات لهذا الطريق وعلاماته، حتى قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي»(15).

ولقد قال المولى جلت قدرته: {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9].

كما شددت العقيدة على حرمة تعاطي ما تنكره العقول ، وتنفر منه ، كاعتقاد التأثير في العدوى والأنواء وغيرها ، واعتقاد أن الغول تتراءى للناس في الفلوات ، فتتغول لهم ـ أي: تتلون لهم ـ في صور شتى ؛ لتضلهم عن الطريق فتهلكهم ، فأبطلت العقيدة الإسلامية ذلك(16).

كما كان موقفها من اعتقاد تأثير النجوم على الحوادث الأرضية صريحاً ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر ، زاد ما زاد»(17).

والمقصود: النهي عن اعتقاد أن للنجوم في سيرها واجتماعها وتفرقها تأثيراً على الحوادث الأرضية ، وهو ما يسمى بعلم التأثير ، أمَّا علم التسيير ـ وهو: الاستدلال عن طريق المشاهدة بسير النجوم على جهة الشرق أو الشمال ونحو ذلك فجائز(18).

27- وسطية العقيدة الإسلامية
تعد العقيدة والنظرة الإسلامية للكون والحياة وسطاً بين الأفكار والمذاهب قديماً وحديثاً ، ذلك بأن فكراً ضالاً ينكر وجود الخالق ، بل ينكر كل ما وراء الطبيعة المحسوسة ، وهو ما يعرف  المطلب النفسي منذ أقدم العصور لا يمكن رفضه واعتباره باطلًا بكل سهولة»(19).

ومن الواقع نرى مدى التهافت البشري والرغبة الجامحة في تعرف المستقبل الذي هو بلا شك من الغيب، نرى ذلك من خلال هذه الكثرة التي تتهافت على قراءة الأبراج المنتشرة في الصحف، وزيادة عدد المشعوذين والدجاجلة في أقطار العالم الذين يدعون معرفة الغيب، والتكهن بالمستقبل وما يحمله من أمل أو ألم..

وقد جاءت شكوى الغرب من طغيان المادة وأثر ذلك على المجتمع الأمريكي –خاصة– على لسان وزير خارجية أمريكا (فوستر دالاس)، إذ يقول: «إن هناك شيئًا ما يسير بشكل خاطئ في أمتنا، وإلا لما أصبحنا في هذا الحرج وفي هذه الحالة النفسية»(20).

28- المقاصد الإنسانية في العقيدة الإسلامية
بما أن الدين الصحيح هو الذي يعطي التصور الصحيح للكون والإنسان والخالق جل جلاله، فإنه يسعى في مصلحة الإنسان، ويهديه إليها، ويدعوه للحرص عليها كجزء من اعتقاده الصحيح حول الإنسان وكرامته.

لأجل هذا جاءت العقيدة لمراعاة ضروريات الإنسان، وصيانتها، وجاءت تشريعات الدين وفقًا لهذه المصالح والأصول.

ومن أعظم مصالح الشريعة خمسة أمور:
• المحافظة على الدين الذي به عيش النفوس وزكاتها.
• المحافظة على الأنفس.
• المحافظة على العقول.
• المحافظة على الأموال.
• المحافظة على النسل(21).

29- شفاء حيرة الإنسان بالعقيدة الصحيحة
استطاعت العقيدة أن تجيب على تساؤلات لطالما حيرت الإنسان قديمًا وحديثًا، وكادت حيرته أن تفتك به.

بل دعت هذه الحيرة أحد الشعراء –وهو إيليا أبو ماضي– أن يتساءل قائلًا:
جئت لا أعلم من أين، ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت

هناك ثلاثة أسئلة تلح على الإنسان في داخله، وتضعه أمام مشكلات ثلاث تستلزم حلها.

فإمَّا أن يعيش في قلق وحيرة تجاهها، وإما أن يطرحها عن فكره طرحًا كليًا ويعيش في دوامة كما تسير حياته ومطالبها، وإما أن يظفر بحلها حلًا صحيحًا يطمئن إليه قلبه وتهدأ إليه نفسه، فيسير في حياته بهديه.

- مَنْ الذي أوجدني بعد أن لم أكن شيئًا مذكورًا؟
- ما هي الغاية التي وجدت من أجلها مزودًا بتلك الخصائص؟
- إلى أين المصير بعد عبور جسر الحياة، وما هي النتائج التي تترتب على أعمالي فيها؟

هذه هي الأسئلة، وقد أعطتنا العقيدة الإسلامية الأجوبة عليها، ولفتت أنظارنا إلى الأدلة والبراهين العقلية والواقعية التي تدل عليها.

فأبانت لنا أن (الله) هو الذي أوجدنا من العدم، وقدمت لنا الأدلة على ذلك من الكون ومن أنفسنا.

كما أوضحت لنا حكمة الله من خلقنا:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وجعلنا بهذه الخصائص ليمتحننا، ويبلو إرادتنا في ظروف هذه الحياة، وقدمت لنا الأدلة المنطقية على ذلك مستندة إلى حكمة الخالق وعلمه وقدرته.

كما أبانت لنا أيضًا أن وراء هذا الامتحان حكمةً، هي الجزاء بالثواب أو بالعقاب، وأن الجزاء الأمثل لا يكون في ظروف هذه الحياة، وإنما ادخره الله -تعالى- لحياة الآخرة التي إليها المصير.

فحين يجد الإنسان الجواب الصحيح على هذه الأسئلة تنحل لديه المشكلات الكبرى في تصوراته لهذه الحياة، وتتضح له معالم الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه.



المبحث الثالث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

المبحث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثالث   المبحث الثالث Emptyالأحد 14 يوليو 2024, 6:47 pm

30- التحذير من تكفير المسلم وبيان آثار ذلك
من محاسن عقيدة الإسلام التحذير من التكفير، فلا يجوز الحكم على المسلم بالتكفير إلا ببرهان واضح ودليل ساطع، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما»(22)، وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله»(23).

وهذا وعيد عظيم لمن كفر أحدًا من المسلمين، وليس هو كذلك. فهذا الحديث وأمثاله فيه التحذير من التكفير والزجر عنه؛ لأنه حكم شرعي مضبوط بضوابط معلومة من نصوص الكتاب والسنة، فلا يصار إليه بمجرد الهوى والجهل(24).

وأنكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أسامة حينما قتل من قال: لا إله إلا الله، فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلًا، فقال: لا إله إلا الله. فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أقال: (لا إله إلا الله) وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله! إنما قالها خوفًا من السلاح. قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟!»، فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ(25).

31- محاسن العقيدة الإسلامية في رعاية أهل الذمة
تمتع غير المسلمين المقيمون في بلاد المسلمين بسلسلة من الضمانات التي منحها لهم المجتمع المسلم بهدي من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولسوف نعرض لأهم هذه الضمانات، التي وردت في العقيدة الإسلامية من خلال مصدريها القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

ومن هذه الضمانات:
أولًا: ضمان حرية المعتقد
لم يعمد المسلمون طوال تاريخهم الحضاري إلى إجبار الشعوب أو الأفراد الذين تحت ولايتهم على الإسلام، وذلك أن العقيدة أكدت على أمور كان ينبغي عليهم مراعاتها، ومنها(26):
• حتمية الخلاف وطبيعته: فقد خلق الله الإنسانية وفق هذه السنة الكونية، فاختلافهم في شرائعهم واقع بمشيئة الله تعالى ومرتبط بحكمته، يقول الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48].

وقال أيضًا -تعالى-: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118].

قال ابن كثير: «أي: ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم...».

ولَمَّا كان الاختلاف والتعدد آية من آيات الله، فإن الذي يسعى لإلغاء هذا التعدد كليةً فإنما يروم محالًا، ويطلب ممتنعًا، لذا كان لا بد من الاعتراف بالاختلاف(27).

• مهمة المسلمين الدعوة إلى الله لا أسلمة الناس، وعرض الإسلام لا فرضه: أكدت العقيدة الإسلامية أن مهمة الدعاة هي: إبلاغ الناس آيات الله، ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وجدالهم بالتي هي أحسن دون إجبار أو اضطرار، قال الله تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النحل: 82]، وقال تعالى: {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22].

• تكريم النفس الإنسانية: كرم الله تعالى الجنس البشري على سائر المخلوقات، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].

وأكَّدَ نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصحبه احترام النفس الإنسانية، ففي الخبر أن سهل بن حنيف وقيس بن سعد كانا قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض، أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرت به جنازة فقام. فقيل له: إنها جنازة يهودي؟! فقال: «أليست نفسًا»(28).

ومن تكريم الله للجنس البشري: ما وهبه من العقل الذي يميز به بين الحق والباطل، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]، وبموجبه وهبه الحرية والإرادة الحرة لاختيار ما يشاء، {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3]، وعليه فالإنسان يختار ما يشاء من المعتقد، والله يتولى في الآخرة حسابه.

ثانيًا: حرية ممارسة العبادة
ضمنت العقيدة الإسلامية لأهل الذمة الحفاظ على مقدساتهم وشعائرهم ضمن الحماية الكاملة لهم ما داموا في بلاد المسلمين وتحت سلطانهم، يقول ابن سعد: «كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأسقف بني الحارث بن كعب، وأساقفة نجران، وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم: أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم وصلواتهم ورهبانهم، وجوار الله ورسوله، لا يغير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته»(29).

ويمتد أمان الذمي على ماله، ولو كان خمرًا أو خنزيرًا، وينقل الطحاوي إجماع المسلمين على حرية أهل الذمة في أكل الخنازير والخمر وغيره مما يحل في دينهم، فيقول: «وأجمعوا على أنه ليس للإمام منع أهل الذمة من شرب الخمر وأكل لحم الخنازير واتخاذ المساكن التي صالحوا عليها، إذا كان مصرًا ليس فيه أهل إسلام (أي في بلادهم التي هم فيها الكثرة)»(30).

وينقل العيني عن الزهري قوله: «مضت السنة أن يرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم؛ إلا أن يأتوا راغبين في حكمنا، فنحكم بينهم بكتاب الله تعالى»(31).

ثالثًا: حسن العشرة والمعاملة الحسنة
كما أمرت العقيدة الإسلامية المسلمين ببر مخالفيهم في الدين، الذين لم يتعرضوا لهم بالأذى والقتال، فقال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

قال الطبري: «عنى بذلك: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم... وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} يقول: إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم»(32).

رابعًا: العدل في معاملتهم ورفع الظلم عنهم
لقد أمر القرآن الكريم بالعدل، وخص – بمزيد تأكيده – على العدل مع المخالفين الذين قد يظلمهم المرء بسبب الاختلاف والنفرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

قال القرطبي: «ودلت الآية أيضًا على أن كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه، وأن يقتصر بهم على المستحق من القتال والاسترقاق، وأن المثلة بهم غير جائزة، وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا، وغمونا بذلك، فليس لنا أن نقتلهم بمثله قصدًا لإيصال الغم والحزن إليهم»(33).

تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه: «العرب لم يفرضوا على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام، فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قبل الإسلام أبشع أمثلة للتعصب الديني وأفظعها، سمع لهم جميعًا دون أي عائق يمنعهم بممارسة شعائر دينهم، وترك المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أو ليس هذا منتهى التسامح؟! أي روى التاريخ مثل تلك الأعمال؟! ومتى؟!»(34).
***



المبحث الثالث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

المبحث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث الثالث   المبحث الثالث Emptyالأحد 14 يوليو 2024, 6:47 pm

الهوامش
1.    رواه البخاري (7054).
2.    انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: (3/62).
3.    ضمانات الحرية بين واقعية الإسلام وفلسفة الديمقراطية، د. منيب محمد ربيع: (115).
4.    انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/416-417).
5.    رواه البخاري (1).
6.    رواه البخاري (2996).
7.    رواه مسلم (2376).
8.    أخرجه ابن ماجه (4259)، والحاكم (4/540)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. وقال الذهبي: صحيح.
9.    انظر: القيم الحضارية في السنة النبوية: (1/261).
10.    الدين، للدكتور محمد عبد الله دراز (101).
11.    انظر: الإسلام الدين الفطري الأبدي، أبو النصر الحسيني: (24-40).
12.    انظر: برجسون، كتاب الأخلاق: (210).
13.    مجموع الفتاوى لابن تيمية: (2/15).
14.    انظر: عقيدة المؤمن، للشيخ أبو بكر الجزائري: (26، 27).
15.    رواه مسلم (4425).
16.    انظر: النهاية لابن الأثير: (3/396)
17.    رواه أبو داود (3905) ، وابن ماجه (3726) ، ورجاله ثقات.
18.    انظر: معالم السنن للخطابي: (4/229 -230).
19.    انظر: الإسلام يتحدى، لوحيد الدين خان: (82).
20.    حرب أم إسلام، فصل حاجتنا الروحية، تأليف جون فوستر دالاس: (337).
21.    انظر: مقاصد الشريعة بأبعاد جديدة، د. عبد المجيد النجار: (59-203)، والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية، د. إحسان مير علي: (2/617) وما بعده.
22.    رواه البخاري (6103).
23.    رواه البخاري (610)؛ ومسلم مختصرًا (110).
24.    انظر: الغلو في الدين، د. عبد الرحمن اللويحق: (251-374).
25.    رواه البخاري (4269، 6872)، ومسلم (96).
26.    انظر: الحرية الدينية بين المسلمين وأهل الكتاب، أ.د. خالد بن عبد الله القاسم.
27.    انظر: معاملة غير المسلمين، د. محمد البار، وحقوق الإنسان (300-320)، في اليهودية والمسيحية والإسلام مقارنة بالقانون الدولي، د. خالد الشنيبر.
28.    رواه البخاري (1312)، ومسلم (690).
29.    الطبقات الكبرى (1/266).
30.    اختلاف الفقهاء (233).
31.    عمدة القاري (16/16).
32.    جامع البيان (13/63).
33.    الجامع لأحكام القرآن (6/110).
34.    شمس العرب تسطع على الغرب (364).



المبحث الثالث 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث الثالث
» المبحث الثالث
» (03) المبحث الثالث
» المبحث الثالث
» المبحث الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: جــديـد المـوضـوعـــات بالمنتـدى :: مـحـاسـن العقيـــدة الإسـلامـيـــة-
انتقل الى: