منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:20 pm

تأجير مكان لعمل محرم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أجرت منزلى لبعض الأجانب، ثم علمت أنهم يشربون فيه الخمر ويرتكبون الفواحش فماذا افعل؟

الجواب
جاء فى كتاب المغنى لابن قدامة (ج 6 ص 136) :ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار، وبه قال الجماعة، وقال أبو حنيفة إن كان بيتك فى السواد فلا بأس أن تؤجره لذلك. وخالفه صاحباه واختلف أصحابه فى تأويل قوله.
ولنا - أى دليلنا على رأى الجماعة- أنه فعل محرم، فلم تجز الإجارة عليه، كإجارة عبده للفجور. ولو اكترى ذمى من مسلم داره، فأراد بيع الخمر فيها فلصاحب الدار منعه، وبذلك قال الثورى. وقال أصحاب الرأى: إن كان بيته فى السواد والجبل فله أن يفعل ما يشاء.
ولنا-أى دليلنا على المنع - أنه فعل محرم جاز المنع منه فى المصر، فجاز فى السواد كقتل النفس المحرمة 10 هـ.
هذا الكلام ظاهر فيمن أجر داره لمن يعلم أنه يتخذها لفعل محرم، أو كان العقد على ذلك فإن الرأى الصحيح أنه لا يجوز، لأن صاحب الدار مساعد على ارتكاب المعصية، فيكون شريكا لمن ارتكبها، كما قالوا فى شرح الحديث الذى فيه لَعْن شارب الخمر وحاملها وعاصرها، وكل من شارك فيها. والدليل {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة: 2، وأبو حنيفة يجيز ذلك.
أما لو كانت إجارة البيت للسكنى، والساكن ارتكب فيه منكرات، فليس على صاحب البيت حرمة فى ذلك، وله الحق فى منعه من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وعند أبى حنيفة: أن الذمى لو استأجر من المسلم بيتا ولم يقل ليصلى فيه فإنه يجوز وإن كان له أن يصلى فيه ويتخذه بيعة وكنيسة، وإذا استأجر الذمى من المسلم دارا ليسكنها فلا بأس بذلك، والإجارة وقعت على فعل مباح، وإن شرب فيه الخمر وعبد فيه الصليب أو أدخل فيه الخنازير لم يلحق المسلم فى ذلك شىء، لأن المسلم لم يؤاجر لها، إنما يؤاجر للسكنى. ولو اتخذ فيها بيعة أو كنيسة يُمكَّن من ذلك إن كان فى السواد - خارج المصر- لأن عامة سكانها أهل الذمة والروافض.
ذكر ذلك الكاسانى فى بدائع الصنائع "ج 4 ص 189 " وذكره ابن القيم فى زاد المعاد "ج 4 ص 2 5 2، 53 2 "
(9/370)
________________________________________
تحكم المستأجر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز لمستأجر الأرض الزراعية أن يطلب من المالك جزءًا منها فى مقابل إخلاء طرفه كما يقضى به العرف؟

الجواب
المفروض أن العين المؤجرة لها وقت تنتهى عنده الإجارة، وعند انتهاء الأجل المتفق عليه ينتهى عقد الإجارة ويأخذ المالك العين المؤجرة، وهو حر بعد ذلك فى تأجيرها أو عدم تأجيرها لمن كان ينتفع بها أو لغيره، احتراما لحق الملكية، مع الحرية فى تقدير الأجر الجديد.
وليس للمستأجر الحق فى طلب ما يسمى بخلو الرجل، ولو اضطر المالك إلى دفعه كان آخذه آكلا للسحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، فإذا تنازل المالك عن بعض ملكه باختياره دون ضغط عليه فلا مانع، ويجب أن تتفق القوانين الوضعية مع الشريعة الإسلامية.
هذا، وقد صدرت فتوى من دار الإفتاء المصرية بتاريخ 3 من يوليو 1980 هذا نصها: وأخْذُ المستأجر نصف الأرض المؤجرة إليه نظير إخلائها ليتمكن المالك من بيعها أمر محرم شرعا، لأن عقد الإجارة لا يستتبع ملكية العين المؤجرة، ويصبح هذا إن تم من باب أكل أموال الناس بالباطل، ويكون إثمه على المستأجر إن لم يرض المالك رضاء خالصا بهذا التصرف " الفتاوى الإسلامية مجلد 0 1 ص 3564 "
(9/371)
________________________________________
تجارة العملة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى تجارة العملة، وتبادل الأوراق المالية فى البورصة؟

الجواب
يقول الله سبحانه {وأحل الله البيع وحرم الربا} البقرة: 275، ويقول {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} النساء: 29.
التجارة ركن من أهم أركان النشاط الاقتصادى بعد الإنتاج والتصنيع، وكانت فى الأصل تقوم على مبادلة السلع بعضها ببعض، ثم تطورت الأمور فاتخذت مقاييس لتقدير السلع، واتفق كل جماعة على مقياس منها. وكانت قمة الترقى فى اتخاذ النقدين - الذهب والفضة - مقياسا تقوم به السلع، وتقابل به الأنشطة المختلفة فى التجارة وغيرها.
والبيع والشراء هما ركنا التجارة التى ندب الإسلام إليها، وجعل فيها تسعة أعشار الرزق. ووضع لها حدودا وآدابا تضمن لها الاستقامة وتحول دون الانحراف.
ومن مظاهر الاستغلال والانحراف " الربا " الذى هو زيادة أحد العوضين المتماثلين عن الآخر بغير مقابل أصلا، أو بمقابل معنوى هو الأجل عند رد العوض.
ومن أنواع التجارة مبادلة النقود بعضها ببعض، وتسمى بالصرف، ومن يعملون فى هذا المجال يطلق عليهم اسم لا " الصيارفة " ومكان مزاولة النشاط يطلق عليه اسم البنك أو المصرف.
وصرف النقود بعضها ببعض يطبق عليه ما جاء فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى بكر قال: نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع الفضة بالفضة. والذهب بالذهب، إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا، والفضة بالذهب كيف شئنا، يعنى بدون التساوى أى بالتفاضل. وكذلك حديث البخارى ومسلم عن أبى المنهال قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف، فكل واحد يقول: هذا خير منى. فكلاهما يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق -بكسر الراء أى الفضة-دَيْنًا. يعنى لأجل، وكذلك حديثهما عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز "يعنى لا تبيعوا المؤجل بالحاضر، ومعنى " لا تشفوا " لا تفاضلوا بالزيادة أو النقصان.
يؤخذ من هذه الأحاديث أن شرط صحة الصرف فى العملة المتماثلة - الذهب بالذهب، والفضة بالفضة - التساوى والحلول أى عدم التأجيل. أما عند اختلاف العملة - الذهب بالفضة - فلا يشترط التماثل والتساوى، وإنما يشترط الحلول وعدم التأجيل. .
ويوضح ذلك حديث مسلم عن عبادة بن الصامت مرفوعا " الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد".
قال الشافعى: العلة فى الذهب والفضة أنهما من جنس الأثمان، فكل ما كان من جنس الأثمان يشترط فيه التماثل والحلول إذا كان النوع واحدا، فإذا اختلف النوعان جاز التفاضل بشرط الحلول.
وقد استبدل الناس الآن بالذهب والفضة أوراقا مالية بعضها يعتبر سندا على البنك، وبعضها يعتبر قيمة مستقلة، كالدولار والجنيه والفرنك، فيجرى عليها حكم الذهب والفضة لاختلاف قيمتها، فيجوز صرف الدولار بالجنيه مع عدم التساوى بشرط الحلول وعدم التأجيل. فصرف الأوراق المالية بعضها ببعض هو ما يطلق عليه الآن اسم التجارة فى العملة، والبنوك تقوم بذلك، والأفراد أيضا يقومون به.
وإذا كان هناك سعر رسمى صدر به قرار من ولى الأمر كان كالتسعير لكل سلعة، والتسعير فيه وجهات نظر مختلفة، لكن إذا كان عادلا وروعيت فيه المصلحة العامة ينبغى الالتزام به، كما ينبغى التزام التسعير فى السلع الأخرى.
هذا، وقد ثبت فى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم " قال: " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه " قال ابن عباس: وأحسب كل شىء بمنزلة الطعام (صحيح مسلم بشرح النووى ج 10 ص 168 ".
وبيع الشىء قبل قبضه يسمى بيع الصِّكاك. يقول النووى فى شرح صحيح مسلم: الصكاك جمع صك، وهو الورقة المكتتبة بدين - ويجمع أيضا على صكوك -والمراد هنا الورقة التى تخرج من ولى الأمر بالرزق لمستحقه، بأن يكتب فيها للإنسان كذا وكذا من طعام أو غيره، فيبيع صاحبها ذلك لإنسان قبل أن يقبضه، وقد اختلف العلماء فى ذلك، والأصح عند أصحابنا وغيرهم جواز بيعها، والثانى منعها. ثم أورد حجة الفريقين.
والأوراق المالية صكوك تتداول فى الأسواق " البورصات " وهى ذات قيمة حلت محل النقدين الذهب والفضة، فان كان فيها تقابض جاز التعامل. وإن لم يكن هناك تقابض كان فيها الرأيان المذكوران
(9/372)
________________________________________
التعامل بالربا مع غير المسلمين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أعيش فى بلد غير إسلامى، ولا يمكننى أن أقضى مصالحى إلا عن طريق البنوك التى تتعامل بالربا، فقيل لى: إن الربا معهم ليس بحرام، فهل هذا صحيح؟

الجواب
تحدث العلماء عن الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة -أم لا، واختلفوا فى ذلك، وبناء على هذا الاختلاف،قالوا: إن المقيمين فى البلاد الإِسلامية يلتزمون بالأحكام الشرعية، سواء كان المقيم مسلما أو ذميا، لأن تطبيق الأحكام الشرعية ممكن فى البلاد الإسلامية فإذا سافر المسلم أو الذمى إلى دار الحرب وحدثت منه مخالفة لأحكام الشريعة، أو حدثت من شخص كان يقيم فى دار الحرب ثم عاد بعد ذلك إلى دار الإسلام، فلا تطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية، لأن القاضى المسلم لا تمتد ولايته إلى المحل الذى ارتكبت فيه الجريمة، ومن هنا نقل عن أبى حنيفة أنه أجاز للمسلم والذمى من أهل دار الإسلام إذا دخلا دار الحرب مستأمنين - أن يتعاقدا بالربا مع الحربى أو المسلم من أهل دار الحرب الذى يهاجر إلى دار الإسلام، لأن أخذ الربا فى هذه الحال يكون فى معنى إتلاف المال بالرضا، وإتلاف مال الحربى وبرضاه مباح، لأنه لا عصمة لدمه ولا لماله، وقد نقل أبو يوسف عن أبى حنيفة قوله: إن وجوب الشرائع يعتمد على العلم بها، فمن لم يعلمها ولم تبلغه فإن هذا لم تقم عليه حجة حكمية. وبهذا، إذا دخل المسلم أو الذمى دار حرب بأمان فتعاقد مع حربى على الربا أو على غيره من العقود الفاسدة فى نظر الإِسلام جاز عند أبى حنيفة ومحمد وقد أفتى بذلك الشيخ محمد بخيت المطيعى مفتى الديار المصرية الأسبق ونشره فى رسالته عن أحكام التأمين " السكورتاه " ص 7 مطبعة النيل بمصر سنة 1906 م ونقله الشيخ جاد الحق على جاد الحق فى كتابه " فتاوى معاصرة ص 86 "،. هذا ما قاله أبو حنيفة، أما صاحبه أبو يوسف فقال: لا يجوز للمسلم فى دار الحرب إلا ما يجوز له فى دار الإسلام، لأن حرمة الربا ثابتة فى حق العاقدين، أما فى حق المسلم فبإسلامه وأما فى حق الحربى فلأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة قال تعالى {وأخذهم الربا وقد نهوا عنه} النساء: 161، والأئمة الثلاثة قالوا: تطبق أحكام الشريعة الإِسلامية على كل من هو فى دار الإِسلام من المسلمين والذميين والمستأمنين، كما يعاقب المسلم والذمى على ما يرتكبانه فى دار الحرب ولو كان الفعل مباحا فيها كالربا والقمار، تنفيذا لأحكام الشريعة. وقد استظهر الشيخ جاد الحق على جاد الحق أن الخلاف بين فقهاء الحنفية إنما هو فى إمكان توقيع العقوبة على التعامل المحرم إذا وقع من المسلم فى دار الحرب، ومال إلى رأى جمهور الفقهاء من حرمة التعامل بالربا على المسلم أيا كان موقعه فى دار الإسلام أو فى دار الحرب، وذلك بمقتضى إسلامه، اللهم إلا إذا كان مقترضا لضرورة، أما أن يكون مقرضا فلا يحل، لأنه لا ضرورة فيه. وبهذا الفهم والتحليل يكون تصرف المسلم فى دار لا يحكم فيها بالإسلام مساويا لتصرفه فى دار يحكم فيها بالإسلام، من جهة الحل والحرمة، أما القضاء الدنيوى المعتبر فيه ميدان تطبيقه فلا يغير من حكم الله شيئا
(9/373)
________________________________________
تأجير الشىء لفعل الحرام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
استأجر منى بعض الغرباء بيتا فشربوا فيه الخمر واستأجر تاجر منا دكانا فباع فيه الخمر، فهل الأجرة حلال أم حرام؟

الجواب
لا يخلو حال المؤجر من أمرين، إما أن يكون عالما بارتكاب المستأجر للمحرم، كأن شرط فى العقد أن الإجارة لهذا العمل، أو لم يشترط ولكن يعرف أن المحرم سيرتكب فيه، وإما ألا يكون عالما بذلك. وفى الحالة الثانية الإجارة صحيحة والأجرة مستحقة وحلال باتفاق الأئمة. وإن قال غير أبى حنيفة له الحق فى أن يمنع بنفسه المستأجر من مزاولة المنكر أو بطريق القانون. وفى الحالة الأولى قال الأئمة الثلاثة ووافقهم أبو يوسف ومحمد من أصحاب أبى حنيفة: بطلت الإجازة لأنها وقعت على معصية، وقال أبو حنيفة بصحة الإجارة وطيب الأجرة التى وجبت بمجرد تسليم العين المؤجرة ولا معصية عليه. وإنما على المستأجر، لأنه مختار فى فعله ولا يتعين عليه اتخاذ المكان لهذه المعصية، وكانت الأجرة طيبة له حتى لو أخذها من إيراد هذا المنكر. ورأى الجمهور أقوى وهو بطلان العقد وحرمة الأجر، وإن فسر بعضهم رأى أبى حنيفة بصحة العقد واستحقاق الأجر وإن حرم الانتفاع به، وهو تفسير غير مستساغ، فما فائدة استحقاق الأجر إذا حرم الانتفاع به اللهم إلا إذا كان سيدفعه فى مصلحة عامة للمسلمين للتبرؤ منه وليس للتبرع، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، كما قال الفقهاء فى التصرف فى المال الحرام الذى لا يعرف صاحبه، وتركه لصاحبه فى هذه المسألة مساعدة له على الحرام، والشرع لا يوافق على ذلك، هذا ما أراه تبريرًا لرأى أبى حنيفة واللَّه أعلم بالصواب
(9/374)
________________________________________
هل النقود تتعين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
اقترض شخص منى مبلغا من المال، وتعامل فيه بطرق غير مشروعة، وأراد أن يرد لى القرض من إيراد هذا التعامل، فهل أقبله أم أرفضه؟

الجواب
تعامل المقترض لا يخلو إما أن يكون كله حراما كالتجارة فى الخمر ولا دخل له سوى ذلك. وإما أن يكون التعامل الحرام جزءا من تعامله الذى فيه حلال، كالبقال الذى يتاجر فى الحلال والحرام. فإن كانت كل أموال المقترض من حرام فالأئمة الثلاثة على منع قبول رد القرض منها، وأبو حنيفة يجيز ذلك، لأن النقود الحلال التى أخذها المقترض من المقرض لا تتعين، وللمقرض مثلها أو قيمتها أيا كان مصدرها، وفى رواية عن أحمد جواز ذلك. أما إذا كانت أموال المقترض خليطا من حلال وحرام ويصعب التمييز بينهما جاز للمقرض أن يأخذ منه حقه، جاء فى الإحياء للإِمام الغزالى: إذا اختلط فى البلد حرام لا ينحصر لم يحرم الشراء منه، بل يجوز الأخد منه، إلا أن يقترن بعلامة تدل على أنه من الحرام، فإن لم يقترن فليس بحرام، لكن تركه ورع محبوب
(9/375)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:21 pm

لا وصية لوارث

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للزوج أن يترك وصية لزوجته التى لم تنجب، تحصل بها على ممتلكاته التى ورثها عن أبيه حتى لا يشاركها إخوته فى الميراث بعد مماته؟

الجواب
تنص المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 م على جواز الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ دون توقف على إجازة الورثة، كما أجازت الوصية بأزيد من الثلث ولا تنفذ الزيادة إلا بموافقة الورثة. فإن كانت الممتلكات التى ورثها السائل عن أبيه أكثر من ثلث ما يملكه فلا تنفذ الزيادة إلا بإجازة الورثة. وذلك موافق لمذهب الإمام الشافعى، فقد روى أصحاب السنن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا وصية لوارث " وروى البيهقى بسند قال الذهبى: إنه صالح أنه قال " لا وصية لوارث إلا أن يجيزها باقى الورثة " فقد أخذ الشافعى بالحديث الثانى المقيد للحديث الأول المطلق، وقد أخذ به قانون الوصية المعمول به فى مصر " الخطيب على متن أبى شجاع فى فقه الشافعية - الوصية ". هذا، وقد كانت الوصية للوالدين والأقربين واجبة على رأى جمهور الفقهاء، وذلك فى أول الأمر بمقتضى قوله تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} البقرة: 180، ثم نسخت بآية المواريث التى فى سورة النساء ويدل علبى النسخ الحديث الذى قاله الرسول صلى الله عليه وسلم " فى حجة الوداع " إن الله قد أعطى كل ذى حق حقه. فلا وصيه لوارث ". ورأى جماعة من السلف أن ضربا من الوصية لا يزال واجبا بعد نزول آية المواريث، وأن النسخ لم يرد على جميع أنواع الوصية للوالدين والأقربين، فإذا كان الوالدان والأقربون وارثين فلا وصية واجبة، أما إن كان هناك أقربون غير وارثين فالوصية لا تزال واجبة، لم تنسخ، وبهذا الرأى أخذ قانون الوصية الواجبة المعمول به فى مصر، فى المادة 76 من القانون رقم 71 لسنة 1946 م
(9/376)
________________________________________
العمل فى مؤسسات تتعامل بالربا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أعمل كاتبا فى بنك تسليف، وجميع أعماله فيها فوائد وربا، فهل على حرمة فى هذا، علما بأنى محتاج إلى العمل فيه؟

الجواب
معلوم أن الربا حرام حرمة كبيرة وذلك ثابت بالقرآن والسنة والإجماع، وكل ما يوصل إلى الحرام ويساعد عليه فهو حرام كما هو مقرر، وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أنه لعن أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، فهم سواء.
وقد رفع مثل هذا السؤال إلى المرحوم الشيخ عبد المجيد سليم مفتى الديار المصرية سنة 1944 م فأجاب بأن مباشرة الأعمال التى تتعلق بالربا من كتابة وغيرها إعانة على ارتكاب المحرم، وكل ما كان كذلك فهو محرم شرعا، وساق الحديث المذكور، وقال: اللعن دليل على إثم من ذكر فى الحديث الشريف.
"الفتاوى الإسلامية المجلد الرابع ص 1293 ".
هذا، وإذا كانت المؤسسة تزاول أنشطة مختلفة بعضها حلال وبعضها حرام، فإن الإسهام فيها أو العسل بها حرام، وقد جاء فى توصيات ندوة الأسواق المالية الثانية المنعقدة فى البحرين فى الفترة من 25 - 27 - 1991 م ما يأتى:
أ- الأصل فى المعاملات الحل.
ب - لا خلاف فى حرمة الإسهام فى شركات غرضها الأساسى محرم كالتعامل بالربا، وإنتاج المحرمات أو المتاجرة فيها.
ج - الأصل حرمة الإسهام فى شركات تتعامل أحيانا بالمحرمات كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة.
د-أما من يسهم فى الشركات التى تتعامل أحيانا بالمحرمات مع إرادة تغيير جميع أنشطتها بحيث لا تخالف الشريعة الإسلامية، فإن كان قادرا على التغيير بمجرد إسهامه فيها فذلك أمر مطلوب منه، لما فيه من زيادة مجالات التزام المسلمين بأحكام الشريعة الإسلامية، وإن كان غير قادر عند الإسهام ولكنه يسعى مستقبلا، بأن يحاول ذلك من خلال اجتماعات الجمعية العمومية ومجلس الإدارة وغيرهما من المجالات فالإسهام فى هذه الحالة مختلف فى جوازه بين المشاركين فى الندوة، ولابد فى الحالتين من التخلص مما يؤول إلى المساهم فيها من كسب التصرفات المحرمة فى أنشطة الشركة بصرفه فى وجوه الخير. انتهى.
بعد هذا نقول: إن البنوك العادية تمارس نشاطا بعضه يخالف الدين وبعضه لا يخالف الدين، فأموالها خليط من الحلال والحرام، والعمل فيها كذلك عمل فيه شبهة وإذا تعذر فصل المال الحلال عن المال الحرام كان الأمر فيه شبهة، والشبهة وإن لم تكن من الحرام فهى حمى للحرام كما نص الحديث الذى رواه البخارى ومسلم "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه لا.
فإذا أرد المؤمن أن يكون مطمئنا تمام الاطمئنان أو قريبا منه فليبحث عن عمل لا تكون فيه الشبهة بهذه الكثرة أو الوضوح حتى لو كان الكسب أو الأجر قليلا يكَفى الضروريات دون اهتمام بالكماليات، فالنفس لا تشبع منها والحرص عليها متعب غاية التعب والذى يساعد على ذلك هو النطر إلى من هو دوننا حتى نحمد الله على نعمته ولا نزدريها، ولا ننسى الحديث الشريف "إن روح القدس نفث فى روعى أنه لن تموت نفس حتى تستوفى رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال بمعصيته " وإن لم يوجد عمل حلال،كان قبول العمل فى هذا المجال بصفة مؤقتة للضرورة، مع البحث الجاد عن عمل آخر بعيد عن الحرام وشبهة الحرام. وإذا صدقت النية يسر الله الأمر، كما قال سبحانه {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} الطلاق: 2، 3، وقال تعالى {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} الطلاق: 4
(9/377)
________________________________________
هل يورث عقد الإجارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل استأجر أرضا لزراعتها ثم توفى لا، هل بطل عقد- الإجارة، وإذا لم يبطل فمن الأحق به من الورثة؟

الجواب
عقد الإجارة لبيت أو أرض أو أى شيء اَخر لا يبطل بموت أحد الطرفين عند الوفاة، والواجب على الورثة أن يقوموا بالعمل الذى هو محل العقد، أو لهم الحق فى الانتفاع بالعين المؤجرة حتى ينتهى أجل الإجارة إن كان شهرا أو سنة مثلا، أو حتى تنتهى المنفعة التى كان عليها العقد، كاستئجار الأرض لزراعتها قطنا أو قمحا، فالعقد ينتهى بجنى المحصول، وعلى المنتفع أن يسلم العين لمالكها، ومالكها حُرّ فى أن يؤجرها لأحد الورثة أو لغيرهم أو لا يؤجرها.
وأى حبهم بالتوريث المؤبد يعتبر باطلا شرعا.
وعدم انفساخ العقد بالموت هو رأى الشافعى ومالك وأحمد ومعهم أبو ثور وابن المنذر، أما أبو حنيفة والثورى والليث بن سعد وابن حزم فيرون أن عقد الإجارة ينفسخ بموت أحد الطرفين، والجمهور نظر إلى أن العقد كان على المنفعة، وهى ستحصل بصرف النظر عن كون العين باقية على ملك صاحبها، أو انتقلت إلى ورثته، وبصرف النظر عن كون المنتفع هو المستأجر أو ورثته، فلمالك الأرض أجرته سواء أخذها من المستأجر أم من ورثته لأنها دين لابد من أدائه عن طريق ورثته وللورثة حق استيفاء المنفعة الذى ملكه المورث، والرأى الثانى نظر إلى شخص المتعاقد، فانتقال الملك إلى غيره، وأخذ غير المنتفع المتعاقد لهذه المنفعة يبطل العقد لتعذر الوفاء والاستيفاء وكلها وجهات نظر ليس لها نص، ورأى الجمهور أقوى "المغنى لابن قدامة ج 6 ص 42"
(9/378)
________________________________________
تحديد الربح فى التجارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك نص يحدد قيمة الربح فى التجارة؟

الجواب
هناك آداب كثيرة للتجارة، بعضها يتصل بالأشكال كصيغ التعاقد، وبعضها يتصل بالمعانى كالأمانة والصدق والقناعة، ومما ورد فى ذلك حديث " التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع النبيين والصدِّيقين والشهداء " رواه الترمذى وحسنه، وحديث " من غشنا فليس منا " رواه مسلم وحديث " من بايعت فقل لا خلابة " أى لا خديعة. رواه مسلم، وحديث " لا تتلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق " رواه البخارى ومسلم، وحديث " إياكم وكثرة الحلف فى البيع، فانه ينفق ثم يمحق " رواه مسلم، وحديث: " رحم اللَّه رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى " رواه البخارى، وحديث " البيعان إذا صدقا ونصحا بورك لهما فى بيعهما، وإن خانا وكذبا محقت بركة بيعهما " رواه البخارى ومسلم.
تدل هذه النصوص وغيرها على الاهتمام بالناحية الخلقية فى التعامل التجارى وغيره، وأهمها الصدق والقناعة والسماحة. وتفريعا على ذلك إذا أراد التاجر أن يبيع سلعة فهو يطلب فيها ثمنا أعلى من ثمن الشراء، ليتحقق الكسب المقصود من التجارة وهذا الكسب ليس له قدر معين، فللتاجر أن يحدده كما يشاء بشرط عدم الاستغلال وعدم الكذب. ويشملهما عدم الغش.
والاستغلال يصور مثلا بألا يكون هناك تاجر غيره يملك هذه السلعة فهو يحتكرها ويفرض السعر الذى يريده، لعلمه أن المشترى مضطر إليها، أو يطمع فى كسب كبير لأن المشترى ذو مال كبير لا يهمه السعر الذى يشترى به.
والكذب يصور مثلا بأن يقول له المشترى، سأعطيك ربحا معينا فوق ثمن الشراء، وطلب منه أن يذكر له الثمن الأصلى، فالتاجر يذكر ثمنا أعلى، وقد يلجا إلى الحلف لتأكيد ذلك.
أما إذا خلا البيع من الاستغلال والكذب بكل الصور والأشكال فلا تحديد للربح الذى يريده ما دام الطرفان راضيين بذلك. ويُسَن أن يكون ربحا معقولا، رحمة بالمشترى وقناعة بالقليل، ودعاية له بين الناس ليكثر المتعاملون معه، وفى ذلك خير له وللنشاط الاقتصادى بوجه عام.
هذا، وما ذكر فى بعض الكتب الفقهية من أن الربح لا يزيد على العشر أو الثلث فلا دليل عليه من القرآن أو السنة. ولعل القائل بذلك أخذ قوله من واقع الحال فى بلده وفى زمنه، حيث كانت المصلحة فى تحديد الربح، على نسق ما يقال فى جواز التسعير للمصلحة.
هذا، وقد تحدث الإمام الغزالى فى كتابه " إحياء علوم الدين " عن الإحسان فى المعاملة فذكر أن الغبن هو الغالب فى التجارة وهو مسموح به، وفسره بأن يبيع التاجر السلعة بثمن أكثر من ثمن شرائها.
ومن رتبة الإحسان المندوب - وهو فوق رتبة العدل الواجب - أن يكون الغبن والربح، معتادا، أى يجرى عليه غالب التجار. ونص عبارته:
وتنال رتبة الإحسان بواحد من ستة أمور، الأول فى المغابنة، فينبغى ألا يغبن صاحبه بما لا يتغابن به فى العادة. فأما أصل المغابنة فمأذون فيه، لأن البيع للربح، ولا يمكن ذلك إلا بغبن ما، ولكن يراعى فيه التقريب، فإن بذل المشترى زيادة على الربح المعتاد أو لشدة رغبته أو لشدة حاجته فى الحال إليه فينبغى أن يمتنع من قبوله، فذلك من الإحسان. ومهما لم يكن تلبيس لم يكن أخذ الزيادة ظلما. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الغبن بما يزيد على الثلث يوجب الخيار، ولسنا نرى ذلك، ولكن من الإحسان أن يحط ذلك الغبن.
انتهى "ج 2 ص 72 طبعة عثمان خليفة ".
وأشار الشيخ يوسف الدجوى المالكى إلى أن البعض قال إذا وصل الغبن الثلث فأكثر من قيمة السلعة فسخ البيع إن قام المغبون فى أثناء السنة من يوم البيع، وأفتى به بعض العلماء ولكن رده ابن رشد بقوله:
إنه غير صحيح، لحديث " لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس فى غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض ". وذكر أنه لا يجوز الرد بالغبن ولو خالف العادة فى القلة والكثرة إلا إذا كذب فى ثمن الشراء فللمغبون الرد بلا خلاف، أما الخلاف فهو إذا كان المغبون جاهلا من غير استسلام لما يقول البائع، فإن كان عارفا فلا رجوع له اتفاقا، فإن استسلم فالرد متفق عليه " مجلة الأزهر مجلد 5 ص 244، 245 "
(9/379)
________________________________________
الاحتكار

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما معنى الاحتكار وما حكمه؟

الجواب
1 -تعريفه: هو حبس السلعة مع حاجة الناس إليها ليرتفع بذلك سعرها.
2- حكمه: العقل السليم وقانون الاجتماع البشرى ورابطة الأخوة الإنسانية المنوط بها تحقيق خلافة الإنسان فى الأرض لا ترضى بهذا العمل لأنه دليل على الأنانية وقسوة القلب وعدم التعاون على الخير.
والأديان كلها تحرِّمه، لأنها تستهدف سعادة الجماعة فى معاشها ومعادها، بفعل الخير والبعد عن الشر، والإسلام كدين خاتم يحرمه بروحه ونصوصه العامة فى التراحم والتعاون على البر والتقوى، وإيثار ما يبقى على ما يفنى، ووردت بخصوصه نصوص من أصحها قول النبى صلى الله عليه وسلم " من احتكر فهو خاطف " وما عدا ذلك فهى نصوص فيها مقال، مثل " من احتكر طعاما أربعين فقد برئ من اللَّه وبرئ اللَّه منه " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم، يقول الحافظ المنذرى: فى هذا المتن غرابة، وبعض أسانيده جيد، ومثل " الجالب مرزوق والمحتكر ملعون " رواه ابن ماجه والحاكم، وفى سنده مجهول، ومثل " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللَّه بالجذام والإفلاس " رواه ابن ماجة، وفى إسناده كلام، ومثل " من دخل فى شىء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على الله تبارك وتعالى أن يقذفه فى جهنم رأسه أسفله " رواه أحمد والطبرانى، وفى سنده مقال [الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى ج 2 ص 27 2 طبعة صبيح] 0 وجاء فى حديث بسند غير مقبول ما يبين خُلُق المحتكر فيقول "بئس العبد المحتكر، إن أرخص اللَّه الأسعار حزن، وإن أغلاها فرح " وليس منه التاجر الذى يعرض البضاعة للبيع ويشترى غيرها ليبيعها فالمحتكر هو الذى يحبس السلعة حتى تشتد حاجة الناس إليها فيمتنع عن بيعها إلا بسعر غال، وربما لا يشترى غيرها ليبيعها مرة ثانية، [فتوى شيخ الأزهر-منبر الإسلام عدد شوال 1391 هـ] والإمام النووى يفرق بين من يملك غلة من مصدر غير الشراء، ومن يملكها بالشراء ليتاجر فيها،فقد سئل: إذا دخل عليه غلة من ملكه فتربص بها الغلاء للمسلمين وامتنع من بيعها وقت الرخص، هل يكون ذلك احتكارا، ويفسد بفعله ذلك، وهل هو حرام؟ فأجاب ليس هذا باحتكار، ولا يحرم ولا يفسق به، وإنما الاحتكار أن يشترى القوت فى وقت الغلاء ويمتنع من بيعه فى الحال لانتظار زيادة الغلاء وإذا اشترى فى وقت الرخاء وانتظر به الغلاء لا يكون ذلك احتكارا ولا يفسق به أيضا ولا ترد شهادته [فتاوى الإمام النووى المسماة بالمسائل المنثورة ج 2 ص 75 نشر مجلة الأزهر فى صفر 1411 هـ] ويراعى أنه ذكر أن الشراء كان فى وقت الرخاء ولا توجد مجاعة ولا حاجة ملحة لهذه السلعة، فانتظر حتى يغلو السعر الذى تتحكم فيه عوامل العرض والطلب والظروف الأخرى، ومثل سلعته موجود عند غيره لمن يريد أن يشترى.
3- تدخل ولى الأمر: جاء فى فتاوى ابن تيمية، نشر المملكة السعودية " مجلد 28 ص75 " المحتكر هو الذى يعمد إلى شراء ما يحتاج إليه الناس من الطعام فيحبسه عنهم ويريد إغلاءه عليهم، وهو ظالم للخلق المشترين، ولهذا كان لولى الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه والناس فى مخمصة فإنه يجبر على بيعه للناس بقيمة المثل ولهذا فال الفقهاء: من اضطر إلى طعام الغير أخذه منه بغير اختياره بقيمة مثله، ولو امتنع من بيعه إلا بأكثر من سعره لم يستحق إلا سعره
(9/380)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:35 pm

السعر والتسعير

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للحاكم أن يفرض سعرا معينا للسلع؟

الجواب
التعريف: السعر هو القدر الذى تقوَّم به السلعة، والتسعير هو وضع قيمة للسلعة، والسعر يتحكم فيه غالبا عاملا العرض والطلب، أما التسعير فيكون بتدخل ولى الأمر.
2- الحكم: جاء فى فتاوى ابن تيمية " مجلد 28 ص 76 "عن تدخل ولى الأمر فى الأسعار: أن السعر منه ما هو ظلم لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب. .
وضرب مثلا للتسعير الذى لا يجوز بما حدَّث به أنس رضى الله عنه أنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقالوا:
يا رسول الله لو سعرت؟ فقال " إن اللَّه هو القابض الباسط الرزاق المسعر، وإنى لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبنى أحد بمظلمة ظلمتها إياه فى دم ولا مال " رواه أبو داود والترمذى وصححه. فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم وقد ارتفع السعر إما لقلة الشىء وإما لكثرة الخلق فهذا إلى الله، فإلزام الخلق أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.
ثم ضرب مثلا للتسعير الذى يجوز فقال: إذا امتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم به.
وجاء مثل ذلك فى فتوى الشيخ عبد المجيد سليم سنة 1943 م [الفتاوى الإسلامية المجلد 3 ص 815] وفيها: أن الحكومة إذا سعَّرت وجب العمل بما سعرت به وحرم التعدى، لأن طاعة ولى الأمر واجبة بالكتاب والسنة والإجماع إذا أمر بما ليس بمعصية.
3- التبليغ عن المخالف: جاء فى الفتوى المذكورة أنه يجب على من يعلم أن من التجار من يبيع بأسعار مرتفعة تزيد عن الأسعار المقررة أن يبلغ الحكومة بذلك، فإذا كان من يعلم ذلك شخصا واحدا وجب عليه التبليغ، فإن لم يبلغ كان آثما، وإذا كان من يعلم أكثر من واحد وجب عليهم أن يبلغوا، فإذا قام به بعضهم لم يأثم أحد منهم، لحصول المقصود بتبليغ بعضهم، وإذا تركوا كلهم التبليغ كانوا جميعا آثمين كما هو حكم الواجب الكفائى. انتهى.
وأنبه إلى ما جاء فى جواز التسعير أو وجوبه من أن المقصود منه هو العدل ومنع الظلم، فيكون التسعير مراعى فيه العدل الذى لا ظلم فيه للتجار ولا للشعب، بمعنى أن يكون بعد دراسة وافية يدخل فيها تغير الظروف، ويعدل السعر تبعا للمتغيرات من أجل تحقيق العدالة للتجار والشعب، ومنع الخروج على القوانين والقرارات بحيلة أو بأخرى.
وإذا كانت طاعة ولى الأمر واجبة فمحلها فيما لا معصية ولا ظلم فيه، وفيما يساعد على النشاط الاقتصادى العادل الذى يشجع عليه التنافس الشريف الذى يوازن بين الحقوق والواجبات فى إطار التعاون على الخير الذى يفيد منه كل الأطراف. والكل يعانى من القوانين والقرارات الجامدة التى يراعى فيها جانب واحد، مما يتيح الفرصة للتملص منها بأى أسلوب من الأساليب
(9/381)
________________________________________
السمسار

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
للسماسرة نشاط كبير فى التجارة، فهل عملهم حلال، وما حكم المال الذى يكسبونه من ذلك؟

الجواب
السمسار هو الوسيط الذى لم يأخذ صفة الوكيل الشرعى، ولا يفيد كلامه مع الناس تعاقدا شرعيا ملزما، لأنه لا يملك السلعة التى يتوسط فى بيعها أو شرائها، وما يأخذه من الناس فى سبيل إتمام الصفقة إن كان بسخاء نفس فلا مانع منه، وإلا فهو سحت. وقد يحكم له بأجر المثل على العمل الذى أتمه.
لكن إن أخذ صفة الوكيل، بأن قال له شخص: اشتر لى هذه السلعة، وسأعطيك كذا فى مقابل تعبك وعملك فلا حرمة فى العمل ولا فى الكسب. أما إذا قال له: اشتر لى هذه السلعة وسأعطيك 10 % (عشرة فى المائة) من الثمن يجب عليه أن يكون صادقا فى الإخبار عن الثمن، فإن كذب وزاد فيه حتى تزيد عمولته كان ذلك حراما فالواجب على من يقوم بالوساطة على صفة الوكالة أو الإجارة أن يكون صادقا وأمينا ورحيما حتى يبارك اللَّه له فى كسبه.
وأحذر الوكلاء والمفوضين فى توريد أو شراء شىء لشخص أو شركة أو هيئة مثلا أن يتفقوا مع مالكى السلعة على تحرير مستندات بثمن أعلى ليحصله من الجهة التى فوضته فى حين أنه دفع أقل من ذلك، ليأخذ الفرق له، فتلك خيانة، فإذا وافق من فوضوه على أنه دفع ثمنا أو اتفق على سعر أقل من المعتاد. على أن يكون الفرق له فهو حلال. والمهم أن يكون صادقا غير متواطئ على الكسب بهذه الحيل، وألا يكون فيها خسارة للجهة الموردة أو المالكة للسلعة، لأنها غير موافقة أو لأنها جاهلة بتصرف من باع هذه السلعة.
وأمثال هذه التصرفات البعيدة عن موافقة الطرفين مظنة للاتهام، بل مدرجة إلى ارتكاب أمور خطيرة، ستكشف الأيام عنها، وبخاصة إذا اختصم اللصان. ومندوب المشتريات الذى يأخذ من البائع عمولة أو إكرامية، لأنه اشترى منه وآثره على غيره، أو أخذ منه كميات كبيرة، إن تمت الصفقة على الشروط والمواصفات والثمن المعلن عنه، ولم يكن هناك ظلم ولا اختلاس كان ما يعطيه البائع - شخصا أو شركة أو غيرهما-كهدية له لا مانع منه شرعا، أما إن كان هناك غش فى التغاضى عن بعض الشروط والمواصفات، أو ظلم لمن رسا عليه المزاد مثلا كان ما يأخذه حراما، سواء شرطه على مالك السلعة أم لم يشرطه.
ومع ذلك ينبغى التعفف عنه بقدر الإمكان، والقيام بالواجب المنوط به على الوجه المرضى، دون نظر إلى هدية أو مكافأة -مادية أو أدبية - فيؤديه بحكم وظيفته أو عمله، والأمر يعود بعد ذلك إلى من أعطاه وبقدر نيته يكون جزاؤه عند الله.
وإذا كانت الشبهات من باب الحلال، أى غير الحرام، فالأولى البعد عنها، فإن أقل ما فيها هو القيل والقال. وما عند الله خير وأبقى لمن أخلص فى عمله راجيا ثوابه، قال تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنَّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} الكهف: 30
(9/382)
________________________________________
التصرف فى المال الحرام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إنسان اكتسب مالا حراما وأراد أن يتوب إلى الله فماذا يفعل؟

الجواب
من اكتسب مالا حراما أو أخذه بغير وجه حق، وأراد أن يتوب إلى الله، وجب عليه بعد الندم والعزم على عدم العود إلى المعصية أن يرد الحقوق إلى أصحابها، وذلك إذا كانوا معروفين يردها إليهم أو إلى ورثتهم ما أمكن ذلك، أو يطلب منهم التنازل عنها، فإن لم يستطع التعرف عليهم وجب عليه أن يضعها فى منفعة عامة، أو يتصدق بها عنهم، كما فعل عمر بن الخطاب مع المتسول الذى طلب منه طعاما فأحاله على صحابى فأطعمه، ثم عاد يسأل فوجده محترفا ومعه زاد كثير، فأمر بطرحه أمام إبل الصدقة لأنها منفعة عامة للمسلمين. .
جاء فى تفسير القرطبى "ج 3 ص 366" ما نصه:
قال علماؤنا: إن سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام: إن كانت من ربا فليردها على من أربى عليه، ويطلبه إن كان حاضرا، فإن آيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك فى أي من ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده، حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له فيرده من ذلك الذى أزال عن يده إلى من عرف ممن ظلمه أو أربى عليه، فإن أيس من وجوده تصدق به عنه، فإن أحاطت المظالم بذمته وعلم أنه وجب عليه من ذلك ما لا يطيق أداءه أبدا لكثرته فتوبته أن يزيل ما بيده أجمع، إما إلى المساكين وإما إلى ما فيه صلاح المسلمين حتى لا يبقى فى يده إلا أقل ما يجزئه فى الصلاة من اللباس، وهو ما يستر العورة وهو من سرته إلى ركبتيه، وقوت يومه.
لأنه الذى يجب له أن يأخذ من مال غيره إذا اضطر إليه، وإن كره ذلك من يأخذه منه.
وفارق هاهنا المفلس فى قول أكثر العلماء، لأن المفلس لم يصر إليه أموال الناس باعتداء، بل هم الذين صيروها إليه، فيترك له ما يواريه وما هو هيئة لباسه، وأبو عبيدة وغيره يرى ألا يترك للمفلس من اللباس إلا أقل ما يجزئه فى الصلاة، وهو ما يواريه من سرته إلى ركبته، ثم كلما وقع بيد هذا شيء أخرجه عن يده ولم يمسك منه إلا ما ذكرنا، حتى يعلم هو ومن يعلم حاله أنه أدى ما عليه
(9/383)
________________________________________
سداد الدين بعملة مغايرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا اتفق شخص مع شركة على شراء سلعة بثمن معلوم يدفع فى المستقبل، واتفق مع مصرف على أن يمول تلك الصفقة بعملة غير العملة التى تم بها الشراء، فهل يجوز أن يراعى عند السداد سعر العملة التى تمت بها الصفقة وقت السداد، أو يراعى سعرها وقت التعاقد؟

الجواب
هذه الصورة ليست بيع عملة بعملة، ولكنها سداد دين تعلق بالذمة كالقرض. والأصل فى سداد الدين أن يكون بالعملة نفسها، فإذا كان هناك اتفاق على السداد بعملة أخرى فالاتفاق معتبر، سواء أكان بالسعر وقت تعلق الدين بالذمة أو وقت الوفاء به، وإن لم يكن هناك اتفاق فلا يُرغَمُ الدائن على قبول عملة تحقق له خسارة، ومن هنا رأى المدين أن يراعى سعر العملة وقت السداد، وهو ما يقضى به العدل والإحسان فى القضاء الذى نص عليه الحديث "إن خيركم أحسنكم قضاء" كما رواه البخارى ومسلم.
لكن ورد حديث صورته قريبة من هذه الصورة إن لم تكن عينها أو مثلها: وهو: أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت له: إنى أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير واَخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم واَخذ الدنانير، فقال "لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء " رواه الخمسة - أحمد وأصحاب السنن الأربعة - وقد صححه الحاكم وأخرجه ابن حبان والبيهقى. لكن الترمذى ذكر أن الحديث موقوف على ابن عمر وليس مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم والبيهقى قال عنه: تفرد برفعه: سماك بن حرب، وقال شعبة: رفعه سماك وأنا أفرقه (كذا) .
ومهما يكن من شيء فقد قال الشوكانى: فيه دليل على جواز الاستبدال عن الثمن الذى فى الذمة بغيره، وظاهره أنهما غير حاضرين جميعا، بل الحاضر أحدهما وهو غير اللازم فيدل على أن ما فى الذمة كالحاضر، وفيه أن جواز الاستبدال مقيد بالتقابض فى المجلس، لأن الذهب والفضة مالان ربويان فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر إلا بشرط وقوع التقابض فى المجلس، وهو محكى عن عمر وابنه عبد الله والحسن والحكم وطاووس والزهرى ومالك والشافعى وأبى حنيفة والثورى والأوزاعى وأحمد وغيرهم - وروى عن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب -وهو أحد قولى الشافعى -أنه مكروه، أى الاستبدال المذكور، والحديث يرد عليهم.
واختلف الأولون -وهم المجيزون -فمنهم من قال: يشترط أن يكون بسعر يومها كما وقع فى الحديث، وهو مذهب أحمد، وقال أبو حنيفة والشافعى: إنه يجوز بسعر يومها وأغلى وأرخص، وهو خلاف ما فى الحديث من قوله "بسعر يومها" وهو أخص من حديث "إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد" فيبنى العام على الخاص، انتهى ما قاله الشوكانى فى نيل الأوطار ج 5 ص 166 ".
والظاهر أن الصورة التى فى السؤال هى التى فى الحديث، واشترط فيها التقابض فى المجلس، أى وقت عقد الصفقة، إعمالا لحديث بيع العملة بعملة أخرى بشرط التقابض، وعليه فإن الصورة المسئول عنها لا تصح لأن العملة الأخرى مؤجلة لا تقبض إلا بعد مضى مدة من وقت الشراء.
وهذا فى صورة بيع أو استبدال عملة بعملة، لكن روى عن ابن عمر صورة فيها قضاء دين بعملة مغايرة، وهى أنه سئل عن أجيرين له عليهما دراهم، وليس معهما إلا دنانير، فقال أعطوه بسعر السوق، لأن هذا جرى مجرى القضاء، فقيد بالمثل كما لو قضاه من الجنس والتماثل هاهنا، دنانير بدراهم - من حيث القيمة لتعذر التماثل من حيث الصورة.
ألا يدل هذا الكلام على أنه يجوز سداد الدين بعملة أخرى بسعر يوم السداد، وهو متأخر عن يوم الاستدانة؟ الأمر يحتاج إلى نظر.
هذه الرواية الثانية عن ابن عمر- ذكرها الدكتور أبو سريع عبد الهادى - خريج كلية الشريعة والقانون بالأزهر- فى كتابه "الربا والقرض فى الفقه الإسلامى ص 72" معتمدا فى نقله على المصادر الآتية:
(1) المغنى ج 4 ص 52، 54، 55.
(2) حاشية ابن عابدين ج 5 ص 266، 267.
(3) الكافى ج 2 ص 643، 644.
(4) كشاف القناع.
هذا، وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامى فى دورة مؤتمره الثامن المنعقد فى بندر سربجادن بإمارة بروناى دار السلام عدة قرارات، منها:
ا -يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد لا قبله على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز - فى الدين على أقساط بعملة معينة - الاتفاق يوم سداد أى قسط أيضا على أدائه كاملا بعملة مغايرة بسعر صرفها فى ذلك اليوم. ويشترط فى جميع الأحوال ألا يبقى فى ذمة المدين شىء مما تمت عليه المصارفة فى الذمة، مع مراعاة القرار رقم 55 / 1 / د 6 بشأن القبض.
2 -يجوز أن يتفق المتعاقدان عند العقد على تعيين الثمن الآجل أو الأجرة الموجلة بعملة تدفع مرة واحدة أو على أقساط محددة من عملات متعددة أو بكمية من الذهب، وأن يتم السداد حسب الاتفاق.
"مجلة الهداية الصادرة بالبحرين فى ربيع الثانى 1414 هـ (أكتوبر 1993 م) "
(9/384)
________________________________________
التوفير فى بنوك أجنبية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نحن نوفر جزا من راتبنا بالدولار فى بنك أجنبي ولا نقصد بذلك إلا حفظ رواتبنا من التآكل لكن البنك يعمل لدى البنوك الأوروبية والأمريكية بالمبالغ التى نوفرها وبغيرها، وفى نظير ذلك يعطينا أرباحا بنسبة غير محددة، فهل هذه الأرباح حلال أم حرام؟

الجواب
إن هذه المعاملة تدور بين الوديعة والقرض والقراض، وبيان ذلك.
ا -إذا كانت وديعة فلا يجوز للمودَع عنده التصرف فيها إلا بإذن المودع، لأنها مضمونة ترد بذاتها أو ببدلها إن تلفت، سواء أكان هذا البدل عينا أم قيمة، وحيث إن المودع عنده وهو البنك قد تصرف فيها فتكون أرباحها والناتج منها ملكا لصاحبها المودع وللبنك أجر هذا الاستثمار، وهذا إذا كان الاستثمار حلالا، إلا إذا أذن المودع، للبنك فى استثمارها فيكون الناتج ملكا للبنك. .
لكن قال العلماء: إن وديعة النقود لا تضمن بذاتها وعينها، بل يجوز أن ترد إلى صاحبها نقودا أخرى مساوية لها فى قيمتها، وتعتبر حينئذ قرضا حيث أذن للمقترض أن يتصرف فيها كما يشاء، وعليه فلا يستحق صاحب الوديعة "القرض " أكثر منها، وقد قررت بعض القوانين المدنية أن الوديعة المأذون فى التصرف فيها تعتبر قرضا، كالقانون المدنى المصرى حيث جاء فى المادة 726 منه: إذا كانت الوديعة مبلغا من النقود أو أى شيء آخر مما يهلك بالاستعمال وكان المودع عنده مأذونا فى استعماله اعتبر العقد قرضا.
2 - وإذا كانت هذه النقود المودعة فى البنك للحفظ أخذت صفة القرض، وأعطى البنك عليها أرباحا فينظر إلى القاعدة المعروفة "كل قرض جر نفعا فهو ربا" والعلماء فيها فريقان:
ا - فريق قال: يكون القرض الذى جرَّ نفعا من باب الربا إن كان النفع مشروطا فى العقد، أما إذا لم يكن مشروطا فإن النفع يكون من باب الهدية يجوز قبوله كما رد الرسول قرض اليهودى بأكثر منه.
ثم قال هذا الفريق: العرف ينزل منزلة الشرط، يعنى إذا كان معروفا أن هذا القرض سيجر نفعا حتى لو لم يكن مشروطا فى صلب العقد، فهو من باب الربا، لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
وأصحاب السؤال يقولون: إننا لا نريد أرباحا، فإذا كانوا قد وقَّعوا عند الإيداع على رفض الأرباح، ويكون ما يعطيهم البنك لهم من باب الهدية فيجوز قبولها، أما إذا لم يوقِّعوا على رفض الأرباح، أو وقعوا وكانوا يعلمون أن البنك لابد أن يعطيهم، سواء رضوا أم أبوا - لأن القانون يقرر ذلك -كانت الأرباح التى تعطى لهم من قبيل الربا.
ب -وفريق من العلماء قال: إن أى نفع من القرض يكون ربا، سواء شرط ذلك أو لم يشرط، وسواء عرف أو لم يعرف.
وعلى هذا فما هو موقف المودعين من هذه الأرباح إن كانت ربا، هل يتركونها للبنك أو يأخذونها؟ رأيان، ولكن الأوفق هو أخذها وعدم تركها للبنك، على أن يوجهوها للمنفعة العامة، كمال حرام كان يجب رده إلى أصحابه الذين أخذها البنك منهم، ونظرا لتعذر ذلك يصرف المال للمنفعة العامة، ولا ينتفع به من أخذه فى مصالحه الشخصية.
3-أما أن يعتبر هذا المال المودَع فى البنك من باب القراض والمضاربة فممنوع لأن الشرط فى صحة المضاربة الاتفاق بين الطرفين على تقسيم الربح ومعرفة نسبة التقسيم، وألا يشترط ضمان رأس المال إلا بالتعدى، وذلك غير موجود فى الصورة التى فى السؤال، وعليه فلا حق للمودعين فى الأرباح التى يعطيها لهم البنك وبخاصة أن استثمار المال كان بطريق غير مشروع وهو الإقراض للبنوك الأجنبية بنسبة معينه.
فالخلاصة أن المعاملة المذكورة فى السؤال من باب القرض الذى جر نفعا، سواء أكان مشروطا أم غير مشروط لكنه معروف عرفا، فالأرباح ربا تصرف فى المنافع العامة
(9/385)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:36 pm

أجر تقديم الخمور

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أعمل فى محل عام أقدم فيه المشروبات للرواد من أجل زيادة راتبى القليل الذى كنت آخذه من العمل فى قسم آخر لأستطيع أن أعول أسرتى فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
رأى الدين واضح فى حرمة الاشتراك فى تناول المحرمات بأى نوع من أنواع الاشتراك والحديث قد نص على ذلك، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخمر عشرة، عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشترى لها والمشترى له " رواه ابن ماجه والترمذى واللفظ له وقال: غريب، قال الحافظ رواته ثقات.
فالذى يقدم الخمر للشاربين شريك فى الإثم بنص الحديث، لأنه إما راض عن فعلهم والراضى بالمعصية يعاقب عقاب من عملها، وإما مساعد عليها، والمساعد على المعصية مشترك فى العقاب مع العاصى.
وأقول للسائل: إن الأجر القليل من عمل حلال إذا كان يغطى الضروريات فقط التى تمسك الحياة وتدفع الموت وتحول دون العجز فهو راتب يباركه الله، أما ما وراء ذلك الضرورى فلا يجوز أن يحصَّل من الحرام
(9/386)
________________________________________
البيع بالمزاد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فيمن يدخلون فى المزايدات لا بقصد الشراء ولكن بقصد إعلاء الثمن؟

الجواب
روى البخارى ومسلم عن ابن عمر وأبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش وذم الناجش، والنجش فى اللغة هو تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، وفى الشرع الزيادة فى ثمن السلعة، وقد يكون ذلك بمواطأة البائع فيشترك مع المشترى فى الإثم، وقد يكون بغير علمه فيختص بذلك المشترى، وقد يختص به البائع كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر مما اشتراها به ليغر غيره بذلك.
وفسر الشافعى صورة بيع النجش بأن تحضر السلعة لتباع، فيعطى إنسان لها ثمنا ولا يريد شراءها، وذلك حتى يقتدى به السُّوَّام، أى الراغبون فى الشراء، فيعطوا بها ثمنا أكبر، أى يقدرون لها سعرا أكبر مما كانوا يقدرونه لو لم يسمعوا سومه، وهذا ما يسمى الآن ببيع المزايدة.
وحاصل ما قيل فيه: إن زيادة السعر وتنافس المساومين إن لم يكن الغرض من ذلك شراء السلعة، وكان الغرض تغرير الغير ليتوهم أنها تساوى ما سمعه من الأثمان فيدفع فيها ثمنا أعلى ليفوز بها-كانت المزايدة محرمة، ويشترك فى الإثم كل من له دخل فيها أو علم بها ورضى عنها. أما إذا كانت المزايدة من الشخص بقصد شراء السلعة لا بقصد التغرير فلا تكون محرمة.
وإذا كانت المزايدة بقصد التغرير محرمة فهل يبطل البيع أو يقع صحيحا مع حرمته؟ نقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك ليبيع، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان بمواطأة البائع أو صنعته. والمشهور عند المالكية ثبوت الخيار، وهو وجه للشافعية والأصح عندهم -أى الشافعية- صحة البيع مع الإثم، وهو قول الحنفية "نيل الأوطار ج 5 ص 175 "
(9/387)
________________________________________
البيع بشرط المنفعة للبائع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحصل فى بعض الأحيان أن يبيع الإنسان أرضا أو عقارا لأحد أقاربه ويشترط أن يبقى الانتفاع بهذا المبيع حقا للبائع، ولا يملكه المشترى إلا بعد وفاة البائع، فهل هذا البيع صحيح؟

الجواب
وجِّه مثل هذا السؤال إلى الشيخ محمد بخيت المطيعى المفتى الأسبق وأجاب عليه فى جمادى الأولى سنة 1333 هـ (1915 م) بأنه بيع فاسد على مذهب الإمام أبى حنيفة، الذى كان هو المذهب الرسمى للإفتاء، وعلَّله بأن فيه شرطا فاسدا فى صلب العقد الذى لا يقتضيه ولا يلائمه، ولم يجر العرف به ولم يرد الشرع بجوازه، وفيه نفع للبائع مع أن منفعة المبيع هى للمشترى بمقتضى العقد، وما دام المبيع لم يتسلمه المشترى فهو باق فى ملك البائع يجوز له فسخه. وإذا قبضه المشترى مع وجود هذا الشرط كان ملكا له.
"الفتاوى الإسلامية المجلد الثالث ص 794".
ووجه مثل هذا السؤال إلى الشيخ عبد الرحمن قراعة فأجاب عليه فى شوال 1339 هـ (1921 م) بمثل ذلك. ولم يجعل العقد وصية، لأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرج، والتمليك فى هذه الصورة ليس تبرعا. "المصدر السابق ص 807".
وبمثل إجابة الشيخ قراعة أجاب الشيخ محمد إسماعيل البرديسى فى شوال 1339 هـ (يونية 1921 م) "الفتاوى الإسلامية - المجلد الرابع ص ا 156 ".
وهناك وجهة نظر تقول: لو باع الإنسان أو وهب أرضا أو عقارا لإنسان آخر، وجعل استغلاله لهذه الأرض أو العقار جزءا من الثمن أو المقابل أو هو كل الثمن أو المقابل، وتم البيع أو الهبة بتسليم العين للمشترى أو الموهوب له، ثم أعطى للبائع حق الاستغلال لها، فما هو المانع من صحة هذه المعاملة؟ طرفان فى العقد وعين وقع عليها العقد ومقابل للعين وهو انتفاع البائع بها لمدة.
إنها وجهة نظر معقولة قد يتغير بها الرأى الذى جاء فى الفتاوى السابقة
(9/388)
________________________________________
زمن الإجارة والتأجير من الباطن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى عقد الإيجار الذى يمتد سنوات طوالا، وما الحكم إذا قام المستأجر بتأجير الأرض إلى شخص آخر بأضعاف السعر الذى تعاقد به مع المالك؟

الجواب
عقد الإجارة لبيت أو أرض أو أى شىء آخر ينتهى بانتهاء الأجل المضروب لها أو المهمة التى تعاقد الطرفان عليها، فإذا انتهى الأجل أو المهمة وجب تسليم العين لمالكها، ويحرم على المستأجر استغلالها أو إمساكها.
وفى أثناء المدة المتعاقد عليها يجوز للمستأجر أن يؤجر لغيره هذه العين، لأنه يملك المنفعة منها، فله الحق فى التصرف فيها بوجوه الانتفاع التى لا تضر بالعين، إلا إذا جرى الاتفاق بغير ذلك. أما لو أمسك المستأجر العين ولم يسلمها لصاحبها فكل كسبه وانتفاعه منها حرام وسحت، لأنه ليست هناك إجارة على التأبيد حتى لو أجازها القانون، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به
(9/389)
________________________________________
ميراث من حرام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
والدى ترك لنا أرضا وعقارا لكنه كان يتعامل أحيانا بالربا ويأخذ الرشاوى فهل ميراثنا منه حلال أم حرام؟

الجواب
يقول الإمام الغزالى فى كتابه "إحياء علوم الدين "ج 2 ص 115:
رجل ورث مالا ولم يدر أن مورثه اكتسبه من حلال أم من حرام، ولم تكن ثمة علامة، فهو حلال باتفاق العلماء، وإن علم أن فيه حراما وشك فى قدره أخرج مقدار الحرام بالتحرى والاجتهاد، وقال بعض العلماء: لا يلزمه والإثم على المورث، واستدل بما روى أن رجلا ممن ولى عمل السلطان مات فقال صحابى: الآن طاب ماله، أى لوارثه، وهذا ضعيف، لأنه لم يذكر اسم الصحابى، ولعله صدر من متساهل، فقد كان فى الصحابة من يتساهل ولكن لا نذكره لصحبته
(9/390)
________________________________________
اختلاط المال الحلال بالحرام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل كسبه مختلط فيه الحلال والحرام هل يجوز أكل شىء منه؟

الجواب
قال الإمام الغزالى فى كتابه "إحياء علوم الدين"ج 2 ص 93: لو اختلط حرام لا يحصر بحلال لا يحصر، كحكم الأموال فى زماننا هذا لا يحرم تناول شىء منه ما دام محتملا الحلال والحرام، إلا أن يقترن بتلك العين علامة تدل على أنه من الحرام، والدليل:
1 - أن أثمان الخمور ودراهم الربا من أيدى أهل الذمة مختلطة بالأموال، وكذلك غلول الأموال وغلول الغنيمة، ومن يوم أن نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الربا فى حجة الوداع ما ترك الناس الربا بأجمعهم، كما لم يتركوا شرب الخمور ولا تركوا المعاصى، وأدرك أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الأمراء الظلمة ولم يمتنع أحد منهم عن الشراء والبيع فى السوق بسبب نهب المدينة، وقد نهبها أصحاب يزيد ثلاثة أيام، والأكثرون لم يمتنعوا عن تلك الأموال مع الاختلاط وكثرة الأموال المنهوبة فى أيام الظلمة.
2 - لو فتح هذا الباب لانسد باب جميع التصرفات وخرب العالم، إذ الفسق يغلب على الناس، ويتساهلون بسببه فى شروط البيع فى العقود، ويؤدى ذلك إلى الاختلاط، ولو قيل: إن الحرام كثر عن أيام السلف فيجب ترك المختلط بالحلال الآن أقول: ليس حراما وإنما الورع تركه.
وفى "ص 96": لو طبق الحرام الدنيا حتى علم يقينا أنه لم يبق فى الدنيا حلال كنت أقول نستأنف تمهيد الشروط من وقتنا ونعفو عما سلف ونقول: ما جاوز حده انعكس إلى ضده، فمهما حرم الكل حل الكل، وذلك لأن الناس لو تركوا الأكل منه ماتوا عن أخرهم، ولو اقتصروا على قدر الضرورة فسيئول أمرهم إلى الموت، فالذى نراه أن كل ذى يد على ما فى يده، وهو أولى به، لا يجوز أن يؤخذ منه سرقة وغصبا، بل يؤخذ برضاه، والتراضى هو طريق الشرع.
وقال فى صفحة 108: شخص معين خالط ماله الحرام مال حلال، فإن كان الأكثر حراما لا يجوز الأكل من ضيافته ولا قبول هديته وصدقته إلا بعد التفتيش، فإن ظهر أن المأخوذ من وجه حلال فذاك، وإلا ترك، وإن كان الحرام أقل والمأخوذ مشتبه فهذا فى محل النظر.
وفى ص 109 قال: فإن قيل: روى عن علىَّ الترخيص فى أخذ ما يعطيه السلطان له، وابن مسعود بجواز الأخذ من الجار صاحب المال الخبيث وقال: عليه المأثم ولك المهنأ، وقال بجواز الأكل من الجار الذى يتعامل بالربا، ورويت عنه روايات كثيرة مختلفة، وأخذ الشافعى ومالك جوائز الخلفاء والسلاطين، مع العلم بأنه خالطه حرام.
ويرد الغزالى بقوله: علىّ كان شديد الورع فليس معقولا أن يرخص فى ذلك، وإن كان يمكن الترخيص فى مال السلطان لكثرة ما فيه من حلال، وكذلك ما نقل عن الشافعى ومالك، لأن الحلال أكثر فى مال السلطان.
وأما قول ابن مسعود فنقله عنه خَوَّات التيمى، وهو ضعيف الحفظ، وابن مسعود اشتهر بتوقى الشبهات.
وفى ص 110 قال: ليس له أن يسأل صاحب الطعام والمال إذا لم يأمن غضبه إذا كان الحلال أكثر، أما إذا كان الحرام أكثر فعليه أن يسأل ولا يبالى بغضبه، لأنه ظالم.
وفى ص 117 قال: إن كان فى يده حلال وحرام أو شبهة وليس يفضل الكل عن حاجته فإذا كان له عيال فليختص نفسه بالحلال ويطعم أولاده الحرام بقدر الحاجة ويقدم الأهم على المهم.
هذه الصورة مفروضة فى أن الرجل محتاج، أما غير المحتاج فلا يطعم أولاده الحرام.
وفى ص 118 قال: إذا كان الحرام أو الشبهة فى يد أبويه فليمتنع من مؤاكلتهما، فإن كانا يسخطان فلا يوافقهما على الحرام المحض بل ينهاهما، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، فإن كان شبهة وكان امتناعه للورع فقد عارضه أن الورع طلب رضاهما، بل هو واجب، فليتلطف فى الامتناع، فإن لم يقدر فليوافق وليقلل الأكل ولا يتوسع، ولو ألبسته أمه ثوبا من شبهة وكانت تسخط برده فليقبل وليلبسه بين يديها، ولينزعه فى غيبتها.
هذا، وقد جاء فى تفسير القرطبى"ج 2 ص 09 ا"ما نصه:
قال ابن خُوَيْزِ منداد: وأما أخذ الأرزاق "المرتبات " من الأئمة الظلمة فلذلك ثلاثة أحوال.
إن كان جميع ما فى أيديهم مأخوذا على موجب الشريعة فجائز أخذه، وقد أخذت الصحابة والتابعون من يد الحجاج وغيره.
وإن كان مختلطا حلالا وظلما كما فى أيدى الأمراء اليوم فالورع تركه، ويجوز للمحتاج أخذه، وهو كلصٍّ فى يده مال مسروق ومال جيد حلال قد وكَّلَه فيه رجل، فجاء اللص يتصدق به على إنسان، فيجوز أن تؤخذ منه الصدقة، وإن كان من الجائز أن يتصدق اللص ببعض ما سرق إذا لم يكن شىء معروف بنهب، وكذلك لو باع أو اشترى كان العقد صحيحا لازما، وإن كان الورع التنزه عنه، وذلك أن الأموال لا تحرم بأعيانها وإنما تحرم لجهاتها.
وإن كان ما فى أيديهم ظلما صراحا فلا يجوز أن يؤخذ من أيديهم، ولو كان ما فى أيديهم من المال مغصوبا غير أنه لا يعرف له صاحب ولا مطالب فهو كما لو وجد فى أيدى اللصوص وقطاع الطرق، ويجعل فى بيت المال وينتظر طالبه بقدر الاجتهاد، فإذا لم يعرف صرفه الإمام فى مصالح المسلمين
(9/391)
________________________________________
إجارة ومزارعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز سداد إيجار الأرضى الزراعية من المحصول الذى يزرع فيها بالاتفاق بين المالك والمستأجر؟

الجواب
إيجار الأرض الزراعية مبلغ معلوم متفق عليه بين المالك والمستأجر، يُلْزم بدفعه المستأجر من أى مصدر وبأية وسيلة، ما دام هناك اتفاق على ذلك، والمؤمنون عند شروطهم.
هذا إذا كان العقد عقد إجارة، وهو كما قال الفقهاء، العقد على منفعة معلومة مقصودة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم، كأن أجَّر له الأرض لمدة سنة أو لزرع القمح مثلا لقاء مبلغ معين كمائة جنيه مثلا، أو أردب من قمح أو من ذرة أو من أرز مثلا.
لكن هناك عقدًا آخر اسمه "المزارعة " وهو أن يعطى المالك أرضه لزارع يزرعها، والمالك يعطى الزارع بعض ما يخرج منها، ويكون البذر والتكاليف من صاحب الأرض أو حسب الاتفاق، فما يأخذه الزارع هو أجره على العمل، وقد يكون البذر من المستأجر ويسمى هذا العقد "مخابرة "وفيه خلاف للفقهاء فى جواز هذه المعاملة وعدم جوازها.
والصورة الواردة فى السؤال الظاهر أنها إجارة، والعوض هو جزء معين من المحصول كأردب من القمح أو الذرة مثلا، وهى جائزة، ولا يتحتم أن يكون العوض من المحصول نفسه، بل يجوز أن يكون من قمح آخر يساوى فى قيمته قيمة الناتج من هذه الأرض، اللهم إلا إذا شرط المالك أن يكون العوض من الناتج من أرضه، فينفذ الشرط
(9/392)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:40 pm

الوديعة والقرض والمضاربة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو الحكم الشرعى فى شهادات الاستثمار ذات العائد المحدد، وهل يصدق عليها أنها وديعة أو من باب المضاربة كما يقول بعض الناس؟

الجواب
لقد وجه مثل هذا السؤال إلى الأزهر ونشرت الإجابة فى مجلة منبر الإسلام، عدد رمضان 1392 (أكتوبر 1972 م) ، وعلى الرغم من أن حكمها قد سبق نشره فإن فى إعادة نشره تأكيدًا له، وإبطالا لدعاوى من يروجون لحِلِّ هذه المعاملة، وهذا نص الإجابة:
لقد صدرت الفتوى عقب ظهور هذا النوع من المعاملة، وجاء فيها أن ذلك من باب القرض الذى جر نفعا، فهو بالتالى ربا، لأن عمليات البنوك فى هذه الشهادات هى جمع الأموال وإعطاوها للمؤسسات والهيئات وجهات الاستثمار الأخرى بفائدة كبيرة، وإعطاء أصحاب الشهادات فوائد أقل مما تحصل عليه من هذه الجهات، والفرق ربح لها، ولا صلة لها بجهات الاستثمار، فلها ربح محدد منها على المال الذى أخذته، فالأمر لا يعدو أن يكون قروضا جاءت بفائدة.
وما يقال من أن الأموال ودائع عند البنك وليست قروضا-يرد عليه بأن الوديعة إذا ردت لصاحبها ترد كما هى دون زيادة أو نقص، بل قال العلماء: إنه لا يجوز التصرف فى الوديعة خصوصا بما يعرضها للتلف، فمن أين يستحل صاحب الوديعة هذه الأرباح؟ على أنها لا تأخذ شكل الوديعة، لأن الوديعة مطلوب حفظها لردها حين طلبها، وهذه موجهة أصلا للاستثمار لا للحفظ، فهى سلفة جاءت من الناس إلى البنك، وهو بدوره يقرضها لجهات الاستثمار.
هذا، وقد قال جماعة من الفقهاء العصريين: إن الأمر لا يعدو أن يكون من باب المضاربة، مع أن المضاربة يعطى فيها الإنسان مالا لغيره ليستثمره ويعطيه نصيبا من الربح بنسبة معينة، وقد يكون عائد هذه النسبة قليلا وقد يكون كثيرا، حسبما يحقق رأس المال من ربح، وقد تكون هناك خسارة.
قال هؤلاء: إن البنك وسيط بين الناس وبين شركات وجهات الاستثمار، يأخذ هو فروق الفوائد للصرف على العاملين به مثلا، وعلى هذا يكون التعامل بين الطرفين على أساس المضاربة والربح مضمون وكبير، سواء فى حجمه المادى أو المعنوى بسبب الخدمات التى يؤديها هذا النشاط للبلد فى ظروفها الحالية بالذات، قالوا هذا مع علمهم بأن الربح محدد، وقد قال العلماء المتقدمون بأنه يفسد عقد المضاربة، أما هم فقالوا: إن تحديد الربح لا يفسد العقد، فلماذا يخالفون ما تواضع عليه الفقهاء منذ مئات السنين؟ .
والإسلام يشجع استثمار الأموال ويكره حبسها وعدم سيولتها، ولذلك أوجب عليها الزكاة إذا لم تتحرك وظلت جامدة، ووجوه الاستثمار الحلال كثيرة، وعندنا الشركات متوفرة، وبعضها يحقق ربحا لا بأس به، وهو خاضع للظروف المختلفة لهذه الشركات، والتجارة فى أصل مفهومها تكون عرضة للربح والخسارة.
هذا نص الحكم الذى نشر من سنة 1972 م، ومحاولة الرجوع فيه تحايل يأباه الدين، وقد ذم الله به اليهود الذين أحلوا به ما حرم الله عليهم
(9/393)
________________________________________
خلو الرجل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الشرع فيما يسمى الآن بخلو الرجل؟

الجواب
شاع بين الناس الآن بسبب تزايد السكان وكثرة الطلب وقلة المعروض من الأراضى والبيوت والمحلات، وبسبب بعض القوانين الخاصة بالعلاقة بين المالك والمستأجر، أن بعض المستأجرين لبيت أو محل يعطيه لغيره فى مقابل مبلغ يقدره كيف يشاء، وذلك بدون علم المالك أو موافقته، وقد يتوارد على هذا المكان المؤجر عدد كبير من الناس عن طريق خلو الرجل الذى اتخذ كحرفة أو مهنة أو تجارة، بل يحدث أن المستأجر للأرض إذا طلبها منه صاحبها يطلب منه مبلغا كبيرا أو أن يتنازل عن جزء كبير من الأرض فى مقابل إخلائها وتسليمها له.
وإذا كانت بعض القوانين وضعت فى فترة معينة لأغراض معينة، فقد تغيرت الظروف وضَجَّ الملاك بالشكوى من هذا الظلم الفادح، وتعطلت بسبب ذلك مشروعات كثيرة كبناء المساكن التى خاف الناس من استغلال أموالهم فيها، أو ترك المبانى خالية خوف تسلط المستأجر عليها وتعذر استردادها منه.
والنداءات كثيرة لمراعاة الشريعة فى وضع القوانين التى ظهر فسادها بعد تجربتها، وإذا كانت القوانين غير شرعية فالواجب على المتعاملين أن يبتعدوا عنها ولا يتمسكوا بها، ولا يجوز مطلقا أن يلقوا المسئولية على واضعيها ليتملصوا هم من التبعة، فالمبدأ الإسلامى معروف: لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
وقد وجه سؤال إلى مفتى الديار المصرية الشيخ جاد الحق على جاد الحق فى هذا الموضوع، فأجاب فى 3 من يوليو سنة 1980 م بما نصه:
أخذ المستأجر نصف الأرض المؤجرة إليه فى نظير إخلائها ليتمكن المالك من بيعها أمر محرم شرعا، لأن عقد الإجارة لا يستتبع ملكية العين المؤجرة، ويصبح هذا - إن تم - من باب أكل أموال الناس بالباطل المنهى عنه بقول الله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} النساء: 29، ويكون إثمه على المستأجر إن لم يرض المالك رضاء خالصا بهذا التصرف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
"الفتاوى الإسلامية ج 10 ص 3563"
(9/394)
________________________________________
استيفاء الحق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أخذ منى بعض الناس مالا، ولثقتى فيه لم أطلب كتابة مستند بذلك، ثم ماطل فى سداده، وليس معى ما يثبت حقى، فماذا أفعل؟ هل يجوز لى أن أسرق منه ما يساوى حقا الذى عنده؟

الجواب
من الأدب فى القرض أن يعطى القادر ما يستعين به المقترض المحتاج إذا كان مستغنيا عنه، ومن المشروع أن يشهد على هذا القرض أو يثبته بالوسائل التى تضمن حقه، وأن يلتزم المقترض بالوفاء إذا حل الأجل المضروب بينهما، فإن كان مستطيعا بادر بالوفاء وإن كان معسرا يندب أو يجب على صاحب الدين أن يعطيه مهلة فإن رأى أنه لن يستطيع السداد فهو بالخيار بين أن يقاضيه وأن يعفو عنه، قال تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون} البقرة: 280.
وإذا كان المدين موسرا وماطل فى الأداء فقد ظلم، كما نص عليه الحديث "مطل الغنى ظلم ".
وإذا أمكن للدائن أن يقاضيه بالشهود أو المستندات فهل يجوز له أن يستوفى حقه منه بدون الرجوع -إلى القضاء أو لا يجوز؟ قال الشافعية: لو أمكن تحصيل الحق بالقاضى بأن كان المدين مقرا مماطلا، أو منكرا وعليه البينة، أو كان يرجو إقراره عند القاضى وعرض اليمين عليه فهناك رأيان، رأى يقول بوجوب الرجوع إلى القاضى، ورأى يقول بجواز أخذ حقه بدون القضاء وهو الراجح، ويشهد له إذن النبى صلى الله عليه وسلم لهند زوجة أبى سفيان بالأخذ من ماله بدون إذنه بقدر ما يكفيها وولدها بالمعروف، وذلك لأنه كان شحيحا ممسكا لا يعطيهم النفقة المناسبة. ولأن إجراءات التقاضى طويلة وفيها مشقة فلا داعى لها
(9/395)
________________________________________
بيع التلجئة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نقرأ فى بعض الكتب عن نوع من البيع اسمه التلجئة، فما هى صورته وما حكمه؟

الجواب
يحدث مثلا أن إنسانا يخاف على ماله من أرض أو عقار أو ممتلكات أخرى أن يتعرض لها عدو بأذى، أو يتفادى حكما قضائيا أو إداريا يحس بأنه سينال ممتلكاته بالأذى فيبيع ممتلكاته أو بعضها لأولاده أو زوجته أو لأى إنسان آخر، وقد يكون البيع بدون مقابل، أو مقابل رمزى، ويتم البيع بأركانه وشروطه، مع الإجراءات الرسمية لنقل الملكية من تسجيل وغيره.
هذا البيع نظر بعض الفقهاء، إلى النية والمقصود منه فحكم ببطلانه، ونظر بعضهم إلى ظاهره فحكم بصحته يقول ابن قدامة فى " المغنى" بيع التلجئة باطل، وقال أبو حنيفة والشافعى: هو صحيح، لأن البيع تم بأركانه وشروطه خاليا من مُفْسِدٍ فصح به، كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عُقد البيع بلا شرط
(9/396)
________________________________________
البيع بشرط انتفاع البائع بالمبيع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحدث أن بعض الناس يبيع داره أو أرضه لأولاده أو لغيرهم، ويشترط فى العقد أن يظل منتفعا بهذا المبيع طول حياته، ولا ينتفع بها المشترى إلا بعد وفاة البائع، فما حكم هذا البيع؟

الجواب
جاء فى المغنى والشرح الكبير"ج 4 ص 49" عن النوع الثالث من الضرب الصحيح فى الشروط فى البيع أنه يصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة مثل أن يبيع دارا ويستثنى سكناها سنة، أو دابة ويشترط ظهره - ركوبه -إلى مكان معلوم، أو عبدا ويستثنى خدمته مدة معلومة، نص عليه أحمد وهو قول الأوزاعى وأبى ثور وإسحاق وابن المنذر، وقال الشافعى وأصحاب الرأى: لا يصح، لأنه يروى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، ولأنه ينافى مقتض البيع فأشبه ما لو شرط ألا يسلمه ذلك لأنه شرط تأخير تسليم المبيع إلى أن يستوفى البائع منفعته، وقال ابن عقيل - من الحنابلة -فيه رواية أخرى-أى عن أحمد-أنه يبطل البيع والشرط.
وقال مالك: إن اشترط ركوبا إلى مكان قريب جاز، وإن كان إلى مكان بعيد كره، لأن اليسير تدخله المسامحة.
ثم استدل ابن قدامة على الصحة بما روى عن جابر أنه باع النبى صلى الله عليه وسلم جملا واشترط ظهره إلى المدينة، وفى لفظ قال: فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلى، رواه البخارى ومسلم. وفى رواية لمسلم قال جابر: على أن لى ظهره إلى المدينة قال " ولك ظهره إلى المدينة " ولأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا - أى الاستثناء -إلا أن تعلم، وهذه معلومة، ولأن المنفعة قد تقع مستثناه بالشرع على المشترى فيما إذا اشترى نخلا مؤبرة - ملقحة - أو أرضا مزروعة، أو دارا مؤجرة، أو أمة مزوجة، فجاز أن يستثنيها، كما لو شرط البائع الثمرة قبل التأبير، ولم يصح نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط وإنما نهى عن شرطين فى بيع، فمفهومه إباحة الشرط الواحد، وقياسهم منقوض بشرط الخيار والتأجيل فى الثمن [انظر أيضا: نيل الأوطار للشوكانى ج 5 ص 189] .
وعليه فلا مانع من البيع مع اشتراط انتفاع البائع بالمبيع لمدة يتفقان عليها، وذلك على مذهب الإمام أحمد وقد صدرت فتاوى رسمية على مذهب أبى حنيفة سنة1915، 1921 من الشيخ محمد بخيت المطيعى والشيخ عبد الرحمن قراعة والشيخ محمد إسماعيل البرديسى بحرمة هذا البيع " الفتاوى الإسلامية - المجلد الثالث ص 794، ص 807 والمجلد الرابع ص 1561 " ولا مانع من الأخذ برأى الإمام أحمد بالصحة عند الحاجة.
ذكر ابن حجر فى " فتح البارى ج 5 ص 371" أن البخارى رجح جواز الاشتراط كما يدل عليه الحديث، والاشتراط المفسد للعقد ليس منه ذلك، بل صورته أن يبيع الجارية ويشترط على المشترى عدم وطئها. ويبيع الدار ويشترط عليه ألا يسكنها، وفى الدابة ألا يركبها، أما إذا اشترط شيئا معلوما فلا بأس به. وحديث النهى عن بيع وشرط فى إسناده مقال، وهو قابل للتأويل
(9/397)
________________________________________
بيع العربون

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
اتفقت مع شخص على شراء شىء وأعطيته عربونا، ثم رجعت فى هذا البيع، فهل لى الحق فى استرداد العربون؟

الجواب
إن العربون الذى يُدفع تمهيدا لشراء شىء أو استئجاره يرجع فيه إلى اتفاق الطرفين، أو إلى العرف الجارى فى الوسط الذى يتعاقد فيه المتعاقدان. فلو كان هناك اتفاق على إرجاعه إن لم يتم العقد، أو كان العرف يقضى بذلك وجب إرجاعه لمن دفعه، ولو كان هناك اتفاق على سقوط حق المشترى أو المستأجر فيه إن لم يتم العقد أصلا، أو لم يتم فى مدة معينة، أو كان العرف يقتضى ذلك سقط حقه فيه، فالأصل هو الاتفاق، فإن لم يوجد فالعرف. ولا يوجد نص يمنع ذلك، وما رواه ابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون ضعفه الإمام أحمد وأجاز بيع العربون، لما رواه عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دارا للسجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، فإن رضى عمر كان البيع نافذا، وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة درهم. وقال ابن سيرين وسعيد بن المسيب: لا بأس إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئا، وأجازه أيضا ابن عمر، لكن كل ذلك فى عقد تمت فيه الصفقة مع الخيار، أما إن لم يتم العقد فالأمر متروك للاتفاق والعرف.
هذا، وقد ذكر الشوكانى فى "نيل الأوطار ج 5 ص 163 " أن حديث النهى عن بيع العربون وإن كان ضعيفا فله طرق يقوى بعضها بعضا، وأخذ به أبو حنيفة ومالك والشافعى، وعلل حرمته عند هؤلاء الأئمة بأن فيه شرطين فاسدين، أحدهما شرط كون ما دفعه إليه يكون مجانا بلا مقابل إن لم يتم العقد -وذلك إذا كان الشرط أن يأخذ البائع العربون إذا لم يتم العقد- والشرط الثانى الرد على البائع إذا لم يقع منه الرضا بالبيع، وقال: إذا دار الأمر بين الحظر والإباحة ترجح الحظر.
وأرى الأخذ بمقتضى الشرط إن وجد فالمؤمنون عند شروطهم، ومثله العرف إن لم يوجد شرط، وما دام الأمر خلافيا، فلا مانع من الأخذ بأى رأى
(9/398)
________________________________________
بيع العينة وبيع ما لم يقبض

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو المقصود ببيع العينة وما حكمه؟

الجواب
بيع العينة -بكسر العين أى السلف- أن يشترى شخص سلعة من شخص آخر بثمن فى الذمة، ثم يبيعها المشترى إلى البائع بثمن أقل يأخذه نقدا، وهو ممنوع شرعا، لأن فيه حيلة الربا، وقد ورد فيها من حديث عائشة الذى رواه الدارقطنى وابن عمر الذى رواه أحمد وأبو داود منعها، وهى تفارق صورة أخرى أن يشترى شخص سلعة بثمن آجل ثم يبيعها من شخص آخر غير البائع بثمن أقل نقدا، وهذه جائزة لأن المشترى غير البائع، والأولى من حيل الربا.
ومن المحرم بيع ما لم يقبضه المشترى، كأن يشترى سلعة بثمن ثم يبيعها لشخص آخر قبل أن يقبضها. لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام " لاتبع ما ليس عندك " وقال:
"لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك " وقال "من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يستوفيَه " قال ابن عمر: كنا نشترى الطعام جزافا، فيبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
والطرق التى روى بها النهى عن بيع العينة ضعيفة وإن كان يقوى بعضها ببعضا، وقال بحرمة هذا البيع مالك وأبو حنيفة وأحمد، وأجازه الشافعى وأصحابه، ناظرين إلى صحة صورة البيع، أما النية فلا شأن لها بذلك، والآخرون نظروا إلى القصد من هذا البيع والتحايل به على الربا فحرموه "نيل الأوطار للشوكانى ج 5 ص 220"
(9/399)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:46 pm

بيع الوفاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نسمع أن هناك بيعا اسمه ببع الوفاء، فما المقصود منه وما حكمه؟

الجواب
صورة بيع الوفاء أن يقترض المحتاج مبلغا من المال من شخص، ثم يبيع له فى نظير ذلك جزءا معينا من الأرض تزيد قيمته على قيمة القرض، ويكون البيع لمدة معينة ينتفع فى أثنائها الدائن بالأرض انتفاع المالك لها، وفى نهاية المدة إذا لم يسدد المقترض المبلغ تصير الأرض ملكا تاما للدائن فى مقابل القرض.
قال بعض العلماء: إن صورة العقد أنها بيع ولكن لأجل يفسد بعد انتهائه، وهذا يبطل العقد، لأن طبيعة البيع أنها للتمليك الدائم لا المؤقت، وما تزال الأرض ملكا لصاحبها الذى باعها.
وقال بعضهم: إنها رهن فى صورة عقد بيع، وحكم الرهن أن الأرض ما تزال مملوكة لصاحبها الذى رهنها، ولا يتصرف فيها المرتهن إلا بإذن الراهن، وعند سداد الدين ترد الأرض لمالكها، وعند عدم السداد يمكن بيع الأرض ليستوفي الدائن منها حقه وما بقى من ثمنها لمالكها.
قال البدر العينى شارح البخارى فى كتابه "المسائل البدرية": بيع الوفاء أن يقول البائع للمشترى: بعت منك هذا بما لك علىَّ من الدين، على أنى متى وفيت الدين فهو لى. فهو فى الحقيقة رهن، والمبيع فى يد المشترى كالرهن فى يد المرتهن لا يملكه، ولا يباح له الانتفاع به إلا بإذن المالك، وهو ضامن لما أكل من ثمره واستهلك من عينه، والدين ساقط بهلاكه فى يده إذا كان فيه وفاء بالدين.
قال المصنف: والصحيح أن العقد الذى جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهنا، فإن ذكرا شرط الفسخ فى البيع فسد البيع، وإلا فإن تلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء على وجه النفاذ، أو تلفظا بالبيع الجائز جاز البيع، ويلزم الوفاء بالميعاد، لأن المواعيد قد تكون لازمة فيجعل الميعاد لازما لحاجة الناس. انتهى "مجلة الإسلام -المجلد الرابع- العدد 12 "
(9/400)
________________________________________
القرض الذى جر نفعا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول بعض الناس أن القرض الذى جر نفعا ليس ربا، لأنه لم يرد حديث صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى، فهل هذا صحيح؟

الجواب
القرض إعطاء شىء للغير يستفيد به ليرده أو يرد مثله إليه، وهو أمر مشروع داخل فى مضمون التعاون على البر، بل مندوب إليه ومرغب فيه، لأن الغالب فيه أن يكون من حاجة، وحديث مسلم يقول "من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه " وفى حديث يقبل فى فضائل الأعمال رواه ابن ماجه عن أنس "الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر والله سبحانه يقول {من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} البقرة: 245.
وقال ابن مسعود: ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة. رواه ابن ماجه مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، والصواب أنه موقوف على ابن مسعود "نيل الأوطار ج 5 ص 243".
والقرض يكون من النقود ومن الأطعمة وكل ما له مثل، كما يكون من الحيوانات، على رأى الجمهور، فقد استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم جملا، وأعطى صاحبه أحسن منه كما رواه مسلم وغيره وقال "خيركم أحسنكم قضاء" ومنع أبو حنيفة قرض الحيوان.
والواجب على المقترض رد القرض بدون زيادة عليه، فقد أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة فى السلف ربا ولو كانت قبضة من علف -كما قال ابن مسعود- أو حبة واحدة، ويجوز أن يرد أفضل مما يستلف إذا لم يشترط ذلك عليه كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم وكما قال: كما رواه البخارى ومسلم " إن خيركم أحسنكم قضاء".
وإهداء المقترض إلى المقرض ورد فيه حديث ابن ماجه "إذا أقرض أحدكم أخاه قرضا فأهدى له أو حمله على دابته فلا يقبلها ولا يركبها، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك " وهو حديث ضعيف، وورد فى تاريخ البخارى حديث "إذا أقرض فلا يأخذ هدية" وجاء فى صحيح البخارى أن عبد الله بن سلام قال لأبى بردة بن أبى موسى لما قدم المدينة: إنك بأرض فيها الربا فاش، فإن كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذه فإنه ربا. والقت هو الدريس أو البرسيم المجفف.
إزاء هذه المأثورات قال جمهور العلماء: يجوز رد القرض بما هو أفضل منه إذا لم يكن ذلك مشروطا فى العقد، وقال المالكية: إذا كانت الزيادة بالعدد لم يجز، كرد الواحد اثنين، وإن كانت بالوصف جازت، كرد الحيوان الكبير بدل الصغير.
ولا يلزم من جواز الزيادة فى القضاء على مقدار الدين أن تجوز الهدية ونحوها قبل القضاء، لأنها بمنزلة الرشوة. يقول الشوكانى "نيل الأوطار ج 5 ص 246 ": والحاصل أن الهدية والعارية ونحوهما إذا كانت لأجل التنفيس فى أجل الدين، أو لأجل رشوة صاحب الدين، أو لأجل أن يكون لصاحب الدين منفعة فى مقابل دينه فذلك محرم، لأنه نوع من الربا أو الرشوة، وإن كان ذلك لأجل عادة جارية بين المقرض والمستقرض قبل التداين فلا بأس. وإن لم يكن ذلك لغرض أصلا فالظاهر المنع، لإطلاق النهى عن ذلك. وأما الزيادة على مقدار الدين عند القضاء بغير شرط ولا إضمار فالظاهر الجواز من غير فرق بين الزيادة فى الصفة والمقدار والقليل والكثير، بل هو مستحب كما قال الشافعية لحديث "إن خيركم أحسنكم قضاء".
ثم يقول الشوكانى بعد ذلك وهو إجابة عما ورد فى السؤال: مما يدل على عدم حل القرض الذى يجر إلى المقرض نفعا ما أخرجه البيهقى فى المعرفة عن فضالة بن عبيد موقوفا بلفظ "كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا" ورواه فى السنن الكبرى عن ابن مسعود وأبى بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس موقوفا عليهم، ورواه الحارث بن أبى أسامة من حديث على عليه السلام بلفظ: إن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن قرض جر منفعة وفى رواية: كل قرض جرمنفعة فهو ربا. وفى إسناده سوار بن مصعب، وهو متروك قال عمر بن زيد فى المغنى: لم يصح فيه شىء، ووهم إمام الحرمين والغزالى فقالا: إنه صح، ولا خبرة لهما بهذا الفن. انتهى.
يؤخذ من هذا أن "كل قرض جر نفعا فهو ربا" ليس حديثا مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ولا مانع من الأخذ به ما دامت تتفق دلالته مع ما ورد من القرآن فى تحريم الربا، وعمل الصحابة وفتوى الفقهاء تؤيده.
وأما الحكم فخلاصته: إن كان النفع مشروطا فهو ربا، وإلا فهو جائز، ومثل الشرط العرف، لقاعدة: المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
والهدايا إن كانت من أجل القرض فهى حرام، وإلا فهى جائزة
(9/401)
________________________________________
القرض الحسن والقرض بفائدة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما الفرق بين القرض الحسن، والقرض من البنك لقاء زيادة، وذلك للحاجة إليه، للاستهلاك أو للإنتاج؟

الجواب
القرض هو إعطاء المال على سبيل استرداده بعد فترة معينة، والمال قد يكون نقدا وقد يكون عينا كالبر والشعير، وقد يكون حيوانا، وذلك عند جمهور الفقهاء، ومنع الحنفية قرض الحيوان.
والقرض الحسن هو الذى لا تشترط فيه زيادة عند رده، وثوابه عظيم عند الله سبحانه، لأنه من باب التيسير على المعسر، والتعاون على الخير، وقيل إن ثوابه أفضل من ثواب الصدقة، لأن القرض يكون من حاجة، بخلاف الصدقة، وروى فى ذلك حديث مقبول "الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر".
وكان القرض فى الجاهلية مشروطا بزيادة فى نظير تأجيل الدين، وتتكرر الزيادة بتكرار الأجل، ويطلق عليه لفظ "الربا".
ومن صوره كما قال ابن حجر: أن يدفع الواحد ماله إلى غيره إلى أجل مسمى، على أن يأخذ منه كل شهر قدرا معينا، ورأس المال باق بحاله، فإذا حل طلبه، فإن تعذر الأداء زاد فى الحق والأجل.
والقرض من البنك بفائدة حرام، بناء على القول المأثور الذى تدعمه النصوص الصحيحة "كل قرض جر نفعا فهو ربا".
وقد يقال: إن الفائدة على القرض هى لتغطية نفقات البنك والعاملين فيه، وتقاس على نفقة القرض المنقول إلى مكان غير مكان التعاقد عليه، فعن مالك أنه بلغه أن عمر رضى الله عنه سئل فى رجل أسلف طعاما على أن يعطيه إياه فى بلد آخر، فكره عمر وقال: أين كراء الجمل؟ فالمقرض طلب من المقترض نفقة نقل القرض إلى البلد الآخر، ولكن عمر كره أن يتحملها المقترض، لأنه مقتضى العقد، والكراهة بمعنى التحريم.
وجاء فى فقه الشافعية أن من اقترض من إنسان شيئا وجب عليه أن يرده إلى المقرض فى محل الإقراض إذا كان القرض يحتاج نقله إلى نفقة فإذا لم يتحمل المقترض تلك النفقة لا يجبر المقرض على القبول، وإنما يجبر المقترض على دفعها أو تسليم القرض فى محل الإقراض. وورد مثله عن المالكية والأحناف. "الأعمال المصرفية والإسلام " ص 83، 84.
وجاء أيضا جواز احتساب الأجر على العمل عامة، كأجر السمسرة وأجر كتابة الوثائق والسجلات والخطابات.
والبنوك الحالية تحتاج فى نشاطها إلى تغطية نفقات العاملين بها، فلتكن من الفائدة التى تفرض على القرض.
لكن رد ذلك بأن الفائدة لو كانت فى مقابل النفقات لكانت موحدة فى كل البنوك. لكنها تختلف باختلاف مركز المقترض والضمان المتقدم ومدة القرض، كما أنها تتكرر كل عام طيلة مدة القرض، مع أنها لو أريد إلحاقها بالنفقة فلا بد من أخذها من أول العام فقط، وعلى ذلك فقياس الفائدة على أجرة السمسار ونفقة القرض غير جائز.
وقد يقال أيضا: إن الفائده على القرض جزء من ربح مضاربة لأن القرض الذى يقدمه البنك إما استهلاكى وإما إنتاجى، والإنتاجى يستثمر عن طريق المضاربة، التى يكون فيها المال من جهة البنك والعمل من جهة المقترض، على أن يقسم الربح بينهما بنسبة معلومة شائعة.
ورد عليه بأن المضاربة لا يجوز فيها اشتراط ضمان المال على المضارب عند الخسارة ولا يجوز تحديد الربح كخمسة أو عشرة لأحد المتعاقدين، ونشاط القرض من البنك يتحمله المقترض وحده، والربح محدد وليس نسبيا.
وقد نازع بعض فقهاء العصر فى ذلك فأجازوا تحديد الربح، لأنه لا يشبه الربا المخرب للبيوت، والتراضى على ذلك موجود بين الطرفين، ولا دليل على جعل الربح بالنسبة، والفائدة المحرمة ما كانت مضاعفة ومركبة.
ورد ذلك بنفى عدم الدليل على المضاربة بشروطها المعروفة، فالإجماع منعقد عليها وأن تحديد نسبة الربح مأخوذ عن على رضى الله عنه، وأجمع فقهاء السلف عليه دون مخالف لهم فإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أن يكون الربح مشاعا لا محددا أمر مجمع عليه توارثه الخلف عن السلف.
هذا. وقد قيل: إنه يشك فى صدور هذه الآراء المحللة للفائدة على القرض إلى أصحابها، وأن بعضهم رجع عنها، "يراجع فى توضيح ذلك الكتاب المذكور"
(9/402)
________________________________________
حلف التجار لترويج السلع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فيمن يحلف بالطلاق ثلاثا ليسهل عمليات البيع والشراء، وما حكم الدين فى الأرباح التى يحققها بهذا الأسلوب؟

الجواب
معلوم أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، ومعلوم أن الإسلام نهى عن الحلف بغير الله، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت، حتى الحلف بالله لا يلجأ إليه إلا عند الحاجة الملحة، كما قال تعالى {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} البقرة: 224 على ما فسره البعض بالنهى عن الحلف للحمل على البر والتقوى والإصلاح، والتأكيد على عمل الخير.
والذى يحلف بالطلاق من أجل ترويج بضاعته إن كان كاذبا فزوجته طالق على رأى جمهور الفقهاء، ورأى بعضهم أن الحلف به معلق إن لم يقصد طلاق زوجته فلا يقع طلاق، وعليه كفارة يمين إن كان كاذبا.
ونحذر التجار من الحلف مطلقا لترويج البضاعة، وبخاصة إذا كان الحلف كذبا، فالكسب الذى يأتى من هذا الطريق الكاذب حرام، وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به، وقد جاء الحديث ناهيا عن مثل هذا الحلف فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد بإسناد جيد والحاكم وصححه "إن التجار هم الفجار" قالوا: يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع؟ قال "بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون " وفيما رواه البخارى ومسلم "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل، ورجل بايع رجلا بسلعته بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه فأخذها وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها ما يريد وفَّى له، وإن لم يعطه لم يوف " وفيما رواه مسلم "إياكم وكثرة الحلف في البيع، فإنه ينفق -أى يروج السلعة- ثم يمحق " أى يذهب البركة
(9/403)
________________________________________
التوارث بين المسلم وغيره

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحدث أن بعض الأشخاص يدخلون فى الإسلام وتنقطع صلتهم بأهليهم ثم يموت هو، أو يموت قريبه غير المسلم فهل يكون بينهما توارث وإذا كان الإسلام قد أحل زواج الكتابية، فهل لو مات أحد الزوجن يرثه الآخر؟

الجواب
لا خلاف بين أحد من العلماء فى أن الكافر لا يرث من تركة المسلم شيئا إذا كانت بينهما صلة زواج أو قرابة، كأن تزوج المسلم كتابية ومات عنها، أو أسلم كافر ومات والورثة ما زالوا مصرين على الكفر حتى قسمت التركة وذلك لحديث الصحيحين.
واختلفوا فيما إذا مات المسلم ثم أسلمت زوجته أو أحد أقاربه قبل توزيع التركة فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعى وأصحابهم إلى أن الكافر لا يرث من تركة المسلم شيئا بأى سبب من أسباب الميراث، لا فرق بين أن يسلم الكافر قبل تقسيم التركة أو لا يسلم، وذهب أحمد بن حنبل إلى أن الزوجة الكتابية ترث من تركة زوجها المسلم، وأن القريب الكافر يرث من قريبه المسلم إذا أسلم كل واحد منهما قبل أن تقسم التركة.
أما ميراث المسلم من الكافر، فى مثل الزوج يرث زوجته الكتابية، والمسلم يرث قريبه الكافر، فقد اتفق الأئمة الأربعة أيضا على أن المسلم لا يرث من الكافر شيئا بسبب الزوجية أو القرابة.
وكان معاذ بن جبل ومعاوية بن أبى سفيان وسعيد بن المسيب ومسروق والنخعى ومحمد ابن الحنفية وإسحاق بن راهويه يرون أن المسلم يرث من الكافر بسبب الزوجية أو القرابة، وهو رأى ضعيف، وما جاءوا به لا ينهض دليلا لصحة الرأى.
هذا، وأما المرتد عن الإسلام فذهب الشافعية والماليكة إلى أنه لا يرث أحدا من المسلمين أو من غيرهم بأى سبب من أسباب الميراث، ولا يرثه أحد من المسلمين أو من غيرهم كذلك، حتى لو ارتد أخوان عن الإسلام إلى النصرانية أو غيرها لا يرث أحدهما الآخر.
وذهب أبو حنيفة إلى أن المرتد لو كان رجلا وبقى على ردته حتى مات فماله الذى كسبه قبل الردة تركة تقسم بين الورثة المسلمين، أما ماله الذى كسبه فى حال ردته فيكون فيئا للمسلمين، وإن كان المرتد امرأة فجميع ما تتركه يكون تركة تقسم بين ورثتها المسلمين، سواء كسبته قبل الردة أم بعدها، "محمد محيى الدين على شرح الرحبية"
(9/404)
________________________________________
الميراث والتحول الجنسى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يحدث تعديل فى الميراث إذا تغير جنس الوارث بعد توزيع الميراث؟

الجواب
عمليات التحول الجنسى ظهرت حديثا، وبينا حكم الشرع فيها، ومن تطبيقاتها هذه المسألة، وقد جاء فى المادة 46 من قانون الميراث المعمول به فى مصر أن الخنثى المشكل الذى لا يعرف كونه ذكرا أو أنثى له أقل النصيبين، وما بقى من التركة يعطى لباقى الورثة، أما إذا لم يكن مشكلا بأن ولد ذكرا بين الذكورة، أو أنثى بَيِّن الأنوثة عومل بحاله الذى هو عليه عند موت مورثه، ولا يضر بعد ذلك تحوله إلى جنس آخر
(9/405)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 9:47 pm

بيع الثمر على الشجر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى بيع الثمار وهى على الأشجار لم تنضج بعد؟

الجواب
الثمار قبل أن تنضج لها حالتان، الحالة الأولى لا تكون صالحة، والحالة الثانية يبدو صلاحها.
فبيعها قبل صلاحها جاء النهى عنه فى رواية لأحمد وأصحاب السنن إلا النسائى، فعن أنس رضى الله عنه قال: نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد.
وعلى هذا الرأى جماعة من العلماء، ورأى آخرون أن البيع يصح، تمسكا بعموم قوله تعالى {وأحل الله البيع} البقرة:275 قال أبو حنيفة: ويؤمر بالقطع وهو المشهور من مذهب الشافعى.
فأما البيع بعد الصلاح التام فيصح مع شرط القطع إجماعا، ويفسد البيع مع شرط البقاء إجماعا إن جهلت المدة، فإن علمت صح عند بعضهم.
أما بيعها قبل بدو صلاحها فقد جاء النهى عنه فى قوله صلى الله عليه وسلم "لا تبيعوا الثمار حتى يبدو صلاحها" رواه مسلم وغيره.
وعليه فقد حكم ببطلانه قلة من العلماء، وقال الجمهور بصحته إذا شرط قطع الثمار، وقال أكثر الحنفية، يصح إن لم يشترط التبقية على الشجر.
فالموضوع فيه خلاف، ويجوز اتباع أى رأى. ولزيادة المعرفة يراجع "نيل الأوطار للشوكانى" ج 5 ص 185
(9/406)
________________________________________
التهرب من الضرائب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز التهرب من الضرائب؟

الجواب
الضرائب فريضة مالية قررها ولى الأمر لتغطية النفقات والحاجات اللازمة للأمة إذا لم تف أموال الزكاة بذلك. وهى مشروعة إذا كانت عادلة فى تقديرها وفى جبايتها، ولا يجوز التهرب منها، لأن الله أمرنا بطاعة أولى الأمر فيما فيه مصلحة كما قال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} النساء: 59.
وقد تعرض القرطبى فى تفسيره "ج 16 ص 42 " إلى هذه المسألة فقال: اختلف علماؤنا فى السلطان يضع على أهل بلد مالا معلوما يأخذهم ويؤدونه على قدر أموالهم، هل لمن قدر على الخلاص من ذلك أن يفعل، وهو إذا تخلص أخذ سائر أهل البلد بتمام ما جعل عليهم، فقيل: لا، وهو قول سحنون من علمائنا -المالكية- وقيل:
نعم، له ذلك إن قدر على الخلاص، وإليه ذهب أبو جعفر أحمد بن نصر الداودى ثم المالكى، قال: ويدل عليه قول مالك فى الساعى يأخذ من غنم أحد الخلفاء شاة وليس فى جميعها نصاب: إنها مظلمة على من أخذت له، لا يرجع على أصحابه بشىء، قال: ولست آخذ بما روى عن سحنون، لأن الظلم لا أسوة فيه، ولا يلزم أحد أن يولج نفسه فى ظلم مخافة أن يضاعف الظلم على غيره، والله سبحانه يقول "إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ". الشورى: 42
(9/407)
________________________________________
الحلف على ترويج التجارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ساومت تاجرا عل ثمن سلعة فحلف لى أنه دفع فيها أكثر مما دفعته له، ثم سألت عنها عند تاجر آخر فرأيت ثمنها أقل من ذلك بكثير، فما رأى الدين فى هذا الحلف؟

الجواب
لقد حذرنا الإسلام من الفتنة بالدنيا فمتاعها قليل والآخرة خير وأبقى، ومن أكثر الناس افتتانا بها من يعملون فى ميدان التجارة لذلك وضع الإسلام لها آدابا تحقق الربح فى الدنيا والآخرة، ففى حديث حسن رواه الترمذى وابن ماجه "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" وفى حديث رواه البيهقى "أن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدَّثوا لم يكذبوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا -وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يمدحوا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا" فمن الآداب إذا اشتروا سلعة لا يذمونها ويبخسونها حقها، وإذا باعوها لم يمدحوا فيها مدحا مبالغا فيه، وإذا كان عليهم حق لغيرهم لا يماطلون فى دفعه ما داموا قادرين، وإذا كان لهم حق على غيرهم لا يطلبونه وهم معسرون، بل يؤجلونه إلى ميسرة.
ومما يتورط فيه التجار بغية الكسب والكسب الكثير، الحلف بالله أنه اشترى السلعة بثمن غال حتى يأخذ ممن يبتاعها منه ثمنا أغلى ولو فرض أنه صادق فى حلفه فإن الحلف بالله حتى فى فعل الخير مذموم لقوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} البقرة: 224 وهو أشد ذمًّا إذا حلف ألا يفعل الخير وأفحش ما يكون الحلف ذما إذا كان كاذبا فيه، وبخاصة إذا توصل به إلى مغنم دنيوى لا يدفع عنه غضب الله وقد جاء فى ذلك حديث البخارى ومسلم وأصحاب السنن "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " ومنهم: "رجل بايع رجلا بسلعته بعد العصر فحلف بالله أنه اشتراها بكذا وكذا فصدَّقه فأخذها وهى على غير ذلك" روى البخارى ومسلم "الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب " إن الذي يحلف كذبا غاش والحديث الذى رواه مسلم يقول "من غشنا فليس منا" وعليه أن يكفِّر عن يمينه ويتوب إلى الله برد المظالم إلى أهلها، والذى يقتطع مال امرئ مسلم بغير حق حتى لو لم يكن هناك حلف بالله حرم الله عليه الجنة كما رواه مسلم وأى لحم نبت من سحت فالنار أولى به كما رواه الطبرانى واللقمة من الحرام فى جوف الإنسان تحول دون استجابة الدعاء، بل تمنع قبول عمله أربعين يوما كما رواه الطبرانى ولكثرة ما يقع فيه التجار الحريصون على الدنيا من أخطاء جاء الحديث الذى رواه أحمد بإسناد جيد "إن التجار هم الفجار" قالوا: يا رسول الله أليس الله قد أحل البيع؟ قال "بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون" فلنضع أمام أعيننا جميعا قول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن حبان "لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له، فأجملوا فى الطلب " وقوله "من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يأته منها إلا ما كتب له " رواه ابن ماجه
(9/408)
________________________________________
الرجوع فى الهبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أهدى رجل بنته حليا من الذهب ثم أعطته له ليحفظه أمانة يردها عند الطلب، فلما طلبته رفض، فهل الحلى من حق الأب أو من حق البنت؟

الجواب
الهبة فى الشرع هى تمليك الإنسان شيئا من ماله لغيره فى حياته بلا عوض، فإذا كان التمليك بعد الوفاة كان وصية، وإذا كان بعوض كان هدية أو بيعا.
والهبة فى الحياة بدون عوض مشروعة بل مندوبة لما فيها من تأليف القلوب، وقد جاء فى الحديث الحسن "تهادوا تحابوا" وكما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تقديمها حث على قبولها، ففى حديث أحمد "من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف -أى تطلع- ولا مسألة فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه " وكان عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية، فقد جاء فى رواية أحمد "لو أهدى إلىَّ كراع لقبلت" والكراع من عظام الأطراف.
والهبة تستحق للموهوب له بمجرد العقد حتى لو لم يقبضها، كما قال مالك وأحمد، لكن أبا حنيفة والشافعى شرطا القبض حتى تكون لازمة، والرجوع فى الهبة حرام عند جمهور العلماء، إلا إذا كانت من الوالد لولده، فإن له أن يرجع فيها، لما رواه أصحاب السنن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل لرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطى ولده" وحكم الوالد حكم الوالدة، ويستوى فى الولد أن يكون كبيرا أو صغيرا، ذكرا أو أنثى.
وقال أبو حنيفة: ليس له الرجوع فيما وهب لابنه ولكل ذى رحم من الأرحام، وهو رأى غير قوى لمعارضته للحديث. وجاء فى النهى عن الرجوع فى الهبة حديث الترمذى وغيره وهو حسن صحيح "مثل الذى يعطى العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل،فإذا شبع قاء ثم عاد فى قيئه" وفى إحدى الروايات "ليس لنا مثل السوء، الذى يعود فى هبته كالكلب يرجع فى قيئه".
وبخصوص السؤال نقول: إن هذا الحلى صار من حق البنت عندما قبضته من والدها، لكن يجوز لوالدها أن يرجع فى هذه الهبة، ويصير الحلى من حقه بناء على رأى جمهور الفقهاء المستند إلى الحديث، وأبو حنيفة يقول إنه من حقها هى، وإن كان رأى الجمهور، أقوى لكنى أقول للوالد: إن كنت محتاجا إلى هذا الحلى فهو حلال لك، وإن كنت غير محتاج فأولى أن تكرم به بنتك يعطيك الله على ذلك ثوابا عظيما، اللهم إلا إذا كانت هناك ظروف يقدرها الوالد لمصلحة البنت، والأعمال بالنيات
(9/409)
________________________________________
خيار العيب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
جاءنا السؤال الآتى قمت بعملية مقايضة على سلعة معينة مع شخص آخر وقرأنا الفاتحة على عدم الرجوع، ولكن ظهر لى بعد ذلك أن فى السلعة عيبا لم يكن ظاهرا لى، وبذلك رجعت فى المقايضة، فهل لقراءة الفاتحة كفارة وما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
من أخلاق الإسلام النصح وعدم الغش، ومحبة الخير للغير كما يحب الإنسان لنفسه، وبخصوص البيع صح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لمن يبيع طعاما أخفى تحته طعاما مبلولا "من غشنا فليس منا" رواه مسلم وقال "لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينه له " رواه الحاكم والبيهقى وأحمد وابن ماجه بألفاظ متقاربة فالبائع فى هذه المسألة مذنب ما دام لم يبين للمشترى العيب الذى فى سلعته وهو يعلم به، وقد أثبت الفقهاء خيار الرد بالعيب بعد إتمام التعاقد، بناء على أحاديث صحيحة فى المصراة، وهى الدابة التى يجمع لبنها فى ضرعها وتباع، فيتوهم المشترى أنها كثيرة اللبن ثم يتبين غير ذلك، ومن هذا يتبين أن رد السلعة المعيبة لصاحبها أمر مشروع، وأما قراءة الفاتحة إن اعتبرناها عقدا أو مكملة للعقد فليس لها كفارة، لأنها ليست يمينا باللِّه، وعلى البائع أن يتوب من ذنبه ويعزم أكيدا على ألا يعود إلى الغش مرة أخرى، والحديث الصحيح يقول فى المتبايعين "فإن صدقا وبينا بورك لهما فى بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" رواه البخارى ومسلم
(9/410)
________________________________________
النهى عن أكل حق الغير

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
التقيت فى الخارج بشخص من قريتى وآخر من محافظة بعيدة، وجرى التعامل بيننا، ولما عدت إلى بلدى كان للرجل البعيد دين علىَّ، فقلت لابن قريتى، سدد هذا الدين، من الدين الذى لى عليك ولكنه لم يفعل، وأنا أعرف عنوان هذا الشخص ولا يعرفه أحد، فماذا أفعل؟

الجواب
نشكر للسائل أمانته وخوفه من أكل حق الغير، ونوجه كل من وكِّل إليه أمر أن ينفذه إذا قبله أو يعفيه من قبول هذه الوكالة فإن الإهمال أوقع السائل فى حرج، ونقول للسائل:
عليك أن تبحث عن عنوان صاحب الحق الذى له عليك، ولا تيأس ولا تتعجل بأى تصرف، وبخاصة إذا كان المبلغ كبيرا لا يسكت الطالب عن البحث عنه وقد يكون من الخير أن تحتفظ به وتوصى من معك أن يؤدوه لصاحبه إن طلبه ولو بعد حين فقد يكون فى حاجة إليه ولا تمل من السؤال عنه ليأخذه، ولو حدث أنك استثمرت هذا المبلغ لمصلحتك، فإن لصاحبه إن ظهر، نصيبا فى الربح إن جعلنا ذلك مضاربة، وله الربح كله إن كان الاستثمار تصرفا بغير إذن صاحبه، ولك أجر مادى على هذا الاستثمار، يتفق عليه فإذا عجزت تماما من معرفة هذا الشخص بعد طول المحاولة فتصدق به على نية أن الثواب له وبالله التوفيق
(9/411)
________________________________________
شركة المواشى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى رجل تعاقد مع رجل على شركة مواش بينهما، على أن يكون الأول هو صاحبها عند شرائها، والثانى هو الذى يقوم برعايتها، ونتيجة لإهمال الثانى لم يغلق الحظيرة على المواشى فسرقت، فكيف يفصل بين الطرفين فى هذا الموضوع؟

الجواب
التعاون بين المسلمين مطلوب فى كل ما يعود عليهم بالخير، كما قال تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة: 2 وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم "والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه " رواه مسلم ومن مقتضى هذا التعاون أو من دواعيه، الرحمة والإحساس بحاجة الغير إلى المعونة، وحتى يكون هذا التعاون الرحيم مثمرا يجب أن يوجد تبادل بين الطرفين المعطى والآخذ، فى مشاعر الود وحب المصلحة للجميع، والصدق والأمانة والصراحة في المعاملة. وبدون هذه المشاعر الطيبة والأخلاق الفاضلة لن يثمر التعاون ثمرته المرجوة، حيث يكون التعامل فى جو من النفاق والخداع وفى الحديث الصحيح "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان" رواه البخارى ومسلم ومن أنواع التعاون الجارى فى الريف بالذات أن يشترى إنسان قادر، ماشية ثم يسلمها إلى آخر يجيد مهنة الزراعة وتربية المواشى لأنه فى حاجة إلى هذه الماشية التى لا يمللك ثمنها، ويقوم هو برعايتها فى مقابل استخدامه لها فى الحرث والرى، وانتفاعه بما تدره من لبن، وأحيانا يشترط الطرفان أن يكون الناتج بالولادة مناصفة بينهما.
وإذا كان العقد شريعة المتعاقدين، والمسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، فإن هذا التعاقد يختلف عن عقد الشركة التى تحدث عنها الفقهاء، والتى يكون الربح والخسارة فيها بين الشركاء بقدر أنصبتهم فى الشركة، وهنا لم يدفع الطرف الثانى شيئا من الثمن، وهو ليس من المضاربة عند بعض الفقهاء.
ومن أجل أن المسألة التى معنا فيها منفعة لكلا الطرفين فيمكن تخريجها على أنها من باب الوديعة، فالماشية وديعة وأمانة عند الطرف الثانى الذى لا يملكها، يحرسها ويرعاها بأجر أو بمقابل هو منافعها التى يحصل عليها منها، والمودع عنده يجب أن يحافظ على هذه الأمانة بما يقضى به العرف الجارى، فإذا قصر لزمه العوض. وعلى هذا يجب على الطرف الثانى أن يدفع للأول ثمن الماشية التى سرقت بسبب إهماله.
وحديث "لا ضمان على مؤتمن " ضعيف، ومع ذلك جاء برواية أخرى للدارقطنى تقيده وهى "ليس على المستعير غير المُغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان " والمغل هو الخائن فالوديع لا يضمن إلا لجناية منه على العين، وإهمال رعاية الماشية بعدم إحكام إغلاق الحظيرة عليها يعد جناية، وبخاصة إذا كان متعمدا لذلك فهو خيانة ولابد من الضمان
(9/412)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:02 pm

رواتب موظفى الضرائب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى الراتب الذى يتقاضاه الموظف من مصلحة الضرائب؟

الجواب
معلوم أن العلماء قالوا: يجوز للإمام أن يفرض ضرائب على القادرين إذا لم توُفِ الزكاة بسداد حاجات المحتاجين وإصلاح أحوال الأمة، ومعلوم أن ميزانيات الدول الإسلامية الآن لا تقوم فقط على الزكاة والموارد الأساسية الأولى، بل لها موارد متعددة منها الضرائب والرسوم وغيرها.
وإذا كان فى هذه الموارد شىء حرام فانه لا يميز وحده بعيدا عن الحلال، وإنما يختلط الحلال بالحرام، ويصعب فصل أحدهما عن الآخر، وهنا قال العلماء -كما فى كتاب: إحياء علوم الدين للإمام الغزالى ج 2 ص 115.
لو اختلط حرام لا يحصر بحلال لا يحصر كحكم الأموال فى زماننا هذا لا يحرم تناول شىء منه ما دام محتملا الحلال والحرام، إلا أن يقترن بتلك العين علامة تدل على أنه من الحرام، والدليل على ذلك ما يأتى:
1 - أن أثمان الخمور ودراهم الربا من أيدى أهل الذمة مختلطة بالأموال، وكذلك غلول الأموال وغلول الغنيمة، ومن يوم أن نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الربا فى حجة الوداع ما ترك الناس الربا بأجمعهم، كما لم يتركوا شرب الخمور، ولا تركوا المعاصى، وأدرك أصحاب الرسول الأمراء الظلمة ولم يمتنع أحد منهم عن الشراء والبيع فى السوق بسبب نهب المدينة وقد نهبها أصحاب "يزيد" ثلاثة أيام، والأكثرون لم يمتنعوا عن تلك الأموال مع الاختلاط وكثرة الأموال المنهوبة فى أيام الظلمة.
2 - لو فتح هذا الباب لانسدَّ باب جميع التصرفات وخرب العالم، إذ الفسق يغلب على الناس، ويتساهلون بسببه فى شروط البيع فى العقود، ويؤدى ذلك إلى الاختلاط، ولو قيل: إن الحرام كثر عن أيام السلف فيجب ترك المختلط الآن - أقول ليس حراما وإنما الورع تركه. وقال القرطبى فى تفسيره "ج 2 ص 109 " ما نصه.
قال ابن خويز منداد: وأما أخذ الأرزاق - المرتبات - من الأئمة الظلمة فلذلك ثلاثة أحوال:
ا- إن كان جميع ما فى أيديهم مأخوذا على موجب الشريعة فجائز أخذه، وقد أخذت الصحابة والتابعون من يد الحجاج وغيره.
ب- وإن كان مختلطا حلالا وظلما كما فى أيدى الأمراء اليوم فالورع تركه، ويجوز للمحتاج أخذه.
ج- وإن كان ما فى أيديهم ظلما صراحا فلا يجوز أن يؤخذ من أيديهم ... ولو كان ما فى أيديهم من المال مغصوبا غير أنه لا يعرف له صاحب ولا مطالب فهو كما لو وجد فى أيدى اللصوص وقطاع الطرق، ويجعل فى بيت المال وينتظر طالبه بقدر الاجتهاد فإذا لم يعرف صرفه الإمام فى مصالح المسلمين.
من هذا وغيره نعرف أن أموال الضرائب التى تقوم مالية الدولة عليها وعلى غيرها ولا يتميز فيها الحلال من الحرام يجوز الأخذ منها والانتفاع بها، كما هو حادث فى هذه الأيام من توجيه الميزانية بما فيها لأجل مصالح الشعب من أجور وغيرها ولا حرج فى ذلك
(9/413)
________________________________________
رواتب الأئمة والمؤذنين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول بعض الناس: إن الأئمة والمؤذنين يقومون بواجبهم الذى فرضه الله عليهم، فلا يستحقون أجرا عليه فى الدنيا، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
سبق فى حكم الأجر على قراءة القرآن "ص 458 من المجلد الثانى" ما نقل عن القرطبى فى حكم المصلى بأجرة، وأن الإمام مالكا كره ذلك، والشافعى أجازه وأن أبا حنيفة كرهه.
وذكر الماوردى فى كتابه "الأحكام السلطانية" ص 102 أنه يجوز أن يأخذ الإمام ومأذونه رزقا على الإمامة والأذان من بيت المال من سهم المصالح، ومنع أبو حنيفة من ذلك.
والحق أن الطاعات لا يأخذ الإنسان عليها أجرا، لأنها واجبة عليه سيؤديها حتما إن أخذ أجرا أو لم يأخذ، لكن الطاعات المندوبة كالإمامة والأذان يجوز أخذ الأجر عليها حيث لم تتعين، وبخاصة إذا شغل عنها بتدبير عيشه قد تهمل فيخص ولى الأمر لها ما يغنى القائم بها عن تحصيل رزقه، كما جعل عمر لأبى بكر فى بيت المال ما يغنيه عن التجارة من أجل الإنفاق على نفسه وأهله، وذلك ليتفرغ لمصالح المسلمين
(9/414)
________________________________________
الوصية الواجبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
مات رجل عن أولاده الصغار قبل وفاة أبيه - فهل يحق لأولاده أن يأخذوا ميراث أبيهم أم لا؟

الجواب
إذا مات رجل فى حياة والده، وكان لهذا الرجل أولاد، ثم مات جدهم، فهل يرثون فى جدهم النصيب الذى كان يستحقه أبوهم؟ قال تعالى {كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} البقرة: 180 وقال أيضا {يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} النساء: 11 وقال صلى الله عليه وسلم "لا وصية لوارث " رواه أحمد وأبو داود والترمذى وقال: حديث حسن.
تحدث العلماء عن الآية الأولى: هل نسخت بالآية الثانية، بناء على إحدى روايات الحديث المذكور وهى "إن الله أعطى كل ذى حق حقه، ألا لا وصية لوارث " أو هى باقية لم تنسخ. ثم قالوا فى نظام الميراث:
الابن يحجب أولاد الابن، لكن البنت لا تحجب أولاد الابن، فلو مات رجل وترك أبناء وأولاد ابن مات قبله حُرِم هؤلاء الأولاد من الميراث من جدهم، وتعرضوا للضياع، لكن لو مات وترك بنتا وأولاد ابن مات قبله فإن هؤلاء الأولاد يرثون فى تركة جدهم كعصبة، لهم الباقى بعد أصحاب الفروض.
وتلافيا لضياع أولاد الابن المحجوبين عن الميراث وجد أن بعض العلماء قالوا بوجوب الوصية -حسب الآية الأولى- لمن لم يكن لهم ميراث، وبناء عليه وضع القانون رقم 71 لسنة 1946 م وعمل به فى مصر، من أول أغسطس من العام المذكور، وجاء فى المادة 76 منه:
إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذى مات فى حياته أو مات معه ولو حكما -بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثا فى تركته لو كان حيا عند موته - وجبت للفرع فى التركة وصية بقدر هذا النصيب فى حدود الثلث، بشرط أن يكون غير وارث وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يجب له، وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله.
وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا.
وعلى هذا يكون لأولاد الابن المتوفى فى حياة أبيه وصية واجبة فى تركة جدهم بمقدار ما كان يستحقه أبوهم لو كان حيًّا، وذلك بشروط هى:
1- أن يكون هذا الفرع غير وارث، وهو لا يرث إذا كان هناك عمّ له وهو أخو أبيه.
2- أن يكون الفرع موجودا على قيد الحياة عند موت جده.
3- أن يكون من أولاد الظهور- الأبناء - أو الطبقة الأولى من أولاد البنات.
4- ألا يكون الفرع ممنوعا من ميراث أصله ولا محجوبا به، كأن يكون قاتلا له أو مرتدا.
5- ألا يكون له نصيب فى الميراث من التركة التى وجبت فيها الوصية، كما لو استغرقتها الفروض.
6- ألا يكون المتوفى-الجد- قد أعطى فرعه المستحق للوصية الواجبة ما يساوى نصيب أصله بطريق التبرع. فإن كان قد أعطاه بلا مقابل فلا حقَّ له بطريق الوصية، إلا إذا كان ما أخذه أنقص من استحقاقه، فيستكمل له.
هذا، والمادة 37 من القانون المذكور تقول: تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصى وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه
(9/415)
________________________________________
التجارة فى النجاسات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يشاهد فى بعض القرى أناس يجمعون مخلفات الحيوانات ويبيعونها كسماد للزرع أو وقود للأفران، فهل التجارة فى هذه النجاسات حلال؟

الجواب
فى حديث رواه جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال "لا، هو حرام، قاتل الله اليهود، إن الله لمَّا حرم شحومها جملوه - أذابوه- ثم باعوه وأكلوا ثمنه" رواه الجماعة.
وروى البيهقى بسند صحيح أن ابن عمر رضى الله عنهما سئل عن زيت وقعت فيه فأرة فقال: استصبحوا به، وادهنوا به أدمكم، ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاة لميمونة فوجدها ميتة ملقاة فقال: "هلاَّ أخذتم إهابها فدبغتموه وانتفعتم به" فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة فقال "إنما حرَّم أكلها" رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
قال جمهور العلماء: إن بيع النجس والتجارة فيه حرام والعقد عليه باطل، بناء على الحديث الأول الذى نص على الحرمة وعلى لعن اليهود الذين تاجروا فيه، أما استعمال النجس فهو حلال لغير الأكل بدليل الحديث الثانى وقول ابن عمر.
هذا، واستثنى الأحناف من حرمة البيع والتجارة فى النجس كل ما فيه منفعة، وتبعهم الظاهرية فقالوا: يجوز بيع الأرواث والأزبال النجسة التى تستخدم فى الزراعة والوقود، وكذلك الزيت النجس والأصباغ المتنجسة ما دام الانتفاع بها فى غير الأكل، وحجتهم فى ذلك أن الانتفاع ما دام حلالا فالبيع حلال ما دام يقصد به هذا، وفى غير الأكل، وأجابوا عن حديث جابر بأن حرمة البيع كانت فى أول الأمر عندما كان المسلمون قريبى العهد باستباحة أكلها، فلما تمكن الإسلام من نفوسهم أبيح لهم الانتفاع بغير الأكل
(9/416)
________________________________________
المضاربة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى البنوك الإسلامية نظام للاستثمار يطلق عليه اسم المضاربة، فما هى الصورة الحقيقية لهذه المعاملة وما وجه إباحتها؟

الجواب
المضاربة مأخوذة من الضرب فى الأرض وهو السفر للتجارة كما قالى تعالى {وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله} المزمل: 20 ويطلق عليها اسم القراض، وهو مأخوذ من القرض أى القطع، لأن المالك يقطع جزءا من ماله للتجارة وقطعة من ربحه، وهى عقد بين طرفين، يدفع أحدهما نقدا إلى الآخر ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بنسبة يتفقان عليها.
وهى معاملة جائزة بإجماع الفقهاء، وكانت موجودة قبل الإسلام حيث ضارب النبى صلى الله عليه وسلم لخديجة رضى الله عنها بمالها، وسافر به إلى الشام، ولما جاء الإسلام أقرها، يقول الحافظ ابن حجر: والذى نقطع به أنها كانت ثابتة فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم يعلم بها وأقرها، ولولا ذلك ما جازت ألبتة.
ومن حوادثها أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب، رضى الله عنهم خرجا فى جيش العراق، فلما رجعا مرَّا على أبى موسى الأشعرى أمير البصرة فرحب بهما وأبدى استعداده لخدمتهما، فأعطاهما مالا من مال الله ليوصلاه إلى أمير المؤمنين فى المدينة وأرشدهما إلى استغلاله كسلفة يتجران فيها بشراء سلع من العراق وبيعها فى المدينة يستفيدان من الربح فيها فقبلا منه هذا العرض، وكتب إلى عمر أن يتسلم منهما المال الذى أرسله، فلما قدما وباعا وربحا، قال لهما عمر: أكلَّ الجيش قد أسلف كما أسلفكما؟ فقالا: لا، فقال عمر: أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت وأما عبيد الله فقال: لو هلك المال ضمنَّاه، فأصر عمر على أن يؤدياه، وفى النهاية قال رجل لعمر: لو جعلته قراضا؟ يعنى لو عملت فيه بحكم المضاربة وجعلت لهما نصف الربح؟ فرضى عمر بذلك.
والإسلام أقر هذه المعاملة للحاجة إليها، فقد يكون هناك مالك لمال لا يحسن استغلاله فيعطيه رجلا لا مال له يحسن استغلاله، لتكون الثمرة بينهما، يفيد كل منهما وينشط الاقتصاد، ولا ينقص المال المعطل بإخراج زكاته كل عام، ويجد الفقير عملا حلالا لا يحول دون تعطله والتجائه إلى وسيلة للعيش قد تكون محرمة، كالتسول والسرقة، ففيها تعاون على الخير، واشترط الفقهاء لصحتها أن يكون رأس المال نقدا معلوما، وأن يكون الربح بين العامل وصاحب رأس المال معلوما بالنسبة لا بالقدر المعين، كالنصف والثلث والربع مثلا، وهذا ما عامل عليه النبى صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها، يقول ابن المنذر: اجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض -المضاربة- إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.
وقالوا فى تعليل ذلك: إنه لو اشتُرط قدر معين لأحدهما فربما لا يكون الربح إلا هذا القدر، فيستفيد به طرف دون الآخر، وهو مناف لحكمة المشروعية فى نفع كل من المتعاقدين.
وهناك شرط اختلف الفقهاء فيه وهو إطلاق النشاط وتقييده، فقال مالك والشافعى: لا يجوز تقييد المضاربة بالإتجار فى سلعة معينة أو فى بلد معين، أو فى زمن معين، أو مع شخص معين، لأن التقييد قد يضيع فرصا للربح، لكن أبا حنيفة وأحمد قالا: تصح المضاربة بالإطلاق والتقييد، وفى حالة التقييد لا يجوز للعامل المخالفة، وإلا ضمن، كما شرط حكيم بن حزام مع من يتاجرفى ماله: ألا يجعله فى كبدٍ رطبة أى حيوان ولا يحمله فى بحر، ولا ينزل به فى بطن مسيل، وإلا كان ضامنا لما يتلف منه.
والمفروض فى العامل أن يكون أمينا على المال، فلا يضمن إلا بالتعدى، فإذا تلف شىء منه فلا شىء عليه، ويصدق فى قوله مع اليمين إن ادعى ضياعه أو هلاكه.
ثم قال العلماء: لو أعطى العامل هذا المال أو بعضه لشخص آخر يضارب فيه كان متعديا ويكون ضامنا إن كان فيه خسران، وقال بعضهم: إن كان هناك ربح فهو لصاحب المال، وقال آخرون: الربح للمضارب ويتصدق به.
والعامل الذى يباشر النشاط تكون نفقته فى ماله هو إذا كان مقيما، أو سافر من أجل المضاربة ولا يتحملها صاحب المال، فقد تستغرق الربح كله، والعامل له نصيب فليكن تصرفه فى حدوده، لكن لو أذن رب المال له فى ذلك فلا مانع، فالمؤمنون عند شروطهم والعقد شريعة المتعاقدين.
هذا، وكما يجوز أن يكون المضارب العامل شخصا يجوز أن يكون جماعة أو هيئة أو مؤسسة تقوم بالنشاط التجارى الحلال لا الحرام، ولا تفرض لصاحب المال قدرا معينا بالنسبة لرأس ماله ولا تتحمل هى الخسارة، بل يتحملها رب المال ما دام لا يوجد تقصير منها، فلو ضمنت له قدرا معينا لا يتأثر بخسارتها هى ولا بمقدار ما تربحه بطلت المضاربة، ولو ضاربت هى فى هذا المال بإعطائه لغيرها ضمنت الخسارة، وإن كان هناك ربح فالربح كله لصاحب المال، ولها فى نشاطها أجر المثل، وإن كان أهل الرأى يقولون: إن الربح من حق هذه الجماعة وعليها أن تصرفه فى الخير ولا تتملكه.
ومن هنا يعلم أن البنوك والمؤسسات الأخرى التى تأخذ أموالا من الناس لقاء فائدة محددة بالنسبة لرأس المال لا يصدق عليها أنها تتعامل بنظام المضاربة لأمرين هامين، هما تحديد الربح وتحمل الخسارة، ونظام البنوك يمنع أى نشاط تحتمل فيه الخسارة. ولو قيل إنها وكيلة أو نائبة عن أصحاب الأموال، فإن كل ربح أو خسارة يكون لهم، ولهذه المؤسسات أجر الوكالة فقط، وهذا يتنافى مع الواقع فى نشاطهم الذى نصت القوانين على أن الأموال التى يتلقونها هى من باب القرض الذى يجب رده لصاحبه بعينه أو مثله، فإن شرطت عليه زيادة فهى ربا كما تقدم توضيحه فى ص 74- 82 س من المجلد الأول من هذه الفتاوى
(9/417)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 52644

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:03 pm

الشركات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نقرأ فى بعض كتب الفقه كلاما عن أنواع من الشركات كالعنان والمفاوضة والوجوه، فما هى الفروق بينها وما حكم الشرع فيها؟

الجواب
الشركة كما يقول الأحناف: عقد بين المتشاركين فى رأس المال والربح، والمشاركة فى الخير مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى فى الميراث: {فهم شركاء فى الثلث} النساء: 12، وقال صلى الله عليه وسلم قال تعالى: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما" رواه أبو داود وذكر ابن المنذر أن العلماء أجمعوا على مشروعيتها.
وقسم العلماء الشركة إلى قسمين أساسيين: أحدهما شركة أملاك وهى التى لا يكون فيها عقد، كالمال الموهوب لأكثر من شخص فيقبلانه، وكالمال الموروث لأكثر من شخص، والحكم فيها أنه لا يجوز لأى شريك التصرف فى نصيب الآخر إلا بإذنه.
والقسم الثانى شركة عقود، وهى أنواع:
أ-شركة العنان، أن يشترك اثنان فى مال لهما على أن يتجرا فيه والربح بينهما، ولا يشترط فيها المساواة فى رأس المال ولا فى التصرف ولا فى الربح، فذلك بحسب الاتفاق وعند الخسارة يتحملانها بنسبة رأس المال.
ب- شركة المفاوضة أن يتعاقد اثنان أو أكثر على الاشتراك فى عمل بشرط التساوى فى المال والتصرف والدين، وأن يكون كل واحد كفيلا عن الآخر فيما يجب عليه من شراء وبيع كما أنه وكيل عنه. وقد أجازها الحنفية والمالكية ولم يجزها الشافعى لعسر المساواة فيها بسبب الغرر والجهالة، ولم يصح فى إجازتها حديث، وصورتها عند المالكية أن يفوض كل شريك إلى الآخر التصرف مع حضوره وغيبته وتكون يده كيده، ولا يكون شريكه إلا فيما يعقدان الشركة عليه، ولا يشترط فيها المساواة فى المال.
ج- شركة الوجوه، أن يشترك اثنان فأكثر من الناس دون أن يكون لهم رأس مال وذلك اعتمادا على جاههم وثقة التجار بهم، على أن تكون الشركة بينهم فى الربح، فهى شركة على الذمم من غير صنعة ولا مال، وأجازها الأحناف والحنابلة، وأبطلها الشافعية والمالكية لعدم المال والعمل.
د- شركة الأبدان، أن يتفق اثنان على أن يتقبلا عملا من الأعمال، على أن تكون الأجرة بينهما حسب الاتفاق، كالنجارين والحدادين والحمالين وغيرهم من الحرفيين وهى جائزة عند الجمهور، وأبطلها الشافعى، لأن الشركة عنده تختص بالأموال لا بالأعمال.
إن هذه الشركات بتلك الأسماء لا يعرفها تمام المعرفة إلا المتخصصون فى علم الشريعة، لأن هذه الأسماء حادثة بالاصطلاح ليست شرعية ولا لغوية، كما يقول صاحب كتاب "الروضة الندية" ولذلك هو يرى صحة هذه الشركة بأى اصطلاح يكون ما دام لا يوجد فيها شرط فاسد أو عمل محرم،ورضى الشركاء بها. هذا وقد ذكر ابن قدامة فى كتابه المغنى بعض شركات جائزة منها أن يدفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها وما يرزقه الله منها فهو بينهما حسب الاتفاق، والشافعى وأصحاب الرأى لا يجيزون ذلك وجعلوا الربح كله لصاحب الدابة، وللعامل أجرة المثل، لأن هذه الصورة ليست من صور الشركات وليست مضاربة لأنها لا تكون فى العُروض بل بالتجارة فيها، وهذه لا يجوز بيعها ولا إخراجها عن ملك صاحبها، أما الحنابلة فيجوِّزون ذلك لأنها عين تنمى بالعمل عليها، ولو دفع شبكة إلى الصياد ليصيد بها السمك على أن يكون لكل منهما النصف يصح عند أحمد ولا يصح عند الآخرين فالصيد كله للصياد ولصاحب الشبكة أجر المثل.
ويقول ابن القيم فى "إعلام الموقعين ": لو دفع الشخص بقره، أو غنمه أو إبله إلى آخر يرعاها والدر والنسل بينهما جاز، وكذلك لو دفع إليه دابته يعمل عليها والأجرة بينهما جاز، ولا يوجد كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس يحرم ذلك
(9/418)
________________________________________
كتابة الوصية قبل النوم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل ورد حديث يأمر الإنسان بكتابة وصيته قبل أن ينام؟

الجواب
روى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ما حق امرئ مسلم له شىء يوصى فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده".
الوصية فى الشرع تصرف مضاف لما بعد الموت، وهى تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة، وتكون بطريق التبرع دون مقابل، ويفرق بينها وبين الهبة بأن الهبة تمليك فى حال الحياة، وهى لا تكون إلا بالعين، لا بالدين ولا بالمنفعة.
والوصية مشروعة بالكتاب كما قال تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} البقرة: 18 وكما قال {يا أيها الذين آمنوا شهاده بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم} المائدة:
106 ومشروعة بالسنة للحديث الذى سبق ذكره، ولما رواه ابن ماجه مرفوعا "من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة ومات مغفورا له" وقد أجمعت الأمة على مشروعيتها. ولكن ما هو مدى مشروعيتها؟ هناك ثلاثة آراء:
الرأى الأول: أنها واجبة على كل من ترك مالا، قليلا كان أو كثيرا، وهو مروى عن ابن عمر وطلحة والزبير وبعض التابعين، بدليل آية البقرة المذكورة آنفا.
والرأى الثانى: أنها تجب للوالدين والأقربين الذين لا يرثون الميت، بدليل الآية نفسها، وهو رأى مسروق وابن جرير.
والرأى الثالث: وهو رأى الأئمة الأربعة- أنها ليست فرضا على الوجه المذكور فى الرأيين الأولين بل تعتريها الأحكام الخمسة.
1- فقد تكون واجبة إذا كان على الإنسان حق شرعى يخشى أن يضيع إن لم يوص به كوديعة ودين لله أو لآدمى.
2- وقد تكون مستحبة، وذلك فى الطاعات وللأقارب والصالحين.
3- وقد تكون محرمة، إذا كان فيها إضرار بالورثة، لحديث رواه النسائى مرفوعا برجال ثقات "الإضرار فى الوصية من الكبائر" كما تحرم إذا أوصى بمحرم كالخمر.
4- وتكون مكروهة إذا كان الموصى قليل المال وله وارث أو ورثة يحتاجون إليه، كما تكره لأهل الفسق إن غلب على الظن أنهم يستعينون بها عليه.
5- وتكون مباحة إذا كانت لغنى سواء أكان الموصى له قريبا، أم بعيدا والوصية-كما قال العلماء -من العقود التى يجوز تغييرها والرجوع فيها من الموصى سواء أكان الرجوع بالقول أم بالفعل كالتصرف فيها بما يزيل ملكه عنها بمثل البيع.
هذا، وجمهور العلماء على عدم جواز الوصية بما يزيد على الثلث إن لم يكن له وارث وأجازها أبو حنيفة "نيل الأوطار للشوكانى ج 6 ص 42 ".
ويمكن الرجوع إلى ص 389 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى لمعرفة حكم الوصية للوارث وما أخذ به قانون الأحوال الشخصية فى مصر
(9/419)
________________________________________
من أعمال البنوك

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الشرع فى أخذ البنك فائدة على فتح الاعتماد المستندي؟

الجواب
سبق القول في المجلد الأول من هذه الفتاوى أن أخذ البنك أجرا في مقابل الاعتمادات المستندية جائز، ولتوضيح ذلك تقول:
في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية سنة 1965 م قُدِّم بحثان للدكتور محمد عبد الله العربي، أحدهما بعنوان:
المعاملات المصرفية، وثانيهما بعنوان: طرق استثمار الأموال وموقف الإسلام منها، ويقعان فى ست وأربعين صفحة من القطع الكبير.
وبعد المناقشة قرر المؤتمر في ضمن قراراته: أن خطابات الاعتمادات من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ فى نظير ذلك ليس من الربا.
وفى كتاب: الأعمال المصرفية والإسلام الذى ألفه الأستاذ مصطفى عبد الله الهمشرى والواقع فى مائتين وخمسين صفحة من القطع الكبير، ونشره مجمع البحوث الإسلامية- تحدث عن الاعتمادات المستندية، وعن خطابات الضمان قال:
إن الاعتمادات المستندية التى يتعهد فيها البنك للمصدِّر بدفع المستحقات له على المستورد جائزة، والأجر الذى يؤخذ فى مقابلها جائز، وخرَّج الجواز على أن طبيعة هذا التعامل تدور بين الوكالة والحوالة والضمان، والوكالة بأجر لا حرمة فيها، وكذلك الحوالة بأجر،، والضمان بأجر خرَّجه على ثمن الجاه الذى قيل فيه بالحرمة وبالكراهة وقال بجوازه الشافعية، كما خرجه على الجعالة التى أجازها الشافعية أيضا.
وتحدث عن خطابات الضمان وأنواعها، وهى التى يتعهد فيها البنك بمكتوب يرسله -بناء على طلب عميله- إلى دائن العميل يضمن فيه تنفيذ العميل لالتزاماته، وقال إنها جائزة، وخرَّج ذلك على أنها وكالة أو كفالة، وهما جائزتان، والعمولة عليهما لا حرمة فيها. واعتمد فى دراسته على المراجع والمصادر الاقتصادية وعلى كتب الفقه فى المذاهب المختلفة.
هذا، وقرارات المؤتمر الثانى لمجمع البحوث الإسلامية انتهت إلى أن أعمال البنوك من الحسابات الجارية وصرف الشيكات وخطابات الاعتمادات والكمبيالات الداخلية التى يقوم عليها العمل بين التجار والبنوك فى الداخل -كل ذلك من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ فى نظير هذه الأعمال ليس من الربا، وأن الحسابات ذات الأجل وفتح الاعتماد بفائدة وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة -كلها من المعاملات الربوية وهى محرمة.
ودراسة هذا الموضوع لا تعدو أن تكون نقلا لما كتبه الدكتور العربى والأستاذ الهمشرى وهى دراسة جمعت بين النشاط الاقتصادى وحكم الشرع فى ذلك، والمراجع مذكورة فيها بما يضع الثقة فى هذه الدراسة التى مر عليها عشرات السنين دون اعتراض عليها
(9/420)
________________________________________
نشأة البنوك الربوية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف نشأ نظام البنوك وهل صحيح أن اليهود لهم دور كبير فى ذلك؟

الجواب
إن الربا محرم فى جميع الشرائع السماوية، ومن المعروف أن اليهود يحبون المال حبا جما، لدرجة طغت على الإيمان باليوم الآخر، وجاء عنهم أن جنة الإنسان هى غناه وأن ناره هى فقره، أو من مات غنيا دخل الجنة ومن مات فقيرا دخل النار، وقد جاء فى القرآن الكريم ذمهم لأسباب كثيرة منها الربا الذى جاء فيه قوله تعالى {وأخذهم الربا وقد نهوا منه وأكلهم أموال الناس بالباطل} النساء: 161 وما يزال نشاطهم فى هذه الناحية معروفا إلى الآن.
والتاريخ يتحدث أن البنوك التى ولدت حديثا فى الغرب كان للثورة الصناعية دور كبير فيها، فقد كانت العملة المتداولة هى النقود الذهبية، وكان الأغنياء يودعون أموالهم عند من يشتغلون بصناعة الذهب لحفظها وعدم السطو عليها، ويأخذون منها القدر الذى يحتاجون إليه فى مقابل يُدفع إلى من أودعت عنده، وإذا أراد الغنى الانتقال إلى بلد آخر يستثقل أن يحمل معه ذهبه أو يخشى عليه الضياع، فيأخذ أمرا ممن هى عنده إلى زميل له فى ذلك البلد ليتسلم ما يريد من المال وصارت السندات هى المستعملة بدل حمل النقود لخفتها وضمانها.
ولما كثرت الودائع الذهبية عند "الصيارفة" استغلوها فى الإقراض بفائدة يحددونها على حسب ما يرون من حاجة المقترض، وعند رد القرض بفائدته يستغل مرة ومرات أخرى هكذا.
ومن أجل هذا الحرص على الفائدة كره الناس هؤلاء الصيارفة مع اضطرارهم إليهم - ولما جاءت الثورة الصناعية كثر الإقراض الإنتاجى بعد أن كان للاستهلاك. ومن أجل الحاجة إلى ما عند الصيارفة ومع تحريم الكنيسة للربا - حللته القوانين الوضعية، فتطور مركز الصيرفى وأصبح كل صاحب بنك له احترامه، ونشأت البنوك فى صورة شركات مساهمة، وانهالت الودائع عليها بفائدة ضئيلة تضمن لأصحابها الربح الثابت بدل المخاطرة بها فى المشروعات، وفى الوقت نفسه تقرض البنوك هذه الودائع بفائدة مرتفعة تكسب الفرق بين فائدة الإيداع وفائدة الإقراض ومن هنا انتزعت السيطرة على اقتصاديات العالم فى العصر الحاضر.
ويقول المختصون: إن النظام الربوى فى البنوك جعل أصحابها مسيطرين على اقتصاديات المجتمع بل على سياسته الداخلية والخارجية وتشريعاته وسلوكياته وثقافته وفكره، يمتصون دماءه وهم آمنون، والناس من حولهم كادحون مغلوبون.
وهذا النظام فى الإقراض الإنتاجى دفع المنتج إلى غلاء الأسعار ليسدد القرض وفائدته، وإذا غلت الأسعار انحسر الاستهلاك وتضخم الفائض، ولو أراد المنتج تخفيض السعر ليصرف ما عنده كان ذلك على حساب العمال، إما بتخفيض أجورهم وإما بالاستغناء عن بعضهم، ولذلك عواقبه فى نقص القوة الشرائية وفى خلق البطالة وزيادة انحسار الاستهلاك، وفائض الإنتاج يزداد، ولتصريف الفائض يجئ التفكير فى خلق أسواق غير منتجة، وهى فى البلاد النامية، وهو طريق إلى السيطرة عليها واستعمارها، وذلك يخلق تحكما فى أسعار المواد الخام التى لم تصنعها تلك البلاد غير الصناعية، فتقل أثمانها، ولا تجنى من تصديرها إلا القليل.
إن خير ما يواجه به النظام الربوى لأصحاب البنوك، هو نظام المضاربة بشروطها الشرعية المعروفة التى لا تثرى فيه طائفة على حساب الأخرى، ويسود فيها التشاور والاشتراك الفعلى فى النشاط الذى يحقق الربح للطرفين، "مقتطف من مقال السيد / أحمد عزت الصياد بمجلة الهداية الصادرة فى البحرين - عدد جمادى الآخرة 1415 هـ ديسمبر 1994 م "
(9/421)
________________________________________

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:04 pm

علم الفرائض والمواريث

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل عرف نظام التوريث قبل الإسلام، وما هى القواعد التى نظم الإسلام عليها الميراث؟

الجواب
كان الميراث معروفا قبل الإسلام فى الشرائع الوضعية والأديان السماوية، فقد عرفه اليونان والرومان، وكان يعطى لمن يصلح لرعاية الأسرة وللحروب، وكان للمورث أن يختار قبل موته من يقوم مقامه فى هذه المهمة، سواء أكان من أبنائه أم من اقاربه أم من الأجانب، وقبيل ظهور الإسلام أشركوا المرأة مع الرجل على التساوى فى الميراث.
والأمم الشرقية كان الميراث فيها لأرشد الذكور من الأولاد، ثم الإخوة ثم الأعمام، وليس للمرأة نصيب فيه.
والمصريون القدماء كانوا يورثونها على التساوى مع الرجل، واليهود كانوا يخصون الولد الذكر بالميراث ويحرمون الأنثى، وإن تعدد الأولاد الذكور ورث أكبرهم فقط. جاء فى سفر التكوين " إصحاح 21:15 - 18" أن الابن البكر له نصيب اثنين، فإن لم يكن هناك ذكر فالميراث لابن ابنه، وليس لبنته شىء، ويبدو أن ذلك نسخ، ففى سفر العدد "إصحاح 27: 1 - 11 " أن بنات صلحفاد بن حافر طالبن موسى والعازار والكاهن أن يكون لهن نصيب فى ملك أبيهن، فقدم موسى دعواهن أمام الرب، وانتهى الأمر إلى إعطائهن من الميراث.
والعرب فى الجاهلية كانوا يورثون الذكور فقط، فعندما توفى أوس ابن ثابت وترك امرأته ام كُجَّة وثلاث بنات ـ وفى رواية بنتين ـ وأخاه، قام رجلان هما ابنا عمه ووصيان ـ قتادة وعرفجة، أو قتادة وعرفطة ـ فأخذا المال وحدهما، فشكت الأم إلى النبىٍ صلى الله عليه وسلم فى مسجد الفضيخ، فقالا: أولادها لا يركبن فرسا ولا يحملن كلا ولا ينكين عدوا، فنزلت الآية {يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} وقيل نزلت فى بنات عبد الرحمن بن ثابت أخى حسان بن ثابت.
وعلم الفرائض والمواريث فى الإسلام يتناول الحديث عنه الأمور الآتية:
1ـ المعنى والتسمية: الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة، أى مقدرة، لما فيها من السهام المقدرة والفرض فى اللغة مصدر فرض أى قدر، قال تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة ـ أى قدرتم ـ فنصف ما فرضتم} وفى الشرع: نصيب مقدر شرعا للوارث.
2ـ فضل هذا العلم.
1ـ روى الحاكم وغيره عن ابن مسعود مرفوعا " تعلَّموا الفرائض وعلموها الناس، فإنى امرؤ مقبوض، وإن هذا العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان فى الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما"صححه الحاكم وحسَّنه الآخرون.
2ـ روى ابن ماجه بسند حسن مرفوعا " تعلموا الفرائض فإنها من دينكم، وإنها نصف العلم، وإنه أول علم ينزع من أمتى "نبغ فيه زيد ابن ثابت، كان سنه يوم مقدم النبى إلى المدينة15 سنة، وتوفى سنة45، أو 54 أو 55 هـ وقال عمر: من يسأل عن الفرائض فليأت زيد ابن ثابت. [ابن خلدون لا يحمل هذه النصوص على علم الميراث، فالفرائض اصطلاح للفقهاء] ومن المؤلفين فيه: الماردينى فى شرح الرحبية، وابن ثابت ومختصر القاضى أبى القاسم الحوفى ثم الجعدى من متأخرى الأندلس عند المالكية.
3ـ تاريخه وتدرج تشريعه:
أـ كان الميراث فى الجاهلية أساسه القدرة على رعاية الأسرة، فحصروه فى الرجال دون النساء، وفى الكبار دون الصغار. ولهم فى ترتيب هؤلاء نظام يقدم فيه الأولى على غيره كالأبناء على الاباء والإخوة والأعمام. ويدخل فى الأبناء المتبنون. وكان التبنى معروفا عندهم إذا عدم الرجلُ الأبناء أو أراد الاستكثار منهم.
ب -فى الإسلام كانت هناك خطوات:
فى الابتداء كان أساسه الحلف والنصرة [حتى مع اختلاف االدين] ولذلك دخل مع الأهل من كان لهم موالاة، حيث كان الرجل يقول للآخر، أنت وليى ترثنى وأرثك، وجاء فيه قوله تعالى {ولكلٍّ جعلنا موالى مما ترك والدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} [النساء: 33] .
ثم نسخ فكان بالإسلام والهجرة، {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا} [الأنفال: 72] فانقطعت الولاية بين المؤمن المهاجر وغيره، ممن لم يؤمن، أو آمن ولم يهاجر، ثم نسخ ذلك فجعلت الولاية للأقرب {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله} [الأنفال:75] ولم يكن للتوارث نظام مقدر فترك للرجل أن يوزع ماله قبل موته كما يشاء، قال تعالى {كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} [البقرة:185] لكنهم كانوا يخصون بعضا دون بعض، فيخصون الرجال دون النساء، فقال تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قَلَّ منه أو كثر نصيبا مفروضا} [النساء: 7] . لكن لم يبين نصيب كل وارث، فتولى الله بنفسه توزيع التركة بقوله تعالى {يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... } {ولكم نصف ماترك أزواجكم ... } {يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة ... } [النساء: 11،12، 176] فبيَّن نصيب الأصول والفروع، ثم نصيب الزوجين، ثم نصيب الإخوة والأخوات.
وراعى فى التوزيع جعل حظ الذكر مثل حظ الأنثيين إذا كانت هناك مساواة فى الدرجة، ومشاركة فى سبب الإرث، لأن الأنثى نفقتها فى الأعم الأغلب على غيرها، إن كانت بنتا أو أما أو زوجة. . . وقد يزيد نصيبها على الذكر أو يتساوى عند اختلاف الدرجة، واختلاف سبب الإرث، كالبنت الواحدة مع الإخوة، لها النصف، والنصف الباقى يوزع عليهم، ينال كلاًّ أقلُّ من.
نصيبها وحدها وهو النصف، والتساوى بينهما مع التساوى فى الدرجة لا يوجد إلا فى الإخوة لأم فهم جميعا شركاء في الثلث بالتساوى وإن كانت الآية لا تنص على هذه المساواة فى الظاهر، لكن الإجماع عليها.
وبعد أن نزلت آيه المواريث، قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن الله أعطى كل ذى حق حقه ألا لا وصية لوارث " رواه أحمد وأبو داود والترمذى وحسنه وقال " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى رجل ذكر" رواه البخارى ومسلم، والنص على الذكر مع إمكان الاستغناء عنه بكلمة رجل، لمنعهم من إعطاء الكبار دون الصغار، فالذكر يطلق على الكبير والصغير، بخلاف الرجل فإنه يطلق على الكبير فقط.
وقضى الرسول للجدة بالسدس كما رواه المغيرة بن شعبة ومحمد ابن مسلمة، وحكم أبو بكر بذلك، وأكده عمر، [تاريخ التشريع للخضرى ص 123] .
4ـ الفروض مقدَّرة: قال العلماء دلالة الألفاظ ظنية إلا فى العقائد والحدود والفرائض أى المواريث واصول الإسلام كالفرائض الخمس، فالربع هو الربع والنصف هو النصف لا يراد به غير ذلك. وكذلك الوارثون محدودون، نصيب كل منهم محدد لا يجوز الخروج عليه بعد عصر الخلفاء بالذات الذين امر الرسول بالأخذ عنهم "فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء للراشدين ".
وإذا كان للشيعة رأى فى المواريث فإنه بالنسبة لفاطمة حيث لم يورثها أبو بكر من والدها، لأن الأنبياء لا يورثون، وما تركوه فهو صدقة، ولذلك هم يحكمون بخطأ أبى بكر فى ذلك، ويجعلون ميراث البنت كميراث الابن، فكل منهما داخل تحت لفظ " ولد" لأن كل مولود ولد.
ومن الغريب أن عليًّا رضى الله عنه سلم بحكم أبى بكر، ولم يشأ أن يخرج عليه وهو مستطيع لذلك حيث كان خليفة يطاع أمره، لكن التشيع المتعصب لعب دوره حتى فى أحقية العلويين فى الخلافة بدل العباسيين فالعباس عم النبى صلى الله عليه وسلم وعلىٌّ ابن عمه، فهو مقدم عليه فى الميراث " إن كان " وأولاد على هم بالنسبة للنبى صلى الله عليه وسلم أولاد ابن عمه، والعم مقدَّم على أولاد العم، وكذلك أولاد على من فاطمة هم بالنسبة إلى النبى أولاد بنته، وهم من الأرحام لا نصيب لهم فى الميراث ما دام يوجد عاصب.
ولذلك قال الشيعة:لا نسلم بالعصبة ومرتبتها، فالأقرب هو الذى يرث، وأولاد بنت النبى أقرب إليه من الأعمام، فالميراث فيهم " الحسين والحسن وذريتهما " ليس للعباس وذريته. والحسن والحسين علويان لأنهما أولاد على.
ولذلك قامت حرب فكرية بين العباسيين والعلويين حين استولى العباسيون على الحكم بعد الأمويين. إلى جانب الحرب بالسلاح، وتبلورت هذه الفكرة فى القرن الثانى والثالث الهجرى، ولذلك هجر الشيعة الأحاديث الصحيحة واعتمدوا على أقوال الأئمة المعصومين فى رأيهم، ليطرحوا فكرة العصبة ويقدموا القرابة.
وما يقال اليوم:إن البنت أصبحت كالولد فى عصرنا الحاضر من حيث التعليم والتمتع بالحقوق الأخرى واحترام ملكيتها وتصرفاتها ومسئولياتها، فيجب التساوى بينهما وتقليد مذهب الشيعة فيه ـ لا أصل له فى الدين بعد انتهاء الوحى وإجماع الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، على أن البنت سيتولى الإنفاق عليها ابوها او زوجها أو ولدها، والابن هو الذى سينفق على زوجته وأولاده ووالديه، فحكم الله حكيم {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله} [النساء: 11] .
5ـ الإرث له أسباب: وهى القرابة، كالأبوة والبنوة والأخوة، والمصاهرة بين الزوجين، والولاء عند عتق السيد للعبد، فهو يرثه إن لم تكن هناك قرابة من عصبة أو رحم. وكذلك الإسلام.
والإرث له مو انع: هى 1 ـ الرق.
2ـ القتل. لحديث " ليس للقاتل من تركة المقتول شئ " صححه ابن عبد البر وغيره.
3ـ واختلاف الدين لحديث الصحيحين فيه، وقد أجازه بعض للصحابة والتابعين، ومن للموانع الردة، فالمرتد لا يرث أحدا من المسلمين ولا من غيرهم، ولا يرثه أحد عند الشافعية والمالكية، وذهب أبو حنيفة إلى أن ماله الذى كسبه قبل الردة يورث، وما كسبه بعدها يعد فيئا للمسلمين، أما للمرأة المرتدة فكل ماتركته يورث، سواء كسبته قبل للردة أو بعدها.
والدور الحكمى أن يلزم من توريث شخص عدم توريثه، فيما إذا أقر أخ بابن للميت، فيثبت نسب الابن ولا يرث الأخ لحجبه بالابن.
والإرث له شروط: تحقق موت المورث أو الحكم به عند القضاء لغيابه مثلا، وتحقق حياة الوارث حال موت المورث، ومعرفة إدلائه للميت بقرابة أو نكاح أو ولاء، ومعرفة الجهة المقتضية له تفصيلا.
6ـ ترتيب الوارثين: يقدم أصحاب الفروض، ثم العصبة، ثم مولى العتاقة، ثم عصبة مولى العتاقة إذا كان المعتق رجلا. ثم الرد على ذوى الفروض إلا الزوجين إذا انحصر الميراث فيهم ولم يستغرقوا التركة، ثم ذوو الأرحام، ثم مولى الموالاة [أنت مولاى ترثنى إذا مت وتعقل عنى إن قتلت، فيقول:
قبلت] وأجازه أبو حنيفة، ويثبت لقابل الولاء دون العكس، بشرط أن يكون طالب الولاء حرا، لا وارث له بنوع من أنواع القرابة. . . قال تعالى: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} [النساء: 33] ولحديث البخارى فى ذلك. ومنع ذلك الباقون وهو مذهب زيد.
ثم المقر له بنسب محمول على الغير، ثم الموصى بما زاد على الثلث، ثم بيت المال.
7ـ مما يتعلق بالتركة: الذى يتعلق بها خمسة حقوق مرتبة على الوجه الآتى:
1ـ كل دين متعلق بعين من أعيان المال، مثل العين المرهونة من ماله، فإن حق المرتهن فيها مقدم على تجهيز الميت وتكفينه.
2ـ تكفينه وتجهيزه إلى أن يدفن.
3ـ كل دين لا يتعلق بعين من أعيان التركة.
4ـ تنفيذ الوصايا الشرعية، فإن كانت لبعض الورثة لا تنفذ إلا بموافقة بقية الورثة، وإن كانت لغيره جازت فى حدود الثلث [بعد كل ديونه] بغير حاجة إلى إجازتهم، وإن زادت نفذت قهرا فى الثلث وتوقفت فيما زاد على إجازة الورثة.
5ـ تقسيم التركة [فى قانون المواريث: أولا مؤن التجهيز وثانيا ديون الميت] .
قدَّم الدين على الوصية مع أن القرآن قدمها، لأن النص ورد بذلك فى حديث على: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالدين قبل الوصية، ولأن الدين فرض يجبر المدين عليه ويحبس من أجله، والوصية تبرع وتطوع وهو متأخر عن الفرض وقدمها للحث عليها. والوصية الواجبة مقدَّمة على تقسيم التركة [وقانونها فى مصر رقم 71 فى 6 من أغسطس 1946] وقال به جابر بن زيد وقتادة وابن حزم "انظر الأولويات فى فتاوى الشيخ جاد الحق ج 5ص 296 "
(9/422)
________________________________________
رجوع الأب فى الهبة لوالده

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للأب أن يسترد ما أهداه لابنه بعد خمسة عشر عاما ليعطى منه بعض إخوته؟

الجواب
إذا كان ما أعطاه الأب لابنه بيعا بمقابل ولو كان بسيطا فلا يجوز له استعادته إذا تسلمه الولد، لأنه بالبيع خرج عن ملكه نهائيا وصار ملكا تاما لولده؟ .
أما إن كان الإعطاء هبة بدون مقابل فهى حق للموهوب له بمجرد العقد حتى لو لم يقبضها كما قال مالك وأحمد، لكن أبا حنيفة والشافعى شرطا القبض حتى تكون لازمة.
والرجوع فى الهبة حرام عند جمهور الفقهاء إلا إذا كانت من الوالد لولده فإن له أن يرجع فيها، فقد روى أصحاب السنن - الترمذى وأبو داود والنسائى وابن ماجه - عن ابن عباس وابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل لرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطى ولده " وحكم الوالد حكم الوالدة ويستوى فى الولد أن يكون كبيرا أو صغيرا.
هذا هو رأى الجمهور فى حرمة الرجوع فى الهبة، لكن مالكا قالا: يجوز الرجوع فى الهبة إن بقيت على حالها، فإن تغيرت فلا رجوع، وقال أبوحنيفة: ليس له الرجوع فيما وهب لابنه ولكل ذى رحم من الأرحام، وله الرجوع فيما وهبه للأجانب، ولكن رأيه غير قوى لمعارضته للحديث.
وجاء فى النهى عن الرجوع فى الهبة حديث "مثل الذى يعطى العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب الذى يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد فى قيئه " رواه الترمذى وغيره. وقال: حديث حسن صحيح.
ومن هنا نقول للسائل: إن كان الأب أعطى ممتلكاته أو بعضها لولد على سبيل الهبة بدون مقابل فله الرجوع عند جمهور الفقهاء، وليس له الرجوع عند أبى حنيفة، ورأى الجمهور أقوى
(9/423)
________________________________________
النسب والتوارث فى نكاح المتعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل نكاح المتعة يثبت به النسب للمولود، وهل فيه توارث، وهل يحتاج إلى طلاق؟

الجواب
زواج المتعة هو زواج مؤقت لمدة معينة، وقد أبيح فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم وقتا ما لحاجة الغزاة إليه ثم حرم بعد ذلك -ولم يخالف فى تحريمه إلا بعض الشيعة، مدَّعين أن حله لم ينسخ بالتحريم، وتوضيح ذلك موجود فى الجزء الأول من موسوعة "الأسرة تحت رعاية الإسلام ".
وأكثر المسلمين على حرمة هذا الزواج ورأى ابن مسعود وابن عباس أن الحرمة مشروطة بعدم الاضطرار، فذلك كأكل الميتة يباح للمضطر فقط، ولكن أدلتهم فى ذلك غير سليمة وجاء فى كتاب النهاية، والفتاوى لأبى جعفر محمد بن الحسن أبى على الطوسى المتوفى سنة 460 هجرية، وهو من كُتَاب الشيعة، ونشر كتابه فى طهران سنة 1342 هجرية ما يأتى:
"وليس فى نكاح المتعة توارث، شرط نفى الميراث أو لم يشترط، اللهم إلا إن شرط أن بينهما التوارث، فإن شرط ذلك ثبتت بينهما الموارثة. . .
ويجوز للرجل العزل -لمنع الحمل -وإن لم يكن شرط، ومتى جاءت بولد كان لاحقا به، سواء عزل أولم يعزل.
وجاء فى هذا الكتاب أيضا: وعدة المتمتعة إذا انقض أجلها أو وهب لها زوجها أيامها حيضتان أو خمسة وأربعون يوما إذا كانت لا تحيض وفى سنها من تحيض "من ص 497 - 502 ".
كما جاء فى "ص 182 " من كتاب المختصر النافع لأبى القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلى المتوفى سنة 676 هـ والذى طبعته وزارة الأوقاف المصرية سنة 1376 هـ عند الحديث عن أحكام النكاح المنقطع "نكاح المتعة" ما يلى:
يجوز العزل من دون إذنها، ويلحق الولد وإن عزل، ولكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان ولا يقع بالمتعة طلاق إجماعا ولا لعان على الأظهر، ولا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين.
وقال المرتضى: يثبت ما لم يشترط، السقوط نعم لو شرط الميراث لزم، وإذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر، وإن كانت ممن تحيض ولم تحض فخمسة وأربعون يوما.
وزواج المتعة يترفع عنه كبار القوم الذين يرون حله، ولا يرغبون بديلا عن الزواج الدائم، لأنه الجدير بقيام الأسرة المستقرة، ولا عبرة بما يقال من أن الأطفال يوضعون تحت رعاية المسئولين، فإن الأسرة المستقرة لا ينكر أثرها فى تنشئة الجيل الصالح
(9/424)
________________________________________
حرمان الابن العاق من الميراث

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى أب يريد أن يحرم ابنه من الميراث نظرا لأنه عاق، وكثيرا ما يتعدى على والديه بالإهانة؟

الجواب
إذا مات الإنسان وقد أوصى بحرمان ابنه أو بعض ورثته من الميراث فلا أثر لهذه الوصية، لأن توزيع الميراث شرع الله، لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه، وقد تكون الصورة التى وردت فى السؤال هى عن بيع أو هبة الشخص ما يملكه فى حال حياته إلى بعض الأولاد وحرمان البعض الآخر.
وكلنا أو أكثرنا يعرف حديث النعمان بن بُشير الذى جاء فيه النهى عن تفضيل بعض الأولاد على بعض بهدية من غير مقابل، ولم يشهد النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال "إنه جور" ونصح الآباء أن يسووا بين الأولاد ليكونوا له فى البر سواء.
إن علماء الحديث والفقه نظروا إلى هذا الحديث واختلفت أحكامهم على هذا التصرف فقال جمهورهم -وهم أبو حنيفة ومالك والشافعى-إنه مكروه وليس حراما لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبشير والد النعمان "أشهد على هذا غيرى" ولو كان حراما ما أجاز أن يشهد عليه أحد، وأما أحمد بن خبل فقال: إن هذا التفضيل حرام، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال له "لا أشهد على جور" أى ظلم.
لكنهم جميعا قالوا: محل الكراهة أو الحرمة فى التفضيل إذا لم يكن هناك سبب مشروع، فلو كان أحدهم مريضا أو مدينا دينا كبيرا لا يستطيع كسبه الوفاء به، أو كان صغيرا يحتاج فى مستقبل حياته إلى رعاية. فلا مانع من أن أباه يساعده بشىء مراعاةً لحاله، واستدلوا على ذلك بما حدث من الصحابة، فقد فضل أبو بكر رضى الله عنه عائشة على غيرها من أولاده، وفضل عمر رضى الله عنه ولده عاصما بشىء كما فضل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بعض أولاده على بعض، نصت على ذلك كتب الفقه كالإقناع للخطيب فى فقه الشافعية والمغنى لابن قدامة فى فقه الحنابلة، وقد تقدم القول فى ذلك بإسهاب.
هذا واضح فى المفاضلة فى العطية، أما حرمان بعضهم فإن الحديث وإن كان يدل عليه فقد نص عليه الحنابلة بما جاء فى "المغنى" لابن قدامة "المعجم طبعة الكويت ص 720" من قوله: وإن خص بعض أولاده بعطية لمعنى يقتض التخصيص كزمانة أو كثرة عائلته أو انشغاله بعلم. أو صرف عطيته عن بعضهم لفسقه أو بدعته.
أو لاستعانته بذلك على معصية جاز ذلك، وقيل: لابد من التسوية ويمنع التفاضيل والأول أصح.
هذا نص المغنى، وبناء عليه فلا مانع من حرمان الولد العاق من البيع أو الهبة له كباقى إخوته - وإن كنت أخشى أن يزيد عقوق الولد أو يعامل إخوته معاملة قاسية، وأرجو أن يُبحث عن وسيلة أخرى لتقويم سلوك هذا الولد العاق
(9/425)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:09 pm

حرمان بعض الورثة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للرجل توزيع تركته على البنات إذا لم يوجد أولاد ذكور، وذلك حتى لا يدخل أحد من الأقارب فى الميراث؟

الجواب
يقول الله تعالى {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا} النساء: 7، نزلت هذه الآية فى أوس بن ثابت الأنصارى، حين توفى وترك امرأة يقال لها "أم كُجة" وثلاث بنات له منها، فقام رجلان هما ابنا عم الميت يقال لهما: سويد وعرفجة، فأخذا كل ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا، وكانوا فى الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا فذكرت أم كجة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية وكان الناس يورثون من يشاءون ويحرمون من يشاءون ويفاضلون كما يشاءون. فنظم الله الميراث وأنزل هذه الآية {يوصيكم الله فى أولاكم. . .} فبينت الفرائض وحددتها، وجاء فيها ما يوجب الالتزام بها، فهى للمصلحة التى يعلمها الله سبحانه {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله} النساء: 11.
بل إن هناك آية تدعو إلى إعطاء بعض الأقارب الذين حرموا من الميراث شيئا من تركة المتوفى عند تقسيمها، وهى قوله تعالى {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا} النساء: 8، بناء على أنها محكمة وليست منسوخة كما هو الأصح رواه البخارى عن ابن عباس، وهذا الإعطاء سنة كما قال أبو جعفر النحاس وقال جماعة بالوجوب. ذلك أن للأقارب تطلعا وأملا فى أن ينالهم نصيب مما تركه المتوفى، وبخاصة إذا كانوا فقراء وهو غنى، لكن هذه الآية تخاطب الورثة وهم يقتسمون الميراث، وقيل إنها تخاطب من أشرف على الموت وهو يوصى بتوزيع التركة ألا ينسى أقاربه المحتاجين.
إن الصورة الواردة هى تقسيم الرجل تركته على بناته فقط قاصدا بذلك أن يحرم بعض الورثة مما بقى من ميراث البنات لأنه ليس له ولد ذكر يحجبهم، إذا كان الآية السابقة توصى بإعطاء الأقارب المحرومين من الميراث بعض التركة فما بالكم بمن لهم حق الميراث؟ .
ولئن كان الإنسان حرا فى حال حياته أن يتصرف فى ماله تصرفا حلالا، يعطى من يشاء ويترك من يشاء، سواء كانوا من الأقارب أم من غيرهم، وارثين أم غير وارثين.
ما دام لا يوجد مانع شرعى من التصرف. فإن المندوب إليه أن يترك لورثته شيئا يرثونه من بعده إذا كانوا فى حاجة إليه، كما يدل عليه حديث سعد بن أبى وقاص الذى رواه البخارى ومسلم حيث ذكر للنبى صلى الله عليه وسلم وهو يعوده فى مرضه أنه ذو مال كثير ولا يرثه إلا ابنة واحدة وهو يريد أن يتصدق بماله كله فقال "لا " قال:
فالشطر أى النصف؟ قال "لا " قال فالثلث؟ قال: "الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. . . ".
والرجل -كما فى السؤال -ترك لورثته ما يملك وحبسه على بناته، لكن حرم منه بعض أقاربه المستحقين، فما الذى حمله على ذلك؟ الأمر يرجع فيه إلى رعاية المصلحة، فإن كان يرى أن بناته فى حاجة إلى الرعاية وأن أقاربه فى غير حاجة إلى شىء من الميراث ويخشى عليهن عدم عطف الأقارب عليهن فلا مانع من ذلك، أما إذا كان نصيبهم وهو الثلثان يكفى لعيش كريم وأقاربه فى حاجة ماسة إلى نصيبهم فى الميراث فإن هذا التصرف يكون مكروها، لأنه يورث عداوة بينهم وبين بناته، والكل تجمعهم أسرة واحدة يراد لها أن تسود فيها روح المحبة والتعاون.
ومهما يكن من شى فإن تصرفه فى حياته بالبيع أو الهبة لبناته نافذ. ومنع وارث من حقه لا يكون إلا بعد الموت، وذلك قياسا على تفضيل بعض الأولاد على بعض فإن جميع الفقهاء قالوا: إذا كان هناك مبرر معقول يقره الشرع فلا مانع منه، أما إذا لم يوجد هذا المبرر فإن التفضيل يكون مكروها غير حرام عند الأئمة الثلاثة، ويكون حراما عند الإمام أحمد، ويمكن اعتبار النية فى هذا الموضوع، فالأعمال بالنبات، ولكل أمرى ما نوى كما صح فى الحديث
(9/426)
________________________________________
زكاة التجارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول بعض الناس إن التجارة لا تجب فيها الزكاة لعدم ذكرها فى القرآن الكريم، فهل هذا صحيح؟

الجواب
التجارة هي تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح، والزكاة فيها واجبة، لحديث رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين، ورواه الدارقطنى والبيهقي عن أبي ذر " فى الإِبل صدقتها، وفى الغنم صدقتها، وفي البزِّ صدقته " والبز هو الثياب المعدة للبيع، يعنى أن عينها لا زكاة فيها فوجبت الزكاة في قيمتها التجارية، وهناك دليل ذكره الرملى بقوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة على الذى يُعَدُ للبيع " حاشية الشرقاوى على التحرير ج 1 ص 354" رواه أبو داود والبيهقى عن سمرة بن جندب.
وروى الشافعى وأحمد والدارقطنى والبيهقى وعبد الرزاق عن أبى عمرو عن أبيه قال: كنت أبيع الأدم -جمع أديم وهو الجلد- والجِعَاب -جمع جعبة وهى كيس النبال- فمر بى عمر بن الخطاب فقال: أد صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو الأدم، قال: قوِّمه ثم أخرج صدقته، قال ابن قدامة فى المغنى: وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر، فيكون إجماعا. وقالت الظاهرية: لا زكاة فى مال التجارة. ودليل الجمهور القياس، لأن العروض المتخذة للتجارة مال مقصود به التنمية، فأشبه الزروع والحيوان والذهب والفضة [يعنى لو لم يكن هناك نص مقبول فى وجوب الزكاة فى التجارة فالدليل هو القياس، مع الإجماع على قصة عمر مع صاحب الأدم] .
ولا تجب الزكاة إلا إذا بلغت قيمة السلع نصاب الذهب أو الفضة، وحال عليها الحول، وكانت مملوكة بقصد التجارة لا القنية والإِمساك للانتفاع بها، كما تضم الأرباح الناتجة عن ذلك إليها، ومقدار الزكاة هو ربع العشر، وتخرج من القيمة لا من عُروض التجارة، وأجاز أبو حنيفة إخراج الزكاة من عين السلع كسائر الأموال، وقد مر ذلك فى صفحة 123 من المجلد الثانى وص 505 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى
(9/427)
________________________________________
نقل الزكاة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا أعيش فى بلد مستوى المعيشة فيه مرتفع، ويقل أو يندر أن يكون فيه فقير يستحق الزكاة، فهل يجوز أن أدفعها إلى أقاربى المحتاجين في بلد آخر؟

الجواب
روى الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضى الله عنه إلى اليمن قال فيما قال له " فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة فى أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم " وروى أبو داود وابن ماجه عن عمران بن حُصين أنه استُعمل على الصدقة فلما رجع قيل له: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتنى؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعناه حيث كنا نضعه. وروى الترمذى وحسَّنه أن أبا جُحيفة قال: قدم علينا مصدِّق رسول الله صلى الله عليه وسلم أى عامله على الصدقة، فاخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها فى فقرائنا.
استدل الفقهاء بهذه المرويات على أنه يشرع صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله، واختلفوا في نقلها إلى بلد آخر، بعد إجماعهم على أنه يجوز نقلها إلى من يستحقها إذا استغنى أهل بلد الزكاة عنها.
فقال الحنفية: يكره نقلها، إلا إذا كان النقل إلى قرابة محتاجين، لأن فى ذلك صلة رحم، أو إلى جماعة هم أشد حاجة من فقراء البلد، أو كان النقل أصلح للمسلمين، أو كان من دار حرب إلى دار إسلام، أو كان النقل إلى طالب علم، أو كانت الزكاة معجلة قبل أوان وجوبها وهو تمام الحول، ففى جميع هذه الصور لا يكره النقل.
والشافعية قالوا: لا يجوز نقل الزكاة من بلد فيه مستحقون إلى بلد آخر، بل يجب صرفها فى البلد الذى وجبت فيه على المزكى بتمام الحول، فإذا لم يوجد مستحقون نقلت إلى بلد فيه مستحقون.
وحجتهم فى ذلك حديث معاذ المذكور، والذى ذكره أبو عبيد أن معاذا قدم من اليمن بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم فرده عمر، ولما بعث إليه بجزء من مال الزكاة لم يقبله ورده أكثر من مرة مع بيان معاذ أنه لا يوجد عنده من يأخذها.
والمالكية لا يجيزون نقلها إلى بلد آخر إلا إذا وقعت به حاجة فيأخذها الإمام ويدفعها إلى المحتاجين، وذلك على سبيل النظر والاجتهاد كما يعبِّرون.
والحنابلة لا يجيزون نقلها إلى بلد يبعد مسافة القصر، بل تصرف في البلد الذى وجبت فيه وما يجاوره فيما دون مسافة القصر.
يقول ابن قدامة الحنبلى: إن خالف ونقلها أجزأته في قول أكثر أهل العلم، وإذا كان الشخص في بلد وماله في بلد آخر صرفت في بلد المال لامتداد نظر المستحقين إليه، ولو تفرق ماله فى عدة بلاد أدى زكاة كل مال في بلده. وهذا الحكم فى زكاة المال، أما فى زكاة الفطر فتوزع فى البلد الذى وجد فيه المزكى حين وجبت عليه، لأنها زكاة عن شخصه لا عن ماله.
ومن هنا أقول لصاحب السؤال: إذا وجد مستحق للزكاة فى البلد الذى يعيش فيه صرفت إليه على رأى جمهور الفقهاء، ولا يجوز نقلها إلى أقاربه المحتاجين، أما أبو حنيفة فيجيز النقل للمبررات المذكورة ومنها صلة الرحم، أو شدة الحاجة، ولا مانع من الأخذ برأيه، فهو ينظر إلى المصلحة الراجحة " المغنى لابن قدامة ج 2 - ص 531، 532، نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 161 "
(9/428)
________________________________________
إشهار الزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
جاء فى بعض الأحاديث الأمر بإعلان الزواج وضرب الدفوف، فهل معنى ذلك أن الزوج لو لم يكن قادرا على الإعلان واكتفى بالعقد الشرعى الموثق والمشهود عليه لا يصح زواجه؟

الجواب
المطلوب فى عقد الزواج هو الأشهاد عليه بشاهدين عدلين، وذلك عند سماع الإيجاب والقبول من الزوج والزوجة أو من ينوب عنهما، وهذا الأشهاد كاف فى صحة العقد، واقتضت النظم العصرية أن يوثق ذلك رسميا حتى لا يكون هناك إنكار، وحتى تضمن حقوق الزوجين والأولاد، وبخاصة عند ضعف روح التدين وطهارة الذمم.
أما الإعلان والإشهار، بحضور عدد كبير أو بعمل وليمة أو حفل أو إعلان فى وسائل الإعلام فذلك سنة، ليشيع العلم بهذا الزواج بين كثير من الناس، ولا يشكوا فى علاقة الرجل بالمرأة ولا بالنسل المتولد منهما، والحديث الشريف يقول " أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدفوف واجعلوه فى المساجد " رواه الترمذى وحسنه، لكن ضعفه البيهقى، وهو وإن كان ضعيفا، فهو يدعو إلى الإشهار بالوسائل المتاحة.
ومنها الضرب بالدفوف واجتماع كثير من الناس فى مسجد أو نادٍ أو أى مكان آخر مع الحفاظ على كل الآداب.
ولم يشترط لصحة العقد الإشهار والإعلان إلا الإمام مالك، الذى قال: إن العقد بدون الشاهدين صحيح، فهما شرط لصحة الدخول فى أحد قولين له، والإعلان كاف عنهما، على أن يكون الإعلان وقت العقد ولا يجوز تأخيره وإن أجازه البعض.
يراجع تفصيل ذلك فى الجزء الأول من موسوعة: الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 341 "
(9/429)
________________________________________
قائمة الجهاز

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى تحرير ما يسمى بقائمة أثاث وأجهزة منزل الزوجية عند الزواج؟

الجواب
لا مانع من تحرير قائمة الأثاث عند الزواج ضمانا لحق الزوجة، والمؤمنون عند شروطهم، فقد يكون الأثاث هو مقدم المهر وهو ملك لها، وقد يكون من مالها أو مال أبيها أو غيره فهو ملك لها أيضا.
وأرجو ألا يكون هناك شطط أو مغالاة فى التقدير، وأن يكون الاتفاق على ذلك عند بدء الخطبة حتى تترك الفرصة للخاطب أن يفكر فى ذلك فلعله لا يوافق.
أما أن يكون الكلام عن القائمة عند العقد فغير لائق، فقد يفشل الموضوع وتكون التعليقات اللاذعة.
وهناك تقليد فى بعض الأرياف يأبى أن يأخذ ولى الزوجة قائمة بعفشها، مرددا هذا القول الجميل: أؤمنك على عرضى ولا أؤمنك على عفش؟ .
يعنى أن ولى الزوجة جعلها أمانة عند زوجها يرعاها ويصونها ويكرمها ولا يعمل ما يؤذيها ولا يؤذى أهلها ماديا أو أدبيا، وهذا شىء كبير وحمل ثقيل لا ينبغى أن ينظر بعده إلى متاع مهما كانت قيمته، فهو أمانة صغيرة جدا بالنسبة إلى الأمانة الكبيرة على الزوجة ماديا وأدبيا.
فهل تعود هذه القيم الرفيعة مرة ثانية؟ ذلك شىء يحتاج إلى تربية دينية صحيحة، وحفاظ على التقاليد الأصيلة المشروعة
(9/430)
________________________________________
الرضاع باللبن المجفف وبنك اللبن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل لبن الأمهات إذا جفف يحرم به ما يحرم بالرضاع من اللبن السائل؟

الجواب
ثبت التحريم بالرضاع فى القرآن والسنة، إذا كان فى مدة الحولين، مع الاختلاف بين الفقهاء فى عدد الرضعات التى يثبت بها التحريم.
واللبن إذا كان سائلا وأخذ من امرأة معلومة ورضعه طفل معلوم ثبت به التحريم أما إذا جهلت المرضع أو جهل الرضيع فلا يثبت التحريم، وكذلك الشك لا يؤثر فى ذلك، لأن الأصل عدمه.
وعليه إذا خلط لبن من نساء متعددات غير متعينات، ورضع منه طفل:
هل يثبت به التحريم أو لا؟ لقد أنشئ فى بعض البلاد ما يسمى ببنك اللبن كما أنشئ بنك الدم، وكان العلماء فى حكمه فريقين، الفريق الأول أخذ بالاحتياط والورع وقال: لا يجوز إرضاع الأطفال منه، لأنه قد يترتب عليه أن يتزوج الولد من أخته أو من صاحبة اللبن وهو لا يدرى، والفريق الثانى لم يجد سببا للمنع والحكم بالحرمة، لأنها لا تثبت إلا إذا عرفت الأم التى كان منها اللبن على اليقين، وعند الجهل لا تثبت الحرمة، وإن كان من الورع الابتعاد عنه.
هذا، وقد أفتى الشيخ أحمد هريدى مفتى مصر سنة 1963 م بأن التغذية بهذا اللبن المجموع فى " بنك اللبن " لا يثبت بها تحريم، وجاء فى هذه الفتوى ما نصه: إن اللبن المجفف بطريقة التبخير والذى صار مسحوقا جافا لا يعود سائلا بحيث يتيسر للأطفال تناوله إلا بعد خلطه بمقدار من الماء يكفى لإذابته، وهو مقدار يزيد على حجم اللبن ويغير من أوصافه ويعتبر غالبا عليه، وبالتطبيق على ما ذكرنا من الأحكام لا يثبت التحريم شرعا بتناوله فى هذه الحالة.
وقد انتهى إلى هذا الحكم بعد نقل كثير من أقوال الفقهاء فى مذهب الأحناف، تخريجا على قواعدهم وتوضيح ذلك فى الجز الأول من موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 370 "
(9/431)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:10 pm

أمهات المؤمنين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا جعل الله زوجات النبى صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فى قوله {وأزواجه أمهاتهم} ولم يجعل النبى أباهم فى قوله {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} ؟

الجواب
جعل الله سبحانه زوجات الرسول أمهات المؤمنين بقوله {وأزواجه أمهاتهم} الأحزاب: 6، ولا يقال لهن: أمهات المؤمنات كما روى البيهقى فى سننه عن عائشة رضى الله عنها، وذلك فى نطاق خاص وليس فى كل الأحوال، فيحرم التزوج منهن بقوله تعالى {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما} الأحزاب: 53.
فالعلة هنا هى الزوجية للرسول وليست الأمومة، ولسن كالأمهات فى النظر إليهن والخلوة معهن ونقض الوضوء باللمس والتوارث وفى زواج بناتهن، فقد تزوج على فاطمة وعثمان من رقية ثم من أم كلثوم، وهن بنات السيدة خديجة أم المؤمنين.
والرسول صلى الله عليه وسلم ليس أبا لأحد من رجال المؤمنين، فقد مات أولاده الذكور منها قبل التكليف بأوامر الرسالة، والآية نصت على أنه ليس أبا من النسب لأى رجل من المؤمنين وإن كان أبا روحيا بالرسالة والتعليم كما جاء فى الحديث " إنما أنا لكم مثل الوالد لولده " رواه أبو داود والنسائى وابن ماجه وابن حبان عن أبى هريرة، ورواه أبو يعلى عن عائشة، وفى سنده مصعب بن ثابت، وثقه ابن حبان وضعفه جماعة.
وسبب نزول هذه الآية أن الإسلام أبطل التبنى، وكان الرسول متبنيا زيد بن حارثة من قبل، ولما بطل التبنى وتزوج مطلقته زينب بنت جحش أرجف الكفار وقالوا: محمد تزوج امرأة ابنه، فبيَّن الله أن محمدا ليس أبا من النسب لزيد ولا لأحد من رجال المؤمنين، ومن هنا يصح له أن يتزوج مطلقة من تبناه، فهو ليس ابنا له من النسب
(9/432)
________________________________________
الخروج من الصلاة لدعوة الوالدين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للإنسان أن يقطع صلاته إذا ناداه أبوه أو أمه لأمر هام، أو هل أرد عليه أثناء الصلاة بأننى أصلى؟

الجواب
لا يجوز عند جمهور الفقهاء قطع الصلاة المفروضة لإجابة أحد والدى المصلى، أما صلاة النافلة فيجوز قطعها لإجابة الأم، اعتمادا على حديث جريج العابد الذى نادته أمه فى الصلاةْ فلم يجبها فدعت عليه، والأب كذلك إذا نادى ولده وهو فى الصلاة، بل قال إمام الحرمين: يجيبهما حتى لو كان فى الفريضة ما دام فى الوقت متسع لها.
ولا يجوز الرد عليه أثناء الصلاة بقوله: أنا أصلى، وإلا بطلت صلاته.
والدليل عليه حديث مسلم " إن هذه الصلاة لا يصح فيها شىء من كلام الناس، إنما هى التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ".
الموضوع (6) قضية الذكر والأنثى.
المفتى: فضيلة الشيخ عطية صقر.
مايو 1997 المبدأ: القرآن والسنة.
سئل:
هل يمكن التحكم فى جنس المولود وهل تمكن معرفته قبل ولادته؟ .
أجاب:
قضية الذكورة والأنوثة فى المولود شغلت العالم من قديم الزمان، وحكيت فيها أمور هى أقرب إلى الخيال، ولكن شُغِلَ بها العلماء حديثا، فأصدر العالم " بروك كوبو " فى القرن الثانى عشر كتابين، أحدهما يحلل فن إنجاب الذكور، والثانى يبين كيف تنجب الإناث، وحول هذا الموضوع انعقد فى مدريد خلال شهر إبريل سنة 1976 المؤتمر الطبى الأوربى السادس، وكان الاتجاه إلى أن الرجل هو المسئول بطبيعته عن إنجاب الذكور والإناث، لأنه هو الذى يملك الحيوان المنوى الذى ينقسم إلى نوعين أطلق عليهما العلماء اسم " الكروموسوم س والكروموسوم ص " ورمز إليهن بالحرفين و (x، y) وأما الأنثى فلا تملك فى البويضة سوى ص "X " فإذا تقابل س مع ص، تكون هناك فرصة لإنجاب الذكور. وقد حدد الأطباء نسبة قليلة جدا من الرجال لا تتعدى 9 % لا تملك سوى س فقط أو ص فقط. وهذه النسبة هى التى تنتج نوعا واحدا.
وبناء على ذلك قام العلماء بتطبيقات للفصل بين خلايا الذكورة والأنوثة، ولهم فى ذلك عدة طرق، بعضها يقوم على التغذية كما فعل الدكتور " جوزيف ستولكو ويسكى " أستاذ الفيزيولوجيا بكلية العلوم بباريس، والدكتور " لورين " بمستشفى القلب المقدس فى مونتريال بكندا (روز اليوسف 26/11/1979، الأهرام 4/4/1976) وبعضها يقوم على عامل الزمن كما جاء فى كتاب العالم النمسوى " د.
أوجسمت بوروسينى " (أهرام 7/7/972 1، مجلة النهضة بالكويت 21/8/1976) وبعضها يقوم على فصل الخلايا، إما بالدش المهبلى أو التيار الكهربائى أو باستعمال أقراص تؤدى هذا الغرض (أهرام 7/7/ 1972 مجلة الرائد الكويتية 15/8/1974) . وعلمنا من هذه المحاولات للتحكم فى نوع الجنين أن نسبة النجاح فيها كانت حوالى 80 % وأن للعوامل النفسية والعقلية دخلا كبيرا فى صلتها بالأجهزة التى تفرز مادة الجنس، وللظروف المحلية فى الزوجين وغيرهما كذلك دخل كبير فى تكوين الجنين وتحديد نوعه، بل فى أصل الحمل.
وهذا يدل على أن جهود العلماء فى هذا المجال ليست صحيحة 100 % مما يؤكد أن قدرة الله هى المؤثر الأول والمتحكم بثقة فى نوعية الجنين، لأنه هو المالك لكل هذه العوامل، والأسباب، مصداقا لقوله تعالى {للَّه ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير} الشورى: 49، 50، وعلى الرغم من تقرير الإِسلام لذلك فإن هناك تطلعات بين المسلمين تحاول معها أن يرزقهم الله نوعا من المواليد، وهو الذكور غالبا، وأكثر هذه المحاولات أدعية وأذكار فى أوقات معينة، مما يدل على أن الأمر كله بيد الله سبحانه، ونحن لا نشك فى أن الدعاء من وسائل تحقيق الرغبات إذا تمت شروطه المعروفة، ولكن بعض الأدعية الخاصة بإنجاب الذكور موضوعة لا أصل لها من قرآن أو حديث، ومنها ما هو موجود فى الكتب الطبية أو كتب الخواص ونحوها، مثل ما جاء فى كتاب "مفيد العلوم ومبيد الهموم للخوارزمى ص 85 " أن من أراد الولد فليقرأ عند الجماع {قل هو الله أحد. . .} ثم يقول: اللهم ارزقنى من هذا الجماع ولدا أسميه محمد أو أحمد، يرزقه الله الولد، وقد جرب ذلك كثيرون فرزقهم الله أولادا.
انتهى.
هذا، وقد ورد فى صحيح مسلم عن ثوبان أن يهوديا جاء يسأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الولد، فقال له " ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فَعَلاَ مَنى الرجل مَنِىَّ المرأة أذْكَرا بإذن الله، وإذا عَلا منى المرأة منى الرجل أنْثَى بإذن الله " فقال اليهودى: صدقت وإنك نبى.
وقد بيَّن ابن القيم فى كتابه " أقسام القرآن " ص 205 - 215 كيفية تخلق الجنين من ماء الرجل والمرأة، واستشكل فى كتابه "تحفة الودود" الإذكار والإِيناث لمن علا ماؤه، لأن ذلك ليس له سبب طبيعى، بل هو مستند إلى مشيئة الله. ولهذا قال فى الحديث الصحيح فيقول الملك:
يا رب ذكر؟ يا رب أنثى. .؟ ويقول: وأما حديث ثوبان فانفرد به مسلَّم. وهو صحيح، لكن فى القلب من ذِكْرِ الإيناث والاذكار فيه شىء، هل حفظت هذه اللفظة أو هى غير محفوظة، والمذكور إنما هو الشبه كما ذكر فى سائر الأحاديث المتفق عليها "ثلاثيات أحمد ج 2 ص 73، 4 7 ". انتهى.
وأقول: على ضوء ما ذكر من احتواء نطفة الرجل على عناصر التذكير والتأنيث، واقتصار بويضة الأنثى على عنصر التأنيث بأَلاَ يمكن أن يفسَّر عُلُوُّ ماء أحدهما على الآخر بِسَبْقِ حامل، عنصر التذكير فى النطفة إلى تلقيح البويضة، فيمكن أن يكون المولود ذكرا، وبغَلَبَة عنصر الأنوثة فى المرأة إذا لقحت بويضتها بعنصر الأنوثة فى منى الرجل؟ وعلى كل حال فإن الحديث لم ينس أن يذكر مع ذلك كلمة " بإذن الله " للدلالة على أن المتحكم الحقيقى هو الله سبحانه.
هذا، وأما معرفة نوع الجنين قبل ولادته فقد بذلت لها محاولات كثيرة قديمة وحديثة لا مجال لذكرها، ولكن كل المحاولات ظنية وليست يقينية، ولئن عرف نوع الجنين فلا يعرف كل ما كتب له من عمر ورزق وشقاء أو سعادة كما صح فى حديث البخارى ومسلم، والمعرفة الظنية أو الناقصة غير الشاملة لا تتعارض مع علم الله اليقينى والشامل لكل أحوال الجنين، كما يدل عليه قوله تعالى {هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء} آل عمران: 6، وقوله {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده بمقدار} الرعد: 8.
ويذكرنى ما قاله العلماء من أن الرجل عليه الدور الأكبر فى تحديد نوع الجنين بما يحمل من الكروموسومات، ما جاء فى أشعار العرب مشيرا إلى ذلك، بصرف النظر عن مصدر علمهم به، فقد جاء فى العقد الفريد لابن عبد ربه "ج 2 ص 87" أن أبا حمزة الضَبىّ تزوج امرأة يبتغى من ورائها ولدا تلده، فولدت له إناثا فى عدة مرات، فهجر فراشها،، ثم سمعها مرة تقول وهى ترقص بنتها وكان يأوى إلى بيت جيرانها:
ما لأبى حمزة لا يأتينا * يظل فى البيت الذى يلينا غضبان ألا نلد البنينا * تالله ما ذلك فى أيدينا فنحن كالأرض لزارعينا * تُنْبِتُ ما قدر زرعوه فينا فأحس أن امرأته لا ذنب لها فى ذلك فرضى عنها
(9/433)
________________________________________
الزواج بين الإنس والجن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يمكن أن يحدث زواج بين الإنس والجن؟

الجواب
الكلام فى هذا الموضوع فى مقامين، الأول إمكان حدوثه والثانى مشروعيته. وقد فصل هذين المقامين المحدث الشبلى الحنفى المتوفى سنة 769 هـ فى كتابه " آكام المرجان " كما تحدث عن ذلك الدميرى فى كتابه " حياة الحيوان الكبرى ".
أولا - إمكان التزاوج بين الإنس والجن، قد أثبته الجمهور مستدلين بقوله تعالى لإبليس {وشاركهم فى الأموال والأولاد} الإسراء: 64، ويوضح هذه المشاركة ما ذكره ابن جرير فى " تهذيب الآثار " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إذا جامع الرجل امرأته ولم يسم انطوى الشيطان إلى إحليله فيجامع معه ".
ويقول الشبلى: إن المنكرين لإمكان المناكحة اعترضوا بأن الجن خلقوا من نار، والإنس من العناصر الأربعة. وهذا يمنع وجود النطفة الإنسانية فى رحم الجنية - ثم يرد عليهم بأن الجن وإن كانوا خلقوا من نار إلا أنهم لم يبقوا على عنصريتهم النارية، بل استحالوا عنها بالأكل والشرب والتوالد، كما استحال بنو آدم من عنصرهم الترابى بذلك.
ويقول أيضا: إن الذى خلق من نار هو أبو الجن، كما خلق آدم أبو الإنس من تراب وأما ذرية كل منهما فليست مخلوقة مما خلق منه أبوهما، وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بأنه وجد برد لسان الشيطان الذى عرض له فى صلاته على يده لما خنقه. وفى رواية قال النبى صلى الله عليه وسلم " فما زلت أخنقه حتى برد لعابه " فبرد لسان الشيطان ولعابه دليل على أنه انتقل عن العنصر النارى.
ثم يقول الشبلى أيضا فى رده على المنكرين: لو سلمنا عدم إمكان العلوق -أى وجود نطفة الإنس فى رحم الجنية - فلا يلزم منه عدم إمكان الوطء فى نفس الأمر، كذلك لا يلزم من عدم إمكان العلوق عدم جواز النكاح شرعا، لان الصغيرة والآيسة والعقيم اللاتى لا يمكن العلوق معهن يجوز نكاحهن شرعا.
هذه هى أدلته النظرية، ويورد أدلة واقعية فينقل أخبارا عمن يثق بهم، أن هذه المناكحات حدثت بالفعل.
ثانيا - أما مشروعية النكاح بين الجنسين فيذكر الشبلى عنها أن للعلماء فى ذلك رأيين:
الأول: المنع، ونص عليه جماعة من أئمة الحنابلة. وينقل عن الفتاوى السراجية النهى عنه، واستدلوا بقوله تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} النحل: 72، وقوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} الروم: 21، موجهين استدلالهم باختلاف الجنسين، وتفسير المودة بالجماع، والرحمة بالولد. كما يستدلون بما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
والرأى الثانى الجواز، ونقل عن الحسن البصرى وقتادة وغيرهما.
وشهد الأعمش نكاحا للجن بجهة " كوثى " كما ذكره أبو بكر الخرائطى، وسيأتى ما نسب إلى مالك فى ذلك. وحجة هؤلاء فى عدم المنع أن الأصل فى التكليف أنه يعم الفريقين الإنس والجن، وليس هناك ما يخصص هذا التعميم بالنسبة للمناكحة بينهما كما قالوا: إن فى أدلة المانعين نظرا، لأن الآيتين المذكورتين لا تنصان على التحريم. فاختلاف الجنس لا نص على منعه من النكاح، والمودة والرحمة لا يتعين تفسيرهما بالجماع والولد. وحديث النهى عنه مردود بأنه مرسل ومن طريق ابن لهيعة، وهو مطعون فيه، وإن صح فيجوز حمله على الكراهه لا التحريم.
وأصحاب الرأى القائل بالجواز يكرهون هذا النكاح، لأنه لا يحدث به تمام المودة والرحمة، لاختلاف الجنس، ولعدم الاطمئنان على حل المشكلات التى تحدث بين الزوجين، من لعان وإيلاء وطلاق وتحصيل نفقة، وما إلى ذلك من الأمور التى ذكرها الفقهاء فى هذا الصدد.
كما أن الإمام مالكا أورد وجهة نظر فى الكراهة لها قيمتها، فقد قيل له: إن ها هنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال، فقال: ما أرى بذلك بأسا فى الدين، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها: من زوجك؟ قالت: من الجن، فيكثر الفساد فى الإسلام بذلك، يريد أن الزانية قد تبرر حملها بزواجها من جنى وقد أورد ذلك أبو عثمان سعيد بن العباس الرازى فى كتاب " الإلهام والوسوسة" فى باب نكاح الجن.
وهذا فى تزوج الجنى من الإنسية، أما العكس فظاهر كلامه عدم الكراهة انتهى.
بعد هذا أرى أن الأصل فى نكاح الجن هو الحل، لعدم ورود ما يمنعه، ولكنه مكروه طبعا. . وفى الإنس متسع لمن يريد المودة والرحمة واستقرار الحياة الزوجية وخدمة المجتمع البشرى " انظر الجزء الأول من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/434)
________________________________________
الدخول بالمرأة والخلوة بها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لو عقد شخص على امرأة ثم قبَّلها أو سافر بها فى مكان بعيد عن أهلها ولم يتصل بها جنسيا ثم طلقها، هل يعتبر طلاقا قبل الدخول أو بعده؟

الجواب
الدخول الحقيقى الذى تترتب عليه أحكامه يحصل باللقاء الجنسى المعروف، وذلك عند جمهور الفقهاء، فالتقبيل أو الخلوة الخالية من ذلك لا تترتب عليه أحكام الدخول، لكن الإمام أبا حنيفة جعل للخلوة أحكاما تشترك فيها مع الدخول، واشترط أن تكون الخلوة صحيحة، وتكون صحيحة إذا كان الزوج مع الزوجة فى مكان يأمنان فيه من دخول أحد عليهما أو إطلاعه على سرهما، وألا يكون هناك ما يمنع من الاختلاط، مستدلا بما رواه الدارقطنى " من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل " وبما روى عن زرارة بن أبى أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أرخى عليها الستور وأغلق الباب فلها الصداق كاملا وعليها العدة، دخل بها أم لم يدخل. وحكى الطحاوى من أئمة الحنفية أن على هذا إجماع الصحابة من الخلفاء الراشدين وغيرهم.
فإذا لم تكن الخلوة صحيحة فلا تكون فى الحكم كالدخول. كأن كانا فى مكان لا يأمنان فيه من دخول أحد أو إطلاعه عليهما، أو كان معهما شخص ثالث يعقل، أو كان هناك مانع من الاختلاط.
والمانع إما حسى كالمرض أو صغر السن، أو كانت الزوجة بها مانع خلقى لا يمكن معه الاختلاط، وإما مانع شرعى كالحيضى أو صيام رمضان أو إحرام بالحج أو العمرة.
والخلوة الصحيحة تشارك الدخول الحقيقى عند الأحناف فى أحكام وتخالفه فى أحكام، فالمشاركة فى خمسة:
ا -تأكد المهر كله للزوجة.
2-وجوب العدة عليها إذا وقعت فرقة بعد الخلوة بها.
3- وجوب نفقة العدة على المطلق.
4 -ثبوت نسب الولد منه.
5 - حرمة التزوج بامرأة أخرى محرم لها كالأخت وتزوج خامسة وذلك فى أثناء العدة.
6 -وقوع الطلاق عليها ما دامت فى العدة.
والمخالفة فى سبعة:
ا - لا يثبت بها إحصان فلا ترجم إن زنت.
2 - حرمة الربيبة فإن الشرط الدخول بأمها دخولا حقيقيا.
3- حل المطلقة ثلاثا لا يكون إلا بالدخول.
4 - الرجعة فلا تحصل عنده إلا بالاتصال الجنسى.
5 -إرجاعها بدون عقد فلا يجوز إلا بعد الدخول الحقيقى.
6 -الميراث فلا يرث أحدهما الآخر قبل الدخول الحقيقى لو طلقها ومات فى العدة.
7 - لا تعامل معاملة الثيب لو طلقها قبل الدخول الحقيقى وأرادت أن تتزوج. بل تعامل كالبكر. [ملخص من كلام الشيخ عبد الرحمن تاج فى كتابه " أحكام الأحوال الشخصية ص 131 - 1136] .
ثم تحدث عن المذاهب بخصوص المهر، فقال: إن الخلوة الصحيحة توجب المهر كله عند الحنفية والحنابلة، ولا توجبه عند الشافعية، وأما المالكية فقالوا: إن اختلى بها مدة طويلة كسنة مع عدم الموانع من المخالطة، كانت الخلوة كالدخول فى تأكد المهر كله حتى لو اعترف الطرفان بعدم المخالطة. ويراجع الكتاب لاستكمال رأى المالكية انظر تفسير القرطبى فى سورة النساء "وقد أفضى بعضكم إلى بعض "ج 3 ص هـ. 2، ج هـ ص 102
(9/435)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:19 pm

نقل الدم والمصاهرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
مرض ابن عمى واحتاج إلى نقل دم، فأعطيته من دمى، فهل يحرم عليه أن يتزوجنى؟

الجواب
تحريم الزواج يكون بسبب النسب أو الرضاعة أو المصاهرة، فبعد أن ذكرت الآية: 22 تحريم زوجة الأب، وذكرت الآية: 23 تحريم الأمهات وغيرها، وذكرت الآية: 24 تحريم المتزوجات، وكل ذلك من سورة النساء، جاء فى الآية الأخيرة قوله تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلكم} وفى الحديث النهى عن الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها.
فليس من أسباب التحريم نقل الدم، ولا يجوز أن نقيسه على الرضاع، لأنه قياس مع الفارق، فالدم بذاته ليس مغذيا وإنما هو ناقل للغذاء، واللبن فى أصله غذاء.
وحتى لو فرض أن الدم مثل اللبن فيشترط أن يكون نقل الدم فى سن الحولين، أى فى الصغر.
أما النقل بين من هم أكبر من سنتين فلا يضر أبدا، كالرضاع بعد الحولين، كما يعتبر عدد مرات نقل الدم، فلا بد أن تكون خمس مرات معلومات كما ذهب إليه الإمام الشافعى فى الرضاع.
والخلاصة أن نقل الدم لا يحرِّم المصاهرة
(9/436)
________________________________________
طلاق المريض

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوج رجل بعد وفاة زوجته، وكره أولاده ذلك حتى لا تقاسمهم فى ميراثه، فطلقها فى مرضه الذى مات فيه، فهل ترث منه أو لا؟

الجواب
مرض الموت هو المرض الذى يغلب على الظن موت صاحبه به ويلازمه حتى الموت، وقد يكون ذلك بتقرير الطبيب، أو بشعور المريض بأنه لم يعد يستطيع أن يزاول أعماله الخفيفة خارج البيت كالذهاب إلى المسجد أو إلى الأماكن التى يقضى منها بعض حاجاته.
فإذا طلق الرجل فيه زوجته طلاقا رجعيا ولو كان برضاها ثم مات قبل انقضاء عدتها فإنها ترث منه، كما لو طلقها حال صحته.
أما إذا طلقها طلاقا بائنا يقصد به حرمانها من الميراث، وكان الطلاق بعد الدخول وبغير رضاها وكانت أهلا لأن ترثه لو مات حينئذ، واستمرت على ذلك إلى أن مات قبل انقضاء عدتها منه فإنها ترثه، معاملة له بنقيض مقصوده وتستحق نصيبها فى التركة. مع نفاذ الطلاق واعتباره بائنا على كل حال. لكن إذا ماتت المرأة قبل الرجل فإنه لا يرثها ولو كان موتها قبل انتهاء العدة.
ومن هذا يعلم أن الطلاق البائن فى حال الصحة أو فى حال المرض الذى لا يغلب على الظن الهلاك به لا يكون طلاق فرار فلا ترث منه، وكذلك إذا كان الطلاق قبل الدخول بها لأنها صارت أجنبية من كل الوجوه حيث لا عدة عليها، وثبوت الحق فى الميراث إذا حصل الموت قبل انتهاء العدة، وإذا أبانها فى مرض الموت برضاها فلا ميراث لها.
ولو كانت عند الإبانة غير أهل لاستحقاق الميراث كأن كانت كتابية فلا ترث، وذلك لاختلاف الدين، وكذلك لو مات بعد انقضاء عدتها فلا ترث.
ومذهب الإمام أحمد أن المطلقة للفرار من الإرث ترث من مطلقها حتى لو مات بعد انقضاء عدتها ما لم تتزوج بزوج آخر، ومذهب مالك أنها ترثه حتى بعد زواجها بغيره ولو كان هذا الغير عاشر الأزواج بعده.
هذا، ومثل مرض الموت كل حالة يغلب على الظن فيها الهلاك، مثل المبارزة بالسيوف كالتى كانت تحصل فى القتال قبل اشتباك الجيوس، وانكسار سفينة فى عرض البحر وغرقها وتمسكه بأحد أجزائها، أو كان غرقها متوقعا لشدة العواصف والأمواج، وكذلك الحكم النهائى بالإعدام، والوجود فى بلد فيه وباء أصاب أهل داره والدور المجاورة " انظر كتاب أحكام الأحوال الشخصية ص 283 وما بعدها " للشيخ عبد الرحمن تاج، وكتاب " أحكام الأسرة فى الإسلام " للشيخ محمد مصطفى شلبى ص 535 وما بعدها
(9/437)
________________________________________
طلاق الغضبان

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يقع طلاق الغضبان؟

الجواب
روى أبو داود والحاكم وصححه على شرط مسلم أن النبى @ قال " لاطلاق ولا عتاق فى إغلاق " وفسر أحمد بن حنبل الإغلاق بالغضب، وفسره غيره بالإكراه، وفسر بالجنون أيضا. وقيل: هو نهى عن إيقاع الطلاق الثلاث دفعة واحدة، فيغلق عليه الطلاق حتى لا يبقى منه شىء.
وجلعوا الغضب ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
الثانى: ما يكون فى مبادئه، بحيث لا يمنع صاحبه عن تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه بلا نزاع. والثالث أن يستحكم ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، فهذا محل نظر، وعدم الوقوع فى هذه الحالة قوى متجه.
وأنصح من يستفتون أن يصدقوا فى تصوير حالة غضبهم، فكثير منهم يدعى زوال عقله، وليس للمسئول إلا ما يسمعه منه، فعلى السائل أن يتقى الله سبحانه.
" الفتاوى الإسلامية مجلد 6 ص 029 2 ومجلد 9 ص 3155"
(9/438)
________________________________________
طاعة الوالدين فى الزواج والطلاق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى بعض الأحوال يضغط الأب أو الأم على الابن أن يتزوج امرأة معينة، أو أن يطلق زوجته، ويهددانه بالغضب عليه إن لم يفعل، أو بالحرمان من الميراث مثلا، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
مخالفة الوالدين فى اختيار الزوج أو الزوجة حرام إذا كان لهما رأى دينى فى الزوج أو الزوجة يحذران منه. أما إذا كان رأى الوالدين ليس دينيا، بل لمصلحة شخصية أو غرض آخر - والزواج فيه تكافؤ وصلاح - فلا حرمة فى مخالفة الوالدين.
ومطلوب أن يكون هناك تفاهم بالحسنى بين الطرفين، رجاء تحقق الاستقرار فى الأسرة الجديدة، وحتى يتحقق الغرض الاجتماعى من الزواج الذى ليس هو علاقة خاصة فقط بين الزوج والزوجة، وإنما هو علاقة أيضا بين أسرتين، وفيه دعم للروابط الاجتماعية.
ويقاس هذا على إرغام الوالدين لولدهما على طلاق زوجته التى يحبها ويستريح لها، فقد روى الترمذى وصححه أن: عمر رضى الله عنه أمر ابنه أن يطلق زوجته فأبى، فشكاه للرسول صلى الله عليه وسلم فأمر بطلاقها، لكن سئل أحمد بن حنبل بعد ذلك فى مثل هذه الحالة فقال للسائل:
لا تطلق زوجتك، فذكر له حادث عمر، فقال أحمد: إذا كان أبوك مثل عمر فطلقها. والمعنى أن عمر كانت له نظرة دينية فى زوجة ابنه، لكن غير عمر ليست له هذه النظرة، فهى غالبا نظرة شخصية ولتحقيق غرض معين يكون من ورائه هدم أسرة يستريح لها الابن خلقا ودينا.
صح أن إبراهيم عليه السلام أمر ولده إسماعيل أن يطلق زوجته الأولى، مُكنِّيًا عن ذلك بتغيير عتبة الباب، كما رواه البخارى، وذلك لأنه وجدها تتأفف من عشرته فقد تكون فتنة لزوجها، وقال الإمام الغزالى فى " الإحياء ج 2 ص 51 " بعد ذكر حديث ابن عمر: فهذا يدل علي أن حق الوالد مقدم، ولكن والد يكرهها لا لغرض، مثل عمر.
وعلى هذا يحمل ما ورد من أمر أبى بكر الصديق ولده عبد الله أن يطلق زوجته عاتكة، وما أخرجه أحمد عن معاذ بن جبل، أوصانى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات، وذكر منها " ولا تعص والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك " وما جاء فى صحيح ابن حبان أن رجلا سأل أبا الدرداء فقال له، إن أبى لم يزل بى حتى زوجنى، وإنه الآن يأمرنى بطلاقها. قال: ما أنا بالذى آمرك أن تعق والديك، ولا بالذى آمرك أن تطلق امرأتك، غير أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الوالد أوسط أبواب الجنة، فحافظ على ذلك إن شئت أو دع " قال فأحسب أن عطاء - وهو الراوى - قال فطلقها.
هذا، وقد رأى جماعة أن الطاعة فى تطليق الزوجة تكون للأب لا للأم، قال ابن تيمية فيمن تأمره أمه بطلاق امرأته: لا يحل له أن يطلقها، بل عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها " غذاء الألباب ج 1 ص 332 " وجاء فى هذا الكتاب أن ابن تيمية علل عدم طاعة الوالدين فى زواج امرأة معينة: إذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر طبعه عنه، مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه، كان النكاح بذلك أولى، فإن أكل المكروه ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذى صاحبه ولا يمكن فراقه " ص 334 " راجع الجزء الخامس من موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/439)
________________________________________
الطلاق المعلق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل قال لزوجته: إن خرجت من البيت فأنت طالق فهل يقع الطلاق لو خرجت؟

الجواب
الطلاق المعلق هو الذى يقصد به إثبات شىء أو نفيه، أو الحث على فعل شىء أو تركه. وفيه أقوال خمسة ذكرها ابن القيبم فى كتابه " إغاثة اللهفان " ص 5 6 2 - 67 2 وملخصها هو: - 1 -أنه لا ينعقد، ولا يجب فيه شىء. وعليه أكثر أهل الظاهر، لأن الطلاق عندهم لا يقبل التعليق كالنكاح، وعليه من أصحاب الشافعى أبو عبد الرحمن.
2-أنه لغو وليس بشىء وصح ذلك عن طاووس وعكرمة.
3- لا يقع الطلاق المحلوف به ويلزمه كفارة يمين إذا حنث فيه.
وبه قال ابن عمر وابن عباس وغيرهما.
4 -الفرق بين أن يحلف على فعل امرأته أو على فعل نفسه أو على فعل غير الزوجة، فيقول لامرأته: إن خرجت من الدار فأنت طالق، فلا يقع عليه الطلاق بفعلها ذلك، وإن حلف على نفسه أو على غير امرأته وحنث لزمه الطلاق، وبه قال أشهب من المالكية.
5 -الفرق بين الحلف بصيغة الشرط والجزاء وبين الحلف بصيغة الالتزام، فالأول كقوله: إن فعلت كذا فأنت طالق. والثانى كقوله: الطلاق يلزمنى أو على الطلاق إن فعلت، فلا يلزمه الطلاق فى هذا القسم إن حنث دون الأول. وهذا أحد الوجوه الثلاثة لأصحاب الشافعى والمنقول عن أبى حنيفة وقدماء أصحابه. والعمل الآن فى المحاكم المصرية حسب القانون رقم 25 لسنة 1929 م كما تنص عليه المادة الثانية منه، على أن الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شىء أو تركه لا غير - لا يقع، وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون: أن الطلاق ينقسم إلى منجز وهو ما قصد به إيقاع الطلاق فورا، وإلى مضاف كأنت طالق غدا، وإلى يمين نحو: على الطلاق لا أفعل كذا، وإلى معلق كإن فعلت كذا فأنت طالق. والمعلق إن كان غرض المتكلم به التخويف أو الحمل على فعل شىء أو تركه -وهو يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه - كان فى معنى اليمين بالطلاق، واليمين فى الطلاق وما فى معناه لاغ.
ويمكن الرجوع إلى الجزء السادس من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 343 لمعرفة أدلة الآراء المختلفة فى هذا الموضوع. ومن المتحمسين لوقوع الطلاق المعلق الإمام تقى الدين السبكى المتوفى سنة 756 هـ فى رسالته " النظر المحقق فى الحلف بالطلاق المعلق " يرد بها على ابن تيمية، وقد فرغ منها قبل وفاة ابن تيمية بسنوات، ويراجع كتاب " أحكام الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية " ص 291 للشيخ عبد الرحمن تاج -والفتوى على الرأى الذى يطبق فى المحاكم المصرية، لأن ولى الأمر اختاره، ومعلوم أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وينبغى الالتزام به فى الفتوى منعا للبلبلة
(9/440)
________________________________________
تحريم الزوج لزوجة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لو قال الزوج لزوجته: أنت محرمة علَّى إلى يوم القيامة، فهل يكون طلاقا؟

الجواب
رأى العلماء فى تحريم الزوج زوجته على نفسه عدة آراء بلغت عشرين، ولكن أصول هذه الآراء هى: أنه لغو لا شىء فيه، أو طلاق، أو ظهار، أو يمين كالحلف بالله، أو لفظ صالح لكل ما ذكر، وبحسب النية، أو التحريم فقط، أو الوقف.
وفى القول بأنه طلاق مذاهب، فقيل يقع به طلقة واحدة رجعية، وقيل طلقة واحدة بائنة، وقيل ثلاث طلقات فى المدخول بها، وقيل كناية عن الطلاق وليس صريحا فإن نواه فهو طلاق، وتفصيل ذلك يرجع فيه إلى كتاب " زاد المعاد" لابن القيم
(9/441)
________________________________________
نكاح الحامل بغير طريق شرعى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
امرأة حملت بغير طريق شرعى هل يصح زواجها من أجل الستر عليها؟

الجواب
روى مسلم " ج 10 ص 14 " عن أبى الدرداء أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بامرأة مُجِح - أى حامل قربت ولادتها - على باب فُسطاط فقال " لعله يريد أن يُلمَّ بها " أى يتزوجها، فقالوا: نعم، فقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم "هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له، كيف يستخدمه وهو لا يحل له "؟ .
وروى الترمذى، وحسنه، وغيره من حديث، رويفع بن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقى ماءه ولد غيره " أى لا يتزوج امرأة حاملا حتى تضع حملها وتنتهى عدتها من زوجها السابق.
قال العلماء فى نكاح الحامل: لو كان الحمل من زنا ففى صحة العقد قولان: أحدهما بطلانه، وهو مذهب أحمد ومالك وجمهور العلماء، والقول الثانى صحته، وهو مذهب الشافعى وأبى حنيفة، ولكن لا يدخل بها إلا بعد وضع الحمل، لحديث النهى عن سقى زرع غيره.
جاء فى السنن عن سعيد بن المسيب عن بصرة بن أكثم قال: تزوجت امرأة بكرا فى كسرها فدخلت عليها فإذا هى حبلى، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولد لك، وإذا ولدت فاجلدوها " وفرق بينهما " زاد المعاد ج 4 ص 4 ".
وحكمه بعبودية الولد قيل منسوخ، وقيل خاص بالنبى وبهذا الولد، وقيل ليس المراد الرق وهو ضد الحرية ولكن المراد أن يكون خادما.
هذا، وقد يحصل أن يزنى رجل بامرأة فتحمل منه ثم يتزوجها إما سترا عليها وتوبة إلى الله، وإما لغرض آخر، وهنا يصح العقد عليها على رأى الشافعى وأبى حنيفة ويجوز له وطؤها، لأن الحمل منه وليس فيه سقى زرع غيره بمائه، أما من تزوج بمن زنى بها غيره وكانت حاملا فقد سبق حكمه.
والزواج من الزانية فيه خلاف للعلماء، فقد حرمه بعضهم إذا كانت مشتهرة بالزنى، وأجازه البعض إذا علم توبتها كما رآه ابن القيم فى بدائع الفوائد " ج 4 ص 103 "
(9/442)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:24 pm

وضع المرأة بعد وفاة زوجها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل الأفضل للمرأة أن تتزوج بعد موت زوجها أو تمتنع عن الزواج وفاء لزوجها أو لرعاية الأيتام؟

الجواب
المرأة إذا مات زوجها يقال لها أرملة ما دامت لم تتزوج بعد، والترمل فترة شديدة على المرأة، بل وعلى أهلها، فى قد فقدت زوجها الذى كان يعولها ويساعدها على الإحساس ببهجة الحياة، وقد تستمر على هذه الحال فلا يرغب أحد فى زواجها وبخاصة إذا كانت لها أطفال من الزوج الأول، وكذلك أهلها يحسون بالألم لمصيرها حيث لم تكتمل سعادتها فى المدة التى قدر لها أن تعيشها.
ولهذا الوضع المؤلم للأرملة مظاهر متعددة تختلف باختلاف الشعوب، ذكر الرحلة محمد ثابت فى كتبه شيئا كثيرا منها ما رآها بنفسه أو نقلها عن كتب الرحلات التى سبقت.
ففى بعض قبائل الهند كانت الزوجة أو الزوجات يحرقن أنفسهن مع الزوج حتى لا تصيبهن لعنة الترمل، كما يقضى بذلك الدين البرهمى، ويوجد أيضا فى شعوب (الأنكا) فى (بيرو) وفى جزر فيجى وبعض جهات الصين يمارس ذلك بخفية، على الرغم من تحريم القوانين له.
ومن لم تدفن نفسا مع زوجها تظل بائسة منبوذة أو تحاول الابتعاد عن الناس لأنها نذير شؤم فتلجأ إلى المعابد والرهبنة وهناك يحلق شعرها وتغطف بالسواد وتخدم رواد المعابد حتى تموت، ويطلق عليها الآن فى بعض البلاد (الغولة) ، والهندوس يعدون ترمل المرأة كفارة لما ارتكبته فلا يحل لها الزواج ثانيا، وقد حارب غاندى ذلك وبخاصة فى الأرامل الصغار، لأن الزواج عندهم مبكر جدا.
إن الإسلام لا يفرض على الأرملة إلا الاحتداد بالابتعاد عن الزينة وبعدم الزواج فترة محدودة تسمى بالعدة التى تنتهى بوضع الحمل أو انقصاء أربعة أشهر وعشرة أيام لغير الحامل. وبعد هذه الفترة تحل لها كل أنواع الزينة فى الحدود المشروعة كما يحل لها أن تتزوج.
غير أن بعض الزوجات لا ترغب فى الزواج ثانيا وذلك لبعض العوامل التى منها:
1 - امتداد النظرة القديمة التى كانت عند عرب الجاهلية فى معايرة الولد بزواج أمه بعد وفاة أبيه، حيث كان يعيش من المهر الذى دفعه له زوج أمه، ويأنف أن يرى رجلا أجنبيا ينام مكان والده.
2 - وجود أيتام صغار تعكف على تربيتهم خشية أن يضيعوا إن تزوجت.
3-شدة حبها لزوجها الأول فلا ترضى بغيره بديلا.
4 -وجود عهد بينها وبين زوجها ألا تتزوج بعده.
ومن الأمثلة لذلك: الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين ابن على رضى الله عنهما، التى قالت: ما كنت لأتخذ حما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبو الشهداء الحسين بن على للعقاد ص 54) ونائلة بنت الفرافصة بن الأحوص زوجة عثمان بن عفان رضى الله عنه، خطبها معاوية بن أبى سفيان فأبت، وقيل: إنها قالت بعد مقتل عثمان: إنى رأيت الحب يبلى كما يبلى الثوب، وقد خشيت أن يبلى حزن عثمان من قلبى، فكسرت بعض أسنانها بحجر وقالت: والله لا قعد أحد منى مقعد عثمان أبدا (العقد الفريد لابن عبد ربه الطبعة الأولى ج 3 ص 194) وأم هانى بنت أبى طالب خطبها النبى صلى الله عليه وسلم فاعتذرت له بأن لها أيتاما إن قامت بحق النبى عليها خافت أن يضيعوا وإن قامت بحقهم خافت التقصير فى حق النبى عليها (مسلم بشرح النووى ج 16 ص 80، العقد الفريد ج 3 ص 194) وامرأة هُدْبة بن الخشرم الذى قال لها:
فلا تنكحى إن فرق الدهر بيننا * أغَمَّ القفا والوجه ليس بأنزعا فلما قدم للقتل فى ثأر غابت عن الناس وجدعت أنفها وشقت شفتيها ثم قالت له: أترانى متزوجة بعدما ترى؟ (محاضرات الأدباء ج 2 ص 98 والمستطرف ج 1 ص 165) وهجيمة بنت حى الأوصابية أم الدرداء الصغرى، خطبها معاوية بن أبى سفيان فأبت وقالت:
سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المرأة لآخر أزواجها" ولست أريد بأبى الدرداء بديلا. وهو حديث صحيح، رواه الطبرانى وأبو يعلى، ولفظه " أيما امرأة توفى عنها زوجا فتزوجت فهى لآخر أزواجها " (المطالب العالية ج 2 ص 67 والجامع الصغير) والأمثلة كثيرة.
الحكم: من المعلوم أن الله سبحانه حرم على المسلمين أن يتزوجوا من زوجات النبى صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا، إن ذلكم كان عند الله عظيما} الأحزاب: 53، فهن زوجاته فى الدنيا والآخرة، وفى إيذائهن إيذاء له صلى االله عليه وسلم.
أما غيرهن، فإن كان هناك عهد بينها وبين زوجها ألا تتزوج بعده، فيجوز لها أن تمتنع عن الزواج إن لم تخف الفتنة على نفسها بل يستحب إن كان هناك مبرر، فإن خافت الفتنة لا يجب عليها الالتزام بالعهد ولها أن تتزوج، وقد حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب (أم مبشر) .
فقالت له: إن زوجى شرطت له ألا أتزوج بعده، فقال لها " إن هذا لا يصلح " (زاد الميعاد ج 4 ص 209 والترغيب ج 3 ص 144) وذلك لأنه شرط ليس فى كتاب الله، وفيه تعطيل للنسل، وقد تزوج عمر بن عبد العزيز من أم هشام بنت عبد الله بن عمر التى حلفت لزوجها عبد الرحمن بن سهيل بن عمرو ألا تتزوج بعده كما أوصاها بذلك وكان يحبها كثيرا (أعلام النساء لعمر كحالة) .
وإذا كان لها أيتام وخافت ضياعهم لو تزوجت كان لها أن تمتنع عن الزواج، بل يستحب لها ذلك فقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة " وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى " امرأة أَيْمَتْ من زوجها ذات منصب وجمال وحبست نفسها على يتامى لها حتى بانوا أو ماتوا " يعنى حتى انفصلوا عنها واستغنوا عن كفالتها لهم أو حتى ماتوا. رواه أبو داود.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لما أبدت له أم هانىء عذرها بوجود الأيتام " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على طفل وأرعاه على زوج فى ذات يده" رواه مسلم (مسلم ج 16 ص 80) .
كما يجوز لها ألا تتزوج بعده لتكون زوجته فى الجنة كما تقدم عن أم الدرداء وكذلك فعلت زوجة حذيفة، لكن امتناع المرأة عن الزواج، لشدة حبها للزوج الأول قد يستساغ إذا كانت كبيرة فى السن آمنة على نفسها من الفتنة، لكن لو كانت شابة فخير لها أن تتزوج بعد خمود حرارة الحب، وهى لابد خامدة بطول الزمن، وبخاصة إذا خافت الفتنة على نفسها. وكان أبو سلمة حكيما حين أوصى زوجته أم سلمة أن تتزوج بعده، وكانت تريد ألا تتزوج معتقدة أنه لا يوجد مثل أبى سلمة، وقد وجدت أفضل منه وهو النبى صلى الله عليه وسلم.
إن الإسلام يساير الطبيعة البشرية فى إباحة زواج الأرملة، ويوافق المعقول فى تحقيق المصلحة العامة، وهو ما لجأت إليه الأمم الحديثة بعد أن عرفت صلاحيته.
وقد يحدث امتناع بعض كبريات النساء أن يتزوجن بعد وفاة أزواجهن ذوى المراكز المرموقة، تشبها بنساء النبى صلى الله عليه وسلم، وهو تشبه باطل، أو قياس مع الفارق كما يقال، ولعله مأخوذ من المأثور عن بعض السلف من الامتناع عن تزوج نساء كبار الصحابة تعظيما لقدرهم، وذكرا لمآثرهم عليهم وعلى الإسلام، فهم يعدونهم كآبائهم، ولا يجوز نكاح ما نكح آباؤهم من النساء.
ومهما يكن من شىء فإن الظروف لها حكمها، وتمسك المرأة بدينها أو تهاونها فيه لابد أن يوخذ فى الاعتبار، والمهم كله أن نحافظ على شرف المرأة، وأن نقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ما دام ذلك لا يتخطى حدود الشرع، وكل واحدة من النساء لها حكم يغاير حكم الأخرى، فلا يجوز أن يتخذ ذلك عرفا أو تقليدا عاما، فالطبيعة قوية والشرع حكيم، وضع مقاييس دقيقة للسلوك، وأحكاما عادلة لحل المشكلات، والخير كله فى اتباع هدى الله، كما قال تعالى {فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى} طه:
123، وقال {وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} النور:
54.
هذا، وقد جدت أوضاع لم تكن معروفة من قبل، وهى المعاشات التى تقررها الحكومة للأرامل، وتشترط لها عدم زواجهن، ولحرص الأرملة على المعاش، ولتلبية نداء الغريزة قد تنحرف بدون الارتباط بالزواج، وفى ذلك خطورة بالغة لا يشك فيها أحد ولا يقرها دين، وقد تلجأ إلى ما يسمى بالزواج العرفى، وهو إن كان غير مستوف لأركانه وشروطه فهو الانحراف بعينه، وإن استوفى ذلك شفويا دون تسجيل رسمى، كانت المعاشرة مشروعة وعدم تسجيله يضمن لها بقاء المعاش حسب القوانين الوضعية، لكن ذلك يترتب عالجه أضرار، منها:
1 -تعريض حق الأولاد الذى نتجوا عن هذا الزواج للضياع، وذلك لعدم تسجيلهم فى الأوراق الرسمية، فلا يلزم أبوهم بالانفاق عليهم، ولا تضمن لهم حقوقهم فى التعليم وما إلى ذلك.
2 -تعريض حقها للضياع عند وفاة هذا الزوج إن كان له ميراث، وكذلك ضياع حق أولاده، وحقه هو أيضا إن ماتت وتركت ميراثا.
3-الاستيلاء على المعاش بدون حق، لأنه لغير المتزوجة، فهو سرقة من الحكومة، وأخذ مال كان أولى به مشروعات أخرى.
وكل هذه الأضرار ممنوعة شرعا، والزواج العرفى الذى يؤدى إلى الممنوع فهو ممنوع، ولهذا يجب تسجيله لأن المعاش المقرر لها سينتقل حقا واجبا على الزوج كنفقة بعد سقوطه بالزواج، فهى لن تتضرر، وكذلك أولادها الذين فى كفالتها وتحت رعايتها معاشهم لا يسقط. والله يقول الحق وهو يهدى السبيل
(9/443)
________________________________________
عقد القران فى المسجد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحرص بعض الناس على عقد القران فى أحد المساجد التى بها أضرحة الصالحين، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
روى الترمذى عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " أعلنوا هذا النكاح واجعلوه فى المساجد واضربوا عليه بالدفوف " قال الترمذى: حديث حسن وضعفه البيهقى.
عقد النكاح بالمسجد مظهر من مظاهر إعلانه وكذلك ضرب الدف عليه، وذلك أمر مشروع، وأقل درجاته أنه مباح، وقيل سنة، وكل هذا إذا لم يترتب على عقده بالمسجد أمر محظور، كإخلاله بحرمة المسجد أو التشويش على المصلين، أو حضور جنب أو حائض، أو إخلال بالآداب الاجتماعية كاختلاط الجنسين أو كشف ما يجب ستره، أو غناء مثير أو غير ذلك. .
وتستوى كل المساجد فى هذا الحكم، لا فضل لأحدها على الآخر، ولا شأن لمن دفن فيها أو قريبا منها فى مباركة هذا العقد، فالأمر يدور على الإِشهار والإِعلان فى الأماكن التى يكثر فيها اجتماع الناس، وكانت المساجد إذ ذاك هى أحسن فرصة لذلك
(9/444)
________________________________________
زيارة الزوجة لأهلها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أهلها؟

الجواب
من المتفق عليه أن الزوجة يجب عليها أن تطيع الزوج فى أمرين أساسيين، هما المتعة وملازمة البيت، فلو عصته فى أحدهما كانت ناشزا، تسقط نفقتها ويتخذ معها إجراء بينة القرآن فى قوله تعالى {واللاتى تخافون نشوزهن} النساء: 34، وصحت الأحاديث بالنهى عن عصيانها فيما يجب عليها نحوه.
وفى ملازمة البيت روى حديث بسند ضعيف أن رجلا كان فى سفر وعهد إلى امرأته ألا تنزل من العلو إلى السفل، أى من الطابق الأعلى إلى الطابق الذى تحته، وكان أبوها فيه، فمرض، فاستأذنت الرسول فى زيارته فأمرها أن تطيع زوجها، فمات أبوها ودفن ولم تنزل، فأخبرها الرسول بأن اللَّه غفر لأبيها بسبب طاعتها لزوجها.
بعد هذا أقول:
كما أن للزوج على زوجته حقوقا مؤكدة يعرِّض التفريط فيها إلى عقوبات دنيوية وأخروية -كذلك لوالديها حقوق من البر والإِحسان، منها ما هو واجب يعرِّض لعقوبة اللَّه: ومنها ما هو مندوب لا عقوبة عليه، لكن حق الزوج مقدم على حق الوالدين، فقد روى الحاكم وصححه والبزار بإسناد حسن أن عائشة رضى الله عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم: أى الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال " زوجها " قالت:
فأى الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال " أمه ".
ويمكن للزوجة أن توفق بين طاعتها لزوجها وطاعتها لوالديها دون إثارة مشكلات أو تعرَّض لعقوبات، ومن العشرة بالمعروف التى أمر الله الزوج بها مع زوجته.أن يمكنها من بر والديها وصلة رحمها، لكن ليست زيارتها لهما هى الوسيلة الوحيدة للبر والصلة، فقد يتم ذلك بمكالمة تليفونية أو إرسال خطاب مثلا، أو بزيارة أهلها لها فى بيت زوجها، وكل ذلك فى نطاق المصلحة الزوجية، فإذا رأى الزوج أن زيارتها لأهلها تضر الحياة الزوجية كان له منعها، ولو خرجت بدون إذنه كانت ناشزا وحكم النشوز معروف، وليس منعه لها من زيارة أهلها معصية حتى نبيح لها أن تخالفه، بناء على ما هو معروف من أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، فالبر كما قلنا-يحصل بغير زيارتها لأهلها، وقد يكون المنع فى مصلحتها هي أيضا، فلا يجوز لها أن تتمسك بهذه الزيارة وتعلق حياتها مع زوجها عليها، فذلك عناد يجر إلى عناد أكبر قد تندم على نتيجته.
وبحسن التفاهم يمكن الخروج من هذه الأزمة، والوسائل لذلك كثيرة، وعلى الوالدين أن يساعدا ابنتهما على استقرار حياتها الزوجية بعدم إثارة الزوابع التى تعصف بسعادة كل من تعرض لها أو تسبب فيها.
هذا، وقد نشر كلام حدث منذ أكثر من مائة سنة جاء فيه - حول هذا الموضوع - أن الأبوين إذا كانا قادرين على زيارة ابنتهما فلا تخرج هى لزيارتهما إلا بإذن الزوج، وكلام يبيح لها أن تخرج للزيارة كل أسبوع بإذن وبغير إذن، وقيَّد بعضهم ذلك بعدم قدرتهما على زيارتها (الشيخ محمد عبده ذكر كل ذلك بتاريخ 27 من ربيع الأول سنة 1322 انتهى. واختار أن تخرج إلى أبويها فى كل جمعة، أذنها الزوج أو لم يأذن، ولها أن تخرج إلى المحارم كذلك كل سنة مرة بإذنه وبغير إذنه، كما أن لها أن تخرج إلى الأهل كذلك كل سنة مرة بالإذن وبدونه، أما خروجها زائدًا على ذلك للأهل فيسوغ لها بإذنه.
وكان اختياره لذلك بعد عرض أقوال الفقهاء الأحناف من كتبهم، دون أن يكون لأقوالهم أو لاختياره هو أى دليل من قرآن أو سنة " الفتاوى الإِسلامية مجلد 4 ص 1355 " وكل ذلك اجتهاد نظر فيه إلى العرف الجارى فى زمانهم، لكن الأصل الذى يجب أن يعلم هو أن الزيارة فى حد ذاتها ليست ممنوعة، فقد أذن الرسول والصحابة لنسائهم بذلك، والمدار هو على تحقيق المصلحة وعدم المفسدة، مع مراعاة تقدم حق الزوج على الأبوين، والواجب يقدم على المندوب، وللتحديد بمدة يرجع فيه إلى العرف، ومخالفته لا ترقى إلى درجة التحريم وكلامهم هو فى الأولى والأفضل. ولعل ما ذكرته يكون أقرب إلى الصواب)
(9/445)
________________________________________
العقيقة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل العقيقة واجبة أم سنة؟

الجواب
العقيقة هى الذبيحة عن المولود، وقد كانت معروفة عند العرب قبل الإِسلام، فكان إذا ولد لأحدهم غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الإِسلام أمر بذبح الشاة وحلق رأس المولود وتلطيخه بالزعفران، كما رواه أبو داود عن بريدة، وسميت العقيقة باسم الشعر الذى على رأس الصبى حين يولد، لأنه يحلق عند الذبح، وكذلك الحيوان حين يولد يسمى شعره عقيقة، واختلف الفقهاء فى حكمها على ثلاثة أقوال:
(أ) فقيل: إنها مكروهة، وذلك لخبر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة، فقال (لا أحب العقوق) .
ولأنها من فعل أهل الكتاب وجاء فى ذلك حديث البيهقى. أن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية، ولما رواه أحمد أن الحسن بن على لما ولد أرادت فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم "لاتعقى، ولكن احلقى رأسه فتصدقى بوزنه من الورق -الفضة " ثم ولد الحسين فصنعت مثل ذلك.
وقد أجيب على الحديث الأول بأن النبى كره اسمها ولم يكره فعلها، وعلى الحديث الثانى بأن النبى ما كره من اليهود إلا تفرقتهم بين الغلام والجارية، حيث لم يعقوا عنها، وعلى الحديث الثالث بأنه لا يصح.
(ب) وقيل: إنها سنة، وبه قال أهل الحديث وجمهور الفقهاء، ولهم فى ذلك عدة أحاديث، منها " الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه " رواه أصحاب السنن من حديث سمرة بن جندب، وصححه الترمذى، ومنها حديث: أمر النبى صلى الله عليه وسلم بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق. رواه الترمذى أيضا.
ومعنى: مرتهن بعقيقته أنه لا ينمو نمو مثله، ولا يستبعد أن تكون سببا فى حسن نبات المولود وحفظه من الشيطان فهى تخليص له من حبسه ومنعه عن السعى فى مصالح أخرته. وقيل: أن المعنى إذا لم يعق عنه والده لا يشفع،له، كما قاله الإِمام أحمد، لكن التفسير الأول أحسن.
(ج) وقيل: إنها واجبة، وبه قال الليث والحسن وأهل الظاهر.
والسنة أن يعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، وذلك لحديث عائشة الذى رواه الترمذى، وقال: حسن صحيح.
قال العلماء: إن البنت كانت على النصف من الولد تشبيها للعقيقة بالدية.
وقالوا: إن أصل العقيقة يتأدى عن الغلام بشاة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن الذى ولد عام أحد، وعن الحسين الذى ولد بعده بعام، كبشا كبشا. والأكمل شاتان للولد، ففى موطأ الإمام مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم " من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة ".
والحكمة فى مشروعيتها أنها قربة إلى اللَّه، يرجى بها نفع المولود بدعاء الفقراء له عندما يطعمون منها، وهى أيضا شكر لله على نعمة الولد، فالذرية محبوبة طبعا ومطلوبة شرعا، بشر الله بها إبراهيم وزكريا عليهما السلام، وفيها أيضا: إشهار للمولود ليعرف نسبه وتحفظ حقوقه، وهى كفدية عنه، تشبها بفداء إسماعيل الذبيح بالكبش.
هذا، ويشبه العقيقة بالأضحية وفداء إسماعيل نقل عن الحنابلة أنه لو اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة يمكن الاستغناء بذبيحة واحدة عنهما إذا اجتمع يوم عيد مع يوم جمعة فإنه يكفى غسل واحد لهما
(9/446)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:34 pm

زواج التحليل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كثر الكلام فى ذم زواج التحليل وأن المحلل والمحلل له ملعونان، فهل معنى ذلك أنه حرام، وكيف تعود المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبرى إلى زوجها الأول؟

الجواب
المقصود بزواج التحليل هو زواج المطلقة ثلاثا لتحل لزوجها الأول، وهو أمر مشروع دل عليه الكتاب والسنة والإِجماع، قال تعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ثم قال فى الآية التى تليها {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} البقرة:
229، 230، قال العلماء: المعنى فإن طلقها للمرة الثالثة. قال القرطبى:
وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه. وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويذوق كل واحد منهما عسيلة صاحبه " رواه الأئمة واللفظ للدارقطنى عن عائشة.
وحتى يكون زواج التحليل محققا للغرض منه لابد فيه من أمرين أساسيين، أولهما أن يكون العقد صحيحا، والثانى أن يكون معه دخول صحيح، فإذا اختل واحد منهما لم يكن مشروعا، ولتوضيح ذلك نقول:
1 -حتى يكون العقد صحيحا لابد من استيفاء الأركان والشروط المعروفة فى كل زواج، وزاد العلماء عليه أن يكون خاليا من نية التحليل، ونية التحليل لها حالتان:
أ-الحالة الأولى أن يصرح بها فى العقد، كأن يقول: تزوجتك على أن أحلك لزوجك، وهو باطل لا تترتب عليه آثاره عند جمهور الفقهاء:
مالك والشافعى وأحمد وعده ابن القيم من الكبائر لا فرق بين أن يكون اشتراط ذلك بالقول أو التواطؤ " زاد المعاد ج 4 ص 6 " وذلك لأحاديث، منها ما رواه الترمذى عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجة وأحمد عن ابن عباس، والحاكم وصححه "لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له " وما رواه ابن ماجة والحاكم من حديث عقبة بن عامر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال " ألا أخبركم بالتيس المعار"؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال " هو المحلل، لعن اللَّه المحلل والمحلل له ".
وأما أهل الرأى " أبو حنيفة وأصحابه " فقال أبو حنيفة وزفر: يصح العقد ويحلها للأول، لأن الشرط الفاسد يُلْغَى ويصح العقد، وقال محمد: إن العقد صحيح مع هذا الشرط، لأن الشرط يلغى ولكن هذا العقد لا يحلها للأول، وقال أبو يوسف: العقد باطل -كرأى الجمهور -ولا يحلها للأول.
هذا، وحكى الماوردى عن الشافعى أنه إن شرط التحليل قبل العقد صح النكاح وأحلها للأول، وإن شرطاه فى العقد بطل النكاح ولم يحلها للأول:
وهذا قول الشافعى " تفسير القرطبى ج 3 ص 150 ".
ب - الحالة الثانية ألا يصرح بنية التحليل فى العقد وإن كان أمرا معروفا بين الناس أو على الأقل بين الأطراف الثلاثة، المطلق والمطلقة والمحلل، قال مالك: العقد غير صحيح ولا تحل للأول، لأن العبرة فى الأحكام بالنيات، وكذلك قال أحمد بن حنبل، جاء فى " المغنى " لابن قدامة الحنبلى أن نكاح المحلل باطل إن شرط أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما، وإن نوى التحليل من غير شرط فالنكاح باطل، وفى قول: إن شرط عليه التطليق قبل العقد ولم يذكره فى العقد ولم ينو فالعقد صحيح.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: ينعقد صحيحا مع الإثم، ويترتب عليه حلها للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العدة، لأن العبرة فى الأحكام بالظاهر، وأما الشافعى فله قولان، القول الأول هو القديم كقول مالك وأحمد، والقول الثانى وهو الجديد كقول أبى حنيفة وأصحابه.
2 -أما الشرط الثانى وهو الدخول الصحيح، فهو أمر متفق عليه بين الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، ولا يكتفى فيه بمجرد الخلوة حتى لو كانت صحيحة، بل لابد فيه من اللقاء الجنسى، والدليل على ذلك ما رواه البخارى وغيره عن عائشة رضى الله عنها لما طلق رفاعة القرظى امرأته فبتَّ طلاقها تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم تشكو إليه أن عبد الرحمن ضعيف فى الناحية الجنسية، فتبسم الرسول وقال " لعلك تريدين أن ترجعى إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك ".
وجاء فى سنن النسائى عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " " العسيلة الجماع ولو لم ينزل ". وجاء فى سنن النسائى عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا، فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخى الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، فقال " لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر ".
وتشدد الحسن البصرى فلم يكتف بمجرد الجماع، بل اشترط أن يكون معه إنزال للنص فى الحديث على ذوق العسيلة، ولكن الجمهور اكتفوا بمجرد الجماع، بناء على تفسير الرسول للعسيلة، بالجماع ولو لم ينزل.
ولم يخالف فى شرط الدخول بالزوجة إلا سعيد بن المسيب من كبار التابعين وسعيد ابن جبير وبعض الخوارج، وقولهم مرفوض بدليل الأحاديث السابقة. وعدم تحقيقه لحكمة التشريع.
والحكمة من اشتراط المحلل وتأكيد دخوله بالمرأة باللقاء الجنسى، التنفير من الطلاق الثلاث، وتنبيه الزوج إلى التريث فى استعمال حق الطلاق الذى جعله اللَّه على مرات، ومراعاة للشعور بالغيرة على أن يحل محله رجل آخر فى التمتع بزوجته.
هذه هى الآراء فى زواج التحليل وما شرط فيه لتترتب عليه آثاره، وقد حمل بعض العلماء عليه حملة عنيفة بصورة تجعله كأنه غير مشروع، دون مراعاة لبعض الظروف الضاغطة التى يتحقق بها يسر الإِسلام، والحق هو التمسك بما اتفق عليه العلماء، مع ترك الحرية للاختيار فيما اختلفوا فيه.
وقد رأينا بعد هذا العرض الاتفاق على وجوب صحة الزواج ووجوب المعاشرة الجنسية، ورأينا الاختلاف فى نية التحليل أو التصريح به واشتراطه فى العقد، فعند أبى حنفية أن نية التحليل -شرطت أم لم تشرط - لا تمنع من صحة العقد ولا من حل المرأة لزوجها الأول، وعند الشافعى قولان فى عدم الاشتراط، قول كمالك وأحمد بالمنع، وقول كأبى حنيفة بالجواز، وتحمل الآثار الواردة فى التنفير منه على الكراهة، وفى المسائل الخلافية لا يفرض رأى من الآراء، إلا باختيار ولى الأمر، والعمل فى مصر على رأى أبى حنيفة وهو الجواز، لأنه الراجح فى المذهب، ولا مانع من اختيار أى رأى من الآراء وبخاصة عند اقتضاء.
المصلحة
(9/447)
________________________________________
أثر الزواج الثانى على المطلقة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لو طلق الزوج زوجته التى أبرأته من حقوقها عنده ثم تزوجها بعد ذلك، هل تعود إليه بما بقى من عدد الطلقات، أو بثلاث طلقات؟

الجواب
المعروف أن المطلقة ثلاثا لا تعود إلى زوجها الأول إلا بعد نكاح صحيح مع الدخول الصحيح، كما قال تعالى {فإن طلقها} أى الثالثة- {فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} البقرة: 230. أما المطلقة للمرة الأولى أو الثانية فيمكن رجوعها إلى زوجها الأول بالرجعة إن كانت فى العدة أو بعقد جديد إن انتهت العدة، أو كان الطلاق عن طريق الخلع، فإذا عادت إلى زوجها الأول، فهل تعود بما بقى لها من عدد الطلقات، أى بطلقة أو طلقتين -أم تعود إليه كزوجة جديدة لها ثلاث طلقات كما تعود المطلقة ثلاثا؟ لم يرد فى هذه المسألة نص من القرآن أو السنة يعتمد عليه، ولعَل الفقهاء، قالوا: إذا عادت المطلقة غير البائن بينونة كبرى إلى زوجها الأول ولم تكن قد تزوجت غيره عادت بما بقى لها من عدد الطلقات، وذلك بالاتفاق.
أما إذا كانت قد تزوجت غيره فهناك خلاف بين العلماء فى العدد الذى تعود به إلى زوجها، فقال بعضهم: الزواج الثانى يهدم الزواج الأول، بحيث لو عادت إليه تعود بثلاث طلقات، وتسمى هذه المسألة عند الفقهاء بمسألة الهدم، وقال بعضهم الآخر: الزواج الثانى لا يهدم زواجها الأول، فتعود إليه بالباقى من عدد الطلقات، وهذا الخلاف منقول عن الصحابة.
ومن هنا اختلف فقهاء الأحناف، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: تعود إلى الزوج الأول بثلاث تطليقات، وذهب زفر ومحمد بن الحسن إلى أنها تعود بما بقى ولا يهدم الزواج الثانى الزواج الأول، ولكل وجهة هو موليها، والعمل فى مصر على الرأى الأول وهو العودة بالثلاث، "أحكام الأسرة للدكتور محمد مصطفى شلبى ص 534"
(9/448)
________________________________________
تزجيج الحواجب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى تزجيج المرأة لحواجبها ونزع شعر وجهها؟

الجواب
روى البخارى ومسلم أن عبد الله بن مسعود قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ".
والتنميص هو إزالة شعر الوجه كتزجيج الحاجبين وإزالة الشعيرات التى بجوانب الوجه وهو حرام.
وقد رأى ابن الجوزى فى هذا الحديث إباحة النمص وحده، وحمل النهى عن التدليس أو أنه شعار الفاجرات.
يعنى أن إزالة شعر الوجه ومنه تزجيج الحواجب يكون حراما إذا قصد به الغش والتدليس على من أراد أن يتزوج فتبدو له المرأة جميلة، ثم يظهر بعد ذلك أنها ليست كما رآها. وهو غش وكذلك يكون حراما إذا قصد به الفتنة والإغراء كما هو شأن الفاجرات المتجرات بالعرض والشرف. وبدون هذين القصدين يكون حلالا، قال ابن الجوزى فى كتابه "آداب النساء" عن عائشة قالت: يا معشر النساء، إياكن وقشر الوجه قال: فسألتها امرأة عن الخضاب فقالت: لا بأس بالخضاب، وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الصالقة والحالقة والخارقة والقاشرة، والقاشرة هى التى تقشر وجهها بالدواء ليصفو لونها، والصالقة هى التى ترفع صوتها بالصراخ عند المصائب، والحالقية هى التى تحلق شعرها عند النوائب، كالخارقة التى تخرق عندها أيضا، قال ابن الجوزى:
فظاهر هذه الأحاديث تحريم هذه الأشياء التى قد نهى عنها على كل حال. وقد أخذ بإطلاق ذلك ابن مسعود. ويحتمل أن يحمل ذلك على أحد ثلاثة أشياء، إما أن يكون ذلك شعار الفاجرات فيكن المقصودات به، أو يكون مفعولا للتدليس على الرجل، فهذا لا يجوز، أو يكون تضمن تغيير خلقة الله، كالوشم الذى يؤذى اليد ويؤلمها، ولا يكاد يستحسن، وربما أثر القشر فى الجلد تحسنا فى العاجل ثم يتأذى به الجلد فيما بعد. وأما الأدوية التى تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج فلا أرى بها بأسا، وكذلك أخذ الشعر من الوجه للتحسن للزوج، ويكون حديث النامصة محمولا على أخد الوجهين الأولين، انتهى ملخصا"غذاء الألباب للسفارينى ج 1 ص 273 ".
وأخرج الطبرى عن امرأة أبى إسحاق أنها دخلت على عائشة - وكانت شابة يعجبها الجمال -فقالت لها: المرأة تحف جبينها لزوجها، فقالت: أميطى عنك الأذى ما استطعت. ذكره ابن حجر فى "فتح البارى " فى شرح حديث ابن مسعود فى باب المتنمصات.
وجاء فى معجم المغنى لابن قدامة الحنبلى "صفحة 877 طبعة الكويت " أن المرأة يكره لها حلق شعرها، ويجوز لها حفُّ وجهها ونتف شعره.
وأرى بعد ذلك أن تزجيج الحواجب ونتف شعر الخدين إن كان برضا الزوج وله ولغير الأجانب، فلا بأس به لعدم التغرير والإغراء الذين نهى عنهما الشرع، أما إن كان الأجنبى سيطلع عليه فهو حرام إن كان للفتنة أو التدليس، وقد يتسامح فى إزالة التشويه المنفر كما لو نبت شعر على اللحية أو الشفة بشبه.الشارب، أو شعرات منفرة فى الحواجب، وما تجاوز ذلك فهو ممنوع
(9/449)
________________________________________
عمل المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الإسلام فى عمل المرأة؟

الجواب
هذا الموضوع طويل وضحته فى كتبى: الأسرة تحت رعاية الإسلام، الإسلام دين العمل، الحجاب وعمل المرأة.
ويكفى أن أقول: إن العمل حق لكل إنسان رجلا كان أو امرأة، بل هو واجب لأنه وسيلة العيش وبقاء الحياء، وتحقيق الخلافة فى الأرض، ومجالاته كثيرة، فى الحقل والمصنع والمتجر والبيت، فى البر والبحر والجو، قال تعالى {هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه} الملك:15 ولكل من الرجل والمرأة أن يعمل فى المجال الذى يناسب استعداده، والعمل يستقيم دائما إذا وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب، واللَّه سبحانه جعل لكل من الرجل والمرأة مواهب واستعدادات وطاقات تتناسب مع المهمة التى توكل إليه، والطرفان شريكان فى جمعية تعاونية، لا يمكن أن يستغنى أحدهما عن الآخر.
والجزاء هو على قدر العمل المشروع أيَّاً كان حجمه، قال تعالى {فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} آل عمران 195، وقال تعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} النحل: 97،.
ورسالة المرأة فى البيت لا تقل أهمية عن رسالة الرجل خارجه، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت يزيد بن السكن وافدة النساء ما معناه " حسن تبعل المرأة لزوجها وقيامها بواجبها نحوه يعدل ما يقوم به الرجل من جهاد وغيره " كما رواه البزار والطبرانى، والشاعر المصرى يقول:
فى بيتهن شؤونهن كثيرة * كشؤون رب السيف والمزراق ومع ذلك فللمرأة أن تزاول عملا خارج البيت، وبخاصة إذا احتاجت إليه، أو كان العمل محتاجا إليها، بل يكون ذلك واجبا عليها لاحقًّا لها، وقد قرر العلماء: أن خروجها للعمل مرهون بعدم التقصير فى الواجب الأساسى وهو المنزل الذى يوفر السكن والمودة ويربى النشء ويعده لاستمرار الحياة الاجتماعية والإنسانية، وذلك مرهون بإذن الزوج لها، فهو المشرف المسئول عنها فى النفقة والحماية، كما يجب عليها أن تحافظ على كل الآداب الخاصة بالعلاقة بين الجنسين، حتى لا يكون هناك انحراف يتنافى تماما مع المقصود من مزاولة النشاط خارج البيت، وتفصيل هذه الآداب يرجع إليه فى الكتب السابقة.
والتقصير فيها هو الذى أثار الجدل والنقاش حول عودة المرأة العاملة إلى بيتها، فلابد من الموازنة بين الكسب والخسارة، شأن التاجر الواعى البعيد النظر، فالعمل للمرأة خارج المنزل - مع أن مجالات العمل والكسب داخله كثيرة - جائز مع كل التحفظات المشروعة، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما رواه البخارى " إن اللَّه أذن لكنَ أن تخرجن لقضاء حوائجكن " والحوائج عامة غير مخصوصة بعمل معين، وكان النساء يباشرن أعمالا خارج البيت، كطلب العلم وكسب العيش، أيام النبى صلى الله عليه وسلم، وروى البخارى ومسلم أنه رأى أسماء بنت أبى بكر، زوجة الزبير تحمل على رأسها النوى لتعلف به الناضح - الجمل أو الفرس -فلم ينكر عليها، بل دعاها إلى الركوب خلفه شفقة عليها.
وإذا كان اللَّه سبحانه قال لنساء النبى صلى الله عليه وسلم {وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الأحزاب: 33، فالقرار فى البيت وسيلة عدم التبرج أى الظهور والبروز وهو الأمر المهم فى الموضوع، ومع ذلك فهو خاص بنساء النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يمنعهن من الخروج من البيت للصلاة أو الاعتكاف فى المسجد أو حضور مهرجان العيد، أو الحج إلى بيت الله.
وللعلماء كلام طويل فى بيان المجالات المناسبة لعملها خارج البيت يرجع فيه إلى الكتب المذكورة آنفا
(9/450)
________________________________________
الشبكة عند فسخ الخطبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا فسخت الخطبة قبل عقد الزواج فهل للخطيب أن يطلب ما دفعه للخطيبة من شبكة وخلافها؟

الجواب
الشبكة فى بعض الأعراف هدية لا يساوم عليها فهى غير المهر تماما، وهنا إذا فسخت الخطبة فلا حق للخاطب فيها لأن الهدية تملك بالتسليم، وفى بعض الأعراف تكون الشبكة من ضمن المهر، يساوم عليها، فإن كانت كبيرة يخفف عن الخاطب المهر، وإن كانت صغيرة زيد فى المهر، فإذا فسخت الخطبة أى قبل العقد ردت الشبكة إلى الخاطب لعدم تمام الموضوع الذى قدمت من أجله، سواء أكان الفسخ من جهته أم من جهتها.
بهذا حكمت بعض المحاكم المصرية، وحكمت محاكم أخرى بأن الفسخ إذا كان من جهة الخاطب لا تسترد الشبكة، ووجهة النظر أن الشبكة هدية إذا قبضت لا يجوز استردادها فالراجع فى هبته كالكلب الراجع فى قيئه كما فى الحديث، لكن إذا كان العرف يعتبرها جزءا من المهر فتكون من حق الخاطب.
وننصح بأن الفسخ إذا كان من جهة الخاطب واستحق الشبكة أن يعوضها ما قد تكلفته من نفقات فى مثل حفل الخطبة أو غيرها، كما ننصح بعدم تعجل المخطوبة فى التزامات مالية وغيرها أملا فى إتمام الزواج، فإن فترة الخطبة بمثابة دراسة يتقرر بعدها الزواج أو عدمه، حيث يكون لكل منهما الحق فى فسخ الخطبة، ومن أراد التوسعة فليرجع إلى الجزء الأول من موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/451)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:40 pm

صورة من زواج عرفى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ماذا تعمل من تزوجت عرفيا وتركها زوجها دون طلاق أو نفقة؟

الجواب
يحدث أن يعيش الإنسان فى بلد لا تعترف بالزواج الثانى أو يكون هناك داع من الدواعى ليتزوج امرأة زواجا عرفيا مستوفيا للأركان والشروط ومن أهمها الشهود لكنه لم يسجل رسميا، وظهر للمرأة أن هذا الزواج فيه ضرر كبير عليها، ولا تستطيع أن تنال حقها رسميا لعدم توثيقه، ولا أن تناله بمجلس عرفى، ولا أن تطلق لتتزوج غيره، وقد يهجرها ولا ينفق عليها لإضرارها.
وقد رأينا حلاًّ لهذه المشكلة أن ترفع أمرها إلى جهة دينية فى هذا البلد يكون معترفا بها، لتتولى بحث الموضوع، وتتأكد من صحة دعواها، وهنا تطلقها الجهة الدينية طلقة واحدة رجعية على مذهب الإمام أحمد، وإذا كان تقصيره فى إعفافها ومضى على ذلك أربعة أشهر اعتبر الامتناع بمثابة الإيلاء عند مالك وأحمد، فيطالب هذا الزوج من الجهة الدينية بالعودة إلى إعفافها أو تطليقها طلقة بائنة، وإذا امتنع عنهما انفسخ النكاح بدون أية إجراءات على مذهب الإمام أبى حنيفة، ولا مخلص إلا ذلك، مَنْعًا للضرر، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار.
ونحذِّر من تريد الزواج من رجل زواجا عرفيا أن تقع فى مثل هذا المأزق، ولهذا ننصحها أن تشترط فى العقد أن تكون عصمتها بيدها، على ما رآه الإمام أبو حنيفة، حتى إذا لم توفق فى هذا الزواج أمكنها أن تطلق نفسها منه بدون اللجوء إلى القضاء، لأنه لا يسمع دعواها- وبدون لجوء إلى لجنة أو غيرها ... " انظر مجلة - منبر الإسلام عدد ذى الحجة 1403 هـ "
(9/452)
________________________________________
أخذ الزوجة من مال زوجها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تتصرف فى مال زوجها بدون إذنه؟

الجواب
جاء فى صحيح البخارى قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره "وجاء مثل ذلك فى صحيح مسلم، وروى أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذى قوله " لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها " وروى الترمذى من خطبة الوداع " لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها " وروى البخارى ومسلم " إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا " وروى مسلم أن أسماء قالت للنبى صلى الله عليه وسلم: مالى مال إلا ما أدخله عليَّ الزبير، أفأتصدق؟ قال " تصدقى، ولا توعى فيوعى عليك ".
الواجب على الزوجة أن تحافظ على مال زوجها، فلا تتصرف فيه بما يضر، والتصرف فيه إما أن يكون لمصلحة الأسرة، أى الزوجين والأولاد، وإما أن يكون لغير ذلك، فما كان لمصلحة الأسرة سيقوم به الزوج لأنه هو المسئول عنه، ولا تضطر الزوجة أن تأخذ بدون إذنه أكثر من كفايتها، فإن قصر عن الكفاية أخذت بقدرها بدون إذنه فذلك حقها، ودليله حديث هند لما شكت للنبى صلى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان بأنه شحيح مسِّيك، فهل تأخذ من ماله بغير إذنه؟ فقال " خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف " رواه مسلم.
وإن كان التصرف فى ماله لغير مصلحة الأسرة، فإن كان بإذنه جاز وإن كان صدقة فإن للزوج ثواب الصدقة من ماله، ولها مثل هذا الثواب لأنها ساعدت بالعمل، أما إن كان بغير إذنه استحقت نصف الأجر، وذلك فى الشىء اليسير الذى تسمح به نفس الزوج، أما إن كان كثيرا فيحرم عليها أن تتصرف أو تتصدق إلا بإذنه.
وبهذا يمكن التوفيق بين الأحاديث التى أجازت لها التصرف، والتى نهت عن التصرف، والتى أعطت للزوجة مثل ثواب الصدقة أو نصف الثواب، يقول النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 7 ص 111 ": لابد من إذن الزوج، وإلا فلا أجر لها وعليها الوزر، والإذن إما صريح أو مفهوم من العرف والعادة، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به واطرد العرف فيه، وعلم رضاء الزوج والمالك به، فإذنه فى ذلك حاصل وإن لم يتكلم. وهذا إذا عُلم رضاه لاطراد العرف، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس فى السماحة بذلك والرضا به، فإن اضطرب العرف وشك فى رضاه، أو كان شخصا يشح بذلك، وعلم من حاله ذلك أو شك فيه لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه.
ثم قال النووى " ص 113 ": واعلم أن هذا كله مفروض فى قدر يسير، يعلم رضا المالك به فى العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة "ثم قال: ونَبَّه بالطعام أيضا على ذلك، لأنه يسمح به فى العادة، بخلاف الدراهم والدنانير فى حق أكثر الناس وفى كثير من الأحوال.
انتهى. يعلم من هذا أن الأموال الخاصة بالزوج - غير الطعام - لا يجوز للزوجة أن تتصرف فى شىء منها إلا بإذنه حتى لو كان للصدقة، وإلا كان عليها الوزر وله الأجر، أما إذا كان لحاجة الأسرة فلا يجوز أبدا إلا بإذنه، لأنه هو المكلف بالإنفاق عليها، اللهم إلا إذا كان بخيلا مقصرا فلها أخذ ما يكفى بالمعروف، دون إسراف ودون إنفاق فى الكماليات الأخرى، كما يعلم أيضا أن التصرف بغير الصدقة ونفقة الزوجية لا يجوز مطلقا من مال الزوج فى تقديم هدايا أو عمل،ولائم ونحوها إلا بإذنه.
أما مالها الخاص فلها أن تتصرف فيه بغير إذن زوجها ما دام فى شىء مشروع، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حث النساء على التصدق ألقين بالخواتم والحلى فى حجر بلال، ولم يسألهن النبى: هل استأذن أزواجهن فى ذلك أو لا " شرح صحيح مسلم ج 6 ص 173 ".
وكانت زينب أم المؤمنين صناع اليدين، تدبغ وتحرز وتتصدق بما تكسبه كله على المساكين " الزرقانى على المواهب ج 3 ص 247، 248".
وأخبر عنها النبى صلى الله عليه وسلم بأنها أطول زوجاته يدا، من أجل كثرة تصدقها ومن الخير أن تطلع الزوجة زوجها على حالتها وتصرفاتها المالية حتى لا يدخل الشك قلبه، فكثيرا ما تدخل الشكوك والريب قلوب الأزواج من هذه الناحية.
وإذا قلنا: إن للزوجة أن تنصرف فى مالها الخاص فى الأمور المشروعة بدون إذن الزوج، فإن ذلك محله إذا لم يكن بينهما اتفاق، أما إذا كان هناك اتفاق مشروط أو معروف عرفا على أن مال الزوجة يكون كله أو قدر معين منه فى مصاريف الأسرة فلا بد من تنفيذ الاتفاق، والمؤمنون عند شروطهم
(9/453)
________________________________________
الإجهاد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الإجهاض؟

الجواب
الإجهاض: الإجهاض هو إنزال الجنين قبل تمام نموه الطبيعى فى بطن أمه، وله طرق عدة، وإليك كلمة عن حكمه ملخصة من فتوى رسمية منشورة بالفتاوى الإسلامية (المجلد التاسع ص 3093) ومن مقالات بعض العلماء (مجلة العربى عدد أغسطس 1973) .
الإجهاض إن كان بعد الشهر الرابع حرام بالاتفاق، لأنه قتل نفس بغير حق، إلا لضرورة تقتضيه، فالضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} البقرة: 173، ومن الأعذار انقطاع لبن المرأة بعد ظهور الحمل، والرضيع محتاج إليه ولا بديل له ومنها الشعور بالضعف عن تحمل أعباء الحمل، وكون الوضع بالعملية القيصرية التى تعرضها للخطر، وإقرار الأطباء أن بقاء الحمل يفضى إلى هلاكها، والتأكد من وراثة مرض خبيث كالذى يذكره الدكتور محمد عبد الحميد وسيأتى بعد. أما قبل الشهر الرابع ففى الإجهاض خلاف:
1 - قال بعض الأحناف كالحصكفى: إنه مباح ولو بغير إذن الزوج وذلك عند العذر، وقال صاحب " الخانية ": لا يحل، قياسًا على ما لو كسر المُحرمُ بيض الصيد، الذى نص الفقهاء على أنه يَضْمَنُه، لأنة أصل الصيد، والجزاء الدنيوى أمارة الجزاء الأخروى-، فأقل درجات منعه أنه مكروه.
2 - والمالكية منعوه فى جميع مراحله ولو قبل الأربعين يومًا، على ما هو المعتمد من مذهبهم، كما فى نص عبارة الدردير فى الشرح الكبير: لا يجوز إخراج المنى المتكون فى الرحم ولو قبل الأربعين يومًا وفى رأى أنه مكروه، وعبارة " المتكون فى الرحم " تعطى أن النطفة لو لم تستقر فى الرحم يجوز التخلص منها.
3 - والمتَّجه عند الشافعية هو الحرمة، وقيل: يكره فى فترتى النطفة والعلقة، أو خلاف الأولى. ومحله إذا لم تكن هناك حاجة، كأن كانت النطفة من زنا فيجوز.
4 - أما عند الحنابلة فيؤخذ من كلام " المغنى " لابن قدامة أنها إذا ألقته مضغة فشهد ثقات من القوابل بأن فيه صورة خفية ففيه غرَّة، وإن شهدن أنه مبتدأ خلق آدمى ولو بقى لتصور ففيه وجهان، أصحهما لا شىء فيه.
فالخلاصة أن للفقهاء فى الإجهاض قبل تمام الأشهر الأربعة أربعة أقوال:
1 - الإباحة مطلقًا دون توقف على عذر، وهو مذهب الزيدية وبعض الحنفية وبعض الشافعية، ويدل عليه كلام المالكية والحنابلة.
ب - الإباحة عند وجود العذر والكراهة عند عدمه، وهو ما تفيده أقوال الحنفية وبعض الشافعية.
ب - الكراهة مطلقًا وهو رأى بعض المالكية.
د - التحريم بغير عذر، وهو معتمد المالكية والمتجه عند الشافعية والمتفق مع الظاهرية.
هذا، وتونس أولى الدول الإسلامية التى تبيح الإجهاض، وتركيا ستكون هى الثانية، واشترطت ألا يكون بعد 12 أسبوعًا من الحمل (الأهرام 19/2/1982) .
ما يترتب على الإجهاض من الأحكام الدنيوية:
كل الفقهاء متفقون على وجوب الغُرَّة " عبد أو أمة " فى إلقائه ميتا بجناية عليه من أمه أو من غيرها، مع اختلاف فى بعض التفاصيل.
فالحنفية قالوا: تجب الغرة على العاقلة وإن أسقطه غيرها أو أسقطته هى عمدَا بدون إذن زوجها، فإن أذن أو لم تتعمد فلا غرة، ولو أمرت الحامل غيرها بإسقاطه فلا ضمان على المأمورة بل على الحامل إذا لم يأذن الزوج، والعاقلة هم أقارب الجانى.
والشافعية قالوا: فيه غرة لكل جنين. والظاهرية قالوا: إن كان قبل تمام الأشهر الأربعة ففيه الغرة دون كفارة، وإن كان بعدها ففيه الاثنتان. ومن تعمدت قتل جنينها بعد الأشهر الأربعة أو تعمد قتله أجنبى ففيه القود (القصاص بالقتل) وصرح الإباضية بوجوب الغرًة.
هذا، وقد أفتت لجنة الفتوى بالأزهر بجواز الإجهاض للمرأة فى الشهر الأول خشية وراثة مرض خبيث، بشرط ألا يعرض المرأة للخطر (مجلة التصوف الإسلامى عدد 84 فى يناير 1986) .
ولا يجوز أن تمارس عمليات الإجهاض لغير الضرورة كالتى ذكرها الدكتور محمد عبد الحميد مدير مستشفى الملك " المنيرة " سنة 1935 من أن المرأة إذا كانت مريضة بالسل الرئوى الذى يزيده الحمل والوضع وينتقل إلى الجنين، أو بالالتهاب الكلوى الذى يعرِّض للتسمم البولى لإضراب الكليتين عن العمل. ويشتد خطر الالتهاب إن صاحبه ارتشاح فى الجسم، أو بالبول السكرى الذى لا يوجد له دواء، أو لا يفيده " الأنسولين " أو كانت مريضة بالقلب أو ضعف القوى العقلية أو الاضطرابات النفسية. أو بالقىء الكثير الذى يخاف منه على الحامل إذا كان مصحوبًا بزلال فى البول أو بحمى أو بنزف انتهى.
وإذا كان الحمل من زنا، وأجاز الشافعية إجهاضه، فأرى أنه يكون فى حالة الإكراه أو ما شابهها حيث يكون الإحساس بالندم والألم النفسى، أما عند الاستهانة بالأعراض وعدم الحياء من الاتصال الجنسى الحرام فأرى عدم جواز الإجهاض، لأن فيه تشجيعًا على الفساد، وإن كان منتشرًا فى كثير من البلاد غير الإسلامية، ولذا حرمته بعض القوانين، ثم رفعت الحظر عنه لممارسته فعلاً، وعالجت بعض الأولاد غير الشرعيين.
ولتمام الموضوع لبيان حكم التعقيم وحكم الإجهاض وآثاره والأسباب المبررة له قبل نفخ الروح فى الجنين وبعده يرجع إلى كتاب الفتاوى الإسلامية (مجلد 9 ص 3093 وما بعدها) . وينظر قرار مجمع البحوث الإسلامية "فتاوى الشيخ جاد الحق ج 5ص 98 "
(9/454)
________________________________________
حضانة البويضة أو الرحم المؤجر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فيما يطلق عليه الآن اسم " الرحم المؤجر"؟

الجواب
لاشك أن الزنا محرم فى جميع الشرائع السماوية، وله فى الإسلام عقوبة شديدة. ولإقامة الحد على الزانى والزانية وضعت شروط شديدة ودقيقة يدرأ بها الحد عند قيام الشبهة فى تحققها.
غير أن هناك صورا يتحقق بها ما يتحقق بالزنا أو تقاربه إلى حد كبير منها إدخال المرأة ماء رجل أجنبى عنها فى فرجها، فقد يحصل منه حمل تختلط به الأنساب ويثور النزاع، وتضيع الحقوق والواجبات، ولذلك حرم العلماء هذه الصورة كما حرموا غيرها.
وإذا كان إدخال الماء الأجنبى - وهو أحد المادتين اللتين يحصل منهما الحمل -حراما حتى لو لم يتم به حمل، فكيف بإدخال المادتين معا مع تحقق الحمل منهما؟ إن الحرمة أشد وتكون الحرمة - كما قال العلماء-من باب أولى.
ولذلك يمكن أن يعاد النظر فيما قاله الفقهاء قديما من أن هذه الصورة وإن كانت محرمة لا توجب عقوبة الزنا بالحد، لعدم تحقق اللقاء الجنسى على الصورة المعهودة.
أرى أن يعاد النظر فيما قالوه ويحكم بالحد فى هذه الصورة، لأن آثارها إن لم تكن هى تماما آثار الزنا فإنها تشبهها إلى حد كبير، لأن من أهم أسباب تحريمه هو اختلاط الأنساب إن حصل حمل.
هذا، وقد جاء فى قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامى التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى الذى انعقد فى الأردن فى أكتوبر 1986 م - جاء تحريم هذه الصورة التى يطلق عليها اسم " الرحم المؤجر ".
وفى محكمة " نيو جرسى " القريبة من نيويورك قضية من هذا النوع، عقدت صفقتها فى مارس 1985 م، وولدت الأم التى حملت البويضة الملقحة بنتا بعد تسعة أشهر، تنازعتها مع أصحاب هذه البويضة، لشعورها القوى بأنها جزء منها،على الرغم من أنها أم لطفلين غيرها.
وجاء فى أهرام 25/ 1 / 1987 م أن القضية لم يفصل فيها بعد.
وجاء فى أهرام 2/ 10/ 1987 م أن أما حملت بويضة بنتها وأنجيت ثلاثة توائم فى أحد مستشفيات " جوهانسبرج ".
أرى أن البويضة الملقحة حين وضعت فى رحم غير رحم صاحبة البويضة هى غريبة عنها، وليست منها أبدا ولا دخل لزوجها فيها فهى ملقحة من ماء غير مائه، وليس لصاحبة الرحم المؤجرَ إلا فضل التنمية والتغذية كإرضاع الطفل الأجنبى، فهل تقاس تغذية الجنين بدمها على تغذية الرضيع بلبنها فيكون ولدها من هذه الناحية، ويعطى حكم الرضيع فقط فى أحكامه الخاصة، أو ينسب إليها بولادته منها كما ينسب كل المولودين؟ ويا ترى إذا نسب إليها بالولادة هل تكون نسبة ولد زنا وهولم يتخلق منها أصلا لا بالبويضة ولا بالماء وقد سمينا غيره ولد زنا إذا كانت البويضه منها والماء من رجل أجنبى، أو لا ينسب إليها أصلا، لا كالرضاع ولا كالزنا وتعد هى كأنها حاضنة وإنما ينسب إلى أبويه صاحبى النطفة والبويضة؟ نحن فى انتظار نتائج بحث الفقهاء، وحسبى أننى أثرت هذه التساؤلات المفصلة، وإن كان الأشبه عندى-بصفة مؤقتة-أن يعطى الولد حكم الرضيع فقط ويعطى حكم اللقيط بالنسبة إلى أبويه، وحكم التلقيح بالنسبة إلى زوجها، على أن يكون وضع البويضة فى رحمها حراما، لما ينجم عنه من التنازع والاختلاف والآثار الأخرى
(9/455)
________________________________________
خدمة الزوجة للضيوف

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يتحمس بعض المجددين لإعطاء المرأة حقها فى النشاط الاجتماعى ولا يرون بأسا فى مجالسة الزوجة لأصدقاء زوجها وخدمتهم، فما حكم الدين فى ذلك؟

الجواب
فى حديث رواه البخارى وترجم له بقوله " باب قيام المرأة على الرجال فى العرس وخدمتهم بالنفس " وروى عن سهل بن سعد قال:
لما عَرَّس أبو أسَيْد الساعدى دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قرَّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بَلَّتْ تمرات فى تور من حجارة بالليل، فلما فرغ النبى من طعامه ماثته له فسقته تتحفه بذلك.
والتور إناء يشرب فيه وقد يتوضأ منه ويصنع من صفر أو حجارة، ومعنى ماثته: خلطته بالماء.
يقول العلماء: هذه الحادثة إما أن تكون قد وقعت قبل فرض الحجاب أو بعد فرضه، فإن كانت قبل فرضه فلا يصح أن يستدل بها على ما يدعيه بعض المتحمسين لتحرر المرأة واندماجها فى المجتمع وإن وقعت بعد فرض الحجاب - وهو لم يفرض إلا بعد الهجرة بثلاتَ سنوات أو أربع أو خمس فهل جاء فى الحديث أن أم أسيد كانت كاشفة لما أمر الله بستره، تسلم وتصافح المدعوين وتشاركهم الحديث وما يتبعه؟ إن من المقطوع به أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقرها على ذلك مطلقا إذا حدث، ومن هنا تكون أم أسيد قد التزمت الحجاب الذى فرضه اللَّه.
ونقول: إن خدمة المرأة للرجال فى حدود الحشمة الشرعية بكل مقوماتها القولية والفعلية، بل ومشاركتها لهم فى تناول الطعام غير ممنوع، وجاء فى موطأ الإمام مالك رضى الله عنه أن المرأة يباح لها أن تأكل مع الرجال. ويقول ابن القطان بناء على هذا: فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويدها للأجنبى، إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا وإذا قال القرطبى فى تفسيره "ج 9 ص 68 " فى الحديث: إنه لا بأس أن يعرض الرجل أهله على صالح إخوانه ويستخدمها لهم - فلابد من الحذر فى فهم هذا الكلام حتى لا يتعارض مع مقررات الشرع -وقد قال بعد ذلك ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول الحجاب.
إن مثل هذا النص لا يجوز أبدا أن يتخذ منطلقا للإباحة للمرأة أن تجالس أصدقاء الزوج على النحو المعروف الآن، ولابد لأى نص دينى أن يؤخذ مع النصوص الأخرى التى توضحه بالأساليب المعروفة، منعا لسوء الاستغلال، وعدم الاندفاع فى تيار التقليد العصرى الذى يخلق مشكلات وأخطار يعرفها الجميع
(9/456)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:43 pm

الفرق بين الخمار والنقاب والحجاب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نرجو تحديد معانى هذه الألفاظ وهى الخمار والنقاب والحجاب؟

الجواب
من القواعد العلمية ما يعرف بتحديد المفاهيم، أو تصور الموضوع تصورا صحيحا حتى يمكن الحكم عليه، فلابد من معرفة معانى الخمار والنقاب والحجاب قبل الحكم عليها.
1 - الخمار: هو واحد الخُمُر التى جاءت فى قوله تعالى {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} النور: 31، وهو ما يغطى به الرأس بأى شكل من الأشكال كالطرحة والشال وما يعرف بالإيشارب، ويقال فى ذلك: اختمرت المرأة وتخمرت، وهى حسنة الخِمْرَة.
2 - للنقاب: هو ما تضعه المرأة على وجهها لستره، ويسمى أيضا " البرقع " أو " النصيف " وهو معروف من زمن قديم عند اليهود كما فى سفر التكوين " إصحاح: 24" أن " رفقة " رفعت عينيها فرأت إسحاق، فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشى فى الحقل للقائى؟ فقال: هو سيدى، فأخذت البرقع وتغطت، كما كان معروفا عند العرب قبل الإسلام، وسمى باللثام، كما يسمى بالخمار أيضا. قال النابغة الذبيانى يصف " المتجردة " امرأة النعمان ابن المنذر لما سقط برقعها وهى مارة على مجلس الرجال:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه * فتناولته واتقتنا باليد.
3- الحجاب: فى اللغة هو الساتر كما قال تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} الأحزاب: 53، وكما قال {فاتخذت من دونهم حجابا} مريم: 17.
ويراد به فى الشرع ما يمنع الفتنة بين الجنسين، ويتحقق ذلك بستر العورة والغض من البصر، ومنع الخلوة والكلام اللين واللمس.
فالحجاب أعم من الخمار ومن النقاب، وهما من مقوماته التى تتحقق بها حكمة التشريع وهى منع الفتنة بين الرجال والنساء، أو تنظيمها ليؤدى كل من الجنسين رسالته فى هذا الوجود.
وبتحديد هذه المعانى يعرف حكم كل واحد منها، وهو مفصل فى الجز الثانى من موسوعة " الأسرة تحت رعاية الإسلام " وقد نتعرض له فى مواضع أخرى
(9/457)
________________________________________
تعدد الزوجات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
لماذا أجاز الله للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة ولم يجز للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل؟

الجواب
قال الله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} النساء: 3، ولقد كان تعدد الزوجات معروفا وسائدا فى الشرائع الوضعية والأديان السماوية السابقة، والإسلام أقره بشرط ألا يزيد على أربع، وألا يخاف العدل بينهن.
وفى مشروعيته مصلحة للرجل، فمن المقررأنه بحكم تكوينه مستعد للإخصاب فى كل وقت من سنه العادى، وتتوق نفسه إلى المتعة ما دام فى حال سوية، أما المرأة فبحكم تكوينها لا تستعد للإخصاب مدة الحمل، وهى أشهر طوال، ومدة الدورة وهى فى الغالب ربع الشهر طيلة عمرها حتى تبلغ سِنَّ الياس، كما أنها تعزف عن المتعة مدة الإرضاع التى قد تبلغ حولين كاملين، ولا ترغب فيها غالبا، أو تلحُّ عليها إلا فى فترة قصيرة جدا كل شهر حين تنضج البويضة، فكان من العدل والحكمة أن يشرع التعدد ما دامت هناك قدرة عليه وعدل فيه. فالزوجة قد تكون غير محققة لمتعته كما يريد، إما لعامل فى نفسه أو نفسها هى ولا يريد أن يطلقها، وقد تكون عقيما لا تلد وهو يتوق إلى الولد شأن كل رجل، بل وكل امرأة، فيبقى عليها لسيب أو لآخر، أو قد تكون هناك عوامل أخرى تحقق له بالتعدد مصلحة مادية أو أدبية أو عاطفية يحب أن ينالها فى الحلال بدل أن ينالها فى الحرام.
كما أن فى تعدد الزوجات مصلحة للمرأة أيظا إذا كانت عقيما أو مريضة وتفضل البقاء فى عصمة الرجل، لعدم الاطمئنان عليها إذا انفصلت، وقد تكون محبة له يعز عليها.أن تفارقه لشرف الانتساب إليه أو نيل خير لا يوجد عند غيره. وفيه مصلحة للمجتمع بضم الأيامى ورعاية الأيتام، وبخاصة فى الظروف الاستثنائية، وبالتعفف عن الفاحشة والمخاللة، وكذلك بزيادة النسل فى بعض البلاد، أو بعض الظروف التى تحتاج إلى جنود أو أيد عاملة.
وإذا علمنا أن الرجل مستعد للإخصاب فى كل وقت، وبتزوجه بعدة زوجات يكثر النسل. جاز له أن يعدد الزوجات، لكن المرأة إذا حملت أو كانت فى فترات الدم أو الرضاع لا تكون مستعدة للحمل مهما كثر اللقاء الجنسى بينها وبين زوجها الواحد، فما هى الفائدة من كثرة اللقاء بينها وبين أكثر من رجل؟ إنها ستكون للمتعة فقط، تتداول كما تتداول السلعة، وفوق أن هذا إهانة لكرامة المرأة: فيه اختلاط للأنساب وتنازع على المولود من أى هؤلاء الرجال يكون، وتلك هى الفوضى الجنسية والاجتماعية التى تضيع بها الحقوق، ولا يتحقق السكن بالزواج.
إن تعدد الأزواج للمرأة الواحدة صورة من صور النكاح فى الجاهلية التى أبطلها الإسلام، كما ثبت فى صحيح البخارى. فقد كان عندهم نكاح أخبرت عنه السيدة عائشة بأن الرهط ما دون العشرة من الرجال يدخلون على المرأة كلهم يصيبونها، فاذا حملت ووضعت ومرت ليال بعد أن تضع أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها فتقول لهم: قد عرفتم الذى كان من أمركم، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان - تلحقه بمن أحبت - فلا يستطيع أن يمتنع.
كما كان هناك نكاح البغايا الذى يدخل فيه كثير من الناس على.
المرأة فلا تمتنع ممن جاءها، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها القافة-الذين يعرفون الأثر-فألحقوا ولدها بالذى يرون والتاط به - أى لحقه -ودعى ابنه لا يمتنع منه، والإماء هن فى الغالب اللاتى يحترفن هذه الحرفة، وينصبن الرايات على بيوتهن.
وقد أثير مثل هذا السؤال بالنسبة للجنة حيث يزوج الله الرجل بكثير من الحور العين، ولا يجعل للمرأة إلا زوجا واحدا، ومع الاعتقاد بأن قانون الآخرة ليس تماما كقانون الدنيا، فإن الغرض من نعيم الآخرة هو إمتاع المؤمنين الصالحين بكل ما تشتهيه الأنفس وبخاصة ما حرموا منه فى الدنيا، والإمتاع معنى يقدره اللَّه ويكيفه حسب إرادته، فكما يجعل متعة الرجل فى الحور العين، يجعل متعة المرأة بمعنى آخر، لأن مهمتها الدنيوية فى الحمل لا لزوم لها فى الجنة، وسيضع الله فى قلبها القناعة بحيث لا تغار من زوجات زوجها من الحور، كما جعل الحور أنفسهن قاصرات الطرف على من خصصْنَ له من الرجال، لا يملْن ولايشتهين غير أزواجهن {وعندهم قاصرات الطرف أتراب} ص: 52، وقد منع اللَّه عن أهل الجنة عامة الغل والحسد، والهم والحزن: قال تعالى {ونزعنا ما فى صدورهم من غل} الحجر: 47، وقال على لسانهم {الحمد للَّه الذى اذهب عنا الحَزن إن ربنا لغفور شكور * الذى أحلنا دار المُقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} فاطر: 34، 35
(9/458)
________________________________________
زوجات النبى صلى الله عليه وسلم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو عدد وأسماء زوجات النبى صلى الله عليه وسلم، ولماذا أحل الله له أكثر من أربع؟

الجواب
المتفق عليه من زوجاته صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة، توفيت اثنتان منهما حال حياته، وهما خديجة وزينب بنت خزيمة، وتوفى عن تسع نسوة. والقرشيات من زوجاته ست، والعربيات من غير قريش أربع، وواحدة من غير العرب وهى صفية من بنى إسرائيل.
فالقرشيات هن:
1 - خديجة بنت خويلد، تجتمع مع النبى صلى الله عليه وسلم فى جده قُصى.
وهى أول من تزوج وأنجبت له كل أولاده: عبد الله والقاسم، زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، أما إبراهيم فهو من مارية القبطية. توفيت بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين على الأصح.
2 - سودة بنت زَمْعَة، تجتمع مع النبى صلى الله عليه وسلم فى جده لؤى بن غالب تزوجها بعد وفاة خديجة بقليل، عقد عليها بمكة، وقيل: دخل عليها بمكة أو المدينة، وتوفيت سنة 54 هـ.
3- عائشة بنت أبى بكر الصديق، تجتمع مع النبى صلى الله عليه وسلم فى كعب ابن لؤى، عقد عليها بعد عقده على سودة ودخل بها فى المدينة، وتوفيت سنة 506هـ أو بعدها.
4 - حفصة بنت عمر بن الخطاب. تجتمع مع النبى صلى الله عليه وسلم فى كعب ابن لؤى. تزوجها فى السنة الثانية أو الثالثة بعد الهجرة، وتوفيت سنة 45 هـ.
5 - أم سلمة، واسمها هند، وقيل: رملة. تجتمع مع النبى صلى الله عليه وسلم فى كعب بن لؤى، تزوجها بعد وفاة زوجها فى السنة الرابعة من الهجرة وتوفيت سنة 58هـ أو بعدها.
6 - أم حبيبة، واسمها رملة، وقيل هند. وهى بنت أبى سفيان تجتمع مع النبى صلى الله عليه وسلم فى كعب بن لوى. عقد عليها سنة سبع من الهجرة وهى فى الحبشة، وتوفيت سنة 44 هـ وقيل غير ذلك.
والعربيات هن:
1 - زينب بنت جحش: أبوها من مضر، وأمها قرشية وهى أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم تزوجها بعد طلاقها من زيد بن حارثة، سنة 3 هـ أو 4 أو 5 هـ وتوفيت سنة 20 أو بعدها.
2 - جويرية بنت الحارث المصطلقية، وقعت فى الأسر فى غزوة بنى المصطلق، فخلصها النبى وتزوجها سنة خمس أو ست من الهجرة، وتوفيت سنة 50 هـ أو بعدها.
3- زينب بنت خريمة، كانت تلقب فى الجاهلية بأم المساكين، تزوجها سنة ثلاث أو أربع من الهجرة، وتوفيت فى السنة الرابعة، ومدة مكثها عند النبى شهران أو ثلاثة، وقيل ثمانية.
4 - ميمونة بنت الحارث، تزوجها فى السنة السابعة من الهجرة فى عمرة القضية، وتوفيت فى " سرف " سنه 51 هـ.
أما غير العربيات فهى صفية بغت حُيَى بن أخطب من يهود بنى النضير، وقعت فى الأسر فاشتراها النبى صلى الله عليه وسلم من دحية وتزوجها فى غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة، وتوفيت سنة خمسين وقيل بعد ذلك وتزوج النبى صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء ولم يدخل بهن. وأما مارية القبطية فلم تكن زوجة حرة معقودا عليها، وإنما كان النبى صلى الله عليه وسلم يتمتع بها بملك اليمين، وولدت له إبراهيم وتوفيت سنة 12 أو 16 هـ.
وقد تزوج النبى صلى الله عليه وسلم هذا العدد على عادة العرب وغيرهم من تعدد الزوجات، ولم تنزل الآية التى حددت التعدد بأربع إلا بعد أن تزوجهن جميعا، وقد نهاه الله عن الزيادة عليهن وأمره بإمساكهن جزاء على اختيارهن له مع رقة عيشه وزهده، قال تعالى {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدَّل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} الأحزاب: 52، كما حرم على أحد أن يتزوج واحدة منهن بعد النبى صلى الله عليه وسلم فقال {وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللَّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} الأحزاب: 53، ولهذا لم يطلق واحدة منهن حتى تظل فى كنفه ويكن أزواجه فى الجنة.
وما كان زواجه بهن عن شهوة جنسية طاغية، بل كان لمعان إنسانية كريمة يطول بيانها، ولو كان لشهوة لاختارهن أبكارا، لكنهن كن جميعا ثيبات ما عدا عائشة، ولو كان لشهوة ما رفض كثيرات عرضن أنفسهن عليه هبة دون مقابل، وكان زواج كل واحدة بإذن ربه فقد روى " ما تزوجت شيئا من نسائى، ولا زوجت شيئا من بناتى إلا بوحى جاء لى به جبريل عن ربى عز وجل "ولا يقدح فى ذلك قوله "حبب إلى من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عينى فى الصلاة " فهو حب رحمة، جعلته -صلى الله عليه وسلم يوصى بهن كثيرا حتى فى أخر أيامه، - وتوضيح كل ذلك فى الجزء السادس من: الأسرة تحت رعاية الإسلام
(9/459)
________________________________________
الدليل على وجود الله ورسالة محمد (ص)

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو الدليل المقنع على وجود الله وعلى أن محمدا رسول حقا من عند الله؟

الجواب
1 - الدليل المقنع على وجود الله هو آثاره المشاهدة التى لا يمكن أن تكون موجودة بنفسها من غير قوة كبرى على قدرة وعلم وصفات يصدر عنها هذا الإبداع وهى قوة اللَّه تعالى، ومن البدهيات أن كل صنعة لابد لها من صانع، وكلما كانت الصنعة أحكم كان صانعها على أعلى مستوى من الحكمة، وكما قال الحكماء: ليس هذا العالم مخلوقًا بالطبع أو بالعلة، لأن مطبوع الطبيعة لا يختلف، بل بلتزم شكلاً واحدًا، ومعلول العلة لا يتخلف، بل لابد أن يكون ملازمًا لعلته وجودًا وعدمًا، حدوثًا وقدما.
إن الإيمان بوجود اللَّه حقيقة مقررة في فطرة الإنسان منذ خلق، كما نص الحديث الصحيح.
"ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهؤَدانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء" يقول أبو هريرة راوى الحديث: اقرءوا إن شئتم {فطرة اللَّه التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} الروم: 30، رواه البخارى ومسلم.
إن الرجل البدوى حين سئل عن وجود اللَّه نطق بفطرته فقال: البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج أفلا يدل ذلك على اللطيف الخبير؟ .
وأنت تعلم أن آدم عليه السلام خلق وهبط الأرض وفي قلبه هذه الحقيقة، ونشأت ذريته الأولى على هذا الإيمان. ولما تفرقوا في طول الأرض وعرضها شغلهم طلب العيش والمأوى عن التفكير في خالق هذا الكون، وساقتهم فطرتهم إلى أن هناك من هو أقوى منهم، يسيرهم، ويسيطر عليهم، بما يرونه من كواكب ونجوم ومخلوقات شتى، وحاولوا التقرب إليها أو التحصن ضد خطرها، وكما يحدثنا علماء الفلسفة والأجناس البشرية، رمزوا إلى هذه القوة الخفية بما يعبر عن عقيدتهم في شكل تمثال أو غيره.، ومن هنا جاء الرسل لتلفت أنظار الضالين إلى حقيقة الألوهية.
ومهما يكن من شيء فإن علماء العصر الحديث -على الرغم من تنكر بعضهم للدين الذى عاشوا فى ظله قرونا، وحرمهم كثيرا مما يحتمه انطلاق الفكر ونشاط الإرادة - لم يستطيعوا أن ينكروا وجود اللَّه وراء هذه المادة التى هي وعاء علمهم وتجارتهم، وكان أسلوبهم في البحث بعيدًا عن الأسلوب الدينى التقليدى الذى ثاروا عليه، ولو شئت لأوردت لك كثيرًا من أقوال كبارهم فى إثبات وجود اللَّه، ولكنى أحيلك على كتاب "الله يتجلى في عصر العلم " الذى جمع فيه "جون كلوفر مونسما " الباحث الديني الاجتماعي كثيرًا من شهادات علماء أمريكا المتخصصين في كل العلوم، بما يؤكد اعتراف العلم بوجود اللَّه.
وإن شئت دليلا على طريقة المتكلمين وعلماء التوحيد على وجود اللَّه أحيلك على "رسالة التوحيد " للشيخ محمد عبده، ولعلك توفق إلى فهم الأسلوب الموضوع للاستدلال على وجوده سبحانه.
وأعتقد أيها السائل أنك ما دمت مسلمًا ومؤمنًا بالتالي بوجود اللَّه فلا تشغل نفسك بأمر لا يعني به إلا الفلاسفة والعلماء المتخصصون الذين ينفقون وقتًا كبيرًا في الجدل والمناقشة. ونحن أحوج ما نكون إلى أي وقت وأي جهد يبذل في سبيل المعركة المصيرية التي يخوضها المسلمون عامة فى هذه الأيام.
2 - إن قيام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى دين جديد حقيقة تاريخية مقررة لاشك فيها، وتلك آثارها شاهد صدق عليها.
ولما جاء بالدعوة وكذبه قومه طلبوا منه ما يدل على صدقه، بالإضافة إلى ما عرفوه عنه من صدق وأمانة، وقد انترع منهم هذا التصديق المبدئي بقوله " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا وراء هذا الوادى تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي "؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا فقال لهم "إنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ولذلك جاء على لسان من عرضت عليه الدعوة وعرف أنه مشهور بالصدق: ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على اللَّه.
فلما أصروا على كذبهم ظلمَا وعلوا وقد استيقنت أنفسهم صدقه طلبوا منه آية أي علامة تدل على صدقه في أنه رسول اللَّه من عند اللَّه، وليس مدعيًا ذلك من نفسه فجاءهم بالقرآن متحديًا إياهم به، فعجزوا عن الإتيان بمثله، بل بعشر سورٍ، بل بسورة واحدة، على الرغم من أنهم فرسان البلاغة والفصاحة. وقد نص على ذلك قول الله تعالى {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا} الإسراء: 88.
وحيث إنهم عجزوا عن محاكاته: عُلم أنه ليس من صنعه فيكون من صنع اللَّه وحده، الذي جعل هذه المعجزة دليلاً على أن الرسول مبعوث من عند الله. وقد صح في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم "ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه اللَّه إلىَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ".
وإذا صدقنا بالقرآن معجزة صدقنا برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبكل ما جاء به، فالآيات في القرآن كثيرة تثبت رسالة جميع الرسل السابقين.وإن شئت توضيحًا لهذه الحقيقة فارجع إلى "رسالة التوحيد" للشيخ محمد عبده.
30/08/99242424242404:45 ص
(9/460)
________________________________________
النكاح المؤقت فى الغربة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز خلال بعثة تعليمية خارج البلاد أن يتزوج الإنسان لمدة زمنية محددة ينتهى بعدها العقد أو يتم تجديده؟

الجواب
نكاح المتعة نكاح مؤقت ينتهى بانتهاء المدة المتعاقد عليها بدون طلاق، ولا توارث عند الموت وقد أحله النبي صلى الله عليه وسلم لظرف طارىء ثم أبطله بعد زوال هذا الطرف واستمر باطلا إلى يوم القيامة، وعلى نسخه جمهور أهل السنة، وقالوا: إن المقصود من الزواج هو الدوام والاستمرار حتى يكون هناك استقرار في الأسرة لتؤدي رسالتها من الرحمة والمودة والسكن وتربية النسل تربية منظفة.
والإمام أبو حنيفة قال: إن عقد الزواج إذا كان محدودا بمدة معينة عقد صحيح ولكن يلغى التحديد ولا يلتزم به، وفي "المغنى " لابن قدامة الحنبلى:
لو تزوجها بغير شرط المدة إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح، وذلك لعدم الشرط في العقد. وإن تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين لم يصح النكاح.
ومن هذا ترى أن الزواج المؤقت بمدة مشروطة صحيح عند أبي حنيفة ويقع مؤبدا وبلغى الشرط، وصحيح عند الحنابلة إذا لم يذكر الشرط وكان في نية الزوج أن يطلقها بعد مدة، ولا ينتهي بمضي المدة كما هو في المتعة، لكن لابد فيه من الطلاق وله حكم الزواج العادي من حيث الميراث والنسب وسائر الحقوق.
وتمكن الاستفادة بهذين الرأيين، ولكن عند الضرورة القصوى، وليس في كل حال وعدمه أولى، والصبر والتفرغ للعمل أفصل
(9/461)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:50 pm

النساء وزيارة المقابر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين في زيارة النساء للقبور، وبخاصة عند التزام جميع الآداب وعند إرادة الاتعاظ والخشوع؟

الجواب
إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أولا عن زيارة القبور، قطعا لما كان عليه أهل الجاهلية من التفاخر بزيارتها لتعداد مآثر من فيها من الآباء والأجداد، الذي يشير إليه قوله تعالى {ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر} التكاثر: 1، 2، ثم رخص لهم بعد في زيارتها لتذكر الموت والاستعداد للحياة الآخرة، كما بينه الحديث الذي رواه ابن ماجه بسند صحيح "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة" وغير ذلك من الأحاديث التى رواها مسلم وغيره في هذا المقام.
وأجمع المسلمون على استحباب زيارة القبور، وأوجبها الظاهرية، غير أنهم قالوا: إن ذلك خاص للرجال دون النساء، لكن لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما في خروجهن من مفاسد نهاهن عنها، واستمر الإذن للرجال، وقال آخرون: إن النهى عن زيارتهن كان سابقا للنهى العام عن زيارة القبور. ثم جاء الإذن للرجال، وبقى المنع مستمرا بالنسبة لهن.
ومهما يكن من شىء فإن فى زيارتهن أقوالا تتلخص فيما بأتى:
1 -التحريم مطلقا، سواء كانت هناك فتنة أو مفسدة عند زيارتهن أم لا، ودليله حديث "لعن اللَّه زوارات القبور" رواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح، ولكن القرطبى قال يحتمل أن الحرمة منصبة على الكثرة، أخذا من التعبير بلفظ "زوارات " وهو صيغة مبالغة.
2 - التحريم عند خوف الفتنة أو المفسدة. وبهذا يحرم على الشابات زيارة القبور وكذلك على غيرهن إذا كن بزينة أو شيء يلفت إليهن الأنظار، وتجوز للعجائز اللاتي لا يفتتن بهن، إلا إذا صاحبها شيء محرم كالنياحة وغيرها مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والنساء لا يستطعن التخلص بسهولة من هذه العادات الشنيعة، ففي حديث أم عطية: أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم عند البيعة ألا ننوح، فما وفت امرأة منا غير خمس نسوة ... رواه البخاري. ولما بكى نساء جعفر ابن أبي طالب عليه لما استشهد أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أن ينهاهن فلم يطعن الرجل مرتين، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحثو في أفواههن التراب، رواه البخاري.
3 - الكراهة، ودليلها القياس على اتباع الجنائز، الذي ورد فيه حديث أم عطية أيضًا: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
4 - الإباحة، ودليلها عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة عندما ذهبت إلى البقيع -وهو مقبرة المسلمين -وعلمها ما تقوله عند زيارة القبور وهو"السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم اللَّه المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون " رواه مسلم:
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على امرأة تبكى عند القبر فأمرها بالتقوى والصبر، ونهاها عن البكاء لأنه سمع منها ما يكره من نوح وغيره، ولم ينهها عن أصل الزيارة.
5 - الاستحباب، كما هي مستحبة للرجال، ودليلها عموم الإذن بالزيارة في قوله صلى الله عليه وسلم "فزروها".
والآراء الثلاثة الأخيرة محلها عند أمن الفتنة والمفسدة، وإلا حرمت الزيارة، وبهذا يعلم جواب السؤال، وإن كنت أميل إلى كراهة زيارتهن على الرغم من عدم وجود محرم محظور، كالسفور والنياحة واللطم والجلوس على القبر والمبيت عنده وما إلى ذلك، فإن الأولى للمرأة أن تستقر في بينها لا تغادره إلا لضرورة أو حاجة ملحة، صيانة لها من الفساد
(9/462)
________________________________________
تفويض الزوجة فى الطلاق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للزوج أن يفوض زوجته في تطليق نفسها إذا دعت الظروف بمعنى أن تكون العصمة فى يدها؟

الجواب
يجوز للزوج أن يفوض زوجته في تطليق نفسها منه، وذلك أخذا من تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته كما جاء في قوله تعالى {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن اللَّه أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا} الأحزاب 28، 29.
إلا أن هذا التفويض يتقيد بمجلس علمها فقط، فلا يجوز أن تطلق نفسها في غير هذا المجلس إلا إذا كانت صيغة التفويض عامة، كما إذا قال لها: طلقى نفسك متى شئت، أو في أي وقت شئت، فإنها لا تتقيد بالمجلس، وكذلك إذا كان التفويض مقيدا بزمن، كما إذا قال لها، طلقي نفسك في مدة ثلاثة أشهر، فإنها تتقيد بهذا الزمن، وتفويضها طلاق نفسها إذا دعت إليه الضرورة ليس نصا في التفويض العام. ولهذا نرى أن يستبدل بها لفظ عام كقوله "متى شئت " حتى تستطيع أن تطلق نفسها في الوقت الذي تراه.
ويجوز أن يكون هذا التفويض قبل العقد ومع العقد، فإذا قال الرجل لامرأة:
إن تزوجتك فأمرك بيدك تطلقين نفسك في أي وقت، ثم تزوجها صح هذا التفويض ولا يتقيد بزمن لعمومه وكذلك إذا قالت امرأة لرجل: زوجتك نفسي على أن يكون أمر الطلاق بيدي أطلق نفسي متى شئت فقال: قبلت، تم عقد الزواج وصح التفويض ولا يتقيد بزمن لعمومه أيضًا. وإذا قال الزوج لزوجته: طلقى نفسك كلما شئت فليس لها أن تطلق نفسها ثلاثًا جملة واحدة، بل لها تفريق الثلاث، لأن القانون المصري رقم 25 لسنه 1929 منع الرجل من إيقاع الثلاث دفعة واحدة. فلا يستطيع أن يملك غيره مالا يملكه هو، وإن صح ذلك عند الحنفية كما هو مشهور مذهبهم.
هذا، وتفويض المرأة بالطلاق، أو جعل العصمة بيدها، لا يمنع الزوج من طلاقها متى شاء
(9/463)
________________________________________
إكراه البنت على الزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى بعض البلاد يزوج الأب بنته دون أن يأخذ رأيها، وقد تكون كارهة لهذا الزواج فهل هذا الزواج صحيح؟

الجواب
روى البخارى أن خنساء بنت خدام زوجها أبوها وهي كارهة- وكانت ثيبا - فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها. وفي السنن أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهى كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم يعني جعل لها الخيار في إمضاء هذا الزواج وفي فسخه، وروى أحمد والنسائي وابن ماجه أن رجلاً زوج بنته بغير استشارتها، فشكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أبى زوجنى من ابن أخيه ليرفع بى خسيسته. فجعل الأمر إليها، فلما رأت ذلك قالت: أجزت ما صنع أبى، ولكنى أردت أن أعلم النساء أنه ليس للأباء من الأمر شيء.
وروى عبد الرزاق أن امرأة قتل عنها زوجها يوم أحد ولها منه ولد، فخطبها عم ولدها ورجل آخر، فزوجها أبوها من هذا الرجل، فشكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تريده، وتريد عم ولدها لأنه أخذ منها ولدها، فقال لأبيها "أنت الذي لا نكاح لك اذهبي فانكحى عم ولدك " وذكر الحارث في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل زوج بنته دون أن يستشيرها "أشيروا على النساء في أنفسهن " إن استبداد الولى باختيار الزوج وانفراده بالعقد هو جناية على المرأة واستهانة بعواطفها وإحساساتها.
وكان العرب يستثيرون بناتهم في الزواج قبل الإسلام، فجاء الإسلام واحترام رأيها كجزء من تكريمه لها.
وقد جاءت في ذلك عدة أحاديث، منها ما رواه مسلم "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن " قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال "أن تسكت " وفي رواية "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها" الأيم في اللغة من لا زوج لها، ثيبا كانت أم بكرا، صغيرة أم كبيرة. واختلف العلماء في المراد بها فى هذا الحديث، فالجمهور على أن المراد بها الثيب، أي التي سبق لها زواج، وقال الكوفيون: هي كل امرأة لا زوج لها، بكرا كانت أم ثيبا، كما هو مقتضاه في اللغة، وقالوا: كل امرأة بلغت فهى أحق بنفسها من وليها، وعقدها على نفسها النكاح صحيح، وقال الأوزاعى وأبو يوسف ومحمد: تتوقف صحة النكاح على إجازة الولى.
واختلفوا أيضًا في عبارة "أحق بنفسها من وليها" هل هى أحق بالإذن فقط، أم بالإذن والعقد على نفسها؟ فعند الجمهور: هي أحق بالإذن فقط، وأما الذي يتولى العقد فهو وليها، وقال الكوفيون: هي أحق بالإذن والعقد، وقول الجمهور أصح لحديث "لا نكاح إلا بولى". وقد تبين من الأحاديث وجوب احترام رأى المرأة عند الزواج، ولابد من موافقتها عليه إما بالقول من الثيب وإما بالسكوت من البكر، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم الأمر إلى من زوجت بغير رضاها، إن شاءت أمضت وإن شاءت رفضت.
قال الشافعي وأصحابه: يستحب ألا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها، لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة، ما لم تكن هناك مصلحة تفوت لو لم يزوجها، وهو أدرى بها منها، كما زوج أبو بكر رضي الله عنه عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم " وهي صغيرة.
وبالجملة لابد من احترام رأى المرأة وتعاون ولى أمرها معها في اختيار زوجها، فالرجل له من عقله الراجح وتجاربه ما يوجه به عاطفة المرأة، وبخاصة إذا كانت نيته الوجهة الصالحة، فالزواج يحتاج إلى العقل والعاطفة معا، كما يقول بعض الكتاب: إن المرأة في عاطفتها القوية كحامض الكبريتيك المركز، فيه خطر كبير، والولى كالماء المخفف لتركيزه، فيجعله صالحًا لتوليد الكهرباء بين القطبين، وينتفع بهذه القوة انتفاعا كبيرا "انظر موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/464)
________________________________________
الذبح على رجل العروس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
من عادة بعض الناس ذبح الأغنام على أساس الدار الجديدة، وعلى رجل العروس حينما تصل إلى بيت زوجها، فهل هذا من الدين؟

الجواب
إذا كان الذبح شكرًا للَّه على النعمة في بناء البيت لا أكثر فهذا لا بأس به، وإن كان الذبح عند زفاف العروس شكرًا لله على النعمة لإطعام الفقراء فهو كالوليمة المسنونة فى الزواج، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه، وأمر الصحابة بهذه السنة، فينبغي إذا قدمت هذه الأشياء أن تكون بنية طيبة، وألا تلتزم فيها عادة قديمة لا أصل لها في الدين كالذبح على رجل العروس، فإن كانت بنية غير هذه فلا يوافق عليها الدين "انظر الوليمة في الجزء الأول من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/465)
________________________________________
المرأة وزوج بنتها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز شرعا لزوج بنتى أن يدخل بيتى ويجلس مع أمها في حالة حضورى أو غيابى عن البيت، ولوجود خلاف شديد ونزاع مستمر داخل الأسرة بسبب هذا الموضوع؟

الجواب
وجود المرأة مع زوج ابنتها في مكان خال بدون وجود محرم أو طرف ثالث - أمر جائز شرعا، لأنه من المحارم، أى من يحرم التناكح بينهما، فهى بمنزلة أمه، وهو بمنزلة ابنها، قال تعالى في المحرمات من النساء {وأمهات نسائكم} النساء: 23، والحديث الشريف يقول "لايبيتن رجل عند امرأه ثيب إلا أن يكون ناكحا - أى زوجا - أو ذا حرم " رواه مسلم ويقول "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " رواه البخاري ومسلم.
فإذا أحس الزوج أن هناك ريبة في هذه الخلوة كان على المرأة أن تستجيب لرغبة زوجها، وتمتنع عن الخلوة مع زوج بنتها على الرغم من أن ذلك حلال، وبخاصة إذا كان في المرأة ما يغرى، وكان زوج بنتها شابا لا يستطيع التحكم فى نفسه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله " رواه ابن ماجه ويقول "ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا، رجل أمَّ قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارمان " رواه ابن ماجه وابن حبان والترمذي وحسنه
(9/466)
________________________________________
شبهة فى المتعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما معنى قوله تعالى {نساوكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} البقرة:
223؟

الجواب
فهم بعض الناس من هذه الآية أن للزوج أن يباشر زوجته في غير المحل الطبيعي للمباشرة، اعتمادا على ما يفهمه من تعبير"أنى شئتم " وعلى ما نقل خطأ عن بعض الأئمة، وقد جاء في البخارى ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فأنزل اللَّه قوله تعالى {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} وفى لفظ مسلم "إن شاء مُجبيةً وإن شاء غير مجبية -والمجبية المنكبة على وجهها- غير أن ذلك في صمام واحد " والصمام الواحد هو المحل الطبيعي، وهو موضع الحرث والولد.
وفي المسند عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هلكت، قال "وما أهلكك "؟ قال: حولت رحلى البارحة. فلم يرد عليه شيئا، فأوحى الله إليه {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر.
وذكر الشافعي: بسند وثق رجاله أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن فقال "حلال " فلما ولى دعاه فقال "كيف قلت: في أي الحرثتين أو فى أى الحرزتين أو في أى الخصفتين؟ أمن دبرها في قبلها فنعم، أم من دبرها في دبرها فلا، إن اللَّه لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن " وفي بعض الروايات التعيير بالحشوش والمحاش.
إن لفظ "أنَّى" في الآية يطلق على معان ثلاثة، أين ومن أين وكيف.
والمعنى الثالث هو المقصود منها، فالتعميم في الحال لا في المكان كما بينته السنة الصحيحة، والحرث هو الذي ينبت الزرع وهو الولد.
وقال مجاهد: سألت ابن عباس عن هذه الآية فقال: تأتيها من حيث أمرت أن تعتزلها، يعني فى الحيض، لأن هذه الآية متصلة بآية الحيض.
ومن هنا يعلم خطأ من نسب القول إلى الإتيان في غير ذلك إلى بعض الأئمة فهو مجمع على حرمته، وتفصيله في شرح الزبيدى للإحياء "ج 5 ص 375" وزاد المعاد لابن القيم وخلاصته فى الجزء الثالث من موسوعة: الأسرة تحت رعاية الإسلام
(9/467)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:58 pm

زينة المعتدة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى الزينة الممنوعة على الزوجة التى توفى عنها زوجها؟

الجواب
الزوجة التى توفى عنها زوجها يجب عليها أن تعتد، أي تمكث بلا زواج حتى تضع حملها إن كانت حاملا، أو يمر عليها أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير حامل، كما جاء في قوله تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} البقرة: 234، وقوله {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} الطلاق: 4.
ويحرم عليها أثناء العدة أمور تتنافى مع الحزن والأسف لفراق الزوج، والوفاء لحق الحياة الزوجية، والمساعدة على عدم طمع أحد في زواجها حتى تنتهي عدتها.
فيحرم عليها التزين بأية زينة تتنافى مع هذه الحكمة، وكانت للعرب في الجاهلية مظاهر استمر النساء عليها حتى جاء الإسلام فأقر بعضها وأبطل الآخر. وليس هناك ما يمنع من القياس على ما كان عند الجاهلية مما لم يبطله الإسلام عند عدم ورود النص فيه.
فالطيب بجميع أنواعه حرام، وكذلك زينة بدنها من خضاب ومساحيق وكحل وما إلى ذلك، وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على النهى عن الخضاب، للتنبيه على ما شاكله أو كان أعظم منه منافاة لمقصود الإحداد، وكل ذلك ممنوع ليلاً ونهارا، ففى سنن أبي داود عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا تكتحل ولا تختضب ".
لكن لو احتيج لشيء من ذلك على سبيل التداوى فلا مانع منه، ويرخص فيه بقدر الضرورة، بدليل ما ورد في الصحيحين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب " [وهو برود من اليمن يعصب غزلها ثم يصبغ ثم ينسج مصبوغا فيخرج ملونا-وقيل هو النبت الذي يصبغ به لا الزينة] "ولا تكتحل ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت - أى من الحيض -في نبذة من قسط أو أظفار" نوعان من البخور.
وهذا القول هو ما عليه جمهور الفقهاء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي وغيرهم. ويقاس عليه كل ما لم يقصد به الزينة كالقطرة السائلة والجافة والأصباغ الطبية التى توضع على الجروح وغيرها، ولا تمنع المحدة من تقليم الأظفار، وإزالة الشعر المندوب إزالته وكل ما يقصد به النظافة لا الزينة.
وكذلك يحرم على المحدة لبس الثياب التي يقصد منها الزينة أيا كان لونها أو نوعها، والعرف يختلف في تقدير الزينة من هذه الملابس، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا ما كان نساء العرب قد اعتدنه، فنهى عن الثوب المصبوغ للزينة.
وكذلك يحرم عليها لبس الحلى بجميع أنواعه، فهو للزينة قطعا، وقد صح عن الصحابة نهيهم عن ذلك كابن عمر وابن عباس وأم سلمة وعائشة رضى الله عن الجميع
(9/468)
________________________________________
الولد للفراش

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوج رجل بفتاة وبعد ثلاثة أشهر اكتشف خيانتها فطلقها، وبعد ثلاثة أشهر تزوجت برجل آخر وبعد ستة اشهر وضعت طفلا وتوفيت على الأثر فلمن ينسب هذا الطفل؟

الجواب
ثبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال "الولد للفراش وللعاهر الحجر "رواه البخاري ومسلم، وقد ولد هذا الطفل على فراش الزوجية الأخيرة.
فهو ينسب إلى هذا الأب الثاني، ومدة الحمل هي من ستة أشهر من حين اجتماع الزوجين أو من حين العقد على خلاف فى ذلك. فقد روى أن رجلا تزوج امرأة فولدت لستة أشهر، فهمَّ عثمان رضي الله عنه برجمها، فقال ابن عباس: لو خاصمتكم بكتاب اللَّه لخصمتكم قال تعالى {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال {وفصاله في عامين} فلم يبق للحمل إلا ستة أشهر وقد درأ عثمان الحد، واشتهر ذلك بين الصحابة ولم ينكره أحد، فلو ولدته قبل ستة أشهر من الدخول أو الخلوة فلا يثبت نسبه إلا إذا ادعاه الزوج.
أما العقاب فأمره متروك إلى اللَّه، لأنه هو الذي يعلم السر كله فى هذا الموضوع، وليسن لنا إلا الحكم بالظاهر، حفاظا على الأعراض والأنساب ومنعا للفتنة
(9/469)
________________________________________
بيت الطاعة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى إلزام القضاء للزوجة العاصية بالدخول في بيت الطاعة، وكيف تدخل الزوجة التي لا تطيق العيش مع زوجها في هذه الطاعة بإرغامها بالحكم القضائي، وهل وردت هذه الطاعة فى القرآن أو السنة؟

الجواب
من الأوضاع الشاذة التى تضطر الزوجة إليها من أجل الحفاظ على حق النفقة، وبخاصة إذا كان عن طريق التحاكم إلى القضاء- ما يسمى ببيت الطاعة.
فالرجل يعمد إلى مسكن لا يرضى أن يسكنه هو، بل ولا يرضى لابنته أو أخته أن تسكنه، ويقدم إليها من الطعام والشراب في هذا السجن ما يتنافى مع الكرامة الإنسانية، وذلك كله من أجل التضييق عليها حتى تفتدى نفسها منه ليطلقها، وقد أمر الله سبحانه بإحسان عشرتها في المسكن والنفقة وحرم الإضرار بها لتطلب الطلاق منه فقال {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} الطلاق: 6، إن هذه المعاملة تتنافى مع الوصية بالإحسان إليهن ومعاشرتهن بالمعروف. وقد يحمل عناد المرأة على عدم تمكن زوجها من الوصول إلى غرضه.
وأقول: إذا عرف كل من الزوجين حقه وواجبه نحو الآخر وجب التنفيذ بدقة وإخلاص، فإذا ساء التفاهم بينهما أوصيهما بقول الله تعالى {فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا} البقرة: 231.
وإذا فشل التحكيم في التوفيق فليتفرقا ليغنى اللَّه كلا من سعته ولا داعى للعناد الذي يجر إلى ما لا يرضاه اللَّه، وأذكَرهما بالحديث الشريف "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " وليحذر كل منهما أن ينعكس خلافهما على أولادهما، وينتقم اللَّه من الظالم في شخص ولده أو بنته عند الزواج
(9/470)
________________________________________
عدة من استؤصل رحمها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف تعتد المرأة عدة الطلاق لو استؤصل رحمها ولم تعد تحيض ولا تحمل؟

الجواب
المرأة المطلقة إما حامل وإما غير حامل، وغير الحامل إما أن تحيض أو لا تحيض، والتى لا تحيض إما أن الحيض لم يأتها بعد لصغرها، وإما أنه انقطع بعد أن كان يأتيها لكبر سنها مثلا، ولكل حكمه فى العدة:
فالحامل عدتها تنتهى بوضع الحمل، كما قال تعالى {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} الطلاق: 4، وغير الحامل التى تحيض عدتها بالأقراء، وهى الأطهار أو الحيضات، كما قال تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} البقرة: 288، والتى لم يأتها الحيض لصغرها عدتها بالأشهر وهى ثلاثة قمرية، ومثلها التى انقطع حيضها لليأس منه بكبر سنها، كما قال تعالى {واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر، واللائى لم يحضن} الطلاق: 4، واليأس إما طبيعى أو عارض ومن استؤصل رحمها ولم تعد تحيض بعد، قد عرض لها اليأس فتعتد بثلاثة أشهر.
لأنها يئست من الحيض.
هذا، والأئمة الذين فسروا القرء بأنه الطهر هم مالك والشافعى وأحمد فى رواية، والذين فسروه بالحيض هم أبو حنيفة وأصحابه وأحمد فى رواية، وقانون الأحوال الشخصية فى مصر أخذ برأى الحنفية فى القرء وهو الحيض
(9/471)
________________________________________
التعامل مع الحائض

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
شاب كان فى سفر طويل ثم حضر فى إجازة قصيرة فوجد زوجته حائضا أو نفساء ويريد أن يتمتع بها فكيف يتصرف؟

الجواب
يقول اللَّه سبحانه {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم اللَّه إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} البقرة: 222.
تنهى الآية عن قربان الحائض حتى تطهر والطهر يكون بالغسل عند جمهور للعلماء، فيحرم الجماع قبله، وقال أبو حنيفة: يجوز الجماع بمجرد انقطاع الدم ولو قبل الغسل إذا كان الانقطاع لأكثر مدة الحيض، فإن انقطع قبل ذلك حرم إلا بعد أن تغتسل أو تتيمم أو يمضى عليها وقت صلاة، والقربان يصدق بالجماع وبغيره، أما الجماع فهو حرام باتفاق العلماء، ويؤكد حرمته ما نصت عليه الآية وما اقره المختصون من الأذى.
وأما غير الجماع فقد ورد فيه قول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن فى البيوت فسأل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله هذه الآية وقال صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شىء إلا النكاح " وكل شىء ما عدا النكاح جائز فيما عدا ما بين السرة والركبة، كالقبلة وغيرها، تقول السيدة عائشة رضى الله عنها: كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبى صلى الله عليه وسلم-أى تناوله الإناء - فيضع فاه على موضع فمى فيشرب، وأتعرَّق العَرْق -أى العظم الذى عليه بقية من لحم - وأنا حائض ثم أناوله النبى صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على فمى رواه مسلم، وتقول أم المؤمنين ميمونة رضى اللَّه عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضطجع معى وأنا حائض، وبينى وبينه ثوب، رواه مسلم أيضا، كما روى مثل هذا عن أم سلمة، قال النووى تعليقا على ذلك: قال العلماء: لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة ولحت الركبة، ولا يكره وضع يدها فى شيء من المائعات، ولا يكره غسل رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله، ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك من الصنائع، وسؤرها-بقية شربها - وعرقها طاهران، وكل هذا متفق عليه.
أما الاستمتاع بما بين السرة والركبة من غير جماع فالآراء فيه مختلفة، فأبو حنيفة ومالك والشافعى يحرمونه، بدليل ما سبق عن ميمونة وأم سلمة من اضطجاع الرسول معها مع وجود ثوب حائل كما روى البخارى عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر فأتزر فيباشرنى وأنا حائض.
وروى أحمد وغيره عن عمر أنه سأل الرسول عما يحل للرجل من امرأته وهى حائض فقال " له ما فوق الإزار ".
أما أحمد بن حنبل فقد أباح الاستمتاع بما بين السرة والركبة، بناء، على فهمه من اعتزال النساء فى المحيض أنه نهى عن موضع الحيض وهو الفرج لا غير، وهو احتمال لا يدل على الحرمة فى غيره، مع عموم قوله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " وقال بقول أحمد الثورى وإسحاق، ومن قبلهم عطاء وعكرمة والشعبى، ورأى الجمهور أقوى.
وهنا يثار سؤال، هل تجب كفارة على من وطئ زوجته وهى حائض؟ هناك رأيان، رأى يقول بوجوب كفارة، بناء على حديث رواه أبو داود والنسائى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى ذلك "يتصدق بدينار أو نصف دينار " ورأى لا يقول بذلك، بناء على حديث رواه ابن ماجه " من أتى كاهنا فصدقه بما قال، أو أتى امرأة فى دبرها، أو أتى حائضا فقد كفر بما أنزل على محمد " صلى الله عليه وسلم، حيث لم يذكر الحديث كفارة، ولأنه وطء نهى عنه لأجل الأذى فأشبه الوطء فى الدبر.
وعلى هذا الرأى أبو حنيفة ومالك وأكثر أهل العلم، والشافعى له قولان فى ذلك.
وعلى القول بوجوب الكفارة هناك روايتان فى مقدارها، رواية تقول:
إنها دينار أو نصف دينار، وأخرى تقول: إن كان الدم أحمر أو فى أوله فدينار وإن كان أصفر أو فى آخره فنصف دينار.
ولو كان من فعل ذلك جاهلا بالحكم أو ناسيا هل تجب عليه؟ قيل تجب وذلك لعموم الخبر، وقيل لا تجب، لحديث " رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجه.
والمرأة المختارة المطاوعة قيل تجب عليها كفارة، وقيل لا تجب لعدم تناول النص لها
(9/472)
________________________________________
انقطاع الدم ثم عودته

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يحدث أن الحائض أو النفساء ينقطع دمها بعض الأيام ثم يعود، فهل تحسب أيام الانقطاع طهرا أم حيضا ونفاسا؟

الجواب
أقل مدة الحيض مختلف فيها بين لحظة ويوم وليلة وثلاثة أيام بلياليها، وأكثرها عشرة أيام عند الحنفية وخمسة عشر يوما عند غيرهم.
وغالبه ستة أو سبعة، وأقل مد النفاس لحظة وأكثره عند بعضهم ستون يوما وعند البعض الآخر أربعون وغالبه أربعون يوما.
وعند انقطاع الدم فى أثناء الحيض أو النفاس هناك قولان للعلماء، قول يطلق عليه اسم السَّحْب، أى سحب حكم الحيض والنفاس على مدة الانقطاع، وهو قول الحنفية، بصرف النظر عن قصر مدة الانقطاع وطولها، وقول يطلق عليه اسم اللقط أى لقط أيام الطهر وعدم سحب حكم الحيض والنفاس عليها، وهو قول الشافعية والمالكية إذا بلغت مدة الانقطاع خمسة عشر يوما أو زادت، فتكون طهرا، وما قبلها نفاس وما بعدها حيض، فإن قلت مدة الانقطاع عن ذلك انسحب عليها حكم الحيض والنفاس كما يقول الحنفية، والانقطاع فى النفاس عند أحمد وأكثره أربعون يوما يعتبر طهرا.
وإن تجاوز الحيض أكثره أو النفاس أكثره كان استحاضة لا يجرى عليها حكم الحيض والنفاس.
وإن تجاوز الحيض ما تعودته المرأة ولم يتجاوز أكثر مدته، كأن كانت عادتها ستة أيام فامتدت إلى ثمانية مثلا عند أبى حنيفة، أو إلى ثلاثة عشر يوما عند غيره وكذلك إذا تجاوز النفاس ما تعودته النفساء ولم يتجاوز أكثر مدته كان ذلك كله نفاسا
(9/473)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 10:59 pm

الولى فى الزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى المرأة التى تزوج نفسها دون وليها؟

الجواب
مما درج عليه الناس من قديم الزمان أن تكون هناك كفاءة بين الزوجين، ومن هنا وجد الاختيار فى قبول أحد الطرفين للآخر عند الخطبة، والمقياس الأول للكفاءة هو الدين الذى يليه فى المرتبة الأخلاق، وما بعدها يترك للعوامل التى تختلف زمانا ومكانا.
والذى يزن ذلك هو العاقل الحكيم الذى يزن الأمور بميزان العقل البعيد عن حدة العواطف، وذلك أحرى بالرجال إلى حد كبير، دون إغفال للناحية العاطفية عند المرأة، فلابد من إشراكها فى الاختيار أيضا، وبهذا الاشتراك يوجد نوع من التوازن فى تقدير كفاءة الزوج.
وللعلماء فى تقدير الكفاءة وجهان: أحدهما أنها شرط لصحة النكاح متى فقدت بطل العقد، وهو قول الشافعية وأحد الروايتين عن أحمد، وبه قال أبو حنيفة إذا زوجت العاقلة نفسها ولها ولى عاصب لم يرض بالزواج قبل العقد، والوجه الثانى أنها شرط للزوم النكاح، فيصح العقد بدونها ويثبت الخيار، وهو الرواية الثانية عن أحمد، والكفاءة بهذا حق للأولياء كما أنها حق للمرأة.
ومن هنا شرعت استشارة البنت، واحترام رأيها وجاءت فى ذلك نصوص منها: ما رواه مسلم "لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر ولا تنكح البكر حتى تُستأذن " قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال "أن تسكت " وفى رواية "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تُستأمر وأذنها سكوتها" ومما يدل على تأكدها حديث البخارى أن خنساء بنت خدام زوَّجها أبوها وهى كارهة وكانت ثيبا فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحها، وفى رواية أحمد والنسائى وابن ماجه أن خنساء أو غيرها قالت للرسول -إن أبى زوجنى من ابن أخيه ليرفع بى خسيسته، فجعل النبى الأمر إليها -أى الخيار-فلما رأت ذلك قالت: أجزت ما صنع أبى ولكن أردت أن أعلم النساء أنه ليس للآباء من الأمر شيء. وكانت الأََمَة "بريرة " متزوجة من العبد "مغيث " فلما عتقت لم ترض أن تبقى معه لعدم التكافؤ، ولم ترض بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم حين تدخل بينهما، وفى مصنف عبد الرزاق أن امرأة مات زوجها فى غزوة أحد وترك لها ولدا، فخطبها أخوه فأراد أبوها أن يزوجها رجلا غيره، ولما تم الزواج شكت للنبى أن عم ولدها أخذه منها لما تزوجت غيره، فقال لأبيها "أنت الذى لا نكاح لك، اذهبى فتزوجى عم ولدك ".
هذا كله فى المشورة واحترام رأى المرأة عند الزواج، لكن هل لها أن تباشر العقد بنفسها أم الذى يباشر هو ولى أمرها؟ يرى جمهور الفقهاء "مالك والشافعى وأحمد" أن المرأة لا تباشر العقد بنفسها سواء أكانت بكرا أو ثيبا، لأن العقد هو نهاية المطاف من التشاور، وولى الأمر أرجح رأيا كما تقدم وجاء فى ذلك حديث رواه أصحاب السنن "لا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هى التى تزوج نفسها" وحديث آخر من روايتهم "أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل " ثلاث مرات. كما ورد حديث "لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل " رواه ابن حبان. يقول النووى فى شرح صحيح مسلم، إن العلماء اختلفوا فى اشتراط الولى فى صحة النكاح، فقال مالك والشافعى: يشترط ولا يصح نكاح إلا بولى وقال أبو حنيفة: لا يشترط فى الثيب ولا فى البكر البالغة، بل لها أن تزوج نفسها بغير أذن وليها، وقال أبو ثور: يجوز أن تزوج نفسها بإذن وليها ولا يجوز بغير إذنه، وقال داود: يشترط الولى فى تزويج البكر دون الثيب اهـ.
هذا، وإذا كان القانون المصرى يأخذ برأى أبى حنيفة للتيسير، فإن المرأة المصرية التى تريد أن تثبت وجودها وتتمتع بحريتها واستقلالها استغلته استغلالا سيئا، ورأينا بنات يخرجن عن طاعة أوليائهن ويتزوجن من يُردن، وتعرضن بذلك إلى أخطار جسيمة. وأرى العودة إلى رأى الجمهور فهو أقوى وأحكم، والظروف الحاضرة ترجح ذلك، وقد رأى عمر رضى الله عنه إيقاع الطلاق ثلاثا بلفظ واحد، لسوء استغلال الرجال لما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من إيقاعه مرة واحدة، وإذا وجدت المصلحة فثمَّ شرع الله
(9/474)
________________________________________
الطلاق فى حال الحيض

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يقع الطلاق على المرأة إذا كانت حائضا؟

الجواب
قال تعالى {يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} الطلاق: ا، أى فى وقت عدتهن، وهى الأطهار كما هو رأى الشافعى ومالك ومن وافقهما، أو مستقبلات لعدتهن، وهى الحيض كما هو رأى أبى حنيفة ومن وافقه.
قال العلماء: الطلاق يكون سنيا إذا كان على المدخول بها غير الحامل وغير الصغيرة والآيسة، فى طهر غير مجامع فيه ولا فى حيض قبله، والطلاق البدعى هو إيقاع الطلاق على المدخول بها فى وقت الحيض أو فى طهر جامعها فيه وهى ممن تحمل، أو فى حيض قبله، وسمى بدعيا لمخالفته للسنة المشروعة.
روى مالك فى الموطأ أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهى حائض على عهد النبى صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله عن ذلك فقال "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسكها بعد ذلك وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التى أمر الله أن يُطلق لها النساء" ورواه البخارى ومسلم، وجاء فى رواية مسلم "مره فليراجعها ثم ليطلقها إذا طهرت وهى حامل " ورواه البيهقى بوجه آخر، واسم امرأة ابن عمر آمنة بنت غفار كما قال النووى وغيره، وقيل اسمها النوار "نيل الأوطار".
ومع حرمة الطلاق هل يقع أو لا؟ فيه خلاف بين العلماء السلف والخلف، فقيل: يقع،وعليه الأئمة الأربعة، وقيل: لا يقع، وارتضى ابن القيم عدم وقوعه، وسماه بدعة، وساق حجج الأولين ورد عليها بتطويل يراجع فى كتابه "زاد المعاد! ج 2 ص 44 وما بعدها" والشيعة الإمامية وأهل الظاهر على هذا القول "انظر الجزء السادس من موسوعة: الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/475)
________________________________________
خياطة ملابس النساء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا سيدة أمتلك ماكينة خياطة هى مورد رزقى الوحيد، وأخيط للسيدات الملابس الموضة، فهل كسبى حرام؟

الجواب
ما دمت لا تتأكدين أن هذه الملابس ستكون للخروج والاختلاط بالناس الأجانب فخياطتها غير حرام، لأنه يجوز أن تلبسها المرأة فى بيتها لزوجها ومحارمها، كما يحتمل أنها تخرج بها، فالأمر غير مقطوع به، مثل ذلك مثل من يبيع العطور وأدوات الزينة للنساء، فإنها تستعمل فيما يحل وفيما يحرم، وكذلك أقمشة النساء، بل التعامل فى كل ما يستعمل للخير والشر لا يحرم على الإنسان، فليس هناك شيء يستعمل فى الخير خاصة ولا يمكن أن يستعمل فى الشر ولو بوجه من الوجوه.
أما إذا كانت الملابس التى تخاط لا تستعمل إلا فى الشر، ولا يوجد مكان لاستعمالها فى الخير، وتعلم الخيَّاطة أن هذا الثوب للأشياء المحرمة فيحرم عليها أن تخيط هذا الثوب، لأنها معونة على الشر، والدال على الشر أو المساعد عليه شريك فى الإثم. والأدلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا
(9/476)
________________________________________
حكم الزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما موقف الشريعة من مسلم يعيش حياته حتى الموت دون زواج لعدم توافر الإمكانات عنده؟

الجواب
الزواج فى أصله سنة الحياة من أجل بقاء النوع الإنسانى، وسنة الأديان التى تنزلت على الرسل {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} الرعد: 38، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى "أربع من سنن المرسلين: الحناء والتعطر والسواك والنكاح ".
وقد أمر الإسلام به من استطاعه، أما غير المستطيع فلا حرج عليه، بل يشغل نفسه بعبادة أخرى حتى لا يقع فى مكروه، قال تعالى {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} النور: 33، وقال صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء" رواه البخارى ومسلم.
فما دام الإنسان غير مستطيع فلا ذنب عليه، أما إذا استطاع ولم يتزوج فإن خاف على نفسه الزنى وجب عليه أن يتزوج، وإن لم يخف كان الزواج بالنسبة له سنة يثاب عليه ولا يعاقب على تركه.
ويقول النووى فى المفاضلة بين الزواج وتركه: إن الناس فيه أربعة أقسام:
ا-قسم تتوق إليه نفسه ويجد المؤن، فيستحب النكاح.
ب -وقسم لا تتوق -أى نفسه -ولا يجد المؤن، فيكره الزواج.
جـ -وقسم تتوق -أى نفسه - ولا يجد المؤن، فيكره له، وهذا مأمور بالصوم لدفع التوقان.
د-وقسم يجد المؤن ولا تتوق: فمذهب الشافعى وجمهور أصحابنا أن ترك النكاح لهذا والتخلى للعبادة أفضل، ولا يقال:
النكاح مكروه، بل تركه أفضل، ومذهب أبى حنيفة وبعض أصحاب الشافعى وبعض أصحاب مالك أن النكاح له أفضل والله أعلم
(9/477)
________________________________________
تحويل الجنس إلى جنس آخر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فيما نشر وما ينشر من تحول بعض الناس من جنس إلى جنس أخر عن طريق العلاج الطبى والعمليات الجراحية؟

الجواب
إن الذكورة لها أعضاؤها التى من أهمها القُبُل والخصية وما يتصل بها من حبل منوى وبروستاتا، ومن الآثار الغالبة للذكورة عند البلوغ الميل إلى الأنثى، وخشونة الصوت ونبات شعر اللحية والشارب وصغر الثديين. .. وللأنوثة أعضاؤها التى من أهمها المهبل والرحم والمبيض وما يتصل بها من قناة فالوب وغيرها، ومن آثارها الغالبة عند البلوغ الميل إلى الذكر ونعومة الصوت وبروز الثديين وعدم نبات شعر اللحية والدورة الشهرية.
وقد يولد شخص به أجهزة الجنسين، فيقال له: خنثى، وقد تتغلب أعضاء الذكورة وتبرز بعملية جراحية وغيرها فيصير ذكرا، يتزوج أنثى وقد ينجب. وقد تتغلب أعضاء الأنوثة وتبرز بعملية جراحية وغيرها فيصير أنثى تتزوج رجلا وقد تنجب.
أما مجرد الميول الأنوثية عند رجل كامل الأجهزة المحددة لنوعه فهى أعراض نفسية لا تنقله إلى حقيقة الأنثى، وقد تكون الميول اختيارية مصطنعة عن طريق التشبه فتقع فى دائرة المحظور بحديث لعن المتشبه من أحد الجنسين بالآخر، وقد تكون اضطرارية يجب العلاج منها بما يمكن، وقد يفلح العلاج وقد يفشل، وهو مرهون بإرادة الله سبحانه. كما أن مجرد الميول الذكرية عند امرأة كاملة الأجهزة المحددة لنوعها لا تعدو أن تكون أعراضا لا تنقلها إلى حقيقة الذكورة فتقع فى دائرة المحظور إن كانت اختيارية ويجب العلاج منها إن كانت اضطرارية.
هذا، وقد رفع طلب إلى دار الإفتاء المصرية فأجاب عنه الشيخ جاد الحق على جاد الحق بتاريخ 27 من يونية 1981 م بما خلاصته أن الإسلام أمر بالتداوى، ومنه إجراء العمليات الجراحية بناء على حديث رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل طبيبا إلى أبىِّ بن كعب فقطع عرقا وكواه،وأنه نهى عن التخنث المتعمد المتكلف كما رواه البخارى ومسلم ثم قرر أنه يجوز إجراء عملية جراحية يتحول بها الرجل إلى امرأة، أو المرأة إلى رجل متى انتهى رأى الطبيب الثقة إلى وجود الدواعى الخلقية فى ذات الجسد بعلامات الأنوثة المغمورة أو علامات الرجولة المغمورة، تداويا من علة جسدية لا تزول إلا بهذه الجراحة.
ومما يزكى هذا ما أشار إليه القسطلانى والعسقلانى فى شرحيهما لحديث المخنث من أن عليه أن يتكلف إزالة مظاهر الأنوثة. وهذا التكلف قد يكون بالمعالجة والجراحة علاج، بل لعله أنجح علاج.
لكن لا تجوز هذه الجراحة لمجرد الرغبة فى التغيير دون دواع جسدية صريحة غالبة، وإلا دخل فى حكم الحديث الشريف الذى رواه البخارى عن أنس قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال "أخرجوهم من بيوتكم " فأخرج النبى فلانا وأخرج عمر فلانا.
وإذ كان ذلك جاز إجراء الجراحة لإبراز ما استتر من أعضاء الذكورة أو الأنوثة، بل إنه يصير واجبا باعتباره علاجا متى نصح بذلك الطبيب الثقة، ولا يجوز مثل هذا الأمر لمجرد الرغبة فى تغيير نوع الإنسان من امرأة إلى رجل، أو من رجل إلى امرأة "الفتاوى الإسلامية - المجلد العاشر-ص 3501"
(9/478)
________________________________________
الحجاب بين أمر الله وإرادة البشر

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل توافق الزوجة على أمر زوجها لها بخلع الحجاب؟ وهل يجوز للفتاة المتحجبة خلع الحجاب ليلة الزفاف؟

الجواب
حجاب المرأة مفروض بالكتاب والسنة، وإذا كان الله ورسوله قد أمرا به فلا يتوقف التنفيذ على إذن أحد من البشر، والزوج الذى يأمر زوجته بخلعه عاص لأنه يأمرها بمعصية، كقوله لها لا تصلى ولا تصومى، وذلك إثم عظيم لأنه يأمر بالمنكر، وبالتالى يحرم على الزوجة أن تطيعه فى ذلك، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
وطاعة الزوجة لزوجها فى المقصود الأصلى من الزواج، وهو المتعة ورعاية البيت والاستقرار فيه، ولا سلطان عليها فيما عدا ذلك من الأمور العامة التى يشترك فيها الرجال والنساء، فالله هو الذى يأمر وينهى.
ولا يقال: إنها مكرهة على ذلك فتعفى من المسئولية، فغاية عصيانه أنه سيطلقها ورزقها ليس عليه بل على الله سبحانه، وسيهيئ لها من يرعاها ويحميها فى غير هذا البيت الذى تنتهك فيه حرمات الله، ولا خوف على أولادها منه، فهو المتكفل بالإنفاق عليهم وعلى أمهم الحاضنة لهم.
ولتعلم الزوجة أنها لو أطاعته فى خلع الحجاب -وهو عنوان الشرف. والعفاف - فسيسهل عليها طاعته فيما هو أخطر من ذلك لأن مثل هذا الزوج لا غيرة عنده ولا كرامة وستجره المدنية إلى تجاوز حدود الدين حتى لا يعاب بالرجعية إن لم تكن زوجته مجارية للعرف الحديث بما فيه من أمور يأباها الدين.
فليتق الله أمثال هذا الزوج، وليحمدوا ربهم أن أعطاهم زوجات عفيفات محافظات على شرفهن وعلى شرفهم، ولا يستهينوا بسفور الزوجة زاعمين أنه شيء بسيط، فإن معظم النار من مستصغر الشرر.
أما خلع العروس حجابها ليلة الزفاف فهو حرام ما دام هناك أجنبى، فلم يرد الشرع ولم يقل أحد من العلماء باستثناء هذه المناسبة، ولا يجوز أن نطوِّع الدين لهذا السلوك الوافد علينا ممن لا يدينون بالإسلام، فقد كانت العروس تظهر بكامل زينتها فى الماضى البعيد والقريب ما دام المحتفلون بها هم النساء والأقارب المحارم كالأب والأخ والعم والخال، وذلك بمعزل عن الرجال الأجانب.
وما يعمل الآن فى الأماكن العامة التى يختلط فيها الرجال مع النساء دون التزام بالحجاب الشرعى لا يقره الإسلام، ومن شارك فيه فهو مخطئ مهما كانت شخصيته ولا ينتظرن أحد أن يفتى عالم ديني بجوازه للضرورة أو الحاجة، فليست هناك ضرورة ولا حاجة، والزوجة للزوج لا لغيره، وزينتها له لا لغيره، ومن خرج على حدود الدين فهو آثم، والحلال بيِّن والحرام بيِّن، ولأن يرتكب الحرام على أنه حرام أخف من أن يرتكب على أنه حلال، وإن كان الكل عصيانا لله، وعصيان يفضى إلى توبة أخف من عصيان يفضى إلى كفر
(9/479)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 11:03 pm

المرأة فى الإسلام

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى يوم 4 من مارس 1984 نشرت كاتبة بجريدة الواشنطن بوست مقالا عرضت فيه صورة غير دقيقة عن وضع المرأة فى الإسلام، وردَّت عليها نائبة رئيس الجمعية الإسلامية الدولية فى فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية وتطلب رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
من الملاحظ أن كثيرا ممن يكتبون من الأجانب عن الإسلام غير فاهمين له فهما صحيحا، كما أن بعضهم يكون غير منصف فيما يكتب، وذلك لغرض من أغراض كثيرة تكشف الأيام عن بعضها، وتنبه المسلمون إلى اليقظة لما يدور حولهم من أفكار وحركات.
ومن الملاحظ أيضا أنهم يحكمون على الإسلام بالصورة التى عليها بعض المجتمعات الإسلامية أى يحكمون بالسلوك والممارسة على المبدأ ذاته، وهذا خطأ فقد يكون المبدأ صحيحا والتطبيق خطأ، إما لعدم الفهم أو عدم الالتزام وما جاء به الدين حق. والناس قد يلتزمون به أو لا يلتزمون.
والحقيقة التى لا يشك فيها منصف أن الإسلام وضع المرأة فى موضعها اللائق بها شأنه فى كل ما جاء به من هداية، لأنها تنزيل من حكيم حميد، فصحح كثيرا من الأفكار الخاطئة التى كانت مأخوذة عنها فى الفلسفات القديمة، وفى كلام من ينتسبون إلى الأديان.
وردَّ لها اعتبارها وكرَّمها غاية التكريم، ومع ذلك وضع إطارا واحتياطات تصون هذا التكريم وتمنع سوء استغلاله والناظر فى هذا الإطار وهذه الاحتياطات يجدها حكيمة كل الحكمة لأنها من صنع الله الحكيم الذى يعلم سر مخلوقاته، مراعًى فيها أن كل حرية مقيدة بما يحقق المصلحة ويدفع الضرر، وأن كل حق يقابله واجب، ضرورة أن النشاط البشرى نشاط اجتماعى. بل إن الإنسان مع نفسه له حق وعليه واجب، ليمكن أن يعيش فى وضع كريم.
ومن الخطأ أن يحاول بعض الناس إخضاع أحكام الدين لأهوائهم، أو صبغها باللون الثقافى الذى عاشوا فيه، مع أن العكس هو الصحيح، فالواجب هو إخضاع الأهواء والثقافات للدين.
وإذا كان بعض المسلمين فى بعض العصور أو البيئات تشددوا فى تطبيق الاحتياطات حتى أدى ذلك إلى حرمان المرأة من بعض حقوقها، فإن بعض المسلمين اليوم ينادون بإلغاء هذه الاحتياطات، حتى تنطلق المرأة بفكرها وسلوكها، وتتساوى مع الرجل أو تنافسه فى كل ميدان.
وهؤلاء وهؤلاء مخطئون، والنصوص فى التوسط والاعتدال، والموازنة بين الحقوق والواجبات ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب -كثيرة، والواجب على من يكتب عن الإسلام أو غيره أن يقرأ ويفهم كل شىء عنه، ليستطيع أن يصل إلى حكم صحيح أو قريب من الصحة
(9/480)
________________________________________
العلاقة بين الخطيبين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
خطبت فتاة قريبة وأحببت أن أجلس معها وأحدثها ليتعرف كل منا أخلاق الآخر فمنعنى أقاربها، فهل الدين يحرم ذلك؟

الجواب
أباح الإسلام بل ندب للخطيب أن ينظر إلى خطيبته فى حدود الوجه والكفين ليرى منها ما يرغِّبه فى زواجها، وذلك بشرط أن يكون جادا فى خطبتها،ودليله قول النبى صلى الله عليه وسلم وفعله، أما قوله فمنه ما رواه مسلم أن رجلا تزوج امرأة من الأنصار فقال له "أنظرت إليها"؟ قال لا،،قال "فاذهب فانظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا". وروى الترمذى وحسَّنه والنسائى وابن ماجة من حديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبى "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أى تحصل الموافقة والملاءمة بينكما.
وأما فعله فقد روى البخارى في سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسى، فنظر إليها فصعَّد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه. . . . . .
ويجوز عند أحمد بن حنبل النظر إلى أكثر من الوجه والكفين، مما لا يخدش حياء أو يثير فتنة، بناء على الحديث الذى رواه، وهو "إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " ولذلك قال ابن الجوزى فى كتابه "صيد الخاطر" ومن قدر على مناطقة المرأة أو مكالمتها بما يوجب التنبيه ثم ليرى ذلك منها، فإن الحسن فى الفم والعينين - فليفعل هذا.
هذا هو الطريق لمعرفة جمالها وصحتها، أما معرفة أفكارها وثقافتها وأخلاقها فيكون إما بسؤال أهل الثقة والخبرة، وإما بمعرفة ذلك بنفسه عن طريق المحادثة والمجالسة والمحادثة نفسها لا مانع منها شرعا، والمحرم منها هو لين الكلام أو اشتماله على محرم، أما المجالسة فلا تجوز أن تكون فى خلوة بل لا بد من وجود طرف آخر يمنع وسوسة الشيطان لهما بالسوء على حد قول الحديث الشريف الذى رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء، فوالذى نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا ودخل الشيطان بينهما" وقد صح فى تحريم الخلوة "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " رواه البخارى ومسلم فإذا وجد المحرم أى القريب الذى يحرم زواجه منها كالأب والأخ والعم والخال فلا حرمة.
أما ما وراء النظر والمجالسة مع المحرم من مثل التلامس باليدين بدون حائل، أو ما هو أكبر من تلامس اليدين فهو حرام، وإذا كان هناك اجتماع عام كما هو فى الشوارع أو الأسواق بحيث يطلع الناس على الخطيبين فلا يعد ذلك خلوة، بل هو جائز. هذا هو الشرع فى حدوده التى وضعها لتلاقى الخطيبين، وهى حدود معتدلة ليس فيها تزمت ولا تفريط، فالذين يمنعون النظر إلى الوجه والكفين والكلام العادى بحضور محرم -مخالفون للشريعة، والذين يبيحون النظر بدون حدود والكلام واللقاء الحر بدون ضوابط -مخالفون للشريعة. والخير فى اتباع الهدى النبوى، حماية للشرف وصيانة للعرض، ومنعا للتهمة وسوء الظن، وإذا كان لبعض الناس عرف يخالف ذلك فالدين يحكم على العرف لوجود النص فى المسألة، ولا يجوز للعرف أن يحرِّم ما أحل الله أو يحلل ما حرَّم الله، "انظر الجزء الأول والثانى من موسوعة:
الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/481)
________________________________________
نكاح الشغار

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
شاب له أخت يريد أن يتزوج أخت شاب آخر على أن يتزوج هذا الشاب أخته "تبادل " فهل هذا جائز؟

الجواب
روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا شغار فى الإسلام " وصورته أن يزوج الرجل ابنته أو قريبته إلى رجل على أن يزوجه هو ابنته أو قريبته وليس بينهما صداق.
وسمى بذلك لخلوه من المهر وعدم معاوضة البضع، مأخوذ من شغر البلد إذا خلا من الناس، وليس فى هذا النوع عيب إلا خلوه من الصداق، فهو لا يمس العرض والشرف.
وقد أبطله الإسلام لأن البضع جعل مقابل البضع فلم تستفد منه المرأة شيئا، وقال ببطلانه الإمام الشافعى، أما أبو حنيفة فقد أجازه وألزم كلاًّ بمهر المثل،. وحكى ذلك عن عطاء والزهرى والليث بن سعد وغيرهم.
لكن لو جعل كل رجل مهرًا لمن يريد أن يتزوجها فالزواج صحيح لا غبار عليه. وهناك نوع من الزواج كانت العرب فى الجاهلية تمارسه أيضا وهو نكاح البدل أو المبادلة وصورته أن يقول رجل لآخر: خذ زوجتى وأعطنى زوجتك. روى الدارقطنى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: كان البدل فى الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: انزل لى عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتى أزيدك فأنزل الله عز وجل {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} الأحزاب: 152.
وذكر دخول عيينة بن حصن الفزارى على الرسول وعرض عليه أن ينزل له عن أحسن من عائشة، فقال له "إن الله قد حرم هذا" وأنكر الطبرانى أن يكون هذا النوع قد حدث عند العربى لكن القرطبى قال: إن هذه الحادثة تدل على أنه كان موجودا "تفسير القرطبى ج 14 ص 221"
(9/482)
________________________________________
الصداق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل فى الإسلام شىء عن مؤخر ومقدم الصداق، وما رأى الدين فى حالة تنازل المرأة عنه، وما حكم المغالاة فى المهور؟

الجواب
الصداق عِوَض يدفع للمرأة عند النكاح، وهو ملك لها لا يجوز لوليها أو زوجها أن يأخذ شيئا منه إلا برضاها، كما قال تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} النساء:
4، وقال {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا " وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا} النساء: 20، 21.
المهر يجوز أن يدفع مرة واحدة، وأن يدفع على أقساط، وذلك حسب الاتفاق وهو يجب بمجرد العقد ويتأكد بالدخول، ولو طلقها قبل الدخول كان لها النصف، كما قال تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح} البقرة: 337، أما الطلاق بعد الدخول فلا يبيح له استرداد شيء منه، وما دام المهر ملكا للزوجة فهى حرة التصرف فيه ما دامت عاقلة رشيدة، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو بعضه،. كما تنص عليه الآية المذكورة، وكما يجوز عند الخلع أن تتنازل عنه كله أو بعضه بل تعطيه أكثر مما دفع كما ذهب إليه بعض الفقهاء، ودليله حديث حبيبة بنت سهل الأنصارية وقد اختلعت من زوجها ثابت بن قيس وردت إليه مهرها وهو حديقة أو حديقتان على خلاف فى الروايات وكان ذلك بأمر النبى صلى الله عليه وسلم ما رواه البخارى، وذلك بعد قوله تعالى {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} البقرة: 229.
وليس للصداق حد أدنى فيجوز أن يكون بكل ما يُموَّل، لحديث "التمس ولو خاتما من حديد" ورأى بعض الفقهاء ألا يقل عن ربع دينار، وبعضهم ألا يقل عن عشرة دراهم، بل يجوز أن يكون منفعة.
ولا حد لأكثره بدليل آية {وآتيتم إحداهن قنطارا" وقد ندب النبى صلى الله عليه وسلم إلى عدم المغالاة فيه، فقد روى أحمد والبيهقى بإسناد جيد حديث "من يمن المرأة أن تتيسر خطبتها وأن يتيسر صداقها وأن يتيسر رحمها "يعنى بالولادة، ولم يرض لفقير أن يكلف نفسه فوق طاقته فيدفع مهرا كبيرا بالنسبة إليه، فقد روى مسلم حديث الرجل الذى تزوج على أربع أواق فاستنكره النبى صلى الله عليه وسلم وقال "كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك فى بعث تصيب منه ... " فالمدار كله على طاقة الزوج والناس مختلفون فى ذلك، والغالب أن المغالاة فى المهور تكون من جهة الزوجة، إلى جانب ما يطلب من شبكة وهدايا ومصاريف أخرى، وهو أمر له نتائجه الخطيرة، فهو يقلل من الإقبال على الزواج وبخاصة فى الظروف الاقتصادية الحرجة ولو استدان الزوج قد يعجز عن الوفاء، وذلك له أثره على حياتها الزوجية، قد يحس بالنفور والامتعاض من الزوجة التى تسببت له فى الهم بالليل والذل بالنهار.
ومن أجل هذا نهى عمر عن المغالاة فى المهور بما يشبه أن يكون قرارا يسرى على الجميع، غير أن امرأة ذكرته بقوله تعالى: {وآتيتم إحداهن قنطارا} فرجع عن فكرته.
ومن الواجب أن يكون هناك تعاون بين الطرفين فى تيسير أمر الزواج بل على المجتمع ممثلا فى المسئولين أن يتدخل من أجل مصلحة الجميع
(9/483)
________________________________________
عطر المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها بعطر خفيف تقصد به إزالة رائحة العرق؟

الجواب
ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهى زانية، وكل عين زانية" رواه النسائى وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما، ورواه الحاكم أيضا وقال: صحيح.
كما رواه أبو داود والترمذى بلفظ "كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس كذا وكذا" يعنى زانية، وقال الترمذى: حديث حسن صحيح.
وفى المأثور: خير عطر المرأة ما ظهر لونه وخفى ريحه.
يفهم من هذا أن وصف المرأة بأنها زانية أى تشبُّها، يقوم على وضعها العطر بقصد أن يجد الناس ريحها، وهذا واضح لا يشك أحد فى أنه مذموم، فالقصد به حينئذ الفتنة والإغراء، ولا يكون كذلك إلا إذا كان العطر نفَّاذا أو قويا، أما الخفيف الذى لا تجاوز رائحته مكانه إلا قليلا، والذى لا يقصد به الإغراء، بل إخفاء رائحة العرق مثلا فلا توصف المرأة معه بأنها كالزانية، وذلك لانتفاء المقصد ومع ذلك أرى أنه مكروه على الأقل، فإن الرائحة حتى لو كانت خفيفة فستجد من يتأثر بها من الرجال الذين تزدحم بهم الطرق والأسواق والمواصلات فأولى للمرأة الحرة العفيفة أن تبتعد عن كل ما يثير الفتنة من قريب أو بعيد.
وإزالة رائحة العرق تمكن بالاستحمام أو غسل المواضع التى يتكاثر فيها العرق ولا يحتاج إلى وضع روائح، فإن الخفيف منها يجر إلى الكثير القوى.
وهذا كله عند وجود رجال أجانب خارج البيت أو داخله، أما مع المحارم أو الزوج أو النساء فلا مانع من الروائح، وذلك لعدم فتنة المحارم بها ولإدخال السرور على قلب زوجها، وعدم انتقاد النساء لها.
وضمير المرأة له دخل كبير فى هذا الموضوع
(9/484)
________________________________________
الإحداد على الميت

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل لبس السواد حزنًا على الميت حرام؟

الجواب
ليكن معلوما أن الإحداد على الميت مشروع للنساء لا للرجال، وليس كل النساء فيه سواء، فهو واجب على الزوجة لوفاة زوجها مدة العدة، وجائز لها على غير زوجها ثلاثة أيام فقط، ويمنع بعدها، فقد روى البخارى ومسلم أن زينب بنت أبى سلمة دخلت على أم حبيبة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم حين توفى والدها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة، خلوق أو غيره، فدهنت به جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لى بالطيب من حاجة، غير أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تُحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" وورد مثل ذلك عن زينب بنت جحش وأم سلمة رضى الله عنهما، وإذا كان هذا محرما على النساء فهو على الرجال أولى.
ومن مظاهر الإحداد لبس الملابس التى لا تدل على الفرح والسرور، والناس مختلفون فى أعرافهم فى هذا الموضوع، ففى بعض البلاد يحدون على موتاهم بلبس الملابس البيضاء وغيرهم يحدون بالملابس السوداء، وهكذا.
والمهم أن إحداد المرأة على غير زوجها لا يجوز أن يتعدى ثلاثة أيام، والتى لم يمت لها قريب لا يجوز أن تجامل امرأة أخرى فى لبس السواد إذا كان إحدادها غير مشروع، فإن المجاملة فيها نوع من الرضا أو فيها عون على غير ما شرع الله، والرجال أولى بمراعاة هذا الحكم من النساء
(9/485)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 11:05 pm

مكان العدة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تعتد المرأة عند الفرقة فى البيت الذى كانت فيه؟ .
وهل لها أن تخرج منه؟

الجواب
تعتد المرأة فى البيت الذى كانت تسكنه عند موت زوجها، سواء أكان البيت مملوكا لزوجها أم مؤجرا أم معارا، وهو مذهب الجمهور، ودليله حديث الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبى سعيد الخدرى لما مات زوجها خارج المدينة سألت النبى صلى الله عليه وسلم أن ترجع إلى أهلها، لأنه لم يتركها فى مسكن يملكه ولا نفقة، فقال لها أخيرا "اسكنى فى بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله " رواه الترمذى وقال: حسن صحيح.
وملازمة البيت واجب عليها إن تركه لها الورثة ولم يكن عليها فيه ضرر، أو كان المسكن لها، فلو حوَّلها الوارث أو طلب أجرا لا تقدر عليه جاز لها أن تتحول إلى غيره.
وقال جماعة من الصحابة منهم عائشة وجابر: إن المتوفى عنها لا يلزم أن تعتد فى بيت الزوجية، بل يجوز لها أن تقضيها فى أى بيت، لأن الله حين أمرها بها لم يعين بيتا خاصا.
وقال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت، وإن شاءت خرجت، لقول الله عز وجل {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف} البقرة: 240.
وفى اعتداد المطلقة جاء قوله تعالى {يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} الطلاق: 1، أى ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت فى العدة ولا يجوز لها الخروج أيضا إلا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة، ودليله حديث مسلم عن جابر أن خالته لما طلقت وأرادت أن تخرج لتقطع ثمر نخلها زجرها رجل، فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقال "بلى، فجذِّى نخلك فإنك عسى أن تصدقى أو تفعلى معروفا".
يقول القرطبى فى تفسير الآية: والرجعية والمبتوتة فى هذا سواء، وإضافة البيوت إليهن إضافة إسكان وليس إضافة تمليك، ثم قال فى التعليق على الحديث: فى هذا دليل لمالك والشافعى وابن حنبل والليث على قولهم: إن المعتدة تخرج بالنهار فى حوائجها، وإنما تلزم منزلها بالليل، وسواء عند مالك كانت رجعية أو بائنة.
وقال الشافعى فى الرجعية: لا تخرج ليلا ولا نهارا، وإنما تخرج المبتوتة نهارا.
وقال أبو حنيفة: ذلك فى المتوفى عنها زوجها، وأما المطلقة فلا تخرج ليلا ولا نهارا، والحديث يرد عليه.
ثم ذكر القرطبى حديث الصحيحين فى طلاق فاطمة بنت قيس طلاقا بائنا، أن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تنتقل من بيتها الذى كانت فيه إلى بيت عبد الله ابن أم مكتوم لتعتد فيه لخوفها على نفسها فى البيت الأول كما جاء فى بعض روايات الصحيحين، ولما اعترض البعض على ذلك ردت عليهم بأن عدم الخروج إنما هو فى الطلاق الرجعى لأن زوجها قد يراجعها ما دامت فى عدتها، أما البائن فليس له شىء من ذلك.
فالخلاصة: أن المتوفى عنها زوجها تعتد فى بيت زوجها ولا تتركه إلا لعذر مقبول وذلك على رأى الجمهور.
وأجاز لها البعض الخيار فى أن تعتد فى أى مكان تشاء، ولها أن تخرج نهارا لكسب عيشها.
وأما المطلقة طلاقا رجعيا فتعتد في بيت مطلقها وتبيت فيه ليلا وأما خروجها نهارا لحاجة ففيه خلاف.
وأما المطلقة طلاقا بائنا فتعتد فى بيت مطلقها أيضا، ولا تتركه إلا لعذر، وقيل يجوز لها أن تعتد فى غيره كما فى حديث فاطمة بنت قيس ولها الخروج نهارا للحاجة.
هذا، وما دام الأمر خلافيا فيجوز الأخذ بأحد الآراء دون تعصب له، فالرأى الاجتهادى صواب يحتمل الخطأ، أو خطأ يحتمل الصواب، بهذا لا يكون هناك تناقض ولا تضارب فى أحكام الشريعة المنصوص عليها والمتفق على صحتها
(9/486)
________________________________________
من أحكام الحائض

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للحائض أن تذبح الطيور وتغسل ملابس زوجها التى يصلى فيها؟

الجواب
جاء فى سفر اللاويين "الإصحاح الخامس عشر كله " حديث طويل عن الدم. ومنه أن المرأة بعد سبعة أيام من انقطاع حيضها تقرب يمامتين أو فرخى حمام للكاهن، ويكفر عنها الكاهن أمام الرب من سيل نجاستها، وذكر القرطبى فى تفسيره أن من قبائل العرب من كانت الحائض عندهم مبغوضة، فقد كان بنو سليح أهل بلد الحضر-وهم من قضاعة - نصارى، إن حاضت المرأة أخرجوها من المدينة إلى الربض -ما حول البلد-حتى تطهر، وفعلوا ذلك بنصرة بنت الضيزن ملك الحضر، فكانت الحال مظنة حيرة للمسلمين فى هذا الأمر وتبعث على السؤال عنه.
وجاء فى صحيح مسلم "ج 3 ص 211" عن أنس رضى الله عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن فى البيوت - أى لا يجتمعون معهن - فسأل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم - الرسول فأنزل الله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} البقرة: 222.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اصنعوا كل شىء إلا النكاح " فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله اليهود تقول كذا وكذا، فلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما -أى غضب - فخرجا فاستقبلهما هدية من اللبن إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأرسل فى آثارهما فسقاهما، فعرفنا أنه لم يجد عليهما.
وجاء أبو الدحداح فى نفر من الصحابة فقالوا: يا رسول الله، البرد شديد والثياب قليلة، فإن آثرناهن هلك سائر أهل البيت، وإن استأثرنا بها هلكت الحيَّض، فقال "إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن ". ومن هنا نقول: يجوز للحائض أن تذبح الطيور وتذكر اسم الله، وتغسل ملابس زوجها وله أن يصلى فيها، وكل ذلك مع الاعتراف بأن الحائض تعتريها تغيرات فسيولوجية ربما نتعرض لها إن شاء الله
(9/487)
________________________________________
وجه المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول البعض: أن الحديث الذى روته السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يحل ظهور كفَّى المرأة ووجهها فقط حديث ضعيف. لأن الآية التى تتحدث عن الحجاب نزلت بعد هذا الحديث، وأن اللذين رويا هذا الحديث أحدهما لم يكن موجودا فى حياة السيدة عائشة والآخر كذاب، فما صحة هذا القول؟

الجواب
حديث السيدة عائشة رواه أبو داود وابن مردويه والبيهقى عن خالد بن دريك عنها، وهو أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا " وأشار إلى وجهه وكفيه.
يقول الحافظ المنذرى فى " الترغيب والترهيب ج 3 ص 33": هذا مرسل، وخالد بن دريك لم يدرك عائشة، وذكره القرطبى فى تفسيره وقال: إنه منقطع. وقال ابن قدامة فى " المغنى ": إن صح هذا الحديث فيكون قبل نزول الحجاب.
وبناء على هذا لا يوجد دليل يستثنى وجه المرأة وكفيها من وجوب سترهما.
ويؤكد ذلك الشوكانى بأن المسلمين من قديم الزمان على ذلك، ويميل إلى هذا فى زمن يكثر فيه الفساق. والخلاف موجود بين الأئمة، وفى قول فى مذهب مالك: للمرأة أن تكشف وجهها وعلى الرجل أن يغض بصره، وقيل: يجب ستره، وقيل: يفرق بين الجميلة فيجب وبين غيرها، فيستحب.
وجاء فى "خليل " وشرحه ومحشِّيه كراهة انتقاب المرأة فى الصلاة وغيرها، لأنه من الغلو فى الدين، إذ لم ترد به السمحة، ما لم يكن من عادتهم ذلك.
وفى الموطأ جواز أكل المرأة مع غير ذى رحم. وقال ابن القطان: فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويديها للأجنبى، إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا، وقد أبقاه الباجى على ظاهره.
وتوجد نصوص أخرى للمالكية فى قولهم بجواز كشف المرأة وجهها أمام الأجانب " يراجع ذلك فى الجزء الثانى من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام ".
وما دام الأمر خلافيا فلا يحكم ببطلان رأى ولا يجوز التعصب لغيره، وللإنسان حرية الاختيار، وكل هذا الخلاف ينتهى إذا كان وجه المرأة جميلا تخشى منه الفتنة فيجب ستره
(9/488)
________________________________________
طلاق المدهوش والسكران

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يقع طلاق المدهوش والمُكره والسكران؟

الجواب
المدهوش هو الذى اعترته حالة انفعال لا يدرى فيها ما يقول ويفعل، أو يصل به الانفعال إلى درجة يغلب معها الخلل والاضطراب فى أقواله وأفعاله، وذلك بسبب فرط الخوف أو الحزن أو الغضب، ويلحق به من اختل إدراكه لكبر أو مرض. وهذا لا يقع طلاقه. والمكره لا يقع طلاقه عند الأئمة الثلاثة، اعتمادا على حديث " رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه أصحاب السنن برجال ثقات. .
وذلك لأن الإكراه يغلق على المكره طريق الإرادة، ولو نطق بالكفر لا يكفر، لقوله تعالى {إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان} النحل: 106، وأبو حنيفة يوقع طلاق المكره، معتمدا على حديث "لا قيلولة فى الطلاق " وهو حديث مطعون فيه. ورأى الجمهور هو المعتمد لقوة دليله.
والسكران هو الذى غطى على عقله بسبب تناول الخمر وما شاكلها حتى صار يهذى ويخلط فى كلامه ولا يعى بعد إفاقته ما كان منه حال سكره.
وفى الحكم على طلاقه تفصيل، فإن كان سكره من شىء حلال، أو من شىء حرام ولكن تحت الضغط والإكراه فلا يقع طلاقه، أما إن كان سكره بشىء حرام وهو متعمد له فإن طلاقه يقع، على الرغم من تغطية عقله، وذلك عقوبة له على عصيانه.
وكانت المحاكم الشرعية قبل صدور قانون 25 لسنة 1929 م تحكم بوقوع طلاق السكران والمكره كما قال الحنفية، لكن نص القانون فى المادة الأولى منه على أنه لا يقع طلاقهما، والفتوى عليه "انظر كتاب الأحوال الشخصية، للشيخ عبد الرحمن تاج "
(9/489)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 11:08 pm

تبرج الجاهلية الأولى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى الجاهلية الأولى، وماذا كانت عليه من التبرج المنهى عنه؟

الجواب
قال تعالى {وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الأحزاب:
32، الآية مذكورة فى سياق النداء لنساء النبى صلى الله عليه وسلم.
ترشدهن إلى الاستقرار فى بيوتهن وعدم التبرج كما كان عند الجاهلية الأولى.
والتبرج قيل: هو المشى مع تبختر وتكسر، وقيل: هو أن تلقى المرأة خمارها على رأسها ولا تشده، فتنكشف قلائدها وقرطها وعنقها، وقيل: هو أن تبدى من محاسنها ما يجب ستره. وهو مأخوذ من البَرَج -بفتح الباء والراء -أى السعة، كما توصف العين الحسنة بالسعة، وكما يقال فى أسنانه برج، إذا كانت متفرقة. وقيل: هو من البرج -بضم الباء، أى القصر العالى.
ومعنى تبرجت ظهرت من برجها، وهو بهذا المعنى يجعل جملة "ولا تبرجن " مؤكدة لجملة "وقرن ".
والجاهلية الأولى مختلف فى تحديد زمنها. وملخص الأقوال كما فى تفسير القرطبى "ج 14 ص 179 ":
ا -ما بين آدم ونوح. وهى ثمانمائة سنة. قاله الحكم بن عيينة.
2 -ما بين نوح وإدريس، كما قاله ابن عباس.
3-ما بين نوح وإبراهيم، كما قاله الكلبى.
4 -ما بين موسى وعيسى، كما قاله جماعة.
5 -ما بين داود وسليمان. كما قاله أبو العالية.
6-ما بين عيسى ومحمد، كما قاله الشعبى.
وكلها أقوال لا يسندها دليل صحيح. فالقدر المتفق عليه أنها قبل البعثة النبوية بزمن طويل، لأن وصفها بالأولى يشعر بأن هناك جاهلية ثانية أتت بعدها، وهى أقرب منها إلى البعثة.
وكانت المرأة فى الجاهلية الأولى تلبس الدرع من اللؤلؤ، أو القميص من الدر غير مخيط الجانبين، وتلبس الرقاق من الثياب ولا توارى بدنها، فتمشى وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال.
وهذا يشعر بأن ذلك العهد عهد ترف، فهل كان فى أيام عاد وثمود حيث جاء فى القرآن الكريم ما يدل على أن هؤلاء كان فيهم حضارة وقوة وترف يبنون بكل مكان آية على قوتهم يعبثون ولا يجدّون بشكر الله. ويتخذون مصانع لعلهم يخلدون. وأمدهم الله بأنعام وبنين وجنات وعيون، وينحتون من الجبال بيوتا فارهين؟ ربما يكون ذلك هو عهد الجاهلية الأولى، ومهما يكن من شىء فإن الجاهلية الثانية المتصلة ببعثة النبى صلى الله عليه وسلم ما كانت بهذا الثراء الفاحش، لكن كان فى بعض نسائها بعض مظاهر التبرج، الذى قد يصل إلى العرى الكامل فى بعض الأحيان. فقد ذكر مسلم فى صحيحه "كتاب التفسير" أن المرأة كانت تطوف بالبيت وهى عريانة - وفى لسان العرب: إلا أنها كانت تلبس رهطا من سيور-فتقول: من يعيرنى تطوافا-بفتح التاء وكسرها-تجعله على عورتها وتقول:
اليومَ يبدو بعضُه أوكلُّهُ * فما بدا منه فلا أُحِلُّهُ فنزل قوله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: 31 وكان إعطاء المرأة ما تطوف به يُعد من البر.
ووصف التبرج بأنه تبرج الجاهلية الأولى، لا يعنى أن المنهى عنه هو ما كان على هذه الصورة الفاضحة، بل هذا الوصف لبيان الواقع وليس قيدا لإخراج ما عداه من الحكم. ويراد به بيان شناعته ومضادته للذوق والفطرة السليمة.
فلا يقال: إن التبرج البسيط معفو عنه ما دام لم يكن فاضحا حسب العرف الذى يحدده، ومثاله قوله تعالى فى الربا {لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة} فالمراد النهى عنه مطلقا حتى لو كان بسيطا، لكن ذلك هو ما كان عليه العرب كمظهر من مظاهر الجشع والاستغلال.
والتبرج المنهى عنه فى الإسلام هو كشف العورة التى يختلف حجمها أو مساحتها باختلاف من يطلعون عليها، فمع المحارم كالأب والابن والأخ، هى ما بين السرة والركبة، ومع الرجال الأجانب هى جميع البدن ما عدا الوجه والكفين، والخدم الموجودون الآن رجال أجانب، وعورة المرأة مع المرأة كعورتها مع المحارم. وليس من المحارم ابن العم وابن العمة وابن الخال وابن الخالة، وأخو الزوج وكل أقاربه ما عدا والده.
وإذا جاز لها كشف الوجه مع الأجانب فليكن من غير أصباغ ومغريات فاتنة، فالمقصود من النهى عن التبرج هو عدم الفتنة وسد باب الفساد.
وإذا كان النهى موجها. إلى نساء النبى فغيرهن أولى، لعدم وجود ما لديهن من الشرف والحصانة والانتساب للرسول والبيئة الصالحة.
ويتبع كشف العورة لين الكلام والتعطر والخلوة والتلامس وكل ما يدعو إلى الفتنة
(9/490)
________________________________________
أسبوع المولود

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أيهما أفضل: عمل ما يسمى بالسبوع أم العقيقة بعد الولادة؟

الجواب
كلمة السبوع فى لغة العامة مأخوذة من العدد سبعة، الذى ورد أن الإنسان يسن أن يسمى ولده ويعق عنه ويحلق شعره ويتصدق بمثله فضة أو ذهبا يوم السابع.
فروى أصحاب السنن قوله صلى الله عليه وسلم "الغلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه " وهو حديث صحيح كما قال الترمذى.
وروى الترمذى أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق.
ومعنى مرتهن لا ينمو نمو مثله، ولا يأمن من الأذى. وقيل إن المعنى لا يشفع لوالده إن مات صغيرا.
وإن لم يتيسر الذبح يوم السابع ففى اليوم الرابع عشر، وإلا ففى اليوم الحادى والعشرين، وإلا ففى أى يوم.
هذا، وما يعمل يوم السابع من رَشِّ الملح وإيقاد الشموع والدق بالهاون والكلمات المخصوصة التى ترجع إلى أفكار غير صحيحة لا أصل له فى الدين.
مع التنبيه على مراعاة الآداب عند اجتماع الأهل والأصحاب للاحتفال بالمولود يوم سابعه أو فى مناسبات أخرى
(9/491)
________________________________________
ما تمسه الحائض

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يعتبر كل ما تلمسه الحائض نجسا إذا لم يتم تطهيره بغسله سبع مرات مع التلفظ بالشهادة؟

الجواب
هذه نظرة قديمة كانت عند بعض عرب الجاهلية تأثروا فيها باليهود الذين كانوا يقولون. إن أى شىء تمسه الحائض ينجس، ويجب غسله، فإن مست لحم القربان أحرق بالنار، ومن مسها أو مس شيئا من ثيابها وجب عليه الغسل، وما عجنته أو طبخته أو غسلته فهو نجس وحرام على الطاهرين حلال للحيَّض، ذكر ذلك المقريزى فى خططه "ج 4 ص 373". ولو أردت أن تعرف مقدار تحرجهم منها فاقرأ سفر اللاويين "إصحاح 15 " كله، ففيه حديث طويل عن الدم [راجع ص 50 من الجزء الثالث من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام] .
أبطل الإسلام ذلك وكرَّم المرأة بما لم تكرم به من قبل ولا من بعد.
ويمكن الرجوع إلى عنوان "التعامل مع الحائض " لمعرفة طرف من ذلك، وما دامت يد الحائض طاهرة من النجس فإن ما تمسه لا يتنجس أبدا ودم الحيض لا ينجس إلا المكان الذى خرج منه أو أصابه من الجسم أو الثياب. ولا داعى لتطهير ما لمسته، لا مرة ولا سبع مرات
(9/492)
________________________________________
المرأة التى لا ترد يد لامس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال: شكا رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم أن امرأته لا ترد يد لامس، فقال "طلقها" قال: إنى أخاف أن تتبعها نفسى، فقال " استمتع بها"؟ وقد قرأت أن ابن القيم يقول: أى أنها لا تجذب نفسها ممن لاعبها ووضع يده عليها أو جذب ثوبها ونحو ذلك، فإن من النساء من تلين عند الحديث واللعب ونحوه "روضة المحبين ص 130 "؟

الجواب
هذا الحديث رواه أبو داود عن ابن عباس، ورواه الترمذى والبزار، ورجاله ثقات، وأخرجه النسائى من وجه آخر، وقال عنه: إنه مرسل وليس بثابت، وقال أحمد: حديث منكر، وذكره ابن الجوزى فى الموضوعات "الإحياء ج 2 ص 34" وذكره صاحب "المطالب العالية ج 2 ص 53" وقال: رواه أحمد بن منيع بسند ضعيف كما قاله البوصيرى.
وعلى فرض ثبوته اختلف فى معناه، فاختار أحمد أن عيبها اقتصادى وليس خلقيا يتصل بالشرف، أى أنها تعطى من يطلب منها إحسانا ولا ترد أحدا يلتمس منها ذلك، وهذا يؤثر على الحالة الاقتصادية للزوج، ولما علم الرسول أنه يحبها أمره بإمساكها، فربما تميل إليها نفسه بالمعصية.
وقيل: إن عيبها خلقى لا تتورع عن الفاحشة، ولكن كيف يأمره النبى بإمساكها وهو الذى ذم الديوث الذى يقر السوء على أهله؟ قيل:
إن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أولا بطلاقها، ولما وجد تعلقه بها أمره بإمساكها من أجل تربية الأولاد أو عدم الصبر على الاتصال بها إن طلقها، لكن ذلك كله يتنافى مع الشرف الذى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بحمايته.
وقيل: إن طبعها هو ذلك لكنه لم يقع منها شىء، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يقر الفاحشة، ولعل هذا التفسير أقرب، يقول فيه على وابن مسعود:
إذا جاءكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا به الذى هو أهدى وأتقى"تفسير ابن كثير لسورة النور، ونهاية ابن الأثير"
(9/493)
________________________________________
عدد الرضعات

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو عدد الرضعات التى يحرم بسببها الزواج؟

الجواب
قال تعالى فى آية المحرمات من النساء {وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} النساء: 23.
والرضاع المحرم للمصاهرة اختلف الفقهاء فى عدد مراته، ويتلخص ذلك فيما يلى:
1 - قليل الرضاع وكثيره سواء فى التحريم، أى بالمرة الواحدة والمرات الكثيرة، وبالقدر القليل فى الرضعة الواحدة والكثير منها، وهذا مذهب مالك وأبى حنيفة، وزعم الليث بن سعد أن المسلمين أجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم فى المهد ما يفطر به الصائم، وهذا القول رواية عن أحمد.
وحجتهم أن الله علَّق التحريم باسم الرضاعة، فحيث وجد اسمها وجد حكمها، ولأنه فعل يتعلق به التحريم فاستوى قليله وكثيره، وذلك للاحتياط فى الأبضاع بالذات، ولأن إنشاز العظم وإنبات اللحم يحصل بالقليل والكثير، ولأن القائلين بالعدد اختلفت أقوالهم فى الرضعة وحقيقتها، ولأن النبى صلى الله عليه وسلم لما رفعت له قضية عقبة بن الحارث الذى تزوج أم يحيى بنت أبى إهاب، وجاءت أَمة سوداء فقالت: قد أرضعتهما، لم يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن عدد الرضعات، وهو فى الصحيحين عن عائشة.
2 - لا يثبت التحريم بأقل من ثلاث رضعات، وهو رواية ثانية عن أحمد بن حنبل، ودليل هذا الرأى حديث " لا تحرِّم المصة ولا المصتان " وفى رواية "لا تحرم الإملاجة والإملاجتان " رواه مسلم عن عائشة، وأقل مرتبة فى التحريم بالعدد بعد المرتين هو الثلاثة.
3- لا يثبت التحريم بأقل من خمس رضعات، وهو مذهب الشافعى وأحمد فى ظاهر مذهبه، وقول ابن حزم الذى خالف داود الظاهرى فى هذه المسألة، وهو أحد الروايات الثلاث عن عائشة، والرواية الثانية عنها أنه لا يحرم بأقل من سبع رضعات، والثالثة لا يحرم بأقل من عشر.
وحجة القائلين بالخمس حديث عائشة فى الصحيحين البخارى ومسلم:
كان فيما نزل من القرآن "عشر رضعات يحرمن " ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن، وما رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لسهلة بنت سهيل "أرضعى سالما خمس رضعات تحرمى عليه ".
قالوا: عائشة أعلم الأمة بحكم هذه المسألة هى ونساء النبى صلى الله عليه وسلم، وكانت عائشة إذا أرادت أن تدخل عليها أحدا أمرت إحدى بنات إخوتها أو أخواتها أن ترضعه خمس رضعات، وقالوا أيضا: نفى التحريم بالرضعة والرضعتين صريح فى عدم تعليق التحريم بالقليل والكثير، وهى ثلاثة أحاديث صحيحة صريحة، والتعليق بالخمس لا يخالف نصًا، وإنما هو تقييد للمطلق، فهو بيان للقراَن لا نسخ ولا تخصيص.
ومن علق التحريم بالثلاث خالف أحاديث الخمس، واختار القضاء المصرى هذا الرأى وعليه الفتوى.
ثم إن القائلين بالرأيين الأولين ردوا حديث عائشة، لأنها نقلته نقل قرآن، ولا يقبل فيه الآحاد، بل لابد فى قبوله من التواتر، وعلى هذا لا يثبت به حكم ما دام غير قرآن، ورد عليهم أصحاب الرأى الثالث بأن خبرها يقبل قبول الأحاديث ويكفى فيه خبر الواحد، لأنه ما دام لم يقبل كقرآن فليس هناك إلا أن يقبل كحديث نبوى، لأنه لا يصح نسبته إليها كقول خاص بها، فإن هذا الأمر لا يقال فيه بالرأى، ولذلك عده رجال الحديث من السنة النبوية. والموضوع مبسوط فى كتاب "زاد المعاد" لابن القيم ج 4 ص 167 - 182 وملخص فى الجزء الأول من "موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام " ص 361.
هذا، واشترط القائلون بالتحريم بتعدد الرضعات أن يكون العدد متيقنا، ولو حدث شك فى ذلك لا يثبت التحريم، ومن هنا أنبه من تقوم بإرضاع غير طفلها أن تسجل ذلك أو تُعْلِمَ به عددا من الناس حتى يشتهر أمره، حتى لا يتم فى المستقبل زواج بين أخوين من الرضاعة فى غيبة الأم المرضع أو نسيانها.
وأرى أنه عند الشك - وإن كان لا يثبت به التحريم -ألا يتم الزواج، ما لم تكن ضرورة أو حاجة مُلِحة
(9/494)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024, 11:09 pm

رضاع المسلم من كافرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يحرم أن يرضع مسلم من كافرة وهل يكون كافرا لو رضع منها؟

الجواب
الإنسان قبل البلوغ تابع فى الدين لأشرف الأبوين دينا، فإن كان أبوه مسلما وأمه يهودية أو نصرانية فهو مسلم، وإن كان أبوه مجوسيا وأمه يهودية أو نصرانية فهو يهودى أو نصرانى تبعا لأمه، لأن دينها أشرف من دين أبيه.
فإذا بلغ الصبى صار مكلفا وجرى عليه هذا الحكم الذى كان عليه، فإذا تحول عنه صار مرتدا.
وكل ذلك فى الأبوة والأمومة النسبية، أما الأبوة أو الأمومة بسبب الرضاع، وإن كانت لها أحكام فى الزواج وما يتصل به، فلا ينسحب حكمها على الرضيع من جهة الدين ولا يحرم أن يرضع طفل مسلم من غير مسلمة لعدم وجود دليل على التحريم، وبخاصة إذا لم يوجد غيرها، وإذا رضع بقى على دينه مسلما، ولو رضع طفل مسيحى أو يهودى من مسلمة بقى على دين اليهودية أو النصرانية.
وعليه فالرضيع المسلم من امرأة يهودية أو نصرانية يحرم عليه أن يتزوج ممن أرضعته، لأنها أمه من الرضاعة، والزواج منها محرم، ويجوز له لمسها والجلوس معها فى خلوة والنظر إلى غير ما بين السرة والركبة كأنها أمه النسبية فى هذه الأحكام أما دينه فلا يتأثر بهذا الرضاع
(9/495)
________________________________________
مرضع عجوز

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
امرأة كبيرة فى السن لا يوجد بثديها لبن وكانت تلقمه لطفلة صغيرة حتى تسكت من البكاء، فهل تعتبر هذه الطفلة ابنتها من الرضاع؟

الجواب
الرضاع المحرم للمصاهرة هو ما أنبت اللحم وأنشز العظم كما هو شأنه، بمعنى أن يكون بالمرضع لبن فعلاً يتغذى به الرضيع، فإذا كانت المرضع كبيرة فى السن وليس بثديها لبن بالفعل، فإن الطفلة لم تتغذ بلبن، وإنما سكتت عن البكاء كأنها ترضع، وذلك أشبه بما يوضع فى فم الطفل من حلمة صناعية يخيل إليه أنه يرضع منها فيسكت أو ينام، وعليه فلا تثبت حرمة بهذا الرضاع الخالى من اللبن.
ولو كانت فتاة لم تتزوج ولا يوجد فى ثديها لبن أو أى سائل لو رضعت منه طفلة أو طفل لا يثبت به تحريم، أما لو كان فى ثديها لبن بأى شكل من الأشكال فالتحريم يثبت بالرضاع منه. جاء فى كفاية الأخيار فى فقه الشافعية "ج 2 ص 121 " ولا فرق فى المرضعة بين كونها مزوجة أم لا، ولا بين كونها بكرا أم لا، وقيل: لا يحرم لبن البكر، والصحيح أنه يحرم، ونص عليه الشافعى.
وجاء فى تحفة المحتاج لشرح المنهاج "ج 8 ص. 28" فى فقه الشافعية أن المرضع إذا كانت - صغيرة أو آيسة وتأكدت أن ما ينزل من ثديها ليس له وصف اللبن ولكن هو ما يسمى عرفا بالمصل أو المِش الحصير، فإنه لا يترتب عليه تحريم، أما لو كان له وصف اللبن حتى لو كان نقطة واحدة فإن التحريم يثبت بذلك ولا يشترط كون الرضعات مشبعات "الفتاوى الإسلامية ج 9 ص 2365، 3274".
هذا، والصغيرة التى لا يعتبر رضاعها هى التى لم تبلغ تسع سنين كما قال الشافعية، لأنها لا تحتمل البلوغ ولا الولادة، واللبن المحرِّم فرع ذلك "الشرقاوى على التحرير ج 2 ص 340"
(9/496)
________________________________________
الحائض وسوط اللبن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هلا صحيح أن المرأة الحائض لو وضعت يدها فى اللبن الحليب تَخثر؟

الجواب
ذكر ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث "ص 231 " أن المرأة الطامث "الحائض " تدنو من اللبن لتسوطه - تخلطه - وهى منظفة الكف والثوب فيفسد اللبن، وقد تدخل البستان فتضر بكثير من الغروس فيه من غير أن تمسها.
وجاء فى كتاب "محاضرات الأدباء " للراغب الأصبهانى "ج 1 ص 200" أنهم قالوا: إن الطامث تدنو من إناء اللبن لتسوطه فتفسده.
ومن أجل ما عند الحائض من إفرازات ضارة كان اليهود يقولون: إن أى شىء تمسه الحائض ينجس ويجب غسله، فإن مست لحم القربان أحرق بالنار، ومن مسها أو مس شيئا من ثيابها وجب عليه الغسل، وما عجنته أو طبخته أو غسلته فهو نجس حرام على الطاهرين حل للحيّض "خطط المقريزى ج 4 ص 373".
ولعل مما يفسر هذه الظواهر ما نشرته مجلة "الحوادث " اللبنانية بتاريخ أول نوفمبر سنة 1974 ص69: أن المجلة الطبية البريطانية "ذى لانسيت " ذكرت القصة التالية: تسلم أحد الأطباء باقة زهور، فأمر الممرضة بوضعها فى الماء فامتنعت، ثم أرغمها على وضعها.
وبعد بضع ساعات ذبلت الزهور، وأخبرت الممرضة الطبيب بأن هذا سبب امتناعها عن وضعها فى الماء، فإن الزهور تذبل كلما مستها وهى حائض.
والتفسير العلمى لذلك أن جلد المرأة الحائض يفرز مادة تسمم النبات، ويعتقد بعضهم أن هذه المادة شبيهة بمادة "أوكسيخو لستريف " وزعم بعض الأطباء أيضا أنهم لاحظوا ظاهرة غريبة لدى بعض النساء وقت الحيض، وهى أن جلد الأصابع يكتسى ببقعة سوداء تحت محبس الزواج "كذا" ولاحظوا أيضا أن المرأة المنقبضة النفس قد تفرز مادة خاصة مضرة للأزهار أيضا، وجاء فى " عجائب المخلوقات " للقزوينى غرائب مماثلة عن الحائض، وذلك كله يفسر معنى الأذى فى الحيض والأمر باعتزال القربان حتى ينتفى، ولزيادة المعلومات يرجع إلى الجزء الثالث من كتاب "الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/497)
________________________________________
البكر والثيب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو الحد الفاصل بين البكر والثيب وأحكام كل منهما؟

الجواب
البكر هى المرأة التى لم تزل بكارتها بوطء حلال أو شبهة أو زنا والثيب هى التى زالت بكارتها بشىء من ذلك، والبكارة هى الغشاء الخاص الموجود فى فرج المرأة، جاء فى "كفاية الأخيار " فى فقه الشافعية "ج 2 ص 47 " أن الثيوبة لو حصلت بالسقطة أو بأصبع أو حدة الطمث وهو الحيض، أو طول التعنيس، وهو بقاوها زمانا بعد أن بلغت حد التزويج ولم تزوج فالصحيح أنها كالأبكار، ولو وطئت مكرهة أو نائمة أو مجنونة فالأصح أنها كالثيب، وقيل كالبكر، ولو خلقت بدون بكارة فهى بكر.
وجاء فى المصدر نفسه أن المرأة لو ادعت البكارة أو الثيوبة فالصيمرى والماوردى قطعا بأن القول قولها، ولا يكشف حالها، لأنها أعلم، قال الماوردى: ولا تسأل عن الوطء ولا يشترط أن يكون لها زوج، قال الشاشى: وفى هذا نظر، لأنها ربما أذهبت بكارتها بأصبعها،فله أن يسألها، فإن اتهمها حلَّفها.
قلت: طبع النساء نزاع إلى ادعاء نفى ما يجر إلى العار، فينبغى مراجعة القوابل فى ذلك وإن كان الأصل البكارة، لأن الزمان قد كثر فساده فلابد من مراجعة القوابل ولا يكفى السكوت، احتياطا للأبضاع والأنساب.
ومن أهم الأحكام المترتبة على ذلك أن البكر عندما تستأذن فى الزواج يكفى سكوتها، أما الثيب فلابد من نطقها بالقبول أو الرفض، روى مسلم أن النبى قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها ".
ومن الأحكام أن الزوج لو تزوج بأخرى خصها بسبع ليال إن كانت بكرا، أما إن كانت ثيبا فيخصها بثلاث ليال فقط، ثم يسوى بين الجميع بعد ذلك فى القَسْمِ، لقول أنس رضى الله عنه "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم " قال أبو قلابة: لو شئت لقلت: إن أنَسًا رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، رواه البخارى ومسلم.
ولو تزوج المرأة على أنها بكر فبانت ثيبا فالنكاح صحيح، وهو بالخيار إن شاء أمسك وإن شاء طلق، مع العلم بأن كتمانها ذلك حرام، لأنه غش والغش حرام
(9/498)
________________________________________
دبلة الخطوبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل صحيح أن دبلة الخطوبة بدعه وحرام؟

الجواب
خاتم الخطوبة أو الزواج له قصة ترجع إلى آلاف السنين، فقد قيل: إن أول من ابتدعها الفراعنة، ثم ظهرت عند الإغريق، وقيل إن أصلها مأخوذ من عادة قديمة، هى أنه عند الخطبة توضع يد الفتاة فى يد الفتى ويضمهما قيد حديدى عند خروجهما من بيت أبيها، ثم يركب هو براده وهى سائرة خلفه ماشية مع هذا الرباط حتى يصلا إلى بيت الزوجية، وقد تطول المسافة بين البيتين، ثم أصبحت عادة الخاتم تقليدا مرعيا فى العالم كله.
وعادة لبسها فى بنصر اليسرى مأخوذة عن اعتقاد الإغريق أن عرق القلب يمر فى هذا الإصبع، وأشد الناس حرصا على ذلك هم الإنجليز وقيل: أن خاتم الخطوبة تقليد نصرانى.
والمسلمون أخذوا هذه العادة، بصرف النظر عن الدافع إليها، وحرصوا على أن يلبسها الطرفان، ويتشاءمون إذا خلعت أو غير وضعها، وهذا كله لا يقره الدين.
والمهم أن نعرف حكم لبسها.
أما اللبس فى حد ذاته فليس محرما حيث لم يرد نص فى التحريم، ولم يقصد التشبه بالكفار، فالتشبه ممنوع وبخاصة إذا كان فى معنى دينى لا يرضاه الإسلام، ثم نقول: إن كانت الدبلة من فضة فلا بأس بها للرجال والنساء، أما إن كانت من ذهب فهى حرام على الرجال حلال للنساء، وذلك لعدة أحاديث وردت فى ذلك، منها حديث رواه الترمذى بإسناد حسن "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتى وأحل لإناثهم " وحديث مسلم "ونهأنا عن خواتم - أو عن تختم - بالذهب " وحديثه أيضا "يعمد أحدكم إلى جمرة نار فيجعلها فى يده "؟ وذلك عندما رأى خاتما من ذهب فى يد رجل، فنزعه فطرحه.
ومن أراد التوسع فى معرفة تاريخ الدبلة والباعث عليها والعبارات المكتوبة عليها وغير ذلك فليرجع إلى الجزء الأول من كتابنا "موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام "
(9/499)
________________________________________
عقد الزواج بالمسرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يصح عقد الزواج عن طريق التليفون بين الزوجين والشهود؟

الجواب
لا بد لصحة عقد الزواج من وجود الشاهدين مع الزوجين مجلس العقد، وذلك للتأكد من شخصية الزوجين وسماع الصيغة، وقد يحصل التأكد إذا أرسل الزوج كتابا إلى الزوجة بأنه تزوجها وقبلت هى وشهد على قبولها شاهدان،فالكتاب الموقع عليه منه يقوم مقام النطق بالصيغة كما قال بعض العلماء.
أما الكلام فى المسرة "التليفون " فالتحقق فيه من صوت الزوج فيه عسر، لإمكان التقليد والمحاكاة للأصوات، وإذا سمعته الزوجة فالشاهدان ربما لا يسمعانه، اللهم إلا إذا كانت الزوجة والشاهدان يسمعون من سماعة واحدة بالآلات الحديثة، ومع ذلك ففيه عسر فى التأكد. ويمكن أن يقال: إنه بتطور آلات الاتصال التى تنقل بها الصورة مع الصوت قد يحصل التأكد من شخصية الطرفين وكلامهما بالإيجاب والقبول، وتجرى هذه الرؤية عن بعد مجرى الحضور فى المجلس الواحد الذى اشترطه الفقهاء. وهنا يكون العقد صحيحا. "راجع كتاب: أحكام الأسرة فى الإسلام، للدكتور محمد مصطفى شلبى".
وجاء فى كتاب الأحوال الشخصية للدكتور الشيخ عبد الرحمن تاج "ص 24": أن أحد المتعاقدين إذا كان غير حاضر مع الآخر فى مجلس واحد فإنه يمكن أن يتعاقد بوساطة رسول أو كتاب، وتقوم عبارة الرسول وما سطر فى الكتاب مقام تلفظ العاقد الحاضر، والشهادة اللازمة لصحة العقد يلزم توافرها فى مجلس القبول الذى يصدر من المرسل إليه أو المبعوث إليه الكتاب. ولا يلزم أن يُشهِد صاحب الكتاب على كتابه، بل يكفى أن يشهد الشهود فى مجلس القبول على هذا القبول، وعلى ما جاء فى الكتاب بعد قراءته عليهم أو إخبارهم بما فيه، فإن ذلك يقوم مقام حضور صاحب الكتاب وتلفظه فى المجلس. ويجب التنبيه على التثبت من أن الكتاب هو كتاب فلان وذلك بشهادة من قرأوه أو علموا بما فيه، فإنه قد ينكر، وهنا لا يثبت الزواج، وتنص لائحة المحاكم الشرعية على أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية
(9/500)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:30 am


العدة فى الطلاق الغيابى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
زوج طلبت زوجته من المحكمة الطلاق منه فحكمت بطلاقها، ثم استأنف الزوج الحكم، فمتى تبدأ عدة المطلقة؟

الجواب
تبدأ عدهَ الطلاق من تاريخه سواء أكان المطلق هو الزوج أو المحكمة، وفى الطلاق الغيابى الصادر من المحكمة لا تبدأ العدة إلا إذا صار نهائياً، وذلك إن مضت مدة المعارضة والاستئناف ولم يعارض ولم يستأنف، أو استأنف وتأيد الحكم، أمَّا إذا لم يصر الحكم بالطلاق نهائياً فلا تترتب عليه آثاره ومنه العدة حتى يكون نهائياً" الفتاوى الإسلامية "المجلد: 6 ص: 2193".
(10/1)
________________________________________
نية الطلاق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تحدثنى نفسى بأننى أطلق زوجتى، وأحيانا أطلقها بقلبى دون أن أتلفظ بالطلاق، فهل يقع الطلاق بالنية والحديث النفسى؟

الجواب
أثار القرطبى فى تفسيره "ج 8 ص 210" هذه المسألة فقال:
العهد والطلاق وكل حكم ينفرد به المرء ولا يفتقر إلى غيره فيه فإنه يلزمه ما يلتزمه بقصده وإن لم يلفظ به، قاله علماؤنا -أى المالكية- وقال الشافعى وأبو حنيفة: لا يلزم أحدا حكم إلا بعد أن يلفظ به، وهو القول الأخر لعلمائنا. قال ابن العربى - المالكى - والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما رواه أشهب عن مالك -وقد سئل: إذا نوى الرجل الطلاق بقلبه ولم يلفظ به بلسانه -فقال: يلزمه، كما يكون مؤمنا بقلبه وكافرا بقلبه.
قال ابن العربى: وهذا أصل بديع، وتحرير أن يقال:
عقد لا يفتقر فيه المز إلى غيره فى التزامه فانعقد عليه بنية، أصله الإيمان والكفر.
قلت -أى القرطبى- وحجة القول الثانى ما رواه مسلم عن أبى هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إن الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " ورواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم: أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيئا حتى يتكلم به، قال أبو عمر: ومن اعتقد بقلبه الطلاق ولم ينطق به لسانه، فليس بشىء.
هذا هو الأشهر عن مالك، وقد روى عنه أنه يلزمه الطلاق إذا نواه بقلبه، كما يكفر بقلبه وإن لم ينطق به لسانه. والأول أصح فى النظر وطريق الأثر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "تجاوز الله لأمتى عما وسوست به نفوسها ما لم ينطق به لسان أو تعمله يد". فالخلاصة أن نية الطلاق لا يقع بها طلاق عند جمهور العلماء
(10/2)
________________________________________
من آداب الحياة الزوجية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نقرأ فى الكتب والصحف عن تجارب المفكرين فى وسائل محافظة الزوجة على قلب زوجها أشياء كثيرة قد تكون صدى لإحساس خاص، أو نَضْحًا لبيئة بعرفها المناسب لها، فهل فى الإسلام شىء من هذه الوسائل التى تستعين بها الزوجة على سعادة زوجها والأسرة؟

الجواب
الإسلام وهو الدين الذى أكمله الله وأتم به النعمة فيه تبيان كل شىء يحقق السعادة للفرد والمجتمع فى الدنيا والآخرة، وكل تشريعاته العامة والخاصة لها صلة كبيرة بإسعاد الحياة الزوجية، ومع ما عرفناه مأثور العرب فى وصايا بناتهم عند الزواج نورد بعضا من هذه الآداب:
1- أن تكون الزوجة صورة حسنة فى عين زوجها تجذب قلبه إليها، وذلك بالعناية بجمالها، وقد مر الحديث عنه وموقف الإسلام منه.
2 -تنسيق البيت بشكل يدخل السرور على قلب الزوج، وتجديد هذا التنسيق حتى يتجدد شعوره بالسرور، ولا تسير الحياة على وتيرة واحدة.
3-توفير الجو الهادى له ليستريح من عناء عمله، وبخاصة فى أيام الراحة، التى لا ينبغى أن تشغلها بما يصرفها عنه، ولا تترك الأولاد يعكرون صفو هذا الجو.
4 -مشاركته فى فرحه وفى حزنه، ومحاولة التسرية عنه بكلام طيب أو عمل سار، كما كانت السيدة خديجة رضى الله عنها مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم أن جاء من الغار يرجف فؤاده، فطمأنته بأن الله لا يخزيه أبدا.
5 -معرفة مواعيد أكله ونومه وعمل الحساب لكل منها، وذلك بإعداد طعامه الذى يشتهيه والهدوء التام عند نومه الذى يحب أن يهدأ الجو من حوله ليشعر بالراحة.
6-عدم إظهار الاشمئزاز منه لعيب وجد فيه كمرض وفقر وكبر سن، ومحاولة تخفيف هذه الآلام عنه بالقول أو الفعل، فهذا ضرب من الوفاء له.
7 - الأدب معه فى الحديث، واختيار الألفاظ المحببة إلى قلبه، وعدم مراجعته بصورة تثير غضبه، أو تجرح شعوره، فقد يكون من وراء ذلك هدم الأسرة.
8 - عدم المن والتطاول عليه بغناها أو حسبها أو منصبها مثلا، وعدم ذكره بالسوء والشكاية منه إلا فى أضيق الحدود، لدفع شر يتوقع مثلا، جاء فى إحياء علوم الدين للغزالى أن الأصمعى قال: دخلت البادية فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجها، وزوجها من أقبح الناس وجها فقلت لها: يا هذه أترضين لنفسك أن تكونى زوجة له؟ فقالت: اسكت يا هذا، فقد أسأت فى قولك، لعله أحسن فيما بينه وبين الله فجعلنى ثوابه. أو لعلنى أسأت فيما بينى وبين ربى فجعله عقوبتى، أفلا أرضى بما رضى الله لى؟ .
تلك وأمثالها آداب يقرها الإسلام ويدعو إليها، وأولى أن نتبعها بدل أن نتبع التقاليد الأخرى التى لا تناسبنا، فلكلٍّ شرعة ومنهاج
(10/3)
________________________________________
الوفاء للزوج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
مضى على زواجنا عشرون سنة وأنا متمتعة بحياة زوجة سعيدة، ولكن زوجى مرضى مرضا أحسست بأننى لا أطيق البقاء معه، لقيامى على خدمته وضيق ذات اليد عندنا، فهل من الجائز أن أطلب الانفصال عنه، أو الأفضل أن أظل معه مع المعاناة الشديدة التى أعيش فيها؟

الجواب
لا شك أن الحياة متقلبة بين اليسر والعسر، والصحة، والمرض، والمؤمن الصادق يثبت جدارته بالحياة فى كل الأحوال، كما جاء فى الحديث الذى رواه مسلم " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ".
والزوجة تقر بأنها عاشت مع زوجها أياما سعيدة عندما كان صحيح الجسم وافر الثراء، فهل من المروءة والإنسانية أن تتركه فى محنته لتتزوج غيره تكمل معه مشوار حياتها سعيدة كما بدأته.
إن التى تفكر فى ذلك تدخل تحت حكم الحديث الذى ينهى عن كفران العشير، فقد نسيت ما قدمه لها زوجها من خير، وتبخر بسرعة ما نعمت به سنوات طوالا، وقد صح فى الحديث الذى رواه مسلم عن أمر النبى صلى الله عليه وسلم النساء يوم العيد بكثرة التصدق، لأن أكثرهن حطب جهنم، بسبب كثرة الشكاة وكفران العشير "لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط ".
إن الزوجة الصالحة تعين زوجها على نوائب الدهر لا أن تتخلى عنه، وكفى بالسيدة خديجة رضى الله عنها مثالا رائعا فى صدق معونتها للنبى صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل والمال. وبهاجر أم إسماعيل التى تحملت الوحدة وقاست البعد والألم طاعة لأمر الله وأمر زوجها إبراهيم، وبأم الدحداح التى شجعت زوجها على التصدق بالحديقة فى سبيل الله، وبزينب الثقفية التى ساعدت زوجها ابن مسعود بمالها فى حال إعساره، وبزينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم التى وفت لزوجها فخلصته من الأسر بأعز ما تملكه.
إن النبى صلى الله عليه وسلم نهى المرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إلا إذا كان هناك سبب قاهر يجعل الحياة متعذرة أو متعسرة، ففى الحديث الحسن الذى رواه الترمذى وأبو داود وابن ماجه "أيما امرأة سالت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ".
وفقر الزوج المريض إن وصل إلى حد الإعسار بالنفقة الواجبة، هل يجيز لها طلب التفريق أو لا؟ مذاهب الفقهاء فى ذلك مختلفة، فقيل: يجبر على طلاقها عند إعساره أو امتناعه، وقيل: يؤجل شهرا ثم يطلق عليه الحاكم، وقيل: تخير إن شاءت أقامت وإن شاءت فسخت، وقيل ليس لها الفسخ ولكن تَرْفَعُ يده عنها لتكتسب، وليس عليها أن تمكنه من الاستمتاع بها، والاحتجاج لكل هذه الآراء طويل يمكن الرجوع إليه فى كتاب زاد المعاد لابن القيم، الذى قال فى ختام بحثه: والذى تقتضيه أصول الشريعة أن الرجل إذا غرر بالمرأة قبل الزواج بأنه ذو مال ثم ظهر أنه مفلس، أو كان ذا مال وترك الإنفاق عليها ولم تقدر على أخذ كفايتها من ماله بنفسها أو بالحاكم فلها الفسخ، وإن تزوجته وهى عالمة بعسره أو كان موسرا ثم أعسر فلا فسخ لها.
وهذا رأى جميل يضم إليه أن ترفع يده عنها لتكتسب وتبقى على عصمته، ولها أن تمتنع عن تمكينه من التمتع بها، فإن عجزت عن الاكتساب أو وجدت عنتا فيه فأرى أنها تخير بعد ذلك فى البقاء معه أو الانفصال عنه إذا لاح لها فى الأفق ما يوفر لها الحياة الكريمة
(10/4)
________________________________________
إعفاف الزوجة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فيمن يسافر ويترك زوجته مدة طويلة، وبخاصة إذا كانت شابة، هل تتحمل هذا البعد أو تطلب الفراق منه؟

الجواب
لا شك أن من أهم مقاصد الزواج تنظيم نشاط الغريزة الجنسية، الذى يكون من آثاره عفة الزوج والزوجة عن الحرام، والذرية التى تتربى فى ظل الأسرة المستقرة، فكما أن له حقا فى اتصاله بها كذلك هى لها حق فى الاتصال به، وإن كان الحياء يكفها عن المطالبة به بطريق مباشر فى غالب الأحيان، فهى مثله مخلوق بشرى تتحرك فيه الغريزة، والزواج هو الفرصة المشروعة لتلبية ندائها، ومن هنا لم يرض النبى صلى الله عليه وسلم عمن عزم ألا يتزوج، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص الذى صرفته عبادته عن حق زوجته، وعن أبى الدرداء الذى ترك زوجته مكتئبة بملابسها المبتذلة، لانشغاله بصيام النهار وقيام الليل، وكل ذلك وردت به الأحاديث الصحيحة.
إن كلا من الزوجين حين يبتعد أحدهما عن الآخر يحس بالفراغ وينتابه القلق ويتعطش للاطمئنان على نصفه الاخر، ويغذى هذا الشعور أمران:
أحدهما يحتاجه الجسد، والآخر يحتاجه القلب، وإذا طال أمد البعد قوى ألم الفراق، وربما أورث مرضا أو أمراضا، وعند طلب العلاج قد يكون الزلل إن لم يكن هناك عاصم من دين وحصانة من أخلاق؟ وقد جاء فى المأثور أن عمر رضى الله عنه سمع -وهو يتفقد أحوال رعيته ليلا-زوجة تنشد شعرا تشكو فيه بُعْدَ زوجها عنها لغيابه مع المجاهدين، وتضمن شعرها تمسكها بدينها وبوفائها لزوجها، ولولا ذلك لهان عليها بعده، وذلك بآخر يؤنسها فى غيبة الزوج.
فرق عمر لحالها، وقرر لكل غائب أمدا يعود بعده إلى أهله. ولكن هل لهذا الإعفاف حد أو ميقات؟ الأقوال فى ذلك كثيرة يقوم أكثرها على الاجتهاد. لكن الأوفق أن يراعى فى ذلك حال الزوج والزوجة، من وجود الداعى إليه والقدرة عليه وعدم المانع منه، فقد امتنع النبى صلى الله عليه وسلم عن نسائه شهرا، وخيرهن بين البقاء معه والفراق، وينبغى ألا تزيد فترة البعد على أربعة أشهر، وهى المدة التى ضربها الإسلام لِلْمولى من امرأته، أى الذى يحلف ألا يقربها، قال تعالى {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم. وان عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} البقرة: 226، 227، فإنه يطالب بعد هذه المدة بأحد أمرين:
الفىء أى الرجوع عن حلفه، فيباشر زوجته، أو الطلاق. بل جعل أبو حنيفة الشهور الأربعة أجلا لوقوع الطلاق، تطلق الزوجة بمجرد انقضائها إن لم يرجع إليها زوجها.
إن بعد الزوج عن زوجته -حتى لو وافقت عليه حياء أو مشاركة فى كسب يفيدهما معا-يختلف فى أثره عليها، ولا تساوى فيه الشابة مع غيرها، ولا المتدينة مع غيرها، ولا من تعيش تحت رعاية أبويها مع من تعيش وحدها دون رقيب، وإذا كنت أنصح الزوجة بتحمل بعض الآلام لقاء ما يعانيه الزوج أيضا من بعد عنها فيه مصلحتهما معا، فإنى أيضا أنصح الزوج بألا يتمادى فى البعد، فإن الذى ينفقه حين يعود إليها فى فترات قريبة سيوفر لها ولأولاده سعادة نفسية وعصمة خلقية لا توفرها المادة التى سافر من أجلها، فالواجب هو الموازنة بين الكسبين، وشرف الإنسان أغلى من كل شىء فى هذه الحياة، وإبعاد الشبه والظنون عن كل منهما يجب أن يعمل له حسابه الكبير.
ولئن كان عمر رضى الله عنه بعد سؤاله حفصة أم المؤمنين بنته قد جعل أجل الغياب عن الزوجة أربعة أشهر (مصنف عبد الرزاق وتفسير للقرطبى "ج 3 ص 108 والسيوطى فى تاريخ الخلقاء ص 96 وابن الجوزى فى سيرة عمر ص 59) فإن ذلك كان مراعى فيه العرف والطبيعة إذ ذاك، أما وقد تغيرت الأعراف واختلفت الطباع، فيجب أن تراعى المصلحة فى تقدير هذه المدة، وبخاصة بعد سهولة المواصلات وتعدد وسائلها.
ومهما يكن من شىء فإن الشابة إذا خافت الفتنة على نفسها بسبب غياب زوجها فلها الحق فى رفع أمرها إلى القضاء لإجراء اللازم نحو عودته أو تطليقها، حفاظا على الأعراض، ومنعا للفساد، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار
(10/5)
________________________________________
احترام ملكية المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل للزوج حق فى أن يستولى على الكسب الخاص لزوجته، بحجة التعاون على مطالب الأسرة؟

الجواب
يقول الله سبحانه {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} النساء: 4.
ويقول {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا. وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا} النساء: 20، 21، ويقول {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} النساء: 19.
تشير هذه الآيات إلى وجوب احترام الرجل لملكية المرأة، فحرم على الزوج أو ولى أمرها أن يأخذ من صداقها شيئا إلا عن طيب نفس، وذلك إبطال لما كان الناس عليه فى الجاهلية.
والحكمة فى ذلك تقرير مبدأ الحرية للمرأة فى التملك والتصرف فيما تملك، وكذلك رفع قيمة الرجل وتكريم رجولته وتحقيق قوامته عليها، فمهما اشتدت حاجته لا ينبغى أن يطمع فى مال زوجته الغنية حتى لا يكون عبدا لإحسانها إن أعطته بطيب خاطر.
وقد قرر الإسلام لها هذا الحق قبل أن تقرره المدنيات الحديثة بعدة قرون.
ولذلك يجوز للزوجة أن تتاجر فى مالها الخاص وأن تتصرف فيه بدون إذن زوجها ما دام ذلك فى حدود المشروع، وإذا كان لها أن تتصدق وتتبرع فليكن الأولى أن يكون لمصلحة الأسرة بمعونة زوجها إن أحست الحاجة إلى المساعدة، فهو نوع من الوفاء والتعاون على الخير.
والإسلام قد نفر من الإقدام على زواج المرأة الغنية من أجل غناها فقط والطمع في ماليا، دون اهتمام بالمقياس الخلقى والدينى للزوجة، لكن لو كان هناك اتفاق سابق على الزواج أن يتعاونا معا على الأسرة، أو أذن لها الزوج أن تعمل لقاء اشتراكها فى ذلك كان لا بد من تنفيذ الاتفاق، فالمؤمنون عند شروطهم، وكان لا بد من النزول على حكم العرف إن كان العرف يقضى بذلك. وبدون هذا لا يحق للزوج أن يأخذ شيئا من مالها الخاص، ويا حبذا لو كان هناك تحديد واضح بينهما من أجل ذلك حتى لا يكون نزاع قد يفضى إلى هدم الأسرة
(10/6)
________________________________________
المحافظة على شرفها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى الزوج الذى يسىء الظن بزوجته ويفرط فى الغيرة عليها حتى يمنعها من كثير مما أحل الله للنساء وللناس جميعا؟

الجواب
من المسلم به أن الرجل مسئول عن المحافظة على سمعته وسمعة الأسرة عامة، وسمعة زوجته التى اختارها شريكة لحياته، والحديث الشريف يقول "والرجل راع فى أهله ومسئول عن رعيته " ومن الرعاية أن يراقب سلوكها كما يراقب سلوك أولاده، لكن هذه المراقبة لها حدود حتى لا تنتج نتيجة عكسية، فالمرأة إن لم تكن عندها حصانة من خلق ودين يمكنها أن تتفلت من هذه المراقبة بوسائل قد تتفنن فيها، وقد قالها عزيز مصر منذ آلاف السنين، وسجلها القرآن الكريم {إن كيدكن عظيم} يوسف: 128.
وإذا كان الحديث قد حذر من التهاون فى مراقبة سلوكها، ومن ترك الحبل لها على الغارب بقوله صلى الله عليه وسلم، كما رواه النسائى والبزار وصححه الحاكم "ثلاثة لا يدخلون الجنة، العاق لوالديه والديوث ورجلة النساء" - فإنه وجهه إلى الاعتدال والتوسط فى ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم، كما رواه أبو داود والنسائى وابن حبان "إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهى غيرة الرجل على أهله من غير ريبة " ذلك أن شدة الغيرة تجلب على المرأة سُبَّة، فسيقول الناس، إن صدقا وان كذبا، ما اشتد عليها زوجها إلا لعلمه بأنها غير شريفة، أو فيها ريبة، يقول الإمام على: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك.
إن هذه الغيرة الشديدة تحمله على كثرة الظن السيئ وعلى التجسس، وذلك منهى عنه فى القرآن والسنة، وقد نهى الحديث عن إحدى صوره، وهى الطروق ليلا للمسافر، أى مباغتته لأهله عند قدومه من السفر دون علم منهم، فقد روى مسلم عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا لئلا يخونهم أو يطلب عثراتهم. وروى البخارى ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إذا قدم أحدكم ليلا فلا يأتين أهله طروقا، حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة".
فالخلاصة أن الرجل لابد أن يغار على زوجته، ولكن يجب أن يكون ذلك فى اعتدال، وخير ما يساعده على ذلك أن يختارها ذات خلق ودين
(10/7)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:31 am

المحافظة على شعورها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الإسلام أن تعيش المرأة فى البيت كمَّا مهملا، ينظر إليها بمنظار أسود، وتعامل كجارية لا إحساس لها ولا شعور؟

الجواب
من ميزة الإسلام أنه كرم المرأة وأزال الصورة القاتمة التى صورت بها من قبل. وقرر لها كثيرا من الحقوق التى أضاعتها هذه الصورة، واعتد بإنسانيتها التى سلبتها إياها بعض الأفكار وطبقها بعض الرسول - والله سبحانه أمر بمعاشرتها بالمعروف كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة، ومن أهم مظاهر هذه المعاشرة التى تتصل بإحساسها وشعورها:
1 - صون اللسان عن رميها بالعيوب التى تكره أن تعاب بها، سواء أكانت خِلقية لا تملك من أمر تغييرها شينا كدمامة وقصر، أم كانت خُلقية لها دخل فيها كتباطؤ فى إنجاز العمل، أو ثرثرة كثيرة، فالله نهى بوجه عام عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب والسباب، والنبى صلى الله عليه وسلم قال فيما يخص المرأة، كما رواه أبو داود بإسناد حسن "ولا تضرب الوجه ولا تقبح "أى لا تقل لها: قبَّحك الله، يقول الحافظ المنذرى بعد ذكر هذا الحديث: أى لا تسمعها المكروه ولا تشتمها ولا تقل قبحك الله.
2 - ومع عدم رميها بالعيوب، لا ينبغى الاشمئزاز وإظهار النفور منها، ولتكن النظرة إليها بعينين لا بعين واحدة، فكما أن فيها عيوبا فيها محاسن ينبغى ألا تغفل وتنسى، والله سبحانه يقول {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} النساء: 19، والحديث يقول كما رواه مسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضى منها آخر" ويعجبنى فى هذا المقام ما جاء فى "الأحكام السلطانية للماوردى" أن عمر بن الخطاب رأى رجلا يطوف حول الكعبة وعلى عاتقه امرأة حسناء، وهو يقول:
عُدْت لهذى جملا ذلولا * مُوطَّأً أتبع السهولا أعدلها بالكف أن تميل * أحذر أن تسقط أو تميلا أرجو بذاك نائلا جزيلا فقال له: من هذه التى وهبت لها حجك؟ فقال: امرأتى يا أمير المؤمنين، وإنها حمقاء مرغامة، أكول قمامة، لا يبقى لها خامة. فقال له: لم لا تطلقها؟ لا قال: إنها حسناء لا تُفْرَك، وأم صبيان لا تُترك.
قال: فشأنك بها.
3 - عدم ذكر محاسن غيرها من النساء أمامها بقصد إغاظتها، فليس أقتل لشعور المرأة من ذلك وبخاصة إذا كانت هذه المرأة ضرتها أو جارتها أو لزوجها صلة بها أيا كانت هذه الصلة اللهم إلا إذا كان يقصد بمدح غيرها تأديبها وتوجيهها لتكون مثلها. روى البخارى ومسلم عن عائشة قالت:
ما غرت على أحد من نساء النبى صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها قط، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها فى صدائق خديجة فربما قلت له: كأن لم يكن فى الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت. . . . وكان لى منها ولد".
4 - حفظ أسرارها وبخاصة ما يكون من الأمور الداخلية التى لا يعرفها إلا زوجها. يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفض إليه ثم ينشر سرها". أراد بعض الصالحين أن يطلق امرأته فقيل له: ما الذى يريبك منها؟ فقال: العاقل لا يهتك ستر امرأته. فلما طلقها قيل له: لم طلقتها؟ فقال: ما لى ولامرأة غيرى؟ (الإحياء ج 2 ص 52) 5 -نداؤها بلفظ يشعر بكرامتها مثل: يا أم فلان، والعرف مختلف فى ذلك.
6 -إلقاء السلام عليها عند دخول البيت، لإيناسها واطمئنانها، ففى حديث الترمذى وصححه "يا بنى، إذا دخلت على أهلك فسلِّم يكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك ".
تلك بعض المظاهر التى تدل على احترام الإسلام لشعور المرأة، ليعاملها زوجها على ضوئها معاملة كريمة، وهناك أكثر وأوضح من ذلك فى كتاب "الأسرة تحت رعاية الإسلام -الجزء الثالث "
(10/8)
________________________________________
وطء شبهة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فيمن أرسل رجلا نائبا عنه لعقد النكاح، ثم سأفر فى اليوم نفسه، ولما عاد وقع على خطيبته ظانا أن نائبه عقد له عليها،وظهر أنه لم يعقد عليها وحملت منه، فهل يعتبر الحمل منسوبا إليه أم لا؟

الجواب
الاتصال الجنسى بين الرجل والمرأة على ثلاثة أضرب، ضرب حلال وضرب حرام وضرب ليس بحلال ولا بحرام، أما الحلال فهو ما كان بعقد نكاح صحيح مستوف للأركان والشروط، أو كان تمتعا بملك اليمين للأمة غير الحرة، والحرام ما كان على غير هذه الصورة مع عدم وجود شبهة ومع العلم والاختيار، قال تعالى فى صفات المؤمنين المفلحين {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} المؤمنون:5-7، وفى الحرام عقوبة بالجلد والتغريب لغير المُحْصَنِ، وبالرجم للمحصن.
وأما الاتصال الذى لا يوصف بحل ولا حرمة فهو ما كان فيه شبهة، كأن جامع الرجل امرأة يظن أنها زوجته فبانت أجنبية عنه، وهذا لا حَدَّ ولا عقوبة فيه. لكن من جهة لحوق النسب فى الحمل فالمولود ينسب إلى أمه فى الأضرب الثلاثة لأنها هى التى حملت وولدت، وذلك لا خلاف فيه بين العلماء. أما نسبُه للرجل فهو ثابت له فى الاتصال الحلال، غير ثابت له لى الاتصال الحرام، وأما فى الاتصال بشبهة فإن كانت الموطوءة على فراش رجل آخر-يعنى متزوجة-فالولد يلحق الزوج، لحديث "الولد للفراش وللعاهر الحجر" إلا إذا نفاه عنه باللعان المذكور فى أوائل سورة النور فلا يلحقه، وإن كانت غير متزوجة فإن الولد يلحق من وطئها، وذلك على رأى جمهور الفقهاء.
جاء فى كتاب "المغنى" لابن قدامة "ج 9 ص 57" أنه لو وطىء رجل امرأة لا زوج لها بشبهة فأتت بولد لحقه نسبه، وهذا قول الشافعى وأبى حنيفة، وقال أحمد بن حنبل كل من درأتُ عنه الحدَّ ألحقت به الولد، ولأنة وطء اعتقد الواطئ حِلَّهُ فلحق به النسب، كالوطء فى النكاح الفاسد - أى الذى اختل أحد أركانه أو شروطه - وفارق وطء الزنا -أى فى عدم لحوق النسب به -فإنه لا يعتقد الحل فيه، ولو تزوج رجلان أختين فغلط بهما عند الدخول فزفت كل واحدة منهما إلى زوج الأخرى فوطئها وحملت منه لحق الولد بالواطئ، لأنه يعتقد حله فلحق به النسب كالوطء في نكاح فاسد.
وجاء مثل هذا الكلام فى حاشية الشرقاوى على التحرير فى فقه الشافعية "ج 2 ص 219، 271 " وذكر أن شبهة الفاعل تمنع الحد وتوجب مهر المثل، ولا يوصف بها الوطء بحل ولا حرمة، ويثبت به النسب، وتثبت به العدة. من هذا يعرف جواب السؤال وهو لحوق الحمل بهذا الرجل الذى ظن أن من جامعها هى زوجته
(10/9)
________________________________________
الخلوة بين الجنسين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
أنا فتاة ملتزمة للحجاب الشرعى، وأعمل سكرتيرة لأحد رجال الأعمال، وفى بعض الأحيان نمض ساعات وحدنا لمراجعة الأعمال، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب
ليكن معلوما أن الحجاب الشرعى ليس قاصرا على تغطية الجسم بما يمنع رويته للأجنبى، بل إن من مقوماته التى تتعاون كلها على منع الفتنة وصيانة المجتمع من الفساد-عدم خلوة المرأة برجل أجنبى عنها، فالأحاديث كثيرة فى النهى عنها لخطورتها، ومنها ما رواه البخارى ومسلم " لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " وما رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء، فو الذى نفسى بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما".
إن الغريزة الجنسية تتحين أية فرصة للاستجابة لرغبتها، ومن أجل ذلك حرم الإسلام النظر واللمس والخضوع بالقول، والخلوة، أخرج أبو داود والنسائى أن رجلا من الأنصار مرض حتى صار جلدة على عظم، فدخلت عليه جارية تعوده وحدها فهشَّ لها ووقع عليها، فدخل عليه رجال من قومه يعودونه فأخبرهم بما حصل منه وطلب الاستفتاء من النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا لرسول الله: ما رأينا بأحد من الضر مثل ما الذى هو به، ولو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلدة على عظم، فأمر رسول الله: بإقامة الحد عليه، بضربه بمائة شمراخ ضربة واحدة.
إن فرص الخلوة بين الجنسين كثيرة فى هذه الأيام، فقد تكون فى البيوت والفنادق والمكاتب ودواوين القطارات المغلقة، والسيارات الخاصة والمصاعد الكهربائية، حتى فى الأماكن الخلوية البعيدة عن الأنظار.
إن مجرد الخلوة حرام حتى لو لم يكن معها سفور أو كلام مثير، وتتحقق باجتماع رجل وامرأة فقط، أو باجتماع امرأة برجلين، أو باجتماع امرأتين مع رجل على بعض الأقوال، فإن كان الاجتماع رباعيا أو أكثر، فإن كان رجل مع نساء جاز، وكذلك إن تساوى العدد فى الطرفين، وإن كانت امرأة مع رجال جاز إن أمن تواطؤهم على الفاحشة، هكذا حقق الفقهاء.
والخلوة لا تجوز إلا للضرورة، وليس من الضرورة كسب العيش بالعمل الذى يستلزمها ولو فى بعض الأحيان، كما أنه ليس من الضرورة خلوة المدرس الخصوصى بالمتعلمة، فقد يكون الشيطان أقوى سلطانا على النفس من العلم، ومن مأثور السلف قول عمر بن عبد العزيز: لا تخلون بامرأة وإن علمتها سورة من القرآن (المستطرف ج 2 ص 2) وليس من الضرورة خلوة المخدومة بخادمها، أو المخدوم بخادمته، فكم من مآسٍ ارتكبت بسبب ذلك، وليس هؤلاء الخدم مملوكين ملك اليمين حتى يكون لهم مع سادتهم وضع خاص، بل هم أجانب تجرى عليهم كل أحكام سائر الناس.
وفى حكم الخلوة سائقو السيارات الخاصة، المترددون على النساء كثيرا فى البيوت، دون أن يكون هناك من يخشى معهم السوء.
هذا، ولا يعتبر من الخلوة المحرمة وجود الطالبات مع الطلبة فى أماكن الدراسة، كما لا تتحقق الخلوة فى الشوارع والمحال التجارية والمواصلات التى تغص بالرجال والنساء، وإنما المطلوب هو الحشمة فى الملابس والأدب فى الكلام، وعدم الاحتكاك بين الطرفين، وبخاصة فى الزحام، وحديث الطبرانى يقول "لأن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له " وحديثه أيضا "أن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وحديث البيهقى "إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما، خذ يمنة أو يسرة".
هذا، والرحلات المختلطة إذا أمنت فيها الفتنة وكانت تحت رقابة مؤمنة يقظة، وكانت النساء ملتزمات بالآداب الشرعية فى الستر والجدية والعفاف، لا بأس بها، وإلا حرمت والأولى أن تكون الرحلات؟ لنوع واحد، اطمئنانًا للقلب وصيانة للشرف ومنعا للتهم والظنون
(10/10)
________________________________________
شعر المرأة والباروكة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تقصر شعرها، وما حكم لبس الشعر المستعار "الباروكة "؟

الجواب
من المعلوم أن الجمال محبب للنفس إذا وصف به أى كائن فى الوجود، وله حاسة جعلها المفكرون مستقلة عن الحواس الخمس، وجالت فى فنونه أقلام الكتاب وآراء الباحثين، ولا عجب فى ذلك، فالله جميل يحب الجمال، كما فى الحديث الذى رواه مسلم.
وجمال المرأة بالذات له خطره وأهميته فى حيلة الأفراد والأمم، فكم ربط بين جماعتين على أثر إعجاب تَمَّ بزواج، وكم فرق بينهما إثر تنافس انتهى بقتال، وكم جدت فى الأسر مشاكل غيرة منه وتحزُّبا ضده، وكم أطلق ألسنة العشاق بروائع المنظوم والمنثور، وكم خلدت آثار فى الفن والأدب كان هو ملهمها الأول، وواضع قصتها ومخرج مشاهدها على مسرح الوجود.
وتجمل الزوجة لزوجها من أهم الوسائل لكمال متعته بها وحبه لها، والحديث الذى رواه ابن ماجه يقول "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن اقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته فى نفسها وماله ".
ومظاهر التجمل كثيرة، منها جمال الشعر الذى لا ينكر أثره فى إعجاب الرجل بالمرأة، وفى تفنن الشعراء والأدباء فى التغنى والغزل به، فما حرك أساطيل اليونان قديما فى حرب "طروادة" إلا الشعر المعقوص المضفر بشرائط الذهب لهيلانة الجميلة، وما سحر البلاط الفرنسى ورجال الأدب والسياسة والدين إلا شعر مدام بومبادور، وما نسى فحل الشعراء فى الجاهلية أن يضمن معلقته غزلا فى شعر كهداب الدمقس المفتل، وما كان لأمير الشعراء فى العصر الحديث ليلان إلا عند جارة الوادى، فرعها والدجى.
والإسلام عنى بجمال الشعر: ترجيلا أى تمشيطا، وتصفيفا أى تنظيما فى ضفائر وغدائر ونحوها، وتهذيبا بالتقصير والتطويل والتلميع، وتطييبا بالدهن المعطر والروائح الطيبة، فهو القائل فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود "إذا كان لأحدكم شعر فليكرمه " وهو عام فى الرجال والنساء.
أما قص الشعر للسيدة فليس هناك ما يمنعه شرعا، فقد كان أزواج النبى صلى الله عليه وسلم يأخذن من شعر رءوسهن حتى تكون كالوفرة، كما رواه مسلم. والوفرة ما قصر عن اللمة أو طال عنها، واللمة ما يلم من الشعر بالمنكبين كما قاله الأصمعى. [هناك خلاف فى تحديد معنى الوفرة واللمة والجمة موجود فى "نيل الأوطار"ج 1 ص 137 وثلاثيات أحمد ج 2 ص 207] وقد قصر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم من شعورهن بعد وفاته، لتركهن التزين واستغنائهن عن تطويل الشعر وتخفيفا لمئونة رءوسهن كما قاله القاضى عياض وغيره، ولم يكن ذلك فى حياته.
هذا، وقد روى النسائى عن على رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. والحلق هو إزالته بالمرة، وذلك لا يليق بالمرأة فهو من خصائص زينتها، أو المراد النهى عن حلقه عند المصائب كالحزن على وفاة زوج أو ولد.
لكن محل جواز تقصير شعرها إذا كان بإذن الزوج، فهو صاحب حق فيه لمتعته، وألا يكون التقصير بيد رجل أجنبى أو اطلاعه عليه، وإلا تقصد به التشبه بالرجال، فالأعمال بالنيات.
والشعر المستعار "الباروكة " ورد فيه أن امرأة قالت للنبى صلى الله عليه وسلم: إن لى ابنة عُرَيِّسًا-تصغير عروس -أصابتها حصبة فتمزق شعرها، أفأصله؟ فقال "لعن الله الواصلة والمستوصلة" رواه البخارى ومسلم. وبعد كلام العلماء فى شرح هذا الحديث وما يماثله نرى أن التحريم مبنى على الغش والتدليس، وهو ما يفهم من السبب الذى لعنت به الواصلة والمستوصلة، ومبنى أيضا على الفتنة والإغراء لجذب انتباه الرجال الأجانب. وهو ما أشارت إليه بعض الأحاديث بأنه كان سببا فى هلاك بنى إسرائيل حين اتخذه نساوهم. وكن يغشين بزينتهن المجتمعات العامة والمعابد كما رواه الطبرانى.
هذا، وجاء فى كتب الفقهاء: أن لبس الشعر المستعار حرام مطلقا عند مالك، وحرام عند الشافعية إن كان من شعر الآدمى، أو شعر حيوان نجس، أما الطاهر كشعر الغنم وكالخيوط الصناعية فهو جائز إذا كان بإذن الزوج، وأجاز بعضهم لبس الشعر الطبيعى بشرطين: عدم التدليس وعدم الإغراء، وذلك إذا كان بعلم الزوج وإذنه، وعدم استعماله لغيره هو.
ومن هذا يعلم أن تصفيف شعر المرأة عند "الكوافير "الرجل الأجنبى حرام، وأن لبسها "الباروكة" عند الخروج، أو عند مقابلة الزائرين الأجانب حرام
(10/11)
________________________________________
الزواج من خالة الأم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يصح للرجل أن يتزوج من خاله أمه؟

الجواب
جاء فى كتاب الأحوال الشخصية للدكتور الشيخ عبد الرحمن تاج "ص 69" أن من المحرمات من النساء بسبب النسب فروع أجداده وجداته بمرتبة واحدة، وهن العمات والخالات لا غير، سواء كن عمات وخالات للشخص نفسه أم كن عمات وخالات لأبيه أو أمه أم لأحد أجداده وجداته، أما ما دون العمات والخالات من المراتب فلسن من المحرامات، فلا تحرم بنات العمات والأعمام ولا بنات الخالات والأخوال، ومن باب أولى إذا نزلت المراتب عن ذلك
(10/12)
________________________________________
الولد الأسود لوالدين أبيضين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا وله طفل أسود من أبوين أبيضى اللون، فهل يعد ذلك دليلا على خيانة الزوجة؟

الجواب
لا تدل مخالفة لون الولد للون أبويه على أن هناك خيانة زوجية، فالمؤثر على الجنين قد يكون أمرا وراثيا من بعيد، وقد يكون عارضا بسبب تركيز الأم على لون أسود بأى سبب من أسباب التركيز فيظهر هذا فى الجنين.
ومما يدل على أن مخالفة اللون لا يجوز أن يتخذ دليلا على الخيانة الزوجية ما رواه مسلم أن رجلا من بنى فزارة قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إن امرأتى قد ولدت غلاما اسود، وفى رواية: وإنى أنكرته أى كرهته، فقال صلى الله عليه وسلم "هل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال: " فما ألوانها؟ قال حمر" قال: " هل فيها من أورق؟ " أى أسود غير صافى السواد، قال " إن فيها لورقا" قال: " فأنى أتاها ذلك "؟ قال: " عسى أن يكون نزعه عرق "، قال: "وهذا عسى أن يكون نزعه عرق " يريد النبى بهذا أن يحافظ على العرض مما يشينه من شبهة لا أصل لها، فالعرض إذا خدش قل أن ترجع إليه سمعته الطيبة الأولى، إن الزجاجة كسرها لا يشعب ولا يجبر.
وهناك حوادث كثيرة تدل على أن الوحم العارض للحامل قد يؤثر على الجنين، فالصفات المكتسبة إذا أثرت تأثيرا عميقا فى الأعصاب والأحاسيس قد تورث فى الجنين، جاء فى ذيل تذكرة داود (ص 231) أن شبه الولد بوالديه قد يكون من التخيلات والأوهام ساعة الاتصال الجنسى أو من تخيلات الحامل زمن تخلق الجنين. وتحدث العلماء عن حمل الغيرة وهو الشعور بالحمل وانتفاخ البطن دون أن يكون فيه جنين.
ولعل مما يؤكد هذا-وإن أنكره البعض -ما جاء فى سفر التكوين (1ص ج 30) أن يعقوب وضع قضبانا من فروع الشجر مخططة فى مساقى الغنم لتتوحم عليها وتلد أغناما مخططة، وفى مختار تاريخ الجبرتى (ج 1 ص 107) أن امرأة ولدت ولدا يشبه الفيل وكان الفيل قد حضر لأول مرة (1ص10) فالخلاصة أنه لا يجوز اتهام الزوج لزوجته بالخيانة إذ ولدت ولدا لونه غير لونهما
(10/13)
________________________________________
الأبناء وذنوب الآباء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يؤاخذ الله سبحانه وتعالى الأبناء بذنوب فعلها الآباء؟

الجواب
يقول الله سبحانه {ولاتزر وازرة وزر أخرى} الإسراء: 15، وقال {كل نفس بما كسبت رهينة} المدثر: 38، وقال {كل امرئ بما كسب رهين} الطور: 21، هذه الآيات وأمثالها التى تدل على أن الله لا يظلم أحدا فيعاقبه بما جناه غيره، متفق على أنها فى يوم القيامة عند الحساب والجزاء، لكن فى عقاب الدنيا قد يؤخذ البرىء بسبب معصية غيره عندما يجىء عقاب عام كالخسف والزلزال بسبب شيوع المعاصى، كما فى حديث البخارى ومسلم " يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على قدر نياتهم "ومنه ما جاء فى بعض الأدعية، (لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) فالأبناء وغيرهم يؤخذون بذنوب آبائهم ومجرميهم إذا كثر الفساد، وذلك فى عقاب الدنيا، وسيعوض الله الأبرياء خيرا فى الآخرة، والآباء إذا كانوا مجرمين سرت العدوى إلى أولادهم بالتقليد والمحاكاة، وكرههم الناس لكراهتهم لآبائهم، فشؤم معصية آبائهم يلحقهم فى معاملات الدنيا طوعا أو كرها، أما الأعمال، فكل واحد مسئول عن عمله يوم القيامة أمام الله، وعلى ضوء هذا يفهم الحديث القدسى الذى رواه أحمد عن وهب (أنى إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتى نهاية، وإذا عُصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتى تبلغ السابع من الولد) ، وعلى شاكلة هذا لو اختار الرجل زوجة صالحة كان هناك أمل فى صلاح الأولاد، وبالعكس لو اختار الرجل زوجة غير صالحة نشأ الأولاد، وقد نزعهم عرق من الأم، ومن هنا كانت الوصية (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) ، وقال أبو الأسود الدولى لأولاده: قد أحسنت إليكم صغارا وكبارا وقبل أن تولدوا، حيث اخترت لكم أما لا تسبون بها، فجناية الآباء تصيب الأبناء فى مثل هذه الأمور الدنيوية
(10/14)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:32 am

المرأة على منصب القضاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم تولية المرأة للقضاء؟

الجواب
فى تولى المرأة للقضاء ثلاثة آراء:
الرأى الأول: وهو رأى الجمهور وعليه الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد، أنه لا يجوز، بناء على حديث رواه البخارى وغيره "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" لأن منعها من القضاء أولى من منعها من الولاية العامة، قال ابن حجر فى " فتح البارى ": وقد اتفقوا على اشتراط الذكورة فى القاضى إلا عند الحنفية، واستثنوا الحدود، وأطلق ابن جرير.
الرأى الثانى: جوازه مطلقا فى كل الأمور، ونسب إلى ابن جرير الطبرى، بحجة أن الأصل أن كل من يتأتى منه الفصل بين الناس فحكمه جائز، إلا ما خصصه الإجماع من الإمامة الكبرى، ورد بأن شهادتها إذا كانت على النصف من شهادة الرجل بنص القرآن فهى لا تستقل بالحكم الذى هو نتيجة الشهادة، وعلق الماوردى فى كتابه "الأحكام السلطانية " على هذا الرأى بقوله: ولا اعتبار بقول يرده إجماع، هذا ونص أبو بكر بن العربى على أن نسبة هذا القول إلى ابن جرير كاذبة، كما قال الشيخ محمد الخضر حسين "الأهرام 27/ 6/1953" وانظر تفسير القرطبى ج 12 ص 184.
الرأى الثالث: جواز قضائها فيما تصح فيه شهادتها، وذلك فى غير الجنايات التى فيها حدود، وهو منسوب لأبى حنيفة.
وقال أبو بكر بن العربى: مراد أبى حنيفة ولايتها فى جزئية لا أن يصدر لها (مرسوم) بولاية القضاء العام.
ووضح بعضهم رأى أبى حنيفة بقوله:
هناك مسألتان:
أولاهما: تولية منصب القضاء وهو غير جائز، وذلك كرأى الجمهور.
وثانيهما: نفاذ حكمها لو وليت.
فقالوا: إذا أثم الحاكم فى توليتها فحكمت فإن حكمها ينفذ إلا فى الأمور التى لا تصح شهادتها فيها، وهى الحدود والقصاص " فتح القدير للكمال بن الهمام جـ 5 ص 486 " وأختار رأى الجمهور، وأنصح المرأة أن تبعد عن هذه المجالات الدقيقة المحتاجة إلى فكر عميق ودراسة واعية ووقت طويل، وهى بطبيعتها ومهمتها الأساسية تتحمل ما لا يطاق، مع عدم وجود ضرورة تدعو إلى المزاحمة فى هذا المجال فالجديرون به كثير، والمجالات الأخرى المناسبة لها كثيرة وفى غاية الأهمية، ولا يصلح المجتمع إلا بوضع الشخص المناسب فى المكان المناسب، أما إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فقد ضُيِّعت الأمانة وقربت الساعة
(10/15)
________________________________________
توارث الزوجين بالعقد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
عقد رجل قرانه على فتاة، وتوفى قبل الدخول بها، فكيف يكون ميراثها، وهل يحق لها أن ترث فى المعاش المستحق له فى التأمينات الاجتماعية، وهل يحق لابنه الزواج منها؟

الجواب
ما دام عقد الزواج قد تم فكل من الزوجين يرث الآخر عند الموت سواء كان قبل الدخول أو بعده، أما المعاش فله نظام خاص وإذا لم يعين المتوفى من يستفيد من معاشه يوزع كالميراث.
وليس لابنه أن يتزوج منها لأنها زوجة أبيه بمجرد العقد، قال تعالى:
{ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا} النساء: 22، ويدخل فى النكاح هنا الزواج بلا وطء
(10/16)
________________________________________
ملابس الحداد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يوجد نص فى الدين الإسلامى يشير إلى ضرورة ارتداء الملابس السوداء حدادا عند حدوث حالة وفاة؟

الجواب
الحزن على الميت شىء طبيعى أقره الدين الإسلامى ومن مظاهره الامتناع عن الزينة بالعطور وبالأصباغ سواء فى البدن أو فى الملابس، وهذا الامتناع واجب على المرأة عند وفاة زوجها حتى تضع الحمل إن كانت حاملا، وحتى تنتهى أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير حامل، وحرام على غير زوجها كأبيها وابنها أكثر من ثلاثة أيام، وهذا الامتناع يطلق عليه اسم الحداد أو الإحداد. وهو غير جائز للرجال بل هو خاص بالنساء، جاء فى البخارى ومسلم أن زينب بنت أبى سلمة دخلت على أم حبيبة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم حين توفى أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة -أى طيب فيه لون كالخلوق المعروف عندهم- فدهنت به جارية، ثم مست بعارضيها -أى صفحتى وجهها- ثم قالت: والله ما لى بالطيب من حاجة، غير أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا".
ومن مظاهر الإحداد بالنسبة للملابس الامتناع عن لبس ما يتنافى مع الحزن، وذلك يختلف فى الشكل واللون والنوع باختلاف الأعراف، وقد ذكرت كتب التاريخ والرحلات أن الملابس البيضاء هى المختارة للحداد فى بعض البلاد. والنبى صلى الله عليه وسلم ضرب مثلا لما كان عند العرب فنهى عن الثوب المصبوغ بالعصفر لأنه من ملابس الزينة التى لا تتناسب مع الحداد.
وإذا كان اللون الأسود فى الثياب هو المختار فى بعض البلاد للحداد فليس ذلك لوجود نص عليه فى الدين، وإنما هو راجع للعرف والعادة، وقد ذكر الإمام السيوطى فى كتابه "الأوائل" أن أول ما لبس العباسيون السواد حين قتل مروانُ الأموى إبراهيمَ الإمام الذى ادعى الخلافة، وصار السواد شعارا لهم، وقيل إن المصريين اختاروا الملابس السوداء للحزن حدادا على شهداء الأقباط فى عصر "دقلديانوس" حيث ذبح مائة وثمانين ألف مسيحى فى يوم واحد، فلبست نساؤهم الملابس السوداء.
والخلاصة أنه لا يوجد نص دينى فى القرآن والسنة يشير إلى ارتداء الملابس السوداء حدادا على المتوفى، وإنما الموجود هو النهى عن الملابس التى تتنافى مع الحزن، ويُترك تحديد ذلك للعرف، مع التنبيه على أن الحداد خاص بالنساء وجوبا لفقد الزوج، وجوازا لفقد أى قريب آخر، ولا حداد للرجل فعقله أقوى من عاطفته
(10/17)
________________________________________
عدة الفراق والإحداد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى المدة التى تنتظرها الزوجة بعد فراق زوجها لتتزوج غيره؟ وما هو المطلوب منها حال العدة؟

الجواب
يقول الله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} البقرة: 228، ويقول {واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} الطلاق: 4، وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} الأحزاب:
49، وقال تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} البقرة: 234.
العدة مدة تتربص فيها المرأة ولا تتزوج حتى تنتهى، وذلك عند انتهاء الحياة الزوجية، وانتهاؤها يكون بالفراق أو الموت.
فإذا حصل فراق بالطلاق إن كان قبل الدخول فلا عدة على الزوجة، وإن كان بعد الدخول وجبت العدة وهى ثلاثة قروء، أى أطهار أو حيضات على خلاف للفقهاء فى معنى القرء، وذلك إن كانت ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض كالصغيرة والآيسة، وإن كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل، وإذا حصل الفراق بموت الزوجة فلا عدة على الرجل عند الجمهور، وإذا حصل بموته كانت عدة الحامل وضع الحمل، يعنى تنتهى بوضع الحمل، وعدة غير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيام.
وذلك من أجل التأكد من براءة الرحم والوفاء للحياة الزوجية والعشرة السابقة.
والفراق يلزمه الإحداد وهو الامتناع عن الزينة مدة العدة، وعدة الوفاة مجمع على وجوب الإحداد فيها، أما عدة الطلاق فالإحداد فيها اختلفت الأقوال فيه، ما بين الوجوب وعدمه، وما بين الوجوب فى الطلاق البائن وعدمه فى الرجعى.
ومظاهر الإحداد الامتناع عن كل ما يتنافى عقلا وشرعا وعرفا مع الحزن والأسف على الفراق، وذلك كالطيب والأصباغ والمساحيق والاكتحال وما إلى ذلك مما كانت تتجمل به لزوجها حال حياته، جاء فى سنن أبى داود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة. .. ولا تكتحل ولا تختضب "، إلا إذا كانت هناك ضرورة لما منعت منه فى مثل الدواء.
وهذا الإحداد الواجب هو على موت الزوج فقط، أما على موت غيره من أب أو أخ أو ابن مثلا فلا يجب هذا الإحداد، وإنما يجوز لها لمدة ثلاثة أيام فقط، ويمتنع أكثر من ذلك، بدليل ما ورد فى الصحيحين أن زينب بنت أم سلمة دخلت على أم حبيبة زوج النبى حين توفى والدها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فدهنت به جارية، ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله ما لى بالطيب من حاجة، غير أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" وفى هذا دليل على حرمة ما تلتزم به النساء من الحزن والإحداد على موت غير الزوج عاما أو أعواما وإذا حرم على المرأة حرم على الرجل، فليس عليه إحداد لموت أحد لا زوجته ولا غيرها.
وبهذه المناسبة نقول: إن تجديد الحزن بعد موت الميت بخمسة عشر يوما أو أربعين يوما إو إقامة الميعاد السنوى وغير ذلك ليس من الدين فى شىء، فالتعزية بعد ثلاثة أيام غير مشروعة، وأكثر هذه المظاهر ميراث فرعونى قديم (تاريخ الحضارة المصرية للدكتور مراد كامل ج 2 ص 291.) وكذلك عادة المبيت فى القبور وكسر أوانى الفخار عقب خروج الجنازة حتى لا تعود روحه وذبح الثور عند القبر (المرجع نفسه ج اص 234.)
(10/18)
________________________________________
العدة بين الرجل والمرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل للرجل المطلق عدة كما للمرأة؟

الجواب
العدة مشروعة للمرأة للتأكد من براءة رحمها إذا كانت مطلقة وللإحداد على زوجها إذا كان متوفى عنها، والأيات كلها تتحدث عن عدة المرأة.
{والمطلقات يتربصن بأنفسض ثلاثة قروء} البقرة: 228، {يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} الطلاق:1، {واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} الطلاق: 4، {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} البقرة: 234.
فالمرأة لا يجوز لها أن تتزوج غير زوجها إذا كانت فى العدة، كما قال تعالى: {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} البقرة: 235.
فإذا كان الطلاق رجعيا ولم تنته العدة جاز للرجل أن يعيدها إلى عصمته بالرجعة قولا أو فعلا.
وما يقال إن على الرجل عدة فذلك ليس بعدة شرعية واجبة عليه، وإنما هى عدة المرأة، غاية الأمر أن الرجل المطلق لا يجوز له أن يتزوج أخت المطلقة ولا عمتها ولا خالتها ما دامت زوجته المطلقة طلاقا رجعيا لم تنته عدتها، لأنها فى حكم الزوجة، وكذلك لو كان متزوجا بأربع نسوة ثم طلق إحداهن طلاقا رجعيا لا يجوز له أن يتزوج خامسة حتى تنتهى عدتها.
فمنعه من الزواج فى هاتين الحالتين حتى تنتهى عدة المرأة، يطلق عليه بعض الناس أن الرجل عليه عدة، وليس كذلك، إنما هو انتظار منه حتى تنتهى عدة المرأة
(10/19)
________________________________________
مزاحمة الرجال النساء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال "لأن يزحم أحدكم خنزيرا متلطخا بالطين خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له "؟

الجواب
هذا حديث رواه الطبرانى عن أبى أمامة وقال عنه: إنه غريب، أى رواه راو واحد، وظاهر الحديث أن المزاحمة بالمناكب مع سترها ممنوعة فكيف إذا كانت غير مستورة؟ والحديث يدل على خطر الاحتكاك بين الجنسين بأية وسيلة من الوسائل، فهو يؤدى إلى الفحشاء التى وضع الإسلام لها احتياطات كثيرة، كغض البصر وعدم الكلام اللين وعدم الخلوة.
ويؤيد ذلك حديث "أن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من ان يمس امرأة لا تحل له " رواه الطبرانى والبيهقى عن معقل ابن يسار، ورجال الطبرانى ثقات رجال الصحيح
(10/20)
________________________________________
القواعد من النساء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما المراد بالقواعد من النساء المذكورات فى القرآن الكريم؟

الجواب
سورة النور نزلت فيها أحكام كثيرة خاصة بالمحافظة على الأعراض، من وضع عقوبات رادعة للتعدى عليها، ومن آداب تتبع للوقاية من الوقوع فى الفاحشة المنكرة، وقد أمر الله فيها ألا يبدى النساء زينتهن إلا ما ظهر منها، وأن يضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الداخلية التى من شأنها أن تستر -إلا لجماعة مخصوصين لا يخشى منهم السوء غالبا، كالمحارم- وكل ذلك للحفاظ على المرأة وعلى سمعتها وسمعة أهلها، وبعدا بالمجتمع عن الفوضى والفساد.
والمرأة يجب عليها ستر كل جسمها عن الأجانب بما لا يصف ولا يشف، مع آراء فى كشف الوجه والكفين عند عدم الفتنة، وكل ذلك فى الشابة أو غير المتقدمة فى السن. أما العجوز فقد جاء فيها قوله تعالى {والقواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم} النور:65.
والقواعد جمع قاعد، وهى العجوز التى قعدت عن التصرف من أجل كبر السن، وقعدت عن الولد والعادة الشهرية كما قال أكثر العلماء، وقال ربيعة: هى التى إذا رأيتها تستقذرها من كبرها. ومعنى وضع الثياب: خلعها، والمراد أن العجوز لا حرج عليها فى أن تتخفف من بعض ثيابها الكثيفة التى كانت معتادة عند الخروج لزيادة التصون والستر، بمعنى أنه يجوز لها أن تخلع خمارها الذى يستر رأسها، أولا لثقله عليها وهى المسنة، وثانيا لأن شيب شعرها لا يفتن من يقع نظره عليه، وبخاصة أنها فى الغالب ملازمة للبيت لا تخرج منه لغير ضرورة، وقد يدخل رجل أجنبى فلا عليها أن يرى بعض شعرها، ومع ذلك فالاستعفاف بدوام الستر أفضل، وكل هذا بشرط ألا يكون هناك تبرج وظهور بالزينة المغرية، كوضع أصباغ وغيرها من أجل لفت الأنظار إليها على الرغم من كبر سنها، فإن ذلك حرام لسوء القصد.
ومع ذلك فقد قال بعض العلماء: إن العجوز كالشابة فى وجوب الستر الكامل، ومعنى وضع ثيابها هو خلع الجلباب أو العباءة التى فوق غطاء الرأس للتخفيف مع بقاء الرأس مستورا، ومهما يكن من شىء فليكن هناك حساب للفتنة وحساب للقصد والنية وأثر التطور والظروف فى ذلك
(10/21)
________________________________________
المرأة والانتخاب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى إعطاء المرأة حق الانتخاب والترشيح للمجالس التشريعية؟

الجواب
من ضمن ما حصلت عليه المرأة المسلمة حديثا حق إعطاء صوتها لمن يرشح لبعض المجالس، فى ظل الحكم الديمقراطى، وليس فى إعطائها هذا الحق أو ممارسته ما يمنعه شرعا، وبخاصة إذا طلب منها ذلك، فهو لا يعدو أن يكون شهادة بصلاحية شخص أو عدم صلاحيته، وقضية التواصى بالحق والتناصح تؤكد هذا الحق.
لكن العلماء اشترطوا فيمن يختارون الخليفة: العدالة الجامعة لشروطها، والعلم الذى يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها، والرأى والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو أصلح للامامة وبتدبير المصالح أقوم وأعرف.
وإذا كانت هذه الشروط لم تتحقق حتى فى الرجال، حيث إن الانتخاب فى الدساتير المعمول بها فى كثير من البلاد الإسلامية لا يحتم وجودها، فهل يمكن أن تتحقق فى النساء؟ وإذا أمكن أن تتحقق فهل يوجد ذلك فى عالم الواقع، ذلك يحتاج إلى نظر. "الأحكام السلطانية للماوردى ص 6 ".
أقول هذا لأن الدساتير الحالية تعطى حق الترشيح لمن أعطى حق التصويت، فلو أن الأمر اقتصر على إعطاء صوتها إذا وجدت فيها المواصفات التى ذكرها الماوردى ما كان هناك اعتراض، لكن الذين ينادون بإعطائها هذا الحق يربطون بينه وبين حق الترشيح لتمثيل الشعب فى المجالس التشريعية، وبالتالى إذا اشتركت فى انتخاب الإمام أو الحاكم جاز لها الترشيح لهذا المنصب، فالتصويت سلم للترشيح، والقوانين الوضعية لا تلتزم حدود الدين فى الوقوف عند منح امتياز معين.
ومن هنا لا يجوز القول بجواز تصويتها لأنه وسيلة إلى ممنوع، كما قررته لجنة الفتوى بالأزهر ونشر فى المجلة فى يونية 1952 م، ونصها مذكور فى ص 448 من الجزء الثانى من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، وجاء فيها: أن وسيلة الشىء تأخذ حكمه، وأن حركة عائشة ضد على رضى الله عنه لا تعد تشريعا وقد خالفها فيها كثيرون، وأن مبايعة النساء للنبى لا تثبت زعامة ولا رياسة ولا حكما للرسول، بل هى مبايعة على الالتزام بأوامر الدين ثم ذكرت اللجنة عدم جواز ترشيح المرأة للمجالس التشريعية، لأن فيه معنى الولاية العامة وهى ممنوعة بحديث البخارى وغيره: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذا ما فهمه أصحاب الرسول وجميع أئمة السلف، ووضحت المبررات لذلك، ثم ذكرت أن منع المرأة من التصويت والترشيح لم ينظر فيه إلى شىء آخر وراء طبيعة هذين الأمرين، أما ما يلازم عملية الانتخاب المعروفة والترشيح لعضوية البرلمان من مبدأ التفكير إلى نهايته فإننا نجد سلسلة من الاجتماعات والاختلاطات والأسفار للدعاية والمقابلات وما إلى ذلك، مما نشفق على المرأة أن تزج بنفسها فيها، ويجب تقدير الأمور وتقدير الأحكام على أساس الواقع الذى لا ينبغى إغفاله أو التغافل عنه.
هذا ما قررته لجنة الفتوى بالأزهر سنة 1952، فهل يقبل فى هذه الأيام أو يرفض؟ وهل للمادة الثانية فى الدستور المصرى اعتبار فى التشريع؟
(10/22)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:34 am

الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
خطبنى شاب فوافق أبى عليه وقرأ الفاتحة معه،ثم تبين أنه ليس على ما كنا نظن فيه، فهل يجوز نقض الفاتحة وفسخ الخطبة أم أن ذلك حرام؟

الجواب
الوعد بالزواج لا يلزم الوفاء به، وبخاصة إذا ظهر ما يبرره، وفترة الخطبة فترة اختبار وامتحان واستطلاع، لا تترتب عليها حقوق، ويجوز لكل من الطرفين أن يعدل عن الوعد على الرغم من قراءة الفاتحة، فالفاتحة ليست عقدا، ولكن قراءتها من باب التبرك بها.
ومهما يكن من شىء فإن الوفاء بالوعد -كما قال ابن حجرالهيتمى فى كتابه "الزواجر" الجزء الأول ص 109- مندوب عند الشافعية وليس بواجب، ومخالفة المندوب جائزة ليست حرمة ولا عقوبة عليها، والنصوص الواردة بالأمر بالوفاء هى فى العهود والعقود، والفرق بينهما وبين الوعود يرجع فيه إلى الكتاب المذكور
(10/23)
________________________________________
زواج المسلم بالكتابية فى الكنيسة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى بعض البلاد غير الإسلامية يصرون على أن المسلم لو تزوج بكتابية فلا بد من عقد الزواج بالكنيسة، فهل يعتبر ذلك حراما، مع أنه لم ينطق بكلمة مما يقوله القسيس؟

الجواب
إذا تم زواج المسلم بالمسيحية على الطريقة المدنية - بإيجاب وقبول وحضور شاهدين مسلمين كان الزواج صحيحا شرعا، أما إجراوه فى الكنيسة على الطريقة المعهودة عندهم فلا يصح، وإذا تحتم العقد فى الكنيسة فليكن بعد إجراء العقد على الطريقة الشرعية فى أى مكان آخر، وإلا فليكن العقد بعد الانتهاء من إجراءات الكنيسة، أما إذا لم يتحتم العقد فى الكنيسة فلا حاجة إلى الذهاب إليها والعقد بها.
"الفتاوى الإسلامية - المجلد الخامس ص 1927 "
(10/24)
________________________________________
عقد الزواج فى شهر المحرم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول بعض الناس إن عقد الزواج فى شهر المحرم حرام أو شؤم، فهل هذا صحيح؟

الجواب
روى البخارى من طريق عروة أن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شوال، وبنى بى فى شوال، فأى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده منى؟ قال عروة: وكانت عائشة تستحب أن تُدخل نساءَها فى شوال.
لقد حرص كثير من الناس على تحرى عقد الزواج فى يوم معين من الأسبوع، أو شهر معين من السنة، تحريا يترتب عليه أحيانا نزاع أو تشاؤم ورجم بالغيب عن فشل الزواج إن خولف فيه المعتاد من هذه الأوقات.
وهذه عادة جاهلية ترد على بطلانها السيدة عائشة بهذا الحديث، فقد كانوا يتطيرون أى يتشاءمون من شهر شوال، لما فى اسمه من معنى الإشالة والرفع، فيقال عندهم: شال لبن الناقة أى ارتفع وقَلَّ، ويقال: شالت الناقة بذنبها إذا امتنعت عن الفحل أن يطرقها. فهم يخافون أن تمتنع الزوجة عن زوجها إذا أرادها، ويقال: شالت نعامتهم إذا ماتوا وتفرقوا، والنعامة يراد بها الجماعة، فالمهم أنهم كانوا يتطيرون بهذا الشهر ويمتنعون عن الزواج فيه.
وقد ذكرت كتب السيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم عقد لفاطمة بنته عَلَى عِلىٍّ بن أبى طالب بعد بنائه بعائشة بأربعة أشهر ونصف الشهر، وحيث قد علمنا أن زواجه وبناءه بعائشة كان فى شوال فيكون زواج فاطمة فى شهر صفر، وذكر بعضهم أنه كان فى أوائل المحرم.
ومهما يكن من شىء فلا ينبغى التشاؤم بالعقد فى أى يوم ولا فى أى شهر، لا فى شوال ولا فى المحرم ولا فى صفر ولا فى غير ذلك، حيث لم يرد نص يمنع الزواج فى أى وقت من الأوقات ما عدا الإحرام بالحج أو العمرة
(10/25)
________________________________________
سكن المطلق مع مطلقته

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل طلق زوجته طلاقا بائنا ولم يجد مسكنا لأولاده حيث ستكون هى حاضنة لهم، إلا السكن الذى هو فيه، فهل يجوز أن يسكن هو فى هذا البيت أم لا بد من الفصل بينه وبينها بمسكن آخر؟

الجواب
إذا حدث الطلاق صارت المرأة أجنبية عن زوجها فى بعض الأحكام. وإذا كان الطلاق بائنا بينونة صغرى أو كبرى فلا يحل له أن يتمتع بها بأى نوع من أنواع التمتع بل يحرم عليه أن يختلى بها أو ينظر إلى غير وجهها وكفيها، أما إذا كان الطلاق رجعيا فله كل ذلك ما دامت فى العدة، لأنها فى حكم الزوجة.
ومن المقرر شرعا أن المطلقة طلاقا بائنا لها الحق فى حضانة أولادها الصغار ما لم تتزوج، ونفقتهم ونفقة حضانتها على أبيهم، ومن النفقة إعداد المسكن اللائق لذلك، وهو مسكن لها ولا صلة للمطلق به. فإن لم يجد لها مسكنا أو لم يجد هو لنفسه مسكنا يستقل فيه بعيدا عن مسكنها فلولى الأمر تمكينه من البقاء فى مسكن الزوجية السابقة، وذلك بصفة مؤقتة - نظرا لأزمة المساكن فى بعض البلاد- حتى يجعل الله له من بعد عسر يسرا، على شرط أن يكون وجوده فى هذا المسكن المشترك كالرجل الغريب تماما عنها، وذلك من حيث حرمة النظر والخلوة والملامسة وغيرها. فلكل منهما غرفة أو جزء من المسكن مستقل، كأنهما نازلان فى فندق، وإن كان الالتزام بذلك صعبا جدا.
وهذا -كما قلت- إجراء مؤقت حتى يستقل كل منهما بمسكن، وللضرورة أحكام ولا تظهر هذه الصعوبة إلا إذا كان هناك أولاد يحق لها حضانتهم، التى قد تستمر سنوات طوالا، أما إذا لم يوجد أولاد للحضانة فالأمر سهل، وهذا إجراء يجب أن يعطينا درسا فى التفكير أكثر من مرة عند الزواج وعند الطلاق. "انظر فتوى الشيخ أحمد هريدى سنة 1965 فى الفتاوى الإسلامية- المجلد السادس ص 2200"
(10/26)
________________________________________
الزوجة تكون فى الجنة لآخر أزواجها

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوجت امرأة فى حياتها أكثر من زوج، أحدهم بعد الآخر، فإذا ماتت ستكون زوجة للأول أم للآخر؟

الجواب
هناك رأيان للعلماء فى ذلك، رأى يقول: إنها لآخر أزواجها، ودليله أن هجيمة بنت حُيى الأوصابية أم الدرداء الصغرى خطبها معاوية بن أبى سفيان، فأبت وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المرأة لآخر أزواجها" ولست أريد بأبى الدرداء بديلا، وهو حديث صحيح رواه الطبرانى وأبو يعلى برجال ثقات ولفظه: "أيما امرأة توفى عنها زوجها فتزوجت بعده فهى لآخر أزواجها" "المطالب العالية لابن حجر ج 2 ص 67، والجامع الصغير". وكما فعلت أم الدرداء فعلت زوجة حذيفة "تفسير القرطبى سورة الأحزاب ص 229".
ورأى يقول: إنها ستكون لأحسنهم خلقا، وإن خيرت بينهم اختارته، واستأنس هذا الرأى بحديث رواه الطبرانى فى معجمه الكبير، عن أنس قال:
قالت أم حبيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت المرأة يكون لها زوجان فى الدنيا فتموت ويموتان ويدخلون الجنة، لأيهما تكون؟ قال "لأحسنهما خلقا كان عندها فى الدنيا، يا أم حبيبة ذهب حسن الخلق بخيرى الدنيا والآخرة" إحياء علوم الدين ج 3 ص 45، فلنترك الأمر إلى الله، فهو من المغيبات التى لا نلتزم فى اعتقادها إلا بخبر قاطع فى ثبوته ودلالته، ولعل القول بأنها تكون لأحسنهم خلقا أنسب لما تكون عليه الجنة من نعيم عظيم لا غل فيه ولا هم ولا حزن
(10/27)
________________________________________
نفقة علاج الزوجة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجب على الزوج نفقة علاج زوجته، أم أن النفقة عليها هى؟

الجواب
قال الله تعالى {وعاشروهن بالمعروف} النساء: 19 وقال صلى الله علية وسلم "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. " رواه مسلم، وحذر من التقصير فى ذلك فقال "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يَقُوت " رواه أبو داود وروى مثله مسلم.
وقد فصل العلماء هذه المعاشرة المطلوبة وأنواع النفقة اللازمة، من غذاء وكساء ومسكن ومتعة وخدمة، وما يعتاد فى المواسم والمناسبات "يراجع الجزء الثالث من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 203".
ومن جهة علاجها قال الذين أوجبوا لها ما تطلبه الحامل أثناء الوحم، بوجوب علاجها من المرض، فإن المرض له دخل كبير فى التأثير على تمتعه بها، وعلاجها فهو من المعاشرة بالمعرف، وللفقهاء اجتهاد فى ذلك. وفقهاء الشافعية "الإقناع للخطيب ج 2 ص 191 " لا يوجبون على الزوج ثمن الدواء ولا أجر الطبيب، متعللين بأن ذلك لحفظ الأصل ولا صلة له به، وكيف يقال ذلك والمرض مانع أو منغص على الزوج متعته وما يلزمها وما تقوم به الزوجة من واجبات الأسرة؟ مثل الشافعية قال الحنابلة "معجم المغنى ص 970 ".
وفى القانون المصرى للأحوال الشخصية رقم 44 لسنة 1979 م نصت المادة 2/ 4 على أن النفقة تشمل الغذاء والكساء والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقض به العرف "الفتاوى الإسلامية - المجلد الرابع ص 1387 ".
وتجهيزها من الموت إلى الدفن بدون إسراف ولا تبذير يكون على الزوج كما ذهب إليه أبو يوسف من الأحناف، وصدر به قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 " مادة 4 " الفتاوى الإسلامية - المجلد الخامس ص 1938
(10/28)
________________________________________
طلاق زوجة الغائب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى شاب عقد قرانه علي ابنة عمه وسافر إلي الخارج منذ خمس سنوات ولم يدخل بها، وفى كل عام يرسل خطابا يقول إنه سوف يحضر ثم لا يحضر فهل لها حق الطلاق؟

الجواب
إذا غاب الزوج ولم تصبر الزوجة ولم تتحمل وخيف عليها من السوء كان لها أن تطلب التفريق، ويجيبها القاضى إلى مطلبها بطلاق بائن، بعد عمل الإجراءات اللازمة.
واختلف أصحاب الإمام مالك القائلون بذلك فى الحد الأدنى للغيبة التى تعتبر إضرارا بالزوجة وتسوغ لها طلب التفريق، فقدَرها بعضهم بثلاث سنين، وقدرها آخرون بسنة، وبهذا الرأى جاء القانون رقم 25 لسنة 1929م كما يلى:
مادة (12) -إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضى طلاقها بائنا إذا تضررت من بُعده عنها ولو كان له مال يستطيع الإنفاق منه.
مادة (13) - إذا أمكن وصول الرسائل إلى الغائب وضرب له أجلا وأعذر إليه بأنه يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه - فإذا انقضى الأجل ولم يفعل ولا يُبد عذرا مقبولا فرق القاضى بينهما بتطليقة بائنة، وإن لم يمكن وصول الرسائل إلى الغائب طلقها القاضى عليه بلا إعذار وضرب أجل
(10/29)
________________________________________
عقد الزواج بالإشارة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى حاله زواج مسلم من كتابية لا تتحدث باللغة العربية وليس لها ولى، هل يكتفى بأخذ موافقتها فقط بالإشارة كالإيماء برأسها، أم أخذ شهادة اثنين من أهل الكتاب حيث لا يوجد شهود مسلمون؟

الجواب
جمهور الفقهاء على أنه لا يشترط فى عقد الزواج أن يكون باللغة العربية، بل يصح باللغة التى يفهم بها كل طرف ما يقوله الطرف الآخر.
أما الولى فهو ضرورى عند الجمهور، وعند الحنفية يجوز للمرأة الرشيدة أن تزوج نفسها بدون ولى.
والقادر على الكلام لا يصح عقد زواجه بالكتابة فقط ولا بالإشارة وحدها، أما العاجز عن الكلام فإن كان لا يحسن الكتابة ينعقد الزواج بالإشارة المعروفة، لأنه لا سبيل إلى التعبير عن إرادته إلا بها.
أما إن كان يحسن الكتابة فعند أبى حنيفة روايتان: الأولى- يصح العقد، لأن المقصود معرفة الغرض بأية وسيلة، ويستوى فى ذلك الإشارة والكتابة، والرواية الثانية: لا يصح العقد بالإشارة ولا بد من الكتابة، والعمل فى مصر على الرواية الثانية.
وإذا لم يتيسر وجود شاهدين مسلمين صح العقد بشاهدين كتابيين عند أبى حنيفة وأبى يوسف، ولا يصح عند الأئمة الثلاثة ومحمد بن الحسن ونفر من الحنفية، والعمل فى مصر على رأى أبى حنيفة وأبى يوسف "أحكام الأسرة فى الإسلام ص 102، 104، 105، 128"
(10/30)
________________________________________
الاختلاط فى العمل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى العمل بالشركات مع الرجال والنساء الأجانب غير الملتزمات بالملابس التى تراعى الآداب والأخلاقيات، وإذا لم أجد عملا إلا فى هذا الجو فماذا أفعل؟

الجواب
العمل بأية مؤسسة فيها رجال ونساء مثل المشى فى الطرقات وارتياد الأسواق والاجتماعات العامة، وعلى كل جنس أن يلتزم بالآداب الموضوعة فى الشريعة، التى من أهمها ما جاء فى قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} النور: 30، وقوله: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن. . .} النور: 31، وما جاء فى السنة النبوية من عدم الخلوة المريبة والملامسة المثيرة والكلام الخاضع والعطر النفاذ والتزاحم إلى غير ذلك من الآداب.
ومع حفاظ كل جنس على الآداب المطلوبة عليه أن يوجه من يخالفها، من منطلق قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} التوبة: 71، وذلك بأسلوب حكيم يرجى منه الأمثال، أو على الأقل تبرأ به ذمته من وجوب الوعظ على كل حال كما قال تعالى: {واذ قالت أمة منهم لِمَ تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} الأعراف: 164.
ولا يجوز السكوت على مخالفة الآداب اعتمادا على قوله تعالى {عليكم أنفسكم. لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} المائدة: 105، فالاهتداء لا يكون إلا بعد القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كما جاء فى نصوص أخرى، وإن لم ينتج النصح ثمرة وجب الإنكار بالقلب، وهو يظهر فى معاملة المخالفين معاملة تشعرهم بعدم الرضا عنهم، فقد يفكرون فى تعديل سلوكهم.
ومن العسير أن يترك الإنسان العمل فى مثل هذا المجال المختلط، فالمجالات كلها أو أكثرها فيها هذا الاختلاط، سواء على المستوى المحلى أو العالمى، فعلى من يلجا إلى هذا العمل أن يلتزم بالآداب مع القيام بواجب النصح بالحكمة والموعظة الحسنة
(10/31)
________________________________________
المرأة رئيسة فى العمل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن تكون المرأة رئيسة على الرجل فى العمل مع أن الله يقول {الرجال قوامون على النساء} ؟

الجواب
رئاسة المرأة للرجل فى أى عمل لا تكون ممنوعة إلا فى الرئاسة أو الولاية العامة التى جاء فيها الحديث الصحيح "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخارى وغيره. وذلك أمر اتفق عليه العلماء، لخطورة هذه الولاية وحاجتها إلى مواصفات عالية فيمن يتولاها، وبدون نقاش "الرجال اقدر من النساء فى هذا المجال " وليس هذا تحيزا أو تعصبا، فالحياة أساسها التعاون ولا يتم الخير إلا بوضع الشخص المناسب فى المكان المناسب، كما سبق أن ذكرناه فى حق المرأة فى العمل.
وآية {الرجال قوامون على النساء} النساء: 34 تفيد معنى المسئولية الواجبة على الرجال نحو النساء إن كن بنات أو زوجات بالذات، وذلك لوجوب الإنفاق والرعاية، ومؤهلات هذه المنزلة مذكورة فى الآية نفسها، {بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} والواجب هو الاعتراف بالواقع الفعلى الذى خلق عليه الرجل والمرأة وبالنصوص المؤكدة لذلك.
ومهما أعطى من معنى "القوامة" بأنها رئاسة أو غيرها فإن المرأة لا تمنع منها إلا كما قلت فى الولاية العامة، وبشرط أن تكون محافظة على جميع الآداب الشرعية عند خروجها لأى عمل من الأعمال، حفاظا عليها وعلى غيرها مما لا يمكن تجامله.
والرئاسة فى الأعمال الأخرى مدارها على الكفاية والخبرة والأمانة التى لخصها سيدنا يوسف فى قوله {قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم} يوسف:55، وأشارت بها بنت شعيب عليه لاستئجار موسى {إن خير من استأجرت القوى الأمين} القصص: 26.
والنصوص فى شرط الكفاءة فى مزاولة أى عمل كثيرة، يستوى فى ذلك الرجل والمرأة وفى الحديث "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" قيل: وكيف إضاعتها؟ قال "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" رواه البخارى
(10/32)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:36 am

المرأة وكحل العين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تخرج وهى مكحلة العينين يراها الأجانب؟

الجواب
كان الكحل معروفا عند العرب قبل الإسلام، يستعمله الرجل والنساء للدواء والزينة، والإسلام فى احتياطه لصيانة الأعراض ومنع الفتنة أمر بالامتناع عن كل ما يغرى بالسوء، وأمر المرأة بالذات بستر مفاتنها فقال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} النور: 31، والظاهر المعفو عنه فيه خلاف للمفسرين، يقول القرطبى: الزينة قسمان، خلقية ومكتسبة، فالخلقية وجهها، والمكتسبة كالثياب والحلى والخضاب والكحل، ومنه قوله تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: 31، وعلى هذا فالكحل فى العينين من الزينة الظاهرة المعفو عنها، وذلك للحاجة إلى كشف العينين بالذات تبعا لكشف الوجه الذى جاء الترخيص به وبكشف الكفين.
غير أنى أنبه إلى أن الكحل إذا كان زينة معفوا عن إبدائها فالمراد به ما لا يكون مبالغا فيه يلفت النظر، وما لا يقصد به الفتنة، لأن الكحل العادى قد تكون العين فى غير حاجة إليه إذا كانت جميلة بالطبيعة بما يعرف باسم "الكَحَل " أما ما يزيد على ذلك مما يتفنن فيه نساء العصر فإن المقصود منه غالبا ليس تحسين العين لذات التحسين، بل الفتنة والإعجاب بما استحدث من أصباغ ذات ظلال وألوان خاصة للجفون وما يتبعها من أهداب صناعية وغيرها، وكل هذا لا يقر الإسلام أن يطلع عليه الرجال الأجانب، إلى جانب النية التى جاء فيها الحديث "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخارى ومسلم، والقياس على التعطر الذى يقصد به أن يجد الرجال ريحها وهو دليل الفساد.
فليتق الله النساء فإنهن بغير زينة فتنة ما بعدها فتنة، وليحس كل رجل مسئوليته نحو أهله، فإن الله سائل كل راع عما استرعاه {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} التحريم: 6
(10/33)
________________________________________
فاطمة ورأيها فى الاختلاط

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقال إن السيدة فاطمة بنت النبى صلى الله عليه وسلم ترى وجوب الفصل بين الرجل والمرأة، فهل هذا صحيح؟

الجواب
روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن عليا رضى الله عنه سيتزوج على ابنته فاطمة لم يوافق على ذلك وقال "فاطمة بضعة منى يريبنى ما راباها ويؤذينى ما آذاها " وروى البزار والدارقطنى من حديث على رضى الله عنه أنه قال: كنت ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "أى شىء خير للمرأة"؟ فسكتنا جميعا ولما رجعت سألت فاطمة فقالت: ألا ترى رجلا، ولا يراها رجل. ثم أخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "من علَّمك هذا"؟ فقلت: فاطمة قال "إنها بضعة منى" وفى بعض الروايات أن النبى صلى الله عليه وسلم هو الذى سألها ذلك، ولما أجابت ضمها إليه وقال "ذرية بعضها من بعض " يقول العراقى فى تخريج أحاديث "إحياء علوم الدين " للإمام الغزالى ج 2 ص 43 إن سنده ضعيف.
فالحديث وإن كان معناه صحيحا إلى حد كبير، إلا أن نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نسبة ضعيفة السند، وليس كل معنى مقبول يلزم أن يكون صادرا عمن نسب إليه، فأما كون فاطمة بضعة من أبيها عليه السلام فذلك صحيح لا شك فيه، وأما كون الرأى وهو عدم اختلاط الرجال بالنساء إلا فى أضيق الحدود، مقبولا فإن الواقع يشهد له، والأدلة فى القرآن والسنة بعمومها تؤيده، وإن كانت نسبته إلى السيدة فاطمة رضى الله عنها غير مجزوم بها.
هذا، وما جاء فى الكتب المطبوعة حديثا من أن هذا الحديث صححه الترمذى وابن حبان وأخرجه الأربعة لا يطابق الواقع بعد البحث والتحرى، ويرجى تدارك ذلك فى المستقبل إن شاء الله "موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام - ج 2 ص 93 "، "الصبان على هامش مشارق الأنوار" ص 162
(10/34)
________________________________________
خضراء الدمن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هن الحديث ما يقال "إياكم وخضراء الدمن "قالوا:
وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال "المرأة الحسناء فى المنبت السوء"؟

الجواب
هذا الحديث رواه الدارقطنى، وذكره الإمام الغزالى فى كتابه "الإحياء " ورواه العسكرى فى كتابه "الأمثال " من طريق أبى سعيد الخدرى، وقد تفرد به الواقدى. وقال العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء: إنه حديث ضعيف.
والدمن جمع دِمْنَة وهى-كما قال ابن الأثير فى النهاية - ما تدمنه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها، أى تلبده فى مرابطها، وربما نبت فيها النبات الحسن النضير.
والمراد من الحديث النهى عن تزوج المرأة لمجرد الإعجاب بحسنها وجمالها دون النظر إلى دينها وخلقها، فهى تشبه النبتة الرائعة فى مظهرها ولكنها تعيش فى وسط قذر، أو تستمد جياتها من منبع غير كريم، ومثل هذه المرأة لا تؤمن الحياة الزوجية معها.
وقد جاء فى حديث البخارى ومسلم "تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " وهو دعاء عليه بالفقر والتصاق يده بالتراب إن لم يفعل ذلك
(10/35)
________________________________________
شهادة الكتابى على زواج المسلم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل تجوز شهادة غير المسلم على عقد زواج المسلم؟

الجواب
يشترط فى الولى والشاهدين على عقد الزواج الإسلام، والأئمة متفقون على شرط الإسلام فى الولى إلا إذا كانت الزوجة كتابية، فيجوز أن يكون وليها غير مسلم.
وأما فى الشهادة فالأكثرون على اشتراط الإسلام حتى لو كانت الزوجة كتابية، وأبو حنيفة وأبو يوسف أجازا أن يكون الشاهدان غير مسلمين فى هذه الحالة، ويقال: إن نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان ابن عفان رضى الله هذه كان وليها أخاها "ضبا" وكان مسلما كما ذكره ابن قتيبة فى كتابة "عيون الأخبار"ج 4 ص 46.
والدليل على رأى الفقهاء فى اشتراط الإسلام فى الشاهدان أن الشهادة فيها معنى الولاية، وقد قال تعال {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} النساء: 141، وهو دليل على رأى الجمهور فى اشتراطه حتى لو كانت الزوجة غير مسلمة، وذلك لمنع ولاية غير المسلم على عقد فيه مسلم. واعتمد أبو حنيفة وأبو يوسف على أن الشهادة هى على الزوجة، فلا توجد ولاية لغير مسلم على مسلم. ورده الجمهور باشتراك الزوج فى هذه الشهادة، وبأن الإشهار والإعلان لا يتحقق بين المسلمين بغير المسلمين.
هذا، وعمل المحاكم المصرية على رأى أبى حنيفة وأبى يوسف
(10/36)
________________________________________
بالرفاء والبنين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
سعنا أنه لا يجوز أن يقال فى التهنئة بالزواج بالرفاء والبنين، فهل هذا صحيح، وما معنا هذه الكلمة؟

الجواب
من السنة أن يتقدم الناس بتهنئة العروسين والدعاء لهما بالبركة، بناء على التوجيهات العامة بالمشاركة الوجدانية بين المسلمين، أى الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم، ففى سنن الترمذى وأبى داود وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا تزوج الإنسان قال له "بارك الله لك وبارك عليك، وجمع بينكما فى خير " وهذا الحديث كما يقول الترمذى:
حسن صحيح.
ويكره عند التهنئة أن يقال: بالرفاء والبنين، كما ذكره النووى فى كتابه "الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار" ص 281، فقد تزوج عقيل ابن أبى طالب امرأة من بنى جشم ولما ذهبوا إليه ليهنئوه قالوا: بالرفاء والبنين، فقال لهم: لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم بارك لهم وبارك عليهم " رواه النسائى وابن ماجه وروى أحمد مثله، وفى رواية له "لا تقولوا ذلك، قولا بارك الله لها فيك، وبارك فيها".
يقول ابن الأثير فى "النهاية". الرفأ هو الالتئام والاتفاق والبركة والنماء، ومنه قولهم: رفأت الثوب رفءا، ورفوته رفوا، وإنما نهى عنه كراهية لأنه كان من عادتهم، ذكر ذلك الشوكانى فى "نيل الأوطار" وابن مفلح فى "الآداب الشرعية".
والخلاصة أن الكلمة معناها جميل، لأنها دعاء بالوفاق والبركة بين الزوجين، ودعاء بذرية البنين، وهو خير، والدعاء بالخير غير ممنوع، لكن قال العلماء بكراهة هذه العبارة، لأنها كانت من عادات الجاهلية، وبخاصة الدعاء للبنين الذى يدل على ما كان عندهم من كراهية البنات، والأولى أن يقال ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم
(10/37)
________________________________________
سر الزوجين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للزوج أو الزوجة أن يفشى السر الخاص بينهما لطلب مشورة أو حل مشكله؟

الجواب
إفشاء السر له خطورته، وبخاصة إذا كان فى الأمور الهامة، على المستوى العام كأسرار الدول والحكومات، وعلى المستوى الخاص كأسرار الأسر والشركات والجماعات، وإفشاء السر منهى عنه لما فيه من الإيذاء والتهاون بحقوق الغير، فى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى وحسَّنه "إذا حدَّث الرجل الحديث ثم التفت فهى أمانة" وفى تاريخ الإسلام أحداث كان إفشاء السر فيها خطيرا، من ذلك نقل حاطب بن أبى بلتعة سر مسيرة النبى وصحبه لغزو مكة، ولم يعصمه من القتل إلا أنه قد شهد بدرا، وكان قصده حسنا، ونقل بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم حديثه إلى بعضهن كما قال تعالى {وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرَّف بعضه وأعرض عن بعض} التحريم: 3.
ومن الأسرار التى لها حرمتها ما يحصل بين الزوج وزوجته فى الخلوة الخاصة، وقد أخرج أحمد بن حنبل عن أسماء بنت يزيد بن السكن أنها كانت عند الرسول والرجال والنساء قعود عنده فقال "لعل رجلا يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" فأرمَّ القوم، أى سكتوا، فقالت يا رسول الله، إى والله إنهم ليفعلون، وإنهن ليفعلن، فقال ما معناه: "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فكان منهما ما كان والناس ينظرون " وروى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفض إلى المرأة وتفضى إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ".
هذا فى السر الخاص، أما الأسرار الأخرى للبيوت فلا ينبغى إفشاؤها لغير من تهمهم مصلحة الأسرة من الأقارب، بل إن البيوت الكريمة تحاول أن تخفى أسرارها حتى عن أقرب الناس إليها، لأن السر إذا خرج أوغر الصدر، إلى جانب ما يترتب عليه من آثار ضارة، أقلها الشماتة عند معرفة العيوب التى يشكو منها أحد الزوجين، وكثير من الناس يتصيدون أخبار البيوت للإفساد، وللنساء فى مجالسهن الخاصة أحاديث متشعبة وخبر أم زرع بشأن النسوة اللاتى تحدثن عن أزواجهن معروف.
على أنه لا بأس بإفشاء بعض الأسرار عند الحاجة بقصد الإصلاح، كما شكت هند إلى النبى تقتير زوجها أبى سفيان، وذلك عند التقاضى، أما الحديث لمن لا يرجى عنده إصلاح فممنوع، ففى حديث مسلم "ومن ستر مسلما ستر الله فى الدنيا والآخرة" ومن كتم سره كان الخيار بيده
(10/38)
________________________________________
غياب الزوج عن زوجته

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يسافر بعض الأزواج إلى بلد آخر لطلب العلم أو كسب العيش ويترك زوجته وأولاده، فما موقف الدين من ذلك؟

الجواب
معلوم أن الزواج شركة يتعاون فيها الزوجان على توفير الأمن والراحة والسكن لكل منهما ولمن يأتى من ذريتهما، وحتى يكون هذا التعاون نابعا من الأعماق قوى الرسوخ فى النفس ربط الله بينهما برباط وثيق هو الشهوة والعاطفة، وبخاصة حين يحسان أن ثمرة اللقاء ستكون مولودا يشبعان به عاطفة الأبوة والأمومة، ويقدمان له أعز ما عندهما ويستعذبان فى سبيل توفير الراحة والسعادة له كل صعب وشاق.
وحين يبتعد أحد الزوجين عن الآخر يحس بالفراغ وينتابه القلق للاطمئنان على نصفه الآخر، ويغذى هذا الشعور أمران أحدهما يحتاجه الجسد والآخر يحتاجه القلب، وإذا طال أمد البعد قوى ألم الفراق، وربما أحدث مرضا أو أمراضا، وعند طلب العلاج قد يكون الزلل إن لم يكن هناك عاصم من دين، وحصانة من أخلاق.
جاء فى المأثور أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه سمع -وهو يتفقد أحوال الرعية ليلا-زوجة تنشد شعرا تشكو فيه بعد زوجها عنها لغيابه مع المجاهدين، ولولا تمسكها بدينها ووفاؤها لزوجها لانحرفت، فرقَ عمر لحالها، وقرر لكل غائب أمدا يعود بعده إلى أهله.
وبالرغم من ترك الغائب لأهله النفقة اللازمة، فإن عليه حقوقا لزوجته وأولاده غير ذلك، والناس مختلفون فى الشعور بأداء هذا الحق، ولئن كان عمر جعل أمد البعد أربعة أشهر فى بعض الروايات فلعل ذلك كان مناسبا للبيئة والظروف التى ينفذ فيها هذا القرار، والبيئات والظروف مختلفة، والشعور بالبعد يختلف بين الشباب والكبار، ويختلف من زوجة فيها دين وخلق قوى إلى من ليس عندها ذلك، والزوج هو الذى يعرف ذلك ويقدره.
وإذا كنت أنصح بتحمل بعض الآلام لمصلحة الأسرة ماديا فإني أنصح الزوج أيضا بألا يتمادى فى البعد، فالسعادة النفسية باللقاء على فترات متقاربة لها أثرها فى سعادة الأسرة.
ويراجع فى الجز الثالث من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام توضيح حق إعفاف الزوج لزوجته
(10/39)
________________________________________
عودة الزوج الغائب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى زواج امرأة بعد سفر زوجها، وانقطعت صلته بها عشر سنوات ولكنه عاد بعد زواجها بسنتين؟

الجواب
إذا غاب الزوج لا يجوز للزوجة أن تتزوج إلا بعد رفع أمرها إلى القضاء ليتخذ الإجراءات اللازمة لاستدعائه أو للحكم بفقده، أما أن تتزوج هى بغير ذلك فإن زواجها باطل، وتبقى على ذمة زوجها الأول، تعود إليه عند عودته حتى لو تزوجت بغيره، لأن الزواج باطل.
وإذا حكم القاضى بفقد الزوج بعد الإجراءات المعروفة ثم تزوجت وعاد زوجها فالقضاء يعيدها إلى زوجها الأول إن لم يكن الزوج الثانى قد دخل بها، فإن عاد بعد الدخول بها يخير بين أخذها وأخذ صداقها وتبقى للزوج الثانى، على تفصيل يرجع إليه فى قانون الأحوال الشخصية. والمهم أن زواجها قبل رفع الأمر للقاضى باطل، ولو عاد زوجها كان له الحق فيها دون الثانى
(10/40)
________________________________________
الاستئذان بين الآباء والأبناء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما الأوقات التى لا يجوز فيها دخول الأبناء على الآباء دون استئذان والأوقات التى لا يجوز فيها دخول الآباء على الأبناء؟

الجواب
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة للفجر وحتى تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاه العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم. وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم} النور: 58، 59.
يؤخذ من هاتين الآيتين أن الاستئذان مطلوب من الخدم والأطفال الذين يعيشون مع الأسرة، وذلك فى الأوقات التى يغلب فيها النوم والإخلاد للراحة، بما يتبع ذلك من تخفيف الملابس وتعرض العورات للانكشاف وهى:
1 - قبل صلاة الفجر، لأنه وقت النوم المستغرق غالبا.
2 -وقت الظهيرة وتغلب فيه القيلولة والتخفيف من الملابس وطلب الراحة بالنوم.
3-بعد صلاة العشاء، لأنه وقت الاستعداد للنوم.
وقد ورد عن ابن عباس أن الناس فرطوا فى هذا الأدب، وعلله بأنهم أولا كانوا لا يضعون ستورا على أبوابهم وحجالهم - مخادعهم - فربما يفاجىء الخادم أو الطفل الرجل مع أهله، لكن لما أثروا واتخذوا الستور والمخادع الخاصة تهاونوا فى الإذن، ظنا أنه لا حاجة إليه.
قال المحققون: هذه الآية محكمة لم تنسخ بآية {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} النور: 59.
لأن البالغ يستأذن قى كل وقت، أما الأطفال ففى هذه الأوقات الثلاثة.
والآباء يدخلون على الأبناء الصغار لرعاية مصالحهم ولا حاجة إلى استئذانهم، فإذا بلغوا روعى معهم الاستئذان كما روعى استئذانهم على آبائهم
(10/41)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:37 am

الإيلاء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا حلف الرجل ألا يقترب من متعة من متع الحياة مثل معاشرة زوجته ولم يستطع فهل عليه كفارة؟

الجواب
نعم من حلف على فعل شيء أو تركه ولم يستطيع تنفيذ ما حلف عليه وجبت عليه كفارة يمين وهى المذكورة فى قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم} المائدة: 89 ولا يشترط أن تكون الأيام متتابعة.
وإذا كان حلفه على الامتناع عن زوجته فذلك يعتبر إيلاء إن زاد الحلف على أربعة أشهر، فهنا يطالب بواحد من اثنين، هما: قربان زوجته مع الكفارة المذكورة أو طلاقها، قال تعالى {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم. وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} البقرة: 226، 227 أما إن كان الامتناع لأقل من أربعة أشهر فلا يجرى عليه حكم الإيلاء، إن رجع عن حلفه أى فاء فى هذه المدة المحلوف عليها وجبت عليه الكفارة، وإن لم يفىء فلا شىء عليه.
قال عبد الله بن عباس: كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، يقصدون به إيذاء المرأة عند المساءة، فوقِّت لهم أربعة أشهر، فمن آلى بأقل من ذلك فليس بإيلاء حكمى، وذكر القرطبى "ج 3 ص 103 " فى تفسيره أن النبى صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه، لأنهن سألنه من النفقة ما ليس عنده كما فى صحيح مسلم. هذا فى الحلف على عدم قربانها، فإن امتنع بدون يمين حلفها، وذلك للإضرار بها أُمر بقربانها، فإن أبى وأصر على امتناعه مضرا بها فرق القاضى بينه وبينها من غير ضرب أجل، وقيل يضرب أجل الإيلاء.
وقيل لا يدخل على الرجل الإيلاء فى هجره لزوجته وإن أقام سنين لا يغشاها، ولكنه يوعظ ويؤمر بتقوى الله فى ألا يمسكها ضرارا.
هذا، والجمهور على أن مدة الإيلاء وهي أربعة أشهر إذا انقضت ولم يرجع المولى، لا تطلق زوجته إلا إذا طلقها، وعند أبي حنيفة تطلق ولا سبيل له عليها إلا بإذنها كالمعتدة بالشهور والأقراء، إذا انتهت فلا سبيل له عليها "تفسير القرطبى ج 3 ص 11 "
(10/42)
________________________________________
المخطوبة التائبة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كيف تكفر الفتاة عن ذنوب تتعلق بجوانب أخلاقية ارتكبتها قبل زواجها، وهل لها أن تصارح من تقدم لخطبتها بتلك الذنوب أم ماذا تفعل؟

الجواب
التوبة من المعصية واجبة لقوله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} النور: 31 وهى تكفر الذنوب إذا كانت نصوحا كما قال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفِّر عنكم سيئاتكم. . .} التحريم: 8.
والتوبة النصوح تقوم على الإقلاع عن المعصية والندم على العصيان والعزم الأكيد على عدم العود إليه، مع رد الحقوق إلى أصحابها أو تنازلهم عنها. والذنب مهما كبر فالتوبة إن شاء الله تغفره ما عدا الشرك كما قال سبحانه {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء: 48 وينبغى ألا يدخل اليأس قلب العاصى ويظن أن الله لا يغفر له، فهو القائل {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} الزمر: 53.
وإذا لم تشتهر الفتاة العاصية بانحرافها ولم يعلم به إلا هى أو خاصة أهلها فلا حاجة إلى إخبار من يتقدم لخطبتها بماضيها، وقد نهى عمر رضى الله عنه رجلا أن يفضح بنته بما حدث منها عندما أراد أن يزوجها، وذلك فى الانحراف الذى لا غش فيه، فإن كان انحرافا ضاعت به بكارتها وقامت بعملية ترقيع أو إبدال فهو غش سينكشف أمره، وهنا يكون للخاطب الخيار بعد العقد فى إتمام الزواج أو فسخ العقد.
ولو سألها الخاطب عن ماضيها أو عيوبها، فلا بد أن تخبره بها، ولعله إن عرف صدقها فى التوبة أنس إلى صراحتها وتزوجها.
وأحذِّر ثم أحذر من يساعدون على تغطية الانحراف فى الشرف بالعمليات المعروفة وبخاصة إذا لم يكن هناك عذر لمن حدث لها ذلك، أحذرهم من القيام بهذه العمليات مهما كان الإغراء المادى، ففى ذلك تشجيع على الانحراف بضياع أعز ما يحرص عليه كل إنسان كريم
(10/43)
________________________________________
عورة المسلمة مع غير المسلمة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر من جسمها شعرها وصدرها وذراعيها أمام غير المسلمة؟

الجواب
إذا كان الإسلام قد أباح التعامل مع غير المسلمين بمثل قوله تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} الممتحنة: 8 فإن لهذا التعامل حدودا لا يجوز الخروج عليها، ومن ذلك تحديد العورة التى لا يجوز كشفها من المرأة المسلمة أمام امرأة غير مسلمة مهما كانت العلاقة بينهما فهى معها كالرجل الأجنبى.
يقول القرطبى فى تفسيره "ج 12 ص 233": لا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئا من بدنها أمام امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله تعالى {أو ما ملكت أيمانهن} النور: 31 وكان ابن جريج وعبادة بن نُسى وهشام القارئ يكرهون أن تقبل النصرانية المسلمة أو ترى عورتها، ويتأولون {أو نسائهن} يعنى المسلمات، وقال عبادة بن نُسَىٍّ: وكتب عمر رضى الله عنه إلى أبى عبيدة بن الجراح: أنه بلغنى أن نساء أهل الذمة دخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع من ذلك وحل دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة -ما يعرى منها وينكشف- قال: فعند ذلك قام أبو عبيدة وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه: وقال ابن عباس رضى الله عنهما: لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفها لزوجها، وفى هذه المسألة خلاف، فإن كانت الكافرة أمة لمسلمة جاز أن تنظر إلى سيدتها، وأما غيرها فلا، لانقطاع الولاية بين أهل الكتاب وأهل الكفر لما ذكرنا
(10/44)
________________________________________
استثناءات الحرمة بين الرضاعة والنسب

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ورد حديث يقول "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ولكن فيه بعض مسائل مستثناة من هذه القاعدة، فما هى؟

الجواب
هذا الحديث رواه البخارى ومسلم، ولكن جاء فى شرح الدردير لأقرب المسالك أن هناك ست مسائل مستثناة من هذه القاعدة وهى:
1- أم الأخ أو أم الأخت، لأنها من النسب إما أمك وإما امرأة أبيك، وكلاهما محرمتان، لكن أم الأخ من الرضاع لا تحرم وكذلك أم الأخت.
2- أم ولد ولدك من الرضاع، لأنها من النسب إما بنتك أو زوجة ولدك.
3- جدة الولد من الرضاع، لأنها إما أمك أو أم زوجتك.
4- أخت الولد من الرضاع، لأنها إما ابنتك وإما بنت زوجتك.
5- أم عمك وعمتك من الرضاع، لأنها إما جدتك أو زوجة جدك.
6- أم خالك أو خالتك من الرضاع، لأنها إما جدتك أم أمك أو زوجة جدك أبى أمك، "مجلة الإسلام - المجلد الرابع، العدد السابع عشر"
(10/45)
________________________________________
الرضاع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
كم عدد الرضعات التى تحرم الزواج وهل يشترط أن يكون فى الصغر؟

الجواب
هناك محرمات من النساء لا يجوز التزوج منهن، ومن أسباب التحريم الرضاع، كما قال تعالى فيمن حُرمن {وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} النساء: 23 وإذا كانت الآية قد نصت على تحريم الأم والأخت من الرضاعة، فإن الحديث الذى رواه البخارى ومسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " يدخل محرمات أكثر بسبب الرضاع كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وغيرهن.
وقد ثبت فى الحديث الذى رواه مسلم أنه "لا تحرم المصة ولا المصتان،وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرِّمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن. ومهما يكن من خلاف الفقهاء فى عدد الرضعات فإن الفتوى فى مصر على مذهب الإمام الشافعى، وهو خمس رضعات، والشرط أن يكن معلومات متيقنات، والشك لا يبنى عليه تحريم، وليس للرضعة مقدار معين كما رآه الشافعى، واشترط الفقهاء أن يكون الرضاع فى مدة الحولين، وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذى وصححه "لا تحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء وكان فى الثدى قبل الفطام " وقوله كما رواه الدارقطنى بإسناد صحيح "لا رضاع إلا فيما كان فى الحولين ".
وجمهور الفقهاء على أن الرضاع بعد الحولين أو ما قاربهما لا يثبت التحريم، غير أن هناك جماعة من السلف والخلف قالوا: الرضاع يحرم ولو كان الذى رضع شيخا كبيرا، وحجتهم فى ذلك حديث رواه مسلم عن سهلة بنت سهيل التى قالت للنبى صلى الله عليه وسلم إنى أرى فى وجه أبى حذيفة وهو زوجها، من دخول سالم وهو حليفه، يعنى يغار من دخوله البيت ورؤيتها، فقال لها "أرضعيه تحرمى عليه " فقالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم وقال "قد علمت أنه كبير" وظاهر هذا أن رضاع الكبير يثبت به التحريم، وعليها أن تتصرف فى كيفية الرضاع، إما أن تحلب له اللبن ليشربه حتى لا يرى ولا يلمس شيئا من جسمها، وإما أن يكون الرضاع المباشر من ثديها ضرورة والضرورات تبيح المحظورات.
وأكدت عائشة هذا الرأى لأم سلمة كما رواه مسلم، وفى رواية أبى داود أن عائشة كانت تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت هى أن يراها ويدخل عليها حتى لو كان كبيرا، لتكون عائشة عمة الرضيع أو خالته، لكن سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم لم يوافقنها على هذا الرأى، ويرين كما يرى الجمهور أن الرضاع المحرم لا يكون إلا فى الصغر، وقلن لعائشة:
لعل مسألة سهيلة وسالم كانت رخصة خاصة ليست لسائر الناس. والخلاصة:
أن لكل من الرأيين دليله ووجهة نظر، وقد ارتضى الفقهاء أن إرضاع الكبير لا يحرم الزواج، فلتكن عليه الفتوى
(10/46)
________________________________________
التعقيم

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم ربط المبايض والتعقيم كوسيلة من وسائل تنظيم النسل؟

الجواب
خلق الله سبحانه وتعالى الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما خصائص من أجل التناسل والتعاون على عمارة الأرض، وتعقيم واحد منهما معناه جعل الرجل أو المرأة عقيما لا يلد ولا يولد له، ويتم ذلك بوسائل متعددة، كان منها فى الزمن القديم سل الخصيتين من الرجل، وفى الزمن الحديث ربط الحبل المنوى، أو جراحة أو إعطاء دواء يمنع إفراز الحيوانات المنوية أو يبطل مفعولها، وتعقيم المرأة يكون بتعطيل المبيضين بجراحة أو دواء يمنع إفراز البويضات، أو بسد قناة فالوب، أو استئصال الرحم أو غير ذلك من الوسائل.
وإذا جاز من الناحية الصحية أو غيرها تأجيل الحمل مدة معينة، مع بقاء الاستعداد للقدرة على الإنجاب عندما تتاح الفرصة، فإنه لا يجوز مطلقا تعطيل الجهازين تعطيلا كاملا عن أداء وظيفتهما، إلا إذا دعت إلى ذلك ضرورة قصوى. ففى ذلك مضادة لحكمة خلق الله للنوعين، مع ما ينتج عنه من فقد كل من الرجل أو المرأة بعض الخصائص المميزة لهما فى الصوت والشعور والإحساس وتأثير ذلك على السلوك ولو إلى حد ما.
ومن هنا نهى الإسلام عن خصاء الرجل لما فى حديث البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه حيث سأل النبى صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فى الخصاء لعدم وجود ما يتزوج به وهو شاب يخاف على نفسه الوقوع فى الإثم.
وكما فى حديث أحمد فى النهى عنه للغزاة الذين ليس معهم زوجاتهم، وفى قول النبى صلى الله عليه وسلم لرجل استأذنه فى الخصاء، "خصاء أمتى الصيام والقيام " رواه أحمد والطبرانى.
وتعقيم المرأة كالخصاء للرجل فى الحكم وهو الحرمة، وقد قرر المختصون أن عملية الحمل ضرورية لتوازن الحيوية فى المرأة، والوقوف ضدها عناد للطبيعة، وبهذا يكون ربط المبايض حراما كما قاله جمهور الفقهاء، ومن كانت عندها أولاد تريد الاكتفاء بهم فتعقم نفسها، هل تضمن تصاريف القدر بالنسبة لهؤلاء الأولاد، مع أن هناك وسائل لتأجيل الحمل لا لمنعه، فيها مندوحة عن التورط فى أمر يكون من ورائه الندم حيث لا ينفع، وإذا كان الإمام أحمد أجاز شرب المرأة الدواء لقطع دم الحيض فلعله لغرض آخر غير التعقيم، ومع ذلك لا يصح أن يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى كتحقق الوراثة لمرض خبيث أعيا الطب علاجه، والضرورة تقدر بقدرها
(10/47)
________________________________________
الجنين الحى فى بطن أم ميتة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز إخراج الجنين من بطن أمه، إذا توفيت وأثبت الأطباء أن الجنين مازال حيّا؟ وهل شق البطن فى هذه الحالة يعتبر تعديا على حرمة جسد الميت؟

الجواب
قال ابن قدامة فى المغنى: والمذهب -أى الحنبلى- أنه لا يشق بطن الميتة لإخراج ولدها، مسلمة كانت أو ذمية، وتخرجه القوابل إن علمت حياته بحركة، وإن لم يوجد نساء لم يسط الرجل عليه وتترك أمه حتى يتيقن موته ثم تدفن، ومذهب مالك وإسحاق قريب من هذا، ويحتمل أن يشق بطن الأم إن غلب على الظن أن الجنين يحيا، وهو مذهب الشافعى، لأنه -أى الشق - إتلاف جزء من الميت لإبقاء حى فجاز، كما لو خرج بعضه حيا ولم يمكن خروج بقيته إلا بشق، ولأنه يشق لإخراج المال منه، فلإبقاء الحى أولى.
ويرد ابن قدامة رأى الشافعى فيقول: ولنا أن هذا الولد لا يعيش عادة ولا يتحقق أنه يحيا، فلا يجوز هتك حرمة متيقنة لأمر موهوم،وقال النبى صلى الله عليه وسلم "كسر عظم الميت ككسره حيا" وفيه مثلة وقد نهى النبى عن المثلة اهـ.
وأظن أن هذا النقل كاف للإجابة عن هذا السؤال، وقد يقبل كلام الحنابلة فى منع شق البطن إذا كانت حياة الجنين متوهمة غير راجحة أو متيقنة، أما لو أثبت الأطباء أن الجنين ما زال حيًّا فإن رأى الشافعى يكون قويا جدًا
(10/48)
________________________________________
حدود الاختلاط بين الجيران

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى مقاطعة الجيران بدعوى أن الاقتصار فى الاختلاط بالآخرين عبادة؟

الجواب
لا تجوز مقاطعة الجيران إلا إذا تحقق الضرر من جهتهم ولم يمكن دفعه، فإذا أمكن إصلاح الفاسد منهم وجب ذلك قيامًا بواجب الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر.
كما ينبغى تقديم حسن الظن وعدم التصرف بناء على وهم أو ظن غير راجح وليعلم الجميع أن الجار قد يكون أقرب وأنفع من الأقارب إذا كانوا بعيدين عن المسكن واستغاث الإنسان فلا يغيثه إلا جاره.
فلتكن صلتنا بجيراننا طيبة، لادخارهم لمثل هذه الظروف، ولا يلزم من حسن الجوار كثرة الزيارات والاختلاط، فكل شىء له حد معقول لو زاد عنه قد يضر.
وأقل ما يجب نحو الجار كف الأذى عنه، وما زاد على ذلك من تقديم الخير له فهو مندوب مستحب، إلا إذا كان فى حاجة أو ضرورة فالواجب تقديم ما يحتاجه ويدفع ضرورته
(10/49)
________________________________________
الملابس الضيقة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى ارتداء المرأة للملابس الطويلة والحجاب، ولكنها ضيقة توضح أعضاء الجسم، وهل يعتبر هذا الزى ساترا لجسد المرأة؟

الجواب
الشرط فى ملابس المرأة التى تسترها وتمنع الفتنة بها ألا تصف وألا تشف، يعنى ألا تكون ضيقة تصف أجزاء الجسم وتبرز المفاتن.
وألا تكون رقيقة شفافة لا تمنع رؤية لون البشرة، ومن النصوص التى تنهى عن لبس ما يصف جسم المرأة ما رواه أحمد أن النبى صلى الله عليه وسلم أهدى أسامة بن زيد قبطية كثيفة، فأعطاها لامرأته فقال له "مرها أن تجعل تحتها غلالة، فإنى أخاف أن تصف حجم عظامها" والقبطية لباس من صنع مصر يلتصق بالجسم،والغلالة شعار يلبس تحت الثوب.
وأخرج أبو داود نحوه عن دحية الكلبى. وفى رواية للبيهقى أن عمر رضى الله عنه لما أعطى الناس الثياب القباطى نهى عن لبس النساء لها، لأنها إن لم تشف فإنها تصف.
واخرج ابن سعد بسند صحيح أن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما ردت ثوبا أهدى إليها من ثياب "مرو" وقيل لها: إنه لا يشف فقالت: لكنه يصف.
وبهذا يعلم أن ثياب المرأة حتى لو لم تكن رقيقة شفافة، وحتى لو كانت سابغة تغطى كل جسمها حتى قدميها، لو كانت محددة لأجزاء جسمها ضيقة تبرز مفاتنها فهى محرمة، لأنها لا تحقق الحكمة من مشروعية الحجاب وهى عدم الفتنة.
وأحذر من الاغترار بالإعلانات عن الأزياء الخاصة بالمحجبات فإن فيها لمسة فتنة لا تخفى على أى إنسان، والعبرة فى التنفيذ ليس بالشكل ولكن بتحقيق الهدف منه
(10/50)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:37 am

تعليم المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما رأى الدين فى تعليم المرأة؟

الجواب
التكاليف الشرعية موجهة للرجال والنساء جميعا، وإن كان أكثر النصوص فى القرآن والسنة تتحدث عن الرجل، لأنه الأصل وكل من بعده تبع له {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء} النساء: 1 وفى بعض الأحيان تنزل نصوص تتحدث عن الجنسين لوجود سبب يدعو إلى ذلك، كما جاء فى رواية أحمد والنسائى أن أم سلمة قالت للرسول: ما لنا لا نذكر فى القرآن كما يذكر الرجال؟ فتلا قوله تعالى وهو على المنبر يا أيها الناس الله يقول {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} إلى آخر الآية الأحزاب: 35، وفى رواية الترمذى أنها سألته: لِمَ لم تذكر النساء فى الهجرة؟ فنزل قوله تعالى {فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ... } إلى آخر الآية آل عمران:195،.
وذلك كله مع مراعاة التناسب فى التكليف بين طبيعة كل من الجنسين، وطلب العلم واجب لمعرفة ما أمرنا الله باتباعه مما أنزله على رسله المبشرين والمنذرين، وتلك حقيقة لا تحتاج إلى دليل، وأكثر النصوص الواردة تبين فضل المتعلم على غيره بأساليب كثيرة والرجل والمرأة فى ذلك سواء، وإذا كان قد جاء فى حديث ضعيف "طلب العلم فريضة على كل مسلم " دون لفظ "ومسلمة" فهي مضافة حكما لا رواية والواقع يشهد لذلك، فقد صح فى البخارى ومسلم طلب النساء من النبى تخصيص يوم لهن للتعلم، وأن كثيرات منهن سألنه فى أمور دقيقة قالت فى شأنها السيدة عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين، بل جاء فى رواية البخارى ومسلم "أيما رجل كانت عنده وليدة- أى أمة رقيقة-فعلَّمها فأحسن تعليمها، وأدَّبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران " وإذا كان هذا فى تعليم الأمة فكيف بالحرة؟ والنصوص عامة للجميع، لقد قال الفقهاء - كما جاء فى إحياء علوم الدين للإمام الغزالى وغيره -يجب على الزوج أن يعلم زوجته القدر الضرورى الذى تصحح به عبادتها وتؤدى به واجبها المنوط بها، وذلك إما بنفسه هو أو بمن يستعين به، فإن لم يفعل كان لها أن تخرج لطلب العلم الواجب ولا يجوز أن يمنعها منه.
وقد صح فى الحديث نهى الرجال عن منع النساء من الذهاب إلى المسجد، وذلك من أجل التعلم، لأن صلاتهن فى بيتهن أفضل.
فإذا كان للمرأة أن تخرج لطلب العلم فعليها أن تلتزم بكل الآداب الواجبة لكل خروج من بيتها، من الحشمة والعفة والأدب وعدم المغريات من عطر نفاذ أو قول خاضع، أو خلوة مريبة، أو تزاحم متعمد، مع التأكد من الأمن عليها من الفتنة والفساد.
وعلى المجتمع كله أن يوفر الجو الآمن لتحقيق الغرض من التعليم ومنع الفساد بأى وجه يكون. وبالفهم الجيد لنصوص الدين وروح الشريعة يمكن الحكم على أى عمل حكما صحيحا،بعيدا عن التخبط والانحراف
(10/51)
________________________________________
فى الهندسة الوراثية

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يمكن الآن تنشيط رحم المرأة بالهرمونات بعد سن اليأس ليصبح رحمها معدَّا لحضانة بويضة ملقحة، وبذلك تحمل بويضة لغيرها لأن جسمها توقف عن التبويض، فما الحكم، هل يكون الولد لها أم لصاحبة البويضة؟

الجواب
هذه الصورة يطلق عليها اسم "الرحم المؤجَّر" أو "الأم الحاضنة" حيث إن البويضة الملقحة التى وضعت فى رحمها ليست بويضتها، والحكم هو التحريم، لأن فيها صورة الزنا، والزنا محرم بالكتاب والسنة والإجماع وذلك لأمور، من أهمها أمران:
ا- المحافظة على الأنساب إذا كان الرجل والمرأة قابلين للإنجاب، بصلاحية مائه وصلاحية بويضتها، فلا يدرى لمن ينسب المولود ويكون مصيره الضياع، وقد صح فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
ب - صيانة الأعراض عن الانتهاك وحماية الحقوق لكل من الرجل والمرأة، وفى الزنا وقعت المتعة الجنسية بغير الطريق الشرعى الذى يدل عليه قول الله تعالى فى صفات المؤمنين المفلحين {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} المؤمنون: 5-7.
وتظهر الحكمة الثانية فى تحريم الزنا إذا كان أحد الطرفين غير صالح للإنجاب كما فى الصورة المذكورة فى السؤال، حيث توقف جسم المرأة عن التبويض فإذا كان مجرد دخول ماء الرجل الغريب عن المرأة فى رحمها حراما فكيف بدخول ماء وبويضة "بويضة ملقحة بمائه" أى دخول جنين أو أصل جنين غريب عنها؟! إن الحرمة تكون من باب أولى.
السؤال الثانى- أصبح من الممكن الآن تلقيح بويضة بحيوان منوى وتجميد هذا الجنين لعدة سنوات حتى تحتاج إليه المرأة فيوضع فى رحمها وتحمل وتلد، ويطرح هذا التطور عدة أسئلة عن حالات واقعية:
أولا: يقوم زوجان بتلقيح بويضة من الزوجة بحيوانات منوية من الزوج قبل إقدام أحدهما على تناول العلاج الكيماوى أو الإشعاعى أو غيرهما من العلاجات التى لا تسمح للزوجين بالإنجاب، وبعد الانتهاء من العلاج تحمل الزوجة بهذه البويضة الملقحة.
ثانيا: قد يتوفى الزوج أثناء العلاج أو لأى سبب، فتلقح الزوجة بعد الوفاة بهذه البويضة وتحمل من زوجها الذى توفى.
ثالثا: تتوفى الزوجة فتلقح امرأة أخرى "أم حاضنة" بهذه البويضة فتحمل وتسلم الوليد للزوج.
والجواب:
أولاً: ما دامت الزوجية قائمة فلا مانع من وضع البويضة الملقحة من ماء زوجها فى رحمها وهى صاحبة البويضة، ويكون الجنين الذى حملته ووضعته منسوبا شرعا إلى الزوج والزوجة وهذه الصورة هى من صور التلقيح الصناعي الذي يتم فيه التلقيح بين الماء والبويضة خارج الرحم، ثم تعاد البويضة إلى الزوجة صاحبتها، وذلك مشروع لا مانع منه مع اتخاذ الاحتياطيات اللازمة.
ثانيا: إذا توفى الزوج انقطعت العلاقة الزوجية من الناحية الجنسية بالذات بينه وبين زوجته، ووضع هذه البويضة الملقحة فى رحمها أصبح وضعا لشىء غريب منفصل عنها، فالمرأة صارت غريبة عنه، ولذلك يحل لها أن تتزوج من غيره بعد الانتهاء من العدة المضروبة لوفاة الزوج، وهى قبل انتهاء العدة أشبه بالمطلقة طلاقا بائنا، حيث لا يجوز أن تكون بينهما معاشرة زوجية تعتبر رجعة بالفعل فى بعض المذاهب الفقهية، بل لا بد أن يكون ذلك بعقد جديد، وهو فى هذه الصورة غير ممكن لوفاة الزوج، فلو وضعت المرأة - بعد وفاة الرجل - بويضتها الملقحة منه قبل وفاته فى رحمها وحملت وولدت كان الولد غير منسوب إليه كولد الزنا، وإنما ينسب إليها هى، مع حرمة هذه العملية.
ثالثا: إذا توفيت الزوجة فوضعت بويضتها الملقحة من ماء زوجها فى رحم امرأة أخرى التى يطلق عليها اسم "الأم الحاضنة" صاحبة الرحم المؤجَّر كان ذلك حراما، لما سبق ذكره فى السؤال الأول من أنه زنا، حتى لو سلمت الولد للزوج.
السؤال الثالث: من المعتقد أن الطب الحديث سيتمكن قريبا من تجميد الحيوانات المنوية، ويطرح البعض فكرة جديدة لتنظيم الحمل، وبعد الاحتفاظ بهذه الحيوانات المنوية المجمدة للرجل، ثم تعقيمه بربط الحبل المنوى عنده، بحيث لا تحتاج زوجته إلى استعمال وسائل منع الحمل مثل الحبوب وغيرها، فإذا أرادا الإنجاب استعملا بعض الحيوانات المنوية المجمدة، أى أنه على الرغم من انقطاع قدرة الرجل على الإنجاب من ناحية، فإنه يحتفظ خارج جسمه برصيد من الحيوانات المنوية المجمدة، يمكنه من الإنجاب، حتى لو طلق زوجته وتزوج بأخرى، فما حكم هذه العملية؟ الجواب: يجوز للزوجة فى هذه الحالة عند رغبتها فى الحمل أن تستعمل بعض هذه الحيوانات المجمدة لتحمل بها، لأنها من ماء زوجها والزوجية قائمة، ويكون الجنين منسوبا إلى الزوج على الرغم من تعقيمه.
ولو طلق زوجته أو لم يطلقها وتزوج بأخرى ولقَّحها من منيه المجمد كان ذلك جائزا، وينسب المولود إليه لأنه من مائه، وكذلك ينسب إلى الزوجة الأخرى شرعا، لأنه من بويضتها الملقحة بماء زوجها. السؤال الرابع: الموقف السابق يطرح نفسه بالنسبة للزوجة وتجميد بويضاتها، فما حكمه؟ الجواب: ما دامت البويضة المجمدة هى لزوجته يجوز أن يلقحها بمائه هو ما دامت الزوجية قائمة، ولو طلقت منه وتزوجت بآخر جاز للزوج الآخر أن يلقح بويضة هذه الزوجة بمائه، حيث لا يوجد شىء غريب بين الطرفين.
السؤال الخامس - فكرة الأم الحاضنة، أو الرحم المؤجر، بأن تلقح بويضة من الزوجة بحيوان منوى من الزوج، ثم تدخل هذه البويضة الملقحة فى رحم امرأة أخرى، ثم تمر بمراحل الحمل حتى تلد فتسلم المولود الى الزوجين الأصليين، هذه الطريقة يكون فيها المولود حاملا لكل الخصائص الوراثية من الزوجين، ولا علاقة للأم الحاضنة بالطفل إلا علاقة إنماء الجنين عن طريق دمائها وجسمها، والسؤال هنا: هل يمكن اعتبار الأم الحاضنة أمًا فى الرضاعة، حيث هناك تشابه كبير بين الحالتين، فالأم فى الرضاعة ينمى لبنها جسم الطفل كثيرا، ويحدث رباط عاطفى بينهما؟ وإذا كان ذلك لا يجوز فلماذا مادامت ليست هناك شبهة زنا أو اختلاط فى الأنساب؟ والجواب: فكرة الأم الحاضنة أو الرحم المؤجر محرمة كما سبق ذكره فى إجابة السؤال الأول، لأن فيها صورة الزنا، حيث أدخلت الأم الحاضنة فى رحمها جنينا مكونا من ماء وبويضة ليس لها فيهما شىء.
وقد قرر العلماء أن الحمل من الزنا ينسب لأمه الحامل به لتحقق ولادتها منه، كما صح فى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحق الولد بالأم فى قضية رجل وامرأة تلاعنا فى زمنه، عندما اتهم الزوج زوجته بأن حملها ليس منه، ولا ينسب لمن زنى بها عند جمهور الفقهاء.
ومحل ذلك إذا كان للمرأه الزانية اشتراك فى تكوين الجنين عن طريق بويضتها، وفى صورة الأم الحاضنة ليس لها هذا الاشتراك إذا كانت عقيما لا تفرز بويضات فلا ينسب لها الولد، لكن ينسب لصاحبى البويضة الملقحة، وإن كان لحملها تأثير أيضا على تكوينه من جهة البيئة التى تربى فيها كما يقول المختصون، فالولد يتأثر بمؤثرين، أحدهما الوراثة والثانى البيئة، كالمرضعة التى ترضع ولد غيرها بلبنها، لأن لها تأثيرا إلى حد ما على الرضيع، والحامل لجنين غيرها فى بطنها وقد غذته بدمها كما تغذى كل جزء من أجزاء جسمها لا تعدو أن تكون كالمرضعة، وعمل المرضعة مشروع، غير أن هناك فرقا بينهما، فالحامل أدخلت رحمها شيئا غريبا عنه كما قدمنا، فعملها محرم، والمرضعة عملها حلال، والولد فى كلتا الحالتين منسوب لأبويه بالأصالة فى تكوينه وبولادة أمه له فى صورة الإرضاع بالاتفاق، وفى صورة الرحم المؤجر على ما رجحته من الأقوال.
السؤال السادس - إذا كان الرجل متزوجا من زوجتين، الأولى لا ينتج جسمها بويضات لسبب أو لآخر، أو لا يمكن أن تحمل باستعمال بويضاتها هى، فهل يمكن أن تؤخذ بويضة من الزوجة الثانية تلقح بحيوان منوى من زوج المرأتين، ثم يوضع الجنين فى رحم الزوجة الأولى لتحمل وتلد، هل يجوز ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فلماذا ما دام الأب واحدا والعملية كلها تتم داخل إطار علاقة زوجية مشتركة؟ والجواب: إذا أخذت بويضة الزوجة الثانية الملقحة بمنى زوجها ووضعت بدون إذنها وموافقتها فى رحم ضرتها الأولى كان ذلك حراما، لأنه اعتداء على حق الغير بدون إذنه، والكل يعلم ما بين الضرائر من حساسية شديدة، وأثر ذلك على الأسرة.
وإن كان بإذنها وموافقتها يثار هذا السؤال: لماذا يلجأ الزوج إلى هذه العملية؟ إن كان لمصلحة تعود عليه هو مثل كثرة الإنجاب الحاصل من زوجتين لا من زوجة واحدة فقد يكون ذلك مقبولا إن دعت إليه حاجة أو ضرورة، مع التأكد من القيام بواجب الرعاية الصحيحة، ومع ذلك لا أوافق عليه لما سيأتى بعد من العلاقة بين الإخوة الأشقاء والإخوة غير الأشقاء.
وإن كان لمصلحة تعود على الزوجين، فإن المصلحة العائدة على الزوجة الثانية الصالحة للإنجاب ليست ذات قيمة، بل قد يكون فى ذلك ضرر على أولادها عند تقصير الأب عن الوفاء بحق هذه الكثرة من الأولاد، أو بضآلة نصيب أولادها من ميراث أبيهم حيث يوزع على عدد كبير من أولاده.
وإذا كانت المصلحة عائدة على الزوجة الأولى التى لا تنجب فإنها تتمثل فى أمرين هامين، أولهما إرضاء عاطفة الأمومة وعدم الشعور بنقصها بالنسبة لضرتها،لكنها لا تتحقق إلا إذا كان أولادها ينسبون إليها، وقد تقرر-كما سبق ذكره- أنها مجرد أم حاضنة وما ينتج منها فهو لزوجها ولضرتها صاحبة البويضة، فإذا عرفت أن من يولد منها فهو لضرتها فلماذا تتعب نفسها بالحمل والوضع دون فائدة لها؟ إذًا ليست هناك مصلحة لها قيمتها من هذه العملية لكلتا الزوجتين ولا يجوز للزوج أبدا أن يجعل ما تلده الزوجة الأولى الحاضنة أولاداً لها، لمعارضته ما سبق ذكره ولأنهم سيكونون بذلك بالنسبة لأولاد الزوجة الثانية صاحبة البويضة إخوة غير أشقاء، أى إخوة من أب فقط، وهذا له أثره فى الميراث إذا توفى أحد الإخوة، فالأخ الشقيق يحجب الأخ لأب، والحاضنة إذا ماتت لا يحق لها شرعا أن ترث ممن ولدتهم ولا أن يرثوا منها، فالأمومة النسبية مقطوعة، وذلك إلى جانب ما يكون بين الأولاد من كل من الزوجتين من حساسيات معروفة لها اثار غير طيبة.
وهنا يمكن أن نقول إن المفاسد المترتبة على هذه العملية أكبر من المصلحة العائدة على الزوج والزوجتين والقاعدة الشرعية تقول:
درء المفاسد مقدَّم على جلب،المصالح. ولهذا أرجح عدم جواز هذه العملية، وإذا كان للزوج رغبة فى كثره الإنجاب فأمامه الوسائل المشروعة الأخرى، مع مراعاة واجب العدل فى معاملة الزوجات والأولاد.
السؤال السابع - فى الحالة نفسها وهى حالة زوج الاثنتين، هل يجوز أن تكون إحدى الزوجتين أمًا حاضنة لبويضة ملقحة هى لزوجة الأخرى؟ الجواب: قلنا: إن الأم الحاضنة لا يجوز لها أن تدخل رحمها ماء غير ماء زوجها، وفى الصورة المذكورة وإن كان الماء ماء زوجها فإن للبويضة ليست لها، وعلى فرض التجاوز فى ذلك إذا كانت حضانتها للبويضة بإذن صاحبتها فإن الآثار المترتبة عليها والتى سبق بيانها فى إجابة السؤال السابق تجعلنى أرجح عدم الجواز.
السؤال الثامن - يقوم الأطباء الآن باختيار جنس الجنين عن طريقة دراسة مواصفات الحيوانات المنوية الذكرية والحيوانات المنوية الأنثوية، وعزل الحيوان المطلوب لتلقيح بويضة الزوجة به، والسبب فى محاولات تحديد جنس الجنين مسبقا يكون غالبا لأن بعض الأمراض الوراثية لدى الزوجين يتوارثها الذكور فقط، فيحاول الزوجان تفادى إنجاب الذكور، تفاديا لولادة أطفال معوقين أو مشوهين بدرجة كبيرة، وفى بعض الأحوال يكون الزوجان قد أنجبا عدة ذكور ويريدان إنجاب أنثى أو العكس، فيلجآن إلى الطب لإنجاب ما يريدان، فما هو الحكم فى ذلك؟ وهل يعتبر تدخلا فى الإرادة الإلهية واعتداء على التوازن البشرى، أم هو مجرد استغلال لما هو متاح من خلق الله؟ والجواب: قضية التحكم فى جنس الجنين شغلت العالم قديما وحديثا، ولهم فى ذلك طرق متعددة وأغراض متنوعة، والمدار فى الحكم على ذلك هو اتباع النص إن وجد، فإن لم يوجد كان المدار على معرفة الغاية والوسائل المتبعة لبلوغها، فيحرِّم الحرام ويحل الحلال من ذلك، ومعلوم ان الله سبحانه خلق آدم وخلق له حواء، وذلك من أجل التناسل وعمارة الكون، والتنوع لابد منه لحركة الحياة، قال تعالى {ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} الذاريات: 49 والتناسب بين نوعى الذكورة والأنوثة مطلوب، وطغيان أحدهما على الآخر ليس من المصلحة.
والناس من قديم الزمان وقبل مجىء الإسلام يؤثرون الذكر على الأنثى لعوامل تتناسب مع أغراضهم وظروف حياتهم، ونظرا لما كان عليه العرب قبل الإسلام من تفضيل الذكر على الأنثى وما أدى إليه من وأد البنات وحرمانهن من كثير من الحقوق جاء قول الله تعالى {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير} الشورى: 49، 50.
وعلى الرغم من تقرير الإسلام لذلك ما تزال المحاولات جادة فى هذا السبيل، ويتلخص موقف الدين منها فيما يأتى:
1 - إذا كانت المحاولات يسيطر عليها الغرور بالعلم لحل المشكلات وعدم الإيمان بأن إرادة الله غالبة، كما هو شأن الماديين، كانت محرمة باتفاق، لأنها إن لم تكن كفرا فهى تؤدى إليه.
2 - وإذا كانت المحاولات تحت مظلة الإيمان بالله، واستغلال الفرص المتاحة للخير، لمجرد أنها أسباب ومقدمات، والآثار والنتائج مرهونة بإرادة الله، كالتداوى من الأمراض مع الإيمان بأن الشفاء هو من الله - فينظر إلى أمرين، الأول الهدف والغرض والنية الباعثة على ذلك، والثانى الأسباب والوسائل التى يتوصل بها إلى تحقيق الأهداف، ذلك لأن الأعمال بالنيات، والوسائل تعطى حكم المقاصد، والأمثلة على ذلك كثيرة، واقتصارا على موضوع السؤال نقول:
ا - إذا كان الغرض من هذه العملية تجنُب وراثة بعض الأمراض فى الذكور أو الإناث، وكان ذلك بطريقة علمية مؤكدة ليس فيها ارتكاب محرَّم فلا أرى مانعا من ذلك، لأن الوقاية خير من العلاج. والقرآن ينهانا عن الإلقاء بأيدينا إلى التهلكة والحديث يحذرنا من العدوى والتعرض لها، فلا ندخل بلدا سمعنا أن فيه طاعونا، ولا نخرج منه إذا وقع ونحن فيه، وينهانا عن الأكل مع المجذوم، وعن التعامل مع أى شىء فيه ضرر، فلا ضرر ولا ضرار فى الإسلام، إلى غير ذلك من النصوص.
ب - إذا كان الغرض من هذه العملية هو الإكثار من أحد النوعين إلى الحد الذى يختل فيه التوازن ويؤدى إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات كالمتعة بين الجنس الواحد، أو يؤدى إلى إرهاب الغير بكثرة الذكور مثلا، أو إلى استغلال النوع الآخر لأغراض خبيثة كان ذلك حراما لا شك فيه، ويكفى فى ذلك قول الله تعالى فى حق بعض الكفار المناوئين لدعوة النبى صلى الله عليه وسلم {أن كان ذا مال وبنين. إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطيرالأولين} القلم: 14، 15 وما جاء فى قوم لوط ومن يكرهون فتياتهم على البغاء لابتغاء عرض الحياة الدنيا.
ج - وإذا كان من وسائل التحكم فى نوع،الجنين التعقيم النهائى الذى لا يكون بعده إنجاب كان ذلك محرما، لأن فيه تعطيلا لقوة لازمة لعمارة الكون، وتظهر فيه المعارضة لحكم الله وتقديره، ومن أجل ذلك. منع الحديث الذى رواه البخارى وغيره خصاء الرجال من الناس، وكذلك إذا كان التحكم فى جنس الجنين عن طريق إجهاض الحامل يكون محرما حتى فى أيام الحمل الأولى كما قال به كثير من الفقهاء فالخلاصة أن هذه المحاولات إن كان الغرض منها مشروعا، وكانت الوسائل مشروعة فلا مانع منها، وبغير ذلك تكون ممنوعة. السؤال التاسع - هناك طريقة حديثة أخرى تعتبر امتدادًا للطريقة السابقة وتأكيدًا لاحتمالاتها، ويجرى ذلك بتلقيح عدة بويضات من الزوجة بحيوانات منوية من الزوج، وتترك هذه فترة لتوالد الخلايا، ثم تؤخذ عينة منها وتحلل مكوناتها للتعرف على الكروموسومات، وبذلك يتعرف الطبيب على مواصفات الجنين فى هذه المرحلة المبكرة، وما إذا كانت ذكرا أو أنثى، ثم يوضع الجنين المطلوب فى رحم الزوجة لتحمل وتلد، وتترك الأجنَّة الأخرى فتموت، فهل يعتبر هذا إجهاضا لتلك الأجنة الأخيرة، رغم أن عمرها يكون عدة ساعات فقط؟ والجواب: عرَّف العلماء الإجهاض بأنه إنزال الجنين من بطن أمه قبل تمام نموه الطبيعى، وما دامت هذه البويضات الملقحة لم تكن فى بطن المرأة فلا يصدق على التخلص منها معنى الإجهاض، وقد جاء ذلك مصرحا به فى بعض أقوالهم ومع ذلك تدخل هذه العملية فى حكم العملية المذكورة فى السؤال السابق، وهو النظر إلى الغاية والوسيلة
(10/52)
________________________________________
التسمية بأسماء عزيز وكريم وسيد

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول بعض الناس: إن تسمية الولد باسم عزيز أو كريم أو سيد حرام، لأن هذه الأسماء من أسماء الله تعالى، فهل هذا صحيح؟

الجواب
جاء فى تفسير القرطبى"ج 4 ص 77" عند شرح قوله تعالى عن يحيى {وسيدا} أن فى ذلك دلالة على جواز تسمية الإنسان "سيدا" كما يجوز أن يسمى: عزيزا أو كريما، وذكر ما قلناه فى صفحة 163 من المجلد الأول من بيان عدم حرمة قولنا "سيدنا محمد" لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبنى قريظة فى استقبال سعد بن معاذ "قوموا إلى سيدكم " وقال عن الحسن - كما رواه البخارى ومسلم "إن ابنى هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ".
وكره العلماء التسمية بهذه الأسماء إذا كانت معرفة بأل مثل:
العزيز - الكريم - السيد
(10/53)
________________________________________
الطلاق فى بلد لا تعترف به

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوجت امرأة زواجا شرعيا لكنه لم يسجل حسب القوانين المعمول بها فى بلد، لعدم اعترافه به، وقد ظهر للمرأة أن استمرار هذا الزواج فى غير صالحها، ولهذا تترك زوجها وتسافر للإقامة فى بلد آخر فما هى الطريقة لتخليص نفسها من الزوج الذى لا يرضى أن يطلقها ولو عن طريق الخلع، ويقصد بذلك إضرارها حتى لا تتزوج من غيره؟

الجواب
إذا كان الزوج موفيا لها بحقوقها من النفقة والإعفاف فحرام عليها أن تتركه وتسافر بدون إذن، وعليها أن توسِّط أهل الخير ليطلقها إن أرادت ذلك.
أما إذا قصَّر فى الإنفاق عليها فلها أن ترفع الأمر إلى القضاء لتطلب التطليق، وحيث إن دعواها لا تسمع لعدم توثيق الزواج فلها أن ترفع أمرها إلى جهة دينية معترف بها لتتولى بحث الموضوع، وبعد التأكد من صحة الدعوى وامتناع الزوج عن الإنفاق بعد محاولة التوفيق تطلقها هذه الجهة طلقة واحدة رجعية على مذهب الإمام أحمد.
وإذا كان التقصير فى إعفافها ومضى على ذلك أربعة أشهر اعتبر الامتناع بمثابة الإيلاء عند مالك وأحمد، فيطالب من الجهة الدينية بالعودة إلى إعفافها أو تطليقها طلقة بائنة، وإذا امتنع عنهما انفسخ النكاح بدون أية إجراءات على مذهب الإمام أبى حنيفة ولا مخلص إلا ذلك منعا للضرر.
ونحذر من تريد الزواج من رجل زواجا عرفيا غير موثق أن تقع فى مثل هذا المأزق ولهذا ننصحها، -إن تحتم الزواج العرفى -أن تشترط أن تكون عصمتها بيدها على ما رآه الإمام أبو حنيفة، حتى إذا لم توفق فى هذا الزواج أمكنها أن تطلق نفسها منه بدون اللجوء الى القضاء، لأنه لا يسمع دعواها، وبدون لجوء إلى لجنة وغيرها.
تنبيه: الإجابة على السؤال تمت بعد بحث الموضوع مع فضيلة الشيخ عبد الله المشد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فى تاريخ نشرها بمجلة منبر الإسلام عدد ذى الحجة 1403 هـ
(10/54)
________________________________________
عدة الزوجة التى أسلمت

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
زوجة اعتنقت الإسلام وحصلت على حكم بالطلاق فكيف تحتسب عدتها؟

الجواب
الزوجة التى أشهرت إسلامها ولم يسلم زوجها وحكم القاضى بطلاقها تحسب عدتها من وقت الحكم لا من وقت إسلامها، ذلك لأن امتناع الزوج عن الإسلام يعتبر نوعا من أنواع الفراق التى تتوقف على القضاء كما هو فى مذهب أبى حنيفة، الذى أخذ منه قانون الأحوال الشخصية فى مصر"الأحوال الشخصية للشيخ عبد الرحمن تاج ص 241" ولو أسلم الزوج قبل أن تنتهى عدتها من وقت إسلامها تبقى هى على ذمته، وهناك جماعة تقول: لا تعتبر العدة أجلا مضروبا لإسلامه أو عدم إسلامه، فلا يحكم بالطلاق إلا إذا حكم القاضى بذلك مهما طال الفصل بين إسلامها وحكم القاضى.
والموضوع مبسوط فى "زاد المعاد لابن القيم ج 4 ص 13 "
(10/55)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:38 am

الذهب للنساء

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال "من أحب أن يحلِّق حبيبته بحلقة من نار فليحلقها حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق حبيبته طوقا من نار فليطوقها طوقا من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبته سوارا من نار فليسورها سوارا من ذهب، ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها، العبوا بها" لأننى سمعت بعض العلماء يحرم الذهب على النساء؟

الجواب
هذا الحديث ذكره الحافظ المنذرى "الترغيب والترهيب " بلفظ "حبيبة" وليس "حبيبته " ورواه أبو داود بإسناد صحيح، قال المنذرى:
الأحاديث التى ورد فيها الوعيد على تحلى النساء بالذهب تحتمل وجوها من التأويل:
أحدها: أنه منسوخ فإنه قد ثبت إباحة تحلى النساء بالذهب، والثانى: أن هذا فى حق من لا يؤدى زكاته دون من أداها، كما نص عليه الحديث، والثالث: أنه فى حق من تزينت به وأظهرته. انتهى.
وإذا كان الذهب محرما على الرجال فهل يجوز لهم أن يلبسوه الأولاد الصغار غير المكلفين؟ قيل: يحرم، لأن الحديث فى حق من يلبس الأولاد، فقد ورد بلفظ "من أحب أن يسور ولده بسوار من نار فليسوره سوارا من ذهب، ولكن الفضة العبوا بها كيف شئتم " رواه أحمد وأبو داود. وقيل: لا يحرم لأنهم غير مكلفين، "نيل الأوطار للشوكانى ج 2 ص 86".
هذا، وأرجو ألا يتعجل بعض الناس فى إصدار الحكم على شىء لمجرد أنهم قرءوا حديثا واحدا، ولم يستوعبوا ما ورد فى الموضوع وما تحدث به العلماء المختصون الذين اطلعوا على روايات متعددة وخلصوا منها إلى الحكم الصحيح
(10/56)
________________________________________
العلاج بين الجنسين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز أن يتولى علاج المرأة وتوليدها رجل أجنبى؟

الجواب
من القواعد الفقهية أن الضرورات تبيح المحظورات، ومعلوم أن المرأة لا يجوز لها أن تكشف عن شىء من جسمها لرجل أجنبى-فيما عدا الوجه والكفين على تفصيل فى ذلك - وبالتالى لا يجوز اللمس بدون حائل، أما عند الضرورة المصورة بعدم وجود زوج أو محرم أو امرأة مسلمة تقوم بذلك فلا مانع من النظر واللمس، مع مراعاة القاعدة الفقهية الأخرى وهى: أن الضرورة تقدر بقدرها.
ولهذا الاستثناء احتياطات وآداب نورد فيها بعض ما قاله العلماء.
جاء فى كتاب "الإقناع فى شرح متن أبى شجاع" للشيخ الخطيب فى فقه الشافعية "ج 2 ص 120" أن النظر للمداواة يجوز إلى المواضع التى يحتاج إليها فقط، لأن فى التحريم حينئذ حرجا، فللرجل مداواه المرأة وعكسه، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوزنا خلوة أجنبى بامرأتين وهو الراجح، ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطى ذلك من امرأة، وعكسه كما صححه كما فى زيادة "الروضة" وألا يكون ذميًا مع وجود مسلم، وقياسه -كما قال الأذرعى- ألا تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح، ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما فالظاهر أن الكافرة تقدم، لأن نظرها ومسها أخف من الرجل، بل الأشبه عند الشيخين أنها تنظر منها ما يبدو عند المهنة، بخلاف الرجل. وقيد -فى الكافى- الطبيب بالأمين، فلا يعدل إلى غيره مع وجوده، ثم قال:
وشرط الماوردى أن يأمن الافتتان ولا يكشف إلا قدر الحاجة، وفى معنى ما ذكر نظر الخاتن إلى فرج من يختنه، ونظر القابلة إلى فرج التى تولدها. ويعتبر فى النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة، وفى غيرهما -ما عدا السوأتين- تأكدها، بأن يكون مما يبيح التيمم كشدة الضنا، وفى السوأتين مزيد تأكدها، بألا يعد التكشف بسببها هتكا للمروءة.
وفى حاشية عوض على شرح الخطيب المذكور ما يدل على أن المباح فى العلاج ما كان بالنظر، أما اللمس فيجوز عند الحاجة، وإلا فلا، وجاء فيها: رتب البلقينى المعالج فى المرأة بأن يقدم أولا المرأة المسلمة فى مسلمة، ثم صبى مسلم غير مراهق،ثم كافر غير مراهق، ثم مراهق مسلم، ثم مراهق كافر ثم المحرم المسلم، ثم المحرم الكافر، ثم الممسوح المسلم، ثم المرأة الكافرة، ثم الممسوح الكافر، ثم المسلم الأجنبى، ثم الكافر الأجنبى، والزوج مقدم على الكل. انتهى
(10/57)
________________________________________
صورة من الخلوة بين الجنسين

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز ركوب امرأة أو مجموعة من النساء مع سائق أجنبى عنهم ليوصلهن إلى مكان قريب داخل المدينة أو فى سفر طويل؟

الجواب
الخلوة المنهى عنها والتى هى مظنة الغلط تكون باجتماع رجل مع امرأة أجنبية فى مكان واحد لا يراهما فيه أحد، أما الاجتماع فى الطريق والأماكن العامة كالأسواق ودور العلم ووسائل المواصلات فلا تتحقق به الخلوة المحرمة، وإن تحقق به محظور آخر، كالسفور والنظر إلى المفاتن والكلام اللين والملامسة ونحوها.
ومحصل ما قاله العلماء فى اجتماع الجنسين هو:
1- إذا كان الاجتماع ثنائيا، أى بين رجل وامرأة فقط، فإن كان الرجل، زوجا أو محرما جاز وإن كان أجنبيا حرم.
2 - وإذا كان الاجتماع ثلاثيا، فإما أن يكون بين امرأة ورجلين، وإما أن يكون بين امرأتين ورجل، فإن كان الأول جاز إن كان أحدهما زوجا أو محرما، وإلا حرم "النووى على مسلم ج 9 ص 159 " وإن كان الثانى فإن كانت إحداهما محرما جاز وإلا ففيه قولان، وقد ذكر النووى فى شرح المهذب والخطيب على متن أبى شجاع "ج 2 ص 120 " جواز الخلوة بامرأتين.
3-وإن كان الاجتماع رباعيا فأكثر فإن كان رجل مع نساء جاز، وكذلك إذا تساوى العدد فى الطرفين، وإن كانت امرأة مع رجال جاز إن أمن تواطؤهم على الفاحشة، كمن دخلوا على زوجة أبى بكر الصديق أسماء بنت عميس وكان غائبا، وإلا حرم.
ويشترط فى المحرم الذى تجوز الخلوة بالأجنبى مع حضوره ألا يكون صغيرا لا يستحيا منه، كابن سنة أو سنتين، وقال بعض العلماء:
تجوز الخلوة بالأجنبية إذا كانت عجوزا لا تراد، ولكن مع الكراهة، أما الشابة مع كبير السن من غير أولى الإربة فقيل لا تجوز الخلوة به، وقيل:
تجوز مع الكراهة.
هذا ملخص ما قاله العلماء فى الخلوة ومنه يعرف أن السائق الذى يوصل امرأة واحدة إن كان فى طريق مكشوف والناس ينظرون فلا حرمة فى ذلك، وإن كان معه مجموعة من النساء فلا حرمة أيضا، أما الطريق الخالى من الناس كطرق الصحراء وغيرها فيحرم سفر امرأة واحدة مع سائق أجنبى، أما مع مجموعة فينظر التفصيل السابق. ومثل السائق المدرس الخصوصى للبنت والبنات، حتى لو كان يعلمهن القرآن الكريم
(10/58)
________________________________________
طلاق المكره

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
تزوجت وأحسست بالراحة والتوفيق فى زواجى، ولكن والدى يرغمنى على طلاق زوجتى، مهددًا لى بعدم الرضا عنى وحرمانى من الميراث فماذا أفعل؟

الجواب
فى حديث حسَّنه النووى من رواية ابن ماجه وابن حبان يقول النبى صلى الله عليه وسلم "رُفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وفى رواية لأبى داود وابن ماجه "لا طلاق فى إغلاق" أى إكراه كما فسره علماء الغريب وروى سعيد بن منصور وأبو عبيد القاسم ابن سلام أن رجلا على عهد عمر تدلى بحبل ليجنى عسلا من خلية نحلٍ، فهددته زوجته بقطع الحبل ليسقط ميتا إن لم يطلقها، فطلقها لإنقاذ حياته، فلم يجعله عمر طلاقا لأنه مكروه.
بذلك قال جمهور الفقهاء خلافا لأبى حنيفة وأصحابه، فالله قد عفا عن النطق بكلمة الكفر ما دام القلب مطمئنا بالإيمان، والطلاق أخف من الكفر فالعفو عند الإكراه عليه أولى.
غير أن للإكراه شروطا منها أن يكون ظلما وبعقوبة عاجلة لا مستقبلة، وأن يكون المكره غالبا قادرا على تنفيذ التهديد، بولاية أو تغلب أو هجوم مثلا، وأن يكون المكره عاجزا عن دفع الإكراه بنحو هرب أو مقاومة أو استغاثة، وأن يغلب على ظنه وقوع ما هدَّد به إن لم يُطلِّق، وألا يظهر منه ما يدل على اختياره كأن أكره على التطليق منجزا فطلق معلقا.
ثم قال الفقهاء: إن المعفو عنه فى الإكراه هو التلفظ فقط بالطلاق فلو نواه بقلبه مع التلفظ وقع، لأن ذلك يدل على اختياره، وقالوا: إن أسلوب الإكراه يختلف بالأشخاص وما هُدِّد به، فهو يتحقق بالتهديد بكل ما يؤثر العاقل أن يُطلِّق ولا يقع ما هدَّد به، كالقتل والضرب الشديد والحبس الطويل وإتلاف المال الكثير ومثله الضرب اليسير والحبس القصير عند أهل المروءات، وإتلاف المال اليسير عند الفقير، وكذلك تهديد الوجيه بشتمه والتشهير به أمام الملأ كما قال الشافعية.
هذا، وليس من الإكراه المعفو عنه تهديد الوالد لولده بعدم الرضا عنه إن لم يطلق امرأته أو بحرمانه من الميراث مثلا، وليس من بر الوالدين طاعتهما فى ذلك إذا كان لأغراض شخصية لا تمس الخلق والدين، وعليه فأقول لصاحب السؤال: لا تطلق زوجتك لإكراه والدك لك بمثل ما جاء فى سؤالك، ولو طلقت وقع الطلاق. وأنصح الوالدين بالتخلى عن مثل هذه الأساليب التى تخرب البيوت فأبغض الحلال إلى الله الطلاق، وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر بطاعة أبيه فى تطليق زوجته كما رواه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه، وقال الترمذى:
حسن صحيح. لكن رفعت مثل هذه القضية إلى الإمام أحمد بن حنبل فلم يأمر الولد بطلاق زوجته إرضاء لوالده قائلا، ليس كل الناس كعمر، لأن عمر كان ينظر إلى المصلحة الدينية، أما الدوافع الشخصية والدنيوية فلا تلزم الاستجابة لها ما دامت الناحية الدينية موفورة
(10/59)
________________________________________
قص شعر المولود فى اليوم السابع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجب قص شعر المولود فى اليوم السابع من ولادته والتصدق بالفضة أو الذهب بما يساوى وزن الشعر الذى تم تقصيره؟

الجواب
يُسَنُّ -ولا يجب- حلق رأس المولود والتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، يستوى فى ذلك الذكر والأنثى، وذلك لحديث رواه البيهقى أن فاطمة رضى الله عنها وزنت شعر الحسن والحسين، وزينب وأم كلثوم رضى الله عنهم، فتصدقت بوزنه فضة "نيل الأوطار ج 5 ص 145".
وأما تلطيخ رأس المولود بدم الذبيحة التى يطلق عليها اسم العقيقة فباطل، لأن الدم أذى، والنبى صلى الله عليه وسلم قال "أميطوا الأذى" وكان المتبع عند العرب أن تستقبل أوداج الذبيحة بصوفة منها ثم توضع على يافوخ المولود حتى يسيل منها خيط الدم على رأسه، ثم يغسل بعد ذلك ويحلق.
وجاء فى بعض روايات الحديث "ويدمى" وقد طعن المحققون فى هذا الحديث من جهة الإسناد، أو من جهة تصحيف كلمة "يسمى" إلى "يدمى" ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتاب زاد المعاد ج 2 ص 3 وما بعدها"
(10/60)
________________________________________
عدة المسافرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا سافرت المطلقة إلى دولة يختلف توقيتها عن البلدة التى تم طلاقها فيها فكيف تحسب مدة العدة؟ وإذا ردها زوجها قبل إتمام العدة طبقا لتوقيت الدولة التى طلقت فيها وبفارق زمنى ساعة واحدة هل يعتبر عقد زواجها من شخص آخر باطلا؟

الجواب
مدة العدة لمن يأتيها الحيض هى ثلاثة قروء، وهذه لا دخل لاختلاف المواقت فيها أبدا، فقد تطول مدتها وقد تقصر.
أما إذا كانت العدة بالأشهر كاليائسة فهى ثلاثة أشهر قمرية، أى نحو تسعين يوما إذا كانت الأشهر كاملة العدد، أى ثلاثين يوما لكل شهر، لكنها قد تكون تسعة وعشرين يوما فى بعض الأشهر.
وهذه الأشهر أيضا قد تختلف باختلاف الأماكن حسب ظهور الهلال، ومعلوم أن كل يوم من الشهر مدته أربع وعشرون ساعة، سواء كان الليل أطول من النهار أو العكس.
وعلى هذا لا يظهر معنى لما جاء فى السؤال، اللهم إلا إذا كان يحسب الزمن مثلا بأن بدء الحيضة أو بدء الطهر منها -على الخلاف فى تفسير القرء- كان فى الساعة العاشرة صباحا فى بلدة، أى قبل وقت الظهر بنحو ساعتين، وعندما يسافر إلى بلد شرقى يحين وقت الظهر فيها قبل وقت الظهر فى بلده الأصلى -بحكم الفرق فى التوقيت - هذه المسألة تشبه مسألة الصيام، هل يفطر الإنسان على توقيت بلده الأصلى أو على توقيت البلد الذى سافر إليه؟ والصحيح أنه يأخذ بتوقيت المكان الذى غربت فيه الشمس فيفطر عند غروبها فيه حتى لو كان قبل غروبها فى بلده أو بعد غروبها فيه إن سافر إلى الغرب وقد يعمل بهذا فى المسألة التى معنا، لكن الأولى الاحتياط للأبضاع، وبخاصة أن الفرق ساعة أو ساعات قليلة لا يصعب انتظاره
(10/61)
________________________________________
صيغة علىَّ الطلاق

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يكثر على ألسنة الناس قولهم علىَّ الطلاق، فهل يقع الطلاق بهذه الصيغة؟

الجواب
قال العلماء: إن هذه الصيغة وهى: علىَّ الطلاق أو يلزمنى الطلاق، تعتبر يمين طلاق يقصد به إثبات شىء أو نفيه، أو الحث على فعل شىء أو تركه، كقول القائل: علىَّ الطلاق أو يلزمنى الطلاق إن كان إبراهيم قد حضر أمس، أو: علىَّ الطلاق لأفعلن كذا أو أتركن كذا. وقد أفتى بعض الحنفية كأبى السعود بعدم وقوع الطلاق بمثل هذه الصيغة، اعتمادا منه على أن شرط صحة الطلاق أن يكون مضافا إلى المرأة أو إلى جزء شائع منها، وهذا اللفظ لا إضافة فيه إليها، فهو ليس من صريح الطلاق ولا من كنايته، فلا يقع به الطلاق.
ويرى المحققون من الحنفية أن مثل هذا الطلاق واقع، لاشتهاره فى معنى التطليق وجريان العرف بذلك، والأيمان مبنية على العرف، وهو وإن كان بصورة ظاهرة فى اليمين إلا أن المتبادر منه أنه تعليق فى المعنى على فعل المحلوف عليه وإن لم يكن فيه أداة تعليق صريحة. ويرى الإمام على وشريح وعطاء والحكم بن عيينة وداود الظاهرى والقفال من الشافعية وابن حزم - أن تعليقات الطلاق لاغية، وصح عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس أنه قال فيها: إنها من خطوات الشيطان لا يلزم بها شىء، وروى عن طاووس أنه قال: ليس الحلف بالطلاق شيئا والشافعية يقيدون هذا من صيغ الطلاق ويوقعونه بها.
والعمل الآن فى المحاكم المصرية حسب القانون رقم 25 لسنة 1929م - كما تنص عليه المادة الثانية منه- على أن الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شىء أو تركه لا غير لا يقع. وقد سبق فى ص 279 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى توضيح ذلك فيرجع إليه
(10/62)
________________________________________
زواج الصغيرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
فى بعض البلاد يزوجون البنات وهن صغيرات غير بالغات، سواء أكان القانون يمنع أو يجيز فما حكم موافقة البنت على تزويج وليها لها؟

الجواب
من المعلوم أن عقد الزواج يشترط فى صحته تمييز المتعاقدين، فإن كان أحدهما مجنونا أو صغيرا لا يميز فإن الزواج لا ينعقد، وهنا يكون للولى الحق فى عقد الزواج، فالصغيرة إن كانت مميزة لابد من استئذانها وموافقتها، أما إن كانت غير مميزة فإنه يجوز للأب والجد تزويجها بغير إذنها، لأن الغالب أنهما يرعيانها ويريدان لها الخير، وقد زوج أبو بكر الصديق رضى الله عنه ابنته عائشة من الرسول صلى الله عليه وسلم وهى صغيرة دون إذنها، حيث لم تكن فى سن يعتبر فيها إذنها، وليس لها الخيار إذا بلغت، فكان سنُّها ست سنوات.
ومن أجل هذا استحب الشافعية ألا يزوجها الأب أو الجد حتى تبلغ ويستأذنها، ولا يجوز لغير الأب والجد أن يزوج الصغيرة كما رآه الجمهور، فإن زوجها لم يصح الزواج، لكن أبا حنيفة وجماعة من السلف أجازوا لجميع الأولياء وقالوا بصحة الزواج، ولها الخيار إذا بلغت، وذلك لما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم زوَّج أمامة بنت حمزة - وهى صغيرة- وجعل لها الخيار إذا بلغت، وهو لم يزوجها بوصفه نبيا، بل لأنها قريبته وهو وليها لأنها بنت عمه، ولو زوجها بوصفه نبيا لم يكن لها الخيار، كما قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} الأحزاب: 36 وقال بهذا الرأى عمر وعلى وابن مسعود وابن عمر وأبو هريرة.
أما الكبيرة فلا يجوز إكراهها على الزواج كما تقدم توضيحه فى صفحة 593 من المجلد الأول من هذه الفتاوى
(10/63)
________________________________________
التعامل مع المطلقة رجعيا

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
طلقت زوجتى طلقة أولى رجعية وفى أثناء قضائها للعدة فى المنزل كانت تعاملنى كزوج في عدم تحجبها منى، وخدمتها لى، فهل هذا حرام؟

الجواب
الإجابة على هذا السؤال مبنية على الخلاف فى أن الطلاق الرجعى يرفع عقد الزواج أو لا يرفعه، يقول الجمهور: إن الطلاق الرجعى لا يمنع الاستمتاع بالمطلقة، ولا تترتب عليه آثاره ما دامت المطلقة فى العدة، فهو لا يمنع استمتاعه بها، وإذا مات أحدهما ورثه الآخر، والنفقة عليها واجبة، ويلحقها الطلاق والظهار والإِيلاء، وله الحق أن يراجعها دون رضاها، كما لا يشترط الإشهاد على الرجعة وإن كان مستحبا، وهى تحصل بالقول مثل: راجعتك، وبالفعل مثل الجماع والقبلة واللمس.
والإمام الشافعى يرى أن الطلاق الرجعى يزيل للنكاح، ولا بد لرجوعها أثناء العدة من القول الصريح،ولا يصح بالوطء ودواعيه. ويشترط ابن حزم مع ذلك الإشهاد لقوله تعالى {وأشهدوا ذوى عدل منكم} الطلاق: 2.
ومن هنا يجوز على رأى الجمهور أن تتزين المطلقة الرجعية لزوجها وتتطيب له وتلبس الحلى وتضع الكحل، لكن لا يدخل عليها إلا أن تعلم بدخوله بقول أو حركة كالتنحنح مثلا.
والشافعى قال: هى محرمة عليه تحريما قاطعا كالأجنبية تماما، وقال مالك: لا يخلو معها ولا يدخل عليها إلا بإذنها ولا ينظر إلى شعرها، ولا بأس أن يأكل معها إذا كان معها غيرها، وقيل: إنه رجع عن القول بإباحة الأكل معه.
وقد قلنا فى أكثر من موضع: إن الأمر إذا كان فيه خلاف، فللإنسان أن يأخذ بما شاء من الآراء حسب الظروف التى تحقق المصلحة
(10/64)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:39 am

خروج المعتدة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
طلقنى زوجا طلاقا بائنا ولزمت البيت فى العدة وأنا أعمل لكسب عيشى فهل أنقطع عنه، ومن أين آكل إذا لم أخرج؟

الجواب
سبق فى صفحة 337- من المجلد الثالث من هذه الفتاوى الكلام عن المكان الذى تعتد فيه المطلقة والمتوفى عنها زوجها، وحكم خروجها من مكان العدة، ولزيادة الإِيضاح أقول بالنسبة إلى خروجها من المنزل:
يقول الله تعالى: {يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا} الطلاق: 1، اختلف الفقهاء فى خروج المعتدة من المكان الذى تعتد فيه، فذهب الأحناف إلى أنه لا يجوز للمطلقة الرجعية ولا البائن أن تخرج من بيتها ليلا ولا نهارا، أما المتوفى عنها زوجها فتخرج نهارا وبعض الليل، ولكن لا تبيت إلا فى بيتها. والفرق بينهما أن المطلقة نفقتها فى مال زوجها فلا يجوز لها الخروج كالزوجة، بخلاف المتوفى عنها زوجها فإنها لا نفقه لها، فلا بد أن تخرج بالنهار لكسب عيشها وقضاء مصالحها. وكانت عائشة رضى الله عنها تفُتى المتوفى عنها زوجها بالخروج فى عدتها، وخرجت بأختها أم كلثوم حين قتل عنها طلحة بن عبيد الله لعمل عمرة.
وذهب الشافعية إلى عدم خروج المطلقة رجعيا لا ليلا ولا نهارا. أما المبتوتة فتخرج نهارا فقط، وذهب المالكية إلى جواز خروج المطلقة بالنهار سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا، فقد روى مسلم عن جابر أن خالته لما طلقت وأرادت أن تخرج لتقطع ثمر نخلها زجرها رجل، فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقال " بلى، فجذى نخلك فإنك عسى أن تصدقى أو تفعلى معروفا " وكان طلاقها ثلاثا.
والحنابلة أجازوا خروجها نهارا، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا. أما المتوفى عنها زوجها فلها الخروج نهارا فقط. فعندما استشهد رجال يوم أحد جاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال " تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إلى بيتها " وليس لها المبيت فى غير بيتها ولا الخروج ليلا إلا للضرورة، لأن الليل مظنة الفساد.
وأقول لصاحبة السؤال: ما دام الطلاق بائنا فلك الخروج بالنهار أثناء العدة على أن يكون المبيت بالمنزل، وذلك على رأى الجمهور
(10/65)
________________________________________
دية المرأة والكتابى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
إذا قتلت امرأة هل تكون ديتها كدية الرجل أو على النصف من ديته كالميراث وما هى دية الكتابى؟

الجواب
ذهب أكثر العلماء إلى أن دية المرأة إذا قتلت تكون على النصف من دية الرجل، فقد روى ذلك عن عمر وعلى وابن مسعود وزيد بن ثابت رضى الله عنهم أجمعين، ولم ينقل أنه أنكر عليهم أحد فيكون إجماعا، وذلك قياسا على نصيبها فى الميراث، وعلى شهادتها فهى على النصف من نصيب الرجل وشهادته، وليس فى ذلك نص فى القرآن أو السنة الصحيحة.
أما دية الكتابى وهو اليهودى والنصرانى فهى عند أبى حنيفة كدية المسلم لقول الله تعالى: {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلَّمة إلى أهله وتحرير رقبة} النساء: 92 قال الزهرى: كانت كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة، حتى كان معاوية فجعلها على النصف يعطى له، ويوضع النصف الثانى فى بيت المال، ولما جاء عمر بن عبد العزيز ألغى النصف الذى يوضع فى بيت المال.
وديته عند مالك على النصف عن دية المسلم، أما الشافعى فقال: إنها على الثلث ونساء أهل الكتاب ديتهن على النصف من دية الرجل منهم، وقال أحمد بن حنبل فى رواية عنه: دية الذمى مثل دية المسلم إن قتل عمدا، وإلا فنصف دية، والأدلة والمناقشة يرجع إليها فى " نيل الأوطار للشوكانى ج 7 ص 68 - 72"
(10/66)
________________________________________
سن الزواج

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل هناك سن محددة لصحة عقد الزواج، ولماذا قررت بعض الدول سنَّا معينة لذلك؟

الجواب
ذكرت فى ص 357 من الجزء الأول من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإِسلام أن التشريعات القديمة لم تهتم بتحديد سن للزواج، حتى جاء فى أوروبا "جوستنيان" فحدده باثنتى عشرة سنة للبنت وبأربع عشرة للولد، وإن كان ذلك لم يحترم بعد دخول النصرانية أوروبا، كما حدث فى زواج مارى ستيوارت بهنرى الثامن وسنها ست سنوات.
والزواج المبكر كان منتشرا فى بعض البلاد الشرقية وما تزال صورته فى العصر الحديث كالهند التى تزوج الأجنة فى البطون، بناء على فلسفة دينية فيها أن مجرد اسم الابن يخلص أباه من جهنم ثم انتهى الأمر عندهم إلى تحديده.
ومجاراة لسنة التطور لجأت الدول إلى وضع سن محددة للزواج، وإن كان الناس يتحايلون على عدم احترام ذلك بطرق شتى.
والإِسلام لم يضع سنًّا محددة للزواج، وإنما وضع حدًّا للتكليف بوجه عام. وهو البلوغ إما بالعلامة الطبيعية أو بمرور خمس عشرة سنة قمرية، وللظروف أثرها فى العلامة الطبيعية، غير أن هذه السن لم يجعلها الإِسلام أساسا لصحة العقد، فقد أجازه قبل ذلك عن طريق أولياء الأمور.
وعلى الرغم من عدم تحديد سن الزواج فيستحسن أن يبكر به بأن يكون فى أوائل سنوات البلوغ حيث يكون نضج الفتى والفتاة، وذلك لعصمتهما من الانحراف، ومع ذلك فى التبكير الشديد إرهاق بالتكاليف التى تحتاج إلى عقل ورشد، ومن هنا أرى أن قيام بعض الحكومات بتحديد سن الزواج فيه خير، على أن يراعى فى التحديد كل الظروف، وتجب طاعة أولى الأمر فى تنفيذ القوانين والقرارات ما دامت فيها مصلحة، فالله يقول: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} النساء: 59
(10/67)
________________________________________
صلاة المرأة على الجنازة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للمرأة أن تصلى على الجنازة؟

الجواب
نعم يجوز، حيث لا يوجد دليل بمنعها بل أقرها الصحابة حيث صلت النساء على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى الرجال عليه، والروايات ضعيفة، ولكن لم يثبت أن النساء مُنعن من الصلاة عليه وقد أمرت عائشة -رضى الله عنها- أن يؤتى بسعد بن أبى وقاص لتصلى عليه، وذكر ابن الأثير فى أسد الغابة فى ترجمته أن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم صلين عليه.
وقال النووى: ينبغى أن تسن لهن الجماعة كما تسن فى غيرها، وبه قال الحسن بن صالح وسفيان الثورى وأحمد والأحناف، وقال مالك: يصلين فرادى.
فالمهم أنه لا مانع من صلاة المرأة على الجنازة وذلك باتفاق الأئمة
(10/68)
________________________________________
العداوة فى الأسرة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نريد تفسير قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} وكيف يتناسب ذلك مع ما ورد فى الزواج من سكن ومودة ورحمة؟

الجواب
الأسرة تقوم على الزوج والزوجة والأولاد، وهى إذا أحسن توجيهها حققت السكن والمودة والرحمة، لكن ليست كل الأسر تستطيع الالتزام بتوجيهات الدين، ومن هنا يأتى القلق والبغض والقسوة، وتكون المساءلة الشديدة أمام الله سبحانه، ولذلك أوصى الإِسلام ببناء الأسرة على أسس القيم الرفيعة الموجودة فى الرجل والمرأة، فتُختار المرأة ذات الدين والخُلق، ويُختار الرجل ذو الدين والأمانة كما جاء فى السنة النبوية.
وإذا وجب على الأسرة أن تتعاون لتحقيق أهدافها فكيف تكون العداوة أو من أين تأتى؟ إن الآية الكريمة تبين أن بعض الأزواج -الزوجات- وبعض الأولاد قد يكونون أعداء للزوج والوالد، وليس الكل أعداء، وإلا ما كانت هناك حاجة إلى الزواج، ولذلك عبرت الآية بلفظ " مِنْ " التى تفيد التبعيض.
والعداوة تأتى من مخالفة الوصية بحسن المعاشرة، وعدم التزام أفراد الأسرة بالواجبات المفروضة عليها، والاهتمام بالحقوق أكثر من الواجبات، قال تعالى {وعاشروهن بالمعروف} النساء: 19 وقال: {ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} البقرة: 228 وقال {الرجال قوَّامون على النساء بما فضًل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} النساء: 34 وقال: {وبالوالدين إحسانا} الإِسراء: 23 إلى غير ذلك من النصوص التى تبين الحقوق والواجبات.
جاء فى سبب نزول الآية التى فى السؤال أن بعض الرجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فى المدينة، فأبى أزواجهم وأولادهم، فلما أتوا النبى صلى الله عليه وسلم ورأوا الناس قد تفقهوا فى الدين همُّوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم، رواه الترمذى بسند حسن صحيح فنزلت الآية ولذلك جاء فى آخر الأية {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} والعفو هو ترك المؤاخذة بالذنب، والصفح هو إزالة أثره من النفس، يقال: صفح عنه أعرض عن ذنبه، وضرب عنه صفحا أى أعرض عنه وتركه، والغفر هو الستر.
وقيل: نزلت فى عوف بن مالك الأشجعى، كان إذا أراد الغزو بكت الزوجة والأولاد ورققوه قائلين: إلى من تتركنا؟ فيرق لهم. وفى حديث ضعيف "يكون هلاك الرجل على يد زوجته وأولاده، يعيّرونه بالفقر فيركب الصعب من أجلهم".
ومن جهاد الزوج لهم ما فى البخارى أن الشيطان قعد لابن آدم -وسْوس أو أغرى زوجته وأولاده ليقولوا له- فى طريق الإيمان فقال: أتؤمن بالله وتذر دينك ودين آبائك؟ فخالفه فآمن، فقعد له فى طريق الهجرة فقال: أتهاجر وتذر مالك وأهلك؟ فخالفه فهاجر، فقعد له فى طريق الجهاد فقال: أتجاهد فتقتل نفسك وتنكح زوجاتك ويقسم مالك؟ فخالفه وجاهد، فحق على الله أن يدخله الجنة وفي الحديث "الأولاد مَجبنة مبخلة" أو " مُجَبِّنَةٌ مُبَخِّلةٌ" رواه البغوى. وأخرج الترمذى عن خولة بنت حكيم قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مُختَضِنٌ أحد ابني بنته وهو يقول "إنكم لتبخِّلون وتجبِّنون وتجهلون، وإنكم لمن ريحان الله ". أى تحملون على البخل على غيركم إيثارا لكم، وتحملون على الجبن والقعود عن الجهاد، وتحملون على الاعتداء على غيركم دفاعا عنكم.
والموضوع مبسوط فى كتابنا "تربية الأولاد فى الإِسلام" وفى هذا القدر كفاية
(10/69)
________________________________________
شهادة المرأة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
يقول بعض الناس: إن الإسلام لم ينصف المرأة بمساواتها للرجل فى الشهادة حيث جعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل، فكيف نرد عليهم؟

الجواب
يقول الله سبحانه {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} البقرة: 282.
وأبادر فأقول: إن مساواة المرأة بالرجل ليست على إطلاقها فى أى دين من الأديان، بل ولا فى الشرائع المنصفة العاقلة، فذلك أمر مستحيل لاختلاف النوعين فى التكوين والاستعداد، وهو صنع الله سبحانه لإمكان تحقيق الإنسان للخلافة فى الأرض، وهو يعلم المصلحة، ولا نعلم نحن ما يعلمه الله سبحانه.
وفى موضوع الشهادة قررت الآية السبب فى كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل وهو تعرضها للنسيان كثيرا عند تحمل الشهادة وعند أدائها، ولا بد من التسليم بما قاله القرآن فى ذلك، وقد أثبت العلم أو أكد صحة هذا السبب، وشرحه الدكتور السيد الجميلى "مجلة الأزهر عدد ربيع الأول 1415 هـ " حيث تحدث عن مرض "الهستريا" الذى يكثر عند النساء، ومن مظاهره سرعة الانفعال والتحول من حال إلى حال قد يكون على النقيض، وقد يفضى إلى الانفصام، وكان القدماء يرون أن سمات هذه الهستريا لصيقة بالنساء لا تزايلهن، لكن الواقع يؤكد إصابة الرجل بها أيضا لكن فى أضيق الحدود.
ولما كان للشهادة قيمتها فى إثبات الحقوق احتاط لها الشارع منعا للظلم وإقرارًا للعدل، وقرر الفقهاء فى هذا الخصوص أن لشهادة المرأة مجالات.
1 -ففى مجال الأمور الخاصة بالنساء والتى لا يطَّلع عليها الرجال فى الغالب كالولادة والبكارة تقبل شهادة المرأة ولا حاجة إلى شهادة الرجل معها، وروى فى ذلك حديث "شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه " وهذا لا يمنع قبول شهادة الرجال، كالأطباء الممارسين لأعمال التوليد والجراحة، سواء أكانوا منفردين أم كان معهم نساء ومع قبول المرأة فى هذا المجال اختلف الفقهاء فى العدد اللازم لاعتمادها، فقيل: تكفى شهادة امرأة واحدة، وقيل: لا يكفى أقل من اثنتين إلا فى حالتين خاصتين وهما: استهلال المولود للحياة، وحالة الرضاع.
وقيل: لا بد من شهادة أربع من النساء إلا فى حالة الرضاع فتكفى شهادة امرأة واحدة.
2 - فى مجال الأمور المتصلة بالأسرة كالزواج، رأى جمهور الفقهاء عدم قبول شهادة المرأة، بل لابد من رجلين على الأقل، كما قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم} المائدة: 106 وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل " رواه ابن حبان فى صحيحه، وأجاز الحنفية شهادة رجل وامرأتين قياسا لشئون الأسرة على الشئون المالية.
3-وفى مجال المعاملات المالية نصت آية الدَّين على قبول شهادة المرأة مع الرجل، وهى مذكورة فى أول الإجابة، والتعليل كما سبق ذكره ليس فيه إهانة للمرأة، بل هو تقرير للحقيقة من أجل الحفاظ على الحقوق، وذلك هو الغالب فى النساء بالفطرة.
4 - وفى مجال الحدود والقصاص ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم قبول شهادتها فيها، وذلك لخطورتها، حيث تدرأ الحدود بالشبهات، وتقر القوانين أن الشك يفسر لصالح المتهم، وقد تحملها رقتها فى هذا المجال على التغيير لصالح المتهم، وأجاز ابن حزم شهادة النساء منفردات فى هذا المجال عدا حد الزنا "ملخص من مقال الدكتور عبد السميع أبو الخير فى المجلة المذكورة ".
ومن أراد الاستزادة فليرجع إليها لتوضيح الرأى الطبى والفقهى
(10/70)
________________________________________
الرضاع من ميتة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما الحكم لو رضع طفل من امرأة ميتة، هل يثبت به التحريم أو لا يثبت

الجواب
معلوم أن الرضاع فى الحولين يثبت حرمة بين الطفل وبين من رضع منها، وتمتد الحرمة إلى من يتصل بها على قاعدة " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " مع الخلاف فى عدد الرضعات التى تسبب التحريم، والوسيلة التى وصل بها اللبن إلى جوف الطفل.
والرضاع من المرأة الميتة، إما أن يكون بعد موتها، بأن يؤخذ منها اللبن أو يرضع منها الطفل وهى ميتة، وإما أن يكون اللبن قد أخذ منها قبل موتها ثم رضعه الطفل بعد أن ماتت، ففى الحالة الأولى يقول جمهور الفقهاء - الحنفية والمالكية والحنابلة - وأهل الظاهر: يقع التحريم برضاع اللبن المأخوذ من المرأة الميتة، لأن المقصود من اللبن التغذى وقد حصل، يستوى فى ذلك أن تكون المرضع حية أو ميتة، وأما الشافعية فيرون أن هذا الرضاع لا يثبت التحريم، لأن اللبن من جثة منفكة عن الحل والحرمة كالبهيمة " الخطيب ج 2 ص 183 والمغنى ج 9 ص 198 ".
وفى الحالة الثانية التى حلب فيها اللبن وهى حية ثم شربه الطفل بعد موتها، فالجميع متفقون على أنه يثبت التحريم
(10/71)
________________________________________
مدة الرضاع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم من يرضع وسنه أكبر من سنتين، هل يثبت التحريم برضاعه؟

الجواب
اتفق الفقهاء على أن الرضاع المثبت للتحريم يكون فى مدة الرضاع ولو رضع بعد ذلك لا يثبت برضاعه تحريم، ولم يخالف أحد من العلماء فى ذلك، لكن جاء أن السيدة عائشة رضى الله عنها تثبت به التحريم وتبعها داود الظاهرى وابن حزم فى ذلك.
وما هى مدة الرضاع التى يثبت التحريم فى أثنائها؟ الاتفاق بين الأئمة على أن الرضاع فى الحولين يثبت التحريم، إذا كان الطفل لم يفطم أما إذا فطم فى أثناء الحولين، ورضع قبل انتهائهما، أو رضع بعد الحولين، أو رضع وهو كبير ففيه خلاف.
أما رضاع الكبير الذى جاوز ثلاثين شهرا فالكل متفق على أنه لا يثبت به تحريم وخالف فى ذلك أهل الظاهر كما سبق ذكره، فإن لم يجاوز الثلاثين شهرا ورضع ثبت برضاعه التحريم حتى لو فطم قبل الرضاع على رأى أبي حنيفة، لأن المدة عنده ثلاثون شهرا بناء على قوله تعالى {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} الأحقاف:15 حيث فسر الحمل بالحمل باليد وفى الحجر، وليس حمل الجنين فى البطن، وأما قوله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} البقرة: 233 فمحله عند تنازع الوالدين على أجرة الرضاع عند الطلاق، وقال بعض الأحناف: إن المدة ثلاثة أعوام وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبى حنيفة قالا: المدة حولان تكمل ثلاثين شهرا مع مدة الحمل وهى ستة أشهر، ويقال: إن أبا حنيفة رجع عن قوله ليطابق قول الصاحبين وقول سائر الأئمة فى أن من جاوز الحولين لا يثبت برضاعه تحريم.
وأجابوا عن رأى عائشة الذى تابعها فيه داود وابن حزم بأنه منسوخ بحديث " لا رضاع إلا ما كان فى الحولين " رواه الدارقطنى.
والمالكية زادوا على الحولين شهرا أو شهرين ما دام الطفل يعتمد على الرضاعة، أو يتناول معه شيئا يضره الاقتصار عليه، ولو فطم يوما أو يومين ثم عاد إلى الرضاعة يثبت التحريم. والشافعية جعلوا المدة حولين قمريين وكذلك قال الحنابلة وذكر الشوكانى " نيل الأوطارج 6 ص 333" تسعة أقوال فى تقدير المدة يرجع إليها من شاء.
وأما رأى الظاهرية وابن حزم فمعتمد على حديث رواه مسلم وأحمد أن أم المؤمنين أم سلمة قالت لعائشة رضى الله عنهما: إنه يدخل.
عليك الغلام الأيفع - المقارب للبلوغ - الذى ما أحب أن يدخل علىَّ، فقالت عائشة: أما لك فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ وقالت:إن امرأة أبى حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالما يدخل علىَّ وهو رجل، وفى نفس أبى حذيفة منه شىء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضعيه حتى يدخل عليك " وفى رواية عن أم سلمة أنها قالت: أبَى سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا. ولم يأخذوا بخصوصية ذلك لسالم مولى أبى حذيفة، فهو رأى وليس حديثا لكن الجمهور قال: إن هذه خَصوصية، والحكم العام هو عدم تحريم رضاع الكبير، والشوكانى فى نيل الأوطار: "ج 6 ص 332" تحمس لرأى ابن حزم وقال: إنه مذهب على بن أبى طالب
(10/72)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة   الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 Emptyالخميس 29 فبراير 2024, 9:41 am

الطلاق السنى والبدعى

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هو الطلاق السنى والطلاق البدعى. وما معنى الطلاق البائن؟

الجواب
الطلاق السنى فى عرف الفقهاء هو طلاق المرأة فى طهر جامعها فيه وليست حاملا ولا آيسة ولا صغيرة، والطلاق البدعى هو طلاق المرأة المدخول بها فى الحيض أو فى النفاس أو فى طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها.
والطلاق البدعى وإن كان مكروها أو محرما يقع على رأى جمهور الفقهاء، وقد صح أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما طلق زوجته وهى حائض، فسأل عمر الرسول عن ذلك فقال " مُرهُ فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها قبل أن يجامع ".
وللعلماء كلام طويل حول هذا الحديث، رأى بعضهم أن الطلاق وقع لأن الرسول أمره بمراجعتها، والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق، ورأى بعضهم عدم وقوعه. ويمكن الرجوع إلى توضيح ذلك فى كتاب " زاد المعاد " لابن القيم.
هذا، والطلاق البائن نوعان، الأول بائن بينونة صغرى، وهو ما كان قبل الدخول، أو كان بعده وطلقها على عوض وهو الخلع، أو طلقها طلاقا رجعيا للمرة الأولى أو الثانية ثم انتهت عدتها. وهذا النوع لا بد فيه من عقد جديد مستوف للأركان، والشروط إذا أراد المطلق أن يعيدها إلى عصمته، والنوع الثانى بائن بينونة كبرى، وهو الطلاق المكمل للثلاث، وهو يحتاج إلى زواج آخر صحيح بنية التأبيد لا التحليل حتى يمكن أن يعيدها إلى عصمته، قال تعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. ..} البقرة: 229 ثم قال بعد ذلك {فإن طقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} البقرة 230] . وبشرط المباشرة الجنسية كما نص عليه الحديث الشريف، ويمكن الرجوع في توضيح ذلك إلى عنوان زواج التحليل فى صفحة 555 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى
(10/73)
________________________________________
الرضاع وحقن اللبن

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما الحكم لو وصل لبن المرأة إلى الطفل بطريق الحقنة وليس بطريق الرضاع، هل يثبت به التحريم فى الزواج؟

الجواب
النصوص الواردة قى القراَن والسنة عبَّرت بالرضاع، والرضاع معروف أنه مَصُّ اللبن من الثدى، أما وصول اللبن إلى الطفل بغير ذلك ففى حكمه خلاف، يرى الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن حكم الرضاع يثبت بمص اللبن من الثدى، وبصبه فى الفم، وهو ما يعبر عنه بالوجور، وكذلك بالسعوط وهو صبه فى الأنف، ومثله ما لو عمل اللبن جبنا وأكله الطفل، وأبو حنيفة يخالف فى مسألة الجبن، لزوال اسم اللبن عنه.
أما داود وابن حزم الظاهريان فقصرا الرضاع المحرم على المص بالفم فقط، واستدل الجمهور بأن الغرض من الرضاع وهو طرد الجوع، وإنبات اللحم ونشز العظم يحصل بأية وسيلة تكون، كما جاء التعبير عن الغرض فى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التى رواها البخارى وغيره.
وإذا وصل اللبن إلى جوف الطفل بحقنة شرجية لم يحرِّم عند أبى حنيفة ومالك واحمد، ويحرِّم عند الشافعى، كما يفطر به الصوم. وله رأى آخر كالجمهور، لأن الحقنة فى الشرج ليست للتغذية ولكن للإسهال.
ورأى الظاهرية معتمد على النص على الرضاعة وهى لا تكون إلا بمص اللبن من الثدى، فهم ملتزمون بالنص، والآخرون ناظرون إلى الحكمة، والوسائل فى تغير وتطور
(10/74)
________________________________________
أدب النساء فى الطرق والمجالس

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى سير النساء ووجودهن فى الأماكن العامة مرتديات ملابس تثير غرائز الشباب؟

الجواب
إذا خرجت المرأة من بيتها وكان هناك أحد أجنبى عنها وجب عليها أن تستر ما أمر الله بستره بملابس سابغة ليست محددة ولا شفافة، وأن تبتعد عن الزينة اللافتة للنظر، وعن العطور النفاذة، وان تلتزم الأدب فى مشيها وكلامها وفى كل أحوالها، كما نصت عليه الآيات والأحاديث.
والمقصرة فى ذلك تسىء إلى نفسها بالتعرض لها أو التحرش بها، وتسئ إلى أسرتها وتسئ أيضا إلى المجتمع كله، والحديث الذى رواه البخارى ومسلم يقول " ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء" وعلى المسئولين من الأباء والأزواج بالذات أن يراقبوا ذلك منعا للضرر وحفاظا على الشرف، فالله يقول {نما أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} التحريم: 6 والنبى صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث المتفق عليه " والرجل راع فى أهله ومسئول عن رعيته ".
وإذا كان على الرجال أن يراعوا أمر الله من الحفاظ على الشرف والحرمات فكذلك على النساء أن يراعين ذلك. فعندما قال عن الرجال {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} النور:
30 قال عن النساء {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن. . .} النور:31.
وإذا كانت القوانين الوضعية - كالقوانين الدينية - تحرم الاغتصاب فعليها أيضا أن تحرم الخروج على الآداب من الطرف الاخر، ليتعاون الجميع على تحقيق الغرض من التشريع. ورحم الله مصطفى صادق الرافعى الذى قال: إذا عاقبت الفتى مرة فإنى أعاقب الفتاة مرتين، لأنها كشفت اللحم للقط.
إن الإصلاح لا يكون من طرف واحد، بل لابد من تعاون كل الأطراف، وعدم المبالاة والسكوت على الباطل يأباهما الدين، والله يقول {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} الأنفال: 25]
(10/75)
________________________________________
الطلاق بالرجال

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل من الحديث ما يقال: الطلاق بالرجال، وكيف تكون العصمة بيد المرأة؟

الجواب
روى ابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إنما الطلاق لمن أخذ بالساق " يقول ابن عباس: أتى رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله، سيدى زوجنى أمته وهو يريد أن يفرق بينى وبينها، فصعد النبى صلى الله عليه وسلم المنبر فقال " يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن " يفرق بينهما؟ إنما الطلاق لمن أخذ بالساق " قال ابن القيم عن هذا الحديث: فى إسناده مقال ولكن القران يعضده. وذكره السيوطى فى الجامع الصغير ورمز له بأنه حسن من رواية الطبرانى عن ابن عباس، وقال لمناوى فى " فيض القدير" رمز المصنف بحسنه ليس فى محله.
ولمهم -بيان أن الطلاق يكون بيد الرجل، لأن الله جعل له القيام على المرأة بسبب مواهبه وبما كلف به من دفع المهر لها والإنفاق عليها، قال تعالى {الرجال قوامون على لنساء بما فضَل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالمهم} النساء: 34 ومن لوازم هذا أن تكون العصمة بيده، إن شاء أمسك وإن شاء طلق. ولقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم لمؤمنات ثم طلقتموهن} لأحزاب: 49 وقوله {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} البقرة: 131 حيث جعل الله الطلاق لمن ينكح، إن شاء أمسك وإن شاء طلق. ولأن الرجل أعقل من المرأة وأضبط لعواطفه وأدرى بالتبعات التى تترتب على الطلاق، وقد أفاض ابن القيم فى بيان حكمة التشريع فى جعل الطلاق بيد الرجل، وذلك فى كتابه" زاد المعاد" ج 4 ص70، 13 2 فمن الصواب أن يكون الطلاق بيده.
ومع كون الطلاق حقا للرجال أجاز بعض العلماء أن ينيب غيره فيه بأن يجعل له حق تطليق زوجته استنادا إلى تخيير النبى صلى الله عليه وسلم لنسائه وقد مَرَّ توضيح،ذلك فى صفحة 591من المجلد الأول من هذه الفتاوى فليرجع إليه
(10/76)
________________________________________
تقبيل زوجة الابن وأم الزوجة

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
هل يجوز للرجل أن يقبل زوجات أبنائه، وما حكم الدين إذا صاحب ذلك نوع من الشهوة؟

الجواب
زوجة الابن من المحرمات على الأب بمجرد عقده عليها، فهى كبنته فى الحرمة، قال تعالى فى آية التحريم فى النساء: 23 {وحلائل أبنائكم الظين من أصلابكم} فإذا كانت قبلته لبنته رحمة وحنانا وتكريما فلا حرج فى ذلك، والرحمة والحنان والتكريم يتنافى مع القصد الخبيث الذى يثير الشهوة، فإذا كانت القبلة بشهوة كانت محرمة دون شك فى ذلك، لأنها فتنة، وقد يستغل تحريم الزواج بها استغلالا سيئا، وبخاصة إذا كانت جميلة وهو لم يزل فى سِن لا تحول بينه وبين إشباع رغبته المعروفة، حتى لقد قال العلماء: إن تقبيل الولد لأمه إذا كان بشهوة فهو محرم.
ومن أجل الخطورة فى مثل هذه الحالة حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء فى غيبة أزواجهن، ولما سأله واحد: أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال " الحمو الموت " والحمو هو قريب الزوج كأخيه وقريب الزوجة كابن عمها وابن خالها. رواه مسلم.
هذا، ويقال مثل ذلك فى تقبيل الرجل لأم زوجته، فهو جائز بدون قصد الشهوة لأنها بمنزلة أمه، فهى من المحرمات عليه بمجرد العقد على بنتها قال تعالى {وأمهات نسائكم} النساء: 23 وكذلك تقبيل المرأة لزوج بنتها حلال لحرمة زواجه منها، فهو كابنها، ولكن أحذر من أن يكون ذلك بشهوة، وبخاصة إذا كانت المرأة غير متزوجة وفى سِن تحس فيه بالحاجة إلى ما تحس به كل امرأة، أو كان زوجها غائبا عنها مدة تحس فيها بألم الفراق.
وقد يخفى الألم فى نفسه من يرى أن أباه يقبِّل زوجته، ومن يرى أن زوجته تقبل زوج بنته أو يقبلها، وبعض الزوجات الشابات يشكون من تقبيل أزواجهن لأمهاتهن وبخاصة إذا كان فى التقبيل مبالغة أو صاحبته أحضان، فالواجب مراعاة ذلك مع الإيمان بأن الله يعلم النيات، ولكل امرئ ما نوى
(10/77)
________________________________________
لبن الفحل

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
رجل له زوجتان، رضعت من إحدى هاتين الزوجتين، فهل يصح لى أن أتزوج بنت هذا الرجل من زوجته للأخرى التى لم أرضع منها؟

الجواب
المعلوم أن الولد إذا رضع من امرأة فى مدة الحولين خمس رضعات معلومات صار- على رأى الشافعى وهو المختار للفتوى - اخا لكل أولادها، يستوى فى ذلك من رضع معه ومن رضع قبله أو بعده - فلا يصح أن يتزوج من إحدى بناتها لأنهن أخواته، ولا من أخوات المرضع لأنهن خالات له، وكذلك لو رضعت بنت من امرأة حرم عليها كل أولادها لأنهم أخوتها، وحرم عليها إخوة المرضع لأنهم أخوالها، وقد جاء فى الحديث المتفق عليه "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
لكن هل يصير زوج المرضع أبا للرضيع أو لا؟ هذه مسألة اختلف فيها الفقهاء قديما وحديثا، وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة، على أن الرضاع يثبت أبوة زوج المرضع للرضيع، فهو الذى تسبب فى نزول لبنها الذى رضعه، وعليه يكون جميع أولاد هذا الزوج إخوة وأخوات للرضيع يستوى فى ذلك أولاده من الزوجة التى أرضعت الرضيع، وأولاده من الزوجة الأخرى التى لم يرضع منها.
ودليلهم فى ذلك ما رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن عائشة رضى الله عنها قالت: دخل علىَّ أفلح أخو أبى القعيس، فاستترت منه ولم اذن له، فقال:
أتستترى منى وأنا عمك؟ قلت: من أين؟ قال:أرضتك امرأة أخى، فقلت: إنما أرضعتنى المرأة ولم يرضعنى الرجل، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه، فقال: " إنه عمك فليدخل عليك ".
ومن أدلتهم كذلك ما رواه البخارى أن ابن عباس رضى الله عنهما سئل عن رجل له جاريتان أرضعت إحداهما جارية، والأخرى غلاما، فهل يتزوجان؟ فقال: لا، اللقاح واحد.
يقول النووى: لم يخالف فى هذه المسألة إلا أهل الظاهر وقليل،ودليلهم عقلى أكثر منه نقليا، فما احتجوا به ليس نصا فى دعواهم.
وتفريعا على رأى الجمهور فى ترتب التحريم على لبن الفحل وهو زوج المرضعة، قد يكون الأخوان من الرضاع شقيقين إذا رضعا من زوجة رجل واحد، وقد يكونان أخوين لأم، إذا أرضعت أحدهما بعد ولادتها من زوج، ثم أرضعت الاخر بعد ولادتها من زوج اخر، وقد يكونان أخوين لأب، إذا كان لرجل زوجتان، رضع أحدهما من زوجة والاَخر من زوجته الأخرى.
وعلى هذا نقول لصاحب السؤال: لا يجوز لك ان تتزوج من بنت هذا الرجل من زوجته الأخرى، غير زوجته التى أرضعتك فهى أختك من الأب
(10/78)
________________________________________
الزغاريد فى الأفراح

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم زغاريد النساء فى الأفراح؟

الجواب
زغاريد النساء فى الأفراح تعطى حكم صوت المرأة وغنائها، فإذا كانت بنبرات عادية غير فاتنة فلا بأس بها، وبخاصة إذا كانت فى محيط النساء لا تصل إلى الرجال الأجانب، أما إن كانت بنبرات فيها إثارة أو فتنة، فالشرع لا يوافق عليها إذا وصل صوتها إلى الرجال الأجانب كما هو الغالب فى أفراح اليوم
(10/79)
________________________________________
نقوط الفرح

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما حكم الدين فى المجاملات بين الناس فى حالات الزواج وغيرها بتبادل الهدايا والأموال بما يسمى "النقطة " بغرض المساعدة، وكثيرا ما ينتظر الناس هداياهم وأموالهم وقد يطالبون بردها؟ وهل تعد هذه الهدايا والأموال دينا إذا توفى الشخص المتلقى للهدايا والأموال، فيقوم أهله بردها؟

الجواب
النقوط الذى اعتاد الناس تقديمه بمناسبة الزواج - قال عنه علماء الشافعية:
إنه من باب الإعارة، يرجع به صاحبه سواء أكان مأكولا أم غير مأكول "حاشية عوض على الخطيب فى باب الهبة" وعلى هذا الرأى تكون الهدايا دينًا يلزم الوفاء به فى حياة الإنسان وبعد مماته، ويخرج ذلك من التركة قبل توزيعها كما نص القراَن الكريم فى آيات المواريث {من بعد وصية يوصى بها أو دين} وبعض الناس يحرصون على رده أورد مثله فى مناسبة مماثلة، وقد يسبب التقصير فى ذلك مشاكل كبيرة، والأعراف على كل حال تختلف.
فيرجع إلى العرف ليحكم عليه بأنه هبة للمساعدة والمجاملة، لا ينظر إلى ردها، أو بأنه إعارة أو سُلفة لابد من ردها أو رد مثلها، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطا.
وأرجو أن يدفع بسخاء نفس ولا ينظر إلى رده، فقد تحول الظروف دون ذلك، وقد تختلف القوه الشرائية فيكون الهمس والتعليق الذى يحز فى النفس. إن قصد الهبة قصد طيب يحقق معنى التعاون على البر، واجرها كبير عند الله، والأعمال بالنيات
(10/80)
________________________________________
ما يثبت به الرضاع

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
ما هى الوسائل التى يثبت بها الرضاع؟

الجواب
لا شك أن الرضاع من موجبات التحريم فى الزواج، بنص القرآن الكريم والحديث النبوى الشريف. كما أنه يحتاط فى الأبضاع ما لا يحتاط فى غيرها.
وإذا كان هناك خلاف فى عدد الرضعات المحرِّمة فإن الأحوط قبل الزواج أن يؤخذ بالقول الذى يحرم برضعة واحدة، وإن جاز الزواج على أقوال أخرى، كما أن الأحوط بعد الزواج، وبخاصة إذا كانت هناك ذرية، أن تبقى الأسرة على وضعها بناء على القول الذى لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات أو أكثر، وإن وجب التفريق على أقوال أخرى.
والملاحظ أن أمر الرضاع يطلع عليه النساء أكثر من الرجال، ولذلك قبل فيه بعض الأئمة شهادة النساء دون حاجة معهن إلى الرجال، فيثبت بشهادة أربع نسوة.
كما يلاحظ أن بعض النساء اللاتى لسن على الدرجة المطلوبة من خوف الله، إذا رغبن فى زواج رجل وامرأة ينكرن حدوث رضاع بينهما، وإذا لم يرغبن فى هذا الزواج، سواء أكان قبل إتمامه أو بعده يؤكدن أنه حدث بينهما رضاع،وهنا تكون المشكلة.
وقد تحدث العلماء عما يثبت به الرضاع، فقالوا يثبت بالإقرار أو البينة.
الإقرار:
يراد بالإقرار اعتراف الطرفين، أو أحدهما، وهذا الإقرار قد يكون قبل الزواج أو بعده.
1 - فإذا أقر رجل بأن هذه المرأة أخته من الرضاع فإن صدقته فى إقراره ثبتت الحرمة بينهما بهذا التصادق، سواء أكان قبل الزواج أو بعده، وكذلك إذا أقرت المرأة وصدقها الرجل.
وعند الافتراق قبل الدخول فلا شىء لها من المهر، وإن كان بعد الدخول وجب الأقل من المهر المسمى ومهر المثل، وذلك شأن كل نكاح فاسد أعقبه دخول، ولا تجب لها نفقة فى عدتها ولا سكنى.
2 - وإذا أقر الرجل وكذبته المرأة ثبت التحريم أيضا ووجب التفريق بعد الزواج، فإذا كان قبل الدخول وجب لها نصف المهر، وإذا كان بعد الدخول وجب المهر كله، إذا كان مسمى، كما أن لها النفقة والسكنى فى مدة العدة، لأن إقراره حجة قاصرة عليه، ولا يتعدى إلى حقوق المرأة بالإبطال ما دامت مكذِّبة له.
فإذا رجع عن إقراره بالرضاع يقبل رجوعه بشرط ألا يكون قد أكد إقراره الأول بما يفيد اليقين. ولو كان رجوعه بعد العقد يبقى العقد قائما كما كان.
3- وإذا أقرت المرأة بالرضاع وكذبها الرجل فلا يجوز لها أن تتزوجه فإذا رجعت عن إقرارها يجوز لها الزواج، أما إن كان الإقرار بعد الزواج وكذبها الزوج فلا عبرة بإقرارهما حتى لو أصرت عليه لأنها متهمة فيه، فقد يكون لها غرض فى التخلص منه بهذا الادعاء، بخلاف إقراره هو فإنه يقبل ولا عبرة بإنكارها، لأنه غير متهم فى إقراره بأنه يريد التخلص منها، لأن تخلصه منها ممكن بالطلاق الذى يملكه، دون حاجة إلى الإقرار بالرضاع ولدوران الحكم على التهمة لو كان أمرها بيدها فى الطلاق تصدق فى إقرارها بالرضاع.
البينة إذا كان هناك اتفاق بين العلماء على اعتبار البينة فى ثبوت الرضاع فإن بينهم خلافا فى قدر هذه البينة والعدد الذى يعتبر فيها.
فمنهم من اكتفى بشهادة النساء وحدهن، وهؤلاء منهم من يكتفى بامرأة واحدة إذا كانت معروفة بالصدق والعدالة، ومنهم من يشترط العدد، وهو امرأتان على الأقل، ومنهم من يشترط أربع نساء، ومنهم من لا يكتفى بشهادة النساء وحدهن، فالرضاعة لا تثبت عندهم إلا برجلين، أو رجل وامرأتين.
1 - فالذين يكتفون بشهادة امرأة واحدة هم الحنابلة، وهو رواية عن مالك، وهذا القول مروى عن عثمان وابن عباس والزهرى والحسن وإسحاق والأوزاعى ومروى كذلك عن أبى عبيد إلا أنه قال: يجب على الرجل أن يعمل بقول المرأة فيفارق زوجته، لكن لا يجب على الحاكم أن يحكم بشهادتها وحدها إذا رفع الأمر إليه. واستدل هؤلاء بحديث رواه البخارى وغيره أن عقبة بن الحارث تزوج أم يحى بنت إهاب، فجاءت بأمة سوداء وأخبرتهما بأنها أرضعتهما، ولما رفع الأمر إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أبره أن يفارقها على الرغم من أن عقبة يظنها كاذبة، ولما كرر عقبة على الرسول هذا الخبر قال له "كيف وقد قيل، دعها عنك ".
فدل هذا على أن الزواج وقع فاسدا وتجب المفارقة. ولو كان قد وقع صحيحا وأراد له النبى أن يفارقها استحبابا لا وجوبا لقال له:
طلِّقها، ولم يقل له ذلك.
ثم قال أصحاب هذا الرأى، ردًّا على من يشترطون العدد فى الشهادة إن قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} البقرة: 282، قول عام يخصص بحديث عقبة المذكور.
وردوا أيضا على ما روى أن عليًّا وابن عباس والمغيرة لم يفرقوا بين الزوجين بسبب شهادة واحدة على الرضاع بأن المقرر أن أقوال بعض الصحابة ليست بحجة على فرض عدم معارضتها لما ثبت عن الرسول، فكيف تكون حجة وهى معارضة لما ثبت عنه.
2 -والجمهور على عدم الاكتفاء بشهادة واحدة على الرضاع، ومن هؤلاء من اكتفى بشهادة امرأتين، وهو الإمام مالك ومنهم من اشترط أن يشهد رجلان أو امرأتان وهو أبو حنيفة، ومنهم من أجاز الشهادة من أربع نسوة وهو الشافعى.
هذا، وقد قال الشوكانى فى نيل الأوطار، (ج 6 ص 338) : حكى فى البحر عن الهادوية والشافعية والحنفية أنه يجب العمل بالظن الغالب فى النكاح تَحريما، ويجب على الزوج الطلاق إن لم تكتمل الشهادة، بدليل حديث الأمة التى شهدت برضاع عقبة وأم يحيى، وقال الإمام يحيى: الخبر محمول على الاستحباب، ويمكن الرجوع فى ذلك إلى كتاب "أحكام الأسرة فى الإسلام " للدكتور محمد شلبى
(10/81)
________________________________________



الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة - صفحة 8 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الشيخ عطية صقر.. مدرسة فقهية متميزة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 8 من اصل 9انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» فتوى الشيخ عطية صقر في الاحتفال بشم النسيم
» أم عطية الأنصارية
» كم في البلية من عطية خفية
» تلخيص ما كتبه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله
» الشيخ محمد عبد الحكيم بن الشيخ سعيد العبد الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـعــقـيــــــــدة الإســــلامـيــــــــــة :: فتاوى الشيخ عطيه صقر (رحمه الله)-
انتقل الى: