منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 (02) المبحث الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

(02) المبحث الثاني Empty
مُساهمةموضوع: (02) المبحث الثاني   (02) المبحث الثاني Emptyالجمعة 09 سبتمبر 2011, 12:42 am

بسم الله الرحمن الرحيم


المبحث الثاني


الأبعاد الداخلية والإقليمية للحرب في الصومال:


أولاً: البعد الداخلي للحرب في الصومال:


إن فهم طبيعة البعد الداخلي للحرب الأهلية في الصومال، يعد أمراً ضرورياً لفهم اتجاهات الصراع ومساراته بين الفرقاء الصوماليين، كما يعد مهماً لمعرفة عوامل القوة والضعف لدى كل فريق، ثم إن هذا الفهم يقود تبعاً لذلك إلى معرفة الصلات الإقليمية والدولية لكل فريق، ما يسفر في النهاية عن إمكانية بناء تصور لإمكانات تسوية الأزمة.

وعلى الرغم من أن فهم البعد الداخلي للحرب الأهلية في الصومال فهماً دقيقاً يعد أمر بالغ الصعوبة، حيث تتعدد التفسيرات والمتناقضات، فإن محاولة الاقتراب من ذلك تبدو مهمة، من خلال الآتي:


1. العنصر القومي


يمتاز الشعب الصومالي بكونه أمة ذات هوية قومية متفردة ترتكن إلى التجانس العرقي، ووحدة اللغة والدين، غير أن تفرد القومية الصومالية في ذاتها عن غيرها من القوميات من حيث كونها ـ في رأي البعض ـ قومية "رعوية" هو الأمر الذي يجعل من الصراع ضرورة هيكلية في المجتمع الصومالي، ذلك أن الطبيعة الرعوية لا تفرز إلا هوية وطنية هشة.

فالرعاة ينبذون غيرهم بقسوة (وخصوصاً الشعوب المستقرة)، ولديهم تصور قاطع عمن يكون ومن لا يكون "داخل القطيع" بيد أن مجتمع الرعاة هو مجتمع المساواة من جهة، لكن يصعب تجريد الرعوي من سلاحه، أو إخضاعه لحكومة مركزية من جهة أخرى، ولعل هذه الحقيقة يمكن أن تفسر لغز القوة في الوعي القومي الصومالي، عندما يواجه الصومال العالم الخارجي، ولغز الضعف الواضح في التماسك القومي عندما يتعلق الأمر بالصراع بين الفرقاء في داخل الصومال.

إن هذه الهوية القومية الصومالية هي التي دفعت إلى توحيد الصومال البريطاني والصومال الإيطالي معاً في دولة الصومال المستقلة في عام 1961، وهي التي شكلت عامل ضغط على كل الحكومات المتعاقبة عن السلطة منذ الاستقلال وحتى عام 1978، لترفع راية الصومال الكبير، وتعمل على تحقيقه ولو بالقوة المسلحة، غير أن استقلال جيبوتي في عام 1977، واعتراف سياد بري بها، فضلاً عن الهزيمة العسكرية التي منيت بها القوات الصومالية في أوجادين في عام 1978، قد أسفر عن نتائج سالبة دفعت بلغز الضعف في التماسك القومي للظهور، فمن جهة اضطر سياد بري إلى التصالح مع إثيوبيا العدو التقليدي للشعب الصومالي.

ومن جهة ثانية فإن مبدأ الصومال الكبير قد توارى جانباً في الدستور الصومالي الجديد، صحيح أن الدستور قد نص على أهمية تشجيع وحدة الشعب الصومالي في المستقبل إلا أنه اشترط أن يكون ذلك من خلال "إرادته الحرة".

ويبدو أن الهدف من وراء ذلك كان إيجاد صيغة تسمح باستمرار تأييد مبدأ استقلال أوجادين (وليس ضمها بالقوة)، ثم السعي سلمياً لتوحيدها مع الصومال فيما بعد.

إلا أن ذلك لم يجد فتيلاً في تقليل مستوى الصراع وعدم الاستقرار السياسي داخل الدولة الصومالية.

وهكذا فإن الروح القومية الصومالية وإن ساعدت على التماسك القومي إلا أنها جعلت الصومال في حالة عزلة إقليمية، وأفريقية، ودولية، ودفعت بدول الجوار وبالذات إثيوبيا وكينيا إلى احتواء المطالب الإقليمية للصومال، بل والعمل على تقويضها من خلال العمل العسكري المباشر، أو من خلال مساندة حركات المعارضة الصومالية.

ثم إن هزيمة الشعار القومي (الصومال الكبير)، باستقلال جيبوتي، والتخلي عن المطالبة بأوجادين، قد أسفر، ولو بطريقة غير مباشرة، عن تفكك الدولة الصومالية طالما أن المحرك القومي للاندماج قد خبا.

لقد كان استقلال الصومال عام 1960 بانضمام الشمال (الصومال البريطاني) إلى الجنوب (الصومال الإيطالي) خطوة مهمة في إعادة تماسك الأمة الصومالية، غير أن ممارسات الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال قد أثارت حفيظة الشماليين سواء في جعل العاصمة في الجنوب (مقديشيو) أو في استئثار الجنوبيين بالمناصب السياسية الرفيعة، وبالمنافع الاقتصادية وبالمشروعات الزراعية والصناعية والتنموية بصفة عامة، مع إهمال الشمال إهمالاً كبيراًً، كما أن ممارسة النظام الحاكم عقب حرب الأوجادين ومحاولة توطين اللاجئين من الأوجادين في شمال الصومال وتفضيلهم على السكان المحليين في الفرص التعليمية والعملية، أثارت حفيظة الشماليين وخصوصاً عشيرة إسحاق التي اتهمت سياد بري بممارسته لمعاملة تفضيلية لحساب اللاجئين، وبأنه أنشأ ميليشيات من اللاجئين جعلت ترهب ضد أبناء إسحاق على الحدود مع أوجادين لتطهير المنطقة منهم، ولما لم تجد الاتهامات والشكـاوى آذانـاً صاغية لدى النظام، أنشأ أبناء إسحاق في المنفي الحركة الوطنية الصومالية Somalia National Movement في لندن 1981، ثم نقلت مقرها إلى إثيوبيا وبدأت أعمالاً عسكرية ضد نظام سياد بري الذي رد بعنف على ذلك، وعندما سقط هذا النظام أعلنت الحركة الوطنية الصومالية في 18 مايو 1991 عن استقلال الشمال تحت أسم جمهورية أرض الصومال، والتي لم يعترف بها حتى الوقت الراهن.


2. العنصر الوطني:

أدت ممارسات نظام سياد بري، وبالذات عقب هزيمة (في: عام 1978)، إلى ظهور العديد من حركات المعارضة المناوئة له، والتي سعت إلى إسقاطه دون أن تتوحد فيما بينها، ودون أن تضع تصور لآليات الحكم الجديد بعد إسقاطه (لغز الضعف)، وهو ما فجر الأزمة الحالية عقب إسقاط نظام سياد بري في يناير عام 1991)، في الاقتتال بين الفرقاء الصوماليين.

فقد امتدت ممارسات سياد بري إلى كافة المجالات من قهر سياسي وفساد سياسي، وتدهور اقتصادي، والتعامل مع الشعب الصومالي على أسس قبلية بتفضيل قبيلته في مغانم السلطة وتأليب القبائل بعضها على بعض، ما أدى إلى نشوء حركات معارضة وجدت في الأرض الإثيوبية ملاذاً لها، ونقطة انطلاق منها، ونشأت حالة من حرب الكل ضد الكل، فالنظام يمارس القمع على معظم أبناء الشعب الصومالي، والقبائل تقتتل فيما بينها، وفي الوقت نفسه توجه ضرباتها للنظام.

وهكذا فمع سقوط نظام سياد بري كانت الأرضية مناسبة تماماً لتفكك الدولة، وليس للاستيلاء المنظم على أجهزتها.

وبمكن في هذا الشأن الإشارة إلى ما يلي:

أ. العنصر القبلي/ العشائري:


رغم وضوح الخريطة القبلية والعشائرية للصومال، إلا أن الفواصل الإقليمية لتوزيع القبائل والعشائر ليست واضحة على الأرض الصومالية، فهناك تداخل في مناطق الإقامة والرعي وليس من شك في أن مثل هذا التداخل، وإن كان يؤدي إلى المنافسة والتشاحن على موارد المياه والرعي، إلا أنه بالإمكان استخدمه لتحقيق قدر من التعايش والانسجام، ولكن حركات المعارضة الصومالية، تأثراً بممارسات سياد بري، أو معتمدة في الحصول على الدعم والتأييد من قبائلها وعشائرها، آثرت فيما يبدو الارتكان إلى العامل القبلي الذي أفضى إلى تعقد الصراع وتعدد مساراته وصعوبة تحقيق تحالفات وطنية كان يمكن أن تؤدي إلى الاستيلاء على آليات الحكم، وتجنب اندلاع الصراع بين كافة الفرقاء الصوماليين.

ونكتفي هنا بالقول بأن الشعب الصومالي ينقسم إلى ثلاث قبائل رئيسية تنقسم بدورها إلى عديد من العشائر نذكر منها:

(1) الدارود:

وتتفرع عنها قبائل الماريحان، والماجرتين، والأوجادين، ويعيش بعض أفرداها في الشمال الشرقي للبلاد، غير أنهم يتركزون في الغرب والجنوب حتى إقليم نفذ.

(2) الايرير:

وتضم قبائل الهاوية في جنوب الصومال، وحول العاصمة مقديشو وحول نهر شبيلي وفي نفذ بالإضافة إلى قبائل إسحاق في شمال الصومال وجيبوتي وإثيوبيا، وقبائل الدير في الشمال الغربي من البلاد وفي شرق إثيوبيا، وفي مدينة هرر وفي جيبوتي.

(3) الساب:

وتضم قبائل الرهانونين وهي أقل عدداً من السابقات ولكن أهميتها تعود إلى وجودها في المنطقة الخصبة بين نهري شبيلي وجوبا.

وواضح إذن أن هناك تداخلاً قبلياً في مناطق الإقامة، يسمح بإقامة تحالف مستقبلي بين الفصائل الصومالية المتصارعة، ففي الشمال توجد قبائل إسحاق (إيرير)، ومعها قطاع من الأوجادين (دارود)، ثم إنها ترتبط بقبائل الرهانونين (ساب).

وعليه فإن بناء حركات المعارضة الصومالية على أساس قبلي إنما هو مرحلة مؤقتة. لحين التوصل إلى صيغة توازنية تسفر عن شكل معين من أشكال توزيع السلطة والثروة بشكل قد يؤدي إلى ظهور الدولة الصومالية ـ ولكن في شكل جديد.

ويجب أن نلاحظ أن أهم الحركات الصومالية مبنية على هذا الأساس القبلي بشكل قد يسمح في المستقبل ببناء هذا التحالف، فالحركة الوطنية الصومالية في الشمال إسحاق (إيرير)، والجبهة الوطنية الصومالية (SPF)، (أوجادين دارود)، والمؤتمر الصومالي الموحد (U.S.C)، (هاوية إيرير).. إلخ.

ورغم وضوح الخريطة العشائرية للصومال إلا أن الفواصل الإقليمية لتوزيع تلك القبائل والعشائر ليست واضحة على الأرض الصومالية، فهناك تداخل بين مناطق الإقامة والرعي، وهذا التداخل وإن كان يؤدى إلى التنافس والتشاحن على موارد المياه والرعي، إلا أنه كان يمكن استخدامه لتحقيق قدر من التعايش والانسجام، في ظل حياة اجتماعية طبيعية ونظام سياسي رشيد,إلا أن حركات المعارضة تأثرا بممارسات سياد بري أو اعتمادا على نيل الدعم والتأييد من قبائلها وعشائرها آثرت تقريباً الارتكان إلى العامل القبلي/العشائري الذي أفضى إلى تعقد الصراع وتعدد مساراته وصعوبة تحقيق تحالفات وطنية تمكنها من الاستيلاء على الحكم، وتجنب اندلاع الصراع بين كافة الفرقاء الصوماليين.


ب. العنصر الصراعي:


تشير حالة الصراع المستمرة بين الفصائل الصومالية المختلفة، دون الوصول إلى اتفاق نهائي، إلى أنه صراع على السلطة، ويتضح ذلك من هدوء القتال في المناطق المختلفة من الصومال إلا العاصمة مقديشيو وما حولها، وصعوبة، بل وتأزم الوصول إلى صيغة لحكم البلاد ترضى جميع الأطراف .

يمتد الصراع في الصومال منذ عام 1991 حتى الوقت الراهن، ونتج عن تنامي هذا الصراع انهيار الصومال ووصل إلى حال لم تعد فيها دولة، وعندما سقطَ نظامِ محمد سياد بري لم يكن هناك نظام بديل فعّال يحل محله.

وفي أكتوبر 1993, قتل 18 من الجنود الأمريكيينِ في مقديشو، قتلتهم القواتِ المواليةِ للجنرالِ الراحلِ محمد فرح عيديد.

ومنذ ذلك الحين، باتت الصومال تحتل حيزاً كبيراً على جدول أعمال السياسة الخارجيةِ للولايات المتّحدةِ.

من ناحية أخرى فإن العديد من مؤتمرات المصالحةِ الوطنيةِ خلال السَنَوات الماضية أخفقتْ في إقامة دولة قادرة على تَأسيس القانون والنظامِ في البلادِ.

والسبب الرئيس لهذا الفشلِ إنما يعود إلى لوردات الحرب War Lords الصوماليينِ الذين يَصرّونَ على إبْقاء قواعدِهم في السلطةِ.

وقد تأسست الحكومة الاتحادية الانتقالية عبر مؤتمرِ للمصالحةِ انعقد في نيروبي، خلال عام 2005.

لكن الحكومة الاتحادية الانتقالية كَانتْ غير قادرة على فَرْض سيطرتها على مناطق خارج قاعدتِها في بيداوا Baidoa.

وفي الشهورِ الأخيرةِ ظهر تَحَالُف إسلامي منافس، دَعي بإتحادَ المحاكمِ الإسلاميةِ سابقاً، وسمي بالمجلس الإسلامي الأعلى للصومال، كَسبَ سيطرةً على مقديشيو، وأغلب جنوب الصومال.
وتخَوْفا من أنّ المجلسَ الإسلاميَ الأعلى للصومال قد يأوي مشاركين من القاعدةِ ومن احتمال أَنْ يُؤسّسَ تنظيماً في الصومال على نمط حركة طالبان الأفغانية.

قدمتْ الولايات المتحدة الأمريكية الدعمَ إلى لوردات الحرب لمعارضة نفوذ المجلسِ الإسلاميِ الأعلى للصومال، لكن المجلسَ الإسلاميَ الأعلى للصومال هَزمَ لورداتِ الحرب هؤلاء.

وبناء على طلب الحكومة الاتحادية الانتقالية، أرسلتْ إثيوبيا القوَّات مؤخراً إلى بيداوا لحِماية الحكومة الاتحادية الانتقالية مِنْ الهجومِ المحتملِ من جانب المجلسِ الإسلاميِ الأعلى للصومال.

وهناك شكوكاً بأن إرتريا تقَدم الدعمَ إلى المجلسِ الإسلاميِ الأعلى للصومال.

علاوة على ذلك، فإن المحاكم كانت تُقدم خدمات اجتماعية وتعليميةَ بالإضافة إلى أن حركة المحاكمِ الإسلاميةِ تطوّرتْ ردّ فعل على الأوضاع الفوضويةِ التي تعم أرجاء الصومال، ونوعاً من أنواع الحاجة لضبط القانون والنظامِ في البلاد.


ثانياً: البعد الإقليمي للحرب في الصومال:


أدت المطالب القومية الإقليمية للصومال في الدول المجاورة (إثيوبيا وكينيا)، وفي إقليم العفر والعيسى (جيبوتي حالياً)، إلى عزلة الصومال إقليمياً، بل وإلى عزلتها أفريقياً، نتيجة لما ارتأته البلدان الأفريقية من رفض الصومال وخروجها على المبدأ الأفريقي (الذي أقر في مؤتمر القمة الأفريقي بالقاهرة)، (في: عام 1964)، والقاضي باحترام الحدود الموروثة عن الاستعمار.

وقد أدى إصرار الصومال على إعمال المبدأ القومي وتوحيد الشعب الصومالي في إطار الصومال الكبير، ولو بالقوة، إلى حالة عداء شبه مستمرة بينها وبين جارتيها إثيوبيا وكينيا، أسفر عن عقد تحالف عسكري بين الدولتين في منتصف الستينيات لمواجهة ما عدتاه نوايا توسيعة للصومال، وقد تصاعدت حدة العداء هذه وتأكدت بإصرار إثيوبيا على عدم قبول ضم جيبوتي إلى الصومال، وضرورة إعلانها دولة مستقلة عن الصومال، وهو ما تحقق في عام 1977، وكأن إثيوبيا قد أرادت من ذلك ألا يكون ضم جيبوتي إلى الصومال سابقة يمكن الارتكان عليها في المطالبة بضم الأوجادين هي الأخرى.

وطبيعي في إطار هذه العداوة أن تنشب الحرب بين الصومال وإثيوبيا فاشتعلت حرب محدودة بينهما (في: عام 1964)، وحرب واسعة النطاق (خلال الفترة من بين: عامي 1977ـ 1978)، لم تجن الصومال منها إلا الدمار، وتدهور أوضاعها الداخلية، وتصاعد أعمال القمع والتمرد تصاعداً مكن إثيوبيا من إيواء حركات المعارضة الصومالية ومساندتها حتى تمكنت ليس فقط من إسقاط نظام حكم سياد بري، وإنما تفكيك الدولة الصومالية ذاتها، هذا بالرغم من أن إثيوبيا كانت هي المؤهلة بالأساس لهذا التفكك نتيجة للتعدد القومي فيها، ونضالات حركات التحرر داخلها، وبخاصة عقب تحرير إريتريا وإسقاط منجستو، وواضح أن الجهود الأمريكية هي التي استطاعت أن تحافظ على سلامة الأراضي الإثيوبية، خصوصاً وأنه قد مهد السبيل لإسقاط بري أولاً قبل ترحيل منجستو، وإيجاد ملاذ أمن له في زيمبابوي.

ولم يقف الدور الإثيوبي تجاه الصومال عند هذا الحد، لكنه تصاعد ليصبح لإثيوبيا نفوذ ملموس في الوساطات المتعلقة بتسوية الأزمة الصومالية، بحكم قوتها وتماسكها الراهن، وبحكم علاقاتها بحركات المعارضة الصومالية، وبحكم مصالحها المتمثلة بالأساس في الحيلولة دون قيام صومال موحد يعتمد مرة أخرى منظور الصومال الكبير، ويحكم السند الأمريكي لها أيضاً.

من هنا كان من الطبيعي أن تسعى إثيوبيا، ومعها إريتريا إلى تهميش الدور العربي والإسلامي في تسوية الأزمة الصومالية، ويبين ذلك في رفضهما لمقترحات الأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء صندوق عربي ـ إسلامي لإغاثة الصومال، ورفضهما كذلك لمقترحاته الرامية إلى إرسال قوات عربية ـ إسلامية إلى الصومال، بغية الانفراد ـ تحت المظلة الأمريكية ـ بترتيب الداخل الصومالي على النحو الذي يخدم مصالحهما وليس من شك في أن تفويض مؤتمر القمة الأفريقي في داكار في عام 1992، وفي القاهرة في عام 1993، لدول الجوار في إطار لجنة برئاسة إثيوبيا لمتابعة الملف الصومالي، إنما يترك الفرصة مواتية لإثيوبيا ومعها إريتريا للانفراد بترتيب البيت الصومالي.

وتأسيساً على ما تقدم فإن الأزمة الصومالية تعد أحد نماذج الصراعات الأفريقية الداخلية التي تتشابك وتتداخل فيها العوامل الداخلية مع العوامل الخارجية بشقيها الإقليمي والدولي، بحيث يصعب تصور وضع تسوية لها في إطار توافق الأطراف الداخلية فحسب، وإنما لا بد من توافق الأطراف الخارجية أيضا على هذه التسوية حتى يكتب لها النجاح.

لذا لا غرابة في أن تفشل جميع اتفاقات التسوية السابقة ـ والتي رعتها أطراف إقليمية وغير إقليمية ـ في التوصل لاتفاق سلام يكتب له الاستقرار والاستمرار لفترة طويلة نسبيا من الزمن.

كما اتضح مدى أهمية هذا العامل الخارجي-خاصة الإقليمي- في التدخل العسكري الإثيوبي المباشر لدعم الحكومة الانتقالية التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار في مواجهة المحاكم الإسلامية، هذا التدخل لم يترتب عليه اختلال موازين القوى العسكرية ـ ثم السياسية ـ فحسب، وإنما أدى إلى استمرار الصراع خاصة في ظل عدم انسحاب القوات الإثيوبية التي أعلنت منذ تدخلها في ديسمبر الماضي أنها ستنسحب خلال أسبوعين على أقصى تقدير.

ومن ثم فإن أي تسوية سياسية لن تتحقق ما لم تحظ بقبول أديس أبابا.

ويلاحظ أن لكل طرف خارجي حساباته الخاصة في التدخل لصالح هذا الطرف أو ذاك، وهو ما ينعكس على آليات تدخله.

وسوف تحاول هذه الدراسة التركيز على دول الجوار الإقليمي بمعناه الواسع نسبيا، حيث لن تقتصر على دول الجوار المباشر(إثيوبيا ـ إريتريا ـ جيبوتي ـ كينيا)، وإنما ستتعداها لمعرفة دور دول الجوار غير المباشر ونقصد بهما أوغندا وإثيوبيا وهما من دول الإيجاد، فضلا عن مصر واليمن نظراً للدور الذي قامت به مصر في عملية التسوية خلال تسعينيات القرن الماضي خاصة، والدور الذي لعبته اليمن في عملية التسوية بعد بروز المحاكم (بوصفها دولة عضو في تجمع صنعاء الإقليمي الذي يضمها إلى جانب كل من إثيوبيا والصومال والسودان).

إذن فقد بدأت دولة الصومال سياساتها وممارساتها الدولية بظروف غير مواتية، خصوصاً مع محيطها الإقليمي ممثلاً في كل من إثيوبيا وكينيا وجيبوتي من خلال المطالبة ببعض أقاليم الدولتين (الصومال الغربي الإثيوبي: أوجادين، والإقليم الشمالي الكيني: نفد) وإقليم الدولة الثالثة كاملاً (الصومال الفرنسي) بحسبان تلك المناطق أجزاءً من الأمة الصومالية الكبرى، الأمر الذي أدخل الصومال في مواجهات مع تلك الدول وصلت إلى الحرب الشاملة على نحو ما تكشف خبرة العلاقات الصومالية الأثيوبية. وهو ما أنهك البلاد واستنزف قدراتها المحدودة.

وزاد من وطأة الأمر إخفاق الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في تحقيق أمل الوحدة الصومالية.

وكأنما كل إخفاق في تحقيق الوحدة الكبرى يصب في خانة المزيد من تفتت دولة الصومال.

لاسيما مع فشل الصومال في إدارة علاقتها مع العالم العربي الذي ظل ينظر بتوجس لتوجهات الصومال العربية، في ظل أصوات المعارضة لذلك التوجه داخل الصومال، رغم انضمامها للجامعة العربية، وفى ظل الإصرار على جعل اللغة الصومالية لغة الإدارة والتعليم في البلاد.

وبالتالي فالصومال رغم هويتها العربية إلا أن غلبة هويتها الصومالية تجعلها في عزلة عن جيرانها.

وسوف يتم الإشارة إلى موقف كل دولة في إطار البعد الإقليمي للحرب الصومالية كالتالي:


1. الموقف الإثيوبي من الأزمة الصومالية:


منذ استقلال الصومال (في: عام 1960)، والعلاقات متدهورة بين البلدين وصلت إلى حد الصدام المسلح (في: عام 1964، 1977، 1978)، وتتداخل المشكلات وتتنوع بين البلدين، ما بين مشكلات على الحدود (هود والمنطقة المحجوزة)، وما بين مشكلات ذات طابع إقليمي في سعي الصومال لإقامة الصومال الكبير الذي يضم في إطار الصومال الإثيوبي (الصومال الغربي)، إلى مشكلات السيطرة على إقليم مجاور (جيبوتي)، في سعي كل منهما وقبل استقلال الأخيرة للهيمنة عليه، إلى اختلاف في توجهات نظامي الحكم في البلدين وشبكة العلاقات الدولية لكلاً منهما.

ومع انهيار الصومال منذ بداية التسعينيات، وإحالة منظمة الوحدة الأفريقية الملف الصومالي لإثيوبيا فإن الأخيرة تبذل جهوداً لترتيب البيت الصومالي ترتيباً يسمح بقيام دولة صومالية ضعيفة غير مكافحة لا تشكل تهديداً لجيرانها، ولا تهدد الدور الإثيوبي في المنطقة.

وبالنسبة للحدود الإثيوبية - الصومالية فبالإضافة إلى أنها مسألة نزاع حول كيفية تعيين الحدود وخطها فإنها مشكلة أعمق تتمثل في المواجهة بين القوميات، والذي يهدف بالنسبة للصومال تحقيق القومية الكلية، حيث تتوافر العوامل الموضوعية المشتركة في إطار من التحريك الاجتماعي مع وجود وعى قومي كلى يجب الانقسامات التي فرضتها الحدود المصطنعة والذي يهدف بالنسبة لإثيوبيا بناء الدولة القومية في ظل حدودها القائمة، والتي انتهت إليها بعد الضغوط والمساومات إبان الحروب مع الدول الأوروبية بصهر الاختلافات داخلها وعليه فإن مشكلة الحدود بين الدولتين تعكس مصالح قومية ووطنية حيوية ومتعارضة للدولتين وهو ما أدى بدوره إلى تنامي التصارع على القوة بينهما، وزاد المشكلة تعقيدا العنصر الأجنبي الذي كان أساس المشكلة والذي أسهم فى استمرارها وتوجيه مسارها.

ويتطلب تحليل الدور الإثيوبي الإقليمي وخصوصاً في الساحة الصومالية تعرف المحددات الرئيسة التي تحكم هذا الدور أولاً، باعتبار ذلك عنصراً مساعداً على فهم دوافع هذا الدور وأهدافه، لاسيما وأن هذه المحددات تتسم بقدر كبير من الثبات والاستمرارية على الرغم من التحولات السياسية العنيفة التي مرت بها إثيوبيا منذ سبعينيات القرن العشرين، وما زالت هذه المحددات تمارس دوراً محورياً في توجيه أهداف الحكومة الإثيوبية وسياستها تجاه الصومال.

ويجئ في مقدمة محددات الدور الإثيوبي في الصومال محدداً بالغ الأهمية، كان حاكماً لمسار تطور العلاقات الإثيوبية ـ الصومالية بكاملها، ويتمثل في الموروث التاريخي المرتبط بظروف نشأة الدولة في كل من إثيوبيا والصومال، والمتعلق بأن إثيوبيا كانت قد شاركت مع القوى الاستعمارية الأوروبية في تقطيع أوصال إقليم الصومال الكبير خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1880 ـ 1900، حيث استغلت إثيوبيا الهجمة الاستعمارية البريطانية والفرنسية والإيطالية على ذلك الإقليم، وشاركت بدورها في ذلك من خلال توسيع رقعة الإمبراطورية الإثيوبية على حساب الدويلات والممالك الإسلامية الصغيرة فى شمال شرق أفريقيا، لاسيما في الأوجادين، وحصلت إثيوبيا على الاعتراف بنفوذها الإقليمي من الدول الأوروبية عقب انتصارها على الإيطاليين في معركة عدوة في 1896، ثم جرى التعبير عن هذا التقسيم الاستعماري من خلال سلسلة من الاتفاقيات التي أبرمت بين إثيوبيا والدول الاستعمارية الأوروبية خلال العقد الأول من القرن العشرين، ثم لم تفلح الجهود التي بذلت داخل الأمم المتحدة في الأربعينيات والخمسينيات في تسوية هذه المسألة بصورة تحقق وحدة إقليم الصومال الكبير.

وكان من نتيجة ذلك أن باتت نسبة تتراوح ما بين 13.3 ـ 17.7% من أراضي الدولة الإثيوبية هي في الأصل مستقطعة من إقليم الصومال الكبير، ويقطنها حوالي 6% من سكان إثيوبيا، ويطلق عليهم صوماليو الأوجادين، بحكم كونهم ـ من حيث الأصل الإثني ـ ينتمون إلى الشعب الصومالي، وأغلبهم من عشيرة الدارود، التي تعد من أكبر العشائر الصومالية، وتوجد النسبة الأكبر من أبنائها في مناطق وسط الصومال وجنوبه، كما توجد لها امتدادات أخرى في إقليم شمال شرق كينيا.

وقد قامت هذه المسألة بدور الحاسم في توجيه العلاقات الصومالية ـ الإثيوبية عقب استقلال الصومال في عام 1960، وتسببت في نشوء حالة من العداء المزمن بين الجانبين.

فمن المنظور الوطني الصومالي، كان استيلاء إثيوبيا على إقليم الأوجادين مجرد احتلال استعماري لا يختلف عن ما قام به المستعمرون الأوروبيون، مع فارق أساس يتمثل في أن إثيوبيا حولت هذا الاحتلال إلى نوع من الضم غير القانوني للأوجادين، على نحو جعلها جزءاً من بنية الدولة الإثيوبية، بينما رفضت إثيوبيا هذا الطرح من جانبها، وأصرت على أنه لم يثبت من الناحية التاريخية وجود دولة أو أمة صومالية، وزعمت دوما بأن الصومال كلها كانت تاريخياً جزءاً من إثيوبيا، وليس العكس، كما وظفت إثيوبيا منظمة الوحدة الأفريقية لدعم موقفها، ووقف الإمبراطور هيلاسلاسى بقوة وراء استصدار قرار من مؤتمر القمة الأفريقي الأول بالقاهرة عام 1964 بشأن احترام الحدود الموروثة من الاستعمار.

وكان ما سبق سبباً في نشوب اشتباكات وحروب متعددة بين الجانبين منذ بداية الستينيات، كان أخطرها على الإطلاق حرب الأوجادين عامي 1977ـ 1978، والتي تمكنت القوات الصومالية وحركة تحرير الصومال الغربي في بدايتها من تحقيق انتصار سريع على القوات الإثيوبية، ونجحت في السيطرة على معظم إقليم الأوجادين، ثم انقلب الموقف تماماً بعد ذلك عقب تدخل الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية وكوبا عسكرياً بكثافة لصالح إثيوبيا، ما مكنها من تدمير الجيش الصومالي وطرده بالكامل من الأوجادين.

وقد أدى اندلاع الحرب الأهلية في الصومال، وانهيار الدولة بها عقب سقوط نظام سياد بري في عام 1991، إلى تلاشي الاهتمام تماماً بمسألة الأوجادين في حركة التفاعلات السياسية الصومالية، بعدما بات الاهتمام منصباً على إنهاء الحرب الأهلية، والمحافظة على كيان الدولة الصومالية ذاتها، بعدما أعلنت المناطق الشمالية استقلالها من جانب واحد عبر إعلان قيام ما يعرف بـ "جمهورية أرض الصومال"، فضلاً عن إعلان مناطق أخرى داخل الصومال، مثل بلاد بونت وبلاد جوبا، الحكم الذاتي الإقليمي في إطار الدولة الصومالية، مما حول مسألة الأوجادين إلى قضية ثانوية أو قضية مؤجلة في قائمة اهتمامات الصوماليين.

ويقود ما سبق إلى المحدد الرئيسي الثاني للسياسة الإثيوبية إزاء الصومال، والمتمثل في الخشية من تيار الإسلام السياسي الصومالي، والتخوف من امتداد تأثيره ليس فقط إلى إقليم الأوجادين، وإنما إلى أقاليم أخرى داخل إثيوبيا.

فقد جاءت بدايات بروز تيار الإسلام السياسي في الصومال مع نشأة ما كان يعرف بـ "الحركة الإسلامية الصومالية" في عام 1986 في مقديشيو، وحددت أهدافها في تطبيق الشريعة الإسلامية في الصومال، وتشكيل حكومة إسلامية فى البلاد.

وشاركت تلك الحركة في القتال ضد نظام سياد بري، وركزت عملياتها في الجنوب والشمال الشرقي من البلاد، إلا أن هذه الحركة لم تكن عضواً في الجبهة الموسعة التي شكلتها الحركات الرئيسة الأخرى لتنسيق عملياتها من أجل إسقاط نظام سياد برى.

ولا تقتصر خطورة جماعات الإسلام السياسي الصومالية من وجهة نظر إثيوبيا على ما سبق فقط، وإنما تمتد لخشيتها من إمكانية أن تحاول تلك الجماعات تحريك القوميات الإسلامية المضطهدة في إثيوبيا، والتي تعاني من التهميش السياسي والاقتصادي، على الرغم من كونها تمثل النسبة الكبرى من مجمل السكان في إثيوبيا.

فالدولة الإثيوبية الحالية هي عبارة عن مجموعة من جماعات إثنية تنتمي إلى أصول عرقية ودينية متباينة.

ويعد المسلمون الأكثر من بين هذه القوميات بين السكان، حيث تصل نسبة القوميات الإسلامية (الأورومو وصوماليي الأوجادين والعفر) إلى ما يراوح بين 45 ـ 50% من السكان، بينما تقتصر نسبة المسيحيين الأرثوذكس على ما يتراوح بين 35 ـ 40% من السكان.

وعلى الرغم من تمتع المسلمين بالأغلبية، فإنهم لم يحصلوا قط على تمثيل سياسي في نظام الحكم على نحو يتناسب مع وزنهم السكاني، سواء بسبب الانقسامات الواسعة فيما بين تلك القوميات، أو بسبب هيمنة القوميات المسيحية على السلطة، ممثلة في الأمهرة (أثناء الحكم الإمبراطوري والعسكري)، ثم في التيجراي (أثناء حكم ميليس زيناوي) منذ بداية التسعينيات.

وتخشى إثيوبيا بشدة مما بدا في سلوك الحركات الإسلامية الصومالية ـ أو الأوجادينية ـ في بعض الفترات من سعي لتحريك القوميات الإسلامية المضطهدة في الداخل الإثيوبي، إما لتعزيز موقفها المطالب بحق تقرير المصير، على نحو ما تسعى بعض الجماعات الأورومية داخل إثيوبيا، أو للحصول على نصيب أكبر في السلطة بما يتناسب مع وزنها السكاني.

وكان بعض قادة اتحاد المحاكم الإسلامية قد لوحوا بهذه المسألة أثناء الحرب التي شنتها القوات الحكومية الإثيوبية ضدهم في ديسمبر 2006، حينما طالبوا مسلمي إثيوبيا بالمشاركة في الجهاد ضد حكومة ميليس زيناوي.

وعلى الرغم من أن هذه الدعوة لم تلق اهتماماً لدى مسلمي إثيوبيا، فإنها أثارت انتباه الحكومة الإثيوبية إلى إمكانية توظيف واستثمار القطاعات الإسلامية داخل أقاليمها المختلفة.

وأخيراً، فإن هناك محدداً ثالثاً بالغ الأهمية يحكم الدور الإثيوبي في الصومال، ويتمثل في الرغبة في الاستفادة من حالة انهيار الدولة في الصومال.

وتطرح المكاسب التي تسعى إثيوبيا للحصول عليها من الصومال في بعض الكتابات والتصريحات الصادرة عن سياسيين صوماليين في مناسبات مختلفة.

وتتراوح ما بين رغبة إثيوبيا في الاستفادة من السواحل الصومالية للحصول على موانئ بحرية بعدما باتت إثيوبيا دولة حبيسة عقب استقلال إريتريا، وصولاً إلى التفكير في استقطاع أجزاء من أراضي الصومال وضمها لإثيوبيا، بل وتثار هنا إمكانية تحقيق نوع من الاندماج بين إثيوبيا والصومال.

وينطوي هذا المحدد الثالث على أهمية خاصة في سياق تحليل محددات الدور الإثيوبي في الصومال، لأنه يتصل بتحقيق مكاسب محددة ترتبط بالمصالح والأطماع الإثيوبية في الصومال.

ويختلف ذلك إلى حد كبير عن المحددين السابقين (منع إعادة فتح ملف الأوجادين ـ مواجهة خطر جماعات الإسلام السياسي)، اللذان يتسمان بطبيعة دفاعية تتصل بدرء تهديدات معينة ـ فعلية أو محتملة ـ تخشى حكومة زيناوي من أنها قد تهدد إثيوبيا انطلاقاً من الصومال، بينما المحدد الثالث يتصل بطبيعة هجومية يكون الموقف الإثيوبي فيها هو صاحب المبادرة في الحصول على مكاسب معينة من الصومال.


2. الموقف الكيني من الأزمة الصومالية:

تجدر الإشارة إلى أن الاهتمام الكيني بالأزمة الصومالية أيضا ليس حديثاً، وإنما يعود إلى مرحلة استقلال كينيا عن بريطانيا، وذلك بسبب ضم الاستعمار البريطاني الإقليم الجنوب الشرقي الصومالي (النفد) إلى كينيا، فإقليم النفد الذي يشكل حاليا المقاطعة الشمالية لكينيا اقتطعته بريطانيا خلال الفترة من 1941-1950 من الصومال وضمته إلى مستعمرتها كينيا، وعقب الاستقلال رفضت كينيا إعادته للصومال على بالرغم من أن أغلب سكانه من الصوماليين(80%)، ما أدى إلى اندلاع المناوشات العسكرية بين الصومال وكينيا خلال الفترة من 1963-1967، وهو ما دفع كينيا إلى التعاون الوثيق مع إثيوبيا –العدو اللدود للصومال-خاصة بعد حرب الأوجادين عام 1978، وانتهى الأمر بتوقيع كل من نيروبي وأديس أبابا معاهدة صداقة وتعاون مشترك عام 1979 ـ أي بعد عام واحد من حرب الأوجادين ـ لإنشاء جبهة مشتركة ضد المطالب الصومالية.

ولعل هذا يفسر أسباب قيام كينيا بالتدخل في الشؤون الداخلية للصومال عبر وسيلتين هما:

الوسيلة العسكرية:

من خلال تقديمها دعما لحركات المعارضة ضد الأنظمة المتعاقبة على الحكم في مقديشيو.

والوسيلة السياسية:

عبر استضافتها لمفاوضات المصالحة الوطنية التي عقدت في مدينة الدوريت في الفترة من 2002 وحتى 2004، والتي أسفرت عن تشكيل حكومة جيدي واختيار عبدالله يوسف رئيسا للبلاد.

كما أن بروز نظام المحاكم الإسلامية دفع نيروبي لضرورة أن تركز اهتماماتها على تطورات الأوضاع في الصومال خشية أن يؤدي انتصار المحاكم إلى المطالبة بإقليم النفد.

ويمكن الإشارة إلى وجود عدة أسباب دفعت كينيا لمحاولة القيام بدور إقليمي، خاصة في قضية الصومال، ومن قبلها قضية جنوب السودان (استضافتها لمحادثات مشاكوس ونيفاشا منذ عام 2002 إلى أن تم توقيع اتفاقيات السلام أوائل عام 2006).

وهذه الأسباب هي:

أ. الأسباب الداخلية

فإن ضعف الأداء السياسي والاقتصادي للحكومات الكينية المتعاقبة منذ عهد الرئيس دانيال أراب موي، وحتى الرئيس الحالي مواي كيباكي، كان دافعا دائما لمحاولة إحراز تقدم على الصعيد الخارجي يحاول من خلاله النظام تعزيز وضعه الداخلي، فضلا عن أن القيام بمثل هذا الدور قد يجلب له المزيد من المساعدات الأمريكية في ظل اهتمام واشنطن بمنطقة شرق أفريقيا عموماً، والسودان والصومال خصوصا، والذي ظهر بوضوح في سعي واشنطن منذ عام 2002 لإرسال وحدات عسكرية دائمة في المنطقة لمراقبة فلول تنظيم القاعدة، وكانت كينيا واحدة من أبرز الدول المرشحة لاستضافة القوات الأمريكية.


ب. الأسباب الإقليمية:


إن هناك تنافساً محموماً بين دول المنطقة، خاصة بين كينيا وكل من أوغندا وإثيوبيا لمحاولة إيجاد نوع من الهيمنة.

ولعل التنافس الكيني مع هاتين الدولتين يرجع إلى اهتمام هذه الدول بالملفين السوداني والصومالي بدرجات متفاوتة، كل حسب أهدافه الخاصة والتي تتقارب في كثير من الأحيان، وتتعارض في أحيان أخرى.

فالذي يحدد موقف كل من كينيا وإثيوبيا بالنسبة للملف الصومالي هو استبقاء أراض اقتطعت إبان الاستعمار (إقليم الأوجادين بالنسبة لإثيوبيا، وإقليم النفد بالنسبة لكينيا، في حين لا توجد مصالح مباشرة لأوغندا إلا في إطار الرغبة في تعظيم مكانتها ودورها الإقليمي.


ج. الأسباب الدولية:


تتمثل في تشجيع واشنطن الدؤوب لكينيا للعب دور مؤثر في المنطقة، في ظل اهتمام واشنطن البالغ بالملفين السوداني والصومالي خاصة، والاهتمام بشرق أفريقيا عامة.

من ناحية أخرى فإن كينيا - شأنها في ذلك شأن إثيوبيا - لا ترغب في استقرار الصومال، أو على أقل تقدير للحيلولة دون سيطرة نظام حاكم ذي توجهات إسلامية، على مقاليد الأمور في الصومال، على غرار المحاكم الإسلامية، وغلى الرغم من أن كينيا تعاني من تدفق اللاجئين الصوماليين إليها، والذي يقدر عددهم بقرابة مائة ألف لاجئ، إلا أنها تخشى من تحقق الاستقرار في الصومال، خشية أن تطالب الحكومة الصومالية بإقليم النفد.

وإذا كان صحيحاً أن الحكومة في كينيا تعمل على تحسين مستوى المسلمين الموجودين بهذا الإقليم، وتسعى إلى انخراطهم في الحياة العامة، وكذلك الحياة السياسية حتى لا يطالبوا بالانفصال يوما ما والعودة إلى الصومال الأم، إلا أنها تخشى من قيام حكومة صومالية قوية، ذات توجهات إسلامية، تطالب بهذا الإقليم الذي يعده الصوماليون أحد الأقاليم الصومالية المفقودة.
يتبع إن شاء الله...


(02) المبحث الثاني 2013_110


عدل سابقا من قبل ahmad_laban في الجمعة 09 سبتمبر 2011, 2:17 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

(02) المبحث الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: (02) المبحث الثاني   (02) المبحث الثاني Emptyالجمعة 09 سبتمبر 2011, 12:49 am

3. الموقف الأوغندي من الأزمة الصومالية:

على الرغم من أن أوغندا ليست من دول الجوار المباشر في الصومال، إلا أنها حاولت أن تتدخل في الأزمة ـ وإن تم ذلك بصورة محدودة، مقارنة بمشاركتها الفاعلة في مفاوضات مشاكوس بشأن أزمة جنوب السودان، ولعل محدودية هذا الدور هو الذي جعلها الدولة الأولى التي تبادر إلى إرسال قوات لها إلى الصومال في إطار قوات حفظ السلام الأفريقية (1500 جندي) وتتعدد أسباب اهتمام أوغندا بالأزمة الصومالية عامة، وببروز المحاكم الإسلامية خاصة.

هذه الأسباب منها:



أ. الأسباب القبلية:


حيث يتردد أن قبيلتي ميوكي والتوتسي التي ينتمي إليها الرئيس الأوغندي موسيفيني لها جذور صومالية، لذا فإن اهتمامه يأتي في إطار صلة القرابة والدم وثقافة مساعدة القبيلة السائدة في أفريقيا (يعد موسيفيني الرئيس الأفريقي الوحيد الذي زار الصومال بعد انهيار نظام سياد بري أوائل تسعينيات القرن الماضي).


ب. الأسباب الدينية:

فتتمثل في رغبة موسيفيني -الذي يعد نفسه راعي الكنيسة، وأحد أبرز زعماء التبشير في المنطقة- في إقصاء أية توجهات إسلامية ليس في الصومال فحسب وإنما في المنطقة كلها.


ج. الأسباب الاقتصادية:

أما البعد الاقتصادي فيتمثل في رغبة أوغندا في القيام بدور في الصومال لإرضاء الولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها الاقتصاد الأوغندي(تعد أوغندا واحدة من أفقر الدول الأفريقية حيث لا يزيد دخل الفرد السنوي عن 500 دولار).

لذا يتردد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي طلبت من أوغندا إرسال قواتها في طليعة قوات حفظ السلام الأفريقية.


4. الموقف الإريتري من الأزمة الصومالية:


يصعب الحديث عن علاقات إريتريةـ صومالية، لأن الدولة الإريترية قد قامت والدولة الصومالية منهارة ولا تزال، وأن كان يمكن القول بأن هناك مساع إريترية إثيوبية للوساطة بين الفرقاء الصوماليين وأن هناك حرصاً على أبعاد الجانب العربي الإسلامي عن الانفراد بتسوية الأزمة الصومالية وتحديد شكل التسوية. ويبدو أن ذلك أمر تحكمه الرغبة في قيام كيان صومالي غير مكافح، يتخلى عن القومية الصومالية وعن الصومال الكبير بحسبان ذلك أساساً لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وقد كانت أخر حلقات الاتصالات والمشاورات لقاء " أفورقي" مع زعماء مجلس الإنقاذ الوطني الصومالي في أسمرا (في: فبراير 1997)، حيث أكد " أفورقي" استعداد بلاده لتقديم كل المساعدات الممكنة لضمان الإجماع الصومالي، كما عبرت إريتريا عن استعدادها لاستضافة "مؤتمر وحدة" تحضره كل الفصائل الصومالية.

ولعل الاهتمام الإريتري بالأزمة الصومالية يرجع لعدة أهداف وأسباب منها:


أ. الخروج من العزلة الدولية والعربية المفروضة عليها، بسبب ممارسات النظام غير الديمقراطية من ناحية، وتوجهات سياستها الخارجية المعادية للعرب بصفة عامة.

لذا فقد حرصت أسمره على الاهتمام بتسوية أزمتي الصومال ومن قبلها دارفور على اعتبار أنهما محل اهتمام عربي وعالمي كبيرين .

فعملت أولا على تسوية أزمة متمردي شرق السودان العام الماضي، ثم قامت بالتوسط بين حكومة الخرطوم وبعض حركات التمرد في دارفور.

كما حرصت على أن يكون لها دور أيضاً في تسوية الأزمة الصومالية، وذلك من خلال تأييد المحاكم من ناحية، ومشاركتها الفاعلة في التسوية التي يسعى فيها الإيجاد من ناحية ثانية.

ب. مواجهة النفوذ الإثيوبي المتنامي والمتمثل في دعم الحكومة الانتقالية، لذا فضلت تأييد المحاكم، هذا التأييد لا يرجع لاعتبارات أيديولوجية، بل يرجع إلى سياسة التوازنات مع إثيوبيا.

ومن ثم فقد عملت إريتريا على الحيلولة دون إنفراد إثيوبيا بعملية التسوية في إطار الإيجاد، خاصة فيما يتعلق بإرسال قوات من دول الجوار، وربما يفسر هذا أسباب موافقة المنظمة على إرسال قوات من أوغندا والسودان باعتبارهما من غير دول الجوار.

ولقد شهدت الإيجاد سجالا حادا بين إثيوبيا والفريق المؤيد لها (كينيا وأوغندا) وإريتريا والفريق المؤيد لها بسبب عملية التدخل، ووصل الأمر إلى إعلان أسمره ـ نهاية إبريل 2007 ـ تعليق عضويتها في المنظمة احتجاجا على الممارسات الإثيوبية.

كما عملت أسمره على استضافة قادة الفصائل الصومالية المعارضين للحكومة الانتقالية مثل رئيس المحاكم الإسلامية الشيخ شريف شيخ احمد ونائب رئيس الوزراء حسين عيديد الذي استقال من منصبه الحكومي بعد سحب حقيبة الداخلية منه، وتردد أنهما بصدد تشكيل جبهة معارضة موحدة لمواجهة الحكومة الانتقالية وإثيوبيا.


5. الموقف السوداني من الأزمة الصومالية:


لا يقتصر الاهتمام السوداني بالأزمة الصومالية على الفترة الأخيرة فحسب، وإنما يعود لأكثر من قرن مضى، فقد نشأت صلات قديمة بين العلماء والمصلحين بين البلدين، فأول مدرسة نظامية في الصومال افتتحها المعلم السوداني خير الله مطلع القرن الماضي في مدينة بربرا.

وقد وفد الطلاب الصوماليون للتعلم في السودان، وخرج من هذه المؤسسات نخبة فكرية وثقافية صارت بمنزلة الدعامة لقوات المحاكم بعد بروزها.

وبالرغم من انحسار دور السودان الإقليمي بعض الشيء منذ عام 1995بسبب الأوضاع الداخلية والضغوط الخارجية، إلا أن الخرطوم سرعان ما أعادت هذا الاهتمام خاصة في يناير 2002 عندما استضافت قمة الإيجاد التاسعة التي أصدرت عدة توصيات منها تأكيد وحدة الأراضي الصومالية، ودعت دول الطوق الثلاثة إثيوبيا وكينيا وجيبوتي إلى تنسيق جهودها التصالحية تجاه الصومال تحت مظلة الإيجاد، وعقد مؤتمر للمصالحة في نيروبي.


ويلاحظ أن السودان اهتمت بالأزمة الصومالية لعدة أسباب منها:

أ. الخوف من الهيمنة الإثيوبية على الصومال، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الخلافات التاريخية بين الجانبين، ورغبة كل منهما في لعب دور إقليمي فاعل في المنطقة.

فضلا عن أن العلاقة السودانية –الإريترية قد أخذت في التحسن التدريجي في حينها، وهو ما قد ينعكس بالسلب على العلاقات مع إثيوبيا في ظل الخلاف التقليدي الإثيوبي-الإريتري، والتوجهات الإسلامية والعربية للمحاكم الإسلامية.


ب. المشكلات الداخلية في السودان، والتي قد تجعل من تحقيق نجاحات خارجية نوعا من الإنجازات تحسب للنظام في مواجهة هذه المعارضة الداخلية.


ج. رئاسة السودان لمنظمات إقليمية مثل الإيجاد والجامعة العربية، فضلا عن رئاستها التي كانت مقررة للقمة الأفريقية في دورتها يوليه 2006، لكن لم يحدث ذلك بسبب المعارضة الأمريكية لذلك.

ويلاحظ أن السودان قد عملت على تسوية الأزمة عبر الطرق الدبلوماسية سواء أتم ذلك عبر منظمة الإيجاد أو من خلال الجامعة العربية، حيث عملت من خلال رئاستها للمنظمتين على تسوية الأزمة عبر الطرق السلمية.

لذلك فقد استضافت الخرطوم جولتي الحوار الأولى والثانية بين الجانبين، وبذلت جهودا حثيثة قبل الجولة الأولى لإقناع قادة المحاكم بالمشاركة فيها.

وبالرغم من أن الخرطوم وافقت بصفة مبدئية على قرار الإيجاد عام2005 بإرسال قوات من الدول الأعضاء إلى الصومال، على أن تكون في طليعة هذه القوات قوات من أوغندا والسودان، إلا أنه مع تصاعد القتال بين الجانبين ـ خاصة مع دخول القوات الإثيوبية في المعركة وصدور قرار الاتحاد الأفريقي بإرسال قوات من غير دول الجوار ـ لم تبادر الخرطوم بإرسال قوات تابعة لها على عكس الموقف الأوغندي.


وقد يرجع ذلك لعدة أسباب منها:


انشغال الجيش السوداني بأزمة دارفور والخلاف مع تشاد، فضلا عن الأوضاع المتوترة في الشرق.

وكذلك لرفض الحكومة السودانية ـ بصفة عامة ـ فكرة التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو ما فعلته في بداية أزمة دارفور، ولكن مع الضغوط الخارجية وافقت ـ على مضض ـ بشأن إرسال قوات تابعة للاتحاد الأفريقي، مع تحفظها ـ الشديد ـ على فكرة إرسال قوات دولية.

ومن هنا فهي ترى أن التدخل الخارجي سوف يسهم في تعقيد الأزمة الصومالية وليس حلها.

أي أنها ضد مبدأ التدخل الخارجي لأن موافقتها على هذا التدخل في الصومال يمكن أن يستخدم ذريعة ضدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ـ تحديدا ـ الراغبة في نشر قوات دولية في دارفور.

فضلاً عن تأييد الحكومة الضمني للمحاكم الإسلامية، نظرا للتوجهات الإسلامية والعربية للمحاكم من ناحية، ولدورها في تقليص الدور الإثيوبي في الصومال حال وصولها للحكم من ناحية ثانية.

وبالرغم من الرفض السوداني لإرسال هذه القوات، إلا أنها كانت من أشد المعارضين للتدخل العسكري الإثيوبي ولحسم المسألة عسكريا لأن التسوية السلمية-في المقابل- من شأنها تمكين المحاكم من المشاركة في السلطة والثروة، فضلا عن الترتيبات الأمنية وهو ما ينسفه التدخل الإثيوبي.

وبالتالي فإنه ليس للسودان دور فاعل في عملية التسوية الصومالية وأن كانت الأنباء تتردد عن دعم سوداني للاتحاد الإسلامي الصومالي، وعن دفع أعداد من الأفغان العرب من قبل النظام السوداني إلى الساحة الصومالية تحت دعوى الدفاع عن الهوية الإسلامية للصومال في مواجهة النفوذ الإثيوبي المتنامي في الصومال.


6. موقف جيبوتي من الأزمة:

يعد اهتمام جيبوتي بتطورات الأوضاع في الصومال أمرا طبيعيا نظرا لاعتبارات جغرافية من ناحية، واعتبارات اجتماعية من ناحية ثانية، واعتبارات سياسية من ناحية ثالثة.

فجيبوتي كانت تاريخيا جزءا من الصومال الكبير، حيث كانت تعرف باسم الصومال الفرنسي، كما يمثل الجزء الجنوبي منها امتدادا للقبائل الصومالية القاطنة في كل من شمال الصومال وشرق إثيوبيا، والعلاقات الاجتماعية لا تزال قوية بين هذه القبائل، ونظرا لأن جيبوتي تعاني معارضة داخلية مسلحة قوامها القومية العفرية، الأمر الذي اضطر الحكومة الجيبوتية إلى السعي الحثيث نحو إحياء الحكم الوطني في الصومال، ومنع انفصال الشمال حتى لا تنتقل عدوى الانفصال إليها.

لذا لا غرابة في أن تبذل جيبوتي ـ بالرغم من ضآلة وزنها الإقليمي ـ جهودا حثيثة لاستضافة اجتماعات المصالحة الوطنية في مدينة عرتا في الفترة من مايو- أغسطس 2000 والتي شارك فيها أكثر من ألفي عضو يمثلون الفصائل العسكرية والقبلية، فضلا عن قوى المجتمع المدني، والذي أسفر عن تشكيل حكومة وطنية، وبرلمان انتقالي، فضلاً عن اختيار رئيس مؤقت للبلاد هو عبدالقاسم صلاد حسـن، وهي أمور لم تتمكن المبادرات السابقة من تحقيقها، ما دفع إثيوبيا وكينيا إلى محاولة عرقلة عمل هذه الحكومة بعد ذلك.

لقد عملت جيبوتي على الدخول لجانب المحاكم، أو بمعنى آخر الوقوف في مواجهة التدخل الإثيوبي وبالتالي الحكومة الانتقالية لعدة أسباب منها:


الخلافات التاريخية بين جيبوتي وإثيوبيا.


وأن دخول إثيوبيا في شؤون الصومال وتمكين الحكومة الانتقالية الموالية لها، قد يدفع إلى تأييد انفصال جمهورية أرض الصومال ذات الصلات الوثيقة بأديس أبابا، وهو ما قد يؤدي إلى انتقال عدوى الانفصال لدى عفر جيبوتي الذين يرغبون في تشكيل دولة عفرية مستقلة، ولعل هذا يفسر اعتراض جيبوتي كذلك على نشر قوات إثيوبية ضمن إطار القوات الأفريقية لأنها قد تؤدي إلى نفس النتيجة.

لذلك كان واضحا أن جيبوتي تعارض بشدة فكرة التدخل الإثيوبي في الصراع، كما أنها لم تكن تحبذ فكرة التدخل الإقليمي لاعتقادها أنه ينبغي أولا تحقيق المصالحة الوطنية عبر إجراء حوار يضم كل القوى الصومالية العسكرية والسياسية على حد سواء، لذا عملت على إجراء اتصالات عربية (مع الجامعة العربية) وإقليمية (مع كينيا باعتبارها رئيسة الإيجاد) ودولية (مع فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بحكم الروابط التي تربطها بهم) من أجل عقد هذه المصالحة الشاملة.

ولقد دفع هذا الموقف الحكومة الصومالية إلى انتقاد جيبوتي واتهامها بالتآمر ضدها، حيث أعربت عن دهشتها من معارضة جيبوتي لنشر قوات أجنبية في الصومال في وقت تتمركز قوات متعددة الجنسيات بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية على أراضيها.


7. موقف اليمن من الأزمة الصومالية:


لقد اهتمت اليمن بالأزمة الصومالية منذ اندلاعها أوائل تسعينيات القرن العشرين، حيث كانت ترى دائما أن استقرار الصومال يعد عاملا هاما في استقرار أمنها القومي، لذا عارضت في البداية انفصال جمهورية أرض الصومال عام 1991، ثم الاستقلال الذاتي لبونت لاند عام 1998، وإن عملت على تفادي التصريحات الرسمية بهذا الشأن، بحيث تستطيع توظيف مثل تلك العلاقات في المستقبل لحماية مصالحها وأمنها في منطقة البحر الأحمر من مخاطر الاستقطاب الأجنبي والإسرائيلي على وجه الخصوص، في حال حصول هذه الكيانات على الاعتراف الدولي مستقبلا.

وقد قامت اليمن بإطلاق عدة مبادرات، فضلا عن استضافة العديد من قادة الفصائل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية في تلك الفترة، كما حرصت على عدم تقديم أجندة للمصالحة الوطنية، وترك ذلك للصوماليين أنفسهم، وفي سبتمبر 1996م التقى في صنعاء ما يقارب 87% من ممثلي القوى السياسية الصومالية بغرض تقريب وجهات النظر بين مختلف الفصائل الصومالية المتناحرة منذ عقد من الزمن، وتم تنظيم هذا اللقاء بالتشاور والاتفاق مع الجانب الإثيوبي حتى يكون التحرك أكثر فاعلية، كما تدخلت في إزالة الخلاف الذي نشب بين إثيوبيا وحسين عيديد، واستطاعت الحصول على وعد من الحكومة الإثيوبية بدعم مؤتمر بيداوا الذي مثّل ورقة شاملة لما اتفق عليه في كل من القاهرة وسودري.

وفي يناير 1997 أطلقت صنعاء مبادراتها الجديدة عندما استضافت لقاء مصالحة بين حسين عيديد وعلي مهدي محمد، حيث أبرم اتفاق مبدئي تضمن الكثير من النقاط الإيجابية أهمها توجيه الدعوة لكل الفصائل الصومالية بضرورة عقد لقاء مصالحة وطنية شاملة في صنعاء في أقرب فرصة ممكنة، كما أسهمت اليمن من خلال مبادرتها التي أطلقتها عام 1998 في التمهيد لمؤتمر عرتا الذي عقد بعدها بعامين، كما عملت على إقناع الفصائل التي لم توافق على ما جاء فيه مثل حسين عيديد وغيره للانضمام إليه.

كما برز دور اليمن بعد اتفاق الدوريت في التوفيق بين رئيس البرلمان من ناحية ورئيس الجمهورية ورئيس وزرائه من ناحية ثانية خاصة فيما يخص بمقر البرلمان وهل يكون مدينة مقديشيو (رؤية رئيس البرلمان)، أم مدينةجوهر. ومع بروز المحاكم الإسلامية عملت اليمن على تكثيف اتصالاتها مع كافة الأطراف من أجل احتواء الصراع.


8. الموقف المصري من الأزمة الصومالية:


يعد الاهتمام المصري بالصومال اهتماماً تاريخياً يعود إلى عصر الفراعنة، حيث أدركت مصر قبل ثلاثة آلاف وخمسمائة عام الأهمية الإستراتيجية للقرن الأفريقي، فقامت الملكة حتشبسوت، خامسة فراعنة الأسرة الثامنة عشرة (1503 ـ 1482 قبل الميلاد)، بإرسال الأسطول المصري في بعثة استكشافية إلى الصومال، والتي كانت تعرف في اللغة المصرية باسم بلاد البونط أو البونت Punt land ثم عرفت باسم أرض اللبان، وعملت مصر على إقامة علاقات تجارية معها رعاية لمصالحها، ما جعل أهلها خاضعين للنفوذ المصري.

ولم ينقطع الاهتمام المصري بالمنطقة عامة، والصومال خاصة في ظل التنافس الإقليمي المستمر بين مصر وإثيوبيا ـ الجار اللدود للصومال ـ وقد شهد هذا الاهتمام مراحل انتشار وانحسار، حيث برز هذا الدور بصورة كبيرة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، ومنذ ذلك الحين سعت مصر للحيلولة دون انفراد إثيوبيا بتسوية الأزمة بمفردها خشية من تأثير ذلك على الأمن القومي المصري، فعملت القاهرة على استضافة الفرقاء الصوماليين عام 1997، وتم خلالها توقيع اتفاق للمصالحة في مايو، ثم اتفاق آخر في 22 ديسمبر، حيث شارك في توقيعه أكبر فصيلين صوماليين في حينها وهما المؤتمر الوطني الصومالي بزعامة حسين عيديد، الذي يضم 18 فصيلاً فرعياً، ومجلس الإنقاذ الوطني الصومالي بزعامة علي مهدي محمد والذي يضــم 26 فصيلاً.

لكن هذا الدور شهد تراجعا بعض الشيء منذ أوائل عام 2000، حيث بدا واضحا وجود رغبة قوية من دول الجوار (جيبوتي ـ إثيوبيا ـ كينيا) في تسوية الأزمة في إطار أفريقي، خاصة وأن مصر كانت تصر على وحدة أراضي الصومال وتعارض انفصال الشمال الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع إثيوبيا، كما أن بعض الفصائل الأخرى اتهمت مصر بالانحياز، بل وصل الأمر إلى اتهامها بمحاولة نسف مفاوضات عرته بجيبوتي عام 2000.

كما تراجع الدور المصري بصورة كبيرة أثناء مفاوضات الدوريت بكينيا بسبب هيمنة كينيا وإثيوبيا عليها.

ولقد فرضت الأحداث الأخيرة -بعد بروز المحاكم- على القاهرة ضرورة الاهتمام بالموقف الصومالي مرة ثانية، بل إن البعض انتقد هذا الموقف خاصة فيما يتصل بقبول مسوغات إثيوبيا في التدخل العسكري بدعوى حماية أمنها القومي، ولعل ذلك كان يمثل أداة دفع للخارجية المصرية لاتخاذ موقف أكثر حسما من هذا التدخل والمطالبة بالانسحاب الإثيوبي الفوري من الأراضي الصومالية.

ويمكن الإقرار بأن الاهتمام المصري بتطورات الأزمة الصومالية منذ اندلاعها عام 1990 وحتى قبل بروز المحاكم ـ يرجع لعاملين أساسيين:


أ. الأول:

تنامي الإحساس المصري بالخطر من إثيوبيا خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي عام 1996 بشأن مياه النيل، والتي جاء فيها أن مياه النيل إثيوبية، علاوة على ذلك فقد ازداد الخطر بعد قيام البنك الدولي بتقديم قروض لإثيوبيا عام 1996 بلغت 2.5 بليون دولار لإقامة 38 سدا عند منابع النيل.

ومن هنا أدركت الدبلوماسية المصرية الأهمية الجيوإستراتيجية للصومال بالنسبة للأمن القومي المصري.

ومن ثم جاء التدخل لإنهاء الخلافات الصومالية، لاعتبارات إستراتيجية وأمنية.

ولقد أكد هذا الأمر العديد من دبلوماسيي الخارجية المصرية مثل السفير صلاح حليمة سفير مصر السابق في الصومال، حيث أكد أن جهود الدبلوماسية المصرية منذ عام 1995 كانت تستهدف الحيلولة دون انفراد طرف ما -في إشارة لإثيوبيا- بحل الأزمة وفق رؤيته الخاصة، ذلك أن انفراد إثيوبيا بحل الأزمة في ظل عدم مشاركة كل الفصائل في الحل قد لا يضمن وحدة الأراضي الصومالية، خاصة في ظل وجود قوات إثيوبية بالقرب من جنوب غرب الصومال أو في داخل أجزاء منه.


ب. الثاني:

الخوف المصري من بروز جماعات إسلامية متطرفة في الصومال في ظل حالة عدم الاستقرار، خاصة مع تنامي الخلافات مع نظام الخرطوم ذي التوجهات الإسلامية في حينها، وأيضا مع إثيوبيا بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك، وقد يصلح هذا السبب الأخير لتفسير أسباب السكوت المصري عن الممارسات الإثيوبية الأخيرة بحق المحاكم.

كما أن بوادر التحسن النسبي في العلاقات المصرية الإثيوبية تصب في هذا الاتجاه المؤيد لهذا التدخل ولو بصورة ضمنية.


(02) المبحث الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
(02) المبحث الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث الثاني
» المبحث الثاني
» المبحث الثاني
» المبحث الثاني عشر
» المبحث الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: الحرب الأهلية في الصومال-
انتقل الى: