أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: المبحث الثالث: الإعداد العسكري للحرب الخميس 06 أكتوبر 2011, 10:18 pm | |
| المبحث الثالث الإعداد العسكري للحرب كانت آثار نتائج حرب يونيه 1967، قاسية على القوات المسلحة، فقد تفككت الوحدات، وفقدت معظم أسلحتها الرئيسية، واستشهد من أفرادها الكثيرين. وأدى انهيار الروح المعنوية، إلى تدهور مستوى الانضباط العسكري، وهو أساس نجاح الأعمال القتالية، وفقدت القوات المسلحة قدرتها القتالية، وتدنى مستوى التدريب بها، نتيجة لبقاء الجنود لفترة ليست بالقصيرة في أوضاعهم الدفاعية، دون ممارسة تدريب فعلي يحافظ على مستوى الأداء القتالي للقوات. بتنحية القيادات العسكرية السابقة، تعينت قيادات جديدة، روعي أن تكون أفضل تأهيلاً بالعلم العسكري المتطور، حازمة يمكنها إعادة السيطرة على القوات المسلحة، ورفع مستوى انضباطها. لذلك تم اختيار الفريق محمد فوزي، قائداً عاماً (ثم وزيراً للحربية)، وهو معروف بقدرته على فرض الانضباط، لصرامته. وكان قد عمل مديراً للكلية الحربية من قبل، أحرز فيها نجاحاً واضحاً بتخريج دفعات من الضباط تميزت بالانضباط العالي. كما عين الفريق عبدالمنعم رياض رئيساً للأركان، وكان يقود العمليات في الجبهة الأردنية عام 1967، وهو قائد مشهود له في التخطيط للعمليات وإدارتها. لم تكن المناطق غرب القناة معّدة للعمل كمناطق دفاعية مجهزة، لذلك كان لا بد من تجهيز الأرض للدفاع والهجوم، تحت سمع وبصر العدو على الضفة الشرقية، وهو ما يزيد من صعوبة الأمر. كما أن مواضيع عبور الموانع المائية واقتحامها، لم تكن من اهتمامات القوات المسلحة المصرية من قبل، وكان هناك القليل من العمليات في الحروب القديمة والحديثة لاقتحام مانع مائي، يسيطر العدو على ضفته المقابلة في ظروف مختلفة، لا يمكن استخلاص دروس ذات فائدة كاملة منها. أولاً: إعادة تنظيم وتسليح القوات المسلحة المصرية كان لا بد من إعادة بناء القوات المسلحة المصرية، على أسس سليمة، طبقاً لتصور القيادة للصراع المنتظر مع إسرائيل. ويتطلب ذلك إعادة تنظيم التشكيلات والوحدات، بما يتواءم مع ظروف القتال القادمة، ويتمشى مع مبادئ وأسس العلم العسكري وتطوراته. كما تحتم الظروف والأوضاع العملياتية، أن يتم التنظيم والتسليح، في شكله الجديد، في نفس الوقت، مع تجهيز الدفاعات وتقويتها والتدريب على الأعمال الدفاعية، وهو ما يلقى بعبء مضاعف، ذو جهد مزدوج على القيادات والقوات. كانت الخطوة الأولى، تقدير حجم القوات المطلوبة، ونوعيتها ، والتسليح المناسب لها. ولم يكن ذلك بالأمر السهل، فالدراسة العلمية، قد تتوصل إلى الحجم المثالي من القوات ذات النوعية المناسبة نوعاً وتسليحاً، إلا أن الواقع يضع قيوداً على ذلك، منها، على سبيل المثال، مدة التدريب التي يمكن أن تصبح فيه القوات جاهزة للقتال . كذلك كان لا بد أن يكون ذلك الحجم مناسباً للمهام التي ستكلف بها القوات، في إطار خطة العمليات، التي سيتم القتال بمقتضاها، وهو ما لم يكن قد أُعد بعد. ثانياً: ادخال العناصر المثقفة بالشعب، كجنود لأول مرة في البداية أعيد تنظيم التشكيلات الموجودة فعلاً، حيث تم استكمال النقص في الأسلحة الرئيسية من دبابات ومدافع ومركبات قتال، طبقاً للمتيسر، كما تم إمداد الفرق والألوية بالضباط والجنود من تخصصات مختلفة. وقد رؤى، في ظل العجز الشديد في الأفراد، والذي وصل أحياناً إلى 30 ـ 40% من حجم الوحدات، أن يتم تجنيد المواطنون من خريجي الجامعات، والذين كانوا يعافون من الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، لكونهم من حملة الشهادات العليا فقط، لذلك كان تجنيدهم متعدد الفوائد: 1. تصحيح الوضع الخطأ، بالتمييز بين أفراد شعب واحد. 2. زيادة حجم الوعاء التجنيدي بإدخال خريجي الجامعات ضمن المطلوبين للتجنيد. 3. رفع مستوى الأداء بالوحدات المقاتلة، حيث يتميز الجندي ذو المؤهلات العليا بالقدرة العالية على الاستيعاب للأسلحة الحديثة، والأكثر تعقيداً، وبسهولة نسبياً عن زميله من المؤهلات الأدنى، نظراً لما يتمتع به من قاعدة معرفية، لاشك أنها أعلى وأوسع أفقاً من الآخرين.
4. سرعة إمداد الوحدات المقاتلة بأفراد جدد على مستوى تدريبي مناسب، حيث يتمتع الجندي المؤهلات العليا، بقدرة جيدة على الاستيعاب السريع، ما يقلل من مدة التدريب الأساسية والفنية له. 5. تقليل الخسائر في المعدات والأسلحة أثناء التدريب، وهو عامل هام، ظهر كنتيجة لانضمام الجنود ذوي المؤهلات العليا، للقوات المسلحة، بقدرتهم على إتباع التعليمات والأساليب الصحيحة لاستخدام وصيانة المعدات والأسلحة، مما قلل من الخسائر في معدات التدريب، في وقت كان الحصول فيه على معدات للقتال أمراً شاقاً. 6. الاستفادة من بعض ذوي المؤهلات العليا، ممن لديهم شخصية قيادية، للعمل كقادة فصائل، لسد العجز في الضباط، والذي كان متسعاً نتيجة الخسائر الكبيرة بالضباط خلال حربي 1967، الاستنزاف، بالإضافة إلى التوسع في حجم القوات المسلحة. 7. نتيجة فرعية، أفرزها نظام تجنيد المؤهلات العليا، وهو تأجيل مشكلة البطالة بينهم، حيث كانت الدولة ملتزمة بتعيين خريجي الجامعات، ولم يعد أماكن بالوظائف الحكومية، والقطاع العام، خالية، وأصبح من المفروغ منه أن يبقى خريج الجامعة عاطلاً في انتظار تعيينه سنوات عديدة. ثالثا: إنشاء وحدات جديدة كانت القوات المسلحة، تحتاج إلى عدد جديد من الوحدات التخصصات، كما كانت في حاجة لاستحداث بعض النوعيات الخاصة، لمواجهة ظروف غير شائعة، مثل استغلال المناطق البعيدة عن تعقيدات تسلق الساتر الترابي، واقتحام نقط خط بارليف الحصينة على هذا الساتر، بدفع قوة محدودة للعبور من المسطحات المائية (البحيرات المرة)، بوسائلها الذاتية (باستخدام المركبات البرمائية Amphibious) للعبور سباحة من دون حاجة لإنشاء الكباري، التي تحتاج لوقت في إنشاؤها، مما يؤخر وجود الأسلحة الرئيسية مثل الدبابات والمدافع، في شرق القناة، لفترة، يمكن لمثل هذه الوحدة البرمائية، القيام بأعمال هجومية، لشغل العدو وجذبه، بعيداً عن أماكن إنشاء الكباري. أو استخدام الوحدة البرمائية في عملية إبرار بحري، على ساحل سيناء الشمالي، أو البحر الأحمر، تربك العدو وتشتت جهوده. كذلك كان من الضروري التوسع في عناصر المهندسين العسكريين، للقيام بفتح الثغرات في حقول الألغام والعوائق السلكية التي يضعها العدو أمام مواقعه ونقطه الحصينة، وهي أحد المهام التقليدية للمهندسين العسكريين. كما كانت الحاجة إلى إنشاء وحدات هندسية جديدة، تكون مهمتها فتح ثغرات في الساتر الترابي، حتى يمكن دفع الدبابات والمدافع المجرورة أو ذاتية الحركة من خلالها. كان لا بد كذلك، من التوسع في وحدات الحرب الالكترونية، ذات الأجهزة الحديثة، لأعمال التنصت والإعاقة على شبكات العدو للاتصالات اللاسلكية. بالإضافة إلى تطوير وتحسين عناصر تخصصية أخرى، وتدريبها. كما كان كذلك من الضروري التوسع في وحدات الحرب الكيميائية، وعناصر أخرى من التخصصات المختلفة. أكثر أعمال إنشاء التشكيلات الجديدة مشقة، كانت وحدات الدفاع الجوي، بعد أن فُصِلتْ قيادته من تبعيتها للقوات الجوية، وأصبحت القوة الرابعة في القوات المسلحة (والتي كانت تضم القوات البرية ممثلة في القيادات العملياتية للمناطق العسكرية، والقوات البحرية، والقوات الجوية). كانت تلك الوحدات متنوعة، ما بين وحدات تقليدية مسلحة بالمدافع المضادة للطائرات، ووحدات حديثة، تسلح بالصواريخ أرض / جو، وأخرى فنية للرادارات، والإصلاح والمعايرة والضبط للأجهزة الدقيقة التي يستخدمها الدفاع الجوي. استغرق إعادة بناء قوات الدفاع الجوي، فترة طويلة، فقد كان النقص كبيراً، كما كان نظام الدفاع عن أجواء مصر غير مكتملاً، وأدت نتائج حرب يونيه 1967 إلى عجز كبير في المعدات والأجهزة، فضلاً عن الأفراد، بالإضافة إلى ما استحدث من أجهزة أكثر تقدماً، خلال العمل على استعادة كفاءة تلك الوحدات الحيوية، والتي تعتبر خط الدفاع الأول، والمساندة الأكثر فاعلية لصمود الوحدات المقاتلة في مواقعها الجديدة غرب القناة. ببداية مراحل الردع، والاستنزاف، والتي بدأت في 8 سبتمبر 1968، واستمرت حتى قبول وقف إطلاق النار، الذي نصت عليه مبادرة روجرز في 7 أغسطس 1970، لجأت القوات الإسرائيلية إلى قواتها الجوية المتفوقة كماً ونوعاً، وتسليحاً وتدريباً وخبرةً. أُصيبت وحدات الدفاع الجوي، بخسائر كبيرة خلال معارك الاستنزاف، نتيجة لغارات القوات الجوية الإسرائيلية الكثيفة، خاصة في القطاع الشمالي من الجبهة، مما احدث ثغرة واسعة في نظام الدفاع الجوي عن الجبهة، من بور سعيد شمالاً، وحتى الإسماعيلية جنوباً، ومن خلال الثغرة، استطاعت الطائرات الإسرائيلية المرور غرباً إلى الكثافة السكانية، والأهداف الحيوية العديدة حول القاهرة، وفي جنوب مصر. بلغت أحداث الصراع بين قوات الدفاع الجوي، والطائرات الإسرائيلية، الذروة، عندما أُبرت جواً قوة مدرعة، على الساحل الغربي للبحر الأحمر، بالقرب من بلدة الزعفرانة، واستطاعت تلك القوة الاستيلاء على جهاز رادار سوفيتي الصنع، كان يمكنه في ذلك الموقع كشف التحركات الجوية الإسرائيلية في سيناء مبكراً. وقد أدت تلك العملية، إلى "انهيار تام لنظام الدفاع الجوي عن سماء مصر، والتي أصبحت مفتوحة أمام الطائرات الإسرائيلية من دون قيد". تغلبت على تلك المشكلة الخطيرة، المترتبة على انهيار نظام الدفاع الجوي، باستخدام وحدات دفاع جوي متقدمة، سوفيتية تسليحاً وأفراداً، أعادت لنظام الدفاع الجوي المصري توازنه، وقوته. انتهزت قيادة قوات الدفاع الجوي المصري، إحجام الإسرائيليون عن دفع طائراتهم للعمق المصري، منذ أن اكتشفوا عمل الطيارين السوفيت ضمن وسائل الدفاع الجوي المصري، لالتقاط الأنفاس، وإعادة بناء شبكة دفاع جوي متكاملة العناصر (رادارات كشف وإنذار وتوجيه، طائرات مقاتلة، مدافع مضادة للطائرات، صواريخ أرض جو، نظام مراقبة بالنظر، شبكة مواصلات مؤمنة ومستقرة، مراكز قيادة وسيطرة على كافة المستويات)، وفي نهاية يونيه 1970، عادت شبكة الدفاع الجوي المصري للعمل بكفاءة، وأدت شجاعة الأطقم المصرية لكتائب الصواريخ أرض / جو، وكفاءتهم، وقدراتهم القتالية العالية إلى تساقط الطائرات الإسرائيلية على أرض مصر شرق وغرب القناة بإعداد لم تعهدها القيادة الإسرائيلية ، ومهدت تلك الشبكة القوية للدفاع الجوي، والتي استكملت الليلة السابقة لوقف إطلاق النار (7 أغسطس 1970)، حتى عرفت في التاريخ "بحائط الصواريخ المصري". شمل إنشاء الوحدات الجديدة، عدة فرق مشاة آلية وفرقة مدرعة، وعدة ألوية مشاة آلية ومدرعة مستقلة، ووحدات للدفاع الإقليمي (خصصت لتأمين الأهداف الحيوية بالأراضي المصرية، حتى تتفرغ الوحدات المقاتلة للتدريب على مهامها القتالية)، ووحدات متخصصة بكافة الأسلحة المعاونة والإدارية والفنية. كما أعيد تنظيم المستوى العملياتي، فألغيت قيادة المنطقة الشرقية العسكرية (قيادة الجبهة) وحل مكانها قيادتين لجيشين ميدانيين (الجيش الثاني والجيش الثالث الميداني) وقيادة قطاع بور سعيد العسكري، وقيادة لمنطقة البحر الأحمر العسكرية، بالإضافة إلى المناطق العسكرية الأخرى في باقي أنحاء مصر. بالمثل، كان هناك مجهود كبير لإعادة تنظيم وتسليح القوات الجوية في ظل موقفها الصعب بعد حرب يونيه 1967، وما فقدته فيها من طائرات، وما تتطلبه المهام الملقاة على عاتقها بعد تلك الحرب، وخلال حرب الاستنزاف، وما سوف تنفذه من مهام قتالية عند بدء معركة التحرير. كانت القوات البحرية المصرية، هي الأقل خسائر في حرب يونيه 1967، إلا أن معظم قطعها كانت في حالة فنية متدنية، وقد أدى إغلاق قناة السويس إلى حجز بعض القطع في البحر الأحمر والبعض الآخر في البحر المتوسط. رغم أن إسرائيل اتجهت إلى استيراد وتصنيع الزوارق السريعة المسلحة بالصواريخ، بعد إغراق مدمرتها إيلات بصواريخ الزوارق المصرية في 21 أكتوبر 1967، إلا أن البحرية المصرية ظلت متفوقة كماً وكيفاً، في الفترة ما بين 1967 ـ 1973. ولم يكن لهذا التفوق معنى في ظل التفوق الجوي الإسرائيلي، إذ تستطيع الطائرات الإسرائيلية، من مطارات متقدمة في شبه جزيرة سيناء، أن تطول القطع البحرية المصرية في أي عمق كانت على السواحل المصرية. لذلك لم تكن القوات البحرية المصرية في حاجة لإعادة تنظيم، على قدر ما كانت في حاجة إلى أسلوب عمل جديد واستخدام مبتكر، للإفادة من ذلك التفوق البحري. رابعاً: رفع مستوى الأداء القتالي للقوات كان تدريب القوات، لرفع مستواها في الأداء، والمحافظة على ذلك المستوى، هو المشكلة الأساسية التي واجهتها القيادة العسكرية المصرية. وإذا كان التاريخ يشهد للفريق فوزي، على حسمه لموضوع التنظيم والارتقاء بالانضباط العسكري للقوات المسلحة المصرية في وقت قصير، فإن التاريخ يشهد كذلك للفريق الشاذلي، على ما أولاه للتدريب من جهد ومثابرة، واهتمام بأصغر التفاصيل وأدقها، لكل ما يمكن أن تواجهه القوات المصرية عند تنفيذها لمهامها القتالية في الحرب المنتظرة لتحرير سيناء. استند التدريب القتالي، للقوات المسلحة على عدة أسس، أولها إصرار الجميع قيادات وضباط وجنود على إحراز النصر في المعركة القادمة، وهو ما لا يمكن تحقيقه، إلا بالتدريب الشاق المتواصل. ثانيها الاستفادة من أخطاء الماضي في حربيّ 1956، 1967. ثالثها تفرغ القوات المسلحة للتدريب على مهامها فقط وعدم انشغالها بمهام أخرى، مثلما كان في الماضي. لتحقيق ذلك قامت القيادات المسؤولة عن التخطيط والإشراف على تدريب القوات بعمل الآتي: 1. رفع مستوى الجنود في استخدام السلاح لدرجة الاحتراف. 2. تكثيف التدريب العملي، وإطالة مدته، ليشمل كافة المواقف التي يمكن أن تتعرض لها أي وحدة مقاتلة أثناء تنفيذها لمهامها نهاراً أو ليلاً وتحت كافة الظروف المحتملة. 3. تدريب واختيار القيادات، وتثبيتها حتى تزداد خبراتها القيادية، وتحقق تآلف مع المرؤوسين، يساعد في التغلب على الظروف الصعبة والحرجة، أثناء القتال. 4. اختبار القوات دورياً، مع تصعيد صعوبة المشروعات العملية وتنوعها، للوصول إلى المستوى الحقيقي للقوات. 5. اقتصار تدريب القوات على كل ما هو ضروري للحرب، بالإضافة إلى تدريبها على مهام مشابهه لمهامها القتالية. 6. التدريب في مناطق، داخل الأراضي المصرية مشابهه لتلك التي سيدور عليها القتال الحقيقي، وقد أنتقى الخبراء العسكريون منطقة في داخل مصر مشابهه لمنطقة القناة شرقاً وغرباً، ووجود مجرى مائي مشابه لقناة السويس في كثير من الأوجه، وهي منطقة الخطاطبة غرب الدلتا، والتي يخترقها الرياح التوفيقي المماثل في اتساعه وشواطئه لقناة السويس، وإن كان يختلف عنها في الصفات الهيدرومائية. خامساً: التخطيط للحرب كان التحدي الأول للمخطط العسكري المصري، الإجابة على تساؤل، طالما تردد منذ انتهاء حرب يونيه 1967، هل يتم التخطيط لحرب شاملة حتى تحرير كل سيناء؟ أم لحرب محدودة لتحريك القضية سياسياً، من الجمود الذي أصابها؟. وقد أجابت القيادة السياسية العسكرية على ذلك، بعد عدة مشاورات، ودراسة عميقة لكل الجوانب، وبعد ما وضح من الموقف الأمريكي المساند لإسرائيل دون حدود، والموقف السوفيتي المقيد، أن يتم التخطيط للحرب، على أنها "حرب محلية شاملة، تستخدم فيها الأسلحة التقليدية فقط (والمتاحة لدى القوات المصرية). ويكون لها أهداف إستراتيجية تقلب الموازين في المنطقة، وتتحدى نظرية الأمن الإسرائيلي، ودعائم إستراتيجيتها. وتمتد لفترة من الزمن، تتيح تدخل الطاقات العربية الأخرى، وأهمها تشكيل موقف عربي موحد، واحتمال استخدام البترول كسلاح سياسي، حتى تفرض ثقلها على نتائج الحرب". وينسب إلى اللواء محمد عبدالغني الجمسي (وكان رئيساً لهيئة العمليات المصرية) ومن عمل تحت قيادته من ضباط الأركان المصريين، البراعة والدقة التي تم بها التخطيط للحرب، على مستوى عال من الاستفادة بالعلم العسكري والخبرات من التاريخ العسكري. يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: المبحث الثالث: الإعداد العسكري للحرب الخميس 06 أكتوبر 2011, 11:27 pm | |
| تطور خطط العمليات من الخطة 200 الدفاعية، إلى الخطة بدر الهجومية كان لا بد أن يبدأ التخطيط، بخطة دفاعية، يمكن للقوات أن تنفذها بإمكانياتها المتواضعة، عقب حرب يونيه 1967، للدفاع عن غرب القناة، لذلك قام المخططون في قيادة الجبهة، بوضع خطط دفاعية للتشكيلات التي أمكن إعادة تجميعها واحتلالها للمواقع الدفاعية، وطبقاً لقدراتها القتالية المتيسرة، بعد الخسائر التي أصابتها في حرب يونيه 1967. ومع تزايد الإمكانيات، أمكن تطوير الخطة إلى شق دفاعي (سميّ بالخطة 200) وشق هجومي (سميّ بالخطة جرانيت). كانت الخطة 200 الدفاعية، نمطية، طبقاً للعقيدة القتالية الشرقية التي تعتنقها، وتدربت عليها القوات المصرية، منذ حصلت على الأسلحة السوفيتية في منتصف الخمسينيات. فهي تعتمد على دفاع ثابت، لقوات في مواقع متواصلة على طول جبهة قناة السويس من بور سعيد شمالاً إلى جنوب السويس، مع عمق مناسب، واحتياطيات متدرجة في القوة ومتنوعة من أسلحة مقاتلة إلى أسلحة متخصصة، يمكنها القيام بهجوم مضاد لإجبار العدو، الذي تمكنت القوات الأمامية من صده وإيقافه في عمق دفاعاتها، على الارتداد، وتكبيده خسائر كبيرة. ولم يكن ذلك يحتاج إلى قوات عالية المستوى التدريبي، بقدر ما كان يحتاج إلى قوات على قدر معقول من الكفاءة والمهارة القتالية، وقدر كبير من الإرادة والتصميم على منع العدو من اختراق دفاعاتها، وهو ما كان يناسب القوات وحالتها في تلك الآونة. أما الخطة جرانيت، فهي لم تكن هجومية بالمعنى الشامل لتلك الصورة من صور القتال الرئيسية (الهجوم)، فقد كانت قدرات القوات، خاصة القوات الجوية، قاصرة عن القيام بهجوم رئيسي تسليحاً وتدريباً. كانت الخطة جرانيت، هي خطة لبعض الأعمال التعرضية، المحدودة الهدف، لتنفيذ بعض أغارات على مواقع العدو في سيناء. نتيجة لدراسة موقف القوات المصرية واحتياجاتها، ومقارنتها بالقوات الإسرائيلية، وإمكانيات الإمداد بالأسلحة لكليهما في المستقبل المنظور، كان هناك قناعة لدى المصريين، بعدم إمكان القيام بحرب شاملة لتحرير كل الأراضي المحتلة في سيناء، وقد استمر ذلك التفكير مسيطراً على عقل المخطط المصري منذ البداية (عقب حرب يونيه 1967) وحتى بدء الحرب في أكتوبر 1973. نتيجة لدراسة كافة الأفكار المطروحة، عن الخطة المناسبة للعمليات القتالية المقبلة، ودراسة المعوقات والظروف المحيطة، تم التوصل إلى وضع خطتين هجوميتين: 1. الخطة الأولى محدودة، هدفها النهائي الاستيلاء على خط المضايق الجبلية شرق القناة، وسميت "بالعملية الرقم 41". 2. الخطة الثانية أقل عمقاً، هدفها النهائي الاستيلاء على خط الدفاع الأول لإسرائيل شرق القناة مباشرة (خط بارليف) وسميت "بالعملية المآذن العالية". وقد اشترك المستشارين العسكريين السوفيت في تخطيط الخطة الأولى، بهدف اطلاعهم على ما يجب أن يكون لدى القوات من أسلحة ومعدات، لكي يمكنها تنفيذ الخطة. لذلك لم يكن متاح تنفيذها حقيقياً، إلا بعد أن يقوم السوفيت بإمداد القوات المصرية، بما تحتاجه الخطة من أسلحة. أما الخطة الثانية فكانت أكثر واقعية، طبقاً للمتاح من قوات وأسلحة عام 1971، وكانت أكثر سريّة في إعدادها حيث لم يشارك فيها السوفيت، لذلك كانت كذلك خطة مصرية تماماً. الخطة الهجومية الأولى "المآذن العالية" هدفت هذه الخطة، إلى عبور قناة السويس، واقتحام خط بارليف، والاستيلاء على نقطه الحصينة، والتي كان العدو مازال يستكملها عدداً وإعداداً، وإنشاء رؤوس كباري ، بعمق 10 ـ 12 كم شرق القناة أما أسباب اقتصار الخطة على هذا العمق المحدود، فيرجع إلى: 1. ضعف القوات الجوية المصرية، وعدم قدرتها على حماية القوات المهاجمة، أثناء تقدمها شرقاً في اتجاه المضايق الجبلية غرب سيناء. 2. لم يكن متوفراً في وقت إعداد الخطة (يوليه 1971)، وحدات صواريخ أرض / جو ذات قدرات عالية للحركة والمناورة (ذاتية الحركة) وقدرات عمل مرتفعة، كالصواريخ السوفيتية طراز سام6 (كوادرات) "Sam – 6 " ، يمكنها التحرك خلف القوات المهاجمة، لتوفر لها حماية ضد هجمات العدو الجوية على الارتفاعات المتوسطة والعالية. بينما تخرج منطقة المضايق الجبلية عن المدى المؤثر للصواريخ الثابتة التي كانت متوفرة (طراز سام 2 دفنا، سام 3 بتشورا) من قواعدها غرب القناة، إذ يصل مدى سام 2 إلى 50 كم، بينما سام3 يصل إلى 29 كم. 3. عدم توفر مركبات ذات جنزير بإعداد كافية، لدى القوات المصرية تسمح لها، عند الهجوم، بحرية الحركة والمناورة، في الأرض الرملية الصعبة شرق القناة، وعدم التقيد بالحركة على الطرق المرصوفة. بالإضافة لذلك، فإن خطة المآذن العالية، كخطة هجومية، كان لها عدة عيوب: 1. سياسيا لم يكن عمق الخطة المحدد (10 ـ 12 كم شرق القناة) كافياً لتحريك قضية الأراضي العربية، التي احتلتها إسرائيل، في حرب يونيه 1967، سياسياً، أو أثارتها على المستوى العالمي للأسباب التالية: أ. لا تأثير لذلك العمق المحدود إستراتيجياً، رغم أن طول الخط المقترح الاستيلاء عليه، 160 كم. إذ تبقى معظم سيناء (90%) تحت الاحتلال. ب. جميع مناطق آبار النفط على الساحل الشرقي لخليج السويس (في أبورديس وأبوزنيمه وسدر) خارج نطاق المهمة المحددة، أي ستبقى تحت الاحتلال الإسرائيلي كذلك. ج. لا يتيح هذا العمق المحدود، إعادة فتح قناة السويس للملاحة الدولية، إذ يبقى المجرى الملاحي، في مدى نيران المدفعية الإسرائيلية، مما يفقد الخطة أهم دعائمها السياسية. د. يستمر خليج العقبة، تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، الموجود في شرم الشيخ والسيطرة على مضيق تيران الملاحي. هـ. بعد فترة وجيزة سيكتشف العالم أن انبهاره بعبور القوات المصرية لقناة السويس، واقتحامها لخط بارليف، لم يؤدي إلا إلى إنشاء خط دفاعي جديد شرق القناة بعمق محدود لن يجاوز 12 كم، وعندها سيزول التأثير النفسي لعملية العبور. 2. عسكرياً
أ. الخط المفترض الاستيلاء عليه، كحد نهائي للخطة، بعمق 10 ـ 12 كم، وامتداد 160 كم، في أرض صحراوية مفتوحة، على اتصال مباشر بالعدو الذي يحتل مواقع أكثر ارتفاعاً شرقاً. ب. التوقف على الخط المحدد، يعني تسليم المبادأة للقوات الإسرائيلية التي لا بد أن تقوم بهجمات مضادة قوية، والتي ستُثْمِر حتماً، باختراق الخط الدفاعي الجديد، إذ من المعروف في العلم العسكري، أنه لا يوجد دفاع قادر على صد الهجمات إلى مالا نهاية، وكل خط دفاعي له قدرة محددة لصد الهجمات، طبقاً لقوته. ج. لم يكن مؤكداً ـ وهو ما ثبت بعد ذلك ـ أن القوات الإسرائيلية، ستهاجم الخط الدفاعي الجديد، مما يتيح تدمير القوات القائمة بالهجمات المضادة، وإحداث خسائر جسيمة بها. د. يمكن للعدو، باستخدام مميزات قواته الخفيفة الحركة، وذات القدرة العالية على المناورة (مدرعة وآلية)، تجنب المواضع القوية في الخط الدفاعي الجديد، ومهاجمة المواضع الضعيفة بالالتفاف على أجنابها . هـ. لا يمكن، من وجهة نظر العلم العسكري، القيام بأعمال هجومية على جبهة بهذا الاتساع، لمجرد إنشاء رؤوس كباري بعمق 10 ـ 12 كم. فرؤوس الكباري ليست هدفاً في حد ذاته، وإنما هي مرحلة أولية، تهيئ فرصة مناسبة لدفع قوات أخرى، عبر الكباري، لتحقيق المهام النهائية. من وجهة أخرى، فإن خطة المآذن العالية، كخطة هجومية، كان لها بعض المزايا فهي كانت تعطي القوات المصرية المبادأة، لتفرض على القوات الإسرائيلية حرب ليست من اختيارها، وهو ما لا يناسب القوات الإسرائيلية، الغير مهيأة نفسياً لذلك سياسياً أو عسكرياً، ويحدث ذلك صدمة عنيفة لدى القيادات والشعب الإسرائيلي، وتحقق عسكرياً المزايا التالية: 1. إطالة زمن الحرب في عمليات دفاعية، مما يؤثر على نظام العمل بالدولة الإسرائيلية، التي تعتمد على تعبئة قوات احتياطية بإعداد كبيرة، ستؤثر حتماً على الاقتصاد الإسرائيلي. 2. الخسائر الكبيرة التي ينتظر أن تتكبدها الهجمات المضادة للقوات الإسرائيلية، والتي ستحاول استعادة الموقف شرق القناة إلى ما كان عليه قبل الهجوم المصري. 3. القلق والتوتر للقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية من وجود قوات مصرية ذات حجم كبير شرق القناة على اتصال مباشر مع القوات الإسرائيلية، والتي ستكون عرضه لنيران وإغارات المصريين. 4. تحقيق هدف معنوي هام، بعودة الثقة بين الشعب والقوات المسلحة المصرية، والتي فقدت نتيجة حرب يونيه 1967، وكذلك ثقة الجندي والضابط المصري في قدراته وقيادته. 5. تحفيز السوفيت على إمداد مصر بالأسلحة، بعد أن يستشعر جديتها في استعادة أراضيها المحتلة. سادساً: تطوير خطة العملية 41 إلى جرانيت خلال عام 1972 بدأت القيادة العسكرية المصرية، في تطوير خطة العملية 41، طبقاً لتطور إمكانيات القوات المسلحة تسليحاً وتدريباً، وحجم وأوضاع القوات الإسرائيلية في سيناء، والمعلومات المتوفرة عن خططهم للدفاع عن سيناء عدّلت تسمية الخطة من "العملية 41" إلى "العملية جرانيت ـ 2". وكانت نقاط الضعف، مازالت كما هي، لذلك كانت الخطة جرانيت ـ 2 مازالت أماني، وبقيت خطة "العملية المآذن العالية" لما هو ممكن . وقد أيد ذلك الاتجاه وزير الدفاع الجديد، الفريق أحمد إسماعيل علي، والذي عين خلفاً للفريق أول محمد أحمد صادق، في 26 أكتوبر 1972، إذ يتفق ذلك مع رأيه في تقريره عن الموقف العسكري عندما كان رئيساً للاستخبارات العامة، فقد حذر وقتها من قيام مصر بعمل هجومي ليس في قدرات قواتها، مما يؤدي إلى كارثة. وقد وافقه على ذلك رئيس الجمهورية، أنور السادات، في المؤتمر الذي عقد باستراحة الرئيس، في القناطر الخيرية بضواحي القاهرة، يوم 6 يونيه 1972. حُدّدَ ربيع عام 1973، كموعد محتمل لبدء العمليات الحربية، ويعني ذلك أن الزمن المتاح أقل من عام. لذلك كان لابد من البدء في تسليم المهام للقيادات والمرؤوسين، في تسلسل تنازلي، للوصول لأدنى حد للقيادة (قادة الفصائل)، الذين سيعلمون بها قبل بدء الهجوم بعدة ساعات، ليخطروا بها جنودهم. وقد برز أثناء مناقشة المهام للقيادات الإستراتيجية والعملياتية، مفاهيم جديدة لتوقيت قيام العدو بردود فعل لعبور القوات المصرية القناة واقتحامها خط بارليف الحصين. لم تكن المشكلة في الهجمات المضادة المحلية الصغيرة الحجم (فصيلة إلى سرية أو كتيبة دبابات أو مشاة آلية)، إذ يمكن التصدي لها بالأسلحة الخفيفة، أو الصواريخ الفردية المضادة للدبابات، الموجودة مع أفراد المشاة المترجلة، أو دعم لهم. إنما كانت المشكلة في الهجمات المضادة على المستوى التعبوي والإستراتيجي، والتي كانت لن تقل في الحجم عن لواء مدرع أو أكثر، وقد تصل إلى مجموعة عمليات أو عدة مجموعات عمليات على عدة محاور. كانت القاعدة التي يجري عليها تقدير موقف العدو وهجماته المضادة، أن الهجوم المضاد العملياتي سيقوم به لوائين مدرعين وآخر آلي، كلٍ على محور منفصل، اعتبارا من مرور 36 إلى 48 ساعة من بدء الهجوم، وهو وقت كافي لعبور الأسلحة الثقيلة والدبابات، حتى تكون القوات المهاجمة قادرة على صد وتدمير قوات الهجوم المضاد. أما الضربات المضادة التعبوية، والتي يقدر أن يقوم بها حتى مجموعتي عمليات مدرعة (5 : 6 لواء مدرع، 2 لواء آلي) فكانت احتمالات عملها متأخرة عن ذلك، مما يسمح بعبور الأنساق الثانية للقيادات التعبوية من فرق مدرعة في الوقت المناسب. أثارت هيئة العمليات المشكلة بوضعها في الاحتمال، بدء وصول الهجمات المضادة العملياتية، بعد 24 ساعة فقط، وهو ما يعني عدم وجود دبابات شرق القناة بالكم الكافي للتصدي للهجوم المضاد وتدميره، بينما زادت إدارة الاستخبارات العسكرية من حجم المشكلة، بخفضها للوقت المنتظر لوصول الهجمات المضادة للقوات المهاجمة، ليصبح في حدود 6 ـ 8 ساعة من بدء الهجوم. لذلك كان لا بد من زيادة قدرة الموجات الأولى العابرة للقناة، على صد هجمات الدبابات والمشاة الآلية في مركباتها القتالية المدرعة، حتى عبور الأسلحة الثقيلة وانضمامها إليها، لتدمير ما تم صده من دبابات وقوات. وحتى يمكن لقوات الموجات الأولى من صد الهجمات المضادة العملياتية، تقرر الآتي: . زيادة عدد الصواريخ المضاد للدروع الفردية، التي يحملها أفراد المشاة، على أن تعبر معهم في الموجات الأولى، وقد تم سحب الإعداد الإضافية المطلوبة من التشكيلات التي ستعبر متأخراً (الأنساق الثانية العملياتية والإستراتيجية). 2. زيادة حجم الدعم للألوية الأمامية (النسق الأول) من أطقم الصواريخ المضادة للدروع، على حساب الاحتياطيات الإستراتيجية من تلك الأنواع، وهو ما يعني تقليص قدرة القيادة العامة على التدخل في أعمال القتال الدائرة ودعم الاتجاهات المهددة . 3. العمل على زيادة حجم القوات المكلفة بالعمل في عمق العدو (القوات الخاصة من الصاعقة والمظليين)، والتي ستعمل على تأخير وصول احتياجات العدو القائمة بالهجمات والضربات المضادة، إلى أطول وقت ممكن. 4. ألا يتعدى عمق المهام المحققة، حتى بدء عبور الدبابات والأسلحة الثقيلة، عن 5 كم، مع استناد جانبي القوات الأمامية على الضفة الشرقية للقناة لتأمين الاختراق من الأجناب أو التطويق. 5. المساندة النيرانية من الغرب عند قيام الدبابات الإسرائيلية بهجومها المضاد لقرب الوحدات في الشرق من القناة (حتى 5 كم كما حددت المهمة حتى وصول الدبابات من الغرب). المصدر: موسوعة مقاتل من الصحراء |
|