منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 يوميات هيروشيما

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:00 am

١٥ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ غائم ممطر بين الحين والآخر.

زارني بعد الإفطار بعض موظفي مكتب بريد كوري، وعلمتُ منهم للمرة الأولى أن جيش الاحتلال قد نزل هناك.

حتى كلمة «جيش الاحتلال» كانت تبدو غريبة بالنسبة لي، وشعرتُ بالحزن العميق لاحتلال قوات الحلفاء هذه القاعدة البحرية الكبيرة التي تعلمتُ منذ طفولتي أنها من أهم قواعد الأسطول الإمبراطوري.

وعلمتُ من أصدقائي أن ميناء هيروشيما في أوجينا سيُحتَل بدَوره، وأن الناس قد بدَءوا يُقيمون أسوارًا حول بيوتهم ويضعون أقفالًا على الأبواب والنوافذ؛ لأنهم سمعوا أن جنود الحلفاء لا يدخلون مكانًا تحيطه الأسوار ولا يقتحمون بيتًا موصد الأبواب، كما علمتُ منهم أن جنود الحلفاء مغرمون بالنساء ويتوددون إليهن، وأن جنود الحلفاء يظهرون بين الحين والآخر حول محطة سكك حديد هيروشيما.

بدأ البريد ينتظم في الوصول منذ أول سبتمبر وتلقيتُ ٢٤ أو ٢٥ خطابًا دفعةً واحدة أُرسلَت معظمها من أصدقاء قرءوا مقالي في جريدة سانجيو كيزاي امتدحوا فيها المقال وهنأوني بالنجاة من الموت، وبعض هذه الخطابات تحمل تواريخ تقع حول العاشر من أغسطس أرسلها بعض الأصدقاء يسألون عن سلامتي.

أخذ تعداد المقيمين في المستشفى يتناقص فلم يبقَ فيها إلا غير القادرين على الحركة، أمَّا الآخرون فقد فرُّوا ملتمسين النجاة قبل وصول جنود الاحتلال، ومعظم من بقوا لدَينا كانوا أطفالًا يتامى لم يغادروا المستشفى لعدم إدراكهم لما يدور حولهم.

بعد الغداء علمتُ أن قوات الاحتلال موجودة عند محطة هيروشيما وأنه من الممكن مشاهدتهم هناك، فدفعني الفضول إلى الذهاب إلى المكان لرؤيتهم، وفي الطريق إلى المحطة أدهشني رؤية بعض الشباب ذوي الشعر المسترسل والرءوس العارية الذين يسيرون هنا وهناك بزهو وخيلاء، وبالقرب من المحطة رأيتُ الكثير من هؤلاء الشباب ذوي الشعر المسترسل، وحين سألتُ عن سر هذه الظاهرة قيل لي إنه آخر طراز في تصفيف الشعر.

لقد خسرْنا الحرب وكسبنا طول الشعر!

كنا نُعاقَب أيام التلمذة بحلق رءوسنا إذا خسرَت مدرستنا مباراةً لعبَتها ضد مدرسةٍ أخرى، وكان الشعر القصير أمرًا مألوفًا خلال سني الحرب، أمَّا الآن فقد أرسل هؤلاء الشباب شعورهم حتى لا يظنهم الحلفاء من الجنود المسرَّحين فيعتقلوهم.

أمَّا المحطة، أو ما بقي من المحطة، فكان يعج بالناس الذين كانوا يتحركون هنا وهناك على غير هُدى، ولكني لم أشاهد جنودًا، وحول المحطة كانت هناك عششٌ صغيرة يجاور بعضها بعضًا تبيع ألوانًا متعددة من الطعام الرديء، ورغم قذارة تلك العشش كان الإقبال على بضاعتها شديدًا.

ومعظم الذين رأيتُهم كانوا يرتدون بزاتٍ عسكرية، حتى البنات كن يرتدينها، أمَّا الذين كانوا يرتدون ملابس البحرية فكانوا أفرادًا قلائل.

وهزَّني منظر سيدةٍ عجوز ترتدي كيمونو زفافها وتحمل على ظهرها سلةً بها بعض ثمار البطاطا، ويبدو أنها افتقدَت كل ملابسها فلم تجد ما ترتديه سوى هذا الكيمونو التذكاري الذي تمكنَت من إنقاذه من الحريق.

أمَّا المحطة فقد أُقِيم عليها مكتبٌ متواضع لصرف التذاكر وسقيفة صغيرة ينتظر تحتها الركاب، فتوقفتُ قليلًا أرقب الناس يروحون ويغدون، جنودٌ مسرَّحون يحملون حقائبهم الكبيرة فوق ظهورهم جنبًا إلى جنب مع المدنيين من ضحايا الحرب، وشاهدتُ طفلًا صغيرًا عاريَ الجسد إلا من سروالٍ قذر يستجدي الطعام ممن يأكلون على الرصيف، ولا يكاد يتحرك إلا إذا قدَّم له بعضهم فضلًا من طعامه، وذكَّرني منظر هذا الطفل الحزين بالأطفال الذين رأيتُهم في منشوريا وكوريا بعد أن اجتاحَتهما قواتنا منذ ثمانية عشر عامًا، فقد كان أطفال منشوريا وكوريا عندئذٍ يستجدون الطعام منا، ولا شيء يمثِّل الهزيمة مثل هؤلاء البؤساء المشردين.

ولم أستطع متابعة المشاهد المؤلمة المحيطة بالمحطة ففضَّلتُ أن أعود أدراجي إلى المستشفى، وفي طريق العودة مررتُ بموقع القيادة الغربية لفرق الفرسان وهزني السكون المطبق المخيم على المكان، وتذكرتُ أولئك الضباط والجنود الذين كانوا موضع فخارنا، تُرى ماذا يخبئ المستقبل لهم؟ فقد شاهدتُ عند المحطة ضابطًا عجوزًا يستجدي الطعام.

ومَرَّ في مخيلتي شريطٌ كامل للمأساة:
ضحايا الحرب المنهكون، الجنود المسرَّحون، العجائز الذين يستندون إلى الأعمدة المحترقة، الناس الذين يسيرون بلا هدف، الشحاذون.

إن هذه الظواهر التي ابتُلينا بها هي التي انتصرَت علينا، وعمَّقَت وقع الهزيمة في نفوسنا.

بعد تناوُل العشاء شرد ذهني إلى المناظر التي رأيتُها عند محطة هيروشيما، كم كانت الأنانية تسيطر على الناس، تُرى أي مجتمع تعس ذلك الذي نعيش فيه؟

كان كرام الناس يستجدون ويرتدون الأسمال، أمَّا الذين بدَت على وجوههم سمات الشر وفاضَت ألسنتهم ببذيء القول فكانوا يرتدون أحسن الثياب.

كان الذين يلبسون بزات الطيارين يبدون مثل رجال العصابات ويطاردون الفتيات البائسات عند المحطة بوقاحة لم نعهدها من قبل، إن البلاد تنحدر إلى الوضاعة والخِسَّة، شعرتُ بالكراهية لهم، وتألّمتُ عندما قفز إلى ذهني احتمال وصول أمثالهم غدًا إلى السُّلطة.

كم تغيَّرَت الأحوال! تُرى ماذا يُخَبِئُ القدر لذلك الضابط العجوز الذي رأيتُه يستجدي الطعام؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:01 am

١٦ سبتمبر ١٩٤٥م

يومٌ ممطر ملبَّد بالغيوم.

زارني الدكتور آكي ياما على غير عادته وقد ارتسمَت على وجهه علامات الفزع، ونصحني بالهرب قبل وصول قوات الحلفاء حتى لا أُعرِّض زوجتي للخطر، مؤكِّدًا أنهم لن يُبقوا على شيء، وطلب مني أن أسمح له بنقل زوجتي بعيدًا عن المدينة إذا كنتُ مصرًّا على البقاء فيها.

فتأثرتُ لموقف الدكتور آكي ياما، فقد سبق له الخدمة في الصين، وكان يخشى أن يحدث لنا مثلما حدث في شمال الصين، فشكرتُه على نصيحته، ووعدتُه بإبلاغ زوجتي وجهة نظره، وطلبتُ منه أن يمهلني حتى أفكر في الموضوع.

وعندما قمتُ بتفقُّد المرضى اليوم سمعتُ إشاعتَين جديدتَين، تقول إحداهما إن مَنْ جاءوا إلى هيروشيما بعد البيكا قد أصابهم مرض الإشعاع الذري، أمَّا الأخرى فتقول إن مَنْ بقوا في هيروشيما بعد حادث القنبلة سيصيبهم الصرع ويموتون خلال عامٍ واحد، وكان عدد المرضى لا يزال آخذًا في التناقص، أمَّا مَنْ بقوا بالمستشفى فقد كانت حالتهم تميل إلى الثبات أو التحسن.

وعندما عُدتُ إلى حجرتي وجدتُ زوجتي تضحك مع السيدة سائيكي العجوز، وكانت العمَّة شيما قد أحضرَت لزوجتي هاءوري (بالطو من الصوف يُلبَس فوق الكيمونو)، وكانت زوجتي تُريه للسيدة سائيكي، كما تلقيتُ هدية من المصلحة عبارة عن بدلة ومعطف من الصوف، وبذلك أصبح لدَينا ملابس تقينا برد الشتاء.

وعندما رأى السيد ميزوجوتشي هذه الملابس الجديدة أيقن أن شحنةً جديدة من المعونة في طريقها إلى المستشفى، وسعى إلى إدارة المدينة للحصول على نصيبٍ منها للمرضى، وأكَّدَ لي بعد عودته أنه سيوفر للمرضى وللعاملين ما يكفيهم من الملابس الشتوية.

بعد العشاء تناقشنا في موضوع التسليم للحلفاء بلا قيد ولا شرط وحل الجيش والبحرية ومصادرة الأسلحة والذخائر، وتردَّدَت إشاعة حول احتلال الجيش الوطني الصيني لجزيرة شيكوكو، وأن المخازن العسكرية بما فيها من ملابس ستصبح من نصيب جيش الاحتلال الصيني.

ورأينا في هذه الإشاعة تفسيرًا لتوفر الملابس التي كان مصدرها مخازن الجيش الموجودة في الجبال، وكانت القطارات التي تمر بهيروشيما تعج بالمواطنين الذين يحملون الملابس العسكرية المنهوبة من مخازن الجيش بحجة أن دافعي الضرائب اليابانيين أحق بها من جيوش الحلفاء، وامتلأَت المدينة بالناهبين الذين كان بعضهم يتحلّى بصفاتٍ أخلاقية؛ فكانوا يسرقون ليُعطُوا ما يسرقونه للفقراء والمحتاجين، ولكن غالبيتهم كانوا يبيعون حصيلة ما ينهبون ويتحولون بين عشية وضحاها إلى أثرياء.

لم يكن أحَدٌ يفكر في السرقة خلال الحرب، وكانت الممتلكات والبضائع تُترَك في العراء دون حاجة إلى حراسة، أمَّا اليوم فلا وجود للأمن بين ربوع البلاد.

وكنا كلما استغرقنا في الحديث كلما ازددنا فلسفة وتفاؤلًا، فقد كنا ندفع نحو ٨٠% من دخولنا كضرائب للإنفاق على الخدمات العسكرية، فهذه الأشياء هي في نهاية الأمر ملك للشعب الذي اشتراها بأمواله فهو أحق بها من المحتلِّين الأجانب.

وانتهت المناقشات في ساعةٍ متأخرة من الليل بالتفاؤل في مستقبَلٍ أحسن في ظل السلام، وقدْرٍ أقل من الضرائب، وبعض الحرية في مجتمع لا توجد فيه شرطةٌ عسكرية تتحكم فينا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:01 am

١٧ سبتمبر ١٩٤٥م

أمطارٌ غزيرة ثم عاصفة شديدة.

عندما استيقظتُ في الصباح كانت السماء تمطر، وبعد تناوُل الإفطار تلقيتُ بريد اليوم الذي تضمَّن خطابًا من الدكتور موري يا بداخله بعض الصور التي التقطها لنا خلال زيارته للمدينة، فعكفتُ على دراستها، وأدهشني أن أرى آثار الجروح قد أضفَت على ملامحنا مظهرًا بائسًا، وكان بجسدي ١٥٠ أثرًا للجراح على أقل تقدير، أمَّا وجه الدكتور ساسادا فكان محترقًا، وكانت هناك خمس عشرة ندبة بجسد زوجتي، أمَّا الدكتور كوياما فكان مجروحًا في رأسه.

ورغم أن هذه الندبات لا تكاد تظهر في الصور فقد تحسستُ موضع الجراح في وجهي، وتمنيتُ أن تتلاشى كما تكاد تتلاشى في الصور؛ لأن بقاءها يجعلني مثل يوسا المحتال الأسطوري الذي كان يُعاقَب على ما يفعل بجراح في وجهه حتى بدا مثل قاطع الطريق.

ولم أكن أتصور أن الدكتور ساسادا قد فقد إلى الأبد ملامح البراءة التي كانت تميز وجهه بعد هذه الإصابات، أمَّا وجه زوجتي الذي كان خاليًا من الندبات أصبح اليوم مليئًا بها.

تُرى كيف نستطيع أن نواجه الناس بوجوهٍ مشوهة؟

وكانت الصور توضح الضمادات والأسرَّة المتهالكة والملاط المتساقط والأسلاك الكهربائية المقطعة إنها تُعَد سجلًّا قيِّمًا لما حدث، وأسعدني الحصول عليها فكتبتُ للدكتور موري يا شاكرًا.

شعرتُ بآلام في المعدة، وعندما حان وقت الغداء لم أستطع تناوُل الطعام، واكتفيتُ بارتشاف كوب من الماتشا، وبينما كنت أفكر في محل الشاي الذي يملكه صديقي ناكومورا في أوكاياما هبَّت الرياح فجأةً، وما هي إلا لحظات حتى اشتدَّت سرعتها وارتفعَت حرارتها، فخشيتُ أن يعقبها مطرٌ غزير، واتجهتُ إلى غرفتي لأتأكد من تثبيت حاجز النافذة، وحاولتُ أن أُبعد الأسرَّة عن النوافذ بقدر الإمكان حتى إذا سقط المطر كنا بمنجاة من البلل إلى حدٍّ ما، وأخبرتُ زوجتي باستعداد الدكتور آكي ياما للمساعدة في ترحيلها خارج المدينة، ولكنها ضحكَت ولم تعلق على كلامي، واستمرَّت تعاونني في إزاحة الأسرَّة بهدوء.

وبعد تناوُل العشاء سكنَت الرياح فجأةً ثم انهمر سيلٌ جارف من المطر، لم تكن هذه عاصفةً عادية ولكنها كانت تيفونًا، وما هي إلا لحظات كانت المياه تملأ الحجرة وتبدو كالأمواج في عرض البحر، وتمزقَت الملاءة التي كانت مثبتة على النافذة المجاورة لسريري، وأخذَت الناموسيات ترفرف كالأعلام، وأصبحنا وكأننا ننام في عرض الطريق.

وعادت الرياح تهبُّ بسرعةٍ شديدة نحو الساعة التاسعة، فاندفع الناس من المدينة إلى المستشفى ومبنى المصلحة يلتمسون ملجأ، وقليل من أولئك الذين استطاعوا النجاة بأنفسهم قبل أن تنهار فوق رءوسهم الأكواخ التي يعيشون فيها، وارتفعَت المياه حتى خشينا أن تتحول إلى فيضان، وأصبح كل فردٍ منا مبتلًّا حتى الجلد.

وما كاد يحل منتصف الليل حتى أصبح كل شيء في المستشفى يبدو وكأنه متروك في العراء.

وتوقفَت الرياح بعد منتصف الليل بقليل، وأعقبها توقُّف المطر، ولكننا لم نذق للنوم طعمًا؛ فقد كنا جميعًا مبللين ومتوترين لدرجةٍ جعلَت النوم يذايل جفوننا.

ولكننا غفونا قليلًا قبَيل الصباح.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:02 am

١٨ سبتمبر ١٩٤٥م

سماءٌ ملبَّدة بالسحب التي ما لبثَت أن انقشعَت.

استيقظتُ لأجد العاصفة قد مرَّت، ولكن أكتافي وفخذي كانت تؤلمني، وأصبح أنفي مسدودًا بسبب الزكام، وحين خرجتُ إلى الشرفة وجدتُ بحيرةً كبيرة أصبحَت موجودة أمام المستشفى، ولم يعد هناك وجود للأكواخ الصغيرة التي أُقيمَت حول المستشفى ليأوي الناس إليها.

أمَّا الخطابات فكانت مبعثرة بين مبنى المصلحة ومبنى المستشفى، فنزلتُ إلى هناك وحاولتُ أن أجمع منها ما استطعتُ جمْعه وكانت معظمها خطاباتٍ مسجلة.

ذهبتُ إلى مكتب العمل لأسأل السيد سيرا والسيد كيتاءو عن حجم الدمار الذي سببه التيفون، فعلمتُ منهما أن المستشفى لم يفتقد شيئًا سوى بعض البطانيات، ويبدو أن الناس الذين لجَئوا إلى المستشفى من الخارج خلال التيفون يلتمسون ملجأً قد أخذوها معهم، ولكني التمستُ لهم العذر، فهم لا شك في حاجة إليها بعدما دُمِّرَت أكواخهم.

وكان المرضى يشكون من الإصابة بالبرد ولكن إصاباتهم كانت عادية، أمَّا الفتاة الجميلة التي كانت ترقد وسط بركة من القيح والقذارة فقد أصبحَت الآن قادرة على الحركة دون مساعدة أحد.

مرَّت فترة الصباح دون وقوع حوادث سوى قدوم رسول من عند صديقي الأستاذ هاتا يطلب مني الذهاب إلى جزيرة مياجيما لأوقِّع الكشف الطبي على مدير بنك اليابان بهيروشيما، فأجبتُ بأنني لا أشعر بالقدرة على القيام بمثل هذه الرحلة الآن.

تحسَّن الجو بعد الظهر فقررتُ أن أتمشَّى قليلًا، فما أجمل طلوع الشمس بعد انقضاء المطر! وأخذتُ أتجول حتى وصلتُ إلى الخندق الممتلئ بالماء المحيط بقلعة هيروشيما، ودهشتُ حين رأيتُ رجلًا يصطاد الضفادع بطريقةٍ خاصة ويبيعها للناس، الصغير منها مقابل خمسين ينًّا والكبير منها مقابل مائتَين، فدهشتُ لارتفاع الأسعار بصورةٍ خيالية، ولكن الناس كانوا يتهافتون على شراء ما يصطاده الرجل أولًا بأول.

بعد تناوُل العشاء أخبرتُ رفاقي بقصة صياد الضفادع واندهشوا بدَورهم للتغيُّر الكبير في الأحوال، وأويتُ إلى فِراشي منهكًا بسبب ما لاقيناه ليلة الأمس، وغرقتُ في ثباتٍ عميق لم يقطعه سوى صراخٍ سمعتُه في الليل: «اللص… اللص…» فاستيقظتُ فزِعًا، ولكنه كان حلمًا مفزعًا أصاب الدكتور تاماجاوا فاعتذر لنا عن إزعاجنا، وواصلْنا النوم حتى الصباح.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:03 am

١٩ سبتمبر ١٩٤٥م

طقسٌ لطيف.. كانت السماء صافية في الصباح، والجو جميل، والشمس ساطعة، ولما كنت قد استمتعتُ بنومٍ عميق ليلة الأمس، فقد عقدتُ العزم على الذهاب إلى مياجيما للكشف على مدير البنك المريض تلبيةً لطلب الأستاذ هاتا الذي تلقيتُه بالأمس، فطلبتُ من السيدة سائيكي العجوز أن تعد لي (بنتو) وجبةً خفيفة أتناولها أثناء الرحلة، وبدأتُ السير عن طريق كوئي عبْر جسر ميساسا وشاهدتُ رجلًا يدفع عربة فوق الجسر تحمل لحم البقر، ولم أكن قد شاهدتُ اللحم منذ عهدٍ بعيد، وكان منظر اللحم الطازج فيما مضى يثير تقززي، أمَّا اليوم فقد سال لعابي عند رؤية اللحم.

وبلغتُ محطة كوئي عند الظهيرة، وتمكنتُ من الحصول على مقعد في عربة الترام المزدحمة المتجهة إلى مرفأ مياجيما.

وفي الطريق إلى وجهتي أخذتُ أرقب المنطقة التي يمر بها الترام، فكانت المنازل فيما بين كوئي وتاكوسا عارية السقوف محطمة النوافذ والحوائط تبدو وكأن زلزالًا قد أصابها، أمَّا المنطقة الواقعة وراء كوساتسو٣٨ فقد كانت منازلها أحسن حالًا، أمَّا نوافذها فكانت محطمة، وكانت علامات الدمار واضحة حتى إيتسوكايتشي وتختفي آثار الدمار تمامًا عند هاتسوكايتشي، وبالقرب من جي جوزن بدأَت جزيرة مياجيما تلوح في الآفق، وإلى يمين الطريق ركزتُ نظراتي على المنازل الصيفية الجميلة المسماة «بسو» التي يقضي فيها الصيف أثرياء الناس.

وقد أدهشني أن أرى بعض المنازل عند مرفأ مياجيما وقد فقدَت نوافذها لأن المنطقة تبعد كثيرًا عن هيروشيما.

وتوقفتُ عند محلٍّ لصناعة الفخار تربطني بصاحبه صداقةٌ قديمة حيث تناولتُ طعام الغداء، ثم ركبتُ العبَّارة في الطريق إلى مياجيما، واستغرقَت الرحلة البحرية نحو نصف ساعة وصلتُ بعدها إلى الجزيرة الجميلة.

وقصدتُ هناك فندقًا صغيرًا أعرفه يديره بعض الأصدقاء لتحيتهم، ثم تابعتُ السير إلى فندق بائي رنيو الذي يقيم فيه مدير البنك، وكان هذا الفندق يقع فوق قمَّة تلٍّ صغير تحيط به منازل قديمة من مختلف الجهات، وتطل نوافذه على منظر الجزيرة كلها، وتلوح في الأفق هيروشيما من بعيد.

كم تمنيتُ أن أقيم في هذا المكان الجميل!

واستقبلَتني زوجة المدير، وقادتني إلى حجرته حيث علمتُ أنه كان يمارس العمل بالبنك عندما سقطَت القنبلة، ولما كان البنك يقع على مسافة ٤٠٠–٥٠٠ متر من مركز التفجير اعتقدتُ أنه قد أُصيب إصابةً بالغة، ولكن زوجته ذكرَت لي أنه يعاني من الضعف وفقدان الشهية.

وبعد أن فحصتُ الرجل أيقنتُ أن فرصته في الشفاء كبيرة، فعلى الرغم من أنه كان بالبنك عند وقوع الحادث إلا أن بناء البنك المتين كفل له الحماية من الإصابة بالإشعاع الذري، وذكرتُ له أن البنك قد تحوَّل الآن إلى مركز استعلامات تغطي جدرانه نشراتٌ تحمل أسماء المفقودين والموتى والمصابين، وأوصيتُه بأن يُكثر من تناوُل الطعام الجيد كوسيلة للعلاج، وعُدتُ أدراجي إلى الفندق الذي يديره أصدقائي حيث تناولتُ الطعام عندهم واسترحتُ قليلًا ثم ودعتُهم بعد أن حمَّلوني بأنواع شتَّى من الهدايا.

ووصلتُ إلى مرفأ مياجيما نحو الرابعة مساء، فألقيتُ التحية على صاحب محل الفخار، وركبتُ الترام قاصدًا هيروشيما.

وفي الطريق سمعتُ حديثًا يدور بين الركاب حول فتاةٍ كانت لأحدهم رأوها تسير مع جنود الاحتلال، وتردَّد على لسان البعض ضرورة إلقائها في البحر عقابًا لها على ذلك.

وبعد أن غادرْنا محطة إيتسوكايتشي بقليل توقفَت عربة الترام فجأةً، واتضح أن هناك ثلاثة من السُّكارى وقفوا على الخط الحديدي فأجبروا السائق على التوقف ودفعوا المحصل جانبًا ثم ركبوا الترام، وأخذوا يسبون المحصل والسائق بألفاظٍ بذيئة ويعربدون في العربة ويهددون الناس جميعًا وهم يرددون أغنيةً غرامية كورية، ثم يصيحون بين الحين والآخر: «باتراي».

(يعيش)، وقبل أن تصل العربة إلى كوئي أجبروا السائق على التوقف مرةً أخرى وغادروها، ولم يدفع أحدهم الأجرة، ولم يستطع أحد أن يجبرهم على دفعها، فاستأتُ لتصرُّف هؤلاء السكارى وساءلتُ نفسي إلى متى تستمر قيم الحرب؟ لقد كان الناس يلقنون مبدأ يقول: «القوة هي العدالة، والعدالة هي القوة». ويبدو أن هؤلاء السكارى كانوا لا يزالون متمسكين بقيَم ما قبل الهزيمة.

وصلتُ إلى المستشفى منهكًا مكتئبًا لِما شاهدتُه في عربة الترام، ورويتُ ما حدث لأصدقائي بصعوبةٍ بالغة، ثم استحممتُ وأويتُ إلى فِراشي دون أن أتناول طعام العشاء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:04 am

٢٠ سبتمبر ١٩٤٥م

سماءٌ صافية مع ظهور بعض السحب أحيانًا.

كانت رحلتي إلى مياجيما فوق طاقتي البدنية، فقد كنتُ منهكًا ليلة الأمس، ولم أستطع النوم إلا لمامًا، وعندما استيقظتُ هذا الصباح كانت أرجلي تؤلمني، ونهضتُ بصعوبةٍ من فِراشي لتناوُل الإفطار ثم عُدتُ إلى الفِراش لأستريح، وعندئذٍ حضر صديقٌ قديم كان يملك محلًّا تجاريًّا يحمل اسم «إيريبن»، وكان مغتمًّا حزينًا، وما لبث أن انفجر بالبكاء قائلًا: «يا دكتور لقد ماتت أويوني ولا أدري أين أو متى حدث ذلك، فقد غادرَت زوجتي المسكينة البيت صباح يوم البيكا لتنضم إلى إحدى فِرق العمل، وكانت هذه هي النهاية، فلم أسمع وابنتي عنها شيئًا حتى الآن».

فسألتُه عن ابنته ماساءو فأخبرني أن ذراعها كُسرَت عندما دمَّر التيفون البيت.

وكان حديثه لا يكاد يُسمَع وسط النحيب، كما أنه كان جريحًا وكانت رأسه مغطَّاةً بضمادة من القماش المتسخ، وحالتُه تدعو للرثاء، فحاولتُ أن أهدئ من روعه، ولكني انفجرتُ باكيًا وجاءت السيدة سائيكي لتجدنا على هذه الحال، فأخذَت تنقل نظراتها بيننا، وحاولَت أن تطيِّب خاطر الرجل العجوز المسكين، وعرضَت عليه أن يحضر هو وابنته ليُقيما معنا فغادر المستشفى وهو يشعر بالارتياح.

كنتُ مستلقيًا فوق السرير بعد الغداء أحملق في الفضاء عبر النافذة عندما اندفع السيد سيرا إلى الحجرة متقطع الأنفاس وهمس في أذني قائلًا: «يا دكتور، هناك ضابطٌ أمريكي بالخارج».

وفزعتُ عند سماعي هذه الكلمات، غير أني لم أحر جوابًا للحظات ثم تملكني الخوف والغضب، وتغلَّبتُ على شعور العداء، واستجمعتُ قواي وقلتُ بصوتٍ مقتضب: «يا سيد سيرا لا تهتم بأمره».

فأجاب بارتياع: «يا دكتور لا تقل مثل هذا الكلام، إن الرجل يقف عند مدخل المستشفى الآن، أرجوك أن تقابله».

وبدأ شعور العداء عندي يفسح المجال لشعورٍ بالرهبة؛ إذ كنت أعرف أنه لا خيار أمامي، وأن عليَّ أن أقابل هذا الضابط.

كان بنطلوني متسخًا، ولم يكن قميصي أحسن منه حالًا، غير أني لم أهتم بمنظري هذا عندما اتجهتُ لمقابلة هذا الأجنبي.

وبعد لحظاتٍ سمعتُ وقع أقدام الضابط على الدرج، فإذا به رجلٌ مهيب خلفه حارسٌ أسود يتمنطق بمسدس، ويبدو أنه جاء ليلعب دور المترجم بيننا وبين الضابط، فأخبرتُهما أنني مدير مستشفى المواصلات بهيروشيما، وبعد أن قمتُ بتحيتهما، عرضتُ عليهما أن يتفقدا عنابر المرضى، وكان الضابط مهتمًّا بمعرفة الأضرار التي ترتبَت على التيفون، ولم يكن يُلقي بالًا لحديثي عن نتائج الإصابة بالقنبلة الذرية، واكتشفتُ أن المترجم لا يعرف من اليابانية إلا قليلًا؛ ولذلك لم أطمئن إلى مقدرته على نقل ما دار بيني وبين الضابط من حديث، وبعد أن قمنا بالجولة التفقدية وصلنا عند زوجتي، وسألني الضابط عما إذا كانت قد أُصيبَت، فقلتُ له إنها تشكو من الأنيميا، كما أن بعض الجراح قد أصابتها، وشمرتُ أكمامها لأكشف له عن آثار تلك الجراح، فهز رأسه قليلًا ثم غادر المكان.

وبعد أن تركنا أخذ قلبي يدق بعنف، وعادت أرجلي تؤلمني من جديد ونسيتُ في غمرة الانزعاج أن أصحبه حتى مدخل المستشفى.

تغيَّر جو الهدوء الذي كان يخيم على المستشفى بمجرد ظهور هذا الضابط الأمريكي، فانزعج الموظفون، كما أن زوجتي التي لم يبدُ عليها التبرم حتى الآن ظهرَت عليها علامات القلق، وبدأَت الآنسة ياما تفكر في الفرار وتجمع حاجياتها، وشعرتُ بالقلق بدَوري، فإذا كان باستطاعتي أن أتبادل الحديث مباشرة مع الضابط الأمريكي ربما استطعتُ أن أعبِّر له عن مخاوفنا، ولعلَّه كان باستطاعته أن يهدئ من روعنا. 


ولم يكن لدي قاموس أستعين به في مثل تلك الحالات، فرغم إجادتي للإنجليزية قراءة وكتابة غير أني لا أحسن التخاطب بها ولا أفهمها حين أسمع حديثًا يدور بها.

وعقدتُ العزم على أن أتفاهم مع الأمريكيين الذين يزوروننا في المستشفى بالكتابة، فهيأتُ مكانًا وضعتُ فيه منضدة وبعض المقاعد حتى أتخذه مقرًّا للحوار الكتابي مع من يزورنا من الأمريكيين في المستقبل، وكلفتُ موظفًا بالبحث عن قاموس ياباني-إنجليزي حتى إذا زارنا ضابط لا يصحبه مترجم استطعنا التفاهم معه، ولا بد أننا سنتعرض لمثل هذه الزيارات طالما أن الجزر اليابانية أصبحَت معسكر اعتقالٍ لنا، وعلينا أن نتدرب على التعبير عن أنفسنا باللغة الإنجليزية بعدما أصبحنا تحت رحمة العدو، طافت بمخيلتي صورة صاحب محلات إيريبن الذي كان غنيًّا ميسور الحال بالأمس وأصبح الآن متسولًا يضع على رأسه ضمادة من القماش المتسخ، إنه يرمز إلى ماضي اليابان وحاضرها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:04 am

٢١ سبتمبر ١٩٤٥م

طقسٌ غائم وزخَّات مطر خفيفة.

علمتُ صباح اليوم أن الملاحة في خليج هيروشيما ستصبح محظورة اعتبارًا من الخامس والعشرين من سبتمبر، أخبرني بذلك السيد سوميتاني مراسل جريدة جودو الذي فقد زوجته خلال الحوادث، وجاء إلى هيروشيما ليحضُر إقامة شعائر اليوم التاسع والأربعين الذي يصوم فيه البوذيون احترامًا لذكرى الموتى، ويحل هذا اليوم في الثالث والعشرين من سبتمبر هذا العام، فذكَّرني بإحياء شعائر هذا اليوم احترامًا لأرواح أصدقائي من ضحايا هيروشيما.

قررَت زوجتي أخيرًا أن تذهب إلى بلدتنا بالقرب من أوكاياما وأعددنا لها عدة الرحيل في الرابع والعشرين من هذا الشهر، أمَّا الآنسة ياما فستغادرنا اليوم عندما تحضُر أختها لمرافقتها.

وكنت في بداية الأمر أتردد في السماح للمرضى بمغادرة المستشفى وخاصة أولئك الذين كانت حالتهم خطيرة، ولكن الخوف نصب شباكه حول الناس جميعًا منذ وصول قوات الاحتلال؛ ولذلك أصبحتُ أشعر بالارتياح عندما يغادرون المستشفى، فكلما قل عدد المرضى كلما أصبحَت مسئولياتنا محدودة، وخاصة أننا لا نعرف شيئًا عن نوايا قوات الاحتلال، غير أني بذلتُ أقصى الجهد في تهدئة روع من بقي بالمستشفى من المرضى.

تناولنا في طعام العشاء طبقًا مكونًا من أرجل الضفادع، فرويتُ لأصدقائي قصة الرجل الذي شاهدتُه عند قلعة هيروشيما يصطاد الضفادع ويبيعها للناس.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:05 am

٢٢ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ ممطر مصحوب بالبرق والرعد.

استيقظتُ اليوم مبكرًا على غير العادة، وكانت السيدة سائيكي العجوز تقوم بإعداد طعام الإفطار بالمطبخ، بينما كان السيد ميزوجوتشي لا يزال نائمًا، وألقيتُ نظرة على الأسرَّة الخالية الموجودة بالغرفة والتي كان يشغلها الأصدقاء الذين غادروا المستشفى فشعرتُ بالشوق إليهم.

لقد أصبحَت ذكريات هذه الحجرة عزيزة عليَّ وهو أمر لم أكن أتوقعه منذ أسابيع مضت.

بعد تناوُل الإفطار، طلبتُ من السيدة سائيكي أن تنظف الحجرة وتعيد ترتيبها حتى نستطيع استخدامها كغرفة اجتماعات إذا عاد جنود العدو لزيارتنا مرةً أخرى، فنحينا السيوف والأسلحة القديمة التي عثرنا عليها بين الخرائب جانبًا، ووضعنا الأسرَّة في أحد جوانب الغرفة، ووضعنا منضدة وبعض المقاعد في وسطها، أمَّا الأريكة التي أعددناها لاستراحة ضيوفنا فكانت عبارة عن لوحٍ خشبي بأربعة أرجل وأصبحَت الغرفة بذلك معدَّة لاجتماع أربعة أو خمسة من الضيوف.

ولَمَّا كان عدد المرضى آخذًا في التناقص، حتى إنه لم يبقَ منهم إلا نفرٌ قليل وليس لدي ما أفعله؛ فقد آثرتُ أن أجلس مترقبًا ما قد تسوقه الأقدار، وأصبحتُ أتمتع لأول مرة بقدر من الهدوء جعلني أستعيد ذكريات الماضي بشيء من الموضوعية.

كانت الشرور التي بدأَت تهبط على هيروشيما تثير قلقي، كالجنود السكارى الذين يعيثون في الأرض فسادًا مثل أولئك الذين رأيتُهم أثناء عودتي من مياجيما والذين يمثِّلون صورة الحاضر الذي نعيشه الآن.

لم يعد هناك مكان للحكَم المأثورة التي تقول «العدالة هي القوة».

و«المرء بخلقه وليس بمولده».

وبدا لي أن نظام التعليم كان بالغ الأثر زمن السلم عندما كان هناك قانون ونظام.

إن الأخلاق لا يمكن أن يصقلها التعليم، فإنها تثبت وجودها في أحسن صورة عندما لا يكون هناك شرطة تحفظ النظام، وسواء كان الرجل متعلمًا أو غير متعلم فإن باستطاعته أن يبرز خلقه في وقت الشدة، والنصر دائمًا في جانب الخلق المتين.

لقد اختفت هذه الحكم الغالية وأصبحَت القوة هي العدالة، وأصبح المولد أكثر أهمية من الخلق، ولا بد أن تحكم القوة هذا البلد.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 50640

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:06 am

٢٣ سبتمبر ١٩٤٥م

طقسٌ غائم في أول النهار، ثم ما لبث أن أصبح صحوًا بعد ذلك.

اليوم هو التاسع والأربعون الذي تُكرَّم فيه أرواح الموتى، وعندما استيقظتُ اليوم فكَّرتُ في إقامة صلاةٍ بوذية على أرواح أصدقائي الذين قُتِلوا خلال البيكا، وبعد تناوُل الإفطار ذهبَت السيدة سائيكي العجوز لتصلي من أجل أبنائها الثلاثة الذين فقدَتهم في الحرب، وبينما كنت أتأهب للخروج جاءني صديقان هما السيدة كانيكو وزوجة ولدها، وما كادت تراني حتى انفجرَت باكية لتقول إن ولدها قد مات وراحت تقص عليَّ قصته: «في اليوم التالي للبيكا عُدتُ وزوجة ابني إلى المدينة لنبحث عنه بين حطام منزلنا، وبينما كان زوجي يفحص الجثث المسجاة هنا وهناك بالقرب من ساحة التدريب وجد شخصًا ميتًا وهو واقف، وقد واصلتُ البحث بين حطام البيت غير أني لم أجد شيئًا، ثم ما لبثتُ أن وجدتُ عظام إنسانٍ محترقة لا زال الدخان يتصاعد منها، غير أني لم أستطع الجزم بأنها لولدي.

وعُدتُ في اليوم التالي لأجد أنها عظامه؛ فقد تأكدتُ من وجود بكلة حزامه فوق الهيكل العظمي».

ثم استطردَت تقول: «أرجوك أن تحضر لزيارتنا في فوكاوا؛ فإن زوجي المسكين قابع هناك ولا شيء يُدخل السرور على قلبه إلا حين يراك.

لقد كنت في طريقي إلى المعبد حين خطر لي أن أزورك، سايونارا (إلى اللقاء)».

فقلتُ لها: «سايونارا».

ردًّا على تحية الوادع، بينما رسمتُ على شفتي ظلال ابتسامة وأحنيتُ هامتي لهذه السيدة المسكينة وأرملة ولدها، ثم انطلقتُ لأصلي على أرواح أصدقائي من الضحايا مبتدئًا بالجيران، فوقفتُ أمام حطام كل منزل أصلي من أجل سكانه الراحلين مغمض العينين.

وكان يُخيَّل لي عند كل صلاة أنهم ماثلون أمامي وعلى وجوههم ابتسامةٌ عريضة، واستعرتُ دراجةً أخذتُ أطوف بها أرجاء المدينة أصلي من أجل بقية الأصدقاء، فعبرتُ جسر ميساسا وجسر يوكوجاوا، وسِرتُ بالدرجة على شاطئ نهر أوتا أفكِّر في هؤلاء الأصدقاء، ثم عبرتُ منطقة تيرا ماتشي حتى وصلتُ إلى حي سورا زاياتشو فبلغتُ المكان الذي مات فيه الدكتور موري سوجي وزوجته، فصليتُ هناك من أجلهما، واتجهتُ بعد ذلك إلى مكانٍ بالقرب من مركز التفجير حيث كانت رائحة البخور تعبق في الجو وجمعٌ غفير من الناس يصلون من أجل أحبائهم.

ثم عبرتُ جسر أيوي مخترقًا مركز التفجير، فكانت خرائب متحف العلوم والصناعة تقع على جانب الطريق وأمامها خرائب المباني الأخرى، وعبرتُ هذه المنطقة حتى بلغتُ موقع مكتب بريد هيروشيما، وهناك وجدتُ شاهدًا حجريًّا كُتِب عليه «مات جميع العاملين بالمكتب في ساحة الشرف».

وبعد أن صلَّيتُ من أجل أصدقائي الذين ماتوا هناك، أخذتُ أفكِّر في حجم الخسارة التي نزلَت بنا، وبعد ذلك عبرتُ وسط خرائب مستشفى الدكتور شيما حيث ماتت عائلته وسائر العاملين معه وجميع المرضى، أمَّا هو فقد نجا من الموت لوجوده خارج المدينة عندما وقع الحادث، وتذكرتُ الصديقين: الدكتور كورا كاوا، والدكتور تينا كا اللذين كانا يعملان معه ولقيا مصرعهما في الحادث.

وبعد أن تجوَّلتُ بعض الوقت وزرتُ الأماكن التي مات فيها أصدقائي الآخرون عُدتُ إلى المستشفى في وقتٍ متأخر متعبًا مكتئبًا.

وجدتُ في انتظاري عشاء من السوكي ياكي٣٩ أعدَّه السيد ميزوجوتشي احتفالًا بسفر زوجتي، وضمَّت مائدة العشاء الآنسة كادو والسيدة سائيكي والسيد ميزوجوتشي بالإضافة إلى وزوجتي، وبعد العشاء لبثنا نتحدث طويلًا، كان هذا هو العشاء الأخير لزوجتي بالمستشفى، تناوله معها أصدقاء اشتركوا معًا في كل الحوادث التي حلَّت بنا منذ وقع البيكا، وستغادر زوجتي المستشفى غدًا فلا غرو أنها تبدو سعيدة كطفل صغير.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:06 am

٢٤ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ صحو بصورةٍ عامة تتخلله بعض السحب أحيانًا تصحبها أمطارٌ خفيفة.

تحدَّدَت الساعة السادسة صباحًا موعدًا لرحيل زوجتي، فأعدت السيارة أمام باب المستشفى قبل أن ننتهي من تناوُل الإفطار، وتولى السيد إيجوتشي قيادة السيارة الحكومية التي كانت تُستخدَم للمرة الأولى منذ البيكا.

واشتركَت مجموعةٌ كبيرة من الأصدقاء في توديع زوجتي ساعة الرحيل.

غفوتُ قليلًا بعد رحيل زوجتي واستيقظتُ فجأةً على شعور بالمغص ورغبة في التبرز، واكتشفتُ أنني أعاني من الإسهال، فظننتُ أن السبب يرجع إلى وجبة العشاء التي تناولناها بالأمس، ولكن تكرر ذهابي إلى المرحاض عدة مرات.

وعندما عُدتُ إلى غرفتي تناولتُ كوبًا من الشاي ولم أعبأ بتناوُل الغداء، وطلبتُ من السيدة سائيكي أن تُحضر لي دواءً قابضًا من الصيدلية، وعندما علم الدكتور هينوئي بحالتي جاء إليَّ مسرعًا وأعطاني دواء السلفا جوانيدين مع دواء للمعدة وألقى عليَّ محاضرة حول ضرورة الاهتمام بصحتي، مؤكدًا أن الكثير من المرضى ماتوا بعد البيكا ممن كانوا يعانون من الإسهال بسبب عدم اتباعهم التعليمات الخاصة بالعلاج.

وأخذ الشك يتسرب إلى نفسي، تُرى هل استنشقتُ ذلك «الغاز السام» الذي تحدَّث الناس عنه أثناء تجولي وسط الخرائب بالأمس، ولكن مرات ترددي على المرحاض ازدادت عددًا وشعرتُ بأعراض تشبه الدوسنطاريا، ثم أصبحتُ عاجزًا عن الذهاب إلى المرحاض، فدبرَت لي السيدة سائيكي قصرية فِراش وعاونتني على استخدامها، وازددتُ وهنًا على وهن، فطلبتُ منها أن تعد لي كيسًا من الرمل الساخن لأضعه فوق بطني، فأعدَّت لي زجاجة من الماء الساخن استخدمتُها لهذا الغرض، وعادني الدكتور كوياما والدكتور كاتسوبي ولكنهما لم يستطيعا أن يفعلا شيئًا لتخفيف آلامي، غير أن زجاجة الماء الساخن جعلتني أشعر ببعض الراحة.

ومنعَت السيدة سائيكي الزوار من دخول الغرفة، وضربَت ستارًا حول سريري لتتيح لي قدرًا من الحرية.

وفي المساء شعرتُ بالعطش الشديد ورغبتُ في تناوُل الماء البارد، ولكني خشيتُ أن تزداد رغبتي في التبرز ففضلتُ تحمُّل العطش على تناوُل الماء، وتمكنَت السيدة سائيكي بعد ذلك من إحضار كيس من الرمل الساخن ووضعَته فوق بطني، واتخذَت لنفسها فِراشًا بجواري وأخذَت تتحدث معي حتى استغرقَت في النوم، غير أنها كانت تستيقظ بمجرد أن تشعر بحركتي حين أشعر بالحاجة لاستخدام القصرية فتهب لمعاونتي، ولم أستطع النوم إلا لمامًا طيلة الليل.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:07 am

٢٥ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ صحو.. شربتُ بعض الشاي بالملح، وطلبتُ بعض بذور الخل لرغبتي في أن أتناول شيئًا مرًّا، وطلبتُ قليلًا من حساء الأرز، ولكن حالة المرض استمرَّت على ما هي عليه بالإضافة إلى الدم والمخاط، ولم أشعر بحياتي بالضعف وقلة الحيلة مثلما شعرتُ اليوم.

وتناولتُ في المساء طبقًا من حساء الأرز مع قليل من الملح ثم تجرعتُ الدواء، فتناولتُ جرعةً كبيرة من السلفا جوانيدين، غير أن حالتي لم تتحسن.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:07 am

٢٦ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ صحو ما لبث أن تلبد بالغيوم وتساقط المطر.

حالتي اليوم لا تزيد عما كانت عليه بالأمس مع استمرار الإسهال الدموي والألم والضعف العام، وأُضيف الكودين إلى الدواء الذي أستخدمه، ولم أذُق الطعام طوال اليوم فيما عدا ثلاث أطباق من حساء الأرز، وعند المساء جعلني الكودين أُحس ببعض الراحة فلم أشعر بالحاجة لاستخدام القصرية إلا مرات قليلة خلال الليل.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:08 am

٢٧ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ ممطر مبلد بالغيوم.

استيقظتُ في الصباح معانيًا من جفاف الحلق، فتناولتُ كوبًا من الماء الساخن بالسكر بالإضافة إلى طبق من حساء الأرز التي أصبحتُ أمجُّ طعمها، وتحسنَت حالتي بعض الشيء ربما كان الفضل يرجع للكودين فتناولتُ جرعةً أكبر منه، شعرتُ بالتحسن بعض الشيء في المساء ونمتُ طوال الليل.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:09 am

٢٨ سبتمبر ١٩٤٥م

طقسٌ متقلب بين الغائم والصحو.

تحسنَت شهيتي اليوم، فتناولتُ في الصباح طبقَين من حساء الأرز بالإضافة إلى كوب من الماء الساخن بالسكر، وأكدَت لي السيدة سائيكي أن كل شيء سيصبح على ما يُرام، وأن السيد ميزوجوتشي قد عاد بأخبار عن رحلة زوجتي.

لقد نسيت خلال الأيام الأربعة أو الخمسة الماضية كل شيء عن زوجتي وولدي، وبعدما تحسنَت حالتي الآن أخذتُ أفكر في أمي ومدى سعادتها عندما وصلَت زوجتي، ولكني صرفتُ التفكير في هذا الموضوع مفضِّلًا التركيز على حالتي، فشفائي مهم بالنسبة لهم لأتولى رعايتهم.

بدأتُ أستقبل بعض الزوار وكان من بينهم السيد ياماشيتا الذي أطلعني على مذكراته التي كتبها حول حادث البيكا وعجبتُ لعبارات التفاؤل بالنصر التي وردَت في مذكراته والتي تتناقض مع الهزيمة التي وقعَت بالفعل.

تُرى كيف يفكر الناس بالنصر ويرغبون في تحمل الصعاب من أجل تحقيقه غير مصدقين أن الهزيمة قد حلَّت بهم بالفعل؟!

شعرتُ بالتحسن وبالعافية تدبُّ في بدني، وأصبحتُ أستطيع النهوض من الفِراش والذهاب إلى غرفة الطعام حيث تناولتُ بعض الأوراق وقلم رصاص وسجلتُ وقائع الأيام التي مضَت من يومياتي حتى لا أنسى شيئًا، وفي العشاء تناولتُ حساء الأرز والدواء.

ورغم تحسُّن حالتي كان لا يزال بيني وبين الشفاء التام مراحل طويلة، فلم أستطع النوم طوال الليل إلا قليلًا، واعتقدتُ أنني أُسرع الخطى نحو الموت حين تذكرتُ الإشاعات التي ترددَت حول أولئك الذين لقوا حتفهم بعد أن تجولوا وسط خرائب المدينة.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:10 am

٢٩ سبتمبر ١٩٤٥م

جوٌّ صحو تتخلله السحب أحيانًا.

مكثتُ في الفِراش هذا الصباح، فلم أستطع الذهاب إلى غرفة الطعام، وحاولتُ ازدراد طبقَين من حساء الأرز رغم فقداني الشهية، ثم ذهبتُ إلى مرحاضي المفضل خارج المستشفى، وبعد قضاء الحاجة اكتشفتُ وجود أكياس في البراز، فاطمأننتُ إلى أن ما أعاني منه نزلةٌ معوية وليس مرض الإشعاع الذري، وعُدتُ مرةً أخرى إلى فِراشي وأنا أشعر بالراحة وتابعتُ تناوُل العلاج.

زاراني ضابطان من جيش الاحتلال بعد ظُهر اليوم، ورغم أنني لم أكُن أشعر بالراحة فقد حاولتُ أن أكون كريمًا معهما فلففتُ كوفيةً حول بطني لأدفئ معدتي، وصحبتُهما في جولةٍ داخل عنابر المرضى ولم يستطع كلٌّ منا فهم ما يقوله الآخر، رغم أنني شعرتُ بنبرات الصداقة في حديث الضابطَين الشابَّين، فاستجمعتُ أطراف شجاعتي وقلتُ لهما باللغة الإنجليزية: «كيف حالكم؟ How are you» فأجابا على تحيتي بمنحي سيجارة قبِلتُها شاكرًا وأشعلها أحدهما لي، وحاولتُ خلال الجولة أن أطلعهما على أحوال المستشفى بقدر المستطاع رغم ما أشعر به وهن، وبعد أن انتهت جولتنا ووصلنا إلى باب المستشفى صافحاني وقالا لي باليابانية «كون ني تي وا (كيف حالك)».

بدلًا من عبارة «سايونارا (إلى اللقاء)».

فانفجر مَنْ كانوا معي في الضحك، وضحكتُ بدَوري، كما ضحك الضابطان الشابان، وركبا سيارتهما وقد ارتسمَت على وجهَيهما ابتسامةٌ عريضة، وظلَّا يلوِّحان لنا بأيديهما حتى اختفَت سيارتهما عن الأنظار، وقد تركَت زيارتهما شعورًا بالطمأنينة في نفوس الجميع، وأصبحَت عبارة التحية التي ألقياها علينا قبل انصرافهما موضوعًا لتندُّرنا.

وضعَت اليوم السيدة هي ياما التي كانت تعمل بالمستشفى منذ سقوط القنبلة طفلًا في بيتها بكا كوماتشي، وكانت تؤدي واجبها حتى ليلة الأمس، وسعدتُ حين علمتُ أن الطفل في حالةٍ طبيعة وأن الأم بصحةٍ جيدة، وكانت هذه هي حالة الولادة الوحيدة بين المقيمين بالمستشفى منذ وقع البيكا.

أويتُ إلى فِراشي مبكرًا واستغرقتُ في نوٍم عميق.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:11 am

٣٠ سبتمبر ١٩٤٥م

أمطارٌ غزيرة وغيوم كثيفة.

استيقظتُ قبل الفجر بقليل، وقد شعرتُ بتحسُّنٍ ملحوظ، وأصبحَت معدتي أحسن حالًا، وتناولتُ طبقَين من حساء الأرز في وجبة الإفطار، وجاء السيد ميزوجوتشي أثناء تناوُل الإفطار بنبأ وصول زوجتي إلى بلدتنا بسلام، وحمل إليَّ أنباء الرحلة وتعليقات والدتي على ما حدث لنا وللبلاد.

بعد الظهر زارَتنا مجموعتان من جنود الاحتلال، أمَّا أفراد المجموعة الأولى فقد تفقدوا الأحوال في المستشفى بمصاحبتي، واهتموا بالوقوف على تفاصيل كل شيء، ويبدو أن أحد أفراد هذه المجموعة كان مدرسًا، لأنه كان يحرص على ترميم صدع إنجليزيتي ويصحح لي طريقة النطق، أمَّا المجموعة الثانية فكان معها مترجمٌ أمريكي من أصلٍ ياباني ينحدر من أسرةٍ تقيم في «تنَّا»، وجلستُ مع هذه المجموعة في المكان الذي أعددتُه للاجتماعات، ووقف أحدهم ينظر إلى الخرائب عبر النافذة ثم قال من خلال المترجم: «لا بد أن تكون هناك بعض الجثث بين هذه الخرائب ويُخيَّل لي أنه إذا لم يتم إزاحة تلك الأنقاض فإن هذه الجثث المتعفنة وهذا الدمار سيظل سببًا في سوء العلاقة بين بلدَينا، فما رأيك؟»

فأجبتُ: «إنني موافق على رأيك تمام الموافقة، فقد سمعتُ أنكم استخدمتُم في كوري آلةً جديدة لإزاحة الخرائب تسمونها على ما أظن «البلدوزر» فلماذا لا ترسلون واحدة منها إلى هنا لمعاونتنا على إزالة تلك الأنقاض، وإلا فإنني على يقين أن أولئك الذين جُرِحوا أو فقدوا أقاربهم وأصدقاءهم سيظلون يذكرون يوم سقوط القنبلة ويحقدون عليكم ويكرهون بلادكم كلما رأوا حال المدينة».

فأجاب الضابط: «إن هذا الموضوع غير قابل للمناقشة؛ فإن أمريكا لا تستطيع إرسال أي معدات إلى هنا في الوقت الراهن، ولكن ما رأيك في حادث قصف هيروشيما بالقنبلة الذرية؟»

فأجبتُ بقولي: «إنني رجلٌ بوذي، وقد تعلمتُ منذ نعومة أظفاري أن ألزم السكينة في مواجهة المصائب، لقد فقدتُ بيتي وثروتي وجُرِحت، ولكن بغض النظر عن ذلك كله أعد نفسي محظوظًا لأني نجوتُ وزوجتي من الموت بينما لم يخلُ بيتٌ من فقْد عزيز أو قريب».

فردَّ الضابط بصلف وكبرياء: «إنني لا أستطيع مشاركتك هذا الشعور، فلو كنت مكانك لقاضيتُ البلاد».

ووقف الضابط مرةً أخرى يحملق عبر النافذة ثم رحل مع جماعته.

وبعد أن غادروا المستشفى رويتُ لأصدقائي هذا الحديث، وأخذتُ أردد بيني وبين نفسي عبارة: «أقاضي البلاد!» ولا أدري كم مرة ردَّدتُ هذه العبارة وكيف كان وقعها على نفسي، لقد كان الموقف كله أكثر من أن يحتمل.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 50640
العمر : 72

يوميات هيروشيما - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات هيروشيما   يوميات هيروشيما - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 04 يونيو 2024, 2:13 am

الهوامش:
١  جرَت العادة في اليابان على أن يقوم مرضى القسم الداخلي في المستشفيات بتدبير من يتولى خدمتهم وإعداد طعامهم، ومثل هذا الشخص يكون في العادة أحد أفراد أسرة المريض.
٢  قرية تقع على بعد عشرة أميال إلى الجنوب الغربي من هيروشيما.
٣  جسرٌ كبير مُقام على نهر أوتا، يقع بالقرب من قلعة هيروشيما شمال المدينة، ولا يبعد كثيرًا عن مستشفى المواصلات.
٤  وهي قرية فيما بين هيروشيما وجي جوزن.
٥  محطة سكة حديد تقع عند الحدود الغربية لمدينة هيروشيما.
٦  هو هيكل للديانة الشنتاوية بالقرب من الحدود الجنوبية لثكنات هيروشيما العسكرية، التي كانت تقع وسط المدينة، والمحراب يقع على بُعد ٢٠٠ متر من مركز انفجار القنبلة الذرية، وتعني كلمة جوكوك «أرض الآباء».
٧  كابى مدينة تقع على بعد عشرة أميال إلى الشمال من هيروشيما في وادي نهر أوتا.
٨  نينوشيما جزيرةٌ جبلية تقع على بعد ثلاثة أميال جنوب هيروشيما في خليج هيروشيما، وقد اتُّخذَت هذه الجزيرة ملجأ لمن بقي على قيد الحياة من سكان المدينة.
٩  «بيكا» باللغة اليابانية تعني: بريق أو ضوءٌ لامع، أمَّا «دون» فتعني الصوت المدوي، فأولئك الذين شاهَدوا الانفجار من ضواحي المدينة سمعوا «بيكادون»، أمَّا الذين كانوا قرب مركز الانفجار فقد شاهدوا بريقًا بلا صوت؛ ولذلك أطلقوا عليه «بيكا».
١٠  تقع على بعد أقل من ٥٠٠ متر من موقع المستشفى.
١١  هو هيكل للديانة الشنتاوية يقع على بعد ١٧٠٠ متر من مركز التفجير وعلى بعد نصف ميل تقريبًا من موقع المستشفى.
١٢  فوتشو ضاحية تقع على بعد ميل إلى الشرق من هيروشيما، ويفصلها عن المدينة مرتفعاتٍ جبلية منخفضة تمتد من الشمال إلى الجنوب.
١٣  إيواكوني قاعدةٌ بحرية كانت بها قاعدةٌ جوية أيضًا تقع على بحر اليابان على بعد ٣٠ ميلًا إلى الجنوب الغربي من هيروشيما.
١٤  كوري قاعدةٌ بحرية كبيرة على بحر اليابان تقع على بعد ٢٥ ميلًا إلى الجنوب الشرقي من هيروشيما.
١٥  جسر أيوي يمر فوق نهر أوتا بمنطقة وسط المدينة، وكان في مركز القصف تمامًا، ويُعتقَد أن القنبلة قد انفجرَت على بعد ٥٠ مترًا إلى الجنوب الشرقي من موقع الجسر.
١٦  دواء شعبي ياباني له مذاق النعناع، يُعتقَد في قدرته على تطهير المعدة من الأمراض.
١٧  الآيو نوع من السمك المرقط الصغير يعيش في المياه العذبة ويكثر وجوده في ذلك الوقت من العام في المجاري المائية التي تنتشر بالجبال.
١٨  تقع سينو إلى الجنوب الشرقي من هيروشيما في الطريق إلى كوري.
١٩  تقليدٌ ياباني متوارَث من العهد الإقطاعي، يُقدِم فيه الفارس المهزوم على الانتحار بشَقِّ بطنه بسكينٍ علانية قبل أن يقع في يد خصمه، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يقوم أحد رفاقه بفصل رأسه عن جسده ليخفف عنه آلام معاناة سكرات الموت.
٢٠  قاعدةٌ جوية تابعة للبحرية كانت مركزًا للتدريب والإمدادات والوقود، وتضم مصنعًا لتجميع الطائرات، وتقع هيرو في ضاحية بالقرب من كوري على بعد نحو ٢٥ ميلًا إلى الجنوب من هيروشيما.
٢١  خمرٌ مصنوع من الأرز، تتوافر منه ثلاث درجات حسب نسبة الكحول في كلٍّ منها، ويُعَد شرابًا وطنيًّا في كلٍّ من اليابان والصين وكوريا، يتناوله الناس في مناسبات الحزن والبهجة على حدٍّ سواء، ويحمل معنى المشاركة.
٢٢  يأكل اليابانيون الأخطبوط الصغير مسلوقًا أو طازجًا دون طهي ويبدو بعد سلقه غضروفي المذاق.
٢٣  انفجرَت القنبلة على ارتفاع ما بين ٥٠٠ – ٧٠٠ فوق البحر، وربما كان مركز التفجير بالقرب من مستشفى شيما، فكما ذكر الدكتور هاتشيا وُجدَت الأعمدة الخرسانة التي شكلَت دعامات بناء المستشفى غائصة في الأرض، ولا ينتج ذلك إلا عن قوةٍ ضاغطة من أعلى، وإلا لكانت تلك الدعامات قد سقطَت على الأرض بدلًا من الغوص فيها.
٢٤  في التقويم الياباني القديم يوافق ٢١٠ من السنة مقدم الخريف، ويكون مصحوبًا برياحٍ شديدة وأيام ممطرة، ولمَّا كان هذا التقويم يبدأ حوالي ٤ فبراير، فإن بداية الخريف وفقًا له تقع في أول سبتمبر من التقويم الميلادي الحالي.
٢٥  الماتشا نوعٌ جيِّد من الشاي الأخضر الناعم، وهو صيني الأصل، أدخله إلى اليابان كهنة مذهب الزن البوذي في العصور الوسطى، ويُستخدَم في حفلات الشاي اليابانية التقليدية.
٢٦  العِصِي التقليدية التي يتناول بها الصينيون واليابانيون الطعام.
٢٧  الواكا ضربٌ من ضروب الشعر الياباني يرجع إلى العصور الوسطى، عُرف بصوره البيانية البديعة.
٢٨  وهي تعني «داروما والنمر»، وداروما حيوانٌ خرافي ليس له أطراف، يمثِّل أحد الآلهة القديمة المعنية بالعزيمة والصبر، وتقول الأسطورة القديمة إن داروما قضى أيامًا وليالي عديدة في التفكير والتدبر حتى غلبه النعاس، حين استيقظ من نومه آلمه انقطاع التدبر خلال النوم، فقطع جفونه حتى تظل عيونه مفتوحة فلا ينام مرةً أخرى، وقد نبت الشاي الياباني لأول مرة حيث سقطَت الجفون، وبذلك قدَّم للناس ما يدفع عنهم النوم.
٢٩  عصر مايجي يحدد بداية بناء الدولة الحديثة في اليابان والأخذ بمظاهر الحضارة الغربية، ويبدأ بعام ١٨٦٨م، أمَّا عصر تايشو فقد استمر من ١٩١٢م حتى ١٩٢٦م عندما اعتلى الإمبراطور هيروهيتو العرش وتلقَّب بشووا.
٣٠  تلعب صفائح الدم الكروية أو البيضاوية دورًا هامًّا في الدورة الدموية المعقدة، وفي الحالات الطبيعية يبلغ عددها ٣٠٠ ألف في السنتيمتر المكعب من الدم، فإذا تأثرَت الأعضاء التي يتكون منها الدم بالإشعاع فإن عدد هذه الصفائح يتناقص وقد تختفي تمامًا، وينتج عن ذلك حدوث نزيفٍ من مخارج الجسد (الأنف أو الفم أو الشرج)، فصفائح الدم تساعد على التجلط وبدونها يفقد الدم قوامه.
٣١  إيتسوكايتشي قرية تقع في الطريق إلى مياجيما على بعد نحو أربعة أميال إلى الجنوب الغربي من هيروشيما.
٣٢  فوتشو قرية تقع شرق هيروشيما على بعد ٥٠٠٠ متر من مركز التفجير وتختفي خلف التلال، أمَّا فورويتشي فمدينة تقع على بعد ثلاثة أميال شمال هيروشيما.
٣٣  التيفون إعصارٌ ممطر يصيب منقطة الشرق الأقصى في مطلع فصل الخريف على فتراتٍ متقاربة، ويحمل كلٌّ منه اسمًا خاصًّا.
٣٤  كان يتم الكي وفْق طريقةٍ تقليدية يُستخدَم فيها كومةٌ مخروطية صغيرة من الأعشاب الجافة تُوضَع فوق أماكن خاصة من الجسم وتحرق للتخلص من الالتهابات، وهذه الطريقة كانت متبَعة في الصين القديمة نقلًا عن مصر الفرعونية، وقد أدخلها رجال الدين البوذيون إلى اليابان.
٣٥  تحتفظ العائلات اليابانية بهيكلٍ بوذي صغير داخل البيت تؤدَّى له الصلوات، ويمثل المحور الذي يربط أفراد العائلة بالمكان الذي نشئوا فيه، وعلى الأجيال المعاقبة — وفق التقاليد اليابانية — المحافظة على هذا الهيكل وعلى موقع البيت الذي تسكنه العائلة، ففي المحافظة عليها محافظة على تراث الأسلاف.
٣٦  يلعب الحمام دورًا بارزًا في الحياة اليومية لليابانيين، فارتفاع درجة الرطوبة على مدار السنة، وانخفاض درجة الحرارة في الشتاء يجعل الحمام الساخن أمرًا ضروريًّا للأسرة اليابانية ويُعَد ضمن روتينها اليومي، وكان الحمام في ذلك العصر عبارة عن مغطسٍ مكون من إناء معدني كبير يتسع لشخصين أو أكثر توقَد تحته النار، ويغتسل الشخص خارجه، ثم يجلس القرفصاء داخله بضع دقائق يغادر الحمام بعدها لينام مباشرة، وفي البيت الياباني يخضع استخدامه لتقاليد خاصة، فيستخدمه الأب أو رب الأسرة أولًا، يليه الأولاد الذكور، ثم الأم وبناتها.
٣٧  كان الإمبراطور يُعبَد في اليابان حتى نهاية الحرب العالمية الثانية باعتباره إلهًا من سلالة الربة الشمس التي تُعَد أصل البيت الإمبراطوري، ولذلك لا نعجب إذا رأينا صورة الإمبراطور تُعامَل بمثل هذا الإجلال والإكبار.
وكان من بين التطورات التي أدخلها الأمريكيون إلى اليابان بعد الهزيمة إجبار الإمبراطور على إعلان أنه لا ينحدر من سلالة الآلهة، وأنه ليس سوى بشرٍ مثل بقية الناس لا يجب أن يُعبَد.
فأُلغيَت عبادة الإمبراطور بصفةٍ نهائية في عام ١٩٤٦م.
٣٨  كوساتسو تقع على بعد ٥ كيلومترات من مركز التفجير.
٣٩  السوكي ياكي طبقٌ ياباني مكون من شرائح اللحم وبعض الأعشاب والكرات، يضاف إليها صفار البيض الطازج، وتعد من أزكى الأكلات عند اليابانيين.



يوميات هيروشيما - صفحة 3 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
يوميات هيروشيما
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
 مواضيع مماثلة
-
» الطريق إلى هيروشيما
» المنهاج في يوميات الحاج (1)
» المنهاج في يوميات الحاج (2)
» يوميات في أدغال نيجيريا
» المنهاج في يوميات الحاج

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: ذم الإرهـــــــاب والإرهـــــــابيــين :: يـومـيــــات مـتشهيــكــو هـاتـشـيا-
انتقل الى: