أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: خاتمة تتعلق بأصول تخريجات أحاديث الأبواب السابقة الإثنين 02 أكتوبر 2023, 11:51 pm | |
| خاتمة تتعلق بأصول تخريجات أحاديث الأبواب السابقة ليعلم الناظر فى هذا التصنيف أن وسم أحاديثه بالصحة إنما هو بالنظر إلى عموم مصطلح ((الصحيح))، وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه وسلم من الشذوذ والعلة. فكل حديث جمع هذه الشروط فهو ثابت محتج به. وثمة أمر آخر وهو ما قرره العلامة أبو عمرو بن الصلاح فى كتابه ((علوم الحديث)) الموسوم بـ ((المقدمة))، أن الصحيح أقسام: أعلاها ما اتفق عليه الشيخان، ثم ما انفرد به البخارى، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما كان على شرط البخارى، ثم شرط مسلم، ثم الصحيح عند غيــرهما. وقد لخصه الحافظ العراقى فى ((التبصرة والتذكرة)) بقوله: وأرفـع الصحيـح مرويـُّهما ثـم البخارى فمسلمٌ، فـما شرطَهما حوى، فشرطُ الجعفى فمسلمٌ، فشرطُ غيـرٍ يكفى ولربما خولفت فى الحكم على بعض أحاديث هذا التصنيف، فما حكمت له بالصحة قد يقال هو حسن، فإن يكن ذا فليعلم المخالف أن أكثر أصحاب الصحاح، لم يكونوا يفرقون بين الصحيح والحسن، ويخرَّجون كلاًّ منهما فى ((صحاحهم))، ورأس هذه الطبقة إمام المحدثين أبو عبد الله البخارى. وقد بينت ذلك بياناً شافياً كافياً فى كتابى ((المنهج المأمول فى معنى قول ابن حجر مقبول)) ولنكتفى فى هذه العجالة البالغة الاختصار بذكر ثلاثة أمثلة للاستشهاد والبيان. المثال الأول: أخرج البخارى فى ((الصحيح)) باب: إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه (2/214. سندى). حدَّثـنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن صفوان بن يعلي عن أبيه قال: سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ على المنبر ((ونادوا يا مالك))؛ قال سفيان في قراءة عبد الله ((ونادوا يا مال)). وأخرجه كذلك فى باب: صفة النار وأنها مخلوقة (2/219. سندى). حدَّثـنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو سمع عطاء يخبر عن صفوان بن يعلى عن أبيه أنه: سمع النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ على المنبر ((ونادوا يا مالك)). وأخرجه ثالثاً فى باب: قوله ((ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون)) (3/185. سندى). حدَّثـنا حجاج بن منهال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: سمعت النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقرأ على المنبر ((ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك)). قلت: فهذا حديث صحيح خرَّجه البخارى فى ثلاثة مواضع من ((صحيحه))، كلها من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبى رباح عن صفوان بن يعلى عن أبيه به. وقد قال أبو عبد الله البخارى فى غيـر ((صحيحه)): هو حديث حسن. ففى ((علل الترمذى)) للقاضى أبى طالب (1/88/143): ((قال أبو عيسى: حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ على المنبر ((ونادوا يا مالك)). قال: سألت محمداً -يعنى البخارى- عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن وهو حديث ابن عيينة الذي ينفرد به)). وقد أخرجه الترمذى (508) قال: حدثنا قتيبة ثنا سفيان بن عيبينة بإسناد البخارى ومتنه. وقال: حديث حسن صحيح غريب. المثال الثانى: أخرج البخارى فى ((الصحيح)) باب: الصلاة على الشهيد (1/232). حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني ابن شهاب عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله قال: كان النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهم أكثر أخذاً للقرآن))؛ فإذا أشير له إلى أحدهما، قدَّمه في اللحد، وقال: ((أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة))، وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. وأخرجه كذلك فى خمسة مواضع أخرى من ((صحيحه)) فى: باب: دفن الرجلين والثلاثة فى قبر (1/232. سندى). باب: من لم يــر غسل الشهداء (1/233. سندى). باب: من يقدَّم فى اللحد (1/233. سندى). باب: اللحد والشق فى القبر (1/234. سندى). باب: من قتل من المسلمين يوم أحد (3/26.سندى). قــلت: فهذا حديث صحيح خرَّجه البخارى فى ستة مواضع من ((صحيحه))؛ كلها من طريـق الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابـر به. وقد قـال فى غـير ((صحيحه)): هو حديث حسن. ففى ((علل الترمذى)) للقاضى أبى طالب (1/145/251): ((وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: حديث عبد الرحمن بن كعب عن جابر بن عبد الله في شهداء أحد هو حديث حسن)). وقد أخرجه الترمذى (1036) قال: حدثنا قتيبة ثنا الليث بإسناد البخارى ومتنه. وقال: حسن صحيح. المثال الثالث: أخرج البخارى فى باب: الصلاة على القبر بعد ما يدفن (1/231. سندى). حدثنا محمد بن الفضل حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: ((أن أسود رجلا أو امرأة كان يقم المسجد، فمات، ولم يعلم النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بموته، فذكره ذات يوم، فقال: ما فعل ذلك الإنسان؟، قالوا: مات يا رسول الله، قال: أفلا آذنتموني، فقالوا: إنه كان كذا وكذا -قصته- قال فحقروا شأنه، قـال: فدلوني على قبره، فأتى قبره فصلى عليه)). وأخرجه فى موضعيــن أخريــن: باب: الخدم للمسجد (1/91. سندى). باب: كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان (1/91. سندى). قــلت: فهذا حديث صحيح خرَّجه البخارى فى ثلاثة مواضع من ((صحيحه))، كلها من طريق حماد بن زيد عن ثابت عـن أبى رافع عن أبى هريـرة به. وقد قـال فى غيـر ((صحيحه)): هو حديث حسن. ففى ((علل الترمذى)) للقاضى أبى طالب (1/146/253): ((قال أبو عيسى: وسألت محمداً عن حديث أحمد بن حنبل عن غندر عن شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ثابت عن أنس أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على قبرٍ بعد ما دفن. فقال: هو حديث حسن. قـال محمد: حدثنا أحمد بن واقد حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على قبر. وأما سليمان -يعنى ابن حرب- وهؤلاء فإنما كان عندهم عن حماد ابن زيد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة. وحديث أبي هريـرة هو حديث حسن)) اهـ. وبالنظر المتأمل فى الأمثلة الثلاثة المذكورة، وبمقارنتها بغيـرها من أحاديث ((الجامع الصحيح)) من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، وأبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة، وابن سيرين عن عبيدة السلمانى عن على بن أبى طالب، والزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس، وابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر، وأضراب هذه الأسانيد التى هى الغاية فى الصحة، يظهر بجلاء معنى ما قصدت إليه من اختلاف مراتب ودرجـات ((الصحيح))، وتزول شبهة التردد فى الحكم على الحديث الواحد بالتصحيح تارةً والتحسيـن تارةً، لا سيما عند من له إلمام يسير بدقائق هذا العلم العزيـز، فيُحمل التحسين على أدنى مراتب الصحة؛ بينما يُحمل التصحيح على أعلاها. وللحافظ ابن حجر تقسيم لمراتب الصحيح باعتبار الأسانيد ينبغى أن تعقد عليه الخناصر، فقد قال فى ((نزهة النظر)) (ص20) عند ذكر مراتب الصحيح: ((فما يكون رواته فى الدرجة العليا من العدالة والضبط وسائر الصفات التى توجب الترجيح؛ كان أصح مما دونه. فمن المرتبة العليا فى ذلك: الزهرى عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه ابن عمر. وكمحمد بن سيرين عن عبيدة السلمانى عن على. وكإبراهيم النخعى عن علقمة عن ابن مسعود. ودونها فى المرتبة: بُريد بن عبد اللَّه بن أبى بردة عن جده عن أبى موسى. وكحماد بن سلمة عن ثابت عن أنس. ودونها فى المرتبة: سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة. وكالعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة. فإن الجميع يشملهم اسم العدالة والضبط، إلا أن للمرتبة الأولى من الصفات المرجحة ما يقتضى تقديم روايتهم على التى تليها، وفى التى تليها من قوة الضبط ما يقتضي تقديمها على الثالثة)) اهـ. فكان بيِّـناً فى كلام الحافظ انقسام الصحيح إلى ثلاثة مراتب: صحيح فى الدرجة الأولى، وصحيح فى الدرجة الثانية، وصحيح فى الدرجة الثالثة. وقريبٌ من هذا التفصيــل والبيان، ولكن فيه تخصيصٌ بالـ ((الصحيحيـن))؛ ما أجمله الحافظ الذهبى فى ((الموقظة)) (ص79) بقوله: ((من أخرج لهم الشيخان على قسمين: أحدهما ما احتجَّا به فى الأصول. ثانيهما من خرَّجا له متابعة واستشهاداً واعتباراً. فمن احتجا به أو أحدهما، ولم يوثـق ولا غمز، فهو ثـقة، وحديـثه قوى. ومن احتجا به أو أحدهما، وتـكلم فيه، فتارة يكون الكلام فـيه تعنتاً، والجمهور على توثيقه، فهذا حديثه قوى، وتارة يكون الكلام فى تليينه وحفظه له اعتبار، فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة ((الحسن)) التى قد نسميها من ((أدنى درجات الصحيح)). فما فى الكتابيـن بحمد الله رجلٌ احتج به البخارى ومسلم فى الأصول، ورواياته ضعيفة، بل حسنة أو صحيحة. ومن خرَّجا له أو أحدهـما فى الشواهد والمتابعات، ففيهم من فى حفظه شئٌ، وفى توثيـقه تردد، فكل من خرَّجا له فى ((الصحيحين)) فقد قفز القنطرة، فلا معدل عنه إلا ببرهان بيِّن)) اهـ. ولمزيد الإيضاح لهذا التقسيم المعتبر عند المحققيـن، فلنضرب لذلك مثالاً بما أخرجه ابـن خزيمة (2731)، والحاكم (1/456)، والبيهقى ((الكبرى)) (5/75) و((شعب الإيمان)) (3/449/4030) جميعاً عن أيوب بن سويد الرملى ثـنا يونس بن يزيد عن الزهرى عن مسافع بن شيبة الحجبى عن عبد اللَّه بن عمرو قال قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، طمس اللَّه نورهما، ولولا ذلك لأضاءا ما بيـن المشرق والمغرب)). فهذا الحديث صحيح على شرط ابن خزيمة، وقد أخرجه فى ((صحيحه))، وإسناده حسن، لا يرتقى إلى الصحيح عند من يُـفرد الحسن من الصحيح، وعند من لا يفرده، ومنهم ابن خزيمة وابن حبان والضياء المقدسى، فهو صحيح من الدرجة الثانية إذا توبع؛ وهو كذلك، وصحيح من الدرجة الثالثة إذا لم يتابع. وبيان ذلك أن رواته إلى يونس بـن يزيد الأيلى ثقات مشاهــير احتج بهم الشيخان فى ((صحيحهما)) سوى مسافع بن شيبة، فإنما تفرد مسلم بالتخريج له، ولم يخرِّج له إلا حديثاً واحداً، وهو حديثه عن عروة بن الزبير عـن عائشة: أن امرأة قالت لرسـول الله صلَّى الله عليه وسلّم: هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟، فقال: نعم، فقالت لها عائشة: تربت يداك وأُلـَّـت، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:((دعيها! وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه)). أخرجه مسلم فى ((الحيض)) (3/225. نووى) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي وسهل بن عثمان وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قال سهل حدثنا و قال الآخران أخبرنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن مصعب بن شيــبة عن مسافع بن عبد اللَّه به. وإنما تطرق القصور إلى هذا الإسناد من قبـَل أيوب بن سويد الرملى. وقد ترجمه ابن أبى حاتم فى ((الجرح والتعديل)) (2/249/891) فقال: ((أيوب بن سويد الرملي السيـباني أبو مسعود. روى عن يحيى ابن أبى عمرو السيباني، ويونس بن يزيد، وأسامة ابن زيد. روى عنه: دحيم والحسن بن وعشرون وإبراهيم بن زياد سبلان. وسمعت أبى يقول: سئل يحيى بن معين عن أيوب بن سويد فقال: كان يقلب حديث ابن المبارك والذي حدث به عن مشايخه الذين أدركهم فيقلبه على نفسه.أخبرنا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب إلى ثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت يحيى بن معين عن أيـوب بن سويد فقال: ليس بشيء. سمعت أبى يقول: أيوب بن سويد هو لين الحديث)). وذكره ابن حبان فى ((الثقات)) (8/125/12549): ((وكان رديء الحفظ يتقى حديثه من رواية ابنه محمد بن أيوب عنه، لأن أخباره إذا سبرت من غيـر رواية ابنه عنه وجد أكثرها مستقيمة)). وقال ابن عدى ((الكامل)) (1/359): ((ولأيوب بن سويد حديث صالح عن شيوخ معروفيـن منهم يونس بن يزيد الأيلي نسخة الزهري، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وابن جريج، والأوزاعي، والثوري وغيرهم. ويقع في حديثه ما يوافقه الثقات عليه، ويقع فيه ما لا يوافقوه عليه، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء)). وذكره العقيلى فى ((الضعفاء الكبير)) (1/113) ونقل قول ابن المبارك عنه: ارم به، وقول البخارى: يتكلمون فيه، وقول النسائى: ليس بثقة. ولخص الحافظ ابن حجر حاله فى ((التقريب)) ((1/118/615) بقوله: ((صدوق يخطئ)) اهـ. قـلت: والذى يترجح فى حق أيوب بن سويد أنه صدوق يخطئ، وأمثل أحاديثه مطلقاً ما رواه منها عن يونس بن يزيد الأيلى نسخة الزهرى، وفى ((الكتب الستة)) منها حديثان: أولهما: أخرجه الترمذى (2852) قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا أيوب بن سويد الرملي عن يـونس بن يزيد عن الزهري عن أنس: أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكر وعمر -وأراه قال وعثمان- كانوا يقرءون ((مالك يوم الدين)). قال أبو عيسى: ((هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري عن أنس بن مالك إلا من حديث أيوب ابن سويد الرملي. وقد روى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث عن الزهري أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكر وعمر كانوا يقرءون ((مالك يـوم الديـن)). وروى عبد الرزاق عن معمر عـن الزهري عن سعيد بـن المسيب أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكر وعمر كانوا يقرءون ((مالك يوم الدين)). ثانيهما: أخرجه ابن ماجه (2872) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا أيوب بن سويد عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن جبيـر بن مطعم أخبره: أنه جاء هو وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يكلمانه فيما قسم من خمس خيبر لبني هاشم وبني المطلب فقالا: قسمت لإخواننا بني هاشم وبني المطلب وقرابتنا واحدة، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنما أرى بني هاشم وبني المطلب شيئا واحدا)). قـلت: هذا حديث صحيح، وقد أخرجه البخارى (3/53. سندى) قال: حدثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن يونس بن يزيد بإسناده مثله. وجملة المقال: أن أيـوب بن سويد الرملى ممن يكتب حديثه وينظر فيه، فإن توبع فحديثه يُحتج به ويُصحَّح، وعلى هذا يُـحمل تخريـج ابن خزيمة وابن حـبان لأحاديثه فى ((صحيحهما)). وقد احتج البخارى بجماعة ممن قال عنهم ابن حجر ((صدوق يخطئ))، وأطلق الذهبى القول فيهم ((صدوق))، وجملة من بهذه المثـابة فى ((صحيحه)) عشرة، وهاك بيانهم إجمالاً: 1ـ الحسن بن بشر بن سلم بن المسيب. 6ـ إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمدانى. 2ـ خالد بن عبد الرحمن بن بكير السلمى. 7ـ محمد بن زياد بن عبيد الله بن زياد يؤيؤ. 3ـ سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر. 8ـ مسكيـن بن بكير الحرانى الحذاء. 4ـ عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة. 9ـ ميـمون بن ســـياه البصرى. 5ـ إسماعيل بن زكريا بن مرة الخلقانى. 10ـ ثابت بن محمد الشيبانى الكوفى الزاهد. فإذا بان أن أيوب بن سويد ممن يحتج بحديثه، وأنه يرتقى إلى الصحيح عند المتابعة، فإن النـاقد البصير يقضى لحديثه ((الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة)) بالصحة، فإنه من أمثل أحاديثه ومروياته عن يونس بن يزيد الأيلى، ولم يتفرد به، فقد تابعه شبيب ابن سعيد الحبطى عن يونس عند البيهقى ((السنن الكبرى)) (5/75)، ورواه رجاء بن صبيح عن مسافع عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعاً به. فقد أخرجه أحمد (2/213،214)، والترمذى (878)، والفاكهى ((أخبار مكة)) (960) وابن خزيمة (2732)، وابن حبان (3702) والحاكم (1/456) خمستهم من طريق رجاء بن صبيح أبى يحيى الحرشى عن مسافع بن شيــبة عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعاً. قــلت: ورجاء بن صبيح ليس بالقوى ولا ممن يحتج به إذا انفرد، ولكنه يقوى أمر الحديث ويؤكد أن له أصلاً، وأما شبيب بن سعيد الحبطى فهو ممن يحتج به فى المتابعات، فقد احتج به البخارى من رواية ابنه أحمد عنه. قال فى ((تهذيب الكمال)): ((قال علي بن المديني: ثقة كان من أصحاب يونس بن يزيد كان يختلف في تجارة الى مصر وكتابه كتاب صحيح، وقد كتبتها عن ابنه أحمد. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: كان عنده كتب يونس بن يزيد وهو صالح الحديث لا بأس به. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو احمد بن عدي: ولشبيب نسخة الزهري عنده عن يونس عن الزهري أحاديث مستقيمة، وحدث عنه ابن وهب بأحاديث مناكير. وذكره بن حبان في ((كتاب الثقات)). روى له البخاري وأبو داود)) اهـ. قـلت: وجملة القول أن الحديث صحيح، ولهذا خرجه ابـن خزيمة، وابـن حبان فى ((صحيحهما)). ولنضرب مثالاً آخر بما فى ((السُّنن)): فقد أخرج النسائى ((الكبرى)) (4/ 296 /7224) قال: أخبرنا العباس بن محمد الدوري ثنا يوسف بن منازل ثـنا عبد الله ابن إدريس ثـنا خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه: أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله. وأخرجه كذلك ابن ماجه (2608)، والرويانى (943)، والطحاوى ((شرح المعانى)) (3/150)، والبيهقى ((الكبرى)) (6/ 295 و8 /208)، وابن حزم ((المحلى)) (11/253) جميعا مـن طريق يوسف بـن منازل التيمي ثـنا عبد الله بن إدريس الأودي ثـنا خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعث أباه جد معاوية، غيـر أن ابن ماجه قال ((وأصفى ماله)). وأقول: هذا الحديث صحيح، وإن لم يخرِّجه أحدٌ ممن التزم الصحة. وبيـانه: أن رواته ثقات مشاهيـر سوى خالد بن أبي كريمة أبا عبد الرحمن الإسكاف الكوفى. قال ابن أبى حاتم ((الجرح والتعديل)) (3/349/1575): ((أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليَّ قال سمعت أبي يقول: خالد بن أبي كريمة كوفي ثقة.وسئل أبي عنه فقال: شيخ كوفي ليس بالقوي)). وقال الحافظ المزى فى ((تهذيب الكمال)) (8/156): ((قال عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه وأبي داود: ثقة. وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6/262) وقال: يخطئ. وقال أبو نعيم الأصبهاني: خالد بن أبي كريمة من أهل أصبهان من محلة سنبلان سكن الكوفة. روى له النسائي وابن ماجة حديثا واحداً)) اهـ. وقال الذهبى ((الكاشف)) (1/368/1350): ((صدوق ليَّـنه ابن معيـن)). وقال ابن حجر ((التقريب)) (1/190/1670): ((صدوق يخطئ ويرسـل)) اهـ. قــلت: والذى رجَّحه الحافظ ابن حجر فى حقه هو الأشبه بالصواب. فمثله ممن يحتج بحديثه ويصحِّح ما لم يخطئ أو يخالف، وحديثه هذا كذلك، فإنه وإن تفرد به عن معاوية بن قرة، فإن له شاهد صحيح من حديث عدى بن ثابت عن يزيد بن البراء عن البراء بن عازب عند أصحاب ((السنن الأربعة)). |
|